أسس الحكم في الشريعة الإسلامية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسس الحكم في الشريعة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-09-21, 12:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي أسس الحكم في الشريعة الإسلامية

المقدمة

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ([1])، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين.


أما بعد:


فإن الحكم في الإسلام يعني تلك القوة المسيطرة على تصريف شؤون الدولة، وإدارة دَفَّة سياسة الأمة في الداخل والخارج، وتنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم، ومعرفة ما على الحاكم من واجبات نحو الأمة أفرادًا وجماعات، وما له عليها من حقوق، ولن يتحقق ذلك إلا في ظل أٌسس راسخة ودعائم قوية، أعانني الله تعالى على الكتابة في ثلاثة منها رئيسة يشملها الكُتيب المتواضع.


- وأول هذه الأسس والدعائم: الشورى، وقد بيَّنْت مكانتها في سياسة وإدارة الدولة.


- وثاني هذه الأُسس: العدل، وهو أساس التشريع في الإسلام.


- الأساس الثالث: المساواة، وهي من الأصول العامة للتشريع في الإسلام.


نعم، إن أول ما يعتمد عليه نظام الحُكم في الإسلام يعتمد على «الشورى» وهي الركن الأول فيه، والحاكم المسلم مقيَّد في إدارة شؤون الأمة بهذا الركن العظيم الذي أمر الله به رسوله في قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}([2])، والذي وصف الله به حال الأمة، وأخبر أن ديدنها وخلقها في قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}([3]).


وأما الأساس الثاني فهو العدل: وهو من القيم الأصلية والدعائم الوطيدة، وهو من صميم التطبيق العملي لأحكام الشريعة الإسلامية.


والأساس الثالث: وهو المساواة: وهي النتيجة الحتمية لسيادة العدل بين المسلمين وتحقيق الشورى بينهم.


وهذه الأسس الثلاثة تعد دَيْنًا في عنق الأمة الإسلامية، يجب عليها تنفيذها ورعايتها، إن هي اتخذت من الحكم الإسلامي شعارًا لها، وطريقًا تسلكه إلى مرضاة ربها {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}([4]).


([1]) من خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري (ج2/182، 183).

([2]) سورة آل عمران، الآية: 159.

([3]) سورة الشورى، الآية: 38.

([4]) سورة آل عمران، الآية: 126.








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-09-21, 12:18   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

تمهيـد

إن الإسلام في حقيقته العُليا الشاملة «دينٌ ودولة»، ومن المعلوم أن الدين يقوم – أولاً – على الإيمان بالله، ثم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن الدين قد استقرت أُسسه، وكَمُلَ بنيانه على قواعده التشريعية الثابتة التي لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص والأشياء.


وأما أن الإسلام دولة، فهذا هو الجانب العملي الذي يقوم على تنظيم الأوضاع لسلطات التنفيذ لتشريعات الإسلام وقواعده العملية التي جاء بها.


فهذان الجانبان مرتبطان ببعضهما أشد الارتباط، بل هما ممتزجان امتزاجًا يكَوِّنُ حقيقة الإسلام الكاملة الشاملة.


لهذا كان من اللازم بيان الأُسس التي تعد ركنًا أساسيًا في بناء الدولة الإسلامية، وقصدنا من بيان هذه الأُسس بيان أثر نظام الحكم كما أمر به الإسلام في تطبيق سماحة تشريعية، وأن نضع بين يدي الأمة الإسلامية نماذج من هذه الأسس لنقول لها: إننا جربنا كثيرًا من ألوان الحكم وأنظمته التي لا يقرها الإسلام بل أُقحمت على أمته إقحامًا في فترات ضعفها، وجهلها، فلم تفلح تلك الأنظمة في تحقيق ما تبتغيه الأمة من إصلاح يبلغ بها مكانها من العزة والكرامة، فلنجرب العودة إلى تاريخنا، ومجدنا، ومصدر عزنا، وسعادتنا؛ فنؤمن بالأسس التي قام عليها التشريع الإسلامي، ونترجم ذلك إلى تطبيق عملي يحقق الحكمة من مشروعيتها، فيعيش المجتمع الإسلامي في ظلها في أمن ورخاء ومحبة، وتعاون بين الحاكم والمحكوم. ومن أهم هذه الأسس:


الأساس الأول: الشورى.
الأساس الثاني: العدل.
الأساس الثالث: المساواة.
وإليك البيان:










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-21, 12:21   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الأساس الأول الشورى

الآيات الواردة في الشورى والتعليق عليها

من الأسس العظيمة والقيم الأخلاقية في الشريعة الإسلامية قاعدة الشورى، وهي من أهم قواعد الشريعة الإسلامية التي نطق بها القرآن الكريم؛ قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}(1).


وقال تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}(2).
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم على عظيم قدره، ومنزلته وتأييده بوحي السماء، كان كثير المشاورة لأصحابه في كثير من الشؤون التي لم يُنصَّ عليها في القرآن.


وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعمل بما يظهر له أنه صواب.


([1]) سورة آل عمران، الآية: 159.

([2]) سورة الشورى، الآية: 38.









رد مع اقتباس
قديم 2015-09-21, 17:49   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الأحاديث والآثار الواردة في الشورى


1- فقد قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بدر: «أشيروا عليَّ أيها الناس»(1). فأشار عليه الحباب بن المنذر بالنزول على الماء فقبل منه.


2- وأشار عليه السَّعْدان: (سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة) يوم الخندق بترك مصالحة العدو على بعض ثمار المدينة لينصرفوا فقبل منهما (2).


3- كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم استشار المسلمين قبل أن يخرج لغزوة أُحد، وأنهم أشاروا عليه بأن يخرج لقتال أعدائهم، وكان من رأيه أن يبقى في المدينة مدافعًا، ولكنه نفَّذ ما أشاروا عليه به، وخرج وانتهى الأمر بمحنة المسلمين، وفي هذا برهان على أن الله سبحانه وتعالى يريد أن تكون سياسة المسلمين قائمة على مبدأ الشورى، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مأمورًا بالشورى، وهو الذي يمتاز بكماله العقلي والروحي واتصاله بالوحي الإلهي؛ فغيره أولى بالأمر بالأخذ بهذا الأساس العظيم (3).


قال ابن عطية رحمه الله: «الشورى بركة، وقد جعل عمر بن الخطاب الخلافة – وهي من أعظم النوازل – شورى».


وقال الحسن: «والله ما تشاور قوم بينهم إلاَّ هداهم الله لأفضل ما بحضرتهم»(4).


وأخرج الشافعي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما رأيت أحدًا أكثر مشاورة لأصحابه من المصطفى صلى الله عليه وسلم»(5).


ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن في حاجة قط إلى مشاورة أحد منهم، لأنه مؤّيَّد بالوحي: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([6])، ومُسَدَّدٌ من الله تعالى في اجتهاده، ولم يكن يجتهد إلا فيما لم ينزل عليه فيه وحي، وكان اجتهاده واقعًا تحت إقرار الوحي، أخرج البيهقي في الشُعب عن أنس وابن عباس رضي الله عنهما لمَّا نزل: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}: قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «أما إن الله ورسوله يغنيان عنهما، لكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشدًا، ومن تركها لم يعدم غيًا». قال ابن حجر: غريب (7).


وقال الحسن البصري: «ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل، ولتقتدي به أمته من بعده»(8).


وقال الحسن أيضًا: «كان والله غنيًّا عن المشاورة، ولكن أراد أن يستن لهم»(9).


وقال علي رضي الله عنه: «الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه، والتدبير قبل العمل يؤمنك من الندم»(10).


ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يحض على إقامة الشورى من بعده بما يشعر بوجوبها، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها. وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خيرٌ لكم من ظهرها»(11).


ففي هذا وعد بالخير والبركة في حياة المسلمين ما داموا متمسكين بالشورى، وفيه وعيد شديد وإنذار بما تلقاه الأمة في حياتها من الشدائد والمحن إذا تخلَّت عن الشورى الجادة.

ومن يقرأ حياة الخلفاء الراشدين والصالحين من ولاة الأمر في خير قرون الإسلام، يجد أن الشورى كانت ديدنهم في جميع ما يعرض لهم من الحوادث التي لم يكن فيها نص من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ سواء أكان ذلك من قبيل سياسة الأمة، أم من قبيل التشريع الاستنباطي في الأحكام الشرعية، أم كان من قبيل مصالح الحروب وتعيين قوادها، وتجهيز الجيوش، ومعاهدات الصلح، وتحديد علاقات الأمة بغيرها من الأمم في حالتي الحرب والسلم، وإقامة موازين العدل بين الأفراد والجماعات، إلى غير ذلك مما يشمل كل جانب من جوانب حياة الأمة الإسلامية (12).


([1]) المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، للقسطلاني (ج1، 412).

([2]) البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله (ج4/104، 105).

([3]) انظر: البداية والنهاية (ج4/11)، وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية (ص154، 155) للمؤلف.

([4]) انظر: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية (ج2/397، 398)، تحقيق عبد الله الأنصاري وعبد العال إبراهيم.

([5]) فيض القدير للمناوي (ج5/442).

([6]) سورة النجم، الآيتان: 3، 4.

([7]) انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (ج5/443).

([8]) الموسوعة في سماحة الإسلام للصادق عرجون (ج1/541).

([9]) زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي (ج1/488)، ط المكتب الإسلامي.

([10]) المرجع السابق من زاد المسير (ج1/488).

([11]) رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب. انظر: مشكاة المصابيح للتبريزي (ج3/1474)، حديث رقم (5368)، تحقيق الألباني، طبع المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، (1405هـ)، بيروت.

([12]) بتصرف من: الموسوعة في سماحة الإسلام (ج1/542، 543).










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-21, 17:52   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

مهمة الشورى وأهميتها في حياة الأمة


إنَّ مهمة الشورى هي: تقليب أوجه الرأي واختيار اتجاه مناسب من الاتجاهات المعروضة، وهي خير وسيلة لتربية الأمم، وإعدادها للقيادة الرشيدة، وتدريبها على تحمل التبعات، وهي الدُعامة الأولى التي يقوم عليها نظام الحكم في الإسلام؛ فلا يجوز لحاكم، ولا لمجتمع أن يلغي الشورى من حياته السياسية والاجتماعية، ولا يحل لسلطان أن يقود الناس رغم أنوفهم إلى ما يكرهون بالتسلط والجبروت، كما هو حال كثير من القادة والرؤساء الذين يعميهم التعصب الممقوت والاستبداد بالرأي؛ فينزلقون إلى الشر ويَجُرُّون وراءهم الأمم والشعوب إلى مهاوي الهلكة والدمار!! ولكن الشورى في الإسلام ربانية المصدر؛ فلا يجوز لحاكم أن يعطلها ليبسط سلطان طغيانه على الناس: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}؛ على حين يجوز للحاكم في الدول ذات الدساتير الوضعية أن يعطل الدستور، ويفرض الأحكام العرفية باسم ضرورات الأمن وضبط النظام؛ ومن ثَمَّ يكون التسلط والطغيان(1).

([1]) انظر: القول المبين في سيرة سيد المرسلين د. محمد الطيب النجار (ص188)، ط. الكيلاني بالقاهرة، وانظر: الإسلام والحضارة، ودور الشباب المسلم (ص57، 58). المجلد الأول، طبعة ثانية، الرياض (1405هـ) أبحاث ووقائع اللقاء الرابع للندوة العالمية للشباب الإسلامي المنعقد في الرياض من (20: 27) ربيع الثاني (1399هـ).










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-21, 17:54   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

قاعدة الشورى في الإسلام


ليست الشورى في المجتمع الإسلامي على غِرار الشورى في المجتمعات الديمقراطية؛ فهذه شورى ابتدعها الإنسان للتشاور في صيغة حكمه نفسه بنفسه؛ ولكن الشورى في الإسلام شرعت للتداول بين أصحاب العقول الراجحة من أهل الحل والعقد؛ للتوصل إلى الصورة المُثلى في تطبيق حكم الله على البشر؛ كذلك فإن قاعدة الشورى تمثل أجلى مظاهر اليسر، والسماحة، والتوازن، بين الثبات والمرونة في الشريعة الإسلامية، فإذا كانت الشورى واجبة على المسلمين بمقتضى قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، وقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، وهذا يمثل عنصر الثبات والدوام، فإن تفصيل النظم الشورية والطرق التي تكون بها – مما يختلف باختلاف الأحوال والزمان والمكان – قد تُرِكَتْ لكل أمة تُنَظِّمُها حسب الظروف والأحوال، حسبما يتفق ومصلحتها؛ فيستطيع المسلمون في كل عصر أن يُنَفِّذوا ما أمر الله به من الشورى بالصورة التي تناسب حالهم وأوضاعهم، وتلائم موقعهم من التطور؛ دون تحديد شكل معين أو قيد يلزمهم بذلك، وهذا يمثل عنصر السعة والمرونة، واليسر والسماحة، والسبيل الأقوم للشورى في الإسلام (1).

([1]) روح الدين الإسلامي عفيف عبد الفتاح طبارة (ص278).










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-21, 21:29   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أحسنت










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-22, 00:22   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
mehdiz bac
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أحسنت









رد مع اقتباس
قديم 2015-09-23, 18:16   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

أهل الشورى
«إن الشورى التي أوجبها الله سبحانه وتعالى لا يُفهم منها أنها لمجموع أفراد الأمة أو الأكثرية المطلقة فيها؛ وإنما لأهل الحل والعقد، قاصرة على عِلْيَةِ القوم من ذَوي العقول الراجحة، والكفاءات العلميَّة المتخصصة؛ فهم زعماؤها، ورؤساؤها، وعلماؤها، العالمون بشريعتها، ومصالحها السياسية والاجتماعية، والقضائية، والإدارية»([1]) دون الغوغائيين وسفلة القوم من محترفي السياسة وتجارها؛ كما هو الحال في برلمانات اليوم ومجالس الشعب، في كثير من الدول التي تدين بالإسلام!!


وفي القرآن الكريم تكررت آيات كثيرة تنص على أن الرأي لأهل الفضل والعلم، وليس لأكثر الناس على التعميم؛ قال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}([2])؛ فإذا كانت طاعة الكثرة الجاهلة تضل عن سبيل الله، فليس من الصواب أن تكون لهم المشورة؛ وإنما ترجع المشورة إلى أهل الرأي والحكمة؛ بدليل قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}([3]).


وقال تعالى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}([4]).


ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود رضي الله عنه: «لِيَلِيَنِي منكم أولو الأحلام والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وإياكم وهيشات الأسواق»([5])([6])؛ فإشارة النبي صلى الله عليه وسلم بتقديم أولي الأحلام والنهى ليكونوا خلفه في الصلاة ترشيح لهم ليكونوا من أهل الشورى والحل والعقد في المجتمع الإسلامي، وشتان ما بين شورى تعتمد على السوقة وطُغَام القوم وسَفَلتهم، وبين شورى تعتمد على أعيان الفضل، وغُرر المجد، وهامة الشرف والتقوى في المجتمع؛ نعم، هناك أمور تتعلق الحقوق فيها برأي العامة الذين تتصل بهم اتصالاً مباشرًا، ولا يحتاج الرأي فيها إلى كبير تدبير؛ فتكون مشورتهم حينئذ حقًا من حقوقهم لا يقضى فيها إلا إذا أُخِذ رأيهم بطريقة من طرق تعرف الرأي المتاحة في المجتمع، ومثال ذلك ما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته؛ لتقتدي به من بعده ([7]).


روى البخاري في صحيحه بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين؛ فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «معي من ترون، وأحب الحديث إليًَّ أصدقه، فاختاروا إحدى الطائفتين: إما السبي، وإما المال، وقد كنت أستأنيت بكم»، وكان أنظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير رادٍ إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنَّا نختار سبينا. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: «أما بعد: فإن إخوانكم قد جاؤونا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يُطَيّبَ ([8]) ذلك، فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيءُ الله علينا، فليفعل». فقال الناس: قد طَيّبْنَا ذلك يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إليها عرفاؤكم أمركم»، فرجع الناس، فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا»([9]).


فقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إنا لا ندري – على التفصيل والتعيين – من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم»؛ أي بعد التعرف على رأي كل فرد منكم في حرية وطيب نفس؛ فهذا مسلك يرشدنا إلى أدق ما وصلت إليه السياسة في تعرف رأي العامة فيما يتصل بما يكون للأفراد حق فيه، ويرشدنا كذلك إلى أن سياسة المسلمين مشاركة إيجابية بين الراعي والرعية، وتعاون حقيقي فيما بينهم؛ فالرئيس الأعلى للدولة سلطته محكومة بشريعة الإسلام في أصولها العامة، وقواعدها الكلية، وأحكامها التفصيلية، فإذا وقع من الحوادث ما يتصل بالأفراد في حق من حقوقهم، أو واجب من واجباتهم، بادر إلى طلب الشورى من أهلها، ولزام على الرعية أن يبدوا آراءهم، حتى ولو تعارضت مع رأيه، فما دام الحاكم مسلمًا تقيًا لا يجد غضاضة أن يسمع المعارضة تأتيه من أي فرد من أفراد الرعية، فيتقبلها بطيب خاطر، ويرد عليها بسماحة نفس، كما كان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما اعترضه أحد المعترضين فقال له عمر: «لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها»([10]).



([1]) بتصرف من: الخصائص العامة للإسلام، د. يوسف القرضاوي، طبع دار غريب للطباعة بمصر الطبعة الثانية (1401هـ) (ص201).

([2]) سورة الأنعام، الآية: 116.

([3]) سورة النساء، الآية: 83.

([4]) سورة الزمر، الآية: 9.

([5]) هيشات الأسواق: الاختلاط والنزاع والخصومات ورفع الأصوات واللغط والفتن التي فيها، انظر: المنتقى من أخبار المصطفى، للمجد ابن تيمية الحراني (ج1/646) حديث رقم (1467) تحقيق محمد حامد الفقي.

([6]) رواه مسلم في صحيحه رقم (432) باب (28) من كتاب الصلاة رقم (4).

([7]) انظر: الإسلام والحضارة ودور الشباب المسلم أبحاث ووقائع اللقاء الرابع للندوة العالمية للشباب الإسلامي المنعقدة في الرياض (1399هـ) (ص57، 58) والموسوعة في سماحة الإسلام (ج1/537).

([8]) بفتح الطاء المهملة وتشديد الياء التحتانية أي يعطيه عن طيب نفس منه من غير عوض (فتح الباري بشرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني (ج8/34) المطبعة السلفية بمصر (1376هـ).

([9]) صحيح البخاري (ج5/100) باب (54) من كتاب المغازي رقم (64).

([10]) بتصرف من: الإسلام والحضارة ودور الشباب المسلم (ص134).









رد مع اقتباس
قديم 2015-09-23, 18:22   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

فيم تكون الشورى



هذا.. وكما تكون الشورى في أمور السياسة ويستشار فيها أهل الحل والعقد، والتجربة والخبرة، كذلك تكون في أمور العلم والدين، وفي الأمور المتعلقة بالأسرة وغيرها.









رد مع اقتباس
قديم 2015-09-23, 18:24   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الأساس الثاني العدل

العدل شعار الدين


إذا كان لكل دين شعار خاص به، وسمة تميزه عن غيره، فإن شعار ديننا الإسلامي الذي يميزه ويعين حقيقته: العدل، وهو الدُعامة الوطيدة والمزية الحقيقية للشريعة الإسلامية، ومن القيم الأصيلة الراسخة في المجتمع الإسلامي، وهو ميزان الاجتماع في الإسلام، يقوم به أبناء الجماعة، وإنه لعدل فذ فريد في تاريخ الأُمم والشعوب، شهد بذلك كل من سمع به من سيرة الحكام والقضاء المسلمين، أو اطلع على النصوص القاطعة التي أمرت به أمرًا لا مجال للترخيص أو الاجتهاد فيه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}([1]).


وهو عدل مجرد دقيق خالص، لا يميل ميزانه بالود والشنآن، ولا يؤثر في نصاعته ميل إلى قرابة، أو نسب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}([2]).


وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}([3]).

([1]) سورة النساء، الآية: 58.

([2]) سورة النساء، الآية: 135.

([3]) سورة المائدة، الآية: 8.









رد مع اقتباس
قديم 2015-09-23, 18:26   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

أمثلة من العدل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم


ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في العدل حينما جاءه أسامة بن زيد يستشفع في المرأة المخزومية التي سرقت، وعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قطع يدها فقال له: «أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟ والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»([1]).


فالعدل في الإسلام عدلٌ مطلق، يطبق على الكبير والصغير، والشريف والوضيع، والأمير والسوقة، والمسلم وغير المسلم، ولا يفلت من قبضته أحد، وهذا مفرق الطريق بين العدل في المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات ([2]).


وكما أن من مقاصد الإسلام رفع الحرج ودفع المشقة ورعاية مصالح الناس وأحوالهم، فإن من أهم مقاصده أيضًا تحقيق العدالة، ومنع الظلم بين الأفراد، والتزام العدل، والتوسط في الأمور كلها، وبحسب العادات: قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}([3]).


قال القرطبي رحمه الله: «المعنى: وكما أن الكعبة وسط الأرض، كذلك جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم، والوسط: العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها.. ولما كان الوسط مجانبًا للغلو والتقصير، كان محمودًا: أي هذه الأمة لم تغل غلو النصارى في أنبيائهم، ولا قصروا تقصير اليهود في أنبيائهم»([4]).


وقال السيوطي: «قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} يستدل به على تفضيل هذه الأمة على سائر الأمم. وقوله تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} يستدل به على حجية إجماع الأمة»([5]).


ومن يستعرض آيات القرآن التي تحض على العدل، وتأمر به، وتنفر من الظلم والحيف، وتحذر منه، يجد أن فيها – كلها – مطالبة واضحة بالتزام العدل في كل شيء، ومن كل شخص، وبالنسبة للناس جميعًا حتى مع الأعداء سواء في إصدار الحكام الاجتهادية، أم القضائية أم في نطاق السياسة والحكم والإدارة، أم في تولية المناصب والوظائف، أم في فرض الضرائب وجباية المال، وصرفه فيما ينفع الناس، أم في مجال الأسرة والتربية والتعليم، وغير ذلك: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}([6]).


قال الشاطبي: «الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل، الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخل تحت كسب العبد من غير مشقة عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جار على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غاية الاعتدال؛ كتكاليف: الصيام، والصلاة، والحج والزكاة، وغير ذلك مما شرع على غير سبب أو لسبب»([7]).


العدل من صميم التطبيق لأحكام الشريعة الإسلامية


فالعدل في الإسلام من صميم التطبيق لأحكام الشريعة، وليس مبدأ مستقلاً عنها؛ لأن مصدره الوحي الإلهي من قرآن أو سنة نبوية أو اجتهاد المجتهدين الذين يستنبطون الأحكام من المصدرين السابقين بالقياس؛ بخلاف القانون الوضعي الذي يعتبر فكرة العدالة مصدرًا مستقلاً خارجًا عنه، يلجأ إليه القاضي أخيرًا ليستوحي القاعدة القانونية؛ ثم إن الشريعة مقاصدها تتصف بقوة الإلزام الذي تستمده من الشارع الحكيم بخلاف القانون الوضعي الذي يستمد مقاصده من سمو المباديء التي تحتوي عليها والتي تختلف بسبب الزمان والمكان ([8]).

هذا وإذا كان العدل من السمات الأخلاقية المتميزة للدولة الإسلامية وشريعتها، فإنه لا يقتصر على أفراد الدولة فقط – أعني المسلمين فحسب – بل إن عدالة الإسلام للإنسان بإطلاق أيًّا كان أصله العرقي أو اللغوي أو طبقته أو عقيدته دون تمييز أو محاباة أو تحامل أو استعلاء.

([1]) انظر: صحيح البخاري (ج8/1ذ6) كتاب الحدود.

([2]) انظر: الإسلام والحضارة ودور الشباب المسلم (ص56).

([3]) سورة البقرة، الآية: 143.

([4]) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ج2/155).

([5]) انظر: الإكليل في استنباط التنزيل (ص33).

([6]) سورة النحل، الآية: 90.

([7]) الموافقات للشاطبي (ج2/163).

([8]) انظر: الضرورة الشرعية لوهبة الزحيلي (ص47، 48) ومقاصد الشريعة الإسلامية لعلال الفاسي (ص41، 52).










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-23, 18:29   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

صور وضيئة للعدل في الإسلام


وليس أدل على ذلك مما وعاه التاريخ وبقي صورة وضيئة للعدل عبر القرون من وقفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجانب خصمه النصراني الذي سُرِقَ درعه أمام شريح الذي لم يمنعه إكباره وإجلاله لأمير المؤمنين أن يطلب منه البينة على سرقة النصراني درعه، ولما لم يجد أمير المؤمنين البينة حكم القاضي للنصراني على أمير المؤمنين... الخ ([1]).


والتاريخ الإسلامي حافل بأمثال هذه الأخبار الدالة على سيادة الحق والعدل في المجتمع الإسلامي، وحرية القضاء واستقلاله في المحكمة الإسلامية، ورسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري في القضاء التي حددت معالم الحق والعدل في الخصومات لا تزال كنزًا من كنوز دساتير القضاء حتى اليوم.. يقول عمر رضي الله عنه: «آس بين الناس في خلقك وعدلك، ووجهك ومجلسك؛ حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك.. إلخ»([2]).


ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: «إن الله سبحانه أرسل رسله، وأنزل كتبه؛ ليقوم الناس بالقسط، وهو العدل الذي قامت به الأرض والسموات، فإذا ظهرت أمارات العدل وأسفر وجهه بأي طريق كان، فثم شرع الله ودينه... إلخ»([3]).



الأمة مكلفة بتحقيق العدل وبناء أصول حياتها عليه


نعم: إن الأمة الإسلامية مكلفة بتحقيق العدل في الأرض، وهذا التكليف يوجب على المسلمين أن يكافحوا الظلم والبغي حيث كان، ويزيلوا أسبابه؛ لا ليملكوا الأرض ويستولوا على المرافق، ويستذلوا الأنفس؛ بل لتحقيق كلمة الله في الأرض خالصة من كل غرض، مبرأة من كل هوى ([4])، ومكلفة أيضًا بأن تبني حياتها كلها على أصول العدل حتى تستطيع أن تحيا حياة حرة كريمة، يحظى كل فرد في ظلها بحريتها، وينال جزاء سعيه، ويحصل على فائدة عمله وكده.

([1]) انظر: السنن الكبرى للبيهقي (ج10/136).

([2]) نظام القضاء في الإسلام (ص206)، طبع إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام (1404هـ).

([3]) الطرق الحكمية تحقيق محمد حامد الفقي (ص14).

([4]) بتصرف من: الموسوعة في سماحة الإسلام (ج1/274).










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-23, 21:06   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
وصال الجنة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا على الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2015-09-26, 19:55   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

الأساس الثالث المساواة

المساواة هي الأساس للتفاضل بين البشر


إن المساواة بين الناس تعد نتيجة حتمية لسيادة العدل بينهم، وهي ليست وليدة اجتهاد فردي، أو نتاج تفكير فلسفي، وإنما هي مبدأ أصيل، قرره الذي برأ الخلق والكون والحياة؛ قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}([1]) وهي قيمة وحيدة يَرْجِح بها وزن الناس، أو يخف، وهي قيمة سماوية بحتة، يستمد منها الناس في الأرض قيمهم وموازينهم، ويضربون صفحًا عن القيم الأخرى من نسب وقوة وجاه ومال وغير ذلك من القيم التي يتعاملون بها، ويتفاوتون فيما بينهم في الأرض بسببها.


هذا هو الأساس الذي ولد قبل أربعة عشر قرنًا على يد الإسلام في بلاد العرب التي كانت تعد أشد الأمم تباهيًا بالأنساب([2]).


([1]) سورة الحجرات، الآية: 13.

([2]) انظر: الشباب والحضارة (ص58).









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الحكم, الشريعة, الإسلامية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc