اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
التحذير من فرقة تسمَّى " المهدية " يدعي مؤسسها أنه المهدي ولهم عقائد أخرى منحرفة
السؤال:
إنني أرغب في تعريف فضيلتكم بجماعة ، أو فرقة تدعى " المهدية " نسبة إلى الإمام المهدي ، الذي ولد في " جانبور " بالهند في القرن التاسع الهجري , وتوفي في فرح بأفغانستان عن عمر يناهز الثالثة والستين , ودفن هناك
فهل هو المهدي الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
. إن المهديين يزعمون بأنهم هم فقط المسلمون الحق في هذا العالم بأسره , وأن من ينكر إمامهم المزعوم المهدي : يكون كافراً ، إن هذه الجماعة تزعم أن الإسلام قد اكتمل بالإمام المهدي
كما أن ليلة القدر كانت للإمام المهدي , وقد أوضح لهم أنها في السابع والعشرين من رمضان ، كما أنهم يزعمون أن إمامهم المهدي عَرف الطريق لرؤية الله سبحانه وتعالى . ومن زعمهم أيضاً : أن حروف القرآن مثل أ ل م ( الم )
أ ل ر ( الر ) ، ومعاني الحروف الأخرى التي لم تكن معروفة للرسول صلى الله عليه وسلم قد عرفها الإمام المهدي وأخبر بها أصحابه . وفيما يلي قائمة بمبادئ الاعتقاد الأساسية لهذه الجماعة
كما أوضحها إمامهم المزعوم المهدي : الرغبة في رؤية الله . صلاة ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان . كمال الإسلام بالإمام المهدي .
يزعم بعض أتباع المهدي أن الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام المهدي متساويان . ترك الدنيا يشبه التصوف . الاختلاء . وكلما حاولت محاورة هذه الجماعة وإخبارهم أن المهدي سيأتي عند نزول سيدنا عيسى عليه السلام يستشهدون
بالحديث الآتي: ( كيف تهلك أمة أنا في أولها ، وعيسى بن مريم في آخرها ، والمهدي في وسطها ) . لقد تم تدوين هذا الحديث مع بعض الاختلاف في النص في المصادر التالية : مسند الإمام أحمد بن حنبل (164 - 221 هـ )
من حديث ابن عباس رضي الله عنه . الحاكم النيسابوري ( 321 - 405 هـ ) في " المستدرك على الصحيحين " من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه . " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء " لأبي نعيم الأصفهاني ( 334 - 430 هـ )
وقد نقل هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه . " مشكاة المصابيح " للإمام ولي الدين التبريزي ( 421 - 502 هـ) وتفسيراته . المرقاة واللمعات للإمام جعفر والرازين ؟!! " تفسير المدارك "
للإمام عبد الله أحمد بن النسفي ( المتوفى 710 هـ ) . " كنز العمال " للحافظ علي المتقي الهندي ( المتوفى 975 هـ ) عن علي رضي الله عنه . فهل يمكنكم إثبات صحة الحديث السابق
حيث إنهم أيضاً ينكرون كل الأحاديث الأخرى الصحيحة المشهورة عن الإمام المهدي الحقيقي ، مثل : أنه سيحكم الأمة سبع سنوات ، وأنه سيملأ الأرض عدلاً ، وسيعطيه الله المدد في ليلة واحدة
كما أنه سيفر من المدينة إلى مكة حيث يدين له الناس بالولاء . وبالنسبة لكل هذه الأحاديث السابقة : فهم يرون أنه قد أساء فهمها العلماءُ , وأن علماءهم لهم فهمهم الخاص لهذه الأحاديث .
هناك أكثر من مائة ألف من هذه الجماعة في جميع أنحاء العالم ، إنني أناشدكم أن تقوموا بعمل بحث عن هذه الجماعة ، ثم تصدروا فتوى في ضوء القرآن والسنَّة
إننا يمكننا تغيير حياة وعقيدة الآلاف من الناس إذا استطعنا توضيح الطريق الصحيح ، ولمزيد من المعلومات أرجو الاتصال بي علي العنوان التالي : ...
. وإذا كانت هذه الجماعة على خطأ : فهل بوسع فضيلتكم - أو هيئة إصدار الفتوى - أن تقوم بإصدار فتوى ضدهم ؟ وأنا في انتظار ردِّكم .
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
يعتقد أهل السنَّة والجماعة أنه سيخرج في آخر الزمان رجل من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً
وأنه يوافق اسمُه اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم ، واسمَ أبيه اسمَ أبي النبي صلى الله عليه وسلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم اسمه " محمد بن عبد الله " ، لا محمد بن الحسن , وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : هو من ولد الحسن بن على ، لا من ولد الحسين بن علي .
وأحاديث المهدي معروفة ، رواها الإمام أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وغيرهم ، كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
: ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يواطيء اسمُه اسمي ، واسمَ أبيه اسمَ أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ) .
" منهاج السنَّة " ( 4 / 95 ) .
ثانياً:
لا يستغرب أن يظهر من يدَّعي المهدية ؛ فقد ادَّعاها أشخاص كثُر على مرِّ التاريخ ، بل وينتظِر خروجَه طوائف عدة ، وكل طائفة تنسب له من الصفات ما لم يقم عليه دليل من الوحي
ونجَّى الله تعالى أهلَ السنَّة فلم يثبتوا له إلا ما صحَّ في الشرع ، ولم يدعوه في غير شخصه ، وكذَّبوا كل من زعم المهدية ليضل الناس .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال :
أحدها : أنه المسيح بن مريم .
القول الثاني : أنه المهدي الذي ولي من بني العباس , وقد انتهى زمانه .
القول الثالث : أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، من ولد الحسن بن علي ، يخرج في آخر الزمان , وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً ، فيملؤها قسطاً وعدلاً , وأكثر الأحاديث على هذا تدل .
وفي كونه من ولد الحسن سرٌّ لطيف , وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق
المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض , وهذه سنَّة الله في عباده : أنه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله ، أو أعطى ذريته ، أفضل منه ...
وأما الرافضة الإمامية : فلهم قول رابع ، وهو أن المهدي هو : محمد بن الحسن العسكري المنتظر ، من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن
الحاضر في الأمصار ، الغائب عن الأبصار ، الذي يورث العصا , ويختم الفضا ، دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً من أكثر من خمس مئة سنَة ، فلم تره بعد ذلك عينٌ , ولم يحسَّ فيه بخبر , ولا أثر
وهم ينتظرونه كل يوم ! يقفون بالخيل على باب السرداب , ويصيحون به أن يخرج إليهم : " اخرج يا مولانا " ، ثم يرجعون بالخيبة والحرمان ، فهذا دأبهم ، ودأبه .
أما مهدي المغاربة " محمد بن تومرت " : فإنه رجل كذَّاب ، ظالم ، متغلب بالباطل ، ملَكَ بالظلم ، والتغلب ، والتحيل ، فقتل النفوس , وأباح حريم المسلمين
وسبى ذراريهم ، وأخذ أموالهم , وكان شرّاً على الملَّة من الحَجَّاج بن يوسف ، بكثير ...
ثم خرج المهدي الملحد " عبيد الله بن ميمون القدَّاح " ، وكان جدُّه يهوديّاً من بيت مجوسي ، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت , وادَّعى أنه المهدي الذي بشَّر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وملَكَ , وتغلَّب
واستفحل أمره إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله ، على بلاد المغرب ، ومصر ، والحجاز
والشام , واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم , وكانوا يدَّعون الإلهية , ويدعون أن للشريعة باطناً يخالف ظاهرها .
وهم ملوك القرامطة الباطنية ، أعداء الدين ، فتستروا بالرفض والانتساب - كذباً - إلى أهل البيت ، ودانوا بدين أهل الإلحاد , وروَّجوه ,
ولم يزل أمرُهم ظاهراً إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ، ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب ، فاستنقذ الملة الإسلامية منهم ، وأبادهم , وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم .
والمقصود : أن هؤلاء لهم مهدي ، وأتباع ابن تومرت لهم مهدي , والرافضة الاثنا عشرية لهم مهدي ، فكل هذه الفرق تدعي في مهديِّها الظلوم ، الغشوم ، والمستحيل المعدوم
: أنه الإمام المعصوم , والمهدي المعلوم الذي بشَّر به النبي صلى الله عليه وسلم , وأخبر بخروجه , وهي تنتظره كما تنتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان فتعلو به كلمتهم , ويقوم به دينهم , ويُنصرون به على جميع الأمم .
والنصارى تنتظر المسيح يأتي قبل يوم القيامة ، فيقيم دين النصرانية, ويبطل سائر الأديان ... فالملل الثلاث تنتظر إماماً قائماً يقوم في آخر الزمان
, وينتظر اليهودُ الدجالَ الذي يتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً , وفي المسند مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أكثر أتباع الدجال اليهود والنساء ) .
" المنار المنيف في الصحيح والضعيف " ( ص 148 – 155 ) باختصار.
ثالثا :
كل طائفة من أولئك تدَّعي أن المهدي معها ، فمَن هو المحق ؟
وأي طائفة هي الصواب ؟
ولا نزال نسمع بين الحين والآخر أنه خرج في الجماعة الفلانية ، أو في البلد الفلاني : المهدي , فما هو الضابط في معرفة صدق الادعاءات من كذبها ؟
والجواب : أنه يمكن أن نلخص أهم النقاط التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن المهدي كالآتي :
أ. أنه مِن ولد فاطمة ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومِن ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه ، واسمه محمد بن عبد الله .
ب. أنه يخرج في آخر الزمان ، مصاحباً لنزول عيسى عليه السلام ، ومقتل الدجال .
ت. أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملأت جوراً وظلماً .
ث. يمكث سبعاً ، أو ثمانياً من السنين ؛ وتكثر الخيرات في زمنه .
ج. ينصر الله به الإسلامَ ، والمسلمين ، وتكون العزة في الأرض لأهل الإسلام .
ح. وَصَفَه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أَجْلَى الْجَبْهَةِ ( انحسار الشَّعر عن مقدّمة الجبهة ) ، أَقْنَى الأَنْفِ ( أي : أنفه طويل رقيق في وسطه حدب ) .
خ . يعتصم بالبيت الحرام ، ويغزوه جيشٌ يُخسف به بين مكة والمدينة .
د. وهو لا يدَّعي المهدية لنفسه , وإنما الناس يبايعونه لدلائل يرونها فيه .
ذ. يصلي خلفه عيسى عليه السلام .
فلمعرفة هذا الشخص : لا بد أن ننظر إلى تحقق هذه الصفات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فإن تحققت به : فهو من أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فهو كاذب في سلسلة الكذابين .
رابعا :
لا شك أن شأن ذلك الدعي الهندي المذكور هو شأن غيره من الكذابين الدجالين ، فقد توفي ولم يحقق شيئاً مما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ! ولا انطبقت عليه شيء من الأوصاف التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم
وأتباعه يتعلقون بالوهم والأماني ، يعِدُهم الشيطان ، ويمنِّيهم ، قال تعالى : ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا ) النساء/ 120 .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية - كما زعم ذلك بعض المتأخرين - : فهو قول باطل ; لأن أحاديث خروجه في آخر الزمان ، وأنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً : قد تواترت تواتراً معنويّاً
وكثرت جدّاً ، واستفاضت ، كما صرح بذلك جماعة من العلماء , منهم : أبو الحسن الآبري السجستاني من علماء القرن الرابع , والعلامة السفاريني
والعلامة الشوكاني ، وغيرهم , وهو كالإجماع من أهل العلم ، ولكن لا يجوز الجزم بأن فلاناً هو المهدي إلا بعد توافر العلامات التي بيَّنها النبي في الأحاديث الصحيحة الثابتة ,
وأعظمها وأوضحها : كونه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلما ، كما سبق بيان ذلك .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 4 / 168 ) .
رابعاًً:
مما يدل على كذب هذا الشخص ، وأنه دعي دجال : تلك المعتقدات التي يعتقد بها أصحابه ، كما ورد في السؤال :
1. اعتقادهم أن من ينكر إمامهم المزعوم المهدي : يكون كافراً .
وهذا من أدلة ضلال هذه الجماعة ؛ فلا يجوز تكفير المسلم إلا بشروط وضوابط .
2. اعتقادهم أن الإسلام قد اكتمل بالإمام المهدي .
وهذا من الكذب على الشرع ؛ لأن الله تعالى قد بيَّن في كتابه أنه أتمَّ الدين ، وأكمل النعمة ، ولم يبق الناس في حاجة من أمر دينهم بعد تمام نزول الوحي ، وبعثة الرسول إلى شيء غيره
قال تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ) المائدة/ 3 .