التسرب في القانون الجزائري - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التسرب في القانون الجزائري

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-18, 18:06   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 التسرب في القانون الجزائري

خطة البحث

مقدمة

المبحث الأول: مفهوم التسرب.
• المطلب الأول: تعريف التسرب
• المطلب الثاني: الشروط الشكلية والموضوعية للتسرب
• المطلب الثالث: سير عملية التسرب وضوابطها

المبحث الثاني: أساليب وصور عملية التسرب.
• المطلب الأول: أساليب التسرب
• المطلب الثاني: صور عملية التسرب

المبحث الثالث: مجالات التسرب وصفات القائم به.
• المطلب الأول: مجالات التسرب
• المطلب الثاني: صفات القائم بعملية التسرب

المبحث الرابع: أطر التحقيق في التسرب و وسائله.
• المطلب الأول: أطر التحقيق في التسرب و وسائله
• المطلب الثاني: الوسائل التقنية المستعملة في عملية التسرب

المبحث الخامس: أهداف عملية التسرب والآثار المترتبة عنها.
• المطلب الأول: أهداف عملية التسرب
• المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن التسرب

خاتمة

مقدمـة
الجريمة ظاهرة اجتماعية حتمية في حياة المجتمع واحتمالية في حياة الفرد، لازمت الإنسان منذ وجوده وتشعبت صورها وأخطارها وازداد انتشارها رغم وسائل الوقاية والعلاج المختلفة والمتطورة التي شرعتها المجتمعات لمكافحتها، فكلما توصل الإنسان إلى إيجاد أحسن السبل الملائمة لرفاهيته، كان في المقابل يستطيع أن يعتمد عليها وان يوظفها في تحقيق أهداف غير مشروعة وصارت الجريمة وصورها الحديثة في واجهة الأحداث.

انطلاقا من هذا الواقع المضطرب سعت المجتمعات على ضوء هذه التغيرات والتطورات إلى وضع السياسات الجزائية الفعالة للحد من انتشار هذه الجرائم لوضع الاليات الكفيلة لمواجهتها ميدانيا، وعلى غرار العديد من الدول حاول المشرع الجزائري أن يضع بين يدي رجال القوة العمومية ترسانة قانونية تمكنهم من التحرك للحد من انتشار هذه الجرائم المتفاقمة كما ونوعا وهو ما يعكسه التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية رقم: 06/22 المؤرخ 20/12/2006.
والذي جاء بعد طول انتظار وكبير تأخر على اعتبار أن الجريمة في الجزائر تعددت صورها في ظل غياب الآليات الميدانية الفعالة لمكافحة الجريمة خاصة في فترة التسعينات من القرن الماضي وتوجهه الدولة إلى مكافحة الإرهاب الأعمى.
يعالج موضوع بحثنا عدد من الجرائم المعروفة بخطورة آثارها على المجتمع وهي تقنية التسرب والتي تم تناولها في الباب الثاني من الفصل الخامس من المادة 65 مكرر 11 إلى غاية 65 مكرر 18 من قانون الإجراءات الجزائية رقم : 06/22 المؤرخ 20/12/2006.
ولبيان مفهوم هذه التقنية الجديدة وأهميتها و كيفيات ممارستها وأهدافها والآثار المترتبة عنها قسمنا بحثنا إلى خمسة مباحث.



حيث بينا في المبحث الأول تعريفا للتسرب وشروط إجرائه شكليا وموضوعيا وكذا ميدانيا، وتناولنا أساليب وصور التسرب في المبحث الثاني وعرضنا في المبحث الثالث لمجالات التسرب وللصفات الواجب توفرها في القائمين به وحددنا في المبحث الرابع الأطر القانونية التي يتم من خلالها إجراء عملية التسرب، على أننا أتينا في مبحث خامس على ذكر الأهداف المتوخات من انتهاج هذه العملية وتوضيح الآثار المترتبة على القيام بها، وخلصنا في الخاتمة إلى تسجيل النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذا البحث المتواضع الذي كان إجابة على الإشكالية التالية: ما هي ماهية التسرب كأداة للتحري والتحقيق وجمع الأدلة وأهدافه؟
والحاصل في منهجية البحث أن سلكنا الطريقة التوثيقية الموضوعية التحليلية المقارنة.
توثيقيــة: من حيث تتبع النصوص القانونية في مصادرها.
موضوعية: لأنها تعتمد على محتوى النصوص القانونية مع مراعاة الأمانة العملية.
تحليليـــــة: لاعتمادنا على مناقشة الآراء والنصوص.
مقارنـــــة: لأنها لا تقتصر على قانون واحد ويظهر من خلال الإتيان على ذكر القانون الفرنسي.
غير أننا لاندعي تطبيق المنهج بجميع مبادئه ،وقد اعترضتنا عدة صعوبات من جنس ما يلاقيه كل باحث من عدم وفرة المراجع بحوزتنا، وعدم سهولة الالتقاء والتنقل للأيام الدراسية المقامة من قبل المجالس القضائية والتي تناولت موضوع بحثنا، وبذلنا لإنجاز هذا البحث ما أمكننا بذله لجعله مساهمة بسيطة في موضوع سيكون بلا شك مجالا للنقاشات والإثراء لأهميته ولقد تناولناه على النحو التالي:

المبحث الأول: مفهوم التسرب
• المطلب الأول: تعريف التسرب
أمام التطور المذهل الذي عرفته الإنسانية في أواخر القرن الماضي خاصة في المجال التكنولوجي والمعلوماتي والرقمي صار من الضروري التفكير في آليات جديدة لمواجهة المستجدات خاصة وأن الجرائم اختلفت أنواعها وصورها بحيث وضعت أجهزة الأمن أمام تحديات كبرى دفعت بالمشرع إلى تبني نصوص قانونية وإجراءات في مجال التحري الجنائي والتحقيقات لمكافحة أخطر الجرائم وهو ما عرفه القانون رقم : 06/22 المؤرخ في 20/02/2006 خاصة في تقنية التسرب.
- ماذا نعني بالتسرب؟
1- التسرب لغة:
تجيء كلمة تسرب من تسرب تسربا أي دخل وانتقل خفية وهي الولوج والدخول بطريقة متخفية إلى مكان ما أو جماعة ما وجعلهم يعتقدون بأنه ليس غريبا عنهم وإشعارهم بأنه واحد منهم وهو ما يمكنه من معرفته انشغالاتهم وتوجهاتهم (1).
2- التسرب قانونيا:
تناول المشرع الجزائري التسرب في مادة 65 مكرر12 من قانون 06/22 المؤرخ في: 20/02/2006 بأنه "يقصد بالتسرب قيام ضابط أوعون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل أو شريك أو خاف "ولقد تطرقت عديد التشريعات الجزائية إلى هذه التقنية في التحري خاصة الدول الصناعية فنص قانون الإجراءات الجزائية الفرنسية عليها في سبعة مواد وهذا من نص المادة : 81/706- إلى 87/706" ونص المادتين 7/694 و9/694 ،كما تناول المشرع الجزائري التسرب كأسلوب للتحري الخاص وأطلق عليه مصطلح الاختراق وهذا في قانون المتعلق بالوقاية من الفسادومكافحته رقم 06/01.في المادة 56منه.




(1) ورد التسرب في الفصل الخامس من الباب الثاني من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري وتقابله الكلمة Infiltration في اللغة الفرنسية ، وتم تناول ذات المصطلح في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته كأسلوب خاص للتحري بكلمة الاختراق ويقابله بالفرنسية Infiltration وهو ما يجعل المشرع يقصد بالكلمتين ذات المعني في نصها الفرنسي .

وعليه فالتسرب عملية يحضر لها ومنظمة بدقة تامة تستهدف أوساطا معينة قائمة على
دراسة لها بحيث يتم الوقوف على أدق خصوصيتها وتفاصيلها بهدف معرفة طبيعة عملها وكيفية تحركها من الناحية البشرية والمادية ويقوم بها ضابط الشرطة القضائية أو أحد أعوانه تحت مسؤوليته بمراقبة الأشخاص المشتبه (1) في ارتكابهم إحدى الجرائم المنصوص عليها حصرا في القانون وذلك بعد استيفاء جميع الشروط الشكلية والموضوعية ولا يتم اللجوء إليها إلا عند الضرورة الملحة التي تقتضيها إجراءات التحري والتحقيق تحت رقابة القضاء(2) .

3-التسرب ميدانيا:

المقصود به ميدانيا هو التوغل داخل مكان أو هدف أو تنظيم يصعب الدخول إليه أو ما يسمى بالمكان المغلق لكشف النوايا الجماعات الإجرامية (3).
وترتكز هذه العملية على عنصرين هما:
1- الحصول على صورة حقيقية على الوسط المراد استهدافه من خلال هذه العملية وهذا من حيث:
- طبيعيته – سيره – أهدافه، ويتم ذلك من خلال الإجابة على العناصر التالية:
- تاريخ هذه الجماعة نشأتها – من هم العناصر المكونين لها (سيرتهما الشخصية، سوابقهم العدلية).
- اختصاصات كل فرد من عناصرها.
- قواعدهم الأصلية.
2- يتم هذا العنصر من خلال تعميق البحث والتحري حول هذا الوسط ونشاطاته، وذلك بالبحث في الوسائل التي يعمل بها مثل وسائل النقل – الاتصال، أماكن الاتصال وتحديد نقاط القوة والضعف لهذه الجماعات.
كما يجب من الجهة المقابلة بعد دراسة الوسط المستهدف اختيار الأشخاص المناسبين الذين يتوفرون على قدرات تمكنهم من التسرب داخل هذا الوسط وتوفير مجموعة الوسائل المادية والتقنية لانجاح هذه العملية على أن يتم اختيار الوقت المناسب لذلك لأن عامل الوقت حاسم في نجاح العملية أو فشلها ،، ويراعى في كل هذا وجوب توفير الحملة اللازمة التي تبعث الثقة في نفس القائم بها وهذا بعد استكمال
مجموعة من الإجراءات القانونية التي اشترطها المشرع لاتمام هذه العملية وإلا اعتبرت كل الإجراءات باطلة(4) .




(1) يقصد بالمشتبه فيه الشخص الذي تتوفر ضده قرائن تجعله محل شبهة يكون محلاً لإجراءات التحريات الأولية.
(2) أنظر محمد حزيط مرجع سابق ص 72
(3) شويرف يوسف – التسرب كأسلوب للتحري والتحقيق والإثبات مجلة المستقبل – تصدر عن مدرسة الشرطة طيبي العربي سيدي بلعباس جويلية 2007
(4) مختاري عائشة – التسرب – محاضرة ألقيت في اليوم الدراسي علاقة الشرطة القضائية بالنيابة العامة واحترام حقوق الإنسان – 2008بمدرسة الشرطة طيبي العربي سيدي بلعباس

المطلب الثاني: الشروط الشكلية والموضوعية لعملية التسرب

لإتمام التسرب ونظرا لأهميتها ومساسها بحريات الأفراد وضع لها المشرع شروطاً يجب مراعاتها والتقيد بها من أجل احترام الشرعية الإجرائية من جهة وتسهيل مهام القائمين لبلوغ أهدافهم وهذا يظهر من خلال احترام الإطار الشكلي والموضوعي لهذه العملية ، ونشير إلى أن المشرع الفرنسي قد تناول شروط عملية التسرب في المادة 83/706 من قانون الإجراءات الجزائية الفرسي وتتضح شروط اجراء عملية التسرب في قانون الاجراءات الجزائية الجزائرية من خلال النقاط التالية:
أ‌- أسباب اللجوء إلى عملية التسرب:
نظرا لخطورة عملية التسرب على القائمين بها فإن المشرع قد جعل اللجوء إليها لا يتم إلا إذا دعت الضرورة الملحة لجمع البيانات و الاستدلالات وجمع الأدلة وهذا في نطاق الجرائم المحدد حصرا في القانون وهو ما يعكسه نص المادة 65 مكرر 11
نص المادة:" عندما تقتضي ضرورات التحري أ و التحقيق في احدئ الجرائم المذكورة في المادة 65مكرر 05 اعلاه ، يجوز لوكيل الجمهورية او لقاضي التحقيق ، بعد اخطار وكيل الجمهورية ، أ ن يأذن تحت رقابته حسب الحالة بمباشرة عملية التسرب ضمن الشروط المبينة في المواد ادناه ."
وعليه فإن أسباب اللجوء عملية التسرب تتمثل في ضرورات التحري والتحقيق.
ب‌- الجهات صاحبة الاختصاص بمنح الإذن بالتسرب 1)
بما أن التسرب يتم دوماً من قبل ضابط الشرطة القضائية أو عون ا الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية حسب نص المادة 65 مكرر12 فإنه يلزم هذا الأخير بتقديم طلب مسبق يبين فيه أسباب اللجوء إلى عملية التسرب ويقدمه إلى الجهات المخولة قانونا بمنح الإذن بمباشرة عملية التسرب والتي حددتها المادة 65 مكرر11وهي :





(1) عمر خوري – شرح قانون الإجراءات الجزائية – طبعة 2007 ص 37.
وكيل الجمهورية :
الذي يمثل النيابة العامة على مستوى المحاكم وبالرجوع إلى نص المادتين 35 و36 من قانون الإجراءات الجزائية التي تبين أن مهامه هي مباشرة والأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم وهذا سيتم التحقيق في حالة التلبس أو التحقيق الأولي ويكون تنفيذا للتعليمات النيابية.
قاضـي التحقيـق:
والذي تناط به إجراءات التحقيق والتحري ، وكل إجراء يقوم به قاضي التحقيق يخطر به النيابة العامة ، وطبيعة العلاقة التي تربط قاضيالتحقيق بالضبطية القضائية تتم في إطار الإنابة القضائية التي تناولها المشرع في نص المادة 138 من قانون إ.ج والتي أجاز فيها لقاضي التحقيق تكليف ضابط الشرطة القضائية القيام بما يراه لازما من إجراء التحقيق وفي و في نص المادة 65 مكرر 11 نجده أجاز لقاضي التحقيق الإذن بالتسرب وإخطار وكيل الجمهورية بهذا الإذن ، حيث يقوم ضابط الشرطة القضائية بمباشرة هذا الإجراء بعد إذن قاضي التحقيق في إطار الإنابة القضائية(1).
ج- الإذن:
محرر رسمي صادر من جهة مختصة تتمثل متمثلة في وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق(2) مسلمة إلى جهة مختصة متمثلة في ضابط الشرطة القضائية وهو إجراء شكلي اشترطه المشرع في نص المادة 65 مكرر15.
نص المادة:" يجب أن يكون الاذن المسلم تطبيقا للمادة 65مكرر 11اعلاه ، مكتوبا ومسبب وذلك تحت طائلة البطلان .
تذكر في الاذن الجريمة التي تبرر اللجوء الى هذا الاجراء وهوية ضابط الشرطة القضائية الذي تتم العملية تحت مسؤوليته.
ويحدد هذا الاذن مدة عملية التسرب التي لايمكن ان تتجاوز اربعة (04) أ شهر .
يمكن ان تجدد العملية حسب مقتضيات التحري او التحقيق ضمن نفس الشروط الشكلية او الزمنية .
ويجوز للقاضي الذي رخص باجرائها ان يامر ،بوقفها قبل انقضاء المدة المحددة.
تودع الرخصة في ملف الاجراءات بعد الانتهاءمن عملية التسرب "
1. الكتابة: ويقصد بالكتابة إيراد محتوى هذه الرخصة في ورقة وصياغته فيها بحيث تحتوي الرسميات الخاصة بالجهة المصدرة الإذن (الترويسة – الرقم – الحتم والتوقيع – الموضوع ).
2. تحديد طبيعة الجريمة: كما اشترط المشرع وجوب تحديد طبيعة الجريمة المراد كشف القائمين بها كسبب ومبرر للقيام بعملية التسرب والمحددة حصرا بنص المادة 65 مكرر 5.
3. تحديد هوية ضابط الشرطة القضائية المسؤول عن العملية: حين أوجب المشرع تحديد هوية ضابط الشرطة القضائية الذي يقوم بالعملية أو الذي يشرف على تنفيذها وتكون تحت مسؤوليته (الاسم واللقب – الصفة – الرتبة – المصلحة).
4. تحديد المدة الزمنية للعملية: والتي حسب نص المادة 65 مكرر15 يجب أن لا تتجاوز 04 أشهر ويتم تمديدها تبعا لمقتضيات التحري والتحقيق في نفس الشروط الشكلية والموضوعية.


1- انظر في هذا لمواد 40-138من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري
2- شويرف يوسف –مرجع سابق

د- السبب:
كما أشرنا سابقا أن اللجوء إلى عملية التسرب مرتبط بضرورات التحري والتحقيق التي تفرضها طبيعة بعض الجرائم، والسبب نعني به تلك المبررات التي يوردها ضابط الشرطة القضائية في طلب الإذن بعملية التسرب للجهات القضائية من أجل إقناعهم بمنح الإذن لإجراء هذه العملية وهو ما يدعو ضابط الشرطة القضائية إلى تأسيس طلبه على عدد من العناصر والحييثيات التي تبرر هذا الإجراء وتقنع الجهات القضائية بالإذن بمباشرته(1)
علما بأن الإذن المكتوب والمسبب اشترط المشرع إيداعه بملف الإجراءات المنجز عند نهاية عملية التسرب وكل ما يتم بخلاف ذلك يقع تحت طائلة البطلان حسب نص المادة 65 المكرر 15 وعليه فإن عدم احترام الشروط السابقة سابقا يجعل كل الجرائم محل العملية باطلة ويعرض القائمين بها إلى متابعات قضائية وجزاءات لمخالفتهم النصوص القانونية الضابطة لهذا الإجراء.
هـ - الجهات المختصة لمباشرة عملية التسرب:
خول نص المادة 65 مكرر 12 الضبطية القضائية القيام بعملية التسرب بشكل عام في شخص ضباط الشرطة القضائية وأعوان الشرطة القضائية بشكل خاص ويتمتع بصفة ضابط الشرطة القضائية من جاء ذكرهم في نص المادة 15 من ق. إ. ج.
ونستثني منهم لاعتبارات ميدانية رؤساء المجالس الشعبية البلدية بالإضافة إلى مساعدتي ضباط الشرطة القضائية وهم الأعوان الذين جاء ذكرهم من مادة 19 من ق. إ. ج.
والأعوان يمارسون عملية التسرب ميدانيا تحت مسؤولية ضباط الشرطة القضائية المكلفين بتنسيق العملية و الصادر بأسمائهم الإذن بالتسرب وتحت مسؤولياتهم ، كما أنه ورد في نص المادة 65 مكرر13 والمتعلقة بتحديد الأشخاص المكلفين في عملية التسرب كلمة المسخرين إلى جانب ضباط الشرطة القضائية وأعوان الشرطة القضائية وذلك في نص المادة 65 مكرر 14.
ويقصد بالمسخر كل شخص من الجنسين يراه ضابط الشرطة القضائية القائم بتنسيق عملية المتسرب مفيدا في إنجاز مهمته(2) وهنا يبقى التقدير لضابط الشرطة منسق العملية تحت رقابة القضاء.


(1) عائشة مختاري – مرجع سابق.
(2) شويرق يوسف – مرجع سابق.


المطلب الثالث: سير عملية التسرب وضوابطها
على اعتبار أن عملية التسرب منسقة ومنظمة تهدف إلى مراقبة أشخاص مشتبه بهم في بعض الجرائم المحددة قانونا في المادة 65 مكرر5 فقرة 3 فإنه يجب على الضابط المنسق للعملية أن يحدد عناصر سيرها بدقة وهذا من أجل نجاح العملية ويتم ذلك من خلال تحديد:
من حيث تحديد المسؤولية في عملية التسرب:
انطلاقا من نص المادة 65 مكرر12 فإن مسؤولية سير عملية التسرب تقع على عاتق ضابط الشرطة القضائية الذي يتولى عملية التنسيق والتفكير والتحضير والتنظيم لهذه العملية وكل ما يترتب عليها من إجراءات يكون هو المسؤول عنه كما لهذا العامل الأثر في نجاح العملية ميدانيا.
من حيث تحديد الجهة المختصة برقابة عملية التسرب:
بالرجوع إلى نص المادة 65 مكرر 11 فإن الجهة التي خولهاالقانون منح إذن مباشرة التسرب هي ذاتها المخولة لرقابة سير عملية التسرب بحيث أن وكيل الجمهورية بصفته مديرا للشرطة القضائية في دائرة اختصاصه حسب نص المادة 12 من ق. ا.ج.ج، وقاضي التحقيق باعتباره سلطة تحقيق قضائية يتوليان مهمة مراقبة سير عملية التسرب وقد أجاز لهما المشرع الأمر بوقفها قبل انتهاء المدة المحددة في إذن التسرب وهو ما يعد أداة لرقابة في يد الجهة القضائية مصدرة الإذن بالتسرب.
من حيث الاختصاص المحلي والإقليمي:
يعرف الاختصاص الإقليمي بأنه الرقعة الجغرافية التي يمكن أن تباشر فيها عملية التسرب والذي جاء في نص المادة 16 /07 وهو ما يعتبر خروجا على نص المادة 06 منه والتي فيها المبدأ العام الذي يقتضي ممارسة ضباط الشرطة القضائية لاختصاصهم المحلي في الحدود التي يباشرون فيها وظائفهم المعتادة(1) وهذا راجع إلى طبيعة الجرائم وخطورتها ويعملون تحت إشراف النائب العام لدى المجالس القضائية المختصة إقليميا ويعلم وكيل الجمهورية المختص إقليميا بذلك في جميع الحالات ونشير هنا إلى أن المشرع الفرنسي تناول الاختصاص المحلي والإقليمي في قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي في المادة 7 / 694 والمادة 82 /706 وقد أجاز القيام بإجراء عملية التسرب خارج ترابه الوطني وفي المقابل سمح بإمكانية مباشرتها من قبل عناصر الأمن لمصالح دول أخرى على أرضه وفق اتفاقيات وإجراءات خاصة(2).








(1) عمر خوري – شرح قانون الإجراءات الجزائية ص 46 – 47
(2) مستفادة من شبكة الإنترنت www.interieur.gouv.fr
بالرجوع إلى نص المواد المتعلقة بمباشرة عملية التسرب فإن المشرع قد أجاز للقاضي الذي يمنح الإذن بمباشرتها أن يراعي في ذلك الوقت الكافي لإتمامها على أن لا يتجاوز 04 أشهر وهو ما ورد في نص المادة 65 مكرر5 فقرة 3 وهذا كأصل عام على أنه أشار إلى إمكانية تمديدها عندما تتقضي ذلك ضرورات التحري والتحقيق في إطار احترام نفس الشروط الشكلية والموضوعية الواجب توفرها في الإذن أي أن يراعي في إذن التمديد نفس شروط الإذن وهذا يتم في حال اقتناع الجهة المانحة للإذن بالمبررات الواردة في طلب التمديد(1).

من حيث التزامات منسق عملية التسرب(2)
يلزم ضابط الشرطة القضائية في عملية التسرب بالتزامات أملتها عليه طبيعة هذه العملية إضافة إلى ما يمليه عليه عمله كضابط للشرطة القضائية حيث يلتزم في هذا الإطار بما يلي:
أ‌- تحريـر تقريـر:
يلزم كل ضابط للشرطة القضائية أثناء قيامه بعملة لتحرير محاضر وموافاة وكيل الجمهورية بها وهذا كأصل عام حسب نص المادة 18 من ق.إ.ج وتختلف التسميات أنواع المحاضر بحسب الإجراء المنجز وفي إطار عملية التسرب خصيصا نجد نص المادة65 مكرر13 نصت صراحة على انه يقع على عاتق ضابط الشرطة القضائية المسؤول عن العملية تحرير تقرير كتابي يتضمن بيان جميع العناصر المتعلقة بالعملية ويجب عليه أن يراعي في إعداد هذا التقرير مراحل العملية كاملة في ضل احترام التسلسل الزمني وإيراد جميع المعلومات ذات الصلة كالأفعال المجرمة ويأتي التقرير على ذكر ما يلي:







(1) مختاري عائشة – مرجع سابق
(2) نقصد بالالتزامات المتعلقة بعملية التسرب بشكل خاص ولم نشر إلى باقي الالتزامات المعروفة بشكل عام والمحددة في القانون الخاص لموظفي سلك الأمن
- تحديد هوية العناصر المشتبه في تورطهم في العملية (أسماؤهم - ألقابهم المستعارة منها الأفعال المجرمة و المعاقب عليها) .
- ذكر كل طرف مشتبه فيه في الأفعال المجرمة. الوسائل المستعملة (نوعيتها وتحديدها كالسيارات – الآلات ) الأدلة المحجوزة وتحديدها.
- تحديد الأماكن – العناوين التي تم استعمالها (أماكن التخزين – طرق التوزيع).
- تحديد الكيفيات التي بها وعبرها تتم مخادعة رجال الأمن وعليه فإن تناول مجريات عملية التسرب تبقى بتفاصيلها من بدايتها إلى نهايتها ، وقد ألزم ضابط الشرطة القضائية بتحرير التقرير الكتابي دون سواه ممن قاموا بعملية التسرب (العون) لأنهم يقومون بهذه المهمة تحت تنسيقه ومسؤوليته في كل الأحوال(1) .
جواز سماع منسق عملية التسرب كشاهد:
طبقا لنص المادة 5 مكرر 18 فإن المشرع الجزائري أجاز لجهات التحقيق القضائي سماع ضابط الشرطة القضائية الذي يتم تحت تنسيقه ومسؤوليته عملية التسرب طبقا للشروط المذكورة سابقا وهذا في أي مرحلة في مراحلها وهذا دون السماع الأشخاص الذين يباشرون هذه العملية تحت مسؤوليته وهم عون الشرطة القضائية أو الأشخاص الذين يسخرون لهذه المهمة وهذا راجع لكونه.
1- هو من يتمتع بصفة الضبطية القضائية.
2- هو من يسلم الإذن باسمه وتحت مسؤوليته.
3- وهو ما لا يتوفر في من يقومون بها تحت مسؤوليته.








(1) عائشة مختاري – نفس المرجع.

المبحث الثاني: أساليب وصور عملية التسرب
• المطلب الأول: أساليب التسرب
تتم عملية التسرب في الأوساط المحددة قانونيا عبر أسلوبين وهذا جاء في نص المادة 65 مكرر 12 وهذا من خلال.
أ- الجهة المخولة بمنح هذا الإذن.
ب- الجهة القائمة بتنفيذ هذه العملية.
أ- الأسلوب الأول: والذي يمارس من خلال الصور التالية:
1- التي يصدر فيها الإذن بالتسرب من وكيل الجمهورية إلى ضابط الشرطة القضائية(1) والذي يتولى بنفسه تنفيذالعملية وهذا لا يخرج عن نطاق أساليب التحري والتحقيق الوارد في المادة 65 مكرر 5 والتي جاء فيها (إنه لمقتضيات التحري والتحقيقات في الجريمة الملتمس بها ...).
2- وهذا يتم في إطار التحقيق طبقا لنص المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية التي تشكل إطارا لإجراءات التحري في حالة التلبس.
3- التي يصدر فيها الإذن من وكيل الجمهورية إلى ضابط الشرطة القضائية الذي يتولى تنفيذ العملية والتي نجد إطارها القانوني في نص المادة 63 من ق .أ . ج والتي تتحدث عن التحقيق الأولي الذي هو شكل من أشكال التحقيقات التي ينفذها ضابط الشرطة القضائية بمجرد علمهم بوقوع الجريمة أو بناءا على تعليمات نيابية أو بناءا على تعليمات من رؤسائه.
4- والتي يصدر فيها الإذن بالتسرب من قاضي التحقيق إلى ضابط الشرطة القضائية والتي يحكمها نص المادة 38 من ق. إ .ج..
ب- الأسلوب الثاني: والذي يتضح من خلال الصورتين التاليتين :
1- والتي يصدر فيها الإذن بالتسرب من وكيل الجمهورية إلى ضابط الشرطة القضائية منسق العملية وتحت مسؤولية ينفيذهاعون الشرطة القضائية(2) وهذا يتم في إطار حالتي التلبس والتحقيق الأولي(3)
2- والتي يصدر فيها الإذن بالتسرب إلى ضابط الشرطة القضائية منسق العملية وينفذها تحت مسؤوليته عون الشرطة القضائية في إطار الإنابة القضائية.

(1) المعنيون بهذا الأسلوب هم ضباط الشرطة المذكورين في نص المادة15من ق.إ.ج.باستثناء رؤساء المجالس الشعبية البلدية لاعتبارات ميدانية.
(2) المعنيون بهذا الأسلوب هم أعوان الشرطة القضائية المذكورين في نص المادة 19 من ق . أ . ج.
(3) يتم هذا في ضل نص المادة 41 من ق.إ. ج في حالتي التلبس والتحقيق الأولي ونص المادة 138 من ق . إ . ج في حالة الأنابة القضائية.
• المطلب الثاني: صور التسرب.
ونقصد بالصور الطرق التي يمارس في ضلها القائم بعملية التسرب عمله والأفعال التي أذن له القانون القيام بها ويتم ذلك من خلال الصور التالية:
1. المتسرب كفاعل:
طبقا لنص المادة 65 مكرر 12 نص المادة: (يقصد بالتسرب قيام ضابط أو عون شرطة قضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتباكهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف .... الخ ) والمقصود بالفاعل هو ما جاء بيانه في نص المادة 41 من ق.ع (كل من يساهم مساهمة مباشرة في تنفيذ الجريمة أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إساءة استعمال السلطة الولائية أو التحليل أو التدليس الإجرامي).
ومنه يقصد به أن يوهم المتسرب الفاعل المشتبه فيهم بأنه فاعل يحتل مركزا مباشرافي تنفيذ العمل الاجرامي، وهنا يجب أن نمييزبين من يقوم با يهام غيره ومن يحرضهم على القيام بذلك لأن المقصود بالايهام هو مسايرة المشتبه فيه في مسلكه الإجرامي حتى يضبط ويداه في الجرم، وهذا مشروع لأنه لا يبدو فيه تدبير من المتسرب أو دفعا له للقيام بالجريمة وهذا النوع من الايهام هو تحريض للحصول على دليل وليس بتحريض على الجريمة نفسها لا يوجه لأفراد لم يكن لديهم أيه فكرة قائمة على الجريمة(1).
وفي هذا الإطار يقول الدكتور فتحي سرور (يجوز لرجال الشرطة تشجيع من يتوفر لديهم الاستعداد لارتكاب الجريمة بقصد ضبطهم وذلك في جرائم محددة من الجرائم الخطيرة إذا اقتضت الضرورة بالإلتجاء إلى هذا التشجيع الذي لا يصل إلى حد التحريض في سبيل ضبط الجناة(2) ).
وهو نفس الموقف الذي تبناه المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائرية في نص المادة 65 مكرر 12 منه في عبارة (لا يجوز بأي شكل تحت طائلة البطلان هذه الأفعال تحريضا على ارتكاب الجرائم).
وفي نفس الاتجاه ذهب جانب من الفقه وأقره في ذلك المؤتمر الدولي السابع لقانون العقوبات الذي عقد في أثينا سنة 1957 حيث خلص إلى إن التحريض لا يتوفر إلا إذا كان هو الدافع الى الجريمة وأما تدخل رجل السلطة العامة لكشف الجريمة لا يعد تحريضا.






(1) عبد العال خراشي – ضوابط التحري والاستدلال عن الجرائم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي – الدار الجامعة للنشر الإسكندرية مصر – 2006 ص 212.
(2) المرجع نفسه أورده الدكتور فتحي سرور في المجلة الجنائية القومية تحت عنوان (التحريض على ارتكاب الجرائم كوسيلة لضبط الجنات) 123 سنة 1963 صفحة 211 المرجع نفسه صفحة 211.

2. المتسرب كشريك:
وهي الصورة الثانية التي يتم فيها المتسرب عمليته من اجل كشف مرتكبي الجرائم المنصوص عليه قانونا حيث يقوم المتسرب بإيهامهم بأنه شريك معهم حسب ما جاء في نص المادة 65 مكرر 12 من قانون إ .ج وبالرجوع إلى نص المادة 42 من قانون العقوبات التي تعرف الشريك كالأتي : (يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك اشتراكا مباشرا ولكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك) كما يدخل في حكم الشريك بحسب نص المادة 43 من قانون العقوبات كل من (يؤخذ حكم الشريك من اعتداء أن يقدم مسكنا أو ملجأ أو مكانا للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي) .
وعليه فالمتسرب في صورة الشريك يقوم بإيهامهم المشتبه فيهم من خلال قيامه بالأعمال التحضيرية المستعملة أو المساعدة أو المنفذة لهذه الجرائم أو تقديم مسكن آو ملجأ ... الخ مسايرتهم في السلوك الإجرامي إلى حين الايقاع بهم متلبسين بجرمهم.
3. المتسرب كخاف:
هي الصور ة الثالثة التي يقوم فيه المتسرب بمهمته من خلال إيهام مرتكبي لجرائم سالفة الذكر بأنه واحد منهم وذلك من خلال إخفائه للأشياء التي تتم عملية اختلاسها أو تبديدها فيها وقد تم تحصيلها من خلال ارتكاب هذه الجرائم سواءً كليا أو جزئيا وطبقا لنص المادة 387 من قانون العقوبات الجزائري التي تعرف فعل الإخفاء كالتالي (كل من أخفي عمدا أشياء مختلسة أو مبددة أو متحصلة من جناية أو جنحة في مجموعها أو جزء منها يعاقب عليها ...) كما وردت صورة إخفاء في نص المادة 43 من قانون 06/01 المؤرخ في 20 /02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته " كل شخص أخفى عمدا كلا أو جزءا من العائدات المحصل عليها من إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. "
الأعمال المأذون بها للمتسرب:
هي عدد من الأفعال المادية والوسائل المختلفة الغايات التي تسهل للمتسرب مهمته وتوهم مركبي الجرائم المذكورة سابقا بأن المتسرب الفاعل الشريك الخافي هو من أفراد هذه الشبكة الإجرامية وتبعد كل شك في مهمته وقد نصت المادة 65 مكرر14/2 في الفقرة الثانية على بعض الأفعال التي إذن بها القانون للمتسرب القيام بها وهي تعقبهم من مسؤولية جزائية المترتبة على القيام بهذه الأفعال أو استعمال هذه الوسائل وهي(2):

- اقتناء أو حيازة – نقل أو تسليم .
- إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو المستعملة في ارتكابها .
- استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي الجرائم .
- وسائل ذات الطابع القانوني - الوسائل ذات الطابع المالي - وسائل النقل - وسائل التخزين - وسائل الإيواء - وسائل الحفظ - وسائل الاتصال .



(1) عائشة مختاري المرجع السابق.
(2) يمتد الإعفاء من المسؤولية الجزائية إلى الأشخاص الذين يتم تسخيرهم للقيام بهذه العملية.
المبحث الثالث: مجالات التسرب وصفات القائم بها
• المطلب الأول: مجالات التسرب طبيعة الجرائم
إن التطرق لعملية التسرب أو مباشرة العمل هذا أسلوب مرتبط بطبيعة الجرائم حيث أن المشرع الجزائري أجاز اللجوء إلى هذا الإجراء في إطار محدد وخصصه للجريمة الحديثة التي سميت بالجرائم الخطيرة دون غيرها من باقي الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات أو القوانين الأخرى المجرمة لبعض الأفعال طبقا لما جاء في القانون 06/22 هذا القانون الذي جاء معدلا ومتمما لقانون الإجراءات الجزائية الجزائري أجاز اللجوء إلى عملية التسرب كوسيلة تحري خاصة في جرائم محددة حددها سبعة وهي:
1- جرائـــم المخـــدرات:
تعتبر جرائم المخدرات من أبرزانواع الإجرام المنظم ، وهي أكثر انتشارا في المجتمعات النامية ويقدر الخبراء عدد ضحايا المخدرات بحوالي 320 مليون مدمن في كل أنحاء العالم وقد تعتمد زراعة المخدرات وتهريبها والاتجار غير المشروع بها في معظم الأحيان على العنف والإجرام.
وإن أهم عصابات المخدرات تتركز في كولومبيا ويمكن اخذ فكرة عن العنف المستخدم في الجرائم من خلال ما يلي:
- لقد أصبح تجار المخدرات يمتلكون ويسيطرون على كل شئ وإنه يمتلكون عدة أساطيل نقل بحرية وبرية وعشرات الطائرات وعدت مطارات ومئات المنشآت البحرية وشبكات تهريب دولية وأجهزة تصنت في غاية الدقة ويديرون أعمالهم بواسطة الكومبيوتر ولديهم خبراء في شتى المجالات(1).
ففي الجزائر ولمكافحة هذه الجريمة أورد المشرع الجزائري صور هذه الجرائم ضمن القانون رقم 18/04 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 تحت عنوان الوقاية والمخدرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروع وأقر المشرع لها 39مادة أو نص قانوني حيث عرف المخدر هو كل مادة طبيعية كانت أو اصطناعية واعتبرت مؤثرا عقليا أو سلائف أو مستحضر أو قنب أو نبات القنب أو حشائش أو خشخاش الأفيون أو شجيرة الكوكا ويعاقب فيها على الأفعال الآتية:
الاستعمال غير المشروع ، الزراعة ، الإنتاج ، الصنع ، الاستيراد ، النقل ، الحيازة .... الخ.

(1) مجلة الجيش إعداد بوعلام الجريمة المنظمة الوجه الأخر للإرهاب الدولي ص 09.
2- الجريمة المنظمة العابرة للحدود:
يستخدم تعبير الجريمة المنظمة ليعكس أكثر من معنى بواسطة الباحثين .فالبعض يستخدمه ليعكس مجموعة العلاقات غير القانونية بينما يستخدمه البعض الأخر لكي يعكس مجموعة الأنشطة غير القانونية التي تقوم بها مجموعات معينة وعليه فإن الجريمة المنظمة تظهر بهدف القيام بمجموعة من الأنشطة التي يوجد لها طلب مستمر والفرق بين الجريمة العادية والجريمة المنظمة هو أن أصحاب الجريمة المنظمة يهدفون أساسا إلى السيطرة على الهيكل العام للاقتصاد التحتي وعلى أن المنظمة الإجرامية تتصف بأن نشاطاتها تقوم على أساس احتكار في منطقة النفوذ .
ويرى الفقيه Fioreentim أن الجريمة المنظمة تتكون من المنظمات التي لها القدرة على الاستمرارية وذات التسلسل الهرمي في هيكل الترتيب من حيث المسؤولية والقيادة وتشترك في العديد من الأنشطة الإجرامية(1) .
أما فيما يخص التعريف الشامل والواسع لمنظمات الجريمة المنظمة صدر عن الأنتربول سنة 1988 أنها كل مؤسسة أو مجموعة من الأفراد تمارس نشاطها دائما غير شرعي لا تعترف بالحدود الوطنية والهدف الأول الأساسي هو تحقيق الربح والفائدة(2).
ومن أهم مميزات الجريمة المنظمة(3).
- تنظيم هرمي متدرج - الاستمرارية - استخدام العنف والتهديد - المرونة البالغة - تزايد التحالفات الإستراتيجية والتكتيكية بين مختلف المنظمات الإجرامية والتخطيط - التطور المتزايد والمتلاحق في النشاط الإجرامي - احتكار بعض الخدمات والسلع واحتكار السيطرة.
وقد أقر المشرع الجزائري عن بعض الجرائم الخاصة بها، فجرائم التهريب المنصوص عليها في الأمر رقم 05 /06 المؤرخ في 23 /08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب حيث نصت المادة 10 من هذا الأمر على جريمة تهريب البضائع، أما المادة 14 نصت على تهريب الأسلحة.
ومن الجرائم التي تعد منظمة وعابرة للحدود: شبكات الهجرة الغير شرعية، الشبكات الدولية في المتاجر في الأعضاء البشرية، والشبكات الدولية للدعارة، شبكات تهريب الآثار والتحف التاريخية ... إلخ.

(1) الدكتور محمد ابراهيم السقا غسل الأموال واقتصاديات الجريمة المنظمة ص 01
(2) مجلة الجيش إعداد بوعلام (الجريمة المنظمة ) ... رجب 1423 الموافق ل أكتوبر 2002
عدد 471 ص08.
(3) مجلة الشرطة عدد 65 – جويلية – 2001 تصدر عن م ع أ و
3- الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآتية للمعطيات: (الجرائم الإلكترونية)
بالرغم من الايجابيات الكبيرة للانترنت إلا أنه مع مرور الوقت بدأت السلبيات في الظهور حيث إستغل القراصنة لصوص المعلومات شبكة لتبدأ (جرائم الانترنت) التي غيرت من مفهوم الجريمة العادية لتصبح أشد تأثيرا وأسرع انتشارو تنوعا والأهم أن ضبط مرتكبها واقامة الدليل عليهم يكاد يكون مستحيل، فجرائم الانترنت وصلت إلى حد تشويه صور الدول والتجسس عليها واهانة الديانات وتهريب المخدرات بالإضافة إلى الجرائم اللا أخلاقية والجرائم المالية مثل النصب في عمليات التجارة الالكترونية واستغلال الأرقام السرية لكثرة الائتمان في سحب أرصدة أصحابها.
فرغم زيادة جرائم الانترنت فقي الفترة الأخيرة إلى أن هناك عجزاً تشريعيا في مواجهتها سواءً المدنية في تحرير عقود البيع والشراء عبر الشبكة أو ما يسمى بالتجارة الالكترونية حتى الآن مازالت العبرة بالمستندات الورقية المكتوبة، أما بالنسبة للجرائم التي لا يوجد بيانات عن مصدرها وترتكب بواسطة مجهولين بإرسال الفيروسات أو سرقة معلومات أو التجسس فتدرج تحت بند الأضرار بالمجتمع إذا ارتكبت عن طريق مقاهي الانترنت فإن الاستحالة ما لم يكن تحديد لاسم الشخص ورقم الجهاز وساعة دخوله على الشبكة وذلك في سجلات بالمقهى(1).
وقد نص المشرع الجزائري عن هذه الجريمة في قانون العقوبات ضمن القسم السابع من الفصل الثالث الباب الثاني الكتاب الثالث الجزء الثاني طبقا للقانون رقم 4/5 المؤرخ في 10/11/2004 ضمن المواد من 394 مكرر إلى المادة 394 مكرر 7 ومن الأفعال المعاقب عليها ما يلي: (إدخال أو إبقاء عن طريق الغش في كل جزء من أجزاء المنظومة، للمعالجة الآلية للمعطيات أو يحاول ذلك، حذف وتغيير لمعطيات المنظومة، تخريب أشغال المنظومة ، إزالة وتعديل عن طريق الغش معطيات آلية، القيام عن طريق الغش بتصميم أو بحث أو تجميع أو توفير أو نشر أو اتجار في معطيات مخزنة أو معالجة أو مرسلة عن طريق منظومة معلوماتية عمداً، حيازة أو إفشاء أو نشر أو استعمال عن طريق الغش للمعطيات المتحصل عليها). أضاف المشرع مقرراً نفس العقوبات لمحاولة في هاته الجرائم وكذا قرر عقوبات على الشخص المعنوي المرتكب لذات الجرائم.



(1) رويترز تقرير خاص بالانترنت سنة 2001 ص 2
4- الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف:
جاءت هذه الجرائم ضمن الأمر رقم 96/22 المؤرخ في 09/07/1996 المتعلق بقمع مخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج المعدل والمتمم للأمر رقم 03/01 المؤرخ في 19/02/2003 والقانون رقم 03/08 المؤرخ في 14/06/2003 أين تناولها المشرع في 16 مادة وعاقب على مرتكبيها وكذا على المحاولة في ارتكابها حيث عرفها على أنها (تعتبر مخالفة أو محاولة مخالفة للتشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج بأية وسيلة كانت ما يأتي: التصريح الكاذب، عدم مراعاة التزامات التصريح، عدم استرداد الأموال للوطن، عدم مراعاة الإجراءات المنصوص عليها أو الشكليات المطلوبة، عدم الحصول على تراخيص المشترطة أو عدم احترام الشروط المقترنة بها) كذلك (بيع وشراء واستيراد أو تصدير أو حيازة سبائك ذهبية، قطع ذهبية نقدية، أحجار أو معادن نفيسة دون مراعاة التشريع والتنظيم المعمول بها . . . إلخ).
5- جرائم الفساد:
إن المشرع أورد نصوص قانونية خاصة بجرائم الفساد ضمن القانون رقم 06/01 المؤرخ في 20/02/2006 من أهمها (رشوة الموظفين العموميين الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية، الرشوة في مجال الصفقات العمومية، رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية، الإعفاء والتخفيض القانوني في الضريبة والرسوم، اختلاس الممتلكات من قبل موظف عمومي. أو استعمالها على نحو غير شرعي، الغدر، استغلال النفوذ، إساءة استغلال الوظيفة، تعارض المصالح، أخذ فوائد بصفة غير قانونية، عدم التصريح أو التصريح الكاذب بالممتلكات، الإثراء غير المشروع، تلقي الهدايا، الرشوة في القطاع الخاص، تبييض العائدات الإجرامية إخفاء العائدات المتحصل عليها من جرائم الفساد ... إلخ).
6-غسيل الأموال:
يعد غسيل الأموال ظاهرة قديمة النشأة منذ احتياج الإنسان إلى إخفاء مصادر الكسب التي حصل من خلالها أموال غير مشروعة، غير أن عملية غسيل الأموال قد تزايد بصورة كبيرة عندما اتسع نشاط الجريمة المنظمة والذي صاحبه في الوقت ذاته استخدام أساليب أكثر كفاءة في عمليات الإخفاء، حيث تحتاج عملية الغسيل في العصر الحديث إلى مهارات خاصة واستخدام أساليب عدة للنجاح في الحصول على مستند رسمي لملكية الأموال بصورة قانونية وتهدف عمليات غسيل الأموال إلى إخفاء المصدر الأساسي للأموال والبحث عن تغطية قانونية لأصل أو ملكية الأموال ثم الحصول عليها بصورة غير قانونية حيث يبدو في النهاية كأنها أموال ثم الحصول عليها من مصادر قانونية.
مراحل عمليات غسيل الأموال:
أولاً- التوظيف: تعد عمليات التوظيف الحلقة الأولى في سلسلة عمليات غسيل الأموال وتمثل جوهر عمليات التوظيف في اختيار المكان الذي تتم فيه عملية الغسل اما من خلال إدخال النقود في نظام مصرفي أو في تجارة قانونية أو غير ذلك من الأساليب(1).
ثانياً- الخلط: ويقصد بالخلط فصل النقود عن مصدرها غير القانوني وتمريرها عبر عدة معاملات مالية معقدة تجعل عملية تتبع أثر تلك الأموال مسألة مستحيلة أو مضيعة للوقت، على سبيل المثال تحويلها من وإلى عدة حسابات.
ثالثاً- الدمج: أي دمج هذه الأموال مع الأموال الأخرى ذات المصادر القانونية وبالتالي إيجاد مبرر معقول لتفسير ملكياتها ويمكن أن يطلق عليها عملية التجفيف للأموال القذرة وعملية الدمج للأموال المعمولة في الاقتصاد تتم من خلال جعل هذه الأموال تبدوا وكأنها أموال تم اكتسابها بصورة قانونية.
ويمكن القول أن لا أحد يعلم إلا الله قدرة هذه الأموال التي يتم غسلها سنويا لعدم وجود تشريعات وقوانين مكتملة، والتشريع المتكامل هو ذلك التشريع الذي يتجنب ويتبع ويجمد ويصادر مكاسب المنظمات الإجرامية الناجمة من تجارة المخدرات حسب بيان الأمم المتحدة حيث توجد أكثر من 70% من الدول لا تملك التشريع الكافي و اللازم لمكافحة الجريمة(2).
وقد أدرج المشرع الجزائري هذه الجريمة في القسم السادس مكرر من الفصل الثالث الباب الثاني الكتاب الثالث الجزء الثاني من قانون العقوبات الجزائري طبقا للقانون.






(1) - د- محمد إبراهيم السقا غسيل الأموال واقتصاديات الجريمة المنظمة ص 02.
(2) Sommet des chefs G www.fr 2001 p15

رقم 04/05 المؤرخ في 10/11/2004 في المواد من 389 مكرر إلى المادة 383 مكرر 07 ولها أربعة صورة (تحويل الممتلكات أو نقلها مع العلم بأنها عائدات إجرامية بالإخفاء أو تمويه المصدر أو المساعدة ....).
(إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها …..مع العلم أنها عائدات إجرامية )
(اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع العلم أنها عائدات إجرامية )كما يعاقب القانون على المشاركة في ارتكاب جرائم تبييض الأموال بالتواطؤ أو التأمر أو المحاولة أو المساعدة أو التحريض أو التسهيل أو المشورة.
وكذا القانون رقم 05/01 المؤرخ في 06/02/2005 المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها وأورد له 36مادة.
7- جرائم الإرهاب:
لقد تعددت الجهود الفقهية قصد اعطاء تعريف خاص للارهاب نأخذ على سبيل المثال : جيفا نوفيتش الذي عرفه على أن: (الأعمال التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بخوف من خطر ما بأية طريقة ) وينظر الفقيه لينكون للإرهاب بمنظور عام باعتباره (يمكن تخويف الناس بمساعدة أعمال العنف ) أما الفقيه جونس باج فيعرف الإرهاب (بأنه الاستعمال العمدي للوسائل القادرة على إحداث خطر عام تتعرض له الحياة أو السلامة الجسدية أو الصحية أو الأحوال العامة) استقراءا لمختلف هذه التعريفات الخاصة بالإرهاب يمكن الملاحظة أنها متقاربة إلى حد ما، فكلها تقريبا تعرف الإرهاب بالإستناد إلى عنصر شخصي هو نشر الرعب وعنصر مادي هو استعمال وسائل قادرة على خلق حالة من الخطر العام.
إن الإشارة التي لا بد منها هي أن القوانين والمراسيم والأوامر تعتبر من التوثيق المفتوح وعليه هي في متناول العام والخاص باحثا أكاديميا كان أو مختصا أمنيا لذلك نختص في معالجة هذا المطلب على ذلك المحاور الأساسية التي آل إليها المشروع الجزائري تدعيما لعمليات مكافحة الهدم والإرهاب وسنداً شرعيا وقانونيا لعمل مصالح الأمن.
وهذه الجرائم نص عليها قانون العقوبات ضمن القسم الرابع مكرر تحت عنوان (الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخزينية) من الفصل الأول الباب الأول من الكتاب الثالث الجزء الثاني.
وذلك من المادة 87 مكرر إلى 87 مكرر 09 والتي جاءت ضمن الأمر رقم 95/11 المؤرخ في 25/02/1995.
حيث صنفها من بين الأفعال التي عدت أعمالا إرهابية (كل فعل يستهدف أمن الدول، الوحدة الوطنية، السلامة الترابية، استقرار المؤسسات) وهذا بـ (بث الرعب، خلق انعدام الأمن من خلال الاعتداءات المعنوية والجسدية على الأشخاص، عرقلة حركة المرور والتنقل ...، الاعتداء على رموز الدولة والجمهورية ...، الاعتداء على المحيط ...، حيازة أسلحة أو ذخيرة أو متفجرات أو مواد متفجرة أو الاستيلاء عليها والمتاجرة فيها ...، دون رخصة من السلطات المختصة، وضع متفجرات في مكان عمومي، التقتيل الجماعي ... إلخ من الأفعال).

• المطلب الثاني: صفات القائم بعملية الشرب:
إن مهمة المحافظة على النظام العام قد أوكلت إلى هيئات محددة قانوناً وتقتضي البحث عن الجرائم والتحري عنها وتقصي آثار المجرمين والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاء جرمهم بعد محاكمة عادلة، ولكن الاضطلاع بهذه المهمة ليس بالأمر الهين بل يتطلب أن يتوفر بالقائمين بها على مهارات وقدرات ومعارف للقيام بهذه المهمة الصعبة ولأن مواجهة الجريمة بكل أشكالها يقتضي الموازنة بين مصلحتين مصلحة المجتمع في ضمان الأمن والنظام والعيش في طمأنينة ومصلحة الأفراد عامة والمشتبه فيهم على وجه الخصوص لأنها تمس حقوقهم وحرياتهم خاصة إذا تعلق الأمر بتقنية التسرب التي يباشرها ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية والتي تستهدف التوغل في الوسط الإجرامي واختراقه ونظراً لطبيعة الجرائم والأوساط المستهدفة من خلالها فإن المتسربين فيها يشترط أن يتمتعوا بجملة من الصفات والميزات النفسية والميدانية وكذا الجسمانية من أجل نجاح هذه المهمة فما هي هذه الصفات؟.
أ - الصفات الجسمانية:
1- المظهر العام للمتسرب:
ونعني به القيام بدراسة الوسط الطبيعي الذي تجري فيه عملية التسرب ومعرفة طبائع المجتمع والأفراد وعلى أساس ذلك يقوم المتسرب باختيار ملابسه وطريقة مشيته وسلوكياته الخارجية وأسلوب كلامه حتى يتناسب مع بيئة و منطقة ومحيط ووسط العمل وذلك حتى يسهل فيها مظهره تغطية مسؤولية إتمام العملية في فعالية ونجاح.
2- القدرة على انتحال الصفات الجسمانية:
وهي تلك الصفات التي قد تتطلبها عملية التسرب في التخفي والتنكر الطبيعي مثل إدعاء العرج أو العمى أو الشلل.
3- قوة الملاحظة وقوة الذاكرة:
وهو أن يكون القائم بعملية التسرب متميز بدقة الملاحظة في كل ما يقع تحت نظره وسرعة تسجيلها في ذاكرته مما يمكنه بعد ذلك في استرجاعها عند نقل كل ما حصل عليه من معلومات وما شاهده من وقائع.
ب - الصفات النفسية:
1- الصبر والمثابرة:
وهما صفتان تتطلبهما عملية التسرب الغير محددة بمدى زمني واضح حيث يستوجب على القائم بعملية التسرب بذل جهد غير متناهي وتحمله كل الصعاب والعوائق التي تعترض طريقه أثناء أداء عمله وتحليه كذلك بالمثابرة على العمل الدؤوب والمتواصل حتى ينجز ماتقتضيه متابعة تسلسل الوقائع العملية من جهد.
2- الشجاعة:
وهو أن يكون شجاعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى كما هي صفة تتطلبها بعض المواقف الخطرة التي يجب أن يقدم عليها القائم بعملية التسرب على اجتيازها في مخاطرة محسوبة مفادها الشجاعة غير المتهورة التي تأخذ حساباتها نوعية المخاطر وإمكانية التغلب عليها بالقدرات المتاحة والمتوفرة لدى المتسرب.
3- الذكاء وسرعة الخاطر:
إن القائم بعملية التسرب يجب عليه فهم ومعرفة كل الإشارات المباشرة وغير المباشرة وما يحصل عليه من معلومات ووقائع من داخل الوسط المتسرب إليه وسرعة التلبية العقلية والذهنية لتوقع كل الانعكاسات والتداعيات المختلفة من أجل تفاديها وإيجاد الحلول والسبل للخروج من الوضع الصعب التي قد تدفع إليها عملية التسرب.
ج- الصفات الميدانية (العملية):
1- الأداء العصبي الهادئ للعمل:
وهو أن يكون المتسرب متميز بالصبر وضبط الأعصاب وذلك بالابتعاد عن كل الانفعالات المحتملة بسبب انقطاع سبل التحري أو الاتصال كما يكون كذلك بسبب ما يفعله المجرمون من مشادات أو تشاجر التي يقصد من شأنها إفشال عملية التسرب أو كشفها.
2- الحرص على عدم التأثر خلال العملية بالإرهاق الجسدي أو النفسي:
ويكون هذا بسبب الميول الثقافي أو العقائدي أو التأثر بالمركز الاجتماعي أو الاقتصادي لأي من الأطراف المتحرى عنها أو تأثره بالحب أو الكراهية لأي من هذه الأطراف مما قد يجعله ينحرف عمدا أو يبتعد بغير قصد عن مسار العملية، كما يجب أن يكون بعيدا عن الشعور بالملل والكسل والخمول وروح الاتكال.
3- التعجيل في تكوين الفكرة والتشبث بها:
إن القائم بعملية التسرب قد يخفق في الوصول إلى بعض المعلومات القانونية والميدانية فيسارع في بناء فكرة عن كيفية، وقوع الجريمة أو الأفعال الإجرامية أو شخصية المشتبه فيهم، ويوجه جهده في التحري بتأثره بهذه الفكرة المستعجلة مما يدفعه في الغالب إلى مسالك ودروب خاطئة يصر على السير فيها رغم ظهور دلائل التحريات المثبتة لخطأ الفكرة المتشبث بها.
4- الخبـــرة:
وهو أن يكون المتسرب ذا خبرة مهنية لا بأس بها ومن الذين عركتهم الحياة وكسبوا تجارب قيمة كما يقصد بها كذلك المكتسبات المهنية والقدرات العملية والميدانية حيث تتناسب الحياة العادية الاجتماعية، وكذا المهنية في التحري والتخفي والتكتم على الوظيفة والمهنة الحقيقية كلها عناصر فعالة في تصرفات المتسرب مع الفئة أو الوسط المتسرب في وسطه ،والتي تدرك من خلال صفاته الداخلية والخارجية المتعامل بها.

المبحث الرابع: أطر التحقيق في التسرب ووسائله
• المطلب الأول: أطر التحقيق في التسرب
بالرجوع إلى ق إ ج لاسيما المادة 12التي جاء فيها أن مهمة الضبط القضائي(البحث والتحري عن الجرائم وجمع الأدلة والبحث عن مرتكبيها) يقوم بها رجال القضاء والأعوان والموظفون حسب النصوص التفصيلية ويتولى إدارة ها ته الأعمال وكيل الجمهورية، ويشرف عليها في حدود المجلس القضائي النائب العام وأوكلت الرقابة لغرفة الاتهام بذات المجلس.
فنصوص ق.إ.ج تطرقت إلى ثلاث آليات رئيسية في تحقيقات الضبطية القضائية ألا وهي: حالة التلبس التحقيق الابتدائي، الإنابة القضائية، ومن خلال ها ته الآليات سنتطرق قي أي آلية تتم عملية التسرب؟.
1. التحقيق الابتدائي: (1)
يعد التحقيق الأولي شكل من أشكال التحقيقات التي ينفذها ضابط الشرطة القضائية ويساعده في ذلك عون الشرطة القضائية، وهو الوسيلة المعتادة التي يبلغ بواسطتها النيابة عن الجرائم التي يعانيها والتي يحقق فيها طبقا لإجراءات الجريمة الملتبسة أو بموجب إنابة قضائية أو بناءا على تسخيره من الوالي ، وتتميز إجراءات هذا التحقيق بالسهولة من حيث الشكليات، وليس للمحقق بموجبها حق استعمال التدابير القسرية.
ها ته الحالة التي تناولها المشرع الجزائري في المادة 63 ق إ ج وما يليها من نصوص ، وهي في شكل تحريات أولية مسبقة يقوم بها ض.ش.ق بمجد علمه بالجريمة إما من تلقاء نفسه أو بناءا على تعليمات النيابة او شكوى وهنا يكون القصر أو الإكراه نسبي ماعدا في إجراء التفتيشات والوقف تحت النظر حيث هناك خروج على المبدأ العام في الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المادة 65 مكرر05 رضا الشخص والتوقيت حيث نص المشرع ضمنيا في نفس النص على أنه (لمقتضيات التحري في ... أو التحقيق الابتدائي ... في جرائم المخدرات الإرهاب ... الخ)، بإذن من وكيل الجمهورية يمكن القيام بإجراء التسرب من حيث مراقبة الأشخاص وطبيعة الجرائم في ها ته الحالة يقع عبئا تبرير الإجراء على عاتق ض.ش.ق أو وكيل الجمهورية الجزائرية.(2)














(1) أحمد غاي - مرجع سابق ص – 156 وما يليها
(2) محافظ الشرطة: عائشة مختاري. – مرجع سابق

2-حالةالتلبس:
توصف الجناية أو الجنحة في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها ، كما تعتبر الجناية أو الجنحة متلبس بها إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح، وتتسم بصفة التلبس في كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين.
في حين نص المشرع الجزائري على حالات التلبس والإجراءات التي يخولها القانون لضباط الشرطة القضائية في الباب الثاني من قانون الإجراءات الجزائية تحت عنوان "في التحقيقات" والفصل الأول منه تحت عنوان في الجنايات أو الجنح المتلبس بها وتلك الإجراءات تنص عليها المادة 41/62 من قانون الإجراءات الجزائية.(1)
وبرجوع إلى نص المادة 65 مكرر5 والتي أقرت بصراحة أنه إذا اقتضت ضرورات التحري في الجريمة المتلبس بها وذلك في جرائم المخدرات أو الإرهاب وكذا الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف وكذا جرائم الفساد ... وبربطها بنص المادة 65 مكرر11 أنه عندما تقتضي الضرورات يجوز لوكيل الجمهورية أو لقاضي التحقيق ، بعد أخطار وكيل الجمهورية أن يأذن تحت رقابته حسب الحالة بمباشرة عملية التسرب في الجرائم السالفة الذكر.
نستخلص أن هاته الحالة يكون التحقيق في حالة التلبس طبقا لنص المادة 41 ق.إ.ج حيث أن هاته الحالة قد تكون طبيعة ومفهوم القصر والإكراه خاصة ولضابط الشرطة القضائية صلاحيات واسعة في ممارسته وفي شتى صور حالات التلبس (السماع، التفتيش، الوقف تحت النظر... الخ) وهنا يقع على عاتق ض.ش.ق تقديم أسباب اللجوء إلى هذا الإجراء ضمن الطلب المدرج في الإذن. (2)



















(1) محافظ الشرطة – عائشة مختاري – مرجع سابق.
(2) أحمد غاي – مرجع سابق –ص 137 وما يليها.

3. الإنابة القضائية:
وفي هذا الإطار أي الإنابة القضائية أو التفويض هو إجراء بواسطته يكلف أحد القضاة قاضيا آخر أو أحد ضباط الشرطة القضائية بالقيام بإجراءات تحقيق محدد في مضمون الإنابة نظرا لاعتبارات أهمها السرعة في استكمال التحقيق ولصحة الإنابة القضائية يجب توافر أربعة شروط هي1)
1- أن يكون صادرا عن مختص بمباشرة إجراءات التحقيق، كأن يفوض قاضي التحقيق مثلا أحد ضباط الشرطة القضائية للقيام ببحث اجتماعي للمتهم الذي هو ضروري والزامي في الجنايات، أو أن يفوض قاضي آخر في حالة ما إذا تطلب صورة تحقيق، مباشرة أحد إجراءاته خارج نطاق الاختصاص المكاني.
2- يجب أن تكون الإنابة متعلقة بدعوى تدخل في نطاق الاختصاص المكاني للقاضي المناب وفي إجراء يدخل في نطاق اختصاصه النوعي.
3- تصدر الإنابة إلى الشخص الذي له صفة ضباط الشرطة القضائية قانونيا ولكن هنا لايمنع ضابط الشرطة القضائية الاستعانة في القيام بالإجراءات المطلوبة منه بمرؤوسه بشرط أن يتم ذلك بحضوره وتحت إشرافه.
4- أن يكون موضوع الإنابة محددا تحديدا دقيقا ومتعلقا بإجراءات معينة كتفتيش منزل المتهم، فلا يجوز الإنابة إلى التحقيق كله إذا يعتبر ذلك تخليا من المحقق عن صلاحياته أو عمال تحقيقه تتعدى لزوميات الكشف عن الحقيقة. حيث أنه لا يجوز الإنابة في الاستجواب في المواجهات المادة 139 ق.إ.ج فقرة ثانية وكذا عدم جواز سماع المدعي المدني في الإنابة.
حيث يتم الندب عند استحالة القاضي القيام بهذا الإجراء بنفسه لاعتبار الزمان أو المكان، حيث أن التسرب هو إجراء للتحري والتبيين والتحقيق أيضا ، وعليه المشرع أورد ضمن المادة 56 مكرر11 عبارة (ضرورات التحري أو التحقيق) أي أجاز لقاضي التحقيق وهذا طبعا في إطار الإنابة القضائية منح الإذن بمباشرة عملية التسرب بعد اخطار ووكيل الجمهورية لذات المحكمة حيث نستنج ان اجراء عملية التسرب في ها ته الحالة هي في إطار الإنابة القضائية وذلك بالاستناد بنص المادة 138 و65 مكرر11 من قانون الإجراءات الجزائية.(2)














(1) عمر خوري – مرجع سابق – ص 54 – 55
(2) محافظ الشرطة / مختاري عائشة – مرجع سابق.

المطلب الثاني : الوسائل التقنية المستعملة في عملية التسرب:
من أجل القيام بعملية التسرب وإنجاحها فإن المشرع قد أجاز استعمال أساليب وطرق خاصة أتاحت بدورها إمكانية اللجوء إلى استخدام عدد من الوسائل والتقنيات في الأصل غير مسموح بها قانونا لأنها تعتبر مساسا بمبدأ حرمة الحياة الخاصة الذي أقرته الشرائع السماوية والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان وتضمنته الدساتير في موادها(1) وقد وردت استثناءات على هذا الأصل على اعتبار أن هذه الجريمة (حرمة الحياة الخاصة) ليست مطلقة بل نسبية نظرا لتدخل المشرع بواسطة القواعد الإجرائية لتقيد هذه الجريمة أحيانا لتغليب المصلحة العامة والمتمثلة في حسن تسيير التحريات والتحقيقات القضائية لغرض الوصول إلى الحقيقة على المصلحة الخاصة والمتمثلة في ضمان الأسرار الخاصة بالأفراد(2).
وهو ما فرضته طبيعة الجرائم الخطيرة التي دفعت المشرع إلى تقرير وتعيين تقنيات وأساليب جديدة تتم في إطار عملية التسرب بحيث يكون ما يتوصل إليه من خلالها أدلة إثبات قضائية فما هي هذه الوسائل المسموح باستعمالها في عملية التسرب؟

1- اعتراض المراسلات السلكية واللاسلكية:
تم ذكر هذه التقنية في نص المادة 65 مكرر فقرة 03 حيث أجاز المشرع القيام بعملية التصنت إذا دعت مقتضيات التحري والتحقيق في جرائم المتلبس بها والتحقيق الابتدائي إذا تعلق الأمر بالجرائم المنصوص عليها في المادة 47 فقرة3 من ق.أ.ج. والمقصود بالتصنت التسجيل والاستماع للمكالمات التي تتم بين المشتبه فيهم في التحري والتحقيق(3).
2- تسجيل الأصوات:
ويتم من خلال استعمال آلة تسجيل الأصوات،أو أية معدات تقنية تلتقط الاصوات ، وهذا بصورة علنية أو سرية وهذا قد يتم في الأماكن العامة أو الخاصة.
3- التقاط الصور:
والمراد من ذلك هو استعمال وسائل تقنية أو معدات تمكن من أخذ صور للمتورطين في هذه الجرائم سواءً من خلال آلة للتصوير أو كاميرا فيديو للحصول على فيلم يسمح لنا بمعاينة الأحداث مرة ثانية من خلال تقنية الإعادة البطيئة التي يمكن الوقوف من خلالها على كل ما يهم في التحري والتحقيق(3).











(1) نص المادة 39 من دستور نوفمبر 1996
(2) أحمد غاي – ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية دار هومة 2005- ص 23.
(3) من الدرس الملقاة على طلبة الدفعة الثانية لمفتشي الشرطة – في مادة الاستعلامات العامة.


المبحث الخامس: أهداف عملية التسرب والآثار المترتبة عنها
4- المطلب الأول: أهداف عملية التسرب
تتلخص أهمية عملية التسرب من خلال الرجوع إلى مهام القائمين بها وهذا بالرجوع إلى الأصل العام وهي مهام رجال الضبطية القضائية في قانون الإجراءات الجزائية، وكذا بالنظر إلى طبيعة الجرائم التي تستهدفها عملية التسرب والتي تمس الجانب الاقتصادي بوجه خاص وعليه نبيين الأهداف كالآتي:
1- أهداف عملية التسرب في مكافحة الجريمة:
إن مهام رجال الضبطية القضائية وفي أغلب التشريعات(1) هي معاينة الجرائم و تقصي الأدلة والآثار والقرائن التي تثبت ارتكاب تلك الجريمة، ونسبتها لفاعلها والتي تناولها المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية ،والأهداف المراد تحقيقها من خلال عملية التسرب هو التوصل إلى كشف الجماعات النشيطة في مجال الاتجار غير المشروع بالمخدرات والتهريب وجرائم الصرف وتوقيف المتورطين فيها وذلك عبر مراقبتهم ، والتي نعنى بها مراقبة كل شخص مشتبه فيه مراقبة دقيقة حول سلوكه وتصرفاته واتصالاته وعلاقاته مع تسجيل كل ما يصدر منه(2) والتصدي بسرعة و نجاعة لهذه الجرائم التي تخل بالنظام العام وتهدد استقرار المجتمع على اعتبار أنها تمس جوانب شتى في حياة الأفراد والوصول إلى كشف الجناة في هذه الجرائم المتسمة بخطورتها ودقة تنظيم عناصرها والتي تتجاوز شبكاتها التراب الوطني ، ولا يتم هذا إلا من خلال هذه التقنية لأن الوسائل التي يسمح بها بموجبها كانت غير ممكنة قبل التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية والذي من خلاله صار من الممكن استعمال هذه الوسائل نظرا لطبيعة الجرائم وخطورتها وهذا من جانب آخر يؤكد تجسيد حضور الدولة في الميدان لأن القانون هو مجموعة من القواعد التي تنظم حياة الأفراد وهو يهدف إلى حماية المصلحة العامة التي هي مهددة ومنتهكة في ظل تمكن المجرمين من الإفلات من قبضة العدالة ومواصلتهم المساس بأمن المجتمع.

















(1) وهو ما أقره المؤتمر السادس لقانون العقوبات الذي انعقد بروما في 25 سبتمبر إلى 03 أكتوبر 1953 م
(2) من الدروس المقررة لدفعة مفتشي الشرطة في مادة المخدرات - أشار إليه – أحمد غاي – ضمانات المشتبه في مرحلة التحقيق الأولي – دار هومة 2007 ص 103

2- أهداف عملية التسرب في جانبها الاقتصادي:
إن المتمعن في طبيعة الجرائم التي أجاز المشرع الجزائري في قانون الإجراءات الجزائية في مادة 65 مكرر 5 إجراء التسرب لكشف مرتكبيها يجدها تندرج ضمن الجرائم الاقتصادية والمالية وهي جرائم تتسم بخطورتها وسرعة انتشارها وهي كذلك من الجرائم العابرة للحدود الوطنية والتي يتميز الضالعون فيها بدقة تنظيمهم وأصبح من الضروري وضع حد والتقليل من الآثار السلبية المتفاقمة لهذه الجرائم على الاقتصاد الوطني(1) ،فجرائم المخدرات كمثال والتي تعتبر إتجاز غير مشروع في مواد تضر بالصحة العامة ولكنها تدر على المتاجرين بها أرباحا طائلة وإثراء بطريق غير مشروع ولها آثار سلبية على الصحة العامة وعلى الاقتصاد الوطني، كما أن تبييض الأموال القادمة من الاتجار غير المشروع في المخدرات تعتبر توظيف للأموال مصادرها وسخة، وقياسا الى ذلك جرائم الصرف التي تهز الثقة في التعامل مع البنوك وتتسبب في ضياع الاستثمارات وحدوث الأزمات الاقتصادية ولا يخفى على أحد أهمية الإعلام الآلي وما يدره من أرباح حيث يتم اللجوء إلى القرضة فيه عبر الشبكات واستهداف المعالجة الآلية للمعطيات.
كما أن الجرائم الإرهابية قد أضرت بشكل لا يحتاج إلى بيان بالاقتصاد الوطني استهدفت البنية التحتية وكبدت خزينة الدولة مليارات الدولارات من خلال استهداف المنشآت الحيوية (المصانع الطرق – الجسور – المؤسسات ..... إلخ) إضافة إلى الوقوف في وجه الاستثمار الأجنبي بإشاعة جو اللأمن والفوضى ،وكل هذا يعطل النمو الاقتصادي بل يساهم في تنامي مظاهر التخلف في ظل التسارع الحاصل بفعل العولمة وصراع التكتلات الاقتصادية.
وبناءا على هذه الاعتبارات المتميزة باستشراء هذه الجرائم كان لزاما على المشرع أن يلجأ إلى إيجاد الطريقة المثلى للتكيف مع هذا الوضع للحد من انتشارها فكانت تقنية التسرب كوسيلة لذلك.



















(1) عائشة مختاري – مرجع سابق

• المطلب الثاني: الآثار المترتبة على عملية التسرب
إن رجال الشرطة القضائية أثناء قيامهم بمهمة التحري عن الجرائم من خلال الإجراءات القانونية في إطار الشرعية الإجرائية(1) قد تصدر منهم تصرفات غير قانونية ويرتكبون أخطاء تلحق ضررا ماديا أو معنويا بحقوق وحريات الأفراد ويترتب عليهاسؤولية تاديبية و جزائية او مدنية ، في اطار عملية التسرب ونظرا لطبيعتها، والأوساط التي تستهدفها والخطورة التي تنطوي عليها بالنسبة للقائمين بها لذى أحاطهم المشرع بحماية قانونية أسقطت عنهم المسؤولية التأديبية والجزائية والمدنية أثناء تأدية مهامهم كما أتاحت لهم استعمال بعض الوسائل والتقنيات التي يعاقب عليها قانون العقوبات في غير هذه الحالة المرخص بها.
ونبين هذه الآثار على النحو التالي:
1- الحماية القانونية للمتسرب:
أ- إنعدام المسؤولية الجزائية(2) :
ويقصد أن ضابط الشرطة القضائية أو العون القائم أو الذين يتم تسخيرهم في عملية التسرب لا يكونون مسؤولين جزائيا عن اقتناء – حيازة – نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو وثائق أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو المستعملة في ارتكابهم وهو ما جاء في نص المادة 65 مكرر 14 من قانون الإجراءات الجزائية.

نص المـادة:" يمكن ضباط واعوان الشرطة القضائية المرخص لهم باجراء عملية التسرب والاشخاص الذين يسخرونهم لهذا الغرض ، دون ان يكونوامسؤولين جزائيا ، القيام بما ياتي :
- اقتناء أو حيازة – نقل أو تسليم.
- إعطاء أموال أو منتوجات أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو المستعملة في ارتكابها .
- استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي الجرائم .
- وسائل ذات الطابع القانوني او المالي وكذا وسائل النقل او التخزين او الإيواء او الحفظ ا و الاتصال ."
وعليه فكل الأفعال الواردة في نص المادة المذكورة آنفا يمكن للقائمين بعملية التسرب القيام بها أثناء أداء مهامهم دون أن يكونوا مسؤولين جزائيا أي أنهم محميين قانونا بحكم الإذن الذي يرخص لهم بذلك شرط احترام الإجراءات الشكلية والموضوعية المنظمة لها.
والهدف من هذا الإجراء هو إبعاد الشكوك حول المتسربين وتسهيل عملهم في كسب ثقة المجرمين وبالتالي الحصول على كافة المعلومات المتعلقة بهذه الشبكة الإجرامية من حيث عدد عناصرها وهويتهم وطرق اتصالاتهم وأماكن التقائهم والوسائل المستعملة في ذلك والحيل التي يستخدمونها ........الخ.






(1) يقصد به التزام السلطة العامة أثناء ممارسة اقتصاء حقها في العقاب بالقواعد القانونية التي تحدد طرق وأساليب التحري
(2) شويرف يوسف – المرجع السابق

نظرا للمخاطر الحقيقية التي يكون عرضه لها القائم بالتسرب في حياته والتي قد تتعدى تبعاتها إلى أفراد عائلته لكون هذه التقنية تستهدف أوساطا وشبكات غاية في التنظيم والنفوذ والمكر إذ تستخدم لتحقيق أهدافها كل الوسائل غير المشروعة وعلى ضوء هذه المعطيات، وفر المشرع الجزائري وفر المشرع الجزائري حماية خاصة في نص المادة 65 مكرر16 من ق.إ.ج حيث يمكنه أن يلجأ إلى استخدام أو استعمال اسم مستعار يمكنه من عدم إظهار هويته الحقيقية وهي وسيلة تبقى سارية المفعول في أي مرحلة من مراحل التحقيق تجعل المتسرب يتمتع بحماية في شخصه.
1- توقيع العقاب في حالة الاعتداء على المتسرب أو أهله:

حيث أقر قانون الإجراءات الجزائية عقوبة في حق كل من يكشف هويته المتسرب أو يعتدي عليه أو على أهله وجاءت في المادة 65 مكرر 16 مقررة 1-2-3 على النحو التالي:
أ‌- الكشف على هوية المتسرب دون وقوع ضرر له يعاقب عليه بالحبس من سنتين إلى خمسة سنوات وغرامة مالية من 00 50 إلى000 200 دج
ب‌- الكشف على هوية المتسرب المفضي إلى أعمال عنف في حق المتسرب او ذويه وهم زوجة أو أبناء اصوله المباشرين يعاقب عليه بالحبس من 05 سنوات إلى 10 سنوات وغرامة من 000 200 دج إلى 000 500 دج
ج- الكشف المفضي إلى وفاة المتسرب أو أحد ذويه المذكورين سابقا تكون العقوبة من 10 سنوات إلى 20 سنة والغرامة من 000 500 دج إلى 000 000 1 دج دون الإخلال عند الاقتضاء بتطبيق أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون العقوبات .
2- الحماية القانونية بعد انتهاء عملية التسرب:
لقد أقر المشرع في قانون الإجراءات الجزائية في المادة 65 مكرر 15فقرة 3 لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أي الجهة مانحة الإذن بالتسرب حسب الحالة في أي وقت ترى ذلك منا سبا توقيف عملية التسرب ،وهو ما قد يجعل أمن المتسرب في خطر من ذلك جاء نص المادة 65 مكرر17 من ق.إ.ج ليوفر له ضمان وحماية في حالتين أي عند انتهاء المدة الزمنية المرخصة بهاوعدم تمديدها أو وقف العملية من قبل الجهة المانحة الإذن بالتسرب في أي وقت أجاز له مواصلة النشاطات والأفعال المأذون بها في المادة 65 مكرر14 حتى يتمكن من توقيف نشاطه في الظروف الملائمة أمنيا له وعلى ضابط الشرطة القضائية إخطار الجهة القضائية مصدرة لهذه الوضعية دون تمكن المتسرب من إنهاء نشاطاته في ظروف تضمن أمنه فإن للقاضي تمديدها 04 أشهر على الأكثر.

وخلال هذه الفترة فإن كل النشاطات والأفعال التي يقوم بها إطار هذه العملية لا يكون مسؤولاً عنها جزائيا.









خـــــاتمـــــة
في ثنايا هذا البحث المتواضع تعرضنا لنصوص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري المتعلقة بعملية التسرب من حيث مفهومها وإجراءاتها وأهميتها وآثارها كأسلوب للتحري والتحقيق وجمع الأدلة حيث خلصنا إلى النتائج التالية :
- التسرب عملية ميدانية تقوم على التوغل واختراق الجماعات الإجرامية التي تنشط في مجال الإجرام الخطير يمارسه ضابط الشرطة القضائية أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية تحت رقابة الجهات القضائية.
- تتم عملية التسرب في ظل احترام شروط شكلية وموضوعية وتحت رقابة الجهات القضائية مانحة الإذن به والمتمثلة في وكيل الجمهورية ، قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية.
- التسرب أسلوب جديد في التشريع الجزائري سبقته إليه العديد من التشريعات مثل الفرنسي والبلجيكي وقد لجأ إليه المشرع لضرورة التحري والتحقيق التي تفرضها المعطيات الجديدة ولصعوبة مكافحة هذا النوع من الإجرام الخطير الذي يهدد كيان المجتمع وأمنه .
- يهدف التسرب إلى الكشف عن الجرائم الخطيرة والمتورطين فيها والتوصل إلى تحديد هوية عناصر هذه المجموعات وطبيعة تنظيمهم ومناطق نشاطهم والوسائل التي يستعملونها وضبط كل ماله علاقة بهذه الجرائم من أدلة وقرائن والحد من تأثير هذه الجرائم على المجتمع.
- يعد التسرب أسلوبا جديدا خاصا للتحري راجع لطبيعة الجرائم المسموح فيها بمباشرة هذا الإجراء وكل ما ينتج عنه من أدلة وبراهين تعد أدلة إثبات وإقناع أمام الجهات القضائية ابتداءا من النيابة العامة إلى جهات التحقيق القضائي إلى جهات الحكم.
- يوفر المشرع للقائمين بعملية التسرب حماية قانونية في حال تعرضهم لاعتداء أو ورتب عقوبات لكل من يكشف عن هويتهم وأجاز لهم استعمال بعض الوسائل والأفعال للقيام بمهمتهم
ومع كل هذا سجلنا بعض الإشكاليات التي تحتاج إلى توضيح أغفل المشرع تناولها أوجزناها فيما يلي :
- هل يعد الإذن الصادر من قاضي التحقيق إلى ضابط الشرطة القضائية بمباشرة عملية التسرب إنابة قضائية بكل خصائصها القانونية ؟
- لماذا لم يتناول المشرع إنجاز عملية التسرب بصفة الجمع إذ غالبا ما يحتاج هذا النوع إلى أكثر من شخص للقيام به ؟
- كيف تمارس الجهات القضائية مصدرة الإذن بالتسرب رقابتها بعملية التسرب من الناحية
العلمية ؟
- لماذا ألقى المشرع بمسؤولية عملية التسرب على عاتق ضابط الشرطة القضائية منسق العملية وحده دون الجهات القضائية ؟
- ما هي الوضعية القانونية للعون المتسرب الذي يتعرض مسؤوله -ضابط الشرطة القضائية- منسق العملية إلى الوفاة بحكم ذهاب هويته معه ؟
على ضوء هذه الإستفهامات التي تثيرها عملية التسرب ميدانيا وبعد مناقشة جوانبها العملية مع بعض المشرفين عليها في الميدان نورد هذه الاقتراحات كحلول على النحو التالي :
- اقتراح إلى مجمع اللغة العربية لتوحيد المصطلحات وضبطها خاصة التقنية منها.
- نظرا لما تشكله المحاضر والتقارير التي ترفع إلى الجهات القضائية من قبل الشرطة القضائية من أهمية خاصة أثناء هذه العملية (التسرب) يجب توحيد النماذج بواسطة قواعد تنظيمية ملزمة لتسهيل عمل الجهات القضائية لمراقبة أعمال رجال الضبط القضائي.
- إخضاع القائمين لعملية التسرب إلى تكوين خاص يلائم طبيعة المهام في عملية التسرب واستحداث قسم خاص بالأمن الوطني يعني بمتابعة هذه العمليات المهمة والخطيرة.
- إصدار قوانين تنظيمية تسمح وتجيز استعمال بعض المحجوزات من أموال ومخدرات من أجل إنجاح عملية التسرب.
- تمديد المدة المرخص بها من 4 أشهر وجعلها مفتوحة تحت رقابة القضاء بما يناسب وطبيعة كل عملية بحد ذاتها.
- سد الفراغ القانوني بإصدار نص يوفر الحماية القانونية للعميل أو الوسيط الذي يقوم بعملية التسرب لأن التعديل الجديد لقانون الإجراءات الجزائية لم يشر إليه.

***
" إن كل عمل بشري طبيعته النقصان و الكمال لله وحده وحسبنا أن لا نحرم أجر من اجتهد "
***

قائمة المراجع

التشريعات
1. الدستور الجزائري 28/11/1996
2. القانون رقم 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 المعدل والمتمم لقانون الاجراءات الجزائية
3. القاون رقم 06/23المؤرخ في 20/12/2006 المعدل المتم لقانون العقوبات
4. قانو ن الاجراءات الجزائية الفرنسي
الكتب القانونية:
1-غاي أحمد – ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية دار هومة 2005-
2- خوري عمر– شرح قانون الإجراءات الجزائية - طبعة فبراير 2007
3- حزيط محمد -مذكرات في قانون الاجراءات الجزائية-دار هومة الجزائر-طبعة 2007
4- خراشي عادل عبد العال – ضوابط التحري والاستدلال عن الجرائم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي – الدار الجامعة للنشر الإسكندرية مصر – 2006
5- محمد إبراهيم السقا غسيل الأموال واقتصاديات الجريمة المنظمة ص 02.
6- الدروس الملقاة على طلبة الدفعة الثانية لمفتشي الشرطة – في مادة الاستعلامات العامة.
7- شويرف يوسف – التسرب كأسلوب للتحري والتحقيق والإثبات مجلة المستقبل – تصدر عن مدرسة الشرطة طيبي العربي سيدي بلعباس جويلية 2007
8- مجلة الجيش إعداد بوعلام (الجريمة المنظمة ) ... رجب 1423 الموافق ل أكتوبر 2002
9- مختاري عائشة – التسرب – محاضرة ألقيت في اليوم الدراسي علاقة الشرطة القضائية بالنيابة العامة واحترام حقوق الإنسان – 2008بمدرسة الشرطة طيبي العربي سيدي بلعباس.
مواقع الأنترنت:
Sommet des chefs G www.fr 2001 p15
شبكة الإنترنت www.interieur.gouv.fr
رويتر تقرير خاص بالانترنت سنة 2001
ommet des chefs G www.fr 2001









 


قديم 2011-04-18, 21:46   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي ياسين على هذا العمل الممتاز وجعله الله في ميزان حسناتك.










قديم 2011-04-21, 21:57   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
البشرة, الجزائري, القانون


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:23

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc