مصطلح الحديث - الصفحة 19 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مصطلح الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-10-28, 17:16   رقم المشاركة : 271
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترتيب أركان الإسلام في حديث بني الإسلام على خمس

السؤال


أظن أن أركان الإسلام خمسة ، على هذا النحو من الترتيب : الشهادة ، الصلاة ، الزكاة ، الصيام ، الحج ( أرجو التصحيح إن كنت مخطئا ) قرأت حديثا في صحيح البخاري - كتاب الإيمان

- باب " بني الإسلام على خمس " الحديث رقم: (7)، عرض الحديث ترتيبا يختلف عن الترتيب الذي ذكرته سالفاً ، فلو كان الترتيب الذي ذكرته سالفاً صحيحا فلماذا ذكر الحديث ترتيباً مختلفاً ؟


الجواب

الحمد لله

عند التوسع في تخريج حديث : ( بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ ) يتبين لنا أنه قد رواه عن ابن عمر رضي الله عنهما جماعة من أصحابه وتلاميذه ، وقد اختلفوا في روايته عنه على وجهين:

الوجه الأول : تقديم الحج على صوم رمضان .

وقد رواه على هذا الوجه اثنان من ثقات أصحاب ابن عمر رضي الله عنه من غير اختلاف عليهم ، وهما :

1- محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر : أخرجه مسلم وغيره (رقم/21)

وانظر: "العلل" للدارقطني (13/211)

2- سلمة بن كهيل : أخرجه عبد بن حميد في " المسند " (رقم/823) ، وفي "العلل" للدارقطني (13/185) ذكر بعض الاختلاف على سلمة بن كهيل بين الرفع والوقف .

ورواه أيضا بتقديم الحج على الصوم ثقتان آخران من أصحاب ابن عمر ، ولكن مع الاختلاف عليهم في الرواية ، والراجح عنهما هو وجه تقديم الحج على الصوم ، كما سيأتي بيانه في الوجه الثاني .

وقد روي الحديث أيضا على هذا الوجه من طريق يزيد بن بشر عن عبد الله بن عمر كما أخرجه أحمد (8/417) طبعة مؤسسة الرسالة

ومن طريق أبي سويد العبدي كما أخرجه أيضا الإمام أحمد (9/484) طبعة مؤسسة الرسالة ، ولكنها طرق ضعيفة بسبب جهالة كل من يزيد وأبي سويد .

الوجه الثاني : تقديم صوم رمضان على الحج

وقد وقع ذلك في رواية ثلاثة من أصحاب ابن عمر ، واحد منهم لم يختلف عليه ، والاثنان الآخران اختلف عليهما ، والراجح عنهما تقديم الحج على الصوم :

1- حبيب بن أبي ثابت : أخرجه الحميدي (2/308) ، والترمذي (رقم/2069) من طريق سُفْيان بن عُيَيْنَة ، عن سُعَير بن الخِمْس التميمي ، عن حبيب بن أبي ثابت ، فذكره .

قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ، وسعير بن الخمس ثقة عند أهل الحديث " انتهى .

غير أن سعير بن الخمس وإن وثقه أكثر النقاد ، فإن أبا حاتم الرازي رحمه الله قال فيه : " صالح الحديث ، يكتب حديثه و لا يحتج به

" انتهى. انظر: " تهذيب التهذيب " (4/106)

2- سعد بن عبيدة : رواه سعد بن طارق أبو مالك الأشجعي ، عن سعد بن عبيدة .

ولكن الرواة عن أبي مالك الأشجعي اختلفوا عليه :

فرواه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة – كما في " صحيح مسلم " (رقم/20) –

بتقديم الحج على صوم رمضان .

وقد ذكر لفظه المطول الخطيب البغدادي في " الكفاية " (ص/176) وفيه : ( فقال رجل : تعبد الله وتكفر بما دونه ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان

. قال – يعني ابن عمر - : لا ، اجعل صيام رمضان آخرهن كما سمعت مِن في رسول الله صلى الله عليه وسلم )

ورواه سليمان بن حيَّان الأحمر – كما في " صحيح مسلم " (رقم/19) – بتقديم الصوم على الحج ، ولفظه : ( بني الإسلام على خمسة : على أن يوحد الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان

والحج . فقال رجل : الحج وصيام رمضان ؟ قال : لا ، صيام رمضان والحج ، هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم )

ولا شك أن رواية يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أوثق من رواية سليمان الأحمر ؛ لأن يحيى بن زكريا ثقة في الدرجة العليا من الحفظ والإتقان

حتى قال علي بن المديني : لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه ، انتهى إليه العلم بعد الثوري . ثم إن يحيى بن زكريا معروف بالفقه والفهم

فهو أقدر على ضبط ترتيب كلمات الحديث على الوجه الذي يناسب

انظر: " تهذيب التهذيب " (11/209)

وأما سليمان الأحمر فهو وإن كان ثقة صحيح الحديث إلا أنه قد أخذت عليه أحاديث لا يتابع عليها

وتكلم فيه يحيى بن معين والبزار وابن عدي

ينظر ذلك أيضا في " تهذيب التهذيب " (4/181) .

3- عكرمة بن خالد : غير أن الرواة اختلفوا أيضا في الرواية من طريق عكرمة بن خالد :

فجاء بتقديم الحج على الصوم : أخرجه البخاري (رقم/8) من طريق عبيد الله بن موسى ، والنَّسائي (رقم/5001) من طريق المعافى بن عمران ، كلاهما عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي ، عن عكرمة بن خالد به .

وجاء بتقديم الصوم على الحج : أخرجه مسلم (رقم/22) من طريق عبد الله بن نمير ، وابن حبان أيضا (4/294) من طريق عبد الله بن وهب ، كلاهما عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن عكرمة بن خالد به .

وروي عن كل من روح بن عبادة ، ووكيع عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن عكرمة بن خالد على الوجهين – تقديم الصوم وتقديم الحج - كما في صحيحي ابن خزيمة (1/159) وابن حبان (1/373)

ولعل الوجه الراجح على حنظلة بن أبي سفيان هنا هو أيضا تقديم الحج على الصوم ، إذ يبدو أن النقاد على اطلاع خاص بضبط عبيد الله بن موسى لهذه الرواية أكثر من غيره

لذلك اختارها الإمام البخاري رحمه الله ، وقال الإمام الدارقطني رحمه الله – بعد أن ذكر أوجها أخرى رويت عن حنظلة بن أبي سفيان - :

" خالفه وكيع ، وإسحاق بن سليمان الرازي ، وقاسم بن مالك المزني ، وعبيد الله بن موسى ، ورووه عن حنظلة ، عن عكرمة بن خالد ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الصواب .

إلا أن في حديث قاسم بن مالك : عكرمة بن خالد ، عن طاووس ، عن ابن عمر .

والصواب ما قاله عبيد الله بن موسى ، فإنه ضبط إسناده " انتهى.

" العلل " (13/129)

والحاصل من جميع ما سبق أن الذي يبدو – والله أعلم – أن رواية تقديم الحج على الصوم هي الرواية الأرجح ، وذلك لما يلي :

أولا : اجتماع أكثر أصحاب ابن عمر رضي الله عنهما على هذه الرواية ، أما رواية تقديم الصوم على الحج فإنما ينفرد بها حبيب بن أبي ثابت فقط ، وفي الطريق إليه بعض النقد ، فرواية الأكثر والأحفظ أرجح ولا شك .

ثانيا : اختيار الإمامين البخاري والنسائي لرواية تقديم الحج على الصوم يدل على أرجحيتها ، فقد اكتفيا بإخراجها من هذا الطريق تقريرا منهما أنها هي الطريق الصحيحة

وما عداها مروي بالمعنى ، بل بنى الإمام البخاري صحيحه على هذا الترتيب ، فقدم كتاب الحج على كتاب الصوم لهذا السبب كما قال الحافظ ابن حجر ، والبخاري والنسائي هما من أعلم النقاد بعلوم العلل ، ودقائق الروايات .

وأما تقديم الصوم على الحج فإنما أخرجها الإمام مسلم في صحيحه إلى جانب الرواية الأولى، ومن منهج الإمام مسلم رحمه الله إخراج الروايات المختلفة في مكان واحد

وإن كان يرى ترجيح إحداها ، والأقرب أنه يرجح تقديم الحج على الصوم للأسباب التي ذكرناها عند الحديث على رواية سعد بن عبيدة من أصحاب ابن عمر .

ثالثا : تقديم الحج على الصوم في حديث ابن عمر له شاهد حسن من حديث جرير بن عبد الله البجلي . أخرجه أحمد (4/363)

وأما ما يسلكه أكثر العلماء في كتب الفقه والحديث من تقديم الصوم على الحج ، فإنما هو لترجيح كثير منهم رواية تقديم الصوم على الحج

كما هو معروف من كلامهم في موضعه ، وبعضهم يختار تقديم الصوم على الحج لأمر آخر خارج عن الرواية ، بل بناء على اجتهادات وتعليلات نظرية . قال الإمام النووي رحمه الله :

" قدموا الصوم على الحج ؛ لأنه جاء في إحدى الروايتين ؛ ولأنه أعم وجوبا من الحج ، فإنه يجب على كثيرين ممن لا حج عليه ، ويجب أيضا على الفور ، ويتكرر " انتهى.

" المجموع " (1/124)

وعلى كل حال فالمسألة محل اجتهاد ونظر ، ولعل ما ذكرناه هو الأرجح من حيث الرواية ، والاختلاف في مثل ذلك يسير ، لا يترتب عليه كثير شيء ؛ ولا يدل بمجرده على تفضيل الحج على الصوم ، أو عكسه .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-10-28, 17:23   رقم المشاركة : 272
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

صحيح ابن خزيمة ، هل أحاديثه كلها صحيحة ؟

السؤال

هل هناك كتاب حديث لابن خزيمة اسمه " صحيح ابن خزيمة "، وهل كل ما فيه من أحاديث صحيحة كصحيح البخاري ومسلم ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

ابن خزيمة هو : أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، النيسابوري ، الحافظ ، إمام الأئمة ، شيخ الإسلام ، صاحب المصنفات الكثيرة ، ولد سنة (223هـ)، وتوفي سنة (311هـ)

كما في " سير أعلام النبلاء " (14/365-382) .

ثانيا :

كتابه في الحديث اشتهر بين العلماء باسم : " صحيح ابن خزيمة "، وإن كان اسمه الذي وضعه مؤلفه هو :

" مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولا إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في أثناء الإسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار "

كما في " صحيح ابن خزيمة " (1/3) .

ويتضح من هذا الاسم الطويل شرط ابن خزيمة في صحيحه ، وأنه لا يُخرج فيه إلا حديثا صحيحا عنده ، رواته ثقات عدول ، وإسناده متصل غير منقطع

مع التنبيه على أنه رحمه الله لا يفرق بين الحسن والصحيح ، بل يجعلهما في دائرة واحدة هي دائرة القبول .

ومن هنا يمكن الخروج بقاعدة عامة : أن جميع الأحاديث الموجودة في كتاب " صحيح ابن خزيمة " هي صحيحة عنده رحمه الله ، إلا ما نص فيه على تضعيفه

أو نص على التوقف فيه ، أو التردد في حكمه ، وذلك أنه رحمه الله قال :

" إلا ما نذكر أن في القلب من بعض الأخبار شيء إما لشك في سماع راو مِن فوقه خبرا، أو راو لا نعرفه بعدالة ولا جرح

فنبين أن في القلب مِن ذلك الخبر، فإنا لا نستحل التمويه على طلبة العلم بذكر خبر غير صحيح لا نبين علته فيغتر به بعض من يسمعه ، فالله الموفق للصواب " انتهى

" صحيح ابن خزيمة " (3/186)

ولحرص ابن خزيمة رحمه الله على إخراج الحديث الصحيح في نقده ونظره : اهتم العلماء بكتابه ، وعدوه من مظان الحديث الصحيح :

قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله :

" ثم إن الزيادة في الصحيح على ما في الصحيحين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة ... ويكفي كونه موجودا في كتب من اشترط منهم الصحيح فيما جمعه ، ككتاب ابن خزيمة " .

" مقدمة ابن الصلاح " (ص/17)

وقال الحافظ السيوطي رحمه الله :

" صحيح ابن خزيمة أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه ، حيث إنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد ، فيقول مثلا : باب كراهة كذا إن صح الخبر ، أو إن ثبت كذا ..." انتهى.

" تدريب الراوي (1/109) .

ثالثا :

تصحيح ابن خزيمة للحديث لا يعني أن الحديث صحيح عند جميع العلماء ، لأن مثل هذه المسائل مبناها على النظر والاجتهاد ؛ فما يراه ابن خزيمة صحيحا

قد يخالفه فيه غيره من أهل العلم ويرى تضعيفه ، وعدم صلاحيته للاحتجاج ، لقيام العلة القادحة في نظره .

ولذلك علق الحافظ ابن حجر رحمه الله على كلام ابن الصلاح السابق :

" حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها ، لكونها دائرة بين الصحيح والحسن ، ما لم يظهر في بعضها علة قادحة " انتهى.

" النكت على ابن الصلاح " (1/291)

ويقول الدكتور محمد مصطفى الأعظمي حفظه الله :

" صحيح ابن خزيمة ليس كالصحيحين بحيث يمكن القول إن كل ما فيه هو صحيح ، بل فيه ما هو دون درجة الصحيح ، وليس مشتملا على الأحاديث الصحيحة والحسنة فحسب

بل يشتمل على أحاديث ضعيفة أيضا ، إلا أن نسبتها ضئيلة جدا إذا قورنت بالأحاديث الصحيحة والحسنة ، وتكاد لا توجد الأحاديث الواهية أو التي فيها ضعف شديد إلا نادرا " انتهى.

" صحيح ابن خزيمة " تحقيق الأعظمي (1/22) .

وينظر : مناهج المحدثين ، لفضيلة الشيخ الدكتور سعد الحميد ، حفظه الله ، (ص/46) .

والحاصل : أن العامي أو طالب العالم أو العالم الذي لا يجد الوقت الكافي للاجتهاد ، إذا قلدوا الإمام ابن خزيمة في الأخذ بالأحاديث التي أخرجها في كتابه : جاز لهم ذلك ، ولا حرج عليهم ، فهو إمام مجتهد أهل للتقليد .

أما العالم الذي أتيح له الاجتهاد في علم الحديث

أو طالب العلم المتخصص الذي أتيحت له أدوات البحث في ذلك الباب : ففرضه البحث والتنقيب عن مدى انطباق شروط القبول على الحديث المعين الذي الإمام ابن خزيمة في صحيحه .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:10   رقم المشاركة : 273
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يقدم الجرح على التعديل دائما ؟

السؤال

هل هذه القاعدة صحيحة ، وهي : أن الجرح مُقدَّم على التعديل ، وهل هذه القاعدة في رواة الحديث فقط ؟

الجواب

الحمد لله

قليلة هي القواعد المطردة اطرادا كليا

بحيث لا ينخرم لها مثال

وفي علم الجرح والتعديل وعلم الحديث خاصة يقرر العلماء أن القواعد فيه إنما هي مبادئ مجملة تحتاج إلى كثير من القيود والضوابط ، ويفلت منها كثير من الحالات ، حتى قال بعضهم : أقيموا لكل حديث دولته ورجاله.

وللعلماء في حال تعارض الجرح والتعديل في الراوي الواحد طريقة خاصة تشتمل على كثير من القواعد والضوابط التي توصل إلى الحكم الأقرب إلى الصواب في هذا الراوي

ولهذه الضوابط أمثلة عملية كثيرة ، وكتب مختصة في شرحها وبيانها ، ولكننا ننقلها هنا مختصرة عن بعض المختصين في علوم الحديث .

يقول الدكتور الشريف حاتم العوني:

" عند تعارض الجرح والتعديل أسير على الخطوات التالية :

الخطوة الأولى : التثبت من أن التعارض حقيقي ، ليس وهمياً . ويتم ذلك من خلال النقاط التالية :

أولاً : التثبت من صحة القول المعارض ( جرحاً أو تعديلاً )

فقد لا يثبت ذلك القول ، فلا يكون هناك تعارض أصلاً . ومن أسباب عدم ثبوت القول في الجرح والتعديل

: أن يكون صادراً ممن لا يقبل قوله في الجرح والتعديل ( كالأزدي أبي الفتح )، وأن يكون إسناد ذلك القول المعارض لا يثبت إلى ذلك الإمام . وأن يكون من نقل القول المعارض قد أخطأ في نقله لتلك العبارة في حق ذلك الراوي

.وأن يكون الإمام الجارح أو المعدل نفسه قد أخطأ فجمع راويين متفرقين ، أو فرق واحداً فاختل حكمه على الراوي بسبب ذلك . وأن يكون الجرح أو التعديل مفسراً بما لا يصح معه الجرح أو التعديل .

كمن جرح بركوب البرذون ، ومن عدل بحسن الهيئة واللحية . وكمن جرح بحديث ظنه خطأ وهو صحيح ، أو بحديث في إسناده من هو سبب الخطأ أو النكارة غير الذي جرح .

ثانياً : أن يكون الجمع بين الأقوال المتعارضة ممكناً بغير تعسف : وهذا الجمع يحتاج إلى علم عميق بألفاظ الجرح والتعديل ومراتبها وطرائق استخدام الأئمة لها .

ومن الأمور التي يجب مراعاتها عند هذا الجمع ، ما يلي :

1- مراعاة سياق الكلام الذي ذكرت فيه تلك العبارة ، إذ قد يكون الجرح أو التعديل نسبياً :

كمن ضُعف في بلد دون بلد : كمعمر بن راشد .

ومن ضُعف إذا حدث عن إقليم دون إقليم : كإسماعيل بن عياش وفرج بن فضالة .

ومن ضُعف إذا روى عنه أهل إقليم دون إقليم : كزهير بن محمد التميمي .

ومن ضعف أو وثق في شيوخ معينين : كسفيان بن حسين وجعفر بن برقان في الزهري .

من ضُعف عقب حديث أخطأ فيه ، أو وثق عقب حديث وافق الثقات فيه .

من ضُعف لبدعته ( لا لأمر آخر ) ممن كان مذهبه التشديد في حكم رواية المبتدع .

من ضُعف في وقت دون وقت كالمختلط .

من ضعف إذا حدث من حفظه ، ووثق إذا حدث من كتابه .

من ضعف عندما قرن بمن هو أوثق منه ، أو وثق عندما قرن بمن هو أضعف منه .

2- مراعاة شمول عبارات الجرح والتعديل عند الأئمة المتقدمين لمعانٍ ومراتب متعددة ، خلافاً للمتأخرين .

3- مراعاة الاصطلاحات الخاصة لبعض الأئمة .

ثالثاً : التثبت من أن الجرح أو التعديل خرج من قائله بإنصاف ، وأنه لم يكن بسبب اعتداء في البغض أو غلو في المحبة ؛ إذ إن أئمة الجرح والتعديل وإن كانوا أئمة الورع والنزاهة وأعظم الناس إنصافاً ؛ إلا أنهم ليسوا معصومين .

الخطوة الثانية : الترجيح :

1- يقدم الجرح إذا فسر بجارح ( أما إذا فسر بغير جارح فيرد كما سبق ) ؛ إلا في حالات قليلة يظهر فيها خطأ الجارح ، من خلال توارد قرائن متتابعة تدل على خطئه .

2- أما إذا كان الجرح مبهماً غير مفسر ، فإن الأصل تقديمه على التعديل ؛ لأنه إذا صدر من عارف بأسباب الجرح والعديل فالغالب والأصل أنه لم يجرح إلا بجارح

ومادام أنه كذلك لزم تقديمه على التعديل ؛ لأن مع الجارح زيادة علم .

3- لكن يمكن أن نقدم التعديل على الجرح المبهم إذا لاحت قرائن تدل على قوة التعديل على الجرح المبهم .

ومن هذه القرائن :

كثرة عدد المعدلين .

جلالة المعدل وزيادة علمه على علم الجارح .

إنصاف المعدل في مقابل تشديد الجارح .

أن يكون المعدل معاصراً للمتكلم فيه ، خلافاً للجارح .

أن يكون المعدل بلدياً للمتكلم فيه ، وليس كذلك الجارح .

قوة عبارة التعديل ووضوحها .

الخطوة الثالثة : التوقف : عند عدم وجود مرجح ، وعند تكافؤ الأقوال ، بعد العجز عن جميع المراحل السابقة " انتهى باختصار.

" التأصيل لعلم الجرح والتعديل " (24-33) دار عالم الفوائد.

وانظر " ضوابط الجرح والتعديل عند الإمام الذهبي "

محمد الثاني، (ص/587-783)

تحرير علوم الحديث، عبد الله الجديع، (الفصل الخامس).

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:15   رقم المشاركة : 274
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قول ابن مسعود رضي الله عنه يضحك الله إلى رجلين

السؤال

ما صحة هذا الحديث : ( يضحك الله عز وجل إلى رجلين : رجل لقي العدو وهو على فرس من أمثل خيل أصحابه فانهزموا وثبت ، فإن قتل استشهد

وإن بقي فذلك الذي يضحك الله إليه . ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد ، فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم حمد الله ومجَّدَه وصلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم واستفتح القرآن

فذلك الذي يضحك الله إليه يقول : انظروا إلى عبدي قائماً لا يراه أحد غيري )


الجواب

الحمد لله

أولا :

روي هذا الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وموقوفا من كلام الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : ( يضحك الله إلى رجلين : رجل لقي العدو وهو على فرس من أمثل

– يعني أحسن - خيل أصحابه ، فانهزموا وثبت ، فإن قتل استشهد ، وإن بقي فذلك الذي يضحك الله إليه .

ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد ، فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم حمد الله ، ومجَّده ، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، واستفتح القرآن

فذلك الذي يضحك الله إليه يقول : انظروا إلى عبدي قائما لا يراه أحد غيري )

رواه عبد الرزاق في " المصنف " (11/185)

ومن طريقه كل من الطبراني في " المعجم الكبير " (9/159)

وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (4/205)

– ورواه النسائي في " السنن الكبرى " (6/217)،

وفي " عمل اليوم والليلة " (ص/496) :

جميعهم من طريق أبي إسحاق – وهو السبيعي عمرو بن عبد الله - ، عن أبي عبيدة – وهو ابن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه -، عن ابن مسعود رضي الله عنه .

قلنا : وهذا إسناد رواته ثقات ، غير أن تابعي الحديث ، أبا عبيدة ، لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، كما قرره غير واحد من أهل العلم ، فالإسناد منقطع .

ينظر : جامع التحصيل (204)

تحفة التحصيل (165)

تهذيب الكمال (14/61) .

غير أن أبا عبيدة توبع على رواية ذلك عن أبيه ، تابعه مرة الهمداني عن ابن مسعود ، مرفوعا ، بلفظ :

( عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ : رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ ، مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ وَحَيِّهِ إِلَى صَلَاتِهِ ، فَيَقُولُ رَبُّنَا : أَيَا مَلَائِكَتِي ، انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ، ثَارَ مِنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ ، وَمِنْ بَيْنِ حَيِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ

رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي .

وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَانْهَزَمُوا ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْفِرَارِ ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي

فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي ، رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي ، وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي ، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ )

رواه الإمام أحمد في " المسند " (7/62-63) وغيره .

لكن رجح الإمام الدارقطني رحمه الله أن هذا الحديث موقوف من كلام ابن مسعود ، وليس مرفوعا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

قال رحمه الله :

" يرويه عطاء بن السائب عن مرة ، واختلف عنه :

فرفعه حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، ووقفه خالد بن عبد الله، عن عطاء.... والصحيح هو الموقوف " انتهى.

" العلل " (5/267) .

وينظر : مسند الإمام أحمد (7/62) ط الرسالة ، تعليق المحققين ، جلاء الأفهام ، لابن القيم ، ط الشيخ مشهور سلمان (563) تعليق المحقق .

ولذلك قال السخاوي رحمه الله عن هذا الأثر :

" إسناده صحيح " انتهى.

" القول البديع " (ص/264)

ثالثا :

ورد أيضا حديث قريب المعنى من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ثلاثةٌ يحبُّهم اللهُ عزّ وجلّ ، ويضحكُ إليهم ، ويستبشرُ بهم : الذي إذا انكَشَفتْ فئةٌ ؛ قاتلَ وراءَها بنفسِه لله عزّ وجلّ

فإمّا أنْ يُقتلَ ، وإمّا أن يَنصُرَه اللهُ و يكفِيَه ، فيقولُ اللهُ : انظرُوا إلى عبدِي كيف صَبَرَ لي نفسَه؟! والذي له امرأة حسناء ، وفراش لين حسن ، فيقوم من الليل ، فـيذر شهوتَه

فيذكُرني ويناجيني ، ولو شاءَ رقَدَ ! والذِي يكونُ في سَفَرٍ ، وكانَ معَه ركْبٌ ؛ فسهِرُوا و نصِبُوا ثمّ هَجَعُوا ، فقامَ من السّحرِ في سرّاءَ أو ضرّاءَ )

رواه الحاكم في " المستدرك " (1/25)، والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/408) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/3478) .

ثانيا :

في مجموع الآثار السابقة فوائد عدة ، يمكن أن نجملها في الآتي :

· إثبات صفة الضحك لله عز وجل ، على الوجه اللائق به سبحانه ؛ بما لا يشبه صفات المخلوقين ، وقد وردت أدلة أخرى كثيرة من السنة المرفوعة الصحيحة تدل على ذلك ، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ ؛ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ ) رواه البخاري (2826) ومسلم (1890)

بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وكذلك أحاديث الضحك متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواها الأئمة "

انتهى. " الفتاوى الكبرى " (5/297) .

· عدم تردد السلف رحمهم الله تعالى في التحديث بهذه الصفات – كصفة الضحك - أمام الناس ، ومخاطبتهم بها على الوجه الذي لا يحدث في قلوبهم شيئا من الريبة أو الفتنة

والأصل في الناس إذا تركوا على فطرتهم فهموا هذه النصوص على الوجه اللائق بالله عز وجل

وقد بوب عبد الرزاق في " المصنف " (11/184) متابعا شيخه معمر في " الجامع " (رقم/894) على هذا الأثر بقولهما : باب من يضحك الله إليه .

· وفيه استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قيام الليل ، ولذلك بوب ابن القيم رحمه الله في كتابه " جلاء الأفهام " (ص/563) على هذا الحديث بقوله :

" الموطن السادس عشر من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم : إذا قام الرجل من نوم الليل " .

· فضيلة الجهاد في سبيل الله ، وفضيلة قيام العبد بالليل مخلصا لا يراه أحد ، يركع ويسجد لله عز وجل ، لا يبتغي إلا مرضاة الله ، فذلك من أفضل الأعمال .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:19   رقم المشاركة : 275
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث النفخة في اليوم الخامس عشر من رمضان إذا صادف يوم جمعة

السؤال

حديث قرأته وأتساءل فقط عما إذا كان صحيحا أم لا : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( في الخامس عشر من شهر رمضان ليلة الجمعة ستكون فزعة ( نفخة ) ، توقظ النائم ، وتفزع اليقظان

وتخرج النساء من مخدعهن ، وفى هذا اليوم سيكون هناك الكثير من الزلازل ) آمل أن أتلقى ردا منكم إن شاء الله .


الجواب

الحمد لله

هذا الحديث منكر لا يصح

لم يرد بسند مقبول ، ولم يثبت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن الواقع يكذبه ويرده

فقد وافق في أعوام كثيرة سابقة مجيء يوم الجمعة في الخامس عشر من رمضان ، ولذلك حكم عليه العلماء بالوضع والكذب .

قال العقيلي رحمه الله :

" ليس لهذا الحديث أصل من حديث ثقة ، ولا من وجه يثبت " انتهى .

" الضعفاء الكبير " (3/52) .

وقال ابن الجوزي رحمه الله في باب خاص عقده باسم " باب ظهور الآيات في الشهور " :

" هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .

" الموضوعات " (3/191)

وذكره العلامة ابن القيم رحمه الله في " المنار المنيف " (ص/98) في أحاديث لا تصح في التواريخ المستقبلية ، قال : " كحديث : يكون في رمضان هدة توقظ النائم

وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورها ، وفي شوال مهمهة ، وفي ذي القعدة تميز القبائل بعضها من بعض ، وفي ذي الحجة تراق الدماء

وحديث : يكون صوت في رمضان إذا كانت ليلة النصف منه ليلة جمعة ، يصعق له سبعون ألفا ، ويصم سبعون ألفا " انتهى .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" موضوع ، أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن " (ق 160/1) ، ومن طريقه أبو عبد الله الحاكم (4/517 - 518) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " (2/199) قال : حدثنا ابن وهب

عن مسلمة بن علي ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ...مرفوعاً .

وقال الحاكم : حديث غريب المتن ، ومسلمة ظن لا تقوم به الحجة .

وقال الذهبي : قلت : ذا موضوع ، ومسلمة ساقط متروك .

وقد روي هذا الحديث بأسانيد أخرى ، وقد ساقها السيوطي في "اللآلي " (2/387 - 388) ، وكلها معلولة ، بعضها مطول ، وبعضها مختصر ، وأطولها من حديث ابن مسعود .

- ثم ساق الشيخ الألباني الحديث بلفظ آخر - ( يَكُونُ فِي رَمَضَانَ صَوْتٌ , قَالُوا: فِي أَوَّلِهِ أَو فِي وَسَطِهِ أَو فِي آخِرِهِ؟ قَالَ : لا ؛ بَلْ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ ، إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ

يَكُونُ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يُصْعَقُ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفاً ، وَيُخْرَسُ سَبْعُونَ أَلْفاً ، وَيُعْمَى سَبْعُونَ أَلْفاً ، وَيُصِمُّ سَبْعُونَ أَلْفاً . قَالُوا: فَمَنِ السَّالِمُ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ : مَنْ لَزِمَ بَيْتَهُ ، وَتَعَوَّذَ بِالسُّجُودِ

وَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ لِلَّهِ . ثُمَّ يَتْبَعُهُ صَوْتٌ آخَرُ . وَالصَّوْتُ الأَوَّلُ صَوْتُ جِبْرِيلَ ، وَالثَّانِي صَوْتُ الشَّيْطَانِ. فَالصَّوْتُ فِي رَمَضَانَ ، وَالمَعْمَعَةُ فِي شَوَّالٍ ، وَتُمَيَّزُ الْقَبَائِلُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ، وَيُغَارُ عَلَى الْحُجَّاجِ فِي ذِي الْحِجَّةِ

وَفِي الْمُحْرِمِ ، وَمَا الْمُحْرَّمُ؟ أَوَّلُهُ بَلاءٌ عَلَى أُمَّتِي ، وَآخِرُهُ فَرَحٌ لأُمَّتِي

الرَّاحِلَةُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ بِقَتَبِهَا يَنْجُو عَلَيْهَا الْمُؤْمِنُ لَهُ مِنْ دَسْكَرَةٍ تَغُلُّ مِائَةَ أَلْفٍ ) - ثم قال الشيخ الألباني رحمه الله - : موضوع ، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/332/853)

ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات ، (3/ 191) من طريق عبد الوهاب بن الضحاك : ثنا إسماعيل بن عياش ، عن الأوزاعي ، عن عبدة بن أبي لبابة ، عن فيروز الديلمي ...مرفوعاً .

وقال ابن الجوزي : "هذا حديث لا يصح ، قال العقيلي : عبد الوهاب ليس بشيء . وقال ابن حبان : كان يسرق الحديث ؛ لا يحل الاحتجاج به . وقال الدارقطني

: منكر الحديث . وأما إسماعيل : فضعيف . وعبدة لم ير فيروزاً ، وفيروز لم ير رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى باختصار.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/6178، 6179) .

وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" بلغني أن بعض الجهال يوزع نشرة مشتملة على حديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن هذا الحديث المكذوب ما نصه :

عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( إذا كان صيحة في رمضان ، فإنه يكون معمعة في شوال ، وتميز القبائل في ذي القعدة ، وتسفك الدماء في ذي الحجة والمحرم ، وما المحرم ؟ يقولها ثلاث مرات ، هيهات هيهات

يقتل الناس فيه هرجا هرجا ، قلنا : وما الصيحة يا رسول الله ؟ قال : هذه في النصف من رمضان ليلة الجمعة ، فتكون هدَّة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق من خدورهن في ليلة جمعة ، في سنة كثيرة الزلازل والبرد

فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة ليلة الجمعة ، فإذا صليتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من رمضان فادخلوا بيوتكم ، وأغلقوا

أبوابكم ، سدوا كواكم ، ودثروا أنفسكم ، وسدوا آذانكم ، فإذا أحسستم بالصحيحة فخروا لله سجدا ، وقولوا : سبحان القدوس ، سبحان القدوس ، ربنا القدوس ، فإنه من فعل ذلك نجا ومن لم يفعل هلك ) .

فهذا الحديث لا أساس له من الصحة ، بل هو باطل وكذب ، وقد مر على المسلمين أعوام كثيرة صادفت فيها ليلة الجمعة ليلة النصف من رمضان فلم تقع فيها بحمد الله ما ذكره هذا الكذب من الصيحة

وغيرها مما ذكر ، وبذلك يعلم كل من يطلع على هذه الكلمة أنه لا يجوز ترويج هذا الحديث الباطل ، بل يجب تمزيق ذلك وإتلافه والتنبيه على بطلانه

ومعلوم أنه يجب على كل مسلم أن يتقي الله في جميع الأوقات ، وأن يحذر ما نهى الله عنه حتى يتم أجله، كما قال سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) والمراد باليقين : الموت

قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تحمها ، وخالق الناس بخلق حسن ) .

والآيات والأحاديث في وجوب لزوم التقوى والاستقامة على الحق والحذر من كل ما نهى الله عنه في جميع الأوقات في رمضان وفي غيره كثيرة معلومة

وفق الله المسلمين لما يرضيه ، ومنحهم الفقه في الدين ، وأعاذنا وإياهم من مضلات الفتن ، ومن شر دعاة الباطل ، إنه جواد كريم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه " انتهى.

" مجموع فتاوى ابن باز " (26/339-341)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:28   رقم المشاركة : 276
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يصح حديث في أن من لم يقض الصلاة في الدنيا قضاها على بلاط جهنم

السؤال

هل هناك حديث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بمعنى أن من فاتته صلاة في الدنيا يقضيها على بلاط جهنم في الآخرة ، وإذا وُجد فما هو نصه ؟

الجواب

الحمد لله

من ترك صلاة واحدة متعمدا حتى خرج وقتها : فقد أتى بابا من أعظم أبواب الكبائر وأشنعها ، توعد الله عز وجل عليه بالعذاب الشديد

فقال سبحانه : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم/59.

وأما الحديث المشهور على ألسنة العوام ، وهو أن من ترك صلاة واحدة متعمدا في الدنيا ولم يقضها قضاها على بلاط جهنم ، فهو مما لا أصل له في كتب السنة والأثر

ولم نقف على من ينقله من أهل العلم أصحاب المؤلفات المعتمدة ، وإنما يتناقله الناس على أنه حديث ، وهو في الحقيقة ليس بحديث ، بل ولا أثر عن صحابي ولا عن تابعي .

يقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله :

" ما يتناقله العوام والصبيان من أن من عليه فائتة يقضيها على بلاط جهنم غير صحيح ؛ لقوله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ) القلم/42

إلى قوله: ( وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) القلم/43 . انتهى من " مجلة المنار " (7/138) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي :

رجل بلغ من العمر خمسةً وخمسين عاماً ، ولم يكن يصلي ولا يصوم ، فسأل هذا شخصاً ، فأجابه قائلاً : عليك بقضاء ما فاتك من صلاة وصيام

وإن لم تقض ما فاتك سوف تصلي على بلاط جهنم ، هل ما قيل صحيح ، وبم ترشدون هذا الرجل ؟

فأجاب :

" الواجب عليه أن يتوب إلى الله ، وليس ما قيل له صحيح ، من تاب تاب الله عليه ، فليس عليه قضاء ، عليه أن يتوب إلى الله مما ترك من الصلاة والصيام ، ويكفي ذلك ، التوبة تجب ما قبلها

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )، والله يقول سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31، فالكافر إذا تاب ليس عليه قضاء

ما عليه إلا الاستقبال ، أن يستقبل أمره بالعمل الصالح بتقوى الله ، وطاعة الله ، وأداء حقه ، وترك محارمه ،أما إذا كان المسلم ترك الصيام ، أو ترك الزكاة : يقضي ، لأنه مسلم ، أما إذا ترك الصلاة فهو كافر

تركُ الصلاة كفرٌ أكبر ، والكافر عليه أن يتوب توبة جديدة ، ولا يقضي ما فاته ، ليس عليه قضاء ما مضى من زكوات في حال كفره ، أو صلوات في حال كفره ، أو صيام في حال كفره

لا يقضي لأن كفره أعظم ، فإذا تاب إلى الله فإنه يستقبل الزمن ، يستقبل بالعمل الصالح ، والتوبة تجب ما قبلها ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ، والصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا

لما ارتد جماعة من الناس في عهد الصديق ، قاتلهم الصديق وقاتلهم الصحابة ، ولم يؤمروا بالقضاء " انتهى.

" فتاوى نور على الدرب " ( شريط 843 ) ، نقلا عن موقع الشيخ رحمه الله

وقد سبق الكلام على عدم وجوب القضاء على من ترك الصلاة متعمدا ، وذلك في جواب السؤال



كيف يقضي الإنسان ما فاته من صلاة ؟


من موضوع

قضاء الفوائت

والله أعلم










رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:35   رقم المشاركة : 277
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تعريف الحديث المرسل

السؤال

ما هو الحديث المرسل ؟

الجواب


الحمد لله


يسمى الحديث بـ " الحديث المرسل " : إذا كان الذي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم تابعيا وليس صحابيا ، وتمييز الصحابي من التابعي يمكن من خلال كتب الرجال والتراجم .

قال الإمام أبو عبد الله الحاكم رحمه الله :

" مشايخ الحديث لم يختلفوا في أن الحديث المرسل هو : الذي يرويه المحدِّثُ بأسانيد متصلة إلى التابعي ، فيقول التابعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى.

"معرفة علوم الحديث" (67) .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" هذا الاسم أوقعوه بإجماع على حديث التابعي الكبير عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثل أن يقول عبيد الله بن عدي بن الخيار ، أو أبو أمامة بن سهل بن حنيف

أو عبد الله بن عامر بن ربيعة ، ومن كان مثلهم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وكذلك من دون هؤلاء ، مثل : سعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، والقاسم بن محمد ، ومن كان مثلهم .

وكذلك علقمة بن قيس ، ومسروق بن الأجدع ، والحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، ومن كان مثلهم من سائر التابعين الذين صح لهم لقاء جماعة من الصحابة ومجالستهم . فهذا هو المرسل عند أهل العلم .

ومثله أيضا مما يجرى مجراه عند بعض أهل العلم مرسل من دون هؤلاء ، مثل : حديث ابن شهاب ، وقتادة ، وأبي حازم ، ويحيى بن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يسمونه مرسلا ، كمرسل كبار التابعين " انتهى.

" التمهيد " (1/19-20) .

ومن الضروري التنبيه على أن المحدثين – وخاصة المتقدمين منهم – يطلقون على كل انقطاع في السند إرسالا :

يقول الخطيب البغدادي رحمه الله :

" المرسل : ما انقطع إسناده ، بأن يكون في رواته من لم يسمعه ممن فوقه ، إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال : ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى.

" الكفاية " (ص/21)









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:37   رقم المشاركة : 278
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تعريف الحديث الغريب

السؤال


ما هو الحديث الغريب ..أفيدونا جزاكم الله خيرا
.

الجواب

الحمد لله


الحديث الغريب هو الذي وقع فيه وجه من وجوه التفرد .

ووجوه التفرد كثيرة ، أهمها وجهان :

1- تفرد مطلق : وهو أن ينفرد راو معين – في أي طبقة من طبقات السند – برواية هذا الحديث ، ولا يشاركه فيها أحد ، فيكون الحديث الغريب حينئذ هو : الحديث الذي لا يُعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بإسناد واحد .

مثاله : حديث : ( إنما الأعمال بالنيات ) هذا الحديث ليس له إلا إسناد واحد مستقيم ، يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، عن عمر بن الخطاب .

2- تفرد نسبي : هو أن يتفرد أحد الرواة برواية حديث معين عن شيخه ، ولا يشاركه في الرواية عن شيخه أحد ، رغم أن الحديث مروي من طرق عدة

وأن هذا الشيخ قد تابعه كثيرون ، غير أن تلاميذ هذا الشيخ لم يرو أحد منهم الحديث عنه إلا راو واحد .

ومن مثاله : ما رواه عيسى بن موسى غُنْجارٌ ، عن أبي حمزة السكري ، عن الأعمش ، عن أبي أيوب السَّختياني ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسموا العنب الكرْم )

قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا أبو حمزة السكري .

فانظر كيف تفرد أبو حمزة السكري برواية هذا الحديث عن الأعمش ، فكان تفرده بالنسبة لشيخه الأعمش ، وليس تفردا مطلقا ، فقد روي الحديث من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:45   رقم المشاركة : 279
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ورد أن الله أمر بإدخال رجل النار فقال : ما كان هذا ظني بك يارب ؟

السؤال

هل ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل يأمر الملائكة بإدخال رجل النار ، فيقول هذا الرجل : ( ما كان هذا ظني بك يا رب ) فيأمر الله بأن يدخلوه الجنة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

لعل الحديث المشار إليه هو ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن عبدا في جهنم ينادي ألف سنة : يا حنان ! يا منان ! فيقول الله تبارك وتعالى : يا جبريل اذهب فأتني بعبدي هذا ، فيذهب فيجد أهل النار منكبين على وجوههم يبكون

فيرجع إلى ربه فيخبره فيقول : اذهب فأتني بعبدي . فيقول : هو في موضع كذا وكذا ، فيذهب فيجيء به ، فيوقف بين يدي الله تعالى ، فيقول : عبدي كيف وجدت مكانك

وكيف وجدت مقيلك ؟ فيقول : يا رب شر مقيل وشر مكان . فيقول : ردوا عبدي . فيقول : يا رب ! ما كنت أرجو إذ أخرجتني منها أن تعيدني إليها . فيقول : دعوا عبدي )

رواه أحمد في " المسند " (21/99) طبعة مؤسسة الرسالة ، وابن أبي حاتم في " التفسير " (9/2935) ، وابن خزيمة في " التوحيد " (2/749-750)

وابن أبي الدنيا في " حسن الظن بالله " (110)، والبيهقي في في " شعب الإيمان " (1/500) وغيرهم :

من طرق عن سلام بن مسكين ، عن أبي ظلال ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه به مرفوعا.

قلنا :

وهذا إسناد ضعيف جدا بسبب أبي ظلال ، واسمه هلال بن أبي هلال عامة المحدثين على ضعفه ونكارة حديثه .

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" هذا حديث ليس بصحيح " انتهى.

" الموضوعات " (3/267)

وقال الألباني رحمه الله :

" ضعيف جدا " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (1249)

وقد روي هذا المعنى أيضا عن بلال بن سعد ، من قوله :

( يأمر الله تعالى بإخراج رجلين من النار ، قال : فيخرجان بسلاسلهما وأغلالهما ، فيوقفان بين يديه ، فيقول : كيف وجدتما مقيلكما ومصيركما ؟ فيقولان : شر مقيل ، وأسوأ مصير

. فيقول بما قدمت أيديكما وما أنا بظلام للعبيد . فيأمر بهما إلى النار ، فأما أحدهما فيمضي بسلاسله وأغلاله حتى يقتحمها ، وأما الآخر فيمضي وهو يتلفت ، فيأمر بردهما

فيقول للذي غدا بسلاسله وأغلاله حتى اقتحمها : ما حملك على ما فعلت وقد اختبرتها ؟ فيقول : يا رب قد ذقت من وبال معصيتك ما لم أكن أتعرض لسخطك ثانيا .

ويقول : للذي مضى وهو يتلفت ما حملك على ما صنعت ؟ قال : لم يكن هذا ظني بك يا رب . قال : فما كان ظنك ؟ قال : كان ظني حيث أخرجتني منها أنك لا تعيدني إليها .

قال : إني عند ظنك بي ، وأمر بصرفهما إلى الجنة )

رواه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (5/226)

قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا الوليد بن أبان ، ثنا أبو سعيد الدشتكي ، ثنا سليمان بن منصور بن عمار – هكذا في المطبوع ولعل الصواب سليم بن منصور -

ثنا أبي ، ثنا الهقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، عن بلال بن سعد به .

وهذا إسناد ضعيف أيضا ، بسبب منصور بن عمار

جاء في ترجمته في " ميزان الاعتدال " (4/187)

" قال أبو حاتم : ليس بالقوي . وقال ابن عدي : حديثه منكر . وقال الدارقطني : يروي عن ضعفاء أحاديث لا يتابع عليها " انتهى.

إضافة إلى أن بلال بن سعد من الطبقة الوسطى من التابعين ، كان قاصا مكثرا من القصص ، وهو وإن حكم العلماء بتوثيقه ، لكنه لم يسند كلامه هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا تقبل منه حكايته هذه لعدم ثبوتها .

وقد روي نحو ذلك المعنى ، مختصرا عن الحسن البصري ، رحمه الله .

ينظر : "القول المسدد" ، للحافظ ابن حجر (35) .

والخلاصة : أنه لا يثبت شيء في هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وينظر ، في حسن الظن بالله عز وجل ، جواب السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:49   رقم المشاركة : 280
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الخوف من التقصير يجعله يتردد من محبة لقاء الله

السؤال

أعرف أن الناس الحكماء هم الذين يذكرون أنفسهم دائما بالموت ، وأحب لقاء ربي ، ولكن خوفي من تقصيري في ترك الواجبات يجعلني في تردد من حب هذا اللقاء ، فأرجو منكم نصيحتي في هذا الشأن .

لجواب


الحمد لله

نصيحتنا لك في هذا الشأن أن تفرق بين خوفين :

1- الخوف من الله الذي يؤدي إلى تقوى الله في جميع الأعمال ، بالحرص على الطاعات ، واجتناب المحرمات ، والإكثار من نوافل العبادات ، والإحسان إلى الخلق : فهذا خوف محمود مأجور عليه بإذن الله .

2- الخوف من لقاء الله يأساً من رحمته ، وفرقا من عذابه ، من غير أن يكون لذلك أثر ظاهر في أخلاقك وأعمالك : فهذا خوف مذموم ، لا تنتفع به ، بل هو من وسواس الشيطان الذي يقنط عباد الله من رحمته .

فتأمل أخي الكريم في أي الخوفين من الله أنت ؟

ورغم أن المسلم مأمور بدوام خشية الله والخوف من عذابه ، إلا أنه مأمور أيضا أن يبقي في قلبه فسحة كبيرة من الأمل بالله ، ورجاء عفوه وإحسانه

رجاء يدفع إلى الطمع برحمة الله ولا يدفع إلى الكسل عن العمل الصالح أو الوقوع في المحرمات ، وهذه أحوال دقيقة يجب على كل مسلم أن يتعلمها ويعامل الله بها .

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ : ( لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه مسلم (2877) .

والله تعالى وسعت رحمته كل شيء وهو أرحم بنا من أمهاتنا وأبائنا ، ولهذا قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله :

" ما أحب أن حسابي جعل إلى والدي ؛ فربي خير لي من والدي " انتهى .

وقال النووي رحمه الله :

" قال العلماء : معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه ، قالوا : وفى حالة الصحة يكون خائفاً راجياً ويكونان سواء ، وقيل : يكون الخوف أرجح

فإذا دنت أمارات الموت غلَّب الرجاء أو محَّضه ؛ لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال ، وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذا الحال

فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى والإذعان له ، ويؤيده الحديث المذكور بعده : ( يبعث كل عبد على ما مات عليه )

ولهذا عقبه مسلم للحديث الأول ، قال العلماء معناه : يبعث على الحالة التي مات عليها ، ومثله الحديث الآخر بعده : ( ثم بعثوا على نياتهم ) " انتهى .

"شرح مسلم" (17/210) .

وقد عقد الإمام البخاري في صحيحه بابا بعنوان " باب الرجاء مع الخوف " ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه :

" قوله : " باب الرجاء مع الخوف " أي : استحباب ذلك ، فلا يقطع النظر في الرجاء عن الخوف ، ولا في الخوف عن الرجاء ، لئلا يفضي في الأول إلى المكر ، وفي الثاني إلى القنوط ، وكل منهما مذموم .

والمقصود من الرجاء أنَّ مَن وقع منه تقصير فليحسن ظنه بالله ، ويرجو أن يمحو عنه ذنبه ، وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها ، وأما من انهمك على المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا غرور

وما أحسن قول أبي عثمان الجيزي : من علامة السعادة أن تطيع وتخاف أن لا تقبل . ومن علامة الشقاء : أن تعصي وترجو أن تنجو .

وقد أخرج ابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن أبيه عن عائشة قلت :

( يا رسول الله ! ( الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) أهو الذي يسرق ويزني ؟ قال : لا ، ولكنه الذي يصوم ويتصدق ويصلي ويخاف أن لا يقبله منه ) .

وهذا كله متفق على استحبابه في حالة الصحة ، وقيل : الأولى أن يكون الخوف في الصحة أكثر وفي المرض عكسه ، وأما عند الإشراف على الموت فاستحب قوم الاقتصار

على الرجاء لما يتضمن من الافتقار إلى الله تعالى ، ولأن المحذور من ترك الخوف قد تعذر ، فيتعين حسن الظن بالله برجاء عفوه ومغفرته ، ويؤيده حديث : ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ) .

وقال آخرون : لا يهمل جانب الخوف أصلا بحيث يجزم بأنه آمن .

ويؤيده ما أخرج الترمذي عن أنس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت ، فقال له : كيف تجدك ؟ فقال : أرجو الله وأخاف ذنوبي

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف ) .

ولعل البخاري أشار إليه في الترجمة ، ولما لم يوافق شرطه أورد ما يؤخذ منه ، وإن لم يكن مساويا له في التصريح بالمقصود " انتهى .

"فتح الباري" (11/301) .

ويقول ابن القيم رحمه الله :

" وقد تبين الفرق بين حسن الظن والغرور ، وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده وساق إليه فهو صحيح ، وإن دعا إلى البطالة والانهماك في المعاصي فهو غرور

وحسن الظن هو الرجاء ، فمن كان رجاؤه جاذبا له على الطاعة زاجرا له عن المعصية فهو رجاء صحيح ، ومن كانت بطالته رجاء ، ورجاؤه بطالة وتفريطا فهو المغرور " انتهى .

"الجواب الكافي" (ص/24) .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

هل يجب على المؤمن عدم الخوف من الموت ؟ وإذا حدث هذا فهل معناه عدم الرغبة في لقاء الله ؟ .

فأجاب :

" يجب على المؤمن والمؤمنة أن يخافا الله سبحانه ويرجواه ؛ لأن الله سبحانه قال في كتابه العظيم : ( فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/175

وقال عز وجل : ( فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ) المائدة/44 ، وقال سبحانه : ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) البقرة/40 ،

وقال عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ) البقرة/218 ،

وقال عز وجل : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) الكهف/110 ، في آيات كثيرة .

ولا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة اليأس من رحمة الله ، ولا الأمن من مكره ، قال الله سبحانه : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53

وقال تعالى : ( وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) يوسف/87 ، وقال عز وجل : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) الأعراف/99 .

ويجب على جميع المسلمين من الذكور والإناث الإعداد للموت ، والحذر من الغفلة عنه ؛ للآيات السابقات ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أكثروا من ذكر هادم اللذات ) - الموت - ؛

ولأن الغفلة عنه وعدم الإعداد له من أسباب سوء الخاتمة ، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه

فقلت : يا نبي الله : أكراهية الموت ؟ فكلنا نكره الموت ، قال : ليس كذلك ، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه

وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله فكره الله لقاءه ) متفق عليه .

وهذا الحديث يدل على أن كراهة الموت والخوف منه لا حرج فيه ، ولا يدل ذلك على عدم الرغبة في لقاء الله ؛ لأن المؤمن حين يكره الموت أو يخاف قدومه يرغب في المزيد من طاعة الله والإعداد للقائه ،

وهكذا المؤمنة حين تخاف من الموت وتكره قدومه إليها إنما تفعل ذلك رجاء المزيد من الطاعات والاستعداد للقاء ربها " انتهى .

" فتاوى الشيخ ابن باز " (6/313) .

وحاصل الجواب : أن الخوف من الله والخوف من لقائه إذا كان الباعث عليه الخوف من التقصير في حقوق الله ، لا حرج فيه ، بل هو أمر ممدوح ،

وينبغي أن يكون دافعاً إلى الاستعداد لذلك اليوم بالعمل الصالح والتوبة النصوح واجتناب المعاصي .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 12:55   رقم المشاركة : 281
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هو الحديث القدسي ، وكيف كان يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ؟

السؤال

كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلقي الحديث القدسي ؛ عن طريق جبريل أو عن أي طريق ؟

الجواب

الحمد لله

الحديث القدسي وحي من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .

وقد اختلف الناس في الحديث القدسي : هل لفظه ومعناه من الله تعالى ، أم إن معناه من الله ولفظه من رسوله صلى الله عليه وسلم :

فاختار بعضهم أن الحديث القدسي ، لفظه ومعناه ، موحى من الله تعالى .

قال الزرقاني رحمه الله :

" الحديث القدسي الذي قاله الرسول حاكيا عن الله تعالى : فهو كلام الله تعالى أيضا ، غير أنه ليست فيه خصائص القرآن التي امتاز بها عن كل ما سواه .

ولله تعالى حكمة في أن يجعل من كلامه المنزل معجزا وغير معجز ، لمثل ما سبق في حكمة التقسيم الآنف من إقامة حجة للرسول ولدين الحق بكلام الله المعجز

ومن التخفيف على الأمة بغير المعجز ؛ لأنه تصح روايته بالمعنى وقراءة الجنب وحمله له ومسه إياه إلى غير ذلك .

وصفوة القول في هذا المقام : أن القرآن أوحيت ألفاظه من الله اتفاقا ، وأن الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور ، والحديث النبوي أوحيت معانيه ـ في غير ما اجتهد فيه الرسول ـ والألفاظ من الرسول .

بيد أن القرآن له خصائصه : من الإعجاز ، والتعبد به ، ووجوب المحافظة على أدائه ، بلفظه ونحو ذلك ، وليس للحديث القدسي والنبوي شيء من هذه الخصائص .

والحكمة في هذا التفريق أن الإعجاز منوط بألفاظ القرآن ، فلو أبيح أداؤه بالمعنى لذهب إعجازه وكان مظنة للتغيير والتبديل واختلاف الناس في أصل التشريع والتنزيل .

أما الحديث القدسي والحديث النبوي فليست ألفاظهما مناط إعجاز , ولهذا أباح الله روايتهما بالمعنى ، ولم يمنحهما تلك الخصائص والقداسة الممتازة التي منحها القرآن الكريم ,

تخفيفا على الأمة , ورعاية لمصالح الخلق في الحالين من منح ومنع , إن الله بالناس لرءوف رحيم "انتهى .

"مناهل العرفان" (1/37-38) .

واختار بعض أهل العلم القول الثاني ، وذهب إلى أن الحديث القدسي موحى من الله تعالى بمعناه ، دون لفظه :

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

وقد اختلفَ العلماءُ رحمهم الله في لَفْظِ الحديثِ القُدْسيِّ : هل هو مِن كلامِ الله تعالى أو أنّ الله تعالى أَوْحَى إلى رسولِه صلى الله عليه وسلم مَعْنَاه ؛ واللفظُ لَفْظُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ على قولينِ :

القول الأول : إنّ الحديثَ القُدْسيَّ مِن عند الله لَفْظُهُ ومعناهُ ، لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أضافهُ إلى الله تعالى ، ومِن المعلومِ أنّ الأصلَ في القولِ المضافِ أنْ يكونَ بِلَفْظِ قائِله لا ناقلِه

لا سيَّمَا أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقوى الناسِ أمانةً وأوثقهم روايةً .

القول الثاني: إنّ الحديث َ القُدْسِيَّ معناه مِن عند الله ، ولفظهُ لفْظُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الراجح .

ثم لو قيلَ : إنّ الأَوْلَى تركُ الخوضِ في هذا ، خوفًا مِن أنْ يكونَ مِن التنَطُّعِ الهالكِ فاعلُهُ ، والاقتصارُ على القول : بأنّ الحديثَ القُدْسِيَّ ما رواه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن رَبِّهِ وكفى ، لكانَ كافيًا ، ولعلّه أَسْلَمُ والله أعلمُ " انتهى مختصرا .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (9/59-62) .

ومع أن الخلاف في المسألة سائغ ومشهور بين أهل العلم ، فالقول الأول ، وهو أن الحديث القدسي موحى بلفظه ومعناه ، أظهر وأولى .

قال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله

" الحديث القدسي كلام الله لفظاً ومعنًى ، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه، أنه قال : قال الله تعالى قال في حديث أبي ذر

: " قال الله تعالى: إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرماً ، فلا تظَّالموا " رواه مسلم .

وهو كلام الله لفظاً ومعنًى ، لكن يختلف عن القرآن : القرآن كلام الله لفظاً ومعنًى ، والأحاديث القدسية كلام الله لفظه ومعناه . لكن له أحكام خاصة تختلف

عن أحكام القرآن : القرآن لا يمسه إلا متوضئ والأحاديث القدسية يمسها غير المتوضئ ، القرآن يُتَعَبَّدُ بتلاوته والحديث القدسي لا يُتَعَبَد بتلاوته ، فله أحكام تختلف ...

ولو كانت الأحاديث القدسية معناها من الله ولفظها من الرسول لما صار هناك فرق بين الأحاديث القدسية وغيرها ، ولما أضاف النبي صلى الله عليه وسلم هذا إلى ربه

قال : قال الله ، عن ربه أنه قال ، فنسبه إلى الله ، أضافه إلى الله ، قال : " قال الله: إني حرمت الظلم على نفسي " انتهى .

وأيا ما كان الراجح من القولين ، فالقولين يتفقان على أن الحديث القدسي وحي من الله تعالى ، ولذلك ينسب إليه ، فيقال : قال الله تعالى ، أو قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن رب العزة ...

وإذا كان وحيا من الله تعالى ، فإن الوحي به يكون بنفس طرق الوحي الذي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم .

قال الله تعالى :

( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ) الشورى/51 .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" هذه مقامات الوحي بالنسبة إلى جناب الله عز وجل ، وهو أنه تعالى تارة يقذف في روع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا لا يتمارى فيه أنه من الله عز وجل

كما جاء في صحيح ابن حبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن رُوح القُدُس نفث في رُوعي: أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" .

وقوله: أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ : كما كلم موسى عليه السلام ، فإنه سأل الرؤية بعد التكليم ، فحجب عنها .

وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجابر بن عبد الله: "ما كلم الله أحدا إلا من وراء حجاب ، وإنه كلم أباك كفاحا " الحديث

وكان أبوه قد قتل يوم أحد ، ولكن هذا في عالم البرزخ ، والآية إنما هي في الدار الدنيا.

وقوله : أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ كما ينزل جبريل عليه السلام ، وغيره من الملائكة ، على الأنبياء عليهم السلام " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (7/217) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله عند شرحه لحديث : (إن الله قد كتب الحسنات والسيئات) :

" قَوْله : ( فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ ) : هَذَا مِنْ الْأَحَادِيث الْإِلَهِيَّةِ , ثُمَّ هُوَ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَلَقَّاهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَبِّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِمَّا تَلَقَّاهُ بِوَاسِطَةِ الْمَلَك وَهُوَ الرَّاجِحُ " انتهى .

"فتح الباري" (11/323) .

ومن طرق تبليغ الرسالة إلى الرسل الكرام ، وإنزال الوحي عليهم : الرؤيا المنامية ، وهي داخلة في الوحي المذكور في قوله تعالى : ( إلا وحيا ) .

قالت أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ( كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ) .

رواه البخاري (4954) ومسلم (160) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-31, 13:00   رقم المشاركة : 282
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

أقسام الحديث من حيث قائله

السؤال


السلام عليكم عندي استفسار عن بعض المصطلحات أتمنى أن توضحوها لي : في بعض المحاضرات الصوتية أسمع مثلاً : حديث مرفوع - مقطوع ؟

الجواب

الحمد لله


لعلماء الحديث تقسيمات عدة للأحاديث ، متنوعة بتنوع اعتبارات التقسيم ، وإحدى تلك الاعتبارات تقسيم الحديث من حيث قائله ، فيقولون :

يقسم الحديث من حيث قائلُه أو مَن أُسنِدَ إليه إلى أربعة أقسام :

الأول : الحديث القدسي :

هو ما نُقِلَ إلينا عن النبي صلي الله عليه وسلم مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل ، يقول فيه الراوي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل ، ونحو ذلك .

الثاني : الحديث المرفوع :

هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة .

الثالث : الحديث الموقوف :

هو ما أضيف إلى الصحابي من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة : يعني هو القول أو الفعل الذي يصدر عن الصحابي وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم .

مثاله قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما ، عسى أن يكون حبيبك يوما ما ) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (447) .

قال الخطيب البغدادي :

" الموقوف : ما أسنده الراوي إلى الصحابي ولم يتجاوزه " انتهى .

وزاد الحاكم شرط الاتصال وعدم الانقطاع

فقال رحمه الله : " أن يروى الحديث إلى الصحابي ، من غير إرسال ولا إعضال ، فإذا بلغ الصحابي قال : إنه كان يقول كذا وكذا ، وكان يفعل كذا وكذا ، وكان يأمر كذا وكذا " انتهى .

قد يستعمل مصطلح " الوقف " فيما جاء عن غير الصحابة ، لكن مقيداً ، فيقال مثلا : " هذا حديث وقفه فلان على الزهري ، أو على عطاء ، ونحو ذلك ، وكل منهما من التابعين أو أتباعهم .

الرابع : الحديث المقطوع :

وهو ما أضيف إلى التابعي من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة . ويسمى : ( الأثر ) كذلك .

مثاله : قول مسروق بن الأجدع : ( كفى بالمرء علماً أن يخشى الله ، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه ) .

قال ابن الصلاح رحمه الله
:
" وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام ( الإمام الشافعي ) و ( أبي القاسم الطبراني ) وغيرهما " انتهى .

"مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث" (ص/28) .

ومن الكتب التي تكثر فيها الآثار الموقوفة والمقطوعة : كتاب " المصنف " لابن أبي شيبة ، وكتاب " المصنف " لعبد الرزاق الصنعاني ، وكتاب " جامع البيان في تأويل آي القرآن " للإمام الطبري

وكتب ابن المنذر ، وغيرها كثير .

وللتوسع في تقسيم الأحاديث على اختلاف الاعتبارات يمكن مراجعة

: "نخبة الفكر" للحافظ ابن حجر (ص/21)

وانظر فوائد أخرى في : "فتح المغيث" للسخاوي (1/108-112)

" تحرير علوم الحديث " للدكتور عبد الله الجديع (1/25 فما بعدها)

" تيسير مصطلح الحديث " للدكتور محمود الطحان (ص/67) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-03, 15:42   رقم المشاركة : 283
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل في البخاري ومسلم أحاديث من رواية الرافضة ؟

السؤال

هل هناك حديث في البخاري أو مسلم رواه شخص رافضي ؟


الجواب

الحمد لله

إن كان المقصود بالرافضي من يكفر الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويتبرأ منهما ، ويعتقد عقائد الكفر الموجودة في كثير من كتب الرافضة الاثني عشرية

فمثل هذا لا تقبل روايته ولا يعتد بها وليس له في الصحيحين رواية قطعاً .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" التشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان ، وأن عليا كان مصيبا في حروبه ، وأن مخالفه مخطئ ، مع تقديم الشيخين وتفضيلهما

وربما اعتقد بعضهم أن عليا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا كان معتقد ذلك ورعا دينا صادقا مجتهدا فلا ترد روايته بهذا ، لا سيما إن كان غير داعية .

وأما التشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض ، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة " انتهى .

"تهذيب التهذيب" (1/81) .

وقال الإمام الذهبي رحمه الله :

" البدعة على ضربين : فبدعة صغرى : كغلو التشيع ، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية ، وهذه مفسدة بينة .

ثم بدعة كبرى ، كالرفض الكامل والغلو فيه ، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة .

وأيضا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا ، بل الكذب شعارهم ، والتقية والنفاق دثارهم ، فكيف يقبل نقل من هذا حاله ! حاشا وكلا .

فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو مَن تَكَلَّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا رضى الله عنه ، وتعرض لسبهم .

والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضا ، فهذا ضال معثَّر " انتهى .

"ميزان الاعتدال" (1/5-6) .

أما إذا كان المقصود الرواة الشيعة الذين قدموا علي بن أبي طالب على عثمان ، أو على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين

من غير سب لهما ، ولا تبرؤ منهما ، ومن غير اعتقاد عقائد الكفر التي تنص عليها كثير من كتب الشيعة الاثني عشرية ، فمثل هؤلاء لهم أحاديث في الصحيحين وفي غيرهما

يقَبلُ المحدِّثُون حديثَهم إذا عُرفوا بالصدق والحفظ والأمانة

وقد جمع الحافظ ابن حجر في " هدي الساري " أسماء جميع من وُسِموا بالتشيع من رواة البخاري ، كما كتب جماعة من المعاصرين عن منهج صاحبي الصحيحين في التعامل مع الرواة الشيعة ، ومن تلك المراجع :

1- " منهج الإمام البخاري في الرواية عن المبتدعة من خلال الجامع الصحيح : الشيعة أنموذجا " كريمة سوداني ، مكتبة الرشد ، الرياض .

2- " منهج الإمامين البخاري ومسلم في الرواية عن رجال الشيعة في صحيحيهما " محمد خليفة الشرع ، جامعة آل البيت ، 2000م .

3- " دراسات في منهج النقد عن المحدثين " محمد العمري ، دار النفائس ، عمان ، 2000م ، فيه مبحث عن: البخاري والرواية عن أهل الابتداع ، ص105 – 109 .

4- " منهج النقد عند المحدثين " أكرم العمري ، ص39 .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-03, 15:51   رقم المشاركة : 284
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يبحث في عدالة الصحابة عند دراسة الأسانيد ؟

السؤال

سؤال: في علم الحديث النبوي الشريف ، هل ينظر إلى عدالة الرواة دون الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أم يبحث أيضا في عدالة الصحابي

وتطبق عليه الشروط التي وضعها علماء الحديث للتأكد من الحديث النبوي الشريف .


الجواب

الحمد لله

أولا:

إذا أردت البحث في عدالة الصحابة رضوان الله عليهم – بمعنى توفر الدين والتقوى المانع من الكذب في الحديث - فما عليك إلا أن تفتح كتاب الله تعالى ، وتقرأ فيه العشرات من الآيات التي جاءت في تزكيتهم والثناء عليهم .

يقول سبحانه وتعالى:

( فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف/157

( لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/88-89

( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/100

( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ

أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الفتح/29

( لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ .

وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الحشر/8-9

( لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ

وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) النساء/95

( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) الفتح/18

وكذلك فإن كتب السنة مليئة بالأحاديث التي جاءت في فضائل أعيانهم تارة ، وفضائل مجموعهم تارة أخرى ، وأسانيدها من أصح الأسانيد على وجه الأرض

ولا يخلو كتاب من كتب الجوامع والسنن والمسانيد والمعاجم منها ، وقد جمع بعض أهل العلم ما روي في فضائلهم مجلدات كثيرة ، يمكن الرجوع إليها ، فإن المقام لا يتسع هنا لذكرها .

إذن فعدالة الصحابة الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم مسجلة من السماء ، في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

وإذا كانت عدالة الراوي تقبل بتزكية واحد من أهل الجرح والتعديل المعتدلين ، فمن باب أولى أن تقبل تزكية القرآن والسنة القطعية .

على أنا لو سلكنا في تقرير عدالة عامة الصحابة الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم مسلك النظر في صفاتهم وأحوالهم ، لوجدنا فيهم ما يستوجب الحكم بالعدالة والديانة

بغض النظر عن الآيات التي جاءت في تزكيتهم ، فالقرآن الكريم إنما هو كاشف عن عدالتهم وثقتهم ، وليس منشئا لها ، والعدالة تقوم في النفس أولا ، ثم تظهر في شهادة المزكين .

يقول الخطيب البغدادي:

" على أنّه لو لم يَرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان

واليقين القطع على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدَّلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى.

"الكفاية" (ص/49)

ثانيا :

إذا ثبت ما سبق تبين أن البحث في عدالة كل صحابي عند دراسة إسناد أي رواية إنما هو ضرب من العبث الذي لا طائل تحته ، فقد كفانا القرآن الكريم هذه المؤونة

كما كفانا العلماء هذا العمل ، وأثبتوا بالدراسات الاستقرائية التامة عدالة جميع من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه ، وخاصة المكثرين منهم .

ونحن ننقل هنا مجموعة من نصوص أهل العلم ، من المحدثين والحفاظ والفقهاء في هذا الشأن :

يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :

" لا فرق بين أن يسمي التابعُ الصاحبَ الذي حدثه أو لا يسميه في وجوب العمل بحديثه ؛ لأن الصحابة كلهم عدول مرضيون ثقات أثبات ، وهذا أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث " انتهى.

"التمهيد" (22/47)

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله :

" ( باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة ، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم ، وإنما يجب فيمن دونهم )

كل حديث اتصل إسناده بين مَن رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم : لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ، ويجب النظر في أحوالهم

سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن " انتهى.

"الكفاية" (ص/46)

ويقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" الصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله .

هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة .

وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم.

ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث. وهذا مردود " انتهى.

"الجامع لأحكام القرآن" (16/299)

ويقول الحافظ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله :

" للصحابة بأسرهم خصيصة ، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم ، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق مُعَدَّلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة

قال الله تبارك وتعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) الآية . قيل : اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) .

وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ .

وقال سبحانه وتعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار ) الآية ، وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة منها : حديث أبي سعيد المتفق على صحته

: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تسبوا أصحابي ، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )

ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة .

ومن لابس الفتن منهم : فكذلك ، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع ، إحسانا للظن بهم ، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر ، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة . والله أعلم " انتهى.

"مقدمة ابن الصلاح" (ص/171)

ويقول الإمام النووي رحمه الله :

" اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ، ورواياتهم ، وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين " انتهى.

"شرح مسلم" (15/149)

وروى الخطيب البغدادي بسنده إلى أبي بكر الأثرم قال : قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل : إذا قال رجل من التابعين : حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فالحديث صحيح ؟ قال : نعم .

وروى أيضا رحمه الله بسنده إلى الحسين بن إدريس قال : وسألته ـ يعني محمد بن عبد الله بن عمار ـ : إذا كان الحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أيكون ذلك حجة ؟

قال : نعم ، وإن لم يسمه ؛ فإن جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم حجة " انتهى.

"الكفاية" (ص/415)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-03, 15:54   رقم المشاركة : 285
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبب وجود الأحاديث الضعيفة في كتب بعض العلماء

السؤال

ما أسباب وجود أحاديث ضعيفة في كتب المتقدمين كابن تيمية وابن القيم وابن رجب رحمهم الله ؟

وكيف نتعامل معها ؟


الجواب

الحمد لله

تنقسم الأحاديث الضعيفة – من حيث جزمنا بردها وضعفها -

إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول :

أحاديث يجزم بردها وكذب نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم : وهي نوعان
:
1- أحاديث جاءت من طريق الرواة الكذابين والمتهمين ، أو شديدي الضعيف سيِّئِي الحفظ ، ويظهر في متنها نكارة لا يصدر مثلها عن النبي صلى الله عليه وسلم .

2- أو التي يُجزَم بخطئ راويها حين يخالف من هو أوثق منه أو أكثر عددا ، فيرفع الموقوف ، أو يسند المرسل ، أو يزيد وينقص في المتن أو الإسناد .

فهذه الأحاديث لا تكاد تجد منها شيئا في كتب أهل العلم المحققين إلا ما يذكرونه للتنبيه على وهنه ونكارته ، أما أن يكون في معرض الاستدلال والاستشهاد : فهذا لا يقع إلا نادرا على سبيل الوهم والخطأ .

القسم الثاني :

أحاديث ضعيفة بسبب وجود راو ضعيف أو مجهول محتمل الضعف ، أو بسبب انقطاع يسير ، مع عدم وجود نكارة في المتن مناقضة للثابت من الشريعة .

وهذا القسم لا يجزم العلماء برده وتكذيب نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل يعتبرون احتمال صدوره عنه صلى الله عليه وسلم قائما ، إذ قد يحفظ الراوي الضعيف ويصيب

كما قد يكون الراوي الساقط من الإسناد أو الراوي المجهول ثقة ، فتجدهم يحكمون بقبول الحديث إذا اجتمعت بعض القرائن التي تقوي هذين الاحتمالين كتعدد الطرق ومجيئه من غير وجه .

يقول ابن الصلاح في "المقدمة" (ص/9) :

" إذا قالوا في حديث : إنه غير صحيح ، فليس ذلك قطعا بأنه كذب في نفس الأمر ، إذ قد يكون صدقا في نفس الأمر ، وإنما المراد به : أنه لم يصح إسناده على الشرط المذكور " انتهى .

ويقول السيوطي في "تدريب الراوي" (1/75-76) :

" ( وإذا قيل ) هذا حديث ( غير صحيح ) : فمعناه لم يصح إسناده على الشرط المذكور ، لا أنه كذب في نفس الأمر ، لجواز صدق الكاذب ، وإصابة مَن هو كثير الخطأ " انتهى .

فإذا وجد أهل العلم أنَّ ضعفَ الحديث المعيَّن ضعفٌ محتملٌ ، ورأوا في متنه معنًى مقبولا في جملة الشريعة ، لم يتورعوا – في الغالب – عن ذكره وتدوينه استئناسا وليس استدلالا

فهم متفقون على أن الاستدلال على الأحكام الشرعية يجب أن يكون بالحديث الصحيح ، ولكنهم يستأنسون بهذا القسم من الضعيف في أبواب القصص والرقائق والسير والآداب والأخلاق وفضائل الأعمال ونحوها .

فيمكن تلخيص أسباب ذكر العلماء هذه الأحاديث الضعيفة في كتبهم بما يلي :

1- اعتبار احتمال ظهور صدقها وصحتها ببعض الشواهد والطرق والمتابعات ، فيستأنسون بمعانيها في تلك الأبواب إذا كانت مقبولة في الجملة .

2- تقليد من سبقهم من أهل العلم ، ممن أخرج الحديث وبوب عليه في مصنفات السنة ولم يحكم برده وتكذيبه ، فيوكلون العهدة عليه .

3- وفي كثير من الأحيان يصحبون ذكر هذه الأحاديث ببعض ما يدل على ضعفها ، كالتصريح بالضعف ، أو ذكرها بصيغة التمريض : رُوي ، حُكي ، وجاء في الحديث...ونحوها .

القسم الثالث :

أحاديث مختلف فيها ، مترددة بين القسمين السابقين ، وبين قسم الحديث الحسن والمقبول ، فيكون ذكر أهل العلم لها في كتبهم من باب اعتبار هذا الخلاف ، أو ترجيح قبول الحديث أو على الأقل عدم الجزم برده .

هذا واحتمال الخطأ وارد في كل ذلك ، فالعلماء وإن اتسعت معارفهم فذلك لا يثبت العصمة لهم ، فقد يذكر الحديث الضعيف ظنا منه أنه صحيح

وإذا كان الخطأ قد وقع لأئمة السنة أصحاب المصنفات والسنن والجوامع ، فوقوعه فيمن بعدهم من العلماء أولى وأقرب .

يقول الحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (1/447) :

" فإن بعض من صنف الأبواب قد أخرج فيها الأحاديث الضعيفة بل والباطلة ، إما لذهول عن ضعفها ، وإما لقلة معرفة بالنقد " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc