لندن - الوطن - قدم مراسلو الصحف البريطانية في إسرائيل، وصفاً ملفتاً للانتباه للوضع على جبهة القتال مع «حزب الله» في تقارير من داخل الجبهة، التي على ما يبدو اصطحبهم الجيش الإسرائيلي إليها، على أمل أن يغطوا أخبار انتصار سريع تمناه الاسرائيليون ليزفوا به إلى الدول الغربية أنهم قادرون على تحطيم القوة العسكرية للحزب، حيث جاءت تقارير المراسلين تصف الخوف والهلع الذي انتاب الجنود تحت وطأة ضربات «حزب الله»، وهو يتصدى لتقدم الجيش الإسرائيلي في المناطق القريبة من الحدود الجنوبية للبنان.
واستهل ستيفان فاريل مراسل صحيفة «التايمز» في إسرائيل تقريره من جبهة القتال كما يلي:
«علينا أن نهرب، إنهم يطلقون علينا النار»، هكذا صاح أحد الجنود منادياً على الرجال الذين كانوا معه, وقال «إننا مكشوفون، الجميع مطالبون بالمغادرة والاختباء بين الأشجار, لا تتحركوا في شكل جماعي, انطلقوا الآن», فيما مرّ جندي آخر من الوحدة ذاتها مسرعاً بسيارته، وسمع وهو يقول: تقريباً أصبت بقذائف حزب الله, وفجأة علت الجلبة في الشارع الوعر الذي امتلأ بالجنود الإسرائيليين والآليات وراحوا يتحركون إلى الخلف نحو الحدود بحثاً عن مخبأ».
وعلق المراسل قائلاً: «رغم آلاف الضربات الجوية والمدفعية التي أطلقها الإسرائيليون على جنوب لبنان ما زال مقاتلو حزب الله قادرين على مفاجأة الجنود الإسرائيليين», وأضاف المراسل معتذراً عن إبقاء تقريره غامضاً, بقوله إنه لا يستطيع الكشف عن الموقع الذي شاهد فيه هذه الحالة، بسبب معارضة الرقابة العسكرية, وأشار إلى محاولة إسرائيل الأسبوع الماضي التقدم في منطقة بلدة مروحين والتي باءت بالفشل، وتابع أن الجيش اضطر إلى الانسحاب منها يوم الجمعة، من دون أن يتمكن من وضع حد لإطلاق الصواريخ على إسرائيل من هذه المنطقة.
وأكد مراسل «التايمز» إن إسرائيل لم تنجح في النيل من تماسك القوة العسكرية للحزب وأن المقاتلين في الجنوب يحافظون على اتصال دائم مع القيادة في بيروت بوسائل اتصال لاسلكية من الصعب ضربها أو السيطرة عليها.
وقدم مراسل صحيفة «اندبندنت» في إسرائيل دونالد ماك إنتايار, وصفاً مشابها لما حصل، مؤكداً صحة مشاهدات زميله مراسل «التايمز»، إذ يبدو أن الصحافيين الأجانب كانوا ضمن مجموعة ولم يجر اصطحابهم في شكل فردي, ووفقاً لماك إنتايار، كان هناك ضابط إسرائيلي وجنديان أجهدهم العرق داخل سيارة «الفان» البيضاء التي مرت متجهة بسرعة نحو الجنوب إلى الموقع الذي تجمعت به ناقلات جنود مصفحة وجرافات من طراز «دي 9». وصرخ الضابط قائلاً «تقريباً أصبنا بقذيفة آر بي جي صاروخية أخطأتنا بـ 40 متراً»، ثم أوقف «الفان» وبدأ يعطي تعليماته للجنود، فيما امتلأ الجو بصوت الانفجارات والقصف في المنطقة القريبة,
ثم توجه الضابط نحو مجموعة من الجنود كانوا متجمهرين حول كشك أقامه الجيش لتسهيل اتصال الجنود بأهاليهم وراح ينهرهم طالباً منهم إخلاء المنطقة والاختباء, وذكر ماك إنتايار أنه شاهد على بعد 200 متر فقط أعمدة دخان تتصاعد في تلك اللحظة من الشجيرات في الموقع على ما يبدو جراء القصف الذي قام به «حزب الله» بمدافع الهاون, وأنهى تقريره بتأكيد تدخل المراقبة العسكرية وحظرها على الصحافيين ذكر إسم الموقع الذي شاهدوا فيه ما حصل.
وقال المراسل البريطاني أنه رغم النجاحات التي يدعيها الجيش في منطقة مارون الراس وبنت جبيل لتنظيف المنطقة المحاذية لحدود لبنان الجنوبية ومحاولة فهم الطريقة التي يعمل بها مقاتلو الحزب وشبكة مخابئهم وأنفاقهم التي يبدو أنها بنيت على مدى السنوات الست الماضية، أثبتت المعارك الأخيرة أن «هذه المسألة ليست مهمة سهلة أبداً».
وسجل ماك انتايار مشاهداته في طريق العودة، حيث تصاعدت أعمدة الدخان من الحرائق الكبيرة التي أحدثها قصف «حزب الله» لمستوطنة كريات شمونة، وأضفت أشعة الشمس على الدخان لوناً أصفر، كما شاهد الدخان يتصاعد من الحريق الذي أحدثه سقوط مروحية اسرائيلية أعلن «حزب الله» إسقاطها في موقع قريب من كريات شمونة، مشيراً إلى إصرار إسرائيل على أن تحطم «اباتشي» التي قتل فيها جنديان كان مجرد حادث، في حين لم تنف وزارة الدفاع أن تكون أسقطت.
وشاهد ماك إنتايار واحدة من المجموعات الأصولية اليهودية الإحدى عشر التي تم إرسالها إلى الجبهة لمباركة الحملة والتي يطلق عليها إسم «دبابات أركان الدين»، وهي عبارة عن حافلة ركاب عادية كتبت عليها شعارات ومقولات دينية من نوع «حافظا على نقاوة العائلة» و«أحبوا إخوانكم اليهود»، والمقصود بهذين الشعارين المحافظة على الجنس اليهودي وعدم الاختلاط بغير اليهود ومناصرة اليهود لبعضهم البعض, فيما قال حاييم نيفو، أحد هؤلاء المتدينين، أنه جاء «ليساعد في خلاص الجنود ومنحهم القوة»، من دون أن يخفي آراءه السياسية بادعائه أن الحرب الحالية ناتجة عن انسحاب الحكومة من أجزاء تدخل ضمن حدود «أرض إسرائيل الكبرى».
وأنهى مراسل «اندبندنت» تقريره قائلاً إنه فيما كانت السيارة تنقلهم عائدة إلى الجنوب شاهد أعلام الحزب ذات اللون الأصفر ما زالت ترفف فوق موقع قرب مارون الراس، وهذا دليل على أن الجنود الذين دخلوا هذه المنطقة فعلوا ذلك كاللصوص على عجل.