الرد على إستدلال القبوريين بكلام ينسب للإمام مالك رحمه الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرد على إستدلال القبوريين بكلام ينسب للإمام مالك رحمه الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-12-05, 00:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18 الرد على إستدلال القبوريين بكلام ينسب للإمام مالك رحمه الله

الرد على إستدلال القبوريين بكلام ينسب للإمام مالك (وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة) - شيخ الإسلام العلامة إبن تيمية الحراني

قال - رحمه الله - وهو ينتقد قصة المنصور مع مالك:
1 - من جهة الإسناد:
فقرة (384): "ثم ذكر حكاية - يعني القاضي عياضا - بإسناد غريب منقطع رواها عن غير واحد إجازة، ثم ذكر إسناده إلى محمد بن حميد الرازي وساق القصة إلى قوله: فقال - أي المنصور -: يا أبا عبدالله أستقبل القبلة وأدعوا أم أستقبل رسول الله ؟. فقال: ولم تصرف وجهك عنه؟ وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله.
قال تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما} سورة النساء، آية (64).
قال شيخ الإسلام رحمه الله فقرة (385): "قلت:
أ - وهذه الحكاية منقطعة فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكاً، لا سيما في زمن أبي جعفر المنصور فإن أبا جعفر توفي بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة وتوفي محمد بن حميد الرازي سنة ثمان وأربعين ومائتين.
ولم يخرج من بلده حتى رحل في طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه.
ب - وهو مع ذلك ضعيف عند أكثر أهل الحديث كذبه أبوزرعة وابن وارة.
وقال صالح بن محمد الأسدي: "ما رأيت أحدًا أجرأ على الله منه، وأحذق بالكذب منه".
وقال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات.
ج - وفي الإسناد أيضاً من لا يعرف حاله.
د - وهذه الحكاية لم يذكرها أحد من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه.
ومحمد بن حميد ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند فكيف إذا أرسل حكاية لاتعرف إلا من جهته".
هذه أربع علل تقدح في ثبوت هذه الحكاية من جهة الإسناد، كل واحدة منها كافية لردها:
الأولى: الانقطاع بين محمد بن حميد وبين مالك.
والثانية: الطعن في عدالته فهو ضعيف من جهة عدالته بل رمي بالكذب من أئمة معتبرين.
والثالثة: تفرد هذا الرجل المطعون في عدالته بهذه الحكاية عن أصحاب مالك على كثرة عددهم وعدالتهم وملازمتهم لمالك.
والرابعة: جهالة بعض رواة هذه القصة.
2 - ثم يردها من وجه آخر وهو طريقة أصحاب مالك وشروطهم في قبول المسائل الفقهية البحته فكيف بالمسائل الفقهية العقدية التي تناقض مذهبه مناقضة صريحة.
فقال: "وأصحاب مالك متفقون على أنه بمثل هذا النقل لا يثبت عن مالك قول له في مسألة في الفقه. بل إذا روى عنه الشاميون كالوليد ابن مسلم ومروان بن محمد الطاطري ضعفوا رواية هؤلاء، وإنما يعتمدون على رواية المدنيين والمصريين فكيف بحكاية تناقض مذهبه المعروف عنه من وجوه، رواها واحد من الخراسانيين لم يدركه، وهو ضعيف عند أهل الحديث" الفقرة (386).
3 - ثم إن ما يتعلق به المجيزون للتوسل بالجاه وبالذوات لا دليل
لهم في هذه الحكاية التي تعلقوا بها، فيقول في الفقرة (387)( ):
"مع أن قوله: وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام يوم القيامة" إنما يدل على توسل آدم وذريته يوم القيامة، وهذا هو التوسل بشفاعته يوم القيامة وهذا حق كما جاءت به الأحاديث الصحيحة وساق حديثاً من أحاديث الشفاعة.
4 - مناقضتها لمذهب مالك المعروف عنه من وجوه أحدها: قوله: "أستقبل القبلة وأدعوا أم أستقبل رسول الله وأدعو؟".
فقال: - أي مالك - "ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة آبيك آدم".
فإن المعروف عن مالك وغيره من الأئمة وسائر السلف من الصحابة والتابعين، أن الداعي إذا سلم على النبي ، ثم أراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة، ويدعو في مسجده، ولا يستقبل القبر ويدعو لنفسه بل إنما يستقبل القبر عند السلام على النبي والدعاء له.
هذا قول أكثر العلماء كمالك في إحدى الروايتين والشافعي وأحمد وغيرهم.
وعند أصحاب أبي حنيفة، لا يستقبل القبر - وقت السلام عليه - أيضاً، ثم منهم من قال: "يجعل الحجرة عن يساره، وقد رواه ابن وهب عن مالك".
ثم نقل الروايات عن مالك في هذه القضية عن القاضي عياض عن المبسوط في مذهب مالك وعن غيره ونقل أقوال أصحاب مالك رحمهم الله ونقل كلام الباجي وابن حبيب وغيرهما، واستدلالهم بالأحاديث وبفعل ابن عمر وبواقع التابعين.
5 - ثم انتهى إلى القول الآتي: "فدل ذلك على أن ما في الحكاية المنقطعة في قوله: "استقبله واستشفع به". كذبٌ على مالك مخالف لأقواله وأقوال أصحابه والتابعين وأفعالهم التي نقلها مالك وأصحابه، ونقلها سائر العلماء، إذ كان أحد منهم لم يستقبل القبر للدعاء لنفسه، فضلاً عن أن يستقبله ويستشفع به يقول له: يارسول الله اشفع لي أو ادع لي أو يشتكي إليه المصائب في الدين والدنيا أو يطلب منه أو من غيره من الأموات من الأنبياء والصالحين، أو من الملائكة الذين لا يراهم، أن يشفعوا له أو يشتكي إليهم المصائب، فإن هذا كله من فعل النصارى وغيرهم من المشركين، ومن ضاهاهم من مبتدعي هذه الأمة ليس هذا من فعل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ولا مما أمر به أحد من أئمة المسلمين".
وهكذا يبطل هذه القصة من جهات عديدة: من جهة إسنادها ومتنها، ومن جهة مناقضتها للمعروف المشهور من مذهب الإمام مالك الذي نسبت إليه كذبا وبمناقضتها لمذاهب الأئمة وما كان عليه خير القرون من سلف هذه الأمة.
6 - يؤكد على فساد معنى هذه الحكاية فيقول في الفقرة (432):
"ومعلوم أن هذا لم يأمر به النبي ، ولا سنه لأمته، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، لا مالك ولا غيره من الأئمة فكيف يجوز أن ينسب إلى مالك مثل هذا الكلام الذي لا يقوله إلا جاهل لا يعرف الأدلة الشرعية ولا الأحكام المعلومة بأدلتها الشرعية، مع علو مالك، وعظم فضيلته وإمامته وتمام رغبته في اتباع السنة وذم البدع وأهلها وهل يأمر بهذا أو يشرعه إلا مبتدع، فلو لم يكن عن مالك قول يناقض هذا لعلم أنه لا يقوله".
---------------
1 -استمر هذا النقاش إلى مسافة طويلة إلى الفقرة (448) فاخترت بعض الفقرات نموذجاً لمعالجته القضايا التي يخالفه فيها خصومه، حيث يتعلقون بشبه واهية وحكايات باطلة، بينما هو يغترف من بحر من العلوم الإسلامية، فيدعم مذهبه بالكتاب، والسنة، والتاريخ، ومذاهب الصحابة والتابعين والأئمة، والقواعد الأصولية والحديثية واللغوية. ويؤيد كل ذلك بمناقضة ما يتعلقون به من شبهات وحكايات لمذاهب السلف من الصحابة فمن بعدهم خصوصاً الإمام مالك الذي نسبت إليه هذه الحكاية الباطلة.

--------------------


من مقدمة التوسل والوسيلة بتحقيق لشيخ ربيع ابن هادي عمير المدخلي حفظه الله









 


قديم 2013-12-05, 07:46   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:

" ويروى عن مالك رحمه الله أنه قال : إذا قل العلم ظهر الجفا وإذا قلت الآثار كثرت الأهواء . ولهذا تجد قوما كثيرين يحبون قوما ويبغضون قوما لأجل أهواء لا يعرفون معناها ولا دليلها بل يوالون على إطلاقها أو يعادون من غير أن تكون منقولة نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة ومن غير أن يكونوا هم يعقلون معناها ولا يعرفون لازمها ومقتضاها "

---------------------------
مجموع الفتاوى (20/163)

فأعظم ما يخل بالتوحيد هو الشرك وأعظم ما يخل بالعبادة ويبطلها هو البدعة. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، أي مردود عليه لا يقبله الله سبحانه وتعالى. فالله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه من الشرك وصوابا على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم خاليا من البدع والمحدثات. فاتقوا الله عباد الله، تعلموا عقيدتكم، تعلموا التوحيد ولو باختصار، لأن من الناس من يزهد في التوحيد ويقول الناس كلهم مسلمون [..] وهذا من جهله أو من زيغه والعياذ بالله، نعم المسلم يبين له التوحيد ويدرس التوحيد لأجل أن يصحح عقيدته ويتجنب ما يبطلها أو ينقصها. فاتقوا الله عباد الله.

[الشيخ صالح الفوزان حفظه الله]










قديم 2013-12-05, 08:21   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
youcef19003
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية youcef19003
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله في الجميع










قديم 2013-12-06, 11:43   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

بارك الله في الجميع










قديم 2013-12-06, 12:08   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ابو الفداء الجلفي
محظور
 
إحصائية العضو










456ty

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يونس بلخيري مشاهدة المشاركة
الرد على إستدلال القبوريين بكلام ينسب للإمام مالك (وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة) - شيخ الإسلام العلامة إبن تيمية الحراني

قال - رحمه الله - وهو ينتقد قصة المنصور مع مالك:
1 - من جهة الإسناد:
فقرة (384): "ثم ذكر حكاية - يعني القاضي عياضا - بإسناد غريب منقطع رواها عن غير واحد إجازة، ثم ذكر إسناده إلى محمد بن حميد الرازي وساق القصة إلى قوله: فقال - أي المنصور -: يا أبا عبدالله أستقبل القبلة وأدعوا أم أستقبل رسول الله ؟. فقال: ولم تصرف وجهك عنه؟ وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله.
قال تعالى: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما} سورة النساء، آية (64).
قال شيخ الإسلام رحمه الله فقرة (385): "قلت:
أ - وهذه الحكاية منقطعة فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكاً، لا سيما في زمن أبي جعفر المنصور فإن أبا جعفر توفي بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة وتوفي محمد بن حميد الرازي سنة ثمان وأربعين ومائتين.
ولم يخرج من بلده حتى رحل في طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه.
ب - وهو مع ذلك ضعيف عند أكثر أهل الحديث كذبه أبوزرعة وابن وارة.
وقال صالح بن محمد الأسدي: "ما رأيت أحدًا أجرأ على الله منه، وأحذق بالكذب منه".
وقال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات.
ج - وفي الإسناد أيضاً من لا يعرف حاله.
د - وهذه الحكاية لم يذكرها أحد من أصحاب مالك المعروفين بالأخذ عنه.
ومحمد بن حميد ضعيف عند أهل الحديث إذا أسند فكيف إذا أرسل حكاية لاتعرف إلا من جهته".
هذه أربع علل تقدح في ثبوت هذه الحكاية من جهة الإسناد، كل واحدة منها كافية لردها:
الأولى: الانقطاع بين محمد بن حميد وبين مالك.
والثانية: الطعن في عدالته فهو ضعيف من جهة عدالته بل رمي بالكذب من أئمة معتبرين.
والثالثة: تفرد هذا الرجل المطعون في عدالته بهذه الحكاية عن أصحاب مالك على كثرة عددهم وعدالتهم وملازمتهم لمالك.
والرابعة: جهالة بعض رواة هذه القصة.
2 - ثم يردها من وجه آخر وهو طريقة أصحاب مالك وشروطهم في قبول المسائل الفقهية البحته فكيف بالمسائل الفقهية العقدية التي تناقض مذهبه مناقضة صريحة.
فقال: "وأصحاب مالك متفقون على أنه بمثل هذا النقل لا يثبت عن مالك قول له في مسألة في الفقه. بل إذا روى عنه الشاميون كالوليد ابن مسلم ومروان بن محمد الطاطري ضعفوا رواية هؤلاء، وإنما يعتمدون على رواية المدنيين والمصريين فكيف بحكاية تناقض مذهبه المعروف عنه من وجوه، رواها واحد من الخراسانيين لم يدركه، وهو ضعيف عند أهل الحديث" الفقرة (386).
3 - ثم إن ما يتعلق به المجيزون للتوسل بالجاه وبالذوات لا دليل
لهم في هذه الحكاية التي تعلقوا بها، فيقول في الفقرة (387)( ):
"مع أن قوله: وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام يوم القيامة" إنما يدل على توسل آدم وذريته يوم القيامة، وهذا هو التوسل بشفاعته يوم القيامة وهذا حق كما جاءت به الأحاديث الصحيحة وساق حديثاً من أحاديث الشفاعة.
4 - مناقضتها لمذهب مالك المعروف عنه من وجوه أحدها: قوله: "أستقبل القبلة وأدعوا أم أستقبل رسول الله وأدعو؟".
فقال: - أي مالك - "ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة آبيك آدم".
فإن المعروف عن مالك وغيره من الأئمة وسائر السلف من الصحابة والتابعين، أن الداعي إذا سلم على النبي ، ثم أراد أن يدعو لنفسه فإنه يستقبل القبلة، ويدعو في مسجده، ولا يستقبل القبر ويدعو لنفسه بل إنما يستقبل القبر عند السلام على النبي والدعاء له.
هذا قول أكثر العلماء كمالك في إحدى الروايتين والشافعي وأحمد وغيرهم.
وعند أصحاب أبي حنيفة، لا يستقبل القبر - وقت السلام عليه - أيضاً، ثم منهم من قال: "يجعل الحجرة عن يساره، وقد رواه ابن وهب عن مالك".
ثم نقل الروايات عن مالك في هذه القضية عن القاضي عياض عن المبسوط في مذهب مالك وعن غيره ونقل أقوال أصحاب مالك رحمهم الله ونقل كلام الباجي وابن حبيب وغيرهما، واستدلالهم بالأحاديث وبفعل ابن عمر وبواقع التابعين.
5 - ثم انتهى إلى القول الآتي: "فدل ذلك على أن ما في الحكاية المنقطعة في قوله: "استقبله واستشفع به". كذبٌ على مالك مخالف لأقواله وأقوال أصحابه والتابعين وأفعالهم التي نقلها مالك وأصحابه، ونقلها سائر العلماء، إذ كان أحد منهم لم يستقبل القبر للدعاء لنفسه، فضلاً عن أن يستقبله ويستشفع به يقول له: يارسول الله اشفع لي أو ادع لي أو يشتكي إليه المصائب في الدين والدنيا أو يطلب منه أو من غيره من الأموات من الأنبياء والصالحين، أو من الملائكة الذين لا يراهم، أن يشفعوا له أو يشتكي إليهم المصائب، فإن هذا كله من فعل النصارى وغيرهم من المشركين، ومن ضاهاهم من مبتدعي هذه الأمة ليس هذا من فعل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ولا مما أمر به أحد من أئمة المسلمين".
وهكذا يبطل هذه القصة من جهات عديدة: من جهة إسنادها ومتنها، ومن جهة مناقضتها للمعروف المشهور من مذهب الإمام مالك الذي نسبت إليه كذبا وبمناقضتها لمذاهب الأئمة وما كان عليه خير القرون من سلف هذه الأمة.
6 - يؤكد على فساد معنى هذه الحكاية فيقول في الفقرة (432):
"ومعلوم أن هذا لم يأمر به النبي ، ولا سنه لأمته، ولا فعله أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، لا مالك ولا غيره من الأئمة فكيف يجوز أن ينسب إلى مالك مثل هذا الكلام الذي لا يقوله إلا جاهل لا يعرف الأدلة الشرعية ولا الأحكام المعلومة بأدلتها الشرعية، مع علو مالك، وعظم فضيلته وإمامته وتمام رغبته في اتباع السنة وذم البدع وأهلها وهل يأمر بهذا أو يشرعه إلا مبتدع، فلو لم يكن عن مالك قول يناقض هذا لعلم أنه لا يقوله".
---------------
1 -استمر هذا النقاش إلى مسافة طويلة إلى الفقرة (448) فاخترت بعض الفقرات نموذجاً لمعالجته القضايا التي يخالفه فيها خصومه، حيث يتعلقون بشبه واهية وحكايات باطلة، بينما هو يغترف من بحر من العلوم الإسلامية، فيدعم مذهبه بالكتاب، والسنة، والتاريخ، ومذاهب الصحابة والتابعين والأئمة، والقواعد الأصولية والحديثية واللغوية. ويؤيد كل ذلك بمناقضة ما يتعلقون به من شبهات وحكايات لمذاهب السلف من الصحابة فمن بعدهم خصوصاً الإمام مالك الذي نسبت إليه هذه الحكاية الباطلة.

--------------------


من مقدمة التوسل والوسيلة بتحقيق لشيخ ربيع ابن هادي عمير المدخلي حفظه الله
هل هؤلاء هم القبريون

......... وإلى هذا التوسل أشار الإمام مالك رحمه الله تعالى للخليفة الثاني من بني العباس ، وهو المنصور جد الخلفاء العباسيين ، وذلك أنه لما حج المنصور المذكور وزار قبر النبي (ص) سأل الإمام مالكاًً وهو بالمسجد النبوي ، وقال له : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله (ص) ؟ فقال مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى ، بل إستقبله وإستشفع به فيشفعه الله فيك ، قال تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله وإستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.

ذكره القاضي عياض في الشفاء وساقه بإسناد صحيح.
وذكره الإمام السبكي في [ شفاء السقام في زيارة خير الأنام ].
والسيد السمهودي في [ خلاصة الوفا ].
والعلامة القسطلاني في [ المواهب اللدنية ].
والعلامة إبن حجر في [ تحفة الزوار ، والجوهر المنظم ].
وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب زيارة النبي (ص).
قال العلامة إبن حجر في [ الجوهر المنظم ] : رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه.
وقال العلامة الزرقاني في [ شرح المواهب ] : ورواها إبن فهد بإسناد جيد.
ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح رجاله ثقات ليس في إسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الإمام مالك ، ونسب له كراهية.










قديم 2013-12-06, 22:55   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابو الفداء الجلفي
محظور
 
إحصائية العضو










Icon24

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو الفداء الجلفي مشاهدة المشاركة
هل هؤلاء هم القبريون

......... وإلى هذا التوسل أشار الإمام مالك رحمه الله تعالى للخليفة الثاني من بني العباس ، وهو المنصور جد الخلفاء العباسيين ، وذلك أنه لما حج المنصور المذكور وزار قبر النبي (ص) سأل الإمام مالكاًً وهو بالمسجد النبوي ، وقال له : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله (ص) ؟ فقال مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى ، بل إستقبله وإستشفع به فيشفعه الله فيك ، قال تعالى : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله وإستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما.

ذكره القاضي عياض في الشفاء وساقه بإسناد صحيح.
وذكره الإمام السبكي في [ شفاء السقام في زيارة خير الأنام ].
والسيد السمهودي في [ خلاصة الوفا ].
والعلامة القسطلاني في [ المواهب اللدنية ].
والعلامة إبن حجر في [ تحفة الزوار ، والجوهر المنظم ].
وذكره كثير من أرباب المناسك في آداب زيارة النبي (ص).
قال العلامة إبن حجر في [ الجوهر المنظم ] : رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه.
وقال العلامة الزرقاني في [ شرح المواهب ] : ورواها إبن فهد بإسناد جيد.
ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح رجاله ثقات ليس في إسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الإمام مالك ، ونسب له كراهية.

"وقد روي أن مالكًا لما سأله أبو جعفر" عبد الله بن محمد "المنصور العباسي" ثاني خلفاء بني العباء: "يا أبا عبد الله" كنية مالك, "أأستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأدعو, أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك, ووسيلة أبيك أدم -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- يوم القيامة، بل استقبله واستشْفِع به فيشفعه الله، هذا بقية المروي عن مالك -كما في الشفاء, "لكن رأيت منسوبًا للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه, أنَّ هذه الحكاية كذب على مال" هذا تهوّر عجيب، فإن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه: فضائل مالك, بإسنادٍ لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه, عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، فمن أين أنها كذب, وليس في إسنادها وضَّاع ولا كذَّاب, "وأنَّ الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه" نفيه مردود عليه من قصوره أو مكابرته، ففي الشفاء قال بعضهم: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم، فوقف فرفع يديه, حتى ظننت أنه افتتح الصلاة, فسلَّم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم انصرف, "ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده -صلى الله عليه وسلم, قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهيةً لذلك" كذا قال, وهو خطأ قبيح, فإن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلًا له مستدبر القبلة, ومِمَّنْ نَصَّ على ذلك أبو الحسن القابسي, وأبو بكر بن عبد الرحمن, والعلامة خليل في مناسكه، ونقله............الزرقاني









قديم 2013-12-06, 22:57   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ابو الفداء الجلفي
محظور
 
إحصائية العضو










456ty

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو الفداء الجلفي مشاهدة المشاركة
"وقد روي أن مالكًا لما سأله أبو جعفر" عبد الله بن محمد "المنصور العباسي" ثاني خلفاء بني العباء: "يا أبا عبد الله" كنية مالك, "أأستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأدعو, أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك, ووسيلة أبيك أدم -عليه السلام- إلى الله -عز وجل- يوم القيامة، بل استقبله واستشْفِع به فيشفعه الله، هذا بقية المروي عن مالك -كما في الشفاء, "لكن رأيت منسوبًا للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه, أنَّ هذه الحكاية كذب على مال" هذا تهوّر عجيب، فإن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه: فضائل مالك, بإسنادٍ لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه, عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، فمن أين أنها كذب, وليس في إسنادها وضَّاع ولا كذَّاب, "وأنَّ الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه" نفيه مردود عليه من قصوره أو مكابرته، ففي الشفاء قال بعضهم: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم، فوقف فرفع يديه, حتى ظننت أنه افتتح الصلاة, فسلَّم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم انصرف, "ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده -صلى الله عليه وسلم, قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهيةً لذلك" كذا قال, وهو خطأ قبيح, فإن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلًا له مستدبر القبلة, ومِمَّنْ نَصَّ على ذلك أبو الحسن القابسي, وأبو بكر بن عبد الرحمن, والعلامة خليل في مناسكه، ونقله............الزرقاني
القبريون: ابوالحسن القابسي ، ابوبكر بن عبد الرحمان العلامة خليل، والزرقاني









قديم 2013-12-06, 23:10   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

قِصَةُ الإِمَامِ مَالِكٍ مَعَ الخَلِيفَةِ أبِي جَعْفرٍ المَنْصُورِ


الحمد لله وبعد ؛ لازلنا مع سلسلةِ الدفاعِ عن أئمةِ المذاهبِ الأربعةِ ، والردِ على ما تشدق به أهلُ البدعِ من نسبةِ أمورٍ إليهم هي أوهى من بيتِ العنكبوتِ كما قال تعالى : " وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " [ العنكبوت : 41 ] ، وهذه القصص التي يوردونها على أهل السنة والجماعة لأمرين :

الأمر الأول : التسويغ لأنفسهم بما يقومون به من البدع باسم الدين .

الأمر الثاني : التلبيس على العامة بأن أئمة المذاهب قاموا بهذه الأمور فلماذا النكير عليهم – زعموا - ؟ .

ولقد تصدى علماء أهل السنة – ولله الحمد - لمثل هذه الشبهات والقصص المكذوبة بتفنيدها ، ونقضها من أساسها .

والقصة التي بصدد ذكرها هي حوارٌ حدث بين الإمامِ مالك والخليفةِ أبي جعفر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، جعلها أهل البدع دليلا على استقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم حال الدعاء عنده ، ويحتج بها القبوريون على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته عند قبره .

نَصُ القِصَّةِ :

روى القاضي عياض في " الشفا " (2/595 – 596) بسنده فقال :
حدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الأشعري ، وأبو القاسم أحمد بن بَقِي الحاكم ، وغير واحد ، فيما أجازُونيه ؛ قالوا : أنبأنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دِلهات ؛ قال : حدثنا أبو الحسن علي بن فِهر ، حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج ، حدثنا أبو الحسن بن المُنتاب ، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في المسجد ، فإن الله تعالى أدب قوما فقال : " لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ " [ الحجرات : 2 ] .

ومدح قوما فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ " [ الحجرات : 3 ] .

وذم قوما فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " [ الحجرات : 4 ] .

وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً . فاستكان لها أبو جعفر ، وقال : يا أبا عبد الله ؛ أأستقبل القبلة وأدنو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى إلى يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به ، فيشفعك الله ؛ قال تعالى : " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " [ النساء : 64 ] .

نَقْدُ العُلَمَاءِ لِلقِصَّةِ :

• انتقد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية نقدا جعل كل من جاء بعده عالةً عليه ، فقد انتقدها من عدة أوجه :

• الوجهُ الأولُ : نقدها من جهةِ السندِ :
قال في " الفتاوى " (1/228) :
فَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةً بِإِسْنَادِ غَرِيبٍ مُنْقَطِعٍ رَوَاهَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إجَازَةً ... فذكرها بسندها عن القاضي عياض ، ثم قال : قُلْت : وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حميد الرَّازِيَّ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا ، لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ ، فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ . وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرازي سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِهِ حِينَ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَبِيهِ ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ ، وَابْنُ وارة ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأسدي : مَا رَأَيْت أَحَدًا أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ وَأَحْذَقَ بِالْكَذِبِ مِنْهُ . وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبِيبَةَ : كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ . وَقَالَ النسائي : لَيْسَ بِثِقَةِ . وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ : يَنْفَرِدُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْمَقْلُوبَاتِ . وَآخِرُ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ أَبُو مُصْعَبٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ . وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَفِي الْإِسْنَادِ أَيْضًا مَنْ لَا تُعْرَفُ حَالُهُ .ا.هـ.

وقال أيضا في " الفتاوى " (1/225) :
وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَالَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ - غَيْرِ مَالِكٍ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ ، وَلَكِنْ بَعْضُ الْجُهَّالِ يَنْقُلُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ ، وَيَسْتَنِدُ إلَى حِكَايَةٍ مَكْذُوبَةٍ عَنْ مَالِكٍ ... وَأَصْلُهَا ضَعِيفٌ .ا.هـ.

وقال أيضا في " الفتاوى " (1/353) :
وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَنْصُورِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ : " هُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ ، لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ .

• الوجهُ الثاني : نقدها من جهةِ نقلها عن أصحابِ مالك :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1/228) :
وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حميد ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إذَا أَسْنَدَ ، فَكَيْفَ إذَا أَرْسَلَ حِكَايَةً لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ؟ هَذَا إنْ ثَبَتَ عَنْهُ ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِمِثْلِ هَذَا النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ ؛ بَلْ إذَا رَوَى عَنْهُ الشَّامِيُّونَ كَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطاطري ضَعَّفُوا رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ فَكَيْفَ بِحِكَايَةِ تُنَاقِضُ مَذْهَبَهُ الْمَعْرُوفَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ رَوَاهَا وَاحِدٌ مِنْ الْخُراسانِيِّينَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ؟ .ا.هـ.

• الوجهُ الثالثُ : سببُ إيرادِ القاضي عياضٍ لها :
قال في " الفتاوى " (1/225 – 226) :
وَالْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ ؛ بَلْ ذَكَرَ هُنَاكَ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي سِيَاقِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَازِمٌ ؛ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ .ا.هـ.

• الوجهُ الرابعُ : أن الثابتَ عن مالكٍ خلافُ القصةِ :
قال في " الفتاوى " (1/353) :
وَهُوَ خِلَافُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ، فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَقَالَ : لَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا .

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ ، فَإِنَّ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِمْ وَعَادَتِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ الْحُجْرَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا لَكَانُوا هُمْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ ، وَكَانُوا أَسْبَقَ إلَيْهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَالدَّاعِي يَدْعُو اللَّهَ وَحْدَهُ .ا.هـ.

• الوجهُ الخامسُ : نقدُ شيخِ الإسلامِ لبعضِ عباراتها :
وقف شيخ الإسلام مع بعض عباراتها بشيء من التفصيل والإيضاح ، فمن ذلك أنه قال (1/229 – 230) :
مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ " وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَوَسُّلِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا هُوَ التَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا حَقٌّ ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حِينَ تَأْتِي النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمَ لِيَشْفَعَ لَهُمْ فَيَرُدَّهُمْ آدَمَ إلَى نُوحٍ ثُمَّ يَرُدَّهُمْ نُوحٌ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ إلَى مُوسَى وَمُوسَى إلَى عِيسَى وَيَرُدَّهُمْ عِيسَى إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ : " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ " ، وَلَكِنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِ مِنْ وُجُوهٍ :

أَحَدُهَا : قَوْلُهُ " أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَدْعُو ؟ " فَقَالَ " وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَسَائِر السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ ؛ بَلْ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ لَهُ .ا.هـ.

وقال أيضا (1/233) بعد تقرير طويل لمذهب مالك في المسألة :
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ مِنْ قَوْلِهِ : " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَنَقَلَهَا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ يَقُولُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ اشْفَعْ لِي أَوْ اُدْعُ لِي ، أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ ، أَوْ يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ ، وَلَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ يَسْمَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرِيبِ وَيُبَلَّغُ سَلَامَ الْبَعِيدِ .ا.هـ.

وقال أيضا (1/239) :
وَمِمَّا يُوهِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا " وَلَمْ تَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَوَسَّلُ النَّاسُ بِشَفَاعَتِهِ ، وَهَذَا حَقٌّ كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ ، لَكِنْ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّمَا ذَاكَ طَلَبٌ لِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فَنَظِيرُ هَذَا - لَوْ كَانَتْ الْحِكَايَةُ صَحِيحَةً - أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْرِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَالِكٍ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ إلَّا جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ ، وَلَا الْأَحْكَامَ الْمَعْلُومَةَ أَدِلَّتُهَا الشَّرْعِيَّةُ مَعَ عُلُوِّ قَدْرِ مَالِكٍ وَعِظَمِ فَضِيلَتِهِ وَإِمَامَتِهِ ، وَتَمَامِ رَغْبَتِهِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا ؟ وَهَلْ يَأْمُرُ بِهَذَا أَوْ يَشْرَعُهُ إلَّا مُبْتَدِعٌ ؟ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ يُنَاقِضُ هَذَا لَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا .

ثُمَّ قَالَ فِي الْحِكَايَةِ : " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعْك اللَّهُ " وَالِاسْتِشْفَاعُ بِهِ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ كَمَا يَسْتَشْفِعُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ .ا.هـ.

فهذا هو نقد شيخ الإسلام ابن تيمية للقصة ، رحمه الله رحمة واسعة .

• وممن نقد القصة أيضا الإمام ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي في الرد على السبكي " ( ص 259 – 267) .
قال عن سندها ( ص 260) : ذكرها القاضي عياض ورواها بإسناده عن مالك ليست بصحيحة عنه ، وقد ذكر المعترض – يعني ابن عبد الهادي بالمعترض السبكي – في موضع من كتابه أن إسنادها إسناد جيد ، وهو مخطىء في هذا القول خطأ فاحشا ، بل إسنادها إسناد ليس بجيد ، بل هو إسناد مظلم منقطع ، وهو مشتمل على من يتهم بالكذب وعلى من يجهل حاله ، وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي ، وهو ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته ، ولم يسمع من مالك شيئا ولم يلقه ، بل روايته عنه منقطعة غير متصلة ، وقد ظن المعترض أنه أبو سفيان محمد بن حميد المعمري أحد الثقات المخرج لهم في صحيح مسلم قال : فإن الخطيب ذكره في الرواة عن مالك ، وقد أخطأ فيما ظنه خطأ فاحشا ووهم وهما قبيحا .ا.هـ.










قديم 2013-12-06, 23:17   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ابو الفداء الجلفي
محظور
 
إحصائية العضو










456ty

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يونس بلخيري مشاهدة المشاركة
قِصَةُ الإِمَامِ مَالِكٍ مَعَ الخَلِيفَةِ أبِي جَعْفرٍ المَنْصُورِ


الحمد لله وبعد ؛ لازلنا مع سلسلةِ الدفاعِ عن أئمةِ المذاهبِ الأربعةِ ، والردِ على ما تشدق به أهلُ البدعِ من نسبةِ أمورٍ إليهم هي أوهى من بيتِ العنكبوتِ كما قال تعالى : " وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " [ العنكبوت : 41 ] ، وهذه القصص التي يوردونها على أهل السنة والجماعة لأمرين :

الأمر الأول : التسويغ لأنفسهم بما يقومون به من البدع باسم الدين .

الأمر الثاني : التلبيس على العامة بأن أئمة المذاهب قاموا بهذه الأمور فلماذا النكير عليهم – زعموا - ؟ .

ولقد تصدى علماء أهل السنة – ولله الحمد - لمثل هذه الشبهات والقصص المكذوبة بتفنيدها ، ونقضها من أساسها .

والقصة التي بصدد ذكرها هي حوارٌ حدث بين الإمامِ مالك والخليفةِ أبي جعفر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، جعلها أهل البدع دليلا على استقبال قبر النبي صلى الله عليه وسلم حال الدعاء عنده ، ويحتج بها القبوريون على جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد موته عند قبره .

نَصُ القِصَّةِ :

روى القاضي عياض في " الشفا " (2/595 – 596) بسنده فقال :
حدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الأشعري ، وأبو القاسم أحمد بن بَقِي الحاكم ، وغير واحد ، فيما أجازُونيه ؛ قالوا : أنبأنا أبو العباس أحمد بن عمر بن دِلهات ؛ قال : حدثنا أبو الحسن علي بن فِهر ، حدثنا أبو بكر محمد بن الفرج ، حدثنا أبو الحسن بن المُنتاب ، حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في المسجد ، فإن الله تعالى أدب قوما فقال : " لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ " [ الحجرات : 2 ] .

ومدح قوما فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ " [ الحجرات : 3 ] .

وذم قوما فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " [ الحجرات : 4 ] .

وإن حرمته ميتاً كحرمته حياً . فاستكان لها أبو جعفر ، وقال : يا أبا عبد الله ؛ أأستقبل القبلة وأدنو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى إلى يوم القيامة ؟ بل استقبله واستشفع به ، فيشفعك الله ؛ قال تعالى : " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا " [ النساء : 64 ] .

نَقْدُ العُلَمَاءِ لِلقِصَّةِ :

• انتقد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية نقدا جعل كل من جاء بعده عالةً عليه ، فقد انتقدها من عدة أوجه :

• الوجهُ الأولُ : نقدها من جهةِ السندِ :
قال في " الفتاوى " (1/228) :
فَهَذَا كُلُّهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ كُتُبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفَةِ ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةً بِإِسْنَادِ غَرِيبٍ مُنْقَطِعٍ رَوَاهَا عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إجَازَةً ... فذكرها بسندها عن القاضي عياض ، ثم قال : قُلْت : وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ مُنْقَطِعَةٌ ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حميد الرَّازِيَّ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا ، لَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ ، فَإِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ ، وَتُوُفِّيَ مَالِكٌ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ . وَتُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ حميد الرازي سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَلَدِهِ حِينَ رَحَلَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا وَهُوَ كَبِيرٌ مَعَ أَبِيهِ ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ضَعِيفٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، كَذَّبَهُ أَبُو زُرْعَةَ ، وَابْنُ وارة ، وَقَالَ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأسدي : مَا رَأَيْت أَحَدًا أَجْرَأَ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ وَأَحْذَقَ بِالْكَذِبِ مِنْهُ . وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَبِيبَةَ : كَثِيرُ الْمَنَاكِيرِ . وَقَالَ النسائي : لَيْسَ بِثِقَةِ . وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ : يَنْفَرِدُ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْمَقْلُوبَاتِ . وَآخِرُ مَنْ رَوَى الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ هُوَ أَبُو مُصْعَبٍ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ . وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ أَبُو حُذَيْفَةَ أَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ السَّهْمِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَفِي الْإِسْنَادِ أَيْضًا مَنْ لَا تُعْرَفُ حَالُهُ .ا.هـ.

وقال أيضا في " الفتاوى " (1/225) :
وَكَذَلِكَ مَنْ نَقَلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَوَّزَ سُؤَالَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ أَوْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ إمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ - غَيْرِ مَالِكٍ - كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمْ ، وَلَكِنْ بَعْضُ الْجُهَّالِ يَنْقُلُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ ، وَيَسْتَنِدُ إلَى حِكَايَةٍ مَكْذُوبَةٍ عَنْ مَالِكٍ ... وَأَصْلُهَا ضَعِيفٌ .ا.هـ.

وقال أيضا في " الفتاوى " (1/353) :
وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَنْصُورِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ : " هُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ ، لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ .

• الوجهُ الثاني : نقدها من جهةِ نقلها عن أصحابِ مالك :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (1/228) :
وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِينَ بِالْأَخْذِ عَنْهُ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حميد ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إذَا أَسْنَدَ ، فَكَيْفَ إذَا أَرْسَلَ حِكَايَةً لَا تُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ؟ هَذَا إنْ ثَبَتَ عَنْهُ ، وَأَصْحَابُ مَالِكٍ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِمِثْلِ هَذَا النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ فِي الْفِقْهِ ؛ بَلْ إذَا رَوَى عَنْهُ الشَّامِيُّونَ كَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، وَمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطاطري ضَعَّفُوا رِوَايَةَ هَؤُلَاءِ ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ فَكَيْفَ بِحِكَايَةِ تُنَاقِضُ مَذْهَبَهُ الْمَعْرُوفَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ رَوَاهَا وَاحِدٌ مِنْ الْخُراسانِيِّينَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ؟ .ا.هـ.

• الوجهُ الثالثُ : سببُ إيرادِ القاضي عياضٍ لها :
قال في " الفتاوى " (1/225 – 226) :
وَالْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ ؛ بَلْ ذَكَرَ هُنَاكَ مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي سِيَاقِ أَنَّ حُرْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَوْقِيرَهُ وَتَعْظِيمَهُ لَازِمٌ ؛ كَمَا كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ حَدِيثِهِ وَسُنَّتِهِ وَسَمَاعِ اسْمِهِ .ا.هـ.

• الوجهُ الرابعُ : أن الثابتَ عن مالكٍ خلافُ القصةِ :
قال في " الفتاوى " (1/353) :
وَهُوَ خِلَافُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ، فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَقَالَ : لَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا .

وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ ، فَإِنَّ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِمْ وَعَادَتِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ الْحُجْرَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا لَكَانُوا هُمْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ ، وَكَانُوا أَسْبَقَ إلَيْهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَالدَّاعِي يَدْعُو اللَّهَ وَحْدَهُ .ا.هـ.

• الوجهُ الخامسُ : نقدُ شيخِ الإسلامِ لبعضِ عباراتها :
وقف شيخ الإسلام مع بعض عباراتها بشيء من التفصيل والإيضاح ، فمن ذلك أنه قال (1/229 – 230) :
مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ " وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَوَسُّلِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا هُوَ التَّوَسُّلُ بِشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا حَقٌّ ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حِينَ تَأْتِي النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمَ لِيَشْفَعَ لَهُمْ فَيَرُدَّهُمْ آدَمَ إلَى نُوحٍ ثُمَّ يَرُدَّهُمْ نُوحٌ إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ إلَى مُوسَى وَمُوسَى إلَى عِيسَى وَيَرُدَّهُمْ عِيسَى إلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ : " أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ آدَمَ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ " ، وَلَكِنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ الْمَعْرُوفِ مِنْ وُجُوهٍ :

أَحَدُهَا : قَوْلُهُ " أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِلُ رَسُولَ اللَّهِ وَأَدْعُو ؟ " فَقَالَ " وَلِمَ تَصْرِفُ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ " فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَسَائِر السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ الدَّاعِيَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ، وَيَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ ؛ بَلْ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقَبْرَ عِنْدَ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ لَهُ .ا.هـ.

وقال أيضا (1/233) بعد تقرير طويل لمذهب مالك في المسألة :
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْحِكَايَةِ الْمُنْقَطِعَةِ مِنْ قَوْلِهِ : " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ " كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِأَقْوَالِهِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَفْعَالِهِمْ الَّتِي يَفْعَلُهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَنَقَلَهَا سَائِرُ الْعُلَمَاءِ إذْ كَانَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ الْقَبْرَ لِلدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَيَسْتَشْفِعَ بِهِ يَقُولُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ اشْفَعْ لِي أَوْ اُدْعُ لِي ، أَوْ يَشْتَكِي إلَيْهِ مَصَائِبَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، أَوْ يَطْلُبُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَوْتَى مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَا يَرَاهُمْ أَنْ يَشْفَعُوا لَهُ ، أَوْ يَشْتَكِيَ إلَيْهِمْ الْمَصَائِبَ ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ؛ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانِ ، وَلَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ إذْ كَانَ يَسْمَعُ السَّلَامَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرِيبِ وَيُبَلَّغُ سَلَامَ الْبَعِيدِ .ا.هـ.

وقال أيضا (1/239) :
وَمِمَّا يُوهِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا " وَلَمْ تَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَتَوَسَّلُ النَّاسُ بِشَفَاعَتِهِ ، وَهَذَا حَقٌّ كَمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ ، لَكِنْ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّمَا ذَاكَ طَلَبٌ لِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ فَنَظِيرُ هَذَا - لَوْ كَانَتْ الْحِكَايَةُ صَحِيحَةً - أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ قَبْرِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا سَنَّهُ لِأُمَّتِهِ ، وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا اسْتَحَبَّهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَالِكٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَالِكٍ مِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ إلَّا جَاهِلٌ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ ، وَلَا الْأَحْكَامَ الْمَعْلُومَةَ أَدِلَّتُهَا الشَّرْعِيَّةُ مَعَ عُلُوِّ قَدْرِ مَالِكٍ وَعِظَمِ فَضِيلَتِهِ وَإِمَامَتِهِ ، وَتَمَامِ رَغْبَتِهِ فِي اتِّبَاعِ السُّنَّةِ ، وَذَمِّ الْبِدَعِ وَأَهْلِهَا ؟ وَهَلْ يَأْمُرُ بِهَذَا أَوْ يَشْرَعُهُ إلَّا مُبْتَدِعٌ ؟ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَنْ مَالِكٍ قَوْلٌ يُنَاقِضُ هَذَا لَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا .

ثُمَّ قَالَ فِي الْحِكَايَةِ : " اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعْك اللَّهُ " وَالِاسْتِشْفَاعُ بِهِ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ الشَّفَاعَةَ كَمَا يَسْتَشْفِعُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَمَا كَانَ أَصْحَابُهُ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ .ا.هـ.

فهذا هو نقد شيخ الإسلام ابن تيمية للقصة ، رحمه الله رحمة واسعة .

• وممن نقد القصة أيضا الإمام ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي في الرد على السبكي " ( ص 259 – 267) .
قال عن سندها ( ص 260) : ذكرها القاضي عياض ورواها بإسناده عن مالك ليست بصحيحة عنه ، وقد ذكر المعترض – يعني ابن عبد الهادي بالمعترض السبكي – في موضع من كتابه أن إسنادها إسناد جيد ، وهو مخطىء في هذا القول خطأ فاحشا ، بل إسنادها إسناد ليس بجيد ، بل هو إسناد مظلم منقطع ، وهو مشتمل على من يتهم بالكذب وعلى من يجهل حاله ، وابن حميد هو محمد بن حميد الرازي ، وهو ضعيف كثير المناكير غير محتج بروايته ، ولم يسمع من مالك شيئا ولم يلقه ، بل روايته عنه منقطعة غير متصلة ، وقد ظن المعترض أنه أبو سفيان محمد بن حميد المعمري أحد الثقات المخرج لهم في صحيح مسلم قال : فإن الخطيب ذكره في الرواة عن مالك ، وقد أخطأ فيما ظنه خطأ فاحشا ووهم وهما قبيحا .ا.هـ.
العلماء ابن تيمية وابن عبد الهادي
القبريون: النووي ، ابن حجر العسقلاني ، الهيثمي، ابن الهمام،ابن قدامة،

هب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة) إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته. (1)

(1) شرح المواهب 8 / 304، والمجموع 8 / 274، والمدخل 1 / 248 وما بعدها، وابن عابدين 5 / 254، والفتاوى الهندية 1 / 266، 5 / 318، وفتح القدير 8 / 497 - 498، والفتوحات الربانية على الأذكار النووية 5 / 36.










قديم 2013-12-07, 05:57   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
mammar 405
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mammar 405
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا اخي على الموضوع موضوع جيد للرد علي المبتدعين و الصوفين










قديم 2013-12-07, 09:30   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يونس بلخيري مشاهدة المشاركة
الرد على إستدلال القبوريين بكلام ينسب للإمام مالك (وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله يوم القيامة) - شيخ الإسلام العلامة إبن تيمية الحراني

قال - رحمه الله - وهو ينتقد قصة المنصور مع مالك:
1 - من جهة الإسناد:
فقرة (384): "ثم ذكر حكاية - يعني القاضي عياضا - بإسناد غريب منقطع رواها عن غير واحد إجازة، ثم ذكر إسناده إلى محمد بن حميد الرازي
محمد بن حميد الرازي قال البخاري فيه نظر وهذا جرح مفسر شديد وقال أبوزرعة يكذب وكذا بن خراش وقال يعقوب بن شيبة كثير المناكير وان كان ابن معين حسن الرأي فيه فهو متهم بالكذب وترقية حديثه في الشواهد.









قديم 2013-12-07, 09:33   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
أبو هاجر القحطاني
عضو فضي
 
الصورة الرمزية أبو هاجر القحطاني
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










B18

بيان حال محمد بن حُميد الرازي وتنبيه على حديث في السلسلة الصحيحة

لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ...أما بعد:
فهذا الجمع المتواضع فيه الكلام على أحد رواة الأحاديث وهو محمد بن حميد الرازي وسأقوم بإذن الله بالتعريف به وبشيوخه وبمن روى عنه ثم أذكر كلام أهل العلم جرحاً وتعديلاً بطريقة توضح القول الراجح فيه ،ثم أختم بالكلام على حديث قواه الإمام الألباني بمتابعة راوينا الذي سنتكلم عليه ...والله الموفق لا إله إلا هو .
التعريف به :
هو أبو عبد الله محمد بن حمُيد بن حيان التميمي الرازي .

أورده الحافظ ابن حجر في الطبقة العاشرة .
وفاته:قال البخاري وعبد الباقي بن قانع مات سنة ثمان وأربعين ومئتين .
شيوخه :
إبراهيم بن المختار

جرير بن عبد الحميد
حكام بن سلم
الحكم بن بشير بن سلمان
زافر بن سليمان
زيد بن الحباب
سلمة بن الفضل وأبي داود سليمان بن داود الطيالسي
عبد الله بن عبد القدوس
عبد الله بن المبارك
عبد الله بن يزيد المقرئ
أبي زهير عبد الرحمن بن مغراء
أبي يحيى عبد العزيز بن عبد الله النرمقي
علي بن أبي بكر الإسفذني
علي بن مجاهد والفرات بن خالد الرازي
الفضل بن موسى السيناني
كنانة بن جبلة
محمد بن المعلى
مهران بن أبي عمر
نعيم بن ميسرة النحوي
أبي حفص هارون بن المثنى الحنفي
هارون بن المغيرة
يحيى بن الضريس
أبي تميلة يحيى بن واضح
يعقوب بن عبد الله الأشعري القمي
ذكر من روى عنه :
أبو داود

والترمذي

وبن ماجة

وإبراهيم بن مالك القطان

وأحمد بن جعفر بن نصر الجمال

وأحمد بن حنبل ومات قبله

وأحمد بن خالد الرازي المعروف بالحروري

وأحمد بن علي الأبار

وإسحاق بن أبي عمران الإسفراييني الشافعي

وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ

والحسن بن علي بن شبيب المعمري

وصالح بن محمد الأسدي الحافظ

وعبد الله بن أحمد بن حنبل

وعبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش الموصلي وهو من أقرانه

وعبد الله بن محمد بن أبي الدنيا

وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي

والقاسم بن زكريا المطرز

ومحمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي

ومحمد بن أحمد بن تميم

ومحمد بن إسحاق الصاغاني

ومحمد بن جرير الطبري

ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي

ومحمد بن هارون الروياني

ومحمد بن يحيى الذهلي

وأبو بكر محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي

ويحيى بن معين ومات قبله([1])
ذكر كلام أهل العلم في جرحاً وتعديلاً:
سأقوم بترتيب كلام أهل العلم بطريقة تبين التدرج في الحكم عليه فابن حمُيد لم يكن أمره مكشوف من أول وهلة فكونه يكذب أمرٌ لم يعُرف به من أول تحديثه وأداءه والظاهر أنه كان يتعمد تحسين أمره أمام بعض أهل العلم ليحصل على ثناءهم كما سيمر معنا لذا لن أقسِّم كلام أهل العلم إلى قسمين كما هي الجادة من وضع قسم لكلام المعدلين وأخر لكلام المجرحين بل سأولف بينه لأبين تدرج الحكم عليه وكيف أن بعض من أثنى عليه في أول الأمر قد جرحه لاحقاً فسأعرض كلام أهل العلم على مراحل كل مرحلة تحتها ما يناسبها من كلام أهل العلم في ابن حمُيد:
المرحلة الأولى قبل أن يكُشف أمره :
- قال الخطيب في تاريخه:حدثنا أبو طالب يحيى بن على الدسكري بحلوان قال نبأنا أبو بكر بن المقرئ قال نبأنا على بن محمد بن الطلاس الرازي قال نبأنا مهران قال سمعت أبا زرعة يقول: من فاته بن حميد يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث .

- وقال أيضاً:أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال نبأنا أبى قال نبأنا مكرم بن احمد قال نبأنا عبد الله بن احمد قال سمعت أبى يقول لا يزال بالري علم ما دام محمد بن حميد حياً.

- قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:انا أبو بكر بن أبى خيثمة فيما كتب إليّ قال: سئل يحيى بن معين عن محمد بن حميد الرازي؟ فقال: ثقة ليس به بأس رازي كيس.
المرحلة الثانية:بداية انكشاف أمره :
-قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: سمعت أبى يقول حضرت محمد بن حميد وحضره عون بن جرير فجعل بن حميد يحدث بحديث عن جرير فيه شعر فقال عون ليس هذا الشعر في الحديث إنما هو من كلام أبى فتغافل بن حميد ومر فيه !

- وقال أيضاً:نا على بن الحسين بن الجنيد قال سمعت يحيى بن معين يقول بن حميد ثقة وهذه الأحاديث التي يحدث بها ليس هو من قبله إنما هو من قبل الشيوخ الذي يحدث به عنهم.

قلت:ويظهر من هذا النص أن ابن حمُيد بدأت رائحة كذبه تفوح فكأن ابن معين سئل عن أحاديث استنكرها وهي من رواية ابن حمُيد وهو ثقة عنده فجعل الحمل على من أخذها ابن حميد عنهم .
- وقال :سمعت أبى يقول سألني يحيى بن معين عن بن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر فقال: أي شيء تنقمون عليه فقلت: يكون في كتابه الشيء فنقول: ليس هذا هكذا إنما هو كذا وكذا، فيأخذ القلم فيغيره على ما نقول!
قال(أي ابن معين): بئس هذه الخصلة قدم علينا بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا احمد بن حنبل فسمعناه ولم نر إلا خيراً.([2])
قلت:ويبدو من هذا النص أن كلام أهل الري زاد على ابن حميد فاستفسر ابن معين من أبي حاتم عن سبب هذا الكلام [وهذا قبل أن يظهر أمره أي قبل أن يحكم عليه أبو زرعة بأنه كذاب]وانظر إلى الخصلة التي كان يقتحمها ابن حمُيد قال عنها ابن معين :بئس الخصلة ثم برر ابن معين سبب تعديله لابن حميد فقال : قدم علينا بغداد فأخذنا منه كتاب يعقوب القمي ففرقنا الأوراق بيننا ومعنا احمد بن حنبل فسمعناه ولم نر إلا خيراً.

وهذا النص فيه دليل على أن رأي ابن عين الحسن في ابن حميد كان قبل أن يعرف هذه الخصلة فيه.
المرحلة الثالثة :انكشاف أمر ابن حميد وأنه كان يضع الحديث والحكم عليه بأنه كذاب:
- قال ابن أبي حاتم :حدثني جعفر بن محمد بن حماد العطار قال سمعت محمد بن عيسى بن الدامغاني قال لما مات هارون بن المغيرة سألت محمد بن حميد أن يخرج إليّ جميع ما سمع منه فاخرج إلى جزازات فأحصيت جميع ما فيه ثلاثمائة ونيفا وستين حديثا، قال: جعفر بن محمد بن حماد واخرج بن حميد عن هارون بعدُ بضعة عشر ألف حديث !
- قال الخطيب في تاريخه: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال نبأنا يعقوب بن موسى الأردبيلي قال نبأنا احمد بن طاهر بن النجم الميانجي قال نبأنا سعيد بن عمرو البرذعي قال قلت لأبي حاتم أصح ما صح عندك في محمد بن حميد الرازي أي شيء هو فقال لي كان بلغني عن شيخ في الحلقانيين أو الجوالقيين أو نحو ما قال أبو حاتم أن عنده كتابا عن أبي زهير فأتيته أنا وفتى من أهل الري من أصحابنا فاخرج إلينا ذلك الكتاب فنظرت فيه فإذا الكتاب ليس من حديث أبي زهير وهى من أحاديث على بن مجاهد فأبى أن يرجع فقمت عنه وقلت لصاحبي :هذا كذاب لا يحسن يكذب أو نحو ما قال أبو حاتم قال: ثم إني أتيت محمد بن حميد بعد ذاك فاخرج إليّ ذلك الجزء الذي رأيته عند ذاك الشيخ بعينه فقلت لمحمد بن حميد ممن سمعت هذا قال: من على بن مجاهد وقع الكتاب إلى حاذق لا يجهل ما بين علي إلى أبي زهير وكتبت منها أحاديث فقرأها على محمد بن حميد وقال: فيها حدثنا على بن مجاهد فاسقط في يدي وتحيرت فأتيت الشاب الذي كان معي يوم أتيت ذلك الشيخ فأخذت بيده فصرنا جميعا إلى الشيخ فسألناه عن الكتاب الذي كان أخرجه إلينا يومئذ فقال: ليس الكتاب عندي اليوم قد استعاره منى محمد بن حميد منذ أيام قال: أبو حاتم فبهذا استدللت على انه كان يومئ إلى انه أمر مكشوف.
وقال البغدادي أيضاً: قرأت على محمد بن على بن احمد المقرئ عن يوسف بن إبراهيم الجرجاني قال أنبأنا أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي قال :

سمعت عثمان بن خرزاذ الأنطاكي يقول نبأنا على بن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة قالا نبأنا يحيى بن أبي بكير قاضي كرمان وهورجل من أهل الكوفة عن عيينة بن الغصن عن الحسن قال: إن الله تعالى لم يجعل الأغلال في أعناق أهل النار لأنهم اعجزوا الرب ولكن جعلها في أعناقهم إذا طفا بهم اللهب أرسبتهم قال عثمان سمعت الفضل بن أبى حسان يقول كنت عند أبي نعيم وهو الفضل بن دكين ويعقوب بن فلان عنده فقدِم بن حميد فقال: لنا أبو نعيم إن دللتكم على شيخ قدِم أي شيء تعطوني قالوا: من هو؟ قال: بفالوذج قلنا: نعم قال: بن حميد من أهل الري قال :فذهبنا فكتبنا عنه قال: وقال لنا سمعت من نعيم بن ميسرة وعندي عنه فقلنا: له عندك هذا الحديث وذكرنا له حديث يحيى بن أبى بكير فقال: لا لم اسمعه قال: الفضل بن سهل فقدِم علينا بن حميد مرة ثانية فنزل دار القطن فإذا هو يحدث به فقلت انظروا إلى هذا الكذاب قال: أبو نعيم بن عدى وإنما نسبوه إلى الكذب في ذلك وإن كان قد يجوز أن ينساه لأن بن حميد من حفاظ أهل الحديث ونعيم بن ميسرة من كبار شيوخه وأحاديثه قليلة عزيزة عند الناس وبن حميد يحدث عنه بأحاديث يسيرة وقد كانوا ذاكروه بذلك عن يحيى بن أبى بكير إذ كان هذا الحديث يعرف بابن أبى بكير فلما حدث به أنكروا عليه مع ذلك قد جربوه في غير هذا الحديث فوجدوه متهماً.

-وقال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: قال محمد بن العباس العصمي نبأنا يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه قال أنبأنا صالح بن محمد الأسدي قال ما رأيت أحدا أحذق بالكذب من رجلين سليمان بن الشاذكوني ومحمد بن حميد الرازي وكان يحفظ حديثه كله فكان حديثه كل يوم يزيد.

- أخبرنا أبو بكر عبد الله بن على بن حموية بن ابزك الهمذاني بها قال أنبأنا احمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال سمعت أبا عبد الله بشر بن محمد المزني يقول سمعت أبا العباس احمد بن محمد الأزهري يقول سمعت إسحاق بن منصور يقول اشهد على محمد بن حميد وعبيد بن إسحاق العطار بين يدي الله إنهما كذابان.

- أخبرني عبيد الله بن أبى الفتح قال نبأنا محمد بن العباس الخزاز قال نبأنا على بن إبراهيم المستملى قال نبأنا أبو القاسم بن أخي أبى زرعة يعنى الرازي قال سألت أبا زرعة عن محمد بن حميد فأومأ بإصبعه إلى فمه فقلت له: كان يكذب فقال: برأسه نعم قلت له :كان قد شاخ لعله كان يعمل عليه ويدلس عليه فقال: لا يا بنى كان يتعمد!!

- أخبرني عبد الباقي بن عبد الكريم قال قرانا على الحسين بن هارون الضبي عن أبى العباس بن سعيد قال سمعت داود بن يحيى يقول: حدثنا عنه يعنى محمد بن حميد أبو حاتم قديما ثم تركه بآخرة قال وسمعت عبد الرحمن بن يوسف بن خراش يقول: حدثنا بن حميد وكان والله يكذب

قلت:وفي هذا النص اثبات إلى ما ذهبت إليه في أول الجمع أن أمره كان خافياً حتى على أهل بلده فهذا أبو حاتم حدث عنه في أول الأمر ثم تركه لما بان كذبه !
-وفي تهذيب التهذيب: وقال: أبو علي النيسابوري قلت لابن خزيمة لو حدث الأستاذ عن محمد بن حميد فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه فقال: إنه لم يعرفه ولو عرفة كما عرفناه ما أثنى عليه أصلاً.([3])

أقول : وقد مر معنا أن الإمام المبجل أحمد بن حنبل قد أثنى على ابن حُميد وهذا كما بينّا في أول أمر ابن حُميد وإلا فقد اتضح حاله للإمام كما سيمر معنا في النص التالي الذي أخرجه ابن حبان في المجروحين 2/296 حيث قال:
سمعت إبراهيم بن عبد الواحد البغدادي يقول :قال صالح بن أحمد: كنت يومًا عند أبي، إذ دق عليه الباب، فخرجت فإذا أبو زرعة، ومحمد بن مسلم بن وارة يستأذنان على الشيخ، فدخلت وأخبرته، فأذن لهم، فدخلوا، وسلموا عليه، فتحدثوا ساعة، فقال ابن وارة: يا أبا عبد الله، إن رأيت تذكر حديث أبي القاسم بن أبي الزناد، فقال: نعم، حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد، عن إسحاق بن حازم، عن ابن مقسم، يعني عُبيد الله، عن جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن ماء البحر، فقال: هو الطهور ماؤه الحلال ميتته، وقام، فقالوا: ماله ؟ قلت: شك في شيء، ثم خرج والكتاب بيده، فقال في كتابي ميته، بتاء واحدة، والناس يقولون ميتته، ثم تحدثوا ساعة، فقال له ابن وارة: يا أبا عبد الله رأيت محمد بن حميد ؟ قال: نعم، قال: كيف رأيت حديثه ؟ قال: إذا حدث عن العراقيين يأتي بأشياء مستقيمة، وإذا حدث عن أهل بلده مثل إبراهيم بن المختار وغيره، أتى بأشياء لا يعرف، لا يدري ما هي، قال: فقال أبو زرعة وابن وارة: صح عندنا أنه يكذب، قال: رأيت أبي بعد ذلك إذا ذكر ابن حميد نفض يده.

وبهذا الأثر أختم الجمع في بيان حال محمد بن حميد الرازي والذي يدل (أي الجمع) على أن الراجح في حال ابن حميد أنه كذاب لا يحتج بحديثه ولا يعتبر.
ومن باب الفائدة:
أنبه إلى حديث قد قواه الشيخ الألباني بمتابعة ابن حُميد هذا والحديث الذي أعنيه حديث رقم 162 وهو حديث عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم " عن هذه الآية ( و الذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة )، قالت عائشة : هم الذين يشربون الخمر و يسرفون ؟ قال : لا يا بنت الصديق ، و لكنهم الذين يصومون و يصلون و يتصدقون و هم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات).
قال الشيخ الألباني بعدما ذكر من أخرجه:

قلت : و إسناد حديث عائشة رجاله كلهم ثقات ، و لذلك قال الحاكم : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي .
قلت : و فيه علة ، و هي الانقطاع بين عبد الرحمن و عائشة فإنه لم يدركها كما في " التهذيب " ، لكن يقويه حديث أبي هريرة الذي أشار إليه الترمذي فإنه موصول و قد وصله ابن جرير : حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الحكم بن بشير قال : حدثنا عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قالت عائشة : الحديث نحوه .
و هذا سند رجاله ثقات غير ابن حميد ، و هو محمد بن حميد بن حيان الرازي و هو ضعيف مع حفظه ، لكن لعله توبع ، فقد أخرج الحديث ابن أبي الدنيا و ابن الأنباري في المصاحف و ابن مردويه كما في " الدر المنثور " ( 5 / 11 ) و ابن أبي الدنيا من طبقة شيوخ ابن جرير ، فاستبعد أن يكون رواه عن شيخه هذا . و الله أعلم .انتهى كلامه رحمه الله.
قلت: كما هو واضح قد اختلف على عبد الرحمن بن سعيد الهمداني فالأولى عن عائشة فيها إنقطاع فعبد الرحمن لم يدرك عائشة رضي الله عنها (وإسناد هذه الرواية صحيح) ومرة موصولاً كما في رواية ابن حمُيد وعلى فرض أن ابن حُميد ضعيف فإن وصله [منكر] فكيف إن كان كذاباً كما هو الراجح وأما قول الإمام الألباني :لعله توبع لا يقوى به كما هو معروف فنستطيع أن نقول :ولعله لم يتابع !.
هذا ما لدي فإن أصبت فمن توفيق الله وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة والشيطان.


كتبه

حمود الكثيري









 

الكلمات الدلالية (Tags)
للإمام, مالك, الرد, القبوريين, بكلام, جوزة, إستدلال


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc