الإطار التشريعي والتنظيمي المنظم للعقار وإشكالية تطهيره للاستاذ رحماني أحمد خبير دولي في العقار - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإطار التشريعي والتنظيمي المنظم للعقار وإشكالية تطهيره للاستاذ رحماني أحمد خبير دولي في العقار

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-05-12, 07:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
faizboubakeur
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي الإطار التشريعي والتنظيمي المنظم للعقار وإشكالية تطهيره للاستاذ رحماني أحمد خبير دولي في العقار

رأيت أنه من الفائدة نقل كلمة الاستاذ رحماني أحمد الجزائري الخبير الدولي في شؤون العقار والخاصة بالاطار القانوني وكيفية تطهير العقار
الإطار التشريعي والتنظيمي المنظم للعقار وإشكالية تطهيره
يحمل التراث العقاري الحالي، بنفس القدر، علامة الهياكل التي فرضها الاستعمار وعلامة التالية للاستقلال، وينبثق المظهر الحالي للتراث العقاري من مجموعة كبريات الوقائع التي طبعت تاريخ البلاد، وعلى وجه الخصوص الحقبة الاستعمارية.
أعيد النظر، غداة الاستقلال، في النظام العقاري الموروث عن العهد الاستعماري بوتيرة طويلة بقصد إيجاد نظم قانونية وذلك بمختلف إصلاحات شروط اكتساب الملكية، بيد أن هذه التقلبات، بالرغم من أهميتها فإنها لم تغير بكيفية دالة السلوكات الاجتماعية، وعلى وجه الخصوص مفهومنا للعلاقة بالأرض.
ويعني هذا أن محاولات الدولة لتأطير الفضاء من وجهة نظر اكتساب الأرض ومن جهة نظر أساليب الاستغلال قد باءت بالفشل. ومن جهة أخرى فإن إدراكنا للصراعات الحالية والرهانات التي تخفيها، يستدعي عودة متبصّرة إلى موقع الملكية العامة والملكية الخاصة في وتيرة الإنتاج.
إن حقيقة موقع الملكية ودورها والقانون الذي يحميها تقاس بالنسبة إلى موقع ودور الملكية العامة ومركزها القانوني، بل حتى السياسي. ومن ثمة فيمكن القول بأن تاريخ نظام الأراضي العمومية منذ 1962 مرتبط، بدون انفصال، بتطور دور الدولة وموقعها في العلاقات الاقتصادية.
وانطلاقا من هذه القيم الاجتماعية، فيمكن تقسيم وتيرة إعداد النظام العقاري إلى ثلاث مراحل:
مرحلة تسيير واقعة اجتماعية ومرحلة تقوية الأملاك العمومية ومرحلة البحث عن أمن عقاري.
وقد مكنت الإصلاحات الاقتصادية المبادر بها بداية من 1988 والتغيرات السياسية التي جاء بها دستور 23 فبراير 1989 من تفكير متجدّد بشأن قانون (أو حق) الملكية الخاصة في ترقية النمو الاقتصادي بصفة عامة والإنتاج الفلاحي على وجه الخصوص.
تشكل الأراضي العمومية، في السياق السياسي والاقتصادي الحالي، رهانا ذا أهمية يفسّر تعقّد الوضعيات وتعدّد المراكز القانونية والعلاقات شبه الصراعية بين مختلف الفعلة (acteurs).
وقد يكون الأمر غير واقعي إذا ادعينا بإمكانية عرض واقع اجتماعي واقتصادي على هذا المستوى من التعقيد بقراءة قانونية بحتة منفصلة عن هذا الواقع، بدليل أنه بالرغم من العلاقات التي يمكن أن تكون قائمة، فإن الرهانات والمشاكل التي ينبغي أن تُؤخذ في الحسبان هي من طبيعة مختلفة تبعا لما إذا كان الاهتمام ينصب على العقار الفلاحي أو العقاري السهبي أو العقار الحضري والصناعي.
وعندما نكون بصدد الحديث عن تطهير العقار، وهو موضوع العرض الحالي، فليست المشاكل بسيطة أبدا وليست الحلول كذلك مرضية أبدا.
وعلى سبيل المثال، فإن مشكل العقار الفلاحي لم يطرح بمفهوم التراث الوطني الشامل، ولكن فقط بمفهوم تلك الأراضي التابعة للدومين الخاص.
وهذه الطريقة تغذي الوضعيات النزاعية وتعرقل إيجاد أشكال أخرى من الاستغلال أكثر فعالية مثل الإيجار الفلاحي، تاركة بذلك جانبا العقار الفلاحي الخاص الذي يمثل تراثا أكثر أهمية (من ثمانية (8) ملايين من الهكتارات التي تشكل الأراضي الصالحة للفلاحة مليونان (2.5) ونصف المليون فقط تابعة للدومين الخاص للدولة).
أما العقار الصناعي، فعادة ما يطرح بمفهوم "الحقوق الجديدة للاستعمال" مع أن المشاكل مطروحة من زاويتي تهيئة الإقليم والترقية العقارية المنظّمة والمخطّطة.
ترى ماذا سيكون مصير الاستثمار إذا كانت الدولة لا تملك تراثا عقاريا استثنائيا بصفة خاصة؟ ألا ينبغي منح الجماعات المحلية والسلطة العمومية بصفة عامة حق الشفعة على مساحات محدّدة تخصص لإقامة أنشطة اقتصادية؟
بيد أن كل المشاكل العقارية تشترك في عوامل قانونية مثل الوضعية التنظيمية ونظام الشهر العقاري وكذا في عوامل تنظيمية مثل المسح، المهن، والمؤسسات التي من شانها أن تضع قيد العمل للسياسة العقارية.
ولكي نحيط من جهة خاصية كل إشكالية من الإشكاليات العقارية، ومن جهة أخرى إبراز العوامل المشتركة، سيقسم العرض الحالي إلى ثلاثة أجزاء :
-الإشكالية العقارية
-تدابير التنظيم العقاري
-الاقتراحات (أو التوصيات)
1- الإشكالات العقارية:
إن إشكالية الملكية العقارية التي كانت طيلة أكثر من ثلاث عشريات مطروحة بمفهوم سيطرة الدولة على الأراضي سواء كانت ذات طابع فلاحي أو ذات استعمال عمراني أو صناعي أو تجاري، تستدعي طرقا متجدّدة في ضوء الإصلاحات القائمة.
يمكّن تحليل قانون التوجيه العقاري لسنة 1990 من فهم جسامة المشاكل الخفية والضغوطات ذات الطابع القانوني والاجتماعي التي تؤثر على الحلول المقترحة.
وبكل وضوح، فإن قانون التوجيه العقاري ولسبب السياق الذي أتى فيه لم يكن إلا لوضع مقدمات السياسة العقارية وتطهير الوضعيات الناجمة عن الاختيارات السابقة. وينبغي أن يوضع القانون 90-25 في هذه الحدود وتُقيّم في ضوء امتدادها التعديلات وكذا السبيل الباقية للتخطي للوصول إلى نظام قانوني منسجم متكيف مع مفهوم الأرض كرأسمال اقتصادي من شأنه أن يسمح بانبثاق مؤسسة فلاحية عصرية قادرة على المساهمة في الحد من إتلاف الفضاء الريفي ومن ضمان تطور منسجم للفضاء المبني حضريا كان أو صناعيا
1.1- العقار الفلاحي:
إن العناصر المكونة للعالم الريفي الجزائري تفسر تاريخيا المسار الاستعماري الذي وجه التشريع نحو حلول التملك الخاص والفردي (قانون فارنيـي ،القانـون المشيخــي (Loi Warnier, Sénatus Consulte.) محل الشكل الجماعي للاستغلال والاستصلاح (المنظّم حول القبيلة) وقد تمكن التشريع الاستعماري من قلب بنية الملكية دون أن يتوصل إلى التأثير بصفة حاسمة في أسس أنماط التملك والاستغلال.
1.1.1- أراضي الدومين: ضروب من المنطق أملتها الرهانات:
وحتى توضع في سياقها الإيديولوجي والاجتماعي، يتعين تجزئة وتيرة التملك العمومي ثم إزالة التأميم (Dénationalisation) تبعا للحل الذي يقدم لوضعية معقدة ، وبالفعل فإن كل مرحلة من هذه الوتيرة مؤرخة نظريا وتعكس حالة ما من علاقات القوى التي أخفت بكيفية مستديمة أو على الأقل من النشاط الآني الصراعات والتناقضات التي تجتاز المجتمع الجزائري.
إن الاستراتيجية المتبعة منذ الاستقلال إلى غاية صدور قانون التوجيه العقاري لسنة 1990 كانت تهدف إلى الحفاظ على القطاع العام وتقويته بالتملك العمومي، وبعد ذلك توسيعه خاصة في إطار تنفيذ عمليا ت الثورة الزراعية، وبالموازاة مع ذلك، فإن إشكالية الملكية الخاصة كانت منحصرة في حدود دقيقة، بل حتى مهمّشة.
أما اليوم، فإن النتيجة الطبيعية للانتفاع الجماعي أو الفردي (فردي على الأصح) قد أخذت مكانتها الطبيعة في الإطار الذي يدعوه لذلك، وهو الإطار الذي عرف تحولا جذريا بإعطاء الأفضلية لظهور الملكية الخاصة على مستوى كل ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية مع محطات الإسناد والدعم الذي يستلزمه.
إن العناصر الكاشفة لهذا التوجه داخل العالم الريفي الذي كان يهدف ليس فقط إلى تحرير وأمن المعاملات العقارية بعنوان "أولوية التملك" ولكن كذلك إلى استغلال أموال الدومين الخاص للدولة تبرزها الأعمال التالية :
-مرسوم 22 ماي 1983 الذي يندرج ضمن منظور تحرير السوق العقارية بتثبيت الملكية العقارية وجعل الاعتراف السريع بها غير قابل للتراجع - تخفيض مدة التقادم المكسب من 17 سنة إلى 15 سنة مع أوسع مجال للتطبيق، أي كل البلديات التي لم يمسها المسح.
-تحرير نقل الملكية بالنسبة للأراضي الفلاحية أو ذات الوجهة الفلاحية.
(المادة 02 من مرسوم 10/12/1983)
-توسيع قانون حيازة الملكية العقارية الفلاحية (APFA) إلى المناطق السهبية من خلال المادتين 64 و65 من قانون التوجيه العقاري.
-إرجاع الأراضي المؤممة بعنوان "الثورة الزراعية" واحتمالا استبدالها بأرض تعويضية (مرسوم 3 أكتوبر 1962 المتضمن تنظيم المعاملات والبيوع والإيجارات والمزارعات والكراء الفلاحي للأموال المنقولة والعقارية والذي كان يمكّن الولاة من إلغاء العقود من هذا النوع المبرمة بعد الفاتح جويلية 1962، أما المعاملات التي أبرمت خارج الجزائر في هذه الفترة فقد اعتبرت لاغية بقوة القانون، وبهذا فقد وسع مرسوم 23 أكتوبر 1962 مفهوم الشغور إلى كل الأموال التي كانت محل معاملة باطلة . ونظرا لظروف وضعه قيد العمل وتفسيره من قبل الولاة فإن مرسوم 23 أكتوبر 1962 يشكل إلى الآن مصدر منازعات، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاعتراف بسند الملكية في إطار الإرجاع (restitution) الناجم عن قانون 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المعدل والمنظم قانون التوجيه العقاري،ذلك أن الإدارة لم تأخذ دوما في الحسبان التاريخ الفعلي للمعاملة الباطلة).
قانون 87-19 بتاريخ 18 ديسمبر 1987: حل وسط بين الخوصصة والتملك العمومي:
لقد أتى قانون 87-18 بالمصالحة بين المستثمرة الجماعية والتملك الفردي لوسائل الإنتاج مادامت الدولة تمنح للمستغلبن الفلاحيين حق امتلاك الممتلكات المكونة للذمة المالية للمستثمرة، ويتم التنازل عن هذا الحق في الملكية بمقابل.
ويقر هذا القانون كذلك التزامات ترمي إلى تحقيق أربعة أهداف :
·مقاومة المضاربة: عدم جواز التنازل عن الحصص إلا في حالة الوفاة، خلال السنوات الخمسة الأولى ابتداء من تاريخ تكوين المستثمرة الفلاحية الجماعية (المادة 23).
·تجنب التقطيع: تستغل الأراضي جماعيا وعلى الشيوع حسب حصص متساوية بين كل عضو من أعضاء الجماعة (المادة 09).
·تجنب القسمات الوراثية: في حالة تعدد الورثة وذوي الحقوق الذين يحلون محل مورثهم، يمكن لهؤلاء أن يختاروا واحدا منهم ليمثلهم في الحقوق والواجبات ويتكفل بحقوق وأعباء الحصة (المادة 26).
·ضمان الاستغلال الجماعي: استغلال المستثمرة ضمن إطار جماعي أو فردي وبكيفية شخصية يعد التزاما بالاستغلال المباشر (المادة 21).
ويترك كذلك قانون 87-19 إمكانية الاستفادة من الأراضي الزائدة لصالح المرشحين مثل المهندسين والتقنيين الفلاحيين ولو لم يكونوا مستغلين وعلى وجه العموم، فإن هذا القانون يرمي إلى تأمين المنتجين من كل أشكال التعدي.
ومن جهة أخرى فيجعل من المستثمرة الفردية وضعا استثنائيا (المادة 37).
ملاحظات انتقادية:
يظهر من خلال هذا القانون أن السلطات العمومية لم تجرأ على استخلاص كل نتائج هذه الاختيارات الجديدة للتحرر واكتفوا بالوقوف عند حل وسطي بين المستثمرة الجماعية جد مردودة (largement refusée) والامتلاك الفردي التي حاولت أن تظهره لأسباب سياسية.
وهذا التردد قد ترجم ميدانيا بالتسامحات وضغوطات محلية أحدثت مساسا في بعض الجوانب بمبادئ الإنصاف في التقسيم و الاستفادة، وهكذا فإن الاستفادة الفردية التي كان ينبغي أن تكون استثنائية مالت إلى أن تصير قاعدة فقد تكون 20% من المساحة الفلاحية المعنية قد منحت في شكل مستثمرات فلاحية فردية (م ف ف).
والنتيجة فقد سجلت عدّة إختلالات ستعيد طرح المبادئ والأهداف التي يسعى إليها هذا القانون.
وهكذا فإن غياب ممارسة الرقابة من قبل السلطات العامة قد مكّن من:
-تأجير الأراضي إلى أشخاص ليسوا أصحاب حقوق الاستغلال.
-قسمة عابرة (فعلية) للمستثمرات الفلاحية الجماعية دون أي علم للسلطات المختصة.
-تنازل لصالح أشخاص لا تتوفر فيهم الشروط القانونية.
وهذه الوضعية الناتجة عن عدم فعالية القانون تترجم غياب إذعان المستغلين لنمط الاستغلال الجماعي الذي لا يبدو أنه يطابق الواقع السوسيولوجي.
إضافة إلى ذلك، فإن العقد الإداري الذي يهدف إلى طمأنة المستغل قد أدى بسبب محدود يته والتساؤلات التي يطرحها إلى عدم استقرار الهياكل الفلاحية الخاصة بالأراضي العمومية . وعلى الرغم من أن العقد الإداري الخاص بالتنازل خاضع لشكليات التسجيل والشهر العقاري التي تشكل حجة على الغير ويمكّن من الحصول على قرض ، فإنه، مع ذلك، لا يبدو بأنه يشكل الضمان الكافي لتقوية العلاقة بالأرض بكيفية مستديمة و لا يثير حافزا كافيا للاستثمار والنجاعة المرجوة، فالقيمة القانونية لهذا العقد لم تكن تشكل عقبة أمام عمليات الإرجاع المقررة في إطار قانون 90-25 وهو الأمر الذي ينمي على الدوام ريب المستغلين.
لقد تعرضت الصحافة إلى العديد من الصعوبات التي نجمت عن قانون 87/19 وعلى وجه الخصوص التنازلات، إهمال الأرض، تغيير بنية المستثمرات ، تحويل وجهة الأراضي الفلاحية، غياب الاستثمار، تطور ظاهرة كراء وبيع الأراضي بعقود عرفية.
وهذه المعاينات لم تنكرها الإدارة والتي بموجب مختلف المناشير وعلى وجه الخصوص منشور 24 أكتوبر 1996 رخصت بوضع قيد الاستغلال الأراضي التي فقد مستغلوها حقوقهم عليها وأهملوها.
(أما منشور 6 مارس 1994 فقد تضمن تعليمات للولاة قصد وضع قيد العمل لتدابير إسقاط حق الاستغلال المنصوص عليه في القانون 87-19).
يمكن إذن التأكيد بأن قانون 87-19 بتاريخ 12 جانفي 1987 لم يحقّق إجماليا أهداف طمأنة المنتجين وترقية الاستثمارات وتحسين المردودية. فعلى العكس ، مكّن أشخاصا غرباء عن المستثمرة من جني فوائد من موقف السلطات العمومية.
البحث عن أدوات تكفل أمنا عقاريا:
إن إزالة التأميم وتكريس الملكية الخاصة، كما أكدنا على ذلك، تنبّأ بها قانون 14 أوت 1983 المتعلق بحيازة حق الملكية العقارية الفلاحية باعتماده مبدأ حيازة حق الملكية عن طريق الاستصلاح وليس حق الانتفاع كما هو الحال بالنسبة لقانون 87-19، وهذا القانون يشكل قطيعة حقيقية مرت تقريبا دون أن يُتفطن لها بسبب بعدها المحدود وبدليل أن قانون 90-25 الذي صدر فيما بعد لم يتمكّن من إعادة الطرح بكيفية بينة لحق ملكية الدولة.
وتشكل الحلول التي أتى بها القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 إجابة لتعقّد الوضعيات القانونية الناجمة عن مختلف المراحل التي مرّ بها النظام العقاري والتي أصبحت تشكّل حاجزا كبيرا أمام التطور الدائم للقطاع الفلاحي.
إن تشخيص الوضعية العقارية الناجمة عن تطبيق قانون 87-19 بتاريخ 18 نوفمبر 1987 قد أبرز حدود الأداة القانونية وعلى وجه الخصوص شروط وضعها قيد العمل، فكانت الاهتمامات السائدة عند مختلف الفعلة هي الآتية:
-تطهير المنازعات العقارية
-مآل أراضي الأملاك الوطنية
-التثمين والمحافظة على الأراضي السهبية
-تثمين وتوسيع الأملاك العقاري
-تأطير العقار الفلاحي.
كانت المستثمرات الفلاحية خلال 1990 تتميز بما يلي:
-عدم استقرار جماعات الممنوحين
-عدم استغلال الأراضي والبنايات
-ضعف الاستثمار
-الإيجار من الباطن والبيع قبل الجني
-تحويل مقابل إيجار الأراضي والبنايات
-تعمير غير مراقب وانتشار البنايات الفوضوية
وحسب ممثلي الفلاحين، فإن حق الانتفاع الدائم مرفوض في آن واحد من قبل المستغلين والمحيط الاقتصادي والاجتماعي، وهذا الحق لم يُضطلع به بكيفية إيجابية من قبل المنتجين من الناحية النفسية ولم يستوعب كما ينبغي من الناحية القانونية من قبل الجهات القضائية ذلك أن قواعد نقل الملكية والحجز عليها ليست موفقة بما فيه الكفاية لمسايرة ديناميكية اقتصادية جديدة.
ما هي أفق العقار الفلاحي؟
لقد جعل قانون 87-19 من المنتجين شبه ملاك لهم حق الانتفاع الدائم على ممتلكات معترف لهم بها بموجب سند ذي شكل عقد ناقل ملكية حقيقي لا يمكن أن يكون محل تحديد أو نزع للحيازة، فهوعقد إداري وُضع في شكل رسمي حسب إجراءات التسجيل والشهر العقاري.
ومن جهة أخرى فقد تم الاعتراف لصالح المستفيدين "بحق المساحة" أي حق الملكية على البنايات والتجهيزات والمنشآت والمغروسات الموجودة في المستثمرة، استثناء لمبدأ الحيازة الذي يجعل صاحبها مالكا للأموال أي مالكا للأرض.
وهكذا إذن فإن مالك سطح الأرض الذي هو الدولة قد منح "حق المساحة" للمستفيدين من أحكــام القـانون 87-19.
أكيد أن ملكية سطح الأرض يجوز بمقتضى القانون أو الاتفاق أن تكون منفصلة عن ملكية ما فوقها وما تحتها كما توضح ذلك المادة 675 الفقرة 3 من القانون المدني (وذلك ما توضحه كذلك المادة 7 من القانون 87-19 التي تنص بأن الدولة تمنح حق امتلاك جميع الممتلكات المكونة لذمة المستثمرة ما عدا الأرض).
غير أن هذا التحديد يمكن أن يدحض بالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 675 من القانون المدني التي تنص بأن "مالك الشيء يملك كل ما يعد من عناصره الجوهرية بحيث لا يمكن فصله عنه دون أن يفسد أو يتلف أو يتغير.أليس الأمر كذلك بالنسبة للاستثمارات المكونة من بساتين ومزارع كروم ومرابط مثلا؟
أو التي يمكن أن تغرس أو تشغل مستقبلا؟ أو بالنسبة للاستثمارات التي يمكن أن تنفصل عن سطح الأرض دون إتلاف؟
إننا نميل إلى التفكير بإن ذلك يعبّر عن إرادة الدولة في الإنقاص من حقوقها لتشجيع الاستثمار من قبل المستفيدين، والحث على إصلاح واستغلال الإمكانيات, و لكن هل هذا سبب كاف للتكثيف، إذا كان المستفيدون قد فهموا بالأحرى معنى ذلك وبعده؟
وبتطبيق هامش المناورة للدولة إلى ابسط تعبيره، فإن كل حلّ يفتح مجالات للانتقاد، ومن حيث الواقع فإننا أمام منطقين.
المنطق الأول يعتبر أن بيع أو عدم بيع الأراضي للمستفيدين من أحكام قانون 87-19 ليس هو المشكل الحقيقي، فالمشكل الحقيقي هو معرفة ما إذا كان ينبغي أو لا ينبغي إتمام إجراءات التمليك التي باشرتها بكيفية واسعة وملموسة أحكام القانون المعني. فالمنتجون صاروا يتصرفون كملاك حقيقيين.
ومن ثمة فإما يتأكد المنتجون كملاك، إن كان ذلك يعبر عن إرادتهم مع كون التنازل يكون بعوض تحدد كيفيا ته وإما يؤمّمون (expropries).
أما فيما يخص الإيجار فقد سبق وأن نظم في شكل إتاوة ينبغي إعادة النظر في شروط تحديدها وتحصيلها وبكيفية ثانوية تسميتها.
إذن فالمشكل لا يطرح بمفهوم الخيار أي إيجار أو شراء، فكلا الصيغتين يمكن اعتمادها في نفس الوقت لتمكين المرشحين الذين تتوفر فيهم المعايير لهذا الغرض من اختيار مدروس. وليس من المستبعد كذلك أن يختار مستقبلا بعض المستأجرين شراء الأراضي التي يستغلونها.
المنطق الثاني الذي يبدو أنه نال موافقة السلطات العامة يعتبر أن صفة المنتج أو المستغل ليست مرتبطة بصفة مالك الأرض، فالمشكل هنا زائغ ذلك أن الحل الذي يمكّن من التطور المستديم للأرض هو إنشاء مقاولة فلاحية حقيقية مدعمة بقانون أساسي يؤمن بكفاية أعضاءها. ففي هذه الحالة فأراضي الدومين الخاص يمنح عليها الامتياز لمدة طويلة وليس للأفراد. أما المنتجون الحاليون فستكون لهم حصص اجتماعية تمكنهم من المساهمة في نتائج الاستغلال، ويمكن أن تفتح هذه الشركات للمستثمرين بإرادة أعضائها.
وزيادة على ذلك، لقد حان الوقت للتوقف عن تركيز الحديث على جزء من العقار الفلاحي مهما كانت أهميته ومواجهة الموضوع في شموليته بنفس الاهتمام، وينبغي أن تستقطب الأراضي الخاصة اهتمام السلطات العمومية بتنظيم المستثمرة والحفاظ على قابليتها للحياة وتخصيص أهمية أكثر للإيجار الفلاحي.
2.1.1- نحو طريقة شاملة للعقار الفلاحي:
يقتضي التطهير العقاري المرور على تحديد القانون الأساسي للمستثمرة بصرف النظر عن حق الملكية.
يقدم التشريع الساري المفعول أوسع إمكانيات تدخل السلطات العمومية لترقية القانون الأساسي للمستثمرة، غير أن التدابير المقررة لم تندمج بما فيه الكفاية لإعطاء إطار منسجم وحماية للفعلة (Acteurs).
إن نظام الرخصة المسبقة لنقل الملكية العقارية يعني حماية قابلية استمرار المستثمرة.
ومع أنها ترخص بنقل الملكية العقارية، فإن المادة 55 من القانون رقم 90-25 تحاول حماية المستثمرات الفلاحية مهما كان قانونها الأساسي ضد المساس المحتمل لقابلية استمرارها وذلك بتأطير تجزئة الملكية بإجراءات معينة.
1-تخضع عملية التجزئة أو نقل الملكية العقاري إلى إجراءات توثيقية ترمي إلى التأكد من أن نقل الملكية لا يهدف إلى المساس بقابلية استمرار المستثمرة الفلاحية التي ستقتطع منها القطعة موضوع النقل، وتقدر قابلية استمرار المستثمرة بالنسبة إلى المساحة المرجعية المحددة بالمادة 6 من مرسوم 20 ديسمبر 1997، وتحدد المساحة المرجعية حسب المناطق الجغرافية.
2-تنجر الرقابة على عمليات التجزئة على مستوى الموثق والمحافظ العقاري اللذين ينبغي أن يسهرا على:
-ألا يعني نقل الملكية العقارية الملكية الفلاحية ذات المركز القانوني الخاص أو التابعة للقطاع العام ولكن ذات مساحة أقل من مساحة المستثمرة المرجعية؛
-ألا ينجم عن نقل الملكية الإنقاص من المستثمرة الموجودة إلى مساحة أقل من المساحة المرجعية أو إنشاء مستثمرة جديدة تقل مساحتها عن المساحة المرجعية (غير أن هذه الشروط يمكن أن تطرح بعض الصعوبات في حالة قسمة ملكية على الشيوع قد تكون مساحتها أقل من المساحة المرجعية وبهدف تجنب تجميد الأرض والنزاعات من هذه الطبيعة، قد يكون من الحكمة إيجاد آليات قانونية لتسوية هذه النزاعات لفائدة المستثمرة).
-ألا ينجم عن نقل الملكية العقارية أو القسمة الخاصة بالمستثمرة الفلاحية الجماعية التابعة للقطاع العام، ولو كانت ذات مساحة تفوق المساحة المرجعية، ألا ينجم عن ذلك التخفيض من عدد أعضاء الجماعة إلى أقل من ثلاثة.
عمليات إعادة الهيكلة العقارية:
يميز القانون بين نمطين من تدخل الإدارة في عمليات إعادة الهيكلة العقارية:
توحيد القطع الذي يشكل إجراء إداريا من جهة، والمبادلة الودية للقطع التي تنبني على مبادرة الملاك مما يجعله نمطا اتفاقيا من جهة أخرى.
إن توحيد القطع الذي يعرف بأنه عملية ذات منفعة عامة يهدف إلى:
-الإنقاص من تجزئة الأراضي الفلاحية التي تجعل استغلالها صعبا من الناحية الاقتصادية والعقلانية وذلك بتشتيت القطع؛
-تطوير استصلاح الأراضي الجديدة ومضاعفة مردودية الأراضي الناقصة الاستغلال؛
-إعادة توزيع الأراضي الفلاحية بقصد إنشاء مستثمرات ذات قابلية الاستمرار اقتصاديا ضمن قطعة موحدة وبعد إنجاز المنشأة العمومية.
ومن جهة أهدافه، فإن توحيد القطع يرمي إلى تحسين الاستغلال و جمع القطع.
وينبغي أن يتكفل القانون المتعلق بالتوحيد في آن واحد بالأهداف الاقتصادية لتوحيد القطع وبحماية مصالح وحقوق الخواص.
وبالفعل، فما دام توحيد القطع يهدف في مرحلته التحضيرية إلى تقليص العمليات المعدة لتحسين المساحات، وفي مرحلته العملية إلى تحويل الملكية، فينبغي أن تقرّر ضمانات كافية وبالأخص الرقابة القضائية الملائمة وآليا ت طعن فعّالة.
بالإضافة إلى الدور المركزي الذي ينبغي أن يلعبه الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، فعلى المجموعات المحلية أن تكون كذلك معنية بكيفية دائمة بتحديد أهداف العمليات التي ستنتج في إطار وضع قيد الإنجاز والمتابعة.
القانون الأساسي للمستثمرة :
لقد عرّفت المادة 674 من القانون المدني الملكية على أنها "حق التمتع والتصرف في الأشياء بشرط أن لا يستعمل استعمالا تحرمه القوانين والأنظمة".
وبهذا التعريف يمكن لنا القول بأن المشرع الجزائري قد ربط ارتباطا وثيقا نظام الملكية بمفهوم المصلحة التي كرّس من أجلها هذا الحق. وبقصد تكريس الدور الاجتماعي للملكية فإن المشرع الجزائري قد تأثر بالمفهوم التقليدي، ذلك أنه مع اعترافه للمالك بالامتيازات اللصيقة بهذا النظام يأمر بالامتناع عن الإضرار بالغير (خواص أو مجموعات) وإلا اعتبر استعمال حقه استعمالا تعسفيا طبقا للمادة 41 من القانون المدني، وحسب القانون المدني، فإن حالات التعسف في استعمال الحق تتلخص في النقاط الثلاثة التالية:
-إذا وقع بقصد الإضرار بالغير؛
-إذا كان يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير؛
-إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة.
وقانون التوجيه العقاري بتقريره في المادة 48 منه بأن عدم الاستثمار الجماعي الفعلي للأراضي يعد تعسفا في استعمال الحق، فإنه يرمي إلى حماية المصلحة العامة. وفي هذه الحالة فإن العقوبة المنصوص عليها لا تستهدف المصلحة الآتية الناجمة عن الممارسة التعسفية والتعويض العادل بقدر ما تستهدف المجازاة الموجهة ضد المخالفين، ذلك التعسف في استعمال الحق بسبب عدم استثمار الأرض الفلاحية قابل لعقوبة:
-تحديد من حق الملكية الذي يمكن أن يترجم بضياع هذا الحق.
-التحديد من حرية التصرف الذي يمكن أن يترجم بالبطلان المطلق لكل معاملة.
ويتعين التأكيد على الطابع الشاذ والمبالغ فيه لهذه العقوبات التي هي أبعد ما تكون من الموقف المعتدل للقانون المدني، فلم يكتف المشرع من خلال المادة 48 من القانون 90-25 بإضفاء الدور الاجتماعي للملكية العقارية ولكن جعل منها وظيفة اجتماعية وهو ما يمكن أن يكون مضرا بالمركز القانوني للمالك ما دام يمكن أن يترجم ذلك بـ:
-حق السحب الذي يمكن أن يستعمل ضد المعاملات التي سبق وان أبرمت؛
-إمكانية إلزام الملاك بمنح إيجارات ضد إرادتهم ؛
-إمكانية البيع المكره لملكياتهم
وبالنظر إلى المبادئ الدستورية التي تحمي الملكية والتي لا تعترف للتشريع إلا بحق تنظيمها وليس بحق إلغائها وإلى المبدأ العام الذي يضمن استقرار المعاملات، فقد تبدو هذه التدابير مفرطة. زد على ذلك فإن المشرع قد ذهب إلى أبعد من ذلك، بحيث أن الالتزامات المرتبطة بالملكية العقارية تؤدي إلى الالتزامات التالية:
-استعمال الأراضي الفلاحية للنشاط الفلاحي فقط، فتغيير الوجهة هو إذن قابل للعقوبة، كما هو قابل كذلك للعقوبة أيضا، الاستعمال الذي لم يكن مطابقا لضوابط المردودية والنجاعة؛
-يقوّم عدم الاستثمار بالنظر إلى المدّة ما دام يمكن اعتبار الأرض غير مستثمرة عندما يثبت أنها لم تستغل لمدة موسمين فلاحيين اثنين متعاقبين.
إن وجوب استثمار الأرض الذي يعد من أهم نتائج قانون التوجيه العقاري وتكريس الوظيفة الاجتماعية للملكية هو الوضع على عاتق كل حائز للأراضي الفلاحية التزام استثمارها، ويعد هذا الالتزام بيان الانتقال من مفهوم ملكية الاستعمال إلى مفهوم ملكية كوسيلة إنتاج.
غير أن مفهوم الاستثمار ينبغي أن ينفصل عن الملكية ما دام المفهوم الاقتصادي للعلاقة بالأرض يجر بالضرورة إلى عدم الأخذ في الحسبان إلا المنتج وليس حائز الرأسمال العقاري في وتيرة الإنتاج الفلاحي.
فالسؤال من يستثمر؟ المالك أو صاحب الحقوق العينية أو المستأجر؟ لا يهم كثيرا.
إن نمط الاستغلال المباشر أي استثمار الأرض من قبل المالك لا يمكن أن يشكّل القاعدة إذا كنا نريد إعطاء أهمية للإنتاج والنجاعة، فأفضل من ذلك فإن الاستغلال غير المباشر هو نمط تثمين الأرض الذي يناسب بكيفية أفضل المفهوم العصري للمقاولة الفلاحية.
وهذا المفهوم الأخير هو الذي يسود حاليا في التشريع العقاري الجزائري.
ففي هذا المنظور نص القانون على كيفيات معاينة عدم الاستثمار والعقوبات الناجمة عنه (المادة 50 من قانون رقم 90-25).
المشاكل المرتبطة بالمواريث:
يشكل الميراث في مادة الملكية العقارية عادة حاجزا لمواصلة الاستغلال وخاصة عندما لا يكون كل الورثة مستغلين ولا ينوون الخروج من الشياع بهدف حماية الملكية العائلية أو كذلك إذا كان أحدهم يرغب في الخروج والمستغلون يرغبون في مواصلة الاستثمار، ففي هذه الحالة يمكن تصور عدة حلول:
-القسمة الودية التي قد تنفذ على اتفاق الأطراف على بيع مجمل المستثمرة (م.720 ق م.) ولكن في الحالة التي يقرر فيها ثلاثة (3/4) أرباع الشركاء على الشياع البيع، فيبقى لمن خالفهم الحق في الطعن أمام القاضي؛
-على العكس من ذلك، فإن المادة 736 من القانون المدني تسمح للشركاء بالبقاء في الشياع إذا رأى لهم أن مآل المال يؤدي إلى جعل القسمة في غير صالحهم.
ففي هذه النقطة، لم يطرأ على قانوننا تطورا ملحوظا، فالوضعية تستدعي حلولا من شأنها تجنب المأزق الذي تعرفه بعض المستثمرات.
2.1 إشكــالية الأراضــي الرعويــة
تمثل الأراضي الرعوية 20 ملينا من الهكتارات وزعها القانون المشيخي لسنة 1863 إلى ثلاثة أصناف: أراضي العرش أو الأراضي الجماعية و الأراضي البلدية وأراضي الدومين (الأملاك العامة)
تم التملك الفعلي لمليونين ونصف أو لثلاثة ملايين من الهكتارات المستصلحة من قبل الخواص، أما الباقي فهو مستعمل كأراضي عبور.
1.2.1- تأكيد مركز الأملاك العامة على أراضي العرش والأراضي البلدية: اعتراف بحق الاستعمال للحائزين التقليديين.
يقصي القانون رقم 90-25 (المادة 76) ضمنيا من مجال الإرجاع أراضي العرش والأراضي البلدية.
فهذه الأراضي غير قابلة للإرجاع بمفهوم القانون ما دامت الفئات التقليدية تستغلها بموجب مجرد حق الانتفاع الدائم غير المشخص.
وهذه الأراضي حسب مركزها القانوني (بلدية أو عرش) قد أدرجت إما في أملاك البلدية وإما في الصندوق الوطني للثورة الزراعية، وبذلك، فإنها لم تعتبر بأنها أراضي مؤممة بمفهوم قانون 90-25 الذي لا يعترف إلا بأراضي "الملك" .
وحجج الحائزين التقليديين هي في تعارض كلي مع حجج الإدارة فهم يعتبرون أن أراضي العرش ليست أراضي عمومية. بل هم ملاكها الشرعيون نزعت منهم الحيازة بفعل قانون الرعي لسنة 1975 وهذه الوضعية، حسب رأيهم ناجمة عن سوء تفسير الوثائق التي في حوزتهم من قبل المحققين في إطار الثورة الزراعية.
أما بالنسبة للجهات القضائية فهي بدورها لم تتبنى موقفا موحدا، فتارة تقف عند اشتراط العقد الرسمي الذي يشترطه القانون وتارة أخرى تستند على أحكام القانون المدني المتعلقة بالتقادم المكسب للاستجابة لدعاوى الحيازة للحائزين التقليديين، وهذه الوضعية قد خلقت في بعض الأحيان سوء تفاهم بين العدالة والإدارة.
وفي الأخير فبدافع إيجاد حلول محلية، تكون بعض السلطات المحلية قد أرجعت إلى الفئات التقليدية الأراضي التي لم يكن لها عليها إلا الحيازة وهو الشيء الذي نجمت عنه احتجاجات أكثر حدة.
فعلى وجه العموم، فإن الاعتراض عن بيع أراضي العرش يظهر شيئا فشيئا عند بعض فعلة المجتمع المدني، وهذا في منظور الخوصصة. من حيث الواقع، فلنا من جهة الدولة تريد أن تمنح الفئات التقليدية سندات المنح ومن جهة أخرى الفئات التي ترغب في أن تثبّت في حقوقها التقليدية للاستغلال وحتى الملكية.
ويؤكد القانون 90-25 الممنوحين بعين المكان وأصحاب حق الانتفاع بموجب القانون 87-19 (المادة 85) فهو يؤكد إذن الوضعيات الفعلية التي سبق وأن كانت موضوع تسوية استثنائية.
وعلى هامش النقاش القانوني، وعادة السياسي، فإن الفئات التقليدية ستحاول شراء الأراضي على الممنوحين الذين ضعفت علاقتهم بالأرض بفعل القانون رقم 90-25 تم بعده بفعل الأمر رقم 95-26 المؤرخ في 225 سبتمبر 1995.
إن حل قانون 90-25 الخاص بمنح الأراضي الزائدة لا يبدو أنه فعال ولا يشكل الإجابة الملائمة لهذا المشكل الخاص.
لقد تأكد طابع الملك العام لأراضي العرش بموجب تعديل المادة 85 من القانون 90-25، فأراضي العرش والأراضي البلدية المدمجة في الصندوق الوطني للثورة الزراعية تطبيقا للأمر رقم 71-73 المؤرخ في 08 نوفمبر 1971 تبقى ملكا للدولة طبقا للمادة 18 من القانون رقم 90-30 المؤرخ في أول ديسمبر 1000 المتضمن قانون الأملاك الوطنية.
أكثر من ذلك ليس فقط لا يعترف بالمستأجرين ولا بالحائزين التقليديين بل يستبعد كل شكل التملك الفردي أو الجماعي على هذه الأراضي، إذ يؤكد طابع الأملاك العامة وبالتدقيق ملكية الدولة على هذه الأموال.
غير أنه هل هذا الحال من شأنه أن يضع حدا للصراعات القائمة من أجل حيازة الأرض وخاصة في المناطق الرعوية؟ ويعد هذا التساؤل شرعيا لا سيما أن مواقف البعض والبعض الآخر مازالت متعارضة وأن النقاش حول المناطق السهبية لم يشرع فيه بعد.
2.2.1- وضعية أراضي العبور (الأراضي الرعوية):
تعد وضعية الأراضي الرعوية أكثر تعقيدا ما دام قانون الرعي قد أدمجها بدون قيد أو شرط في الصندوق الوطني للثورة الزراعية ويمنع مبدئيا تحويلها إلى أراضي قابلة للحرث.
في الواقع فإن الفئات التقليدية لم تتوقف البت عن حيازتها واستغلالها على أساس القواعد العرفية للقسمة والاعتراف المتبادل بهذه الحقوق.
فسندات الشغل المعترف بها من قبل الإدارة الاستعمارية لا تشكل بتاتا سندات ملكية.
والتعقيد ناجم من الاستفادات المنجزة في إطار الثورة الزراعية لصالح أشخاص غرباء عن هذه الفئات و الذين بإمكانهم أن يطالبوا في إطار قانون 87-19 وقانون 90-25 بحق الملكية على الأراضي التي أصبحت قابلة للحرث.
وبفعل القانون المتعلق بحيازة الملكية العقارية الفلاحية فإن سياسة الاستصلاح ثم الاستفادة من الأراضي الجديدة في إطار إنشاء مناصب شغل لصالح الشباب فقد تقلصت أراضي العبور بكيفية معتبرة.
ومن حيث الفعل، فإن العالم الريفي الرعوي يعرف تطورا متناقضا ما دام السكان الرحل لم يتوقفوا عن الانتقاص، وعلى العكس من ذلك، فإننا نلاحظ تضاعف الماشية في المراعي السهبية.
فعلاقات الإنسان بالأرض، بالماشية ، بالأسرة، بالجماعة وبالسلطة صارت تتغير تدريجيا، ولهذه التقلبات آثار على التهيئة واستعمال الأراضي السهبية.
أمام هذه الوضعية، فإن السلطات العمومية لم تحدد القواعد الخاصة بذلك، وبالفعل فإن قانون 90-25 يحيل بدون قيد أو شرط إلى قانون خاص فيما يخص شروط شغل الأراضي الرعوية والحلفائية من قبل الفئات تنص المادة 64 من القانون رقم 90-25 على :
-إمكانية تثبيت حقوق الانتفاع التقليدي على الأراضي الرعوية الجماعية لصالح الفيئات التقليدية وحق ملكية الاستثمارات المحققة.
-يمكن أن يكون حق الانتفاع فرديا أو جماعيا على الأراضي القابلة للحرث والواقعة بالأراضي الرعوية.
3.1- العقار الحضري والصناعي:
لم يحظ العقار الحضري والصناعي الذي يشكل مظهرا آخر من الإشكالات العقارية بعلاج ملائم. أكيد أن الإجراءات قد اتخذت ولكن لم تدرج في المنظور الشامل للدور الجديد للدولة.
هل يجب على الدولة أن تستمر كموفر الوحيد للأراضي الخاصة بالمشاريع أو ينبغي إيجاد قواعد تمكن من الحصول على الأرض.
1.3.1- العقار الحضري: حلول جزئية
تسوية الوضعيات العقارية:
نجمت منازعات عقارية مهمة على الأمر رقم 74-26 المؤرخ في 12 فبراير 1974 المتضمن إنشاء الاحتياطات العقارية البلدية الذي كان يخول للبلديات الاحتكار على الأراضي العمومية والخاصة الواقعة محيطاتها العمرانية.
ومن وجهة النظر العملية، فالعديد من المشاكل قد أثيرت من بينها على وجه الخصوص:
-منحت البلديات أراض على ملكية الدولة إلى خواص أو إلى مؤسسات دون أن تدفع المقابل للخزينة العامة.
-كان للمستفيدين من القطع عقود إدارية دون أية قيمة قانونية، فإدارة الدومين ترفض أن تسلم سندات الملكية طالما أن البلديات لم تقتن الأراضي المعنية.
-استولت البلديات على الأراضي التابعة للخواص دون مآل واضح.
ومن جهة أخرى، فإن الإجراءات التي وضعت قيد العمل بغرض شراء الأراضي المعدة لإنجاز مشاريع صناعية لم تحترم فيها دائما الإجراءات القانونية لنزع الملكية، فالعديد من المؤسسات تحوز تراثا عقاريا دون أن يكون لها سند ملكية، فتصفية بعض المؤسسات المنحلة مجمدة عادة بسبب هذا الإشكال.
وقد ألغى القانون رقم 90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المتضمن التوجيه العقاري أحكام الأمر رقم 74-26 وحاول الإتيان ببعض الحلول للنزاعات المطروحة، وقد مكن المنشور رقم 02 المؤرخ في 13 جويلية 1994 من تسوية بعض الحالات.
وقد نشأت لجان تقنية للعقار مكلفة بتسوية الحالات النزاعية وينبغي الملاحظة إلى أن الأمر رقم 85-01 المؤرخ في 13 أوت 1985 قد تدخل لتسوية البنايات اللاشرعية المنجزة على الأراضي التابعة للأموال العمومية.
وهل مكنت فعلا هذه النصوص من فك هذه الوضعيات؟
ومن جهة أخرى فقد برزت بعض الظواهر الناجمة عن تحرير المعاملات العقارية وإرجاع الأراضي المؤممة في إطار الثورة الزراعية أو التي كانت وضعت تحت حماية الدولة.
ومن آثار تحرير المعاملات العقارية بفعل القانون رقم 83-18 المؤرخ في 13 أوت 1983 أولا ثم القانون رقم 90-25 أن تغيّرَت سلوكات الملاك وأحدث حركة مضارية حول المدن الكبرى على حساب الفلاحة.
ويمكن أن ينجر كذلك الخطر الذي يهدد الأراضي بضياع وجهتها الفلاحية من ضرورة ترضية الحاجات العقارية بقصد تنمية المدن، وبفعل آليات قانون العمران، فأخذ ت هذه الظاهرة اتساعا خاصا، فإدماج الأرض ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير المنصوص عليه في القانون رقم 90-25 المؤرخ في 13 أوت 1990 يغير وجهتها، فهي تفقد وجهتها الفلاحية لتكتسب طابع الأرض القابلة للبناء، فالأرض القابلة للبناء صارت تابعة لمركز قانوني جديد سواء كانت عمومية أو خاصة وتحول آليات قانون العمران للأرض التي تكتسب قيمة تجارية، وهذه الآليات ستهيكل سلوكات ملاك الأرض الذين يمكن أن يفشلوا مفعول قواعد المحافظة على الأراضي الفلاحية، وكل المسألة هنا هي إذن كيف يمكن تأطير تنمية المدن بكيفية تحافظ على الوجهة الفلاحية للأراضي؟ هل الآليات المنصوص عليها في القانون 90-25 وعلى وجه الخصوص القواعد المتعلقة بالتجزئة وتصنيف الأراضي ذات فعالية؟
2.3.1- العقار الصناعي- تسيير المناطق الصناعية والحصول على مساحات الاستثمار:
تسيير المناطق الصناعية:
إضافة إلى تعقّد الوضعية القانونية للقطع التي تكونت عليها مناطق صناعية، فإنه يطرح إشكال تنظيم استعمال وصيانة الإجراء المشترك.
وفي غياب تنظيم يحدد حقوق والتزامات مختلف الفعلة، فإن الكثير من الهياكل تركت للضياع، ومن الضروري وضع دفاتر أعباء تحدد كيفيات التدخل والتمويل والعقوبات بالنسبة للفعلة الذين يتخلون عن التزاماتهم، وكما هو من الضروري أن يحدد القانون وسائل تدخل السلطات العامة.
الحصول على الأرض: أي دور الدولة:
تنص المادة 77 من المرسوم رقم 94-321 المتخذ تطبيقا للمرسوم التشريعي رقم 93-12 المؤرخ في 5 أكتوبر 1993 المتعلق بترقية الاستثمارات، تنص على تمكين الأشخاص الذين يستثمرون في المناطق المعدة للترقية أو في المناطق ذات الأولوية من الاستفادة من العقارات التابعة للأملاك الخاصة للدولة.
يمنح الامتياز لمدة تتراوح بين 20 إلى 40 سنة حسب طبيعة المشروع ومدة الاستثمار، وهو مبرم في شكل عقد إداري تعده مصالح أملاك الدولة ومرفق بدفتر أعباء (مرسوم 94-322).
ويمنح الامتياز بالدينار الرمزي طيلة مدة الامتياز بالنسبة للاستثمارات المنجزة في المناطق ذات الأولوية.
ويمنح كذلك بالدينار الرمزي إلى غاية بداية الاستغلال في المناطق المرشحة للترقية مع دفع إتاوة ابتداء من تاريخ وضع قيد الاستغلال وإلى غاية نهاية الامتياز.
عند نهاية الامتياز، يمكن تجديده أو تحويل إلى تنازل نهائي إذا أوفي بتعهداته.
يمكن للإدارة أن تسحب امتيازها إذا لم يوف المستفيد بالتزاماته التعاقدية ويمكن اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة.
لماذا الامتياز كمرحلة انتقالية نحو التنازل؟
وضعت السلطات العمومية في الحسبان التجارب السابقة حيث تم تحويل الأراضي المعدة كوعاء لمشاريع بناء عقاري من مكانها الأصلي دون أن يكون في وسع الإدارة أن تعترض على ذلك بفعل وجود سندات ملكية غير أن هذه الإجراءات لا تتضمن اعتماد المستثمرين.
ففي غياب سند ملكية، لم يتمكنوا من الحصول على قرض أو القيام بمختلف العمليات التجارية التي تستدعي اللجوء إلى ضمان عقارية.
ويمكن بدون نقل الملكية، الاعتراف قانونا بقيمة حق الامتياز الذي يمكن اعتباره كحق عيني قابل للتداول في السوق المالية.
إن للعقار وخاصة لمشاكل حق الملكية كذلك أثار على ترقية العقارية من ثمة على سياسة السكن.
لقد قبلت الترقية العقارية الخاصة لأول مرة في الجزائر بفعل القانون رقم 86-07 المؤرخ في 4 مارس 1986، وهو القانون الذي كان يعني حصرا إنجاز السكنات بقصد البيع واضعا في المقام الثاني السوق الايجارية غير أن هذا الإجراء لم يأت بالآثار المنتظرة لسببين أساسيين: كلفة السكن التي لم تكن في متناول المواطنين وتحويل أراضي الوعاء لأغراض أخرى.
وذلك ما يفسر إعادة تنظيم هذا النشاط بموجب المرسوم التشريعي رقم 93-03 المؤرخ في أول مارس 1993 الذي:
-أخضع الترقية العقارية للمنافسة
-ألغى دفتر الأعباء
-وسع الترقية العقارية إلى أنشطة أخرى.
غير أن بعض الحواجز ذات طابع قانوني لم يتاح تجاوزها وخاصة تلك التي تتعلق بسندات الملكية.
وعلى العموم فإن التمويل الرهني العقاري يعد غير معروف من قبل المتدخلين سواء تعلق الأمر بالقضاة أو الموظفين أو مساعدي العدالة أو حتى بعض المصرفيين أنفسهم، وأننا نعتقد أنه ينبغي تقرير وتنظيم فترات تكوينية تحسيسية لصالحهم بكيفية تجعل مجال هذا التمويل مفهوما ومطبقا بدقة من طرف الجميع.
1- لا ترغب البنوك في منح قرض إلا مقابل ضمان رهني، وليكون في وسع مدين إجراء رهن على أرض ينبغي عليه، إلا في حالات استثنائية، أن يكون مالكا للعقار الذي سيرهن ويكون أهلا للتصرف فيه.
ويمكن أن يمنح حاليا للدائن رهنا اتفاقيا من طرف مالك العقار:
-على العقار الذي يملكه ما دام هذا المالك يبلغ من العمر أكثر من 19 سنة ويتمتع بقواه العقلية ولم يكن موضوع حجر. يشترط القانون المدني، بالفعل، أن يكون مؤسس الرهن مالكا للعقار الذي سيرهن وأهلا للتصرف فيه؛
-يمكن إذن أن يرهن من يحوز سندات ملكية (عقد توثيقي أو دفتر عقار) وكذلك هو الحال بالنسبة لمن يحوز عقد شهرة على عقار. يعتبر كذلك حائزا لسلطة إجراء الرهن على العقار الذي يجوزه من كانت له حيازة أرض بموجب شهادة حيازة ولو لم يكن مالكها، غير أنه لا يمكن له أن يمنح إلا رهنا من المرتبة الأولى وفقط بالنسبة لضمان قروض المدى المتوسط والبعيد؛
-من طرف مالك البناءات المشيدة على أرض ملكية الغير أو على البناءات التي هي على ملكيته، وفي هذه الحالة الأخيرة يستفيد الدائن من حق الأفضلية على أسعار البناءات المهدمة بالنسبة للتعويض المدفوع من قبل مالك الأرض، إذا فضل المالك الاحتفاظ بالبناءات.
من طرف حائز حق امتياز على أرض موضوع امتياز كذلك على البناءات المشيدة على هذه الأرض.
ويشكل ضمان تنفيذ الرهن عادة إحدى الصعوبات، فالفعلة يخشون الصعوبات الكبيرة عند تحقيق الضمان الرهني أساسا بسبب أزمة السكن القائمة في الجزائر، فهم يخشون بالفعل بأن يعتبر أمر طرد شخصي أو عائلة من السكن الذي يشغله بسبب عدم الوفاء عند حلول القرض الرهني غير مقبول اجتماعيا، خاصة وأن فعل إعطاء رهن لدائن ينظر إليه بالنسبة للجزائري على أنه نقيصة.
غير أنه من الممكن تقرير تدابير تسمح بإيجاد إجراءات مبسطة وأقل كلفة وأكثر عجلة وهكذا فيمكن التنصيص في قانون الإجراءات المدنية على جعل جدول التسجيل الرهني إلى المحافظة العقارية يشكل سندا تنفيذيا بحيث لن يكون ضروريا بالنسبة للمحضر من استصدار أمر من القاضي.
2- توضّح المادة 179 من القانون المتعلق بالنقد والقرض بأنه ينشأ رهن قانوني على أموال المدين العقارية لصالح البنوك والمؤسسات المالية ضمانا لتحصيل ديونها والتعهدات المبرمة تجاههم.
وهذا الرهن كان ينبغي أن يوسع لإعطاء أثر الضمان العيني المنصوص عليه في المادة 884 من القانون المدني بحيث يصير من الممكن تطبيق الرهن القانوني على أموال الغير عندما يكون هذا الغير ضامنا لمدين البنك أو المؤسسة المالية.
ومن الممكن التنصيص في قانون الإجراءات المدنية على قاعدة بقصد جعل جدول تسجيل الرهن بمثابة سند تنفيذي وذلك بهدف تبسيط التكاليف والإجراءات في حالة إنجاز رهني.
3- في حالة البيع بناء على تصميم، كان ينبغي أن لا يرتبط سند الملكية بشهادة المطابقة، ففي الوقت الراهن طالما أن هذه الشهادة لم تسلم فلا يمكن للمرقي أن يمول مشروعه بواسطة قرض رهني ذلك أنه على الرغم من المادة 889 من القانون المدني، فإن البنوك والمؤسسات المالية تشترط سندات الملكية لمنح قرض رهني، ولا يمكن للمرقي بدوره أن ينقل لمشتريه سندات الملكية دقيقة ذلك أنه لا يجوز أي سند ملكية ليقدمه وإصدار هذه الشهادة يمكن أن يكون مطولا وحتى محل الرفض ذلك أنه يمكن ألا يكون العقار مطابقا.
وهذه الوضعية قد تضر بالمشترين بسبب فعل لا يمكن أن ينسب إليهم ذلك أنهم لا يمكن لهم تمويل ما اشتروه بواسطة قرض رهني، إذ أنهم لا يحوزون سند ملكية.
وقد يكون من الملائم التنصيص على قاعدة تفصل بين إصدار شهادة المطابقة وسند الملكية، وبذلك يمكن تسليم سند الملكية لصالح المرقي حال الانتهاء من الأشغال الكبرى.
II- أدوات التنظيم العقاري:
بعد فترة المنع لكل معاملة عقارية المقرر بموجب الأمر رقم 74-26 المؤرخ في 12 فبراير 1974 والمتضمن إنشاء الاحتياطات العقارية البلدية والذي نجم عنه تعميم المضاربة العقارية، والبناءات اللاشرعية والعقود العرفية التي قامت الإدارة بتسويتها حسب أشكال مختلفة، فقد سنت أحكام جديدة بقصد تمكين الدولة من السيطرة على الأرض بدافع إخضاع الحركة العقارية إلى رقابة أكثر دقة.
ومن جهة أخرى، فإن عمليات مسح الأراضي صارت تشكل الوسيلة الفضلي للتطهير النهائي للوضعية العقارية.
1.2- رقابة الحركة العقارية:
يشكّل العقد الرسمي الشكل الوحيد للتملك ذلك ما قررته المادة 61 من المرسوم 76-63 المؤرخ في 25 مارس 1976 والمتعلق بتأسيس السجل العقاري التي تنص على أن "كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم على الشكل الرسمي وتؤكد المادة 29 من القانون رقم 90-25 هذا المبدأ، ومستقبلا فالعقد الرسمي هو الشكل الوحيد لتلمك الأموال العقارية والحقوق العينية العقارية بدليل أن المادة 30 من القانون 90-25 تلزم إثبات كل حق حيازة على أموال عقارية بتنصيبها على ما يلي: "يجب على كل حائز أو شاغل لأمال عقارية أن يكون لديه سند قانوني "
ويعرف العقد الرسمي على أنه : العقد الذي يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه.
والعقود الرسمية هي عقود مؤسسة معلنة أو ناقلة أو معدلة تنصب على ملكية عقارية، ينبغي أن تشهر وجوبا وتسجل في البطاقية العقارية.
وتمتد هذه العقود إلى العقود الرضائية والاتفاقية الرامية إلى تأسيس نقل إعلان تعديل أو إنهاء حق عيني.
المادة 793 من القانون المدني : "لا تنقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقاري".
وقد جاء النظام المسمى بنظام "تورنط : Torrents" المبني على الإشهار العيني، أي الذي ينسحب على العقارات ليحل محل النظام القديم. إن النظام الجديد الذي أدخل بموجب الأمر رقم 75-74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس التسجيل العقاري عوض الرضائية التي كانت سائدة في النظام السابق بشكلية بينية تمكن الدولة من ممارسة رقابتها على الحركة العقارية.
وكان نظام الإشهار الذي أوجده الاستعمار يهدف إلى تأمين المعاملات العقارية لصالح الأوروبيين ويعني على الأخص الأراضي المفرنسة، وهذا النظام المسمى بالشخصي يأخذ في الحسبان مالك المال وليس الملكية المعنية بحيث كانت البطاقية ممسوكة تبعا لاسم المالك وحتى في حالة انتقال الملكية من يد إلى أخرى جراء عمليات نقل الملكية العقارية.
ولم يكن هذا النظام ينسجم مع الوضعية العقارية التي كانت سائدة في الجزائر خلال سنوات 1970.
وبالفعل، لإجراء مسح تاريخي على العقارات كان ينبغي إيجاد اسم كل الملاك السابقين.
وفي هذا النظام يساهم الموثق في تأخير الحركة العقارية، فدور الموثق هو تلقي الأعمال أو العقود التي ينبغي على الأطراف أن يعطوه الطابع الرسمي اللصيق بالسلطة العمومية أو يرغبون في ذلك، وكان للمحافظ العقاري صلاحيات جد واسعة.
وهكذا فمن جهة، فإن إجراءات الشهر بقصد التسجيل في البطاقية العقارية تحقق وجوبا وحصرا من قبل الموثق الملزم، بصرف النظر عن إرادة الأطراف، بشهر كل العقود الخاضعة للشهر المحررة من قبله أو بمساعدته، ومن جهة أخرى فإن الحقوق العينية المتعلقة بعقار لا تنتج أي أثر في مواجهة الغير إلا بعد شهرها.
والمحافظ العقاري، فيما يخصه، يلعب دورا مهما ويمارسها عادة باسم الدولة لشهر أو رفض شهر العقود ما دام مكلف بتسيير مرفق عمومي يتمثل في مسك السجل العقاري والقيام بالشكليات المتعلقة بالشهر العقاري.
غير أن في النظام الجديد توسع دوره ذلك أنه مكلف كذلك بالتحقق من أهلية الأشخاص الأطراف في المعاملة وقانونية العقود، مما يعني أن دوره صار يعلو دور الموثق مما يمكن أن يؤدي إلى تنازع في الاختصاص، ذلك هو الأمر عندما يحرر الموثق عقودا اعتبرها صحيحة والتي يمكن للمحافظ العقاري أن يرفضها.
والدليل على ذلك، فإن سلطات المحافظ العقاري على درجة من السعة تمكنه أحيانا من رفض شهر الأحكام القضائية على أساس انعدام الأسس القانونية وعلى وجه الأخص عندما يبني القاضي حكمة على التقادم المكسب في حين يلاحظ المحافظ العقاري غياب سند ملكية. ففي هذه الحالة يحل محل الجهات القضائية.
2.2- تدابير تسوية بعض الوضعيات العقارية:
أُدخل عقد الشهرة وشهادة الحيازة في القانون ا لجزائري لمواجهة تعقد الوضعيات العقارية في عين المكان خاصة وأن 10% فقط من التراب الوطني عرف عملية المسح.
إعمالا للمبادئ الواردة في القانون المدني والمتعلقة بالتقادم المكسب، وبالأخص المادة 827، فإن كل شخص يثبت حيازته لأرض مدة تفوق خمسة عشر سنة، يحق له أن يحصل على عقده شهرة طبقا للمرسوم رقم 83-352 المؤرخ في 21 ماي 1983، غير أنه على الرغم من أن هذا النص كان ضروريا لتمكين الأشخاص الذين مارسوا حيازة بكيفية مستمرة قانونية وهادئة من تسوية وضعيتهم، إلا أنه حول عن أهدافه، ويمكن أن نسجل على سبيل المثال:
1- أن عقود شهرة قد استعملت أحيانا من قبل الخواص للتهرب من الشكليات القانونية المتعلقة بنقل الملكية.
2- أن الموثقين قد حرروا أحيانا عقود شهرة على عقارات تقع بالمناطق التي شُرع بها في إنجاز عمليات المسح.
3- أن عقود شهرة انصبت على عقارات تابعة لأملاك الدولة الخاصة بالأخص على أراضي العرش، وقد صار ذلك ممكنا بفعل عدم اتخاذ موقف، لا من رئيس المجلس الشعبي البلدي ولا من المديرية الولائية للأملاك الوطنية أو بعدم الإدلاء بالملاحظات للموثقين خلال الأشهر الأربعة أو عندما يكون اعتراض مصالح الدومين غير مجد في غياب السند أو السجلات العقارية.
ومن جهة أخرى، فأمام استعجال وتعقد المسائل العقارية في عين المكان قرر المشرع الجزائري إنشاء لصالح الأشخاص الذي يثبتون حيازتهم على أراضي شهادة حيازة (المادة 39 من قانون التوجيه العقاري) وقد أتي المرسوم التنفيذي رقم 91-253 المؤرخ في 31 جويلية 1991 ليبرر كيفيات هذه الشهادة وتسليمها، وشهادة الحيازة التي ينظر إليها على أنها وسيلة مبسطة وسريعة تجد أساسها في كون الحالة الظاهرية على أرض تطابق الحالة الشرعية، مما يعني الاعتراف بالملكية لمن يمارس الحيازة وذلك ضمن الاحترام المطلق لمصالح الغير الذي يحق له أن يقدم احتجاجات شرعية على الأرض موضوع الحيازة.
وبهدف حماية مصالح الغير، قرر المشرع بعض الشروط لإصدار شهادة الحيازة وينبغي بالفعل أن يكون العقار موضوع طلب استلام شهادة الحيازة:

- ملكية "ملك" بمعنى أن شاغلي القطع التابعة للأملاك الوطنية لا يمكن لهم أن يطالبوا بأية تسوية؛
- ملكية غير موثقة تقع بمنطقة لم يتم بها المسح؛
- ينبغي على حائز العقار أن يثبت حيازة مستمرة غير منقطعة، هادئة وعلنية وبدون التباس.
تكون شهادة الحيازة المسلمة اسميا لصالح شخص أو مجموعة الشركاء على الشياع غي قالبة للتنازل.
ولا ينجر عن إصدارها تعديل في الوضعية القانونية للعقار ذلك أنه لا يمكن للمستفيد منها أن ينقل ملكية العقار الذي تنصب عليه للغير بمقابل أو بدونه، وتنقضي صلاحيتها سنة بعد وفاة صاحبها، إلا إذا عبر ذوو الحقوق في هذه المهلة عن إرادتهم في استخلاف صاحبها السابق.
تخول شهادة الحيازة لصاحبها حق:
-طلب رخصة بناء وتجزئة
-تأسيس رهن لصالح مؤسسات القرض ضمانا للقروض ذات المدى المتوسط والبعيد، بالأخص تمويل موسم فلاحي أو مشروع بناء
-الاعتداد بالتاريخ المدون في التصريح الشرفي المنصوص عليه في المادة 6 من المرسوم رقم 91-253 للاستفادة من التقادم المكسب.
يمكن للشركاء على الشياع في الشهادة الجماعية أن يطلبوا الخروج من حالة الشيوع بعد الحصول على رخصة التجزئة أو شهادة التجزئة حسب الحال.
تخضع هذه الشهادة إلى شكليات التسجيل والشهر بالمحافظة العقارية.
ويمكن، بطبيعة الحال، أن نتساءل عن فائدة هذه الإجراءات غير أنه يمكن أن نتساءل خاصة على ازدواجية هذه الإجراءات التي يسهل كلاهما الاعتداء على ممتلكات الدولة، خاصة وأنها إجراءات مبسطة يمكن أن تستغل عيوبها على أوسع نطاق.
3.2- مسح الأراضي:
تشكّل عملية المسح وهي عملية شاقة وذات نطاق وطني، تشكل الدعامة الأساسية العقارية.
كان إعداد المسح العام وتأسيس السجل العقاري سيبدأ عند انتهاء عمليات الثورة الزراعية انطلاقا من البطاقية العقارية البلدية المنصوص عليها في المادة 24 من الأمر رقم 71-73 المؤرخ في 08 نوفمبر 1971 .
يوضّح الأمر رقم 75-74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتأسيس السجل العقاري ما يلي:
-إن مسح الأراضي العام يحدّد ويعرّف النطاق الطبيعي للعقارات ويكوّن أساسا ماديا للسجل العقاري.
-يعد السجل العقاري الوضعية القانونية للعقارات ويبين تداول الحقوق العينية.
وقد وضع فعلا هذا الأمر قيد العمل بداية من سنة 1976 بموجب المرسومين رقم 76-62 و76-63 المؤرخين في 25 مارس 1976.
وتجري أشغال المسح طبقا للبرنامج المحدد على الرغم من الطلبات الملحة بقصد إنجاز:
-العمليات المتعلقة بالملكية العقارية
-الأشغال الإدارية (الطبوغرافية)
-المسح العام الريفي (بما فيه مسح المستثمرات الفلاحية)
-عمليات تطهير القطاع الفلاحية (بما فيه إعادة إجراء مختلف العمليات).
ليس لمصالح المسح الوسائل المالية الملائمة لإتمام مشروع إعداد المسح العام في الآجال المحددة ويبدو لنا كذلك أنه من المهم إنجاز العمليات الجارية حاليا والمتعلقة بالمسح بسرعة حيث تنتهي في أفضل الآجال، وينبغي أن تنفذ على الإطلاق هذه الأشغال لكي تسوى سندات الملكية على مستوى التراب الجزائري، ويتعين أن تنجز هذه التسوية في أسرع وقت ممكن لضمان تطور منسجم لتمويل الرهن السكني ليمّس شقا كبيرا من الزبائن المحتملين.
وبدافع تعويض ضُعف الوسائل خاصة الوسائل التقنية والبشرية، فيمكن للمصالح المكلفة بالمسح أن يجندوا الكفاءات المحلية الممثلة في المسّاحين والمهندسين الطبوغرافيين العقاريين ويمكن أن تكون الخدمات موضوع دفاتر أعباء تحدد شروط تدخل المتعاملين الخواص وكذا شروط اعتماد المتعاملين الخواص وكذا شروط اعتماد أشغالهم، وهذه الطريقة التي تساهم بكيفية محسوسة في إنجاز برنامج المسح سوف تمكّن من خطة أعباء(Plan de charges) مفيدة من حيث جانب توفير الشغل كما تمكن من إثراء تجربة المتعاملين المدعوين للتدخل مباشرة في مسائل القسمة.
- الأملاك العقارية التابعة للأجانب:
نظريا، إن الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الأجانب أحرار في اكتساب أموالا عقارية في الجزائر أما من حيث الواقع فحرية المعاملات بالنسبة للأجانب لم تكن مقبولة إلا ابتداء من 1990.
وبالفعل، فقد أحل المرسوم رقم 80-278 المؤرخ في 29/11/1980 محل شهادة عدم الشغور المشترطة سابقا شهادة التحقيق.
إضافة إلى ذلك، فعلى الرغم من حرية التعامل التي صرح بها المرسوم ، فإن المنشور الوزاري المشترك المؤرخ في 28 مارس 1981 يُخضع المعاملات العقارية المبرمة من قبل الأجانب إلى تحقيق يقوم به الوالي الذي يشهر وجوبا من قبل الموثق، ففي حالة عدم الشغور، تسلم شهادة تحقيق في أجل 30 يوما.
ويُخضع المرسوم رقم 83-344 المؤرخ في 2 ماي 1983 كل معاملة عقارية لأجبني إلى الترخيص بالمعاملة الذي ينبغي عليه أن يطلبه إلى وزير المالية بعد الحصول على شهادة التحقيق.
كانت مصالح الدومين مكلفة بتقويم قيمة المال العقاري في أجل شهرين وكان هذا الإجراء يمكّن الإدارة من تقدير ما إذا تمارس حق الشفعة.
كانت أحكام المرسوم رقم 83-344 تلزم مصالح الدومين من التدخل في كل معاملة يبادر بها أجنبي وقد جعل قانون المالية لسنة 1985 هذا التدخل آليا.
وقد ألغيت مبدئيا هذه الأحكام بموجب القانون رقم 90-25 المتضمن التوجيه العقاري الذي حرر المعاملات العقارية، غير أن المنشور رقم 172 المؤرخ في أول سبتمبر 1991 أكد مبدأ إبقاء الترخيص المسبق للوالي وحول حق الشفعة إلى إمكانية ممارسته أو عدم ممارسته من قبل الدولة على أساس القيمة التجارية.
وفي جميع الحالات، فالوالي يفصل في طلب الترخيص بالمعاملة في أجل أربعة أشهر.
ومن الطبيعي أن هذه الإجراءات معقدة وطويلة وبدون فائدة، فينبغي أن تبسط بكيفية تجعل بإمكان الإدارة أن تمارس رقابتها وحقها في الشفعة دون أن تعرقل المعاملات التي ينبغي أن تبقى حرّة.
III- توصيات (أو اقتراحات) لتطهير المسائل العقارية:
بالأثر المشترك للقانون رقم 90-25 والأمر رقم 95-26 سوت السلطات العمومية جزئيا المشاكل الناجمة عن السياسة العقارية السابقة، المبنية على أساس التملك العمومي والتنظيم الجماعي للمستثمرات الفلاحية وضعف حماية الملكية الخاصة.
وكل هذه الاختيارات التي كرست لمدة طويلة على المستوى الدستوري، أعيد النظر فيها تدريجيا لترك المكان للاعتراف بحق الملكية الخاصة والوظيفة الاجتماعية التي تقوم بها في المجتمع، وقد أدى بطبيعة الحال الاعتراف بالملكية الخاصة الموثّقة إلى تكريس أولوية حق الملكية الأصلي على الحقوق العينية الممنوحة من قبل الدولة لصالح المستفيدين من الأراضي العمومية.
وقد مكن الاعتراف بالوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة من فصل حق الاستغلال عن حق الملكية وإدخال نظام مجازاة عدم الاستغلال.
ويتعلق الأمر الآن بالتقييم الانتقادي للآليات القانونية الجاري بها العمل، بالنظر إلى الأهداف السياسية والاقتصادية بالجزائر التي تبدي بعضا من الإرادة لتعزيز مكانة القطاع الخاص ضمن وتيرة الإنعاش.
ويتعين إبراز ضرورة تثبيت حقوق الملكية بالنسبة للفلاحة والسكن والعقار الحضري، وبالإضافة إلى ذلك، فمن المهم إتمام تحويل أنشطة بناء السكنات من طرف الدولة إلى القطاع الخاص بإيجاد تمويل ونظام تحضيري ملائم.
سنتوقف عند عرض بعض السبل.
1- تنظيم السوق العقارية:
بالرغم من الأحكام الحديثة في مسألة نقل الملكية، ما تزال السوق العقارية تحتفظ بطابعها اللاشكلي، الأمر الذي يستلزم إعطاء شكلا لكل العقود المرتبطة بحركة الأموال غير الحقوق العينية وتنظيم هذه الحركة.
إنه لمن الضرورة القصوى أن تقوم الدولة بتنظيمها على مختلف الأصعدة (الصعيد المؤسساتي، الإداري، إلخ ) لضمان رقابة العوامل التي تتدخل في ديناميكية السوق بإدراجها ضمن هدف تحقيق المصلحة العامة.
إن إيجاد الشروط اللازمة لضمان الشفافية في حركة الأرض والحقوق العينية الأخرى، مهما كانت الغاية تستدعي تبني نصوص قانونية وإنشاء أدوات ملائمة لضمان تأطير عمليات نقل الملكية ومتابعتها في فترة قياسية.
وهذه النصوص القانونية لا يمكن لها من جهة أخرى أن تحقق مبتغاها وتكون ناجعة إلا إذا سبقتها عملية تنقية النصوص التنظيمية الموجودة وإفراغها بعد التشخيص من عوامل الانسداد: فراغات قانونية، غموض، إلخ
وينبغي أن يأخذ الإطار القانوني والتنظيمي وكذا التدخل التقني والإداري في الحسبان الواقع المعيش في عين المكان لتسويته بالنتيجة حسب الحال.
وهكذا فمن الممكن تصور فرضية إنشاء قوالب قانونية جديدة للاستجابة للتطور الملموس للوضعيات، فينبغي على الدولة أن تتدخل لتهذيب السوق المذكورة.
وبالفعل، فإن ظاهرة المضاربة العقارية ستسهل توسع السكنات اللاقانونية وتوسع الاحتلال اللاشرعي لأراضي الدولة، مما يؤدي إلى تشوه الفضاء الريفي والمساحات الفلاحية بالنقب المستمر والممتد، فالتجمعات المنشأة بفعل النقب المستمر ستطرح مشاكل مستقبلا بالنسبة لقانون شغل الأراضي والعمران (التجهيزات الاجتماعية: جماعية، خاصة)، ومشاريع تهيئة الأراضي، من خلال هذه المبادرات المحلية الفردية أو الجماعية ستطرح مسألة إعادة النظر فيها.
وفي هذا السياق، فإن منطقا جديدا وهو منطق السوق المنظمة، هو بصدد التكون بالاعتماد على مجموعة من التدابير التي تسهل حركة الأموال وذلك هو الأمر بالنسبة لقانون التوجيه العقاري وإنشاء الديوان الوطني للأراضي الفلاحية (O.N.T.A.) الذي جاء في وقته.
وهذا النوع من الهيئات التي زودت بها بعض البلدان الأخرى، بالنظر إلى دورها الحاسم، لا يمكن أن يقوم على الوجه الأكمل بمهمته فيما يخص أعداد الهياكل الفلاحية وإشراكه احتمالا في عمليات توحيد الأراضي إلا إذا استفاد حقيقة بـ :
-السلطات والوسائل الملائمة لكي يتمكن من التدخل في المعاملات العقارية
-دعم المؤسسات المعنية على مستوى كل الأصعدة: الوزارة المكلفة بالري، بالتعمير بتهيئة الإقليم بالتجهير بالمسح والدومين، بالعدالة والداخلية بالأخص.
وينبغي أن تعني السوق العقارية على حد سواء الأرض والإيجارات الفلاحية، وفي غياب تنظيم ملائم، فإن هذه السوق لم تتابع حقيقة من قبل السلطات العمومية .
ومع ذلك فإن هذه الوضعية لا تمنع من إجراء معاملات من المؤكيد أنها عابرة وغامضة ولا شكلية (إيجار وإيجار من الباطن تحت شكل عقود عرفية)
وبكيفية أعم فإن غياب سوق عقارية شفافة يحد من نقل الملكية العقارية ومن ثمة من التعبير الكامل عن حق الملكية.
وهذه الوضعية لا تهيئ إنجاز تجهيزات الري الفلاحي وبنايات الاستغلال إلخ
2- تنظيم الاستثمارات الفلاحية:ترقية سياسة الهياكل
إذا كان بالنظر إلى اعتبارات سيولوجية بحتة، ينصح في الحين على الأقل، من تسهيل الاستثمار العائلي والمسؤولية الشخصية، فهو كذلك من المهم إيجاد الآليات التي تمكن من تنصيب الفلاحين الشباب، ففي هذا المنظور يمكن أن نقترح بعض التدابير لمحاربة المضاربة العقارية من جهة ولمراقبة مساحة المستثمرات.
1-ما هو نوع المستثمرة التي يرغب في ترقيتها؟
-إدخال مفهوم المؤسسة الفلاحية
-تزويد المستثمرة بقانون أساسي للمؤسسة
2-ما هي الوسائل التي تنوي السلطات العمومية توظيفها إلى ذلك؟
تحديد الإطار القانون للإيجار الفلاحي:
لا ينبغي أن يترك الإنجاز للإرادة المنفردة، على الأقل في المرحلة الأولى ينبغي أن يحمى المستأجر في حالة نزع الملكية للمنفعة العامة، وتمكينه من حق الشقة في حالة بيع الأرض.
تنظيم قواعد الميراث:
إن تجربة التركات الريفية الذي يضاف إلى مسألة حدة قابلية فعالية استمرار فعالية القطع تؤدي إلى النزوح الريفي وإهمال الأراضي.
دون الدخول في جزئيات آليات المواريث، يمكن لنا أن نسجل بأن النظام كله مبني على إدارة الشركات على الشياع ولم يعط إلا اهتمام قليل لمصلحة المستثمرة ولمعالجة هذه الوضعيات التي يمكن أن تشكل حاجزا أمام إدخال المفهوم العصري للمستثمرة العصرية. يمكن أن تقدم عدة اقتراحات:
- المنح بالأفضلية للشريك على الشيوع المستغل الذي يتمثل في الاعتراف له بحق شراء حصص باقي الشركاء على الشياع.
ويمكن أن يكون المنح بالأفضلية إلزاميا أو اختياريا.
- المنح بقصد تأسيس مجمع عائلي يتمثل في إعطاء أحد أفراد العائلة حق استغلال الأرض على أساس إيجار، وهذا الحل يمكن أن يفيد المستغل ما دام يمكنه من عدم دفع فارق الأنصبة الذي يمكن أن يشكل عبء عقاري يمنعه من الاستثمار.
- المنح بالإيجار الذي يتمثل بالنسبة للشركاء على الشياع من تأجير الأرض إلى أحد الشركاء في الشياع.
3- إعادة تنظيم السهب:
إن إعادة تنظيم السهب ومناطق العبور وشروط وحدد تربية الماشية، وبالأساس الغنم صارت من الأمور المستعجلة.
ومن الضروري أن ينظم القانون، بعد مشاورة فعلة المؤسسات والجمعيات، الفضاء السهبي الرعوي في جميع أوجهه القانونية، الاجتماعية والاقتصادية: استعمال وتمليك الأرض، تثبيت المربين الرحل في مناطق رعوية محددة من حيث المكان وكذا إنشاء شبكة توزيع اللحوم وتغذية الأنعام.
وتكون الدولة المالكة لمناطق العبور والأراضي الرعوية المجاورة الوحيد، فالعقود التي تعترف بحق استعمال الأراضي في المناطق الرعوية، ينبغي أن تبرم مع الدولة على أساس دفتر أعباء.
وفي الأخير وبالرغم من المنع الذي فرضه قانون الرعي، فإن العديد من القطع قد وزعت بصفة فردية في إطار القانون رقم 83-10 المتعلق بحيازة الملكية العقارية عن طريق الاستصلاح.
بالفعل فإن المادة 65 من القانون 90-25 تفتح إمكانية الاعتراف بحق الملكية على الأراضي المستصلحة الواقعة في الأراضي الرعوية وذلك بتحويل حق الانتفاع، غير أن كيفيات وضع قيد العمل لهذا التحويل متروك للقانون.
إن الحلول التي وضعتها السلطات العمومية والتي ترمي من جهة إلى تأكيد طابع الدومين للأراضي الرعوية وإلى الاعتراف من جهة أخرى بحق الملكية على الأموال المستثمرة والقطع المستصلحة تبدو أنها الحلول الأكثر منطقية إذا أردنا أن نحافظ على خصائص هذه المناطق والتوازن الإيكولوجي (البيئي) للأنواع.
وينبغي أن تسوى الوضعيات القانونية للمساحات المستصلحة والإعلان النهائي بأن المناطق السهبية تابعة لأملاك الدولة.
كما ينبغي تنظيم حق الانتفاع الدائم تحت شكل إيجار ذي المدى الطويل لصالح الفئات التقليدية.
ومن الواضح أنه سيكون للقانون دور تسوية الوضعيات الناجمة عن المعاملات العرفية المنجزة بين المستفيدين والفئات التقليدية.
4- التدابير ذات الطابع المؤسساتي وتنظيم التعاون بين الفعلة:
إن تعدد أوجه المسألة العقارية لا يمكن أن يتكفل بها كلية إلا بتآزر مختلف المؤسسات وهو الشيء الذي يعد حاسما لإيصال القرارات إلى مبتغاها.
وهكذا فإن عمليا ت توحيد أو مبادلة الأراضي، ممارسة حق الشفعة وضع قيد العمل لعمليات نزع الملكية، الاعتراف بالحقوق، تسليم سندات الملكية، تطهير المسح (على سبيل الذكر فقط) هي علميات تستدعي إيجاد أو تجنيد مجموعة من هياكل الدعم والتأطير.
·ينبغي أن يوضح دور الموثق ودور المحافظ العقاري سواء فيما يخص بالعلاقة فيما بينهما أو في علاقتهما مع الجهات القضائية، فالمقرر القضائي عندما يستنفذ كل طرق الطعن ينبغي أن يكون ملزما للمحافظ العقاري.
·ليس للعقد التوثيقي دائما قيمة قانونية إذا رفض تسجيله وشهره من قبل المحافظ العقاري، فالموثقون لا يخبرون حائزي العقود التوثيقة بهذه الوضعية، يجب أن يلزم الموثق، تحت مسؤوليته بإخبار زبائنه بالتمام.
·تعد مهنة الخبير المساح مهنة حرة نظمها الأمر رقم 95-08 المؤرخ في أول فبراير 1995، الخبير المساح مساعد للقضاء فهو معتمد لدى المحاكم ويمكن أن يعين لإنجاز خبرات تتعلق بالقسمة، بوضع الحدود وبتقديم الأموال.
ويمكن أن يعين بصفة محافظ محقق في إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة، وفي هذه الحالة تكون له أوسع سلطة لتقدير وتفسير سندات الملكية والحقوق العينية التي ستنزع ملكيتها، ويمكن كذلك أن يطلب منه الخواص إجراء القسمات ووضع الحدود وديا.
وهذه الأنشطة كلها عادة ما تتطلب معلومات تقنية قاعدية وتكوينا في القانون العقاري وفي علم الاجتماع الريفي واقتصاد الريف.
ففي هذه الحالة ينبغي على وزارة العدل أن تكرس جزءا من ميزانية التكوين لهؤلاء المساعدين بجعلهم يساهمون بكيفية فعالة في تسوية النزاعات العقارية.
فالمسألة تتعلق بتنظيم هيئة مساعدي العدالة التي ينبغي التفكير فيها بمنظور تبسيط الإجراءات والشكليات.
5- تكييف النظام القضائي:
يتعين التساؤل بحسم حول تعزيز شروط تكوين القضاة (خاصة قضاة الحكم) الذين سيلجأ إليهم أكثر فأكثر من قبل المتعاملين الاقتصاديين بمناسبة نزاعات على هذا المستوى من التعقيد.
ونفس الملاحظات يمكن أن يدلي بها بالنسبة لمساعدي القضاء (محامين، موثقين، محضرين خبراء إلخ ) الذين لا يزالون غير مزودين بما يمكنهم من مسايرة التطور السريع للقانون الوضعي، وهو العائق الذي شدّده غياب نشر اجتهاد قضائي معلق عليه من قبل أخصائيين في قانون الأعمال.
وعلى العموم، فإن تكوين القضاة والذهنيات لم تساير حركة الإصلاحات الاقتصادية، وهو ما يعبر عنه الاتجاه نحو إعطاء أهمية لنشاط الاقتصادي للقطاع العام في تعبيراته المختلفة (قرارات أحادية، احتكار الحد من إمكانية الحصول على قروض ).
يتعين التأثير على السلوك في تطبيق وتفسير القوانين، فيبدو لنا أن المادة 37 من الدستور التي تتضمن حرية التجارة والصناعة لم تستوعب بكفاية في مقتضياتها القانونية التي كان من الممكن أن تترجم السلطة العمومية عند تدخلها في الأنشطة الاقتصادية ذات الطابع التنافسي لنفس القواعد التي تطبق على الخواص.
ولهذا فإن تكوين قضاة المحاكم التجارية وشؤون العمال والمحاكم المدنية والمحاكم الإدارية، ينبغي أن يوجه نحو استيعاب مبادئ المساواة في المعاملة مع المؤسسات العمومية والخاصة.
وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق إلا بتخصص أكبر للقضاة.
وفيما يخص الأملاك العقارية بالأخص، فيتعلق الأمر بإجراء عملية تنظيمية وتكوينية مواتية.
تعالج حاليا القضايا العقارية على مستوى الدرجة الأولى من قبل الأقسام العقارية التابعة للمحاكم والتي (المحاكم) تعالج من حيث الواقع القضايا الجزائية والمدنية والشخصية (أحوال شخصية) والتجارية، فالقضاة متعددو الفروع ليست لهم فرصة الإلمام بالمشاكل العقارية على تعقدها الكبير.
من حيث الاختصاص ، فإن القرار المؤرخ في أول أفريل 1994 يحدد اختصاص الأقسام العقارية على النحو التالي: التصرف في الأراضي ، شغل واستغلال الممتلكات الخاصة، القسمة، التنازل الهبة، الشفعة، الحيازة،الانتفاع، حقوق الارتفاق الخاصة وحق الملكية.
ففي منظور تسوية النزاعات المرتبطة بالعقار بكيفية أكثر انسجام وضمن توحيد الاجتهاد القضائي، فيتعين الإدراج مضمن اختصاص المحاكم العقارية المرتقبة النزاعات المتعلقة بالدومين الخاص أو بالبيع بأي شكل من أشكال نزع الملكية، وهذه الرؤية تمكن من جعل الأحكام القضائية تتطابق مع المادة 37 من الدستور.
ومن جهة أخرى، فإن تعديات الإدارة على حق الملكية الخاصة، ينبغي أن تخضع لرقابة القاضي العقاري وكذلك هو الأمر بالنسبة لحق الملكية بسبب نزعها أو شغلها مؤقتا أو ممارسة حق الشفعة ودعاوى قسمة الأموال المحازة على الشياع من قبل الدولة أو الخواص.
على مستوى المحكمة العليا، أنشئت غرفة عقارية بموجب المادة 8 من الأمر رقم 96-25 المعدل والمتمم للقانون رقم 89-22.
ترمي مشاريع وزارة العدل إلى إنشاء محاكم متخصصة، وهي مشاريع تستحق الدعم ولكن كذلك ينبغي أن تكون مرفقة بتدابير ذات طابع تدريبي.
تعد الجباية وسيلة ذات أهمية في التنظيم والتوجيه، والتشجيع الاقتصادي، فينبغي أن تكيف مع أهداف السلطات العمومية في ميدان معين، وبشأن السياسة العقارية على العموم والسياسة الفلاحية على وجه الخصوص، فيبدو أن الجباية لم تلفت الانتباه بما فيه الكفاية، بدليل أنه من البيان أن نسجل بأن الجباية العقارية تطبق بدون تمييز بين الملكيات المبنية وغير المبنية والأملاك ذات الطابع الفلاحي أو ذات الطابع الصناعي أو التجاري.
خاتمـــــة:
منذ إصدار دستور 1989 تدخل العديد من التعديلات في المادة العقارية وإجماليا، فإن التدابير قد مكنت من تسوية معظم النزاعات العقارية الناجمة عن القانون السابق وتحرير المعاملات العقارية وإيجاد أنماط جديدة للنفاذ إلى البنايات التحتية (Infrastructures) (خوصصة، امتياز، تنازل..)
ينبغي التأكيد مرة أخرى على تعقد المشاكل التي لا يمكن أن نجد حلولها إلا في عمل طويل المدى، مندمج ومتكيف مع كل مرحلة من تطور المجتمع. يعد القانون بالتأكيد الوسيلة الفضلى لدفع عجلة التقدم ولكن يبقى ناقصا بدون تنظيم مجموع الفعلة (Acteurs) ضمن أسلوب متكامل ومسؤول.








 


 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc