القتل الخطأ و الجرح الخطأ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

القتل الخطأ و الجرح الخطأ

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-17, 18:48   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 القتل الخطأ و الجرح الخطأ

( الفهـــــــرس)


مقدمـــــــــة :

الفصــــــل الأول : الخطأ في التشريع الجزائري
المبحـــــــــث الأول : مفهوم الخطأ وصـــوره
المطلـــــــــب الأول : مفهــوم الخطــــأ
المطلـــــــــب الثاني : صـــور الخطـــأ

المبحـــث الثاني:خصــائص وأنــواع الخطـــأ وعلاقتهم بالقصد الجنائي
المطلــــــب الأول : خصــائص الخطـــــأ
المطلــــــب الثاني : أنــواع الخطـــــــأ وعلاقتهم بالقصد الجنائي


الفصــــل الثانـي : القتل الخطأ والجرح الخطــأ
المحبــــــــث الأول : القتل الخطأ وأركانه والعقوبات المقررة له
المطلــــــــب الأول : تعريف القتل الخطـــــــــأ
المطلب الثانـــــــي : أركان القتل الخطـــــــأ
المطلب الثالـــــــث : العقوبات المقررة في قانون العقوبات الجزائري

المبحـــــث الثاني : الجرح الخطأ وأركانه والعقوبات المقررة لــــه
المطلـــــب الأول : مفهوم الجرح الخطــــأ
المطلب الثانــــــي : أركــان الجــرح الخطــــأ
المطلب الثالــــــث : العقوبات المقــرة في قانون العقوبات الجزئري.



الفصـــــــل التطبيقـي : دراســـة حالــــة



الخاتمـــــــــــــــــــــــــــة





المراجـــــع المعتمــــــــــدة



ـ شرح قانون العقوبات الجزائري ( القسم الخاص)، د/ محمد صبحي نجم ، ديوان المطوعات الجامعية
ـ الوجيز في القانون الجنائي العام، د/ منصور رحماني ، دار العلوم والنشر ـ الجزائر ـ.
ـ الوجيز في القانون الجنائي الخاص ، د/ أحسن بوسقيعة ( الجزء الأول) طبع 2003 دار هومة الطباعة والنشر والتوزيع ـ الجزائـر ـ

مقدمــــــة:

إن المجتمع وتسهيلا للحياة الإجتماعية المشتركة ، يفرض على الأشخاص بعض التصرفات الإجبارية ويمنعهم القيام بغيرها من الأفعال والسلوكات كالقتل والضرب والجرح وكل من لم يلتزم بذلك يعتبر مخالفا للقانون ، أي قام بفعل مادي مجرم قانونا ومعاقب عليه فلا يمكن في أي حال من الأحوال معاقبة شخص قام بفعل لم يجرمه القانون ولم ينص عليه صراحة وأنه فعل معاقب عليه .

فكثيرة هي الأفعال الإجرامية فمنها ما يستهدف الممتلكات والأعراض ومنها من يستهدف الشخص في حياته وجسمه كجرائم القتل و الضرب والجرح ، فموضوع بحثنا هو القتل الخطأ والجرح الخطأ ، السؤال الواجب طرحه هل يتساوى الخطأ في جريمة القتل والضرب والجرح ؟ وهل يستفيد مقترف هذه الجرائم من الظروف المخففة بدافع الخطأ ؟ وماهي المعايير التي يلجأ إليها القاضي لتمييز بين الجرائم المرتكبة عمدا وتلك المرتكبة عن طريق الخطأ ؟ ماهي الحجج التي أثارها رجال القانون والفقهاء في هذا الشأن لتبرير شروحاتهم ؟

من أجل توضيح الرؤية و تنوير العقول ، إرتأينا إعداد خطة من شأنها تحقيق الهدف البيداغوجي المسطر تتكون من ثلاثة فصول ، فصلين نظريين يتكون كل منهما من ثلاثة مباحث وفصل تطبيقي ( دراسة حالة) تطرقنا فيه إلى قضية حقيقية سجلت بمصالح أمن ولاية مستغانم بهدف إثراء الدراسة حيث أدرجنا كافة المحاضر وما يتضمنه الملف ضمن الملاحق .







نشكر نحن الطلبة مفتشي الشرطة بن قنونه جمال الدين ، بن كروش علي ، بن قراش طارق ، بن جيلالي عده بوعتو الميلود وبن ديب الجمعي ، عميد أول للشرطة ، مدير مدرسة الشرطة طيبي العربي بسيدي بلعباس، السيد عبد الحميد وزاني عن الجو التكويني الذي هيأه لنا طيلة تواجدنا بالمدرسة خلال حقبتنا التربصية حيث دعمنا معنويا وغرس في نفوسنا بذور الغيرة عن هذا الوطن الحبيب وبعث فينا روح الأمل ، كما نشكر مدير الدراسات وكذا قائد الجمهرة عن المساعدة والعون الذي قدماه لنا في أغلب الأوقات خاصة في الفترات الحرجة اين دعمانا نفسيا ومعنويا وغرسا في نفوسنا بذور البر والتحدي وقوة التحمل ، كما تشكر كل المؤطرين وموظفي المدرسة بمحتلف رتبهم ووظائفهم متمنيين لهم ولمدرستهم كل التوفيق في المهام الملقاة على عاتقهم مستقبلا لتكون إشعاعا تكوينيا عصريا يتماشى والتقدم الحاصل في جميع الميادين ونقدم شكرنا ايضا إلى العمداء الأوائل رؤوساء أمن ولاية مستغانم، سيدي بلعباس ، الشلف ، غليزان وتبســة عن الظروف التي هيأوها لنا خلال التربصيين الميدانيين التطبيقيين ، حيث وضعوا تحت تصرفنا كل الإمكانيات خصوصا البشرية من موظفي الأمن الوطني بجميع رتبهم الذين أمدونا يد المساعدة للتعرف أكثر على مهام المصالح التابعين لها لاسيما المصالح النشطة ولم يشعرونا ابدا بذلك الحاجز الذي أحيانا يشعر به الموظفين الجدد ، كما لايفوتنا أن نتقدم بالشكر إلى رؤساء مكاتب التكوين الذين طبقوا بالحرف الواحد البرنامج المسطر لنا ولم يبخلوا علينا بأي معلومات إلى غاية أن بلغنا أخر قطرة حبر من هذه المذكرة.





نهدي نحن الطلبة المفتشين : بن قنونه جمال الدين ، بن كروش علي ، بن قراش طارق ، بن جيلالي عده ، بوعتو الميلود وبن ديب الجمعي ثمرة عطائنا إلى ابائنا وأمهاتنا وإلى كل الزملاء بأمن ولايات مستغانم ، غليزان ، سيدي بلعباس ،الشلــف وتبســــة
وإلى كــل من ساهم من بعيد أو قريب في إثرائنا بهذه المعلومات القيمة والمفيدة ونخص بالذكر مفتش الشرطة سنوسة محمد التابع للمصلحة الولاية للشرطة القضائية بأمن ولاية مستغانم الذي بذل كل ما في وسعه لمساعدتنا في إتمام هذا العمل.
وإلى كل موظفي المدرسة من إطارات وأعوان على إصغائهم لنا ومد يد المساعدة بتوجيهاتهم الصحيحة لنا خصوصا في رحلة البحث عن المراجع.

" والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيــــه "







تمهيــــــــــد :


الخطأ هو أحد صورتي الركن المعنوي للجريمة فالجرائم إما عمدية تقوم على توافر القصد الجنائي وإما غير عمدية تقوم بمجرد الخطأ ، فالخطأ هو إخلال الجاني بواجبات الحيطة والحذر التي تتطلبها الحياة الإجتماعية وعليه فمن يفضي سلوكه إلى نتيجة إجرامية يكون مسؤولا عنها إذا بت أن سلوكه يحمل معنى تجاوز واجبات الحيطة والحذر حتى ولو أنه لم يتوقغ النتيجة الإجرامية متى كان وسعه أن يتوقعها وتوصف إرادة الجاني بأنها أثمة مع أنها لم تتجه لإحداث النتيجة الضارة ، لمجرد أنها لم تلتزم جانب الحيطة ، كي لاتقع في المحظور.
 المبحــث الأول : مفهــوم الخطــــأ وصـــــوره

المطلــب الأول : مفهــــــوم الخطــــــــأ

لم يعرف المشرع الجزائري الخطأ الجزائي واستعمل عدة صور للتعبير عنه.

عموما يمكننا تعريف الخطأ الجزائي بأنه تقصير في مسلك الإنسان لايقع من شخص عادي وجد في نفس الظروف الخارجية.

ولكن من هو الشخص العادي الذي يجب أن تقاس على صورته تصرفات الفاعل ؟

فأما القانون المدني فقد أعتمد مفهوم الأب الصالح كمعيار موضوعي للرجل العادي ذي الحيطة والحذر ، علما أن القضاء يسوي بين الخطأ المدني والجزائي ، كما نوضحه لاحقا

وأما القانون الجزائي فقد ترك الأمر للقاضي الذي عليه مقارنة تصرف الفاعل بتصرف رجل عاد في نفس الوضع وجد فيه.

كما أن القضاء أعطى تعريفات مختلفة للخطأ ومن بين تلك التعريفات هو أنه كل فعل أو ترك إرادي تترتب عليه نتائج لم يردها الفاعل مباشرة ولابطريق غير مباشر ، ولكنه كان في وسعه تجنبها ويترتب على هذا التعريف ثلاثة أمور :
ـ 02ـ

01 ـ أن السلوك الإجرامي في الخطأ كما يكون في الفعل الإيجابي ، يكون بالفعل السلبي وذلك حين يكون على الجاني إلتزام ولكنه أمتنع عن أدائه بإرادته.
02 ـ أن السلوك الإجرامي في الخطأ تترتب عليه نتائج ضارة لم يردها الجاني ولم يقصد إليها باي صورة من صور القصد الجنائي أو العمدي

03 ـ أن هذه النتائج الضارة التي نتجت عن الخطأ كان في إمكان الجاني تجنبها ، مما يعبر على صورة الخطأ غير العمدي التي نص عليها القانون أي أن حدوث تلك النتائج كان بسبب تقصير من الجاني.
وأما الفقهاء المسلمون فيربطون الخطأ بصورتين ، خطأ في الفعل أو خطأ في القصد والخطأ في الفعل كمن يطلق النار على حيوان فيخطئه ويصيب إنسانا وأما الخطأ في القصد فكما يحدث في الحرب حيث يطلق النار على العدو ثم يتبين أنه لم يكن كذلك ،فمتى توفرت إحدى الصورتين أنتفى القصد الجنائي وعومل الجاني معاملة المخطىء ونشير في أخر هذا التقديم لدراسة الخطأ غير العمدي ، إلى أن العمد هو الأصل في إرتكاب الجرائم والخطأ إستثناء ، لأن الجريمة سلوك شاذ قلما يحدث لوحدة وإنما يرتبط حدوثه عادة بإتجاه الإرادة إليه ومن لم تكن له إرداة أثمة فإنه لايقع في السلوك الشاذ المجرم الإ بصورة من صور الخطأ التي نص عليها القانون.

المطلــب الثانـــي : صـــــور الخطـــــأ

نصت المادة ( 288) من قانون العوبات الجزائري على خمسة صور للخطأ ، حيث ورد فيهاكل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك برعونته أو عدم إحتياطه أو عدم إنتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته الأنظمة يعاقب بالحبس من ستة اشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية من 1000دج إلى 20000دج وليست هذه الصور خاصة بالقتل بل تشمل الجرح أيضا كما في المادة 289 ، كما أن هناك موادا أخرى تضمنت بعض صور الخطأ كالمادتين 157 ـ 159 اللتين تضمنتا الحديث عن الإهمال ، كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة 442 جميع صور الخطأ تماما مثل المادة 288
كما تضمنت المادة 457 صورتي عدم الإحتياط والرعونة وسوف نفصل القول في كل صورة على حدى :

01 ـ الرعونـــــــــة : تعني في اللغة الحمق والإسترخاء ومن ثم فهي تشير إلى الطيش والخفة ونقص المهارة والخبرة في عمل مادي أو فكري التي تتطلبها بعض الأعمال ومثال على ذلك في الرعونة في العمل المادي أن يقوم شخص بتحريك آلة وهو يجهل كيفية إستعمالها فتؤدي إلى جريمة ومثالها ما يتسبب فيه المهندسون والأطباء عند الشروع في أعمالهم مما يؤدي إلى أخطاء جسيمة يترتب عليها إصابات متفاوتة ، فحكم الطبيب المولد مثلا يسأل عن جريمة القتل الخطأ إذا هو نسي ربط الحبل السري وترك الطفل بغير عناية بعد مولده ، أو أن يقدم طبيب دواء لمريض لايتناسب مع مرضه فيموت إثر تعاطيه هذا الدواء ، هنا تكمن الرعونة في العمل الفكري.
ـ 03 ـ

02 ـ عدم الإحتيـــــاط : تشمل هذه العبارة كل أخطاء الفاعل التي بمقدوره أن يتفاداها لو أحتاط لذلك ، فهو يدرك المخاطر التي قد تترتب وتنتج عن فعله ولكنه يستخف بالأمر ويقدم على فعله ، كأن يقود سيارة بسرعة بالقرب من مدرسة مع علمه وتوقعه لخروج التلاميذ فجأة بين لحظة وأخرى ولكنه غلب على إعتقاده عدم خروجهم في هذا الوقت فصدم طفلا ، وكالمرضعة التي تنام مع رضيعها فتتسبب في قتله بنومها عليه والإحتياط في الأصل هو التصرف مع توقع الأسوء.
03ـ الإهمــال وعدم لإنتبـــــاه : هو إغفال الشخص بإتخاذ الإحتياط الواجب أخذه غالبا ما يحدث بأعمال سلبية كالإمتناع أو الترك ، فالشخص المكلف بالعناية بالطفل أو المريض فيهمل في العناية به حتى يموت والمالك الذي يتسبب في فعل أو جرح إنسان بإهماله وضع إشارة تحذير وتنبيه على الحفرة التي حفرها أمام منزله في مكان عام يمر به الناس ويمكن القول على وجه العموم جميع الأحوال التي يهمل فيها شخص إتخاذ الإحتياطيات اللازمة لحماية الأشخاص الذين يمرون أو يتواجدون بالقرب من ألات أو أدوات يمكن أن يستبب فيها ضرر للغير. ومثال على ذلك الشحص الذي يطلق سراح حيوان متوحش فيؤذي الناس.

04 ـ عـــدم مراعــاة الأنظمــــة : هذه صورة من صور الخطأ التي نص عليها القانون ورتب المسؤولية عما يقع بسببها من النتائج الضارة ولولم يثبت على من أرتكبه اي نوع أخر من الخطأ ، وبناء عليه حكم بأنه إذا أطلق شخص عيارا ناريا من داخل منزله فتسبب في إصابة فتاة فلا يقبل دفاعه بأنه لم يكن في إستطاعته أن يبصرها لوجوده حائط وسياق كان بإمكانه أن يراها أم لا ، لأن الشخص بمجرد مخالفته لللوائح والأنظمة يعد في حكم المخطىء إذا وقعت منه حادثة وهو مرتكب لهذه المخالفة

وحكم بأنه إذا سلم صاحب سيارة قيادة سيارته إلى شخص يعلم هو أنه غير مرخص له في القيادة، فصدم هذا الشخص إنسانا فقتله كان صاحب السيارة مسؤولا هو أيضا عن هذه الحادثة ، لأنه إذا سلم قيادة سيارته لذلك الشخص غير المرخص له في القيادة يكون قد خالف لائحة السيارات فيتحمل مسؤولية ما وقع من الحوادث بسبب عدم مراعاة الأنظمة ومن هذا القبيل أيضا أن يتسبب قائد سيارة في قتل شخص أو إصابته بزيادة السرعة أو بالسير في وسط الطريق أو بسماحه بركوب اشخاص زيادة عن العدد المقرر مما يتسبب عنه سقوط السيارة في ترعة وقتل شخص أو إصابته ، إذ يجب أن نذكر أن مخالفة القانون والأنظمة لايترتب عليها مساءلة المخالف عن النتيجة التي وقعت الإ إذا كانت هذه النتيجة سببها المخالفة التي حصلت فرابطة السبية شرط لازم يجب مراعاته ، بمعنى انه لوتدخل عامل أخر يصح أن تلقى عليه تبعية النتيجة فلا يكون المخالف مسؤولا عنها وبعبارة ثانية يجب ألا يتصور وقوع الحادثة بذاتها الإ بواسطة المخالفة التي إرتكبها الجاني.
ويجب على القاضي أن يبين الخطأ في المسائل الجنائية عندما يصدر حكمه والإ كان معينا ولايكفي في إثبات الخطأ القول أن رعونة الجاني أو عدم إحتياطه أو مخالفته للأنظمة هي السبب في إصابته ووفاة المجني عليه، بل يجب أن يوضح لنا الحكم الرعونة وعدم الإحتياط التي خالفها المحكوم عليه ، إذ لايترتب أي عقاب على ألفاظ عامة مبهمة ونتى ثبت الخطأ في الحكم فإنه لايخضع لرقابة محكمة النقض عليه فيها ما لم يكن إستنتاجه مخالفا لتعريف الخطأ وصوره.
ـ 04 ـ
05 ـ النتيــــجة المعاقب عليها : يشترط لتطبيق المادتان 288 و 289 من قانون العقوبات الجزائري أن يحدث قتل أو جرح يلحق بالمجني عليه وإذا لم تتحقق هذه النتيجة فلا قيام للمسؤولية الجنائية مهما توافر من خطأ الجاني ومهما كان هذا الخطأجسيما.

06 ـ رابـــــطة السببيــة : تكلمنا عن علاقة السببية بصفة عامة في الفترات السابقة وطبيعة هذه العلاقة واحدة وثابتة لاتتغير في الجرائم العمدية عنها في الغير عمدية من حيث أن تستلزم إمكان تسبيب النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما أنها كانت تتفق والمجرى العادي والمألوف للأمور، وعدم مساءلة الجاني إذا ما تداخلت عوامل شاذة غير عادية أو مألوفة في توقعها ، فلايكفي في الإدانة في القتل والإصابة الخطأ أن يثبت وقوع ضرر وحصول خطأ بل يجب أيضا أن يكون بين هذين العنصرين رابطة السببية ، وتكلمنا فيما سبق عن مساهمة أكثر من شخص في إحداث النتيجة وإعتبارهم مسؤولون جميعهم بوصفهم فاعلين أصليين لأن تعدد الأخطاء هنا يوجب مساءلة كل منهم ايا كان مقدار الخطأ المنسوب إليه ويستوي أن يكون سببا مباشرا أم غير مباشر في حصوله ، مادام أنه قد أمكن تحديد الفاعلين المتسييين في النتيجة المعاقب عليها ، فسائق السيارة الذي ينفذ أمر ورجاء راكبها بالسير بسرعة بهما ليصل إلى موعده في الوقت المحدد ، فيتسبب عن تلك السرعة موت رجل ، فقائد السيارة هو فاعل القتل الخطأ أما الراكب فهو الشريك له.
ورابط السببية عنصر من عناصر جريمة القتل الخطأ والإصابة الخطأ ، يجب إثباتها وبيانها في الحكم القاضي بإدانة المتهم وإذا حكم بإنتفاء وإنقطاع رابطة السببية وبراءة المتهم يجب أن يبين في الحكم كيف يمكن تصور وقوع الحادث بدون الخطأ الذي أرتكبه المتهم.
وفيمايلي نستعرض إستقلال صور الخطأ عن بعضها البعــــض
01) إن كلا من الرعونة وعدم الإحتياط وعدم مراعاة الأنظمة مستقل عن الأخر ، حيث يمكن توافر الرعونة رغم أن كل اللوائح المنظمة لنشاط معين تثبت مراعاتها.
02) إن كلا من الرعونة أو عدم الإحتياط كاف . ومن ثم لايتطلبان عدم مراعاة الأنطمــة.
03) إن عدم مراعاة الأنظمة تؤخذ بعين الإعتبار رغم عدم تشكيلها في حد ذاتها لجريمة جنائية.

المبحــث الثانـــي : خصائص وأنـــواع الخطـــــأ وعلاقتهم بالقصد الجنائي

المطـــلب الأول : خصــائص الخطـــــــأ:
تحكم ركن الخطأ على نطاق المسائلة الجناية أربع خصائص رئيسيةوهـــي :
01 ـ إنعدام القصد الجنائـــي
02 ـ إستناده إلى الجاني شخصيــا
03 ـ المدى الذي يسأل بناءا عليــه
04 ـ تقديره يخصع لمعيار موضوعـــي.


ـ 05 ـ
01) ـ إنعــدام القصد الجنائـــي : اي إنتفاء القصد الجنائي العام المطلوب في الجرائم العمدية وفيه تنصرف إرادة الجاني إلى إرتكاب الفعل المادي دون نية تحقيق أي نتيجة إجرامية معينة ، فهو عندما قام بسلوكه ، كان مجردا من القصد العام والخاص لإرتكاب الجريمة ويترتب على إنتفاء القصد الجنائي في الخطأ مايلي.
أ ـ إنتفاء الشــروع : لأن الشروع يتطلب توافر قصد إتمام الجريمة بكافة أركانها والقصد منعدم على الخطأ، فالمخطىء الذي خابت إصابته لسبب خارج عن إرادته فلا يعتبر ذلك شروعا كما هو الحال على العمد ، بل لاجريمة إطلاقا على هذه الحالة والخطأ لايكون الإ بتحقيق نتيجة ضارة على الجرائم المادية أو بإثبات السلوك المحظور على الجرائم الشكلية ، أما الشروع فمرتبط بالقصد الذي ينتفي في حالة الخطأ.
ب ـ إنتفاء الإشتراك فيها : لأن الإشتراك ايضا يتطلب قصدين ، حيث يقصد الشريك معاونة الفاعل الأصلي على إتمام الجريمة فإذا انعدم القصد لدى الفاعل الأصلي ، فينعدم من باب اولى في فعل الشريك الذي يستمد صفته الإجرامية منه ، فالشخص الذي يطلب رصاصا لحشو سلاحه من أجل إطلاق النار على حيوان فاصاب إنسانا فإن الذي قدم الرصاص لايعتبر شريكا ، فإذا كان الذي أطلق النار صغيرا أو ضعيف العقل أو أنه معروف برداءة التصويب وسوء التصرف فإن معاونه يمكن أن يكون هو المخطىء الأصلي مثله مثل المصوب تماما ، كما يمكن أن يكون معرضا أو فاعلا معنويا وتتحدد صفته على ذلك بالنظر إلى الذي أطلق النار.
ج ـ إنتقاء الظروف المشددة التي تتصل القصد ، مثل سبق الإصرار والترصد ، لأن الجرائم الخطاية عارية من القصد الجنائي تماما.

02) ـ شخصيــة الخطـــأ : أي أن الخطأ سلوك قاصر على من أرتكبه ، فلا يتحمل اي شخص مسؤولية ما لم يكن صدر منه خطأ شخصي ، فالإبن الذي أخذ سلاح أبيه وأصاب غيره يسأل الأب على اساس انه كان مهملا في مراقبة سلاحه ، أما لو أخذ الولد السلاح من بيت الجار مثلا فإن الجار هو الذي يكون مسؤولا لا الأب ، وهذا من الناحية الجنائية.
03)ـ مـــدى الخطـــأ : أ ي حجم الخطأ المطلوب لترتيب المسؤولية الجنائية ، حيث إنقسم الفقه على ذلك إلى قسمين ، أولهما يذهب إلى أن الخطأ اثره مزدوج جنائي ومدني ، اي أن هناك خطأ جسيما تترتب عليه المسؤولية الجنائية والمدنية وآخر يسير يتطلب المسؤولية المدنية فحسب وهم يؤسسون هذا الرأي على القول بأن التعويض المدني مقصود به إصلاح ضرر لحق إنسانا لم يخطىء مطلقا ( المجنى عليه) والموازنة بين عدم الخطأ المتضرر وخطأ الفاعل مهما كان يسيرا يقتضي وجوب التعويض ، أما العقوبة الجناية فتهدف إلى تقويم إعوجاج الجاني لا إلى إصلاح الضرر ، خاصة أن الجاني قد ساهم في الضرر بإهماله أو رعونته وغير ذلك مما يقتضي تحمله للمسؤولية ، اما الأخطاء اليسيرة التي يخطأ فيها الناس كثيرا ، فلا تكلف المسؤولية الجنائية ، كما يرون أن الخطأ المدني الذي يتطلب التعويض مستقل في ذاته عن الخطأ الجنائي الذي يتطلب عقوبة ، فقد يسأل الشخص مدنيا كالصغير والمجنون ولايسأل جنائيا.

وأما القسم الثاني من الفقه فيذهب إلى وحدة الخطأ على النطاقين معا ، فليس هناك ما يسمى بالخطأ الجسيم والخطأ اليسير ويقولون أن التفريق بينهما ليس له ضابط وهو يخضع للتحكم ويؤدي إلى إقلات الجاني من المسؤولية الجنائية من عواقب خطأ وإهماله وإقتصاره عن المسؤولية المدنية التي لايتأثر بها بسبب وجود شركات التأمين والقول بوحدة الخطأ يزيد من الترابط بين القانونين المدني والجنائي في مكافحة صورالإهمال المختلفة.
ـ 06 ـ

ونشير إلى أن محكمة النقض الفرنسية تتفق مع الرأي الأخير، فاي قدر من الخطأ يكفي لتحمل المسؤولية الجنائية وأستقر على ذلك القضاء الفرنسي لخلاف الفقه القائل بالرأي الأول، كما أن هناك جزءا من الفقه الفرنسي يتماشى مع محكمة النقض والقضاء.

04)ـ معيـــار الخطـــأ : يخضع تقدير الخطأ على نطاق المساءلة الجنائية إلى معيارين :

أ ـ المعيــار الشخصـــي : يركز هذا المعيار على شخص المخطىء ، فيجب النظر عند تقرير المسؤولية عن الخطأ إلى الشخص وظروفه ولانقارنه بغيره ، بل يمكن أن نقارنه حالة إرتكابه للخطأ ، بل كان يمكن أن يصدر منه من تصرف أخر في نفس الظروف ، بحيث أمكنه تفادي الخطأ ، فإذا وجد هذا الشخص في ظروف مشابهة تفادى فيها الخطأ ، فإذا أخطأ فيها يشبهها عد مقصرا كالسائق حديث العهد بالسياقة إذا ما تسبب على إصابة إنسان بسبب انه لم يحسن الخروج من مأزق دقيق وجد فيه اثناء قيادته للسيارة ، فيعامل بتوافر الخطأ على عكس ما قد يعامل به سائق قديم.

ب ـ المعيار الموضوعـــي : وهذا المعيار يقارن فيه بين ما صدرعن المخطىء وبين ما يصدر عن إنسان آخر عادي متوسط الحذر والإحتياط وجد في نفس الظروف ، فإذا كان هذا الإنسان الذي وجد في نفس ظروف المخطىء ، قد تفادي الوقوع في الخطأ ، فيسأل المقصر على تقصيره والإ فلا.

ويؤخذ على المعيار الأول أنه قد يؤدي إلى مساءلة معتاد الحيطة والحذر إذا أخطأ فلتة وفي الوقت ذاته يؤدي ذلك إلى إفلات من أعتاد التقصير والخطأ من المسؤولية ومعناه ايضا أن هذا المعيار يشجع معتادي التقصير على التمادي في تقصيرهم ولايأخذهم بما يدفعهم إلى الحرص على الإحتياط والحذر ، أما المعيار الموضوعي فإن الصعوبة الكامنة فيه تدور حول ماهية الشخص العادي الأخر الذي ينبغي المقارنة به إذا وجد في نفس الظرف ، ثم إن الشخص الناقص عن الإنسان العادي كيف يمكن مطالبته بما فوق طاقته

وعلى الرغم مما قيل عن المعيار الموضوعي فهو المعيار السائد فقها وقضاءا مستقر على ذلك والتشريع الجنائي الجزائري يتماشى مع المعيار الموضوعي فهو قد وضع صور للخطأ كل من قام السلوك المخطىء بسبب واحد منهما تحمل المسؤولية بغض النظر عن ظروفه وحالته.







ـ 07 ـ
 المطلــب الثاني : أنواع الخطأ وعلاقتهم القصد الجنائي
يميز الفقه بين عدة أنواع من الخطأ ، فيقال : خطأمادي وخطأ فني وخطأ جسيم وخطأ يسير ، وخطأ جنائي وخطأ مدني والأ ن نستعرض هذه الأخطاء على حدى :

01)ـ الخطأ المادي والخطأ الفني : يقصد بالحطأ المادي " الإخلال بالإلتزام المفروض على الناس كافة بإتخاذ العناية اللازمة عند القيام بسلوك معين أو إتيان فعل ما لتجنب ما قد يؤدي هذا السلوك من نتيجة غير مشروعة "فمن المقرر أن تطبق قواعد الخطأ بمفهومه العام المادي على جميع الناس المخاطبين بالقاعدة القانونية، لافرق بين فرد من شريحة إجتماعية معينة وأخر من شريحة إجتماعية أخرى ،فواجب الحيطة والحذر التي يفرضها القانون تسري على الجميع على حد سواء.
على أن إنفراد بعض الطوائف الإجتماعية بمهنة معينة يجعلنا نتساءل عن إمكانية تطبيق قواعد الخطأ المادي عليهم في حالة ما إذا أقترف أحدهم خطأ مهنيا ، كما لو أخل رجل الفن
أو صاحب المهنة أو الحرفة بالقواعد العلمية أو الفنية التي تحدد اصول مباشرة هذه المهن.

ذهب رأي في الفقه إلى ضورة تميز الخطأ الفني عن الخطأ المادي والقول بعدم مسؤولية أصحاب المهن عن خطئهم الفني ، بحجة أنهم اصحاب علم ومعرفة بشؤون مهنتهم وتؤهلهم للقيام بعملهم المهني دون رقابة من القانون وأن رقابة الرأي العام عليهم تكفي وتغني عن رقابة القانون.

ولم يصمد هذا الرأي أمام النقد الموجه إليه والقائل بأن إيثار اصحاب المهن الفنية بوضع خاص يتنافى مع الصالح العام في حملهم على إلتزام الحذر واليقظة عند ممارسة مهنهم.

وفي تطور أخر ذهب أنصار التميز بين الخطأ المادي والخطأ الفني إلى القول بحصر مؤولية أصحاب المهن في حدود الخطأ الجسيم فقط ولم يلاق هذا الرأي بدوره قبولا وذلك لصعوبة التميز بين الخطأ التافه والخطأ الجسيم.

والرأي السائد الأن في الفقه والقضاء يقول بأن هذه التفرقة بين الخطأ المادي والخطأ الفني لامحل لها وأنه يتعين أن يطبق فيكلا المجالين نفس القواع العامة التي تحدد عناصر الخطأ غير العمدي وأما المعيار الذي يهتدى به في مجال الخطأ الفني فهو ذات المعيار المأخوذ بع في مجال الخطأ المادي ، إذا يؤحذ بمعيار " رجل المهنة العادي " الذي يوضح في نفس ظروف المتهم ، فإذا كان سلوكه يتفق مع سلوك المتهم فعندها لايوسم عمل المتهم بالخطأ ، أما إذا أختلف معه فيوسم عمل المتهم عندئذ بأنه خاطىء ويتحمل مسؤوليته عن جريمة غير عمدية.

02)ـ الخطأ الجسيم والخطأ اليسيـــر : قيل بوجوب التمييز بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير ، حيث يجد الأول ( الخطأ الجسيم) مجاله في نطاقالقانون الجنائي إذا يصلح هذا النوع من الخطأ لترتيب المسؤولية الجنائية ، في حين يجد الثاني ( الخطأ اليسير) مجاله في نطاق القانون المدني لأنه لايصلح لتفاهته لترتيب المسؤولية الجنائية وإن كان يصلح لترتيب المسؤولية المدنية فحسب.

ـ 08 ـ

وإذا ما سلمنا بهذا الرأي ، لتوجب علينا أن نضع معيارا نميز به بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير، وبموجبه نقرر متى يكون الخطأ جسيما ومتى يكون الخطأ يسيرا. فالخطأ الجيم هو الخطأ الواضح ، حيث يتطيع أي شخص أن يتوقعه ، أما الخطأ اليير فهو اقل ووحا وإن كان بإستطاعة الشخص العادي توقعه ، في حين يكون الخطأ يسيرا جدا ، حيث يتطلب إستطاعة توقعه تبصرا غير عادي.

وأما صعوبة التفرقة بين ما يسمى بالحطأ الجسيم والخطأ اليسير وإفتقارها إلى معيار موحد تقوم عليه ، فقد هجرها الفقه والقضاء في الوقت الراهن قالفانون يعتبر من أخطأ مسؤولا ولو كان حطؤه يسيرا وإن كان من العدل أن يلجأ القاضي ضمن حدود سلطته التقديرية إلى تشديد عقوبة من يرتكب الخطأ الجسيم.

03) ـ الخطأ الجنائي والخطأ المدنـــي : وتعتمد هذه التفرقة ااسا على التمييز بين الخطأ الجسيم والخطأ اليسير ومفادها أن الخطأ مهما تضاءل ( الخطأ التافه أو اليسير جدا) يصلح لأن يترتب المسؤولية المدنية ولكنه لايصلح لترتيب المسؤولية الجنائية التي تتطلب خطأ أكثر جسامه وحيث أننا رفضنا هذه التفرقة في الفقرة السابقة ، فإننا نرفض ايضا التفرقة بين الخطأ المدني والخطأ الجنائي.

وأخيرا فإن قانون العقوبات الجزائري لم يفرق بين الخطأ الجسيم والخطأ غير الجسيم ، كما لم يفرق بين الخطأ المدني والخطأ الجنائي أو بين الخطأ المادي والخطأ الفني فعقوبة هذه الجرائم لاتتأثر سواء أكان الخطأ جسيما أم يسيرا، ولتوضيح ذلك نعود إلى جريمة القتل الخطأ على سبيل المثال ، فنجد نصها على النحو التالي" كل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك برعونته أو عدم إحتياطه أو عدم إنتباههه أو إهماله أو عدم مراعاته الأنظمة يعاقب بالحبس من ستة اشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة مالية من 1000دج إلى20000دج فالقانون هنا لايشير إلى نوع الخطأ وهل هو خطأ جسيم أم خطأ يسير ، إذا يكتفي القانون بوجوب إثبات الخطأ كركن معنوي من أجل تحميل الجاني نتائج افعاله وللقاضي في حدود سلطته التقديرية وبحدود العقوبة المنصوص عليها أن يحكم بعقوبة أخف أو اشد تبعا لجسامة الخطأ ، تحقيقا للعدالة.











ـ 09 ـ







تمهيــــد : تناول المشرع في المادة 288 عقوبات جريمة القتل الخطأ وعدلها بالقانون 120 لسنة 1962 برفع العقوبة المقررة بسبب تطور اباب الحوادث لكثرة الألات الصناعية ولتعدد مناحي النشاط الإقتصادي في الحياة اليومية حتي وصلت الحوادث في بعض الأحيان إلى مايشبه الكوارث لكثرة عدد الضحايا ولم يغير التعديل في أركان الجريمة وإنما إقتصر على تشديد العقوبة وتتطلب جريمة القتل الخطأ توافر ركن مادي وأخر معنوي سنتاولهما ثم نتاول في النهاية عقوبة الجرمية.
 المبحـــث الأ ول : القتل الخطأ وأركانه والعقوبات المقررة له
المطلـــب الأول : تعريف القتل الخطــــــــــأ وفق قانون العقوبات الجزائري

ـ ينص قانون العقوبات الجزائري على القتل الخطأ والجرح الخطأ في المادتين 288 و 289 وكذا في المادة 442/ فقرة 02 ، حيث عرفت المادة 288 القتل الخطأ بطريقة غير مباشرة بنصها على مايلي " كل من يقتل خطأ أو تسبب برعونته أو عدم إحتياطه أو إنتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته للأنظمة "
المطلـــب الثانــي : أركان القتل الخطـــــــــأ

تتكون الجريمة من ثلاثة أركان وهي :
01 ـ الركن المادي ويتمثل في القتـــــل
02 ـ الركـــن المعنــوي : ويكمن في الخطـــأ
03 ـ العلاقة السببية بين الخطأ والوفــــــاة
01 ـ الركــــن المادي : يشترط لقيام الجريمة في صورة القتل الخطأ أن يحدث قتل مهما كان طبيعة أو جسامة هذا الفعل ، إذ يعاقب القانون كل مساس بحياة الإنسان أو بسلامة جسمه
أو صحته وقد تكون وسيلة القتل أو الإصابة سلاحا أو آلة أو أداة أو مادة.
ويمكن أن تكون الإصابة جرحا أورضوضا أ و مرضا ويستوي في ذلك أن تكون الجروح ظاهرية أو باطنية وهكذا تنطبق المادتان 288 و 289 من ق ع ج على المرضعة التي تتسبب بخطئها في نقل مرض إلى طفل عهد إليها بإرضاعه، وعلى من يستبب بعدم إجتياطه في نقل عدوى مرض إلى أخر أثناء التطعيم ضد ذلك المرض.

وقد تكون وسلية القتل أو الإصابة نقل فيروس VIRUS للغير كفيروس الإيدز ( السيدا) ، فقد تنتقل العدجوى بسبب عدم الإحتياط أو الإهمال وفي هذه الحالة فإن الشخص المستبب في نقل عدوى مرض السيدا للغير نتيجة لخطئه غير العمدي يجاكم جزائيا من أجل القتل الخطأ إذا توفى المريض نتيجة إصابته بذاك الداء.
ـ 10 ـ
02 ـ الركــن المعنـــوي : يتمثل في الخطأ ، بحيث أن جريمة القتل الخطأ تخلو من نية المساس بحياة أو صحة الضحية ولكنها يفترض أن يرتكب الفعل عن طريق الخطأ ، فالخطأ هو الركن المعنوي المميز للجريمة ، فإذا لم يتوفر في حق الفاعل خطأ لايسأل النتيجة التي ترتبت على فعله ويكون القتل أو الجرح عرضيا.
وإذا كان القانون لم يعرف الخطأ الجنائي فقد استقر القضاء على وحدة الخطأ المدني والخطأ الجنائي ، ولكن اي خطأ يرتب المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية معا؟ .

وردت في قانون العقوبات صور الخطأ الجزائي على سبيل الحصر والتخصيص غير أن العبارات المستعملة تتسع في مجملها لتشمل كل خطأ ايا كان صورته وايا كانت درجته .

وردت هذه الصور في المادة 288 تحديدا وإكتفت المادة 289 بذكر البعض منها وإن كانت هذه المادة جاءت متممة للمادة الأولى وبالتالي فالمقصد واحد.

وبالرجوع إلى النصين المذكورين ، لايعتبر الخطأ جزائيا مستوجبا للعقاب الإ إذا أحتوته إحدى الصور التالية : الرعونة، عدم الإحتياط عدم الإنتباه ، الإهمال ، عدم مراعاة الأنظمة ويمكن تقسيم هذه الصور إلى ثلاث فئات:
ـ الفئة الأولى تتمثل في قلة الإحتياط وتشمل الرعونة وعدم الإحتياط وكلاهما يقضي سلوكا إيجابيا.
ـ الفئة الثانية تتمثل في عدم الإنتباه والإهمال وكلاهما يقتضي سلوكا سلبيا.
ـ الفئة الثالثة تتمثل في عدك مراعاة الأنظمة.
أ ـ قلـــــة الإحتياط imprudence : وتعني هذه الصورة إعتماد الفاعل موقفا إيجابيا في قيامه ما كان لايجب عليه القيام به والترفات المباحة إلى ما هو غير مشروع ولا مسموح له بها ، مع إدراكه اصلا أن ذلك قد يرتب خطرا على المسلك الذي ينتهجه

.وتتسع هذه الصور إجمالا لتشمل كافة ظواهر الطيش والخفة والرعونة والهوس على مختلف درجاتها ومهما كانت تميتها ولهذه الصورة في القانون الجزائري مظهران هما :
01 ـ الرعــــونة :MALADRESSE : تتمثل الرعونة في سوء التقدير وإنعدام المهارة الناتج عن عدم الحيطة ، كالصياد الذي يطلق النار على طائر في مكان آهل فيصيب أحد المارة ، أو جهل ما يجب العلم به كالمهندس الذي يرتكب خطأ في تصميم بناء يتسبب في سقوطه ووفاة شخص والممرض الذي يقدم حقنة بنيسلين لمريض دون إجراء إختبار الحساسية فيتوفى.

02 ـ عدم الإحتياط : IMPRUDENCE : ويقصد به تجاهل قواعد الحيطة والتبصر أو عدم تدبر العواقب ومعنى أخر هو الخطأ الذي لايرتكبه الرجل المحتاط ومن هذا القبيل سائق السيارة الذي يسير بسرعة فائقة في شارع مزدحم فيصيب أجد المارة ولايهم إن كانت السرعة محددة في ذلك المكان أم لا ، ومن يعير سيارته لصديق لايملك رخصة السياقة ومن يثابر على السرعة الفائقة مع علمه بالعطل الطارىء على كوابح السيارة والوالدة التي تنقلب في سريرها على ولدهاالصغير وهو نائم فيموت ، وربة المنزل التي ترمي جسما صلبا من النافذة يصيب أحد المارة.
ـ 11 ـ

ب ـ الإهمــــــال : تعني هذه الصورة إعتماد الفاعل موقفا سلبيا عن القيام بما هو واجب عليه ، وتركه إلتزاما مفروضا في مسلكه الشخصي والتلكؤ عن إتخاذ التدابير والإحتياطات والوسائل الضرورية والمناسبة لتفادي وقوع الفعل الجرمي، وبالتالي حدوث النتيجة الضارة وفق التعبير الفرنسي :NEPAS FAIRE CE qu’on OURAIT DU OU PU FAIRE
وتتسع هذه الفئة إجمالا لتشمل كافة معالم قلة الإدراك وقصر المعرفة وإنتقاء الحذر والتبصر والإنتباه والإغفال ، الخ.
وتأخذ هذه الصورة في التشريع الجزائري مظهرين :
01 ـ الإهمـــــال : Ne’gligence : تنصرف هذه الصورة في الغالب إلى الحالة التي ينتج فيها الخطأ عن ترك أو إمتناع إذا يغفل الفاعل عن إتخاذ إحتياط يوجبه الحذر ولو أتخذه لما وقعت النتيجة الضارة ، ومثال ذلك من يحفر بئرا عميقا ولايسور هذا البئر المفتوح أو قفله أو يشير إليه والشخص الذي يحدث حفرة أو أحدودا أو يضع كومة من التراب أو الأنقاض على الطريق العام دون تركيز ما يدل على ذلك.

02 ـ عم الإنتبــــــاه :INATTENTION : ويقصد به الخفة وعدم التركيز عند تنفيذ عمل ما ، ومثال ذلك المهندس المسؤول عن البناء لايحيط الورشة طور التشيد بحاجز خشبي أو لايدعم حائطا معرضا للإنهيار أو لايعين مراقبا لحراسة البناء عند وقف الأعمال ، أو لايصلح الفجوات المتداعية .

ج ـ عدم مراعاة القوانين والأنظمة : inobservation des lois re’glements : تضيف غالبية التشريعات الجزائية هذه الصورة الثالثة على ما تعتمده بالنسبة لكل من الصورتين السابقتين

اشار المشرع الجزائري إلى الأنظمة معتمدا صيغة ناقصة ومقتصرة ، مقتبسة من قانون العقوبات الفرنسي القديم والصيغة المناسبة هي عدم مراعاة القوانيين والأنظمة ، بينما توسع القانون الإيطالي في المادة 43 منه حيث ذكر القوانيين والأنظمة والأوامر والقواعد. INOBSERVANCE DE LOIS DE Re’glement d’ordres et de re’gles وفي القانون الفرنسي استبدلت عبارة مخالفة الأنظمة بعبارة الإخلال بواجب الحيطة أو الأمن الذي يفرضه القانون أو التنظيم وهي أوسع من الأولى وبوجه عام يقصد بعبارة الأنظمة التي وردت في قانون العقوبات الجزائري كل القوانيين والمراسيم والقرارات واللوائح والتعليمات بل وحتى قواعد أخلاقيات المهن.

ولايهم في ذلك أن يكون عدم مراعاة النظام يقع تحت طائلة القانون الجزائي أم لا ، كما أن مخالفة اللائحة يوفر عنصر الخطأ ولو لم ترفع الدعوى عن هذه المخالفة أو كانت قد سقطت الدعوى عنها بالتقادم .


ـ 12 ـ
ويعود الخطأ في هذه الصورة إلى إعتماد الفاعل موقفا لاشرعيا في عدم إنطباق سلوكه الشخصي أو المهني على المسلك المقرر في القواعد والتعليمات الصادرة عن السلطات المختصة بغية تنظيم شؤون وأمور معلومة.

ومن هذا القبيل مخالفة التدابير التي تفرضها قوانيين الأمن العام وأنظمة السير والأنظمة الصحية والبلدية والتعليمات الخاصة بالسلامة العامة وكذا حوادث العمل المخطئة في المصانع والمعامل والورش والمشاريع والإخلال بأنظمة المهن والحرف كإمتهان الطب دون شهادة أو قيادة السيارات دون رخصة ، إلـــخ وفيما يأتي نماذج لدم مراعاة الأنظمة أكثرها مستمدة من القضاء الفرنسي في المجالات الأتي ذكرها :
ـ في مجال المـــرور : ثبت عدم مراعاة الأنظمة في حق :
ـ قائد المركبة الذي خرق حكم من أحكام قانون المرور ( سرعة فائقة ، تجاوز خطير ، عدم إحترام إشارة ... ).
ـ الراكب الذي فتح باب السيارة بدون حيطـــــــة
ـ صاحب المركبة لعدم صيانة المركبة ، الحمولة الفائقة.
ـ إعارة سيارة لشخص لايملك رخصة سياقــــة.

ـ في مجال المؤسـسـات : تستند المساءلة الجزائية اساسا إلى التشريع المتعلق برقابة الصحة والأمن في العمل داخل المؤسسات وهو المجال المقنن في التشريع الجزائري وبموجب القانون رقم 88/07 المؤرخ في 20/01/1988 المتعلق بالرقابة الصحية وطب العمل.

وبمقتضى هذا التشريع ، يتعين على رئيس المؤسسة أن يسهر شخصيا على إحترام قواعد الصحة والأمن في العمل وعلى التنفيذ الدقيق والمستمر للأحكام المنصوص عليها في قانون العمل واللوائح التنظيمية المطبقة له وذلك من أجل ضمان وسلامة العمنال ويترتب على ذاك النتائج الأتية:
ـ رئيس المؤسسة عن الجرائم التي يتم إثباتها في الورشات
ـ لايمكن له التذرع بعدم وجوده في مكان الحادث
ـ ولابخطأ المجني عليـــــــــه
وهكذا قضي في فرنسا بإدانة رئيس المؤسسة في حالة وفاة عامل بسبب عدم مراعاة التنظيم المتعلق بالأمن أو بسبب عدم مراعاة التنظيم المتعلق بالتكوين.

ـ في المجال الصحــــــي : أعتمد القضاء الفرنسي مبدأ المحترف الجيد LE BON PROFESSIONNEL ، وبموجبه يتعين على الأطباء أن يجيدوا أداء عملهم بأن يصفوا العلاج المناسب للمريض.
هناك ثلاثة أنواع من الأخطاء في المجال الصحي:
ـ الخطأ في تشخيص المرض ، كما لو لم يستعلم الطبيب بما فيه الكفاية عن الحالة الصحية للمريض
ـ الخطأ في إختيــــار الــــدواء.
ـ الخطأ في تنفيذ العلاج أو العملية الجراحية.
ـ 13 ـ

ـ المطلــــب الثالـــث : العقوبات المقرة في قانون العقوبات الجزائري:
أ ـ العقوبات الأصليـــــة :

حسب ماجاء ضمن المادة 288 من قانون العقوبات الجزائري : يعاقب بالحبس من ستة اشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 1000دج إلى 20000دج كل من تسبب في وفاة شخص عن طريق الخطأ
ب ـ العقوبات التكميليــــة : لم ينص قانون العقوبات على العوبات تكميلية في حين جاء قانون المرور ، الصادر بموجب القانون رقم 01/14 المؤرخ في 19/08/2001 المتعلق بتنظيم المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها ، بمثل هذه العقوبات في حالة القتل الخطأ أو الجرح الخطأ المرتكب إثر حادث مرور ويتعلق الأمر بالعقوبتين الأتي ذكرهما :

 تعليق رخصة السياقة (SUSPENSION) : وهي عقوبة تطبق بوجه عام إذا أرتكب سائق حادثا جسمانيا ( جنحة أو مخالفة) وكان في حالة سكر أو تحت تأثير مادة مخدرة أو تهرب من المسؤولية إثر إرتكاب الحادث، يكون تعليق رخصة الياقة لمدة ثلاث سنوات ويمكن الحكم بالتنفيذ المعجل لهذه العقوبة كتدبير وقائي ( المادة 110 ـ 111).

 إلغاء رخصة السياقة : وهي عقوبة تطبق ، على وجه الخصوص ، إذا أرتكب في نفس الظروف المذكورة أعلاه ، سائق مركبة ذات محرك جنحة القتل أو الجرح الخطأ على راجل ( المادة 113/1).
كما يجوز لجهات الحكم بإلغاء رخصة السياقة ومنع مرتكب الجنحة من الحصول عليها نهائيا ( المادة 113/2)

ويشترط لتطبيق هذه العقوبة أن يكون المتهم يقودسيارة ذات محرك ، مما يجعل الحكم لاينطبق على دراجة بسيطة وأن يكون ضحية الحادث راجلا ، مما يجعل هذا الحكم لاينطبق على ركاب المركبات بكل أنواعها.
وتجدر الإشارة إلى أن تعليق رخصة السياقة وإلغاءها كلاهما عقوبة جوازية.

ـ الظــــــروف المشـــددة : نصت المادة 290 من قانون العقوبات الجزائري على ظرفين مشددين تعلق كلاهما بقيادة المراكب وهما :

ـ السياقة في حالة سكــــر
ـ محاولة تهرب الجاني من المسؤولية الجنائية أو المدنية الملقاة على عاتقه وذلك بالفرار
أو بتغيير حالة الأماكن أو بأية طريقة أخرى أو تهربه من المسؤولية إثر حادث مرور وهما الظرفان اللذان نص عليها قانون المرور أيضا في المادة (66) منه وأضاف إليهما ظرفا مشددا ثالثا ويتعلق الأمر بالسياقة تحت تأثير مادة أو أعشاب مخدرة.
وما يشد الإنتباه ، في هذا الصدد هو عدم إنسجام النصين من حيث العقوبات ، كما نبينه فيما يأتي :
ـ 14 ـ

أ ـ في قانون العقوبـــات : نصت المادة 290 من ق ع ج على مضاعفة العقوبات المنصوص عليها في المادتين 288 و289 ق ع في حالتي السياقة في حالة سكر وتهرب الجاني من المسؤولية الجنائية أو المدنية بعد إرتكاب الجريمة أو محاولة التهرب من هذه المسؤولية.

وتبعا لذلك تكون العوبة على النحو التالي :
ـ إذا أدى الحادث إلى الوفا’ : الحبس من (01)سنة إلى ست (06) سنوات وغرامة من 20000دج إلى 40000دج.

ب ـ في قانون المـــرور : نصت المادة 66 من القانون رقم : 01 ـ 14 المؤرخ في 19/08/2001 على تطبيق عقوبة الحبس من سنة إلى 05 سنوات وغرامة من 50000دج إلى 150000دج على كل سائق أرتكب جنحة القتل الخطأ وهو في حالة سكر أو تحت تأثير مادة
أو أعشاب مخدرة.

ونصت المادة 69 ـ 2 من نفس القانون على تطبيق عقوبة الحبس من ستة (06) أشهر إلى خمس (05) سنوات وغرامة من 50000دج إلى 150000دج على التهرب من المسؤولية الجنائية أو المدنية إثر قتل خطأ.

ج ـ النتيجـــة : نستنتج مما سبق وجود تباين بين قانون العقوبات وقانون المرور من حيث العقوبات حال توافر ظرفي السياقة في حالة سكر والتهرب من المسؤولية الجزائية .

نستخلص في الأخير أن قانون العقوبات اشد من قانون المرور في جنحة القتل الخطأ في حالتي السياقة في حالة سكر والتهرب من المسؤولية الجزائية أو المدنية ، حيث تكون العقوبة من سنة إلى 06 سنوات في ق ع ج ( المادة 290 ق ع) والحبس من سنة إلى 05 سنوات في قانون المرور ( المادة 66) في قانون المرور وتكون العقوبة في الحالة الثانية ، اي التهرب من المسؤولية الجزائية أو المدنية ، الحبس من 06 أشهر إلى 05 سنوات في قانون المرور
(م 69) والحبس من 04 أشهر إلى 04 سنوات في ق ع ج ( المادة 290)

ويبقى قانون العقوبات هو النص الواجب التطبيق في كل حالات القتل أو الجرح الخطأ ألأخرى التي لاعلاقة لها مع حركة المرور عبر الطرق أو إستعمال مركبة.

 المبحـــــث الثانــي : الجرح الخطأ وأركانه والعقوبات المقررة:

تمهيــــــد : جريمة الإصابة أو الجرح الخطأ لاتقوم قانونا الإ إذا كان الجرح متصلا بحصوص الخطأ من المتهم إتصال السبب بالمسبب لايتصور حصوص الجرح أو أو لم يقع الخطأ فإذا أنعدمت رابطة السببية أنعدمت الجريمة لعدم توافر أحد العناصر القانونية لها.

ـ 15 ـ


المطلــــب الأول : تعريـــف الجرح الخطــــــــأ

الجرح الخطأ حسب نص المادة 289 من قانون العقوبات الجزائري هو " كل من تسبب بغير قصد في إحداث إصابة أو جرح أو مرض وكان على ذلك ناشئا عن رعونته أو عدم احتياطه أو عدم إنتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته الأنظمة" ...

المطلــب الثانــــي : أركان الجــــرح الخطــــأ :
بحكم أن جريمتي القتل الخطأ والجرح الخطأ تتفقان من حيث الأركان كان من المفروض أن لا نعيد ذكر هذه الأركان والصور لكن من أجل التوضيح والإثراء وكي يتمكن القارىء من فهم الموضوع أعدنا ذكر هذه النقاط بداية :

01 ـ الركــــن المادي : يشترط لقيام الجريمة في صورة الجرح الخطأ أن يحدث جرح مهما كان طبيعة أو جسامة هذا الفعل ، إذ يعاقب القانون كل مساس بحياة الإنسان أو بسلامة جسمه أو صحته وقد تكون وسلية الإصابة سلاحا أو آلة أو أداة أو مادة.
ويمكن أن تكون الإصابة جرحا أو رضوضا أ و مرضا ويستوي في ذلك أن تكون الجروح ظاهرية أو باطنية وهكذا تنطبق المادتان 288 و 289 من ق ع ج على المرضعة التي تتسبب بخطئها في نقل مرض إلى طفل عهد إليها بإرضاعه، وعلى من يتسبب بعدم إحتياطه في نقل عدوى مرض إلى أخر أثناء التطعيم ضد ذلك المرض.

ـ الركــن المعنـــوي : يتمثل في الخطأ ، بحيث أن جريمة الجرح الخطأ تخلو من نية المساس بحياة أو صحة الضحية ولكنها يفترض أن يرتكب الفعل عن طريق الخطأ ، فالخطأ هو الركن المعنوي المميز للجريمة ، فإذا لم يتوفر في حق الفاعل خطأ لايسأل النتيجة التي ترتبت على فعله ويكون الجرح أو أو القتل عرضيا.

وإذا كان القانون لم يعرف الخطأ الجنائي فقد استقر القضاء على وحدة الخطأ المدني والخطأ الجنائي ، ولكن اي خطأ يرتب المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية معا؟ .

وإذا كان القانون لم يعرف الخطأ الجنائي فقد استقر القضاء على وحدة الخطأ المدني والخطأ الجنائي ، ولكن اي خطأ يرتب المسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية معا؟ .

وردت في قانون العقوبات صور الخطأ الجزائي على سبيل الحصر والتخصيص غير أن العبارات المتعملة تتسع في مجملها لتشمل كل خطأ ايا كان صورته وايا كانت درجته .

وردت هذه الصور في المادة 288 تحديدا وإكتفت المادة 289 بذكر البعض منها وإن كانت هذه المادة جاءت متممة للمادة الأولى وبالتالي فالمقصد واحد.

ـ 16 ـ

وبالرجوع إلى النصين المذكورين ، لايعتبر الخطأ جزائيا مستوجبا للعقاب الإ إذا أحتوته إحدى الصور التالية : الرعونة، عدم الإحتياط عدم الإنتباه ، الإهمال ، عدم مراعاة الأنظمة ويمكن تقسيم هذه الصور إلى ثلاث فئات:
ـ الفئة الأولى تتمثل في قلة الإحتياط وتشمل الرعونة وعدم الإحتياط وكلاهما يقضي سلوكا إيجابيا.
ـ الفئة الثانية تتمثل في عدم الإنتباه والإهمال وكلاهما يقتضي لوكا لبيا.
ـ الفئة الثالثة تتمثل في عدك مراعاة الأنظمة.
أ ـ قلـــــة الإحتياط imprudence : وتعني هذه الصورة إعتماد الفاعل موقفا إيجابيا في قيامه ما كان لايجب عليه القيام به والترفات المباحة إلى ما هو غير مشروع ولا مسموح له بها ، مع إدراكه اصلا أن ذلك قد يرتب خطرا على المسلك الذي ينتهجه

. وتتسع هذه الصور إجمالا لتشمل كافة ظواهر الطيش والخفة والرعونة والهوس على مختلف درجاتها ومهما كانت تميتها ولهذه الصورة في القانون الجزائري مظهران هما :
01 ـ الرعــــونة :MALADRESSE : تتمثل الرعونة في سوء التقدير وإنعدام المهارة الناتج عن عدم الحيطة ، كالصياد الذي يطلق النار على طائر في مكان آهل فيصيب أحد المارة ، أو جهل ما يجب العلم به كالمهندس الذي يرتكب خطأ في تصميم بناء يتسبب في سقوطه ووفاة شخص والممرض الذي يقدم حقنة بنيسلين لمريض دون إجراء إختبار الحساسية فيتوفى.

02 ـ عدم الإحتياط : IMPRUDENCE : ويقصد به تجاهل قواعد الحيطة والتبصر أو عدم تدبر العواقب ومعنى أخر هو الخطأ الذي لايرتكبه الرجل المحتاط ومن هذا القبيل سائق السيارة الذي يسير بسرعة فائقة في شارع مزدحم فيصيب أجد المارة ولايهم إن كانت السرعة محددة في ذلك المكان أم لا ، ومن يعير سيارته لصديق لايملك رخصة السياقة ومن يثابر على السرعة الفائقة مع علمه بالعطل الطارىء على كوابح السيارة والوالدة التي تنقلب في سريرها على ولدهاالصغير وهو نائم فيموت ، وربة المنزل التي ترمي جسما صلبا من النافذة يصيب أحد المارة.
ب ـ الإهمــــــال : تعني هذه الصورة إعتماد الفاعل موقفا سلبيا عن القيام بما هو واجب عليه ، وتركه إلتزاما مفروضا في مسلكه الشخصي والتلكؤ عن إتخاذ التدابير والإحتياطات والوسائل الضرورية والمناسبة لتفادي وقوع الفعل الجرمي، وبالتالي حدوث النتيجة الارة وفق التعبير الفرنسي :NEPAS FAIRE CE qu’on OURAIT DU OU PU FAIRE
وتتسع هذه الفئة إجمالا لتشمل كافة معالم قلة الإدراك وقصر المعرفة وإنتقاء الحذر والتبصر والإنتباه والإغفال ، الخ.
وتأخذ هذه الصورة في التشريع الجزائري مظهرين :
01 ـ الإهمـــــال : Ne’gligence : تنصرف هذه الصورة في الغالب إلى الحالة التي ينتج فيها الخطأ عن ترك أو إمتناع إذا يغفل الفاعل عن إتخاذ إحتياط يوجبه الحذر ولو أتخذه لما وقعت النتيجة الضارة ، ومثال ذلك من يحفر بئرا عميقا ولايسور هذا البئر المفتوح أو قفله أو يشير إليه والشخص الذي يحدث حفرة أو أحدودا أو يضع كومة من التراب أو الأنقاض على الطريق العام دون تركيز ما يدل على ذلك.
ـ 17 ـ


02 ـ عم الإنتبــــــاه :INATTENTION : ويقصد به الخفة وعدم التركيز عند تنفيذ عمل ما ، ومثال ذلك المهندس المسؤول عن البناء لايحيط الورشة طور التشيد بحاجز خشبي أو لايدهم حائطا معرضا للإنهيار أو لايعين مراقبا لحراسة البناء عند وقف الأعمال ، أو لايصلح الفجوات المتداعية أو المداميك العالية.

ج ـ عدم مراعاة القوانين والأنظمة : inobservation des lois re’glements : تضيف غالبية التشريعات الجزائية هذه الصورة الثالثة على ما تعتمده بالنسبة لكل من الصورتين السابقتين

اشار المشرع الجزائري إلى الأنظمة معتمدا صيغة ناقصة ومقتصرة ، مقتبسة من قانون العقوبات الفرنسي القديم والصيغة المناسبة هي عدم مراعاة القوانيين والأنظمة ، بينما توسع القانون الإيطالي في المادة 43 منه حيث ذكر القوانيين والأنظمة والأوامر والقواعد. INOBSERVANCE DE LOIS DE Re’glement d’ordres et de re’gles وفي القانون الفرنسي استبدلت عبارة مخالفة الأنظمة بعبارة الإخلال بواجب الحيطة أو الأمن الذي يفرضه القانون أو التنظيم وهي أوسع من الأولى وبوجه عام يقصد بعبارة الأنظمة التي وردت في قانون العقوبات الجزائري كل القوانيين والمراسيم والقرارات واللوائح والتعليمات بل وحتى قواعد أخلاقيات المهن.

ولايهم في ذلك أن يكون عدم مراعاة النظام يقع تحت طائلة القانون الجزائي أم لا ، كما أن مخالفة اللائحة يوفر عنصر الخطأ ولو لم ترفع الدعوى عن هذه المخالفة أو كانت قد سقطت الدعوى عنها بالتقادم .
ويعود الخطأ في هذه الصورة إلى إعتماد الفاعل موقفا لاشرعيا في عدم إنطباق سلوكه الشخصي أو المهني على المسلك المقرر في القواعد والتعليمات الصادرة عن السلطات المختصة بغية تنظيم شؤون وأمور معلومة.

ومن هذا القبيل مخالفة التدابير التي تفرضها قوانيين الأمن العام وأنظمة السير والأنظمة الصحية والبلدية والتعليمات الخاصة بالسلامة العامة وكذا حوادث العمل المخطئة في المصانع والمعامل والورش والمشاريع والإخلال بأنظمة المهن والحرف كإمتهان الطب دون شهادة أو قيادة السيارات دون رخصة ، إلـــخ وفيما يأتي نماذج لدم مراعاة الأنظمة أكثرها مستمدة من القضاء الفرنسي في المجالات الأتي ذكرها :

ـ في مجال المـــرور : ثبت عدم مراعاة الأنظمة في حق :
ـ قائد المركبة الذي خرق حكم من أحكام قانون المرور ( سرعة فائقة ، تجاوز خطير ، عدم إحترام إشارة ... ).
ـ الراكب الذي فتح باب السيارة بدون حيطـــــــة
ـ صاحب المركبة لعدم صيانة المركبة ، الحمولة الفائقة.
ـ إعارة سيارة لشخص لايملك رخصة سياقــــة.
ـ 18 ـ

ـ في مجال المؤسـسـات : تستند المساءلة الجزائية اساسا إلى التشريع المتعلق برقابة الصحة والأمن في العمل داخل المؤسسات وهو المجال المقنن في التشريع الجزائري وبموجب القانون رقم 88/07 المؤرخ في 20/01/1988 المتعلق بالرقابة الصحية وطب العمل.

وبمقتضى هذا التشريع ، يتعين على رئيس المؤسسة أن يسهر شخصيا على إحترام قواعد الصحة والأمن في العمل وعلى التنفيذ الدقيق والمستمر للأحكام المنصوص عليها في قانون العمل واللوائح التنظيمية المطبقة له وذلك من أجل ضمان وسلامة العمنال ويترتب على ذاك النتائج الأتية
ـ رئيس المؤسسة عن الجرائم التي يتم إثباتها في الورشات
ـ لايمكن له التذرع بعدم وجوده في مكان الحادث
ـ ولابخطأ المجني عليـــــــــه
وهكذا قضي في فرنسا بإدانة رئيس المؤسسة في حالة وفاة عامل بسبب عدم مراعاة التنظيم المتعلق بالأمن أو بسبب عدم مراعاة التنظيم المتعلق بالتكوين.

ـ في المجال الصحــــــي : أعتمد القضاء الفرنسي مبدأ المحترف الجيد LE BON PROFESSIONNEL ، وبموجبه يتعين على الأطباء أن يجيدوا أداء عملهم بأن يصفوا العلاج المناسب للمريض.
هناك ثلاثة أنواع من الأخطاء في المجال الصحي:
ـ الخطأ في تشخيص المرض ، كما لو لم يستعلم الطبيب بما فيه الكفاية عن الحالة الصحية للمريض
ـ الخطأ في تنفيذ العلاج أو العملية الجراحية
المطلــــب الثالـــث : العقوبات المقرة في قانون العقوبات الجزائري:
أ ـ العقوبات الأصليـــــة :

• حسب ماجاء ضمن المادة 442 من قانون العقوبات الجزائري : يعاقب بالحبس من 10 ايام إلى شهرين وبغرامة من 100دج إلى 1000دج كل من تسبب في فعل إصابة أو جرح أو مرض أدى إلى العجز الكلي عن العمل لمدة لاتتجاوز ثلاثة أشهر.
• ويعاقب الجاني بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة مالية من 500دج إلى 15000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نتج عن الفعل إصابة أو جرح أو مرض أدى إلى العجز الككلي لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر.

ب ـ العقوبات التكميليــــة : لم ينص قانون العقوبات على العقوبات تكميلية في حين جاء قانون المرور ، الصادر بموجب القانون رقم 01/14 المؤرخ في 19/08/2001 المتعلق بتنظيم المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها ، بمثل هذه العقوبات في حالة القتل الخطأ أو الجرح الخطأ المرتكب إثر حادث مرور ويتعلق الأمر بالعقوبتين الأتي ذكرهما :


ـ 19 ـ

ـ تعليق رخصة السياقة (SUSPENSION) : وهي عقوبة تطبق بوجه عام إذا أرتكب سائق حادثا جسمانيا ( جنحة أو مخالفة) وكان في حالة سكر أو تحت تأثير مادة مخدرة أو تهرب من المسؤولية إثر إرتكاب الحادث، يكون تعليق رخصة السياقة لمدة ثلاث سنوات ويمكن الحكم بالتنفيذ المعجل لهذه العقوبة كتدبير وقائي ( المادة 110 ـ 111).

ـ إلغاء رخصة السياقة : وهي عقوبة تطبق ، على وجه الخصوص ، إذا أرتكب في نفس الظروف المذكورة أعلاه ، سائق مركبة ذات محرك جنحة القتل أو الجرح الخطأ على راجل ( المادة 113/1).

كما يجوز لجهات الحكم بإلغاء رخصة السياقة ومنع مرتكب الجنحة من الحصول عليها نهائيا ( المادة 113/2)

ويشترط لتطبيق هذه العقوبة أن يكون المتهم يقودسيارة ذات محرك ، مما يجعل الحكم لاينطبق على دراجة بسيطة وأن يكون ضحية الحادث راجلا ، مما يجعل هذا الحكم لاينطبق على ركاب المركبات بكل أنواعها.

وتجدر الإشارة إلى أن تعليق رخصة السياقة وإلغاءها كلاهما عقوبة جوازية.

ـ الظــــــروف المشـــددة : نصت المادة 290 من قانون العقوبات الجزائري على ظرفين مشددين تعلق كلاهما بقيادة المراكب وهما :

ـ السياقة في حالة سكــــر
ـ محاولة تهرب الجاني من المسؤولية الجنائية أو المدنية الملقاة على عاتقه وذلك بالفرار أو بتغيير حالة الأماكن أو باية طريقة أخرى أو تهربه من المسؤولية إثر حادث مرور وهما الظرفان اللذان نص عليها قانون المرور أيضا في المادة (66) منه واضاف إليهما ظرفا مشددا ثالثا ويتعلق الأمر بالسياقة تحت تأثير مادة أو أعشاب مخدرة.

وما يشد الإنتباه ، في هذا الصدد هو عدم إنسجام النصين من حيث العقوبات ، كما نبينه فيما يأتي :
أ ـ في قانون العقوبـــات : نصت المادة 290 من ق ع ج على مضاعفة العقوبات المنصوص عليها في المادتين 288 و289 ق ع في حالتي السياقة في حالة سكر وتهرب الجاني من المسؤولية الجنائية أو المدنية بعد إرتكاب الجريمة أو محاولة التهرب من هذه المسؤولية.

وتبعا لذلك تكون العوبة على النحو التالي :
ـ إذا أدى الحادث إلى جرح أو عجز عن العمل لمدة تفوق ثلاثة اشهر : الحبس من (04)اشهر إلى أربع (04) سنوات وغرامة من 1000دج إلى 30000دج أو بإحدى هاتين العقوبتين.


ـ 20 ـ

ب ـ في قانون المـــرور : نصت المادة 66 من القانون رقم : 01 ـ 14 المؤرخ في 19/08/2001 على تطبيق عقوبة الحبس من سنة إلى 05 سنوات وغرامة من 50000دج إلى 150000دج على كل سائق أرتكب جنحة الجرح الخطأ وهو في حالة سكر أو تحت تأثير مادة أو أعشاب مخدرة.

ونصت المادة 69 ـ 2 من نفس القانون على تطبيق عقوبة الحبس من ستة (06) اشهر إلى خمس (05) سنوات وغرامة من 50000دج إلى 150000دج على التهرب من المسؤولية الجنائية أو المدنية إثر جرح خطأ.

ج ـ النتيجـــة : نستنتج مما سبق وجود تباين بين قانون العوبات وقانون المرور من حيث العقوبات حال توافر ظرفي السياقة في حالة سكر والتهرب من المسؤولية الجزائية .


نستخلص في الأخير أن قانون المرور اشد من قانون العقوبات في جنحة الجرح الخطأ في حالتي السياقة في حالة سكر والتهرب من المسؤولية الجزائية أو المدنية ، حيث تكون العقوبة من سنة إلى 05 سنوات في قانون المرور ( المادة 66 منه) والحبس من أربع (04) اشهر إلى (04)أربع سنوات في قانون العقوبات ( المادة 290 ق ع ) وتكون العقوبة في الحالة الثانية اي التهرب من المسؤولية الجزائية أو المدنية ، الحبس من 06 اشهر إلى 05 سنوات في قانون المرور ( م 69) والحبس من 04 اشهر إلى 04 سنوات في ق ع ج ( المادة 290)

ويبقى قانون العقوبات هو النص الواجب التطبيق في كل حالات القتل أو الجرح الخطأ ألأخرى التي لاعلاقة لها مع حركة المرور عبر الطرق أو إستعمال مركبة.















ـ 21 ـ


الفصــــــل التطبيقـــــي : دراســة حالـــــة




خاتمــــــة :

يجمع الفقهاء على أن جريمة الإصابة الخطأ وجريمة القتل الخطأ يتفقان من حيث الأركان القانونية ولا يوجد بينهما ثمة خلاف إلا فيما يتعلق بنتيجة النشاط الإجرامي ، فنتيجة الجريمة التي نصت عليها المادة 288 من قانون العقوبات الجزائري الوفاة أما نتيجة المادة 289 من نفس القانون فهي الإيذاء أو الجرح أو العاهة ، فإذا لم يحدث الإيذاء أو الجرح
أو العاهة فلا تطبق العقوبات المقررة بنص المادة 289 من ق ع ج.

لقد شدد المشرع الجزائري العقوبة في حالة توافر الظروف المشددة وهي التي تخلف عاهة مستديمة لدى المجني عليه أو أن تكون الجريمة وقعت نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما يفرضه عليه أصول مهنته أو كان يتعاطى مسكرا أو مخدرا أو أمتنع عن مساعدة المجني عليه أو نجم عن الحادث إصابة أكثر من شخص.

فالخطأ ينفي القصد الجنائي ( أي العلم والإرادة) لكن لايمكن للشخص الذي أقترف مثل هذه الجرائم أن ينجو من العقاب مع ضرورة تشديد العقوبة حتى يتخذ تدابير إحتياطية في مجالات إختصاصه ، فالطبيب الجراح يتقن مهنته خلال مباشرته عملية جراحية متخذا كافة الإحتياطات اللازمة لإنقاذ حياة المريض ، نفس الشيء يلزم به المهندس المعماري أثناء إعداده مخططات العمران لتفادي وقوع إنهيارات نتيجة وقوع زلازل تؤدي إلى وفيات ، يبرز التحقيق تورط معد هذه المباني كونها لا تتماشى مع المقاييس والمواصفات المعمول بها.

رغم جسامة الأخطاء المرتكبة التي أودت بحياة الكثير من الضحايا و إصابة العديد منهم بعاهات نسبية ومستديمة إلا أن الضالعين فيها أستفادوا من الظروف المخففة بدافع الخطأ حيث تبين الإحصائيات المسجلة بشأن هذه الجرائم مدى تساهل القضاء مع الجناة ، لذا نقترح في بحثا هذا إعادة النظر في العقوبات المسلطة على المتسببين الرئيسيين في القضايا المتعلقة بالقتل الخطأ والجرح الخطأ نتيجة الإهمال والتهاون وتقاعسهم في أداء مهاهم بحيث يجب إخضاع القضاة إلى الرقابة و الحد من سلطتهم التقديرية التي غالبا ما تؤدي إلى إجحاف في حقوق الضحايا وهضم حقوق ذويهم مكتفين بتغريم الجناة أو تسليط عليهم عقوبات الحبس مع وقف التنفيذ الذين لدى مواجهتهم بما أقترفوه من أفعال ينفون مسؤوليتهم عن الحوادث مرجعين أسباب وقوعها إلى القضاء و القدر ضاربين عرض اللوائح التنظيمية والتدابير الواجب إتخاذها من باب الحيطة كل حسب ميدان إختصاصه ، على سبيل المثال لا يمكن تكييف قضايا حوادث المرور المؤدية إلى الوفاة بسبب عدم إحترام قوانين ( إشارة قف- التجاوز الخطير – عدم إحترام السرعة ....إلخ) كقتل خطأ ، بل يجب إعتبارها قتلا عمديا بحكم الدراية المسبقة للسائق بأنه أرتكب مخالفة من قانون المرور ، جرائم من هذا القبيل حركت فقهاء ورجال الدين بدولة مصر حيث تم تصنيفها ضمن الجرائم العمدية إستنادا إلى مبدأ الفرع يتبع الأصل
( ففي جنحة إرتكاب حادث مرور مؤدي إلى وفاة نتيجة عدم إحترام إشارة الوقوف تعتبر عمدية لأن الأصل في ذلك هو دراية وعلم السائق بأنه أرتكب مخالفة في قانون المرور بحيث تبقى نتيجة نشاطه الإجرامي أي الوفاة فرعا ).

موضوع من هذا القبيل يستحق رسالة ماجستر أودكتورة لذا نترك المجال للمختصين للبحث وإعداد دراسات من شأنها تنوير القضاء الجزائري وإثراء التشريع .









 


آخر تعديل yacine414 2011-04-17 في 18:50.
قديم 2011-04-21, 11:20   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخ ياسين على هذا العمل الجبار الذي أنت في صدد القيام به.










قديم 2011-04-21, 21:38   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










قديم 2012-03-05, 12:20   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
cha_amin
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية cha_amin
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور اخي الفاظل بارك الله فيك










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الجرح, الخطأ, القتل

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:45

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc