أدلة الإثبات - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أدلة الإثبات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-01-28, 15:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 أدلة الإثبات

عنوان هذه المذكرة سلطة القاضي في تقدير أدلة الإثبات في المواد المدنية

المقـــدمــــة
يعتبر الإثبات وسيلة من وسائل الإقناع التي يقدمها الأشخاص للدفاع عن واقعة معينة تستلزم ذلك فهو إقامة الدليل على وجود واقعة ما أو حقيقة قيام الحق وكذا هو كل الطرق التي يستعملها الخصم لإقناع القاضي بصحة ما يدعيه و صحة أقواله وإدعاءاته .
و بذلك لا يتأتى لشخص الحصول على حق ادعى به أمام القضاء إلا إذا أقام الدليل على وجوده أو أقام بالمقابل خصمه أدلة نفي وجود ذلك الحق .
وهذه الطرق قد تكون محددة أو غير محددة فهي تختلف من نظام إلى أخر ففي النظام الحر للإثبات لا يرسم للقاضي طرقا ووسائل للإثبات تقيد نشاطه في التحري عن الحقائق بكل الوسائل فله كامل الحرية في نظر الوقائع المعروضة من الخصوم.
أما في النظام المقيد تحصر وسائل الإثبات وطرقها وتعين تعيينا دقيقا وتحدد قيمة كل واحدة منها إذ لا يجوز للخصوم إثبات حقوقهم بغير هذه الوسائل والقانون في الوقت ذاته أعطى لكل دليل قيمته التي يشاء. وبين النظامين السابقين نشأ نظام مختلط ترك قسما من الحرية في توجيه الخصوم واستكمال الأدلة الناقصة وإيضاح ما وقع فيه من غموض بالوقائع لكن قيده المشرع بقيمة كل دليل قانوني على حدا ، إذ بين المشرع لكل دليل حجيته. وعليه يتضح أن موقف القاضي من أدلة الإثبات ايجابي في المذهب الحر لأنه يتمتع بسلطة تقديرية واسعة إزاء طرق وأدلة الإثبات وفي المذهب المقيد ذو موقف سلبي بحيث لا يتجاوز دوره تطبيق الأدلة كما يقدمها الخصوم ويقدرها حسب القيمة التي حددها القانون لكل دليل ، أما المذهب المختلط فالقاضي يتخذ موقفا وسطا يسمح له بتقدير بعض الأدلة التي جعل له فيها المشرع حرية التقدير ولم يقيده بحجيتها أما الباقي من أدلة الإثبات قيدت ورصدت لها حجية معينة لا يجوز للقاضي أعمال سلطته التقديرية بشأنها لذا يتبين أن القاضي عليه تأسيس قناعته على الأدلة الثبوتية التي قررها القانون ولا عبرة بالطرق التي لا يقررها ومرد ذلك تغليب حاجة استقرار المعاملات بين الناس والمشرع الجزائري الذي تبنى نظام الإثبات المختلط جعل السلطة التقديرية للقاضي في تقدير طرق وأدلة الإثبات في الدعوى المدنية تبلغ حدها الأدنى فهو بذلك رسم طرقا محددة تحديدا دقيقا لإثبات الأوضاع المختلفة للروابط القانونية وجعل لكل طريق منها قيمتها الثبوتية .



ومن ذلك يتبين أن السلطة التقديرية للقاضي توجد قائمة مع السلطة القضائية ومما لا شك فيه أن القاضي المدني يعمل باستمرار سلطته التقديرية في طرق وأدلة الإثبات والتي تعتبر دلك النشاط الذهني الذي يقوم به القاضي في فهم الوقائع المطروحة عليه فسلطته إزائها قد تكون مقيدة أو تقديرية فتكون مقيدة عندما توجد شروط معينة لمباشرتها وتكون تقديرية حينما يترك المشرع لها مجالا حرا للتقدير.
والسلطة التقديرية تجد أساسها الشكلي في جميع الحالات التي يخول فيها القانون للقاضي حرية التقدير خلال قيامه بالاستدلال وإعمال أدلة الإثبات وإن عدم الرقابة القضائية ليست سببا لقيام السلطة التقديرية ولكنه نتيجة التسليم بها.
فالقانون إن كان يلزم القاضي بحجية بعض الأدلة كالكتابة واليمين الحاسمة والإقرار والقرائن القانونية فذلك يجعل من سلطة القاضي اتجاهها مقيدة ومحدودة فكلما كان للدليل حجية قيدت سلطة القاضي في تقديره وكلما كان الدليل غير ذي حجة حررت سلطة القاضي تجاهها فيدرس كل حالة على حدا وفقا لملابساتها الخاصة ، ولكن الإشكال يثار من بابه الواسع في هذا المجال ، إن كانت أدلة الإثبات المدنية مقيدة لا يجوز الخروج عنها ولا يسمح الطرق العلمية للإثبات إلا في مجال محدود،فما مدى سلطة القاضي في تقدير أدلة الإثبات في المواد المدنية ؟.
هذا ما سوف نعالجه في بحثنا هذا معتمدين على الخطة التالية :














الخطــــــــــــة
الفصل الأول : سلطة القاضي المقيدة في تقدير أدلة الإثبات :
المبحث الأول : الأدلة ذات الحجية غيرا لقاطعة
المطلب الأول : الدليل الكتابي
الفرع الأول : قوة الدليل الكتابي في الإثبات
أولا : قوة السندات الرسمية
ثانيا : قوة السندات العرفية
ثالثا : قوة الكتابات الخاصة
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير الدليل الكتابي
أولا : وجوب الإثبات بالكتابة
ثانيا : استثناءات وجوب الدليل الكتابي
المطلب الثاني : الإقرار القضائي
الفرع الأول : حجــــــــــــيته
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقديره
المبحث الثاني : الأدلة ذات الحجية القاطعة
المطلب الأول : اليمين الحاسمة
الفرع الأول : حجـــــــــــــيتها
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقديرها
المطلب الثاني : القرائن القانونية
الفرع الأول : حجــــــــــــــيتها
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقديرها
الفصل الثاني : سلطة القاضي المطلقة في تقدير أدلة الإثبات
المبحث الأول : أدلة ذات حجية غير ملزمة
المطلب الأول : شهادة الشهود و القرائن القضائية




الفرع الأول : شهادة الشهود
أولا : تقدير القاضي لجواز الإثبات بشهادة الشهود
ثانيا : تقدير القاضي لكفاية شهادة الشهود
الفرع الثاني : القرائن القضائية
أولا : سلطة القاضي في تقدير العنصر المادي
ثانيا : تقدير القاضي ما للعنصر المادي من دلائل المطلب الثاني : اليمين المتممة
الفرع الأول : سلطة القاضي في توجيهيها
الفرع الثاني : تقدير قيمة اليمين المتممة
المبحث الثاني : أدلة الإثبات الأخرى
المطلب الأول : الخبرة والمعاينة
الفرع الأول : الخبرة
أولا : تعامل القاضي مع الخبرة
ثانيا : سلطة القاضي في تعيين الخبير
الفرع الثاني :المعاينة
أولا : مفهوم المعاينة
ثانيا : انتقال المحكمة للمعاينة
المطلب الثاني : الطرق العلمية في الإثبات
الفرع الأول : تحديد الوسائل العلمية
الفرع الثاني : إستفادة المشرع من الوسائل العلمية
الخاتمــــة .




































الفصـــل الأول
سلطة القاضي المقيدة في تقدير أدلة الإثبات

إن القاضي في تقديره لجزء من أدلة الإثبات تكون سلطته مقيدة بحيث لا يمكن إعمالها ، وهذه الأدلة تكون ذا حجية إما قاطعة وإما تكون غير قاطعة فتقبل إثبات العكس وهذه الأدلة تنحصر في الدليل الكتابي والإقرار القضائي و اليمين الحاسمة والقرائن القانونية ،وذلك ما سنعالجه في المبحثين التاليين:
المبحث الأول
الأدلة ذات الحجية غير القاطعة

الأدلة ذات الحجية غيرا لقاطعة هي كل دليل حدد المشرع حجيته بنص القانون ، ولم يترك المجال فيه للقاضي لإعمال سلطته التقديرية بشأنه إلا أنه يتميز من مجمل أدلة الإثبات بأنه قابل لإثبات عكسه لذا كانت حجيته غير قاطعة وهذه الأدلة تنحصر في الكتابة والإقرار . والدليل الكتابي هو طريقة يبين بها المتقاضي حقيقة اتفاق ما أو واقعة قانونية تكون هي مصدر حقه الذي يدعي به أمام القضاء(1) وانه وان كان المبدأ هو الإثبات بالكتابة فذلك ليس خروجا عن مبدأ الرضائية * باعتباره وسيلة لإثبات الحق لا شرطا لوجوده ، فإذ لم يثبت الاتفاق بدليل كتابي أو كان الدليل باطلا ، فهذا لا يمنع من وجود الحق الذي يمكن إثباته بوسائل أخرى * والأدلة الكتابية تنقسم إلى سندات رسمية و عرفية و كتابات خاصة و هذه التقسيمات تنبئ عن وجود تفاوت بين الأدلة من حيث القوة و الحجية التي رصدها لها المشرع ، و ذلك ما سنقوم بتبيانه في المطلب الأول و نقوم بعدها بتبيان سلطة القاضي في وجوب تقدير الدليل الكتابي و شروط قبول الاستدلال به و نبين الاستثناءات التي ترد على وجوب دليل كتابي كامل و سلطة القاضي في تقدير كل حالة من هذه الحالات.
والإقرار القضائي هو كل تصريح يدلي به الخصوم أمام القضاء عن صحة واقعة معينة أو إثباتا لوجد علاقة قانونية هذا ما سنبينه في المطلب الثاني.

1- الدكتور يحي بكوش : أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الإسلامي-المؤسسة الوطنية للكتاب –الجزائر طبعة 2. ص71.
* حسب المادة 351 من القانون المدني.
* ولا تستثني من هذه القاعدة إلا العقود الشكلية التي لا وجود للحق دون إفراغه في شكل رسمي مثال المادة 120من القانون التجاري.


المطلب الأول
الدليـــــــــــــل الكتابــــــــــــــــي
الفرع الأول : قوة الدليل الكتابي في الإثبات :
إن الدليل الكتابي و إن كانت له حجية مطلقة في الإثبات إلا أن هذه الحجية تختلف بحسب أنواع الدليل فقد تبلغ حدها الأقصى في السندات الرسمية و العرفية و تتراوح بين قيمة السند العرفي من جهة ودليل استئناس من جهة أخرى في الكتابات الخاصة و ذلك ما سنقوم بدراسته .
أولا : قوة السندات الرسمية :
تنص المادة 324 من القانون المدني " العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه " فاختلال أي شرط من شروط المادة المذكورة أعلاه تجعل الورقة الرسمية باطلة وبمفهوم المخالفة أنه بمجرد توافر الشروط الثلاثة المتقدمة في المحرر تكتسب بذلك الصفة الرسمية
وتصبح للورقة القوة الذاتية في الإثبات لذا كل من قدم ورقة رسمية للقضاء تتوافر على الشروط السابقة لا يطلب منه إثبات صحتها بل إن كل من أنكر حجيتها عليه أن يطعن فيها(1) ولا يقبل أي طعن إلا بالتزوير فالورقة الرسمية تعتبر حجة لا يمكن إبعادها ما لم يثبت تزويرها فإذ لم يتم ذلك فلا يمكن إثبات العكس ولو كان هناك مانع أدبي (2) .
و ما يمكن استخلاصه أن السندات الرسمية من الأدلة التي منحها القانون الحجية المطلقة في الإثبات ما لم يطعن فيها بالتزوير المادة 324 من القانون المدني الفقرة 4-5-6.
وبذلك فان الخصم الذي يتمسك بورقة رسمية لتأييد حقه لا يلزم بإثبات صحتها إذ كانت تبدو عليها علامات الرسمية مثل خاتم الإدارة وتوقيع الموظف وما شبه ذلك(3 ) لان ذلك يوحي بالثقة في مصدرها والسؤال الذي يطرح في هذا المجال :
هل لصورة الورقة الرسمية الحجية ذاتها للورقة الرسمية أم لا ؟
إن الإجابة على هذا السؤال يجرنا للمادة 325-326 من القانون المدني و من خلالهما نميزبين الحالتين الآتي بيانهما :

1. الدكتور محمد زهدور : الوجيز في طرق الإثبات المدنية في التشريع الجزائري طبعة 1991 ص27
2. قرار صادر عن المحكمة العليا غرفة القانون الخاص بتاريخ 17/03/1982 من ملف رقم 23156 .
3. الدكتور يحي بكوش : المرجع السابق الصفحة 130



- حالة وجود الورقة الرسمية: I
انه حتى تكون للصورة حجية الورقة الرسمية ذاتها فان القانون يشترط توافر أمرين أساسين تبنى عليهما قرينة قانونية * إحداهما أن يكون أصل الورقة الرسمية موجودا " أي محفوظ " وذلك لإمكانية
الرجوع إليه عند الحاجة ، والثانية أن تكون هذه الصورة رسمية لا عادية وتكون حجة ما لم يقع فيها نزاع بين الخصوم ، وإذا وقع تنازع فيها وجب مطابقتها للأصل (1) فتعين على المحكمة آنذاك إصدار قرار يضم الأصل إلى الملف ( ملف الدعوى )، وبذلك تتمكن المحكمة من مضاهاة الصور عليها فإذا
ثبت التطابق بينهما ثبتت الحجية وإلا استبعدت الصورة و بقي الأصل في الدعوى (2)

- في حالة غياب أصل الورقة الرسمية :II
وتشمل هذه الحالة كل الصور التي ينعدم فيها الأصل نتيجة تلفه أو حرقه وحسب المادة 326 من القانون المدني في هذا الصدد يمكننا التفرقة بين الحالات التالية :
1- أذا كانت الصورة الرسمية منقولة مباشرة عن الأصل الضائع تعتبر صورة رسمية أصلية ولها حجية الأصل المفقود، ذلك ما دامت ذات شكل خارجي لا يسمح بالشك فيها وإلا فقدت حجيتها (3).
2. إذا نقلت الصورة الرسمية من صورة رسمية أخرى وكانت للصورة المفقودة حجية الورقة الأصلية وهنا يجوز لكل من الطرفين أن يطلب مقابلة الصورة المنقولة للصورة المنقولة منها .
3.إذا نقلت الصورة من صورة غير منقولة مباشرة من الصورة الأصلية ، أي أنها بالنسبة للأصل صورة ثالثة وهي لا تتمتع بقرينة مطابقتها للصورة الأصلية ولا حجة لها و لا يعتد بها إلا على سبيل الاستئناس (4)
ويبقى السؤال المطروح هنا: هل كل ما تضمنته الورقة الرسمية من بيانات لها الحجية المطلقة في الإثبات؟ وكذا قابليتها للطعن فيها بالتزوير ؟



* تعتبر قرنية قانونية على متطابقة الصورة للأصل غير أنها قرنية قابلة لإثبات العكس ( بسيطة ).
1. الدكتور يحى بكوش : المرجع السابق لصفحة 121 – 122
2. الدكتور عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في القانون المدني الجديد الجزء 2 دار احياء التراث العربي بيروت لبنان ص 164-916
3. الدكتور عبد الرزاق السنهوري : المرجع السابق الصفحة 166 – 167 – 168
4.الدكتور أحمد نشأت : رسالة الإثبات الجزء الثاني الصفحة :68



إن البيانات التي تضمنتها السندات الرسمية نوعان :
النوع الأول : هو كل ما قام به الموظف العام أو الشخص المكلف بخدمة أو الضابط العمومي بذاته وفي حدود سلطته أو وقعت من ذوي الشأن في حضورهم وتحت مشاهدتهم فتلك البيانات صحيحة ولها الحجية الكاملة والمطلقة حتى الطعن فيها بالتزوير وذلك ما قضت به المحكمة العليا بقولها إن الورقة الرسمية هي حجة في الإثبات ولا يمكن استبعادها ما لم يثبت تزويره "قرار بتاريخ 18/07/1982 ملف رقم 23156" انظر الملحق
النوع الثاني: وهو كل بيان يخرج عن النطاق السابق بحيث تكون البيانات الهامشية لا علاقة لها بصلب موضوع العقد ، فهي بيانات صحيحة حتى ثبوت عكسها بأي دليل و بأية وسيلة من وسائل الإثبات المختلفة * وللإشارة إن قاضي الموضوع وحده من له تقديرها إذا كانت البيانات من صلب
العقد أم لا (1) والقاضي في نفس السياق له تفسير العقد أو السند الرسمي وذلك لا يعتبر مساسا بالحجية المرصودة للسند الرسمي في أي شكل من أشكاله ويبقى دائما للمحكمة إسقاط قيمة السند الرسمي في الإثبات أو إنقاصها من تلقاء نفسها أو بعد القيام بالتحقيق بشأنها ولصا حب الحق أيضا التنازل عنها
إذا كانت الورقة الرسمية حجة بما فيها على أطرافها إلا حتى إسقاطها والتنازل عليها فتبقى بذلك حجة على الغير بكل مادون فيها من بيانات(2).
ثانيا : قوة السندات العرفية
بالرغم من إن المشرع لم يعرَف السندات العرفية إلا انه يمكن منحها تعريفا كالتالي : " هي سندات معدة للإثبات يتولى تحريرها وتوقيعها أشخاص عاديون بدون تدخل من الموظف العام " (3)
و حسب هذا التعريف يشترط في المحرر العرفي شرطان أساسيان وهما التوقيع والكتابة وانه مادامت الورقة العرفية ليست حجة في ذاتها بوجود دليل يدل على صدورها ممن آلت إليه فيقع بذلك إثباتها على من يحتج بها وذلك بطلب إجراء مضاهاة الخطوط والتوقيعات وذلك عملا بالمادة 76 من
قانون الإجراءات المدنية فان ثبت صدور المحرر ممن وقعه ثبتت حجيته على من أنكره وتعين على


*أنظر المادة 14 من القانون 88/27 تبدو أنها جعلت الطعن بالتزوير في كل بيان و الأصل أن يكون ذلك إلا في الوقائع المادية من عمل الموظف العام
1. الدكتور يحي بكوش : المرجع السابق الصفحة 115إلى 117
2. المادة 30 . 43 . 156 من قانون الإجراءات المدنية
3. الدكتور عبد الوهاب العشماوي : إجراءات الإثبات في المواد المدنية و التجارية . دار الفكر العربي الصفحة 46
الدكتور أحمد نشأت : رسالة الإثبات الجزء الثاني الصفحة :68


القاضي أن يقضي بها ، و الورقة العرفية يمكن إثبات عكسها بالكتابة و الإقرار و اليمين و البينة
و القرائن القضائية إذا استخدمت في الإثبات على أنه لا يجوز إثبات التصرف القانوني الذي تزيد قيمته عن مائة ألف دج ، حسب المادة 333 من القانون المدني المعدلة بنص المادة 48 من القانون رقم 05/10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 بشهادة الشهود ، وذلك حسب الاجتهاد القضائي الذي قضى بان الورقة العرفية ليست حجة في مضمونها في حالة ما احتج عليها طرف من المتعاقدين (1).
وعلى من يتمسك بها أن يثبت الوقائع التي نصت عليها المحكمة كما جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا " أن الورقة العرفية لم تكن لها قوة الإثبات إلا إذا كان معترفا بالتوقيع عليها من الطرف الذي يحتج عليه بها أو بعدما ثبت ذلك على اثر التحقيق عن طريق القضاء وفي حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية يتعين على الطرف الذي يتمسك بها أن يثبت حقيقتها (2). وانه وان كان للورقة العرفية حجة بين الأطراف المتعاقدة بالنسبة للتاريخ فانه لا يمكن أن يحتج بالتاريخ بالنسبة للغير إلا إذا اكتسب درجة من اليقين تجعله أكيدا أو غير قابل للجدل ولقد جاء في المادة 328 من القانون المدني أن" لا يكون العقد العرفي حجة على الغير في تاريخه إلا منذ أن يكون له تاريخ ثابت و يكون تاريخ العقد ثابتا ابتداء :
. من يوم تسجيله
. من يوم ثبوت مضمونه في عقد آخر حرره موظف عام
. من يوم التأشير عليه على يد ضابط عام مختص .
. من يوم وفاة أحد الذين لهم على العقد خط و إمضاء
غير أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف ، رفض تطبيق هذه الأحكام فيما يتعلق بالمخالصة"
فلقد جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا ما يلي " العقد العرفي – حجية تاريخه على الغير – من يوم تسجيله – القضاء بخلاف ذلك – نقض قرار مؤرخ في 25/03/1992 ملف رقم 81688 غير منشور(3).

1.قرار صادر في 03/04/1968 نشرة القضاة 1968 الجزء الثاني الصفحة 37 .
2. قرار صادر عن غرفة القانون الخاص بتاريخ 23/02/1966 مجلة وزارة العدل 1967الصفحة 363
3.الأستاذ عمر بن سعيد : الاجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني ، دار الهدى عين مليلة الجزائر الصفحة 188.




ثالثا : قوة الكتابات الخاصة
لقد نص المشرع على هذه الكتابات في الباب السادس من القانون المدني تحت عنوان إثبات الالتزام في فصله الأول الإثبات بالكتابة من المادة 329 إلى المادة 332 منه و الأصل في هذه الكتابات أنها لم تعد مسبقا لإثبات بل هي أوراق ودفاتر ومذكرات يحررها الناس بأنفسهم نتيجة معاملات يومية وهذه الكتابات يمكن تقديمها أمام القضاء لتدعيم اقتناع القاضي ولو بصفة جزئية لاعتبارها أوراق حررت في غير وقت النزاع عن الغالب وتشمل بعض المعلومات عن النزاع وبذلك لا يسمح للقاضي أن يتخلص منها نتيجة حاسمة ونهائية في تقرير القضية ، وللإشارة فان اغلب هذه الأوراق غير موقع عليها من أطرافها.
وقبل التطرق لدراسة هذه الأوراق لابد من الإشارة أنها وان كانت أقل درجة من الكتابات الرسمية إلا أنها تتفاوت فيما بينها من حيث القوة و الضعف في تكوين الاقتناع مما وجب علينا دراسة كل واحدة على حدا.
.الرسائل : I
الرسالة هي كل كتابة مخصصة لربط علاقة بين شخصين أو أكثر لغرض من الأغراض ، وهي ملك للمرسل إليه بمجرد وصولها إليه (1) وتعتبر الرسالة اليوم سيما بعد التطور والتقدم الصناعي والعلمي وسيلة إثبات ذات أهمية بالغة حيث نصت المادة 329 من القانون المدني في فقرتها الأولى على انه " تكون للرسائل الموقع عليها قيمة الأوراق العرفية من حيث الإثبات ...." .
وما يمكن استخلاصه من خلال هذه المادة أن المشرع لم يترك قيمة الرسائل في الإثبات لتقدير القاضي بل عمد إلى إقرار حجيتها والتسوية بينها وبين المحرر العرفي مادامت قد توافرت على شروط السند العرفي من توقيع وكتابات خاصة بطبيعة الحال والقاضي عند تفسير عبارات الرسالة يطبق في ذلك القواعد العامة المقررة لتفسير عبارات العقود (2).
والأمر نفسه في القانون الفرنسي الذي اعتبر الرسالة دليلا كاملا وذلك من خلال ظروف معينة وحسب تقدير القاضي لذلك وقد تكون فقط مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد دليل على سبيل الاستئناس بعد أن
كان القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 لا يتعرض لقوة الرسالة كدليل من أدلة الإثبات (3).

1.الدكتور عبد الرزاق السنهوري : المرجع السابق صفحة 246 .
2. الدكتور عباس العبودي : شرح أحكام قانون الإثبات المدني . دار الثقافة للنشر و التوزيع 1999صفحة 167 .
3. الدكتور رزق الله أنطاكي : أصول المحاكمات في المواد المدنية و التجارية دمشق 1962 الصفحة 504.



وهو الأمر نفسه لدى المشرع المصري والسوري اللذان لم يتركا قوة الرسالة أمرا خاضعا لسلطة القاضي .
وبذلك نخلص إلى أن الرسالة الموقعة تكون حجة بما فيها من الشخص الذي وقعها ووجب على القاضي اعتبار ما ورد بها صحيحة وبذلك لها الحجية الكاملة ولا تنقص هذه الحجية بتقدير من القاضي لأنه لا مجال لأعمال سلطته التقديرية مع صريح نص المادة 329 من القانون المدني فهي بذلك تعتبر بمثابة المحرر العرفي الكافي لإثبات الحق المدعى به ، ويمكن اعتبارها في الوقت ذاته قرينة يضاف لها اليمين المتممة للحصول على الحجة الكاملة وكما يمكن اعتبارها بداية ثبوت بالكتابة (1) .
والقاضي الذي يريد أن يستبعد الرسالة لا يكون ولا يتأتى له ذلك الحق إلا إذا كانت الرسالة لا تخدم موضوع النزاع وهنا يكون مجال سلطة القاضي التقديرية بالإجابة عن السؤال هل الرسالة تخدم الموضوع ؟ وهل هي متعلقة بالنزاع ؟أم غير متعلقة به؟ وبالتالي تستبعد من الملف أو تضم إليه .
ويكون أيضا هنالك مجال آخر لإعمال السلطة التقديرية للقاضي فيما يخص الرسالة بحيث يقدر هل الرسالة متضمنة أسرار المرسل بحيث ينتفي مع ذلك حق المرسل إليه من تقديمها للقضاء إلا بموافقة المرسل إذا تضمنت أسرارا أم لا .
وكذا الغير الذي تحصل على الرسالة بسوء نية وبوسائل غير مشروعة فللقاضي السلطة التقديرية في تحديد سوء النية أيضا (2) .
وللإشارة انه لا رقابة من طرف المحكمة العليا على ذلك بل للقاضي السلطة التقديرية الكاملة فإذا ما اقتنع تماما بما ورد في الرسالة المدلى بها فيقضي بمقتضاها كما انه قد يرى فيها جزء من حق المدعى به فيقضي بتكملة نصاب الإثبات بتوجيه اليمين المتممة لمن يستفيد من الرسالة .






1- الدكتور يحي بكوش : المرجع السابق الصفحة 161.
2- الدكتور سليمان مرقس : أصول الإثبات و إجراءاته في المواد المدنية دار الكتاب الحديث .القاهرة 1991 الجزء الأول صفحة 330 .

- البرقيات II
تنص المادة 329 الفقرة الثانية من القانون المدني على انه" تكون للبرقيات هذه القيمة أيضا ( قيمة المحرر العرفي )إذا كان أصلها المودع في مكتب التصدير موقعا عليه من مرسلها وتعتبر البرقية مطابقة لأصلها حتى يقوم الدليل على عكس ذلك وإذا تلق أصل البرقية فلا تعتبر نسخها إلا لمجرد الاستئناس "
و منه فالبرقية هي رسالة مختصرة يوجهها شخص لآخر بواسطة دائرة البريد التي تحتفظ بأصلها وتعطي من وجهت إليه صورة عنها ، فمن خلال هذا التعريف و المادة 329 الفقرة الثانية من القانون المدني يتضح انه لابد من إثبات مطابقة البرقية لأصلها المحفوظ في مصلحة التلغراف وأن يكون الأصل موقعا ممن نسبت إليه البرقية عند ذلك يمكننا القول بأن البرقية ذات قيمة وحجية ويمكن للقاضي الأخذ بها والاستدلال بها على اعتبارها ورقة عرفية ، إلا أن البرقية بعد أن يعدم أصلها بانقضاء المدة المحددة لحفظها * لا يصبح للصورة أية قيمة قانونية في الإثبات وغاية الأمر أن يستدل بها في هذه الحالة على سبيل الاستئناس واعتبارها قرينة قضائية وذلك في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بالقرائن (1) ويعتبر تاريخ البرقية تاريخا ثابتا لا سلطة في تقديره على اعتبار أن أصل البرقية يختم بختم مكتب الإرسال وإضافة إلى تقدير جميع البرقيات الصادرة في يوم واحد في دفتر يسمى وصول البرقيات (2) و لا بد من
الإشارة أن الأصل الموقع عليه قد يفقد من دائرة البريد أو يتلف لا قيمة عندها للبرقية على اعتبار أن قوتها ممتدة من الأصل وإذا وجد الأصل ولكنه غير موقع عليه من المرسل فلا تكون لصورة البرقية قوة الإثبات إلا إذا كان الأصل مكتوبا بخط يد المرسل فتصبح عندئذ كمبدأ بداية الثبوت بالكتابة .
- الدفاتر التجارية III
وهي تلك الدفاتر التي يعدها التجار لتسجيل أصولهم وخصومهم وإما أن تكون دفاتر اختيارية أو إلزامية يشترطها القانون لممارسة التجارة مثل الدفاتر اليومية ودفاتر الجرد (3).
ويشترط القانون في هذه الدفاتر أن تمسك حسب التاريخ ودون ترك بياض أو تغير فيها ولابد من ترقيم صفحاته والتوقيع عليه من القاضي .
إن هذه الدفاتر لا يمكن أن يحتج بها أمام القضاء إلا إذا كانت منتظمة ومطابقة للشروط المقررة قانونا حسب المادة 14 من القانون التجاري .


*. مدة الحفظ للبرقيات الداخلية 03 أشهر والبرقيات الخارجية 10 أشهر من الشهر التالي بوصولها.
1. الدكتور سليمان مرقس : المرجع السابق الصفحة 431-432
2. الدكتور عباس العبودي : المرجع السابق الصفحة 169
3. حسب نص المادة 09 و10 من الأمر 75/59 المؤرخ في 26/12/1975 المعدل و المتمم المتضمن القانون التجاري .

ولقد عالج المشرع حجية الدفاتر التجارية في الإثبات في كل من المادة 330 من القانون المدني
والمادة 13 من القانون التجاري وذلك كما يلي :
المادة 330 من القانون المدني " دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار، غير أن هذه الدفاتر عندما تتضمن بيانات متعلقة بتوريدات قام بها التجار يجوز للقاضي توجيه اليمين المتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون إثباته بالبينة (1) وتكون دفاتر التجار حجة عن هؤلاء التجار ولكن إذا كانت هذه الدفاتر منتظمة فلا يجوز لمن يريد استخلاص دليل لنفسه أن يجزأ ما ورد فيها أو يستبعد منها ما هو مناقض لدعواه ".
المادة 13من القانون التجاري تنص على أنه " يجوز للقاضي قبول الدفاتر التجارية المنتظمة كإثبات بين التجار بالنسبة للأعمال التجارية " و يظهر من خلال هذين النصين أن الدفاتر التجارية قد يحتج بها في النزاع التجاري بين تاجرين وقد يحتج بها في نزاع مدني بين تاجر وغير تاجر ، فإذا احتج بها تاجران وكان موضوع النزاع عملا تجاريا جاز هذا الاحتجاج بشرط أن تكون منتظمة مما يسمح للقاضي التأكد من صحة البيانات الواردة بها (2).
وللقاضي السلطة التقديرية الواسعة عند فحص هذه الدفاتر التجارية فيستطيع الاستناد عليها ويقضي أنها صحيحة أو يرفضها لأنه لا قيمة لها في الإثبات (3).
أهم ما يمكن ملاحظته في حجية الدفاتر التجارية أنه لا يجوز لمن يستخلص منها دليلا لنفسه أو يجزئها ويستبعد ما ليس في مصلحته أو لا يخدمه في دعواه ، فالقاضي له السلطة التقديرية الواسعة حين تقديم الدفاتر التجارية بالأخذ بكل ما فيها حسب تقديره وحسب تحكمه في وقائع الدعوى بشرط ألا يأخذ شيء ويترك شيء يناقضه أو ينافيه في ذات الدفاتر التجارية (4).



1- لقد استبدل مصطلح البينة بشهادة الشهود في التعديل الجديد للقانون المدني رقم 05-10 في المادة 48 منه .
2 -انظر القضية المؤرخة في 08 مايو 1988 المجلة القضائية العدد 02-1992 الصفحة 85 .
3- أحمد محرز: القانون التجاري الجزائري الجزء الأول الصفحة 146.
4- مثال يسجل في الدفتر أنه استدان من فلان مبلغ ووفاه بقسط يقدر 50 % والآخر بعد مدة 03 أشهر على شكل أقساط ليس عليه أخذ ما يخدمه وهو التسديد بنسبة 50% فقط ولا يأخذ التزامه بالرد خلال 03 أشهر للمتبقي من المبلغ الذي مر عليه عند رفع الدعوى 06 أشهر.




والتاجر لا يستند لدفاتره التجارية في النزاع القائم بينه وبين غير التجار وذلك ما جاءت به صريح المادة 330 من القانون المدني " ... دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار ..." ذلك كأصل إلا أن هنالك استثناء يجوز بمقتضاه أن يستند التاجر بدفاتره التجارية على غير التجار إذ كان الأمر يتعلق بتوريدات أي بضائع وردها التاجر لمدينه غير التاجر وكانت قيمتها لا تتجاوز مائة ألف دينار جزائري وهذا فيه خروج عن مبادئ الإثبات التي تقضي بعدم إمكانية المرء أن يصطنع دليلا لنفسه ولا يجوز إجبار شخص على أن يقدم دليلا ضد نفسه .
إن القاضي في هذه الحالة له سلطة تقديرية في الأخذ بالدفاتر التجارية ولو كانت غير منتظمة وليس هناك ما يلزم القاضي بالأخذ بهذا الاستثناء و بذا له تحكيم السلطة التقديرية في هذا المجال مع وجوب توجيه يمين متممة لأحد الخصمين عند الأخذ به.
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير الدليل الكتابي
حسبما سبق تبيانه هناك من الأدلة الكتابية ما هو معد للإثبات ومنها ما هو غير معد للإثبات فالمعد منها للإثبات كالورقة الرسمية والمحرر العرفي يعتبر حجة كاملة متى استوفى السند والمحرر الشروط الواجبة فيه حسب نصوص القانون المدني ولم يطعن في صحته .
و الغير معدة للإثبات التي تكون غالبا غير موقعة من أصحابها فيعطيها القانون قوة في الإثبات تختلف الواحدة منها عن الأخرى فتارة تكون أدلة كاملة أو تكون ناقصة وتارة تعتبر قرينة بسيطة وتارة مبدأ بداية ثبوت بالكتابة .
و انه باختلاف حجية الدليل الكتابي من السند الرسمي إلى العرفي و الكتابات الخاصة ذلك يجعل سلطة القاضي في تقدير كل دليل من هذه الأدلة تختلف .فتضيق و تتسع حسب قوة و ضعف الدليل من حيث حجتيه ، و سنبين فيما يلي أن الدليل الكتابي لا مجال فيه بصورة عامة لإعمال سلطة القاضي التقديرية فيه بتوافر شروط معينة و بذا نعود إلى قاعدة الأصل في الإثبات الكتابة و ننتهي إلى الإستثناءات الواردة على هذا المبدأ و تتمثل في أوجه محصورة من طرف المشرع و مقيدة بشروط .
أولا : وجوب الإثبات بالكتابة
تنص المادة : 333 من القانون المدني المعدلة بالمادة 48 قانون 05/10 المؤرخ في
20 يونيو2005 التي تنص على انه " في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن 100.000 دج أو كان غير محدد القيمة فلا يجوز الإثبات بالشهود في وجوده أو نقصانه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك .
ويقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف القانوني ويجوز الإثبات بالشهود إذا كانت زيادة الالتزام على 100.000 دج لم تأتي إلا من ضم الملحقات إلى الأصل .

وإذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بالشهود في كل طلب لا تزيد قيمته عن 100.000 دج ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد عن هذه القيمة ولو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات قانونية من طبيعة واحدة وكذلك الحكم في كل وفاء لا تزيد قيمته عن 100.000 دج " (1).
من الملاحظ بعد قراءة هذه المادة أن القاضي يوجب في الدعوى المطروحة أمامه التدليل عليها واثبات ما يدور حوله النزاع بالكتابة لكن ذلك لا يكون إلا بتوافر ثلاثة شروط سنحاول فيما يلي معرفة مدى تقديرها من طرف القاضي المعروض عليه النزاع .
.أن يكون محل الإثبات تصرفا قانونيا لا واقعة مادية :I
أن أول ما يقوم به القاضي عند تطبيق المادة السابقة ، تقدير محل العمل المطلوب إثباته أن كانت واقعة مادية أم تصرف قانوني (2) فالأصل في ذلك أن الوقائع القانونية تنقسم إلى تصرفات قانونية ووقائع مادية وان قاعدة وجوب الإثبات بالكتابة لا تسري إلا على التصرفات القانونية أما الوقائع المادية فهي بحسب طبيعتها لا يتيسر إثباتها بالكتابة ولذلك كان الأصل فيها إثباتها بكل طرق الإثبات بما فيها الشهادة (3) والتصرف القانوني يدخل ضمنه جميع الاتفاقات والعقود أيا كان الأثر الذي يترتب عليه
كالبيع والقرض والإيراد والمقاولة والوكالة والعارية والوديعة .
ولا يهم أكان غرض هذه العقود التعديل أو النقل أو حتى إنشاء التزام وكذلك بصرف النظر عن التصرف القانوني أكان صادرا عن إرادة منفردة أو بتطابق الإرادتين ولقد جاء في هذا المجال على لسان الدكتور نبيل إسماعيل عمر" أنه على القاضي عند تقديره أن يبحث ما إذا كان التصرف منعقدا بإرادة ضمنية أو إرادتان ضمنيتان ذلك أن إثبات الإرادة الضمنية لا يشترط فيها الكتابة لأن الإثبات في هذه الحالة يرد مباشرة على وقائع مادية يراد استنباط الإرادة منها وبالتالي يمكن إثباته بكافة الطرق ومثال ذلك تجديد عقد الإيجار تجديدا ضمنيا .



1- إن حقيقة التعبير الذي ورد في المادة333 من القانون المدني المعدل بالقانون رقم 05/10 الذي يقضي بوجوب الإثبات بالكتابة فيما يزيد عن 100.000دج ورد بصفة سلبية بحيث أنها منعت الإثبات بشهادة الشهود إذا قيمة التصرف القانوني تزيد عن قيمة 100.000دج .
2- الدكتور عبد الرزاق السنهوري المرجع السابق الصفحة 341 .
3- الدكتور عباس العبودي : المرجع السابق الصفحة 294 .


.أن يكون محل التصرف المراد إثباته مدنيا و ليس تجاريا II
ويقصد بتقدير القاضي لطبيعة التصرف أن يقدر هل هو تصرف مدني أم تصرف تجاري أم تصرف مختلط إذ أن القاعدة العامة تقضي بأن الاعتماد على الإثبات بشهادة الشهود لا تجوز إذا كان التصرف القانوني تفوق قيمته النقدية 100.000دج أو كانت غير محددة القيمة (1) بمفهوم المخالفة القاضي إذا قدر أن التصرف تجاري أو مدني بناء عليه يستطيع طلب الدليل الكتابي أو مجرد شهادة الشهود تفي بالغرض فكلما خرج التصرف عن نطاق الأعمال التجارية التي تتميز بطابع السرعة والثقة والائتمان وجب إثباته بالكتابة وان تجاوزت قيمة التصرف مائة ألف دج . والأصل أنه لا إشكال عندما يكون الفصل بين الأعمال المدنية والتجارية قائما فذلك مما سهل على القاضي عملية تقديره للعمل بوجود معايير تحكمه في ذلك لكن الصعوبة تنشئ عندما يكون العمل مختلط أي تجاري لأحد الأطراف ومدني بالنسبة للطرف الآخر ولقد جاء في مؤلف الدكتور حلو أبو الحلو" أنه إذا كان موضوع النزاع بهذا الشكل وتجاوز التصرف 100.000دج فلابد من إثباته بالكتابة حسب قواعد القانون المدني " .
و جاء في قرار للمحكمة العليا المؤرخ في 07/07/1992 ملف رقم 84034 المجلة القضائية لسنة 1993 العدد 03 الصفحة 164 انه "لإثبات دين يفوق ألف دينار جزائري غير تجاري دون دليل الحكم به خرق للقانون من المقرر قانونا أنه في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته عن ألف دينار أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة في إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون .
. أن يكون قيمة محل الالتزام مائة ألف دينار جزائري III
إن للقاضي سلطة تقديرية تامة في تقدير محل الالتزام وان لمحل الالتزام أهميته في هذا المجال سيما انه يجعل دليل الإثبات في الدعوى وجوبا كالكتابة أو جوازي يمكن إثباته بأي دليل آخر غير الكتابة .
إن المادة 333 من القانون المدني جاءت صريحة في هذا المجال و هذا بنصها على انه " ويقدر قيمة هذا الالتزام وقت صدور التصرف ".

1- الدكتور الغوثي بن ملحة : قواعد و طرق الإثبات و مباشرتها في النظام القانوني الجزائري الطبعة الأولى الديوان الوطني للأشغال التربوية 2001 صفحة 70.




فإذا كانت قيمة التصرف وقت صدوره تجاوزت مائة ألف دينار جزائري وجب إثباته بالكتابة . ولو انخفضت قيمة التصرف في وقت رفع الدعوى إلى أكثر من مائة ألف دينار جزائري لأنه لا يمكن التنبؤ بما عسى أن يحصل من ارتفاع قيمة الأشياء التي يتعاقد عليها الأشخاص.
وانه إذا كانت قيمة التصرف القانوني مبلغا من النقود فان تقدير قيمته لا تثير أية مشكلة حيث يقدر القاضي قيمته بمقدار عددي ، أما إذا كانت قيمة التصرف القانوني نقدا أجنبيا فيقدر القاضي قيمته بسعر العملة الوطنية وقت صدور التصرف " وإذا كان موضوع صدور الالتزام من غير النقود فالمدعي يقدر قيمة التصرف ، ولكن تقديره هذا يبقى خاضعا للسلطة التقديرية للقاضي سواء بنفسه أو بواسطة خبير.
وكمثال على ذلك القرار الصادر في 04/10/2005 بين القرض الشعبي الجزائري وكالة الجلفة ضد بشيري سالم ومن معه الذي قضى " في الشكل قبول الاستئناف وفي الموضوع وقبل الفصل فيه قضى المجلس تمهيديا بتعيين الخبير بشار مراد المقيم بحي المسجد الجديد بناية رقم 296/4 بالجلفة للقيام بالمهام التالية :
1. استدعاء الطرفين والاستماع إلى أقوالهما والاطلاع على وثائقهما.
2.إجراء محاسبة بين الطرفين وتحديد مبلغ الدين المستحق للمستأنف .قرار عن الغرفة المدنية بمجلس قضاء الجلفة ( مكان التدريب الميداني) .
أما إذا كان موضوع الالتزام غير محدد القيمة اعتبرت قيمة التصرف مجاوزة لمائة ألف دينار جزائري حتى ولو قدره المدعي في دعواه بأقل من هذه القيمة ويجب إثباته بالدليل الكتابي ومن جهة أخرى يراعي القضاء في تقديره لقيمة هذا الالتزام المراد إثباته الأحوال التي يزيد فيها نصاب الإثبات بالشهادة وذلك في الحالات التي تعود فيها هذه الزيادة إلى إضافة الفوائد أو المصروفات والملحقات إلى الأصل.









ثانيا : استثناءات وجوب الدليل الكتابي
. سلطة القاضي في تقدير ما يخالف أو يجاوز الدليل الكتابي I
القاعدة انه لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود ولو لم تزد قيمة التصرف عن مائة ألف دينار جزائري فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه عقد رسمي ذلك حسب المادة 334 من القانون المدني وما جاءت به اجتهادات المحكمة العليا في إحدى قراراتها " إثبات شراء عقار بعقد رسمي – إدخاله ضمن تركة – بناء على شهادة الشهود مخالفة للقانون ، من المقرر قانونا أنه لا يجوز الإثبات بالبينة ولم تزد القيمة على ألف دج فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه مضمونه عقد رسمي ومن ثم فان القضاء بخلاف هذا المبدأ يعد مخالفا للقانون .." (1).
"من المقرر قانونا أنه لا يجوز الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه مضمون العقد الرسمي ، ومن ثم فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون " (2) .
ومن خلال ما سبق يتبين أن المقصود بهذه القاعدة انه يمنع اللجوء إلى شهادة الشهود أو القرائن لإثبات ما يخالف ما جاء في العقد المكتوب لأنه من غير المنطقي أن يشترط القانون إقامة الدليل الكتابي بالنسبة لتصرفات معينة ثم يسمح بعد ذلك بنقض ما ورد فيه بطريق البينة أو القرائن ذلك لان الكتابة صادرة عن إرادة المتعاقدين كما أنها تتميز بالموضوعية بصفة أكثر دقة . وبما أن اقتناع القاضي ضروري دائما لتقرير وجود الدليل ذاته واستخلاص مضمونه فان القاضي يتولى تقدير كل شرط من شروط هذه القاعدة وهي أن تكون هناك كتابة رسمية وان يرد ما يخالف هذه الكتابة أو يجاوزها وان يكون الإثبات مقصورا على المتعاقدين وحدهما فيتولى القاضي تقدير ضرورة وجود الكتابة الرسمية التي أعدت للإثبات فلا ترد هذه القاعدة على الأوراق العرفية ولا على الدفاتر التجارية ولا على الأوراق المنزلية لأنها كتابات غير رسمية .
ثم يتولى القاضي تقدير المراد إثبات مخالفته أو مجاوزته المكتوب لأنه لا يمتنع الإثبات بشهادة الشهود طبقا لهذه القاعدة إلا إذا كان موضوع هذا الإثبات أمر يخالف أو يجاوز ما يثبت بالكتابة أي إذا كان امرأ يعتبر تكذيبا أو تعديلا للمكتوب أو إضافة إليه .



1. قرار مؤرخ في 16/06/1986 ملف رقم 41632 المجلة القضائية لسنة 1992 العدد 03 الصفحة 61 .
2. قرار مؤرخ في 27/12/1989 ملف رقم 63320 المجلة القضائية لسنة 1993 العدد 03 الصفحة 21.



و في الأخير يقدر القاضي مدى تحقق الشرط الثالث وهو أن يكون مقصورا على العلاقات فيما بين المتعاقدين ذلك لأن القيد الخارج عن نطاق العقد يجوز له الإثبات بالشهادة والقرائن فيما يخالف أو يجاوز الكتابة الرسمية مادام التصرف بالنسبة إليه مجرد واقعة مادية يجوز إثبات ما يخالفها بجمع الأدلة الممكنة و كمثال على ذلك ما جاء بقرارالمحكمة العليا الصادربتاريخ :6/12/1966
" حق الغير في إثبات ما يخالف الثابت كتابة بكافة الطرق ، والغير لا يتقيد هنا بشرط الكتابة في إثبات ما يخالف العقد المكتوب " (1) .
. سلطة القاضي في تقدير مبدأ الثبوت بالكتابة II
تنص المادة 335 من القانون المدني " يجوز الإثبات بالشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة ، و كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شانها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ".
يتضح من خلال هذا النص انه يجوز للخصم الذي لم يتمكن من تهيئة الدليل الكتابي في الوقت المناسب لسبب ما ، جاز لهذا الخصم أن يقدم " مبدأ الثبوت بالكتابة " وللإشارة فإن كلمة مبدأ الثبوت بالكتابة نفي لوجود الكتابة وهي الخطوة الأولى في سبيل الإثبات أو دليل غير كامل أي لا يرقى أن يكون دليلا كتابيا متوافر على جميع الشروط.
وانه حتى نكون بصدد مبدأ ثبوت بالكتابة يجب توافر ثلاثة شروط وهي :
1. وجود ورقة مكتوبة.
2. صدور هذه الورقة من الخصم .
3. أن تجعل هذه الورقة وجود التصرف القانوني قريب الاحتمال .







1. الدكتور أحمد نشأت:طرق الإثبات في المواد المدنية و التجارية و الأحوال الشخصية –دار الفكر العربي – الطبعة 1994 الصفحة 226/227 .


و السؤال الذي يطرح عندما يتمسك أحد الخصوم بورقة ما ويعتبرها مبدأ الثبوت بالكتابة هو هل يستجيب له القاضي ؟ أو يرفض إثبات ذلك بالشهادة ؟ وهل تقع سلطة القاضي التقديرية على كل شرط من شروط هذه القاعدة السابقة الذكر ؟
إن سلطة المحكمة العليا في رقابتها على قضاة الموضوع في صدد مبدأ الثبوت بالكتابة تنحصر فيما يلي :
أ. تحقق المحكمة العليا من أن قضاة الموضوع لم يخطئوا في تطبيق القانون في اعتبار أن ورقة ما تعد مبدأ الثبوت بالكتابة أو لا تعد كذلك ، وعلى ذلك فان الكتابات التي تصلح أن تكون دليلا من هذا النوع كثيرة ومتنوعة ويمكن أن نذكر منها على سبيل المثال ،الأوراق الرسمية والأوراق العرفية وغيرها من الأوراق التي جعل لها القانون قوة في الإثبات مثل دفاتر التجار والسجلات والأوراق المنزلية والرسائل أو المذكرات الخاصة أو الأقوال التي وردت في محضر التحقيق .
فكل هذه الأوراق تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة إذا لم تكن دليلا كاملا لموضوع الدعوى وإن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يستخلص من ورقة واحدة بل يجوز استخلاصه من عدة أوراق ولو كانت كل واحدة منها لا تكفي بمفردها لاستخلاص ذلك ،كما يجب أن تكون الورقة التي تعتبر مبدأ الثبوت بالكتابة مقدمة في الدعوى أو على الأقل معترف بوجودها ممن تنسب إليه فإذا لم تكن كذلك فلا يستطيع من يتمسك بها أن يثبت وجودها بالشهادة (1) .
ولقد قضي بأنه لا يتطلب القانون بيانات معينة في الورقة لاعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ويكفي أن تكون صادرة من الخصم أو يحتج بها عليه وان تجعل التصرف المدعى به قريبا للاحتمال .
وقضي كذلك بأن تقديم الخصم للورقة كدليل في الدعوى حق للمحكمة من تلقاء نفسها في اعتبار مبدأ الثبوت بالكتابة ولو لم يتمسك من قدمها بذلك (2).
ب. تتحقق محكمة النقض بان قضاة الموضوع لم يخطئوا في تطبيق القانون في اعتبار ان هذه الورقة صادرة من الخصم ذلك أن هذا الشرط يعد ركنا جوهريا في مبدأ الثبوت بالكتابة ويعتبر بمثابة إقرار غير قضائي (3) .



1. الدكتور عبد الودود يحي : المرجع السابق الصفحة 36/37.
2. الدكتور أنور طلبة : المرجع السابق الصفحة 229.
3. الدكتور يحي بكوش: المرجع السابق صفحة 225 /226 .

والورقة تكون صادرة من الخصم إذا كانت موقعة منه أو ممن يمثله أو بخط من يمثله إلا أن هناك بعض الأوراق التي يمكن أن تعتبر صادرة من الشخص رغم أنها ليست موقعة منه أو ممن يمثله وليست بخطه ولا خط من يمثله و من هذا النوع الأوراق الرسمية كمحاضر التحقيق ومحاضر الحسابات.
ج. سلطة قاضي الموضوع في تقدير ما إذا كانت الورقة تجعل الإثبات قريب الاحتمال أو لا تجعله كذلك ويقصد بذلك آن تكون الورقة المقدمة كمبدأ ثبوت بالكتابة من شأنها أن تجعل الورقة المراد إثباتها محتملة بل يجب أن تجعلها مرجحة الحصول لا ممكنة الحصول فحسب (1)أي يكون المكتوب في هذه الورقة قريب الاحتمال في نسبته إلى الخصم وانه لا رقابة على القاضي حين تقدير الورقة التي يراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة فهو اجتهاد يستقل به قاضي الموضوع .
ولكن الذي لابد من لفت الانتباه إليه أنه مادامت هذه الورقة طرحت في النزاع لابد من تسبيب القاضي الأخذ أو عدم الأخذ بها وان كل إهمال من القاضي في الرد على الورقة التي تعتبر بداية ثبوت بالكتابة فان ذلك يعتبر قصورا في التسبيب يستوجب معه نقض الحكم، وذلك على اعتبار أنه دفع جوهري والدفع الجوهري يرتب عند عدم الرد عليه نقض الحكم.
و يبقى بالرغم من أنه دفع جوهري إلا آن القاضي غير ملزم أن يستجيب إلى طلب الخصم في أن يقبل الإثبات به بل تبقى له السلطة التقديرية في رفضه الطلب حتى مع توافر جميع الشروط أو الاستجابة إليه و لكي تعتبر الورقة مبدأ الثبوت بالكتابة فلها أن تكمل وتعزز هذا الاقتناع بالبينة أو بالقرائن .













1.الدكتور عبد الرزاق السنهوري : المرجع السابق صفحة 435.


. سلطة القاضي في تقدير المانع من الحصول على الدليل الكتابي III
تنص المادة : 330 من القانون المدني على ما يلي " يجوز الإثبات بالشهادة فيما كان يجب إثباته بالكتابة
. إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على الدليل الكتابي .
. إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي خارج عن إرادته " والأصل ان هناك أمور تثبت بالكتابة إلا ان ظروفا ما من شانها أن تمنع الحصول على ذلك فيجوز عندئذ الإثبات بالشهادة فيما كان أصلا لا بد من إثباته بالكتابة ، لذا إذا كنا أمام تصرف قانوني مدني وقيمته أكثر من مائة ألف دينار جزائري لكن كانت هناك استحالة مادية أو أدبية تمنع من إثباته بالكتابة هنا تقوم الشهادة مقام الدليل الكتابي وليس تكميلا له كما في الحالات السابقة (1) .
والمانع * من الحصول على الدليل الكتابي هو كل ما ينشئ عنه استحالة الحصول على الكتابة وقت التعاقد استحالة بينة عارضة أي مقصورة على شخص المتعاقد وراجعة إلى الظروف الخاصة التي تم فيها التعاقد والمانع إما أن يكون ماديا أو أدبيا والقاضي من يقدر وجود المانع من عدمه ولا رقابة عليه في ذلك .
1. تقدير قاضي الموضوع للمانع المادي :
المانع المادي يقصد به انعدام الوسائل المادية للمتعاقد لتهيئة الدليل الكتابي على التصرف القانوني الذي قام به مثل" الاتفاق المبرم بين شخصين قبل إقلاع الطائرة أو الباخرة أو التصرف الذي يبرم وقت ظروف طارئة فجائية كالحريق والفيضانات ..." .
والقاضي هو الذي يقدر في الدعوى المعروضة عليه العوائق المادية التي من شأنها أن تمنع الخصم من الحصول على دليل كتابي لإثبات تصرف قانوني مدني كان من الواجب إثباته بالكتابة والقاضي عليه أن يورد في حكمه الواقعة التي قدرها على أنها مانع مادي ويبين لماذا أضفى عليها هذا الاعتبار .
وانه متى تبين للقاضي عدم جدية الادعاء بالمانع المادي فلابد من تسبيب ذلك في حكمه (2) وله في المقابل السماح للخصم الذي رفض طلبه الإثبات بالشهادة في هذا التصرف القانوني المدني الذي يزيد عن مائة ألف دينار جزائري.
1- قرار المحكمة العليا رقم 62268 الصادر بتاريخ 15/07/1990 المجلة القضائية العدد الثالث لسنة 1991 الصفحة 106.
* المانع هو كل ما يحول دون الحصول على دليل كتابي
.2. في هذا الصدد يذكر الدكتور يحي بكوش في المرجع السابق ،أن المحكمة العليا حاليا تستطيع ممارسة الرقابة على انعدام الأساس القانوني بالنسبة للأحكام التي تلتجئ إلى تطبيق نظرية الاستحالة على القضايا المعروضة عليها بصفة آلية من دون أن تقوم بذكر الوقائع و عليه لا بد من تسبيب الأحكام في هذه المسالة صفحة 236.

2 . سلطة القاضي في تقدير المانع المعنوي:
إن المانع هنا يرجع إلى ظروف نفسية كانت تربط بين الطرفين وقت التعاقد ولم تكن تسمح من الناحية الأدبية لأحدهما أن يطلب كتابة التعاقد مع الآخر.
وعرف على انه الهاجس النفسي الذي يمنع المتعاقد من طلب دليل كتابي من المتعاقد معه كصلة القرابة الأب بالابن أو علاقة الطبيب بالزبون، المحامي بموكله وقاضي الموضوع وحده من له الحق في تقدير ذلك ولا رقابة عليه من المحكمة العليا ، كما جاء على لسان الأستاذ محمد زهدور.
وللإشارة فان المشرع الفرنسي لم ينص على المانع الأدبي وترك المجال واسعا للقضاء وللاجتهاد بحيث قررا قواعده وأعطياه تفسيرا واسعا.
وعلى القاضي دائما في نفس المجال أن يبين في حكمه الظروف التي اعتبرها مانعة و إذا كان هذا الاعتبار معقولا و انتهى الحكم صحيحا الى قيام مانع أدبي دون الحصول على دليل كتابي فان الإثبات بالبينة والقرائن يكون جائز قانونا وللقاضي رفض طلب ما يدعيه الخصم من التمسك بالمانع الأدبي إذا تبين له من ظروف النزاع عدم جدية الادعاء بهذا المانع وعلى القاضي دائما تسبيب الرفض .
3. تقدير السبب الأجنبي المانع من الحصول على الكتابة
نص المشرع الجزائري على هذه الحالة بنص المادة 336 الفقرة الثانية وفي هذه الحالة يكون الدائن سبق له أن حصل على دليل كتابي وقت إنشاء التصرف القانوني الذي أبرمه مع خصمه ولكن فقده لسبب أجنبي لا دخل له فيه.
وانه لأجل قبول شهادة الشهود وفي إثبات ما يجاوز مائة ألف دينار جزائري وفي إثبات الحالات الخاصة التي يوجب القانون الكتابة إثباتها أي كانت قيمة التصرف وحتى في إثبات التصرفات الشكلية لابد من أجل ذلك توافر الشروط التالية :
أ. إثبات وجود سند كتابي كان متحصلا عليه وكان مستوفيا لكل الشروط الواجبة ويثبت ذلك بكل الطرق باعتبارها واقعة مادية .
ب. إثبات فقدان السند لسبب أجنبي : أو يثبت ذلك أيضا بكل طرق الإثبات باعتبارها واقعة مادية، ويبقى دائما قاضي الموضوع هو الذي يقدر إذا كان هذا السبب أجنبي ام لا ولا يخضع القاضي في ذلك لرقابة المحكمة العليا .





المطلب الثاني
الإقــــــــرار القضائــــــــــي
الفرع الأول : حجيته
لقد عالجت المادة 341 من القانون المدني مسألة الإقرار القضائي بقولها " الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بها الواقعة".
ولقد عرف الإقرار بشأنه " اعتراف شخص بادعاء يوجه اليه شخص آخر " (1) ومن خلال ذلك يمكن القول أن الإقرار القضائي هي شهادة من المقر على نفسه لمصلحة خصمه بصحة واقعة قانونية وهو بهذا المعنى نزول عن جانب المقر عن حقه في المطالبة بإثبات ما يدعيه خصمه لذا قيل أن الإقرار من الأدلة المعفية من الإثبات .
وما دام الإقرار القضائي هو اعتراف خصم في الدعوى أثناء نظرها وأمام المحكمة التي تنظرها بصحة واقعة قانونية متعلقة بها ، وعليه فإن للإقرار أركان تتمثل في :
1. صدور الإقرار من الخصم في الدعوى سواء بنفسه أو عن طريق وكيله .
2. - صدور الإقرار أمام القضاء وهو الركن الذي يميز بين الإقرار القضائي وغير القضائي والمقصود بصدور الإقرار في مجلس القضاء أو الهيئة المختصة بنظر النزاع سواء كانت محكمة تتبع جهة القضاء العادي أو الإداري أو محكم .
ولكن يراعى في ذلك أن تكون تلك الجهة مختصة نوعيا ووظيفيا وإلا اعتبر إقرار غير قضائي مثل
الإقرار الصادر أمام النيابة العامة أو أية جهة إدارية أخرى ليست لها سلطة الفصل في النزاع بإقرار قضائي.
3. صدور الإقرار أثناء السير في الدعوى المتعلقة بموضوعه ولا فرق أن يصدر الإقرار في أي مرحلة من مراحل سير الخصومة لصدوره في العريضة الافتتاحية أو أثناء المرافعة أو خلال استجواب المحكمة ….الخ (2).و أنه بالرجوع إلى نص المادة 342 من القانون المدني القائلة " الإقرار حجة قاطعة على المقر و لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا قام على وقائع متعددة و كان وجود واقعة يستلزم حتما وجود الوقائع الأخرى " و عليه تبين أن الإقرار في القانون المدني له الحجية المطلقة في الإثبات وبذا قاضي الموضوع لا يملك أي اختصاص في تقدير حجيته (3).


1. الدكتور عبد الرزاق السنهوري ، المرجع السابق ، الصفحة 473.
2.الإقرار الصادر في دعوى أخرى و لو بين نفس الخصمين ليس بالإقرار القضائي .
3.قرار المحكمة العليا رقم : 40402 الصادر بتاريخ 17/06/1987المجلة القضائية عدد 04 سنة 1990 الصفحة130.


الفرع الثاني: سلطة القاضي في تقدير الإقرار القضائي
إذا كان الإقرار حجة قاطعة على المقر حسب المادة السابقة الذكر فذلك يجعل الواقعة المقر بها في غير حاجة إلى الإثبات ولا يطالب الخصم بتقديم دليل آخر وإنما يتوجب على القاضي أن يحكم بمقتضى هذا الإقرار .
كما آن حجية الإقرار ثابتة أيضا في القرآن والسنة والإجماع ويترتب على اعتبار الإقرار حجة قاطعة أنه لا يجوز الرجوع فيه ، أي لا يجوز للمقر أن يرجع أو يعدل إقراره أو يأخذ من الإقرار ما يفيده ويترك منه ما يضره غير انه يجوز الرجوع فيه لغلط أو تدليس أو إكراه أو نقص في الأهلية .
وهذا ما أشارت إليه المادة : 1334 من القانون المدني الفرنسي " إن الغلط في القانون لا يصح أساسا لإبطال الإقرار أما الغلط في الوقائع فانه يمكن إبطال الإقرار بسببه " .
أما المشرع الجزائري فلم يتطرق لمسألة الرجوع عن الإقرار بسبب الغلط ولكنه أجاز للمتعاقد الذي وقع في غلط جوهري وقت إبرام العقد أن يطلب إبطاله المادة 81 من القانون المدني والرجوع عن الإقرار غير ممكن مادام صدر عن إرادة سليمة للمقر وخالية من العيوب ولا يتعارض مع عدم جواز الرجوع في الإقرار أن يطعن المقر بان إقراره وقع نتيجة غلط أو تدليس أو إكراه أو انه صدر منه وهو ناقص الأهلية .
وانه لما كان الإقرار تصريحا قانونيا باعتباره نزولا من المقر عن حقه في المطالبة بإثبات الواقعة التي يدعيها خصمه فان آثاره تقتصر على المقر وورثته فقط ولا يتعدى لغيرهما ليحتج عليهم به
فالإقرار الصادر من احد الشركاء لينصرف لباقي الورثة وكذا إقرار احد المدينين المتضامنين بالدين لا يسرى في حق الباقين .
وبذلك نخلص إلى انه إذا كان قضاة الموضوع لا يملكون سلطة تقدير حجية الإقرار فان لهم أن يقدروا قيمة الإقرار الواقع أمامهم فيحددوا معناه ومحتواه بدون أن تسلط عليهم رقابة في ذلك طالما أنهم لم يحرفوا الوثائق التي يستخلص منها ذلك الإقرار وعليه فان من حق القضاة تقدير محتوى التصريحات التي يدلي بها أمام رجال الدرك من طرف أحد الخصوم ، وان قاعدة عدم تجزئة الإقرار تعتبر مسألة قانونية خاضعة لرقابة .المحكمة العليا ولذلك إذا قام قضاة الموضوع بتجزئة إقرار يمنع القانون تجزئته أو لم يجزئوا إقرار تصح تجزئته فهم يسألون عن ذلك استنادا لما لقاضي الموضوع من سلطة تقديرية في تبيان كفاية الدليل أو عدم كفايته فله رفض الطلب إذا وجد في أوراق الدعوى ما يغني عن اللجوء إلى طريق الاستجواب أو كانت الوقائع المراد الاستجواب عليها ثابتة ثبوتا تاما ولا يوجد أي ظرف يسمح بالتشكيك فيها ، وهو لا يكون بذلك قد اخل بدفاع الخصم مادام قد بين سبب هذا الرفض وسببه تسبيبا كافيا

المبحـــــث الثاني
الأدلـــة ذات الحجـــــــــية القـــــــاطعة
المطلــــب الأول
اليمـــــين الحاسمـــــــة
اليمين هو اتخاذ الله تعالى شاهدا على صحة ما يقول الحالف أو على صحة ما يقوله الخصم الأخر و هي طريق غير عادي للإثبات يلجأ إليه الخصم عندما يعوزه الدليل فلا يجد مفرا من الإحتكام إلى ضمير خصمه بتوجيهه يمينا إليه يحسم بها النزاع فتسمى يمين حاسمة أو يتمم بها القاضي ما في الدعوى من أدلة فيوجهها من تلقاء نفسه إلى أيٌ من الخصوم فتسمى يمينا متممة.
الفرع الأول : حجية اليمين الحاسمة
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 343من القانون المدني على انه " يجوز لكل من الخصمين أن يوجه اليمين الحاسمة إلى الخصم الآخر " (1).
ولقد عرف الفقهاء اليمين الحاسمة أنها اليمين التي تنتهي بها الدعوى وهي وسيلة احتياطية لا يلجأ إليها الخصم إلا عندما لا يوجد لديه الدليل في إثبات ما يدعيه ليحتكم بها لضمير خصمه وذمته على ذلك فان توجيه اليمين الحاسمة ينطوي على مجازفة من قبل موجهها إذ ليس من مصلحته آن يلجأ إلى توجيهها إذا كان لديه الدليل القانوني .
واليمين الحاسمة حسب نص المادة 344 من القانون المدني تتضمن شروط لابد من توافرها لإمكانية توجيهها بقولها " لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة في واقعة مخالفة للنظام العام ويجب أن تكون الواقعة التي تقوم عليها اليمين متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين " .








1.الاجتهاد القضائي لغرفة الاحوال الشخصية عدد خاص سنة2001 صفحة 239 قرار رقم 109595


و عليه فإن هذه الشروط تتمثل في :
1. وجوب تأدية اليمين بجلسة المحكمة ولا يمكن أدائها خارج الجلسة ولقد ورد في اجتهاد المحكمة العليا انه " من المقرر قانونا انه إذا وجهت اليمين إلى خصم في نزاع أو ردت عليه فان الخصم يقوم بحلف اليمين بنفس الجلسة ولقد تبين أن القاضي الأول في قضية الحال قد حدد مكان تأدية اليمين بالمسجد الكبير ....ذلك ما جعل قضائه مخالفا للقانون ووجب من ثمة نقض القرار فيما يخص اليمين". 2.ألا يكون الخصم الذي وجه اليمين متعسفا في توجيهها وإلا لما جاز للقاضي منع الخصم من الإساءة في استعمال هذا الحق.
3. يجب أن يكون من وراء توجيه اليمين الحاسمة وضع حد نهائي للنزاع وتنازل عن غيرها من أدلة الإثبات.
4. يجب على من يوجه لخصمه اليمين الحاسمة أي يبين الوقائع التي يريد تحليفه عليها.
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقديرها
انه وانطلاقا من أن اليمين الحاسمة حق للخصم يوجهها متى أراد فان ذلك يعني انه لا يحق للقاضي أن يوجهها إلى احد الخصوم من تلقاء نفسه فإذا فعل ذلك فان حكمه يكون عرضة للنقص .
وما دامت اليمين الحاسمة عقدا قضائيا فإنها حجة قاطعة يجب إذا حلف الخصم الذي وجهت إليه اليمين أصبح مضمون تلك اليمين حجة ملزمة للقاضي على أساس انه لا يجوز للقاضي أن يتدخل في هذا العقد وإنما يقتصر دوره في التأكد من أن عملية تأدية اليمين قد ترتب آثارها القانونية بشكل صحيح و يقابل ذلك نص المادة 1357 من القانون المدني الفرنسي ، وبالتالي فان القاضي يفقد كل السلطة في تقدير حجية اليمين الحاسمة .
فهي تجعل الحكم في القضية موقوفا عليها ويؤسس على ذلك ، و كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها و ردها على خصمه خسر دعواه ، وجاء في قرار للمحكمة العليا أن حكم الناكل على اليمين هو خسارة دعواه (1) غير أن هذا الأمر القانوني لا يترتب في حقه إلا إذا روعيت فيه الأشكال لجوهرية المنصوص عليها بالمواد : 432 إلى 434 من قانون الإجراءات المدنية .




1. قرار المحكمة العليا رقم 30231 الصادر بتاريخ 28/06/1989 المجلة القضائية العدد 01 سنة 1991 الصفحة 19 .



ومن ثم يتحتم على القضاة قبل حسم النزاع تحديد الواقعة التي يحلفون عليها وإعطاء اليمين ووصفها القانوني وان يثبتوا في قرارهم أن المكلف بها قد حضر شخصيا وتم إعلامه بصيغتها ودعوته لتأديتها بالمكان والتاريخ ، ومتى لم يثبتوا في قرارهم أن المكلف بها قد حضر شخصيا وتم إعلامه بصيغتها ودعوته لتأديتها بالمكان والتاريخ ومتى لم يثبتوا هذه الإجراءات واقتصروا على التصريح بنكول الخصم على اليمين يكونوا قد افقدوا قرارهم التأسيس والتعليل مما يستوجب النقض (1)
كما يترتب على كون اليمين الحاسمة حجة قاطعة أن لا يجوز لمن وجه اليمين أو ردها أن يرجع في ذلك متى قبل خصمه حلف تلك اليمين المادة 345 من القانون المدني ، غير انه يمكن للخصم بعد قبوله اليمين أن يرجع عنها إذا قام الدليل على قبوله كان نتيجة وجود عيب في إرادته من إكراه أو تدليس أو غلط .
وإذا كان المشرع أجاز للقاضي أن يمنع توجيه اليمين الحاسمة إذا كان من وجهها متعسفا في ذلك لأنه خصص للقاضي في هذا الجانب سلطة تقديرية باعتبار أن المادة 343 من القانون المدني الجزائري ليست من النصوص الآمرة بل تركت الأمر لتقدير قضاة الموضوع لتطبيق أو عدم تطبيق هذه المادة فالأمر يعود لقناعتهم .
كما جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا " انه يجوز للقاضي منع توجيه اليمين إذا كان الخصم متعسفا في ذلك " (2).
وبذلك فان قاضي الموضوع يستطيع منع الخصم من إساءة استعمال هذا الحق وله أن يرفض توجيه اليمين الحاسمة إذا كانت الواقعة موضوع اليمين ليست متعلقة بالشخص الموجه إليه أو ليست منتجة في النزاع أو ليست حاسمة فيه أو إذا كان يستفاد من الأوراق ما يثبت قطعا عدم صحة دعوى طلب اليمين
أو إذا تبين للقاضي أن الطلب الخاص بتوجيه اليمين الحاسمة جاء على وجه الاحتياط او كان القصد منه مجرد الكيد أو اكتساب الوقت وان موجهها أراد أن يستغل سنده لتديين خصمه أو التشكيك في ذمته أو
إحراجه ولقد جاء في نفس السياق في إحدى قرارات المحكمة العليا التالي بيانه : " إن توجيه اليمين للمطعون ضدها قبل التأكد من وجود المسوغ المتنازع عليه قصور في التسبيب وخرق للقانون".



1. قرار المحكمة العليا رقم 38693 الصادر بتاريخ 17/12/1986 المجلة القضائية العدد 02 سنة 1986 الصفحة 19 .
2 . المجلة القضائية العدد 01 لسنة 1992 الملف رقم 159335 قرار صادر في 30/04/1980 الصفحة 29 .


وأكدت المحكمة العليا إن الاكتفاء بتوجيه اليمين قبل معرفة وجود أو عدم وجود محل النزاع المدعى به يعتبر بمثابة انعدام التسبيب وخرق واضح لقواعد الإثبات " (1) .
وان لقضاة الموضوع سلطة تقدير وجود تعسف في توجيه اليمين الحاسمة غير انه بالمقابل ملزمون بتسبيب إحكامهم بكيفية واضحة وليست غامضة حتى تتمكن المحكمة العليا من ممارسة رقابتها على أن اليمين واضحة الألفاظ ومحددة المحتوى وقاطعة في النزاع في حالتي الحلف والنكول فليس من حق القضاة أن يمنعونها لان اليمين الحاسمة يجوز توجيهها في أي حال تكون عليها الدعوى .
وإذا كان قاضي الموضوع لا يملك سلطة تقدير حجة اليمين الحاسمة فله سلطة تعديل صيغة هذه اليمين ، غير أن هذا التعديل يجب أن يكون قاصرا على الصيغة لإيضاح عباراتها فقط حيث جاء في قرار المحكمة العليا " اليمين الحاسمة له سلطة تعديل صيغة هذه اليمين غير أن هذا التعديل يجب أن يكون قاصرا على الصيغة لإيضاح عبارتها فقط حيث جاء في قرار المحكمة العليا أن اليمين الحاسمة ملك للخصوم و ليس للقاضي تغيير صيغتها أو معناها بما يؤثر على مدلولها ، ولا بد ألا يكون هذا التعديل يخرج بالصيغة عن المعنى الذي قصده موجه اليمين" (2).
فإذا رأت المحكمة تعديل موضوع اليمين كان عليها أن تعرض الصيغة المعدلة على موجه اليمين قبل توجيهها فان قبلها كان بها وان رفضها امتنع على المحكمة توجيه اليمين بهذه الصيغة لأنها لا تعبر عن قصد موجه اليمين.









1. الاجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص سنة 2001 الصفحة 233 قرار رقم 86097.
2.قرار المحكمة العليا الصادر في 26/10/1988 المجلة القضائية العدد 03 لسنة1999


المطلــــب الثاني
القرائـــــــــــن القانــــــــــــــــونية
الفرع الأول: حجيــــــــــــــتها
لقد عالج المشرع الجزائري مسألة القرائن القانونية بالمادة 337 من القانون المدني بقولها " القرينة القانونية تغني من تقررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك ".تقابلها المادة 1349 من القانون المدني الفرنسي، والقرائن بصفة عامة هي استنباط أمر غير ثابت مجهول من أمر ثابت معلوم على أساس انه يغلب في الواقع أن يتحقق الأمر الأول إذا تحقق الأمر الثاني .
والقرينة القانونية هي استنباط القاضي لأمر غير ثابت من أمر ثابت ويظهر من خلال ذلك أن القرينة القانونية من عمل المشرع وان سندها نص القانون إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقوم قرينة بغير نص قانوني فالمشرع بذلك أنشأ قاعدة المجردة تطبق على كل الحالات المماثلة ولو ظهرت في بعض الأحيان مغايرة للحقيقة الواقعية (1).
من ذلك نستطيع القول أن القرينة القانونية لها عنصر أساسي لابد من وجوده حتما وهو النص القانوني .
وللإشارة انه لا يمكن قياس قرينة قانونية بقرينة قانونية أخرى ، بل لابد من مجموعة من النصوص الخاصة بكل قرينة قانونية على حدا .









1.مثال المادة 499 من القانون المدني نصت على" أن الوفاء بالأجرة الحالية يعتبر قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة ."




والسؤال الذي يطرح في هذا المجال هو ما الفائدة من القرائن القانونية وما الحكمة منها ؟
إن المشرع عندما حصر القرائن القانونية وجعلها فقط منصوص عليها بالقانون ولا يمكن القياس بشأنها فان ذلك يدل على أهمية هذه القرائن القانونية و من جهة أخرى كان هدفه تحقيق الصالح العام على احترام الأحكام القضائية ووضع حد للخصومات والنزاعات القائمة بين الناس فجعل القرينة القانونية التالية حجية الأحكام التي حازت حجية الشيء المقضي فيه .
وهدفه إضافة لتحقيق الصالح العام تحقيق الصالح الخاص أيضا ولجوء المشرع لذلك إلى تضييق السبيل على من يحاول الاحتيال على القانون فيضع بذلك أحكاما يعتبرها من النظام العام ويحتاط حتى لا يخالف الناس في تعاملهم كوضعه قرائن قانونية تبطل أنواعا من التعامل مثل القاعدة القاضية لمنع التبرعات أثناء مرض الموت ولقد نصت المادة 776 من القانون المدني بان كل تصرف قانوني يصدر عن شخص في حال مرض الموت بقصد التبرع يعتبر تبرعا مضافا إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية المعطاة لهذا التصرف.
إضافة إلى ذلك فالمشرع حرص على القرائن القانونية عندما يرى تعذر الإثبات سيما في بعض الحالات التي يكون إثباتها معقدا حتى لا يكون ذلك مستحيلا على الخصوم مثل ذلك المادتين 134-138 من القانون المدني افترض فيهما المشرع قرينة قانونية تقضي بافتراض الخطأ في جانب متولي الرقابة وحارس الأشياء لصعوبة الإثبات ذلك من طرف المتضرر إضافة إلى ما سبق يكون النص على القرينة القانونية غالبا هدفه تبيان ما يلاحظ من أحوال الناس وطبائعهم وعاداتهم في المعاملات من ذلك التأشير على سند الدين الذي هو في حوزته ببراءة ذمة مدينه إلا إذا كان قد قام بالوفاء فعلا.
بعد كل ما سبق في هذا المجال يمكننا القول أن القرائن القانونية أنواع وهي كالأتي بيانه :
أ. قرينة قانونية بسيطة: وهي التي يجوز نقضها بالدليل العكسي فيحق لأطراف الخصومة إثبات عكس ما افترضه المشرع ، كما جاء في قرار محكمة النقض المصرية أن تحرير دفتر التوفير باسم شخص معين اعتباره قرينة قانونية غير قاطعة "بسيطة" على حيازة هذا الشخص للمال المودع ،جواز دفع هذه القرينة بكافة أوجه الإثبات " نقض 26/01/1956 " (1) وكذا قيام قرينة كل عقد سببه مشروع حتى يثبت العكس و ذلك حسب المادة 98 من القانون المدني .
ب. قرينة قانونية قاطعة : وهي التي لا تقبل إثبات العكس مثال ذلك المادة 338 من القانون المدني قرنية الحقيقة القضائية التي عبر عنها بقوة الأمر المقضي وهي قاطعة لا تقبل إثبات العكس ، ولا تقبل ذلك لأن القانون لا يقبل أي إثبات على خلاف ذلك .

1. الدكتور أنور طلبة المرجع السابق الصفحة 480 .

ولقد قسمت القرينة القانونية القاطعة في نفس السياق إلى قرينة قانونية متعلقة بالنظام العام وفي الغالب هي قواعد موضوعية و قرينة قانونية غير متعلقة بالنظام العام .
الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقديرها
إن القرائن القانونية أمر يستنبطه المشرع كما سبق تبيانه وبذلك هي نصوص ملزمة للقاضي والخصوم ما دامت كذلك فالقاضي لا دخل له في تقديرها ولاحق له في القياس عليها بل يجب عليه البحث عليها في القانون إن وجدت طبقها وإلا لا تعتبر قرينة قانونية.
و ينتهي دوره هنا و بذلك فإن سلطة القاضي تضيق عند كل قرينة قانونية و عليه إثارتها من تلقاء نفسه و لو لم يدفع بها الخصوم باعتبار أنها نصوص أمرة له و ذلك ما عبر عنه المشرع الفرنسي بالمادة 1350 من القانون المدني .
و المحكمة العليا هنا تتدخل لمراقبة ما إذا كان القضاة لم يتجاهلوا و لم يرفضوا الحجية التي يسندها المشرع للقرائن القانونية المقررة بنصوص خاصة التي تبين شروط انطباقها وتقدير توافر هذه الشروط لأنها مسالة قانونية .
وكذلك الأمر في اعتبار القرائن القانونية القاطعة لا تقبل إثبات العكس أو بسيطة قابلة لإثبات العكس فان هذه المسائل من مسائل القانون خاضعة لرقابة المحكمة العليا والأمر كذلك فيما يتعلق باعتبار القرينة القانونية متعلقة بالنظام العام أم لا ؟
ويبقى أمر آخر يدخل في سلطة القضاة ولهم الحق في تقديره وذلك بالنسبة لثبوت عكس القرينة القانونية فالقانون يجيز إثبات ما يخالفها ، وانه لا تعقيب ولا رقابة من المحكمة العليا على القاضي في ذلك مادام تقديرهم سائغا وقائما على أسباب معقولة .



























الفصــل الثانـــي
سلطة القاضي المطلقة في تقدير أدلة الإثبات
إن القاضي في تقديره لجزء من أدلة الإثبات الأخرى تكون سلطته محررة ، بحيث يمكن إعمالها وهذه
الأدلة تكون غير ذات حجية وتنحصر هذه الأدلة في : شهادة الشهود ، والقرائن القضائية ، واليمين المتممة ، وسنعالج ضمنها أدلة الإثبات العلمية التي لم تعالجها معظم التشريعات العربية كفحص الدم وشريط الكا سيط والمخا طبة الهاتفية و التيلكس وسنبين مدى إستفادة المشرع الجزائري منها ، وسنقوم بدراسة كل دليل على حدا وتبيان سلطة القاضي وذلك ما سنعالجه في المبحثين التاليين :

المبحث الأول
الأدلــــة ذات الحجــــية غير المــــــلزمة
المطلب الأول
شهادة الشهود و القرائن القضائية
الفرع الأول : شهادة الشهود
البينة لها معنيان معنى عام ويقصد به الدليل سواء كان كتابة أو شهادة أو قرائن ، كالقول البينة على من ادعى فهنا البينة تتجه إلى المعنى العام أما المعنى الخاص هو شهادة الشهود دون غيرها من الأدلة .
والشهادة هي التصريح الذي يدلي به الشخص أمام القضاء بواقعة صدرت من غيره وترتب عليها حق لهذا الغير، ويجب أن تكون هذه الواقعة المصرح بها وصلت إلى علم الشاهد أو سمعه أو بصره أما إذا وصلت الواقعة إلى علمه بواسطة الغير وصرح هو بهذه الوقائع نقلا عن غيره فتعتبر هنا شهادة سماع وبالتالي لا يعتبر تصريحه هذا شهادة بالمعنى القانوني ويأخذ بها فقط على سبيل الاستئناس.










ومن أهم شروط الشهادة أن يكون الشاهد من الغير إذ لا تصلح شهادة أحد أطراف الخصومة أو من يمثله كالمحامي أو الوصي أو القيم ، ولابد أن يكو ن الشاهد أهلا للشهادة وغير ممنوع من أدائها وإلا سمع على سبيل الاستئناس، ولابد أن تكون المعلومات التي يخبر بها المحكمة قد تحصل عليها بحواسه الخاصة وان تنصب الشهادة على الوقائع المتعلقة بالدعوى والمراد التحقق منها .
أولا : تقدير القاضي لجواز الإثبات بشهادة الشهود
إن مما لاشك فيه أن الإثبات بالشهادة جائزا قانونا غير أنها تبقى خاضعة لسلطة القاضي التقديرية في السماح بها أم لا ؟.
فقد تكون في القضية من القرائن والأدلة الأخرى ما يغني عن الشهادة أوقد تكون الوقائع المراد إثباتها بعيدة الاحتمال بحيث لا يرى القاضي سبيلا إلى الاقتناع بالشهادة في جميع الأحوال التي يرى فيها القاضي أن شهادة الشهود غير مقبولة لا يأخذ بها بالرغم من أن القانون يجيزها في الإثبات .
ويرى الفقهاء انه لا يكفي أن يجيز القانون الإثبات بالشهادة في بعض الأحوال للأخذ بها بل يجب أيضا أن يكون الإثبات بالشهادة مستساغا حسب تقدير القاضي ولا يخضع القاضي في تقديره هذا لرقابة المحكمة العليا.
لكن رفض المحكمة طلب الإثبات بالشهادة يجب أن يكون مسببا تسبيبا سائغا ، وأن تكون الأسباب التي بنت عليها المحكمة اقتناعها من شأنها أن تؤدي إلى ما قضت به .
أما إذا خلى الحكم مما يصلح ردا ولو ضمنيا على طلب الخصم فان الحكم يكون مشوبا بالقصور مما يستوجب نقضه .
ولقد نصت المادة 203 من قانون المرافعات الفرنسي على حق القاضي في أي وقت سماع من يرى سماعه من الشهود، وقضت محكمة النقض الفرنسية(1) بأن سلطته في ذلك هي سلطة تقديرية مطلقة
ففي الغالب يكون الشهود لم يعدوا الشهادة من قبل إذا توخوا الأمانة في شهادتهم ، فهم لا يشهدون إلا على الوقائع التي يكونوا قد رأوها أو سمعوها ، و قد تكون هذه الوقائع متعلقة بالحق المدعى به وقد لا تكون وهذا متروك لتقدير القاضي ، وهو في هذا المجال يتمتع بسلطة واسعة لا يخضع فيها لرقابة محكمة النقض، أما فيما يخص مسألة جواز الإثبات بالبينة أو عدم جوازه فيعد من المسائل القانونية التي حدد المشرع طرق الإثبات بها ، وبّّينا متى يجوز استعمال كل منها، وبالتالي إذا كانت الوقائع مما لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود وجب على القاضي أن يرفضها ، وعدم إجابة الخصوم طلب الإثبات بها .
فالطرق التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود أصلا تتمثل في :



1. في المواد التجارية : يجوز الإثبات في المادة التجارية بشهادة الشهود مهما كانت قيمة التصرف وذلك يعود لما يقتضيه التعامل التجاري ، لكن هناك من المسائل التجارية التي لابد فيها من الكتابة لإثباتها إذ لا يمكن أن تثبت بغيرها مثل الأوراق التجارية والتركات وعقود إيجار السفن واستخدام طاقمها
2. الوقائع المادية : وهو أمر يحدث فيرتب عليــه القانون أثر سواء اتجهت إليه الإرادة أم لم تتجه وسواء كانت وقائع طبيعيــة مثل الفيضانات والزلازل والحريــق أو وقائع مادية من فعــل الإنسان كصدور أفعال ضارة بالغير فكلها وقائع مادية يجوز إثباتها بشهادة الشهود.
3. التصرفات المدنية التي لا تجاوز قيمتها مائة ألف دينار الجزائري : إن كل تصرف مدني إذا كانت قيمته تساوي أو تقل عن 100.000 دج جاز إثباته بشهادة الشهود .
غير أن المشرع الجزائري قد يطلب الكتابة لإثبات التصرف القانوني في بعض الأحيان ولو لم يتجاوز المبلغ السابق ، و مثال ذلك عقد الكفالة و الوصية .
















1. قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 28 فبراير 1979 مجموعة المرافعات دالوز ص 4 طبعة 75 السنة 1983


والحكمة من السماح بالإثبات هذا المبلغ بشهادة الشهود هي تيسير أمور المتعاقدين وعدم إعاقة التعامل بين المتعاقدين الذين لا يحسنون القراءة والكتابة ولا يضعهم في حرج ، وللإشارة انه إذا كان محل الالتزام غير مبلغ من النقود أو لم يكن مقدرا في الاتفاق بنقود يقوم القاضي هنا بتقدير قيمته وقت صدور التصرف (1).
الحالات التي يجوز فيها الإثبات بالشهادة استثناءا :
التي تكون بمفهوم المخالفة الأصل فيها الإثبات بالكتابة وهي حالات عالجتها كل من المواد 335 – 336 من القانون المدني ولقد سبق أن قمنا بدارستها وهي:
1. مبدأ الثبوت بالكتابة .
2. وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي .
3. فقد الدليل الكتابي بسبب أجنبي لا يد للدائن فيه.
ثانيا : تقدير القاضي لكفاية شهادة الشهود
إن الشهادة في المواد المدنية تخضع لتقدير القاضي (2) الذي يستطيع أن يأخذ بها ويصدق الشاهد في قوله كما له أن يطرحها إذا لم يطمئن لها،و ذلك ما نصت عليه المادة 213 من قانون المرافعات الفرنسي التي أعطت للقاضي الحق في أن يستمع إلى الشهود ويستجوبهم عن كل الوقائع التي يجيز القانون إثباتها بشهادة الشهود وعن أية وقائع أخرى ولو لم يشر إليها قرار الإحالة للتحقيق (3).
ولقد ورد عن محكمة النقض ما يلي " لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة وعدم جواز مناقشة شهادة كل شاهد على حدا لإثبات عدم كفايتها في ذاتها " نقض بتاريخ :13/12/1981 طعن رقم 339 س 47 ق ، لذا فإن تقدير أقوال الشهود وتجريحهم مما يستقل به قاضي الموضوع وجاء ان تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان محكمة الموضوع نقض 30/04/ 1970
و 22/01/1974 (4) و القاضي عند تقديره لكفاية الشهادة أو عدم كفايتها يقوم بدراسة دقيقة لمعرفة مدى صدق الشاهد في أقواله ومطابقتها للواقع ، فيتأكد من مدى قوة تذكر الشاهد واستيعابه للوقائع كما ينظر في أخلاقه وكل الحركات التي يقوم بها أثناء سماعه.


1. نبيل إسماعيل عمر : سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية و التجارية – دراسة تحليلية و تطبيقية –دار الجامعة الجديدة للنشر طبعة 2002 صفحة 441 .
2.قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 04/04/1968 المجلة الجزائرية 1968 صفحة152
3. مجموعة مرافعات دالوز صفحة 30 طبعة 1975 لسنة 1983.
4. المأخوذ عن أنور طلبة المرجع السابق صفحة 263/264 .



وفي هذا يقول الدكتور رؤوف عبيد أن" القاضي قد يخرج من مجموع القضية بشعور عميق في نفسه بثبوت التهمة ويكون من الصعب تفسيره في الحكم فقد يسمع عشرة شهود إثبات يجمعون كلهم على شيء واحد ولكنه مع ذلك ليس ملزما بالأخذ بشهادتهم" .
وقد يرى أنهم غير صادقين سواء في نظراتهم أو نبرات أصواتهم أو أية حركة مع وجود قرائن أخرى تبدوا ضعيفة في الظاهر ولكنها مع ذلك يكون لها أثر كبير خفي في نفس القاضي ويصعب عليه أن يشرح في حكمه هذا الأثر ويبين بدقة مصدره مع التحقيقات وليس كل القضاة عندهم من البلاغة وقوة التعبير ما يجعلهم يصورون شعورهم بعبارات تقنع القارئ وتبعث في نفسه ذات الأثر الذي تولد في نفسه
لذا فالقاضي عند تقديره قيمة الشهادة لا يتقيد بعدد الشهود ولا بجنسهم ولا بسنهم فقد تقنعه شهادة شاهدان أو أكثر وقد يصدق امرأة ولا يصدق رجل وقد تكون شهادة صبي صغير أبلغ في إقناعه من شهادة رجل كبير ، والملاحظ أن التشريعات الحديثة لم تعد تأخذ بالنصاب الذي كان قائما في القديم وهو رجلان أو رجل وامرأتان أو شهود أربعة أو نحو ذلك .
لذا أطلقت حرية القاضي في تقدير الشهادة دون أن يتأثر في ذلك بكثرة أو قلة عدد الشهود وكذلك زالت ضرورة تزكية الشهود فلم يعد الشاهد يزكيه شاهد آخر بل الذي يزكيه هو مبلغ ما يبعثه في نفس القاضي من الاطمئنان، كما أن القاضي له أن يرجح شهادة عن أخرى وله أن يطرح شهادة إذا تشكك في صحتها كما له أن يأخذ بأقوال الشاهد ولو كان قريبا للخصم متى إطمئن له ، كذلك إذا اتفق الأطراف على أن يشهد شخص معين يثقون فيه فان القاضي لا يتقيد بشهادة هذا الشاهد فيجوز له أن يطرحها إذا لم يطمئن إليها ويبني قضائه في الدعوى على ما يطمئن إليه من أدلة أخرى في أوراق الدعوى .
غير أننا نجد الفقه قد اختلف في مسألة تسبيب حكم عدم اطمئنان القاضي لأقوال الشهود فنجد قانون المرافعات الفرنسي في قواعده المتعلقة بالإثبات ينص على ان القاضي لابد أن يصدر بها أمرا مسببا .
بينما يرى المشرع المصري أن قضاة الموضوع غير ملزمين بإبداء أسباب عدم اطمئنانهم لأقوال الشهود و يتعين أن تكون هذه الأسباب سائغة .
أما المشرع الجزائري يرى أن القضاة إذا لم يبينوا سبب تفضيلهم شهادة واحد على اثنين فان قرارهم يكون ناقص التسبيب (1) .


1. قرار المحكمة العليا رقم 9127 الصادر بتاريخ 31/08/1973 أشار إليه الدكتور يحي بكوش الأحكام القضائية وصياغتها الفنية الصفحة 69 .


إن تقدير الدليل لا يحوز قوة الأمر المقضي به إذن للقاضي الأخذ بأقوال الشهود سمعوا في قضية أمام محكمة أخرى يمكن للمحكمة المدنية أن تأخذ بشهادة شهود سمعتهم بعد أن كانت المحكمة الجنائية تشككت في صحة شهادتهم كما أن تحقيق المحكمة في واقعة ما بشهادة الشهود لا يمنعها من الاعتماد على أقوالهم في إثبات واقعة أخرى وتمتد سلطة القاضي بالنسبة للشهادة إذ يجوز أن يأخذ بجزء منها ويصرف النظر عن الجزء الآخر أي يصدق شاهدا في بعض أقواله دون البعض الأخر ولا يعتبر ذلك من طرف القاضي مسخا لشهادة الشاهد متى أورد جميع أقوله وأشار إلى ما فيها من تناقض ثم بين عقيدته منها(1).
ولقد نص المشرع الجزائري على فئة من الشهود وأوجب تصديقهم والأخذ بشهادتهم وهم مأمورو الضبط القضائي فيما يخص المحاضر والمخالفات التي يحررونها المادة 400 الفقرة 01 من قانون الإجراءات الجزائية .
ومما سبق يتبين أن الإثبات عن طريق شهادة الشهود هو ذا قوة محدودة فالقاضي يتمتع بالحرية الكاملة والسلطة المطلقة في الأخذ و الاعتماد على شهادة الشهود ، حسب ما يراه مناسبا أو صالحا للبت في النزاع المطروح عليه .
وهو غير ملزم حتى في الحالات التي يكون فيها تطابقا بين تصريحات كل الشهود ، بحيث يجوز له بناء على سلطته التقديرية ، أن يلجأ إلى وسائل الإثبات الأخرى ، وذلك خلافا للقاعدة الواردة في القانون القديم " لا عبرة بالشهادة الوحيدة ".













1. الدكتور عبد الوهاب العشماوي المرجع السابق الصفحة 140-141.


الفرع الثاني: القرائن القضائية
لقد سبق و أن قمنا بتعريف القرائن في الفصل السابق بصورة عامة و درسنا القرائن القانونية باعتبارها دليل من أدلة الإثبات التي تقيد سلطة القاضي في تقديرها .
و لما كانت القرائن نوعان قضائية و قانونية فانه لا بد من التقسيم بينهما و دراسة كل واحدة على حدا على اعتبار أن القرينة القضائية كدليل إثبات في المواد المدنية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي و السؤال الذي يطرح في هذا المجال ما هي القرائن القضائية ؟ و كيف يمكن اعتبارها دليلا يخضع لسلطة القاضي من حيث تقديره و من حيث تقدير عناصره؟.
القرينة القضائية هي كل قرينة لم يقررها القانون و يترك لتقدير القاضي أمر استنباطها بحيث يختار القاضي القواعد الثابتة و التي تسمى العلامات و يقوم فيها بعد ذلك باستخلاص الوقائع المراد إثباتها من الواقعة الثابتة و تعرف أيضا على أنها النتائج التي يستخلصها القاضي من واقعة معلومة لمعرفة واقعة مجهولة حسب نص المادة 1349 من القانون المدني الفرنسي .
و لقد نصت المادة 1353 من نفس القانون على :
« Les présomptions ne sont point établies par la loi , sont abandonnées aux lumières et à la prudence du magistrat, qui ne doit admettre que des présomptions graves , précises et concordantes et dans les cas seulement où la loi admet les preuves testimoniales à mois que l’acte ne soit attaqué pour cause de fraude ou de dol. »
بذا يتبين أن القرينة القضائية هي دليل غير مباشر إذ لا يقع الإثبات فيها على الواقعة ذاتها بوصفها مصدرا للحق بل يقع على واقعة أخرى قريبة منها و متصلة بها إذا ثبتت أمكن للقاضي أن يستنتج منها الواقعة المراد إثباتها ، و عناصر القرينة القضائية هي :
أ. عنصر مادي : و يقصد به الوقائع المادية المقر بها من قبل الطرفين كأن تكون قرابة أو صداقة .
ب. عنصر معنوي : و يقصد به الاستنباط الذي يقوم به القاضي في تفسير الواقعة.
و حالات الإثبات بقرائن قضائية محددة قانونا بنص المادة 340 من القانون المدني ، و لقد حدد المشرع
حالات قبول القرينة القضائية لما رخص الإثبات بها في كل ما يجوز إثباته بالبينة مما جعل سلطة القاضي في مجال القرائن القضائية محدودة نوعا ما.




أولا : سلطة القاضي في تقدير العنصر المادي
انطلاقا مما سبق يتبين أن القرائن القضائية تقوم على العنصر المادي المتمثل في الدلائل والأمارات المقر بها أحد الأطراف أو كلاهما والتي يعتبرها القاضي عنصرا أساسيا يبني عليه استنباطه أما عمله الذهني لمعرفة دلائل أو وقائع أو أمرات غير مصرح بها أو غير معلومة بملف الدعوى و هذا ما يعرف بالعنصر المعنوي ، وانطلاقا من ذلك فان القاضي له السلطة المطلقة في اعتماد الوقائع التي يتخذها أساسا لاستنباطه دون التقيد بما اختاره الخصوم من وقائع يريدون جعلها أساسا لاستنباط ما يدعونه واختيار قاضي هنا لتلك الوقائع يكون بكل حرية " فله اختيار وقائع ثابتة أمامه في الدعوى سواء من أوراق الملف أو خارج أوراق الدعوى وقد تختار من الوقائع التي كانت موضوع نقاش بين الخصوم" (1) والمهم أن تكون هذه الوقائع ذات صلة بالوقائع المراد إثباتها بحيث تسمح باستنباط الثانية من الأولى.
والقرينة القضائية من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها فهي مطلق تقدير القاضي نقض 04/11/1975 طعن رقم 372 س 30 ق ،وجاء أيضا أن استنباط القرائن القضائية من سلطة قاضي الموضوع يجوز الاعتماد على ما يستخلصه من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم أو من محضر استدلالات أو من شهادة شاهد لم يؤدي اليمين بلا رقابة عليه متى كان استنباطه سائغا نقض 05/05/1972 طعن رقم 811 س 42 ق (2) .
والملاحظ في هذا المجال أن القاضي يخرج عن مبدأ و لا يحكم إلا بما عرض عليه من أدلة في الدعوى ، ولقد ورد في الاجتهاد انه يجوز للقاضي أن يستنبط القرائن من التحقيقات التي أجريت حتى في غيبة الخصوم أو سبق تقديمها في دعوى أخرى أو تحقيق جنائي أو صدر فيها قرار من النيابة بان لا وجه لإقامة الدعوى أو على محضر تحقيق أجرته الشرطة أو على دفاتر تجارية غير منتظمة وقد ذهب الرأي في الفقه الفرنسي بان للقاضي في الأخذ بالقرائن القضائية أن يعود حتى إلى علمه الشخصي ببعض الوقائع ،وذلك ما يتنافى مع مبدأ الإثبات المدني الذي ينص بان لا يقضي القاضي حسب علمه وفيما لم يقدم له فيه دليل.





1. الدكتور عبد الرزاق السنهوري : المرجع السابق صفحة 330
2. الدكتور أنور طلبة : المرجع السابق صفحة496 /515


ثانيا : تقدير القاضي ما للعنصر المادي من دلائل

إن للقاضي سلطة في تقدير ما تحمله الواقعة الثابتة التي اختارها من دلالة لكي يستخرج منها الدليل على ثبوت الواقعة التي يراد إثباتها ، وما دام القاضي له سلطة تقديرية واسعة في مجال القرائن القضائية فانه بالضرورة له سلطة في اختيار أية واقعة كما سبق ليجعلها أساسا لاستخراج قرائن وبذلك قد تكون قرينة أو عدة قرائن في نفس المجال وله السلطة في اقتناعه بقرينة واحدة ورفض قرائن أكثر عددا لا لشيء إلا لإعمال سلطته التقديرية وتمحيصه للقرائن الضعيفة من القوية والمنتجة وفي هذا المجال يقول الأستاذ بواني " ان قرينة واحدة يمكن ان تكون قاطعة بينما في بعض الحالات لا تتوافر ثلاث أو أربع قرائن على أي قوة في الإثبات " (1).
ويكفي القاضي أن يبني حكمه على قرينة واحدة متى كانت قوية ومنتجة في الإثبات ويعتمد هنا على خبراته السابقة وفطنته وذكائه لأن هذه العملية تقوم على أساس بذل مجهود ذهني في تكوين الاعتقاد واستخراج وقائع مجهولة من وقائع معلومة أساسا لدى الأطراف لذا يبقى دائما استنباط القاضي يقوم على الاحتمال فعلى القاضي إبداء الكثير من الحيطة والحذر في هذا المجال .
والسؤال الذي يطرح في هذا المجال ما هي الحالات التي يجوز فيها الإثبات بالقرائن القضائية ؟
لقد أجابت على هذا السؤال المادة : 340 من القانون المدني " لا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بالبينة ".
يتبين من ذلك أن المشرع قد أجاز للقاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ، وذلك في نطاق ما يجوز إثباته بالشهادة وبذلك يتضح وجود تساوي بين القرائن القضائية والشهادة وتضييق المجال في الإثبات بها والسبب في ذلك أن الإثبات بالقرائن القضائية لا يخلو من الخطر (2) .











1- الدكتور مسعود زبدة : المرجع السابق الصفحة 69.
2. الدكتور عباس العبودي المرجع السابق الصفحة 284 - 285- .286


و أنه كلما اعتمد القضاة القرائن القضائية في غير موضعها التي يجيزها القانون ، فإنهم بذلك يخضعون للرقابة من المحكمة العليا لأن المسالة أصبحت مسألة قانونية حينما جعل المشرع الجزائري القرينة في منزلة الشهادة وهو لم يحدد مجال الإثبات بالقرائن القضائية وحدد مجال الإثبات بشهادة الشهود .
ولقد استحدث رجال القانون صورا من القرائن للإثبات كما جاء على لسان الدكتور سليمان مرقس التي لم يرد فيها نص في القانون كالتسجيل المغنطيسي للصوت والتصوير الشمسي وتحليل الدم ، حتى لا يتعارض ذلك مع النظام العام ، وأخيرا نقول أن من حق القضاة أن يقبلوا أو يرفضوا القرائن التي يعتمد عليها الخصوم في جميع القضايا التي يكون الإثبات فيها بالشهادة جائزا كما يتمتعون بسلطة تقدير خطورة القرائن وعلاقتها بالنزاع أو عدم علاقتها وكونها منتجة أو غير منتجة في النزاع .
كما أن القاضي غير ملزم أن يبين في الحكم أسباب اقتناعه أو تفضيله قرينة على أخرى، مادامت القرينة التي اعتبرها تؤدي إلى ذلك دليلا على ثبوت الواقعة في العقل والمنطق (1) ولكن إذا استمد القاضي القرينة من واقعة محتملة أو غير مقطوع بها أو واقعة لا وجود لها أو أن استخلاصه غير مقبول عقلا ويتعارض مع الثابت في أوراق الدعوى فالحكم هنا يكون معيبا ويستوجب نقضه ويبقى الشيء المميز للقرائن القضائية عن غيرها من أدلة الإثبات أنها بعيدة عن مخاطر التزوير مثل الكتابة وبعيدة عن التحيز مثل الشهادات وهذا لأن أساسها الوقائع التي لا تكذب ويقال أن هذه الأدلة نفسها قد يساء فهمها من طرف القاضي وان النتيجة التي يستنتجها منها قد تكون مغلوطة إلا أن العيب هنا ليس في الدليل نفسه إنما هو في تفكير القاضي ولقد جاء في إحدى القرارات أن استخلاص القرائن والأخذ بقرينة دون غيرها تدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية بغير معقب من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغا نقض في 08/01/1975 طعن رقم 128 س 40 ق (2) ولقد ورد في الاجتهاد القضائي أن تقدير القرائن مما تستقل به محكمة الموضوع ولها عند تقدير الدليل أن تأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة







1. المشرع الفرنسي نص في المادة 1353 من القانون المدني الذي حث القاضي على الأخذ بالقرائن الدقيقة والمطابقة لما هو يتعلق بالوقائع .
2. الدكتور أنور طلبة المرجع السابق الصفحة 516/517.


المطلب الثاني
اليـمـــــــيـن المتممــــــــــــة

لقد بين المشرع في القانون المدني أن اليمين نوعان و لقد سبق و أن درسنا اليمين الحاسمة في الفصل السابق باعتبارها دليل من أدلة الإثبات التي تتقيد فيها السلطة التقديرية للقاضي . و أنه و لما كانت اليمين المتممة هي الأخرى من أدلة الإثبات وجب تبيان التفرقة بينها و بين اليمين الحاسمة من حيث القوة في الإثبات و إطلاق أو تقييد حرية القاضي بشأنها .
و كذا يختلفان من حيث موجه اليمين ، فاليمين الحاسمة كما سبق توجه من طرف أحد الخصوم إلى الأخر و لا دخل للقاضي في توجيهها ، أما اليمين المتممة فإنها توجه من طرف القاضي لاستكمال اقتناعه في الوقائع المعروضة عليه .
و اليمين و إن كانت دليل من أدلة الإثبات فإنها بالدرجة الأولى عمل مدني و ديني في الوقت نفسه لذلك تؤدى بالصيغة و الأوضاع المقررة في ديانة الحالف أو من يؤديها ، و للإشارة أن أداء اليمين برفع اليد اليمنى للحالف و هو مكشوف الرأس طريقة متبعة لأداء اليمين و لا يوجد في التشريع الجزائري ما يدل على ذلك ، و فيما يلي سنقوم بدراسة سلطة القاضي في توجيه اليمين في الفرع الأول و تقدير قيمتها في الفرع الثاني .
الفرع الأول: سلطة القاضي في توجيه اليمين المتممة
لقد نصت المادة 348 من القانون المدني في فقرتها الثانية على مايلي : " للقاضي
أن يوجه اليمين تلقائيا إلى أي من الخصمين ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في ما يحكم به ." يتبين من نص هذه المادة بأن توجيه اليمين المتممة يكون في الدعوى التي ليس فيها دليلا ولقد قضت المحكمة العليا أن توجيه اليمين المتممة من طرف القاضي رغم وجود بينة كاملة لا تعتبر مخالفة يترتب عليها إلغاء الحكم (1) .
إلا أن المحكمة العليا قضت بأن قضاة الموضوع الذين يوجهون اليمين المتممة إلى أحد الخصوم أن يبينوا الأساس القانوني الذي استندوا إليه وإلا كان حكمهم معيب بعدم التسبيب (2). لابد


1.قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 22/03/1978 رقم 12724 مأخوذ عن الغوثي بن ملحة المرجع السابق الصفحة 93 .
2.قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 25/05/1977 رقم 12899 وفي قرار آخر صادر بتاريخ 09/03/1977 رقم 11664 نفس المرجع نفس الصفحة .



وللقاضي سلطة تقديرية في توجيه اليمين المتممة وله أن يطلب من أي طرف أدائها ، و الاختيار هنا منوط بتقديره ، وهي على حد قول الأستاذ السنهوري منوطة بتقدير القاضي له أن يوجهها على انه يجب أن يكون بشأن واقعة تمسك بها أحد الخصوم (1)، فليس للقاضي عرض واقعة جديدة وتوجيه يمين متممة بشأنها و هو في هذا المجال لا يخضع لأية رقابة وحتى وان طلب أحد الخصوم منه توجيه اليمين المتممة فتبقى له حرية وسلطة تقدير توجيهها أم لا بشرط أن تكون اليمين منتجة ومن شأنها تكميل ما يوجد بالدعوى من نقص ولا تكون مخالفة للنظام العام . ويبقى دائما على القاضي لزاما أن يبين في حكمه أساس توجيه اليمين المتممة ويسبب ذلك تسبيبا كافيا وإلا كان قراره معيبا بعيب عدم التسبيب ، و للإشارة فإن الخصم الذي يوجه له القاضي اليمين المتممة لا يجوز له أن يردها على خصمه ذلك حسب نص المادة 349 من القانون المدني.
ولقد جعل الفقهاء نوعان من اليمين توجه تلقائيا من القاضي وهما اليمين المتممة ويمين التقويم ولقد نصت عليهما المادتان 348-350 من القانون المدني .















1.الدكتور آدم وهيب الندوي : دور القاضي في الإثبات طبعة 1995 الصفحة 192 .

الفرع الثاني : تقدير قيمة اليمين المتممة
إن حجية اليمين المتممة هي أقل من حجية اليمين الحاسمة ، بحيث أنها مجرد إجراء تحقيقي يساعد القاضي على أحسن اطلاع للوقائع وهو حر في تقدير حجيتها (1) فقد شرعت له اليمين المتممة لتكوين اقتناعه في حالة ما إذا لم تحصل له قناعة كافية بالعناصر الموجودة في القضية ولكن تبقى نتائجها وآثارها غير ملزمة للقاضي و هو بذلك غير ملزم بالحكم لمصلحة من حلف اليمين المتممة وبالتالي نخلص : إلى أن اليمين المتممة هي دليل إثبات متروك للقاضي تقديره ويترتب على ذلك النتائج التالية :
1.إمكانية الرجوع عن اليمين المتممة متى ظهرت في الدعوى أدلة جديدة تكمل الأدلة الناقصة وتقنعه بأن ما يدعيه الخصم الذي حلف اليمين ليس له أساس .
أو بعد فحص أدلة الدعوى يرى القاضي أن الأدلة المقدمة كافية ولا وجود للأخذ باليمين المتممة ، أو أن يرى أن الدعوى خالية من أي دليل وبذلك لا يجوز توجيهها على اعتبار أنها تكمل الأدلة الناقصة ولا يمكن أن تكون في ذاتها دليلا كافيا.
2. الحكم الذي يكون مؤسسا على اليمين المتممة يمكن استئنافه وذلك ما جاء به الدكتور الغوثي بن ملحة في مرجعه السابق بجواز رفع الاستئناف في حكم اعتمد على اليمين المتممة (2) ويمكن هنا لمحكمة الدرجة الثانية أن تخالف حكم المحكمة الابتدائية التي بنت حكمها على اليمين المتممة .
ويبقى للمحكمة العليا مراقبة قضاة الموضوع إذا قاموا بتوجيه اليمين المتممة في دعوى تتضمن دليلا كاملا في الإثبات أو كانت الدعوى خالية من أي دليل ، أو إذا لم يبينوا أسباب عدولهم عن توجيه اليمين بعد أن حكموا بتوجيهها دون أن يستجد أي دليل في الدعوى (3) أو إذا لم يبينوا السبب الذي بنوا عليه حكمهم باليمين.






1- الدكتور الغوثي بن ملحة : المرجع السابق الصفحة 93-94 .
2- الدكتور أبو الوفا : التعليق على نصوص فانون الإثبات الطبعة الثانية من منشأة المعارف الإسكندرية الصفحة 353.
3- قرار المحكمة العليا 12899 الصادر بتاريخ 25/05/1977 رقم 11664و القرار الصادر بتاريخ: 09/03/.1977

المبحث الثاني
أدلـــــــــة الإثبــــــــــات الأخـــــــــــــرى
المطلب الأول
المــــــــــعاينة والخــــــــبرة
الفرع الأول : الخـــــــــــــــبرة
قد يتعذر على القاضي في بعض القضايا المطروحة عليه أن يباشر بنفسه تحقيق في كل أو بعض وقائع الدعوى ، سيما إذا كان التحقيق فيها يتطلب الإلمام بمعلومات فنية دقيقة وهي خارجة نوعا ما عن معارف القاضي ، ولذا يجوز له أن يستعين بالخبراء المختصين في كل المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب نقطة فنية معينة، أو كان الفصل في النزاع يتوقف على معرفة معلومات فنية في أي فرع من فروع المعرفة إذ ليس على القاضي أن يكون خبيرا في كل المواد والأمور التقنية المطروحة عليه بل يفترض فيه أن يكون ملما بالمبادئ القانونية والقواعد الفقهية والأحكام القضائية التي هي من صميم وظيفته لذا يمكنه تعيين خبير ولكن هذا لا يمكن أن يكون في أي حال من الأحوال منح من صلاحيات القاضي للخبراء مثل سماع الشهود أو إجراء تحقيق (1) فللقاضي الحرية في ندب الخبراء وبأي عدد يحدده وفي أي مجال من المجالات التي يراها مناسبة دون التنازل لهم عن صلاحياته المخولة قانونا وذلك ما جاءت به صريح المادة : 48 من قانون الإجراءات المدنية " يعين القاضي الخبير إما من تلقاء نفسه أو بناءا على إتفاق الخصوم ".
وقد جاء في عديد من قرارات المحكمة العليا ما يلي بيانه " من المقرر قانونا أن المهمة التي يكلف بها الخبراء المنتدبين من جهة قضائية معينة تنحصر في جمع المعلومات الفنية التي تساعد القاضي على حسم النزاع وتصور له القضية بصفة أعم وأشمل ، وانه لا يمكن أن تتحول هذه المهمة إلى منح الخبير صلاحيات القاضي مثل سماع الشهود وإجراء التحقيق ولما كان كذلك فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون" (2) وجاء في قرار آخر " من المقرر قانونا وقضاءا أن يأمر القاضي بإجراء الخبرة وتعيين الخبير مع توضيح مهمته التي تكتسي طابعا فنيا بحتا مع مراعاة عدم التخلي عن صلاحيات القاضي لفائدة الخبير" (3) .


1- الدكتور الغوثي بن ملحة : المرجع السابق الصفة 124.
2- ويلاحظ في الوقت الحالي كثرة لجوء القضاة إلى تعيين الخبراء حتى لأمور لا تستوجب ذلك .
3- قرار مؤرخ في 20/11/1985 ملف رقم 34653 المجلة القضائية لسنة 1989 العدد 04 الصفحة 71 .

أولا : سلطة القاضي في تعيين الخبير
للقاضي الحق في تعيين خبير في الدعوى متى تبين له ذلك فله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ، ولا معقب عليه في ذلك متى كان رفضه لتعيين خبير طلبه أحد الخصوم جاء لأسباب مبررة
مع الإشارة أن هناك من الحالات التي يلزم فيها القانون تعيين خبير و في الغالب تبقى السلطة التقديرية للقاضي في غير هذه الحالات المحددة قانونا، هي الأساس و من الحالات التي ألزم فيها المشرع القاضي بالرجوع إلى خبير لحسم النزاع مثل الحالات المنصوص عليها في المادة 358 من القانون المدني الخاص بالغبن الذي يزيد عن الخمس والمادة 724 من نفس القانون الخاص بقسمة المال بين الشركاء وكذا حالات طلب رفع بدل الإيجار المنصوص عليها في المادة : 124 من القانون التجاري وكذلك الحالات الخاصة بالتعويض عن حوادث المرور وحوادث الشغل وغيرها من الحالات التي لا تملك فيها المحكمة وسيلة أخرى غير الخبرة للفصل في القضايا المطروحة عليها .
والخبرة هنا تصبح مسألة قانونية لا بد من مراقبتها من طرف المحكمة العليا وكل إخلال بها يترتب عليه نقض القرار، وإذا كان قاضي الموضوع لا يخضع لرقابة المحكمة العليا بصدد عدم الاستجابة لطلب ندب خبير فانه يجب أن يكون رفضه قائما على أسباب مبررة أما إذا كان حكمه غير مسبب أو دون ذكر سبب معقول فيه لرفض الخبرة ودون أن يكون للمدعي وسيلة أخرى لإثبات ما يدعيه يكون القاضي بهذا قد أخل بحقوق دفاع الخصم الذي يعتبرها الوسيلة الوحيدة في الإثبات والتي هي حق لا يسمح القانون بحرمانه منه (1).










1. الدكتور عبد الوهاب العشماني: نفس المرجع الصفة 226-227 .



ثانيا : موقف القاضي من تقرير الخبرة
مبدئيا القاضي غير ملزم برأي الخبير (1) إذ يكون لقاضي الموضوع الحرية التامة في تقدير عمل الخبير الذي ندبه فله إن يأخذ برأيه إذا تبين له أن الحق في جانب هذا الرأي الذي وصل إليه الخبير في تقرير خبرته سيما إذا لم يعترض أحد الخصوم على ما يشير إليه تقرير الخبرة ، كما لقاضي الموضوع أن لا يأخذ برأي الخبير إذا رأى أن تقريره يشوبه البطلان أو أن استنتاجه غير صحيح أو مخالف للواقع أو متناقض مع الوثائق التي قدمها الخصوم في الدعوى ذلك أن القاضي هو خبير الخبراء إذا لم يقتنع الاقتناع الكامل له أن يجري خبرة جديدة ولقد تأكد مبدأ حرية القاضي في تقرير الخبرة في نص المادة 54 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات المدنية حيث جاء فيها " إذا رأى القاضي أن العناصر التي بني عليها الخبير تقريره غير وافية فله أن يتخذ جميع الإجراءات اللازمة وله على الأخص أن يأمر باستكمال التحقيق أو أن يستدعي الخبير أمامه ليحصل منه على الإيضاحات والمعلومات الضرورية والقاضي غير ملزم برأي الخبير" .
وبذلك فان المادة 54 من قانون الإجراءات المدنية قد أوضحت بعضا من المواقف التي قد يأخذها القاضي وهو يدرس و يتمحص تقرير الخبرة فإما أن يقتنع برأي الخبير ويراه مناسبا ومقنعا ومتناسقا مع بعضه البعض وبالتالي فهو يتبنى رأي الخبير ويحكم بالموافقة على جميع ما جاء بالتقرير " من المقرر قانونا أنه إذا كانت المسألة محل الخبرة فنية تخرج عن اختصاص القاضي فان هذا الأخير يلتزم برأي الخبير فإذا حدد الطبيب نسبة مئوية لعجز شخص معين فلا يجوز للقاضي أن يخفض هذه النسبة إلا إذا استند إلى خبرة طبية أخرى (2) وإما أن يرفض الخبرة كلية.
كما قد يرى القاضي أن بعض النقاط في التقرير جاءت غامضة وبالتالي لا يمكن الموافقة على الخبرة إلا بعد أن توضح تلك النقاط الغامضة كما يجوز للقاضي أن يأمر الخبير باستكمال النقص الموجود في التقرير ويجوز له في المقابل أن يجزأ رأي الخبير.
وفي كل الأحوال يجب على القاضي أن يعلل حكمه وإلا كان مشوبا بالقصور فلا يمكن للقاضي أن يؤسس رفضه لتقرير الخبير على مجرد التخميم أو الجهل .




1- قرار رقم 49302 المؤرخ في 11/04/1988 المجلة القضائية لسنة 1992 عدد 02 الصفحة 40.
2- الدكتور آدم وهيب الندوي نفس المرجع السابق الصفحة 211.

ومن بين أهم القيود التي ترد على سلطة المحكمة في تقدير رأي الخبير ما يلي :
1. دراسة الخبرة المقدمة بعمق ومحاولة جمع ما لديها من قوة وعدم التسرع في تقديرها.
2.عدم تشويه أو تغيير طبيعة التقرير عند تفسيره .
3.على القاضي تسبيب حكمه سواء كان قد صادق على تقرير الخبرة أو أخذ بما يخالفه ، وسواء أجريت خبرة واحدة أو عدة خبرات .
وللإشارة فان تقرير الخبرة لا بد أن يقدم محررا وموقعا عليه من طرف الخبير ، كما يمكن أن يقدم شفويا إذا طلبت هيئة المحكمة ذلك ولابد أن ينجز التقرير في المدة التي حددها القاضي ويودع كتابة الضبط في المدة المحددة.
وان عين عدة خبراء فيقومون بتقرير واحد إذا اتفقوا أما إذا لم يتفقوا فيقدم كل واحد منهم تقريره ويبدي رأيه مع التعليل (1).
وتقرير الخبرة لابد أن يتضمن جزأين فالجزء الأول يحتوي على تاريخ ومنطوق الحكم الذي عين به الخبير والمهام المحددة له واستدعاء الخصوم والسماع لهم ، أما الجزء الثاني يتضمن رأي الخبير وعادة ما يقفل المحضر بذكر التاريخ والمكان وبإمضاء الخبير(2) .
وتقرير الخبرة حجة بما اشتمل عليه من تاريخ وحضور الخصوم أو غيابهم أما فيما يتعلق بما أبداه الخصوم من الأقوال فقد كان القضاء الفرنسي يعتبره حجة بما تضمنه .
ولكن الأحكام الحديثة تميل إلى إطلاق سلطة المحكمة في تقديرها عند تكوين اعتقادها وأما ما استنبطه الخبير فليس له هذه القوة وللخصوم أن يدحضوه وأن يظهروا خطأه أو عدم مطابقته للوقائع بكل طرق الإثبات.
ولابد من الإشارة في نفس السياق أنه لا يصح الاحتجاج على تقرير الخبير إذا كان هذا الاحتجاج صادر من طرف لم يكن خصما في الدعوى التي ندب فيها هذا الخبير(3) .


1. محمود توفيق اسكندر: الخبرة القضائية - دار هومة - طبعة 2002 - صفحة 72 / 73
2. الدكتور عبد الوهاب العشماوي : المرجع السابق صفحة 223 .









 


قديم 2011-01-28, 15:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 اضافة

الفرع الثاني : المعاينة
أولا : مفهوم المعاينة
المعاينة بوصفها دليل من أدلة الإثبات تعرف على أنها" مشاهدة المحكمة لموضوع النزاع أو محله " ويرى جانبا من الفقه أن المعاينة من الإجراءات العامة الخادمة لمختلف أدلة الإثبات وأنها لا تعد دليل من أدلة الإثبات القائمة بذاتها وإنما فقط إجراء يسفر عن دليل يعد مجرد قرينة قد تأخذ به محكمة الموضوع (1) .
ولقد عرف الدكتور محمد زهدور المعاينة بأنها :" انتقال المحكمة إلى عين المكان لمعاينة محل النزاع بنفسها واستخلاص الدليل من مشاهدتها لغموض الدليل المقدم لها أو نقصانه" .
وبذلك تعد المعاينة من أهم أدلة الإثبات المباشرة في المسائل المدنية إذ أنها وسيلة ناجحة للوقوف على حقيقة النزاع وإظهار الحقيقة وإبداء الاعتقاد الأصح للمحكمة.
ثانيا : انتقال المحكمة للمعاينة
إن الانتقال للمعاينة قد يكون بناء على طلب الخصوم ،أو نتيجة قرار تلقائي من المحكمة لمعاينة محل النزاع ، وذلك ما أشارت إليه المادة 56 من قانون الإجراءات المدنية" في الحالات التي يأمر فيها القاضي من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم بالانتقال للمعاينة يحدد يوم وساعة انتقاله ويرسل إخطار للخصوم بدعوتهم للحضور للمعاينة "
وقد جاء في قرار للمحكمة العليا أنه " من المقرر قانونا أنه يجوز للمجلس إصدار أمر بإجراء تحقيق والانتقال قصد المعاينة الميدانية على أن يتم ذلك في شكل قرار تحضري مكتوب يذكر فيه أعضاء هيئة المجلس المعنيين بالانتقال ويبلغ منطوقه بواسطة كتابة الضبط بناء على طلب الطرف المستعجل ويحرر محضرا بالانتقال في جميع الأحوال" قرار رقم 22117 المؤرخ في 19/05/1982 المجلة القضائية لسنة 1989 العدد 01 الصفحة 29.
و من أجل كل ذلك يرى القضاء انه من الضروري أن ينتقل القاضي إلى عين المكان لمعاينة محل النزاع بمشاهدته واستخلاص الدليل من المعاينة ومجال المعاينة واسع إذ يشمل كل ما يقع عليه النزاع مما يضمن أن تكون المعاينة مجدية فيه ومهما كان موضوع النزاع سواء منقولا أو عقارا، ولقد انفرد القانون العراقي في هذا المجال بإجراء المعاينة سيما إذا كان هنالك غموض في محل النزاع على الشخص ذاته بمعرفة مدى التشوه الذي أصاب وجهه أو جسمه لإثبات الضرر الذي حدث نتيجة خطأ المدعى عليه ، غير أن القاضي غير ملزم بالاستجابة لطلب إجراء معاينة لان ذلك يعد من الرخص التي

1- أحمد نشأت : المرجع السابق صفحة 262

أعطيت له ، فإن رأى أنها غير مجدية في الدعوى أو أنها واردة على أمور ثانوية لا تساهم في حل النزاع أو انه يوجد في أوراق الدعوى ما يكفي لاقتناعه للفصل فيها أما إذا وجدت المحكمة أن المعاينة مفيدة ومجدية في حل النزاع وفيها مصلحة لتحقيق العدالة تقرر الانتقال للمعاينة حسب المادة 57 من قانون الإجراءات المدنية ، كما يجوز للقاضي أثناء إجراء المعاينة أن يسمع شهادة أي شاهد يرى لزوم سماع أقواله أو يطلب الخصوم سماعه وللمحكمة أن تتخذ كل الإجراءات التي تراها لازمة وذلك بحضور الشهود المادة 58 من نفس القانون وأخيرا يحرر القاضي عند إجراء المعاينة محضر الانتقال ويوقع عليه كاتبه ويدون فيه الأعمال المتعلقة بها ويودع المحضر محفوظات رئاسة كتابة الضبط المادة 59 من نفس القانون ، ولما كانت المعاينة من أدلة الإثبات المباشرة فقد تكون في بعض الأحوال الدليل القاطع الذي لا غنى عنه في حسم النزاع إلا أن المشرع منح القاضي سلطة تقدير الدليل الناتج عن المعاينة . ويجوز للمحكمة ان تعدل عما قررته من الانتقال للمعاينة إذا وجدت في أوراق الدعوى أو ظروفها ما يغنيها عن ذلك أو رأت ان الانتقال للمعاينة غير منتج في الدعوى أو غير متعلق بها وإنما يلزمها في هذه الحالة ان تبين أسباب العدول في المحضر كذلك يجوز للمحكمة ان تطرح ما أسفرت عنه المعاينة من نتائج وأن لا تأخذ بهذه النتائج بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها .
المطلب الثاني
الطرق العلمية في الإثبات المدني

إن التطور الهائل الذي وصل إليه التقدم العلمي لا سيما في مجال الاتصالات كشف عن أدلة جديدة تصلح لإثبات مختلف التصرفات القانونية والوقائع المادية ولا شك أن ترك هذه الوسائل الجديدة من دون تنظيم يعد من أهم المشكلات التي تواجه القضاة في المنازعات التي تقع بين الأفراد إذ يقف القاضي مقيدا أمام صرامة حدة الخاصية القانونية لطرق الإثبات وضوابط الدليل الكتابي لهذه الوسائل في الإثبات .
والملاحظ أن التشريعات العربية لم تذكر أي نص قانوني يحدد قوتها في الإثبات بالرغم من حداثة هذه التشريعات ومعاصرة بعضها لهذه الوسائل كقانون الإثبات المصري و القانون المدني الأردني و قانون الإثبات العراقي وكذا الجزائري .
إلا انه كان لازما علينا البحث في إمكانية استفادة القانون من وسائل التقدم العلمي سيما القانون المدني.




أولا : تحديد الوسائل العلمية
. فحص الدم I
يعد فحص الدم من الوسائل العلمية الحديثة التي فرضت نفسها في إثبات الكثير من القضايا المدنية والجنائية ، ومنها دعوى إثبات النسب فهده الاخيرة من ابرز القضايا وأكثرها تعقيدا .
وفحص الدم قطع شوطا كبيرا ، وأخذت به العديد من التشريعات ، بوصفه من الأدلة التي وصلت دقته في حالة نفي البنوة حدا قضي على احتمال الخطاء في الاعتماد عليه، وبذلك أصبح الاعتراض حول هذه الوسيلة الجديدة في الإثبات تشددا لا فائدة منه سيما ادا وجدت المحكمة قرائن قوية تسانده .
وإثبات النسب عن طريق فحص الدم قد قطع شوطا بعيدا وأخذت به الكثير من تشريعات الدول المختلفة لان العلم أثبت أن فصيلة دم كل شخص تبقى ثابتة مدى الحياة وتنتقل من الوالدين إلى الأطفال وفقا لقوانين الوراثة وهو فحص لا ينطوي على اي اعتداء على حريات الافراد مادام يجري بطريقة سليمة .
إلا أن الملاحظ أن التشريع الجزائري يقف جنبا إلا جنب مع الكثير من التشريعات العربية التي لم ترد فيه أية إشارة صريحة للاستفادة من فحص الدم سواء في القانون المدني أو قانون الأحوال الشخصية إلا ماسيأتي بيانه في الجزء الثاني من مناقشة المادة 40 من قانون الأسرة المعدل بالأمر 05/02 المؤرخ في 27/فبراير/2005 والى جانب دلك نجد تشريعكل من الولايات المتحدة الامريكية والمانيا وايطاليا وغيرهم نظموا هده المسالة ويبقى دائما للمحكمة ان تستنتج من رفض احد الخصوم اخد الدم بهدف تحليله دليلا على صحة ادعاء الخصم الاخر ويمكن القول في الاخير ان هدا الدليل اصبح له الحجية الكاملة في الاثبات .
شريط الكاسيت :. II
التسجيل الصوتي من الوسائل العلمية الحديثة التي ادخلت حديثا في مجال الإثبات المدني، وهي وسيلة تصلح لإثبات التصرف القانوني وأنه نظرا لشيوع استخدام تسجيل المخاطبة الهاتفية من قبل الأفراد عن طريق جهاز التسجيل الصوتي في أ شرطة تحفظ الصوت وتعيد سمعه للاستفادة منها في الحصول على دليل مادي لإثبات التعاقد.
ولسكوت غالبية التشريعات العربية عن بيان قيمة الكلام المسجل على الشريط فإن التساؤل يثار عن مدى مشروعية استخدام التسجيل الصوتي وبيان قيمته في الإثبات المدني ؟.
لقد تعرض الدليل المستمد من التسجيل الصوتي إلى انتقادات علمية وفنية ، منها انه ليس هناك ما يؤكد علميا بأن الدليل المستمد من المخاطبة الهاتفية المسجلة عن شريط التسجيل الصوتي يعود إلى من نسب إليه ذلك لأن أصوات الناس تتشابه في بعض الحالات ، كذلك احتمال وقوع التزوير على الشريط

المسجل وذلك إما بتقليد أصوات معينة أو بنقل أجزاء معينة من صوت مسجل على شريط آخر حتى يبدو لمن يسمعه بأنه حديث متكامل ، ولتفادي هذه الانتقادات يستلزم أن يكون الصوت المسجل قد جسد الواقعة بدقة كاملة إلى درجة يكون معها القاضي متأكد من معرفة حقيقة الأمور التي يستخلص منها الحقيقة ويستطيع الخبراء عن طريقها إجراء المضاهاة في ذبذبات صوت المتكلم وراي الخبير هنا استشاري .
ولقد إعتبرت أحد المحاكم الفرنسية الكلام المسجل على شريط الكاسيت بمثابة مبدأ ثبوت بالكتابة يوصف بشبه المحضر الذي تدون فيه أقوال الحضور عند استجوابهم و التشريع الانجليزي اعتبره بمثابة السند العادي واغلب التشريعات العربية سكتت عن بيان قوة الدليل المستمد منه واعطاه حجية الدليل الكامل كقانون الإثبات السوداني .
المخاطبة الهاتفية .III
لقد نظمت أغلب التشريعات التعاقد بالهاتف ، وأقرت بأنه تعاقد بين حاضرين في ما يتعلق بالزمان وبين غائبين في ما يتعلق بالمكان ، لكن لم تذكر شيء عن كيفية إثباته والإشكال يزيد حدة هنا عند عدم جعل المخاطبة الهاتفية وسيلة إثبات قانونية للمتعاقد في حالة المنازعات ، ضف إلى ذلك أن إثبات المخاطبة الهاتفية للتعاقد أمر في غاية الصعوبة إذ استلزم القانون إثبات التعاقد بالدليل الكتابي ، والقاضي يستطيع في ظل غياب التنظيم التشريعي لإثبات التعاقد بالهاتف أن يجعل من المتعاقد عن طريقه ، له مانعا ماديا يمنعه من الحصول على دليل كتابي ، وبالتالي يجوز له أن يأخذ بالشهادة والقرائن القضائية وتوجيه اليمين المتممة .
التيلكس .VI
يتسم التيلكس بسمة أساسية بوصفه يترك أثرا ماديا مكتوبا بآلة الطابعة على سند ورقي ، ويدخل ضمن السندات الالكترونية وهذا السند الالكتروني إذا طبقنا عليه ضوابط الدليل الكتابي بالمفهوم التقليدي وهي الكتابة والتوقيع فان هذا السند يفقد قيمته في الإثبات لذا فماهي قيمة السند المستخرج منها حاليا؟.
يعتبر الإثبات بالتيلكس نظام جديد يختلف عن الأدلة التقليدية المكتوبة والسائدة حاليا في طرق الإثبات وبالرغم من سرعة اتساع نطاق التيلكس في معاملات الأفراد فان التشريعات العربية لم تتطرق إلى هذا النظام الجديد لذا يثار التساؤل حول بيان قوته في الإثبات اد لا يمكن اعتبارها رسائل عادية وبالرغم من ان التلكس هو نتيجة التطور البرقي وهنالك بعص التشابه بين البرقيات المرسلة عن طريق البرق العادي والتلكس فلا نطبق عليه احكام البرقية لانعدام الشروط القانونية اي انعدام التوقيع ، وانه استنادا للمفهوم الواسع لشرطي الكتابة والتوقيع في ظل المفاهيم الحديثة التي أخذت بها الكثير من


تشريعات الدول المتقدمة والاتفاقيات الدولية يمكن أن نعد السند المستخرج من التيلكس سندا عاديا من نوع خاص بالرغم ، من عدم توفر شروط السند العادي فيه ، وفي نفس السياق اشار الاستاد بوريس الى ان التلكس في فرنسا يعد من ضمن الرسائل العادية(1).
السندات الإلكترونية المرسلة عن طريق الفاكس :VII.
الفاكس هو جهاز استنساخ بالهاتف ويعد من أسرع الوسائل التي تقدم الخدمات البريدية في عالم الاتصال واكثرها تطورا ويطلق عليها الاستنساخ عن بعد اذ ينقل الصور و السندات عن طريق شبكة الهاتف المركزية أو عن طريق الأقمارالصناعية وتسلم السائل والمستندات بنسخة منها في أسرع وقت اذ لايمكن أن تزيد عن 30 دقيقة مهما كان المرسل الية بعيدا ، فما هي قوة هذه السندات في الاثبات ؟
سيما بعد ماأجرت إدارة البريد أجهزة الفاكس للافراد ، وما قيمة السند الالكتروني المرسل عن طريق الفاكس والتي تسلم من المرسل اليه اذ انها ليست سندا اصليا انما هي صورة حرفية مستنسخة طبقا للاصل المرسل التي تبقى لدى المرسل اذا كان لديه عقد إيجار جهاز الهاتف( الفاكس) أو تبقى لدى دائرة البريد التي تحتفظ بالأصل اذا كان السند مستخرج عن طريقها .
اذا طبقنا على السند الإلكتروني أحكام السندات الكتابية بالمفهوم التقليدي فلايخلو عن وصفه صورة لسند كتابي عادي ، وإن كانت خالية من التوقيع لكن صدورها من موظف عام مختص يضفي عليها ذلك .
ففي ظل المفهوم التقليدي للسندات يمكن أن نطبق أحكام البرقيات على السندات الالكترونية المرسلة عن طريق البريد الالكتروني للتشابه بينهما ولكن بشرط أن يكون أصل السند مودعا لدى مكتب اصدار البريد موقعا عليه من المرسل والا يكون أصل السند قد اتلف من مصلحة البريد .
ولقد أخذت الاتفاقيات الدولية المعاصرة ،وكثيرا من التشريعات الأخرى بالمفهوم الحديث للسندات الالكترونية ، ومنها السندات المرسلة عن طريق الفاكس وجعلت لها حجية متميزة في اثبات التعاقد الذي يتم عن طريقها وأدرجتها ضمن السندات الكتابية ، ولقد نصت المادة 14 الفقرة الثالثة من اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بنقل البضائع بحرا لسنة 1978 ( قواعد هامبورغ ) على نفس الحجية والقوة التي رصدت للفاكس .




1. Boris sturck par henrio rolond laurent boyer ,introduction au droit 2eme edition li (21) tes 1988 page 584.

الفرع الثاني : استفادة المشرع من الوسائل العلمية
لم ينص المشرع الجزائري في القانون المدني ولا في قانون الإجراءات المدنية عن الوسائل العلمية في الإثبات المدني ، وذلك ما ينبئ عن وجود فراغ كبير في هذا المجال.
و استدراكا منه قام في قانون الأحوال الشخصية في التعديل الأخير بفسح المجال للقاضي للاستفادة من الوسائل العلمية في الإثبات ، ولكن لم يقم بتحديدها بدقة وإنما جاءت مجملة وعامة ولقد أحسن المشرع في ذلك ، لأن من أهم مميزات المسائل العلمية في الإثبات التغير وعدم الاستقرار فقد تكون هناك من الأدلة العلمية ما تثبت العلاقات القانونية والوقائع المادية ، وبعد مرور فترة من الزمن يظهر ما هو أحسن من ذلك.
ولقد أحسن المشرع في المادة 40 من قانون الأسرة بإطلاق يد القاضي في إثبات النسب الذي يعد من أصعب الأمور في الإثبات بنصها على أنه : " يثبت النسب بالزواج الصحيح او بالاقرار او بالبينة او بنكاح الشبهة او بكل زواج تم فسخة بعد الدخول طبقا للمواد 32-33-34 من هذا القانون .
ويجوز للقاضي الجؤ الى الطرق العلمية في اثبات النسب " .
والملاحظ ان القضاة كانوا يطبقون هذه الطرق حتى قبل ان ينص عليها المشرع واتبعوا طرق اخرى لم نقم بدراستها ضمن الطرق العلمية في الاثبات ، مثل الفحص البيولوجي .














الخـــــاتــمـة
من خلال دراستنا المتواضعة لسلطة القاضي في تقدير أدلة الإثبات المدنية تبين لنا ان القاضي المدني و ان كانت سلطته مقيدة بهذه الأدلة لا يخرج عنها إلا ان له حق المفاضلة في كثير من الأحيان بين دليل و آخر و لحظنا ان له سلطة تقديرية واسعة في بعض الأدلة ولقد أحسن المشرع عندما منحه إياها سيما و ان القاضي أكثر احتكاكا بالدعوى و أطرافها مما يسمح بإعطاء الأمور حقها و نصابها و تقدير شهادات الأطراف و تجعله يوجه اليمين المتممة لاستكمال اقتناعه و ذلك فيه من مراعاة الكثير من مصالح الخصوم سيما من تعسر عليه الدليل الكتابي الذي جعله المشرع على رأس أدلة الإثبات إذ يستخدم في الإثبات مهما كانت الوقائع المراد إثباتها .
و لقد خلصنا من دراستنا لهذا الموضوع بأنه لا بد من إجراء تفرقة بين أنواع من طرق الإثبات والمتمثلة في الكتابة واليمين الحاسمة والإقرار والقرائن القانونية التي غالبا ما تكون حجيتها مبينة ومضبوطة من طرف المشرع و الشهادة والقرائن القضائية واليمين المتممة التي يترك فيها نصيب كبير لتقدير حجيتها للقاضي.
و القاضي عندما تطرح عليه الوقائع محل النزاع لا بد عليه أولا من التفرقة بين تلك الوقائع إذا كانت تصرفات قانونية أو هي وقائع مادية فذلك بالأهمية بمكان سيما في توظيف طرق و أدلة إثبات الوقائع المادية جائز بكل طرق الإثبات و لو أنتجت تلك الوقائع المادية مركزا قانونيا كالحيازة وأما إثبات الروابط القانونية خاضعة لقيود بينها القانون وحددها لإثبات الالتزام أو التخلص منها ، ولا يمكن الإثبات والاستدلال بغيرها على وجود هذه الروابط القانونية .
والجدير بالذكر في هذا المجال أن هذه الأدلة وإن كانت سلطة القاضي فيها قليلة ومحدودة المجال فالمشرع الذي قيد هذه الأدلة وحصرها جانب الصواب في ذلك باعتبار أن أدلة الإثبات سايرت التطور العلمي وأصبح هناك من المسائل التي لا يجوز إثباتها إلا بتلك الطرق العلمية و قد تكون أيسر للأشخاص في الإثبات من غيرها ، وقد تكون صعبة لوجود كثير من الانتقادات الموجهة لهذه الطرق وقد تكون هذه الوسائل على درجة كبيرة من الصواب إلى حد بعيد إذ لايمكن دحض حجيته في كثير من الأمور سيما إثبات النسب الذي تدارك المشرع الجزائري فيه نفسه و أصبح يسمح بعد التعديل الأخير لقانون الأسرة بإثباته بكل الوسائل والطرق العلمية .
وما نأمله هو أن يكون تدارك هذا النقص بالسماح للقاضي بالاستدلال بالطرق والوسائل العلمية جميعها على أن يحدد لكل طريق من هذه الطرق حجيتها لمعرفة سلطة القاضي بشأنها .


ومن جملة الاقتراحات التي نخرج بها من هذا البحث هي :
1. الاهتمام أكثر بمجال الإثبات وتحيين وتعديل هذه القواعد التي تعتبر الأساس في جميع الدعاوى فالدعاوى مهما كانت موضوعاتها لا يمكن التحكم فيها إلا عن طريق الإثبات .
فكلما زادت قواعد الإثبات تحكما وتوسعا ودقة أصبح سهل على القاضي أن يفصل في أي نزاع وبالطرق السليمة .
2. السماح للقاضي من الاستفادة من وسائل التقدم العلمي في الإثبات .
3. على المشرع عند السماح بالاستفادة من طرق وأدلة الإثبات العلمية أن يحددها ويبين كيفية الإستفادة منها وتبيان حجيتها ليسهل على القاضي معرفة مدى إعمال سلطته التقديرية بشأنها.


























قائمـــة المراجـــع

أولا : المؤلفات :
1. باللغة العربية :

*الوجيز في طرق الإثبات المدنية في التشريع الجزائري
.محمد زهدور: ديوان المطبوعات الجامعية.طبعة 1991.

*طرق الإثبات في المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية
.أحمد نشأت : دار الفكر العربي .طبعة 1994.

*قواعد وطرق الإثبات ومباشرتها في النظام القانوني الجزائري
.الغوثي بن ملحة .الديوان الوطني للأشغال التربوية .الطبعة الأولى 2001

*الخبرة القضائية .محمد توفيق إسكندر : دار هومة .طبعة 2002.

*دور القاضي في الإثبات .
.آدم وهيب الندوي .طبعة 1995.

*التعليق على قانون الإثبات
.أبو الوفا .منشأة المعارف.الإسكندرية. الطبعة الثانية.

*أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية
. سليمان مرقس . دار الكتاب الحديث . القاهرة . الجزء الأول 1991 .

* أدلة الإثبات في القانون المدني الجزائري و الفقه الإسلامي .
. يحي بكوش . المؤسسة الوطنية للكتاب . الجزائر الطبعة 02 .

*الأحكام القضائية و صياغتها الفنية .
. يحي بكوش . المؤسسة الوطنية للكتاب . الجزائر. 1984.

* شرح أحكام قانون الإثبات .
. عباس العبودي . دار الثقافة للنشر و التوزيع سوريا .1999.

*الوسيط في القانون المدني الجديد .
. عبد الرزاق السنهوري .دار إحياء التراث العربي .بيروت .لبنان. الجزء الثاني

* طرق و أدلة الإثبات في المواد المدنية و التجارية و الأحوال الشخصية.
.أنور طلبة . دار الفكر العربي .1994 .

* سلطة القاضي التقديرية في المواد التجارية و المدنية .
. نبيل إسماعيل عمر. دار الجامعة الجديدة للنشر . الإسكندرية. 2002

* الموسوعة العلمية للأحكام .
. عبد الودود يحي . محكمة النقض . القاهرة . 1982 .الجزء 01/02 .

* إجراءات الإثبات في المواد المدنية و التجارية .
. عبد الوهاب العشماوي . دار الفكر العربي . الطبعة 01 . 1975 .

*الاجتهاد القضائي وفقا لأحكام القانون المدني .
. عمر بن سعيد .دار الهدى . عين مليلة . الجزائر

2. باللغة الفرنسية :

* boris sturck par henrio roland laurent boyer , Introduction au droit - 2 edition litec , 1988
ثانيا : النصوص القانونية

* الأمر رقم : 66-154المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ :08 يونيو سنة1966 المعدل و المتمم بموجب القانون رقم : 01/05 المؤرخ في 22مايو 2001المتضمن قانون الإجراءات المدنية .

* الأمر رقم : 75/58 المؤرخ في 20 رمضان عام 1395 الموافق لـ :26/09/1975 المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم مؤخرا بالقانون رقم : 05/10 المؤرخ في : 20 يونيو 2005.
* قانون الأسرة المعدل بموجب الأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27/فبراير/2005.
ثالثا : المجلات المتخصصة

* مجموعة المرافعات دالوز .1983 طبعة 1975 .
* الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية . عدد خاص 2001.
* المجلة القضائية لسنة 1967 عدد 01.
* المجلة القضائية لسنة1968 عدد 01.
* المجلة القضائية لسنة 1992 عدد 01 و03.
* المجلة القضائية لسنة 1993 عدد 03 .
* المجلة القضائية لسنة1994 عدد 02 .
* المجلة القضائية لسنة 1991عدد 03 و02
* المجلة القضائية لسنة 1990عدد 04 و03
* المجلة القضائية لسنة 1989عدد 04 و01
* المجلة القضائية لسنة 1986 عدد 02










قديم 2011-01-28, 15:14   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ouezaz mouaadh
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ouezaz mouaadh
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع بارك الله فيك










قديم 2011-01-28, 15:40   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B18 رد

السلام عليكم أين تسكن بالضبط في مدينة سوق أهراس










قديم 2011-01-28, 16:30   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ouezaz mouaadh
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ouezaz mouaadh
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

1700 و انت










قديم 2011-01-28, 16:36   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B18

حتى أنا أسكن في حي 1700سكن أمام إكمالية جيلالي اليابس.










قديم 2011-01-28, 17:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Mh04

و انت أين تسكن بالضبط في حي 1700 سكن.










قديم 2012-07-02, 09:20   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










قديم 2012-10-22, 20:43   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
pretty meri
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع بارك الله فيك










قديم 2012-12-08, 16:50   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
choayb1987
عضو فريق رفع إعلانات التوظيف
 
إحصائية العضو










افتراضي


بارك الله فيك










 

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلة, الإثبات

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc