مقالتين عن مقاييس الحقيقة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 - لشعب آداب و فلسفة، و اللغات الأجنبية > قسم الفلسفة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مقالتين عن مقاييس الحقيقة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-03-29, 14:15   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
aymenov
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي مقالتين عن مقاييس الحقيقة

ساضع بين ايديكم مقالتين عن الحقيقة

حاولوا تبادل المعلومات وجعلها مقالة موسعة واحدة


الاولى


هل الحقيقة تقاس باعتبار النفع أم باعتبار الوضوح؟
طرح الإشكالية:
يختلف الباحثون في تصورهم لمعيار الحقيقة ومن أبرز المعايير التي اشتهرت في هذا الصدد معيار التطابق ومعيار الوضوح ومعيار النفع ومعيار الذات البشرية وانتشر القول في القرون الوسطى مع المدرسين ومحتواه أن الحقيقة هي مطابقة الفكر للواقع فالتفكير يكون صحيحا عندما يكون نسخة من الواقع والوفاء للنسخة بالنسبة للنموذج هو الذي يحدد الحقيقة إلا أن هذا التصور ليس دقيقا وليس واضحا كل الوضوح فهو يثير المشاكل أكثر مما يحلها ولذلك نكتفي بالبحث في المقاييس الأساسيين الوضوح أو البداهة والنفع أو النجاح فبالنسبة للعقليين يعتقدون أن معيار الحقيقة هو الوضوح أو البداهة في حين يرى البرغماتيون بأن مقياس الحقيقة هو النفع أو النجاح وعليه يمكننا طرح التساؤل التالي: هل الحقيقة تقاس باعتبار النفع أم باعتبار الوضوح؟

محاولة حل الإشكالية:


عرض منطوق المذهب الأول:الحقيقة تقاس باعتبار الوضوح ومن ممثلي هذا الطرح ديكارت،سبينوزا.
ضبط الحجة:يرى أصحاب هذا الطرح أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء ويتجلى هذا في البديهيات الرياضية التي تبدوا ضرورية واضحة بذاتها،كقولك الكل أكبر من الجزء أو إن الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين حيث كان ديكارت لا يقبل مطلقا أي شيء على أنه حق ما لم يتبين بالبداهة أنه كذالك ويعتقد بأنه يجب على الإنسان أن يتجنب الشرع والتشبث بالآراء السابقة وعليه أن يأخذ من أحكامه ما يمثله الفعل بوضوح تام وتمييز كامل بحيث لا يدع مجال للشك فيه وانتهى ديكارت إلى قضيته المشهورة "أنا أفكر إذن أنا موجود" فوجدها واضحة أمام جميع افتراضات صحيحة كل الصحة بالضرورة وهي تزيد صحة كلما نطق بها وأمعن النظر فيها ويقول لاحظت أنه لا شيء في قولي أنا أفكر إذن أنا موجود يضمن لي أني أقول الحقيقة إلا كوني أراه بكثير من الوضوح أن الوجوب واجب التفكير فحكمت بأني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة لنفسي وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح والتمييز هي صحيحة كلها ويقول "إني أشك ولكن مالا أستطيع الشك فيه هو أني أشك وأن الشك تفكير" ويساند هذا الطرح سبينوزا الذي يرى أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج عن الحقيقة فهل كما يقول أنه يمكن أن يكون شيء أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن يكون معيار الحقيقة؟ فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات كذلك الصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب والفكرة لا تكون صادقة إلا إذا كانت مطلقة تفرض نفسها على الجميع فالفكرة الصحيحة هي التي لا تتناقض مع مبادئ العقل الفطرية.

النقد:إن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح يجعلنا نلجئ إلى معيار ذاتي للحقيقة قد نحسب بأننا على صواب في أحكامنا على أساس البداهة والوضوح لكن قد يحدث أن يقف أحدنا بعد ذلك على خطأ وقد يحدث لأحدنا أن يرى بديهيا ما يتوافق مع تربيته وميوله واتجاهاته الفكرية. فالوضوح في هذه الحالة ليس محك الصواب وإنما توافق القضية المطروحة لميول الفرد وآرائه هو الذي يجعلها صحيحة وواضحة إنه مقياس ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية والدليل على ذلك أن الكثير من الآراء تجلت صحتها وهي واضحة فترة من الزمن وقد أثبت التفكير بطلانها ولقد آمن الناس مدة طويلة بأن الأرض مركز الكون وأنها ثابتة تدور حولها سائر الكواكب ثم دحضت الأبحاث الدقيقة مثل هذا الاعتقاد الخاطئ بل أن البديهيات الرياضية قد ثبت اليوم أن الكثير منها يقوم على افتراضات ولو كان الشعور بالوضوح كافيا ليحمل العقول كلها على الأخذ بالقضايا الواضحة فلماذا تقابل الحقائق الجديدة في بداهة الأمر بغضب شديد كما هو الشأن بالنسبة لغاليلي الذي أعلن بأن الأرض ليست ثابتة وباستور الذي قام بمحاربة فكرة التولد العفوي إن الأفكار الواضحة في غالب الأحيان كما يقول أحد الفلاسفة "أفكار ميتة"إذن يمكن اعتبار الوضوح مقياس للحقيقة لكن هناك مقاييس أخرى.


عرض منطوق المذهب الثاني:الذي يرى أن الحقيقة تقاس باعتبار المنفعة ومن ممثلي هذا الطرح "بيرس،أوليام جيمس،جون ديوان".

الحجة:يرى أصحاب المذهب البرغماتي أن الحكم الصادق يحمل أن يكون صادقا متى دلت التجربة على أنه مقيد نظريا وعمليا وبذلك تعتبر المنفعة المحك الوحيد لتمييز صدق الأحكام من باطلها حيث يقول بيرس "إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج"أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في ذاتها، إن تصورنا لموضوع ما هو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر ويرى بيرس أن معيار الحقيقة هو المنفعة فالفكرة الصادقة هي التي تفيدني من الناحية العملية والفكرة الكاذبة هي التي تحقق لي نفعا، ويرى ويليام جيمس أن النتائج أو الأفكار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها أو مقياس صوابها وإذا أردنا أن نحصل على فكرة واضحة لموضوع ما علينا إلا ننظر إلى الآثار العملية التي نعتقد أنه قادر على أن يؤدي إليها والنتائج التي ننتظرها منه ورد الفعل الضار الذي ينجم عنه والذي يجب أن نتخذ الحيطة بإزائه ومعنى هذا أن الحق لا يوجد أبدا منفصل عن الفعل أو السلوك فنحن لا نفكر في الخلاء وإنما نفكر لنعيش وليس ثمة حقائق مطلقة بل هناك مجموعة متنوعة ومختلفة ومتعددة من الحقائق التي ترتبط بمنافع كل فرد منا في حياته ويقول وليام جيمس"إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي وأن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة وما هو صالح لأفكارنا ومفيد لنا بأي حال من الأحوال فهو حقيقي "ويضيف "الحق ليس إلا التفكير الملائم للغاية كم أن الصواب ليس إلا الفعل الملائم للسلوك"أي أن معيار الحقيقة هو النجاح كما يضرب جيمس مثالا فيقول "يمكنك أن تعتبر العدد27 مكعب العدد03 أو حاصل ضرب9×3 أو حاصل جمع 26 +1 أو باقي طرح 73 من 100 أو بطرق لا نهاية لها وكلها صادقة"ويرى جون ديوان أن الفكرة مشروع عمل والحقيقة تعرف من خلال نتائجها والأفكار الحقيقية أدوات ناجحة لمواجهة مشكلات الحياة،فالفكرة الدينية حقيقة إذا كانت تحقق للنفس الإنسانية منفعة كالطمأنينة والسعادة والفكرة الاقتصادية حقيقة إذا كانت تحقق الرفاهية المادية فالأشياء تكون حقيقة حسب المنفعة التي تستهدفها وتحققها إذن معيار الحقيقة حسب البرغماتية هو الغايات والنتائج وليس المبادئ والأولويات فالعمل يقاس بنتائجه وهكذا تعرف البرغماتية الحقيقة وتحولها من حقيقة الفكر إلى حقيقة العمل.

النقد:إن معيار الحقيقة إلى النجاح ( المنفعة ) ليس أكثر تجديدا من القول بمعيار الوضوح لأن القول بمعيار النجاح قول سلبي عن الحقيقة وليس قولا إيجابيا،ذلك أن أنصار البرغماتية إنطلقوا من أن القضايا التي لها آثار عملية قضايا حقيقية أو صحيحة لكن ما يعاب عليهم أنهم أخلطوا بين المجال النظري والمجال العملي بدليل أن هناك أفكار نافعة ولكنها غير مطبقة وهناك أفكار غير نافعة ولكنها مطبقة ثم إن مقياس الحقيقة لا يمكن أن يكون المنفعة كما يقر البرغماتيون لأن الحقيقة التي تؤكدها نتائجها ومنافعها هي قبل كل شيء مسألة ذاتية متقلبة من فرد لآخر ومتعارضة بين هذا أو ذاك ما دامت المصالح متعارضة. فكيف يبني العلم ما يؤسس على مبادئ ؟ ثم أن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هي منفعة الفرد خاص الذي يفكر أم منفعة الجماعة ومن هي هذه الجماعة وما هي حدودها؟ وفي حالة عدم دقة المفهوم تتضارب المنافع وتتناقض ثم إن هذا المذهب يرفض الحقيقة المطلقة.

التجاوز:إن معيار الحقيقة لا يمكن حصره في الميدان الذي يرتضيه أنصار الوضوح أو تأسيسه على أساس المنفعة كما زعمت البرغماتية فمعيار الحقيقة هو الوضوح والمنفعة وإن كلا المعيارين نسبي ومحدود ومعرض للتغيير وهناك من تجاوز هذا الطرح وهم أصحاب المذهب الوجودي الذين يقرون بأن مجال الحقيقة الأول هو الإنسان المشخص في هذا الوجود الحسي كما يرى سارتر وليس الوجود المجرد كما ترى الفلسفات الكلاسيكية وحقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته لأنه في بداية الأمر لا يمتلك ماهيته فهو محكوم عليه بأن يختار مصيره ولكنه أيضا محكوم عليه بأن يموت والحقيقة الأولى إلي يجب التركيز عليها هي ممارسة هذه التجربة التي تجمع بين الحياة والموت وما ينتج عنهما من محن القلق والآلام وثقل المسؤولية.


الخاتمة :إن معيار الحقيقة يبقى في النهاية معيار نسبي منزه من كل ما من شأنه أن يحصر الحقيقة في إطار ذاتي ( الوضوح ) أو إطار نفعي مادي إنه في كلمة وجيزة الموضوعية العالية الثابتة مع العلم أن الحقيقة أنواع كالحقيقة الرياضية التي يرتد معيارها الموضوعي إلى إثباط الحقائق الجزئية من المقدمات الأولية والحقيقة العلمية أو الفيزيائية التي يعود معيارها إلى التجربة.

الأستاذ / خشعي عبد النور









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-03-29, 14:16   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
aymenov
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الثانية

"

1/ المقدمة ( طرح الإشكالية )
اختلف الفلاسفة قديما وحديثا حول المقياس الذي يبنى عليه مفهوم الحقيقة ، و من أشهر المعايير التي عرفها الفكر الفلسفي : معيار الوضوح و هو الشائع عند العقلانيين ومعيار النفع و المعروف لدى البراغماتيين و معيار الوجود لذاته و الذي يعتمده الوجوديون و السؤال المطروح : أي معيار من المعايير السابقة يصلح أن يكون مقياسا للحقيقة ؟

2/ التوسيع محاولة حل المشكلة )
القضية : ( يستحسن أن يشير التلميذ في البداية إلى معيار الوضوح لأنه يعبر عن الحقيقة في صورتها المطلقة)
يرى فلاسفة العصر الحديث من أمثال ديكارت وسبينوزا أن الحقيقة مقياس عقلي ثابت ، لا يتأثر بتغير الزمان أو المكان ، و الشيء لا يمكن أن يكون
حقيقيا إلا إذا كان واضحا للعقل وضوحا مطلقا .
الحجج والبراهين :
إن الإنسان في حياته يعتقد بجملة من القضايا ، و يصدر أحكاما كثيرا حول مواضيع مختلفة لكن ليس هناك ما يثبت مصداقية هذه القضايا والأحكام سوى
الوضوح والبداهة ، لأن الوضوح مقياس لا تختلف بشأنه العقول و لا يحايث تغيرات الواقع وتقلباته ، و يتجلى هذا الوضوح في البديهيات الرياضية كالبديهية التي ترى أنه كلما طرحنا كمية ثابتة من متساويين كلما كانت النتيجة متساوية ، و كقولنا الكل أكبر من الجزء
و في رأي ديكارت أن الفيلسوف لا يستطيع أن يؤكد أمرا إلا إذا كان بديهيا لذلك كانت أول قاعدة في منهجه هي " ألا يقبل مطلقا شيئا على أنه حق ما لم يتبين بالبداهة أنه كذلك " ذلك لأن الأحكام السابقة و التصورات المألوفة الخاطئة يجب أن تكون هدفا لشكنا ، و محلا لمراجعاتنا تمهيدا لاستبدالها بأفكار
صادقة لا يعود لدينا مجال للشك فيها ، و أهم حقيقة بالنسبة إلى ديكارت هي " ما الدليل على وجوده " فيقول : " لاحظت أنه لاشيء في قولي أنا أفكر إذن فأنا موجود " يضمن لي أني أقول الحقيقة ، إلا كوني أرى بكثير من الوضوح ، أن الوجود واجب التفكير ، فحكمت بأنني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة لنفسي ، وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح و التمييز هي صحيحة كلها

و هذا معناه أن الحكم الصادق والواضح يفرض على العقل أن لا يشك فيه من جديد ، و هو ليس نتاج عن الحواس والخيال أو ما يفرضه علينا الآخرون .
و هو الحكم الذي عندما نقارنه ذهنيا بحكم باطل ملتبس فإن كفة الحكم الصادق ترجحه أذهاننا .و هذا تماما ما أشار إله سبينوزا عندما قال : " ..فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات ، كذلك الصدق هو معيار نفسه و معيار الكذب "
النقد والتقييم :
إذن الحقيقة في نظر هؤلاء العقلانيين مرادفة للوضوح ، و مصاحبة لأحكامنا المجردة من الشك ، و أن العقل بحكمه عليها بالصدق يرجحها تلقائيا دون سواها من الأحكام الزائفة .
لكن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح بنقل الحقيقة من مستواها الموضوعي إلى مستواها الذاتي المشخصن ، فتكون بالتالي كل أحكام الإنسان و الموجهة بواسطة مكتسبات تربوية و اجتماعية ومذهبية هي عنوان للحقيقة التي يعتقد بها ما دام أنها في نظره واضحة و بديهية . و التاريخ الإنساني يؤكد أن الأوربيين في العصر الوسيط قد ركنوا مدة طويلة إلى الفكرة الشائعة التي ترى بمركزية الأرض للكون ، و بما أنها كانت تتراءى لهم واضحة و بديهية لم يتقبلوا حينذاك غيرها. يقول أ . بايي : " إن الأفكار الواضحة والبالغة الوضوح هي في الغالب أفكار ميتة " بمعنى أنها تحتاج إلى تغيير في نفوسنا ، و في مقابلها أن الأفكار الثورية الجديدة يجد مكتشفوها صعوبات في نشرها . على نحو ما يحدث مع الزعماء و المصلحين و العلماء ..
نقيض القضية ( يستحسن أن يدرج التلميذ في هذه القضية المقياسين المتبقيين معا)
و في مقابل هذه القضية يرى البرغماتيون أن مقياس الحقيقة هو كل ما يمكن أن يقدم للإنسان منفعة و مصلحة في حياته ، ومن ثمة فالحقيقة ليست واحدة بل هي متعددة و متغيرة ، ومتأثرة بشكل الواقع الذي يواكبه الأفراد ، أما الوجوديون فالحقيقة الأولى في نظرهم هي الوجود الإنسان و ما يقتضيه هذا الوجود من شروط ضرورية كحريته ، و إنجازه لماهيته
الحجج والبراهين :
ومن الأدلة التي يبرر بها البراغماتيون موقفهم : أن الحكم لا يكون متصفا بالصدق إلا إذا دلت التجربة على أنه مفيد نظريا و عمليا ، و بذلك تكون المنفعة هي المعيار الوحيد لتمييز صدق الافكار من باطلها و بتعبير ساندرس بيرس : " إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج ،" أي أن الفكرة الفارغة من محتواها العملي و نتائجها الملموسة لا يمكن أن تكون تعبيرا صادقا عن مدلول الحقيقة ، فهذه الأخيرة تعكس كل الحلول العملية و النفعية التي تنقل الإنسان من أوضاع رديئة إلى أوضاع راقية . و من صورة سلبية إلى صورة إيجابية ، يقول وليام جيمس : " إن النتائج التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها و مقياس صوابها " ، و يفهم من هذا أن الحقيقة لا توجد أبدا مستقلة ومنفصلة عن الفعل أو السلوك ، و ليس في الوجود حقيقة واحدة بل هناك جملة متكثرة من الحقائق ، و أي حقيقة هي قابلة للمراجعة بسبب الواقع المتغير ، و التجدد المستمر للتجربة الإنسانية فالصدق هنا هو صدق بالنسبة إلى الواقع الذي ليس متحجرا و لا ثابتا على حال ، يقول وليام جيمس : " إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي ، و إن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة وما هو صالح لأفكارنا و مفيد لنا بأي حال من الأحوال ، فهو حقيقي "
أما الفلاسفة الوجودية لا يرون تعبيرا صادقا للحقيقة إلا من خلال الوجود الإنساني الحسي الذي يشعر به كل واحد منا في عالمه الداخلي و يعيشه بكل جوارحه و مشاعره ، و من خصائص هذا الوجود لا يشبه عالم الأشياء في سكونها و ما يطرأ عليها من حتميات ، بل هو وجود متنامي و مستمر و قابل في كل مرة للإستبدال ، يقول هيدغر : " "إن الكائن اليوم هو الكائن القابل للاستبدال" أي أنه وجد من أجل أن يصنع ماهيته من جهة ، ومن أجل أن يموت من جهة أخرى ، وبين الحياة والموت توجد تجربة وجودية تتضمن القلق و المحن و ثقل المسؤولية . لذلك يضع الوجوديون بخلاف العقلانيين الوجود الإنساني
و ما يستدعيه من شعور باطني و انفعالي فوق كل حقيقة يقول كيركغارد : " إن النتائج التي تنتهي إليها المحنة " passion هي وحدها الخليقة بالإيمان هي وحدها المقنعة " إذن لا حقيقة عند الفرد إلا ما يحياه و ينفعل له "
النقد والتقييم :
إن الحقيقة بالنسبة للبراغماتيين و الوجوديين سواء لم تبارح نطاقها الواقعي و الإنساني ، و أنها متى ابتعدت عن مصالح الإنسان أو حياته الوجودية كانت باطلة ومستبعدة .
لكن إذا سلمنا مع البراغماتيين بالمقياس النفعي للحقيقة يجعل من الصعب إلزام جميع الناس بأفكار نعتقد أنها تصلح لهم قاطبة ، أي أنه ما يبدو لشخص منا نافعا و صالحا قد يكون ضارا بالنسبة لشخص آخر . و الأفكار التي تبدو صالحة للفرد قد تضر بالمصلحة العامة .
أما عن حصر الحقيقة في حدود التجربة الذاتية للإنسان و الشعور بها ، فهذا تضييق لمعنى الحقيقة التي هي سابقة عنه ، و مستمرة بعده ، و أيضا إرجاعها عند حدود الإنسان معناه الحكم علي الإنسان بالعزلة عن كل ما هو موجود معه ، و حمله عل التمرد عن نظمه وقيمه الإجتماعية ، وجعل حريته هي علة أخلاقه و قيمه و هذا الذي يعبر عنه كيركجارد يقوله : " اختر ذاتك قبل أن يختارها لك الآخرون "
التركيب :
و لتهذيب هذه المواقف المتعارضة حول مفهوم الحقيقة ، يجب التأكيد أن معيار صدق أحكامنا و أفكارنا بالنسبة للعقلانيين هو مدى وضوحها و قدرة العقل على تمييزها من غيرها
و من جهة ثانية أن ميل الإنسان إلى ما ينفعه و الابتعاد عما يضر بمصالحه ، هو ميل طبيعي بالنسبة إلى البراغماتيين من شأنه أن يجعل الحقائق في حياة الإنسان متنوعة و متكثرة و متغيرة ، و أما اهتمام الوجوديين بالوجود العيني الإنساني فهو اهتمام بالحقيقة التي لا تتكرر بالتجربة أكثر من مرة في نظرهم . و التي هي جديرة بالاهتمام أكثر من الاهتمام بغيرها .
الخاتمة ( حل المشكلة )
و في الأخير فإن الإجابة عن مسألة الحقيقة ظت فلسفيا مرتبطة بطبيعة الأنساق الفكرية والمذهبية لدى الفلاسفة و متأثرة بنظرياتهم و تصوراتهم حيال الوجود ، لكن حل هذه المشكلة يفرض اعتبار معيار الحقيقة معيارا موضوعيا مفارقا لكل ما من شأنه أن يحصر الحقيقة في إطار ذاتي ضيق ، و أن يسمو بها عن كل تقلبات الواقع و نزوات الإنسان و أهوائه.


أستاذ المادة : بوشويحة ب
ثانوية القنادسة ـ بشار
مصدر المساهمة : منتدى الجليس التربوي










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-29, 16:54   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
amine 2012
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

خويا أيمن راك ديما فور ممكن الفايس بوك










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-29, 16:56   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
aymenov
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www....................com/aymen.sami.7










رد مع اقتباس
قديم 2013-03-29, 18:51   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
traria
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مقالتين, مقاييس, الحقيقة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:56

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc