أم حرام بنت ملحان
كان النبي محمد يزور بيت صاحبه عبادة بن الصمت، في منطقة قباء، وفي وقت قيلولة اضجع وأخذ قسطاً من النوم، أثناء ما كانت أم حرام بنت ملحان، زوجة عبادة، تفلّي رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت أم حرام: "ما يضحكك يا رسول الله؟" قال: "رأيت ناس من أمتي عرضوا علي غزاةً في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر مثل الملوك على الأسرة".
فلمعت عينا أم حرام وقالت بصوتٍ ضارع: "ادعو الله يارسول الله أن يجعلني منهم"، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ودعا لأم حرام أن تكون مع هؤلاء المجاهدين، ثم أغمض عينيه وغفا مرةً أخرى، استيقظ إثرها وهو يضحك، فرددت أم حرام: "ما يضحكك يارسول الله"؟
فأجابها: "ناس من أمتي عرضوا علي غزاةً في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر مثل الملوك على الأسرة وقد وجبت لهم مغفرة الله تعالى"، فهتفت أم حرام بضراعة: "ادعو الله يارسول الله أن يجعلني منهم، فأجاب صلى الله عليه وسلم مبتسماً: أنت منهم يا أم حرام، أنت منهم، أنت من الأولين"- بحسب ما أورده سيد مبارك في كتابه نساء خالدات في القرآن والسنة، نقلا عن صحيح مسلم.
ما تركت أم حرام غزوة بعد إسلامها إلا وحضرتها، وتحققت نبوءة النبي لها، حين خرجت في أول غزوة بحرية للمسلمين لفتح جزيرة قبرص، في عهد عثمان بن عفان، ولكنها صرعت أثناء عودة الجيش من هناك بعد تمام الغزوة، حيث وقعت من على دابتها وماتت، وقيل إن موضع موتها به مسجد باسمها إلى اليوم- بحسب سيد مبارك.