كيف واجه النبي تحديات إنشاء الدولة الإسلامية؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كيف واجه النبي تحديات إنشاء الدولة الإسلامية؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-02-04, 00:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي كيف واجه النبي تحديات إنشاء الدولة الإسلامية؟

جاهد الرسول( صلي الله عليه وسلم) منذ بعثه الله تعالي لهداية البشرية ونشر دعوة الإسلام إلي إقامة دولة الإسلام علي أسس العدالة والمساواة ومراعاة حقوق الإنسان والحيوان والنبات وحتي الجماد; فبعد أن انتقل إلي المدينة لم تكن عملية بناء الدولة أمرا سهلا أو ميسورا, فقد واجه العديد من المشكلات والعقبات التي لو صادفها غيره لأحبط ولقلت عزيمته; وفي هذا المناخ اهتدي الرسول( صلي الله عليه وسلم) إلي عناصر بناء الدولة في وقت مبكر من عمر الإنسانية, حيث أتي العام الأول من الهجرة وقد هداه الله إلي ضرورة تحديد إقليم الدولة التي يمارس فيه اختصاصه, وإقامة سلطة تحكم هذا الإقليم وإن ركزها فيه في بداية الأمر لأن الدولة الجديدة تحتاج إلي تركيز السلطة وإقامة كيان مركزي يحكمه ويحدد أسسه.

والصعوبة البالغة التي صادفته هي تلك المتصلة ببناء عنصر الشعب; لأن إقامة شعب موحد هو أساس قيام أي دولة وهو ما واجهه الرسول( صلي الله عليه وسلم) بقوة وعزيمة. ومن هنا كانت أهمية وضع الوثيقة النبوية الأولي لبناء الدولة, وهو ما عرف تاريخيا باسم الصحيفة التي حددت عناصر الدولة ووضعت أسسا ذكية لتوثيق العلاقات بين سكان المدينة. وهكذا نجد أنفسنا أمام لجنة تأسيسية هي كل بطون المدينة والمهاجرين إليها فضلا عن قائدها ونبيها, تضع عقدا اجتماعيا ترسي فيه مبادئ دستورية, توضح أساس التعامل بين مختلف فئات المجتمع, وبينهم وبين الجماعات المجاورة لهم, إننا أمام عقد حقيقي.

والواقع أن ما تضمنته وثيقة المدينة من مبادئ, إنما كانت بمثابة الخطوط الأساسية التي سارت عليها الدولة بزعامة رسولها( صلي الله عليه وسلم), لذا فشأنها شأن المبادئ الدستورية تضع الكليات وتترك المجال لأدوات وتشريعات أخري لكي تضع التفاصيل, تلك التفاصيل التي أولاها الرسول( صلي الله عليه وسلم) عنايته طوال حياته, لذا فإن العديد من الأعمال والوثائق اللاحقة من القرآن الكريم والسنة القولية أو الفعلية أو التفسيرية قد تكفلت بوضع هذه التفاصيل وأوضحت المعني الحقيقي للمبادئ التي وردت بالوثيقة, لاسيما وأن الوحي لم يكن قد اكتمل بعد وقت كتابة الوثيقة, بل ظل ينزل علي الرسول حتي وفاته, أي استمر قرابة عقد من الزمن بعد كتابة هذه الوثيقة, ولا شك أن الوحي قد تضمن أحكاما جديدة وعلم الرسول والمسلمين العديد من الأمور, وحسم لهم العديد من المشاكل التي واجهتهم في المدينة.

ومع ذلك فإن قوة الدولة وضعفها, وتقدمها وتأخرها, إنما تعتمد علي عناصر أخري, أهمها مدي تفوق السكان, والكم ليس هو العنصر الحاسم في هذا الصدد, بل الكيف هو الأهم, وقد كشفت تجربة الإسلام عن أهمية الكيف هذه, إذ غلبت قلة من الأفراد المتميزين في أخوتهم وعقيدتهم, كثرة ساحقة ذات حضارات أقدم وتجارب أوسع, وولجت هذه القلة أسباب التقدم العلمي والاقتصادي والثقافي باتحادهم وتعاونهم. من هنا فإذا كان يكفي لوجود الدولة أن توجد جماعة بشرية كافية فإن الدول تعطي أهمية كبيرة لضرورة وجود قدر من الانسجام والتجانس في هذه الجماعة, أي أن تكون أمة. والأمة تعني اصطلاحا جمع من الناس يرتبطون بروابط مشتركة من وحدة الجنس والدين واللغة والعادات. مما لا شك فيه أن الدولة التي تقوم علي أمة واحدة هي أفضل من الدولة التي تحتوي أكثر من أمة, كما أنه من الواجب أن تضم الأمة الواحدة دولة واحدة, لا أن نوزع الأمة الواحدة علي أكثر من دولة.

وهكذا شهدت أرض يثرب عملية بناء ضخم, فقد كان الرسول( صلي الله عليه وسلم) يبحث عن إقليم الدولة, الإقليم الذي يأوي إليه لكي يتمكن من نشر دعوة الإسلام, وبناء الأمة الإسلامية, وإظهار كلمة الله في الأرض, وجد الرسول ضالته في المدينة بعد أن استحالت إقامته وإمكان نشر دعوته بمكة, لذا اهتم بأمر هذا الإقليم, فحدده وجعله حرما آمنا لمن يأوي إليه, كما أقامه أهل يثرب سلطانا دنيويا إلي جانب كونه الزعيم الديني والنبي المرسل لهم, ومن ثم تولي شؤون دينهم ودنياهم في هذا الوادي الجديد. وإذا تتبعنا حياة الرسول في المدينة نجده قد اهتم بالنسبة للعوامل الدينية بالمآخاة بين المهاجرين والأنصار, ووضع الوثيقة التي نتحدث عنها وهي وثيقة دستور المدينة, وبناء المسجد الذي اعتبر وحدة دينية واجتماعية وسياسية في نفس الوقت, وفرض الأذان وصلاة الجماعة. من هنا كانت الأهمية الفائقة لهذه الوثيقة, إذ بدأ الرسول(صلي الله عليه وسلم) أعمال التنظيم والتشريع بها, فقد تضمنت وضع اللبنات الأساسية لبناء المجتمع الإسلامي, ولتحديد علاقة المسلمين بغيرهم ممن يعيشون معهم في المدينة, ثم علاقة الدولة الإسلامية بالدول الأخري, أو الجماعات الأخري الموجودة خارج المدينة. وهكذا كانت المشكلة صعبة أمام الرسول( صلي الله عليه وسلم) فليس الأمر يتصل بجماعات متنافرة لم تتعود علي الخضوع لسلطة أو الالتفاف حول شخص بحسب, بل إن الأمر يتصل بعناصر غير متجانسة وبقوم غير قومه, ومنهم يهود ووثنيين, ومنهم أيضا المسلمين المهاجرين من مكة, ومن الأنصار أهل المدينة.

وإذا كان الرسول( صلي الله عليه وسلم) قد قام بعملية من أهم العمليات التي جرت في العالم, وهي عملية المآخاة والتكافل الاجتماعي بين المهاجرين والأنصار, وجعلهم أمة واحدة من دون الناس, فإنه قد أسس للسلام الاجتماعي بكتابة هذه الوثيقة التي وضحت الحقوق والواجبات المتبادلة بينهم من ناحية, وطبيعة العلاقة بينهم وبين العناصر الأخري التي يتشكل منها شعب المدينة من ناحية أخري. كان هذا الإخاء عملية فريدة في التاريخ الإنساني كله, والعجيب أنها تمت بشكل قانوني, لقد دعا الرسول أصحابه من المهاجرين والأنصار, وأخذ يآخي بينهم كل باسمه, ولم يستثن نفسه من القاعدة فآخي بينه وبين علي ابن أبي طالب, وأصبح هذا العمل بالشكل التعاقدي. ومن إنجازاته( صلي الله عليه وسلم): إحداث التصالح بين قبيلتي الأوس والخزرج تحت لواء العقيدة الجديدة, وموادعة اليهود وعمل علي ترغيبهم علي الدخول في الدين الجديد, باعتبار أنهم أصحاب كتاب, وأنه خاتم المرسلين والأنبياء, ويبدو أنهم كانوا يتطلعون إلي مبعث نبي جديد في هذه الفترة. كانت العلاقة بينهم وبينه في هذه الفترة في أزهي صورها. وجلسوا إليه في فناء منزل( دمنة بن الحارث) في ظلال النخيل وهو يقرأ عليهم الصحيفة.

لاشك أن الوثيقة تعد نقطة بدء في عملية مهمة, تعد من أهم أحداث التاريخ; لأنها عملية بناء للرجال, وهي أشد أعمال البناء علي الإطلاق. لقد تعب الفلاسفة والحكماء وهم يتصورون مجتمعا مثاليا يقوم علي التآلف والتآخي بين أفراده فما نجحوا سوي في الكتابة والتصور, أما بناء أمة متجانسة قوية, وتأسيس جماعة بهذه الروح التي عجب منها كافة من تصدي للكتابة في التاريخ الإسلامي, فهو أمر خص الله سبحانه وتعالي به نبيه( صلي الله عليه وسلم).

لذا غير( صلي الله عليه وسلم) الرابطة القبلية, وأبدلها برابطة جديدة, قوامها المساواة بين الناس كل الناس, وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون, أو الدين وجعلها أساسا في الدولة الجديدة. بعبارة أخري, لم يعتبر الإسلام في تكوين الدولة الجديدة, الجنسية, أو العنصرية ولا حتي التوطن في بلد معين, وإنما وحد بين الجميع بالفكرة أو العقيدة التي يعتنقها الكل عن رضا وإيمان.

ولقد تمت هذه المهمة الضخمة بالنجاح, ولما انتقل محمد( صلي الله عليه وسلم) إلي جوار ربه, كانت السكينة ترفرف علي أكبر جزء من شبه الجزيرة العربية بصورة لم تكن القبائل العربية تعرفها من قبل, مع شدة تعلقها بالتدمير وأخذها بالثأر, وكان الدين الإسلامي هو الذي مهد السبيل لهذا الائتلاف. فهلا تعلمنا الإخاء والتكافل من رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.
منقول









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-02-04, 16:57   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الجليس الصلح
عضو ماسي
 
إحصائية العضو










افتراضي

صلى الله عليه وسلم سيد الخلق
شكرا لك بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2014-02-06, 11:24   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل الفضاء مشاهدة المشاركة
صلى الله عليه وسلم سيد الخلق
شكرا لك بارك الله فيك
عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم

العفو وفيكم بارك الله









رد مع اقتباس
قديم 2014-03-09, 23:58   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
amir master
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-19, 02:13   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-19, 18:06   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










Flower2

كيف واجه النبي تحديات إنشاء الدولة الإسلامية؟

جاهد الرسول( صلى الله عليه وسلم) منذ بعثه الله تعالي لهداية البشرية ونشر دعوة الإسلام إلي إقامة دولة الإسلام علي أسس العدالة والمساواة ومراعاة حقوق الإنسان والحيوان والنبات وحتي الجماد; فبعد أن انتقل إلي المدينة لم تكن عملية بناء الدولة أمرا سهلا أو ميسورا, فقد واجه العديد من المشكلات والعقبات التي لو صادفها غيره لأحبط ولقلت عزيمته; وفي هذا المناخ اهتدي الرسول( صلى الله عليه وسلم) إلي عناصر بناء الدولة في وقت مبكر من عمر الإنسانية, حيث أتي العام الأول من الهجرة وقد هداه الله إلي ضرورة تحديد إقليم الدولة التي يمارس فيه اختصاصه, وإقامة سلطة تحكم هذا الإقليم وإن ركزها فيه في بداية الأمر لأن الدولة الجديدة تحتاج إلي تركيز السلطة وإقامة كيان مركزي يحكمه ويحدد أسسه.

والصعوبة البالغة التي صادفته هي تلك المتصلة ببناء عنصر الشعب; لأن إقامة شعب موحد هو أساس قيام أي دولة وهو ما واجهه الرسول( صلى الله عليه وسلم) بقوة وعزيمة. ومن هنا كانت أهمية وضع الوثيقة النبوية الأولي لبناء الدولة, وهو ما عرف تاريخيا باسم الصحيفة التي حددت عناصر الدولة ووضعت أسسا ذكية لتوثيق العلاقات بين سكان المدينة. وهكذا نجد أنفسنا أمام لجنة تأسيسية هي كل بطون المدينة والمهاجرين إليها فضلا عن قائدها ونبيها, تضع عقدا اجتماعيا ترسي فيه مبادئ دستورية, توضح أساس التعامل بين مختلف فئات المجتمع, وبينهم وبين الجماعات المجاورة لهم, إننا أمام عقد حقيقي.

والواقع أن ما تضمنته وثيقة المدينة من مبادئ, إنما كانت بمثابة الخطوط الأساسية التي سارت عليها الدولة بزعامة رسولها( صلى الله عليه وسلم), لذا فشأنها شأن المبادئ الدستورية تضع الكليات وتترك المجال لأدوات وتشريعات أخري لكي تضع التفاصيل, تلك التفاصيل التي أولاها الرسول( صلى الله عليه وسلم) عنايته طوال حياته, لذا فإن العديد من الأعمال والوثائق اللاحقة من القرآن الكريم والسنة القولية أو الفعلية أو التفسيرية قد تكفلت بوضع هذه التفاصيل وأوضحت المعني الحقيقي للمبادئ التي وردت بالوثيقة, لاسيما وأن الوحي لم يكن قد اكتمل بعد وقت كتابة الوثيقة, بل ظل ينزل علي الرسول حتي وفاته, أي استمر قرابة عقد من الزمن بعد كتابة هذه الوثيقة, ولا شك أن الوحي قد تضمن أحكاما جديدة وعلم الرسول والمسلمين العديد من الأمور, وحسم لهم العديد من المشاكل التي واجهتهم في المدينة.

ومع ذلك فإن قوة الدولة وضعفها, وتقدمها وتأخرها, إنما تعتمد علي عناصر أخري, أهمها مدي تفوق السكان, والكم ليس هو العنصر الحاسم في هذا الصدد, بل الكيف هو الأهم, وقد كشفت تجربة الإسلام عن أهمية الكيف هذه, إذ غلبت قلة من الأفراد المتميزين في أخوتهم وعقيدتهم, كثرة ساحقة ذات حضارات أقدم وتجارب أوسع, وولجت هذه القلة أسباب التقدم العلمي والاقتصادي والثقافي باتحادهم وتعاونهم. من هنا فإذا كان يكفي لوجود الدولة أن توجد جماعة بشرية كافية فإن الدول تعطي أهمية كبيرة لضرورة وجود قدر من الانسجام والتجانس في هذه الجماعة, أي أن تكون أمة. والأمة تعني اصطلاحا جمع من الناس يرتبطون بروابط مشتركة من وحدة الجنس والدين واللغة والعادات. مما لا شك فيه أن الدولة التي تقوم علي أمة واحدة هي أفضل من الدولة التي تحتوي أكثر من أمة, كما أنه من الواجب أن تضم الأمة الواحدة دولة واحدة, لا أن نوزع الأمة الواحدة علي أكثر من دولة.

وهكذا شهدت أرض يثرب عملية بناء ضخم, فقد كان الرسول( صلى الله عليه وسلم) يبحث عن إقليم الدولة, الإقليم الذي يأوي إليه لكي يتمكن من نشر دعوة الإسلام, وبناء الأمة الإسلامية, وإظهار كلمة الله في الأرض, وجد الرسول ضالته في المدينة بعد أن استحالت إقامته وإمكان نشر دعوته بمكة, لذا اهتم بأمر هذا الإقليم, فحدده وجعله حرما آمنا لمن يأوي إليه, كما أقامه أهل يثرب سلطانا دنيويا إلي جانب كونه الزعيم الديني والنبي المرسل لهم, ومن ثم تولي شؤون دينهم ودنياهم في هذا الوادي الجديد. وإذا تتبعنا حياة الرسول في المدينة نجده قد اهتم بالنسبة للعوامل الدينية بالمآخاة بين المهاجرين والأنصار, ووضع الوثيقة التي نتحدث عنها وهي وثيقة دستور المدينة, وبناء المسجد الذي اعتبر وحدة دينية واجتماعية وسياسية في نفس الوقت, وفرض الأذان وصلاة الجماعة. من هنا كانت الأهمية الفائقة لهذه الوثيقة, إذ بدأ الرسول(صلى الله عليه وسلم) أعمال التنظيم والتشريع بها, فقد تضمنت وضع اللبنات الأساسية لبناء المجتمع الإسلامي, ولتحديد علاقة المسلمين بغيرهم ممن يعيشون معهم في المدينة, ثم علاقة الدولة الإسلامية بالدول الأخري, أو الجماعات الأخري الموجودة خارج المدينة. وهكذا كانت المشكلة صعبة أمام الرسول(صلى الله عليه وسلم) فليس الأمر يتصل بجماعات متنافرة لم تتعود علي الخضوع لسلطة أو الالتفاف حول شخص بحسب, بل إن الأمر يتصل بعناصر غير متجانسة وبقوم غير قومه, ومنهم يهود ووثنيين, ومنهم أيضا المسلمين المهاجرين من مكة, ومن الأنصار أهل المدينة.

وإذا كان الرسول(صلى الله عليه وسلم) قد قام بعملية من أهم العمليات التي جرت في العالم, وهي عملية المآخاة والتكافل الاجتماعي بين المهاجرين والأنصار, وجعلهم أمة واحدة من دون الناس, فإنه قد أسس للسلام الاجتماعي بكتابة هذه الوثيقة التي وضحت الحقوق والواجبات المتبادلة بينهم من ناحية, وطبيعة العلاقة بينهم وبين العناصر الأخري التي يتشكل منها شعب المدينة من ناحية أخري. كان هذا الإخاء عملية فريدة في التاريخ الإنساني كله, والعجيب أنها تمت بشكل قانوني, لقد دعا الرسول أصحابه من المهاجرين والأنصار, وأخذ يآخي بينهم كل باسمه, ولم يستثن نفسه من القاعدة فآخي بينه وبين علي ابن أبي طالب, وأصبح هذا العمل بالشكل التعاقدي. ومن إنجازاته(صلى الله عليه وسلم): إحداث التصالح بين قبيلتي الأوس والخزرج تحت لواء العقيدة الجديدة, وموادعة اليهود وعمل علي ترغيبهم علي الدخول في الدين الجديد, باعتبار أنهم أصحاب كتاب, وأنه خاتم المرسلين والأنبياء, ويبدو أنهم كانوا يتطلعون إلي مبعث نبي جديد في هذه الفترة. كانت العلاقة بينهم وبينه في هذه الفترة في أزهي صورها. وجلسوا إليه في فناء منزل( دمنة بن الحارث) في ظلال النخيل وهو يقرأ عليهم الصحيفة.

لاشك أن الوثيقة تعد نقطة بدء في عملية مهمة, تعد من أهم أحداث التاريخ; لأنها عملية بناء للرجال, وهي أشد أعمال البناء علي الإطلاق. لقد تعب الفلاسفة والحكماء وهم يتصورون مجتمعا مثاليا يقوم علي التآلف والتآخي بين أفراده فما نجحوا سوي في الكتابة والتصور, أما بناء أمة متجانسة قوية, وتأسيس جماعة بهذه الروح التي عجب منها كافة من تصدي للكتابة في التاريخ الإسلامي, فهو أمر خص الله سبحانه وتعالي به نبيه( صلى الله عليه وسلم).

لذا غير(صلى الله عليه وسلم) الرابطة القبلية, وأبدلها برابطة جديدة, قوامها المساواة بين الناس كل الناس, وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس أو اللون, أو الدين وجعلها أساسا في الدولة الجديدة. بعبارة أخري, لم يعتبر الإسلام في تكوين الدولة الجديدة, الجنسية, أو العنصرية ولا حتي التوطن في بلد معين, وإنما وحد بين الجميع بالفكرة أو العقيدة التي يعتنقها الكل عن رضا وإيمان.

ولقد تمت هذه المهمة الضخمة بالنجاح, ولما انتقل محمد(صلى الله عليه وسلم) إلي جوار ربه, كانت السكينة ترفرف علي أكبر جزء من شبه الجزيرة العربية بصورة لم تكن القبائل العربية تعرفها من قبل, مع شدة تعلقها بالتدمير وأخذها بالثأر, وكان الدين الإسلامي هو الذي مهد السبيل لهذا الائتلاف. فهلا تعلمنا الإخاء والتكافل من رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام.
منقول









رد مع اقتباس
قديم 2014-03-19, 20:18   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
sloqa
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية sloqa
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الدولة, الإسلامية؟, النبي, تحديات, إنشاء, واجه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:45

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc