ساعدوني ارجوكم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 - لشعب آداب و فلسفة، و اللغات الأجنبية > قسم الفلسفة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ساعدوني ارجوكم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-01-29, 15:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الفارس الغامض
عضو جديد
 
الصورة الرمزية الفارس الغامض
 

 

 
إحصائية العضو










Hot News1 ساعدوني ارجوكم



ساعدوني اريد كتاب لغاستون بشلار يتحدث عن القطيعة الابستمولوجية









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-01-29, 16:07   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ترشه عمار
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ترشه عمار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حمل الكتاب التالي...بالضغط على العنوان التالي

العقلانية التطبيقية غاستون بشلار.pdf



مفهوم القطيعة الابستمولوجية عند غاستون باشلار - الجزء الاول -



قبل عرضا لمعنى القطيعة الابستمولوجية ؛ لابد لنا من توضيح مصطلح الابستمولوجية في حد ذاته والذي يشكل صعوبة في التوضيح. لان يختلف مدلوله سعة وضيقا ومن لغة إلى أخرى على مدلوله وحدود موضوعه.
تعريف الابستمولوجية : (( Epistemologies ))
هو مصطلح جديد اى لون جديد من الدراسات التي تتخذ المعرفة موضوعا لها ، وان شيوع الوسع لهذا المصطلح دليل على وجود مشاكل جديدة أو نظرات جديدة إلى مشاكل قديمة تدعوا الحاجة إلى جعلها موضوعا لعلم جديد .
ويشتق هذا المصطلح من كلمتين يونانيتين ((Episteme )) ومعناها
(( علم )) و (( Logos )) معناها (( علم ، نقد ، نظرية ، دراسة )) . فالابستمولوجية إذن من حيث الاشتقاق اللغوي وهى (( علم العلوم )) أو (( دراسة النقدية للعلوم )) .
ولهذا تعرف الابستمولوجية بأنها " صفة جوهرية إي الدراسة النقدية للمبادى أو الفرضيات أو النتائج العلمية الهادفة إلى بيان أصلها المنطقى لا النفسي ، وقيمتها وأهميتها الموضوعية . "
إن مفهوم القطيعة الابستمولوجية ، هو المفهوم الذي يعبر في نظر باشلار عن القفزات الكيفية في تطور العلوم ويكون من نتائجها تجاوز العوائق الابستمولوجية القائمة .
ولكن كما يقول محمد الوقيدي" ليست هناك قطيعة ابستمولوجية حاسمة ونهائية ، فكل فترة من تاريخ المعرفة العلمية عوائقها وعندما تحدث قطيعة ابستمولوجية داخل فكر علمي لكي تسمح بفصل ذلك قيام فكر علمي جديد. "
فمثلا عند الانتقال من فيزياء النيوتنية إلى النظرية النسبية هذا لا يكون مانعا نهائيا لظهور عوائق ابستمولوجية جديدة داخل الفكر العلمي الجديد ذاته ، وهذا مايعنية باشلار عندما يقول " بان تاريخ العلوم جدل بين العوائق الابستمولوجية والقطيعات الابستمولوجية "
وهذا التطور الجدلي عند باشلار يأتي ردا على النظرية الاستمرارية على مستويين . الأول : الاستمرار من التفكير العامي إلى التفكير العلمي . إما المستوى الثاني : الاستمرار بين الفكر العلمي الجديد وبين الفكر العلمي القديم له . إن الجدل هنا لا يعني القطيعة بل التفتح أي " الفلسفة الجدلية هي الفلسفة المتفتحة التي تقبل إن تعيد النظر باستمرار في حقائقها ومبادئها "
وهذا الجدل الذي يتحدث عنه باشلار خاص بالتاريخ العلمي يعني أمرين : اولهما انه لا نهاية لتاريخ العلوم ، وان ليس هنالك حقيقة علمية ما تعتبر نهائية أي إن العلم يتطور بإخضاع حقائقه ومبادئه للجدل ومبادئ للجدل ( المراجعة ) وثانيهما : يتعلق بالعلاقة ضمن ذلك التاريخ بين القديم والجديد .
أي إن في تاريخ العلوم قفزات كيفية تحقق قطيعة بين الفكر العلمي والمعرفة العامة بحيث لم يعد من الممكن النظر إلى النظريات المعاصرة من وجهة نظر المعرفة العامة ، فان باشلار يتحدث في كتاباته عن مفهوم القطيعة الابستمولوجية على مستويين هما :
1- قطيعة ابستمولوجية بين المعرفة العامة والمعرفة العلمية .
2- قطيعة ابستمولوجية تتحقق مع النظريات العلمية المعاصرة في الرياضيات والعلوم الفيزيائية بين العلم في الماضي والفكر العلمي الجديد الذي ظهر مع هذه النظريات .
أولا : القطيعة الابستمولوجية بين المعرفة العامة والعلمية :-
يرد باشلار هنا على دعاة الاستمرارية أمثال" ( مايرسون) الذي يرى إن العقل الإنساني يظل
هو ذاته عبر كل مراحل تاريخ الفكر ، فالفكر العلمي استمرار للفكر العامي والفكر العلمي المعاصر استمرار للفكر العلمي السابق له "
وكذلك"( ليون برانشفيك ) الذي يرى التاريخ يمثل تطورا مستمرا للشعور ويقضي نحو تفتح هائل للعقل الذي يعد العلم الرياضي مثله الأعلى . لان التاريخ يكشف النقاب عن المتحرك وعن الديناميكي الذي لا تتوقف حركته ابد "
إما " (بركسون ) فيرفض لدية باشلار مفهوم الحدس لان الحدس يقود إلى إثبات إن الحقيقة برمتها الصيرورة وليست مجرد الحياة والوعي ، والوجود في جوهرة صيرورة "
ما " ( كانط) يرى الشئ في ذاته في العلم ليس مجرد جوهر بل مظهر لتقدم العلم ، كما سوف نتحدث لاحقا . فهولاء دعاة الاستمرارية يرد عليهم باشلار ببعض الأمثلة منذ اكتشاف الحقائق العلمية المعاصرة لكي يبين إن فهمها يتم انطلاقا من المعرفة العامة ، ومن أهم مظاهر هذه القطيعة ما يلي :-
المظهر الأول : هو إن دعاة الاستمرارية يرجعون إلى إثارة مسالة الاستمرارية في التاريخ بصفة عامة ، لأنهم يروا تاريخ العلوم هو جزء من التاريخ العام باعتبار إن التاريخ سلسلة مترابطة من الإحداث ، فان تاريخ العلوم كذلك يسير على هذا النحو . فيقول هيجل " إن كل دولة تجسد مرحلة جزئية من الفكرة الكلية والفكرة تفرض نفسها في التاريخ في مراحل في مراحل مختلفة من الزمان والمرحلة السائدة في حقبة من الحقب يجسدها شعب معين وهذا المراحل المتتالية تشكل تاريخ العالم "
كما يقرر ابن خلدون " إن التاريخ يدور حول نفسه ، وان الدول التي تتداول الحكم ، والتي لا تتعدى فيه حكم كل منها عمر الإنسان . أنها تنطلق الواحدة منها من أساس الذي انطلقت منه الدولة السابقة "
بمعنى إن الدولة الظاهرة تقضي على الدولة المنهزمة وتبدد معالمها ، وبالتالي تصبح مرغمة على إعادة البناء من جديد ، وبذلك يدور التاريخ في حلقة مفرغة ولا يسير إلى الإمام وعلى خط متصاعد وعلى هذا الأساس التاريخ . " هو تواصل وتكامل الماضي بالحاضر حيث تشكل الأعمال السابقة الأسس والأصول التي تقام عليها وتنطلق منها الأعمال الحاضرة . "
ولهذا فان الاستمرار يبين غير القادرين لهذا الفهم ، وتاريخ العلوم على فهم الجدل الخاص لهذا التاريخ ، فالاستمرار يبين إن المعرفة العلمية مهما وصلت إلى درجة من التجريد والعمومية ، فهي استمرار وتطور للمعرفة العامة ، ولكن هذا الرأي لا يطابق واقع المعرفة العلمية المعاصرة في نظر باشلار . لان الاستمرارية تدعوا دائما إلى العودة بالعلم المعاصر إلى أصول قديمة . لأنهم يرون إن العلم الحاضر جاء من تلك الأصول القديمة بصورة بطيئة . ويرد باشلار على ذلك بقوله " إن ما يميز العلم الحديث هو الموضوعية وليس الشمولية الكلية ، فلا مناص للفكر من إن يكون موضوعيا ، ولن يكون شموليا إلا إذا استطاع ذلك و إلا إذا كان الواقع يسمح بذلك "
أي إن الموضوعية تتعين في الدقة والتناسق بين المحمولات وليس في تجميع موضوعات متناظرة نسبيا ، فالمعرفة التي تفتقر إلى الوضوح والدقة . أي بتعبير أخر إن المعرفة التي لا
تعطي مع شروط تعيينها الدقيق ليست معرفة علمية .
ويقدم لنا باشلار مثال على عدم استمرار المعرفة العامة إلى المعرفة العلمية، فهو يفرق بين المصباح الكهربائي والمصباح العادي ، ويرى ليست هناك علاقة تكوينية بينهما ، ولكن يماثلان بعضهم من حيث أنهما يضيئان عند سقوط الظلام . أي إن هدفهم واحد وصورتها التركيبية مختلفة وعندما تفكر في المصباح الكهربائي من حيث انه عمل تقني علمي ، فلا يمكن أم يقول هذا العمل انطلاقا من التفكير في المصباح العادي ، بل انطلاقا من دراسة علمية تقوم بدراسة العلاقات بين مجموعة من الظواهر . إذن المعرفة العامة ليست استمرار للمعرفة العلمية كما يعتقد دعاة الاستمرارية .
المظهر الثاني : في هذا المظهر يحاولون دعاة الاستمرارية تقديم دليل على إن الاكتشافات العلمية الجديدة جاءت نتيجة لتهيئ سابق .
" فتراهم في هده الحالة يتحدثون عن التأثيرات ، غير إن هذا المفهوم للتأثير وهو محبب على الفلاسفة لا يفسر في نظر باشلار السير الخاص لتاريخ المعرفة العلمية ولا يعطي الدلالات الحقيقة للاكتشافات العلمية الجديدة . إن هذا التفسير لا يقوم في نظر باشلار إلا بقدر ما نكون بعيدين عن الوقائع العلمية . انه ليس إلا نفلا للطريقة التي تفكر بها في تاريخ الفلسفة إلى تاريخ العلوم. "
المظهر الثالث : يتمثل في نظرة دعاة الاستمرارية إلى اللغة العلمية بصفة عامة سواء كانت لغة الرياضيات . أو الهندسة أو عيرها . فهم يريدون التوصل إلى اللغة العلمية انطلاقا من اللغة العامة . ويرى باشلار إن اللغة العلمية تدهش دعاة الاستمرارية ، إلا أنها تمثل قطيعة مع اللغة العادية . ومن هنا " فان العلماء لا يقبل لا من يتحدث اللغة العلمية التي تعبر بصورة لا علاقة لها بالتعبير العادي ، وان اللغة العلمية تخدعهم من جهة أخرى لان العلماء في حالة استخدامهم لكلمات أو اللغة العامة يتحدثون لتلك الصورة أو الكلمات معاني دقيقة في الميدان العلمي . "
فمثلا مفهوم ( الحرارة ) فان المعنى الذي يفهم منه في المعرفة العامة يختلف عن معنى مفهومة عند حديث العلماء في مجال الذرة عن الحرارة التي تتعلق بنواة الذرة .
المظهر الرابع : هو إن هناك ميزة تتميز بها المعرفة العلمية عن المعرفة العامة . وهي طبيعة موضوعها فموضوع المعرفة العلمية ليس معطى فحسب بل موضوع للفكر أيضا ، ولكن في نظر باشلار" المعرفة العلمية تفصل بينهما بالرجوع المستمر إلى التركيب العقلي "
أي" المحاولة المستمرة لإضفاء العقلانية على التجربة وباستخدام اللغة الكانطية نستطيع إن نقول إن موضوع المعرفة العلمية في الفكر العلمي المعاصر يمكن إن يدعي ظاهرة وشيئا في ذاته في نفس الوقت وغير إن باشلار يميز بين الشئ في ذاته في المعرفة العلمية وبينه في المعرفة العامة"
إذن المعرفة عند كانط لا تتم إلا باتحاد عمل مصدرين هما الحساسية التي هي قابليتنا لتلقي تأثير الموضوعات المحسوسة الخارجية والفهم الذي هو قدرتنا على إنتاج التصورات القبلية الخالصة التي تفكر بها الانطباعات الحسية التي نتلقاها عن الموضوعات ونركب بينها في موضوع واحد للمعرفة . فان كانط يدعونا إلى التميز بين الموضوعات التي تأتينا عن طريق الحساسية ، وبين تلك الموضوعات في ذاتها .
إذن" هناك ضرورة في نظر كانط للتميز بين الظاهرة وبين الشي في ذاته ، فالظاهرة هي ما تستطيع معرفتنا بلوغه ، وهو الموضوع الذي تبدأ معرفته لدينا بالإحساس إما الشئ في ذاته
(النومين – Noumene ) * هو ما يمثل الحد الذي تقف عنده تلك المعرفة .
وهذا التفرقة التي يقيمها كانط بين ( الظاهر ) و(الشئ في ذاته ) تستند إلى تمييز جوهري بين الطريقة التي تبدو لنا على نحوها الأشياء وطبيعة هذه الأشياء في ذاتها . وعلى الرغم من إن هذه الطبيعة في ذاتها هي بمعنى ما من معاني موضوع للتفكير "
أي" إن يميز في هذا الصدد بين الموضوع الذي يمكن إن تفكر فيه فقط ، وبين الموضوع الذي نعرفه . فالشئ في ذاته يمكن تبعا لطبيعتنا إن نفكر فيه كموضوع ممكن ولكننا لا يمكن إن نعرفه كموضوع واقعي "
إذن الشي في ذاته في العلم ليس مجرد جوهر ولكنة مظهر لتقدم العلم . وعلى هذا الأساس مظاهر الفطيعة الابستمولوجية بين المعرفة العامة والمعرفة العلمية ، تثبت كلها المكان للبحث عن أي نوع من الاستمرار ، انطلاقا من المعرفة العامة إلى المعرفة العلمية .
ثانيا : القطيعة الابستمولوجية التي تحققت بقيام النظريات العلمية المعاصرة :-
لقد تحققت قطيعة ابستمولوجية مع النظريات العلمية المعاصرة في الرياضيات والعلوم الفيزيائية وهذه النظريات الجديدة حققت قفزة في الفكر العلمي ، ولا يمكن فهمها كاستمرار أو تطوير للعلم السابق وهذا الأمر أدى بباشلار إلى إن يقسم تاريخ العلم إلى ما قبل هذه النظريات وما بعدها لكي يجعل فلسفته تعكس هذا التقدم الحاصل في العلم . فالعلم المعاصر يسير بسرعة في التطور لم يسبق له مثيل ، فهنا باشلار يؤكد على " إن عقدا من زماننا في هذا المجال يساوي قرونا بأكملها من الأزمنة الماضية " (3)
وهذه النظريات التي تحدث عنها باشلار ، تمثلت في الهندسات اللااقيدية في العلوم الرياضية والميكانيكية النسبية وميكانيكا الكوانتا في العلوم الفيزيائية . ومن القيم الجديدة التي تحققت بقيام هذه النظريات كايلي :-
1- قيام فكر علمي أكثر شمولا :
تمثل في الهندسات اللااقليدية : وهي تعتبر ثورة في علم الهندسة ولأنه يختلف عن كل الإضافات السابقة التي جاء بها علماء الهندسة سابقا .لقد هيمن النسق الهندسي الاقليدي قرون طويلة الذي كان يقوم على العديد من المصادرات ومن هذه المصادرات ما يلي :-
أ- بين نقطتين لا يمكن إن يمر إلا خط مستقيم واحد .
ب- الخط المستقيم هو اقصر مسافة من نقطة إلى أخرى .
ج- لا يمكن من نقطة خارج مستقيم إن نرسم إلا مستقيم واحدا موازيا له .
" فالهندسات اللااقليدية ** تعلن عن قيام فكر علمي جديد أكثر شمولا ولا يمكن إن يفهم انطلاقا من علم الهندسة اللاقيدية الذي كان سابقا عليه ما لأنه ليس تطوير لهذا العلم تدقيقا فيه وهو ليس
بالتالي استمرار له . إن هذه الهندسات تقوم على أساس من مصادرات جديدة وإذا لم يكن من الممكن فهم الهندسات اللااقيدية انطلاقا من الهندسات اللاقيدية بالنظر إليها من حيث هي حالة
خاصة ضمن هذه الانسياق الجديدة "
لقد قامت محاولات في عصور مختلفة للبرهنة بصفة خاصة على المصادرة القائلة لا يمكن من نقطة خارج مستقيم إن ترسم إلا مستقيما واحدا موازيا له . إلا إن هذه المحاولات قد أدت جميعها إلى الاستجابة عندما حاولت إن تطبق على تلك المصادرة البرهان المباشر . وقد ظلت هذه المحاولات مستمرة إلى إن تبين بعض العلماء امثال (لوبا تشيفسكي ) * و(ريمان) إن البرهنة مستحيلة لقد انطلق لوبا تشيفسكي من مصادرة جديدة هي القائلة : بأنه من نقطة واحد خارج مستقيم يمكن إن نرسم عددا لا متناهيا من المستقيمات الموازنة له ومضى في استنتاج النتائج من مصادرته الجديدة هذه دون إن يقع في التناقض الذي كان يريد إن يستند إليه لا ثبات خطاها ليثبت عبر ذلك صدق مصادرة اقليد "
إن ما يميز هذا النسق الهندسي الجديد عن النسق الاقليدي ، وبناء على تمايزه عنه بمصادرته هو تمايزه عنه بنتائجه .أي لا تختلف عنها إلا بالمصادرة الأساسية التي تنطلق منها وبالنتائج التي تصل إليها ." فالنتائج هنا ليست تلك التي اعتدناها في النسق الاقليدي . وابرز نتيجة هي التي تتعلق بمجموع زوايا المثلث . فهذا المجموع مساوي زاويتين قائمتين في النسق الاقليدي إما في النسق لوبا تشفسكي فان مجموع زوايا المثلث يكون دائما اصغر من مجموع الزاويتين القائمتين ، وهذا الأمر يتناسب مع مساحة المثلث ."
إما (ريمان ) فانه انطلق من مصادرة جديدة أخرى هي القائلة :" بأنه من نقطة واحدة خارج مستقيم لا يمكن إن نرسم أي مستقيم أخر موازي له . وقد مضي في استنتاج النتائج اللازمة عن مصادرته دون إن يقع في تناقض يثبت خطاها وصدق مصادرة ( اقليد ) ، فأوجد نسقا هندسيا أخر لا يختلف إلا في مصادرته الأساسية والنتائج اللازمة عنها . وهكذا لا يكون مجموع زوايا المثلث في هذا النسق مساويا لزاويتين قائمتين ، بل يكون دائما اكبر من هذا المجموع "
إما بالنسبة للعلوم الفيزيائية : فان الثورة العلمية المعاصرة تمثلت في النظرية( النسبية الانشتينية وميكانيكا الكوانتا )**، لقد قامت النظرية النسبية انطلاقا من إعادة النظر في مسالة السرعة .
فالنظرية النيوتونية ترى ليس هناك حد أقصى لسرعة الأجسام فسرعة هذه الأجسام يمكن إن تزيد إلى مد لا نهاية أد ما خضعت هذه السرعة لتأثير جسم أخر يدفعها في نفس الاتجاه ، إما السرعة النسبية فقد كانت هي الفرق بين السرع بحيث إن تحديد سرعة جسم ما يختلف تبعا لاتجاه حركته فيما آدا كان في نفس اتجاه النقطة التي نعتمد عليها لتحديد تلك السرعة وفي الاتجاه المعارض غير إن هنالك سرعة ناقضت هذا المبدأ لأنها تضل ثابتة مهما يكن اتجاهها هي سرعة انتشار الضؤ وقد أصبحت هذه الحقيقة معروفة لدى العلماء بعد التجارب في فترة من تطور الأفكار العلمية وقائع جديدة حيث يحاولون دائما في البداية إن يفسدوا هذه الوقائع وفقا للقوانين والمبادئ السائدة .
ودامت هذه المحاولات بصدد ظاهرة انتشار الضؤ من سنة 1887 إلى 1905 . وهو تاريخ
كتاب انشتين * لكتابه حول النسبية بعنوان ( الديناميكا الكهربية للأجسام المتحركة ) " حيث أعلن انشتين إن ما تعنيه تجربة (مايكلسون) هو إن سرعة الضؤ سرعة قصوى بالنسبة لسرعة الأجسام المادية ، وهذا يعني عدم خضوعها لقانون السرع الذي كان بعرفة النسق الفيزيائي النيوتوني
ولما اراد انتشين تفسير نتيجة هذه التجربة اقترح تصور المكان الذي ينتشر فيه الضؤ باعتباره وسط يفرض على الضؤ نوعا من الانحراف الذي يمكن حسابه مقدما . وبتأثير هذا الوسط الذي يمكن تخيله وحساب انحرافه ، أدرك علماء الفلك الدين يتأملون السماء من كواكب أو نجوم يتغير موقع كل منها بالنسبة إلى الباقيين . فكل منهم حينئذ يدرك سماء مختلفة وأيضا يتحكم تأثير المكان في ساعاتهم بحيث إن الوقت الذي يقراه كل منهم يختلف في اللحظة الواحدة ، وليس هذا فحسب بل إن كلا منهم يقدرون مرور الزمن تبعا لسرعة مختلفة أيضا .بهذا تظهر النظرية النسبية قطيعة ابستمولوجية مع الفكر العلمي السابق في الفيزياء والنيوتونية .
وكذلك الأمر بالنسبة للنظرية ( الكوانتية ) التي تدعوا إلى إعادة النظر في بعض من المفاهيم العلمية . وبهذا الصدد يرى ( بلانك ) ** كما يقول عبد القادر ماهر " إن كل شعاع بما فيه الضؤ يسير وفقا للإعداد الصحيحة لوحدات أولية من الطاقة ، وهي ما أطلق عليها (الكوانتم Quantum ) والكوانتم ليس سوى ذرة الطاقة المتوقعة على طول موجة الشعاع الذي ينتقل مع الكوانتم "
2- قيام فكر علمي أكثر تفتحا :-
هذا ينطبق بصفة خاصة على الهندسات اللااقليدية لأنها تعتبر ثورة في علم الهندسة ، تعلن عن قيام فكر علمي جديد أكثر شمولا وتقوم على مصادرات جديدة " فللحكم على الأنساق الهندسية لا ينبغي لنا إن نحكم عليها في المجال المجرد فحسب لان الأمر لا يتعلق بلغتين أو بصورتين أو بواقعين ، بل يتعلق كما يقول باشلار بفكرتين مجردين أو بنظامين مختلفين من العقلانية ما بمنهجين للبحث "ولقد كان قبل قيام الهندسات اللااقليدية إمام عقلانية مطلقة قطيعة ذات نسق واحد للعقلانية فهي العقلانيات التقليدية ، تكون لها وجهة نظر واحدة تفهم من خلالها كل نتائج واكتشافات ومشاكل المعرفة العلمية . وصبحنا بفضل قيام الهندسات اللااقليدية إمام عقلانية متفتحة . وهي العقلانية المطبقة القادرة على إن تعيد النظر في مبادئها وهذا يكسبها خاصية جديدة هي التفتح .
" والعقلانية الباشلارية متفتحة بالنسبة للعلم من ناحية لأنها تخضع مبادئها لجدل المعرفة العلمية ، ومتفتحة بالنسبة للانساق الفلسفة من ناحية أخرى . لان الموقف العقلاني الجديد لا يرى داعيا
للتردد في إن تاخد الفلسفات الأخرى بعض مفاهيمها ومقولاتها حيث تكون هذه المقولات قادرة على إن تفهمنا علميا جديدا "
ويمكننا القول أخيرا إن باشلار يريد لمفهوم القطيعة الابستمولوجية إن يكون المفهوم المعبر عن تاريخ الفكر العلمي . وهو يقدم هذا المفهوم من جهة أخرى لكي يعبر به عن حقيقة أخرى يتوصل إليها بالنظر في الفكر العلمي المعاصر . وهي إن تاريخ العلوم يفهم انطلاقا من حاصرة لا من ماضية ذلك لان الحاضر وان كان الماضي ينفى الماضي من جهة فانه يحتويه من جهة أخرى .









رد مع اقتباس
قديم 2011-01-29, 16:09   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ترشه عمار
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ترشه عمار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القطيعة الابستمولوجية عند غاستون باشلار - الجزء الثاني -

المشروع الباشلاري
نقصد بالمشروع الباشلاري ما كتبه باشلار ليعبر به عن الصورة العامة للموقف الفلسفي الذي يريد بناه ،وعن شروط قيام هذا الموقف الجديد ، ويظهر هذا المشروع في الخطاب الباشلاري علي مستويين :-
المستوى الأول : " هو النظر في مهام فلسفة العلوم كما يحددها باشلار النظر في الشروط اللازمة في نظرة لتحقيق هذه المهام." (1)
المستوى الثاني : " هو الذي ينظر فيه باشلار إلى النظريات العلمية ليس من حيث هي ثورة في ميدان العلوم بل من حيث أنها تمثل دعوة إلى إقامة موقف ابستمولوجي جديد يبرز القيم المعرفية الجديدة التي جاءت بها تلك النظريات " (2)
وتدعي كل فلسفة من الفلسفات التي قدمت نظرية في المعرفة بانها قد قدمت الحل النهائي لهذه المسالة . اذن فلسفة باشلار ترفض كل تطور علمي يعتبر نفسه كاملا نهائيا ، أنها الفلسفة التي ترى إن كل مقال في المنهج هو دوما مقال ظرفي مقال مؤقت لا يصف بناء نهائيا للفكر العلمي ، بل فقط بناء على الدوام ويعاد فيه باستمرار . ولكن تطور الفكر العلمي يكشف عن تهافت مثل هذه الادعاء " ذلك لأننا إذا قارنا نظرية كانط في المعرفة بالنظرية العلمية في النسبية فإننا سنجد إن النظرية تتجاوز ما كان يعتقد كانط حلا نهائيا " (3)
و"ان خطا مثل هذه النظريات العامة في المعرفة أنها تريد إن تقدم حلا نهائيا لمسالة المعرفة ولكنها اذ تفعل ذلك اعتمادا على المفاهيم العلمية في مرحلة معينة من تاريخ العلم ترفع إلى مستوى الحقيقة النهائية ما ليس في الواقع إلا حقيقة نسبية أنها تحاول من وجهة أخرى اة تؤسس مشروعية المعارف العلمية في حين إن هذه المعارف ليست في الواقع بحاجة تأسيس فلسفي لمشروعيتها ألانها هي التي تعطي بذاتها معايير هذه المشروعية "(4)
فان باشلار يقدم هذه المشروعية كامر يرجع إلى المعرفة بذتها فانه يسقط عن فلسفة العلوم أحدى المهام التي كانت الفلسفات التقليدية تعتبرها من مهامها الأساسية . إذن من مهام فلسفة العلوم التي يحددها باشلار ما يلي :-
1- إبراز القيم الابستمولوجية :
من واجب فلسفة العلوم إن تبرز قيم العلم وان تعيد في كل مراحل تطور الفكر العلمي دراسة الموضوع التقليدي حول قيمة العلم ، وهذا يعني إن القيم الابستمولوجية ليست قيمة عامة للعلم ، بل هي مجموعة من القيم المتجددة مع تطور الفكر العلمي .
"كما تعني إن القيم الابستمولوجية قيمة للعلم . أي ليست فلسفة وانه ليس من حق الفيلسوف إن يضفي على العمل العلمي قيما من خارجة فالعلم هو الذي يعطي بذاته قيمة .فالقيم التي يجعل باشلار من مهمة فيلسوف العلم تحديدها وترتيبها وإبرازها قيم تفرض ذاتها في مسيرة العلم التي تسير تبعا لنوع من ضرورة مستقلة " (5)
بالتالي أنجاز فيلسوف العلم للمهمة إبراز القيم الابستمولوجية بشرط أساسي . هو إن يتخذ موقف اليقظة من العلم المعاصر ويظهر هذا الشرط على مستويين هما :-
المستوى الأول : يتطلب من الفيلسوف العلم إن العلم يتجاوز موقفا منهجيا سائدا في فلسفة المعرفة ، وهو الذي يعمل عند البحث في قيمة نظرية ، وليس البحث عن أصول أو بدايات مطلقة لهذا
النظرية ولا يهتم كما يلزم في نظر باشلار بالوقائع من حيث هي أفكار والواقع إن ما يدفع فيلسوف العلم إلى السير تبعا لمبدأ البحث عن أصول هو المتطلبات المختلفة التي يلزمه بالعمل ، ويرى باشلار " حين تتجاذب هذه المتطلبات المتناقضة يعتقد فيلسوف الفكر العلمي انه يستطيع إن يكتفي بدور المؤرخ انه يريد إبراز القيم كما يريد إن يذهب مع العلم إلى عمق الأشياء ولهذا يبحث عن الأصول ، ويرجع إلى بدايات"(6)
إذن مهمة فيلسوف العلم هي إن يبرز القيم الابسمولوجية ولكنه لن يكون قادرا على أنجاز هذه المهمة إلا إذا كان قادر على إن يدرك مظهر الجدة في النظريات العلمية . فكيف ذلك العالم يبحث عن أصول أو بدايات مطلقة ؟ إن المبدأ سيعوقه عن إدراك حقيقة النظريات العلمية من حيث انه سيبحث عن مظهره إلي يرجع إلى أصول ،ويرى في هذا المظهر أساسا لا يمكن إذن إبراز القيم الابستمولوجية إلا بالسير في الطريق المعاكس ، لهذه المبدأ الذي طغى على فلسفة المعرفة ولا ينبغي إن ينفذ إلى عمل فيلسوف العلم .
المستوى الثاني : وهو ضروري لا يجاز فيلسوف العلم لمهمته يبرز في إن فيلسوف العلم الذي يعاصر فترتنا من تاريخ العلم إن ينتبه إلى مظاهر الجدة الخصوصية لها ، ومن هنا سيدرك معنى القيم الابستمولوجية ، لأنه سيجد في خصائص العلم قيما ابستمولوجية جديدة ينبغي إبراز دلالتها ومن هنا يمكن تستخلص خصائص جديدة للعام المعاصر وهي ما يلي :-
1- إن الواقع في العلم المعاصر هو الواقع المبنى وليس الواقع المعطى . بمعنى إن ما يظهر ذلك هو الدور المتزايد للإله ، حيث لم تعد الإله تدقق إدراكنا للواقع فحسب بل أصبحت ما يجعلنا ندرك هذا الواقع الذي لا يمكن إدراكه دونما . إن العلم المعاصر أكثر من العلم السابق أصبح علما أليا .
2- الدور الذي يلعبه الكتاب في المعرف العلمية المعاصرة : أي إن الفكر العلمي كتاب فعال وكتاب جسور وحذر في نفس الوقت كتاب في التجربة كتاب يراد طبعة ، طبعة جديدة متفتحة تعاد تنظيمها . أي ندرك الدور المهم الذي يلعبه الكتاب في المعرفة الموضوعية .
3- إن العمل العلمي أصبح عملا جماعيا : وهي الخاصية التي يسميها باشلار بالخاصية المجتمعية للعلم المعاصر . أي ليس هناك في العلم المعاصر مكان لعمل علمي ينجز بصوت واحد في كل الاكتشافات العلمية والمعاصرة تعاون وتكامل بين عمل مجموعة من العلماء ، وهذا التعاون مستويات ، كالتعاون بين العلماء النظريين علامته انه ليس هناك وقت الحاضر عمل علمي نظري يوقع باسم واحد ، كالتعاون بين التقنيين ، أي كل أنجاز تقني أصبح يقتضي تعاون عدد كبير من التقنيين وأصبح يقتضي كما يقول باشلار مدينة تقنية ن وأخيرا التعاون بين النظريين والتقنيين ، أي لا يوجد في المدينة العلمية المعاصر عمل نظري منفصل عن العمل التقني . أي " إن المجتمعيين أي مجتمع النظريين والمجتمع التقنية يتلامسان ويتعاونان ، هذان المجتمعان يتفاهمان وهذا التفاهم المتبادل الصميمي والفاعل هو الحدث الفلسفي الجديد " (7)
وهذه الخصائص الثلاثة مرتبطة ارتباطا قويا إذا همنا أية واحدة منهما ، فإننا ندخل إلى ميدان ( الطوباوية )*.
2- البحث في اثر تطور المعارف العلمية على بنية الفكر :
إن البنية العقلية ليست ثابتة ، بل بنية متطورة بفعل اثر المعارف العلمية عليها ، هذه قيمة ابستمولوجية استخلصها باشلار من العلم المعاصر بمعنى إن فيلسوف العلم عليه إن يبين لنا في كل مرحلة من تطور الفكر العلمي خالة المعارف العلمية مبرزا القيم المعرفية الجديدة التي تبرز
مع هذه المرحلة .
(وعليه إن يبرز الأثر الذي تحدثه المعارف العلمية على بنيتنا العارفة " لقد دعا عدد من الفلاسفة إلى توجيه البحث الفلسفي نحو قدرتنا العارفة ، وعلى راس هولاء ( كانط ) إلا إن ما يريد باشلار حين يقول بالبحث في اثر المعارف في بنية الفكر لا يمكن إن يوضع في نفس السياق هذه الدعوة ذلك إن ما يقصده اولئك الفلاسفة كان هو دراسة الفكر من اجل معرفة طبيعته وحدوده ، في حين باشلار لا يجعل من مهمة فيلسوف العلم لا البحث في طبيعة الفكر ولا يلن حدوده ، فهذه الفلسفات بالرغم من نقدها للفلسفات الميتافيزيقية تضل بالنسبة لباشلار في نفس مجال تلك الفلسفات ، لأنها تبقى على مفهوم الفكر الثابت بالرغم من تطور المعارف العلمية " (8)
ومن هنا يمكن القول بان باشلار يتفق مع كانط على إن العقل يتعامل مع العلم الرياضي والعلم الطبيعي ولا يتعامل مع العلوم الميتافيزيقية ، كما يرى كانط " إن الواقع شاهد على إن الرياضيات والفيزياء علمان مقبولان من الجميع في حين إن الميتافيزيقيا لازالت مبحثا مشكوكا في أمره حتى إن الكثيرين لا زالوا يرفضون التسليم بالمكان قيام مثل هذا العلم " (9)
ولكي تكون مقارنتنا دقيقة لا بد إن نقانه بفليسوف عاصره وعاصر الثورة العلمية التي جعل منها باشلار نقطة انطلاقه مثل الفيلسوف ( برانشفيك ) * الذي يرى الفلسفة عبارة عن تأمل للفكر في ذاته من حيث إن الفكر حين يتأمل تاريخ العلوم والفلسفة في تطورها ، فالميتافيزيقيا عند برانشفيك وفق لهذا المفهوم تتحول إلى نظرية في المعرفة وان أهم ما يميز برانشفيك ويجعله اقرب إلى باشلار بهذا الصدد ، هو انه لا يجعل موضوع الفلسفة الفكر من حيث طبيعته ، بل الفكر من حيث فاعليته التقليدية بعقل ثابت ولا يتحدث عن الفكر كمعطى قبلي . أي إن الفكر عند برانشفيك يعرف بفاعليته ، فانه لا يمكن إن ينحصر في جملة من المقولات الثابتة والقبلية ، كما عند كانط وان برانشفيك ينطلق من اعتبار التغيرات العميقة التي أحدثتها الثورة العلمية المعاصرة على المفاهيم التي كانت تعتبر قبلها مقولات قبلية ثابتة .
ورغم إن كتاباته كانت سابقة لباشلار ، فقد تأثره باشلار ببرانشفيك تأثير التجاوز وليس تأثير تكرار المقولات أو عادتها .
فبرانشفيك بعيد عن القول بعقل ذي مقولات ثابتة قد تأثر بالثورة العلمية واستجاب لها ، ولكن باشلار هو الذي ذهب في الواقع بذلك التأثر وبتلك الاستجابة إلى حدودهما القصوى . وان برانشفيك قد تقدم فعلا بالنسبة لكانط ولكنه يقول مع ذلك بفكر يجد ذاته في كل مرحلة من مراحل تطور ميادين إنتاجه العلمية أو الفلسفية أو غيرها .
إما باشلار فانه يتجاوز ذلك للإعلان عن فكر متطور في بنيته تطور المعرفة العلمية ، ولكن هذا الفكر لا يتطور مع كل اكتشاف علمي جديد ، ولكنه يتطور بفعل النظريات التي تمثل فيها ثورة علمية والتي تفرض قيما ابستمولوجية جديدة .
أي إن " برانشفيك يعين موضوع الفلسفة بصورة تجعلها تقترب من الابستمولوجية أكثر من اقترابها من الفلسفة العامة في صورتها التقليدية فموضوع الفلسفة في نظرة ليس الطبيعة بل الفكر ولهذا يعرف الفلسفة بأنها تأمل منهجي للفكر في ذاته " (10)
أي ما يقصده أولئك الفلاسفة كان هو دراسة الفكر من اجل معرفة طبيعته وحدوده ، في حين أم باشلار لا يجعل من مهمة فيلسوف العلم لا البحث في الطبيعة الفكر ولا بيان حدوده . فهذه الفلسفات بالرغم من نقدها للفلسفات الميتافيزيقية تضل بالنسبة لباشلار في نفس مجال تلك الفلسفات لأنها تبقى على مفهوم الفكر الثابت بالرغم من تطور المعارف العلمية .
أي إن برانشفيك ليس أول من جعل موضوع فلسفة الفكر ويذكرنا بكانط الذي جعل السؤال الأساسي في فلسفته يتعلق بامتحان قدرتنا العارفة ، والبحث في طبيعتها ، غير إن التقدم الذي يحققه برانشفيك بالقياس إلى كانط من حيث نظر إليه في الاتجاه الفلسفي الذي يسير من كانط إلى باشلار ، وهو انه يعين لفلسفة الفكر موضوعا ليس من اجل البحث في طبيعة الفكر ، بل في فعاليته . إن الفكر يعرف عند برانشفيك بفعاليته . حيث إن للفكر فعاليته فانه لا يمكن إن ينحصر في جملة من المقولات الثابتة والقبلية .
" أي عدم الخضوع لرأي الفلسفات العقلانية المثالية التي تؤكدان الفكر الإنساني بنية ثابتة وانه يواجه الواقع ، وهو حائز بصورة فطرية أو قبلية للمقولات التي تؤهله للتفكير في هذا الواقع " (11)
وهكذا فان فيلسوف العلم حين يؤدي مهمته على هذه الصورة يجعل نفسه في تعارض مع المهمة التقليدية للفلسفة ، أي بناء نظرية في المعرفة ، ولكنه لا يجعل نفسه في تعارض مع العلم ، لأنه يسير في نفس اتجاه العلم ، ولأنه لا يعمل سوى على إبراز اثر القيم الابستمولوجية في بنيتنا العارفة .
3- الدعوة إلى تحليل النفسي للمعرفة الموضوعية :
إن ما يأخذه باشلار هنا عن التحليل النفسي ن هو فرضيته العامة ، المتعلقة بوجود حياة نفسية لا شعورية تؤثر في حياتنا النفسية الشعورية *.
كما إن المحلل النفسي يقوم بافتراض دوافع غير مشعور بها للسلوك الإنساني ، ويجعل من هدفه اكتشاف هذه الدوافع التي قد تؤدي بالسلوك إلى الشذوذ أو المرض . أي " شانه شان فرويد محاولا الكشف عن كل العلاقات القائمة بين المحتوى الكامن والظاهر من الحلم والكشف عن كل الجوانب المحذوفة والوقفات بل الهواجس التي ينطوي عليها خطاب الشخص المحلل نفسيا . " (12)
أي إن فرويد من خلال تحليله بصورة خاصة للحلم يصل إلى الرغبات اللاشعورية التي تؤثر في سلوك الشخصية الإنسانية تأثير كبيرا دون إن يشعر بذلك .
فباشلار" يفترض لذي الباحث العلمي مكبوتات عقلية على الابستمولوجي إن يبحث في أثرها على العمل العلمي لهذا الباحث ، كما إن المحلل النفسي يرى انه من الخطأ إن نكتفي بالبحث في ظاهر السلوك الإنساني ، فان باشلار يرى انه من الخطأ حين ابحث في موضوعية المعارف ، إن البحث في التجربة اة في مجرد تأكيد الواقع إن ما ينبغي ملاحظته في نظر باشلار هو الملاحظ العلمي من اجل إن نضع إمامنا تفسيراته العقلية المكبوتة " (13)
وبالتالي تلتقي هذه المهمة مع المهمة السابقة من حيث العلاقة بالعمل العلمي ، لانه عمل عقلي وعملي نفسي وتختلفان في الهدف الذي تسعى كل منهما إلى الوصول إليه .ففي المهمة السابقة فيلسوف العلم يهدف إلى بيان الأثر النفسي للثورة المعرفية ويهدف إلى إبراز القيم الابستمولوجية من حيث هي قيم عقلية ونفسية . أي " إن على فيلسوف العلم أم يبين لنا في كل مرحلة من تطور الفكر العلمي حالة المعارف العلمية مبرزا القيم المعرفية الجديدة التي تبرز مع هذه المرحلة ، وان عليه أيضا إن يبرز لنا مع ذلك الأثر الذي تحدثه المعارف العلمية على بنيتنا العارفة . " (14)
إما المهمة الأخيرة هذه ، فان على فيلسوف العلم إن يحلل عمل الباحث العلمي ليبرز فيه جانبه الباطن وأهمية هذا التحليل تظهر من خلال أهمية الجانب الباطن وكذلك من خلال أهمية الجانب الباطن للعمل العلمي
أي " كما إن الحياة النفسية اللاشعورية ليست مجرد جانب مختبئ من الحياة النفسية بل هي جانب دينامي لا يستطيع دون مراعاة دينامية فهم ما يظهر لنامن الحياة النفسية ، فان ما يريد باشلار وصولة من التحليل النفسي للمعرفة الموضوعية هو بيان الشروط الخفية ، ولكن الدينامية التي
تتحقق فيها معرفتنا والتي يتم ضمنها بناء معرفة موضوعية " (15)
ومن مظاهر التي يقترح فيها باشلار أهمية هذا التحليل كايلي :-
أ- إن فلسفة العلوم عند باشلار تقترح علينا هذه المهمة للابستمولوجيا تبدى إدارة في الاستجابة لتحولات العلمية المعاصرة في كل الميادين العلمية سواء كان في ميدان العلوم الرياضية أو الفيزيائية أو الكيميائية التي تريد إن تستجيب للتحولات العلمية المعاصرة ، لكي تعمل على إن تعكس ذلك على تغيير الموقف الفلسفي من العلم ، أو سواء كانت في ميدان العلوم الإنسانية ، التي تستجيب لهذه التحولات ، لكي تستند إليها تحليل تطور المعرفة العلمية ، وتكشف عن بعض مظاهر الميكانيزم الذي يسير وفقا للمعرف لكي تصل إلى الموضوعية .
ب- موقع فلسفة العلوم الباشلارية من ألازمة التي عرفتها الفلسفات المثالية التقليدية عند قيام ثورة في العلوم الفيزيائية والعلوم الإنسانية . لان فلسفة العلوم عند باشلار تبدي باقتراحها منهجيا تحليليا لفهم تطور الفكر العلمي .
ج- إن باشلار يقدم فعلا نتيجة لتحليل الذي يقوم به عن المفاهيم الفعالة في تحليل تاريخ العلوم ،لأنه قادر على تحليل مظاهر من هذا التاريخ ، لا تستطيع وجهة نظر الاستمرارية التي كانت سائد القيام بتفسيرها .
ولهذا نجد إن باشلار يدعوا إلى ضرورة القيام بتحليل ابستمولوجي يكون فيها هذا التحليل في تكامل مع علم إنساني وهو علم النفس .لانه الابستمولوجيا يمكن إن تستفيد في نظر باشلار من التحليل النفسي من اجل الوصول إلى أهدافها في تحليل المعرفة العلمية .
وان باشلار ليس الفليسوف الوحيد المعاصر الذي يدعوا إلى مثل هذا التكامل . لان هناك الفليسوف ( بياجي ) * يدعوا إلى ذلك . والذي يرى إن السؤال الأساسي بالنسبة للابستمولوجيا لا يتعلق بطبيعتها ، بل بكيفية نموها فهو من إتباع منهج علم النفس التكويني لدراسة تكوين المفاهيم العلمية .
أي " تحديد كيف تنمو المعارف فهذا يتضمن إن ننظر منهجيا إلى كل معرفة من زاوية تطورها ، أي من حيث هي صيرورة لا يمكننا ابد إن نبلغ بدايتها الأولى أو نهايتها . أي كل معرفة يمكن النظر إليها دائما ، بصورة منهجية على أنها متعلقة بحالة سابقة لمعرفة اقل ، وعلى أنها قابلة لأنها تمثل هي ذاتها هذه الحالة السابقة بالنسبة لمعرفة أقوى . " (16)
إذن هذا التكامل الذي يدعوا له باشلار وبياجي ينحدر في دراسة الشروط النفسية للمعرفة ويغفلا إن التعاون مع العلوم الأخرى يجعله يكتشف شروطا ثانية لنمو المعارف العلمية أو لتوقفها . الخلاصة : وقد رأينا إن هذه المهام تكون عناصر برنامج متقدم بالنسبة لما كانت تتصوره الفلسفات التقليدية . إذن هذه هي المهام التي يقترحها باشلار للابستمولوجيا بديلا عن الصورة التقليدية التي كان يتخذها الخطاب الفلسفي حول العلم









رد مع اقتباس
قديم 2011-01-29, 16:17   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ترشه عمار
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ترشه عمار
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القطيعة الابستمولوجية عند غاستون باشلار - الجزء الثالث -

العلاقة بين القطيعة الابستمولوجية والبنيوية
إن احتلال الفلسفة الباشلارية مكانه خاصة ضمن الفلسفة المعاصر ، جاءت نتيجة لعدة عوامل منها :
العامل الأول : استجابة الفلسفة الباشلارية لظرفها من تاريخ العلوم وإرادتها في إبراز القيم الجديدة لهذه المرحلة التاريخية . " أي انه الكيفية التي استجابت بها هذه الفلسفة للتطور الكيفي الذي عرفه تطور العلوم ، والمتمثلة في الإعلان عن أرداه الإعراب الفلسفي عن مظاهر الثورة العلمية إعرابا لا يتخذ صورة تأويل ، بل صورة إبراز لما جملته هذه الثورة من قيم جديدة للمعرفة العلمية الخاصة والمعرفة الإنسانية بصفة عامة " (1)
العامل الثاني : رد فعل الفلسفة الباشلارية على الفلسفات السائد في عصرها بانتقادها وبيان الطرق إلى مجاوزتها .
وبالإضافة إلى هذين العاملين . هناك عامل ثالث ساهم في إضفاء القيمة على الفلسفة الباشلارية وهو " إن هذه الفلسفة قد كانت ملهمة لفلاسفة معاصرين تختلف اتجاهاتهم واختصاصاتهم في آن واحد . وقد كونت هذه الاستلهامات نوعا من القراءات والتا ويلات المختلفة للفلسفة الباشلارية ، وهي تاويلات تزداد أهمية كلما كان اصحابها على موقف فلسفي يتعارض مع باشلار " (2)
ومن هولاء الفلاسفة المعاصرين البنيويين ( لوي التوسير ) و( فوكر ) .
أولا : لوي التوسير
لقد استمده التوسير من باشلار مؤرخ العلم الذي يرى" إن الإحداث والفتوح المعرفية خلال تطور أي علم ، توقف التراكم المستمر للمعرفة وتقطع تقدمها البطئ وتدفعها إلى دخول عصر جديد ، وتفصلها عن أصلها التجريبي ودوافعها الأصلية وتنقيها من تعقيداتها الخيالية ، فتحول التحليل التاريخي من البحث عن البدايات الصامتة إلى البحث عن نمط جديد من العقلانية وعن أثارها المتنوعة بكلمات أخرى ، يفترض باشلار وجود حقب علمية يمكن إن تخلق انقطاعات معرفية من ذلك النوع الذي حدده التوسير في إعمال ماركس " (3)
بمعنى أخر أي التوسير " يستعير من باشلار مفهوم القطيعة الابستمولوجية ، لاستخدامه كأداة معرفية تساعد على فهم وتحليل التطور الذي حدث في فكر ماركس والذي كان من نتيجته نشأة المادية التاريخية من حيث أنها ما يميز الماركسية . ولا شك إن موقف التوسير ينطلق من موقف فلسفي يختلف عن ذلك الذي نجده عن باشلار " (4)
أي إن التوسير لا يأخذ هذه الأداة الابستمولوجية مرتبطة بغاياتها ، أي استخدامها للوصول الغايات ، كما عند باشلار . ويبين لنا التوسير إن المهم بالنسبة لتحليل الذي يريد إن يكون علميا هو الغاية التي يريد بلوغها . أي الوصول إليها ، وان هذا التحليل العلمي لن يمتنع عن الاستفادة من اية وسيلة معرفية لمجرد أسباب نسقيه فلسفية .
فالتوسير استخدم مفهوم القطيعة عند باشلار في إعادة قراءة ماكس ، لأنه العلاقة بين العلم والواقع كما يرى التوسير " إن تطور العلم ذاته يؤدي إلى تثبيت هذه العلاقة وتغيرها في آن واحد . ومن هنا شعر التوسير بحاجته إلى نظرية جديدة في القراءة . نظرية يمكن لمبادئها إن تحكم قراءة النص كما تحكم النظرية المتضمنة فيه وتحل محل العلاقة المباشرة بين القاري والنص " (5)
أي " نظرية تحدد طابع النظرية الماركسية والشرط المسبق للقراءة الماركسية ( النظرية التاريخية ) ولقد بدا التوسير في إعادة قراءة المعاني المختلفة للاغتراب في ( مخطوطات 1844 ) و ( راس المال ) مذكرا قارئة بان ماركس رفض الفلسفة في كتابة ( الايدولوجيا الألمانية ) لأنها بلا تاريخ ولا موضوع " (6)
وهذا ما يسميه باشلار بالعائق الإيديولوجي الذي يصبح مصدرا للعوائق الابستمولوجية والقطائع الابستمولوجية . وذلك من خلال إدراك علاقات أخرى للمعرفة العلمية وهي علاقاتها بالايدولوجيا بالظروف المجتمعة .
وان التحليل الذي قام به التوسير لتطور فكر ماركس مستخدما فيه مفهوم باشلار عن القطيعة الابستمولوجية خير مثال عن هذا الذي نقوله ، ذلك ماركس كما لو كانت مجرد قطيعة معرفية فصلت بين المرحلة الإيديولوجية من تطور هذا الفكر وبين المرحل العلمية . ولكنه انتقد نزعته النظرية هذه بداته وكتشف إن ماركس إنما حقق تلك القطيعة بفضل التقدم الذي حققه في تحقيق القطيعة مع أيديولوجيا عينيه هي الايدولوجيا البرجوازية " (7)
كما استطاع التوسير" إعادة النظر فما هو مشترك بين الجدل الهيجلي والجدل الماركسي بفصل ما طرحة الفكر البنيوي من إبعاد جديدة للزمن وما يترتب على ذلك من إمكانية التعاون مع اللحظات التاريخية بوصفها وقائع آنية الحدوث تقع في الماضي . كما تقع في آية لحظة بعينها في كل وقت حاضر فانتهى إلى إن هذين الجدلين يشتركان في شي واحد ، وهو مفهوم التاريخ . أي إذا كانت فلسفة التاريخ عند هيجل أنها تتجلى في مبدأ فريد أزلي فان التاريخ عند ماكس ليس تعبيرا عن جوهر روحي ، بل يتشكل من عديد من الأبعاد المتميزة المتشابكة التي لا يمكن اختزالها في الاقتصاد والسياسة والايدولوجيا والنظرية " (8)
فتوصل التوسير من خلال قراءة ماركس بان هناك فارق بين الجدل الماركسي والجدل الهيجلي وهو إن الجدل الماركسي يتضمن اتحاد الأضداد ، ولكن هذا الاتحاد ينطوي على حتمية متعددة الجوانب ( مركبة ) وان الوحدة الشاملة عند ماركس مثلا هي الاقتصاد ولذلك فهي وحدة بنيوية ، إما الجدل الهيجلي يتضمن هوية الأضداد والوحدة الشاملة عند هيجل تتكون من كليات ، وكذلك فهي وحدة مثالية وأكد التوسير حتمية الجدل على نحو تتراكم فيه المتناقضات . وهكذا التوسير استطاع قراءة الماركسية باستخدامه لمفهوم القطيعة الابستمولوجيه أو المعرفة عند باشلار .
ثانيا : فوكو
نستطيع إن نتتبع تطور فوكو الخاص من خلال كتبه " فقد ركزت معظم كتاباته في البداية على الجوانب المنهجية وعلى تأسيس حقب ابستمولوجية للمعرفة ، تم ركزت على اللغويات النظرية ، لتنتقل منها إلى التركيز على مركز القوة في كل حقبة من حقب المعرفة " (9)
فكتابه ( الجنون والحضارة ) يوضح وجود المرض العقلي خلال زمانه ومكانه ومنظوره الاجتماعي . وكتابه ( مولد العيادة ) يركز فيه على نشأة قوة الأطباء في الوقت الذي يؤكد العلاقة بين الدال والمدلول في نصوص الجنون والمرض على نحو تغدو معه السلامة العقلية والخلل العقلي والصحة والمرض ، أي هذه الثنائية لا يمكن إن نفهم احدها دون فهم علاقتها بالأخرى ، ويمثل هذا النوع من البحث عن أبنية المعرفة إلى طرح النزعة التاريخية في دراسة التاريخ . ويفيد من مفهوم باشلار عن القطائع العلمية .
فباشلار" يريد إن يبين إن هنالك في تاريخ العلوم قفزات كيفية تجعل العلم ينتقل بفضلها إلى
نظريات جديدة لا يمكن ابد النظر إليها على أنها مجرد استمرار للفكر السابق لها ، وبقدر ما تحقق هذه القفزات الكيفية جدة مطلقة في الفكر العلمي ، فأنها تحقق قطيعة بين هذا الفكر العلمي والمعرفة العامة " (10)
فيرى " ( فوكو ) في كتابة ( الجنون والحضارة ) أم بنية الجنون تداخلت مع بنية اللغة . من هنا درس العلاقة بين البنيتين داخل حقب معرفية محددة على نحو انتهى معه إلى إن تطور الفكر العلمي خلال العصر الكلاسيكي " (11)
أي مفهوم الحقب المعرفية عند فوكو يختلف عن مفهوم العصر الكلاسيكي . لان فوكو يقسم الفكر الأوربي إلى ثلاثة عصور متتابعة تتعاقب على أساس من انقطاعات ابستمولوجية تنتقل بها المعرفة من حقبة إلى أخرى وهي ( عصر النهضة ) الذي يستمر من القرن السادس عشر إلى منتصف القرن السابع عشر ( عصر الكلاسيكي ) الذي يؤرخ فوكو بدايته بظهور اللحظة الديكارتية في أواسط القرن السابع عشر و ( عصر الحديث ) الذي يبدأ مع مطلع القرن التاسع عشر بظهور مفهوم الإنسان من حيث هو ذات تاريخية .
أي إن الثقافة لها شفرات معرفية معينة يريد فوكو الوصول إليها وإيضاح إلى أي مدى تطابقت اللغة مع الواقع وان كل شفرة مرتبطة بمكان وزمان معين ، كما يقول فوكو " في كل ثقافة بين استخدام ما يمكننا تسميته القوانين الناطقة والتأملات في النظام هناك التجربة العابر للنظام وصيغ وجوده " (12)
ويرى إن في العصر الكلاسيكي كان النظر إلى المجنون على انه روح شريرة وكانوا يشحنون في باخرة ويتم إبعادهم عن الآخرين وفي القرن التاسع عشر ظهر العيادة وتشكل فيه السجن وبالتالي تداخلت بنية اللغة مع بنية الجنون عن طريق التقارير الطبية ، واصبحت اللغة مفهومة بخلاف القرن السادس عشر الذي كانت فيه اللغة غير مفهومة . وذلك كما قال فوكو في كتابه ( الكلمات والأشياء ) . " إن الاستقصاء الاركيولوجي قد بين انقطاعين كبيرين في ابستيمية الثقافة الغربية : انقطاع الذي دشن العصر الكلاسيكي نحو منتصف القرن السابع عشر وذلك الذي طبع في بداية القرن التاسع عشر عتبة حداثتنا . والنظام الذي يفكر على أساسة لا يملك صيغة الوجود نفسها التي يتملكها نظام الكلاسيكيين . وعبثا كنا نملك الانطباع عن حركة شبه مستمرة للعقلانية الأوربية منذ عصر النهضة وحتى أيامنا " (13)
أي إن فوكو هنا يرى بان هناك انقطاعين في بستيمية الثقافة الغربية – انقطاع في عصر الكلاسيكي الذي فيه اللغة غير مفهومة أي يمثل اللغة . وانقطاع في العصر التاسع عشر الذي يمثل الاقتصاد كما انه يشترك مع باشلار في نقده للاستمرارية . ولهذا فوكو " يتقبل فكرة الانقطاع ، ولكنه يرى بعض الاتصال بين الحقب من خلال ما يفترضه من وجود بذور المعرفة الجديدة للحقبة اللاحقة في نهاية الحقبة السابقة " (14)
وهكذا فان الفلسفة الباشلارية قد كانت ملهمة للفلاسفة المعاصرين تختلف اتجاهاتهم واختصاصاتهم ، وهذا ما جعل وجود علاقة بين الفلسفة الباشلارية والبنيوية .
الخلاصة :
إن القطيعة الابستمولوجية ما هي إلا مراجعة للمفاهيم العلمية في الفكر العلمي السابق لها . ولكن هذه المرجعة لا تعني انفصالا ، بل تعني انتقالا جدليا إلى مفاهيم اشمل ، فالمفاهيم القديمة ضمن القطيعة الابستمولوجية لا يتم تركها بصفة مطلقة ، ولكن تتم مراجعتها بالكيفية التي تبين حدود
صدقها ، كذلك لا تتم بصورة تجريدية ، بل هناك دائما تعيين للظروف التجريبية التي تسمح لنا بان نعيد النظر في أي مفهوم .
بالإضافة إلى ذلك إن المهام التي أردنا توضيحها المتمثلة في إبراز القيم الابستمولوجية ، وفي التحليل النفسي للمعرفة الموضوعية واثبات اثر تطور المعارف في بنية العقل ، ما هي إلا مهام منهجية التي أنجزتها الابستمولوجيا ، فان هناك مهمة أخرى فلسفية التي أرد باشلار إنجازها من خلال الثورة العلمية المعاصرة ، لأنه مهمة إقامة موقف فلسفي جديد يتجاوز التعارض الذي كان قائما بين الموقفين التقليديين العقلاني والواقعي . أي هي البحث في لاكتشافات العلمية الجديدة ، وفي خصائص ونتائج الفكر العلمي الجديد عن أسس الموقف الفلسفي الذي يريده باشلار إن يكون تركيبا فلسفيا جديدا يلغي الصراع في الميدان الميتافيزيقي بين الموقفين الميتافيزيقيين التقليديين العقلاني والواقعي .
كذلك من خلال عرضنا لمفاهيم الفلسفة المختلفة أتضح إن المشروع الباشلاري لم يختلف بصورة كاملة هذا التجاوز الذي يعلن عنه مشروعها بأنها لم تكن كما أراد باشلار إن تكون ثورة في ميدان الفلسفة . وان أول مظهر للتجاوز الفعلي الذي تحققه فلسفة باشلار هو أنها على العكس ما تقول به الفلسفات العقلانية المثالية ، لا تقول بحقيقة مطلقة . بل الحقيقي عند باشلار نسبية وذلك على مستويين :
المستوى الأول : أنها مظهر لتقدم العلم ، فان تاريخ العلم بين لنا إن ليست هنالك حقيقة تظل ثابتة ونهائية . فالفلسفات العقلانية التقليدية أنها بنت أنساقها الفلسفية على حقائق علمية لفترات تاريخية معينة ، كما لو كان الأمر يتعلق بحقائق مطلقة ونهائية . أي أنها كانت عقلانية تعلن عن انغلاقها . إما باشلار يبحث عن عقلانية التفتح ، أي تعدد في صور المكان والزمان .
المستوى الثاني : تكون الحقيقة نسبية لأنه العلم المعاصر يعلمنا إن المعرفة بالواقع وخاصة عندما يتعلق الأمر بدراسة الجسيمات الصغيرة بان تكون تقريبه ، لأنها معرفة حقيقة لا تأتي نتيجة لنقص في وسائلنا ومناهجنا للمعرفة . كما عند العلم الكلاسيكي بل تأتي نتيجة لتقوية الوسائل والمناهج وتجديدها وتدقيقها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع والهوامش:
(1) محمد الوقيدي ما هي الابستمولوجيا ؟ ط2 ( بيروت – مكتبة المعارف للنشر – سنة 1987 ) ص 15
(2) محمد الوقيدي – فلسفة المعرفة عند غاستون باشلار – ط ب ( بيروت – مكتبة المعارف للنشر – 1984 ) ص 156
(3) بوخبنسكي – تاريخ الفلسفة المعاصرة في أوربا – ترجمة محمد عبد الكريم الوافي - ط2 ( بنغازي - منشورات جامعة قار يونس – سن ـــــــــــ ) ص 152
(4) ولترستيس – فلسفة هيجل – ترجمة إمام عبد الفتاح – ط ب ( مصر – دار الثقافة للنشر – 1980 ) ص 596
(5) مصباح العاملي – ابن خلدون وتفوق الفكر العربي على الفكر اليوناني باكتشاف حقائق الفلسفة – ط ب – ( بنغازي – دار الجماهيرية للنشر – 1988) ص 423
(6) غاستون باشلار – تكوين العقل العلمي – مساهمة في التحليل النفساني للمعرفة الموضوعية – ترجمة خليل احمد خليل ط 3 ( بيروت – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر – 1986 ) ص 59
* الشي في ذاته :Noumene في اليونانية: يعني ذلك الذي يتم تصوره أو التفكير فيه ، اصطلاحا : يدل على الجوهر الذي لا يتصور بغير العقل . وتناول كانط الشئ في ذاته من جانبين من حيث كونه مفهوما سلبيا مشكلا في كتابة ( نقد العقل الخالص ) موضوع للعقل . كما يشير كانط إلى أمكان وجود مفهوم ايجابي للشي في ذاته كموضوع للحدس أللاحسي في كتابة ( نقد العقل العملي )
(7) إبراهيم زكريا – كانت أو الفلسفة النقدية – ط2 ( مصر – دار مصر للطباعة – 1972 ) ص 78
** الهندسات اللاقليدية :Euclidean Geometries . بالمعنى الحرفي هي كل الأنظمة الهندسية التي تختلف عن النظام الهندسي الاقليدي ، فالمقصود بالهندسات اللاقليدية هندستا لوبا تشفسيكي ، وريمان . إما الهندسة الااقليدية هي هندسة اقليدسelude رياضي يوناني مؤلف كتاب (المبادئ) الذي صيغت فيه بطريقة منهجية الهندسة القديمة والمصادرة الشهيرة لاقليدس هي المعادل المنطقي للقضية القائلة : لا يمكن من نقطة خارج مستقيم إن نرسم إلا مستقيم واحد موازيا له .
* لوبا تشفسكي ( 1972- 1856 ) هو عالم رياضي روسي كان رائدا الهندسة جديدة عرفت باسم هندسة لوبا تشفسكي ، وكان له لمؤلفات الرئيسيان هما ( مبادئ الهندسة 1829 ) و( مبادئ جديدة للهندسة مع نظرية كاملة في المتوازيات 1835- 1838 )
** النظرية النسبية Theoruof Relativity : هي نظرية فيزيقية تقول بان العمليات الفيزيقية تحدد بشكل موحد في جميع الأنساق التي تتحرك في خط مستقيم وبطريقة موحدة نسبيا من واحدة إلى أخرى ( نظرية النسبية الخاصة ) وكذلك مع المسرعات ( نظرية النسبية العامة ) .
إما النظرية الكوانتية Quantum Mechanics : هي قسم من علم الطبيعة الذي يدرس حركات جزئيان الصغيرة وقد وضعت أسس ميكانيكا الكم عام 1924 على يد ( لويس دي بروجلي ) الذي اكتشف الطبيعة الجسيمية الموجية للعمليات الفيزيقية
* البرت اينشتين Apart Einstein : ولد في مدينة ( أولم ) 1879- 1955 بألمانيا وأكمل دراسته في سويسرا وتجنس بالجنسية السويسرية وبعد اعلان نظرته الأولى في النسبية انتقل إلى ألمانيا وعمل في جامعتها تم مديرا لمعهد الامبرطور الفلكي حتى حصل على جائزة نوبل في الفيزياء تم ذهب إلى الولايات المتحدة ولقد أعلن نظريتين( النسبية الخاصة 1905 والنسبية العامة 1915 .
(8) إبراهيم مصطفى إبراهيم – في فلسفة العلوم – ط ب ( ــــــــــ دار المطبوعات الجديدة للنشر – 1999 ) ص 152
** ماركس بلانك عالم فيزيائي ومنظر ألماني وعضوا أكاديمية برلين للعلوم بدا عام 1894 عندما كان يطور نظرية الديناميكا الحرارية للاسعاع الحراري وأصبح بلانك مؤسس للنظرية الكم
(9) عبد القادر ماهر محمد – فلسفة العلوم – ط ب ( الإسكندرية – دار المعرفة الجامعية - ـــــــــ ) ص 28









رد مع اقتباس
قديم 2011-01-29, 16:37   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الفارس الغامض
عضو جديد
 
الصورة الرمزية الفارس الغامض
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور يا استاذي والله ينور دربك ويتقبل دعواك مششششششكور










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ارجوكم, ساعدوني


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc