مَن هو الدرويش فتح الله كولن (استاذ اردوغان) مهندس محاولة الانقلاب التركى ؟
حمّل الرئيس التركى أردوغان مسؤولية هندسة وترتيب الانقلاب العسكرى ضده لفتح الله كولن، وقصف جامعته الاسلامية بوصفها بـ "الإرهابىة" خلال خطابه المثير للجدل فى مطار إسطنبول بعد عودته إلى البلاد بعُيد ساعات من إعلان بعض قادة الجيش السيطرة على السلطة.
فتح الله كولن هو أحد المنافسين السياسيين لأردوغان وحزب العدالة والتنمية فى تركيا، وظهر الاحتدام واضحًا، حينما أغلقت الحكومة التركية عام 2013 مجموعة من المؤسسات التعليمية التى يديرها كولن عبر "جماعة كولن"، بحجة الإصلاح التعليمى داخل البلاد.
وقال أردوغان فى تبريره لإغلاق تلك المؤسسات "التى يزيد عددها عن 4000 مدرسة حول العالم": "الأمر يتعلق بإلغاء نظام تعليم غير شرعى لا يفيد إلا أولاد العائلات الثرية فى المدن الكبرى ويقحم الأولاد فى منافسة حامية".
وبدأت حركة من المظاهرات ضد أردوغان لهذا الأمر، حتى أن عبد الله غول، ونائب رئيس الوزراء بولنت أرينتش، وكلاهما مقربان من كولن دعا إلى المصالحة، لكن بلا جدوى، ثم اتجه الحديث حول الخلافات الفكرية والثقافية بين كولن وأردوغان على الرغم أن أردوغان كان أحد تلامذته.
"محمد فتح الله" أو "فتح الله كولن" أو "فتح الله غولن" ولد في 27 أبريل 1941 في قرية صغيرة تابعة لقضاء حسن قلعة المرتبطة بمحافظة أرضروم، وهي قرية كوروجك ونشأ في عائلة متدينة.
كان والده رامز أفندي شخصًا مشهودًا لـه بالعلم والأدب، وكانت والدته "رفيعة خانم" سيدة معروفة بتدينها، وقامت بتعليم القرآن لابنها محمد ولما يتجاوز بعد الرابعة من عمره.
كان بيت والده مضيفًا لجميع العلماء والمتصوفين المعروفين في تلك المنطقة؛ لذا تعود فتح الله مُجالسة الكبار والاستماع إلى أحاديثهم، وقام والده بتعليمه اللغة العربية والفارسية.
درس في المدرسة الدينية في طفولته، وكان يتردد إلى "التكية" أيضًا، وتلقى تربية روحية إلى جانب العلوم الدينية التي بدأ يتلقاها أيضًا من علماء معروفين من أبرزهم عثمان بكتاش الذي كان من فقهاء عهده، حيث درس عليه النحو والبلاغة والفقه وأصول الفقه والعقائد. ولم يهمل دراسة العلوم الوضعية والفلسفة أيضاً.
تعرف أثناء دراسته إلى رسائل حركة "النور" وتأثر بها كثيراً، فقد كانت حركة شاملة بدأها وقادها بديع الزمان سعيد النورسي مؤلف رسائل النور.
وبتقدمه في العمر ازدادت مطالعاته وتنوعت ثقافته وتوسعت فاطلع على الثقافة الغربية وأفكارها وفلسفاتها وعلى الفلسفة الشرقية أيضاً وتابع قراءة العلوم الوضعية كالفيزياء والكيمياء وعلم الفلك وعلم الأحياء.
عيّن إماماً في جامع أُوجْ شرفلي في مدينة أدرنة، وهو في العشرين من عمره، حيث قضى فيها مدة سنتين ونصف سنة في جو من الزهد ورياضة النفس، وقرر المبيت في الجامع وعدم الخروج إلى الشارع إلا لضرورة.
حركة "الخدمة" في مواجهة الأمن والسلطات التركية
ازدهرت حركة فتح الله كولن في إطار انتعاش الحركات والطرق الصوفية في تركيا في الثمانينيات من القرن الماضي متأثرة بـ"طريقة النور"، التي أسسها الصوفي الكردي سعيد النورسي "1873- 1960".
وبدأت معاناة فتح الله كولن مع السلطات التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بعد أن صدرت منه تصريحات تشير إلى سعيه نحو تغيير النظام العلماني التركي إلى آخر إسلامي، لتبدأ السلطات في ملاحقته.
وغادر المفكر الإسلامي الصوفي إلى الولايات المتحدة عام 1999، ومنذ ذلك الحين لم يعد إلى تركيا مرة أخرى، بحجة تلقيه العلاج في إحدى المستشفيات بولاية "بنسلفانيا" الأمريكية.
ويرى محللون أن "كولن" يريد تطبيق الشريعة في تركيا، لأنه يرى أن القسم الأكبر من قواعد الشريعة تتعلق بالحياة الخاصة للناس بينما القسم الأصغر منها يتعلق بإدارة الدولة وشؤونها، وفق تصوره.
ولـ "كولن" تصريحات عديدة يهاجم فيها سياسية حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان، حيث قال: "إن حزب العدالة والتنمية التركي" وعد بدفع المسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون حين أتى أول مرة إلى الحكم، إلا أنه بعد الانتخابات البرلمانية سنة 2011 غير مجرى سيره نحو إقامة "دولة الرجل الواحد"، مضيفًا: "الناخبون من حركة الخدمة، دعموا الحزب الحاكم في البداية، إلا أنهم بعد ظهور هذا التغيير الملاحظ في مسيرة الحزب اتخذوا تجاهه موقفا رافضًا له".
وقد كان لهذه التصريحات أثرها على المدارس التابعة لحركة "الخدمة" حيث اتخذت السلطات التركية بعض القرارات التي ضيقت الخناق على الأنشطة التجارية والمدارس التابعة للحركة، للتوالى حرب التصريحات بين الجبهتين.