الفاتح نوفمبر 1954 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر

تاريخ الجزائر من الأزل إلى ثورة التحرير ...إلى ثورة البناء ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الفاتح نوفمبر 1954

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-11-01, 11:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
SAYA1998
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية SAYA1998
 

 

 
إحصائية العضو










B9 الفاتح نوفمبر 1954

هل فكر الجزائريون في سر اختيار الفاتح نوفمبر لانطلاق الثورة .

ان المتأمل يرى جليا ان الجزائريين
ارادوا التميز عن فرنسا في كل شيء ترى لماذا اختاروا اذن التأريخ لثورتهم
بالتأريخ الصليبي المسيحي ؟؟؟ غير ان الحقيقة التي لا يعرفها معظم
الجزائريين خاصة ال
متأخرين منهم هو ان الذين خططوا للثورة لم يختاروا ابدا
التاريخ الصليبي انما كان الفاتح من نفمبر 1954 اي 01/11/1954 كان موافقا
للثاني عشر من ربيع الاول من عام 1374 اي ميلاد النبي محمد صلى الله عليه
وسلم ولقد اختير هذا التاريخ تيمنا بميلاده صلى الله عليه وسلم مما يدلل
ان الثورة كانت اسلامية وكان الاسلام محركها

وهذا هو نداء 01_11_1954
نداء إلى الشعب الجزائري
أيها الشعب الجزائري.
أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية
أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأنناـ نعني الشعب بصفة عامة والمناضلين بصفة خاصةـ نعلمكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكم الأسباب العميقة التي دفعتنا إلى العمل بأن نوضح لكم مشروعنا والهدف من عملنا ومقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الإستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي .
ورغبتنا أيضا هوأن نجنبكم الإلتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاءها الإداريون وبعض محترفي السياسة الإنتهازية.
فنحن نعتبر قبل كل شئ أن الحركة الوطنية بعد مراحل من الكفاح قد أدركت مرحلة التحقيق النهائية فإ ذا كان هدف أي حركة ثورية في الواقع هوخلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية فإننا نعتبر أن الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الإستقلال والعمل أمافي الأوضاع الخارجية فإن الإنفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الدبلوماسي وخاصة من طرف إ خواننا العرب والمسلمين .
إن أحداث المغرب وتونس لها دلالتها في هذا الصدد فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحريري في شمال إفريقيا . ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هده الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة.
إن كل واحدمنها إندفع اليوم في هذا السبيل أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث وهكذا فإن حركتنا الوطنيةقد وجدت نفسها محطمة نتيجة لسنوات طويلة من الجمود والروتين توجيهها سيء محرومة من سند الراءي العام الضروري قد تجاوزتها الأحداث الأمر الذي جعل الإ ستعمار يطير فرحا ظنا منه أنه قدأحرز أضخم إنتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية.
إن المرحلة خطيرة
أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لاتزال سليمة ومصممة أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص والتأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب أخواننا المغاربة والتونسيين .
وبهذا الصدد فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين الذين يتنازعان السلطة .إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الإعتبارات التافهة والمغلوطة لقضية الأشخاص والسمعة والذلك فهي موجهة فقط ضد الإستعمار الذي هو العدوالوحيد الأعمى الذي رفض أمام وساِئل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية .
ونضن أن هذه الاسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تضهر تحت إسم:جبهة التحرير الوطني .
وهكذا نتخلص من جميع التنازلات المحتملة ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الإجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحريري دون أدنى إعتبار أخر .
ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر في ما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي


حرر في: الفاتح من نوفمبر 1954

الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني


تحيا الجزائر حرة ابية









 


رد مع اقتباس
قديم 2015-11-01, 14:59   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ilyes055
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ilyes055
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ربي يرحم الشهداء و ربي يحفظ البلاد ان شاء الله










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-01, 18:26   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
SAYA1998
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية SAYA1998
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم امين شكرا على المرور










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-06, 22:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد دحماني أحمد بن الحاج عامر ..أول من جاهد وآخر من استشهد
"]نقلا عن كتاب الدكتــور عباسي عبد الحميد (منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير)

رجل ليس كباقي الرجال ،صَدرٌ مقدم في فضائل كثيرة ، وقد توفر فيه من الصفات والخصال ما يتمنى أي رجل أن تتوفر فيه، رزانة وحنكة ، بطولة ورجولة ، مروءة و شهامة ، عفة ووجاهة ،تدين وخلق كريم ،عاش عزيزا صنديدا، ومات مجاهدا شهيدا ،كان يجدر بأبناء هذه المنطقة أن يخلدوا ذكر هذا البطل المغوار الذي جاد من أجل تحرير وطنه و عزة وكرامة شعبه بأعز و أغلى ما تجود به النفوس الكبيرة ، والهمم العالية : المال والنفس والولد ، ويقيمون له تمثالا لائقا في المدينة يفيه بعض حقه.
ولد الشهيد أحمد بن عامر دحماني بمدينة بن سرور عام 1908 كان ترتيبه السادس بين إخوته السبعة،عاش وترعرع في بيت كريم من أكبر وأعرق بيوتات عرش أولاد خالد حسبا ونسبا وثراء ، فأبوه عامر بن دحمان من أغنياء وأعيان العرش ،ذو منزلة وكلمة مسموعة فيه .
تعلم الطفل أحمد القرآن الكريم في بيت والده على يد الشيخ على الشريف أحد شيوخ زاوية طولقة العثمانية ، غير أن ظروف وفاة شقيقه الأكبر "علي" والتحاق شقيقه الآخر السقاي بالخدمة العسكرية الإجبارية رسمت للشاب أحمد مسارا آخر لم يكن في حسبانه، حيث قام والده بتزويجه من أرملة شقيقه وتحميله مسؤولية رعاية وإدارة شؤون الأسرة، وبعد وفاة والده ورث عنه المال والجاه والفروسية والحنكة ورجاحة العقل،ومؤازرة المحتاجين والسعي إلى أعمال الخير وإصلاح ذات البين.
انخرط الشهيد في صفوف أحزاب وتنظيمات الحركة الوطنية التي كانت تنشط على مستوى بن سرور،وكان من أوائل الناشطين في صفوف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ،كما ناضل في صفوف حزب البيان والحرية ، والاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري "u.d.m.a"وعند زيارة وفد الحركة الوطنية برئاسة فرحات عباس إلى بن سرور سنة 1946 كان الشهيد أحمد دحماني في جملة مستقبليه، وظل مواظبا على نشاطه السياسي الوطني ينشر الوعي بين أبنائه وأقاربه وأصدقائه ويدفع اشتراكاته بانتظام حتى بداية قيام الثورة التحريرية المباركة.
حين لاحت بشائر الكفاح المسلح في المنطقة وبدأت التحركات الأولى لإعداد المراكز واللجان الشعبية الداعمة للثورة وتهيئة الظروف والنفوس لانطلاقها بهذه الناحية كان الشهيد أحمد حاضرا ومواكبا ومباركا ومشاركا في تلك التحضيرات، وعند بدء الاتصالات الأولى التي جرت بداية من ربيع 1955 تحضيرا للثورة في المنطقة، حين قدم رجال الأوراس مبعوثو الشهيد مصطفى بن بولعيد، وهم: الصادق جغروري ،محمد بن أحمد عبدلي ،وعلي برباش، والحسين بن عبد الباقي ،بمعية الشهيد علي بن المسعود بوصفه من أبناء الجهة العارفين بمسالكها وبتضاريسها ،استقبلهم الشهيد دحماني أحمد بن عامر في بيته "بجبل القنانة "،وتدارس معهم مسألة التحضير لانطلاق الثورة في المنطقة ، وأخذ منهم التعليمات اللازمة وما يجب عليه القيام به ،وقبل ذلك كان قد حضر لقاء تنظيميا بامدوكال مع بعض وجوه المنطقة أمثال سي محمد عباسي، بن صوشة عبد الرحمان ،بن الموفق عبد الحفيظ ،مرفاد السعيد وغيرهم.
وعندما بدأت النشاطات الأولى للمجاهدين كلفته السلطات الفرنسية رفقة الشهيد بن دحمان بلقاسم بحراسة المدينة ليلا والتصدي لتسلل المجاهدين إليها،لكن الشهيدين بدل أن يكونا عينا لفرنسا وعونا لها كانا عينا وعونا عليها، وأصبحا حراسا أمناء للثوار وخداما أوفياء للثورة المباركة يدعمانها ويوفران لها كل أسباب النجاح والاستمرار، وما إن تمكنا من التدريب والحصول على السلاح حتى تركا المهمة والتحقا بالثورة.
لقد كان الشهيد بإيمانه العميق وسلوكه الوطني الصادق يمثل حالة ثورية فريدة وغير مسبوقة ،فقد عزم على اللحاق بركب الثورة منذ الأيام الأولى ، وتاقت نفسه الأبية للجهاد بكل ما يستطيع، لأن الجهاد بالنسبة له واجب مقدس و شرف عظيم تعجز عنه الأماني وتنقطع دونه الآمال ، لكن يبدو أن قيادة الثورة كان لها رأي آخر ربما بسبب كبر سنه نسبيا ، ونظرا لسمعته ومكانته الاجتماعية ،فقد قدّرت أن الحاجة إليه في الوسط المدني أكثر منها في صفوف المجاهدين في الجبال،ولذلك بادر هو بإرسال ابنه عامر يوم 12 سبتمبر1955 إلى الجبل، ويُروى أنه قام بغسله غسل الميت وألبسه ما يشبه الكفن واشترى له بندقية حربية من ماله وسلمه بنفسه لقيادة الثورة،* أما ابنه الأكبر المختار فقد كان وقتها يِؤدي الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي فأرسل إليه آمرا إياه أن يأخذ سلاحه ويلتحق فورا بصفوف الثورة وهو ما حدث بالفعل دون إبطاء،فلا حرية ولا كرامة ولا شرف في ظل العبودية ،وعار الاستعمار وذله تغسله الدماء الزكية الطاهرة ،و هو في ذلك يستلهم قول المتنبي ويؤمن به:
لا يسلم الشرفُ الرفيعُ من الأذى حتى يراقَ على جوانبه الدم(01)
وقد كان الشهيد خلال مساره الثوري يقوم بما يشبه التنسيق بين وحدات جيش التحرير الوطني بالمنطقة ، ويروي ابنه المجاهد عامر أنه كلما كانت لوالده مهمات تتطلب سرعة التنفيذ طلب إحضار فرس عباسي الحاج بن لخضر ، وهو فرس مشهور في المنطقة بصفات ومميزات خاصة ،وغالبا ما كان يستعمله رجال الثورة في مهماتهم وتنقلاتهم ، و بحكم اتصاله الدائم بجيش التحرير فقد حضر الشهيد أحمد وشارك في إعداد كمين للقوات الفرنسية يوم 01 أفريل 1956 في المكان المسمى "طباقة الجيش" على الطريق الرابط بين بن سرور وبوسعادة قتل فيه أحد أعوان الإدارة الفرنسية ويدعى احمد بن الشريف، وعلى إثر هذه العملية ،وبعد انكشاف أمره لدى السلطات الفرنسية سارع إلى الالتحاق بجيش التحرير بجبل "سواقيد" يوم 01/04/ 1956(02) ،واعتبر هذا التاريخ تاريخا رسميا لالتحاقه بجيش التحرير الوطني.
أشرف الشهيد أحمد بن عامر على إنشاء مركز دائم لدعم الثورة في جبل "بوميدق" بالمغنية كان يسيره المجاهد رويني الطيب بن بايزيد. (رقم94 ،ورقم 95)

و قد عُرف الشهيد بين رفاقه بأنه مقاتل شجاع صاحب قوة و بأس، فارس مغوار ذو سيف بتار وصاحب تاريخ مكلل بالمجد والفخار ،و من المعارك والكمائن التي خاضها أو شارك فيها جنبا إلى جنب مع عناصر جيش التحرير الوطني ومنهم بعض أبنائه نذكر ما يلي:
* معركة العروسين في جبال العمور سنة 1956 بقيادة سي الحواس.
*.الهجوم على مركز عين غراب بقيادة شعبان لاصيان سنة 1956.
*.معركة الزرقة بقيادة عامر بن الحاج صالح.في 05فيفري 1957
*.معركة الزعفرانية الأولى "معركة المقر" في 31 ديسمبر 1957.
*.كمين بوادي دبابة بناحية الجب بقيادة علي بن المسعود في خريف 1956 واستشهد فيها الشهيد لخضر عباس (مدوكال).
*.كمين بناحية الشعيبة بقيادة ابنه عامر صيف 1956.
*.كمين بمنطقة " عين العنقة أو طباقة الجيش" في01 أفريل 1956.
استشهـــاده:
قادته الأقدار والأجل المحتوم إلى زيارة ابنه علي القاطن بالمكان المسمى "ضلعة العش" مع بعض رفاقه ، وعلى إثر وشاية من أحد العملاء الخونة حاصرت القوات الفرنسية المكان وتم إخراجه من المخبأ الذي كان داخل الخيمة مع رفاقه و هم : بن لقريشي محمد عريف سياسي من" وادي الشعير"، أخذ حيا إلى مركز وادي الشعير ،وتم إعدامه في اليوم الموالي ، محمد التلي عريف عسكري من عرش المخاليف،وتم إعدامه في عين المكان، وبن دحمان بلقاسم "من بن سرور"وكان يسكن قريبا منه أخذوه من بيته وأعدموه في المكان ذاته. وفور خروج الشهيد أحمد من المخبأ بصق على الخونة فأمره القائد أن يجثو على ركبتيه حتى يحكم وثاقه فرفض ذلك وقرر أن يموت واقفا شامخا لأنه يدرك معنى أخذه حيا وماذا ينتظره في مركز الاعتقال من تحقيق وتعذيب ، فأطلق عليه الضابط النار وارتقى البطل شهيدا إلى رحاب الله يوم الأحد 18 فيفري 1962 الموافق ل: 12 رمضان 1381 هجرية قبيل حوالي شهر من وقف القتال فكان دحماني أحمد بن الحاج عامر بذلك آخر شهيد عسكري بالمنطقة ،بعد أن دخل سفر التاريخ كأول من التحق بها في هذه الجهة وآخر من استشهد في ساحتها،المجد والسؤدد والفخار للشهداء الأبرار، والخزي واللعنة والعار للخونة الأشرار.
إن الشهيد لحي عند خالقه وإنما الميت حقا خائن الوطن(01)










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 14:06   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب تاريخي مهم من تأليف الدكتور عباسي عبد الحميد يتناولا جانبا من تاريخ الثورة بالمنطقة الثالثة الولاية السادسة التاريخية (الناحية اأولى .بوسعادة وضواحيها) وأهم الشخصيات والأحداث بهذه الناحية


[IMG][/IMG]










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 14:25   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي


المجــاهد: بن المداني عبد الجبــار.

[IMG][/IMG]
اسم من الأسماء الثورية المعروفة بالمنطقة الثالثة التي لا يمكن نسيانــها أو تجاهل دورها ..ولد سنة 1930 بوادي الشعير دائرة بن سرور في عائلة متوسطة الحال ، نشأ وترعرع في بيئة ريفية تعمل في الفلاحة وخدمة الأرض ،حفظ ما تيسر له من القرآن الكريم وتحمل مسؤولية الأسرة يافعا لم يتجاوز العاشرة من العمر ،وعند اندلاع الثورة التحريرية التحق عبد الجبار بصفوف جيش التحرير بالمنطقة الثالثة الولاية السادسة وتقلد عدة مسؤوليات أثناء الثورة ، وتدرج في الرتب والمسؤوليات حتى وصل إلى رتبة ضابط جيش التحرير "ملازم أول".
كان المجاهد عبد الجبار يمتاز بالشجاعة والجسارة والإقدام ويمتلك عبقرية نادرة في تنظيم المعارك والتخطيط لها وخوضها والانتصار فيها،وقد شارك وقاد معارك كثيرة ضارية ضد العدو الفرنسي الغاشم وحليفه جيش الخائن بلونيس ، وكان قادة الجيش الفرنسي يعرفون جيدا من هو عبد الجبار بن المداني ولذلك فقد كانوا يترصدون له بهدف قتله وتصفيته ورصدوا من أجل ذلك مكافآت مالية سخية لمن يأتيهم به حيا أو ميتا،وعندما خاب سعيهم في الإمساك به حكموا عليه بالإعدام غيابيا في محاكمات عسكرية شكلية مرات عديدة ، وكان في كل مرة يضحك ساخرا متهكما من تلك الأحكام التي تُذكّر بقول الشاعر العربي (01)
زعَم الفرزدقُ أن سيقتل مِربعا فابشر بطول سلامة يا مِربع
وقد كُتبت له السلامة و البقاء حيا حتى تحررت البلاد واندحر الاستعمار الفرنسي نهائيا من ارض الجزائر.



ومن أهم المعارك التي كان له شرف قيادتها أو المشاركة فيها :
-معركة الميمونة 08أفريل 1957 بقيادة الرويني.
-معركة الميمونة في 25نوفمبر 1957 ضد جيش بلونيس ، وأصيب فيها بجروح.
- معركة جبل الزرقة: في 05 فيفري 1957
- معركة الزعفرانية الأولى "معركة المقر" 31 ديسمبر 1957
- معركة جبل اللبة 1 جانفي 1959
- معركة الهامل 3 جويلية 1959
- عين البل سبتمبر 1959
- تاعضميت 1959
- الجلفة جوان 1960
- بوسعادة ديسمبر 1960
- معركة النسافة بوديرين في 23 نوفمبر 1960 التي أصيب فيها بجروح
- الزعفرانية10 جانفي 1961
- صبع اليامون عين الملح30 سبتمبر 1961
- ثنية الدلالة نوفمبر 1961
- معركة الكرمة و جريبيع 17/18 سبتمبر 1961 بوكحيل دامت 48ساعة.
- معركة النسينيسة في ديسمبر 1961.
كما شارك في عدة عمليات منها هدم قنطرة "بوشون" قــرب بوسعادة رفقة المجاهد علي برباش ،و قاد هجوما خاطفا في 08 أوت 1957 على فوج من جيش بلونيس في الحمراء بنواحي وادي الشعير تم فيه إعدام خمسة من الخونة وأخذ سلاحهم.

كانت أمنية المجاهد عبد الجبار أن يكون أول من يدخل بوسعادة بعد الاستقلال وينزل العلم الفرنسي ويرفع العلم الجزائري من على مبنى دائرة بوسعادة _وقد تحقق له ما أراد حيث كانت كتيبته هي أول من دخل بوسعادة في جويلية 1962 وكان له شرف رفع علم الجزائر وإنزال علم العدو الفرنسي بحضور وإشراف الرائد الطاهر لعجال قائد المنطقة وقتها .
وبعد الاستقلال الوطني استمر المجاهد عبد الجبار في أداء دوره النضالي وواجبه الوطني في مؤسسات الدولة الجزائرية المستقلة حيث تقلد عدة مسؤوليات منها مسؤول في حزب جبهة التحرير الوطني ومسؤول قسمة المجاهدين بكل من بوسعادة وعين الملح وبن سرور وغيرها، كما استمر عضوا في المنظمة الوطنية للمجاهدين ممثلا لولاية المسيلةحتى وفاته رحمه الله.
وقد سجلت له عدة حصص صحفية مكتوبة ومتلفزة بالمؤسسات الإعلامية والمتحف الوطني للمجاهد وغيره.
أحيل على التقاعد سنة 1986 وبقي يعمل مناضلا ومسؤولا في حزب جبهة التحرير ومنظمة المجاهدين إلى آخر رمق في حياته .
توفي المجاهد بن المداني عبد الجبار رحمه الله تعالى يوم 04 مارس 2009 ودفن بمقبرة الدشرة القبلية ببوسعادة وسط حشد كبير من رفاقه ومحبيه.
منقول عن كتاب "منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير "للدكتور عباسي عبد الحميد.










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 14:38   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
♥ياسمين عاشقة العلم♥
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

نوفمبر جلّ جلالك فينا..............ألست الذي بثّ فينا اليقينا










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 14:42   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد بن الوناس السعيد ..رجل لكل المهمات:

نقلا عن كتاب :"منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير"[IMG][/IMG]

ولد الشهيد السعيد بن محجوبة بلوناس سنة 1905 بمدينة بن سرور وكانت يومها قرية صغيرة ناشئة حيث كان والده من سكانها الأوائل ، عاش طفولته الأولى عيشة عادية مثل سائر أترابه، وحين بلغ سن الخامسة والعشرين أي في سنة1930 دُعي لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية في جيش الاحتلال فاستجاب مرغما وقضى أكثر من ثلاث سنوات في ثكنات الجزائر العاصمة وعين ولمان بناحية سطيف ،وفي سنة 1934 سُرح من الخدمة ، غير أنه آثر البقاء في الجزائر العاصمة لما يمكن أن توفره له الإقامة هناك من فرص وإمكانيات العيش التي لا تتوفر له ولأمثاله من الشباب في قريته البسيطة النائية ،فكان يتنقل من عمل إلى عمل ومن حي إلى حي مدة ست سنوات باحثا عن العيش الكريم بكد يمينة وعرق جبينه،وخلال هذه الفترة تمكن من معايشة الواقع الاستعماري عن كثب، وتفتح وعيه السياسي ، وتحركت في نفسه كوامن الرغبة في الحرية و الانعتاق خصوصا وأن الرجل معروف منذ صباه بحدة الذكاء و شدة الطموح ورفض التبعية والخضوع.
في سنة 1940 قفل الشهيد عائدا إلى مسقط رأسه ، وافتتح مقهى * بوسط المدينة كان بمثابة دار ندوة للنخبة من أبناء المدينة وملتقى لذوي الميول السياسية والإصلاحية ،بحيث كانت تناقش فيه القضايا السياسية الوطنية ويتم الاطلاع على كل جديد في هذا الشأن ، و هذه النخبة تتكون أساسا من الشهيدين سي محمد بن معاش وسي محمد بن لخضر عباسي ،وسي عبد الرحمن بن صوشة ، وسي محمد بن رمضان ،وتضم عددا من أبناء المدينة ووجهائها مثل: دحماني أحمد بن عامر ،خضار علي بوراس، بن عزوز علي بن الآغا ، بودور محمد الصغير ، بلوناس إبراهيم ، بن الموفق الطاهر ، بن السلامي بولرباح ، بن الموفق عبد الحفيظ، صديقي البشير، بودور لعماري ، بليح امحمد..وغيرهم، وكان هؤلاء قد شكلوا النواة الأولى التي قامت بالنشاط والتوعية والتحسيس وبث الروح الوطنية في أوساط الشباب وعموم المواطنين ، وما هي إلا أيام قليلة حتى
بادرت هذه المجموعة بافتتاح مكتب لحركة أحباب البيان والحرية الذي أسسه الرئيس فرحات عباس سنة 1946 ،وكان هذا الحزب بالإضافة إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين من أكثر الأحزاب حضورا ونشاطا في منطقة بن سرور.
كان الشهيد بلوناس السعيد رحمه الله رجلا فاضلا اجتمعت فيه كل الخصال النبيلة والقيم السامية، ويروي بعض من عاش تلك المرحلة مستوى العلاقة والمحبة غير العادية التي كانت تجمع بين الشهيد بن الوناس السعيد وجاره ورفيق دربه الشهيد سي محمد بن لخضر عباسي ودرجة التقدير و الإجلال و الاحترام التي كان يحملها له والحلم الكبير الذي عاشا من أجله واستشهدا من أجله، فقد كان يقول له دائما :هاهي ثورة التحرير قد انطلقت، وما أتمناه هو أن تكتب لنا الشهادة معا من أجل تحرير الجزائر ، وعندما بلغه نبأ استشهاد صديقه ورفيق عمره سي محمد عباسي في نهاية 1958 ،حزن بلوناس السعيد حزنا شديدا وبكى بكاء مرا وخشي أن يخيب أمله ويتبخر حلمه و لا تكتب له الشهادة التي تمنياها معا وتعاهدا عليها وعملا سويا من أجل الفوز بها، لكن الله حقق رجاءه وأكرمه بنيل الشهادة أشهر قلية قبل إعلان الاستقلال الوطني .
ظل الشهيد بلوناس السعيد مناضلا نشطا في صفوف الحركة الوطنية مؤمنا بأفكارها عاملا على نشرها في أوساط الشباب وعامة المواطنين ، وعندما زار وفد الحركة الوطنية مدينة بن سرور سنة 1946 برئاسة فرحات عباس كان الشهيد في جملة مستقبلي الوفد الضيف ، ويروي بن الضيف قسمية وبلوناس العمري وغيرهما أنه كان مكلفا بضيافة الوفد والقيام بإعداد الطعام والشراب له لأنه عرف بمهارته في فن الطبخ وإعداد الموائد وترتيبها .
بعد اندلاع الثورة انضم الشهيد إلى صفوفها منذ اليوم الأول وعمل في اللجان المكلفة بجمع الأموال والأسلحة لفائدة الثورة ، وبعد تشكيل المجالس الخماسية البلدية ترأس الشهيد المجلس رقم "1111" وهو أحد المجالس الخمسة المنضوية تحت لواء القسمة 52 ،وبقي على رأس هذا المجلس حتى تاريخ استشهاده.

وفي مساء يوم الثلاثاء 31 أكتوبر 1961 (أي عشية ذكرى اندلاع الثورة) داهمت قوات العدو الفرنسي المجتمعين من أعضاء المجلس رقم "1111" وتمت مطاردة أعضائه في منطقة "السارق" وأطلقت عليهم وابلا من الرصاص فارتقى الشهيد بلوناس السعيد شهيدا وأصيب سي زيان ربيع بجروح على مستوى يده وساقه، وتمكن بقية الأعضاء من الفرار.
إن العبرة التي يمكن استخلاصها من نضال وجهاد واستشهاد هؤلاء الرجال هو أن تستلهم منهم الأجيال الحاضرة واللاحقة كل معاني النبل والشجاعة والتضحية ،وتأخذ منهم مقومات النهضة والبناء وكيفية صناعة المفاخر والأمجاد والحرص على بناء الأوطان والاستماتة في حمايتها والدفاع عنها.










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 14:57   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
WALOU 22
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

Hhhhhhhhhhhhhhhhhhh










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 17:18   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد عباسي محمد بن لخضر ..سيرة علم ومسيرة جهاد
[IMG][/IMG]

*مولده ونشأته:
في يوم من أيام سنة 1911 ** وبقرية عين اعقاب الرابضة بين عدة قرى ودواوير على سفح جبل شاهق متصل بجبل الزعفرانية المنيع ..رزق الوالدان لخضر بن السـلامي بن محمد عباسـي المتصل نسبا بخالد بن زكري من ذرية سيدي محمد نائل، وحــدّة بنت أحمد بن المقــدم طاهري سليلة الأرومة نفسها، بطفل كان خامس إخوته الذكور وأصغرهم ، و قد علت الفرحة والابتهاج أرجاء البيت ترحيبا بالوافد الصغير، وبعد مشاورة سريعة في الأسرة استقر الرأي على أن يحمل المولود الجديد اسم محمد تبركا وتيمنا بصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم ،لأن خير الأسماء ما عُبّد وحُمّد.
كان الوالد لخضر بن السلامي رجلا ميسور الحال نسبيا بمقاييس ذلك الزمن ، شهما جوادا مولعا بالفروسية وركوب الخيل وألعاب الفانتازيا ،معتدا بنفسه غاية الاعتداد ، معتدلا في آرائه وتصرفاته ،لم يعرف عنه تشددا أو تزمتا في الدين خارج أداء الفرائض المعروفة كسائر الناس، بل كان إلى اللهو وحب الاستمتاع بالحياة أقرب منه إلى التدين والالتزام بالفرائض الدينية ،ويروي أكبر أبنائه " موسى" أن والده كان ذا هيبة ومكانة وكان أبناء القرية يجلونه و يوقرونه يكنون له احتراما خاصا ، حيث كان الجميع ينادونه بالأب، ومع ذلك كان الرجل ذا مزاج غريب في حياته الخاصة وفي حياته الزوجية إذ لا يكاد يتزوج حتى يطلق، حيث تزوج إحدى عشرة امرأة ، أما سبب بقاء أم الأولاد في عصمته إلى آخر يوم في حياتها فلأنه كلما فكر في تطليقها وجدها حاملا فيتركها حتى تلد ثم ينتظر حتى يفطم الولد فيجدها حاملا من جديد وهكذا..، كما عرف عنه المواظبة على حضور المناسبات والأفراح مصطحبا فرسه وسلاحه حتى يظهر مواهبه في هذه الفنون التي يتقنها جيدا.
وفي هذه الأجواء الهادئة عاش الطفل محمد حياة عادية مستقرة ،وكان مفهوم الاستقرار في تلك الأيام يُترجَم بالإقامة الدائمة في مكان واحد بعيدا عن شظف العيش و حياة الحل والترحال ورحلة الشتاء والصيف التي عرف بها أبناء هذه الناحية خصوصا في السنوات العجاف حين يقل الزرع ويجف الضرع،ومما هو معروف لدى عامة الناس عن لخضر وأبنائه من بعده أنهم لم يرتحلوا خارج حدود منطقتهم قط مهما شحّت عليهم السماء و قست عليهم الظروف.
غير أن تلك الحياة العادية المستقرة التي نعمت بها الأسرة لم تدم طويلا، ولم تمنح الصبي فرصة الاستمتاع بحياة طفولة هادئة مطمئنة في كنف عناية ورعاية والديه ،إذ سرعان ما كشّر الدهر على أنيابه حين فُجع الطفل محمد بوفاة والدته على اثر عملية ولادة فاشلة قبل أن يكمل عامه الثاني، وبفقدها فقد الطفل الصغير الحضن الدافئ والصدر الحنون، وما هي إلا أشهر قليلة حتى تزوج الوالد من امرأة أخرى ولكنها كانت امرأة طيبة كريمة فاضلة فاحتضنت الطفل الصغير محمد وبقية الإخوة ، واستوصت بهم خيرا ،وعوضتهم حنانا بحنان وكانت لهم أما بعد أمهم ، واحتل محمد - باعتباره أصغر الأبناء - من نفسها وقلبها مكانا مميزا وغمرته بعطفها وحنانها فلم يشعر معها باليتم والحرمان. *
لكن كابوس الفواجع و مسلسل الآلام والمواجع لم ينته من حياته، و ما كاد يهنأ في ظل رعاية أمه الثانية حتى نُكب مرة أخرى بفقد والده ،وكانت الصدمة هذه المرة أشد و أقسى من أن يحتملها قلب الفتى الصغير محمد الذي بات يتيم الأبوين قبل أن يبلغ سن الخامسة من العمر، ومما زاد من آلامه وحرمانه خروج زوجة الأب من حياة الأسرة وانتقالها إلى بيت والدها لتبدأ حياة أخرى تاركة الطفل وبقية إخوته يكابدون ظروف اليتم والحرمان وآلام الفراق.
ولأنه كان خامس إخوته وأصغرهم سنا، فقد كان الطفل محمد أثيرا لدى أشقائه حبيبا إلى قلوبهم قريبا إلى نفوسهم، خصوصا لدى شقيقه الأكبر (موسى)، الذي كان عنده بمنزلة الابن، ويذكر موسى كيف كان يأخذ شقيقه الصغير لينام بجانبه محاولا تسليته والتخفيف عنه بعد أن تعذر عليه النوم طيلة أيام نتيجة استغراقه في نوبات من البكاء الهستيري حين وجد نفسه يتيم الأبوين ، ونتيجة لحالة التشتت الأسري والفراغ العاطفي التي حدثت في الأسرة خصوصا بعد فراق زوجة الأب وما كان يسببه ذلك الفراق من ألم وحزن للطفل و لبقية الأخوة.
ظل الصبي محمد في رعاية شقيقه الأكبر موسى الذي لم يدخر جهدا في سبيل تربيته ورعايته وإسعاده، وما إن رأى من علامات النباهة والذكاء عند شقيقه الصغير حتى آل على نفسه أن يتكفل به ويعتني بتربيته ويمكنه من مزاولة الدراسة والتعلم عسى أن يكون له شأن، وهكذا خطا به خطوته الأولى على درب العلم والمعرفة بأن توجه به نحو الكتاتيب القريبة لينال قسطا من القرآن الكريم وحفظ بعض المتون، غير أن الفتى محمد أبان منذ الأيام الأولى عن استعداد فطري واضح للتعلم، وأظهر رغبة جامحة في مواصلة تحصيله مما شجع شقيقه موسى على أن يخطو به الخطوة الثانية على المسار ذاته حيث توجه به شطر مدرسة الشيخ على بن عمر بطولقة (الزاوية العثمانية حاليا) جريا على عادة أبناء ذلك الزمان، فمكث بها مدة أتاحت له حفظ القرآن الكريم ،ونهل من فيض علمها فدرس التفسير والحديث النبوي الشريف والفقه واللغة والأدب والحساب، على أيدي خيرة شيوخها منهم : الشيخ بن علي بن عثمان شيخ الزاوية آنذاك ، و الأستاذ المداني عثماني وعبد الله بن مبروك ،وتزود من مكتبتها العامرة بالكتب القيمة والمخطوطات النادرة في شتى علوم الدين واللغة والأدب، و تُعد هذه المكتبة من أغنى المكتبات الخاصة في القطر الجزائري.
وأثناء وجوده بالزاوية العثمانية تعرّف على أحد أبنائها النجباء، وشيخ من شيوخها الأجلاء، وهو الشيخ العالم الشهيد المصلح عبد الحفيظ جلاب *، وربما انتقلت إليه فكرة اعتناقه للفكر التنويري الباديسي الإصلاحي عن طريق هذا الرجل، وقد شكّل تحصيله العلمي من هذه الزاوية زادا شجعه على العودة إلى بلدته ومسقط رأسه "بن سرور" التي استقر بها فور عودته من طولقة ،وجعلها مركزا لانطلاق عمله التربوي والإصلاحي الذي كان هدفه الأسمى ورسالته في الحياة ، ونقل ما تعلمه هناك وجعله في خدمة جحافل المحرومين من نور العلم والمعرفة من أبناء مدينته ومنطقته.
غير أن السياسة الاستعمارية المستندة إلى قانون "الأنديجينا le code de l'idigénat * العنصري السيئ السمعة القائم على التجهيل والعمل على طمس الهوية الثقافية و الحضارية للشعب الجزائري ، لم تكن لتسمح للشيخ بمزاولة التدريس بالحرية التي يتمناها، خصوصا بعد أن أبان عن ميوله السياسية وبدأت تتكشف لها صلاته واتصالاته بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وبأحزاب الحركة الوطنية الأخرى، بل إن علاقة الشهيد سي محمد بن لخضر بجمعية العلماء في هذه الفترة قد تأكدت، وصلاته بها قد توطدت ، وبات بالفعل صوتا عاليا من أصواتها المسموعة، وعنصرا نشطا من عناصرها في المنطقة ، وهنا بدأت رحلة المضايقات ووضع الحواجز و العراقيل أمامه من طرف إدارة الاستعمار و بإيعاز من أعوانها من الطرقيين والانتفاعيين ، وغالبا ما تكون حجج و مبررات المنع هي عدم الحصول على الترخيص الإداري اللازم من السلطات، لكن إصراره على أداء المهمة مهما تعددت العراقيل وتنوعت الضغوط جعله يفكر في تخصيص جانب من جوانب بيته الفسيح للتدريس نهارا ، أما ليلا فكان يخصصه لاستقبال بعض رفاقه وخلصائه لإلقاء بعض المواعظ و الدروس، تتخللها مسامرات ومناقشات تتناول الأوضاع العامة في البلاد وخارجها، ويروي أحد جلسائه أنه كان يملك مذياعا يلتقط به عددا من المحطات العربية،وقليلا من يملك مذياعا في ذلك الوقت، وعندما يحين موعد الأخبار ترانا وكأن على رؤوسنا الطير، وكانت إسرائيل قد احتلت فلسطين في ذلك العام، وكان الشيخ حزينا ومتأثرا جدا لما حاق بالشعب الفلسطيني وببيت المقدس نتيجة هذه النكبة الموجعة ، وعند انتهاء النشرة يغلق المذياع ويلخص لنا ما جاء في الأخبار ، وكان في كل مرة يقول : يا إخواني مأساة الشعب الفلسطيني ومأساة الشعب الجزائري واحدة ،غير أن مشكلة الجزائر أقل تعقيدا وهي ستتحرر عن قريب من الاستعمار الفرنسي ،أما مأساة الشعب الفلسطيني فهي معقدة جدا ويعلم الله كم يلزمهم من الوقت حتى تنتهي محنتهم ويتحرروا من الاحتلال الصهيوني، أما حين يسافر أو ينشغل لسبب من الأسباب فكان ينتدب مكانه تلميذه ورفيقه في الوقت نفسه الغربي العربي للقيام مقامه في مهمة التدريس.
كان الشهيد ضمن لجنة العلماء التي شكلها بن الضيف زيان بعد انتخابه رئيسا لأول مجلس بلدي لبلدية بن سرور سنة 1947 وتتكون هذه اللجنة من السادة : سي محمد بن لخضر عباسي، سي محمد بن معاش ،سي محمد بن رمضان بن داود ، ، ومهمة هذه اللجنة الاضطلاع بأمور القضاء والإفتاء و حل الخلافات والمنازعات التي تنشأ بين المواطنين وإصلاح ذات البين بينهم ، وغالبا ما كان الشهيد يركز في دروسه وخطبه على جوانب الإصلاح في أمور العقيدة وتطهيرها من البدع والخرافات دافعا طلابه ومريديه إلى الشد على زناد اليقظة الروحية والفكرية والوطنية كلما شعروا بالخطر الداهم يبتغي استئصال هويتهم أو ينال من دينهم ووطنهم، وقد جعله ذلك النشاط التربوي الإصلاحي ذو المضمون السياسي موضع ترصد ومتابعة وتهديد ومطاردة ،بل ضمن دائرة الاستهداف الجسدي من قبل السلطات الفرنسية.
وفي هذه الأجواء المتوترة العاصفة بينه وبين الإدارة الاستعمارية واصل الشيخ سي محمد عملية التدريس والتكوين والإعداد لتلاميذه التي بدأها بهمة ونشاط إلى غاية 1949 وهي السنة التي غادر فيها أرض الوطن قاصدا البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج.
*في رحاب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
رأى الشهيد عباسي محمد - كما رأى غيره- في ميلاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أملا جديدا يشرق في دنيا الجزائر المظلمة ، ونورا يضيء سماءها المعتمة بغيوم الظلم والجهل والتخلف والحرمان ، و ما إن برزت الجمعية إلى حيز الوجود عام 1931 حتى كان الشهيد وجها من وجوهها النشطة، وعنصرا من عناصرها الفاعلة في ناحية بوسعادة ، وبقي وثيق الصلة بالجمعية وبقادتها ، ينشط ضمن صفوفها ويشترك في صحفها و يتبنى نهجها ويتقاسم أفكارها مع ثلة ممن كانت لهم اهتمامات علمية وإصلاحية وسياسية من رفاقه أبناء الحركة الوطنية في ناحية بوسعادة عامة وأبناء الجمعية خاصة، نذكر منهم الأستاذ عيسى بسكر، وعبد القادر بن حميدة،ورفيقه وابن بلدته الشيخ سي محمد بن معاش ، والعربي بن بازة، و فكاني العموري، ، وعلي بيوض ،كما كانت له صلة واحتكاك بالشيخ نعيم النعيمي * أديب الفقهاء وفقيه الأدباء وأحد أصحاب فكرة إنشاء المعهد الإسلامي بمدينة بوسعادة ** ويحضر دروسه ومحاضراته كلما سمحت الظروف بذلك، كما شارك مع إخوانه ورفاقه في جهود النهضة والإصلاح عبر مشاركته المنتظمة في الندوات والمجالس التي كانت تعمل على توحيد الجزائريين وشحذ هممهم لمقارعة عدوهم الأول الجاثم على صدورهم قبل أرضهم، كما كان شديد الالتزام والمواظبة على حضور المنتديات والملتقيات السياسية والتربوية والإصلاحية التي كانت تعقدها الجمعية في أنحاء مختلفة من البلاد، من بينها مثلا حضور لقاءات وندوات "نادي الترقي" بالعاصمة، ومشاركته في افتتاح دار الحديث بتلمسان سنة 1937 ، وحرصه على الحضور والمشاركة في توديع الشيخ البشير الإبراهيمي يوم قرر السفر إلى المشرق العربي سنة 1952.
لقد انصب اهتمام الشهيد وانصرف جهده إلى أحوال بلدته الغارقة في ظلام الجهل والتخلف وانتشار البدع و الخرافات الباطلة والاعتقادات الفاسدة، وكان من أبرز نشاطاته الإصلاحية في المنطقة رفقة زميله ورفيق دربه في العلم والجهاد والاستشهاد الشيخ سي محمد بن معاش هو التصدي بقوة لدعاة الحركة الطرقية التي كانت متفشية في أوساط العامة نتيجة لانتشار الفقر والجهل ،و لم يكونا راضيين عن ضلالها ولا مطمئنين لتصرفات رجالها بعد أن رأيا أن دين الله في هذه الجهة قد غشيته غاشية من البدع والمنكرات ، فرفعا الصوت، وأعلنا النكير، وشددا التحذير،واعتبرا ما يقوم به أتباع هذه الحركة الضالة المضللة من قبيل الشعوذة والدجل والزندقة وتشويه الدين الحنيف، وتخدير الجماهير وتنويمها وإبعادها عن المطالبة بحقوقها الوطنية المشروعة في الحرية والتعلم والعمل والعيش الكريم، فسفّها دعواهم وحاربا أباطيلهم وضلالهم معتمديْن في ذلك منهج الجمعية الصارم في محاربة الطرقية وأتباعها، ذلك المنهج القويم المستند إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة "ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون"(01) و "أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "(02)و "قال هل يسمعونكم إذ تدعون ، أو ينفعونكم أو يضرون "(03).
وإذا كان أسلوب سي محمد بن لخضر عباسي في محاربة هذه الآفة والتوعية بمخاطرها على حاضر الأمة ومستقبلها قائما على اللين والحكمة والموعظة والمجادلة بالتي هي أحسن ، فإن الشيخ سي محمد بن معاش كان أكثر حدة وصرامة و لم تأخذه في دين الله لومة لائم، ولم يرق له ما كان يسمع ويرى إذ اعتمد أسلوبا مغايرا في مقارعة أصحاب البدع و الشعوذة يقوم على الزجر والتعنيف والشدة والتقريع أحيانا، وكأني بالرجلين - اللذين ربطت بينهما روابط الأخوة والمودة والمصاهرة والأفكار والتوجهات الإصلاحية والسياسية المشتركة برباط وثيق - قد عمدا إلى هذا النهج عن قصد وسابق تخطيط بحيث اتضح مع الوقت أن أسلوب المزاوجة بين الشدة واللين ينسجم تماما مع ظروف الناس واختلاف طبائعهم ودرجة وعيهم، و كانت له في نهاية المطاف نتائج ايجابية على المجتمع في حاضره ومستقبله.
لم تكن محاربة الشهيدين للشعوذة والدجل وأباطيل الحركة الطرقية التي كانت نهجا ثابتا وأسلوبا متبعا لدى بعض الزوايا لتحجب رؤيتهما إلى الحق أو تقودهما إلى التطرف والشطط وإطلاق الأحكام الجائرة و تعميم تلك الأوصاف والنعوت على بعض الزوايا الوطنية ذات النهج التربوي القويم التي كانت على الدوام منارات شامخة للعلم والمعرفة، وحصونا منيعة حاضنة لقيم الأمة وهويتها الثقافية والحضارية.
لقد ساهمت جهود الشيخين الإصلاحية والسياسية مساهمة واضحة في إعادة تشكيل الوعي الفكري والاجتماعي لأبناء المنطقة ، و انتسب إلى صفوف الجمعية عدد معتبر من رجال تلك الفترة و شبابها ببن سرور نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : بن الضيف زيان الذي كان من أوائل من ربطوا الاتصال بالجمعية وكانت تصله صحفها ومنشوراتها بانتظام ،دحماني أحمد بن عامر ، بن الضيف "القائد" البشير ، سي عبد الرحمان بن صوشة ، بن الضيف البشير، محمدي مصطفى بن عطية ،طويري امحمد ، بن محجوبة زيان ، بن الضيف الحفناوي ،الغربي العربي ، حبيب محمود ، ، دحماني السقاي ، بن الوناس السعيد ،بن خناثة الدواحي، صديقي البشير، بليح امحمد ،بن صوشة علي ، الحامدي أحمد وغيرهم.
*على درب النضال السياسي الوطــني:
مع مطلع العام 1946 أخذ الشهيد يعمق نضاله الوطني ، وأضحت له نشاطات ومساهمات واضحة ضمن أحزاب الحركة الوطنية الناشطة في الساحة آنذاك عبر صحفها ومنتدياتها ، خصوصا حزب الشعب الجزائري (PPA PARTI DU PEUPLE ALGERIEN. ، وحزب أحباب البيان والحرية AMIS DU MANIFESTE ET DE LA LIBERTE A.M L ، وحزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري (U .D.M.A UNION DEMOCRATIQUE DU MANIFESTE ALGERIEN) ، وكانت مدينة بوسعادة آنذاك تمثل ملتقى للمناضلين من أجل القضية الوطنية وبرزت فيها أسماء وطنية معروفة من أمثال: الأستاذ عيسى بسكر ،عبد القادر بن حميدة، العربي بن بازة ،فكاني العموري وغيرهم ، يقصدها قادة الحركة الوطنية بين الحين والآخر، ومنها ينطلقون إلى المناطق المجاورة لبوسعادة للوقوف على أحوال هذه المناطق وظروف سكانها ، والاتصال برفاقهم وأتباعهم هناك وتزويدهم بالنصائح والتوجيهات وما إلى ذلك.. .
ومن بين هذه الزيارات تلك الزيارة المشهودة،والخطوة المعدودة التي قام بها بعض زعماء أحزاب الحركة الوطنية إلى مدينة بن سرور سنة 1946 برئاسة الزعيم فرحات عباس* الذي كان مرفوقا بثلة من كبار القادة السياسيين من بينهم على الخصوص : محمد بوضياف ،أحمد فرنسيس ،عبد القادر الأغواطي ،بومنجل يرافقهم بعض ممثلي الحركة الوطنية بناحية بوسعادة من أمثال: سي عيسى بسكر ، عبد القادر بن حميدة ، الحاج العربي بن بازة، الباهي عامر،إبراهيم سرقين،عماري عبد القادر، بوزيان جلول،عمر قطاي وآخرون، بمناسبة حملة التحضير والتوعية للانتخابات البرلمانية المقررة في تلك السنة، فاستقبلوا بالمدينة استقبالا شعبيا حافلا بالخطب والأناشيد الوطنية الحماسية، و أعد لهم سكان المدينة ما يليق بهم من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وقد اتخذ الوفد من بيت الشهيد شي محمد عباسي مقرا للإقامة والضيافة ومكانا للاجتماع، وأصبح هذا البيت شاهدا على رمزية هذا الحدث التاريخي الكبير وأهميته وتأثيره في تاريخ هذه المنطقة .
ومع أنه كان من شبه المؤكد أن هذه الزيارة حصلت في النصف الأول من سنة 1946 ،غير أن هناك سؤالا وجيها يثيره البعض و تبقى الإجابة عنه معلقة حول السبب الحقيقي للزيارة برأيهم ..هل هي ترويج ودعوة للمشاركة في انتخابات 02 جوان 1946 التي شارك فيها عباس فرحات بحزبه الوليدU.D.M.A وحلفاؤه من جمعية العلماء؟ أم جاءت للدعوة إلى المقاطعة وعدم المشاركة في انتخابات 10نوفمبر 1946 التشريعية التالية التي قاطعها عباس وحلفاؤه وشارك فيها مصالي الحاج وحزبه الجديد M.T.L.D ؟.
غير أن مجريات الأحداث تؤكد أن الزيارة جاءت لحث المواطنين ودعوتهم إلى المشاركة في انتخابات 02جوان 1946 التي كانت نتيجتها لصالح فرحات عباس وحلفائه من العُلمائيين وغيرهم حيث حصد 11 مقعدا من أصل 13 مقعدا مخصصة للجزائريين في المجلس التأسيسي الثاني(01) ، في حين لم يحصل الاشتراكيون على أكثر من مقعدين ، أما الشيوعيون فلم يحصلوا على أي مقعد.
وبفضل هذه الزيارة الناجحة **، ونتيجة لعملية التوعية والتجنيد ورفع درجة الوعي الوطني في أوساط المواطنين تمكن فرحات عباس ورفاقه من تمرير خيارهم وفرض إرادتهم المتمثلة في دعم قائمة عباس وحلفائه في هذه الانتخابات، التي حقق فيها نتائج جيدة ، ومنيت فيها فرنسا ومشروعها وحلفاؤها ومرشحوهم بهزيمة سياسية قاسية، وكانت النتيجة التي حصلت عليها القائمة المدعومة من الفرنسيين ببن سرور 14 صوتا فقط ، فجن جنون فرنسا لهذه النكسة السياسية التي لحقت بها ، وراح مسؤولوها يخبطون يمينا وشمالا بحثا عمن كان وراء هذه الهزيمة، وألقوا باللائمة في ما حدث على عاتق من كانوا يظنون أنهم أنصار فرنسا وخدامها في المنطقة ، فتوجهوا رأسا إلى الآغا أحمد بن الضيف وأخيه الحاج زيان يسألون عن الأسباب التي أدت إلى هذه الخسارة، فكان ردهما أن قيم الحرية ومبادئ الديمقراطية الفرنسية تعطي للمواطن الحق في أن ينتخب من يشاء أو يقاطع إن أراد المقاطعة.. فسأله المسؤول : دعني من أصوات المواطنين العاديين أين هي أصوات عائلة الآغا وحاشيتهم وحراسهم وخدمهم و.و.و الخ ؟ وازداد حنق السلطات وسخطها وفهمت أن الخسارة نتيجة منطقية لزيارة وفد الأحـزاب الوطنية إلى بن سرور وترجمة عملية لتعليمات رجالها إلى الأنصار والمريدين،وقد أضمرت فرنسا شرا مستطيرا للمنطقة ورجالها* بفعل هذه الهزيمة النكراء ،وقررت أن تنتقم لنفسها ، وكانت الخطوة الأولى أن جمعت الأعيان الذين التقوا بوفد الحركة الوطنية وفي مقدمتهم الشهيد سي محمد عباسي ورفاقه** وقررت نفيهم خارج حدود المنطقة باتجاه عين الصفراء ، ولم تقرر السماح لهم بالعودة إلى ديارهم إلا بعد حركتي ضغط وتضامن واسعتين من طرف وجهاء وأعيان القبائل والعروش المجاورة،الذين هددوا بالتمرد والخروج على السلطات الاستعمارية الفرنسية إن لم تبادر بإطلاق سراح أعيان عرش أولاد خالد فورا ، وكان الشيخ سي مصطفى بن محمد القاسمي الذي كان شيخا لزاوية الهامل القاسمية في الفترة (1970.1928)، قد قام بوساطة وتدخل لدى الحاكم الفرنسي العام بالجزائر الذي كانت تربطه به وبالسلطات الفرنسية علاقة وطيدة لإيجاد حل للقضية ، وقد أثمرت هذه الجهود والضغوط والوساطات في ثني السلطات الفرنسية عن تنفيذ قرارها التعسفي ، واضطرت بعد هذه الحركة الاحتجاجية إلى إصدار أمر بإعادة الرجال المحتجزين إلى ديارهم ،ولولا تدخل الشيخ سي مصطفى القاسمي لانتهى الأمر بالموقوفين إلى النفي وربما الإعدام ، ومازال أبناء المنطقة يحفظون للشيخ الوقور سي مصطفى ذلك الموقف الرائع إلى اليوم.
غير أن الذي لاشك فيه هو أن هذا المهرجان السياسي والنجاح الذي حققه قد شكل نقطة تحول فاصلة في تاريخ هذه المنطقة النضالي، وأعطى إشارة انطلاق لمرحلة نضالية حاسمة للمنطقة وأبنائها ضد الوجود الاستعماري البغيض ، كما شكل من جهة أخرى بداية لمرحلة جديدة في مسار الشهيد عباسي محمد وعلاقته المتأزمة بالسلطات الفرنسية التي أخذت تتطور بمرور الوقت من سيئ إلى أسوأ، حيث أن هذه السلطات لم تكن سعيدة بسبب السمعة الطيبة و المكانة اللائقة التي يحظى بها الرجل في أوساط أبناء المنطقة ،بل توجست منه وراحت تنظر بعين الشك والقلق والارتياب لأية حركة أو نشاط يقوم به الشيخ ، وأحاطته بمراقبة سرية دقيقة، وبدأت تترصد أقواله وأفعاله وتحركاته، فقابل هذا التضييق والمراقبة بوضع احتياطات أمنية صارمة، واتخذ لنفسه أعلى درجات الحيطة والحذر خلال تنقلاته إلى مختلف جهات الوطن، بحيث إذا سافر بالقطار مثلا عاد بالحافلة أو العكس .
لكن هذه النشاطات السياسية على أهميتها وكثافتها لم تكن لتصرف اهتمام الشهيد عن هدفه الرئيسي وهو العمل التربوي المتصل من أجل تهيئة الشباب وإعداده ليوم عظيم لا ريب فيه يحق الحق ويبطل الباطل، وكان المسجد العتيق ببن سرور الذي كان الشهيد إماما خطيبا به أفضل مكان للقيام بهذه المهمة الجليلة ، حيث كان هذا المسجد جامعا وجامعة ومركز إعداد وتوعية وتنظيم وتدريب في الوقت نفسه ، وكان من ثمار عمله التربوي والتوعوي هذا أن برزت على يديه نخبة طيبة من شباب المنطقة تشبعوا بالقيم الوطنية الأصيلة وروح الجهاد والاستشهاد،فانخرطوا في أتون الثورة المباركة منذ أيامها الأولى ومن هؤلاء: بن عزوز محمد(شهيد)،العيشي الأزهري (شهيد)(01)، دحماني عيسى(شهيد)،بن السلامي مخلوف(شهيد) جلد عطية (شهيد)، بن سديرة أحمد (شهيد)حبيب أحمد (مجاهد)، محمودي محمود (مجاهد)،عباسي عبد الرحمان(مجاهد)،الغربي العربي(مجاهد) ، عمار القبايلي (مجاهد)، بن صوشة عبد الكريم (مجاهد)، مزياني صالح(مجاهد)، لبادي محمد بن البشير(مجاهد) ، بن الوناس العمري (مجاهد)، عامر دحماني (مجاهد) بن الموفق عبد القادر (مجاهد)،بن صوشة محمد الصغير(مجاهد)، بن الوناس أحمد (مجاهد) ،بن عزوز الصحراوي(مجاهد)،ومن تلاميذه أيضا سعدي عثمان ، العشي العربي ، محمودي عبد العزيز ، بن قسمية عمر، مني محمد ، الحامدي سليمان ، الحامدي محمد ،خضار بوسعيد ،بوناب بلال وغيرهم..ولقد كان هؤلاء الفتية النجباء الذين آمنوا بربهم ووطنهم مثالا في الإخلاص والتضحية وروح الفداء ، فكانوا جميعا على موعد مع التاريخ حين لبوا نداء الوطن و انخرطوا في ركب الثورة التحريرية المباركة "فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" (02).
*في ركب الثورة التحريرية:
لقد تعلقت همة الشهيد سي محمد بن لخضر عباسي بالدفاع عن وطنه منذ تفتحت عيناه على الواقع المرير الذي فرضه الاستعمار البغيض على وطنه وشعبه،وضاق صدره مما يسمع ويرى ،وبإحساس الرجل الوطني المناضل المتشبع بأفكار الحركة الوطنية، الشاهد على جرائم فرنسا ضد الشعب الجزائري في مجازر الثامن ماي 1945 الدامية ، لم يكن ليفوّت سانحة أو يترك مناسبة إلا وعبر فيها عما يحس به من مشاعر الحزن و الألم ، وما بداخله من براكين الثورة والغضب من جور الاستعمار وظلمه وعسفه وبشاعة جرائمه، وما كان يمر يوم إلا و تعلق قلبه بالأمل في تغيير هذا الواقع الظالم المظلم إلى واقع آخر أكثر عدلا وإشراقا وإنصافا ، وبحس المناضل أيضا وإيمان المؤمن كان يدرك أن انتصار الثورة أمر لا ريب فيه وحتمية تقرها قوانين الأرض وشرائع السماء، وأن ليل الاستعمار الطويل ستبدده حتما شمس الحق التي ستشرق مع الرصاصات الأولى لثورة نوفمبر المجيدة .
التحق الشهيد بالثورة مبكرا وبارك انطلاقتها المباركة منذ بيانها الأول، وكان في طليعة من أيدوها وناصروها* ، مسلحا بإيمانه بالله وحب وطنه، مسترشدا برصيده النضالي الطويل في الحركة الوطنية، وقد لاحظ القريبون منه تحركاته غير المعهودة خلال الأشهر التي سبقت اندلاع الثورة ، بحيث تعددت تنقلاته إلى الجزائر العاصمة وإلى جهات أخرى خلال تلك الفترة في مهمات سرية على ما يبدو ،وكان في بعض هذه الأسفار يصطحب معه جاره وجليسه و رفيق دربه في الجهاد والاستشهاد الشهيد بلوناس السعيد**.
وباعتباره كان المحرك الأول للثورة في أوساط تلاميذه وأنصاره ومريديه، والمشجع لهم على مؤازرتها والانضمام إلى صفوفها ، فقد نجح الشهيد - بالفعل - في استثمار شبكة الروابط و العلاقات النضالية الواسعة التي كان أقامها في الفترة السابقة لاندلاع الثورة مع كل من كانت له مواقف وطنية مخلصة للجزائر وقضيتها ومعادية للاستعمار ورموزه ، ومن بين هؤلاء بعض الشخصيات الثورية المحلية وخصوصا القائدان الشهيدان علي بن المسعود ،وبن الضيف البشير ،وغالبا ماكانت هذه الاتصالات تتم بمبادرة من الشهيد علي بن المسعود فيأتي للقائه في البيت أو في المسجد وأحيانا بنواحي وادي الشعير،وأعتقد أنه كان يفعل الشئ نفسه مع سي محمد بن معاش أيضا، وقد وظف الشهيد هذه الروابط و العلاقات بالشكل الذي يخدم الثورة في المنطقة ويحقق أهدافها وغاياتها.
كما كانت للشهيد صلات واتصالات بطلائع جيش التحرير الوطني بالمنطقة ،و توطدت بينه وبينهم علاقات تنسيق وعمل وثيقة منذ وقت مبكر ، وكان دائم اللقاء بالقائد زيان عاشور في إطار مساعيه لتوعية أعراش المنطقة وتوحيد كلمتها وحثها على الانضمام إلى العمل الثوري، بالإضافة إلى صلته بالعقيدين سي الحواس ومحمد شعباني ورفاقهما إضافة إلى الشهيد الرائد علي بن مسعود كما سبقت الإشارة.
وكان الشهيد حاضرا ومواكبا للتحركات والاتصالات الأولى التي جرت مع بداية 1955 تحضيرا لإشعال الثورة في المنطقة، فحضر الاجتماع التنظيمي الأول المنعقد بناحية امدوكال رفقة مجموعة من رجال المنطقة منهم على الخصوص: دحماني أحمد بن الحاج عامر ،سي عبد الرحمن بن صوشة ،يرافقهم علي بن المسعود* بإشراف وتأطير قيادات عسكرية من الأوراس ، بل كان الشهيد عباسي محمد مطلعا ومتابعا بدقة للقاءات الفردية التي جرت بعد ذلك بوقت قليل بين موفدي الشهيد مصطفى بن بولعيد وهم: محمد بن أحمد عبدلي ،الصاق جغروري، والحسين بن عبد الباقي ،يرافقهم الشهيد علي بن المسعود بوصفه قائدا عسكريا من أبناء الجهة العارفين بدروبها ومسالكها وسكانها ، وبين كل من : دحماني أحمد بن عامر في جبل القنانة ، وبن الضيف العلا في جبل ميزارزو بالقرب من الزعفرانية وكان يومئذ يشغل منصب رئيس بلدية بن سرور خلفا لوالده بن الضيف زيان، حيث زودهم ببعض الأسلحة التي كانت معه ، وطويري امحمد في جبل الميمونة. وكان الغرض من تلك اللقاءات هو جمع الأسلحة لفائدة الثورة و دراسة الطبيعة الجغرافية للمنطقة ،واختيار الأماكن المناسبة لتمركز جنود جيش التحرير والبحث في تشكيل الخلايا الأولى للثورة وإعداد اللجان ومراكز التموين واختيار الرجال.وربما يكون الاختيار قد وقع على جبل الزعفرانية الحصين ليكون مقرا دائما لقيادة الثورة منذ تلك اللقاءات الأولى بالنظر لموقعه الاستراتيجي وكثافة أشجاره ووعورة مسالكه ، وما ان علمت فرنسا بهذه العلاقة وهذه التحركات حتى أدركت خطورة الرجل دوره وتأثيره، فسعت بكل الوسائل لتحُول بينه وبين المجتمع، ولما يئست - بعد أن اختبرت عزمه وصلابة موقفه وصموده أمام أساليب الترغيب والترهيب التي انتهجتها معه -كشرت عن أنيابها وحاولت أن تجرب معه أسلوبا آخر فبدأت بمضايقته ومطاردته ومصادرة ممتلكاته وكتبه ووثائقه ومخطـوطاته، وما بقي من هذه الكتب في أيدي أصدقائه وتلاميذه بادروا إلى التخلص منها مخافة بطش السلطات الاستعمارية، وبالرغم من أنه كان يخفي نشاطاته السياسية و الثورية تحت غطاء التجارة حين فتح متجرا له بوسط المدينة إلا أن السلطات الاستعمارية ظلت له بالمرصاد خصوصا بعد أن أحرقت متجره ومتجر رفيقه سي محمد بن رمضان بن داود البوسعادي وجزءا من مقهى رفيقه الشهيد بلوناس السعيد ، بعد العملية الفدائية الناجحة التي استهدفت عناصر الدرك الفرنسي بالمدينة.*
وبحكم دوره السياسي السابق و مكانته العلمية وشبكة علاقاته الاجتماعية فقد كان قادة الثورة يطلبون رأيه في بعض المسائل الشرعية وقضايا الصلح، والقضاء وفض المنازعات وتطبيق بعض العقوبات ومسائل أخرى .."ومن قضاة المنطقة الثالثة للولاية السادسة التاريخية الشيخ عباسي محمد بن الأخضر الذي كانت له فاعلية وتأثير في الوسط الاجتماعي لما يمتاز به من صفات علمية وثقافية وقمة في الوطنية ومجابهة المستعمر
الفرنسي...وبعد اندلاع الثورة ساهم في بث الأفكار وتكوين اللجان والخلايا والتطوع لصالح الثورة التحريرية فكان القاضي والمحرض والمجابه.."(01).
لقد تعرض الشهيد أثناء جهاده إلى مخاطر جمة ، وظل مطاردا و دمه مهدرا من قبل جيش الاحتلال، ونتيجة لاشتداد المطاردة وإحكام طوق التضييق والمراقبة المستمرة حوله، أشار عليه بعض الأصدقاء بتدبير أمر ترحيله إلى تونس أو المغرب ، ويروي المجاهد مسعودي بن سالم أن قيادة الثورة بالزعفرانية وردت إليها رسالة من تونس سنة 1958 تأمر بضرورة الإسراع في إخراج الشهيدين عبد القادر بن حميدة وسي محمد بن لخضر عباسي عبر الحدود إلى تونس (02) بعد أن وصلتها معلومات تؤكد استهدافهما من طرف جيش العدو بالتصفية الجسدية أو بالاعتقال، لكن الشهيد بدا غير مقتنع تماما بهذا الطرح و رفض فكرة الخروج من الجزائر تحت أي ظرف من منطلق إيمانه أن مقارعة العدو ينبغي أن تكون من داخل أرض الوطن، وبدل ذلك آثر الخروج من مدينة بن سرور للعيش متخفيا بين شعاب المنطقة وجبالها، بعيدا عن أعين الاستعمار وأعوانه حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.
*صفات الشهيد وجوانب من شخصيته وخصاله:
الذين عايشوا الشهيد عن قرب واحتكوا به احتكاكا مباشرا من أقربائه و أصهاره ورفاقه وتلاميذه يذكرون صورا من حياته ويروون عنه بعض المواقف والتصرفات وما تميز به من مناقب و خصال ، حقيق بنا أن نعرف جوانب منها ونتوقف عند بعضها .
و في غياب أي رسم أوخط أو وثيقة أو أي أثر من آثاره ،لأن الاستعمار الفرنسي لم يترك لنا من آثاره ومتعلقاته أي شي باستثناء صورة شمسية واحدة عُثر عليها بعد مضي عدة سنوات من الاستقلال الوطني مع بعض أصدقائه وقد كَتب على ظهرها بخط يده بيتين من شعر تمثلهما من شعر المنفلوطي وكأنه كان يتوقّع قرب نهايته ، وهما:
أيها الناظـرون هذا خـيالي فيه رمـزُُ بالاعتـبارِ جديـُر
لا تظنوا الحياة تبقـى طويلا هكـذا الجسم بعد حين يصـير
وحرصا منا على رسم صورة تقريبية عن شخصية هذا الرجل ومعرفة المزيد عنه ومحاولة نقل هذه الصورة لمن يرغب في معرفتها ممن لم يعاصره، اتصلنا ببعض أصدقائه وتلامذته في المنطقة ، وببعض أفراد أسرته وأصهاره ومعارفه* فكانت هذه الصورة.
كان الشهيد ربعة نحيلا، أسمر مستدير الوجه، أسود الشعر، ذو عينين سوداوين بهما حِـدّة،يطلق لحية خفيفة مهذبة، على وجهه ملامح النجابة وعلامات المهابة، متوسط البنية، يشكو بين الحين والآخر من اعتلال صحته بسبب إصابته بقرحة معِدية ،خفيف المشية سريع الخطو، خافت الصوت، يعتم عمامة بيضاء على عادة أهل المنطقة ،يلبس من الثياب الجيد النظيف وغالبا ما يكون عبارة عن عباءة " قندورة بوسعادي" بيضاء تحتها قميص و سترة بها ساعة، وفوقها برنوس من الصوف الأبيض الرقيق حسب حالة الجو ،وينتعل حذاء خفيفا أو "بلغة" ، و كان رحمه الله يواظب على ارتداء اللباس الأبيض في حالتين ، في صلاة الجمعة ، وفي حال السفر.
نشأ الشهيد سي محمد عباسي وطنيا معتزا بجزائريته ، متمسكا بدينه، مؤمنا متين العقيدة، واقفا على حدود الله ، قائما بسننه وفرائضه، مصلحا عريق النسبة في الإصلاح، وثيق الصلة برجاله، بعيد الغور في التفكير، سديد النظر في الحكم على الأشياء،معتدل التفكير شعاره "ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" *(سورة النحل الآية: 125) عالي الهمة ،باذل النعمة ،كثير النصح ، بعيدا عن التصنع و المظاهر ، حرا صريحا لاذع الصراحة فيما يعتقد أنه حق، شجاع الرأي ، غيورا على وطنه غيرته على دينه، زانه العلم وجملته الأخلاق وحنكته التجارب والمحن.
كان رحمة الله عليه لا يأمر بمعروف حتى يكون أول العاملين به، ولا ينه عن منكر حتى يكون أول التاركين له، وكانت المبادئ عنده ثوابت ليست قابلة للمساومة ، عُرف عنه أنه كان حادّ الذكاء، متوقد الذهن، قويّ الذاكرة، قليل الكلام، وإذا تكلم أوجز، مؤثرا للصمت أحيانا، منكِرا للثرثرة والتشدق الفارغ، لأنه يرى في ذلك نقيصة وإضاعة للوقت الثمين من غير فائدة، وكان مولعاً بالمطالعة واقتناء الكتب، فاتخذ الكتاب جليسه وصاحبه وأنيسه، وقد ساعدته ذاكرته القوية في حفظ الكثير من المتون والنصوص والْتهام الجيد والمأثور من ثمرات العقول شعرا ونثرا، ويذكر بعض معارفه أنه كان يمتلك مكتبة ضخمة بها أمهات الكتب وبعض المخطوطات النادرة، لكن السلطات الاستعمارية صادرت هذه المكتبة وكل الوثائق والمقتنيات، وحتى تلك الكتب التي اعتقد الشهيد أنه هرّبها وأمّنها في متجره بالمدينة طالها الحرق و التدمير حين تم حرق متجره بالكامل. *
عرف عنه أنه كان سخيا جوادا ، يكرم ضيوفه ويبالغ في إكرامهم ، وكانت له صدقات مستورة للفقراء والمحتاجين لا يعلمها إلا بعض تلاميذه الذين ينوبون عنه في إيصالها إلى مستحقيها. وكان مع أهله على نهج الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم القائل : (خيركم خيركم لأهله ،وأنا خيركم لأهلي) (01) يرشدهم برفق ولين، ويأكل مما يشتهون، ويوسّع عليهم، ويلبّي مطالبهم وحاجاتهم بما فاء الله به عليه وبما تيسر له، كما كانت له أساليب وطرق خاصة في تربية أطفال الأسرة الصغيرة والكبيرة، وتعليمهم آداب الأكل والشرب والجلوس وما إلى ذلك.
عرف عن الشهيد ـ رحمه الله ـ أنه كان يتهيب الإفتاء، ويتحاشى الخوض فيه ما استطاع إلى ذلك سبيلا، على الرغم من أنه كان أهلا لذلك،ولكنه كان يقدّر عاقبة الإفتاء وخطورته بنص القرآن والسنة ،قال تعالى :"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا"(02) ، وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وأضلّوا"(03) ، وقد روى بعض مجاهدي الثورة* أنهم طلبوا منه ـ ذات مرة ـ رأيه في قضية ميراث عرضت عليهم، فأبدى تبرمه وعدم استعداده للإفتاء فيها، وطلب منهم عرض سؤالهم على غيره، فأصروا على سماع رأيه هو فامتنع، فلجأوا إلى حيلة حيث تظاهروا أمامه بدراسة القضية والقول فيها بأنفسهم ما دام لا يريد هو إعطاء رأيه في المسألة، وأثناء مناقشتهم للأمر لم يتمالك نفسه وتدخل بحدة معاتبا إياهم على استصغارهم للأمر والقول في الموضوع بغير علم، ثم أجابهم عن المسألة على الوجه الصحيح.
وحتى في حياته الخاصة عرف عن الشهيد أنه كان شديد العناية بتنظيم شؤونه ،حريصا على ترتيب أوقاته، دقيقا في ضبط مواعيده، لا يقدم فيها ولا يؤخر، بحيث يكون من الممكن معرفة الوقت الذي يمر فيه من هذا الطريق أو ذاك المكان **، كما كان شديد الحرص على أن تكون أعماله منسجمة ومنظمة ولها معنى وهدف، وفيها مصلحة له ولمن هم حوله، تواقا لحيازة المناقب والخصال النبيلة والمثل السامية.
لقد كان من أسباب نجاح الشيخ في أداء الأمانة الثقيلة ، أمانة العلم والإصلاح والجهاد التي حلم بها و حملها في قلبه وضميره طوال سنوات حياته ، ولم يؤده حفظها و نشرها والتبشير بها بين قومه ومحبيه و طلابه ومريديه ، أنه كان طاهر السريرة صادق العزم ، مؤمنا بما يقوم به ، ولم يكن يسعى لدينا زائلة يصيبها، أو لزعامة زائفة ينالها، ولكنه كان يجاهد في سبيل الله وفي سبيل عزة وطنه وكرامة شعبه، وفي سبيل ما يؤمن به من قيم ومُثل عليا فتحقق له ما أراد.
*في رحاب الله مع الصديقين والشهداء:
ظل الشهيد طوال سنوات نضاله الحافلة تحت مجهر المراقبة العسكرية الفرنسية الدقيقة، والمضايقة الأمنية اللصيقة، مطاردا من مكان إلى مكان، ورغم أنه كان يواجه تفنن السلطات الاستعمارية في مطاردته ومحاولة الإيقاع به بتفننه أيضا في المراوغة وابتكار الحيل والأساليب وطرق التضليل والتمويه التي تجعله يفلت من الوقوع في شباكها ،فمن تغيير مكان إقامته باستمرار، إلى اختفائه الكلي في ساعات النهار ،إلى مغادرته النهائية للمدينة واحتمائه بشعاب المنطقة وجبالها.
وفي شهر نوفمبر 1958 وأثناء زيارة خاطفة قادته لزيارة شقيقه (الحاج بن لخضر) الخارج لتوّه من المعتقل ، حيث أطلقت السلطات الفرنسية سراحه من معتقل بوسعادة بعد تدهور حالته الصحية بسبب التعذيب ـ ويبدو أن فرنسا كانت تنتظر هذه الفرصة، فجعلت من هذه الزيارة مصيدة للإيقاع بالشهيد ـ فترصدت له عن طريق عيونها و أعوانها من الخونة والعملاء، وهكذا وبمجرد وصول الشهيد إلى بيت شقيقه، حرك الجيش الفرنسي قوة عسكرية كبيرة من قـواته المرابطة بمركزي وادي الشعير وبن سرور بهدف الإطباق عليه من الجهتين وإلقاء القبض عليه دون أن تترك له فرصة للنجاة ،فوجد نفسه بين فكي كماشة، لكنه نجح في التسلل واختراق الطوق العسكري المضروب حوله، وبعد مطاردة شاقة له في أحراش المنطقة وجبالها استطاع التواري عن أنظار مطارديه والسير بوادي عميق يقوده إلى جبل منيع صعب المسالك ، ونظرا لوعورة المكان توقفت الآليات الفرنسية عن المطاردة، فأشار أحد الحركى على قائد العملية باستعمال الخيول فهي الأقدر على اللحاق به ، وكان الفلاحون وقتها منهمكين في حراثة الأرض بواسطة الأحصنة غير بعيد منهم ، فصدرت الأوامر من القائد العسكري باستعمال الخيول ، ويروي أحد الفلاحين * أنه عندما جاء العساكر ليأخذوا فرسه تعمد الإبطاء في نزع المحراث و فك الحبال حتى يعطي الوقت الكافي للشهيد للنجاة بنفسه، لكن الحركى تفطنوا للحيلة وعمدوا إلى تقطيع الحبال بالخناجر، وهكذا ما كاد الشهيد يصل إلى حضن الجبل حتى أمسك به العساكر وأفراد الحركى الذين كانوا على ظهور الخيل، وكانوا قد أصابوه عن بعد بجروح بليغة عطلت سيره، وفي هذه الأثناء كان الشهيد قد تمكن من إخفاء محفظة الوثائق المهمة التي كانت معه حتى لا تقع في أيدي عساكر الاستعمار، وقد عثر عليها أحد الرعاة بعد عدة أسابيع في مكان العملية..وهكذا وقع الشهيد سي محمد عباسي بعد سنوات من النضال والجهاد ،وبعد سنوات من المضايقة و المطاردة في قبضة الجيش الفرنسي الذي اقتاده إلى مقر القيادة العسكرية بوادي الشعير قصد معالجته واستنطاقه ومحاولة ثنيه عن دعم الثورة وتأييدها، ولما يئس المحققون أمام إصراره على مواقفه وعدم الحصول على أية معلومات منه ،أدركوا خطورة بقائه على قيد الحياة فقرروا تصفيته و التخلص منه بعد أيام قليلة من اعتقاله وتم إعدامه بدم بارد دون محاكمة ودون أن يرف لهم جفن مع اثنين من المجاهدين هما: عمار بن عون *و بن عطا الله الغربي** حيث اقتادوهم إلى "جبل ميزارزو" قرب الزعفرانية مقر قيادة جيش التحرير الوطني وضعوهم في مغارة في عمق الجبل وألقوا عليهم قنبلة، ويروي أحد السكان القريبن من المكان أنه سمع دوي القنبلة حوالي الساعة الخامسة صباحا ثم تلا ذلك إطلاق نار كثيف ربما ابتهاجا و احتفالا من قِبل الجنود الفرنسيين بتنفيذ جريمتهم البشعة ، و ذلك يوم الأثنين 10 نوفمبر 1958 حسب بعض الروايات، وكان عمره يومئذ 47 سنة (1911ـ 1958)،تاركا من الذكور خمسة ومن الإناث اثنتين، كلهم أعقبوا إلا واحدا مات قبل الزواج، وبعد الاستقلال نُقل رفاته وأعيد دفنه بمقبرة الشهداء بمدينة بن سرور.
إن أمثال هؤلاء الرجال ـ أصحاب الفضل علينا جميعا ـ لم يعيشوا لأنفسهم، بل عاشوا لمجتمعهم، ولوطنهم الذي آمنوا به، وجاهدوا من أجله، واستشهدوا في سبيله، ولم يكونوا يبغون عن استقلاله حولا ، ولا بغير حريته وكرامته بدلا ، إنهم الشهداء الأبرار..تيجان المجد ، فخر الأمم، أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.
رحم الله شهداءنا الأبرار، وجزاهم عن الأمة والوطن كريم الجزاء، ورحم من قال في حقهم:*
هتفت بهـــم ريح العُلا فأجابـوا وإلى الوغـى بعـد التجهّـز ثابوا
علّمــوا الأجيــال أن صلاحهـا بجهادهــا والباقيات ســـراب
ملكوا نفوسَهم فباعوا واشتـــروا في الله ما خـــافوا العٍدا أو هابوا










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 18:21   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شجــرة نسب الشهيد عباسي محمد بن لخضر[IMG][/IMG]










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-07, 18:36   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

قلا عن كتاب "منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير " للدكتور عبد الحميد عباسي]شهيد الرويني السعدي ..شهيد معركة الميمون وقائدها
الشهيد: الرويني السعدي ..قائد معركة الميمونة وشهيدها.
ا[IMG][/IMG]
قامة ثورية عملاقة وهامة جهادية كبيرة ،وقيادي ثوري لامع ، رجل متمرس شجاع ، ومقاتل شرس، تعرف بأسه فرنسا و تردد ذكره جبال المنطقة وشعابها،كان ذكره يستدعي معاني الشجاعة والبطولة والتضحية، وقد وقد وصفه سي الطاهر لعجال بأنه بطل كبير ومقاتل متمرس شجاع وعدّه مع علي بن المسعود ومخلوف بن قسيم من أكبر الخبرات القتالية في جيش التحرير. غير أن المعلومات المتوفرة عن هذا البطل الاستثنائي لا تتيح لنا تتبع مساره الثوري بشكل تفصيلي دقيق يفيه بعض حقه ، وكل ما نعرفه عنه أنه يسمى غويني المختار بن الحملاوي المدعو" رويني السعدي" من مواليد بلدية بن سرور سنة 1919 ،نشأ في أسرة ريفية بسيطة تعيش على الفلاحة وتربية الماشية قريبا من مدينة بن سرور ، ونتيجة لظروفه المعيشية القاسية التي فرضها الاستعمار على عموم أبناء الشعب الجزائري ورغبة منه في تحسين أوضاعه المادية الصعبة تطوع للخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي سنة 1943 ، وتم تحويله على الفور إلى ألمانيا للمشاركة ضمن صفوف الجيش الفرنسي الذي كان يخوض الحرب مع الحلفاء ضد ألمانيا النازية ودول المحور ، و قد اكتسب الشهيد من وراء تلك المشاركة خبرة عسكرية قتالية جيدة .
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واصل الشهيد عمله في صفوف الجيش الفرنسي،وكان ضمن القوة العسكرية الفرنسية التي تمركزت ببرج الآغا بوادي الشعير بعد استيلاء الفرنسيين على هذا البرج السكني بالقوة من أسرة آل بن الضيف وتحويله إلى مركز لقيادة الجيش الفرنسي إثر اندلاع الثورة بقرار من الحاكم العسكري بسور الغزلان في ماي 1956.
وما أن اندلعت الثورة التحريرية المباركة حتى أدرك الشهيد بحسه الوطني أن مكانه الطبيعي ليس هنا بل ينبغي أن يكون تخندقه الصحيح إلى جانب شعبه المكافح ضد فرنسا الاستعمارية فقرر في بداية شهر جوان سنة 1956 الفرار من الجيش الفرنسي والالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني مع خمسة من رفاقه وقيل أربعة كما أكد لي ذلك الرائد الطاهر لعجال * وهم : الرويني السعدي، سليمان الوهراني المدعو "لكحل" ،أحمد عسوس ، عبد القادر الذبيح ، وذكر بعضهم بن عون عمار أيضا ،بمساعدة الشهيد بن صوشة عبد القادر الذي قدم لهم بعض الملابس المدنية لمساعدتهم على التنكر وباتوا ليلتهم بناحية "وقيس" شمالي وادي الشعير حيث اتصل بهم الشهيد مسعودي علي بن عبد الله الذي تعرف على الرويني السعدي كونه من أبناء المنطقة ،وفي الصباح ربط الاتصال بينهم وبين قيادة جيش التحرير في منطقة النسينيسة، ، وهكذا التحق الشهيد بقيادة جيش التحرير بجبل الميمونة في شهر جوان 1956 ، وتدرج في الرتب والمسؤوليات داخل صفوف الجيش إلى أن وصل رتبة مساعد وتولى الإشراف العسكري على منطقة الميمونة ، وباعتباره جنديا متمرسا في القتال واستعمال السلاح فقد خاض الشهيد البطل الرويني السعدي مع جيش التحرير معاركه الأولى بالمنطقة ومنها قيادته لمعركة النسينيسة التي جرت وقائعها في بداية شهر ديسمبر1956 وأبلى فيها البلاء الحسن ، وقد تميز الشهيد بالشجاعة والإقدام وحب التضحية،وقد عرف الشهيد بالشجاعة والإقدام وحب التضحية ، يروي أحد المجاهدين (*) أنهم كانوا في جلسة ليلية في إحدى ليالي شتاء سنة 1957 مع القائد الرويني وأثناء الحديث دعا الله أن يرزقه الشهادة قبل أن يتحقق الاستقلال فرد عليه المجاهد عطية بن الضيف الذي كان حاضرا ودعا له بالسلامة وطول العمر فقال القائد الرويني له:إن الشهادة في سبيل الله غاية مثلى يسعى إليها كل مجاهد مخلص لله ولوطنه.
حضر الرويني السعدي معركة الميمونة الخالدة يوم الاثنين 08 أفريل 1957 التي يسميها البعض أيضا "معركة رمضان" ،و هي من أشرس وأقسى المعارك التي شهدتها الولاية السادسة ،ومن كبريات معارك الثورة التحريرية عبر الوطن ،و كان الشهيد قائد هذه الملحمة وبطلها ونجمها وشهيدها بلا منازع، ومازالت هذه المعركة تحمل اسمه في الذاكرة الشعبية لأبناء المنطقة حتى اليوم "معركة الرويني"،وقد استمرت هذه المعركة يوما كاملا كان النصر فيها لجيش التحرير ،و الانكسار والاندحار للجيش الفرنسي الذي بلغت خسائره بين 650 جنديا حسب استخبارات جيش التحرير و 400 جنديا بينهم " النقيب سانكا" قائد العملية ، وفقدان خمس طائرات حسب تقديرات وكالات الأنباء الأجنبية.وتمثلت خسائر جيش التحرير الوطني في استشهاد ثلاثة شهداء منهم: القائد الرويني السعدي الذي أصابه صاروخ قذفته طائرة b26 ورشاشه بيده يطلق النار على الأعداء،وكان بذلك أول شهيد عسكري بالقسمة 52، ودحماني أحمد بن الحاج عامر آخر الشهداء العسكريين بها.. ويتذكر رفيقه المجاهد المسعود لمجد أحد أبطال الميمونة استشهاد قائده فيقـول :" مازلت أذكر اللحظات الصعبة التي استشهد فيها الرويني وكان هو المسؤول عنا ،تعرض لقصف الطائرة في مواجهة مكشوفة وأصابته شظية فقضت عليه" (01) وظل جثمان الشهيد الطاهر معلقا في قمة شاهقة بجبل الميمونة إلى سنة 1974، بعد ذلك تم نقل رفاته ودفن في موكب مهيب يليق بتضحيته بمقبرة الشهداء بمدينة بن سرور في ذكرى عيد النصر بحضور رفاق السلاح وبعض قادة الولايــة التاريخيــة السادسة وعائلة الشهيد وأصدقائه










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-10, 16:57   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد الرائد علي بن المسعود..الرجل الذي ظلمه الرفاق

منقول عن كتاب "منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير" للدكتور عباسي عبد الحميد

الرائد الشهيد علي بن المسعود اسم محفور في ذاكرة الزمن ،وقامة جهادية كبيرة بحجم الوطن،،عرفته الجبال والسهول والوديان و ارتبط اسمه بجهاد الولاية السادسة التاريخية وبأسماء قادتها العظام وبأحداثها ومعاركها الكبرى منذ البداية ،وقد سعيت جاهدا لجمع أكبر قدر من المعلومات عنه، فما وجدت أفضل ولا أشمل مما كتب عنه في" نشرية الميمونة"الصادرة عن المركز الثقافي ببن سرور ، وأنا أعلم أن ألأخ بودور مدير المركز أكثر الناس إلماما بتاريخ هذا الرجل الفذ وبتاريخ المنطقة عموما ،لذا فسأعتمد في كتابة هذه الصفحة على بعض ما كتب، دون إهمال الاستفادة من مصادر أخرى ومن بينها شهادات بعض رفاق الشهيد المقربين بطبيعة الحال.
الحقيقة أننا لا نعرف الكثير من التفاصيل عن طفولة وشباب الشهيد الرائد بن النوي علي بن المسعود وكل ما توفر لدينا من معلومات عنه يشير إلى انه ولد سنة 1911 بالأروية ناحية أولاد سليمان وسط أسرة بسيطة مثل عامة الأسر في المنطقة، وعمل مثل غيره بالفلاحة والرعي ،كما تمكن من قراءة وحفظ شئ من القرآن الكريم.
في سنة 1931 وجد الشاب علي نفسه مشمولا بقانون التجنيد العسكري الإجباري، ولسنا ندري على وجه اليقين هل التحق طواعية أم أجبر على الالتحاق؟ لكن الثابت أنه أرسل للمشاركة في الحرب العالمية الثانية أين شهد أعظم معاركها ـ معركة كاسينو سنة 1944 ـ رفقة أحمد بن بلة و آخرين. سُرّح من الخدمة بعد سنة 1946 برتبة " مساعد ".
يتمتع الشهيد علي بن المسعود بخبرة عسكرية ميدانية كبيرة اكتسبها على مدى سنوات طويلة في الجيش الفرنسي ، وبوعي سياسي عال تشكل لديه من خلال معاينته لأوضاع شعبه ومعاناته القاسية تحت الاحتلال رغم العروض المغرية المقدمة له ليستمر في الخدمة ضمن جيش الاحتلال.
يقول عنه رفيقه الرائد عمر صخري :" علي بن المسعود قبل اندلاع الثورة قام بمثل ما قام به الشيخ عاشور زيان، بحكم ثقافته العسكرية إذ شارك في الحرب العالمية الثانية، حيث كان يعد للثورة و يجمع السلاح و يهيئ الجنود، و ما أن حلت الطلائع الأولى للثورة بالمنطقة حتى تم تعيينه مباشرة كمسؤول عن ناحيتي بن سرور و محارقة،"(01) ، ويعتبره سي الطاهر لعجال الذي كان رفيقه و كاتبه الخاص من أحسن الكفاءات القتالية في جيش التحرير نتيجة خبرته ومعرفته الدقيقة بالأرض والإنسان في المنطقة.
وعند قيام الثورة التحريرية كان الشهيد علي بن المسعود أكثر المتحفزين للانضمام إليها، ومن أبرز أوائل قادتها، وقد أبلى فيها عبر كل المراحل البلاء الحسن ،ونظرا للخبرة العسكرية التي اكتسبها من حروب فرنسا وتمكنه من استعمال السلاح فقد نصب من طرف قيادة الأوراس مسؤولا على منطقة الميمونة لبعض الوقت ، ثم تدرج في الرتب والمراتب ، وكان أول من تولى قيادة ناحية بوسعادة الكبرى (أي الناحية الأولى) في 07 أفريل1957، بعد مؤتمر الصومام ، كما أسندت إليه قيادة المنطقة الرابعة أواخر 1958 ،ثم عينه سي الحواس قائدا للمنطقة الأولى (المدية وقصر البخاري)التي أصبحت فيما بعد جزءا من الولاية الرابعة . (رقم 217،رقم 218)
بعد استشهاد العقيد سي الحواس تولى الشهيد علي بن المسعود مسؤولية التنسيق في هيئة نقباء المناطق الأربعة بالولاية السادسة،التي سدت فراغ القيادة الناجم عن استشهاد سي الحواس ،وهذه الهيئة هي من اختارت وساندت العقيد محمد شعباني قائدا للولاية،وقد تميز الشهيد في جهاده بالخبرة والتفاني ونكران الذات، وكان رحمه الله شديدا قاسيا على أعدائه رؤوفا رحيما بجنوده ومن هم تحت إمرته يحنو عليهم حُنو الأب على أبنائه، ويروي رفيقه الرائد عمر صخري أن أقسى ما يؤلم الشهيد أن يحكم على مجاهد بالإعدام ، و يروي المجاهد بن سعيد قاسمي الذي قتل ضابط "لاصاص" (الملازم أول أندريه مولي) أنه رأى الشهيد على بن المسعود يبكي دموعا عندما جاءته رسالة من داخل المركز العسكري الفرنسي "ببرج الآغا" تخبره بما تعرضت له زوجة الشهيد عطاوة الحاج بن عبد الله من تعذيب وتنكيل من قبل ضابط الاستخبارات مولي ، وكانت هذه الحادثة سببا في إصدار سي علي بن المسعود أوامره بتنفيذ عملية قتل الضابط مولي على الفور ، و قد تم قتله بالفعل بعد أسبوع واحد فقط من وصول تلك الرسالة.
ومما يجدر ذكره هنا أن المنطقة الثالثة عاشت أوضاعا مضطربة منذ وطئتها أقدام الخائن بلونيس ،وأفسدتها الدسائس والمؤامرات الاستعمارية التي لم تتوقف وأدت إلى سريان حالة من الشك وانعدام الثقة بين القادة و المسؤولين خصوصا ماسمي بقضية سلم الشجعان التي أراد من خلالها دو غول فتح خطوط اتصال مع ثوار الداخل من أجل إقرار صيغة للحكم الذاتي وكانت تداعياتها وبالا على الجميع من قادة الولايتين الرابعة والسادسة، ومثلها مؤامرة زرع الفتن والشكوك بين المجاهدين، أو ما سمي "لا بلويت" la bleuite ، وقد انعكس هذا الوضع المضطرب بطبيعة الحال على تحرك الشهيد علي بن المسعود باعتباره واحدا من الذين كشفوا العديد من هذه الخطط و المؤامرات وانعكست آثارها عليه وعلى بعض رفاقه الآخرين كذلك، وقد شكلت عمليات التصفية والاغتيال لبعض القادة صفحة قاتمة السواد في تاريخ الولاية السادسة .
وكان استشهاد الرائد علي بن المسعود قد جرى في ظروف مأساوية غامضة على اثر كمين استهدفه ورفيقه النقيب محمد بوصبيعات(بلقاضي) بنواحي جبل ديرة يوم الخميس 17 ديسمبر 1959 ،وكتبت السلامة والنجاة لرفيقه المقرب طويري برابح .(01)
لقد تعرض المسار الجهادي للرجل إلى حملة طعن وتشكيك غذتها مواقف متسرعة وكتابات ومقالات صحفية غير مسؤولة وصلت حدودا غير مقبولة نتيجة مواقف ورؤى متباينة لبعض القادة الأحياء ووجهات النظر المختلفة لبعض الأقلام وكيفية استقائها وتفسيرها للمعلومات المتعلقة بهذه الأحداث .
لكن الندوات والملتقيات التي أقيمت هنا وهناك نجحت إلى حد بعيد في تصحيح هذه الصورة ووضع نقاط الحقيقة على حروف الزيف والتحريف، وبددت الاتهامات وصححت الكثير المواقف، وأجْلَت العديد من الحقائق ، ومن بين تلك الندوات والملتقيات الناجحة الندوة التي أقيمت بمدينة بن سرور بتاريخ 18 فيفري 2004 بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد وحضرتها العديد من الشخصيات الثورية والوجوه التاريخية المعروفة ورفاق السلاح ،وكان الوزير السابق والأمين العام لمنظمة المجاهدين السعيد عبادو أبرز الحضور، وقد اعتبرت مداخلات هؤلاء القادة وشهاداتهم مرافعات حقيقية عن تاريخ الرجل وشجاعته وطهارة سلاحه وسلامة مساره الجهادي من أية شائبة.
وقد عرضت القناة الوطنية للتلفزيون الجزائري في الآونة الأخيرة في إطار احتفالاتها المخلدة للذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة،وفي سابقة هي الأولى، شريطا وثائقيا مصورا يستعرض مسيرة الشهيد علي بن المسعود ومساره الجهادي قام بتصويره وإخراجه السيناريست والإعلامي القدير الأستاذ سيحمدي بركاتي الباحث المهتم بتاريخ الثورة ،وقد حاز هذا العمل التوثيقي المتميز على رضا وتقدير أبناء المنطقة كافة ورأوا فيه تكريما ورد اعتبار لذاكرة هذا الرجل -ولو متأخرا - ورفعا للحصار الإعلامي المضروب حوله منذ فجر الاستقلال،ورغم أن الشريط لم يجب على الكثير من الأسئلة، ولم يضئ العديد من مناطق الظل في تاريخ الشهيد الجهادي ، غير أن جميع من شاهده من رفاق الشهيد وأهله ومحبيه وأبناء منطقته رأوا فيه خطوة أولى غير مسبوقة في الاتجاه الصحيح ،وبداية لتصحيح ما لحق بتاريخ هذا البطل من تجاهل وتشويه وإجحاف وجحود ،و تصويبا للعديد من الأحداث والوقائع التي عرفتها المنطقة الثالثة عامة وناحية بوسعادة على نحو خاص.(رقم 219)
ويُعتقد على نطاق واسع أن الشهيد علي بن المسعود دفع في النهاية ثمن نجاحاته العسكرية الميدانية من خلال تصديه للمخططات الفرنسية وكشفها وإسقاطها الواحدة تلو الأخرى كما سبقت الاشارة .
وتبقى حقيقة اغتيال الشهيد وبعض رفاقه لغزا محيرا نأمل أن ينجلي غباره و تتكشف أسراره يوما ما حتى تطوى هذه الصفحة المؤلمة الدامية من تاريخنا إلى الأبد.










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-10, 17:22   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشهيد بن الضيف الحفناوي (1961.1920)

[IMG][/IMG]

من كتاب الدكتور عباسي عبد الحميد "منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوكنية الى ثورة التحرير"


من أبناء منطقة وادي الشعير ولد وترعرع فيها،انخرط في بداية شبابه في العمل السياسي الذي عرفته المنطقة،ونافس ابن عمه بن الضيف العلاء على رئاسة بلدية بن سرور سنة 1953 بعد شغور المنصب بوفاة بن الضيف الحاج زيان.
مجموعة من المجاهدين بمعركة بوكحيل الشهيرة .الأول من اليمين الشهيد بقور الجموعي والثاني الشهيد بن الضيف الحفناوي
يتذكر المجاهد أحمد كربع أن الحفناوي بن الضيف كان من بين الشهداء الذين ارتقوا أثناء المعركة التي جرت وقائعها بالقرب من بوكحيل في المكان المسمى "الصفراء"، وكانت هذه المعركة الشرسة بقيادة مخلوف بن قسيم ومساعدة رمضان حسوني ،وقد امتد القتال فيها من الصبح إلى العشاء وكتب النصر المؤزر فيها لجيش التحرير ، والهزيمة النكراء لجيش الاحتلال ، أما خسائر جيش التحرير فتمثلت في ارتقاء 13 شهيدا من بينهم شهيدنا و رمضان حسوني، نويبات عمر، البقور الجموعي،والممرض ابن التهامي، وجرح عدد غير محدد من المجاهدين.










رد مع اقتباس
قديم 2015-11-10, 18:24   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
hichamabassi
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

المجاهد البطل قاسمي محمد بن سعيد قاتل ضابط الاستخبارات الفرنسي اندريه مولي

[IMG][/IMG]

نقلا عن كتاب "منطقة بن سرور جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير" للدكتور عباسي عبد الحميد

هو محمد بن اسعيد قاسمي من مواليد العام 1919 ببلدية محمد بوضياف (وادي الشعير سابقا) دائرة بن سرور،نشأ في أسرة فلاحية وتربى على قيم وأخلاق أهل البادية القائمة على النخوة والكرم والفروسية ونجدة المظلوم ، وكان في شبابه مولعا بالصيد وركوب الخيل حتى لُقب بالجوكي، وحين شب عن الطوق و اشتد عوده انخرط في صفوف الحركة الوطنية التي كانت مدينة بن سرور مرتعا ومركزا لنشاطها ، وفي عام 1948 أصبح مناضلا في حزب أحباب البيان والحرية الذي أسسه فرحات عباس .
وعند اندلاع الثورة المباركة كان الجوكي محمد بن اسعيد من ضمن المنتسبين الأوائل إليها ، حيث كان ضمن مجموعة الأولى التي شكلها الشهيد بن الضيف البشير من شباب المنطقة ، وقد شارك المجاهد بن اسعيد في أهم المعارك التي جرت بالمنطقة من الزعفرانية إلى النسينيسة إلى الميمونة ،وعندما وصلت أخبار الضابط الفرنسي سيئ السمعة André MOLLET إلى قيادة الثورة في الزعفرانية وطرقت جرائمه البشعة مسامع المجاهد محمد بن اسعيد، خصوصا قصة تعذيبه للمرأة زوجة الشهيد عطاوة الحاج، غلى دم الانتقام في عروقه و أبدى الجوكي استعداده لتصفيته وتخليص الناس من شروره فكان له ما أراد ، ونتيجة لتلك العملية البطولية النوعية تحررت المرأة وتحرر معها 185 معتقلا كانوا ينتظرون مصيرهم في مركز وادي الشعير العسكري.
سعت القيادة العسكرية الفرنسية بكل الوسائل إلى القبض على الجوكي ولكن قيادة الثورة قامت بإخراجه من الولاية السادسة ونقله إلى الحدود التونسية ، وبعد الاستقلال عمل المجاهد ضمن الشرطة البلدية وكان جل عمله ببلدية أولاد سيدي إبراهيم إلى أن أحيل على التقاعد.










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
1954, الفاتح, نوفمبر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc