الدولة الأموية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية

قسم التاريخ، التراجم و الحضارة الاسلامية تعرض فيه تاريخ الأمم السابقة ( قصص الأنبياء ) و تاريخ أمتنا من عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ... الوقوف على الحضارة الإسلامية، و كذا تراجم الدعاة، المشائخ و العلماء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الدولة الأموية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-01-09, 09:14   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بوسيف عده
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية بوسيف عده
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الدولة الأموية


1) مقدمة:
الدولة الأموية(41-132 هـ ، 661- 775 م )هي الدولة الأولى بعد انتهاء عصر الخلفاء الراشدين عام 41هـ حيث آلت خلافة المسلمينإلى معاوية بن أبي سفيان بن أمية إثر مقتل الخليفة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)،آخر الخلفاء الراشدين.
ينتسب الأمويون إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي، ويلتقي نسبه مع نسبالرسول (صلى الله عليه و سلم) في عبد مناف. وكان أمية في الجاهلية سيدًا من سادات قريش، مساويًا لعمههاشم بن عبد مناف (جد النبي عليه السلام) في الشرف، ولكن يفوقه في المال والولد.وكان البيت الأموي والبيت الهاشمي يتنافسان على رئاسة قريش بمكة. فلما ظهرت النبوةفي بني هاشم؛ تفوقوا على بني أمية في الشرف، وزادوا شرفًا حين تسابقوا للدخول فيالإسلام ومناصرة الرسول (صلى الله عليه و سلم) في الدعوة والجهاد بالنفس والمال، ولم يناصره من بني أميةإلا القليل، وقاوم معظمهم الإسلام بقيادة أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، الذي لميدخل الإسلام مع بعض الأمويين إلا عند فتح مكة عام 8هـ، 629م. وحاولوا أن يتلافوابعد هذا ما فاتهم من شرف السبق بالإسلام ونصرته، فأبلوا في فتوح الشام. وعندما أصبحمعاوية واليا على الشام، اجتذب إليه قلوب أهلها بسياسته ودهائه، وقد استمر في هذهالسياسة حينما آلت إليه مقاليد الدولة الإسلامية كلها، فجعل من دمشق عاصمة للدولة،ووطد فيها أركان ملكه.
2) المؤسس:
معاوية بن أبي سفيان ( 20ق.هـ - 60 هـ ، 603 – 680 م). معاوية بن أبي سفيان،صخر بن حرب ابن أمية، القرشي. من بني عبد شمس بن عبد مناف. مؤسس الدولة الأموية.ولد بمكة، و أسلم يوم فتحها. كان عارفًا بالكتابة و الحساب، فجعله رسول الله (صلى الله عليه و سلم) منكتابه. ولاه أبو بكر قيادة جيش تحت إمرة أخيه يزيد بن أبي سفيان، فكان في مقدمته فيفتح مدينة صيدا و عرقة و جبيل و بيروت. و جعله عمر والياً على الأردن، وضم إليه دمشقبعد أن مات أميرها أخوه يزيد لما لمسه فيه من حزم و علم. و ولاه عثمان جميع الديارالشامية. و عزله عليّ عن الشام بعد مقتل عثمان. و لم ينفذ الأمر، و نادى بالثأر منقتلة عثمان لكونه ابن عمه، و اتهم عليًّا بالتباطؤ في المطالبة بدم عثمان. فبدأتبذلك فتنة اندلعت بسببها الحرب بينه و بين علي، أشهرها معركة صفين. و انتهى الأمربخلافة معاوية في الشام و خلافة علي في العراق. ثم قتل علي و بايع أهل العراق ابنهالحسن، فرأى الحسن التسليم لمعاوية بالخلافة حقنًا للدماء.
كان أحد دهاة العرب المتميزين الكبار، و اشتهر بالحِلْم و الحكمة، و كان فصيحًاوقورًا. روى 130حديثًا عن الرسول (صلى الله عليه و سلم). و هو أحد عظماء الفاتحين في الإسلام. بلغتفتوحاته المحيط الأطلسي.
كان أول من جعل دمشق عاصمة لخلافته و أول من اتخذ المقاصير (الدور الواسعةالمحصنة)، و أول من اتخذ الحرس و الحجَّاب في الإسلام. و أول من نصب المحراب فيالمسجد. و عندما كبر سنه أخد يخطب جالسًا. و ضربت في أيامه دنانير عليها صورة أعرابيمتقلدًا سيفًا، استخلف ابنه يزيد ومات بدمشق.
3) التأسيس وخلافة معاوية:
في أواسط عهد الخليفة عثمان بن عفان اشتعلت الفتنة في الدولة الإسلامية، و أخذت بالانتشار شيئاً فشيئاً، ثمَّ أدت في شهر ذي الحجة من عام 35 هـ (يونيو عام 656 م) إلى مقتله. و لكن الفتنة لم تنتهي بذلك، فجاءَ عهد علي بن أبي طالب مليئاً بالقلاقل و النزاعات التي فشل في إنهاء مُعظمها. و في النهاية اتفق في شهر رمضان من عام 40 هـ (ديسمبر عام 660 م ثلاثة من الخوارج -هُم عبد الرحمن بن ملجم و البرك بن عبد الله التميميّ و عمرو بن بكر التميميّ السعديّ - على أن يَقتل الأول منهم علياً بن أبي طالب و الثاني معاوية بن أبي سفيان -والي الشام آنذاك – و الثالث عمرو بن العاص -والي مصر آنذاك - معاً في نفس الليلة، فنجح الأول في مهمّته، و أما الاثنان الآخران ففشلا و قتلا كان معاوية والياً على الشام منذ سنة 18 هـ بعد أن عيَّنه كذلك عمر بن الخطاب، وعلى الرُّغم من حصول بعض الخلافات بينه و بين عليّ و خوضه معركة صفين معه، فقد أصرَّ على عدم ترك ولايته، و ظلَّ والي الشام حتى مقتل علي.
بعد مقتل علي مُباشرة بايع أهل العراق ابنه الحسن على الخلافة، فيما بايع أهل الشام بدورهم معاوية بن أبي سفيان. و هُنا حشد معاوية جيوشه و سار إلى الحسن، غير أن الحسن رفضَ القتال، و راسل معاوية للصُّلح، فسر هذا سروراً كبيراً بالعرض و وافق عليه، و عُقد الصلح في شهر ربيع الثاني سنة 41 هـ (أغسطس سنة 661 م)، و هكذا تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية، و سُمّي ذلك العام بعام الجماعة لأن المسلمين اتفقوا فيه على خليفة لهم بعد خلاف طويل دام سنوات.
كانت حركة الفتوحات الإسلامية قد توقّفت تماماً منذ اشتعال فتنة مقتل عثمان سنة 35 هـ، و ظلّت متوقفة طوال عهد علي بن أبي طالب، حيث كانت الدولة منشغلة بنزاعاتها الداخلية. لكن بعد الاجتماع مجدداً على خلافة معاوية عادت الفتوحات من جديد، و قد ركّزت الفتوحات في عهده على الحرب مع البيزنطيين (في شمال أفريقيا و الجبهات البحرية) و فتوحات المشرق (في سجستان و خراسان و بلاد ما وراء النهر). توقّفت الفتوحات في أرضالأناضول منذ فترة طويلة قبل حكم معاوية عند سفوح جبال طوروس قربَ مدينة مرسين، و هُناك أقام كل من المسلمين و الروم على جانبي الحدود حصوناً و قلاعاً كثيرة، و على الرُّغم من الغزوات الكثيرة التي شنّها المسلمون في عهد معاوية (خصوصاً الصوائف و الشواتي) فلم تتغير حدود الدولتين كثيراً. لكن من أبرز أحداث عهده تمكّن المسلمين من استعادة أرمينيا (و التي كانوا قد فتحوها سابقاً، لكنهم خسروها في أيام الفتنة)، بالإضافة إلى أن بعض غزوات الصوائف و الشواتي التي تمكّنت من التوغل في الأناضول حتى عمورية (و هي قريبة من مدينة أنقرة).
كما أرسل معاوية سنة(49 هـ) و قيل أيضاً سنة (50 هـ، أي 669 أو 670 م) حملته الأولى لفتح القسطنطينية، و كانت بقيادة سفيان بن عوف الأزديّ، لكنها فشلت و حل الشتاء و صعبت ظروف القتال، و في آخر الأمر عادت خاسرة إلى الشام، و قُتل فيها الكثير من المسلمين بينهم الصحابيّ أبو أيوب الأنصاري، ثم أرسل حملته الثانية بقيادة فضالة بن عبيد الأنصاري سنة 53 هـ (673 م)، و تمكّن الأسطول في طريقه من فتح جزيرتي أرواد و رودس الواقعتين على ساحل آسيا الغربيّ، و قد أقام جيش المسلمين فيهما سبع سنين وجعلهما قاعدة لحصار القسطنطينية منها، و لذلك فقد سُميت أيضاً بـ"حرب السنين السبعة" و كان المسلمون يُحاصرون المدينة خلال الصيف، ثم يرحلون في الشتاء، غير أن الروم صمدوا، و اضطّرَّ معاوية بن أبي سفيان في النهاية إلى سحب الأسطول و إعادته إلى قواعده دون فتح القسطنطينية في سنة 60 هـ (680 م).
وضع معاوية بن أبي سفيان الصحابيَّ عقبة بن نافع قائداً على جيش المغرب، وكان هو الذي قادَ العديد من الحملات في عهد معاوية في تلك البلاد. بنى عقبة بإذن من معاوية مدينة القيروان بين سنتي (50 و55 هـ) لتُصبح مركزاً للمسلمين تنطلق منه قواتهم للغزوات، و ذلك بعد أن توسَّعت بلادهم و أصبحت أرض مصر بعيدة، كما عقدَ - هو و أبو المهاجر دينار من بعده - الكثير من الصُّلوح مع بربر المغرب، و أقاما معهم علاقات طيّبة، و نجحا في إدخال الكثير من قبائلهم في الإسلام. و عسكرياً، تتابعت فتوحات المغرب سيرها في عهد معاوية حتى فُتحَ أغلب المغرب الأوسط، و وصلت جيوش المسلمين إلى تلمسان و أما في جبهة الشرق، فقد فتحَ المسلمون سجستانفقوهستان في سنتي 43 ـ 45 هـ، و غزو بلاد اللان و ما وراء النهر و السند و جبال الغور، غير أن أهالي هذه المناطق كانوا يَنكثون العهد مرة بعد أخرى، فعاد المسلمون لفتحها مجدداً مراراً و تكراراً.
كان من أبرز التغيرات على الصَّعيد السياسيّ في عهد معاوية بن أبي سفيان، أنه نقلَ عاصمة الدولة من الكوفة إلى دمشق بعد أن كان علي قد نقلها من المدينة إلى الكوفة، و قد أثار هذا سخطَ بعض أهل العراق و الحجاز.كما شهدت الدولة في عهده فترة من الاستقرار و الرخاء، و مُتابعة الفتوحات بعد توقف طويل و قد ألغى معاوية في عهده نظام مجلس الشورى، و على الرغم من ذلك فقد ظلَّ يَستشير أصحابه و من حوله دائماً في أغلب أفعاله. و قد أنشأ نظاماً للشرطة لحماية و حراسته يُعيِّنه بنفسه، كما طوَّر ديوان البريد و أنشأ ديواناً جديداً لتنظيمه أكثر هو ديوان الخاتم.
4) انتقال الحكم إلى المروانيين:
قامت - داخلياً - الكثير من القلاقل في بداية عهد معاوية بن أبي سفيان، حيث حاولَ الخوارج أن يثوروا من جديد على الخلافة، و لذلك فقد قاتلهم معاوية، و بحلول عام 45 هـ نجحَ في إخماد ثورتهم و عادَ الاستقرار الداخليُّ إلى الدولة، و ظلَّ الوضع كذلك حتى وفاة معاوية في شهر رجب سنة 60 هـ (شهر أبريل سنة 680 م). و كان معاوية قد جعل أهل الشام و المدينة يُبايعون ابنه يزيد منذ سنة 50 هـ، فكان ذلك، و أصبح يزيد وليَّ العهد، و بما أنه كان بعيداً عن دمشقعند وفاة والده فقد أخذ البيعة لهالضحاك بن قيس، و عندما عاد بدأت الوفود بالقدوم لتعزيته بوفاة أبية و تهنئته بالخلافة.
أعاد يزيد تعيين عقبة بن نافع قائداً لجيوش المغرب، فقادَ هذا حملته الكبيرة سنة 62 هـ التي عبرَ فيها ساحل شمال أفريقيا بأكمله حتى بلغ مدينة طنجة على سواحل المحيط الأطلسي، و هُناك قال مقولته الشهيرة:"الله اشهد أني قد بلغت المجهول، و لولا هذا البحر لمضيتُ في البلاد، أقاتل من كفر بك حتى لا يُعبَد أحدٌ دونك" لكن عندما كان عائداً من حملته هذه لم يَكن معه سوى جيش صغير من 300 مقاتل بعد أن سرَّحَ معظم جيشه و تركه يَسير أمامه على مسافة بعيدة، و علمَ بذلك الرُّوم، فتحالفوا مع الأمير البربري كسيلة بن كمرم (الذي كان قد أسلم، لكنه ضغن لعقبة لأنه كان قد أهانه قبل ذلك) و نصبوا كميناً لجيش المسلمين، و قُتلَ في الكمين عقبة بن نافع وكل من كانوا معه، كما قتلَ في الكمين قائد المغرب السَّابق أبو المهاجر دينار، و كان ذلك في عام 63 هـ و إثرَ اندحار جيش المسلمين فقد تمكّن كسيلة على رأس جيوش البربر من شقّ طريقه بسهولة و استعادة أرض إفريقية و مدينة القيروان، و مضى زمنٌ طويل قبل أن يَستعيد المسلمون هذه المناطق، و اضطرُّوا على إثر ذلك إلى الانسحاب حتىإقليم برقة. كما شهدَ عهد يزيد بعض الفتوحات المحدودة في المشرق بخراسان و ما وراء النهر.
لكن ظهرت مُشكلة جديدة مع بداية عهد يزيد، فقد كان من ضمن شروط تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية أن يُصبح هو الخليفة بعد وفاة معاوية، غير أنه توفيَّ قبل معاوية بعشر سنوات، و عندما حدثَ ذلك اجتمع أهل الكوفة في بيت سليمان بن صرد الخزاعيّ، و اتفقوا على مُراسلة أخيه الحسين بن علي بن أبي طالب بالقدوم إليهم لمُبايعته على الخلافة و قد ارتاب عبد الله بن عباس من هذه الدعوة، و نصح الحسين بالحذر من أهل الكوفة و عدم الاستجابة له، غير أن عبد الله بن الزبير -الذي كان هو نفسه يَطمع بالخلافة، و أرادَ إبعاد الحسين عن الحجاز لكي تخلوا له - حثّه على الذهاب و أقنعه بالاستجابة إليهم، فاقتنع الحسين بذلك وكان الحسين قد رفضَ بيعة يزيد من قبل (وكان معارضاً لها منذ تعيينه ولياً للعهد) و عندما جاءته رسائل أهل الكوفة أرسل ابن عمّه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليستطلع الأوضاع، فبايعه هناك أكثر من 12,000 من أهل المدينة، وعندما علمَ يزيد بذلك عزلَ النعمان بن بشير عن ولايتها و عيَّن مكانه عبيد الله بن زياد، فقبضَ هذا سريعاً على مسلم بعد أن تركه أهل الكوفة و انفضُّوا عنه و قتله و وصلت هذه الأخبار إلى الحسين و هوَ في طريقه، لكن رجاله – و عددهم 70 - أصرُّوا على مواصلة السير للثأر لمسلم، و التقى هؤلاء قربَ كربلاء بجيش يفوقهم عدداً بـ50 ضعفاً بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، و على الرغم من عرض الحسين السلام فقد أصرَّ عمر على أن يُسلّم الحسين نفسه كأسير حرب أو أنه سيبدأ القتال، و رفضَ الحسين، فوقعت معركة كربلاء في 10 محرم سنة 61 هـ (12 أكتوبر سنة 680 م)، و قُتلَ الحسين وكل من كان معه، وكانت تلك بادرة لانقسامات كبيرة في الدولة الإسلامية ستدوم قروناً طويلة.
كان عهد يزيد بالإجمال مليئاً بالفتن و القلاقل و الانقسامات، و لذلك فقد سُمي بـ «الفتنة الثانية»، وكان من أكبر هذه الفتن في عهده مقتل الحسين، و يَبقى حادث آخر إلى جانبها فعندما قُتلَ الحسين استغلَّ عبد الله بن الزبير الحدث ليُشهِّر بيزيد و يُحرض أهل الحجاز عليه، و بالفعل بايعه أهل الحجاز و مصر، و حاصروا بني أمية في المدينة بمنزل مروان بن الحكم ، فغضب يزيد غضباً جماً و أرسل إلى المدينة جيشاً بقيادة مسلم بن عقبة، و أمره بمحاصرتهم ثلاثة أيام، فإن أبوا إطلاق سراح بني أمية و مُبايعته فليقاتلهم وعندما بلغَ المدينة دخلها من جهة تُسمَّىالحرّة، و هناك التقى أهلها، لكنهم رفضوا مبايعة يزيد، وكانت موقعة الحرة سنة 61 هـ، و هُزمَ أهل مكة و قتل 300 منهم، و دخل مسلم المدينة عنوة و استباحها و قتل الكثير من أهلها و أجبرهم على مُبايعة يزيد بالقوَّة و بعد هذه الأحداث سارَ مسلم نحو مكة للقضاء نهائياً على ثورة ابن الزبير، وقد توفيَّ مسلم في الطريق إلى مكة، فأكمل قيادة الجيش (الحصين بن نُمير)، لكن عندَ وصوله وجدَ ابن الزبير و رجاله مُعتصمين في الكعبة أملاً في الحصول على الأمان نظراً إلى حرمتها. غير أن جيش يزيد نصبَ المنجنيقات حول الكعبة و أخذ بضربها، وكان ذلك في صيف عام 64 هـ (683 م)، لكن سُرعان ما وصلت أنباء وفاة الخليفة يزيد، فاضّطرب الجيش وعادَ إلى الشام تاركاً ابن الزبير دون قتله.
كان يُفتَرض أن يَرث معاوية بن يزيد الحُكم بعد أن عيَّنه والده ولياً للعهد قبل وفاته، لكنه تنازل عن الخلافة و قال أنه لا يُمكنه حمل عاتقها، و توفيَّ بعد ذلك بأسابيع و هُنا تقدم شيخ بني أمية و والي المدينة مروان بن الحكم و طالبَ بالخلافة لنفسه و بايعه أهل المدينة و اليمن، غير أن ابن الزبير أعلنَ نفسه خليفة في الآن ذاته، و بايعه أهل العراق و مصر بل و معظم أهل الشام، و منهمالضحاك بن قيس الفهريّ، فسارَ إليه مروان و التقاه في معركة مرج راهط، و قُتل الضحاك في المعركة و بُويع مروان، و قد استعادَ أيضاً مصر دون قتال كثير، كما أنه قضى سريعاً على ثورة التوابين عندما واجه عبيد الله بن زياد بجيش قوامه 60,000 مقاتل الثائرين الـ3,000، غير أن مروان سُرعان ما توفيَّ في شهر رمضان سنة 65 هـ (685 م) بعد حكم دامَ عشرة شهور. و قد تابع بعده ابنه عبد الملك، لكنه استلمَ الحكم و بلاد المسلمين مقسومة بين خمس دول، فإلى جانب الدولة الأموية في مصر و الشام كانت هناك دولة ابن الزبير في الحجاز و العراق، كما نجحَ المختار الثقفي بعد ثورته في السَّيطرة على الكوفة، و سيطر بعض الخوارج بعد ثورتين على إقليمي الأهواز و النجدات. سُرعان ما قضى مصعب بن الزبير بجيشه على المختار الثقفي، و التحمَ عبد الملك بعد ذلك معه في «معركة دير الجاثليق» سنة 71 هـ فاستعاد العراق، و في آخر الأمر أرسلَ جيشاً بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي إلى مكة سنة 73 هـ فحاصرَ ابن الزبير هُناك في الكعبة، و ضربَ الكعبة بالمنجنيقات كما حدثَ من قبل، فأصابت الحجارة ابن الزبير و صرعته. كوفئ الحجاج بأن أصبح والي العراق و المشرق، و هكذا استتبَّ الحكم أخيراً لخليفة واحد في البلاد بعد أن عصفَت الصراعات الداخلية بالدولة الأموية لعقد و نصفٍ تقريباً، و سُميت سنة 73 هـ بعام الجماعة الثاني.

5) عهد عبد الملك وأبنائه
لم تستبَّ الأمور تماماً في الدولة بسقوط الدولة الزبيرية، إذ ظلّت مشكلة الخوارج، الذين كلّف عبد الملك المهلب بن أبي صفرة الأزدي بقتالهم. و في سنة 76 هـ هاجمَ صالح بن مسرح و شبيب بن يزيد الخارجي خيلاً لمحمَّد بن مروان (والي الجزيرة) و سرقاها، وكان معهم آنذاك 120 شخصاً بايعا شبيب على الخلافة من أهل البصرة بعد أن نادى بها لنفسه ، و بعدها دخلَ في حرب طويلة مع والي العراق و المشرق - الحجاج بن يوسف - الذي سيَّر إليه جيوشاً ضخمة، و قيل أنه خاضَ مع شبيب 83 معركة في 100 يوم، و لم يَربح منها كلها سوى واحدة. و في آخر الأمر فر شبيب من جيوش الحجاج، و لكنه سقطَ في نهر بينما كان يَعبر جسراً في الأهواز و غرق بسبب ثقل دروعه سنة 73 هـ، و بعدها لم تقم للخوارج قائمة حتى عهد عمر بن عبد العزيز.
تسبَّبت النزاعات الداخلية في الدولة بشلّ حركة الفتوحات لعقد تقريباً، لكن عندما اتّحدت الدولة أخيراً من جديد في عام 73 هـ (عام الجماعة الثاني) عادت الفتوحات من جديد. تولّى زهير بن قيس البلوي قيادة جبهة المغرب بعد موت عقبة بن نافع، و عزمَ على الثأر له، غير أنه لم يَستطع التحرك حتى عام 69 هـ بسبب مشكلات الدولة الداخلية، وحينها قادَ جيشه نحوَ المغرب و استعاد القيروان وقتل قائد البربر كسيلة في (معركة ممس)، لكنّه قتل بدوره في كمين بيزنطيٍّ خلال عودته سنة 71 هـ، و بعد مقتل ابن الزبير عيَّن عبد الملك حسان بن النعمان مكان زهير و أعطاه جيشاً ضخماً من الشام و مصر قوامه 40,000 مقاتل، و تمكّن من القضاء على الوجود البيزنطيّ في شمال أفريقيا، كما دمّر مدينة قرطاجنة -أكبر مركز بيزنطي في المنطقة - بعد أن اقتتل فيها مع الروم و البربر و أجبرهم على الهرب نحو صقلية و الأندلس، لكنه مع ذلك هزم على يد الكاهنة التي كانت تقود البربر خلفاً لكسيلة، و بعدها عادَ الروم البيزنطيون إلى قرطاجنة و عاثوا فيها فساداً، و لكن عبد الملك لم يَستطع إمداده بجيش لمقاومتهم. و في النهاية وصلَ المدد أخيراً فتوجَّه إلى قتال البربر سنة 82 هـ و قتلَ كاهنتهم، ثم فتح فاس و قرطاجنة و جلّ المغرب، و بنى قربَ قرطاجنة مدينة تونس التي لا زالت قائمة إلى اليوم، و أما على جبهة الشام و الأناضول فقد اضطر عبد الملك لمصالحة البيزنطيين و دفع مال لهم أثناء صراعه مع ابن الزبير لأنه لم يَكن يستطيع الدفاع ضد هجماتهم، لكن بعد انتهاء الصراع سنة 73 هـ (692 م) كانت لعثمان بن الوليد موقعة كبيرة معهم في أرمينيا، حيث التقى 60,000 منهم بجيش قوامه 4,000، فهزمهم و قتل الكثير منهم ، و تُعرف هذه الموقعة بـ «معركة سبياستوبولس»، و قد تبعها فتح مُجمَل أرمينيا و ضمُّها إلى الدولة الأموية.
كانت هناك غزوات كثيرة في عهد عبد الملك لبلاد ما وراء النهر، لكنها لم تٌفتَح، حيث كان المسلمون يغزونها و يغنمون منها ثمَّ يَنسحبون عائدين إلى معاقلهم، و من أبرز غزواتهم غزوةبخارى سنة 80 هـ. و قد كان من ملوك هذه الأرض الكبار ملك يُسمى (رتبيل) غزاه المسلمون مراراً و تكراراً، فغزاهم سنة 79 هـ وقتل أميرهم (عبيد الله بن أبي بكرة)، فجهَّز الحجاج بن يوسف جيشاً كبيراً سُمي بـ (جيش الطواويس) و أعطاه لعبد الرحمن ابن الأشعث ليغزو به رتبيل (على الرغم من البغض المتبادل الذي كان بين عبد الرحمن و الحجاج)، فغزا ابن الأشعث رتبيل و فتح الكثير من أراضيه، لكنه أوقفَ القتال و لم يُكمل الفتوحات بعد ذلك، إنّما حرض جيشه على الحجاج و على خلعه بل و خلع الخليفة، فوافقوه و بايعوه، وكانت تلك بداية واحدة من أعنف الثورات ضد الحُكم الأموي على الإطلاق، مع أن وازعها لم يَكن دينياً أو مذهبياً إنما شخصياً، دخل ابن الأشعث البصرة وتبعه أهلها، ثم طُردَ منها فذهب إلى الكوفة، و قربها دارت وقعة دير الجماجم سنة 83 هـ و هُزمَ فيها، فهربَ إلى سجستان و انتحرَ هناك. كان والي (العراق والمشرقخراسان و سجستان وغيرها) طوالَ عهد عبد الملك وجزء كبير من عهد ابنه من بعده هو الحجاج بن يوسف الثقفي، و قد كان له دورٌ كبيرٌ في إخماد الخوارج و تهدئة الأوضاع في العراق بعد أن عصفت بها الثورات طوال العقود السابقة،حيث اتَّخذ سياسة ترهيب ضد أهلها، وكان يُلاحق قادة الخوارج وكل من يَدعون لعصيان الخليفة و قتل الكثير منهم، و قد خلَّف هذا سمعة سيّئة للدولة الأموية عند أهلها (على الرغم من أنهم كانوا بالفعل بيغضون الأمويين) كانت سبباً مهماً و بارزاً في سُقوط الدولة لاحقاً، كما فصلت بين أهل الشام كمؤيدين للخلافة و أهل العراق كمعارضين لها. و قد منحَ هذا الأمر الحجاج سُمعة سيئة في العراق، و يَقول البعض عنه أنه قتلَ 100 ألف من أهلها، و لو أن مثل هذا الرَّقم غير مُثبَت.
كان من أبرز الإنجازات في عهد عبد الملك أيضاً بناء مسجد قبة الصخرة في القدس بجوار المسجد الأقصى سنة 691 م، كما أنه عرب الكثير من الدواوين و عرب سك النقود للمرة الأولى في تاريخ الدولة وقد توفيَّ عبد الملك بن مروان بن الحكم في شهر شوال سنة 86 هـ (أكتوبر سنة 705م)، تاركاً الحكم لابنه الوليد، و قد جرت في عهده فتوحات عظيمة، و بلغت فيه الفتوحات الأموية ذروتها، حيث أنها يُمكن أن تعد الذروة الثانية للفتوحات الإسلامية بعدَ أيام عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان.

عُزلَ حسان عن المغرب في عهد عبد الملك و عُيِّن مكانه موسى بن نصير سنة 86، و هُنا سارَ على رأس جيش كبير، و أتمَّ فتح المغرب، و نجحَ في إدخال الكثير من قبائل البربر بها في الإسلام، و في سنة 90 هـ وصل إلى مدينة طنجة، ففتحها و وضعَ فيها حامية من 12,000 رجل بقيادة طارق بن زياد الليثي و حسبَ ما رواه الذهبي فقد جهزَ موسى بن نصير ابنه عبد الله للفتح منذ عام 86 هـ عندما أمره بفتح جزيرتي ميورقة و منورقة الواقعتين على ساحل الأندلس، لكن هناك أيضاً رواية أخرى أيضاً - رواها ابن الأثير -تذكر أنَّ أمير مدينة سبتة (يوليان) دعى ابن نصير بنفسه لفتح الأندلس و تخليصه من حكم القوط الغربيين (الذين كانوا حكامها آنذاك)، و أخبره بأن البلاد كانت في حالة من الفوضى و النزاعات الداخلية و أنها لن تشهد مقاومة كبيرة. و قد استأذن ابن نصير الخليفة في الفتح، فأذن له إن تأكد من حسن نوايا يوليان، فأرسل حملة استطلاعية من 500 رجل بقيادة طريف بن مالك، الذي أكد له أقوال يوليان، فأرسل طارق بن زياد مع 7,000 جنديٍّ إلى الأندلس في شهر رجب سنة 92 هـ (مايو سنة 711 م)، و هُنا عادَ ملك البلاد رذريق و سارَ إليه بـ100,000 رجل، فأمده ابن نصير بخمسة آلاف، و التقى الجيشان في معركة وادي لكة التي انتصرَ فيها المسلمون و قُتل رذريق، و فُتحت الأندلس بعدها مدينة تلو الأخرى دون مقاومة تُذكَر، لكن و على الرُّغم من رغبة موسى بن نصير في إكمال الفتوحات، بل و نيّته في فتح أوروبا كلها من الأندلس حتى يَبلغ القسطنطينية من الغرب، فقد عارضَ الوليد بن عبد الملك مثل هذا الأمر بشدة لما قد يَعود به من عواقب على جيوش المسلمين في تلك البلاد البعيدة، و أمر ابن نصير و طارق بن زياد بالعودة إلى دمشق، فامتثلا لأمره و بقيا هناك حتى وفاتهما، و توقّفت فتوحات أوروبا إثر ذلك حتى نهاية عهد الوليد.
و في بلاد الروم - البيزنطيين - استمرَّ الصوائف و الشواتي على الدوام، لكن كانت الحدود الفعلية شبه ثابتة، حيث يَعود المسلمون دائماً إلى حصونهم بعد الغزوات. و من الغزوات الكبيرة غزوتان لمسلمة بن عبد الملك، واحدة سنة 89 هـ وصلَ فيها حتى مدينتي عمورية و هرقلية، و أخرى في سنة 92 هـ عبرَ فيها كل الأناضول حتى بلغ بحر مرمرة. كما غزا المسلمون في البحر جزيرتي ميورقة و صقلية سنة 89 هـ، وجزيرة سردينيا سنة 92 هـ.
عيَّن الحجاج بن يوسف الثقفيّ قائدين في المشرق كان لهما دورٌ بارز جداً في الفتوحات خلال عهد الوليد بن عبد الملك، تولّى أولهما و هوَ قتيبة بن مسلم الباهلي قيادة جيوش خراسان سنة (87 هـ706م)، و قد باشرَ قتيبة فتوحاته في بلاد ما وراء النهر في العام نفسه، ففتح بيكند، ثم فتحَ بخارى و بلخ سنة 90 هـ، و سمرقند سنة 93هـ، وكابل سنة 94 هـ، و أخيراً فتحكاشغر سنة 96 هـ (و هي عاصمة تركستان الشرقية)، و هكذا بلغَ حدود الصين، و لم يَغزو الصين قط، غير أنه أجبر إمبراطورها على دفع الجزية للأمويين، وكانت تلك أقصى فتوحات المشرق، حيث عزل عن ولايته في العام ذاته، و قد بلغت بذلك مساحة الأراضي التي وُلِّيَ عليها (وهي ولاية خراسان و عاصمتها آنذاك مرو)أكثر من 4,000,000 كيلومتر مربع، و بلغ طول حدودها أكثر من 4,000 كم و أما محمد بن القاسم الثقفي فقد تولّى في الوقت ذاته فتحَ إقليم السند، حيث سارَ في شهر ربيع الأول سنة 89 هـ (707 م) على رأس جيش قوامه 6,000 رجل و هو ابن سبعة عشر عاماً، و فتح مدينة (الدبيل) الواقعة مكان كراتشي اليوم سنة 93 هـ، وفر منها ملك السند داهر، الذي التقاه المسلمون لاحقاً في معركة على نهر مهران، و انتصروا فيها و قتلوا داهر على الرغم من استعانة الهنودبالفيلة في المعركة، و أخيراً فتحَ مدينة الملتان سنة 94 هـ، و هي من أهم مدن تلك البلاد، و بذلك أتمَّ فتح السند و ضُمت بدورها إلى الدولة الأموية.
كان من الإنجازات البارزة الأخرى في عهد الوليد بناء الجامع الأموي الكبير أو مسجد بني أمية في مدينة دمشق، إذ كان متقسماً بين المسلمين و المسيحيين لتأدية عباداتهم منذ فتح الشام، لكن مع ازدياد أعداد المسلمين قرَّر الوليد تحويله بأكمله إلى مسجد، وذلك مقابل تعمير أربع كنائس للمسيحيين في المدينة، وكان ذلك في السنة نفسها التي تولى فيها الخلافة. و لكن بناء المسجد لم يَكتمل إلا بعد عشر سنوات، في عام 715 م، حيث أن العمل كان كبيراً و احتاجَ وقتاً طويلاً كما قام الوليد بتوسعة المسجد النبوي في المدينة، و اهتمَّ بتعبيد الطرق في الدولة، خصوصاً الطرق المؤدية إلىمكةلتسهيلالحج إليها من أنحاء العالم الإسلامي.
توفيَّ الوليد في شهر جمادى الآخرة سنة 96 هـ (فبراير سنة 715 م)، و تولّى الخلافة من بعده أخوه سليمان بن عبد الملك. و في عهده فتحَ يزيد بن المهلب -والي خراسان - سنة 98 هـ إقليمي طبرستان و قهستان، و أما الحدث الأبرز في عهده فقد كان حصار القسطنطينية سنة 98 هـ، و هو حصار أداره بنفسه مع أخيه مسلمة بن عبد الملك من أرضدابق، و ظلَّ هناك سنة كاملة، حتى توفيَّ و هو لا يزال في دابق في شهر صفر سنة 99 هـ (سبتمبر سنة 717 م)، و قد امتُدحت خلافته و قيل عنه أنه أحسن إلى الناس و معاملتهم بعد أن كان قد شد عليهم الحجاج في أيام عبد الملك و الوليد، كما امتُدحَ أيضاً لاختياره ابن عمه عمر بن عبد العزيز خليفة من بعده.
6) عهد عمر بن عبد العزيز
اشتُهرَ عهد عمر بن عبد العزيز بأنه عهد عم فيه رخاءٌ و استقرارٌ عظيم في أنحاء الدولة الأموية، و سادَ فيه العدل، حتى أنه يُقال أن المتصدقين كانوا يبحثون فيه عن فقراء ليعطوهم المال فلا يَجدون، كما أنه كثيراً ما يُلقب نظراً إلى ذلك بـ (الخليفة الزاهد) أو (خامس الخلفاء الراشدين)، حيث قيل أن أيام الخلافة الراشدة قد عادت في عهده، عندما بُويع عمر على الخلافة قرر وقف الفتوحات نظراً لاتساع الدولة الكبير، و توجَّه بدلاً من ذلك لتوطيد الحكم و إصلاحه و الاهتمام بأمور الناس و دعوة أهل المناطق المفتوحة إلى الإسلام بدلاً من فتح المزيد من البلاد.
و قد أخذ عمر بن عبد العزيز أيضاً من أقربائه من بني أمية ما في أيديهم من مال و أعاده إلى بيت مال المسلمين، و وصفه بأنه «مظالم»، و قد أغضبَ ذلك بني أمية و جاءوا إلى بيته يَشتكون، غير أنه رفضَ رفضاً شديداً، و قال:
"إن الله بعثَ محمداً - -رحمة و لم يبعثه عذاباً إلى الناس كافّة، ثم اختار له ما عنده و ترك للناس نهر شربهم سواء، ثم وليَ أبو بكر فترك النهر على حاله، ثم و ليَعمر فعمل عملهما، ثم لم يزل النهر يستقي منه يزيد و مروان و عبد الملك ابنه و الوليدو سليمان ابنا عبد الملك حتى أفضي الأمر إليَّ و قد يبسَ النهر الأعظم، فلم يُروَ أصحابُه حتى يعود إلى ما كان عليه"
كما قال سفيان الثوري:"الخلفاء خمسة، أبو بكر و عمر و عثمان و علي و عمر بن عبد العزيز، و ما كان سواهم فهم منتزون" و مما يُروى أيضاً عن زهده أنه لم يَكن يُنفق على نفسه سوى درهمين اثنين في اليوم، و مرة دخلَ عليه ابن عمه مسلمة فوجده بقميص بالٍ و متسخ، فأمر زوجته فاطمة بإعطائه قميصاً نظيفاً، و عندما عادَ مجدداً وجده على الحال نفسها، فعاتبها، فأخبرته أنه لم يَكن يملك قميصاً غيره و قد أصلح عمر بن عبد العزيز الأراضي الزراعية و حفر الآبار و مهد الطرقات وعمر الخانات (الفنادق) لأبناء السبيل، كما بنى المساجد، و حكمَ بعودة الأراضي المغتصبة غير المُسجلة إلى بيت مال المسلمين، و ساهمت إصلاحاته المختلفة هذه في القضاء على الفقر في أنحاء الدولة.
شهدَ عهد عمر بن عبد العزيز أول تحرك جديدٍ للخوارج منذ أيام عبد الملك، بعد أن استكانوا لزهاء ثلاثة عقود منذ أيام الحجاج. وقد أرسل إليهم عمر جيشاً، غير أنه أمره بعدم الهُجوم، و في حال سفك الخوارج دماءً أو اعتدوا على الناس فليحول الجيش دون ذلك، و في الآن ذاته بعث رسولاً إلى قائد الخوارج «بسطام اليشكوريّ» يدعوه إلى التوقف، و بعد عدة مراسلات بينهما اقتنع بسطام بالتخلي عن التمرد. و أما الفتوحات و الحروب فكانت محدودة في عهده، حيث أمرَ الجيش الذي أرسله سليمان لمحاصرة القسطنطينية بالرجوع، و عدى عن ذلك فلم تحدث في خلافته سوى بعض الغزوات في الأناضول وأذربيجان (كما اعتادَ المسلمون مع الروم في معظم أيام الأمويين)
توفيَّ عمر بن عبد العزيز في شهر رجب سنة 101 هـ (يناير سنة 720 م)، بعدَ أن دامت خلافته لسنتين و نصف تقريباً. و قد تولّى الخلافة بعده ابن عمِّه يزيد بن عبد الملك. يَعتبر الكثير من المؤرخين - مثلا بن كثير -أن يزيد تأثر بعمر في بداية خلافته، و أرادَ أتباعه في خلافته و حسن سيرته، غير أن أقران السوء أفسدوه و على أي حال فإن يزيد بن عبد الملك لم يَكن ذا خبرة و مقدرات تؤهله للخلافة، إذ كان شاباً لا يزيد عمره عن 29 عاماً قضى أغلب حياته في اللهو و الترف، و قد كان يُمكن لعهده أن يَشهد انحطاطاً كبيراً للدولة لولا بعض رجالها الذين حافظوا على قوتها مثل مسلمة بن عبد الملك، و قد كان عهده بالفعل عهد ضعف نسبيٍّ للدولة.
غزا المسلمون إقليم الصغد في ما وراء النهر عدة مرات خلال خلافة يزيد بعد أن نقض أهله عهدهم مع المسلمين (في سنتي 102 و 104 هـ)، كما استمروا بغزواتهم المعتادة في الصوائف و الشواتي ضد البيزنطيين. كما كانت هناك موقعتان كبيرتان في فرنسا، حيث عبرَ السمح بن مالك الخولاني جبال البرانس بجيشه سنة 102 هـ و حاصرَ طولوز، فسار إليه دوق فرنسا و التقيا في معركة تولوز التي انتهت بهَزيمة المُسلمين. كما سار أمير الأندلس - عنبسة بن سحيم الكلبي -بعدها على رأس جيش إلى فرنسا و فتح سبتمانيا و ليون و توغل في منطقة بورغونيا، و غزا في فترة مقاربة محمد بن يزيد جزيرةصقلية وكان من أكبر الأحداث التي شهدها عهد يزيد ثورة ضخمة للخوارج قادها يزيد بن المهلب، حيثُ ثار على الخليفة و دعا إلى خلعه، و بايعه أهل البصرة، ثم امتد نفوذه إلى الجزيرة الفراتية و البحر ينوفارس و الأهواز، غير أنه هُزمَ و قُتلَ ضد مسلمة - أخو يزيد - في معركة عفر قرب الكوفة بشهر صفر سنة 102 هـ (أغسطس سنة 720م).

7) ذروة إتساع الدولة
توفيَّ يزيد بن عبد الملك في أواخر شهر شعبان من سنة 105 هـ (يناير سنة 724 م)، وكان قد وَصى بالخلافة من بعده لأخيه هشام، فابنه الوليد. كان هشام بن عبد الملك -على عكس أخيه الذي سبقه - خليفة قوياً ذا خبرة وحنكة سياسية، و أدار الدولة بكفاءة عالية، و قد تمكن من الحفاظ على استقرارها طيلة عهده الطويل. و على الرّغم من عدم حدوث فتوحات كبيرة في عهده بضمِّ أراض جديدة للدولة - كتلك في عهد الوليد - فقد كانت الغزوات واسعة جداً، و كان القتال محتدماً على جبهة الشرق في السند و ما وراء النهر و الشمال في الأناضول و القوقاز و الغرب في الأندلس و جنوب غالة (فرنسا) و على الرّغم من ذلك فقد شهدَ عهد هشام بلوغ الدولة الأموية ذروة اتساعها و أقصى حدودها، التي امتدّت من أطراف الصين شرقاً إلى جنوب فرنسا غرباً.
كان المسلمون قد بسطوا سيطرتهم على إقليم سبتمانيا منذ سنة 101 هـ، و أصبحَ منذ ذلك الوقت مركزاً لهم للإغارة على مدينتي برغاندي و أقيتانية في جنوب فرنسا الحالية، و قد انتصرَ عليهم دوق أقيتانية في معركة طولوز على أيام يزيد و قتل قائدهم عنبسة بن سحيم الكلبي، غير أن المسلمين استأنفوا القتال بعدَ أن عين عبد الرحمن الغافقي والياً جديداً للأندلس ، و الذي قادهم على رأس جيش من 8,000 جندي سنة 112 هـ (730 م)، فنهبوا بونة و فرضوا الجزية على سان و فتحوا أفينيون و قد تابع المسلمون تقدمهم، فانطلق عبد الرحمن على رأس جيش سنة 112 هـ و فتح بوردو فأقيتانيا و برديل و غيرها، و في النهاية خاض معركة بلاط الشهداء سنة 114 هـ (732 م)، و وصلت بذلك فتوحات الأمويين في المغرب أقصاها في عهد هشام، و ظلَّ المسلمون محتفظين بحدودهم هذه بجنوب فرنسا (عندَ سفوح جبال البرانس الشمالية) حتى سنة 181 هـ.
استمرّت الغزوات و الصوائف و الشواتي ضد البيزنطيين في عهد هشام بن عبد الملك كما كانت الحال طوال العهد الأموي، غير أن هذه الغزوات - كالعادة أيضاً - لم تغير حدود الدولتين الأموية و البيزنطية. و قد قطعت صائفة سنة 107 هـ البحر إلى جزيرة قبرص، و فتحَ مسلمة بن عبد الملك مدينة قيصرية سنة 108 هـ، و وصلَ سعيد و سليمان بن هشام إليها أيضاً في سنة 111 هـ، و قد نجحَ الثاني في هزم قسطنطين و أسره خلال الغزوة. و في البحر الأبيض المتوسط غزا أمير إفريقية "حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع" جزيرة صقلية و فتح بها مدينة سرقوسة سنة 121 هـ، كما غزا عبيد الله بن الحبحاب جزيرة سردينيا سنة 117 هـ و تمكن من السيطرة على قلعتها. غزا المسلمون أيضاً منطقة أرمينيا و القوقاز مراراً و تكراراً في عهد هشام، حيث غزاها الحجاج بن عبد الملك بداية و فرضَ عليها الجزية، غير أن غزوها أعيد بعدَ نقضها العهد مرات كثيرة، فقد حدث ذلك في سنة 110 هـ، ثم 112 هـ، ثم 113 هـ، فقتلَ ابن خاقان الترك في الأخيرة، فتوجّه لقتال المسلمين انتقاماً لابنه سنة 114 هـ غير أنه هزم، ثم نقض العهد مجدداً سنة 117هـ فغزاهم المسلمون مجدداً، ثم تكرّر الأمر ذاته سنة 120 هـ، و أخيراً غزى مروان بن محمد بلاد السرير سنة 121هـ و فرض عليها الجزية، كما شهدَ ذلك العام وفاة مسلمة بن عبد الملك بعد أن قاتل بشدة لعقود ضد الأتراك و البينزطيين.
و على جبهة الشرق استمرّت الغزوات طوال الوقت لكن دون تحقيق فتوحات كبيرة، فقد غزى المسلمون فرغانة سنة 106 هـ، ثم بلاد الجبل و جبال هراة و بلاد الختل، غير أن أهل الأخيرة نقضوا العهد فأعيد غزوها سنة 112هـ، فرد سكانها بالأتراك بأن جاءوا و غزوا سمرقندفاقتتل معهم المسلمون قتالاً شديداً و انتصروا عليهم. و أعيد غزو بلاد الختل سنة 119 هـ و قُتلَ ملكها "بدر طرخان"، كما قتل ملك الترك سنة 120 هـ. و قد غزى المسلمون ما وراء النهر ثلاث مرات سنة 121 هـ و فرغانة مرتين سنة 123 هـ.
لم تتوقف ثورات الخوارج في عهد هشام كما كانت الحال في أغلب فترة حكم الأمويين، وكان من أبرز ثوراتهم عليه ثورة "شبيب بن صحاري"الذي قُتلَ في معركة بالعراق سنة 119 هـ، كما شهدت السنة نفسها ثورة في الجزيرة، و شهدَ عهد هشام أيضاً ثورتين في المغرب و ثالثة في الأندلس للخوارج. غير أن أكبر الثورات في عهده على الإطلاق كانت ثورة زيد بن علي بن الحسين.و قد بدأت ثورته بأن أرسلَ إليه أهل الكوفة يقولون له: "إنا لنرجو أن تكون المنصور و أن يَكون هذا الزمان الذي يهلك فيه بنو أمية. فردّ عليهم: "إني أخاف أن تخذلوني و تسلموني كفعلتكم بأبي و جدي"لكنه استجابَ لهم على الرغم من ذلك و أعلنَ الثورة على هشام سنة 121 هـ و بايعه 15,000 رجل، وكانت تلك أول ثورة للشيعة منذ عهد مروان بن الحكم. و قد أمرَ هشام والي الكوفة "يوسف بن عمر الثقفي"بإخماد الثورة، فتوجّه إلى زيد بن علي ، و هُنا انفضّ عنه أغلب من بايعه فلم يبقى ممن كان معه سوى 200 رجل، و قد هُزمَ و قُتلَ زيد في المعركة، و مع ذلك فقد حزنَ هشام على موته لكرهه سفك الدماء.


8) الدولة والحضارة
أ‌) المجتمع:
يُمكن القول أن المجتمع في عهد الدولة الأموية - على الرغم من عدم امتلاكه تدرجاً اجتماعياً دقيقاً أو صارماً - قد تألف من خمس طبقات أساسية، هي: الخلفاء و الولاة و العلماء و الأثرياء و العامة. فالطبقة الأولى هي الخلفاء و عائلاتهم، و هم أصحاب السلطة و السيادة العليا في الدولة و لهم الصلاحيات المطلقة بها. ثم يليهم كبار الولاة و القادة وكاتبو الدواوين.فالعلماء، الذين مع أنهم يأتون في الطبقة الثالثة فقد كان احترام العامة لبضعهم يفوق احترامهم و تقديرهم للولاة و الخلفاء أنفسهم. ثم كبار الأثرياء من التجار و شيوخ العشائر. و أخيراً تأتي الطبقة الخامسة و هي عامة الناس، مثل المزارعين و الحرفيين و غيرهم.
عاش العرب بشكل عام حياة بسيطة في أيام الإسلام و قبله، فكان طعامهم على سبيل المثال يتألف من بضعة أصناف فحسب، أفخرها على الإطلاق هو اللحم مع الثريد.لكن مع توسع الفتوحات في العصر الأموي و ترامي أطراف الدولة و ازدهارها اختلفت الحال، إذ اقتبس العرب عادات الكثير من الثقافات التي احتكوا بها نتيجة الفتوحات، فأصبحوا يستخدمون أدوات فخارية و خشبية لتناول الطعام كانت تأتيهم من الصين مثل الشوك و الملاعق، و أصبحوا يتناولون طعامهم على موائد و كراس خشبية بدلاً من أن يجلسوا على الأرض و يتناولوه بأيديهم كما في السّابق. و قد ساهم في نقل مثل هذه العادات الحياتية و الاجتماعية إلى العرب إحضارهم الكثير من الجواري إلى بلادهم، فنقلن إلى العرب عادات و تقاليد شعوبهن.
كانت المناسبات الإسلامية و أبرزها عيدا الفطر و الأضحى ذات صدى كبير في أنحاء الدولة الأموية، فكان يَخرج الخليفة في موكب مهيب وسط رجال الدولة الكبار يتقدمهم الجند لأداء صلاة العيد. كما أن الأعراس و الأفراح و بعد أن كانت بسيطة جداً في عهود الخلفاء الراشدين و ما قبل الإسلام باتت مترفة جداً و تُنفق عليها أموال طائلة، فكانوا يقيمون ولائم عظيمة في الأعراس، ثم يلعب الفتيان بالرامح و يتسابقون بالخيل فيما تجلس النساء يتحدثن إلى بعضهن البعض، و أما العروس فكانت تزين بزينة عظيمة، و يُحيط بها خدمها يُغنون لها حتى تذهب إلى بيت زوجها. و قد كان من وسائل الترفيه و التسلية الشائعة في تلك الحقبة جلب المغنين أو «المضحكين» الذين يلقون النكات و يضحكون الناس. كما كانت ألعاب النرد و الشطرنج شائعة أيضاً، اللتين أخذهما العرب من الفرس.كما كانوا يرفهون عن أنفسهم بالصيد و الرياضة، و أقامت الدولة في عهد هشام بن عبد الملك سباقات كبيرة للخيل بلغ عدد المشاركين فيها 4,000 حصان في إحداها.
بشكل عام امتاز المجتمع في العصر الأموي بالترف الكثير على النقيض من عهود الإسلام السابقة. و لم ينعكس ذلك على المناسبات و العادات الاجتماعية فحسب، إنما على ملابس العامة أيضاً، فتنافس الناس و خصوصاً الخلفاء وكبار رجال البلاط في شراء الملابس الجديدة و الفاخرة و المتميزة، و أصبحَ الجميع يرتدون جباباً و أردية وسراويل و عمائم و قلانس. ثم و مع ازدياد الإسراف أصبح التجار يجلبون معهم إلى البلاد الإسلامية مختلف أنواع الحرير و الصوف بين موشّى و مطرّز و محاك بالذهب و الفضة و مرصع بالأحجار الكريمة. و كان خلفاء بني أمية يرتدون ملابس بيضاء على الأغلب و من أفخر أنواع القماش المطرز. و كان من قطع الملابس التي ارتداها الأمويون: القباء (رداء أو زي خارجي مفتوح عند الرقبة أو يقفل بأزرار و هو ضيق الكمين و في بعض الأحيان متوسط الاتساع) و الدراعة (جبة مشقوفة من الأمام) و الطيلسان (الطرح التي تغطي الرأس) و الغلالة (ثوب رقيق شفاف يشبه القميص الذي ترتديه المرأة) الملحفة (ملاية) و الإزار (لباس لستر العورة) و الشاشية (قبعة) و التكة (رباط السروال) كما أن أسلوب إنتاج الأقمشة الخاصة المطرزة في المناسج الملكية ولد في العصر الأموي، ثم تطور لاحقاً و ساد في أنحاء الدولة الإسلامية خلال العصور الوسطى، و كان أول خليفة أموي يؤسس مصانع خاصة للنسيج المطرز هشام بن عبد الملك. و قد كان من الظواهر المهمة في العصر الأموي أن أصبحَ غير المسلمين يرتدون ملابس العرب الفاخرة، حتى جاء عهد عمر بن عبد العزيز الذي حَرّم على أهل الذمة ارتداء لباس الرأس العربي و منه العمامة و العصب و الطيلسان و الملابس العسكرية العربية و الأردية الخاصة مثل القبعة، و كان على هؤلاء أن يرتدوا حزاماً متميزاً يسمى المِنْطَق و أحياناً الزُنّار.

ب‌)الحركة العلمية:
على الرّغم من أن العصر الذهبي للعلوم و الحضارة الإسلاميّين كان في العهد العباسيّ فقد كان للأمويين دورٌ بارز في التمهيد لهذا الازدهار و التهيأة له، إذ أنهم أرسوا أسس التراث العلميّ الذي بنى عليه العباسيون. و من أهم هذه التطوّرات التي هيأت للنهضة العلمية العباسية حركة التعريب في عهد عبد الملك بن مروان، الذي جعل من اللغة العربية لغة رسمية للدولة أصبحت تستخدم في كل أصقاعها من المشرق إلى المغرب، كما ساهمَ الوليد كثيراً أيضاً بإنشائه المدارس و المستشفيات تحت رعاية الدولة التي ساهمت هي الأخرى في النهضة الإسلامية اللاحقة. و قد كان من أهم الإنجازات في تطوير الحركة العلمية في العصر الأمويّ تدوين العلوم و تعريبها للمرّة الأولى، و هو ما أتاح لعلماء العرب و المسلمين الاطلاع عليها بسُهولة، كما أن اتساع الدولة و دخول شعوب جديدة في الإسلام أتاح التعرف على حضاراتها و الاستفادة من تلك المعارف في تطوير الحضارة الإسلامية.

كان أول من أنشأ مدارس منظمة تعمل برعاية الدولة و تحتَ إشرافها في التاريخ الإسلامي هو الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، و ساعد انتشار المدارس على التهيأة أكثر للنهضة العلمية العباسية، كما كان من إنجازات الوليد الأخرى أنه أول من أنشأالمستشفيات في التاريخ، و أنشأ إلى جانبها البيرامستانات، و هي دور وظيفتها إيواء المعاقين و ذوي الأمراض العقلية و العصبية، و قد اعتمدت الكثير من المشافي التي أنشأت لاحقاً في قارة أوروبا على نمط و أسس مشافي الوليد بن عبد الملك، و أصبح الأطباء الجدد يتتلمذون على أيدي أطباء هذه المشافي، وكان ذلك البادرة الأولى لولادة المدارس الطبية في التاريخ.
كانت حركات تدوين تاريخ العصر النبوي و الراشدي و حتى الأمويّ نفسه في العصر العباسي في معظمها، غير أنَّ حركة تناقل الأخبار و تسجيلها على نحوٍ محدود بدأت منذ العهد الأموي، و حُفظت بذلك استعداداً لتدوينها في أيام العباسيين. و قد ساهمت في هذه الحركة عدّة عوامل، منها دخول الكثير من الناس من الأمم الأخرى في الإسلام، و قد نقلَ هؤلاء أخبار تواريخ أممهم إلى العرب و رووها لهم، كما ألَّف بعضهم كتباً خاصة تتحدث عن التاريخ و مغازي الرّسول (صلى الله عليه و سلم) منذ تلك الفترة، وهب بن منبه و عروة بن الزبير بن العوام (أوّل من دون سيرة الرسول(صلى الله عليه و سلم)) وكذلك أبان بن عثمان بن عفان و شهاب الزهريّ.

ت‌)فن العمارة:
قبل العصر الأمويّ كان فن العمارة العربي بسيطاً جداً و لم يتسم بالكثير من المعالم و المميزات، و لم تبدأ العمارة الإسلامية باكتساب نمط مختلف أكثر تعقيداً حتى العهد الأموي، غير أن العمارة الأموية جاءت متأثرة كثيراً و شديدة الشبه بالعمارة البيزنطية التي كانت سائدة قبلها في بلاد الشام، بل إنها استنسخت تقريباً معالم الفن المعماريّ البيزنطي في الكثير من الأحيان دون تغيير كبير أو إضفاء صبغة مميزة عليه.
ويُمكن ملاحظة هذا التأثير على سبيل المثال في مسجد قبة الصخرة، فنمطه المعماريّ يشبه إلى حد بعيد النمط البيزنطي المسيحي، و لو أنه مع ذلك يتسم ببعض المميزات الإضافية المتسمدّة من العمارة الإسلامية، فقد أضيفت إليه بعض المعالم الإسلامية مثل القبة و المئذنة فضلاً عن الآيات القرآنية و الأحاديث النبويّة التي أضيفت إلى زخرفاته، و بهذا مزجَ الأمويون الطراز المعماريّ البيزنطي مع العربي فيما أصبحَ الطراز المعماريّ الأمويّ. و قد تميّز هذا الطراز المعماريّبالزخارف و الفسيفساء.و قد اهتم بالعمارة من الخلفاء الأمويين بشكل خاص هشام بن عبد الملك، الذي كان النشاط العمرانيّ في عهده في ذروته.

نظراً إلى ترامي أطراف الدولة الأموية فبطبيعة الحال تفاوتت كثيراً الأنماط و الطرازات المعمارية بين أنحائها المختلفة، التي اعتادت عليها شعوب المناطق المفتوحة حديثاً، و أما «العمارة الأموية» فظهرت في جلها بمنطقة بلاد الشام، مركز الدولة. و قد كانت القصور الأموية التي بنيت في هذه المنطقة فريدة، إذ لا توجد أي دلائل تاريخية أو أثرية على وجود مبانٍ مثلها و بمثل طرازها في الشام قبل الحكم الأموي. و بشكل عام تُعد القصور و المساجد الجامعة الكبيرة أبرز الإنجازات المعمارية في العصر الأموي.
يُعد مسجد قبة الصخرة في مدينة القدس (المبنيّ في عهد عبد الملك بن مروان)وجامع بني أمية الكبير في دمشق (المبنيّ في عهد الوليد بن عبد الملك) اثنين من أشهر و أهم الإنجازات المعمارية الأموية على الإطلاق، كما أن من أبرز الإنجازات المعمارية الأموية أيضاً توسعتا المسجد الحرام في مكة و المسجد النبوي في المدينة المنورة، بالإضافة إلى قصري عمرة (قرب عمّان) والمشتى (قرب أريحا)، كما أنشؤوا مدناً كثيرة من أبرزها الرصافة في الشام و واسط في العراق و قم في فارس و حلوان في مصر و القيروان في تونس.

ث‌)الإقتصاد:
ازدهر الاقتصاد في عهد الدولة الأموية ازدهاراً كبيراً نتيجة للفتوحات الإسلامية الكبيرة التي أدّت إلى توسيع رقعة الدولة و وفَّرت لها موارد هائلة أغنتها و وفرت لها كل حاجاتها. يُوجد عدد محدودٌ من المصادر التاريخية التي تتناول موضوع الاقتصاد الأمويّ، غير أن مثل هذه الكتب تركّز على الاقتصاد من الناحية الفقهية، و أما المصادر التي تبحث ميزانية الدولة و أحوالها المالية في العصر الأموي فهي معدومة تماماً، و لذلك فإن الوسيلة الأساسية لمعرفة الأحوال الاقتصادية في عصر الدولة الأموية هي في دراسة المستوى المعيشيّ العامّ للأفراد مما نقلته كتب التاريخ.
و عموماً فقد كان الاقتصاد الأمويّ كبيراً و مزدهراً، حيث غذته كثيراً الفتوحات الإسلامية الواسعة، فأصبحت الدولة الأموية مسيطرة على أغلب الطرق التجارية‏ الأساسية في العالم القديم، و سيطرت من ثمَّ على الحركة التجارية فيها، فضلاً عن أن ربوعها شملت الكثير من المراكز الزراعية و الصناعية الهامة التي أغنت و أثرت اقتصادها، كما أن توسعها أتاحَ نمو حركة تجارية ضخمة بين ولاياتها بدون عوائق، جعلت نقل البضائع و المتاجرة بها سهلاً و يسيراً، فازدهرت الحركة التجارية في الدولة. إذ شهدت الدولة الأموية حركة تجارية نشطة عبرَ أنحائها المختلفة الواسعة و مع الدول و الإمبراطوريات الأخرى المجاورة على حد سواء. و لم تُقم الدولة أي قيود من أي شكل على كافة أشكال التجارة بين ولايات الدولة نفسها، كما لم تفرض قيوداً أو تقنن بأي شكل التداولات التجارية مع الدول المجاورة، و لم تحتكر أي نوع من البضائع التجارية، و بذلك فإن القوانين التجارية لم تختلف في العهد الأموي كثيراً عما كانت عليه في عهد الخلافة الراشدة.
بشكل عام فقد كانت أغلب المبادلات التجارية في العالم القديم تدور بين أراضي الدولتين الأموية و البيزنطية الكبيرتين المتنازعتين، و قد أدّت القطيعة بينهما نتيجة الحرب إلى شلل كبير في الحركة الاقتصادية خصوصاً في منطقة حوض المتوسط. بلغ الاقتصاد الأمويّ ذروة ازدهاره في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز، حتى أنه يُحكى عن عهده أن عمال الصدقات كانوا يَبحثون عن فقراء ليعطوهم المال فلا يَجدون. و قد وفّرت الدولة في عهده للأفراد خدمات كثيرة و ساعدت على توفير العلاج و إعالة المحتاجين، كما ساعدت الشباب على الزواج و أعانت من يريد تأدية الحج، و غير ذلك من الحاجات.

ج‌) القضاء
يعتقد بعض الباحثين أن الشريعة الإسلامية لم تُطبّق في الأنظمة القضائية والقانونية في الدولة إلا في عهد الخلافة الراشدة، ثمَّ توقفت مع مطلع العصر الأموي، لكن على الرغم من ذلك فإن بعض الباحثين الآخرين - مثل راغب السرجاني -يَميلون في المقابل إلى أن تطبيق الشريعة الإسلامية في القضاء استمرّ أكثر من ذلك بكثير، خلال العصر الأموي كله بل وما بعده أيضاً. من أبرز التطوّرات على الصعيد القضائي والقانوني التي شهدها العهد الأموي أن الخلفاء توقفوا عن التدخل بأنفسهم في القضاء كما كان يَفعل النبي محمد (صلى الله عليه و سلم) والخلفاء الراشدون من بعده، الذين كثيراً ما كانوا يُصدرون الأحكام القضائية بأنفسهم أو يضعون أسسها، غير أن الخلفاء الأمويين استمرّوا بتوجيه قضاء الدولة في ثلاثة أمور لأهميتها الكبيرة، وهي: تعيين القضاة مُباشرة في عاصمة الدولة دمشق، وتعيين وعزل قضاة الدولة والإشراف على أعمالهم والأحكام التي يُصدرونها، والتأكد من التزامهم بالأسلوب القضائي القويم. كما مارس الخلفاء الأمويون بالإضافة إلى ذلك قضاء المظالم وقضاء الحسبة.
كان للقضاة دور كبيرٌ في ضمان سير العدل في الدولة الأموية، وقد خالفوا الخلفاء والولاة أنفسهم عندما لزمَ ذلك ووجهوهم إلى الالتزام بالشريعة الإسلامية، مثل ما حدثَ عندما أراد والي مصر عبد العزيز بن مروان (65-85هـ) أخذ الجزية من المسلمين الجدد، فعارضه قاضي مصر آنذاك «ابن حجيرة» قائلاً:"أعيذك بالله أيها الأمير أن تكون أول من سنّ ذلك بمصر».وقد تحقَّق عدل شبه كامل في كل الجوانب المالية بالدولة عندما جاء عهد عمر بن عبد العزيز. لكن على الرغم من أن دخول المال إلى بيت مال المسلمين كان يَخضع لرقابة كبيرة من طرف القضاة، فإن خروجها منه لم يَكن بالمثل، إذ أن خلفاء بني أمية لم يَتبعوا الخلفاء الراشدين في هذا الأمر، حيث امتنع أولئك تماماً عن الاقتراب من بيت المال أو لمس ما فيه، وأما الخلفاء الأمويون فلم يعد في عهدهم فرق بين بيت مال الدولة وأموالهم الخاصة، وأصبحوا يأخذون منه ما يشاؤون ويغدقون المال على أغراضهم الخاصة، وأصبحوا أثرياء هم وأبناؤهم وعائلاتهم. ولم يصلح هذا الوضع حتى جاء عهد عمر بن عبد العزيز، الذي كبحَ بني أمية ومنعهم من لمس بيت المال، وردّ الأموال إلى أصحابها، وتحرّى العدل في مختلف جوانب الدولة. غير أن أواخر الخلفاء الأمويين مع ذلك انحرفوا مجدداً عن هذا الطريق وأسرفوا في أموال الدولة كثيراً.
اتّبعَ الأمويون نفس أسلوب الخلفاء الراشدين في تعيين القضاة. حيث يَقوم الخلفاء بتعيين قاضٍ على كل إقليم من أقاليم الدولة حسبَ كفاءته وأهليته للعمل. وقد دون بعض هؤلاء القضاة أحاكمهم، مثل قاضي مصر في عهد معاوية بن أبي سفيان «سليم التجيبي» الذي كان أول قاض يدون أحكامه، وقد أصبحت بعض هذه الأحكام فيما بعد قواعد فقهية عندَ تدوين الفقه في العصر العباسي. ومن أبرز القضاة الأمويين: عامر بن شراحيل الشعبيوعبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبي وأبو إدريس الخولاني وعبد الرحمن بن حجيرة وأبو بردة بن أبي موسى الأشعري وعبد الرحمن بن أذينة وهشام بن هبيرة، وآخرون غيرهم.

9) مرحلة السقوط
توفيَّ هشام بن عبد الملك في شهر ربيع الآخر سنة 125 هـ (فبراير سنة 743 م)، وكان آخر من حكمَ من أبناء عبد الملك بن مروان، وبعده آل الحكم إلى جيل الأحفاد، وكانت تلك بادرة انحطاط الدولة. وقد كان حُكم جيل الأحفاد - المرحلة الثانية من عصر المروانيين - عهداً توقَّفت فيه الفتوحات بعد كل ما حقّقته في العقود الماضية، وغرقت الدولة عوضاً عن ذلك في صراعاتها ونزاعاتها الداخلية. وقد كان وليُّ عهد هشام هو الوليد بن يزيد، حيث عينه والده يزيد بن عبد الملك ولي عهد ثانٍ نظراً إلى صغر سنه آنذاك، ولكن حتى عندما توفي هشام بعد عقدين كان لا يَزال شاباً يعيش حياة لهو وترف على شاكلة والده، ولم تكن لديه مؤهلات كافية للخلافة، وقد كان عهد الوليد الثاني هو بداية انحطاط وسقوط الدولة الأموية.
كان هشام يُخطط في عهده لوضع ابنه مسلمة ولياً للعهد بدلاً من الوليد، الذي لم يَرى فيه أهلاً للخلافة (على الرغم من أن مسلمة لم يَكن مختلفاً كثيراً في لهوه وترفه عن الوليد في الواقع)، وقد أيّده بعض من حوله في ذلك، مما أخاف الوليد من أن يُدبر هشام لقتله، لكن الأجل وافى هشام قبل أن يَحدث ذلك، فاستغلَّ الوليد الفرصة وأخذ الخلافة لنفسه، ثمَّ أخذ بملاحقة من أيّد تنصيب مسلمة ولياً للعهد مكانه وانتقمَ منهم مستغلاً سلطاته كخليفة. وقد أدت انتقامات الوليد هذه إلى ثوران بعض القبائل التي انتمى إليها ضحاياه، والتي طالبت بالثأر، فاجتمع عدد كبيرٌ منها، وأيّد القدرية الثورة لأنها كانت ضد حكم بني أمية، وقد استمال هؤلاء يزيد بن الوليد، فقادهم وجمعَ 1,000 رجل في دمشق بعدَ أن عرض عليهم الكثير من المال، ثمَّ سار إلى منزل الخليفة فقبضَ على الوليد وقتله إذ أنه لم يَكن يملك حامية كبيرة، وكان ذلك في شهر جمادى الآخرة سنة 126 هـ (أبريل سنة 744 م)، وقد فتحَ مقتله باب فتن كبيرة عصفت بالدولة. حاولَ يزيد الثالث أن يَكون خليفة صالحاً وزاهداً على طريقة عمر بن عبد العزيز، فحاول التقشف، وأعادَ رواتب الجند إلى ما كانت عليه بعد أن رفعها الوليد في عهده، فأغضبَ هذا الجند الذين منحوه لقب "الناقص"، وقد فجعَ كثيرون آخرون بمقتل الخليفة ولم يُبايعوا يزيد، ولذلك فقد أخذت الدولة بالتدهور سريعاً في عهده، وسُرعان ما توفيَّ بعد حكم دام ستة أشهر وفي السنة نفسها التي تولى فيها الخلافة، بعدَ أن نصَّب أخاه إبراهيم بن الوليد ولياً للعهد بناءً على طلب القدرية.
اضطَّربت الأوضاع كثيراً عند وفاة يزيد، حيث رفضَ الكثير من الناس بيعة أخيه إبراهيم واعتبروه هو ويزيد مسؤولين أساسيّين عن مقتل الوليد والفتن التي فجرها، وهُنا تدخل مروان بن محمَّد(ابن عم إبراهيم ويزيد ووالي أرمينيا وأذربيجان) وسارَ إلى دمشق على رأس جيش من 80,000 جنديّ، وكان قد أتاها من قبل في أيام يزيد، لكن ذاك استرضاه ووعده بالإصلاح، ولكنه عزمَ هذه المرة على خلع الخليفة، ودخل المدينة في شهر ربيع الآخر سنة 127 هـ (745 م)، فهربَ منها إبراهيم، وبويع مروان بالخلافة.
كان مروان بن محمد خليفة قوياً ذو حنكة وكفاءة عاليتين في إدارة الدولة، وكان قائداً عسكرياً ذا خبرة عالية خاضَ حروباً طويلة مع البيزنطيين، وميّزه ذلك عن الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، غير أن الأوان كان قد فاتَ لإصلاح أمور الدولة، وكانت قد سقطت بالفعل في فوضى ونزاعات داخلية عارمة، ولذلك فقد كانت نهايتها في عهده هو. عندما بُويع مروان بالخلافة كان من الأشياء الأولى التي فعلها هي نقل العاصمة من دمشق إلى مدينة حران في الجزيرة، إذ أنه لم يَثق بمن في الشام، وكانت ثقته محصورة بمساعديه وقادته الذين عرفهم وتعامل معهم لسنوات طويلة خلال ولايته على أرمينيا وأذربيجان،غير أن هذا التصرف جاء بعواقب وخيمة. حيثُ ثار عليه أهل الشام، فبدأت الثورة من فلسطين، ثم زحفت إلى دمشق فحمص، وبذلك خسرَ تأييد أهل الشام أنفسهم وهم أنصار الأمويين الأساسيين، مع أنه سُرعان ما سار وقمع الثورة، لكن لم تستكن الأمور، فقامت الثورات واحدة تلو الأخرى، مرة في الجزيرة واليمن سنة 127 هـ، وأخرى في الموصل سنة 129 هـ، ثم في أفريقية في سنتي 131 هـ و132 هـ، فضلاً عن الانقسامات الداخلية بين القبائل العربية المختلفة وداخل البيت الأمويّ نفسه. وقد أنهكت هذه الثورات المتتالية مروان، فأخذ يَتنقل من منطقة إلى منطقة يُحاول السيطرة على الدولة ومنعها من الانهيار، لكنه تفاجأ وهو غارق في صراعاته الداخلية يَقمعها واحداً تلو الآخر بالمدّ العباسي يأتي من المشرقفيكتسح خراسان فالعراق، فسار إليهم ووقعت معركة الزاب الكبير في شهر جمادى الآخرة سنة 132 هـ (750 م) وقد كانت هذه المعركة هي نهاية الدولة الأموية وسُقوطها، وقُتلَ مروان بعدها ببضعة شهور.

أخذ العباسيون بعدَ قيام دولتهم بمُلاحقة بني أمية وقتلهم، ولذلك فقد فر الكثير منهم بعيداً محاولين النجاة بأنفسهم. وقد كان من بين هؤلاء عبد الرحمن الداخل، الذي فرّ إلى الأندلس، وأعلنَ استقلاله بها وتأسيس ولاية أموية في قرطبة سنة 138 هـ (755 م) وقد تمكَّن الأمويون من البقاء بهذه الطريقة، فأسسوا الدولة الأموية في الأندلس، وظلُّوا يحكمونوها زهاء ثلاثة قرون، غير أن مصيرها في النهاية كان السقوط سنة 422 هـ بعد أن تفككت الأندلس إلى إمارات صغيرة مستقلة.
10) عوامل سقوط الدولة الأموية
أ‌) العصبية العربية:اتسمت سياسة الأمويين بالاعتماد علىالعرب وتمييزهم على غيرهم. وأدت هذه السياسة إلى نفور كثير من العناصر غير العربيةمن الأمويين وانضمامها إلى الأحزاب المعارضة للحكم الأموي، مثل الشيعةوالخوارج.
ب‌) العصبية القبلية:بالرغم من أن الإسلام سعى إلى القضاءعلى العصبية القبلية وأحل محلها رابطة الإخاء الإسلامي. فقد أطلَّت القبلية برأسهافي عهد الأمويين من جديد ولكن في نطاق ضيق، نتيجة لسياسة بعض الأمويين التي قامتعلى تفضيل قبائل دون أخرى. فاحتدم الصراع بين القبائل المضرية والقبائل اليمانية،وقامت بسبب هذا بعض الفتن والثورات، خاصة في عهد الوليد بن يزيد بن عبدالملك.
ت‌) ولاية العهد:سعى معاوية إلى أخذ البيعة لابنه يزيد دفعاًلفتنة محتملة. وقد أصبح هذا النهج سنة اتبعها كل خلفاء الدولة الأموية، وأدى ذلكإلى وقوع نزاع بين أبناء الأسرة الأموية. فمثلاً انتقم سليمان بن عبدالملك من كل منكانوا يشجعون أخاه الوليد على خلعه من ولاية العهد، حتى قتل من بينهم اثنين من أعظمقواد الفتوح الإسلامية، هما: محمد بن القاسم الثقفي وقتيبة بن مسلم. وترتب على هذاانشقاق في البيت الأموي، فكانت فرصة ثمينة لمن رغب في إسقاط حكمهم.

11) جدول الخلفاء والحكام الأمويين







------------------------------------------
مراجع البحث:
1) ويكيبيديا الموسوعة الحرة
2) الموسوعة العربية العالمية








 


رد مع اقتباس
قديم 2016-01-09, 16:00   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
آلاء الرحمآن
عضو جديد
 
الصورة الرمزية آلاء الرحمآن
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
شكرا على هذا الطرح المميز .. ~









رد مع اقتباس
قديم 2016-01-11, 16:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
على المنهج
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية على المنهج
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك واثابك على مجهودك الطيب
اريد ان انصح كل من يريد معرفة تاريخ الدولة الاسلاميه
يستمع للشيخ يوسف الدعيج دروس في قمة الروعه










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأمنية, الدولة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:52

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc