دور المؤسسة العقابية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

دور المؤسسة العقابية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-22, 12:07   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 دور المؤسسة العقابية

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة
مــقــدمــة:
تعد العقوبة هي الجزاء الذي يتبع تجريم سلوك معين يمنع الأفراد من إتيانه، وهي بذلك جزء هام من نظام قانوني متكامل ينطلق من الرغبة الجماعية في إضفاء الحماية للأفراد بمنع سلوكات معينة وترتيب جزاءات للأفراد الذين يخالفون هذا المنع، هذه العقوبة التي تختلف باختلاف نوع الجريمة التي ارتكبت، وقد كانت العقوبة في العصور القديمة تقتصر فقط على العقوبات البدنية تأتي في مقدمتها عقوبة الإعدام، أو الشنق، او بتر أحد الأعضاء، إلا انه وبتطور المجتمعات ظهرت إلى الوجود العقوبات السالبة للحرية والعقوبات المالية كالغرامة والمصادرة وغيرها من العقوبات الأخرى، وكان الهدف من تطبيق العقوبة السالبة للحرية هو تحقيق الإيلام او بالأحرى الإنتقام من المجرم، إلاّ أنه تم استبعاد فكرة الإنتقام و التي تعد وليدة للسلوك الإنساني البدائي الجاهل متمثلة في عدة صور كالرمي في النهر أو الشنق او الضرب حتى الموت، حيث اتسمت بالطابع الوحشي، ثم تطورت العقوبة لتصبح وسيلة لتهذيب المجرم وإصلاحه و تأهيله، ومن أجل التنفيذ العقابي للعقوبات السالبة للحرية بمفهومها الجديد، يجب توافر عدة متطلبات، وهي من المتطلبات الضرورية لتحقيق تلك الغاية، ومن اهم هذه الضروريات وجوب توافر أماكن للتنفيذ بمعنى تأهيل السجون باعتبارها أماكن لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، وقد تطور مفهوم السجن ووظيفته حيث مر بعدة مراحل، فكانت وظيفته عند الرومان تقتصر على أنه مكان يأوي المجرمين قبل و بعد المحاكمة لتأدية العقوبة فقط،، أما بالنسبة لمعاملة المحبوسين فكانت متفاوتة بتفاوت القدرات المالية لهم،وبالتالي لم يكن هناك نظام موحد لمعاملة المحبوسين.
أما عند الفراعنة فكانت السجون عندهم تتميز بزنزانتها المظلمة تحت الأرض أو في حفر خاصة أو أقفاص يصعب الخروج منها، وفي العصور الوسطى خضع تسيير السجون لإدارة ذوي النفوذ وكان كلما إرتفع عدد المساجين كلما ساءت معاملتهم، وفي هذه المرحلة كثرت الجرائم الأخلاقية وانتشرت الأمراض داخل السجون مما دفع بالكنيسة إلى التدخل معتبرة أن المجرم مخطئ وليس منبوذ من المجتمع بل عليه أن يسترد مكانته في المجتمع عن طريق التوبة، ويقتضي من أجل ذلك إعداد مكان صالح يخصص للمحبوس ليطلب فيه التوبة، وهنا ظهرت فكرة السجن الإنفرادي حيث يستعين في ذلك المحبوس بمساعدة دينية يقدمها له رجل دين، وذلك بهدف إصلاحه وتهذيبه.
في أوائل القرن السابع عشر زاد الإهتمام بأمر السجون فظهرت السجون الحديثة في إنجلترا وهولندا، حيث كانت تنظم السجون في إنجلترا أنواعا متعددة من الأعمال يكلف المحبوسين بالقيام بها مقابل إعطائهم أجور عن ذلك العمل بالإضافة إلى اهتمامها بالتكوين المهني، وفي سنة 1595 أنشأ في أمستردام سجن حديث للرجال وآخر خاص بالنساء سنة 1597، وآخر خاص بالأحداث في إيطاليا وفي هذه المرحلة عرفت السجون حركة اهتمام واسعة ساعدت على تبني سياسة الإصلاح في العديد من الدول و المجتمعات للقضاء على مظاهر التعسف والقسوة والفساد داخل السجون.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة
ومع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر شهدت السجون ثورة عارمة في كلّ أنحاء العالم بغية تحسين ظروف السجن و العناية بالمساجين، و بالتالي بدأ التفكير في شخصية المحبوس
و أساليب حمايته من جهة و عمله داخل السجن من جهة أخرى، و من ثمة تم التخلي عن فكرة أن المحبوس هو إنسان من الدرجة الثانية.
وعليه اتجهت معظم النظم العقابية إلى الإهتمام بطرق وأساليب المعاملة العقابية لاسيما فيما يتعلق بالتربية والتأهيل بالإستناد على علم النفس والإجتماع، من أجل ضمان فعالية طرق العلاج داخل السجون.
وقد تغير مصطلح السجن بتغير الأهداف والصلاحيات المنوطة به، فاصبح مؤسسة عقابية باعتبارها مدرسة للتأهيل والإصلاح الاجتماعي بدل إنزال العقاب دون جدوى.
وفي القرن العشرين انتقل علماء العقاب والباحثون من بحث فكرة تعدد أنواع السجون ونظمها إلى تعدد أساليب المعاملة العقابية، أي البحث في فلسفة الإصلاح وهذا ما تطرق إليه المفكر اديمونرو اوليفيرا بقوله :" إن اصلاح السجون يستدعي توجه جديد يقضي أن يقوم على قاعدة، في الوقت الذي يعاقب فيه المخطئ على خطيئته يتم تربيته من اجل ان يكون مواطنا صالحا ".
وبصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والاجتماعية ولاسيما المادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية التي نصت على ضرورة معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم في إطار الكرامة الإنسانية بمعنى الحث على أنسنة السجون، وهذا ما جاءت به قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين في 30/08/1955 وهي القواعد التي صادق عليها المجلس الإقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة في الدورة المنعقدة في جونيف بتاريخ : 31/07/1957 .
وفي سنة 1988 تم وضع مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الاشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الإحتجاز أو السجن، أما في سنة 1990 وبالتحديد في : 14/12/1990 وضعت المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء، وهي مجموع المبادئ والقواعد التي استند إليها المشرع الجزائري في سنّه لقانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين بموجب الأمر رقم 72/02 الصادر في 10/02/1972.
لكن ونظرا للتطورات التي عرفتها المنظومة التشريعية في إطار إصلاح العدالة، و باعتبار قطاع السجون إحدى أهم المرافق التي تعتمد عليها الدولة في حماية المجتمع من الظاهرة الإجرامية، لذلك فقد تبنى المشرع منهجا جديدا يتمثل في تحقيق إعادة إدماج المحبوس و إصلاحه وتحضيره إلى مرحلة ما بعد الإفراج عنه.
لذلك صدر قانون 05/04 في 06 فيفري 2005 ليتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، حيث جاء بسياسة عقابية جديدة تتضمن العديد من الضمانات والحقوق التي يتمتع بها المحبوس داخل المؤسسة العقابية.
بالإضافة إلى تدعيم الدور الفعال الذي تقوم به المؤسسات العقابية، باعتبارها الأداة أو الجهاز الذي تتجسد بواسطته الأهداف الجديدة للسياسة العقابية .
هذه المؤسسات العقابية التي نص على تنظيمها وسيرها بالفصل الأول من هذا القانون، حيث يندرج منه الباب الثالث تحت عنوان المؤسسات العقابية وأوضاع المحبوسين، فعرف لنا المؤسسة العقابية بموجب نص المادة 25 منه على أنها: " مكان للحبس تنفذ فيه وفقا للقانون العقوبات السالبة للحرية والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية والإكراه البدني عند الإقتضاء".
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

وتأخذ المؤسسة العقابية شكلين إما شكل البيئة المغلقة أوشكل البيئة المفتوحة، وهي الأشكال التي سوف نأتي إلى تفصيلها في الفصل الثاني عند التطرق إلى دور المؤسسة العقابية في إعادة إدماج المحبوس.
كما نص المشرع الجزائري في المادة 28 من قانون تنظيم السجون على تصنيف مؤسسات البيئة المغلقة إلى مؤسسات ومراكز متخصصة كما يلي:

أولا: الــمــؤسـسات :
1- مؤسسة الوقاية: وهي المؤسسة التي نجدها بدائرة اختصاص كل محكمة و تخصص لاستقبال المحبوسين مؤقتا، و المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية لمدة تساوي أو تقل عن سنتين، كما تخصص لاستقبال المحبوسين الذين بقي لانقضاء مدة عقوبتهم سنتان أو أقل، والمحبوسين لإكراه بدني.
2- مؤسسة إعادة التربية: وهي التي نجدها بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي، وتخصص لاستقبال المحبوسين مؤقتا، والمحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية تساوي أو تقل عن خمس سنوات، ومن بقي منهم لانقضاء عقوبته خمس سنوات أو أقل وكذلك المحبوسين لإكراه بدني.
3- مؤسسة إعادة التأهيل : وهي مخصصة لحبس المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة الحبس لمدة تفوق خمس سنوات وبعقوبة السجن، وكذلك المحكوم عليهم معتادي الإجرام والخطرين، مهما تكن مدة العقوبة المحكوم بها عليهم وكذلك المحكوم عليهم بالإعدام.
ثانيا: المراكز المتخصصة : وتنقسم إلى قسمين:
1- مراكز متخصصة للنساء:وهي مخصصة لاستقبال النساء المحبوسات مؤقتا، والمحكوم عليهن نهائيا بعقوبة سالبة للحرية مهما تكن مدتها، وكذلك المحبوسات لإكراه بدني.
2- مراكز متخصصة للأحداث: وهي متخصصة لاستقبال الأحداث الذين تقل أعمارهم عن ثماني عشر 18 سنة المحبوسين مؤقتا، والمحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية مهما كانت مدتها.
ونظرا لأهمية الموضوع لاسيما في إطار التوجهات الجديدة للمشرع في تحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي كهدف إصلاحي للمحبوس الذي عرف إهتماما واسعا بداية بتدعيم حقوقه داخل المؤسسة العقابية، وتحسين ظروف احتباسه وتطوير أنظمة الإحتباس.
بالإضافة إلى تدعيم النشاطات التربوية التي يستفيد منها المحبوس أثناء الفترة التي يتواجد فيها بالمؤسسة إلى حين إنقضاء مدة العقوبة، بغرض تأهيله إلى مرحلة ما بعد الإفراج عنه، كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع جاء بميكانيزمات جديدة هدفها إعادة الادماج الإجتماعي للمحبوسين، وعليه سوف نجيب في هذا البحث على أهم الإشكاليات و هي:
- ما هي أبعاد وقواعد السياسة العقابية الجديدة ؟
- وما هي أهم التعديلات التي جاء بها قانون تنظيم السجون 05/04 ؟
- وفي ماذا تتجسد ميكانيزمات إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين ؟
- هل تعتبر المؤسسة العقابية فعلا أداة لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن التعديلات الجديدة ؟

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- هل للمؤسسة العقابية دور في إعادة إدماج المحبوس في المجتمع ؟
كل هذه الإشكاليات سوف نتطرق للإجابة عليها وفقا للخطة التالية :

الخطة المتبعة :

مـقـدمـــة
الفصل الأول: السياسة العقابية الجديدة في ضوء قانون تنظيم السجون05/04.
المبحث الأول: سياسة إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الأول : قواعد إعادة التربية والإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الثاني: أنظمة إعادة الإدماج.
المطلب الثالث : أهمية إعادة التربية والإدماج الإجتماعي
المبحث الثاني : ميكانيزمات إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين
المطلب الأول : لجنة تطبيق العقوبات.
المطلب الثاني : لجنة تكييف العقوبات.
المطلب الثالث : اللجنة الوزارية المشتركة.
الفصل الثاني : دور المؤسسة العقابية كأداة لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن السياسة العقابية الجديدة.
المبحث الأول : دور المؤسسة العقابية في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الأول : دور البيئة المغلقة في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
المطلب الثاني : دور البيئة المفتوحة في إعادة الإدماج.
المطلب الثالث : دور الورشات الخارجية في مدى إعادة الإدماج.
المبحث الثاني : دور المؤسسة العقابية في إصلاح المحبوسين
المطلب الأول : النشاطات التربوية بالمؤسسة العقابية.
المطلب الثاني : تدعيم حقوق المحبوسين و طرق كفالتها.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفصل الأول : السياسة العقابية الجديدة في ضوء قانون تنظيم السجون 05/04
إن أسلوب تطبيق الجزاء الجنائي في المؤسسات العقابية يمثل نظاما قائما بذاته له فلسفة خاصة وشروط مقننة وأسس محددة وأهداف مرجوة، وهذا ما يؤكد أن نظام العقاب هو منظومة بحجم المنظومات الأخرى التي تحتاج بدورها إلى الكثير من العناية وتتطلب الإصلاح.
ولعل تاريخ الفكر الجنائي شهد الكثير من الإنجازات التي ساهم بها مفكرون وباحثون و مشرعون في مجال تطوير أساليب رد الفعل الإجتماعي اتجاه المحكوم عليهم، وطريقة إعادة تربيتهم وإعادة إدماجهم اجتماعيا، وكما نعلم أن الجزائر أعلنت دائما تمسكها بالحريات الفردية ومبدأ المساواة في العقوبات التي تخضع في تطبيقها والمحافظة عليها للسلطة القضائية، وهي ترى أن تنفيذ العقوبة يهدف أساسا إلى إصلاح المحكوم عليهم وإعادة إدماجهم الإجتماعي مستوحية ذلك من توصيات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بالقواعد المطبقة في معاملة المساجين.
ومن هنا بات لزاما على الدولة رسم سياسة عقابية جديدة واضحة المعالم للتكفل الأمثل بالمحبوسين متبنية في ذلك مبدأ الإصلاح والإدماج الاجتماعي للمحبوسين على أسس علمية حديثة وفق ما تصبوا أن ترتقي إليه البشرية، لذلك فإن الأحكام الجديدة الواردة في قانون تنظيم السجون وإعادة الادماج الاجتماعي للمحبوسين 05/04 هي تجسيدا لسياسة الإصلاح، فما هي أهم القواعد والأنظمة المنتهجة وفقا للتعديلات الجديدة ؟
وما هي الآليات المسخرة لتنفيذها ؟
تلك هي الأسئلة التي سنجيب عليها من خلال المبحث الأول وكذلك المبحث الثاني كما يلي:

المبحث الأول: سياسة إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين
بالرجوع إلى نص المادة الأولى من قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين نجدها تنص على أنه:
" يهدف هذا القانون إلى تكريس مبادئ وقواعد لإرساء سياسة عقابية قائمة على فكرة الدفاع الإجتماعي التي تجعل من تطبيق العقوبة وسيلة لحماية المجتمع بواسطة إعادة التربية
والإدماج الإجتماعي للمحبوسين".
نستخلص أن المشرع وضع سياسة عقابية جديدة، لها أسس وتقوم على قواعد وفق أنظمة جديدة، نظرا لما لها من أهمية في إعادة الإدماج الاجتماعي الفعلي للمحبوسين، وفيما يلي سوف نتطرق إلى هذه القواعد وتبيان أهم أنظمة إعادة الإدماج، وتقييم ما مدى أهميتها.

المطلب الأول: قواعد إعادة التربية و الإدماج الاجتماعي
لقد اعتمد المشرع الجزائري اتجاها وسطيا في سن قانون العقوبات وكان ما بين الاتجاه الشخصي الذي يعتمد على مبدأ المسؤولية الأخلاقية وبين الاتجاه الموضوعي الذي يرتكز على المسؤولية الإجتماعية، وذلك فيما يتعلق بتقرير المسؤولية الجنائية وتحديد الجرائم
وتوقيع الجزاء وتبيان وظيفته والاهتمام بشخص الجاني.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

أما عن السياسة العقابية الحديثة فقد تمسك بوضوح وبصفة صريحة بمبادئ الدفاع الاجتماعي(1).
حيث اعتمد على أهم أساليبها وأحدثها ضمن قانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين، بالأمر 72/02 الصادر في 10 فيفري 1972.
إذ جعل تنفيذ الأحكام الجزائية وسيلة للدفاع الإجتماعي،والعلاج العقابي وتشخيص المعاملة العقابية هي الأسس التي يرتكز عليها نظام تنفيذ العقوبات، لذلك يكون قد رسم لتنفيذ الجزاءات الجنائية هدفا أساسيا يتمثل في تحقيق إعادة التأهيل الإجتماعي للمحكوم عليه.
وبالتالي فإن إعادة التأهيل الإجتماعي للمحبوس كان هو هدف المشرع سابقا.
أما حاليا وبناء على التوجهات الجديدة لبرنامج إصلاح السجون الذي احتل حيزا كبيرا في برنامج إصلاح العدالة فقد عرف تطورا ملحوظا في الأسس الجديدة لإعادة التربية والإدماج الاجتماعي والتي تتجلى أساسا فيما يلي:

الفرع الأول: في مجال إعادة تكييف المنظومة التشريعية و التنظيمية:
لعل القاعدة الأولى التي تقوم عليها السياسة العقابية الجديدة هي تلك المتعلقة بصدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين في 06/02/2005 والذي كان مجرد مشروع قانون، فإنه أصبح ساري المفعول والذي نص على أهم الأسس وتتمثل في:
- توسيع صلاحيات إدارة السجون للتحكم اكثر في أمن المؤسسات وعصرنة تسييرها. (2)
- رد الإعتبار لوظيفة قاضي تطبيق العقوبات وتوسيع صلاحياته في البت في عدة مواضيع.
- دعم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المحبوسين.
- ترقية آليات إعادة التربية وإعادة الإدماج وذلك عن طريق إدخال المرونة في الإجراءات الخاصة بالاستفادة من أنظمة إعادة التربية، وإحداث مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تتولى متابعة المفرج عنهم ومساعدتهم في إعادة الإدماج.
- تفتح المؤسسات العقابية على المجتمع المدني والجمعيات و هيئات البحث العلمي والجمعيات الخيرية (3).





(1) أ- طاشور عبد الحفيظ، دور قاضي تطبيق الأحكام القضائية الجزائية، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 2001، ص 87.
(2) عن المداخلة التي ألقاها السيد مختار فليون المدير العام لإدارة السجون و إعادة الإدماج، في إطار الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة المنعقدة يومي 28 و29 مارس 2005 بقصر الأمم، نادي الصنوبر، الجزائر.
(3) حيث تم إبرام اتفاقية مع الجمعية الجزائرية لمحو الأمية "إقرأ" بتاريخ 19/02/2001.
و اتفاقية مع الكشافة الإسلامية بتاريخ 09/07/2003.
و بتاريخ 02/10/2003 تم إبرام اتفاقية مع جمعية " أمل " لمساعدة المساجين.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الــثـاني: تحسين وأنسنة ظروف الحبس:
وفي هذا المجال تمّ:
- فتح 8 مؤسسات عقابية جديدة لتخفيض الضغط على بعض المؤسسات بطاقة استعاب تقدر بـ 4400 مكان احتباس.
- رفع كلفة الوجبة الغذائية للمحبوس.
- تجهيز المؤسسات بأفرشة وأغطية غير قابلة للإشتعال لتفادي الحرائق داخل المؤسسات العقابية.
- دعم المؤسسات بسيارات إسعاف و حافلات مهيأة لنقل المحبوسين.
- اقتناء تجهيزات طبية ورفع الاعتمادات المخصصة لاقتناء الأدوية .
- تعزيز صلاحيات مدراء وضباط إدارة السجون من أجل اتخاذ التدابير الملائمة (1).
- تشجيع زيارات المنظمات غيرا لحكومية ووسائل الإعلام للإطلاع على أوضاع المؤسسات العقابية.
وفي هذا الإطار تم تنظيم سلسلة من 19 زيارة من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على مستوى عدد معتبر من المؤسسات العقابية (2).
بالإضافة إلى ذلك فإن إدارة المؤسسات العقابية هي الأخرى عرفت اهتماما و تطورا ملحوظا لاسيما من خلال اعتماد تكنولوجيات الإتصال والإعلام في أعمالها وذلك بغرض تثمين تسيير الجمهور العقابي، وتحقيق النجاعة والفعالية في تسيير مصالحها الإدارية والمالية، بما يسهم في تجسيد مهامها الرئيسية المتمثلة في تحقيق هدف إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ضمن إستراتيجية مكافحة الجريمة وتقليص حالات العود.
وفي إطار سياسة إعادة الإدماج تم تعبئة التعاون الدولي، بإبرام عدة إتفاقيات دولية مع هيئات مختلفة حيث تمت الإستفادة من خدمات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي ساهم في إنجاز مؤسسة نموذجية لإعادة إدماج المحكوم عليهم على مستوى مدينة بسكرة، التي تعد مكسبا لقطاع السجون في الجزائر، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمته اللجنة الأوروبية في مجال تنظيم دورات تكوينية لفائدة موظفي السجون واقتناء تجهيزات تربوية لفائدة المحبوسين (3).
كما تم اعتماد نظام الزيارة المقربة للأحداث والنساء، وتخصيص ظروف احتباس أكثر ملائمة للنساء الحوامل والمرضعات من حيث التغذية، الرعاية الصحية، بالإضافة إلى إعادة تكييف الأحكام المتعلقة بمعاملة الأحداث المحبوسين.


(1) . بالرجوع إلى نص المادة 171 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، فقد خولت لمديري ضباط إدارة السجون صلاحيات ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارستهم لمهامهم عند وقوع جرائم ترتكب داخل المؤسسة العقابية أو خارجها.
(2)- نشرة القضاة، العدد 61، الجزء الأول، نشرة قانونية تصدرها مديرية الدراسات القانونية و الوثائق، وزارة العدل، ص 37.
(3)- مقطع من الكلمة التي ألقاها السيد وزير العدل حافظ الأختام بمناسبة افتتاح الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون، الذي انعقد بالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية يومي 19 و 20 جانفي 2004 بالجزائر.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

المطلب الثاني: أنظمة إعادة الإدماج
جاء قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين بأحكام جديدة تهدف إلى إعادة إدماج المحبوس في المجتمع، ولعل أهم هذه الأنظمة هي نظام الإفراج المشروط، ونظام الحرية النصفية وكذا إجازة الخروج وهو ما سنتطرق إليه بالتفصيل في عدة فروع.

الفرع الأول: نظام الإفراج المشروط
هو ذلك النظام الذي يسمح من خلاله بإطلاق سراح المحكوم عليه الموقوف قبل انتهاء مدة العقوبة المحكوم بها عليه مقابل الموافقة على شروط،وقد ظهر هذا النظام قديما حيث عرف في الإمبراطورية النمساوية، ثم انتشر ليشمل معظم التشريعات في العالم.
حيث قام الدكتور"غابريال ميرابو" في نهاية القرن 18 بدراسة حول نظام الإفراج المشروط و تقدم بها إلى الجمعية الوطنية الفرنسية سنة 1847، طبق أول مرة في فرنسا في 15/08/1885، و قد سبقتها إنجلترا في تطبيقه سن 1803 لينتقل بعد ذلك إلى البرتغال و ألمانيا(1).
و أخذ به المشرع الجزائري من خلال قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج للمحبوسين في الفصل الثالث من الباب السادس في المواد من 134 إلى 150، وبالتالي فهو يعد منحة اجازها المشرع، وجعلها مكافأة يجازى بها المحبوس الذي تتوفر فيه شروط شكلية وأخرى موضوعية.
أولا: الشروط الشكلية
فتتمثل في وجوب تقديم طلب من المحبوس شخصيا أو ممثله القانوني، أو في شكل اقتراح من قاضي تطبيق العقوبات أو مدير المؤسسة العقابية وهو ما نصت عليه المادة 137 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، ليقوم بعد ذلك قاضي تطبيق العقوبات بإحالة الطلب والاقتراح على لجنة تطبيق العقوبات للبت فيه (2) .
أما المادة 139 تنص على تلك الضمانة التي منحها المشرع للحدث المحبوس إذا قدم طلب الإفراج المشروط وهي المتمثلة في وجوب عضوية قاضي الأحداث عند تشكيل لجنة تطبيق العقوبات.







(1)- د. علي عبد القادر القهوجي، علم الإجرام و علم العقاب، الدار الجامعية بالإسكندرية و بيروت العربية، 1995، ص 340.
(2)- ارجع نص المادة 138 من القانون 05/04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق ل 6 فيفري 2005 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

وذلك بصفته رئيس لجنة إعادة التربية وكذا مدير مركز إعادة تربية وإدماج الأحداث،
وشترطت المادة 140 من قانون تنظيم السجون على أن يتكون ملف الإفراج المشروط وجوبا على تقرير مسبب لمدير المؤسسة أو مدير المركز(1).
حسب الحالة حول السيرة والسلوك والمعطيات الجدية لضمان استقامته.
ويصدر قاضي تطبيق العقوبات إذا كان باقي العقوبة يساوي أو يقل عن 24 شهرا(2).
كما يمكن لوزير العدل أن يصدر مقرر الإفراج المشروط إذا كان باقي العقوبة أكثر من سنتين طبقا لنص المادة 142 من قانون تنظيم السجون بالقانون 05/04.
ثانيا : الشروط المـوضوعية
ونصت عليها المادة 134 وهي تتعلق في مجملها بصفة المستفيد، ومدة العقوبة التي قضاها والمحكوم بها عليه وهي :
- أن يكون محكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية.
- حسن السيرة و السلوك مع إظهار ضمانات إصلاح حقيقية.
- المحبوس المبتدئ تحدد فترة الإختبار بنصف العقوبة.
- المحبوس المعتاد تحدد فترة الإختبار بثلثي العقوبة المحكوم بها عليه على أن لا تقل عن سنة واحدة.
- وتكون فترة الإختبار للمحبوس المحكوم عليه بعقوبة السجن المؤبد بـ 15 سنة.
- ويمكن أن يستفيد من نظام الإفراج المشروط دون شرط فترة الإختبار، وذلك لأسباب صحية إذا كان المحبوس مصابا بمرض خطير أو إعاقة دائمة تتنافى مع بقائه في المؤسسة العقابية طبقا لنص المادة 148 قانون تنظيم السجون.
و لعل من أهم أهداف نظام الإفراج المشروط وفق التعديلات الجديدة في قانون تنظيم السجون هو إطلاق سراح المحكوم عليه الذي استوفت فيه الشروط السالفة الذكر، وذلك بإعفائه من قضاء العقوبة المتبقية له، والغاية من ذلك هي مساعدة المحبوس على إعادة إدماجه إجتماعيا.









(1) - يقصد بالمركز هنا هو مركز إعادة التربية و إدماج الأحداث.
(2)- وما هذا إلا توسيعا لسلطات قاصي تطبيق العقوبات، الذي لم تكن له صلاحية النظر في هذه الطلبات، بل كانت سلطة اتخاذ قرار الإفراج المشروط تقتصر فقط على وزير العدل دون سواه و ذلك في ظل قانون تنظيم السجون لسنة 1972.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الثاني : نظام الحرية النصفية

حسب نص المادة 104 فإن نظام الحرية النصفية يقصد به وضع المحبوس المحكوم عليه نهائيا خارج المؤسسة العقابية خلال النهار منفردا دون حراسة أو رقابة الإدارة ليعود إليها مساء كل يوم.
وتتجلى الغاية من الإستفادة من نظام الحرية النصفية للمحبوس في تمكينه من تأدية عمل أو مزاولة دروس في التعليم العام أو التقني أو متابعة دراسات عليا أو تكوين مهني، حسب ما نصت عليه المادة 105 من نفس القانون.
ويستفيد من هذا النظام:
- كل محبوس المحكوم عليه المبتدئ الذي بقي على انقضاء عقوبته 24 شهرا.
- المحكوم عليه الذي سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية وقضى نصف العقوبة وبقي على انقضائها مدة لا تزيد عن 24 شهرا.
حيث يوضع المحبوس في نظام الحرية النصفية بموجب مقرر يصدره قاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات مع إشعار المصالح المختصة بوزارة العدل (1).
ويلتزم المحبوس المستفيد من نظام الحرية النصفية بمجموعة من الالتزامات أهمها:
إمضاء تعهد كتابي وفقا لنص المادة 107 يلتزم بموجبه باحترام الشروط المنصوص عليها في مقرر الإستفادة، خاصة فيما يتعلق بسلوكاته خارج المؤسسة وحضوره الحقيقي في أماكن العمل أو الدراسة أو التكوين ومواظبته واجتهاده، وكذا تحديد أوقات الدخول والخروج بالإضافة إلى التزامه بالرجوع إلى المؤسسة في كل مساء طبقا لنص المادة 104 من قانون تنظيم السجون، وقد يؤذن في هذا الإطار المحبوس المستفيد من نظام الحرية النصفية بحمل مبالغ من المال تدفع له بكتابة ضبط المحاسبة لأداء مصاريف النقل مثلا أو عند العودة
وإعادة الباقي منها عند اللزوم (2).
ويمكن القول أن نظام الحرية النصفية يعتبر من بين أهم الأنظمة وأفضلها لكونه يساهم في عملية ادماج المحبوسين خصوصا إذا طبق هذا الأخير في مجال المهين والتكوين المهنيين، وبالأخص المحبوسين الذين لهم مستوى دراسي معين ومتعادي الإجرام، الأمر الذي يسمح لهم باكتساب مهن وحرف تساهم على إبعادهم على عالم الإجرام، بشرط أن تتناسب هذه المهن والحرف مع مؤهلاتهم وإمكانياتهم المادية ومتطلبات سوق العمل.
كما نجد لهذا النظام فائدة عملية قصوى تتجلى في التغير التدريجي لنمط حياة المحبوس نهارا خارج المؤسسة مع الشغل أو الدراسة أو التكوين والمبيت ليلا داخلها.


(1)- ارجع إلى نص المادة 106 من قانون تنظيم السجون
(2)-مقرر قانون تنظيم السجون، يتضمن المحاضرات التي ألقيت على طلبة المدرسة الوطنية لإدارة السجون بسور الغزلان، سنة 2006/2007.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الثالث: نظام إجازة الخروج

ويقصد بهذا النظام منح مكافأة للمحبوس حسن السيرة والسلوك أقصاها 10 أيام دون حراسة حيث تنص المادة 129 على أنه: " يجوز للقاضي تطبيق العقوبات، بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات مكافأة المحبوس حسن السيرة والسلوك المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية تساوي 3 سنوات أو تقل عنها بمنحه إجازة الخروج من دون حراسة لمدة أقصاها 10 أيام،
و يمكن أن يتضمن مقرر منح إجازة الخروج شروط خاصة، تحدد بموجب قرار من وزير العدل حافظ الأختام ".
و ما يمكننا قوله في هذا الصدد أن نظام إجازة الخروج جاء به قانون 05/04 لأول مرة ولم يكن منصوص عليه من قبل في قانون تنظيم السجون الصادر في سنة 1972.
و يمكننا ان نعبر هذا النظام بمثابة عطلة تمنح للمحبوس مدتها 10 أيام دون أي حراسة، يغادر بمناسبتها المحبوس المؤسسة العقابية للإتجاه إلى مكان محدود ومعلوم يقيد في مقرر إجازة الخروج(1).
و يشترط في المستفيد من هذا النظام أن يكون:
- محكوم عليه نهائيا وحسن السيرة والسلوك
- محكوم عليه بعقوبة تساوي أو تقل عن 3 سنوات
و تمنح الإجازة بموجب مقرر صادر عن قاضي تطبيق العقوبات بعد أخذ رأي لجنة تطبيق العقوبات،مع الملاحظة أنه يمكن الطعن في هذا المقررولا إلغاؤه إلا في حالة إخطار وزير العدل لجنة تكييف العقوبات التي تفصل في هذا الإخطار في مدة لا تتجاوز 30 يوما.
وعليه نخلص إلى القول أن أنظمة إعادة الإدماج السالفة الذكر ليست مجرد حبر على ورق جاء بها المشرع الجزائري، وإنما هي سياسة انتهجها المشرع وتم تنفيذها على ارض الواقع والتي أعطت نتائج إيجابية في الوسط العقابي، لا سيما وأن حصيلة نشاط تطبيق مختلف هذه الأنظمة من سنة 2005 إلى غاية سنة 2006 أثبتت أنه تم تسجيل إستفادة:
- 4557 مستفيد من نظام الإفراج المشروط
- 891 مستفيد من نظام الحرية النصفية
- 4016 مستفيد من نظام إجازة الخروج
- وبلغ عدد المفرج عنهم المدمجين في إطار الأنشطة ذات المنفعة العامة 510 مستفيد.




(1) محاضرة بعنوان " نظام السجون في الجزائر " ألقيت من المدير الفرعي لمديرية البحث وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوس، للأستاذ بن عيسى علي، على طلبة مدرسة الشرطة بعنابة، جوان 2007.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

المطلب الثالث: أهمية إعادة التربية و الإدماج الإجتماعي

تكتسي السياسة العقابية المنتهجة في ظل قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين أهمية قصوى، وذلك بالنظر إليها من عدة زوايا فبالنسبة للهيكلة البشرية للمؤسسة العقابية فإنه يجدر بالقائمين عليها القيام بمهامهم على أكمل وجه من أجل تحقيق إعادة الإدماج هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن المشرع وفقا للتعديلات الجديدة فقد وسع من صلاحيات قاضي تطبيق العقوبات حيث خول له الإشراف على العديد من أنظمة إعادة الإدماج مقارنة مع مهامه قبل التعديل (1).
كما تتجلى أهمية إعادة التربية والإدماج الاجتماعي بالنسبة للمحبوسين أنفسهم باعتبارهم محل تنفيذ هذه السياسة، وبذلك فالمحبوس يعد طرفا أصليا في العملية العلاجية، حيث ينتظر من ورائها الخروج من دائرة الجريمة، والإنضمام إلى دائرة الإصلاح من أجل الحصول على مكانة داخل المجتمع دون أن ينبذ او يهمش بعد الإفراج عنه، وذلك بتشبعه بالقيم الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك فإن سياسة إعادة الإدماج تعد وسيلة فعالة لمكافحة ظاهرة العود إلى الجريمة في نفس الوقت وسيلة يحتمي بها المجتمع ضد المجرمين، وفي هذا السياق فإن إصلاح قطاع السجون يهدف إلى جعل المؤسسات العقابية فضاءات للتربية والتأهيل
والإصلاح تؤدي وظيفة تحضير المحبوس لإعادة إدماجه في المجتمع بعد قضاء العقوبة السالبة لحرية و العمل على أن لا تكون مدرسة لتعليم الإجرام والإنحراف، وهي ضاهرة التي لاحظناها لدى بعض المحبوسين، وذلك نظرا لإحتكاك المحبوس مع المجرمين المحترفين، لاسيما ما يقع من تجاوزات وأفعال لا أخلاقية كالشذوذ الجنسي لبعض المحبوسين.
وعليه فإن العقوبة في ظل التعديلات الجديدة هي وسيلة لحماية المجتمع عن طريق إعادة التربية والإدماج وليست مجرد إنتقام من المجرم المحبوس، والغاية في ذلك هي تفادي عودة المحبوس المفرج عنه وحمايته من العودة إلى ارتكاب جريمة أخرى وانتكاسه في عالم الإجرام، حتى لا يكون العود والانتكاس عائق أو حاجز يتسبب في فشل سياسة الإدماج (2).




(1)- كان يسمى قاضي تطبيق العقوبات وفقا لقانون تنظيم السجون لسنة 1972 قاضي تطبيق الأحكام الجزائية، الذي كانت سلطاته تقتصر على مراقبة عملية إعادة التأهيل الإجتماعي مع إمكانية تقديم بعض الإقتراحات حولها، لتضيق سلطته في إتخاذ القرار نظرا لعدة اعتبارات.
(2)- محاضرات حول ظاهرة العود بعنوان هل العود فشل لإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين؟ ،ألقيت من طرف الأستاذ أحمد غاي، خلال المنتدى الوطني الأول حول دور المجتمع المدني في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، بفندق الرياض، الجزائر، يومي 12 و 13 نوفمبر 2005.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

لا سيما وأن انتكاس المحبوس والعودة مرة أخرى إلى عالم الجريمة يدل على أنه ذو خطورة إجرامية في لم تفلح برامج الإصلاح والتربية في إصلاحه، وقد يدل على أن درجة الخطورة في نفسه بلغت الحد الذي أصبح فيه غير قابل للإصلاح.
بل ينبغي معاملته معاملة خاصة بإخضاعه لتدابير خاصة بإيداعه في مراكز متخصصة إصلاحية أو علاجية، وقد يعود سبب انتكاس المحبوس وعودته إلى الأجرام إلى عدم ملائمة البرامج الإصلاحية والتأهيلية التي كانت منتهجة من قبل، لذلك نجد المشرع ولهذه الأسباب ولغيرها لجأ إلى سياسة عقابية جديدة تهدف أساسا إلى إعادة إدماج المحبوس في مجتمعه لذلك تم تفعيل آليات تطبيق هذه السياسة، من خلال منح صلاحيات واسعة لعدة لجان سوف نأتي إلى تفصيلها في المبحث الثاني.

المبحث الــثـاني: ميكانيزمات اعادة الإدماج الإجتماعي للمحـبـوسيـن

إن السياسة العقابية الجديدة التي تبناها المشرع الجزائري بموجب قانون تنظيم السجون 05/04 وبهدف تحقيق الأهداف المسطرة بإعادة إدماج المحبوسين إجتماعيا للقضاء على الظاهرة الإجرامية أو على الأقل مكافحتها، لذلك ومن أجل تفعيل هذه السياسة التي تعتمد على مساهمة عدة هيئات وجهات، جاء القانون بالنص على آليات تتمثل في:
- لجنة تطبيق العقوبات
- لجنة تكييف العقوبات
- اللجنة الوزارية المشتركة
- لجنة إعادة التربية
- المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
و فيما يلي سوف نأتي إلى تفصيل صلاحيات هذه اللجان كما يلي:

المطلب الأول: لجنة تطبيق العقوبات
تعد لجنة تطبيق العقوبات إحدى الآليات الفعالة المحدثة بالقانون 05/04، نظرا للدور الفعال الذي تلعبه في تطبيق سياسة إعادة الإدماج، ونظرا لأهميتها سوف نتطرق إلى التعريف بها و تشكيلتها وكذلك التطرق إلى صلاحياتها المنوطة بها.

الفرع الأول: تعريف لجنة تطبيق العقوبات
بالرجوع إلى قانون تنظيم السجون 05/04 نجد المشرع أورد لجنة تطبيق العقوبات في الفصل الثالث من الباب الثاني تحت عنوان مؤسسات الدفاع الاجتماعي، وبذلك تكون هذه اللجنة إحدى مؤسسات الدفاع الإجتماعي، وفقا للتعديلات الجديدة حيث تنص المادة 24 من هذا القانون على أنه: " تحدث لدى كل مؤسسة وقاية وكل مؤسسة إعادة التربية، وكل مؤسسة إعادة التأهيل، وفي المراكز المخصصة للنساء، لجنة تطبيق العقوبات".


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

هذه اللجنة التي يرأسها قاضي تطبيق العقوبات، أوجب المشرع إنشاؤها على مستوى كل مؤسسة عقابية مهما كان نوعها وذلك نظرا للصلاحيات التي خولت لها، وفي سبيل تجسيد هذه اللجنة على أرض الواقع تم إصدار مرسوم تنفيذي رقم 05/180في 17 ماي 2005 ليحدد تشكيلها وكيفيات سيرها، حيث تتشكل هذه اللجنة من: (1).
- قاضي تطبيق العقوبات رئيسا
- مدير المؤسسة العقابية أو المركز المتخصص للنساء حسب الحالة
- المسؤول المكلف بإعادة التربية
- رئيس الإحتباس
- مسؤول كتابة الضبط القضائية بالمؤسسة العقابية
- طبيب المؤسسة العقابية
- الأخصائي في علم النفس بالمؤسسة العقابية
- مرب من المؤسسة العقابية
- مساعدة اجتماعية من المؤسسة العقابية
و يعين الطبيب والأخصائي النفساني والمربي والمساعدة الاجتماعية بموجب مقرر من المدير العام لإدارة السجون لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد.
وتتوسع اللجنة إلى عضوية قاضي الأحداث عندما يتعلق الأمر بالبت في طلبات الإفراج المشروط للمحبوس من الأحداث، وذلك بصفته رئيس لجنة إعادة تربية الأحداث وكذا بصفته مدير مركز إعادة تربية و إدماج الأحداث.
كما يعين النائب العام لدى المجلس القضائي كاتب ضبط يتولى تسيير أمانة اللجنة تحت سلطة قاضي تطبيق العقوبات، حيث يتولى حضور اجتماعات اللجنة ويقوم بتحرير محاضرها وتسجيل مقرراتها وتبليغها، بالإضافة إلى تسجيل البريد والملفات، وتلقي الطعون وطلبات المحبوسين.
و تنفيذا للصلاحيات التي خولها لها المشرع فإنها تجتمع مرة كل شهر، كما يمكنها أن تجتمع كلما دعت الضرورة إلى ذلك بناء على استدعاء من رئيسها أو بطلب من مدير المؤسسة العقابية.
وبذلك تتخذ اللجنة مقرراتها بأغلبية الأصوات، وفي حالة تعادل الأصوات يرجح صوت الرئيس.
وبعد تعريفنا للّجنة سوف نتطرق إلى المهام الموكلة لها في إطار الدور الإصلاحي المخول لها بموجب قانون 05/04 فيما يلي:



(1)- ارجع إلى نص المادة 2 من المرسوم التنفيذي 05/180، المحدد لتشكيلة لجنة تطبيق العقوبات و كيفيات سيرها الصادر في 17 ماي 2005،الجريدة الرسمية لسنة 2005، العدد 35.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الــثــاني: صلاحيات لجنة تطبيق العقوبات

بالرجوع إلى الفقرة الثانية من نص المادة 24 من قانون تنظيم السجون، نجد المشرع ينص على الصلاحيات المخولة للجنة تطبيق العقوبات، حيث تختص بترتيب وتوزيع المحبوسين حسب وضعيتهم الجزائية وخطورة الجريمة المحبوسين من أجلها، وجنسهم
وسنهم و شخصيتهم، ودرجة استعدادهم للإصلاح، وتكمن أهمية هذا الترتيب والتوزيع في اعتبارها الوسيلة المثلى لتحديد فئات المحبوسين حسب معايير علمية وتوزيعهم على أنواع المؤسسات العقابية من أجل تنفيذ برامج إعادة الإدماج التي تختلف باختلاف الفئة المخصصة لها، كما يعتبر التصنيف أداة لتفريد تنفيذ العقوبة الذي يقتضي الملائمة بين الشخصية
والمعاملة العقابية، وبذلك يهدف إلى رسم برنامج للمعاملة سيتمد من عناصر هذه الشخصية إنطلاقا من المعطيات التي كشف عنها الفحص النفسي والطبي الذي يجرى على المحبوس(1).
كما يسهل هذا التصنيف على المؤسسة العقابية تحقيق الأهداف المسطرة الرامية إلى إعادة إدماج المحبوس وإصلاحه وبالتالي تحضيره إلى ما بعد الإفراج.
حيث يتم فصل المحبوسين مؤقتا عن المحبوسين المحكوم عليهم، وفصل النساء عن الرجال بوضعهم في جناح خاص بهن، وكذلك فصل البالغين عن الأحداث، والعائدين عن المبتدئين، وفي هذا الصدد فإنه يتم هذا التصنيف عمليا وفقا لعدة معايير مع مراعاة الطاقة الإستعابية للمحبوسين لكل مؤسسة.
كما تختص لجنة تطبيق العقوبات بمتابعة تطبيق العقوبات السالبة للحرية و البديلة عند الإقتضاء(2).
كما تختص اللجنة بدراسة طلبات إجازات الخروج التي سبق التطرق إليها وكذا طلبات الإفراج المشروط أو الإفراج المشروط لأسباب صحية، بالإضافة إلى طلبات التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وهي تلك الطلبات التي تقدم إلى قاضي تطبيق العقوبات من أجل توقيف العقوبة السالبة للحرية لمدة لا تتجاوز 3 أشهر، إذا كان باقي العقوبة المحكوم بها على المحبوس تقل عن سنة واحدة أو يساويها وإذا ما توافرت إحدى الحالات التالية:








(1)- محاضرات الأستاذ: سالم الكسواني بعنوان تصنيف السجناء في قانون تنظيم السجون و إعادة التربية الجزائري، ملقاة على طلبة كلية الحقوق، الأردن، 1993.
(2)- انظر نص المادة 23 من قانون تنظيم السجون.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- إذا توفى أحد أفراد عائلة المحبوس
- إذا أصيب أحد أفراد عائلة المحبوس بمرض خطير وأثبت المحبوس أنه المتكفل الوحيد بالعائلة.
- إذا كان زوجه محبوسا أيضا وكان من شأن بقائه في الحبس إلحاق ضرر بالأولاد القصر، أو بأفراد العائلة الاخرين المرضى منهم أو العجزة
- إذا كان المحبوس خاضعا لعلاج طبي خاص
وما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد أن التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة ما هو إلا حكم من بين الأحكام الجديدة التي جاءت بها السياسة العقابية الجديدة في قانون 05/04 الغاية منه تحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين (1).
وتختص اللجنة بدراسة طلبات الحرية النصفية التي سبق وأن تطرقنا إليها أعلاه، بالإضافة إلى دراسة طلبات الوضع في الوسط المفتوح والورشات الخارجية، والتي سوف نأتي بتفصيلها ودراستها من خلال التطرق إلى دور المؤسسة العقابية كأداة لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن السياسة الجديدة وذلك في الفصل الثاني.
ولعل من أهم الصلاحيات التي تتولاها لجنة تطبيق العقوبات هي متابعة تطبيق برامج إعادة التربية من جهة، والسعي إلى تفعيل آلياتها من جهة أخرى.

المطـلب الـثـاني: لجنة تكييف العقوبات
ونتناول في هذا المطلب تعريف اللجنة وتبيان أهم الصلاحيات المخولة لها.

الـفـرع الأول: تعريف لجنة تكييف العقوبات
وهي لجنة تتواجد على مستوى وزارة العدل يتولى رئاستها قاضي من المحكمة العليا، حيث تنص المادة 143 من القانون 05/04 على أنه :" تحدث لدى وزير العدل حافظ الأختام لجنة تكييف العقوبات تتولى عدة مهام ".
حيث صدر المرسوم التنفيذي رقم 05/181 المؤرخ 17/05/2005 ليحدد تشكيلتها وتنظيمها وسيرها وتتشكل هذه اللجنة من:
- قاضي من قضاة المحكمة العليا رئيسا
- ممثل عن المديرية المكلفة بإدارة السجون برتبة نائب مدير على الأقل
- ممثل عن المديرية المكلفة بالشؤون الجزائية
- مدير مؤسسة عقابية
- طبيب يمارس بإحدى المؤسسات العقابية
- عضوين يختارهما وزير العدل من بين الكفاءات و الشخصيات التي لها معرفة بالمهام المسندة إلى اللجنة.


(1)- انظر المواد 130، 131، 132، من قانون تنظيم السجون.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

ويعين أعضاء اللجنة بقرار من وزير العدل لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.
ويكون مقر اللجنة بالمديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أما عن اجتماعها فإن اللجنة تجتمع مرة كل شهر كما يمكنها أن تجتمع بناءاعلى استدعاء من رئيسها كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتزود اللجنة بأمانة يتولى تسييرها موظف يعينه المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تتولى هذه الأمانة القيام بتحضير اجتماعات اللجنة واستدعاء أعضائها وتحرير محاضر اجتماعاتها، مع تسجيل مقررات اللجنة وتبليغها، كما تتلقى الأمانة البريد وملفات الطعون المرفوعة ضد مقررات لجنة تطبيق العقوبات.
بالإضافة إلى تلقيها لطلبات الإفراج المشروط التي يؤول الإختصاص فيها إلى وزير العدل.
وبعد تعريفنا باللجنة وتبيان تشكيلتها وطرق اجتماعها، سوف نتطرق إلى المهام الموكلة لها بموجب نص المادة 143 من قانون تنظيم السجون.
وما تجدر الإشارة إليه أن مقررات اللجنة تعد نهائية و غير قابلة لأي طعن(1).

الفرع الـثـاني: صلاحيات لجنة تكييف العقوبات
طبقا لنص المادة 143 من قانون تنظيم السجون:
- تتولى لجنة تكييف العقوبات البت في الطعن المقدم لها من المحبوس أو النائب العام، المتعلق بمقرر التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة، وكذلك الطعن في مقرر رفض التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة طبقا لنص المادة 133 من نفس القانون.
- كما تتولى اللجنة البت في الطعون المتعلقة بمقرارات الإفراج المشروط، والتي يقدمها النائب العام بعد تبليغه عن طريق كتابة ضبط المؤسسة بصدور مقرر الإفراج المشروط،
و له أجل 8 أيام من تاريخ التبليغ، بأن يطعن في هذا المقرر(2).
و تبت لجنة تكييف العقوبات وجوبا في الطعن المرفوع أمامها من النائب العام خلال مهلة 45 يوما ابتداءا من تاريخ الطعن ويعد عدم البت خلالها رفضا للطعن.
- وتفصل اللجنة في الطعون المذكورة في المادة 161 من قانون تنظيم السجون والتي تنص على أنه:" إذا وصل إلى علم وزير العدل أن مقرر قاضي تطبيق العقوبات المتعلق بإجازة الخروج أو بالتوقيف المؤقت لتطبيق العقوبات أو بالإفراج المشروط يؤثر سلبا على الأمن أو النظام العام، فله أن يعرض الأمر على لجنة تكييف العقوبات في أجل أقصاه 30 يوما، و في حالة إلغاء المقرر يعاد المحكوم عليه المستفيد إلى نفس المؤسسة العقابية لقضاء باقي عقوبته.





(1)- ارجع نص المادة 16 من المرسوم 05/181 المؤرخ في 8 ربيع الثاني عام 1426 الموافق لـ 17 ماي 2005، يحدد تشكيلة لجنة تكييف العقوبات و تنظيمها وسيرها، الجريدة الرسمية لسنة 2005، العدد 35.
(2)-انظر نص المادة 141 من قانون تنظيم السجون
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما تختص لجنة تكييف العقوبات في دراسة طلبات الإفراج المشروط التي يعود اختصاص البت فيها لوزير العدل، حيث تقوم بإبداء رأيها فيها بعد دراستها، وقبل إصداره مقررات بشأنها(1).
كما يمكن للجنة أيضا أن تبدي رأيها في الملفات التي يعرضها عليها وزير العدل طبقا لنص المادة 159 من القانون 05/04 وهي تلك المتعلقة بإعفاء المحبوس من بعض أو من كل الشروط الواجب توافرها للإستفادة من أحد أنظمة إعادة التربية والإدماج الاجتماعي، المنصوص عليها في قانون تنظيم السجون، كطلب الإعفاء من شرط فترة الإختبار التي اشترطها القانون في الإستفادة من نظام الإفراج المشروط.
ما يمكن قوله في هذا الصدد فإن لجنة تكييف العقوبات تعتبر بمثابة درجة ثانية أو درجة مراقبة بالنسبة للمقررات التي يصدرها قاضي تطبيق العقوبات، ومن خلال الصلاحيات المخولة لهذه اللجنة فإننا نستشف التوجه الجديد للمشرع الجزائري في ضمان تحقيق سياسة إعادة الإدماج وبذلك تعد آلية فعالة في تنفيذ برنامج إعادة التربية وإدماج المحبوس اجتماعيا.

المـطـلب الثالـث: اللجنة الوزارية المشتركة
ونظرا لأهمية هذه اللجنة سوف نتطرق إلى التعريف بها، ثم تبيان أهم الصلاحيات المنوط بها كما يلي:

الفــرع الأول: تـعـريف اللجنة الوزارية المشتركة:
بصدور قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين 05/04 فإن الباب الثاني منه جاء تحت عنوان مؤسسات الدفاع الاجتماعي، ليندرج منه الفصل الأول تحت عنوان اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإدماجهم اجتماعيا، حيث نصت المادة 21على أنه :" تحدث لجنة وزارية مشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الاجتماعي، هدفها مكافحة الجنوح وتنظيم الدفاع الاجتماعي"، ليصدر في نفس السنة المرسوم التنفيذي رقم 05/429 في 8 نوفمبر 2005 يحدد تنظيم اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الاجتماعي ومهامها وسيرها، ليتم فيما بعد تنصيب هذه اللجنة من طرف السيد وزير العدل حافظ الأختام بتاريخ 30/01/2006.







(1)- ارجع إلى نص المادة10من مرسوم التنفيذي 05/181

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

يرأس هذه اللجنة وزير العدل حافظ الأختام أو ممثله وتتشكل من ممثلي القطاعات الوزارية الآتية:
- وزارة الدفاع الوطني
- وزارة الداخلية والجماعات المحلية
- وزارة المالية
- وزارة المساهمات وترقية الاستثمارات
- وزارة الشؤون الدينية والأوقاف
- وزارة التهيئة العمرانية والبيئة
- وزارة التربية الوطنية
- وزارة الفلاحة والتنمية الريفية
- وزارة الأشغال العمومية
- وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات
- وزارة الإتصال
- وزارة الثقافة
- وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
- وزارة التكوين والتعليم المهنيين
- وزارة السكن والعمران
- وزارة العمل والضمان الاجتماعي
- وزارة التشغيل والتضامن الوطني
- وزارة الشباب والرياضة
- وزارة السياحة
- الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة (1).
يمكن للجنة الوزارية أن تستعين في أعمالها بممثلي الجمعيات والهيئات المحددة على سبيل الحصر في نص المادة 2 من المرسوم 05/429 وهي:
- اللجنة الوطنية الإستشارية لترقية حقوق الإنسان و حمايتها
- الهلال الأحمر الجزائري
- الجمعيات الوطنية الفاعلة في مجال الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.





(1)- انظر المادة 2 من المرسوم التنفيذي 05/429 المؤرخ في 6 شوال عام 1426 الموافق لـ 8 نوفمبر 2005،يحدد تنظيم اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الإجتماعي ومهامها وسيرها، الجريدة الرسمية لسنة 2005، العدد74.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما يمكنها أن تستعين بخبراء أو مستشارين لتوضيح المواضيع التي تدخل في إطار مهمتها، ويعين أعضاء اللجنة بقرار من وزير العدل لمدة 4 سنوات بناءا على اقتراح من السلطات التي ينتمون إليها، ومن أجل ممارسة صلاحياتها المخولة لها فإنها تجتمع في دورة عادية مرة كل ستة أشهر، ويمكنها أن تجتمع في دورة غير عادية بمبادرة من رئيسها أو يطلب من ثلثي أعضائها، كما يمكن أن تعقد اجتماعات مصغرة تخص ممثلي القطاعات الوزارية المعنية.

الـفـرع الـثـانـي: صــلاحيـات اللجنة الوزارية المشتركة
نص قانون تنظيم السجون على إحداث اللجنة الوزارية المشتركة و حدد هدفها الذي أنشئت من أجله هو مكافحة الجنوح وتنظيم الدفاع الاجتماعي، ولعل التشكيلة الوزارية لهذه اللجنة تدل على أهميتها كونها تضم أهم القطاعات الوزارية في الدولة حيث يتم التنسيق بينها من أجل تحقيق هدف الإدماج الاجتماعيي للمحبوسين، لذلك وفي إطار الوقاية من الجنوح
ومكافحته تكلف اللجنة بتنسيق برنامج إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وتنشيطها ومتابعتها.
حيث نصت المادة 4 من المرسوم التنفيذي 05/429 على الصلاحيات والمهام المنوطة بهذه اللجنة التي تتمثل في:
- تقوم بتنسيق نشاط القطاعات الوزارية والهيئات الأخرى التي تساهم في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
- إقتراح أي تدبير من شأنه تحسين مناهج إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم إجتماعيا.
- تشارك في إعداد برامج الرعاية اللاحقة للمحبوسين بعد الإفراج عنهم.
- التقييم الدوري للأعمال المباشرة في مجال التشغيل في الورشات الخارجية والحرية النصفية.
- تقييم وضعية مؤسسات البيئة المفتوحة ونظام الإفراج المشروط وتقدم كل إقتراح في هذا المجال.
- إقتراح كل عمل والتشجيع عليه في مجال البحث العلمي بهدف محاربة الجريمة.
- اقتراح كل النشاطات الثقافية والأعمال الإعلامية الرامية إلى الوقاية من الجنوح
ومكافحته.
- إتخاذ كل التدابير التي من شأنها تحسين ظروف الحبس في المؤسسات العقابية.








دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

بالإضافة إلى اللجان الثلاثة السالفة الذكر فإن المشرع وفي إطار ضمان حماية
ومعاملة خاصة بالأحداث فإنه أحدث لجنة إعادة التربية هذه الأخيرة التي تعد بدورها إحدى الآليات أو الميكانيزمات التي تعتمد عليها السياسة العقابية الجديدة، في تحقيق هدف إعادة إدماج المحبوسين لاسيما بالنسبة لفئة الأحداث، وبهدف تأطير نشاطات إعادة تربية الأحداث وإعادة إدماجهم اجتماعيا تم إحداث لدى كل مركز لإعادة التربية وإدماج الأحداث
والمؤسسات العقابية المهيأة بجناح لإستقبال الأحداث، هذه اللجنة التي يرأسها قاضي الأحداث(1).
حيث تتشكل هذه اللجنة من:
- مدير مركز إعادة التربية وإدماج الأحداث أو مدير المؤسسة العقابية.
- الــطــبيب
- المختص في علم النفس
- المـربي
- ممثل الوالي
- رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله.
يمكن أن تستعين لجنة إعادة التربية بأي شخص من شأنه أن يفيدها في أداء مهامها.
و يعين رئيس اللجنة بقرار من وزير العدل لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد بناءا على إقتراح من رئيس المجلس القضائي المختص.
تختص لجنة إعادة التربية طبقا لنص المادة 128من قانون تنظيم السجون بما يلي:
- إعداد برامج التعليم وفقا للبرامج الوطنية المعتمدة.
- إعداد البرامج السنوية لمحو الأمية والتكوين المهني.
- دراسة واقتراح كل التدبير الرامية إلى تكييف وتفريد العقوبة المنصوص عليها في قانون تنظيم السجون
- تقييم مدى تنفيذ برنامج إعادة التربية وإعادة الإدماج الاجتماعي.
كما تجدر الإشارة إلى أن قانون تنظيم السجون نص على إنشاء مصالح خارجية تابعة لإدارة السجون تكلف بالتعاون مع المصالح المختصة للدولة والجماعات المحلية بتطبيق برنامج إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين(2).
وتطبيقا لنص المادة 113 من قانون تنظيم السجون صدر المرسوم التنفيذي رقم 07/67 في 19 فيفري 2007 ليحدد كيفيات تنظيم وسير المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، حيث تنشأ هذه المصلحة بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي ويمكن عند الاقتضاء إحداث فروع لها بموجب قرار من وزير العدل.




(1)- ارجع إلى نص المادة 126 من قانون تنظيم السجون 05/04.
(2)- ارجع إلى نص المادة 113 قانون تنظيم السجون.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

باعتبار أن المصلحة تكلف بتطبيق البرامج المعتمدة في مجال إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين فإنها تقوم بعدة مهام نذكر من بينها:
- متابعة وضعية الأشخاص الخاضعين لمختلف الأنظمة، لاسيما الإفراج المشروط أو الحرية النصفية أو التوقيف المؤقت لتطبيق العقوبة.
- تسهر على إستمرارية برنامج إعادة الإدماج الاجتماعي بالنسبة للأشخاص المفرج عنهم بناء على طلبهم.
- كما تقوم بإتخاذ الإجراءات الخاصة لتسهيل عملية إعادة الإدماج الاجتماعي للأشخاص الذين تتولى التكفل بهم وتزويد القاضي المختص بناء على طلبه أو تلقائيا بكل المعلومات التي تمكنه من اتخاذ التدابير الملائمة لوضعية كل محبوس (1).
- يقوم مستخدمي المصلحة بزيارة المحبوسين الذين بقي عن تاريخ الإفراج عنهم 6 أشهر على الأكثر قصد تحضيرهم لمرحلة ما بعد الإفراج (2).
- ويمكن للمصلحة أن تقوم بإجراء التحقيقات الاجتماعية الخاصة بالمحكوم عليهم أو المتهمين وكذا بمتابعة وضعية الأشخاص الموضوعين تحت نظام الرقابة القضائية ومدى امتثالهم للالتزامات المفروضة عليهم، وذلك بناء على تكليف من السلطة القضائية
المختصة(3).

















(1)-ارجع إلى نص المادة 3 من المرسوم التنفيذي 07/67 المؤرخ في أول صفر عام 1428 الموافق لـ 19 فيفري 2007، يحدد كيفيات تنظيم وسير المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، الجريدة الرسمية لسنة 2007، العدد13.
(2)- كما يمكن لكل محبوس بناء على طلبه أن يستفيد من زيارة مستخدمي المصلحة.
(3)- ارجع إلى نص المادة 9 من نفس المرسوم.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة


الــفـصـل الــثــانـي:
دور المؤسسة العقابية كأداة لتحقيق الأهـداف المسطرة ضمن السياسة العقابية الجديدة

جاء المشرع في قانون تنظيم السجون 05/04 بعدة أهداف تتعلق أساسا بإصلاح المحبوس، وإعادة تأهيله وإدماجه في المجتمع، وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف نص على أهم القواعد المتعلقة بإعادة الإدماج، حيث حدد أنظمة إعادة الإدماج من جهة، ومن جهة أخرى نص على الآليات المسخرة والمكلفة بتنفيذ هذه الأنظمة.
لكن هذه الأهداف المسطرة والأحكام الجديدة المتعلقة بإعادة الإدماج لا تتحقق بأرض الواقع إلا بوجود أجهزة ووسائل تسعى فعلا إلى تطبيق هذه السياسة، وهنا يبرز دور المؤسسة العقابية بجميع أنواعها ليس بإعتبارها أداة لتحقيق الأمن داخل المؤسسة فحسب وإنما وسيلة للتكفل بالمحبوس وتحضيره لمرحلة ما بعد الإفراج عنه، سواء كان المحبوس مستفيدا من نظام البيئة المفتوحة أو كان في إطار البيئة المغلقة.
ولذلك سوف نتطرق في المبحث الأول إلى تبيان دور المؤسسة العقابية في إعادة إدماج المحبوسين، أما في المبحث الثاني سوف نتطرق إلى الدور الذي تلعبه نفس المؤسسة في إصلاح المحبوس.

المبحث الأول: دور المؤسسة العقابية في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
من خلال المبحث الأول سوف نتطرق إلى دور المؤسسة العقابية بجميع أشكالها في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، لاسيما بالنسبة لإعادة الإدماج داخل البيئة المغلقة وكذلك خارجها بمعنى ضمن البيئة المفتوحة بجميع أبعادها، بالإضافة إلى دور الورشات الخارجية.

المطلب الأول: دور البيئة المغلقة في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
يعد نظام البيئة المغلقة أسلوب من أساليب المعاملة العقابية ويهدف أساسا إلى إعادة الإدماج للمحبوسين، وذلك بإخضاعهم إلى طرق علاجية داخل المؤسسات العقابية، وقد تبنى المشرع الجزائري هذا النظام كإطار لتحقيق سياسة إعادة التأهيل الاجتماعي سابقا في ظل قانون تنظيم السجون لسنة 1972، وسياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين حاليا، لذلك سوف نتناول هذا النظام من عدة جوانب ابتداءا بماهيته وطرق الوضع فيه بالإضافة إلى أنظمة الحبس المنتهجة في هذا الإطار.






دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الفرع الأول: تعريف البيئة المغلقة
يقصد بنظام البيئة المغلقة خضوع كل فئات المحبوسين للحضور الشخصي تحت المراقبة الدائمة والمستمرة مع الالتزام التام بقواعد وأسس الإنضباط والطاعة المفروضة في المؤسسات العقابية،و عليه فهو نظام يتسم بالشدة فيما يتعلق بالشروط المفروضة على المحبوسين وتواجدهم المستمر بالمؤسسة العقابية وبذلك يكون أكثر الأنظمة العقابية استعمالا في الجزائر، باعتباره طريقة من طرق العلاج من جهة ومرحلة من مراحل النظام التدريجي من جهة أخرى (1).
ويطبق هذا النظام داخل مؤسسات الوقاية ومؤسسات إعادة التربية، كما يطبق كجزء من النظام التدريجي العام في مراكز إعادة التأهيل والمراكز المخصصة النساء وكذا تلك المختصة بالأحداث.
تنص المادة 25 في فقرتها الثالثة على أنه: " يتميز نظام البيئة المغلقة بفرض الإنضباط
وبإخضاع المحبوسين للحضور والمراقبة الدائمة".
إذن من خلال قراءة هذا النص يتبين لنا مدى شدة هذا النظام وصرامته، حيث لايمكن في أي حال من الأحوال وضع أي شخص داخل هذه المؤسسة إلا إذا كان من بين الأشخاص الذين تضمنتهم المادة 7 من قانون تنظيم السجون وهو كل شخص تم إيداعه بمؤسسة عقابية تنفيذا لأمر أو حكم أو قرار قضائي، و عليه يجب أن يكون هناك سند قضائي للحبس الذي قد يكون إحدى السندات التالية:
أولا: أمر الإيــداع
هو ذلك الأمر الذي يصدره القاضي إلى المشرف على المؤسسة العقابية باستلام وحبس المتهم، وقد يصدره إما وكيل الجمهورية إذا ما رأى أن مرتكب الجنحة المتلبس بها لم يقدم ضمانات كافية للحضور، وبالتالي يصدر وكيل الجمهورية أمرا بحبس المتهم بعد استجوابه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه وذلك طبقا لنص المادة 59 من قانون الإجراءات الجزائية.
كذلك يمكن لقاضي التحقيق إصدار أمر الإيداع إذا ما كانت الوقائع المتابع بها الشخص تكتسي خطورة، وذلك بطلب من وكيل الجمهورية بحبس المتهم ويشترط فقط أن يكون مؤشرا عليه بالموافقة من طرف النيابة العامة وفي نفس اليوم إلى جانب ذكر كل البيانات الشخصية.






(1)- د. اسحاق ابراهيم منصور، الموجز في علم الإجرام والعقاب،الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1989.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

ثانيا: الأمــر بالقبض
حسب نص المادة 119 من قانون الإجراءات الجزائية، أن الأمر القبض هو ذلك الأمر الذي يصدر إلى القوة العمومية بالبحث عن المتهم وسوقه إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجرى تسليمه وحبسه، وبالتالي يساق المتهم المقبوض عليه بمقتضى أمر قبض بدون تمهل إلى المؤسسة العقابية المبينة في أمر القبض(1).
وهنا يجب استجوابه خلال 48 ساعة من لحظة اعتقاله وإلا اعتبر حبسا تعسفيا طبقا لنص المادة 121في فقرتها 1 و 2 من قانون الاجراءات الجزائية.
ثالثا: صورة حكم أو مستخلص قرار
يمكن حبس شخص محكوم عليه وإيداعه السجن بناءاعلى صورة حكم أو مستخلص قرار صادرين عن وكيل الجمهورية أو النائب العام، حيث تنص المادة 12 من قانون تنظيم السجون أنه: " تنفذ العقوبة السالبة للحرية بمستخرج حكم أو قرار جزائي يعده النائب العام أو وكيل الجمهورية،يوضع بموجبه المحكوم عليه في المؤسسة العقابية "
رابعا: الإكـراه البـدني
حيث يتحقق تنفيذ الإكراه البدني بحبس المحكوم عليه المدين ونصت عليه المواد 597 إلى 611 من قانون الإجراءات الجزائية يصدره ممثل النيابة ويؤشر عليه ويوضع فيه مدة الإكراه البدني.
خامسا: الأمر بالقبض والأمر بالإيـداع بالجلسة
حيث يجوز للمحكمة أثناء المحاكمة أن تصدر أمر بالقبض أو أمر بإيداع المتهم بالجلسة إذا تعلق الأمر بجنحة من جنح القانون العام شرط أ تكون العقوبة المحكوم بها لا تقل عن سنة حبس، وذلك طبقا لما نصت عليه المادة 358 من قانون الإجراءات الجزائية.
وعليه بمجرد إطلاع المؤسسة العقابية على هذه الأوامر والأحكام والقرارات فإنه يجب عليها أن تسجل وتدون في سجل الحبس الموجود بكل مؤسسة كل المعلومات الخاصة بالشخص المحبوس المتعلقة بهويته والقضية المتابع من أجلها والتغيرات التي تطرأ عليها. إلا أنه لنظام البيئة المغلقة وعملا بالحفاظ على الأمن والإستقرار وضع المشرع الجزائري عدة أنظمة الحبس داخل هذه المؤسسات و التي نتناولها كما يلي:










(1)- ارجع إلى نص المادة 120من قانون الإجراءات الجزائية.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الـفـرع الثاني: أنظمة الإحتباس داخل البيئة المغلقة
لقد سلك المشرع الجزائري عدة مسالك فيما يتعلق بأنظمة الإحتباس فيطبق النظام الجماعي والنظام الانفرادي وكذا النظام المختلط، وتختلف أسباب اللجوء إلى كل نظام وذلك لعدة اعتبارات أهمها تطور حالة المحبوس ومدى استجابته لطرق العلاج العقابي وكذا مدة العقوبة.
وكضمانة للمحبوس فإن المشرع نص في المادة 44 من قانون تنظيم السجون على أنه:
" يجب إخبار كل محبوس بمجرد دخوله إلى المؤسسة العقابية بالنظم المقررة لمعاملة المحبوسين من فئته، والقواعد التأديبية المعمول بها في المؤسسة".
أولا: نظام الإحتباس الجماعي
وهو يطبق بصفة دائمة ومستمرة حيث يعد الأسلوب الأكثر إستعمالا مقارنة مع أنظمة الإحتباس الأخرى، إذ تخصص قاعات تضم من 25 إلى 40 محبوس، وذلك حسب طاقة استعاب القاعة يتواجدون بها ليلا و نهارا ويتم ترقيم هذه القاعات التي تختلف مساحتها بإختلاف مساحة المؤسسة العقابية فتتراوح بين 20 و 40 متر، تكون مزودة بالإنارة والتهوئة يكون سقفها بعلو يفوق البنايات العادية، وذلك تطبيقا للمعايير الدولية المعمول بها(1)
تنص المادة 45 في فقرتها الأولى على أنه: " يطبق نظام الإحتباس الجماعي في المؤسسات العقابية، وهو نظام يعيش فيه المحبوسين جماعيا ".
غير أنه هذا لا يعني عدم الفصل بين الرجال والنساء وبين البالغين والأحداث، وبين المتهمين والمحكوم عليهم،فهذا النظام يعتبر أبسط الأنظمة لقلة تكاليفه ومرافقه، كما يحفظ للسجين صحته العقلية والنفسية ولا يتعرض لما قد يصيبه من الشعور بالوحدة والأزمات
والإضطرابات العقلية.
وبالرغم من مزايا هذا النظام إلا أنه له عيوب وآثار خطيرة فهو يحول المؤسسة إلى مدرسة لتلقين المجرمين المبتدئين الإجرام على أيدي أخطر المجرمين الأمر الذي يساعد ويساهم في إنشاء عصابات إجرامية بعد إنتهاء فترة العقوبة، الأمر الذي تم معالجته في إطار الأهداف الجديدة للسياسة العقابية حسب تعديل قانون05/04.










(1) – BETTAHEAR TOUATI, organisation et système pénitentiaire en droit Algérien, 1er édition, office national des travaux éducatifs, 2004, p 29.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

ثانيا: نظام الاحتباس الإنفرادي
يقصد بهذا النظام خضوع المحبوس للعزلة عن باقي المحبوسين ليلا ونهارا فلا تكن له أي صلة بباقي المحبوسين، ومن أهم مزايا هذا النظام بدلا من أن يجتمع المحبوس بمجتمع فاسد مع غيره من المحبوسين، فإنه يهيئ له وسطا صالحا وحياة مستقلة إذ يتيح له هذا النظام فرصة مراجعة الذات والندم على الجريمة، وبالتالي تتحقق الغاية المرجوة ألا وهي إصلاحه من أجل إعادة إدماجه في المجتمع (1).
ويطبق هذا النظام على الفئات التالية:
- المحكوم عليهم بالإعدام:
بمراعاة أحكام المادة 155 من هذا القانون، حيث يخضع المحكوم عليه بالإعدام إلى نظام الإحتباس الإنفرادي ليلا ونهارا، غير أنه بعد قضاء المحكوم عليه بالإعدام مدة 5 سنوات في هذا النظام، يمكن أن يطبق عليه نظام الحبس الجماعي نهارا مع المحبوسين من نفس الفئة لا يقل عددهم عن ثلاثة و لا يزيد عن خمسة (2).
- المحكوم عليهم بالسجن المؤبد: على أن لا تتجاوز مدة العزلة 3 سنوات.
- المحبوس الخطير: بناء على مقرر يصدره قاضي تطبيق العقوبات كتدبير وقائي بالوضع في العزلة لمدة محددة.
- المحبوس المريض أو المسن: ويطبق عليه كتدبير صحي بناء على رأي طبيب المؤسسة العقابية (3).

ثالثا: نظام الإحتباس المختلط
يتميز هذا النظام بأنه يجمع بين كثير من مزايا النظامين الجماعي والإنفرادي معا بتجنب أغلب عيوبهما، فيطبق النظام الجماعي على المحكوم عليهم نهارا، أما ليلا فيطبق نظام العزلة، حيث يجمع المحبوسين نهارا في الساحات وقاعات العمل والمطاعم والأماكن المخصصة بالتعليم ، ثم يبيت كل واحد منهم في زنزانته منفردا، وقد ظهر هذا النظام أول مرة بمدينة " أوبرن" الأمريكية قرب نيويورك سنة 1823 لذلك يسمى النظام الأوبرني
حيث تم تطبيق نظام إحتباس جديد في سجن أوبرن يقوم على تقسيم المحبوسين إلى 3 طوائف و هي:




(1)- ويسمى النظام البنسلفاني أو الفيلادلفي حيث ظهر أول مرة في عهد السجون الكنيسية في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1829 أين كان يتميز بالعزلة التامة ليل نهار، ثم ظهر في فرنسا سنة 1879 حيث صدر قانون قرر تطبيقه بالنسبة للمحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية قصيرة المدى.
(2)- ارجع إلى نص المادة 153 من قانون تنظيم السجون.
(3)- طبقا لنص المادة 47 من قانون تنظيم السجون، يمكن وضع المحبوس في نظام الاحتباس الإنفرادي بناءا على طلبه أو بأمر من قاضي التحقيق وفقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- أخطر الجرمين و تفرض عليهم العزلة ليلا و نهارا
- أوسطهم خطرا وتفرض عليهم العزلة أساسا و لكن يسمح لهم بالإجتماع خلال أوقات محددة
- أقلهم خطورة وتفرض عليهم العزلة في الليل دون النهار(1).
و قد أخذ المشرع الجزائري بهذا النوع من الأنظمة في نص المادة 45 من قانون تنظيم السجون، حيث تنص: " يمكن اللجوء إلى نظام الإحتباس الإنفرادي ليلا، عندما يسمح به توزيع الأماكن، ويكون ملائما لشخصية المحبوس، و مفيدا في عملية إعادة تربيته "(2).

الــفـرع الثالث: مظاهر إعادة إدماج المحبوس إجتماعيا داخل البيئة المغلقة
يعد الهدف من تنفيذ الأحكام الجزائية هو إعادة تربية المحبوس وتأهيله اجتماعيا، لذلك فإن المشرع ركز خلال التعديلات الجديدة على ضرورة تصنيف المحبوسين داخل المؤسسة العقابية، و ذلك حسب عدة معطيات نذكر من بينها:
أولا: حسب الجنس
حيث يتم ترتيب المحبوسات النساء دون غيرهن من المحبوسين الرجال بجناح خاص منعزل عن جناح الرجال، ولا يمكن لأي كان الدخول إلى هذا الأخير مهما كان الأمر إلا للضرورة القصوى أو القوة القاهرة.
ثانيا: حـسـب الـسـن
يتم ترتيب المحبوسين حسب سنهم كما يلي:
- جناح الأحداث (3).
- جناح الجانحين البالغين من 18 إلى 27 سنة.
- جناح الكهول.

ثالثا: حسب الوضعية الجزائية
و نميز في هذا الصدد بين فئتين:
- الفـئة الأولى: تتمثل في المتهمون حيث يخصص في كل مؤسسة جناح خاص بالمحبوسين المتهمين و هم:
- المتلبسون بالجنح .
- فئة التحقيق.
- المحالون أمام محكمة الجنايات و لم يحاكموا بعد.
- المستأنفون
- الطاعنون بالنقض

(1)- د. رؤوف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي، الطبعة الرابعة، دار الفكر العربي،1979، ص 834.
(2)- كما يمكن تطبيق نظام الإحتباس المختلط أو المزدوج بالنسبة لكل محبوس خاضع لنظام الإحتباس الإنفرادي، وذلك في فترة تسمى" فترة إعادة التأهيل وسط حياة إجتماعية".
(3)- من أجل ضمان إعادة تربية الأحداث نص القانون على المراكز المتخصصة للأحداث تخصص لاستقبال الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، المحبوسين مؤقتا والمحكوم عليهم نهائيا بغقوبة سالبة للحرية مهما تكن مدتها.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- الـفـئـة الثانية: المحكوم عليهم وهم المحبوسين الذين صدرت في حقهم عقوبات سالبة للحرية نهائيا لا مجال فيها للاستئناف والطعن بالنقض، وهم ملزمون بارتداء اللباس العقابي دون غيرهم من المتهمين.
رابعا: حسب خطورة الجريمة
حيث يمكن أن تخصص بمؤسسات إعادة التربية وكذلك مؤسسات إعادة التأهيل أجنحة مدعمة أمنيا لإستقبال المحبوسين الخطرين الذين لم تجد معهم طرق إعادة التربية المعتادة
ووسائل الأمن العادية، وذلك وفقا لنص المادة 28 فقرة 4 من قانون تنظيم السجون.
فالمنطق يقتضي عدم الجمع بين المحبوسين الذين ارتكبو الجرائم الماسة بأمن الدولة أو جرائم القتل أو الجرائم المتعلقة بالمخدرات مثلا، مع غيرهم من المحبوسين الذين ارتكبوا جرائم السرقة أو الضرب والجرح، و ذلك لتفادي العواقب التي قد تترتب عن هذا الجمع من جهة، وتسهيلا لعملية إعادة التربية من جهة أخرى(1).
خامسا: حسب قدرة تحسين حالتهم
يتم تصنيف المحبوسين حسب قابلية كل محبوس للتحسن والإستجابة لبرنامج إعادة الإدماج، وذلك من خلال سوابقه القضائية، فالمبتدئون الذين ارتكبوا جريمة للمرة الأولى نظرا لكونهم أكثر مرونة وتقبلا للتأثير الإيجابي المتمثل في إعادة إدماجهم، لذلك توجه إليهم معاملة خاصة بحيث يتم وضعهم في أجنحة خاصة بهم، أما الإنتكاسيون فيوضعون أيضا في جناح خاص بهم وهو ما نصت عليه المادة 49 من قانون تنظيم السجون بنصها:
" يفصل المحبوس المبتدئ عن باقي المحبوسين، ويتم إيواؤه وفق شروط ملائمة ".
وبالتالي فإن هذه التصنيفات لها أهمية قصوى في تسهيل تنفيذ برنامج إعادة التربية من جهة
ومن جهة أخرى فإن الهدف من تطبيق العقوبة داخل المؤسسات ذات البيئة المغلقة هو تربية المحبوس وتنمية قدراته ومؤهلاته الشخصية والرفع المستمر من مستواه الفكري والأخلاقي وكذلك إحساسه بالمسؤولية وبعث الرغبة فيه للعيش في المجتمع في ظل احترام القانون،
وهو الهدف الذي نصت عليه المادة 88 من قانون تنظيم السجون.
ولأجل تحقيق هذا الهدف ألزم قانون تنظيم السجون بضرورة توفر كل مؤسسة عقابية سيما ذات البيئة المغلقة على مربون وأساتذة ومختصون في علم النفس ومساعدات ومساعدون اجتماعيون يوضعون تحت سلطة المدير ويباشرون مهامهم تحت رقابة قاضي تطبيق العقوبات(2).





(1)- د. عبد الله خليل و د- أمير سالم، قوانين ولوائح السجون في مصر، الطبعة الأولى، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، القاهرة، مصر،1990.
(2)- ارجع إلى نص المادة 89 من قانون تنظيم السجون.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

حيث يكلف المختصون في علم النفس والمربون العاملون في المؤسسة العقابية بالتعرف على شخصية المحبوس، ورفع مستوى تكوينه العام ومساعدته على حل مشاكله الشخصية
والعائلية، و تنظيم أنشطته الثقافية والتربوية والرياضية، وعليه توكل لهم مهمة إعادة إدماج المحبوسين وفقا لبرامج عامة معدة سلفا، طبقا لنص المادة 91 من قانون تنظيم السجون.
ومن أجل تدعيم عملية إعادة إدماج المحبوسين اجتماعيا ضمن نظام البيئة المغلقة، فقد نصت المادة 90 من نفس القانون على أنه:" تحدث في كل مؤسسة عقابية مصلحة متخصصة مهمتها ضمان المساعدة الاجتماعية للمحبوسين، والمساهمة في تهيئة وتسيير إعادة إدماجهم اجتماعيا".

الـمـطـلـب الـثـاني: دور البيئة المفتوحة في إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين
في الواقع تعد مؤسسات البيئة المفتوحة عكس مؤسسات البيئة المغلقة فهي عبارة عن مؤسسات عقابية حديثة، فالمحبوس الخاضع لنظام مؤسسات البيئة المفتوحة إنما يتمتع بحرية الحركة والدخول والخروج في حدود نطاق المكان المتواجد به في المؤسسة المفتوحة، وأساس تطبيق هذا النظام هو مقدار ما يتمتع به المحكوم عليه من الثقة والإحترام والأهلية لتحمل المسؤولية اتجاه الإدارة العقابية والمجتمع بوجه عام، وعليه إقناع المحبوس بأن وجوده في المؤسسة المفتوحة هو ضرورة لإصلاحه وتأهيله وإعادة إدماجه اجتماعيا.

الـفـرع الأول: تعريف البيئة المفتوحة
حيث تنص المادة 109 قانون تنظيم السجون: " تتخذ مؤسسات البيئة المفتوحة شكل مراكز ذات طابع فلاحي أو صناعي أو حرفي أو خدماتي، أو ذات منفعة عامة، والتي تتميز بتشغيل و إيواء المحبوسين بعين المكان" (1).
من خلال نص المادة يتضح لنا أن مؤسسات البيئة المفتوحة تأخذ شكل مراكز ذات طابع فاحي أو صناعي أو حرفي أو خدمات أو ذات منفعة عامة، وهي مراكز تابعة للمؤسسة العقابية، كما أن تشغيل وإيواء المحبوسين يكون بعين المكان.
فتخرج عن نطاق الحراسة والبيئة المغلقة المعهودة و عليه تكون الحراسة مخففة، كما تعتمد أساسا على الثقة الموضوعة في الشخص المحكوم عليه من خلال قبوله للطاعة وشعوره بالمسؤولية.





(1)- عرف المؤتمر الجنائي والعقابي الدولي الثاني عشر الذي عقد في لاهاي سنة 1950 المؤسسة المفتوحة بأنها مؤسسة تتميز بعدم وجود عوائق مادية تحول دون المحكوم عليه كالقضبان والأقفال وزيادة الحراسة، ويتجه المحبوسين فيها إلى احترام النظام من تلقاء نفسه، فلا يحاول الهرب نظرا لإقتناعه بالبرامج الإصلاحية التي تنمي فيه الثقة في النفس
وفي من يتعامل معه كما تنمي فيه الشعور بالمسؤولية الذاتية.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الـفـرع الثاني: شروط الإستفادة من نظام البيئة المفتوحة
حيث تنص المادة 110: " يمكن أن يوضع في نظام البيئة المفتوحة للمحبوس الذي يستوفى شروط الوضع في نظام الورشات الخارجية".
تتلخص شروط الإستفادة من هذا النظام فيما يلي:
- أن يكون المحكوم عليه نهائيا بعقوبة سالبة للحرية
- المحبوس المبتدئ يجب أن يكون قد قضى ثلث العقوبة المحكوم بها
- المحبوس الإنتكاسي يجب أن يكون قد قضى نصف العقوبة المحكوم بها
- أن يكون المحبوس يتمتع بحسن السيرة والسلوك وأن يقدم ضمانات إصلاح حقيقية
- يجب مراعاة القدرات الشخصية الصحية واستعداده البدني والنفسي والحرفي
ومدى احترام قواعد النظام و الأمن.
ويتم الوضع في نظام البيئة المفتوحة بناءا على مقرر يتخذه قاضي تطبيق العقوبات بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات وإشعار المصالح المختصة بوزارة العدل، وهو ما نصت عليه المادة 111 في فقرتها الأولى من قانون تنظيم السجون.

الـفـرع الثالث: كيفية إعادة إدماج المحبوس داخل البيئة المفتوحة
تعد مراكز البيئة المفتوحة عبارة عن شكل مخيمات يقيم بها المحبوسين ويعملون تحت إشراف موظفي إدارة السجون، يكون المحبوس فيها ملزم باحترام القواعد العامة المحددة في مقرر الوضع في نظام البيئة المفتوحة، لاسيما فيما يتعلق بشروط حسن السيرة
والسلوك والمواظبة على العمل والإجتهاد فيه.
ويلتزم باحترام القواعد المطبقة والمرتبطة بالتدابير المتخذة في هذا المركز، وفي حالة إخلاله بها فإنه يعاد وضعه في نظام البيئة المغلقة، وعليه تكون كيفية إعادة إدماجه في المجتمع من خلال تطبيق هذا النظام بصفة أكثر مرونة، كون أن مراكز البيئة المفتوحة يسودها جو قريب من جو الحياة العادية في المجتمع بصفة عامة، فيصبح المحبوس في مركز أو وضع لا يحس فيه بالإذلال أو النقص أو التهميش أو حتى الإنفعالات العصبية
والتوترات النفسية التي قد تحدث في البيئة المغلقة، فيحس وكأنه فرد في المجتمع.
وبذلك يتحقق التوازن البدني والنفسي للمحبوس، كما يمنحه ثقة بنفسه وهذا هو العنصر الفعال في مساعدته على إصلاحه وتأهيله مما يؤدي إلى إنجاح الإصلاح والإدماج الاجتماعي له(1).
بالإضافة إلى ذلك فإن الإستفادة من نظام البيئة المفتوحة يسهل على المحبوس بعد الإفراج عنه وجود عمل في الوقت المناسب، إذ أن الظروف المحيطة بالعمل الذي يزاوله داخل تلك المؤسسة لا تختلف عن طبيعتها عن ظروف العمل خارج المؤسسة مما يكسبه خبرة خاصة ويجعله أكثر استعداد ومقدرة على أداء عمله على الوجه المطلوب.



(1)- أ- محمد صبحي نجم، المدخل إلى علم الإجرام وعلم العقاب، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1988، ص 78.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما تجدر الإشارة إلى أن المشاكل الأساسية التي تواجه المفرج عنه ناجمة عن اختلاف نظرة أفراد المجتمع إليه، إذ يراودهم الشك في مدى تأهيله خاصة بعد أن أمضى فترة طويلة بعيدا كلية عن المجتمع، و اقتصرت علاقته مع المحبوسين فقط.
لذلك يؤكد علماء العقاب أن نظام البيئة المفتوحة يربط بين المحبوس و المجتمع، ويجنبه المشاكل التي قد تقع في إطار البيئة المغلقة.
وعليه يكون نظام البيئة المفتوحة أحسن النظم وأصلحها للمحبوس كونها تضمن تغيير نظرة أفراد المجتمع اتجاه المحبوس المفرج عنه، وبالتالي تسهل عليه هذه النظرة، إعادة إدماجه في المجتمع دون تحفظات.

المطلب الـثـالث: دور الورشات الخارجية في مــدى إعادة الإدمــاج
يعد نظام الورشات الخارجية إحدى طرق استعمال اليد العاملة العقابية خارج المؤسسات، على أساس أن العمل هو إحدى الطرق التقليدية الناجعة في إنجاح سياسة إعادة الإدماج،
فهو نظام يعطي فرصة للمحبوس العمل في الوسط الخارجي ضمن ظروف تختلف عن نظيرتها في الوسط المغلق.

الـفـرع الأول: تعريف الورشات الخارجية
تنص المادة 100 من قانون تنظيم السجون: " يقصد بنظام الورشات الخارجية، قيام المحبوس المحكوم عليه نهائيا بعمل ضمن فرق خارج المؤسسة العقابية، تحت مراقبة إدارة السجون لحساب الهيئات والمؤسسات العمومية، يمكن تخصيص اليد العاملة من المحبوسين ضمن نفس الشروط، للعمل في المؤسسات الخاصة التي تساهم في إنجاز مشاريع ذات منفعة عامة ".

الـفـرع الثاني: شروط الإستفادة من نظام الورشات الخارجية
بالرجوع إلى نص المادة 101 من قانون تنظيم السجون فإنه يوضع في الورشات الخارجية كل محبوس تتوفر فيه الشروط التالية:
- المحبوس المبتدئ الذي قضى ثلث العقوبة المحكوم بها عليه.
- المحبوس الذي سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية وقضى نصف العقوبة المحكوم بها عليه.
- يجب أن يتمتع المحبوس بحسن السيرة والسلوك.
- يجب أن يصدر مقرر عن قاضي تطبيق العقوبات يتضمن الوضع في الورشات الخارجية، الذي يشعر به المصالح المختصة بوزارة العدل.
وتنص المادة 103 من نفس القانون على أنه يتم تخصيص اليد العاملة العقابية في الورشات الخارجية بناءا على طلب الهيئة التي تريد الإستفادة منها، حيث توجه الطلبات إلى قاضي تطبيق العقوبات الذي يحيلها بدوره على لجنة تطبيق العقوبات لإبداء الرأي.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

وفي حالة الموافقة تبرم مع الهيئة الطالبة إتفاقية تحدد فيها الشروط العامة والخاصة لاستخدام اليد العاملة من المحبوسين، ويوقع على الاتفاقية كل من مدير المؤسسة العقابية
وممثل الهيئة الطالبة.
وتقوم المؤسسة العقابية دون سواها حسب نص المادة 97 من قانون تنظيم السجون، بتحصيل المقابل المالي لصالح المحبوس عن عمله الفردي(1).

الـفـرع الثالث: مــدى تأثير الورشات الخارجية في إدمـاج المحبوس
يعتبر عمل المحبوسين في الورشات الخارجية هبة منحها المشرع لهم، من أجل تفادي قضاء كل العقوبة في وسط مغلق، فهذا النظام يعد من بين أهم أنظمة إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، بل يعد أحد أساليب تأهيلهم وإصلاحهم فالتزام المحبوس بالعمل العقابي داخل هذه الورشات وفقا لما تضمنته الإتفاقية يعد دعامة له تساعده على إعادة إدماجه لاسيما وأن المادة 99 تنص على أنه: " تسلم للمحبوس الذي اكتسب كفاءة مهنية من خلال عمله أثناء قضائه لعقوبته، شهادة عمل يوم الإفراج عنه "
ومن ثمة نخلص إلى القول أن العمل في الورشات الخارجية يخلق روح المسؤولية لدى المحبوس، خاصة أنه يكون ملزم بالحفاظ على النظام والآداب داخل هذه الورشات وذلك طيلة المدةالمحددة بالإتفاقية من جهة، وخضوعه للتعليمات المتعلقة بقواعد الأمن والنظام من جهة أخرى، مقابل تلقيه لمكسب مالي لقاء جهده وعمله فهذا دفع آخر وضمانة مكتسبة في تحقيق سياسة الإدماج .
وعليه فتشغيل اليد العاملة العقابية أصبحت تشكل الإهتمامات الأساسية لوزارة العدل، واعتبارا للطابع التربوي والإدماجي الذي تكتسيه المؤسسات العقابية ودورها الفعال في تخفيف الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات فإنها في حاجة ماسة لدعم قطاعات الدولة الأخرى كالفلاحة والغابات والصناعة وغيرها من القطاعات بما فيها القطاع الخاص، هذا ما يساعد على تحويل المحبوس وهو الشخص الذي أصبح بفعل تواجده في المؤسسة طاقة معطلة وعالة على المجتمع إلى عنصر يساهم عن طريق عمله بصورة فعالة وإيجابية في خدمة الوطن وتطويره كغيره من المواطنين(2).








(1)-ويتكون المكسب المالي له من مجموع المبالغ التي يمتلكها والمنح التي يتحصل عليها مقابل عمله المؤدى و ذلك وفقا لنص المادة 98 من قانون تنظيم السجون.
(2)- رسالة الإدماج، مجلة دورية، تصدر عن المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، العدد الأول، مارس 2005، ص34.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الـمـبـحـث الـثـانـي: دور المؤسسة العقابية في إصلاح المحبوس
تنص المادة 88 من قانون تنظيم السجون على أنه: " تهدف عملية إعادة تربية المحبوس إلى تنمية قدراته ومؤهلاته الشخصية، والرفع المستمر من مستواه الفكري والأخلاقي
وإحساسه بالمسؤولية، وبعث الرغبة فيه للعيش في المجتمع في ضل احترام القانون ". وحتى يتحقق هذا الهدف الإصلاحي للمحبوسين فإنه يتطلب وسائل وإمكانيات مادية
و بشرية من أجل تدعيم النشاطات التربوية بالمؤسسة العقابية وتنفيذ برامج التعليم
والتكوين.
لكن هذه الأهداف لا تتحقق إلا بقيام جهاز مؤهل ومتخصص في هذا الإطار دائما في ظل إحترام حق المحبوس بصفته إنسان قبل أن يكون محبوس، وعليه فمجموع هذه العناصر يشكل حلقة أو سلسة مترابط وكل حلقة منها تكمل الأخرى، والحفاظ على هذه الحلقة يكفل التنفيذ الفعلي لسياسة إصلاح السجون الجديدة المنتهجة في ظل قانون تنظيم السجون 05/04.

المطلب الأول: النشاطات التربوية بالمؤسسة العقابية
حيث يستفيد المحبوس من برنامج إعادة التربية بهدف تحضيره لمرحلة ما بعد الإفراج وذلك بأن نضمن له داخل المؤسسة العقابية أو خارجها تعليما وتكوينا مهنيا متناسبا
وقدراته، بالإضافة إلى إشراكه في نشاطات تربوية وثقافية ورياضية أو ذات النفع العام مما يمكنه من استرجاع ثقته بنفسه لتطلعه على مستقبل أفضل بعد الإفراج عنه.
فالنشاطات التربوية بالمؤسسة تساعد على تحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، ونظرا للأهمية التي تتمتع بها هذه النشاطات سوف نتطرق إليها في الفروع التالية:

الـفـرع الأول: التعليم
يعد التعليم أحد أهم مطالب الحياة الاجتماعية لاسيما وأنه يكسب الفرد القيم الأخلاقية
والاجتماعية، بل هو وسيلة لمواجهة التطورات الحاصلة في المجتمع، حيث يوسع التعليم المدارك وينمي القدرات ويساعد على التفكير الهادئ السليم في الحكم على الأشياء وتقدير الأمور، مما يحمل المحبوسين على تغيير نظرتهم إلى السلوك الإجرامي فيدفعهم إلى العدول عنه في المستقبل، كما يساعد على ملئ أوقات الفراغ داخل المؤسسة العقابية، مما يصرف المحبوس عن التفكير في الإجرام، كما يساعد التعليم على إمكانية الحصول على العمل بعد الإفراج.
كل ذلك يؤثر على شخصية المحبوس سواء من حيث إعادة تأقلمه مع المجتمع أكان داخل المؤسسة أو خارجها، أو من حيث الإحاطة بالمشاكل الاجتماعية والأساليب الصحيحة لحلها والتغلب عليها دون اللجوء إلى الطريق الإجرامي(1).



(1)- د. علي عبد القادرالقهوجي، المرجع السابق،ص 321.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

لذلك فإن المشرع الجزائري اهتم بالتعليم داخل المؤسسات العقابية، حيث نص في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين على الدور الإلزامي للمؤسسة العقابية بإقامة دورات تعليمية سواء تعلق الأمر بمحو الأمية أو التعليم العام وحتى الدارسات العليا فتكون المؤسسة العقابية ملزمة بإقامة دورات تعليمية في محو الأمية لصالح المحكوم عليهم الذين لا يحسنون القراءة ولا الكتابة أي المحبوسين الأميين، أما بالنسبة لمن لهم مستوى دراسي كافي فلهم الحق، في مزاولة تعليم عام في مؤسسات إعادة التربية وكذا إعادة التأهيل حيث تنص المادة 94 على أنه: " تنظم لفائدة المحبوسين دروس في التعليم العام ".
وذلك وفقا للبرامج المعتمدة رسميا مع توفير الوسائل اللازمة لذلك بتسخير الإمكانيات المادية من قاعات مخصصة للدراسة وكتب ومستلزمات التعليم، وكذلك الإمكانيات البشرية المتمثلة في تعيين أساتذة التعليم الأساسي والثانوي والتقني حيث يلتحقون بهذه المؤسسات، كما قد يستعان بالمتطوعين من المحكوم عليم ذو المستوى العالي، حيث تقيم الدراسة في نهاية كل سنة و تتوج بمنح شهادات الدراسات حسب المستوى شهادة الدراسة الإبتدائية أو شهادة التعليم المتوسط أو شهادة البكالوريا.
فيمكن للحائزين على شهادة البكالوريا بمزاولة دراستهم الجامعية العليا، بالتنقل إلى الجامعة للدراسة في النهار والعودة إلى المؤسسة كل مساء، وذلك وفقا لنظام الحرية النصفية الذي يستفيد منه المحبوس الحائز على شهادة البكالوريا وذلك بعد إستفائه للشروط المذكورة سابقا، وفقا لأحكام المادة 105 من قانون تنظيم السجون.
ومن الضمانات التي يتمتع بها المحبوس أنه يمنع منعا باتا تدوين أية ملاحظة على الشهادات التي يمكن أن يتحصل عليها تفيد تبيان وضعيته الجزائية أو تفيد بأنه تحصل على هذه الشهادة داخل المؤسسة العقابية، وذلك بهدف منحه فرصة للعمل بعد الإفراج عنه، وبالتالي إعادة إدماجه اجتماعيا دون عقدة أو نقص.
كما لاحظنا من خلال تربصنا الميداني وانتقالنا إلى عدة مؤسسات عقابية من بينها مؤسسة إعادة التربية، وكذلك مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بسيدي بلعباس وجود مكتبة ثرية بالكتب في عدة مجالات، وهي بذلك تعد مكسبا للمؤسسة العقابية، وكذا مكسبا تربويا يساعد في إدماج المحبوس إجتماعيا، عن طريق تحسين مستواه التعليمي والثقافي.
ولتدعيم للنشاط التعليمي والثقافي فقد نصت المادة 92 من نفس القانون على أنه:
" يجب على إدارة المؤسسة العقابية وتحت اشرافها ورقابتها تمكين المحبوسين من متابعة برامج الإذاعة والتلفزة والإطلاع على الجرائد والمجلات وتلقي المحاضرات في المجال التربوي والثقافي والديني".
كما يمكن بث البرامج السمعية أو السمعية البصرية الهادفة إلى إعادة التربية والتعليم وذلك بعد استشارة لجنة تطبيق العقوبات، وبالفعل لاحظنا عند زيارتنا لمؤسسة إعادة التربية
والتأهيل بسيدي بلعباس، وبمبادرة من السيد قاضي تطبيق العقوبات تنظم حصة بث سمعية بصرية من داخل المؤسسة العقابية و تبث مباشرة للمحبوسين داخل قاعات الاحتباس.




دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

موضوع هذه الحصة طرح المشاكل التي يعاني منها المحبوس، حيث يتم تقديم استشارات قانونية و حلول مقترحة لمشاكل المحبوسين.
في هذا الإطار فحسب التعديلات الجديدة لقانون تنظيم السجون فانه يمكن لإدارة المؤسسة العقابية إصدار نشرية داخلية يساهم المحبوسون في إعدادها بإنتاجاتهم الأدبية والثقافية،وهو ما لاحظناه بنفس المؤسسة حيث يتم إصدار مجلة شهرية تحت عنوان" مجلة النزلاء " من إعداد المحبوسين حيث يتم طرح عدة مواضيع ثقافية وتربوية ودينية وكذلك يخصص جزء منها للألعاب والتسلية والألغاز والحكم.
وعليه فإن كل هذه النشاطات يكون الهدف منها تحسين المستوى الثقافي والعلمي للمحبوس.

الـفـرع الـثـانـي: التكوين
يعد التكوين المهني من أنجع الطرق لتحقيق إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوس وإصلاحه، حيث تنص المادة 95 على أنه: " يتم التكوين المهني داخل المؤسسة العقابية،
أو في معامل المؤسسات العقابية أو في الورشات الخارجية أو مراكز التكوين المهني".
وعليه تنظم لفائدة المحبوسين دروس في التعليم التقني والتكوين المهني والتمهين، وذلك في عدة مجالات لاسيما منها النجارة ، البناء، الحلاقة، الخياطة، صناعة الحلويات، البستنة، الطبخ، كهرباء المباني، الترصيص والتسخين...إلخ وغيرها من النشاطات المتعلقة بالتربية البدنية والدورات الرياضية، وذلك وفقا للبرامج المعتمدة رسميا مع توفير الوسائل اللازمة لذلك.
وفي إطار التكوين بغرض تأهيل المحبوس وإصلاحه و إعادة إدماجه اجتماعيا فإن مدير المؤسسة العقابية بعد استطلاع رأي لجنة تطبيق العقوبات يتولى إسناد بعض الأعمال المفيدة للمحبوس مع واجب مراعاة حالته الصحية واستعداده البدني والنفسي وقواعد النظام والأمن داخل المؤسسة العقابية طبقا لنص المادة 96 من قانون تنظيم السجون.
كما يستفيد المحبوس الذي اكتسب كفاءة مهنية من خلال عمله أثناء قضائه عقوبته شهادة عمل يوم الإفراج عنه طبقا لنص المادة 99 من نفس القانون، فالتكوين داخل المؤسسة العقابية يعد استثمارا على المدى البعيد للمجتمع بإعادة إدماج أفراد ذوي كفاءات مهنية، بغض النظر عن وضعيتهم الجزائية أو صفتهم كمحبوسين أثناء فترة التكوين.
وتجدر الملاحظة إلى أن المديرية العامة لإدارة السجون هي التي تتكفل بنفقات التسجيلات لمختلف الامتحانات الرسمية وكذا اقتناء لوازم التعليم ومعدات التكوين المهني(1).






(1)- تقرير عن حصيلة وآفاق إصلاح السجون، الصادر عن مديرية البحث وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، سنة2007.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الـمـطـلـب الـثـانـي: تدعيم حقوق المحبوسين و طرق كفالتها
من بين الأحكام والتدابير الجديدة التي جاء بها قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفي إطار إصلاح قطاع السجون، فإنه تم دعم التدابير المنظمة لأنسنة شروط الحبس ومعاملة المحبوسين خاصة في المسائل المتعلقة بالزيارات والرعاية الصحية والإتصال بالمحيط الخارجي، وكذلك إدراج إجراءات جديدة لحماية الحقوق العينية والشخصية للمحبوس.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف واتخاذ هذه التدابير والإجراءات لابد من وجود جهاز يسعى
ويسهر على تحقيقها لاسيما القائمون على حفظ نظام وأمن المؤسسات العقابية وتسييرها مهما كان نوع المؤسسة العقابية، وبالتالي لابد ونحن في هذا الإطار من إبراز الدور المنوط بأعوان وضباط وجميع موظفي قطاع السجون إبتداءا من مدير المؤسسة العقابية وانتهاءا عند أعوانها و كل هذه العناصر سوف نتطرق إليها بالتفصيل فيما يلي:

الـفـرع الأول: دعم حقوق المحبوسين
يفقد المحبوس عادة حقه في الحرية بشكل مؤقت وبذلك يضع حدا لبعض الحقوق المعترف بها له كإنسان بما فيها حقه في بعض الحريات كحرية التنقل والتعبير والإجتماع
والإنتخاب، إلا أنه وبالرغم من تقييده من جهة فإنه لا يفقد كرامته الإنسانية ولأساسية وبذلك فهو يتمتع بمجموعة من الحقوق حتى وهو داخل المؤسسة العقابية.
حيث بالرجوع إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10/12/1948، فإنه نص على أهم المبادئ والقواعد المتعلقة بمعاملة المحبوسين بالتأكيد على إحترام الحق في الحرية وكذلك الحق في الحياة المنصوص عليهما في المادة الثالثة منه، كما نص على حظر ومنع التعذيب والعقوبات القاسية واللإنسانية أو الماسة بكرامة الإنسان طبقا لنص المادة الخامسة منه، وكل هذه المبادئ تم تجسيدها في مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين(1).
ومعظم هذه القواعد تهدف إلى حماية حقوق المحبوس وكرامته، وكذلك العمل على رعايته حتى لا يكون تنفيذ العقوبة نوعا من الإنتقام منه، وحتى لا ينصرف الذهن لدى العامة وحتى لدى المحبوس نفسه إلى إعتبار المؤسسة العقابية هي مؤسسة انتقام من المجرم بالحط من كرامته وإنسانيته، فنصت هذه القواعد على عدة مبادئ تهدف إلى الإهتمام بشخص المحبوس في حد ذاته وبمكان نومه وإقامته وحتى بمظهره.
لذلك فإن المشرع الجزائري نص على هذه المبادئ ولأول مرة عند سنه لقانون تنظيم السجون وإعادة تربية المساجين بموجب الأمر رقم 72/02 المؤرخ في 10/02/1972،
وفي ظل السياسة العقابية الجديدة المنتهجة فإنه تم تدعيم هذه الحقوق في القانون رقم 05/04 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وذلك بغرض إصلاحه وإعادة إدماجه اجتماعيا بالنص على الحقوق المخولة له والتي نذكر من أهمها:

(1)- التي تم اعتمادها في المؤتمر الأول للأمم المتحدة لمكافحة الجريمة ومعاملة المجرمين المنعقدة في جونيف بتاريخ 30/08/1955، وهي المجموعة التي أقرها المجلس الإقتصادي والاجتماعي بالقرار رقم 663 بتاريخ 31/07/1957 وكذلك القرار رقم 2076 الصادر بتاريخ 13/05/1977.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

أولا: الـرعاية الـصـحية
وفي إطار الإهتمام بصحة المحبوس فقد نصت المادة 57 من قانون تنظيم السجون على أن: " الحق في الرعاية الصحية مضمون لجميع فئات المحبوسين،ويستفيد المحبوس من الخدمات الطبية في مصحة المؤسسة العقابية، وعند الضرورة في أي مؤسسة إستشفائية أخرى"، ووجوبا يتم فحص المحبوس من طرف الطبيب والأخصائي النفساني عند دخوله إلى المؤسسة العقابية وكذلك عند الإفراج عنه وكلما دعت الضرورة لذلك.
حيث تساهم الرعاية الصحية في المؤسسات العقابية إسهاما فعالا في تأهيل المحبوس وإعداده لمواجهة الحياة في المجتمع بعد الإفراج عنه(1).
كما تقدم الإسعافات والعلاجات الضرورية للمحبوس وتجرى له الفحوصات الطبية
والتلقيحات والتحاليل للوقاية من الأمراض المتنقلة والمعدية تلقائيا، ويجب تقديم العلاجات الضرورية وكذا المراقبة الطبية المستمرة لكل محبوس مضرب عن الطعام أو الرافض للعلاج إذا كانت حياته معرضة للخطر.
وحتى يكون التكفل الطبي بالمحبوس ناجعا تم إنشاء جناح الإستشفاء للمحبوسين المرضى على مستوى عدة مستشفيات عبر العديد من الولايات حتى يتلقى المحبوس رعاية صحية أفضل لاسيما في الحالات الإستعجالية.
وفي هذا الصدد تم إبرام عدة إتفاقيات بين وزارة الصحة والسكان ووزارة العدل بموجب القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 13 ماي 1997 المتضمن التغطية الصحية للمحبوسين.
في هذا المجال تم تزويد المؤسسات العقابية بالوسائل البشرية والمادية للتغطية الصحية ، حيث بلغ عدد الموظفين في السلك الطبي وشبه الطبي حسب إحصائيات وزارة العدل خلال سنة 2006 حوالي 1093 من بينهم:
- 387 طبيب عام يضمنون التغطية الصحية للمحبوسين.
- 177 جراح أسنان يتكفلون بعلاج صحة أسنان المحبوسين.
- 352 أخصائيين نفسانيين .
- كما تم تزويد قطاع السجون بـ 56 ممرض موزعين على المؤسسات العقابية .
-12 صيدلي.
- 38 مخبري يتكفلون بالتحاليل الطبية، بالإضافة إلى 27 مختصين في تشغيل أجهزة الأشعة.
أما فيما يخص الوسائل و التجهيزات المادية فقد تم:
- إقتناء 202 سيارة إسعاف موزعة على عدة مؤسسات عقابية.
- 125 كرسي جراحة الأسنان بالإضافة إلى تزويد المؤسسات بـ 65 جهاز الكشف بالأشعة، و7 أجهزة الإيكونغراف.


(1)- في مجال الرعاية الصحية فإن المشرع أولى لها اهتمام مقارنة مع القانون القديم الأمر 72/02 الذي كان ينص على الرعاية الصحية للمحبوس في المادة 43 منه أي في نص واحد فقط، بينما بعد التعديل بموجب القانون 05/04 فقد نص عليها في 9 مواد من المادة 57إلى المادة 65.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- وفي مجال التحاليل الطبية فقد بلغ عدد المخابر 38 مخبر موزعين على عدة مؤسسات.
ومن أجل تدعيم الرعاية الطبية بشكل أنجع تم رفع الإعتمادات الخاصة بالمواد الصيدلانية، حيث لاحظنا من خلال زيارتنا لعدة مؤسسات عقابية وجود شبه صيدلية على مستوى عيادة المؤسسة، تتوفر على أهم الأدوية الضرورية واللازمة لضمان الحد الأدنى لصحة المحبوس.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة ما إذا تطلبت الحالة الصحية للمحبوس تكفلا خاصا، فإنه يمكن إحداث مصالح صحية تجهز لإستقبال هذا المحبوس وهو ما نصت عليه المادة 30 من قانون تنظيم السجون.

ثانيا: الـنـظـافة
حسب قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي فقد نص على وجوب وإلزامية النظافة بالنسبة للمحبوسين لأنها تؤدي إلى الحرص على صحتهم وترقيتها وذلك بالمحافظة على قواهم البدنية، حيث يسهر الطبيب على مراعاة قواعد النظافة الفردية والجماعية داخل أماكن الإحتباس كما يتفقد مجموع الأماكن داخل المؤسسة، فإذا عاين وجود نقائص أو وضعيات من شأنها الإضرار بصحة المحبوس يجب أن يخطر المدير بذلك، حتى يتمكن هذا الأخير وبالتنسيق مع الطبيب ومع السلطات العمومية المؤهلة من وضع كل التدابير الضرورية للوقاية من ظهور وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، التي تتفشى نتيجة لعدم كفاية شروط النظافة.
وتشمل النظافة شقين أما الشق الأول فيتعلق بنظافة المحبوس في حد ذاته حيث توفر له الوسائل التي تمكنه من ذلك من المياه وأدوات النظافة والحلاقة و كذلك اللباس الذي تراعى فيه المقاييس الصحية والذي يغسل بصفة دورية، مع تنظيم استحمام المحبوس أسبوعيا(1).
أما الشق الثاني فيتعلق بنظافة مكان إقامة المحبوس ونومه أي قاعات الاحتباس، حيث تراعى الشروط الصحية في هذه الأماكن لاسيما بالنسبة للتهوئة والتدفئة والإضاءة التي تسمح له بالنوم الصحي، بالإضافة إلى الحرص على نظافة المراحيض وأماكن الإستحمام التي تضمن الإبقاء على نظافة وراحة المحبوس، وبذلك فإن الرقابة المستمرة لشروط الصحة و السلامة في مباني المؤسسات العقابية لا تتنافى مع الهدف المرجو وهو ترقية صحة المحبوس.








(1)- الرجوع إلى نص المادة 42 من القرار رقم 25 المؤرخ في 31/12/1989 المتضمن القانون الداخلي للمؤسسات العقابية.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

ثالثا: الـتـغـذيـة
بالرجوع إلى نص المادة 20 من مجموعة قواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين التي تلزم إدارة المؤسسة العقابية بتزويد كل محبوس في الأوقات المعتادة بطعام ذو قيمة غذائية يقدرها الطبيب وكذلك تزويده بالمياه الصالحة للشرب كلما طلب ذلك.
وتطبيقا لهذه القاعدة فقد نصت المادة 63 من قانون تنظيم السجون على أنه: " يجب أن تكون الوجبة الغذائية للمحبوسين متوازنة، وذات قيمة غذائية كافية ".
حيث توفر إدارة المؤسسة العقابية في الساعات المعتادة وجبة الطعام للحفاظ على صحة المحبوس وقواه، وهي الوجبة التي يقوم بإعدادها المحبوسين أنفسهم المسخرين للعمل داخل المؤسسة، وذلك وفقا لقائمة الوجبات الأسبوعية التي يتكفل ببرمجتها طبيب المؤسسة.
ويشمل النظام الغذائي اليومي على ثلاث 3 وجبات:
- فطور الصباح
- الغداء
- العشاء(1).
وتجدر الملاحظة أنه بصدور قانون المالية لسنة 2001 فإنه تم رفع كلفة الوجبة الغذائية للمحبوس إلى 56 دينار بعد أن كانت 28 دينار لليوم، ويشترط في تنويع الوجبة الغذائية أن لا يتجاوز السعر المحدد، إلا أنه يستفيد المحبوس المريض من نظام غذائي بناءا على أمر طبي، كما يتعين على كل محبوس يرغب في الإضراب عن الطعام أن يقدم إلى مدير المؤسسة العقابية تصريحا مكتوبا يبين فيه أسباب اللجوء إلى الإضراب، مع الملاحظة أن المضرب عن الطعام يخضع لنظام الحبس الإنفرادي كإجراء وقائي، حيث يوضع تحت المراقبة الطبية.

رابعا: الــزيــارات
يفقد المحبوس في المؤسسة العقابية حق التحرك بحرية لكن يحتفظ بالعديد من الحقوق كإنسان لاسيما حق الإتصال بالعالم الخارجي وعلى الخصوص الاتصال بالعائلة، حتى لا يحس المحبوس بالعزلة النهائية عن العالم الخارجي و انقطاعه عنه، وطبقا لنص المادة 66 من قانون تنظيم السجون: " للمحبوس الحق في أن يتلقى زيارة أصوله وفروعه إلى غاية الدرجة الرابعة، وزوجه ومكفولة وأقاربه بالمصاهرة إلى غاية الدرجة الثالثة ".
كما يمكن أن يتلقى المحبوس زيارة استثنائية من طرف أشخاص آخرين أو جمعيات إنسانية
وخيرية إذا تبين أن في زيارتهم فائدة لإعادة إدماجه اجتماعيا(2).


(1)- ارجع إلى نص المادة 36 من نفس القرار.
(2)- و قد لاحظنا خلال تربصنا الميداني وزياراتنا الميدانية لمؤسسة الوقاية بتغنيف بمعسكر أين صادفت زيارتنا مع وجود ممثلين للجنة الصليب الأحمر الدولي، في إطار الزيارات الميدانية لها للمؤسسات العقابية في الجزائر خلال شهر جويلية 2006، في إطار التعاون الدولي لتطوير عصرنة أساليب تسيير المؤسسات العقابية، حيث أجرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال 3 سنوات 11 سلسلة من الزيارات إلى الجزائر، دامت كل واحدة منها من 5 إلى 6 أسابيع، وخصت أكثر من 70 مؤسسة، وتمكن مندوبو اللجنة الدولية خلال هذه الزيارات من محاورة عدد هام من المحبوسين حسب المعايير الخاصة بالمنظمة بدون وجود شاهد.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

يمكن للمحبوس أن يتلقى زيارة من الوصي عليه والمتصرف في أمواله و محاميه أو أي موظف أو ضابط عمومي متى كانت أسباب الزيارة مشروعه، كما يحق له أن يتلقى زيارة من رجل دين من ديانته، وإذا كان أجنبيا له الحق في زيارة الممثل القنصلي لبلده في إطار مبدأ المعاملة بالمثل.
وفي إطار الزيارات فإنه يسمح للمحبوس لإعتبارات عائلية أو صحية أو اجتماعية بالمحادثة مع زائريه دون فاصل وذلك بهدف توطيد أواصر العلاقات العائلية للمحبوس من جهة،
وإعادة إدماجه اجتماعيا أو تربويا من جهة ثانية، أو لأي سبب آخر إذا تعلق الأمر بوضعه الصحي، وذلك وفقا لما يسمح به النظام الداخلي للمؤسسة العقابية.
كما يمكن أن يرخص للمحبوس الإتصال عن بعد باستعمال الوسائل التي توفرها له المؤسسة العقابية طبقا لنص المادة 72 من قانون تنظيم السجون، وهذا ما يعد قفزة نوعية في طريقة الإتصال.
حيث صدر المرسوم التنفيذي رقم 05/430 في 8 نوفمبر 2005 ليحدد وسائل الاتصال عن بعد و كيفيات استعمالها من المحبوسين، بنصه في المادة الثالثة منه على تجهيز المؤسسات العقابية بخطوط هاتفية بغرض وضعها تحت تصرف المحبوسين المرخص لهم باستعمالها،
وهم المحكوم عليهم نهائيا أوالطاعنين بالنقض، بعد تقديمهم طلب إلى مدير المؤسسة العقابية يتم الترخيص لهم كتابيا مراعيا في ذلك عدة اعتبارات وهي:
- انعدام أو قلة زيارة المحبوس من طرف عائلته.
- بعد مقر إقامة عائلة المحبوس.
- خطورة الجريمة.
- مدة العقوبة.
- السوابق القضائية للمحبوس.
- سلوك المحبوس في المؤسسة العقابية.
- الحالة النفسية والبدنية للمحبوس.
- وقوع حادث طارئ.
فيرخص للمحبوس استعمال الهاتف مرة واحدة كل خمسة عشر 15 يوما ماعدا في الحالات الطارئة، ولا يمكن له الاتصال برقم هاتفي غير غير مذكور في طلبه والمرخص به من مدير المؤسسة العقابية، ويجب أن تنصب المكالمات الهاتفية على المواضيع العائلية وحاجات المحبوس المادية والمسائل المتعلقة بالتعليم والتكوين وإعادة التربية، ويمنع التطرق خلال المكالمات الهاتفية إلى المواضيع التي تتعلق بالأفعال المتابع بشأنها المحبوس وبكل ما يمس بأمن المؤسسة العقابية.
بالرجوع إلى نص المادة 8 من نفس المرسوم فإن المكالمات الهاتفية تخضع إلى مراقبة إدارة المؤسسة العقابية للتأكد من هوية الأشخاص المتصل بهم، حيث يمكن للعون المكلف بمراقبة المكالمات الهاتفية أن يقطع المكالمة فورا في حالة ما إذا تجاوز المدة المحددة للمكالمة الهاتفية، أو تطرق المحبوس أو المتصل به إلى موضوع يمس بأمن المؤسسة العقابية.









 


قديم 2011-02-22, 12:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 اضافة

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

في هذه الحالة يمكن لمدير المؤسسة العقابية أن يمنع المحبوس بموجب مقرر من استعمال الهاتف لمدة لا تتجاوز 60 يوما، ويتم تبليغ المحبوس بذلك بواسطة كاتب الضبط القضائي للمؤسسة العقابية.
خامسا: الــمــراســلات
تعد الاتصالات بالنسبة للمحبوس من غير الزيارات مهمة جدا بالنسبة له لذلك يجب السماح له بإرسال وتلقي رسائل بحرية قدر المستطاع، حيث نجد في العديد من الدول تسمح للمحبوسين بإرسال عدد محدد من الرسائل على حساب الدولة في حين يدفعون رسم البريد على أي مراسلة إضافية يرغبون إرسالها، و في هذا الصدد لا توضع أي قيود على عدد الرسائل التي يتلقاها المحبوس(1).
فالمراسلات إذن حق كفله قانون تنظيم السجون للمحبوس، فيحق له مراسلة أقاربه أو أي شخص آخر شرط أن لا يكون ذلك سببا في الإخلال بالأمن وحفظ النظام داخل المؤسسة العقابية أو بإعادة تربية المحبوس وإدماجه في المجتمع،وهي تخضع لرقابة مدير المؤسسة العقابية.
أما بالنسبة لمراسلة المحبوس لمحاميه ومراسلة السلطات القضائية والإدارية الوطنية فإنها لا تخضع للرقابة طبقا لنص المادة 74 من قانون تنظيم السجون(2).
كما يجوز للمحبوس الأجنبي مراسلة السلطات القنصلية لبلده مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل، بل خول القانون أيضا للمحبوسين الحق في مراسلة مدير المؤسسة وذلك في حالة المساس بحقوقهم.

الـفـرع الـثـاني: دور موظفي المؤسسة العقابية في إصلاح المحبوس
في إطار التكفل بالمحبوس وبغرض إصلاحه وإعادة إدماجه رسمت السياسة العقابية الجديدة عدة برامج تتعلق بطريقة معاملة المحبوس وأنسنتها، من أجل حماية وصيانة كرامته سواء كان مبتدئ أو معتاد الإجرام.
وتتجلى معالم هذه السياسة من خلال الحرص على ترقية القواعد المتعلقة بمعاملة المحبوس
وتحسين شروط التكفل به، ولتطبيق هذه السياسة تم رصد الموارد البشرية بصفتها العنصر الفاعل بإحداث التغيير ضمن برنامج إصلاح قطاع السجون، لذلك تم تسطير برنامج لتوظيف و تكوين وتأطير موظفي قطاع السجون، حيث بلغ عددهم الإجمالي إلى غاية سنة 2006 في أسلاك إعادة التربية بمختلف الرتب 14311 موظف أما في الأسلاك الطبية وشبه الطبية فقد بلغ عددهم 1093 موظف و133 موظف في أسلاك التربية والتكوين.



(1)- د. آندرو كويل دراسة حول حقوق الإنسان في إدارة السجون، موجه إلى موظفي السجون، نشر المركز الدولي لدراسات السجون، لندن، المملكة المتحدة،2002، ص100.
(2)- تجدر الملاحظة أنه في العديد من الدول بالنسبة للمراسلات القادمة للمحبوس يتم التأكد منها من عدم إحتوائها على مواد ممنوعة كالأسلحة والمخدرات، حيث تفتح المراسلات أمام المحبوس ويتأكد الموظف من الغلاف فقط بأنه لا يحتوي على ممنوع ومن ثمة يعطي الرسالة للمجبوس دون قرائتها.
دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما تم إعادة النظر في تكوين القائمين على هذا القطاع، حيث يجرى التكوين حاليا بالمدرسة الوطنية لإدارة السجون بمدينة سور الغزلان بالبويرة، والملحقتين الأولى بالمسيلة والثانية بقصر الشلالة ولاية تيارت، والتي يتم الإلتحاق بها بعد إجراء مسابقة كتابية وفقا لشروط معينة، وتبلغ الطاقة الإستعابية للمدرسة وملحقيتها 1000مقعد بيداغوجي.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى انطلاق مشروع بناء مدرسة وطنية جديدة بمدينة القليعة بتيبازة بطاقة استعابية تقدر بـ 800 مقعد بيداغوجي وفق المعايير الدولية.
كما تم إفادة 976 موظف من التكوين في الخارج في إطار التعاون الدولي مع مختلف الدول
والهيئات الدولية بهدف تطوير وعصرنة أساليب المعاملة والتسيير داخل المؤسسات العقابية، حيث تم التعاون مع إدارة السجون بفرنسا و تنظيم دورات لتكوين مدراء وإطارات السجون بالمدرسة الوطنية لإدارة السجون بفرنسا، كما تم إرسال دفعات للتخصص إلى كندا وبلجيكا
وإيطاليا.
وتبعا لما تقدم فإن الموظف داخل المؤسسة العقابية ينبغي أن يكون له الدور الإيجابي في إصلاح المحبوس وذلك عن طريق:
- معاملة المحبوس بطريقة لائقة إنسانية وعادلة.
- تأمين سلامة كل المحبوسين دون تمييز.
- التأكد من عدم فرار المحبوسين الخطرين.
- التأكد من حسن النظام والمراقبة داخل المؤسسة العقابية.
- إعطاء المحبوس فرصة استعمال وقته في المؤسسة بإيجابية حتى يتمكن من الإنخراط مجددا في المجتمع عند الإفراج عنه.
- يمنع على الموظف اللجوء إلى أي أسلوب من أساليب التعذيب وسوء المعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية أوالمهينة بكرامة المحبوس(1).
- يجب تحقيق التوازن بين الأمن داخل المؤسسة العقابية وتنفيذ برنامج إعادة الإدماج في المجتمع.
- لا يجب الخلط بين المعاملة الإنسانية للمحبوس وبين إنخفاض الأمن أوالرقابة داخل المؤسسة العقابية، لأنه من شأن الرقابة القصوى أن تؤدي إلى اللجوء إلى وسائل أمنية غير عادلة تمس ببرامج الإصلاح وإعادة الإدماج، وبذلك يجب المحافظة على التوازن بين الأمن وحفظ النظام داخل المؤسسة وبين المعاملة الانسانية للمحبوس.
- يمنع على الموظف مخاطبة المحبوس بألفاظ غير لائقة أو تمس بكرامته، بل يحق للمحبوس في هذه الحالة أو في حالة وقوع تجاوزات من قبل إحدى الموظفين أن يتقدم بشكوى أمام مدير المؤسسة العقابية عن طريق مراسلته.




(1)- يمكن اللجوء إلى القوة كآخر مرجع في الحالات القصوى فقط، وعندما يتعطل النظام كليا وتفشل كافة التدخلات سواء كانت فردية أو جماعية، وذلك بهدف إعادة استتباب النظام داخل المؤسسة

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

وفي هذا الصدد فقد ألقى الرئيس نيلسن منديلا كلمة في خطابه الموجه إلى موظفي السجون في جنوب افريقيا سنة 1998 بقوله: "إن السجون الآمنة ضرورية لجعل نظامها القضائي سلاح فعال ضد الجريمة، فعندما يعهد إليكم السجناء أكانوا مدانين أو ينتظرون محاكمتهم، يجب أن يعلموا وأن يعلم الجمهور أنهم سيبقون هنا لحين أن يطلق سراحهم قانونيا... إن المساهمة الكاملة التي بإمكان سجوننا تقديمها بغية تخفيض نسبة الجريمة في البلد تكمن أيضا في الطريقة التي يعامل بها السجناء، من هنا تشديدنا المستمر على أهمية الجدارة المهنية و احترتم حقوق الإنسان على السواء "(1).
كما تجدر الملاحظة في الأخير إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حث على وجوب إحترام المحبوس ومعاملته على أنه كائن بشري ومعاملته معاملة كريمة، الأمر الذي كرسته كل المواثيق الدولية والدساتير، دون اضطهاده وتعذيبه أوالمساس بحقوقه المادية أو المعنوية(2).




















(1)- هذا الخطاب ألقاه الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون منديلا، بمناسبة الإطلاق الرسمي لمشروع إعادة التدريب وحقوق الإنسان لقسم الأجهزة الإصلاحية في جنوب إفريقيا، و مدى أهمية الأمن والعدالة على السواء في إدارة السجون، في كورنستاد بتاريخ 25 يونيو 1998.
(2)- تنص المادة 35 من دستور 1996: " يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق والحريات وعلى كل ما يمس سلامة الإنسان البدنية والمعنوية ".


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

الــخــاتـمــة
إن قطاع المؤسسات العقابية وجميع الإصلاحات المتعلقة به استحوذ منذ البداية على اهتمامات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة التي عكفت على تشريع هذا القطاع والسعي بالنهوض به إلى الحداثة المنشودة، لاسيما وأنه كان في وقت قريب بحاجة ماسة إلى التطوير بما يتماشى والبعد الإصلاحي العام وبما يتطابق والمعايير الدولية.
وانطلاقا من هذه الرؤية الشاملة وتجسيدا لتوصيات اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة المتعلقة بإصلاح المؤسسات العقابية، فقد اتخذت جملة من التدابير العاجلة، ومن بينها مراجعة قانون تنظيم السجون والسرعة في إعداد برنامج لإعادة الإعتبار للهياكل العقابية الموجودة،
واستحداث هياكل عقابية جديدة بالإضافة إلى تحسين ظروف الإحتباس، عن طريق تدعيم حقوق المحبوسين، بالنص على الضمانات الأساسية لحمايتها سواء كانت على المستوى المحلي بتدعيم دور قاضي تطبيق العقوبات و توسيع صلاحياته في إطار تحقيق وتفعيل سياسة إعادة الإدماج من جهة.
كما تم تشجيع الزيارات للمؤسسات العقابية من قبل عدة أطراف سواء كانوا قضاة أو مفتشوا ومراقبو إدارة السجون والوالي وغيرهم من الهيئات المختلفة أو على المستوى الدولي.
فأهم الضمانات الأساسية لحماية حقوق المحبوسين تتمثل في الأحكام التي جاء بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقواعد الحد الأدنى لمعاملة المساجين، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك إتفاقية مناهضة للتعذيب والمعاملات الغير إنسانية.
واستكمالا لمسعى الإصلاح فقد جاءت الأعمال التحضيرية للندوة الوطنية لإصلاح العدالة في شقها المتعلق بالمنظومة العقابية المنعقدة يومي 23 و24 سبتمبر 2004 لإثراء السياسة العقابية الجديدة، لتتوج في 6 فيفري 2005 بالقانون رقم 05/04 المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.
وقد نص على عدة قواعد تهدف إلى تحسين وأنسنة ظروف الإحتباس على أساس معاملة المحبوس على أنه إنسان، وبالتالي معاملته معاملة كريمة دون المساس بكرامته، بالإضافة إلى إفادته بعدة أنظمة لإعادة الإدماج أهمها نظام الإفراج المشروط لما له من إيجابيات تهدف أساسا إلى إعادة إدماجه اجتماعيا، ونظام الحرية النصفية وإجازة الخروج التي تعد مكافأة للمحبوس حسن السيرة والسلوك، وعليه فهي وسيلة لتحفيز المحبوسين على السلوك الصائب داخل المؤسسة العقابية، وبالتالي إصلاحه بطريقة غير مباشرة وهو الهدف المرجو تحقيقه.
فقام بإحداث عدة ميكانيزمات وآليات مهمتها التكفل ببرامج إعادة الإدماج وتنفيذها،
فنص على لجنة تطبيق العقوبات والتي من خلالها تم تدعيم الصلاحيات المخولة لقاضي تطبيق العقوبات،وتم إحداث لجنة تكييف العقوبات، وكذلك اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم اجتماعيا، وهي اللجنة التي تم إحداثها بغرض التنسيق بين مختلف القطاعات الوزارية بهدف مكافحة الجنوح وإسهام أهم القطاعات الوزارية في عملية إعادة إدماج المحبوس اجتماعيا، حتى لا يقتصر الدور على قطاع العدالة دون سواه.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع نص على الحقوق الواجب احترامها من طرف الأعوان القائمين على سير المؤسسات العقابية سواء كان المحبوس ضمن نظام البيئة المغلقة أو نظام البيئة المفتوحة، أو مستفيد من نظام الورشات الخارجية، ولعل أهم هذه الحقوق هي حقه في التعليم و الإستفادة من برنامج التكوين المهني.
ومن أجل ضمان إعادة إدماج المحبوس في المجتمع بعد خروجه من المؤسسة العقابية
والإفراج عنه فإنه لابد من أن يتلقى العناية الكافية واللآزمة، لاسيما فيما يتعلق برعايته الصحية الجسمية والنفسية، بالسهر على نظافة بدنه ومكان احتباسه، دون إهمال الجانب الغذائي الذي يجب أن يكون متوازنا.
وحتى لا يقع المحبوس في دائرة العقد النفسية فإنه وجب اتصاله بالعالم الخارجي لاسيما وأن حريته مقيدة داخل المؤسسة العقابية، لذلك تم تدعيم حقه في الزيارات إذ أصبح عدد الزيارات يمتد لعدة أطراف ولا يقتصر فقط على أفراد عائلته.
كما يحق له الإتصال بالعالم الخارجي ليس عن طريق الزيارات فحسب بل أيضا عن طريق المراسلات، وعليه نخلص إلى القول أن إصلاح سلوك المحبوس وإعادة إدماجه اجتماعيا هو الهدف الأساسي من تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، هذا الهدف الذي لن يتجسد على أرض الواقع إلا عن طريق:
- إشراك قطاعات الدولة والمجتمع المدني في مجال إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوس.
- إعتبار أن مهمة مكافحة الإجرام والوقاية من الجريمة لا تقع على عاتق وزارة العدل وحدها بل هي مهمة ومسؤولية كل المجتمع بمختلف هيئاته و مكوناته.
- وجوب تسخير الإمكانيات وتكثيف المجهودات بين مختلف القطاعات الوزارية والمجتمع المدني من جهة أخرى .
- العمل على نشر ثقافة إعادة الإدماج في المجتمع للمحبوسين، عن طريق اللجوء إلى كافة الوسائل والإمكانيات بما في ذلك الوسائل المختلفة للإعلام والتوعية وتحسيس المجتمع المدني بالدور المنوط به لتجسيد هذه الثقافة في الميدان، بتشجيع الزيارات الميدانية لهذه المؤسسات عن طريق تنظيم أبواب مفتوحة على المؤسسات العقابية من أجل التعريف بها و بأهدافها
ومساعيها الإصلاحية.
- تشجيع إنشاء الجمعيات ذات الصلة بإعادة إدماج المحبوسين وتسهيل إجراءات اعتمادها
ومنحها الوسائل والإمكانيات الضرورية لنشاطها.
- تمكين المحبوسين المفرج عنهم بالإستفادة من الترتيبات والبرامج الوطنية للتشغيل كباقي فئات المجتمع.
- العمل على عدم الإشتراط التلقائي لصحيفة السوابق العدلية في التوظيف.
- تحسين وتفعيل الإتفاقيات المبرمة بين قطاع السجون والقطاعات المختلفة في إطار تنفيذ سياسة إعادة الإدماج.
- تدعيم برامج التكوين المهني مع التركيز على الاختصاصات المطلوبة.



دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

- تشجيع إبرام عقود مع المؤسسات العامة والخاصة لتشغيل اليد العاملة العقابية واستحداث آليات لتحفيز هذه المؤسسات على ضمان تشغيل المفرج عنهم، لأن الإدماج الحقيقي في المجتمع لا يتحقق إلا بالتشغيل الفعلي للمحبوس.
- مساهمة الجامعة في إعداد البحوث والدراسات في مجال الإجرام لمحاولة إيجاد السبل الناجعة لإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوس.
- دراسة إمكانية التكفل بالمحبوسين المفرج عنهم المعوزين وخاصة فئتي الأحداث والنساء بالإيواء في المراكز الخاصة.
- ضرورة التفكير في إيجاد آليات للتكفل بفئة المحبوسين المدمنين على استهلاك المخدرات داخل المؤسسة العقابية، وكذلك بعد الإفراج عنهم.
- تكوين الموظفين القائمين على تسيير المؤسسات العقابية، بناءا على الأساليب الحديثة
والعصرية المنتهجة في تسيير المؤسسات العقابية من جهة، ومعاملة المحبوسين من جهة أخرى.
- تعزيز التعاون الدولي بما يسمح بالإستفادة من الخبرات الدولية في مجال تسيير المؤسسات العقابية والتكفل الأمثل بالمحبوسين.
وفي الأخير نخلص إلى القول بنجاح الساسة العقابية الجديدة بالرغم من النقائص القليلة التي لازالت تعرفها المؤسسات العقابية،وأهم دليل على هذا النجاح هو تلك الإحصائيات التي سبق الإشارة إليها، والتي سوف نعرضها في الملحق، وبذلك يكون الدور الإصلاحي المنوط بالمؤسسات العقابية، تجسّد على أرض الواقع، بإصلاح المحبوس وإعادة إدماجه في المجتمع، وهو الهدف الذي رسمته السياسة العقابية الجديدة.

















دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

قائمة المراجع

أولا : القوانين و النصوص التنظيمية
1- القوانين:
1- القانون رقم 05/04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق لـ 6 فبراير 2005، المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
2- الأمر رقم 72/02 المؤرخ في 25 ذي الحجة عام 1391 الموافق لـ 10فبراير 1972ّ، المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين.
3- الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966، المتضمن قانون الإجراءات الجزائية.


2- النصوص التنظيمية:
1- المرسوم التنفيذي رقم 05/180 المؤرخ في 17 ماي 2005، يحدد تشكيلة لجنة تطبيق العقوبات وكيفيات سيرها، جريدة رسمية 35 لسنة 2005.
2- المرسوم التنفيذي رقم 05/181 المؤرخ في 17 ماي 2005، يحدد تشكيلة لجنة تكييف العقوبات وتنظيمها و تسيرها.
3- المرسوم التنفيذي رقم 05/429 مؤرخ في 8 نوفمبر 2005، يحدد تنظيم اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الإجتماعي و مهامها
وتسييرها.
4- المرسوم التنفيذي رقم 05/430 المؤرخ في 8 نوفمبر 2005، يحدد وسائل الإتصال عن بعد و كيفيات استعمالها من المحبوسين.
5- المرسوم التنفيذي رقم 05/431 المؤرخ في 8 نوفمبر 2005، يحدد شروط و كيفيات منح المساعدة الإجتماعية و المالية لفائدة المحبوسين المعوزين عند الإفراج عنهم.
6- المرسوم التنفيذي رقم 07/67 المؤرخ في 19 فيفري 2007، يحدد كيفيات تنظيم و سير المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
7- قرار رقم 25 المؤرخ في 31 ديسمبر 1989، المتضمن النظام الداخلي للمؤسسات العقابية.

ثانيا:الـكـتـب
1- د. رؤوف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي، دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة، 1979.
2- أ. محمد صبحي نجم، المدخل إلى علم الإجرام وعلم العقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 1988.
3- د.عبد المنعم العوضي، المبادئ العلمية لدراسة الإجرام والعقاب، دار الفكر العربي، 1985.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

4- د. مصطفى عبد المجيد كاره، السجن كمؤسسة اجتماعية، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية و التدريب، الرياض، 1987.
5- د. عبد الله خليل و أمير سالم، قوانين ولوائح السجون في مصر، مركز الدراسات
والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى، مصر، 1990.
6- د. علي عبد القادر القهوجي، علم الإجرام والعقاب، الدار الجامعية، 1995.
7- د. إسحاق إبراهيم منصور، الموجز في علم الإجرام والعقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثالثة، الجزائر، 1989.
8- أ. عثامنية لخميسي، عولمة التجريم والعقاب، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر،2006.
9- أ. طاشور عبد الحفيظ، دور قاضي تطبيق الأحكام القضائية الجزائية في سياسة إعادة التأهيل الإجتماعي في التشريع الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2001.
10- د. أندرو كويل، دراسة حول حقوق الإنسان في إدارة السجون، نشر المركز الدولي لدراسات السجون، لندن، المملكة المتحدة، 2002.
11- الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة، وزارة العدل، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2005.
12- الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون في الجزائر، وزارة العدل، المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2004.
13- نشرة القضاة، وزارة العدل، مديرية الدراسات القانونية والوثائق، الجزء الأول، العدد 61، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2006.
14- Bettaher Touati, organisation et système pénitentiaire en droit Algérien ,1 édition, office national des travaux éducatifs, 2004.

ثالثا: الـمـحاضرات
1- محاضرة بعنوان السياسة العقابية الجديدة في ظّل الإصلاحات، ألقيت خلال الأبواب المفتوحة على العدالة، أيام 25، 26، 27، أفريل 2006، من تنظيم إدارة السجون.
2- محاضرات ألقيت خلال الندوة الوطنية لإصلاح العدالة، المنعقدة بمجلس قضاء غرداية، سبتمبر 2004.
3- محاضرة بعنوان نظام السجون في الجزائر، للأستاذ بن عيسى علي مدير فرعي بالمديرية العامة لإدارة السجون، ملقاة على طلبة الشرطة بعنابة.
4- محاضرة بعنوان: هل الإنتكاسات فشل لإعادة الإدماج الإجتماعي ؟، للأستاذ أحمد غاي، ألقيت خلال المنتدى الوطني الأول حول دور المجتمع المدني في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، بالجزائر، نوفمبر 2005.
5- محاضرات حول تصنيف السجناء في قانون تنظيم السجون و إعادة التربية الجزائري، ملقاة على طلبة كلية الحقوق في بغداد، سنة 1993.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

6- إصلاح السجون حصيلة وآفاق، من إعداد الأستاذة: عبدون، مديرة فرعية بإدارة السجون سنة 2007.
7- المحاضرات الملقاة على الطلبة ضباط إعادة التربية، بالمدرسة الوطنية لإدارة السجون،
و ملحقتها بالمسيلة، للسنة الدراسية 2005/2006.

رابعا:الـمـجلات
1- رسالة الإدماج، مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، العدد الأول، مارس 2005.
2- رسالة الإدماج، العدد الثاني، أوت 2005.
3- رسالة الإدماج، العدد الثالث، جويلية 2006.
4- الأمن والحياة، مجلة أمنية ثقافية إعلامية، تصدر عن أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، العدد991، مارس 1999.
5- الأمن و الحياة، العدد 206، نوفمبر 1999.










قديم 2011-02-22, 12:10   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B18 شرح

السلام عليكم تلاحظون أن الجملة دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة
قد أعيدت عدة مرات أنا أسف نسيت ان أحذفها إنها l en tete.


















دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

قائمة المراجع

أولا : القوانين و النصوص التنظيمية
1- القوانين:
1- القانون رقم 05/04 المؤرخ في 27 ذي الحجة عام 1425 الموافق لـ 6 فبراير 2005، المتضمن قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
2- الأمر رقم 72/02 المؤرخ في 25 ذي الحجة عام 1391 الموافق لـ 10فبراير 1972ّ، المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين.
3- الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966، المتضمن قانون الإجراءات الجزائية.


2- النصوص التنظيمية:
1- المرسوم التنفيذي رقم 05/180 المؤرخ في 17 ماي 2005، يحدد تشكيلة لجنة تطبيق العقوبات وكيفيات سيرها، جريدة رسمية 35 لسنة 2005.
2- المرسوم التنفيذي رقم 05/181 المؤرخ في 17 ماي 2005، يحدد تشكيلة لجنة تكييف العقوبات وتنظيمها و تسيرها.
3- المرسوم التنفيذي رقم 05/429 مؤرخ في 8 نوفمبر 2005، يحدد تنظيم اللجنة الوزارية المشتركة لتنسيق نشاطات إعادة تربية المحبوسين وإعادة إدماجهم الإجتماعي و مهامها
وتسييرها.
4- المرسوم التنفيذي رقم 05/430 المؤرخ في 8 نوفمبر 2005، يحدد وسائل الإتصال عن بعد و كيفيات استعمالها من المحبوسين.
5- المرسوم التنفيذي رقم 05/431 المؤرخ في 8 نوفمبر 2005، يحدد شروط و كيفيات منح المساعدة الإجتماعية و المالية لفائدة المحبوسين المعوزين عند الإفراج عنهم.
6- المرسوم التنفيذي رقم 07/67 المؤرخ في 19 فيفري 2007، يحدد كيفيات تنظيم و سير المصالح الخارجية لإدارة السجون المكلفة بإعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين.
7- قرار رقم 25 المؤرخ في 31 ديسمبر 1989، المتضمن النظام الداخلي للمؤسسات العقابية.

ثانيا:الـكـتـب
1- د. رؤوف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي، دار الفكر العربي، الطبعة الرابعة، 1979.
2- أ. محمد صبحي نجم، المدخل إلى علم الإجرام وعلم العقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، 1988.
3- د.عبد المنعم العوضي، المبادئ العلمية لدراسة الإجرام والعقاب، دار الفكر العربي، 1985.

دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

4- د. مصطفى عبد المجيد كاره، السجن كمؤسسة اجتماعية، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية و التدريب، الرياض، 1987.
5- د. عبد الله خليل و أمير سالم، قوانين ولوائح السجون في مصر، مركز الدراسات
والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، الطبعة الأولى، مصر، 1990.
6- د. علي عبد القادر القهوجي، علم الإجرام والعقاب، الدار الجامعية، 1995.
7- د. إسحاق إبراهيم منصور، الموجز في علم الإجرام والعقاب، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثالثة، الجزائر، 1989.
8- أ. عثامنية لخميسي، عولمة التجريم والعقاب، دار هومه للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر،2006.
9- أ. طاشور عبد الحفيظ، دور قاضي تطبيق الأحكام القضائية الجزائية في سياسة إعادة التأهيل الإجتماعي في التشريع الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2001.
10- د. أندرو كويل، دراسة حول حقوق الإنسان في إدارة السجون، نشر المركز الدولي لدراسات السجون، لندن، المملكة المتحدة، 2002.
11- الندوة الوطنية حول إصلاح العدالة، وزارة العدل، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2005.
12- الملتقى الدولي حول عصرنة قطاع السجون في الجزائر، وزارة العدل، المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة التربية، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2004.
13- نشرة القضاة، وزارة العدل، مديرية الدراسات القانونية والوثائق، الجزء الأول، العدد 61، الديوان الوطني للأشغال التربوية، 2006.
14- Bettaher Touati, organisation et système pénitentiaire en droit Algérien ,1 édition, office national des travaux éducatifs, 2004.

ثالثا: الـمـحاضرات
1- محاضرة بعنوان السياسة العقابية الجديدة في ظّل الإصلاحات، ألقيت خلال الأبواب المفتوحة على العدالة، أيام 25، 26، 27، أفريل 2006، من تنظيم إدارة السجون.
2- محاضرات ألقيت خلال الندوة الوطنية لإصلاح العدالة، المنعقدة بمجلس قضاء غرداية، سبتمبر 2004.
3- محاضرة بعنوان نظام السجون في الجزائر، للأستاذ بن عيسى علي مدير فرعي بالمديرية العامة لإدارة السجون، ملقاة على طلبة الشرطة بعنابة.
4- محاضرة بعنوان: هل الإنتكاسات فشل لإعادة الإدماج الإجتماعي ؟، للأستاذ أحمد غاي، ألقيت خلال المنتدى الوطني الأول حول دور المجتمع المدني في إعادة الإدماج الإجتماعي للمحبوسين، بالجزائر، نوفمبر 2005.
5- محاضرات حول تصنيف السجناء في قانون تنظيم السجون و إعادة التربية الجزائري، ملقاة على طلبة كلية الحقوق في بغداد، سنة 1993.


دور المؤسسة العقابية في ظل السياسة العقابية الجديدة

6- إصلاح السجون حصيلة وآفاق، من إعداد الأستاذة: عبدون، مديرة فرعية بإدارة السجون سنة 2007.
7- المحاضرات الملقاة على الطلبة ضباط إعادة التربية، بالمدرسة الوطنية لإدارة السجون،
و ملحقتها بالمسيلة، للسنة الدراسية 2005/2006.

رابعا:الـمـجلات
1- رسالة الإدماج، مجلة دورية تصدر عن المديرية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، العدد الأول، مارس 2005.
2- رسالة الإدماج، العدد الثاني، أوت 2005.
3- رسالة الإدماج، العدد الثالث، جويلية 2006.
4- الأمن والحياة، مجلة أمنية ثقافية إعلامية، تصدر عن أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، العدد991، مارس 1999.
5- الأمن و الحياة، العدد 206، نوفمبر 1999.










قديم 2011-02-22, 18:44   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل خير أخي ياسين










قديم 2011-08-01, 11:28   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
niboul
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية niboul
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكور
على المجهود










قديم 2011-08-01, 21:38   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
bouabdellah42
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك الاخ ياسين 414 موضوع رائع جزاك الله خيرا










قديم 2011-08-01, 21:40   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
bouabdellah42
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

التطبيقات المعاصرة
لبدائل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة

د. أحمد لطفي السيد مرعي*

ظهر في الفقه الجنائي اتجاه توفيقي في شأن العقوبات السالبة للحرية ، وخاصة قصيرة المدة منها , والتي تتصل بحالات الإجرام متوسط الخطورة ، فلا يتجاوز إلى حد المناداة بإلغائها ، ولا يبقي أسيراً لها فيقبلها بحالها دون ما تعديل. فهو اتجاه يعمل على التقليل بقدر الإمكان من مساوئ هذه العقوبة والتخفيف من أثارها الضارة. لذا يدعو هذا الاتجاه إلى استعمال العديد من البدائل العقابية التي تحل محل العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة متى كانت ظروف الجريمة وشخصية المجرم توجب هذا. فإن رأت المحكمة أن هذا البديل لا يجدي في مواجهه حاله إجرامية معينه كان لها أن تقضي بالعقوبة السالبة للحرية رغم قصر مدتها.

فهذه البدائل من قبيل نظم المعاملة العقابية التفريدية المقررة تشريعياً لتكون بين يدي القاضي ، إن شاء أعملها إذا استدعت ظروف الجريمة ذلك ، وإن شاء قضى بالعقوبة السالبة للحرية أياً كانت مدتها. وفي الحقيقة فإن هذه البدائل متنوعة ، وسوف نعطي بعض التفصيلات عن تلك الأنظمة التي تعاقبت التشريعات كافة ، والغربية منها خاصة ، على الأخذ بها.

1- إيقاف التنفيذ (تعليق تنفيذ الأحكام علي شرط) :
يعد إيقاف التنفيذ Le sursis من أقدم البدائل التي لجأت إليها التشريعات للتخفيف من الآثار السلبية للعقوبة السالبة للحرية. ويقصد بهذا البديل السماح للقاضي بأن يصدر حكمة بالعقوبة مع تضمين هذا الحكم أمراً بتعليق تنفيذها لمده معينة ، وذلك حال توافرت ظروف معينة من حيث نوع الجريمة ، وشخصية المجرم ، ومدة العقوبة المحكوم بها. فإذا كان الحكم صادراً بالغرامة أمتنع أدائها , وإذا كان صادراً بعقوبة سالبة للحرية أفرج عن المحكوم عليه وترك حراً . فإذا ما أنقضت المدة الموقوف تنفيذ الحكم خلالها دون أن يلغي إيقاف التنفيذ سقط الحكم بالعقوبة وأعتبر كأن لم يكن , وإلا نفذت العقوبة الموقوف تنفيذها مع العقوبة الجديدة. فكأن إيقاف التنفيذ هو تعليق العقوبة المحكوم بها على شرط واقف خلال مدة معينة يحددها القانون , فإذا لم يتحقق الشرط أعفى المحكوم عليه من تنفيذها نهائيا , أما إذا تحقق الشرط ألغى إيقاف التنفيذ , ونفذت العقوبة المحكوم بها.

والحكمة من هذا النظام تظهر بوضوح في حالات الإجرام بالصدفة الناشئ عن ضغوط بعض الظروف الاجتماعية على الشخص فتدفعه إلى ارتكاب الجريمة. فهذا النوع من الأجرام غير المتأصل في نفس من يرتكبه , يعود إلى ظروف خارجة في العادة عن إرادة الجاني. ومن ثم فإن السياسة العقابية الحديثة توجب منع المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة - عن جريمة حدثت لظروف اجتماعية خارجة عن إرادة الجاني وللأسباب لا ترجع لتأصل عوامل الشر والأجرام بداخله - من مخالطة غيرة من عتاة الإجرام في السجن , فكان الأخذ بفكرة إيقاف التنفيذ.

وقد ظهر هذا النظام أول ما ظهر في أوربا ، وبالتحديد في القانون البلجيكي عام 1888 ، ثم تبناه المشرع الفرنسي بالقانون الصادر في 26 مارس عام 1891 (قانون برنجيه Bérenger) ، ومنه – تحت تأثير الانتماء لذات العائلة القانونية - انتقل إلى التشريع المصري بدءً من قانون العقوبات الصادر في عام 1904. ويكاد لا يوجد تشريع عقابي معاصر لا يسمح بتلك الرخصة للقاضي ، إفادة لصنف من المجرمين متوسطي وعديمي الخطورة الإجرامية.

2- الوضع تحت الاختبار (الاختبار القضائي):
يقصد بالوضع تحت الاختبار La mise à L’ épreuve عدم الحكم علي المتهم بعقوبة ما , مع تقرير وضعه مدة معينة تحت إشراف ورقابة جهات معينة. فإذا مرت تلك المدة ووفى المحكوم عليه بالالتزامات المفروضة عليه فإن الحكم الصادر بالإدانة يعتبر كأن لم يكن. أما إذا أخل المحكوم عليه بهذا الالتزام خلال المدة فإنه يتعين استئناف إجراءات المحاكمة والحكم علي المتهم بالعقوبة . فكأن نظام الاختبار القضائي أو الوضع تحت الاختبار يتضمن إيقاف مؤقت لإجراءات المحاكمة عند حد معين وإرجاء النطق بالحكم إلي فترة لاحقة ، مع إخضاع المتهم خلال تلك الفترة إلي عدد من الالتزامات التي يمكن أن يترتب على الإخلال بها أن تسلب حريته . فهو نظام يحقق الدفاع عن المجتمع عن طريق حماية نوع من المجرمين المنتقين بتجنيبهم دخول السجن وتقديم المساعدة الإيجابية لهم تحت التوجيه والإشراف والرقابة .

ولقد نشأ هذا النظام أولاً في الدول ذات النظام الأنجلوأمريكي. فطبق في إنجلترا عام 1820 بهدف إنقاذ الأحداث الجانحين من دخول المؤسسات العقابية. وكان يجوز لقاضي الصلح Judge of Peace أن يلزم من ارتكب جريمة ما تخل بالأمن العام أن يكتب تعهداً يلتزم فيه باحترام الأمن وأن يسلك سلوكاً حسناً مقابل إطلاق سراحه. فإن خالف ذلك أمكن توقيع عقوبة عليه أو إبدالها بمبلغ من المال. ثم أستبدل بهذا التعهد فيما بعد إجراءات رقابية وإشرافية من قبل الشرطة للتحقق من سلوك المتهم , وكانت هذه هى بداية ظهور نظام الوضع تحت الاختبار بمعناه الدقيق.

وقد أخذت بعض الولايات الأمريكية بفكرة الوضع تحت الاختبار The Probation ، منها ولاية ماساشوشتس عام 1841 ، إلى أن أقر القانون الفيدرالي هذا النظام بصفه عامة في عام 1925. ومن دول القانون العام إلى الدول الأوروبية أنتقل هذا النظام فأخذ به التشريع الألماني عام 1953 والفرنسي عام 1957.
ويتعلق نظام الوضع تحت الاختبار بفئة المجرمين الذين يقتضي إصلاحهم إبعادهم عن محيط المؤسسات العقابية. أي فئة من المجرمين يعتقد من خلال ظروفهم وفحص شخصيتهم أنهم قابلين للإصلاح وعدم العودة لسبيل الجريمة دون الخضوع لعقوبة سالبة للحرية . وعلى هذا فلا ينظر لنوع الجريمة المرتكبة أو لجسامة الواقعة بقدر ما ينظر إلى شخصية المحكوم عليه ، ومدى إمكانية تأهيله في الوسط الحر - أي خارج السجن - ومدى استعداده لتنفيذ الالتزامات المفروضة عليه ، حتى يكون في مأمن من تنفيذ عقوبة سالبة للحرية عليه إذا ما أخل بتلك الالتزامات.

وتتنوع الالتزامات التي تفرض على الخاضع للاختبار بين تدابير مساعدة تستهدف مساندة الجهود التي يبذلها الخاضع للاختبار في سبيل تأهيله اجتماعياً. وقد تأخذ تدابير المساعدة صورة معنوية ، كإلزامه بحضور جلسات دينية وعلمية معينة ، وقد تأخذ صورة مادية كإعانته بمبلغ نقدي أو مده بعمل مهني معين. وقد تكون التدابير ذات طابع رقابي تستهدف كفالة احترام الخاضع للاختبار للالتزامات المقررة وتمكينه من الاندماج في البيئة الاجتماعية. ومثال ذلك إلزامه بالإقامة في مكان معين ، أو إلزامه بتقديم مستندات معينة إلى مأمور الاختبار Agent de probationأو إلى الشخص القائم برقابته كي يتعرف منها على موارد رزقه وعلى الأشخاص الذين يخالطونه.

كما قد تأخذ الالتزامات صور سلبية أخرى كالامتناع عن ارتياد بعض أماكن اللهو ، والامتناع عن الاشتراك في بعض المسابقات والأنشطة الفنية والرياضية ، أو الامتناع عن قيادة وسائل معينة من وسائل النقل.

ويجوز للقاضي (قاضي تنفيذ أو تطبيق العقوبات Juge d’exécution ou d’application des peines) أو لمأمور الاختبار أن يضيف إلى هذه الالتزامات كلما دعت الحاجة إلى ذلك ، وكلما ثبت أن الالتزامات المفروضة لم تعد كافية لتحقيق تأهيل المحكوم عليه وإصلاحه أو لم تعد تتلاءم مع شخصية هذا الأخير.

وتجري الرقابة من قبل أشخاص يمثلون فئة من معاوني القضاء (ضباط الاختبارAgents de probation). فلقد ثبت أن الخاضع للاختبار لا يمكنه من تحقيق التأهيل لنفسه ، إنما هو دائماً في حاجة إلى معاونة من قبل أخصائيين مؤهلين ومدربين علمياً ومهنياً على تقديم النصح والإرشاد للخاضع للاختبار وقادرين على إقناعه بأهمية هذا النظام في الإصلاح والتأهيل. ويجرى عمل ضباط الاختبار تحت رقابة القضاء (قاضي تنفيذ أو تطبيق العقوبات) حتى نضمن عدم المساس بحريات وحقوق الأفراد أو التعسف في تقيدها بدون مبرر أو مقتضى.

3- وقف التنفيذ المقترن بالوضع تحت الاختبار :
فضلاً عن نظام وقف التنفيذ البسيط Le sursis simple ، يعرف التشريع الفرنسي نظام الجمع بين إيقاف التنفيذ والوضع تحت الاختبارLe sursis avec la mise à l’épreuve (المواد من 738 إلى 747 إجراءات جنائية فرنسي). ووفق هذا النظام يجوز للقاضي أن يحكم بالعقوبة الجنائية مع إيقاف تنفيذها مدة معينة في خلالها يخضع الموقوف تنفيذ العقوبة قبله لعدد من القيود والالتزامات .

والواقع أن هذا الجمع أريد به تفادي ما قيل في شأن نظام إيقاف التنفيذ البسيط من كونه يقتصر على القيام بدور سلبي محض ، هو مجرد التهديد بتنفيذ العقوبة في المحكوم عليه إذا صدر عنه ما يجعله غير جدير بإيقافها ، دون أن يخضع الموقوفة ضده العقوبة لنوع من تدابير المساعدة أو الرقابة. فالمحكوم عليه في حالة إيقاف التنفيذ العادي يترك وشأنه دون إعانته ومساعدته على مقاومة العوامل الإجرامية الكامنة داخله أو المحيطة به.

وترجع بدايات هذا النظام إلى عام 1952 عندما قدمت الحكومة الفرنسية مشروع قانون يهدف إلى الأخذ بنظام الوضع تحت الاختبار مقترناً بإيقاف التنفيذ. وقد تم إقرار هذا القانون من قبل الجمعية الوطنية عام 1957 وتم إدماجه في قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي في المواد 738 وما بعدها ، والتي أعيد الأخذ بها في قانون العقوبات الفرنسي الجديد في 22 يوليو 1992 (المواد 132–40 إلى 132–53) بعد إجراء بعض التعديلات الطفيفة .

ويختلف نظام الجمع بين وقف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار الفرنسي عن نظام الوضع تحت الاختبار العادي المعروف خصوصاً في النظام الأنجلوأمريكي. ففي نظام الجمع الفرنسي يفترض أن يقرر القاضي الإدانة والعقوبة مع إيقاف تنفيذها وإخضاع المحكوم عليه لعدد من القيود والالتزامات خلال مدة إيقاف العقوبة. أما في نظام الوضع تحت الاختبار الأمريكي فيقتصر دور القاضي على تقرير الإدانة فقط تاركاً الحكم بالعقوبة في مرحلة تالية عند إخلال المحكوم عليه بالالتزامات المفروضة عليه خلال مدة الوضع تحت الاختبار .

4- الإعفاء من العقوبة وتأجيل النطق بها :
جاهدت بعض التشريعات للحد من مثالب العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة بإتباع بعض وسائل المعاملة العقابية التي تتمثل في العفو عن العقوبة أو في تأجيل النطق بها La dispense de peine et de l’ajournement. وإلى هذين النظامين ذهب المشرع الفرنسي في قانون العقوبات الفرنسي الجديد. فقد أجازت المادة 132–59 لمحكمة الجنح أن تعفي المتهم من العقوبات إذا تبين أن تأهيل المتهم قد تحقق ، وأن الضرر الناتج عن الجريمة قد عوض ، وأن الاضطراب الذي أحدثته الجريمة قد توقف. كما أجاز المشرع الفرنسي تأجيل النطق بالعقوبة ، ولهذا التأجيل صور ثلاث :
*- فإما أن يكون هذا التأجيل بسيطاً Ajournement simple إذا ظهر أن المتهم في سبيله إلى التأهيل وأن الضرر الناجم عن الجريمة في سبيله للإصلاح وأن الاضطراب الذي أحدثه الجريمة على وشك التوقف. ويشترط في جميع الأحوال حضور الشخص بنفسه أمام المحكمة أو ممثله إذا كان شخصاً معنوياً (م 132–60).
*- كما قد يكون التأجيل مع الوضع تحت الاختبار Ajournement avec mise à l’épreuve. فيجوز للمحكمة في مواجهة المتهم الحاضر للجلسة أن تؤجل النطق بالعقوبة تجاهه مع إخضاعه لعدة من القيود والالتزامات وفقاً لما هو معمول به في نظام الوضع تحت الاختبار (المواد 132–43 إلى 132–46 من قانون العقوبات). وتكون مدة الوضع تحت الاختبار سنة على الأكثر. ويجوز للمحكمة أثناء تلك المدة أن تعفي المتهم من العقوبة نهائياً أو أن تنطق بها أو تؤجل النطق بها لمدة أخرى. على أنه يجب الفصل في أمر العقوبة خلال سنة من أول تأجيل.
*- وأخيراً هناك نظام التأجيل مع الأمر .Ajournement avec injonction ويتعلق هذا النظام بالأحوال التي توجد فيها قوانين ولوائح خاصة تفرض عقوبات معينة نتيجة الإخلال بالتزام معين. في تلك الحالة يجوز للقاضي الجنائي أن يؤجل النطق بالعقوبة المفروضة في تلك القوانين واللوائح مع إلزام المحكوم عليه بتنفيذ الالتزام الوارد في القانون أو في اللائحة.وهذا يفرض على المحكمة أن تحدد في الأمر طبيعة الالتزامات والتعليمات التي يجب الامتثال لها والقيام بتنفيذها ، وكذلك يفرض عليها أن تحدد ميعاد للتنفيذ يختلف عن ميعاد التأجيل (م132–66). ولا يصدر الحكم بالتأجيل مع الأمر إلا في الجنح والمخالفات دون الجنايات ، ولا يشترط فيه حضور المتهم أو ممثل الشخص المعنوي. ويجوز للمحكمة أن تصدر التأجيل مع الأمر مقروناً بغرامة تهديدية إذا كان القانون أو اللائحة الذي تمت مخالفته يقرر ذلك. ويمتنع تنفيذ هذه الغرامة إذا نفذ المحكوم عليه الالتزامات المقررة في القانون أو في اللائحة (م 132–67). وكبقية أنواع التأجيل فإن التأجيل مع الأمر يتقرر لمدة سنة على الأكثر. غير أن هذه المدة - على خلاف الأنواع الأخرى من التأجيل - لا تمتد إذا تم تحديدها من قبل المحكمة (م132–68). فإذا تم تنفيذ التعليمات الواردة بالأمر في الميعاد المحدد فإن للمحكمة الحق في أن تعفي المتهم من العقوبة المقررة في القانون أو اللائحة أو تؤجل مرة ثانية النطق بها. أما إذا حدث تأخير في التنفيذ فإن للمحكمة أن تعفي من الغرامة التهديدية مع تطبيق العقوبات الواردة بالقانون أو اللائحة. فإذا لم يتم التنفيذ نهائياً فإن للمحكمة أن تعفي من الغرامة التهديدية إذا كان لذلك محل وتقضي بالعقوبات المقررة ، ولها أن تأمر بمتابعة التنفيذ على نفقة المحكوم عليه (م 132–68).

5- نظام شبه الحرية :
يقصد بنظام شبه الحرية Régime de semi-liberté إلحاق المحكوم عليه بعقوبة قصيرة المدة بعمل خارج المؤسسة العقابية دون إخضاعه لرقابة جهة الإدارة ، مع إلزامه بالعودة إلى المؤسسة العقابية كل مساء وقضاءه فترة العطلات فيها ، كل ذلك طيلة مدة العقوبة . وعادة ما يكون هذا النظام أسلوباً تدريجياً يلجأ إليه بشأن المحكوم عليهم الذين قرب موعد الإفراج عنهم ، أو من أجل تمكين المحكوم عليهم من متابعة دراسة معينة أو مهنة معينة ، أو الخضوع لعلاج معين أو المشاركة في حياته الأسرية (م 132–26 عقوبات فرنسي) . وبهذا النظام أخذ المشرع الفرنسي ، إذ أجاز تطبيق نظام شبة الحرية على المحكوم عليهم الذين بقي على إتمام عقوبتهم مدة لا تزبد على سنة (م132–25). ويخضع المحكوم عليه في هذا النظام لذات الأوضاع التي يعمل فيها أي عامل حر غير محكوم عليه. وبالتالي فهو يخضع لعقد عمل حقيقي ولمظلة التأمين الاجتماعي. غير أن الخاضع لهذا النظام لا يتقاضى أجره من رب العمل مباشرة ، وإنما يتقاضاه من مدير السجن. على أن يستقطع من هذا الأجر مبلغاً يخصص للمحكوم عليه بعد انتهاء فترة شبه الحرية ، ويخصص لتعويض المضرور من الجريمة (المدعي بالحق المدني) فيما لا يجاوز نسبة 10%.

وبالإضافة إلى التزام الخاضع لنظام شبة الحرية بالعودة إلى المؤسسة العقابية عقب انتهاء فترة العمل بالخارج ، فإن هناك عدد آخر من الالتزامات قد تفرض عليه من قبل قاضي تطبيق العقوبات ، لا تخرج في مجموعها عن الالتزامات التي سبق وأن أشرنا لها عند الحديث عن نظام وقف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار ، باستثناء ما يتفق مع طبيعة هذا النظام. ومثال ذلك إلزام المحكوم عليه بمراعاة ساعات الخروج والعودة التي يقررها القاضي ومراعاة الضوابط المحددة بمعرفة وزارة العدل بشأن حسن الهيئة والهندام والمسلك الشخصي والانتظام في العمل وعدم التخلف عنه بدون عذر.

ومما لا شك فيه أن نظام شبة الحرية يضمن تحقيق العديد من المزايا بالنسبة للمحكوم عليه. فهذا النظام يجنب المحكوم عليه الاختلاط بالسجناء نظراً لتغيبه طيلة فترة النهار ، وبالتالي فإنه يتجنب عدوى الجريمة ممن هم أشد منه خطورة. كما أن النظام يضمن للمحكوم عليه عدم الانفصام عن بيئته الطبيعية ، فهو يضمن له الاستمرار في الدراسة ومتابعة أسرته ومتابعة نشاطه المهني. وعلى الرغم من تلك المزايا فإن تطبيقه يواجه العديد من الصعوبات ، حيث من المتعذر غالباً أن يجد المستفيد من نظام شبه الحرية عملاً مناسباً نظراً لفقد الثقة القائمة بشأنه من قبل أرباب الأعمال. فضلاً عن أن اتصال المحكوم عليه بالعالم الخارجي واختلاطه ليلاً بعد العودة من العمل بأقرانه في المؤسسة العقابية سيساعد على دخول الأشياء الممنوعة داخل السجن ، ولا يمكن مواجهة ذلك إلا بفصل المستفيدين من نظام شبة الحرية عن بقية النزلاء داخل المؤسسة العقابية.

وتفادياً لتلك الصعوبات كانت بعض الدول قد طورت نظام شبة الحرية ، آخذةً ما يعرف بنظام "حبس نهاية الأسبوع"Arrêt de fine de semaine ، وبهذا أخذ المشرع البلجيكي طبقاً للمنشور الصادر عن وزارة العدل بتاريخ 15 فبراير 1963. ويتمثل هذا النظام في إيداع المحكوم عليه السجن بعد ظهر يوم السبت وحتى السادسة من صباح الاثنين ، على ألا يزيد حبس نهاية الأسبوع على ثلاثين مرة ، وعلى أن تحسب كل مرة بيومين حبس. بمعنى آخر فإن العقوبة يجري تنفيذها على أجزاء ، كل أسبوع ينفذ المحكوم عليه يومين من أيام الحبس مضافا إليها أيام العطلات ويستمر هذا النظام إلى حين انقضاء العقوبة كاملةً.

6- العمل للصالح العام :
من أجل تدارك عيوب العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة ، أخذ المشرع الفرنسي - في قانون العقوبات الفرنسي الجديد - بنظام العمل للصالح العام Le travail d’intérêt général (م131–8 عقوبات). ويتقرر هذا النظام بشأن المتهمين المحكوم عليهم في مواد الجنح بعقوبة الحبس أياً كانت مدته. وكذلك يستفيد من هذا النظام المتهمين الذين صدرت ضدهم أحكاماً بالإدانة خلال الخمس سنوات السابقة على الجريمة. بمعنى أن المشرع لا يأخذ في اعتباره الماضي الإجرامي للمتهم Le passé pénal du prévenu، مما يعطي مساحة تقديرية أكبر للقاضي ، الذي يمكن له بالتالي أن يقرر نظام العمل للصالح العام في حالات لا يمكن الأخذ فيها بنظام إيقاف التنفيذ.

ويطبق هذا النظام على البالغين وعلى الأحداث البالغ عمرهم ست عشر سنة فأكثر. وكذلك جعل المشرع الفرنسي مدة العمل واحد في شأن البالغين وفي شأن الأحداث بحيث تصل لكلاهما إلى 240 ساعة عمل كحد أقصى. ولا يتقرر العمل للصالح العام إلا إذا كان المتهم حاضراً بالجلسة وقبله حين عرض عليه من جانب رئيس المحكمة. وفي حالة قبول المتهم لهذا البديل عن الحبس تحدد المحكمة المدة التي يتعين أداء العمل خلالها ، بما لا يجاوز ثمانية عشر شهراً ، كما تحدد مدة ساعات العمل المحكوم بها ، وهي تتراوح بين 24 ساعة و 240 ساعة سواء بالنسبة للبالغين والأحداث. وهذا العمل لا يتقرر مع الحبس إذ أنه بديل عنه. كما أنه يتقرر دون مقابل Travail non Rémunéré لما للعمل للصالح العام من معنى الجزاء الجنائي.

ويجرى تنفيذ العمل للصالح العام تحت إشراف قاضي تنفيذ العقوبات الذي يقع في دائرته محل إقامة المحكوم عليه. ويتقيد العمل للصالح العام بكافة القيود التشريعية واللائحية المنصوص عليها بشأن العمل عموماً ، كتلك المتعلقة بأوقات العمل وجوانب الأمن الصناعي وعمل النساء والعمل الليلي ...الخ (م 131–23 عقوبات فرنسي). ويستفيد المحكوم عليه أثناء القيام بالعمل للصالح العام من كافة أحكام قانون الضمان الاجتماعي فيما يتعلق بحوادث العمل والأمراض المهنية. وإذا ما سبب العمل للصالح العام ضرراً للغير فإن الدولة تحل بقوة القانون في حقوق المجني عليه أو المضرور ، ولها أن تقيم دعوى المسئولية ودعوى الرجوع قبل المحكوم عليه (م 131–24). ويجرى تحديد الأعمال التي يمكن القيام بها للصالح العام عن طريق مشاورات بين التجمعات العامة والأهلية وقاضي تطبيق العقوبات وأعضاء المجلس الإقليمي للوقاية من الإجرام Le conseil départemental du prévention de la délinquance. وعادة ما تتصل هذه الأعمال بتحسين البيئة الطبيعية ، كإعادة غرس الغابات وإصلاح وترميم الآثار التاريخية وإنارة الطرق ونظافة الشواطئ وأعمال التضامن ومساعدة المرضى والمعاقين.

ويمكن إخضاع المحكوم عليه بالعمل للصالح العام لعدد من تدابير الرقابة والمساعدة التي سلف وأشرنا إليها في معرض حديثنا عن نظام إيقاف التنفيذ مع الوضع تحت الاختبار.

وإذا ما تم تنفيذ العمل المحدد للمحكوم عليه ، فإن جهة العمل ، أي الجهة التي تم العمل لصالحها تخطر قاضي تنفيذ العقوبات أو مأمور الاختبار بهذا وتسلم المحكوم عليه شهادة تفيد تنفيذ العمل. أما إذا أخل المحكوم عليه بالعمل الموكول إليه تنفيذه ، أو أخل بأحد الالتزامات المصاحبة للعمل أمكن عقابه عن جنحة عدم مراعاة الالتزامات الناشئة عن العمل للصالح العام المنصوص عليها بالمادة 434–42 عقوبات ، والتي يتقرر لها عقوبة الحبس سنتان وغرامة مائتي ألف فرنك.

8- نظام تقسيط العقوبات :
أخذ المشرع الفرنسي بنظام تقسيط العقوبات Fractionnement des peines في قانون العقوبات الجديد في المادة 132–27 التي تقرر أنه "يجوز للمحكمة في مواد الجنح وللأسباب جدية طبية أو عائلية أو مهنية أو اجتماعية ، أن ينفذ الحبس المحكوم به لمدة سنة على الأكثر بالتقسيط ، خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات ولا تقل مدة كل تقسيط عن يومين". ويظهر من هذه المادة أن نظام تقسيط العقوبات لا يسري إلا بشأن الجنح دون الجنايات ويصدر القرار به من المحكمة المختصة وليس من قاضي تطبيق العقوبات. ونلحظ أن هذا النظام يقترب في مجموعه من النظام البلجيكي المعروف باسم "حبس نهاية الأسبوع" سالف الإشارة إليه.

8- الوضع تحت المراقبة الالكترونية :
أصدر المشرع الفرنسي قانون في 19 ديسمبر 1997 من أجل استحداث المواد 723/7 إلى 723/12 في قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي بغية ابتداع بديل آخر من بدائل العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة ، ألا وهو نظام الوضع تحت المراقبة الالكترونية Le placement sous surveillance électronique ، وذلك بعد نجاح تجربته في دول أخرى ، كالولايات المتحدة ، والسويد ، وبريطانيا ، وهولندا ، وكندا. ويقوم هذا النظام على ترك المحكوم عليه بعقوبة سالبة قصيرة المدة طليقاً في الوسط الحر مع إخضاعه لعدد من الالتزامات ومراقبته في تنفيذها الكترونياً عن بعد. وقد بدأت تجربة هذا النظام في عام 2000 في أربع مؤسسات عقابية ، ثم في تسع في أول أكتوبر 2002، واستفاد منه 393 محكوم عليه. ثم أصدر المشرع قانون توجيه وتنظيم العدالة loi d’orientation de programmation pour la justice في 9 سبتمبر 2002 بهدف تعميم هذا النظام تدريجياً على ثلاث سنوات بحيث يستفيد منه 400 محكوم عليه في البداية ويضاف مئة مستفيد كل شهر للوصول لثلاثة آلاف محكوم عيه نهاية عام 2006 .

ويشترط للاستفادة من هذا النظام ألا تكون مدة العقوبة المطلوب تنفيذها أو المتبقية أكثر من عام ، ويجري تطبيقه بعد موافقة المحكوم عليه بناء على أمر من قاضي التنفيذ أو بناء على طلب النائب العام أو طلب من المحكوم عليه ذاته (م. 723-9). والخاضع لهذا النظام يلزم بعدم التغيب عن محل إقامته أو أي مكان آخر يحدده القرار الصادر من قاضي التنفيذ خلال ساعات معينه من اليوم ، بما يتفق مع الوضع الأسري والمهني للمحكوم عليه. ويراقب تنفيذ تلك الالتزامات الكترونياً عن طريق ارتداء المحكوم عليه أسورة الكترونية Bracelet-ématteur في كاحله تقوم بإرسال إشارة مداها 50 متراً كل 30 ثانية. وتستقبل تلك الإشارات على جهاز Récepteur مثبت في مكان يحدده قاضي تطبيق العقوبات ويتصل بمركز المتابعة الموجود في المؤسسة العقابية عن طريق خط تليفون. كما قد يجرى التحقق من احترام الالتزامات المفروضة عن طريق زيارات تجريها الإدارة العقابية للمحكوم عليه (م. 723-9). وإذا حدث وعطل المحكوم عليه أجهزة المراقبة الإلكترونية فإنه يعد مرتكباً للجريمة المنصوص عليه في المادة 349-29 ، ويكون ذلك سبباً لإلغاء قرار الوضع تحت المراقبة الالكترونية.

وفي ختام استعراضنا لتلك البدائل ، نهيب من جانبنا بالمنظم السعودي أن يسارع في الأخذ بهذه البدائل كي يتجنب مساوئ العقوبات السالبة للحرية ، وبالأخص قصيرة المدة منها ، والتي انتشرت في كافة النظم القضائية مع تفشي ظاهرة "تسعير العقاب" Système de trafication de la punition ، أي إصدار القضاء أحكام متماثلة في الجرائم المتماثلة دون اعتبار لشخصية المحكوم وظروفه ، وكذلك ما يسمى "عقدة الحد الأدنى" ، أي ميل القضاة إلى إصدار أحكام تقترب من الحد الأدنى للعقوبة .

وفي رأينا يجب أن يتواكب الأخذ ببديل أو أكثر من تلك البدائل مع انطلاق سياسة تشريعية نحو الحد من العقاب الجنائي Dépénalisation ، وبحيث يستعاض عن الطريق الجنائي بنمط عقابي ذو طبيعة مدنية أو إدارية ، مثلما أخذت به بعض الدول ، كألمانيا وإيطاليا ، واللذين تبنيا ما يعرف بفكرة قانون العقوبات الإداري Droit pénal administratif. ويمكن اعتماد تلك السياسة في الحالات التعزيرية التي لا تثبت فيها النزعة الإجرامية المتأصلة في نفس الجاني، كما هو الشأن بصدد الجرائم الاقتصادية والتجارية ، ومنها على الأخص جرائم الشيك. ويمكن أن يضاف إلى ذلك أيضاً جرائم البيئة ، وجرائم المباني ، وجرائم المرور...الخ.










قديم 2011-08-01, 21:47   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
bouabdellah42
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع أخر من مذكرات تخرج الطلبة القضاة الدفعة 2005 / 2008

تقدير الجزاء الجنائي في قانون العقوبات الجزائري
المقدمة

مقدمة

يعتبر تقدير الجزاء الجنائي أهم نقطة في العمل المنوط بالقاضي ويتمثل في العقوبة التي توقع على مرتكب الجريمة لمصلحة الهيئة الاجتماعية جزاءا له على مخالفة القانون و أوامره ,وأهم مبدأ تخضع له العقوبات بوجه عام هو شرعية وشخصية العقوبة فلا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون , و فكرة الألم لا تنفصل عن العقاب التي تميز العقوبة عن غيرها كتدابير الأمن ،الحبس الاحتياطي،التعويضات المدنية ،المصاريف القضائية ،و ارتباط الألم بالعقاب يكون بغير إفراط و لا تفريط في الانتقاص من بعض حقوقه الشخصية كالحق في الحياة و الحق في الحرية ...
و على هذا الأساس ليس الألم هو الغرض المقصود منها و إنما هو وسيلة إدراك الوظيفة الأساسية للعقوبة التي قررها المشرع،و المتمثلة أساسا في الردع سواء كان خاصا يمنع الجاني من العودة إلى ارتكاب الجريمة ،أو عاما إذ يمنع الغير من الاقتداء به ،و إرضاء شعور العدالة بما يجعلها مناسبة لحالة الجاني الفردية و لظروف الجريمة ،فهي قواعد مجردة تطبق أحكامها على الجميع دون استثناء ،كما أن العقوبة تكون محددة على النحو الذي يرضي شعور العدالة الاجتماعية ويكون المحكوم عليه في مأمن من تعسف المصالح المكلفة بتنفيذ العقوبة ’كما أن الحكم الجزائي القاضي بالإدانة والذي يكتسب قوة الشيء المقضي به لا يقبل أي تعديل و يتم قيد العقوبة الواردة به في صحيفة السوابق القضائية الخاصة بالفرد.
واعتمد المشرع الجزائري تقسيم العقوبات إلى أصلية و تكميلية وحدد سلم العقوبات الأصلية بالمادة خمسة منه, على حسب تدرج الخطورة الإجرامية للجرائم سواء كانت جنايات, جنح أو مخالفات.كما أنه يفرق بينما إذا كان الجاني شخصا طبيعيا أو معنويا, فبالنسبة للأول تتمثل فيما يلي:
بالنسبة للجنايات هي: الإعدام, السجن المؤبد, السجن المؤقت.
أما الجنح فهي: الحبس مدة تتجاوز شهرين إلى خمس سنوات ما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى, الغرامة التي تتجاوز 20.000 دج.
أما المخالفات فهي الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر,و الغرامة من 2000 إلى 20000 دج .
وفيما يتعلق بالعقوبات التكميلية نص عليها بالمادة 9 من قانون العقوبات كما نص بالمادة 9 مكرر على أنه في حالة الحكم بعقوبة جنائية تأمر المحكمة وجوبا بالحجر القانوني و المتمثل في حرمان المتهم المدان من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية .
أما بالنسبة للشخص المعنوي لم يميز قانون العقوبات بين العقوبات الأصلية المطبقة عليه في مواد الجنايات و الجنح وتلك المقررة في مواد المخالفات إذ حصرها في غرامة تساوي من مرة إلى خمس مرات الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا عندما يرتكبها الشخص الطبيعي . وقرر بالمادة 18 مكرر 2 انه إذا لم ينص على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي في الجنايات و الجنح فان الحد الأقصى للغرامة المحتسب يكون كالتالي: - 2000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو السجن المؤبد,
-1000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت,
-500000 دج بالنسبة للجنحة.
أما بالنسبة للعقوبات التكميلية فقد ميز بين الجنايات و الجنح من جهة بالمادة 18 مكرر و المخالفات من جهة أخرى هاته الأخيرة والتي لم يقرر لها عقوبات تكميلية.
وتجدر الإشارة أن تحديد المشرع للعقوبات المقررة قانونا كجزاء للجرائم المرتكبة لم يقيد من السلطة التقديرية للقاضي في اختيار العقوبة المثلى سواء كانت الجريمة المرتكبة واحدة أو إذا ارتكب الجاني عدة جرائم أو ما إذا كان عائدا أو مبتدئا و أعطى له الحرية في الإعفاء من العقوبة التخفيف منها أو تشديدها و أن يأخذ بعين الاعتبار سن الجاني وقت ارتكاب الجريمة هاته النقاط وغيرها سنعالجها في الفصلين الآتيين,الأول تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة , والثاني تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام من قبل الجاني ,
في قانون العقوبات الجزائري وبعض التشريعات المقارنة , إضافة لبعض القوانين الخاصة, كقانوني المخدرات وقانون الفساد ,وتم اعتماد المنهج التحليلي للمواد المتعلقة بالموضوع و تدعيمه بإجتهادات المحكمة العليا التي جاءت في هذا الشأن .





الخطة :
مقدمة :
الفصل الأول : تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
المبحث الأول : تخفيف العقوبة والإعفاء منها.
المطلب الأول : الأعذار القانونية .
المطلب الثاني : الظروف القضائية المخففة .
المبحث الثاني: الظروف الخاصة المشددة .
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة .
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للظروف الخاصة المشددة
بقانون العقوبات الجزائري
الفصل الثاني : تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
المبحث الأول : حالة العود من قبل الجاني
المطلب الأول :مفهوم العود.
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري .
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة
المطلب الأول : مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص
المطلب الثاني :التعدد وأثره في تقدير الجزاء
الخاتمة



الفصل الأول:
تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة




الفصل الأول: تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
إن القاضي يتمتع بحرية مطلقة في اختيار العقوبة المناسبة, و هو ما يعرف بنظام العقوبات القانونية إذ تعين العقوبة الخاصة بكل نوع من الجرائم وفي الوقت نفسه يعطى للقاضي الوسائل اللازمة لتنويع العقوبة وجعلها مناسبة لحالة المتهم المطروحة أمامه, ومظاهر هذه السلطة تتحدد بثلاثة أوجه إلا وهي الإعفاء من العقوبة ,التخفيف من العقوبة وتشديدها
المبحث الأول: تخفيف العقوبة والإعفاء منها:
وتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين :
المطلب الأول : الأعذار القانونية :
إن الأعذار التي تمس العقوبة حين تطبيقها من القاضي تكون إما معفية من العقوبة أو مخففة لمقدارها وفي كلتا الحالتين يتوجب عليه الأخذ بها ,ولقد نص عليها المشرع الجزائري بالمادة 52 من قانون عقوبات "على أنها حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة و المسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذار معفية و إما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة " فما هو مفهومها وما هي طبيعتها القانونية ؟
الفرع الأول : مفهوم الأعذار المعفية وطبيعتها القانونية :
هي أعذار تعفي من العقوبة شخص ثبت قضائيا أنه ارتكب جريمة وعليه يعفى الجاني من العقاب ليس بسبب انعدام الخطأ إنما لاعتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية و بالمنفعة الاجتماعية .
والأعذار المعفية من العقاب جاءت على سبيل الحصر إلا أنه قبل التطرق لشرحها تجدر الإشارة إلى التمييز بين الأعذار المعفية من العقوبة و أسباب الإباحة و موانع المسؤولية , فإذا كانت أسباب الإباحة تمحو الجريمة و موانع المسؤولية تمحو المسؤولية مع بقاء الجريمة فإن الأعذار المعفية لا تمحو الجريمة ولا المسؤولية و إنما تعفي فقط من العقاب ويترتب عليها الحكم ببراءة المتهم, وتترتب على هذه التفرقة النتائج التالية :
1- ليس للقاضي أن يقرر وجود أعذار معفية دون نص قانوني صريح يجيز له ذلك و على العكس من ذلك عليه أن يقرر وجود أسباب تبيح الفعل أوتعدم المسؤولية و لو لم ينص عليها القانون صراحة ,فالقانون خول القاضي حق بحث المسؤولية و بالمقابل مراعاة الوقائع و الظروف التي تنفيها.
2- لسلطات التحقيق البحث عن وجود قرائن كافية لإدانة المتهم ولها حق وقف الإجراءات وقفل التحقيق إذا تبين لها وجود أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسؤولية أما الأعذار فلا تدخل في تقدير هذه السلطات و لو كانت معفية لأنه ليس من وظيفتها تطبيق العقوبة .
3- في حالة وجود سبب من أسباب الإباحة تقدم المسؤولية وتبقى في حالة وجود عذر معفي من العقاب أو سبب من أسباب عدم المسؤولية الشخصية .
4- أسباب عدم المسؤولية الشخصية و الأعذار المعفية هي من الأحوال الخاصة بشخص الفاعل فلا يستفيد منها شركاءه في الجريمة بخلاف أسباب الإباحة التي تمحو الجريمة ويستفيد منها جميع من اشتركوا في ارتكابها.
5- يجوز الحكم بالمصاريف على من ثبت ارتكابه الجريمة التي اعفي من عقوبتها .
وللأعذار المعفية من العقوبة طابع إلزامي للعقوبة بالنسبة للقاضي إذ يتوجب على القاضي الأخذ به متى ثبت قيامها .
و استثناء هذه القاعدة أورد المشرع الجزائري في المادة 91 من قانون العقوبات بخصوص الجرائم الماسة بالدفاع الوطني إذ أجازت للقاضي أن يعفي أقارب أو أصهار الفاعل لغاية الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة.
يترتب عن ثبوت العذر المعفي من العقاب الحكم بالإعفاء من العقوبة عكس موانع المسؤولية التي تقتضي الحكم بالبراءة,ومن ثم لا يمكن إن يصدر الإعفاء إلا من جهة حكم, و هذا ما يجعل الأمر به غير جائز على مستوى التحقيق القضائي .
وهناك رأي مخالف لهذا الرأي إذ يرى انه إذا توافرت شروط الإعفاء يعفي الجاني من العقاب و بتوافره تحفظ النيابة الدعوى قطعيا أو ترفع الدعوى عليه لتفصل المحكمة في هذا المانع ,و في هذه الحالة تحكم المحكمة ببراءته إن رأت أن شروط الإعفاء متوافرة .
وإذا ثبت إذناب المتهم المعفى من العقاب فإنه يحكم عليه بمصاريف الدعوى القضائية كما أنه للطرف المدني أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه ولا يستفيد شركاءه من العذر الخاص به .
ومثال الأعذار المعفية التي يستفيد فيها الجاني و يفلت من العقاب ما نصت عليه المادة 179 من قانون العقوبات بأن من يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود الجمعية و ذلك قبل أي مشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق وقبل البدء في التحقيق .
وما نصت عليه المادة 199 من قانون العقوبات بالنسبة للذي يكشف للسلطات عن شخصية الجناة قبل إتمام الجنايات المنصوص عليها بالمادتين 197 و 198 من قانون العقوبات.وقبل البدء في أي إجراء من إجراءات التحقيق فيها أو سهل القبض على الجناة الآخرين حتى بعد بدء التحقيق فانه يستفيد من العذر المعفي بالشروط الواردة بالمادة 52 من قانون العقوبات ؛ وتجدر الإشارة إلى أن الإعفاء المقرر بالمادة 52 من قانون العقوبات لا يمنع من أن توقع على الجاني العقوبات التكميلية كالحرمان من الحقوق المدنية و المنع من الإقامة المادة 92 من قانون العقوبات أو المنع من الإقامة فقط المادة 199 الفقرة الثانية من قانون العقوبات ؛ والإعفاء من العقوبة لا يحول دون تطبيق تدابير الأمن وفي الحالتين المنصوص عليها بالمادة 92 و 199 الفقرة الثانية من قانون العقوبات, العقوبة جوازيه.
وأخير فان الإعفاء من العقوبة يجوز قيده بصحيفة السوابق العدلية.
الفرع الثاني : حالات الإعفاء من العقوبة في التشريع الجزائري :
نص المشرع الجزائري بقانون العقوبات على ثلاث حالات وتتمثل في :
الفقرة الأولى :عذر المبلغ :و يتعلق الأمر بمن ساهم في مشروع الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بان يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو عن هوية المتورطين فيها و خصوصا الجرائم التي يصعب الكشف عنها .
ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة 92 الفقرة الأولى بالنسبة لمن يبلغ السلطات الإدارية أو القضائية عن الجنايات و الجنح ضد امن الدولة قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها.
و ما نصت عليه المادة 177 من قانون العقوبات بالسجن من 5 إلى 10 سنوات كل شخص يشترك في جمعية أشرار و يعفى من العقاب الذي يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود هذه الجمعية و ذلك قبل الشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق و قبل البدء في التحقيق المادة 179 من قانون العقوبات , و ما جاءت به المادة 205 قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تقليد أختام الدولة أو استعمال الختم المقلد و المادة 199 من قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تزوير النقود ,وأضافت كذلك إذا سهل القبض على الجناة الآخرين حتى بعد انتهاء التحقيق .
الفقرة الثانية : عذر القرابة العائلية: ما نصت عليه المادة 91 من قانون العقوبات في فقرتها الأخيرة التي أعفت الأقارب و الأصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة و التجسس و غيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها الإضرار بالدفاع الوطني و جرائم إخفاء أو إتلاف أو اختلاس الأشياء و الأدوات و الوثائق التي استعملت أو ستستعمل في ارتكاب هذه الجرائم و أو من شانها تسهيل البحث عن هذه الجرائم أو اكتشافها .
الفقرة الثالثة :عند التوبة: و هو مقرر لمن أنبه ضميره فصحا بعد الجريمة و انصرف إلى محو أثارها بان أبلغ السلطات العمومية المختصة أو استجاب لطلبها قبل نفاذ الجريمة.
ومثال ذلك المادة 182 من قانون العقوبات الفقرة الثالثة التي أعفت من العقوبة من يعلم الدليل على براءة شخص محبوس و تقدم من تلقاء نفسه بشهادته أمام سلطات القضاء أو الشرطة, وإن تأخر في الإدلاء بها .
وكذلك ما نصت عليه المادة 217 من قانون العقوبات الفقرة الثانية عندما أعفت من العقوبة من أدلى بصفته شاهد أمام موظف بإقرار غير مطابق للحقيقة ثم عدل عنه قبل أن يترتب على استعمال المحرر أي ضرر للغير و قبل أن يكون هو نفسه موضوعا للتحقيق.
و كذلك ما جاء بنص المادة 92 من قانون العقوبات عندما أعفت من العقوبة من كان عضوا في عصابة مسلحة و لم يتولى فيها القيادة أو يقم بأي عمل أو مهمة و انسحب منها بمجرد صدور أول إنذار لهم من السلطات العسكرية أو المدنية أو سلموا أنفسهم إليها.
و نشير إلى بعض القوانين الخاصة التي أشارت إلى مثل هذا العذر مثل المادة 27 الأمر المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب, " يعفى من المتابعة كل من أعلم السلطات العمومية عن جرائم التهريب قبل ارتكابها أو محاولة ارتكابها "
و القانون المؤرخ في 20/02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته في المادة 49 منه "يستفيد من الأعذار المعفية من العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات , كل من ارتكب أو شارك في جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في قانون الفساد وقام قبل مباشرة إجراءات المتابعة بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية أو الجهات المعنية , عن الجريمة وساعد على معرفة مرتكبيها ".
ونشير هنا إلى أن المشرع الجزائري بالقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته اشترط أن يتم الإبلاغ قبل البدء في إجراءات المتابعة و أن يساعد المبلغ على معرفة مرتكبي هذه الجرائم .
والقانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية المؤرخ في 25/12/ 2004 يجيز بالمادة 8 منه للجهة القضائية المختصة الحكم بالإعفاء من العقوبة لصالح المستهلك و الحائز من اجل الاستعمال الشخصي و ذلك إذا ثبت بواسطة خبرة طبية متخصصة أن حالته تستوجب علاجا طبيا , وإذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو قاضي الأحداث يقضي بإخضاعه لعلاج مزيل للتسمم, و صدور حكم من الجهة القضائية المختصة بإلزامه بالخضوع لعلاج مزيل للتسمم.
الفرع الثالث: الأعذار القانونية المخففة:
الأعذار القانونية المخففة تخفف من العقوبة , ولا يحكم على المستفيد منها بتدابير الأمن إلا في أحوال خاصة وهي مثل الأعذار المعفية حصرها المشرع وبينها في القانون . كما انه قصرها على جرائم معينة .
ويمكن استخلاص ثلاثة حالات نص عليها قانون العقوبات الجزائري.
الفقرة الأولى : أعذار الاستفزاز :
أشارت إليها المادة 52 قانون عقوبات. ونصت عليها المواد من 277 إلى 283 قانون عقوبات . وهي خمسة حالات :
1 ـ وقوع ضرب شديد على احد الأشخاص, إذ يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها اعتداء وقع عليه فلا يعتبر السب والتهديد والإهانة عذرا و أن يقع الضرب على الأشخاص فلا يصلح تحطيم ملك الغير عذرا . كما يجب أن يكون القتل أو الضرب من فعل المعتدى عليه فلا يمكن التذرع بالاستفزاز إذا وقع الضرب على الغير . كما انه لا يجوز في مطلق الأحوال التذرع بالاستفزاز لتبرير جناية قتل الأصول . المادة 282 قانون عقوبات . وقد أقرت المحكمة العليا أنه لا يجوز للمتهم أن يطالب أمام المجلس الأعلى بالاستفادة بعذر الإستفزاز الذي يرجع تقديره إلى السلطة المطلقة لقضاة الموضوع "
ونشير في هذا الإطار إلى القانون الفرنسي الذي يعتبر الإستفزاز عذرا في طائفتين من الجرائم وهما جرائم السب العلني و غير العلني و جرائم القتل والضرب والجرح العمد . ولم يبين القانون الفرنسي وصف الفعل الذي ينتج عنه الإستفزاز في جرائم السب غير انه من المقرر أن يكون نتيجة إهانة لا مبرر لها ولا يشترط أن يكون الفعل المهين قذفا أو سبا مستكمل الأركان , بل عن اتخاذ موقف جارح أو صدور لفظ شديد قد يعد استفزازا لا يقل أثره عن السب أو القذف . ولا يعتبر القانون الفرنسي الإستفزاز عذرا في جرائم القتل والضرب إلا إذا كان سببه الضرب أو الإيذاء الشديد .
2 ـ نصت المادة 279 قانون عقوبات , على انه يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل و الضرب والجرح الواقع من الزوج على زوجه أو على شريكه لحظة مفاجأته في حالة التلبس بالزنا , على أن تكون من فعل الزوج المضرور ذاته فلا تقبل من أخيه أو والده أو أي واحد من أقاربه...كما لا يقبل عذرا ما صدر عنه من أعمال عنف إذا ما علم بالزنا بواسطة الغير , وان ترتكب في اللحظة ذاتها التي يتم فيها مفاجأة الزوج الآخر وهو متلبس بالزنا وعليه يسقط العذر إذا مضى وقت بين مفاجأة الزوج بالزنا وبين رد فعل الزوج المضرور ؛وهو نفس الحكم الذي اخذ به المشرع المصري, كما أنه لا يشمل أقارب الزوج ولا أصدقائه الذين ينتقمون للإهانة التي لحقت به في غيابه و لا من اشتركوا كفاعلين أو شركاء مع الزوج في فعلته .
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أنه يعذر القتل إذا ارتكبه أحد الزوجين على الزوج الآخر في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا و يؤدي العذر الشرعي إلى تخفيض العقوبة .
3 ـ يستفيد من العذر المعفي مرتكب جناية الخصاء, المنصوص عليها بالمادة 247 ق ع إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع إخلال عليه بالعنف المادة 280 ق ع , على أن تكون من فعل المعتدى عليه نفسه إذ لا تقبل عذرا إذا ارتكبت من الغير , و أن تكون لحظة وقوع الإعتداء, كما يجب أن يكون الدافع إلى ارتكابها وقوع إخلال عليه بالعنف فلا يقوم العذر إذا انعدم العنف .
كما لا ينفرد المجني عليه في عملية الخصاء دون غيره بهذا العذر , بل يستفيد منه أيضا الأب أو المستخدم إن هما قاما بعملية الخصاء لرد هتك عرض عن ابنتهما أو خادمتهما .
4 ـ إن كل من ارتكب جرائم الضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها مفاجأة بالغ في حالة تلبس بالإخلال بالحياء على قاصر لم يتجاوز سنه ستة عشرة سنة سواء بالعنف أو بغير عنف المادة 281 ق ع.
وعليه يجب أن يكون الإخلال بالحياء من بالغ على قاصر لم يتجاوز ستة عشرة سنة من العمر فلا يقبل عذرا وقوع إخلال بالحياء على بالغ , كم لا يقبل إذا وقع الإخلال من قاصر ولا يقبل القتل عذرا إذ يشترط أن يكون ضربا أو جرحا سواء شكل جناية أو جنحة وحتى يقوم العذر يجب أن يرتكب الفعل لحظة وقوع الإعتداء كذلك لا يشترط وقوع الضرب من المجني عليه نفسه بل يجوز لغيره أن يدفع الإخلال بالحياء الواقع من بالغ على قاصر إذا كان في حالة تلبس.
5 ـ يستفيد من عذر الإستفزاز مرتكب جرائم القتل و الضرب والجرح الواقع من صاحب المكان على المعتدي إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب الأسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل الأماكن المسكونة أو ملحقاتها وذلك أثناء النهار ,فلا تقبل عذرا الجرائم التي يرتكبها الغير كالجار أو القريب ...حتى ولو فاجئوا الجاني في حالة تلبس . وتجدر الإشارة انه إذا وقع الإعتداء أثناء الليل فنكون أمام حالة دفاع شرعي.
ويترتب على قيام عذر الإستفزاز الآثار التالية:
نصت عليها المادة 283 قانون العقوبات " إذا ثبت قيام العذر تخفض العقوبة على الوجه الآتي :
1 ـ الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
2 ـ الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأية جناية أخرى .
3 ـ الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الأمر بجنحة .
وفي الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من هذه المادة يجوز أن يحكم أيضا على الجاني بالمنع من الإقامة من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر .
وفي كل الأحوال يرجع للقاضي وحده الفصل في قيام عذر الإستفزاز , سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من الدفاع , و إذا ما قدم الدفاع دفعا بالعذر تعين عليه البت في الطلب .
الفقرة الثانية : عذر صغر السن:
يعد صغر السن الصورة الثانية للأعذار القانونية المخففة,وتختلف التشريعات الوضعية على تحديد سن معين يعد المرء عند بلوغه مسؤولا عن أعماله الإجرامية , تبعا للسياسة الجنائية التي تنتهجها في هذا الميدان . فاغلب التشريعات تعتبر أن الطفل الذي لم يبلغ سنه السابعة معدوم التمييز و لا يحاسب على أي فعل يرتكبه , وفي المرحلة اللاحقة يعد الطفل مميزا ولكنه لم يصل إلى سن الرشد الجنائي بعد , وتكون مساءلته ناقصة أو مخففة وببلوغ المرء سن الرشد الجنائي يفترض القانون إكتمال مداركه ويضمه إلى فئة البالغين فيسأل عن أعماله مسؤولية تامة ,وحدد المشرع الجزائري سن الرشد الجزائي بثمانية عشر سنة المادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية ,وأن العبرة بتحديد سن الرشد الجنائي تكون بسن المجرم يوم ارتكاب الجريمة المادة 443 من قانون الإجراءات الجزائية . كما جاء في اجتهاد المحكمة العليا أن بلوغ سن الرشد الجزائي يكون بتمام الثامن عشر و أن العبرة في تحديد سن الرشد الجزائي يكون بسن المجرم يوم ارتكاب الجريمة , ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون , فما دام سن المتهم يوم ارتكاب الجريمة 17 سنة وخمسة أشهر , فإن المجلس الذي فصل في الدعوى , دون التصريح بعدم اختصاصه لإحالة الحدث أمام الجهات الخاصة بالأحداث وفقا لأحكام المادة 447 من ق ا ج , قد خالف القانون .
نصت المدة 49 من قانون العقوبات الجزائري على ما يلي:"لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية ؛
ومع ذلك فانه في مواد المخالفات لا يكون محلا الا للتوبيخ.
و يخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13-18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة."
يتضح من نص المادة 49 من قانون العقوبات أن الصبي دون الثالثة عشر لا يعتبر مسؤولا بحكم القانون ,فلا يجوز إقامة الدليل على انه أهل للمسؤولية و لو كان من أعقل الناس, فعدم بلوغ السن هي قرينة غير قابلة لإثبات العكس و عليه فلا تطبق على هذا الصغير فهو غير مسؤول .
و تحسب مدة 13 سنة للقول بعدم مسؤولية الصغير مسؤولية عقابية على أساس وقت ارتكاب الجريمة و ليس وقت إقامة الدعوى ضده أو محاكمته , كما أن المشرع جنب القاصر في هذا السن مغبة توقيع العقوبة عليه مع إمكانية خضوعه لتدابير الحماية أو التربية وتوقيع مثل هذه التدابير مرهون بوجود خطر محدق بالصغير نفسه أين يؤدي تركه دون أي مساعدة إلى خطر أن يعود الطفل للإجرام أو أن يشب معتادا على الإجرام .
والقاصر الذي سنه مابين 13 و 18 سنة فإنه يصبح مسؤولا عن أعماله مسؤولية مخففة, حيث أخضعه المشرع إضافة لتدابير الحماية أو التربية إلى عقوبات مخففة في حدود بينتها المادة 50 من قانون العقوبات:" إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
و إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا ".
أما في مواد المخالفات فإنه يقضى على القاصر إما بالتوبيخ وإما بعقوبة الغرامة المادة 51 من قانون العقوبات الجزائري.
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا انه يتعرض للنقض الحكم الذي قضى على حدث ب 20 سنة سجنا .
كما يقضى بنصف العقوبة على القاصر الذي يرتكب جنحة معاقب عليها بالحبس , غير أنه لا يجوز الحكم بالحبس على القصر المتهمين بجنحتي التسول والتشرد المنصوص والمعاقب عليهما بالمادتين 195 و 196 وإنما تطبق عليهما تدابير الحماية و التهذيب . المادة 196 مكرر .
الفقرة الثالثة : عذر المبلغ و عذر التوبة :
بالنسبة لعذر المبلغ , فإنه يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة ,إذا كان الإبلاغ قد حصل بعد انتهاء التنفيذ أو الشروع فيه ولكن قبل بدء المتابعات . كما تخفض كذلك درجة واحدة بالنسبة للفاعل إذا مكن من القبض على الفاعلين أو الشركاء في نفس الجرائم أو في جرائم أخرى من نفس النوع ونفس الخطورة وذلك بعد بدء المتابعات . المادة 92 فقرة 2 و 3 .
أما عذر التوبة فإنه يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن الضحية . ونصت على هذه الحالة المادة 294 من قانون العقوبات التي وضعت جدولا للتخفيف كالتالي :
الحالة العقوبة الأصلية تخفض إلى:
إذا انتهى الحبس أو الحجز بعد أقل من عشرة أيام كاملة من يوم الإختطاف أو القبض أو الحبس أو الحجز وقبل اتخاذ أية إجراءات. إذا وقع تعذيب بدني على الشخص المختطف أو المقبوض عليه أو المحبوس أو المحجوز يعاقب الجناة بالسجن المؤبد المادة 293. سنتين إلى خمس سنوات.

يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات من قام بالجناية دون أمر من السلطات المختصة و خارج الحالات التي يجيز أو يأمر فيها القانون بالقبض على الأفراد , وذات العقوبة تطبق على من أعار مكانا لحبس أو لحجز هذا الشخص.
إذا استمر أكثر من شهر تكون العقوبة السجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنة . حالة المادة 291 ق ع
إذا وقع القبض أو الإختطاف مع ارتداء بزة رسمية أو شارة نظامية أو يبدو عليه ذلك أو بانتحال إسم كاذب أو بموجب أمر مزور فتكون العقوبة السجن المؤبد , وتطبق نفس العقوبة إذا استعملت إحدى وسائل النقل أو بتهديد المجني عليه بالقتل . ستة أشهر إلى سنتين.




إذا انتهى الحبس أو الحجز بعد أكثر من عشرة أيام كاملة من يوم الإختطاف أو القبض أو الحجز وقبل الشروع في عملية المتابعة




الحالة الواردة بالمادة 293 من قانون العقوبات



سنة إلى خمس سنوات
جميع الحالات الأخرى . سنتين إلى خمس سنوات
المادة 293 مكرر فقرة 1 ق ع يعاقب بالسجن المؤبد إذا وقع على المجني عليه تعذيب بدني . السجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات
الفقرتين 2 و 3 من المادة 293 ق ع يعاقب الجاني بالسجن المؤبد إذا تعرض الشخص المخطوف إلى تعذيب جسدي .ونفس العقوبة إذا كان الدافع إلى الخطف هو تسديد فدية . السجن المؤقت من عشر إلى عشرين سنة
ونشير في هذا الإطار إلى الأعذار المخففة الواردة في بعض القوانين الخاصة, كقانون المخدرات السالف الذكر بالمادة 31 منه تخفض عقوبة الفاعل أو الشريك إلى النصف بالنسبة للعقوبات المقررة للجنح و إلى السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة بالنسبة للعقوبات المقررة لجنايات إذا مكن , بعد تحريك الدعوى العمومية . من إيقاف الفاعل الأصلي أو الشركاء في نفس الجريمة أو جريمة أخرى مماثلة لها.
والمادة 49 من قانون الفساد التي تنص على تخفيض عقوبة مرتكب الجريمة أو الشريك إلى النصف إذا ساعد السلطات , بعد تحريك الدعوى العمومية في القبض على المساهمين في الجريمة.
ملا حظة :نص المشرع الجزائري في المواد 368و373و377 ق ع على عدم العقاب على جريمة السرقة والنصب وخيانة الأمانة المرتكبة بين الأصول والفروع والأزواج و ولم ينص على إعفاء مرتكبها من العقوبة .ولذلك فالحكم يكون بالبراءة لإباحة الفعل وليس بالإعفاء من العقوبة .




المطلب الثاني: الظروف القضائية المخففة:
الفرع الأول: مفهوم الظروف القضائية المخففة:
إن الظروف القضائية المخففة أسباب متروكة لتقدير القاضي تخول له الحق في تخفيض العقوبة إلى الحدود التي عينها القانون .
ولقد اعتمد المشرع الجزائري الظروف المخففة منذ صدور قانون العقوبات وتركها لتقدير القاضي فلم يحصرها واقتصرت المادة 53 من قانون العقوبات على بيان الحدود التي يصح للقاضي أن ينزل عندها عند قيام الظروف المخففة.
والظروف المخففة تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته و بشخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكل ما أحاط ذلك العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكل ما أحاط ذلك العمل ومرتكبه والمجني عليه من الملابسات و الظروف وهو ما يسمى بالظروف المادية والظروف الشخصية .
والظروف المخففة تتمثل في أن تنص بعض القوانين على منح القضاء سلطة النزول بالعقوبة إلى أقل من الحد الأدنى المقرر لعقوبة الجاني
وقد أنشئ نظام الظروف المخففة حتى يتسنى للقاضي مراعاة درجة إجرام الفعل و إجرام مرتكبه وجعل العقاب متناسبا مع حالة المتهم الخاصة و نظرية الظروف المخففة كما تنص بعض التشريعات ليس لها محل في القوانين العقابية التي تقتصر على وضع حد أقصى دون حد أدنى , غير انه في التشريع الجزائري لا يشترط تعيين حدين أقصى وحد أدنى حتى يتم تطبيق الظروف المخففة وليس للقاضي أن يبين في حكمه نوع الظروف التي اخذ بها بل إنه غير ملزم بالإشارة إلى تلك الظروف المخففة في حكمه إذ يكفي أن ينزل إلى مادون العقوبة المقررة قانونا جزاءا للجريمة المرتكبة ليفهم منه ضمنيا انه اخذ بالظروف المخففة.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد اوجب فيما يتعلق بالجنايات في حالة إدانة المتهم طرح السؤال المتعلق بالظروف المخففة وضرورة إفادة المتهم بها.
إذ انه في حالة ما إذا تقرر إدانة المتهم في مرحلة المداولة تعين على رئيس المحكمة أن يطرح سؤالا حول ما إذا كان يستفيد المتهم من ظروف التخفيف وهو إجراء جوهري؛ فإذا أفادته المحكمة بظروف التخفيف تعين النزول بالعقوبة إلى اقل من الحد الأدنى للعقوبة المقررة وإلا تعرض الحكم للبطلان بسبب الخطأ في تطبيق القانون .
و بتعديل قانون العقوبات الجزائري في 2006 تشدد المشرع في منح الظروف المخففة و التقييد من حرية القاضي في تقدير العقوبة, و أشار إلى تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي.
و بما أن الظروف المخففة ليست مبينة في القانون بل هي متروكة لتقدير القاضي يستخلصها من كل الأسباب التي تضعف جسامة العمل الإجرامي ماديا أو مسؤولية مرتكبه شخصيا و مثال ذلك حسن ماضي المتهم ,حداثة سنه,ندمه , والبواعث التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة ,و فشل الجاني في عمله ,انعدام سبق الإصرار لديه... الخ.
و للقاضي مطلق الحرية في القانون الجزائري في قبول الظروف المخففة أو استبعادها عند تقديره للعقوبة المناسبة لحالة كل متهم حسبما يتراءى له من ظروف الدعوى و لا يخضع لرقابة المحكمة العليا في ذلك .
إن المشرع الجزائري لم يغير ما يتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم الظروف المخففة بتعديل قانون العقوبات الجزائري سنة 2006 إذ أنها تطبق على كافة الجرائم سواء كانت جنايات أو جنح أو مخالفات كما يجوز تطبيقها على كافة الجناة سواء كانوا مواطنين جزائريين أو أجانب ,بالغين أو قصر ,مبتدئين أو عائدين وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أن القضاء بإفادة المتهم بتخفيض العقوبة من سنتين حبسا إلى سنة واحدة لأنه غير متعود الإجرام يعد تطبيقا صحيحا للقانون كما يجوز لكافة الجهات القضائية العادية و الاستثنائية أن تمنح الظروف المخففة؛ و هذا كقاعدة عامة.,و استثناءا من ذلك فقد استبعد القضاء تطبيق الظروف المخففة في جرائم الشيك بالنسبة للغرامة المقررة جزاءا لهاته الجريمة .
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا كذلك أن عدم الإشارة إلى أحكام المادة 53 من ق ع في السؤال الخاص بالظروف المخففة لا يترتب عليه بطلان الحكم .( ملف رقم 37293 قراربتاريخ 07/02/1984).
الفرع الثاني:آثار منح الظروف القضائية المخففة:
الفقرة الأولى :بالنسبة للشخص الطبيعي :
ميز المشرع الجزائري في منح الظروف المخففة للشخص الطبيعي بين الجنايات و الجنح و المخالفات على النحو الآتي بيانه:
أولا: في الجنايات:نصت على حالة الظروف المخففة بمواد الجنايات المواد 53 و 53 مكرر,53مكرر1,و 53 مكرر 2,و 53 مكرر 3؛
و قبل عرض أحكامها تجب الإشارة إلى مفهوم الشخص المسبوق قضائيا حسب المادة 53 مكرر5 "يعد مسبوقا قضائيا كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود"؛و تكون عند إدانة الشخص الطبيعي إذا تقرر إفادته بظروف التخفيف العقوبات المقررة حسب الجدول الآتي:
العقوبة المقررة قانونا للجناية العقوبة المقررة في حالة تطبيق الظروف المخففة
الإعدام 10 سنوات سجنا
السجن المؤبد 5 سنوات سجنا
السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة ثلاث سنوات حبسا
السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 10 سنوات سنة واحدة حبس

وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أن المستفاد من المادة 53ق ع أنه لايمكن تخفيض العقوبة المحكوم بها تحت الحد الأدنى الذي هو خمس سنوات إذا كانت الجناية يعاقب عليها بالسجن المؤبد, ولما سلطت المحكمة العسكرية عقوبة دون الحد الأدنى المقرر قانونا فإنها أخطأت في تطبيق القانون مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
ملاحظة:المادة 53 من قانون العقوبات الجزائري قبل تعديلها سنة 2006 كانت تخص الحالة التي تكون فيها العقوبة السجن المؤقت من 5 إلى 20 سنة بحكم واحد , وتطبق عليها نفس القاعدة وهي النزول بالعقوبة إلى حد 3 سنوات حبس .
أما إذا كان المتهم مسبوق قضائيا فتنص على الأحكام الآتية:
و هي الحالة التي يجمع فيها بين العقوبات المشددة بفعل العود و تطبيق الظروف المخففة الناتج عن منح الظروف المخففة و هنا ينصب التطبيق على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا بفعل حالة العود (أي أن لا يقل عن الحد الأدنى و لا يتجاوز الحد الأقصى).
و قد ألزم المشرع القاضي انه إذا كانت العقوبة الجديدة السالبة للحرية المقررة بفعل العود هي السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 20 سنة فان الحد الأدنى للعقوبة المحددة لا يجوز أن يقل عن 3 سنوات حبسا حسب المادة 53 مكرر الفقرة الأخيرة من قانون العقوبات .
فإذا كان المتهم مسبوق.
1- العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام أو السجن المؤبد.
2- ثم نقوم بتطبيق العقوبة السالبة للحرية المخففة.
و المشرع الجزائري يميز بين فرضين :
- الفرضية الأولى:الغرامة غير مقررة أصلا في النص المعاقب على الجريمة فانه يجوز الحكم على المستفيد من العقوبة السالبة للحرية المخففة بغرامة تختلف مقدارها باختلاف العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة.
العقوبة الحد الأدنى للغرامة الحد الأقصى للغرامة
الإعدام 1000000 2000000
السجن المؤبد 500000 1000000
السجن المؤقت 1000000 1000000

- الفرضية الثانية:اذا كانت الغرامة منصوصا عليها مع عقوبة السجن فانه يجب النطق بها كذلك . وتجدر الإشارة انه في كل الأحوال سواء كانت الغرامة مقررة أصلا أم لا فانه لا يجوز النطق بالغرامة وحدها في مواد الجنايات المادة 53 مكرر2 ويكون الحكم بها دائما في إطار الحدين المنصوص عليها قانونا.
و في كل الأحوال لا يجوز أن تقل قيمة الغرامة عن الحد الأدنى المنصوص عنه قانونا .
كما نصت المادة 53 مكرر 3 على أن الحكم بالحبس كعقوبة مخففة من اجل جناية لا يحول دون الحكم بحرمان الشخص المدان من مباشرة حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها بالمادة 9 مكرر 1 من قانون العقوبات و يجوز للقاضي كذالك المنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها بالمادتين 12 و 13 من هذا القانون.
ثانيا: في الجنح: نصت على حالة الظروف المخففة بمواد الجنح المادة 53 مكرر 4؛ وعليه اذا لم يكن المتهم مسبوق قضائيا وتقرر إفادته بالظروف المخففة نميز بين الفرضيات الآتية:
1- اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة:
أ‌- إما الحكم بالغرامة و الحبس معا وفي هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين والغرامة إلى 20000 دج.
ب‌- و إما الحكم بالحبس فقط وهنا لا يجوز أن تقل العقوبة المحكوم بها عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة .
ت‌- و إما الحكم بالغرامة فقط على أن لا تقل العقوبة المحكوم بها في هذه الحالة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة .
و الجدول التالي يوضح تطبيق القواعد السالفة الذكر على جريمة السرقة المنصوص عليها بالمادة 350 من قانون العقوبات والتي عقوبتها الحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة من 100000 دج إلى 500000 دج.
الحالة الأولى الحالة الثانية الحالة الثالثة
الحكم على الجاني بالعقوبتين معا يجوز تخفيضها إلى شهرين و غرامة 20000 دج. الحكم على الجاني بالحبس فقط لا يجوزأن يقل عن الحد الأدنى أي سنة الحكم على الجاني بالغرامة فقط لا يجوز أن يقل عن الحد الأدنى أي 20000 دج.
2- اذا كانت عقوبة الحبس هي وحدها المقررة فانه يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين و يجوز استبدال عقوبة الحبس بغرامة على أن لا تقل عن 20000 دج و لا تتجاوز 50000 دج (جنحة التجمهر المادة 98 فقرة 1 من قانون العقوبات).
3- اذا كانت عقوبة الغرامة هي وحدها المقررة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 20000 دج.
ومن هذا القبيل جنحة نكران العدالة المنصوص عليها في المادة 136 من قانون العقوبات و عقوبتها غرامة من 20000 دج إلى 100000 دج وجنحة انتحال شخصية الغير المنصوص عليها بالمادة 247 من قانون العقوبات .
و نتطرق الآن إلى الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه مسبوقا قضائيا في مواد الجنح التي نص عليها المشرع الجزائري بالمادة 53 مكرر 4 الفقرة 2.
وهنا ميز المشرع بين ارتكاب الجاني للجنحة عمدا ؛أو بصفة غير عمديه ففي الحالة الأولى (العمد)نميز بين هاته الفرضيات :
- الفرضية الأولى :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة أو إحداهما فلا يكون تخفيض عقوبة الحبس ولا عقوبة الغرامة اقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
- الفرضية الثانية :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة يجب الحكم بالعقوبتين معا مع جواز تخفيضهما إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة .
- الفرضية الثالثة :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة ولا يجوز استبدال الحبس بالغرامة ,و نفس الحكم اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة فيجوز تخفيضها إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة .
أما الحالة التي تكون فيها الجنحة غير عمديه فلم ينص عليها المشرع الجزائري صراحة و إنما نستخلص من الصورة الأولى التي اشترط فيها المشرع أن تكون الجنحة المرتكبة عمدا المادة 53 مكرر 4 أي تخضع من حيث تطبيق الظروف المخففة لنفس القواعد التي تحكم الشخص المدان الذي ليست له سوابق قضائية .
ملاحظة: قبل إلغاء المادة 53 في تعديل سنة 2006 كانت تحكم مواد الجنح الظروف الآتية:
1- عند إفادة المحكوم عليه بظروف مخففة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى يوم واحد و الغرامة إلى 5 دج.
2- يجوز الحكم بإحداهما كما يجوز استبدال الحبس بغرامة لا تقل عن 20 دج.
3- ليس هناك تمييز بين المسبوق و غير المسبوق قضائيا.
ثالثا:في المخالفات: تختلف آثار منح الظروف المخففة في مواد المخالفات حسب العقوبة المقررة قانونا و السوابق القضائية للمحكوم عليه.
فالحالة التي يكون فيها الجاني في حالة عود المادة 53 مكرر 6 فقرة 1 فلا يجوز تخفيضها اقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفات المرتكبة سواء كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة كما يمكن الحكم بإحدى هاتين العقوبتين على النحو السابق في مواد الجنح .
أما الحالة التي لا يكون فيها الجاني في حالة عود المادة 53 مكرر 6 فقرة 2 اشترط المشرع فيها أن لا يكون الجاني في حالة عود وليس غير مسبوق قضائيا فقط
و هنا اذا كانت عقوبتا الحبس و الغرامة مقررتين معا فانه يجوز الحكم بإحداهما فقط وتخفيض العقوبة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
ملاحظة:قبل إلغاء المادة 53 بموجب تعديل سنة 2006 لم يكن المشرع الجزائري يميز بين الجنح و المخالفات بحيث كانت تطبق عليها نفس القواعد المقررة للجنح.
الفقرة الثانية:بالنسبة للشخص المعنوي.
نصت على أحكام تطبيق الظروف المخففة بالنسبة للشخص المعنوي المادة 53 مكرر 7 والتي استخدمها المشرع الجزائري في تعديل قانون العقوبات سنة 2006 بعدما كان قد اقر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب القانون المؤرخ في 10/11/2004.
وقد حصرت المادة 53 مكرر 7 مجال تطبيق الظروف المخففة فيما يتعلق بالشخص المعنوي في الغرامة و ميزت بين ما ان يكون الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا و الحالة التي لا يكون فيها الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا وبينت متى يعتبر مسبوق قضائيا بالمادة 53 مكرر 8 بقولها:"يعتبر مسبوقا قضائيا كل شخص معنوي محكوم نهائيا بغرامة مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من اجل جريمة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود .
و عليه فإذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا فانه يجوز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
أما اذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا فانه لا يجوز تخفيض الغرامة عن الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
ملاحظة: المشرع الجزائري استبعد تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي في بعض الجرائم المادة 389 مكرر قانون العقوبات بالنسبة لجريمة تبييض الأموال التي نصت على أن الغرامة لا يمكنها أن تقل عن أربعة أضعاف الحد الأقصى المقرر للشخص الطبيعي أي لا يجوز أن تقل عن 12000000 دج في الجريمة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 389 مكرر من قانون العقوبات بغرامة من 1000000 دج إلى 3000000 دج بالنسبة للشخص الطبيعي .
نشير إلى الحالة الخاصة التي لا ينص فيها قانون العقوبات على عقوبة بالنسبة للشخص الطبيعي نصت عليها المادة 18 مكرر 2 و بينت الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي على النحو التالي:
1- 2000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
2- 1000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت.
3- 500000 دج بالنسبة للجنحة.
إن هذه الحالة تسمح بتحديد عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي استثناءا إلى الحد الأقصى المعين في النص فان ما جاءت به المادة 18 مكرر 2 لا يمكن اعتماده بالنسبة لتطبيق الظروف المخففة إلا في حالة ما اذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا لان المشرع يجيز تخفيض الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للشخص الطبيعي و هو ما يتطابق مع الحدود التي وضعها المشرع بالمادة 18 مكرر 2 أما في حالة ما اذا كان المتهم غير مسبوق قضائيا فلا بمكن الاستناد إلى حكم المادة 18 مكرر 2 لتحديد الحد الأدنى الذي يجوز تخفيض الغرامة إلى مستواه .
ملاحظة : نشير هنا إلى الحكم الذي جاءت به المادة 53 مكرر بأنه في الحالة التي يتم فيها إفادة المتهم العائد بالظروف المخففة .والذي طبقنا عليه العقوبة المشددة فإن التخفيف الذي يكون هنا لا يمس سوى الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة ما يعني أن القاضي يقرر العقوبة الجديدة بفعل حالة العود ثم يخضعها لظروف التخفيف.
ووضع حالة خاصة بالفقرة الثانية من ذات المادة وهي أنه إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة بفعل حالة العود هي السجن المؤقت من خمس إلى عشرين سنة , فإن الحد الأدنى للعقوبة المخففة لا يجوز أن يقل عن ثلاث سنوات حبسا.
وعليه فإن المشرع الجزائري ينص على الحكم الذي يطبق في حالة اجتماع ظرف مخفف مع حالة العود وهو ظرف مشدد عام كما سيتم التطرق إليه في الفصل الثاني.


المبحث الثاني :الظروف الخاصة المشددة:
إن المشرع الجزائري لم ينص على الظروف المشددة على سبيل الحصر وإنما جعلها تخضع لطبيعة كل جريمة على حدى . فما هو مفهوم الظروف الخاصة المشددة وماهي أهم تطبيقاتها القانونية التي من خلالها يتبين لنا تأثيرها على الجزاء الذي يقرره القاضي.
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة :
الظروف المشددة هي حالات يجب فيها على القاضي أو يجوز له أن يحكم بعقوبة من نوع أشد مما يقرره القانون للجريمة, أو يجاوز الحد الأقصى الذي وضعه القانون لعقوبة هذه الجريمة وعليه فإن الظروف المشددة تعرف بتأثيرها على حدود السلطة التقديرية للقاضي فهي تستبدل حدودها العادية بحدود جديدة حينما تكون وجوبيه فتلزم القاضي أن يحكم بعقوبة أشد مما يقرره القانون للجريمة أو أن يحكم بعقوبة الجريمة متجاوزا في مقدارها الحد الأقصى .
كما أنه إذا حكم القاضي في نطاق الحد الأقصى المقرر قانونا فيعتبر ذلك استعمالا لسلطته التقديرية ؛ كما أن كل ما يخرج من سلطة القاضي يدخل في واجب المشرع إذ يمكنه أن يحدد مقدما بعض الظروف التي تشدد العقوبة المطلوب تطبيقها إما على طائفة من الجرائم و إما على جرائم خاصة.
اتجهت التشريعات إلى تنظيم الظروف المشددة في نصوصها التشريعية وسلكت في ذلك أحد اتجاهين: ـ
الإتجاه الأول : نص عليها في القسم العام من قانون العقوبات تسري على كل جريمة تلحق بها أو على طائفة معينة من الجرائم, وتسمى بالظروف المشددة العامة.
و الإتجاه الثاني :نص على ظروف مشددة خاصة في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات تلحق كل منها بجريمة بحالة عامة معينة و تسمى بالظروف المشددة الخاصة .
وتنقسم كل من الظروف العامة والخاصة من حيث طبيعتها إلى ظروف موضوعية وظروف شخصية
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم ينص على نظرية عامة للظروف المشددة في القسم العام من قانون العقوبات, و إن كان أتى بحالة عامة أجاز بموجبها للقاضي تشديد العقوبة وهي حالة العود والتي سيتم التطرق إليها في الفصل الثاني المتعلق بتقدير الجزاء الجنائي في حالة تعدد الجرائم.ويمكن تعريف الظروف المشددة الخاصة على أنها تلك الظروف المنصوص عليها في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات بحيث تلحق كلا منها بجريمة واحدة بذاتها حددها القانون أو عدد محدود من الجرائم, فلا يتعدى حكمها هذه الجريمة أو تلك الجرائم وتنقسم إلى قسمين :ـ
القسم الأول يتعلق بالظروف المادية وهي تخص الجانب المادي للجريمة , وتعني ازدياد خطورته وقد تتصل بالفعل وتفترض ارتكابه على نحو يجعله اشد خطورة والتي قد ترجع إلى استخدام وسيلة معينة كاستخدام السلاح , والتعدد في جريمة السرقة .وقد تتصل بالنتيجة التي تترتب على الفعل وتفترض جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل كالعاهة المستديمة . أو العجز عن العمل مدة تتجاوز خمسة عشرة يوما .
والقسم الثاني يتمثل في الظروف الشخصية فتتصل بالجانب المعنوي للجريمة وتعني ازدياد خطورة الإرادة الآثمة وازدياد الخطورة الكامنة في شخص الجاني كسبق الإصرار والترصد الذي يعد ظرفا مشددا في جريمة القتل ومثالها كذلك صفات معينة يرى القانون أنها إذا توفرت للجاني دلت على إساءة استغلاله الثقة التي وضعت فيه أو السلطة التي منحت له كصفة الخادم التي تعد ظرفا مشددا في جرائم السرقة وحالة ما إذا كان المجني عليه من أصول الجاني .
و تتميز الظروف المشددة عن أركان الجريمة بأن هذه هي التي تكون الجريمة التي نص عليها القانون و بدونها لا توجد الجريمة أو توجد جريمة من نوع آخر ...
والتشريع الجزائري يأخذ بهذا النظام في تنظيمه للظروف المشددة بقانون العقوبات, إذ ينص على ظروف عديدة ومتنوعة في مواضع متفرقة من القسم الخاص منه عند معالجته لمختلف الجرائم فهناك ظروف مشددة بجرائم القتل العمد و الضرب والجرح والسرقة..إلخ. تنقسم الظروف المشددة الخاصة إلى ظروف مادية خارجة عن شخص الجاني ومتعلقة بالجانب المادي للجريمة فيجعله أشد خطرا مما هو لو تجرد من هذا الظرف إذ يفترض في ازدياد خطورته وأساس ذلك هو الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما .
وعليه فإن الظرف المادي قد يتصل بالفعل ويفترض تغييرا في مقدار خطورته على نحو يجعله أكثر خطورة .وقد يرجع ذلك إلى استعمال وسيلة معينة تزيد من جسامته, وقد يرد إلى ارتكابه في مكان معين أو إلى وقوعه في زمان معين وظروف شخصية مشددة تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة .و تجدر الإشارة أن للتفرقة بين نوعي الظروف المشددة الخاصة سواء كانت شخصية أو مادية أهمية عملية في حالة اشتراك عدة أشخاص في الجريمة.
فان الظروف المادية إذا كانت لاصقة بنفس الفعل فلا يمكن إلا أن يعم أثرها كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها. و ليس من اشترك في هذه الجريمة أن يتنصل من مسؤوليته عن النتائج المترتبة عليها.
أما الظروف الشخصية فالقاعدة أنها تشدد عقوبة الفاعل أو الشريك التي توجد في شخصه هذه الظروف, و لكنها لا تعتبر سببا لتشديد العقاب على غيره من الفاعلين أو الشركاء . وهو مانص عليه المشرع الجزائري بالمادة 44 ق ع بأنه لا تؤثر الظروف ف الشخصية التي ينتج عنها التشديد من العقوبة أو الإعفاء منها إلا بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف,أما الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة التي توقع على من ساهم فيها فإن ذلك يتوقف حسب علمه أو عدم علمه بها . وأن الأصل في العقاب على الاشتراك يكون بالنسبة للشريك بنفس العقوبات المقررة لتلك الجناية أو الجنحة .المطلب الثاني:التطبيقات القانونية للظروف المشددة الخاصة بقانون العقوبات الجزائري:
لما كانت الظروف المشددة الخاصة وقائع تبعية تتصل بالعناصر المادية أو الأدبية التي تتكون منها الجريمة فتزيد من تجريم الفعل أو تجريم مرتكبيه و يمكن فصلها عن الجريمة التي تصاحبها دون أن تغير من طبيعتها و لتوضيح تأثير الظروف المشددة على الجرائم بقانون العقوبات سيتم عرضها من خلال فقرتين تتعلق الأولى بالظروف المادية المشددة, والثانية بالظروف الشخصية المشددة .مع الإشارة إلى أن الظروف المشددة لم ترد بقانون العقوبات الجزائري على سبيل االحصر وإنما على سبيل المثال.
الفرع الأول: الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي :
هذه الظروف قد تكون وسيلة معينة , أو مكان معين , أو زمان معين .
أولا : الوسيلة : هي كل ما يمكن أن يلجأ إليه الجاني ويستعمله لتحقيق إرادته الجنائية وقد أورد المشرع الجزائري في نصوص عديدة وسيلة ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا خاصا يلحق أو يقترن ببعض الجرائم .
1 ـ القتل بالسم : عرفته المادة 260 ق ع على أنه الإعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كان استعمال أو إعطاء هاته المواد ومهما كانت النتائج التي تؤدي إليها وعقوبتها الإعدام . وجعل المشرع من هاته الوسيلة ظرفا مشددا للجريمة وحكمة ذلك أن القتل بالتسميم يتم عن غدر وخيانة فلا يترك للمجني عليه مجالا للدفاع عن نفسه خاصة إذا كان التسميم حاصلا بيد من لا يحمل له المجني عليه ضغنا كما أنها تمتاز بسهولة التنفيذ و صعوبة الإثبات .
وتتميز جريمة التسميم عن باقي الجرائم بالوسيلة المستعملة فيجب أن يكون قد حصل بمواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كانت كيفية استعمال تلك المواد و هاته المواد لم يحددها المشرع فقد تكون حيوانية , نباتية أو معدنية . وعلى القاضي أن يبين في الحكم إذا كانت المادة سامة أو غير سامة وله أن يستعين في ذلك بالخبراء لتحديد سبب الوفاة فالقانون لم يعط وصفا للمواد السامة فقد يكون التسميم مستحيلا إما بسبب طبيعة المادة السامة أو بسبب الكمية المستعملة فإذا كانت المادة غير سامة و يعتقد الجاني أنا قاتلة فلا جريمة لأن المشرع يشترط أن تؤدي إلى القتل أما في الحالة الثانية فقد جرى القضاء على اعتبار الجريمة خائبة لا مستحيلة فيعاقب الجاني على شروع في قتل بالتسميم .
وتقوم جريمة التسميم أيا كانت طريقة استعمال المواد السامة فيستوي أن يضعها الجاني في طعام أو شراب أو يناولها للمجني عليه بطريق الحقن أو الاستنشاق أو تسليم الجاني أدوية للمجني عليه وهو يعلم أن استعمالها مجتمعة من شأنه أن يؤدي إلى الوفاة .وتعتبر جريمة التسميم تامة بتناول السم ولو لم يقضي على حياة المجني عليه ولابد أن تتوافر علاقة السببية بين إعطاء المادة السامة والنتيجة التي حصلت ويجب أن يكون التسميم بإعطاء مادة تؤدي حتما إلى الوفاة وأن تتوافر نية القتل .
وتجدر الإشارة إلى أن مسألة المادة السامة التي تسلم للغير مع تكليفه بإعطائها للمجني عليه فإذا كان الغير حسن النية فلا يسأل وإنما يسأل كفاعل من سلمه المادة السامة أما إذا كان الغير على علم بأن المادة سامة فهو الذي يسأل كفاعل أصلي .
وقرر المشرع الجزائري عقوبة الإعدام لجريمة التسميم المادة 261 ق ع.
ولا بد أن نميز في هذا الإطار بين حالة المادة 260 ق ع التي تشترط لتأسيسها استعمال مواد من شأنها إحداث الموت وحالة المادة 275 ق ع التي تكتفي باستعمال مواد من شأنها الإضرار بالصحة, وتقرر عقوبة الحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 2000 دج كل من سبب للغير مرضا أو عجز عن العمل الشخصي . وذلك بأن أعطاه عمدا وبأي طريقة كانت ودون قصد إحداث الوفاة مواد ضارة بالصحة .
2 ـ السرقة بالكسر أو باستعمال مفاتيح مصطنعة أو بالتسلق :
عرف المشرع الجزائري السرقة بالمادة 350 ق ع كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 100000 إلى 50000 دج وتطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه والكهرباء والغاز كما يعاقب على الشروع بذات العقوبات المقررة للجريمة المرتكبة , ومن الوسائل التي إذا ارتكبت الجريمة بواسطتها تعتبر ظرفا مشددا تتمثل فيما يلي :
2ـ 1. السرقة بالكسر: عرفه المشرع الجزائري بالمادة 356 ق ع على أنه استخدام العنف المادي في إيجاد منفذ للدخول إلى المكان ككسر الباب أو النافذة أو إحداث فجوة بالجدار أو انتزاع المسامير المثبت بها القفل أو الكسر أو زجاج النافذة . وعد القانون الكسر ظرفا مشددا وهذه الوسيلة لا تحصل إلا في منزل مسكون أو مكان مسور ويجب أن تكون قد استخدمت كوسيلة لدخول ذلك المنزل أو المكان ولا يستحق الكسر إلا باجتماع أمرين , وهما أن يكون الجاني قد استعمل العنف في فتح سبيل يدخل منه إلى منزل كباب أو شباك , وذلك إما بالكسر أو القطع أو الخلع أو الهدم و ما أشبه ذلك أو أن يكون على الأقل قد استعمل وسيلة غير عادية في فتح ذلك السبيل مما يستعمله اللصوص لفتح الأبواب أما إذا استعمل المفتاح العادي فلا يعد ذلك كسرا , و أن يكون الكسر من الخارج إذ يتعين أن يكون بواسطة للدخول وهو مالا يتصور إلا في الكسر الخارجي . أما الكسر الداخلي وهو الذي يحصل بعد دخول السارق في المنزل ككسر دواليب أو خزائن فلا عبرة به هنا ولا يعد ظرفا مشددا للسرقة كذلك فإن الكسر الذي يحصل عند الخروج من ليتمكن السارق من الفرار بما سرق لا يعد ظرفا مشددا . كما أنه لا يعد كسرا إذا دخل الجاني إلى المكان باستعمال الحيلة دون استخدام العنف كما يتطلب الكسر أن يكون المكان مقفلا .
ملاحظة : كسر الأختام يعتبر ظرفا مشددا إذا وقع من أجل السرقة المادة 354 فقرة 4 أما إذا وقع لذاته فهو جنحة معاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات المادة 155 فقرة 1 قانون عقوبات .
2 ـ 2 . السرقة بالتسلق : عرفته المادة 357 قانون عقوبات : "يوصف بالتسلق الدخول إلى المنازل أو المباني أو الأحواش أو حظائر الدواجن أو أية أبنية و بساتين أو حدائق أو أماكن مسورة وذلك بطريق تسور الحيطان أو الأبواب أو السقوف أو أية أسوار أخرى والدخول عن طريق مداخل تحت الأرض غير تلك التي أعدت لاستعمالها للدخول يعد ظرفا مشددا كالتسلق , بشرط أن يكون قد استعمل من الخارج بقصد الوصول إلى الداخل أما التسور من الداخل إلى الخارج فلا يعد ظرفا مشددا .
2 ـ 3. استعمال مفاتيح مصطنعة : عرفته المادة 358 ق ع " على أنه توصف مفاتيح مصطنعة كافة الكلاليب والمفاتيح الصالحة لفتح جميع الأقفال والمفاتيح المقلدة أو المزورة أو المزيفة أو التي لم يعدها المالك أو المستأجر أو صاحب الفندق أو صاحب المسكن لفتح الأقفال الثابتة أو الأقفال غير الثابتة أو أية أجهزة للإغلاق والتي استعملها الجاني لفتحها بها. ويعتبر مفتاحا مصطنعا المفتاح الحقيقي الذي احتجزه الجاني دون حق وعليه فإن المفتاح المصطنع هو المفتاح المقلد أو المغير و لابد لاعتبار استعمال المفاتيح المصطنعة ظرفا مشددا أن تستعمل بقصد الدخول إلى المنزل أو المكان المسور أما استعمال مفاتيح مصطنعة للوصول من غرفة إلى أخرى فلا يعد ظرفا مشددا كما لا يشترط أن يكون المفتاح مقلدا بل يكفي ألا يكون معدا لفتح القفل الذي استعمل فيه فيطبق ظرف استعمال المفاتيح المصطنعة على من يستعمل مفتاحا ضاع أو سرق من صاحبه الشرعي .
3 ـ حمل السلاح : وهو الظرف المنصوص عليه بالمادة 351 ق ع لم يعرف المشرع الجزائري المقصود بالسلاح و إنما ذكره بالمادة 93 فقرة 2 بأنه كافة الآلات والأدوات والأجهزة القاطعة أو النافذة أو الراضة و أن السكاكين و مقصات الجيب والعصي العادية لا تعتبر من قبل الأسلحة إلا إذا استعملت للقتل والجرح أو الضرب .
واعتبار حمل السلاح ظرفا مشددا يفيد أن حامله ينوي استعماله عند الحاجة وفي هذا الحظر مالا يخفى على أن التشديد محتم ولو لم يستعمل السلاح فعلا فعلة التشديد هنا مجرد الحمل لا الاستعمال . فإذ استعمل السلاح فعلا أصبحت الجريمة مقترنة بإكراه .
وتنقسم الأسلحة حسب الفقه إلى قسمين :
أ ـ أسلحة بطبيعتها معدة أصلا للفتك بالأنفس وهي الأسلحة الحربية التي يعاقب القانون على حيازتها وحملها دون رخصة , كما هي معرفة بالأمر 97\06 المؤرخة في 21 \ 01 \1997 وتشمل هذه الفئة كل سلاح يمكنه قذف ذخيرة مثل أسلحة الصيد و أسلحة الرماية والمعارض فضلا عن الأسلحة الحربية مثل المسدسات والرشاشات . إلخ .....
ب ـ أسلحة بالإستعمال وهي التي وإن كانت بدورها من شأنها الفتك فإنها غير معدة له بل لأغراض بريئة كالسكاكين العادية والفؤوس و المقصات ونحوها التي تستخدم في الشؤون المنزلية أو الزراعية وغيرها ... وكذا العصي التي تستخدم في القرى .
وهذا التقسيم ينطبق على حالة حمل السلاح أثناء السرقة , فإذا ارتكب الشخص السرقة وهو يحمل سلاحا من النوع الأول اعتبرت السرقة مقترنة بظرف مشدد ولو لم يستعمل السلاح قط لأن مجرد حمله قرينة على نية استعماله , أما إذا كان يحمل أثناء السرقة سلاحا من النوع الثاني فلا تعد السرقة مقترنة بظرف مشدد إلا إذا هدد باستعماله أو استعمله فعلا ففي الأولى تكون سرقة بالتهديد باستعمال سلاح وفي الثانية سرقة بإكراه ويستوي في نظر القانون أن يكون الشخص حاملا سلاحا ظاهرا أو خفيا لأن نية الجاني واحدة في الحالتين وهي الإستعانة به عند الحاجة كذلك يعتبر الظرف المشدد موجودا سواء أكان السلاح المهدد باستعماله من نوع الأسلحة التي تعد كذلك بطبيعتها أو من الآلات التي لا تعد سلاحا إلا باستعمالها بهذا الوصف.
4-العنف: نص عليه المشرع الجزائري في المادة 353 من ق ع كظرف مشدد للسرقة بالعنف ويقصد به العنف المادي الموجه مباشرة لجسم الإنسان بقصد إضعاف مقاومته و لتسهيل ارتكاب الجريمة و يشترط فيه أن يكون ماديا لا معنويا و يراد به وسائل العنف المادية كالسرقة التي تقع بالقوة و باستعمال وسيلة موجهة مباشرة إلى جسم المجني عليه و تخفف من مقاومته أو تعدمها و تمكن الجاني من تنفيذ جريمته .
و يلزم في العنف أن يكون الجاني قد حققه بسلوك يتميز عن الاختلاس فمجرد خطف المسروق لا يعد عنفا ولا الاستيلاء على المسروق من شخص نائم أو فاقد الوعي نتيجة مرض أو من عاجز عن أو المقاومة و يلزم للعنف أن يقع بقصد ارتاب الجريمة و هذا يقتضي وقوعه لتسهيلها أو لتنفيذها أي قبل وقوع السرقة مثلا أو على الأقل معاصرا لها في حين لا يعتد بالعنف الذي يقع بعد تمام الجريمة بقصد التخلص منها أو الإفلات من عقوبتها و يجب أن يقع العنف قصد الوصول للجريمة و أن تكون هناك رابطة بينهما فيكون العنف وسيلة للبدء في الجريمة أو لإتمامها علة تشديد عقوبة السرقة بالعنف هي أن الجريمة تقع لإتيان فعلين و هما الاختلاس و العنف إذ تصبح السرقة اعتداء على الشخص و المال معا .
ومن الجرائم التي يعتبر العنف ظرفا مشددا بها الفعل المخل بالحياء المنصوص عليه بالمادة 335 فقرة 1 بأنه يعاقب بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء ضد إنسان ذكرا كان أو أنثى بعنف أو شرع في ذلك. وقد استقر القضاء على الأخذ بالعنف المعنوي ؛كما أن المشرع قد ساوى في العقوبة بين الجريمة التامة و الشروع .
ثانيا: المكان: لا يهتم ا لقانون في الواقع بمكان ارتكاب الجريمة بحيث لا يعتبره من عناصر السلوك الإجرامي التي تخضع للعقاب بحسب الأصل.
غير أن المشرع قد يدخل في اعتباره مكان ارتكاب السلوك الإجرامي فيجعل منه عنصرا في الجريمة أو يجعله ظرفا مشددا مثل ما ورد في المادة 352 ق ع "التي تعتبر ارتكاب السرقة في الطرق العمومية أو في المركبات المستعملة لنقل المسافرين أو المراسلات أو الأمتعة أو داخل نطاق السكك الحديدية و الأمتعة والمطارات و أرصفة الشحن أو التفريغ",و المثال الذي يعتبر بارزا في القانون المكان المسكون الذي يتعرض للسرقة فزيادة على ضياع ملكية مال المعتدى عليه ينطوي فعل الجاني على انتهاك حرمة المسكن ومسكن الإنسان هو مأواه الذي يطمئن فيه,لذلك يتشدد المشرع في حمايته.
و المشرع الجزائري لم يعرف السكن و إنما ذكره في المادة 355 ق ع "يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك ولو مستقل متى كان معدا للسكن و إن لم يكن مسكونا وقتذاك فالتشديد يتعلق بإعداد المنزل للسكن و ليس بلزوم شغله فعلا و تلحق بالمنزل المسكون مهما كان استعمالها حتى ولو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي .
و التعريف الوارد بالفقه:
1-الأماكن المخصصة بطبيعتها للسكن أي للإقامة فيها ليلا و نهارا لمدة طويلة أو قصيرة كالمنازل, الفنادق المستشفيات, و السجون.
2-الأماكن التي ولو أنها غير مخصصة للسكن إلا أنها مسكونة فعلا أي يقيم فيها شخص أو أكثر فالمحال التجارية و المصانع و المدارس و المسارح و دور المحاكم ليست معدة بطبيعتها للسكن و إنما كان يقيم فيها شخص أو أكثر كحارس ينام بها ليلا فإنها تعتبر مسكونة ومظهر السكن أن الإنسان يحي في المكان كما لو كان في منزله فيعمل و يأكل و يستريح فيه؛ ولا يشترط في المنزل المسكون أن يكون من نوع معين فقد يكون منزلا أو عوامة أو مكبا أو كوخا أو عربة.
3-المكان المعد للسكن: وهو المسكون فعلا و لكن لا يقيم فيه ساكنه مؤقتا كمنزل في المصيف لا يقيم فيه صاحبه وقت الصيف أو كمنزله الأصلي إذ كان قد أغلقه و غادره إلى المصيف
ثالثا: الزمان: يعتبر المشرع زمن ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا لما له من دلالة كاشفة على خطورة الفاعل وميله للإجرام و ق ع الجزائري نص على الليل ظرفا مشددا دون أن يحدد بدايته أو نهايته.
و قضت محكمة النقض المصرية أن ظرف الليل من المسائل المتعلقة بالموضوع التي تفصل فيها نهائيا محكمة الموضوع خاصة و انه لا يوجد تعريف قانوني لليل ؛ و أفضل مثال على ذلك جريمة السرقة التي ترتكب ليلا فهذا الظرف كاف وحده لتطبيق العقوبة المنصوص عليها بالمادة 353 من ق ع,إذ لا يمكن تطبيق العقوبة المنصوص عليها بالمادة 353 من ق ع.
و بالرجوع إلى القانون الجزائري يمتد من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة 5 صباحا المادة 47 من ق اج و يستخلص القاضي ظرف الليل من المعاينات التي تقوم بها الضبطية القضائية حسب تقديره الشخصي و بالنسبة لكل حالة على حدى .
ومن ظروف الزمان كذلك كون السرقة ترتكب أثناء حريق أو زلزال أو فيضان أو غرق أو ثورة أو فتنة أو أي اضطراب آخر.هذا الظرف بقدر ما هو سهل الفهم و التطبيق بقدر ما هو معقول و مقبول إذ لا أحد يشفق على سارق يستغل ظروف مأساوية بدلا من تقديم يد المساعدة لهم و يعاقب على السرقة المرتكبة في أحد ظرفي الزمان المبينين أعلاه بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات و يعتبر هذان الظرفان من الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة .
الفرع الثاني : الظروف المادية المتصلة بالنتيجة الإجرامية المترتبة على الجريمة :
إذا تعلق الظرف المادي المشدد بالنتيجة الإجرامية فإنه يفترض ازدياد جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل , كما قد يكون لموضوع النتيجة الإجرامية قيمة في ذاته أفضل مثال على ذلك جريمة الضرب والجرح العمدي المفضي إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة , نص المشرع الجزائري على أعمال العنف العمد بالمواد 264 إلى 276 ق ع و بالمادتين 442 و 442 مكرر قانون عقوبات .
وتشترك أعمال العنف العمد بكل صورها في الضرب والجرح العمد و إما في عمل من أعمال العنف أو الاعتداء وأن تمس أي شخص مهما كان سنه أو جنسه ,فيراد بالضرب كل تأثير على جسم الإنسان ولا يشترط أن يحدث جرحا أو يتخلف عنه أثر أو يستوجب علاجا ,ويراد بالجرح كل قطع أو تمزيق في الجسم أو في أنسجته, و يتميز عن الضرب في أنه يترك أثرا بجسم الضحية , أما أعمال العنف فيقصد بها ما يمس جسم الضحية دون أن يؤثر عليه أو يترك أثرا فيه ,أما التعدي فهي أعمال مادية وإن كانت لا تصيب جسم الضحية مباشرة فإنها تسبب لها انزعاجا أو رعبا شديدا من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب في قواها الجسدية أو العقلية , ولا يتأثر قيام الجريمة بما ينتج عن أعمال العنف من مرض أو عجز عن العمل وإنما وصف الجريمة والعقوبة المقررة لها هما اللذان يتأثران بخطورة النتائج المترتبة عن أعمال العنف .
وتجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم يعرف العاهة المستديمة , وإنما نص بأن المقصود منها فقد منفعة عضو من أعضاء الجسم فقدا كليا أو جزئيا , سواء بفصل العضو أو تعطيل وظيفته أو مقاومته على أن يكون ذلك بصفة مستديمة أي لا يرجى شفاء منها . وهي مسألة تقديرية يختص بها قاضي الموضوع . و تنص المادة 264 ق ع على أمثلة لما يعتبر عاهة مستديمة وهي بتر أحد الأعضاء و الحرمان من استعمال أحد الأعضاء , فقد البصر أو فقد إبصار أحد العينين.
فالعقوبات التي تقرر لجرائم العنف العمد تختلف حسب خطورة النتائج التي أسفرت عن أعمال العنف , فالأصل أن تكون مخالفة إذا لم ينتج عن أعمال العنف أي مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما , وتكون جنحة إذا نتج عنها مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما . وتكون جناية إذا نتج عنها عاهة مستديمة أو وفاة دون قصد إحداثها .
الفرع الثالث : الظروف الشخصية المشددة:
الظروف الشخصية المشددة هي تلك الظروف التي تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة. ولها عدة صور أوردها القانون على سبيل المثال لا الحصر تتمثل في :1 ـ الإرادة الجنائية للجاني ,2 ــ صفة الجاني , 3ـ الدافع إلى ارتكاب الجريمة , 4ـصفة المجني عليه . 5ـ تعدد الفاعلين.
الفقرة الأولى : الإرادة الجنائية للجاني:
وهي النشاط النفسي الذي يصدر عن وعي و إدراك يتجه إلى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة, كسبق الإصرار الذي عرفه المشرع الجزائري بالمادة 256 ق ع بأنه عقد العزم قبل ارتكاب الفعل على الإعتداء على شخص معين أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته وحتى لو كانت هذه النية متوقفة على أي ظرف أو شرط كان . وعليه يتطلب سبق الإصرار فترة من الزمن تمضي بين العزم على ارتكاب الجريمة وبين تنفيذها و أن يكون الجاني قد فكر فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبر في عواقبه ثم أقدم عليه فالعبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير.
فلا وجود له إذا كان الجاني لا يزال في حالة غضب تعمي بصيرته وتمنعه من التفكير السليم . ولا يشترط أن تكون النية المبيتة على الإعتداء محدودة كما أنه لا عبرة بالغلط في الشخص فالقتل يعتبر مقترنا بسبق الإصرار مثال ذلك من ينوي سرقة منزل مسكونا ويحتاط لحالة التعرض في طريقه فيأخذ معه سلاحا لاستعماله عند الاقتضاء ضد من يحاول القبض عليه . فلا يشترط أن يكون في نية القاتل قتل شخص معين أو غير معين ترمي به الصدف في طريقه كما لا يهم أن يصيب القاتل شخصا غير الذي كان يقصده .
وكالترصد ,عرفته المادة 257 ق ع " بأنه انتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر وذلك لإزهاق روحه أو للاعتداء عليه " .
إن الحكمة من تشديد العقاب في حالة الترصد وفقا لرأي غالبية المشرعين هي أن توفر هذا الظرف ينبئ عن خطورة في الجاني , فهو يعد وسيلته لارتكاب الجريمة ثم يفاجئ المجني عليه بعدوانه الذي لا يستطيع دفعه فهو وسيلة تدل على نذالة الجاني و إمعانه في ضمان انجاح فعلته , وتثير الاضطراب في النفس يأتيها الهلاك من حيث لا تشعر .وحتى يتوافر ظرف الترصد يتعين على الجاني أن يعد عدته على النحو الذي يضمن به المعتدي تنفيذ جريمته غيلة وغدرا من المجني عليه وعلى غير استعداد منه للدفاع عن نفسه والمهم في الترصد هو عنصر المفاجأة ويستوي أن يكون المكان الذي يتم فيه الإعتداء قد اعتاد المجني عليه المرور به أو يتوقع الجاني مروره به بل ويجوز أن يكون ذلك المكان خاصا بالجاني نفسه وينتظره به لاغتياله أو إيذائه ولا أهمية كذلك لفترة الزمن التي تمضي في التربص فقد تطول توقعا لوصول المجني عليه كما قد تقصر لدرجة كبيرة إذا أمكن تحديد وقت وجوده في مكان معين بشكل دقيق فينتظره الجاني به لحظة وصوله ويباشر عدوانه عليه ولا يمنع من قيام الترصد عدم تحديد المجني عليه سلفا بأن يعتدي على كل من يمر به ولا ينفي قيام الترصد كذلك خطأ الجاني في شخص المعتدى عليه لان ذلك لا يغير من الحالة المادية التي كان عليها الجاني وقت اقتراف جريمته وظرف الترصد ظرف موضوعي يسري على جميع المساهمين في الجريمة من علم به ومن لم يعلم به . وعلى القاضي أن يبين ذلك في حكمه .ويعتبر كل من سبق الإصرار والترصد ظرفين مستقلين فوجود أحدهما يكفي لتطبيق العقوبة المشددة حتى ولو لم يوجد الآخر ولا مانع من اجتماعهما معا . ومن الصعب أن نتصور ترصد دون سبق إصرار على أساس أن الثاني يحوي الأول .
وجاء في الإجتهاد القضائي للمحكمة العليا أنه من الثابت أن طرفي سبق الإصرار والترصد, شخصيان يتعلقان بالفاعل الأصلي للجريمة , وبالتالي فإن معاقبة الشريك بهما يعد خطا في تطبيق القانون . (ملف رقم 306921 قرار بتاريخ. 29 /04/2003)
الفقرة الثانية : صفة الجاني :
اعتبر المشرع صفة الجاني مجرد ظرف مشدد خاص يلحق ببعض الجرائم . مثال ذلك كون السارق مستخدما أو خادما بأجر يشكل ظرفا مشددا حتى ولو وقعت السرقة ضد من لا يستخدمونه لكنها وقعت سواء في منزل مخدومة أو في المنزل الذي كان يصحبه فيه.
وكذلك إذا كان السارق عاملا أو عاملا تحت التدريب في منزل مخدومة أو مصنعه أو مخزنه أو إذا كان يعمل عادة في المسكن الذي ارتكبت فيه السرقة .المادة 353 ق ع الفقرة 6 و 7, وهاتان الفقرتان تتكلمان عن طائفتين لكل منهما حكم خاص بها :
الطائفة الأولى تشمل الخدم بالأجرة وهم اللذين يعملون في خدمة شخص ويقومون بلوازمه ولوازم عائلته الخاصة لقاء أجر معين . سواء كان الأجر مقدرا سنويا أو شهريا وسواء كان مبلغا معينا من المال أو عينيا كالأكل والملبس . كالطاهي والبستاني وسائق السيارة والبستاني ومربية الأطفال . . . الخ ..فالمهم أن تكون هناك علاقة خدمة وان يكون العمل مقابل اجر .
ولتشديد العقوبة في هذه الحالة يجب أن تقع السرقة على مال مملوك للمجني عليه وأن يعلم الجاني أن المال مملوك لسيده, والطائفة الثانية تخص المستخدمون والصناع والصبيان وهم اللذين يعملون لدى شخص آخر ولكنهم بحكم عملهم لا يعتبرون خدما ز ومن هؤلاء الكاتب والسكرتير والعامل في المصنع والمحال التجارية سواء كانوا يعملون لدى شخص آخر أو لدى شخص معنوي ويجب أن تقع السرقة بمكان العمل ولا يهم في هذه الحالة لمن تعود ملكية المال المسروق .
الفقرة الثالثة : الدافع إلى ارتكاب الجريمة :
وهو العامل النفسي الذي يحمل الشخص على توجيه إرادته إلى تحقيق النتيجة الإجرامية ولا علاقة له بتكوين القصد الجنائي الذي يقوم على إرادة تحقق الواقعة بغض النظر عن البواعث المحركة للسلوك ولا اثر له على تكوين الجريمة قانونا وإنما ينظر إليه عند تقدير العقاب فقط بموجب السلطة التقديرية للقاضي , ومثال ذلك ما نص عليه المشرع في جريمة القتل العمد التي تقترن بجناية وارتباط القتل بجنحة , ففي الحالة الأولى يشدد القتل ويعاقب بالإعدام إذا سبقته أو زامنته أو تبعته جناية المادة 263 فقرة 1 ق ع ,فلا يتوافر الشرط إذا فصل بين الجنايتين زمن ما و أن يتمثل الفعل الثاني المزامن للقتل في جناية دون تحديد نوعها , ولابد من وقوع جنايتين إذ لو تصورنا أن فعلا واحدا يؤدي على قتل شخصين فلا محل لتطبيق المادة 263 ف 1 ق ع كما يقتضي أن يكون مرتكب الجنايتين هو نفس الشخص . كما يشدد في الحالة الثانية إذا ارتبط القتل بجنحة الفقرة 2 المادة 263 ق ع .
لتحقق هذا الظرف يجب أن يرتكب الجاني قتلا عمدا و أن يرتكب جنحة تكون مستقلة ومتميزة عن القتل ولا يشترط أن تكون تامة فالشروع معاقبا عليه ولا بد أن تكون الجنحة معاقبا عليها قانونا, ويجب أن يكون بين القتل والجنحة رابطة سببية على الصورة التي بينها القانون, مثال ذلك أن يقوم مهرب بضاعة بقتل عون من أعوان الجمارك للتمكن من تهريب بضاعة . وأن تكون هاته الجنحة هي الهدف الأصلي والقتل يرتكب من أجلها .




الفقرة الرابعة : صفة المجني عليه:
ويمكننا حصر ثلاث حالات :
أولا : قتل موظف : المادة 148 ق ع وعقوبتها الأصلية الحبس من سنتين إلى خمس سنوات , غير أنه إذا كان الإعتداء بالعنف و القوة أثناء تأديته وظيفته وكان قصد الفاعل هو إحداث الموت وأدى على حدوثه فتكون عقوبته الإعدام والتشديد هنا مستمد من صفة الموظف سواء كان قاضيا ,ضابطا عموميا أثناء تأدية وظيفتهم أو بمناسبة مباشرتها .
ثانيا : قتل الأصول : نصت عليه المادة 258 ق ع وهو إزهاق روح الأب أو الأم احد الأصول الشرعيين والعبرة بالرابطة الشرعية بين القاتل والضحية فيستبعد التبني والكفالة والولد الطبيعي وتكون عقوبة قتل الأصول دائما الإعدام ولا يستفيد فيها الجاني من الأعذار المخففة . مع مصادرة جميع الأسلحة و الأدوات المستعملة يعاقب بنفس العقوبة وان اعتبار قتل الأصول ظرفا مشددا يتطلب طرح سؤالين أمام محكمة الجنايات الأول : هل قتل فلان فلان؟ و الثاني : هل القاتل ابن شرعي للمقتول؟ .
ثالثا: قتل الطفل حديث العهد بالولادة: عقوبتها السجن المؤبد غير أن الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة تطبق عليها عقوبة مخففة وهو ظرف شخصي لا ينصرف لغيرها, وهي السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة المادة 261 من ق ع الفقرة 2 و من شارك الأم في ارتكاب جريمتها تطبق عليه الظروف المشددة والأعذار المخففة المقررة للقتل العمد.
الفقرة الخامسة:تعدد الفاعلين.
يعتبر التعدد ظرفا مشددا في جريمة السرقة وفقا للمادتين 353 و 354 من قانون العقوبات ويتوفر هذا الظرف في حضور شخصين أو أكثر يعتبر كل واحد منهم فاعلا أصليا كما يوجد التعدد متى كان مع الفاعل الأصلي شريك واحد على الأقل اشترك معه وساعده عند تنفيذ الجريمة,كما لو وقف متربصا عند مكان الجريمة ليدرأ عنه خطر القبض, أو ليحمل معه المتاع المسروق .
أما اذا كان فعل الشريك قاصرا على التحريض أو الاتفاق أو إمداد الفاعل الأصلي بالأسلحة أو الأدوات الأزمة أو مساعدته بأية طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكاب الجريمة فلا يعتبر ظرف التعدد موجودا عندئذ ولا محل لتشديد العقاب لأن التنفيذ تم على يد شخص واحد






الفصل الثاني:
تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام

الفصل الثاني:تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
الفرد حين ارتكابه الجريمة قد يكون مبتدئا و قد يكون في حالة عود ومن جهة ثانية قد يرتكب عدة جرائم في زمن واحد ولكن لم يتم الحكم عليه نهائيا في واحدة منها فما هي آثار ذلك على الجزاء.
المبحث الأول: حالة العود من قبل الجاني :
سنوضح في هذا المبحث ماهية العود بوجه عام من حيث تعريفه وآثاره.
المطلب الأول: مفهوم العود.:
إن العود هو حالة الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد الحكم عليه نهائيا من اجل جريمة سابقة, فهذه الحالة تتكون من تكرار وقوع الجرائم متماثلة أو مختلفة يرتكبها شخص واحد.
و من هذا التعريف نميز العود عن تعدد الجرائم ,إذ في الحالتين ترتكب أكثر من جريمة غير انه في حالة التعدد لا يكون قد صدر حكم قبل ارتكاب الجريمة الأخيرة أما في حالة العود فترتكب الجريمة الأخيرة بعد صدور حكم أو أكثر.
وتثير أحكام العود في التشريع مسألتين إحداهما خاصة بالمسؤولية و الثانية بالعقوبة؛ فيما يخص المسؤولية فان العود يتم عن إصرار من جانب الجاني على مخالفة أحكام القانون الجنائي و يدل فوق ذلك على عدم كفاية العقاب الأول لزجره أو إصلاحه.
و قد جرى البحث فيما اذا كان نظام العود يجب أن يكون عاما أو خاصا, فالعود الخاص لا يوجد إلا في حالة ارتكاب فعل جنائي بعد حكم صادر عن فعل آخر من النوع الأول أو على الأقل مماثل له أما العود العام أو المطلق لا يراعى فيه هذا الظرف بل يوجد كلما ارتكبت جريمة من الجرائم بعد حكم صادر في جريمة أخرى أيا كان نوع كل من الجريمتين,و أن اتحاد نوع الجريمتين لا يكون ضروريا اذا بلغت هاتان الجريمتان درجة معينة من الجسامة وان الأخذ بنظام العود العام فيما يتعلق بالجنايات و الجنح أفضل من النظام الذي يقوم إما على تكرار الجريمة نفسها كالسرقة بعد السرقة القتل بعد القتل ,و إما على ارتكاب جرائم من نوع واحد ناشئة عن دوافع واحدة كالسرقة و النصب و خيانة الأمانة و الضرب و الجرح ,و ذلك لان عادة الأجرام لا تتوقف على التماثل بين الجرائم و إنما تتوقف على دأب الجاني و إصراره على مخالفة أحكام القانون الجنائي.
و فيما يتعلق بالشرط الأساسي الذي يقوم عليه تشديد العقاب في حالة العود هناك نظريتان تتقاسمهما التشريعات الحديثة:.
فبمقتضى النظرية الأولى يقوم مبدأ العقاب على سبق صدور حكم نهائي بالإدانة فيكفي لتكوين العود ارتكاب جريمة بعد حكم أصبح نهائيا و لو لم تنفذ العقوبة أو تسقط بالتقادم و أساس العود هو استهانة المحكوم عليه بالإنذار الذي أعطي له من السلطة القضائية.
و بمقتضى النظرية الثانية لا يكفي الحكم وحده أساسا للعود بل يجب أن تكون العقوبة قد نفذت و ظهر عدم تأثيرها, و هذه النظرية أكثر منطقية لان الذي يبرر تشديد العقاب هو بنوع خاص عدم كفاية العقوبة العادية غير أن معظم التشريعات أخذت النظرية الأولى التي تكتفي في العود بصدور حكم نهائي و لو لم ينفذ هذا الحكم نظرا لبساطة هذه النظرية و سهولة تطبيقها .
ويعتبر العود ظرفا مشددا للجريمة الثانية و بعبارة أصح لعقوبة الجريمة الثانية إذ يخضع لتقدير القاضي, فالعود في ذاته قرينة على سوء السلوك و يجب تمكين القاضي من بحث قيمة هذه القرينة في كل قضية تطرح عليه و معاملة المتهم بما تقتضيه من إطالة مدة العقوبة أو الحكم بعقوبة من نوع آخر ,... و في فرنسا قضى القانون الصادر في 27 ماي 1885 بعقاب العائدين غير القابلين للإصلاح بعقوبة النفي إلى إحدى المستعمرات Relégation .
ولإثبات العود يستعين القاضي بصحيفة السوابق القضائية رقم 2 التي توضح فيها جميع العقوبات الصادرة ضد المتهم سواء الغرامات أو العقوبات السالبة للحرية المعاقب عليها بقانون العقوبات الجزائري, أو الجرائم التي يرتكبها الجزائريين بالخارج ويكون معاقبا عليها في قانون العقوبات الجزائري كذلك , مع الإشارة إلى أن هاته سواء كانت غرامة أو سالبة للحرية . لا تظهر سوى في صحيفة السوابق القضائية رقم 2 ويتم إرسالها من قبل وزارة العدل للدولة المعنية إلى الجزائر وتحفظ في مصلحة السوابق بالجزائر أي بالمجلس الذي يتبع مقر ميلاد المعني . لا تظهرها ته العقوبة في صحيفة السوابق القضائية رقم 3 . ومثال ذلك اتفاقية التعاون القضائي المبرمة بين الجزائر وفرنسا بتاريخ 28/08/ 1962 المادة 33 منها .
ملاحظة : إن العقوبة التي ينطق بها القاضي قد تكون موقوفة النفاذ وهو استثناء على نظام الحكم بالعقوبة المنفذة . وحين الحكم بوقف التنفيذ يلزم على القاضي تسبيب حكمه . وبهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ بصحيفة السوابق رقم 1, وفي القسيمة رقم 2 التي تسلم لبعض الإدارات والقضاة ,في حين لاتسجل في القسيمة رقم التي تسلم للمعني بالأمر وتحتسب هذه العقوبة في تحديد العود.2



المطلب الثاني: التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري:
أدخل المشرع اثر تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤرخ في 20/12/2006 تعديلات جوهرية على أحكام العود مما حذا به إلى إلغاء المواد 54 ,55 ,56, و 58 ذات واستبدالها بنصوص جديدة في المواد 54 مكرر إلى 54 مكرر 10 مستوحاة في مجملها من قانون العقوبات الفرنسي, إضافة إلى إدراج أحكام خاصة بالشخص المعنوي.
الفرع الأول: الشروط العامة للعود.
يميز المشرع الجزائري من حيث تطبيق العود بين الجرائم حسب وصفها و أحيانا حسب العقوبة المحكوم بها لاسيما في مواد الجنح. ففي الجنايات يشترط قانون العقوبات لتطبيق العود توافر شرطين و هما:
1 -حكم سابق نهائي: أن تكون الجريمة الجديدة قد ارتكبت بعد حكم جزائي سابق نهائي و المقصود هو الحكم البات, ولا يكون ذلك إلا بانقضاء مواعيد الطعن أو بالفصل في الطعن بالنقض و هكذا قضى بأن أحكام العود لا تطبق ما دام المدعى عليه في الطعن لم يسبق الحكم عليه بالحبس)أو بالسجن( قبل ارتكاب الجنحة )أو الجناية( التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه.
2-جريمة لاحقة: تشترط حالة العود ارتكاب جريمة ثانية بعد الحكم الأول النهائي على أن تكون الجريمة الثانية مستقلة عن الجريمة الأولى المحكوم فيها و في الجنح يضاف شرط ثالث إلى الشرطين المذكورين أعلاه وهو ارتكاب الجنحة الجديدة خلال فترة معينة حددها المشرع تارة ب 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة و تارة ب 5 سنوات .
و قد يضاف إليها شرط رابع و هو التماثل بين الجنحة الأولى التي صدر فيها الحكم النهائي و الجنحة اللاحقة لها.
و القانون لا يلزم القضاة بتطبيق العود حال توافر شروطه فهو أمر جوازي متروك لتقديرهم .
الفرع الثاني: العود في مواد الجنايات و الجنح
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي
ينص ق ع على العود في الجنايات و الجنح بالنسبة للشخص الطبيعي في المواد من 54 مكرر إلى 54 مكرر 3.


أولا: في الجنايات و الجنح: و تنقسم حالات العود في الجنايات و الجنح إلى أربع حالات و هي:
1-العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات(إلى جناية:
و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر, و لتحقيق العود يشترط فيها أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات كما هو الحال بالنسبة لجنح السرقة المنصوص عليها في المواد 350 مكرر و 352 مكرر و 354 المعاقب عليها على التوالي بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات و بالحبس من 5 سنوات إلى 10 سنوات .
و الشرط الثاني لتحقيق العود هو أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها و العود في هذه الحالة عود عام و مؤبد, فهو عام لأن القانون لا يشترط فيه تماثلا بين الجناية أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة و هو مؤبد لأن القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي البات و الجريمة الجديدة.
و هكذا فإذا ما سبق الحكم على شخص بخمس سنوات سجنا من أجل السرقة الموصوفة ثم بعد عشرين سنة ارتكب جناية القتل ففي هذه الحالة يجوز تطبيق أحكام العود عليه.
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات(إلى جنحة مشددة:
هاته الحالة منصوص عليها بالمادة 54 مكرر 1 و يشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات و أن تكون الجريمة الثانية جنحة معاقبا عليها بنفس العقوبة أي بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات.
2. 1- شروط العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 1: يعد العود هنا من صور العود الكبير الذي كانت تنص عليه المادة 55 قبل إلغائها و يشترط لتحقيقه توافر 3 شروط:
أ- أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات و لا يهم مقدار العقوبة المقضي بها. و هنا يكمن الاختلاف الأول مع ما كانت تنص عليه المادة 55 الملغاة التي كانت تشترط أن تكون العقوبة المقضي بها عقوبة جنحية بسبب وجود عذر قانوني أو ظرف مخفف على أن لا تقل مدة الحبس المقضي بها عن سنة.
ب- أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة الحد الأقصى لعقوبتها يزيد عن 5 سنوات و لا تهم بذلك طبيعة نوعية هذه الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديد خلال 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة هنا يكمن الاختلاف الثاني مع ما كانت تنص عليه المادة 55 ق ع الملغاة التي كانت تشترط مضي 5 سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة الأولى أو سقوطها بالتقادم و العود في هذه الحال عود مؤقت.
3- العود من جناية أو من جنحة)عقوبتها تفوق 5 سنوات حبسا(إلى جنحة بسيطة)عقوبتها لا تفوق 5 سنوات ( و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 2؛ و يشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة الحبس حدها الأقصى لا يتجاوز 5 سنوات حبسا.
3. 1- شروط العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 2 هو صورة أخرى للعود الكبير الذي تنص عليه المادة 55 قبل إلغاءها و يشترط فيه لتحقيقه توافر ما يلي:
أ- أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات و لا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
ب- أن تكون الجريمة الجديدة جنحة من الجنح التي يعاقب عليها القانون بعقوبة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 5 سنوات, فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال 5 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة, فالعود هنا عود مؤقت و ليس دائم.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو إلى جنحة مماثلة: حالة المادة 54 مكرر 3 يشترط لتحقيقه توافر 3 شروط و هي:
أ- أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة عقوبتها لا تتجاوز 5 سنوات ولا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
ب- أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها وهنا عود خاص يشترط فيه التماثل بين الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها المادة 57 نصت على نفس النوع لتحديد العود.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
و العود هنا عود مؤقت وليس دائما, على غرار الحالة الثالثة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 3 ق ع .
ثانيا: في المخالفات:
نص قانون العقوبات على العود في مواد المخالفات بالنسبة للشخص الطبيعي في المادة 54 مكرر 4 ق ع بعدما كان ينص عليه بالمادة 58 ق ع قبل تعديل 2006.
و يمتاز هذا العود بخاصيتين:
أ‌- هو عود مؤقت, يشترط القانون لتحقيقه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير.
ب‌- هو عود خاص إذ اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة .
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي.:
نقل المشرع حالات العود الخاصة بالشخص الطبيعي, وهي أربع حالات بالنسبة للجنايات و الجنح و حالة خاصة بالمخالفات,إلى الشخص المعنوي مع تطبيق هاتين القاعدتين فيما يتعلق بالعود في مواد الجنايات و الجنح وهي:
1-استبدال عقوبة 5 سنوات كمعيار مميز لحالات العود الأولى و الثانية والثالثة المنصوص عليها في المواد 54 مكرر 54 مكرر 1 و 54 مكرر 2 عندما يتعلق الأمر بالشخص الطبيعي ,بغرامة 500000 دج عندما يتعلق الأمر بالشخص المعنوي .
2- مضاعفة العقوبة المقررة للشخص المعنوي في حالة العود بعشرة مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على الجريمة التي هي في الواقع ضعف العقوبة المقررة للشخص المعنوي كما هي محددة بالمادة 18 مكرر من ق ع و هي غرامة من 1 إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي.
أولا: بالنسبة للجنايات والجنح : نص عليها ق ع الجزائري في المواد من 54 مكرر 5 إلى 54 مكرر 8 ويمكن تقسيمها إلى أربع حالات:
1-العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق حدها الأقصى 500000 دج ( إلى جناية: و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 5 و يشترط في هذه الحالة لتحقيق العود أن كون الجريمة الأولى جناية أيا كانت عقوبتها أو جنحة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج و أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها و عقوبتها.
العود هنا عام ومؤبد, فالقانون لا يشترط تماثلا بين الجناية و أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة, و هو مؤبد لان القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي السابق و الجريمة الجديدة.
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق حدها الأقصى 500000 دج إلى جنحة مشددة: و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 6 و يشترط بها 3 شروط:
أ-أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة معاقبا عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج.
ب-أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة هي الأخرى يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج و لا تهم بعد ذلك طبيعة ونوعية الجنحة, فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال العشر سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة و العود هنا عود مؤقت و ليس دائما كما هو الحال بالنسبة للعود من جناية أو جنحة مشددة إلى جناية التي يعتبر فيها الشخص عائدا مهما كان الزمن الفاصل بين الحكم السابق و الجريمة الجديدة.
3- العود من جناية أو من جنحة مشددة )الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق 500000 دج(إلى جنحة بسيطة: وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 7 و لتوافرها يجب تحقيق 3 شروط:
أ-أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة معاقبا عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج.
ب-أن تكون الجريمة الجديدة جنحة بسيطة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 500000 دج و لا تهم بعد ذلك طبيعة و نوعية هذه الجنحة. فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة خلال خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة, و العود في هذه الحالة عود مؤقت وليس دائما.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو جنحة مماثلة: وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 8 و لتحقيقها هناك 3 شروط:
أ-أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة.
ب-أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها فالعود في هذه الحالة خاص يشترط فيه القانون تماثلا بين الجنحة التي سبق فيها الحكم نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة العود هنا مؤقت وليس دائما.
ثانيا بالنسبة للمخالفات: نصت عليها المادة 54 مكرر 9 و يأخذ نفس ميزات العود المنصوص عليها بالنسبة للشخص الطبيعي.
1-عود مؤقت: يشترط القانون لتحقيقه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير.
2- عود خاص: إذ اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة.


الفرع الثالث: آثار العود:
ونميز بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي.
أولا: بالنسبة للجنايات و الجنح.
1-في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها تفوق خمس سنوات حبسا إلى جناية المادة 54 مكرر.
ميزت المادة 54 مكرر في هذه الحالة بين فرضيتين:
أولا: اذا كانت الجناية الجديدة قد أدت إلى إزهاق روح إنسان تكون العقوبة المقررة هي الإعدام.
و المشرع لم يشترط أن تكون العقوبة المقررة للجناية الجديدة هي السجن المؤبد كما كان الأمر فبل تعديل ق ع في 2006 و عليه تطبق عقوبة الإعدام حتى وان كانت هذه الجناية معاقبا غليها بالسجن المؤقت كما هو الحال بالنسبة للضرب و الجرح العمدي المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها المنصوص و المعاقب عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 264 ق ع.
و هكذا اذا سبق الحكم على شخص ب 5 سنوات سجنا من أجل هتك عرض وارتكب بعد 20 سنة جناية القتل العمد أو جناية الضرب و الجرح العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها فتكون العقوبة المقررة له في هذه الحالة هي الإعدام.
ثانيا: اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجناية الجديدة 20 سنة سجنا يصبح حدها الأقصى السجن المؤبد.
و هكذا اذا سبق الحكم على شخص بشهرين حبسا من أجل جنحة السرقة المنصوص عليها بالمادة 350 مكررق ع و ذلك بفعل تطبيق الظروف المخففة و ارتكب بعد 20 سنة من صدور هذه العقوبة جناية هتك العرض المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 336 فقرة 1ق ع بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات, ففي هذه الحالة يرفع الحد الأقصى لعقوبة الجناية المرتكبة إلى الضعف ليصبح 20 سنة سجنا.
و في كل الأحوال: يرفع الحد الأقصى للغرامة المقررة إلى الضعف إذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالسجن و الغرامة كما هو الحال في جناية السرقة الموصوفة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 353 و بعض الجنايات ضد امن الدولة )المادة 114( بعض صور تزوير النقود)المادة 197 الفقرة 2 و المادة 198 الفقرة 2(.
ملاحظة: المادة 54 مكرر لم تشر إلى الفرضية التي تكون فيها الجناية الثانية معقبا عليها بالسجن المؤبد ولم تؤد إلى إزهاق روح إنسان كالشروع في القتل العمد مثلا أو تزوير النقود المواد 197 – 198 و تقليد ختم الدولة المادة 205 ومن ثم لا يبق أمام جهات الحكم إلا تطبيق العقوبة المقررة لهذه الجنايات أي السجن المؤبد.
وفي كل الفرضيات: تبقى تشديد العقوبة أمرا جوازيا وكان الأمر كذلك أيضا في ظل التشريع السابق.
2- في حالة المادة 54 مكرر 1: يؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس و الغرامة إلى الضعف وكان الأمر جوازيا بالمادة 55 الملغاة.
وتبعا لذلك تضاعف الحد الأقصى لعقوبة الحبس المقررة للجريمة الجديدة اذا كانت المقررة لها من 5 إلى 10 سنوات فيصبح 20 سنة حبسا و يضاعف الحد الأقصى لعقوبة الحبس اذا كانت العقوبة المقررة لها من 10 إلى 20 سنة فيصبح 40 سنة حبسا, غير انه يتبين من استقراء الفقرة 2 من المادة 54 مكرر 1 أن الأمر يكون هكذا في فرضية واحدة و هي عندما يكون الحد الأقصى لعقوبة الحبس المقرر قانونا لا تزيد على عشر سنوات. وبوجه عام يميز المشرع بين 3 فرضيات:
أ-اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يساوي أو يقل عن 10 سوات و يزيد عن 5 سنوات : يرفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس و الغرامة وجوبا إلى الضعف.
ب- اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يزيد عن 10 سنوات و يقل عن 20 سنة : يرفع الحد الأقصى إلى 20 سنة.
ج- اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يساوي 20 سنة يرفع الحد الأدنى و جوبا إلى الضعف.
زيادة على تشديد العقوبة في حالة العود حيث نص المشرع على الحالة المنصوص عليه في المادة 54 مكرر 1 على جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9ق ع.
3- آثار العود بالحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 2: يؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة إلى ضعف, وكان الأمر جوازيا في ظل التشريع السابق؛ و علاوة على مضاعفة الحد الأقصى للعقوبة نصت المادة 54-3 على جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9. ق ع .
4- آثار العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 3:يؤدي العود إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة وجوبا وخلافا للحالتين الواردتين بالمواد 54 مكرر 1 و 54 مكرر 2 ق ع لا يوجد بالمادة 54 مكرر 3ق ع ما يفيد جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9ق ع في حالة العود.
ملاحظة: لا يؤخذ بالعقوبة المحكوم بها من طرف المحاكم العسكرية لجناية أو جنحة كسابقة لتطبيق العود إلا اذا كانت هذه العقوبة قد صدرت من أجل جناية أو جنحة معاقب عليها في القانون العام و من هذا القبيل الجنايات أو الجنح ضد امن الدولة و ضد الأفراد و الأموال, أما المحاكم العسكرية البحتة مثل التهرب من أداء الخدمة الوطنية و عدم إطاعة الرئيس فلا يؤخذ بها لتطبيق العود )المادة 59 من ق ع(.
كما لا يؤخذ بالعقوبات الصادرة عن المحاكم الأجنبية و ذلك ما جرى عليه الفقه الدولي فهو لا يحتسبها سابقة للعود.
لم ينص المشرع على الحالة التي تكون فيها الجريمة السابقة جناية أو جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات حبس( اذا ارتكب المحكوم عليه بعد 5 سنوات من قضاء العقوبة السابقة جنحة عقوبتها تفوق 5 سنوات فهي لا تنطبق على المادة 54 مكرر 1 كون الحد الأقصى لعقوبة الجريمة الثانية لا يزيد على 5 سنوات كما لا تنطبق عليها المادة 54 مكرر 2 ولا المادة 54 مكرر 3 لكون الجريمة الثانية ارتكبت بعد خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة.

ثانيا: بالنسبة للمخالفات.
مثلما كان عليه الحال بالمادة 58 الملغاة تميز هذه المادة 54 مكرر 4 ق ع من حيث آثار العود في مواد المخالفات بين المخالفات التي تنتمي إلى الفئة الأولى و تلك التي تنتمي إلى الفئة الثانية.
الفئة الأولى: المخالفات المنصوص والمعاقب عليها بالمواد من 440 إلى 445 من ق ع يترتب على العود تطبيق العقوبات المغلظة المقررة بالمادة 445 ق ع وهو النص الذي يعاقب العائد بموجبه بالحبس لمدة تصل إلى 4 أشهر و بغرامة 40000 دج.
الفئة الثانية : يترتب على العود هنا تطبيق العقوبات المغلظة المقررة بالمادة 465 من ق ع:
- رفع عقوبة الحبس إلى شهر و الغرامة إلى 24000 دج لمخالفات الدرجة الأولى من الفئة الثانية)449-450(.
- رفع عقوبة الحبس إلى 10 أيام و الغرامة إلى 16000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية من الفئة الثانية)451-458(.
- رفع عقوبة الحبس إلى 5 أيام و الغرامة إلى 12000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية .

الفقرة الثانية:آثار العود بالنسبة للشخص المعنوي.
أولا: بالنسبة للجنايات والجنح.
1- في حالة المادة 54 مكرر 5 ميزت بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة فان النسبة القصو للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجناية.
ب- اذا كانت الجناية الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي إحدى العقوبات الآتية بحسب العقوبة المقررة للشخص الطبيعي:
- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بالاعدام أو السجن المؤبد تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 20000000 دج.
- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص لطبيعي بالسجن المؤقت كما هو الحال بالنسبة لجنايات المشاركة في تنظيم إرهابي )المادة 287 مكرر 3 فقرة 2( و تزوير طابع وطني المادة 206 و الاحتجاز غير الشرعي المادة 291 تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 10000000 دج.
2- آثار العود في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق خدها الأقصى 500000 دج(إلى جنحة مشددة: يميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في لقانون الذي يعاقب على هذه الجنحة. مثلا تطبق حالة العود على الشخص المعنوي الذي يرتكب جنحة بيع مواد مغشوشة أو فاسدة اذا ألحقت مرضا أو عجزا عن العمل غرامة من 500000 دج إلى 10000000 دج.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 10000000 دج.
3- آثار العود في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة)عندما يكون الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق 500000 دج( إلى جنحة بسيطة المادة 54 مكرر 7 : يميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5000000 دج.
4- آ ثار العود في حالة العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة إلى جنحة مماثلة المادة 54 مكرر 8: ويميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5000000 دج.
ثانيا: بالنسبة للمخالفات.
يترتب على العود بالنسبة لمواد المخالفات ان تطبق غرامة نسبتها القصوى تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه المخالفة بالنسبة للشخص الطبيعي.










المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة :
يعرف الفقهاء تعدد الجرائم بأنها, الحالة التي يرتكب فيها الشخص لعدد من الجرائمدون أن يفصل بينها حكم بات ,وقرر المشرع الفرنسي على انه يكون هناك تعدد في الجرائم حينما يرتكب الشخص جريمة جديدة قبل إدانته نهائيا من اجل جريمة أخرى ,ويعتبر القانون المجرم في حالة تعدد الجرائم اقل خطرا من المجرم العائد للجريمة وذلك لانه يفترض ان هذا الشخص لم يخضع كالعائد لإنذار قضائي أي حكم سابق وقد نص المشرع الجزائري على حالة تعدد الجرائم بالمواد 32 إلى 38 ق ع "فما مفهوم التعدد وما أثره في تقدير الجزاء بالنسبة للقاضي .
المطلب الأول: مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص :
لم يعرف القانون الجريمة , وذلك راجع لتطور المجتمع ومفاهيمه على نحو الذي تظهر فيه عدة سلوكيات جديدة قد تصبح مجرمة , وتقوم الجريمة عموما على ثلاثة أركان وهي الركن الشرعي . فلا جريمة ولا عقوبة بغير نص , والركن المادي وهو العمل الخارجي الذي أتاه الجاني وتقع الجريمة نتيجة له وهذا النشاط قد يكون فعلا أو امتناعا عن فعل , وركن معنوي يتمثل في اتجاه إرادة الجاني لما قام به من عمل خارجي, أو نشاط جنائي على أن يكون الجاني متمتعا بملكتي الإرادة والتمييز .
إن تعدد الجرائم يتطلب تعدد الأعمال الخارجية , فمثلا إذا أطلق شخص رصاصة في مكان مأهول بالناس تهورا فأصابت اثنين و أودت بحياتهما ,فهنا لم يأت الفاعل سوى عملا ماديا واحدا وهو إطلاق رصاصة واحدة ولد نتيجتين هما قتل عمد وشروع في قتل عمد, فوحدة الفعل لا يمكن أن تؤدي إلا إلى جريمة واحدة مهما تعددت النتائج كرصاصة أطلقت فأصابت رجلين فلا أثر لتعدد النتائج أو تعدد الأوصاف في حالة تعدد الجرائم إذا ما كان الفعل المادي الذي اقترفه الجاني واحدا.
وبالمقابل هناك من الجرائم ما يتكون من أفعال مادية متعددة إذ لا يكتمل ركنها المادي إلا إذا وقعت هاته الأعمال المادية جميعها كجريمة النصب مثلا المعاقب عليها بنص المادة 372 ق ع إذ يتكون ركنها المادي من الطرق الاحتيالية ومن الاستيلاء على مال الغير وعليه فهي جريمة مركبة من عملين ماديين.
و هناك الحالة التي يكون فيها الركن المادي يتكون من حالة تحتمل بطبيعتها الاستمرار سواء أكانت هاته الحالة ايجابية أم سلبية ومعنى ذلك أن الجريمة المستمرة توجد بمجرد قيام هاته الحالة وتستمر باستمرارها فالجريمة المستمرة تتطلب أن يستغرق ارتكابها مدة من الزمن ,وهي حسب الفقه تكون إما ذات استمرار ثابت فحالة الاستمرار انطلقت بذاتها وبقيت دون حاجة لتدخل من الفاعل كالبناء دون رخصة , والجريمة ذات الاستمرار المتجدد والتي تتطلب تدخل الفاعل فيها بصورة متجددة كحمل السلاح دون رخصة ,فتجدد الإرادة يؤدي إلى تعدد الفعل المادي المكون له,إضافة إلى تعدد الأركان المادية يتطلب الأمر تعدد الأركان المعنوية المكونة لها وإذا لم تكن هاته الأفعال إلا تنفيذا لجريمة واحدة صمم الجاني على ارتكابها لا نكون أمام حالة تعدد أو مشروع إجرامي صمم الجاني على تنفيذه دفعة واحدة كمن يطعن شخص عدة طعنات فيرديه قتيلا .
و التعدد نوعان: تعدد صوري و هو أن يرتكب شخص فعلا واحدا يقبل عدة أوصاف و يخضع من حيث الجزاء لأكثر من نص ,و تعدد حقيقي أن يرتكب شخص عددا من الأفعال المكونة لعدة جرائم قبل أن يحكم عليه نهائيا في واحدة منها.
المطلب الثاني:التعدد و أثره في تقدير الجزاء:
الفرع الأول : التعدد الصوري :
الأصل في القانون الجزائي أنه لا محل لتعدد العقوبات اذا كانت الجريمة واحدة ولو تعددت أوصافها وعلى هذا تنص المادة 32 من ق ع على أنه يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف الأشد من بينها و قد جاء في اجتهاد المحكمة العليا على أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة تكييفات بالوصف الأشد, و الاحتفاظ بوصفين متعارضين لواقعة واحدة يشكل تصريحا مزدوجا للاتهام وتناقضا في الأسباب كما تخالف القانون محكمة الجنايات التي وصفت جريمة واحدة بوصفين مختلفين .
و قد قرر المشرع الفرنسي انه حين متابعة شخص معين و تتم إدانته لذلك بعدة جرائم متعددة فانه يمكن النطق بكل عقوبة على حدة وبما أن عدة عقوبات قد تكون ذات طبيعة واحدة فانه يتم النطق بعقوبة واحدة من هاته الطبيعة في إطار الحد الأقصى المطبق قانونا بينها .فالمشرع الفرنسي لم ينص على التعدد الصوري وإنما نص على تعدد العقوبات المحكوم بها.
و قد قررت محكمة النقض السورية أن حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد هو اعتبار المتهم إنما قصد ارتكاب الجريمة أشد عقوبة فقط دون الجريمة أو الجرائم الأخف فلا تصح مؤاخذة المتهم إلا عن جريمة واحدة هي الأشد عقوبة .
وتطبق كذلك قاعدة الوصف الأشد في حالة التعدد الصوري بين جرائم القانون العام والجرائم الخاصة.
فمن ارتكب جريمة هتك عرض امرأة في الطريق العام وهي جريمة تكون في نفس الوقت فعل علني فاضح لا يؤاخذ إلا عن جناية هتك العرض لأنها هي الوصف الأشد هذا في حالة ما إذا كانت الأوصاف الجنائية من طبيعة مختلفة .
أما إذا كانت من طبيعة واحدة , كأن يطلق شخص رصاصة فيقتل اثنين فإن الجاني لا يسأل إلا عن جريمة قتل واحدة فلا ترفع على المتهم إلا دعوى واحدة , تكون عن الجريمة ذات الوصف الأشد , فإذا كان الفعل يوصف في آن واحد بأنه هتك عرض وفعل علني مخل بالحياء , فإن الدعوى ترفع باعتبارها جريمة هتك عرض لأنها الجريمة ذات الوصف الأشد .
وإذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وصدر فيها حكم نهائي بالبراءة , فلا يجوز رفع الدعوى ثانية عن الواقعة ذاتها بوصف آخر .
الفرع الثاني : التعدد الحقيقي:
ينقسم إلى صورتين :
أولا :المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة المادة 34 ق ع : في هذه الحالة يرتكب الجاني جريمتين أو أكثر لا يفصل بينها حكم نهائي , تحال معا أمام نفس الجهة القضائية للفصل فيها في جلسة واحدة .
وفي هاته الصورة بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية فالقاعدة أن تبت جهة الحكم في إذناب الجاني عن كل جريمة ثم تقضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية على أن لا تتجاوز مدتها الحد الأقصى المقرر للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد , أما فيما يتعلق بالعقوبات المالية فالقاعدة هي جمع العقوبات المادة 36 ق ع .
غير أنه يجوز للقاضي أن يقرر عدم جمع الغرامات بحكم صريح وهنا لا بد أن نميز بين الغرامات الجزائية والغرامات الجبائية التي يختلط فيها الجزاء بالتعويض كما هو حال الغرامات المقررة جزاء للجرائم الجمركية أو الضريبية . والغرامات الجبائية لا يجوز دمجها وإنما تصدر غرامة عن كل جريمة يثبت ارتكابها قانونا .
مع ملاحظة أن المشرع الجزائري ألغى العقوبات التبعية . و أبقى على المادة 37 ق ع التي تنص على جواز جمعها .
أما فيما يتعلق بالعقوبات المقررة في مواد المخالفات فإنه يجب جمعها المادة 38 ق ع وهاته القاعدة تنطبق على الحبس والغرامة على حد سواء .
وهاته القاعدة تبقى صحيحة حتى في حالة تعدد مخالفات مع جنح فتجمع العقوبة المقررة للجنحة سواء كانت حبسا أو غرامة أو عقوبة تكميلية مع عقوبات الحبس أو الغرامات المقضي بها في المخالفات .
ثانيا : أن تكون المتابعات متتالية والمحاكمات منفصلة :
إن الفقرة الثانية من المادة 35 ق ع وضعت استثناءا لمبدأ جب العقوبات إذا كانت العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة لتجيز للقاضي أن يأمر بضمها أي جمعها جزئيا أو كليا . وذلك في إطار الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد ويصدر القاضي قرارا مسببا أي متضمنا جميع البيانات التي تسمح للمحكمة العليا من بسط رقابتها .
ويأمر بضم كل العقوبات المحكوم بها أو البعض منها و تحديد العقوبة التي يجب تنفيذها والتي لا يجوز أن تكون مدتها أكثر من الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .وبالتالي لا يجوز رفض طلب جب العقوبات الذي يعد حقا للمحكوم عليه في حالة توفر شروط الفقرة الأولى من المادة 35 ق ع . في حين تمنح الفقرة الثانية من نفس المادة السلطة التقديرية للقاضي ولكن تقيدها بضرورة تسبيب قراره وعدم تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .
كما أن مسألة الخلط بين الدمج والضم لا تخضع لرقابة المحكمة العليا وهذا بناءا على اجتهاد المحكمة العليا إذ اعتبرت أن اعتماد قضاة المجلس لرفض طلب ضم العقوبات واعتبارها حالة عود مشددة لا يؤدي إلى نقض القرار المطعون فيه ما دامت النتيجة قانونية حتى ولو أسست على تعليل غير كاف (ملف رقم 277123 قرار بتاريخ 01/07/2003)
ملاحظة :
إذا تعددت الملاحقات القضائية وصدرت عدة أحكام أو قرارات بالإدانة وكانت الوقائع لا يفصل بينها حكم نهائي جاز دمج تلك العقوبات فتطبق الأشد منها فقط ,ويصبح هذا الدمج وجوبيا إذا كانت العقوبات المقضي بها ليست من طبيعة واحدة أي أن بعضها جنحية واخرى جنائية فإذا كانت من طبيعة واحدة أي جنحة مع جنحة أو جناية مع جناية يجوز ضمها كلها أو بعضها بحكم أو بقرار مسبب في حدود الحد الأقصى المقرر قانونا للعقوبة الاشد.
وتفصل في طلب الضم أو الدمج آخر جهة قضائية أصدرت العقوبة لكن إذا كانت هناك عقوبة جنائية فإن غرفة الإتهام هي التي تفصل في الطلب .
والضم هو جمع مدة العقوبة الأولى مع الثانية فإذا كانت الأولى 6 سنوات و الثانية 4 سنوات أصبحت العقوبة المطبقة 10 سنوات .أما في حالة الدمج فإن الأشد تمتص الأخف لتصبح في المثال المذكور6 سنوات .








الخاتمة

الخاتمة :
إن ارتباط القاضي الجزائي بالعقوبة قديم الأزل والقرار الذي يتخذه القاضي حين نهاية دراسته للملف يعتبر عنوانا للحقيقة وملزم للطرفين وحجة بالإضافة لهما في مواجهة المجتمع.
والمتهم بريء أمام القانون حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته مع كل الضمانات التي تتطلبها القانون.
ونلاحظ بعد دراستنا هذا الموضوع أن سلطة القاضي في تقدير العقوبة في قانون العقوبات الجزائري في حق المتهم المدان ليست مقيدة وليست مطلقة في نفس الوقت و إنما هي مرنة , وخاصة بالرجوع للطبيعة الخاصة لقانون العقوبات إذ لا يمكن القياس فيه إذ أن العقوبة محددة مسبقا في القانون سواء كانت بين حدين أدنى وأقصى أو حد أدنى فقط أو مع تحديد الحد الأقصى فقط سواء قررت لها الغرامة أو وضع حد للمتابعة الجزائية في بعض الجرائم التي يقرر القانون فيها أن صفح المضرور يضع حدا للمتابعة الجزائية كجرائم السب .
كما يمكن للقاضي تخفيف العقوبة وتشديدها والإعفاء منها كلما توافرت الشروط اللازمة لذلك وحتى لما تكون الأعذار القانونية إلزامية فإن ذلك لا يعتبر تقييدا لحرية القاضي في تبرير العقاب وإنما هو تجسيد لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص .
ونلاحظ أن المشرع الجزائري قد قرر ظروف التخفيف في كل الجنايات والجنح والمخالفات , وبالنسبة للأعذار القانونية المعفية أو المخففة أغلبها كانت في مسائل الجنايات .
وهناك ملاحظة فيما يتعلق بالظروف المشددة , فإن المشرع الجزائري لم يحدد سوى قواعد الظروف المشددة العامة . والمتمثلة في العود و فصل في أحكامها .
أما الظروف المشددة الخاصة فإن المشرع الجزائري رغم إقراره وجودها إلا انه لم يحددها وإنما جعل كل جريمة على حدى وعلى حسب الطريقة التي يتم بها ارتكابها.
كما أن الظروف المشددة تؤثر على الوصف القانوني للجريمة المرتكبة و تأخذ بها سلطة النيابة في تكييف الجريمة وما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة . عكس الظروف المخففة والأعذار القانونية التي لا تدخل إلا في اختصاص قاضي الحكم . كما أنه كان على المشرع الجزائري حين إلغائه للعقوبات التبعية في التعديل الأخير 2006 أن يلغيها من مسالة ضم العقوبات المتعلقة بالعقوبات التبعيةالواردة بالمادة37 قانون عقوبات .
كما أن تقرير المشرع الجزائري للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تعتبر خطوة بناءة بالنسبة لقانون العقوبات الجزائري لمواكبة التطورات الحاصلة بالعالم المعاصر .
وفي الأخير وبعد دراسة الملف وتأسيس الحكم وإسناد الفعل للمتهم بناءا على أدلة وبراهين في محكمة الجنح والمخالفات , أو بناءا على اقتناع شخصي في الجنايات ينطق القاضي بحكمه :
بإدانة المتهم فلان فلان بالجرم المنسوب إليه طبقا للمادة من قانون العقوبات وعقابا له الحكم عليه بمقدار العقوبة المناسب من حبس و غرامة مع تحديد مدة الإكراه البدني وفقا للمواد 600 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية والمصاريف القضائية على عاتق المتهم المحكوم عليه .
في هذا الإطار بقي سؤال واحد وهو عن الإكراه البدني ؟فنقول أنه وسيلة لتنفيذ العقوبة وليس عقوبة .
وأخيرا فإن تقدير الجزاء الجنائي هو دليل استيعاب القاضي للملف وتجسيد شرعية الجرائم والعقوبات .






قائمة المراجع

قائمة المراجع :
أولا : الكتب باللغة العربية :
1ـ د احسان بوسقيعة .قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية.منشورات بيرتي طبعة 2007 ـ 2008.الجزائر.
2ـ د احسان بوسقيعة . قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية .منشورات بيرتي . طبعة 2007 ـ 2008. الجزائر.
3 ـ الدكتور احسان بو سقيعة . الوجيز في القانون الجزائي العام . الطبعة الرابعة . دارهومة للطباعة والنشر والتوزيع.سنة 2006 الجزائر .
4 ـ الدكتور احسان بوسقيعة . الوجيز في القانون الجزائي الخاص . الجزء الأول . الطبعة الخامسة . دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع . سنة 2006 . الجزائر .
5 ـ . الاستاذ.أديب استانبولي. شر ح قانون العقوبات . الجزء الأول . المكتبة القانونية . سنة 1989. دمشق.
6 ـ المستشار.جندي عبد الملك . الموسوعة الجنائية .رشوة ـ ظروف الجريمة .الجزء الرابع.مكتبة العلم للجميع . سنة 2004ـ 2005.بيروت .
7 ـ المستشار.جندي عبد الملك بك . الموسوعة الجنائية .عقوبة ـ ضرب و جرح. الجزء الخامس . مكتبة العلم للجميع. سنة 2005. بيروت .
8 ـ الدكتور . دردوس مكي .القانون الجنائي الخاص . في التشريع الجزائري. الجزء الأول.ديوان المطبوعات الجامعية.سنة.2005. الجزائر.
9ـ الدكتور. عبد الحميد الشواربي . الظروف المشددة والمخففة للعقاب .دار المطبوعات الجامعية .سنة 1986. مصر.
10 ـ الدكتور عبد الله سليمان . شرح قانون العقوبات الجزائري . القسم العام . الجزء الأول . الجريمة .دار المطبوعات الجامعية .1989. الجزائر .
11 ـ الدكتور عبد الله سليمان . شرح قانون العقوبات الجزائري . القسم العام . الجزء الثاني الجزاء الجنائي .دار المطبوعات الجامعية . 1989. الجزائر .
12ـ المستشار . عز الدين الديناصوري .الدكتور عبد الحميد الشواربي. المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات والإجراءات الجنائية .دار المطبوعات الجامعية .1993 مصر
13 ـ المستشار معوض عبد التواب . قانون العقوبا معلقا عليه بأحكام محكمة النقض منذ إنشائها وحتى يونيو.الجزء الأول . دار الوفاء المنصورة .1987 . سورية .

14 ـ المستشار منصور رحماني . الوجيز في القانون الجزائي العام . دار العلوم للنشروالتوزيع.
2006 . الجزائر .
الكتب باللغة الفرنسية :
Code dalloz expert/code penal/edition dalloz /france2005 /1
المجلات القضائية :
1ـ المحكمة العليا .قسم الوثائق .الإجتهاد القضائي للغرفة الجنائية . عدد خاص .طبع دار القصبة للنشر .2005.الجزائر.
2ـ المجلة القضائية . العدد الأول .ديوان المطبوعات الجامعية.2003.الجزائر.
3ـ المجلة القضائية . العددالثالث . قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا . 1989الجزائر .
4ـ مجلة المحكمة العليا . العددالثاني . دار القصبة للنشر . 2005 . الجزائر .
القوانين :
1ـ قانون رقم 06/01 المؤرخ في 21محرم عام 1427 الموافق ل20 فبرايرسنة 2006يتعلق بالوقاية م الفساد ومكافحته .
2ـ أمر رقم 05ـ 06مؤرخ في 18 رجب عام 1426 الموافق ل23 اوت 2005يتعلق بمكافحة التهريب .
3ـ قانون رقم 18/04 المؤرخ في 25 /12 / 2004 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية.







الفهرس
مقدمة 02
الفصل الأول : تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة 04
المبحث الأول : تخفيف العقوبة والإعفاء منها. 05
المطلب الأول : الأعذار القانونية 05
الفرع الأول: مفهوم الأعذار المعفية و طبيعتها القانونية 05
الفرع الثاني: حالات الإعفاء من العقوبة في التشريع الجزائري 07
الفقرة الأولى: عذر المبلغ 07
الفقرة الثانية: عذر القرابة العائلية 08
الفقرة الثالثة: عذر التوبة 08
الفرع الثالث: الأعذار القانونية المخففة 09
الفقرة الأولى: أعذار الاإستفزاز 09
الفقرة الثانية: عذر صغر السن 11
الفقرة الثالثة: عذر المبلغ وعذر التوبة 13
المطلب الثاني : الظروف القضائية المخففة . 15
الفرع الأول: مفهوم الظروف القضائية المخففة 15
الفرع الثاني: آثار منح الظروف المخففة 16
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي 16
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 20
المبحث الثاني: الظروف الخاصة المشددة . 22
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة . 22
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للظروف الخاصة المشددة بقانون العقوبات الجزائري 24
الفرع الأول: الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي 24
الفرع الثاني: الظروف المادية المتعلقة بالنتيجة الإجرامية 29
الفرع الثالث: الظروف الشخصية المشددة 30
الفقرة الأولى: الإدارة الجنائية 30
الفقرة الثانية: صفة الجاني 31
الفقرة الثالثة: الدافع إلى ارتكاب الجريمة 32
الفقرة الرابعة: صفة المجني عليه 33
الفقرة الخامسة: تعدد الفاعلين 33
الفصل الثاني : تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام 35
المبحث الأول : حالة العود من قبل الجاني 35
المطلب الأول :مفهوم العود. 35
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري . 37
الفرع الأول: الشروط العامة للعقود 37
الفرع الثاني: العود في مواد الجنايات والجنح 37
الفقرة الأولى: بالنسبة إلى الشخص الطبيعي 37
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 40
الفرع الثالث: آثار العود 42
الفقرة الأولى: بالنسبة إلى الشخص الطبيعي 42
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 45
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة 47
المطلب الأول : مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص 47
المطلب الثاني :التعدد وأثره في تقدير الجزاء 48
الفرع الأول: التعدد الصوري 48
الفرع الثاني: التعدد الحقيقي 49
الخاتمة 51
قائمة المراجع 52










قديم 2011-08-01, 21:53   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
bouabdellah42
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










Mh51

موضوع أخر من مذكرات تخرج الطلبة القضاة الدفعة 2005 / 2008

تقدير الجزاء الجنائي في قانون العقوبات الجزائري
المقدمة

مقدمة

يعتبر تقدير الجزاء الجنائي أهم نقطة في العمل المنوط بالقاضي ويتمثل في العقوبة التي توقع على مرتكب الجريمة لمصلحة الهيئة الاجتماعية جزاءا له على مخالفة القانون و أوامره ,وأهم مبدأ تخضع له العقوبات بوجه عام هو شرعية وشخصية العقوبة فلا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون , و فكرة الألم لا تنفصل عن العقاب التي تميز العقوبة عن غيرها كتدابير الأمن ،الحبس الاحتياطي،التعويضات المدنية ،المصاريف القضائية ،و ارتباط الألم بالعقاب يكون بغير إفراط و لا تفريط في الانتقاص من بعض حقوقه الشخصية كالحق في الحياة و الحق في الحرية ...
و على هذا الأساس ليس الألم هو الغرض المقصود منها و إنما هو وسيلة إدراك الوظيفة الأساسية للعقوبة التي قررها المشرع،و المتمثلة أساسا في الردع سواء كان خاصا يمنع الجاني من العودة إلى ارتكاب الجريمة ،أو عاما إذ يمنع الغير من الاقتداء به ،و إرضاء شعور العدالة بما يجعلها مناسبة لحالة الجاني الفردية و لظروف الجريمة ،فهي قواعد مجردة تطبق أحكامها على الجميع دون استثناء ،كما أن العقوبة تكون محددة على النحو الذي يرضي شعور العدالة الاجتماعية ويكون المحكوم عليه في مأمن من تعسف المصالح المكلفة بتنفيذ العقوبة ’كما أن الحكم الجزائي القاضي بالإدانة والذي يكتسب قوة الشيء المقضي به لا يقبل أي تعديل و يتم قيد العقوبة الواردة به في صحيفة السوابق القضائية الخاصة بالفرد.
واعتمد المشرع الجزائري تقسيم العقوبات إلى أصلية و تكميلية وحدد سلم العقوبات الأصلية بالمادة خمسة منه, على حسب تدرج الخطورة الإجرامية للجرائم سواء كانت جنايات, جنح أو مخالفات.كما أنه يفرق بينما إذا كان الجاني شخصا طبيعيا أو معنويا, فبالنسبة للأول تتمثل فيما يلي:
بالنسبة للجنايات هي: الإعدام, السجن المؤبد, السجن المؤقت.
أما الجنح فهي: الحبس مدة تتجاوز شهرين إلى خمس سنوات ما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون حدودا أخرى, الغرامة التي تتجاوز 20.000 دج.
أما المخالفات فهي الحبس من يوم واحد على الأقل إلى شهرين على الأكثر,و الغرامة من 2000 إلى 20000 دج .
وفيما يتعلق بالعقوبات التكميلية نص عليها بالمادة 9 من قانون العقوبات كما نص بالمادة 9 مكرر على أنه في حالة الحكم بعقوبة جنائية تأمر المحكمة وجوبا بالحجر القانوني و المتمثل في حرمان المتهم المدان من ممارسة حقوقه المالية أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية .
أما بالنسبة للشخص المعنوي لم يميز قانون العقوبات بين العقوبات الأصلية المطبقة عليه في مواد الجنايات و الجنح وتلك المقررة في مواد المخالفات إذ حصرها في غرامة تساوي من مرة إلى خمس مرات الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا عندما يرتكبها الشخص الطبيعي . وقرر بالمادة 18 مكرر 2 انه إذا لم ينص على عقوبة الغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي في الجنايات و الجنح فان الحد الأقصى للغرامة المحتسب يكون كالتالي: - 2000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو السجن المؤبد,
-1000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت,
-500000 دج بالنسبة للجنحة.
أما بالنسبة للعقوبات التكميلية فقد ميز بين الجنايات و الجنح من جهة بالمادة 18 مكرر و المخالفات من جهة أخرى هاته الأخيرة والتي لم يقرر لها عقوبات تكميلية.
وتجدر الإشارة أن تحديد المشرع للعقوبات المقررة قانونا كجزاء للجرائم المرتكبة لم يقيد من السلطة التقديرية للقاضي في اختيار العقوبة المثلى سواء كانت الجريمة المرتكبة واحدة أو إذا ارتكب الجاني عدة جرائم أو ما إذا كان عائدا أو مبتدئا و أعطى له الحرية في الإعفاء من العقوبة التخفيف منها أو تشديدها و أن يأخذ بعين الاعتبار سن الجاني وقت ارتكاب الجريمة هاته النقاط وغيرها سنعالجها في الفصلين الآتيين,الأول تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة , والثاني تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام من قبل الجاني ,
في قانون العقوبات الجزائري وبعض التشريعات المقارنة , إضافة لبعض القوانين الخاصة, كقانوني المخدرات وقانون الفساد ,وتم اعتماد المنهج التحليلي للمواد المتعلقة بالموضوع و تدعيمه بإجتهادات المحكمة العليا التي جاءت في هذا الشأن .





الخطة :
مقدمة :
الفصل الأول : تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
المبحث الأول : تخفيف العقوبة والإعفاء منها.
المطلب الأول : الأعذار القانونية .
المطلب الثاني : الظروف القضائية المخففة .
المبحث الثاني: الظروف الخاصة المشددة .
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة .
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للظروف الخاصة المشددة
بقانون العقوبات الجزائري
الفصل الثاني : تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
المبحث الأول : حالة العود من قبل الجاني
المطلب الأول :مفهوم العود.
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري .
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة
المطلب الأول : مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص
المطلب الثاني :التعدد وأثره في تقدير الجزاء
الخاتمة



الفصل الأول:
تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة




الفصل الأول: تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة
إن القاضي يتمتع بحرية مطلقة في اختيار العقوبة المناسبة, و هو ما يعرف بنظام العقوبات القانونية إذ تعين العقوبة الخاصة بكل نوع من الجرائم وفي الوقت نفسه يعطى للقاضي الوسائل اللازمة لتنويع العقوبة وجعلها مناسبة لحالة المتهم المطروحة أمامه, ومظاهر هذه السلطة تتحدد بثلاثة أوجه إلا وهي الإعفاء من العقوبة ,التخفيف من العقوبة وتشديدها
المبحث الأول: تخفيف العقوبة والإعفاء منها:
وتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين :
المطلب الأول : الأعذار القانونية :
إن الأعذار التي تمس العقوبة حين تطبيقها من القاضي تكون إما معفية من العقوبة أو مخففة لمقدارها وفي كلتا الحالتين يتوجب عليه الأخذ بها ,ولقد نص عليها المشرع الجزائري بالمادة 52 من قانون عقوبات "على أنها حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع قيام الجريمة و المسؤولية إما عدم عقاب المتهم إذا كانت أعذار معفية و إما تخفيف العقوبة إذا كانت مخففة " فما هو مفهومها وما هي طبيعتها القانونية ؟
الفرع الأول : مفهوم الأعذار المعفية وطبيعتها القانونية :
هي أعذار تعفي من العقوبة شخص ثبت قضائيا أنه ارتكب جريمة وعليه يعفى الجاني من العقاب ليس بسبب انعدام الخطأ إنما لاعتبارات وثيقة الصلة بالسياسة الجنائية و بالمنفعة الاجتماعية .
والأعذار المعفية من العقاب جاءت على سبيل الحصر إلا أنه قبل التطرق لشرحها تجدر الإشارة إلى التمييز بين الأعذار المعفية من العقوبة و أسباب الإباحة و موانع المسؤولية , فإذا كانت أسباب الإباحة تمحو الجريمة و موانع المسؤولية تمحو المسؤولية مع بقاء الجريمة فإن الأعذار المعفية لا تمحو الجريمة ولا المسؤولية و إنما تعفي فقط من العقاب ويترتب عليها الحكم ببراءة المتهم, وتترتب على هذه التفرقة النتائج التالية :
1- ليس للقاضي أن يقرر وجود أعذار معفية دون نص قانوني صريح يجيز له ذلك و على العكس من ذلك عليه أن يقرر وجود أسباب تبيح الفعل أوتعدم المسؤولية و لو لم ينص عليها القانون صراحة ,فالقانون خول القاضي حق بحث المسؤولية و بالمقابل مراعاة الوقائع و الظروف التي تنفيها.
2- لسلطات التحقيق البحث عن وجود قرائن كافية لإدانة المتهم ولها حق وقف الإجراءات وقفل التحقيق إذا تبين لها وجود أسباب الإباحة أو أسباب عدم المسؤولية أما الأعذار فلا تدخل في تقدير هذه السلطات و لو كانت معفية لأنه ليس من وظيفتها تطبيق العقوبة .
3- في حالة وجود سبب من أسباب الإباحة تقدم المسؤولية وتبقى في حالة وجود عذر معفي من العقاب أو سبب من أسباب عدم المسؤولية الشخصية .
4- أسباب عدم المسؤولية الشخصية و الأعذار المعفية هي من الأحوال الخاصة بشخص الفاعل فلا يستفيد منها شركاءه في الجريمة بخلاف أسباب الإباحة التي تمحو الجريمة ويستفيد منها جميع من اشتركوا في ارتكابها.
5- يجوز الحكم بالمصاريف على من ثبت ارتكابه الجريمة التي اعفي من عقوبتها .
وللأعذار المعفية من العقوبة طابع إلزامي للعقوبة بالنسبة للقاضي إذ يتوجب على القاضي الأخذ به متى ثبت قيامها .
و استثناء هذه القاعدة أورد المشرع الجزائري في المادة 91 من قانون العقوبات بخصوص الجرائم الماسة بالدفاع الوطني إذ أجازت للقاضي أن يعفي أقارب أو أصهار الفاعل لغاية الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة.
يترتب عن ثبوت العذر المعفي من العقاب الحكم بالإعفاء من العقوبة عكس موانع المسؤولية التي تقتضي الحكم بالبراءة,ومن ثم لا يمكن إن يصدر الإعفاء إلا من جهة حكم, و هذا ما يجعل الأمر به غير جائز على مستوى التحقيق القضائي .
وهناك رأي مخالف لهذا الرأي إذ يرى انه إذا توافرت شروط الإعفاء يعفي الجاني من العقاب و بتوافره تحفظ النيابة الدعوى قطعيا أو ترفع الدعوى عليه لتفصل المحكمة في هذا المانع ,و في هذه الحالة تحكم المحكمة ببراءته إن رأت أن شروط الإعفاء متوافرة .
وإذا ثبت إذناب المتهم المعفى من العقاب فإنه يحكم عليه بمصاريف الدعوى القضائية كما أنه للطرف المدني أن يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه ولا يستفيد شركاءه من العذر الخاص به .
ومثال الأعذار المعفية التي يستفيد فيها الجاني و يفلت من العقاب ما نصت عليه المادة 179 من قانون العقوبات بأن من يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود الجمعية و ذلك قبل أي مشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق وقبل البدء في التحقيق .
وما نصت عليه المادة 199 من قانون العقوبات بالنسبة للذي يكشف للسلطات عن شخصية الجناة قبل إتمام الجنايات المنصوص عليها بالمادتين 197 و 198 من قانون العقوبات.وقبل البدء في أي إجراء من إجراءات التحقيق فيها أو سهل القبض على الجناة الآخرين حتى بعد بدء التحقيق فانه يستفيد من العذر المعفي بالشروط الواردة بالمادة 52 من قانون العقوبات ؛ وتجدر الإشارة إلى أن الإعفاء المقرر بالمادة 52 من قانون العقوبات لا يمنع من أن توقع على الجاني العقوبات التكميلية كالحرمان من الحقوق المدنية و المنع من الإقامة المادة 92 من قانون العقوبات أو المنع من الإقامة فقط المادة 199 الفقرة الثانية من قانون العقوبات ؛ والإعفاء من العقوبة لا يحول دون تطبيق تدابير الأمن وفي الحالتين المنصوص عليها بالمادة 92 و 199 الفقرة الثانية من قانون العقوبات, العقوبة جوازيه.
وأخير فان الإعفاء من العقوبة يجوز قيده بصحيفة السوابق العدلية.
الفرع الثاني : حالات الإعفاء من العقوبة في التشريع الجزائري :
نص المشرع الجزائري بقانون العقوبات على ثلاث حالات وتتمثل في :
الفقرة الأولى :عذر المبلغ :و يتعلق الأمر بمن ساهم في مشروع الجريمة ثم يقدم خدمة للمجتمع بان يبلغ العدالة عن الجريمة المزمع ارتكابها أو عن هوية المتورطين فيها و خصوصا الجرائم التي يصعب الكشف عنها .
ومن هذا القبيل ما نصت عليه المادة 92 الفقرة الأولى بالنسبة لمن يبلغ السلطات الإدارية أو القضائية عن الجنايات و الجنح ضد امن الدولة قبل البدء في تنفيذها أو الشروع فيها.
و ما نصت عليه المادة 177 من قانون العقوبات بالسجن من 5 إلى 10 سنوات كل شخص يشترك في جمعية أشرار و يعفى من العقاب الذي يقوم من الجناة بالكشف للسلطات عن الاتفاق الذي تم أو عن وجود هذه الجمعية و ذلك قبل الشروع في الجناية موضوع الجمعية أو الاتفاق و قبل البدء في التحقيق المادة 179 من قانون العقوبات , و ما جاءت به المادة 205 قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تقليد أختام الدولة أو استعمال الختم المقلد و المادة 199 من قانون العقوبات بالنسبة للمبلغ عن جناية تزوير النقود ,وأضافت كذلك إذا سهل القبض على الجناة الآخرين حتى بعد انتهاء التحقيق .
الفقرة الثانية : عذر القرابة العائلية: ما نصت عليه المادة 91 من قانون العقوبات في فقرتها الأخيرة التي أعفت الأقارب و الأصهار إلى الدرجة الثالثة من العقوبة المقررة لجريمة عدم التبليغ عن جرائم الخيانة و التجسس و غيرها من النشاطات التي يكون من طبيعتها الإضرار بالدفاع الوطني و جرائم إخفاء أو إتلاف أو اختلاس الأشياء و الأدوات و الوثائق التي استعملت أو ستستعمل في ارتكاب هذه الجرائم و أو من شانها تسهيل البحث عن هذه الجرائم أو اكتشافها .
الفقرة الثالثة :عند التوبة: و هو مقرر لمن أنبه ضميره فصحا بعد الجريمة و انصرف إلى محو أثارها بان أبلغ السلطات العمومية المختصة أو استجاب لطلبها قبل نفاذ الجريمة.
ومثال ذلك المادة 182 من قانون العقوبات الفقرة الثالثة التي أعفت من العقوبة من يعلم الدليل على براءة شخص محبوس و تقدم من تلقاء نفسه بشهادته أمام سلطات القضاء أو الشرطة, وإن تأخر في الإدلاء بها .
وكذلك ما نصت عليه المادة 217 من قانون العقوبات الفقرة الثانية عندما أعفت من العقوبة من أدلى بصفته شاهد أمام موظف بإقرار غير مطابق للحقيقة ثم عدل عنه قبل أن يترتب على استعمال المحرر أي ضرر للغير و قبل أن يكون هو نفسه موضوعا للتحقيق.
و كذلك ما جاء بنص المادة 92 من قانون العقوبات عندما أعفت من العقوبة من كان عضوا في عصابة مسلحة و لم يتولى فيها القيادة أو يقم بأي عمل أو مهمة و انسحب منها بمجرد صدور أول إنذار لهم من السلطات العسكرية أو المدنية أو سلموا أنفسهم إليها.
و نشير إلى بعض القوانين الخاصة التي أشارت إلى مثل هذا العذر مثل المادة 27 الأمر المؤرخ في 23/08/2005 المتعلق بمكافحة التهريب, " يعفى من المتابعة كل من أعلم السلطات العمومية عن جرائم التهريب قبل ارتكابها أو محاولة ارتكابها "
و القانون المؤرخ في 20/02/2006 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته في المادة 49 منه "يستفيد من الأعذار المعفية من العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات , كل من ارتكب أو شارك في جريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في قانون الفساد وقام قبل مباشرة إجراءات المتابعة بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية أو الجهات المعنية , عن الجريمة وساعد على معرفة مرتكبيها ".
ونشير هنا إلى أن المشرع الجزائري بالقانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته اشترط أن يتم الإبلاغ قبل البدء في إجراءات المتابعة و أن يساعد المبلغ على معرفة مرتكبي هذه الجرائم .
والقانون المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية المؤرخ في 25/12/ 2004 يجيز بالمادة 8 منه للجهة القضائية المختصة الحكم بالإعفاء من العقوبة لصالح المستهلك و الحائز من اجل الاستعمال الشخصي و ذلك إذا ثبت بواسطة خبرة طبية متخصصة أن حالته تستوجب علاجا طبيا , وإذا صدر أمر من قاضي التحقيق أو قاضي الأحداث يقضي بإخضاعه لعلاج مزيل للتسمم, و صدور حكم من الجهة القضائية المختصة بإلزامه بالخضوع لعلاج مزيل للتسمم.
الفرع الثالث: الأعذار القانونية المخففة:
الأعذار القانونية المخففة تخفف من العقوبة , ولا يحكم على المستفيد منها بتدابير الأمن إلا في أحوال خاصة وهي مثل الأعذار المعفية حصرها المشرع وبينها في القانون . كما انه قصرها على جرائم معينة .
ويمكن استخلاص ثلاثة حالات نص عليها قانون العقوبات الجزائري.
الفقرة الأولى : أعذار الاستفزاز :
أشارت إليها المادة 52 قانون عقوبات. ونصت عليها المواد من 277 إلى 283 قانون عقوبات . وهي خمسة حالات :
1 ـ وقوع ضرب شديد على احد الأشخاص, إذ يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل والضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها اعتداء وقع عليه فلا يعتبر السب والتهديد والإهانة عذرا و أن يقع الضرب على الأشخاص فلا يصلح تحطيم ملك الغير عذرا . كما يجب أن يكون القتل أو الضرب من فعل المعتدى عليه فلا يمكن التذرع بالاستفزاز إذا وقع الضرب على الغير . كما انه لا يجوز في مطلق الأحوال التذرع بالاستفزاز لتبرير جناية قتل الأصول . المادة 282 قانون عقوبات . وقد أقرت المحكمة العليا أنه لا يجوز للمتهم أن يطالب أمام المجلس الأعلى بالاستفادة بعذر الإستفزاز الذي يرجع تقديره إلى السلطة المطلقة لقضاة الموضوع "
ونشير في هذا الإطار إلى القانون الفرنسي الذي يعتبر الإستفزاز عذرا في طائفتين من الجرائم وهما جرائم السب العلني و غير العلني و جرائم القتل والضرب والجرح العمد . ولم يبين القانون الفرنسي وصف الفعل الذي ينتج عنه الإستفزاز في جرائم السب غير انه من المقرر أن يكون نتيجة إهانة لا مبرر لها ولا يشترط أن يكون الفعل المهين قذفا أو سبا مستكمل الأركان , بل عن اتخاذ موقف جارح أو صدور لفظ شديد قد يعد استفزازا لا يقل أثره عن السب أو القذف . ولا يعتبر القانون الفرنسي الإستفزاز عذرا في جرائم القتل والضرب إلا إذا كان سببه الضرب أو الإيذاء الشديد .
2 ـ نصت المادة 279 قانون عقوبات , على انه يستفيد من العذر مرتكب جرائم القتل و الضرب والجرح الواقع من الزوج على زوجه أو على شريكه لحظة مفاجأته في حالة التلبس بالزنا , على أن تكون من فعل الزوج المضرور ذاته فلا تقبل من أخيه أو والده أو أي واحد من أقاربه...كما لا يقبل عذرا ما صدر عنه من أعمال عنف إذا ما علم بالزنا بواسطة الغير , وان ترتكب في اللحظة ذاتها التي يتم فيها مفاجأة الزوج الآخر وهو متلبس بالزنا وعليه يسقط العذر إذا مضى وقت بين مفاجأة الزوج بالزنا وبين رد فعل الزوج المضرور ؛وهو نفس الحكم الذي اخذ به المشرع المصري, كما أنه لا يشمل أقارب الزوج ولا أصدقائه الذين ينتقمون للإهانة التي لحقت به في غيابه و لا من اشتركوا كفاعلين أو شركاء مع الزوج في فعلته .
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أنه يعذر القتل إذا ارتكبه أحد الزوجين على الزوج الآخر في اللحظة التي يفاجئه فيها في حالة تلبس بالزنا و يؤدي العذر الشرعي إلى تخفيض العقوبة .
3 ـ يستفيد من العذر المعفي مرتكب جناية الخصاء, المنصوص عليها بالمادة 247 ق ع إذا دفعه إلى ارتكابها وقوع إخلال عليه بالعنف المادة 280 ق ع , على أن تكون من فعل المعتدى عليه نفسه إذ لا تقبل عذرا إذا ارتكبت من الغير , و أن تكون لحظة وقوع الإعتداء, كما يجب أن يكون الدافع إلى ارتكابها وقوع إخلال عليه بالعنف فلا يقوم العذر إذا انعدم العنف .
كما لا ينفرد المجني عليه في عملية الخصاء دون غيره بهذا العذر , بل يستفيد منه أيضا الأب أو المستخدم إن هما قاما بعملية الخصاء لرد هتك عرض عن ابنتهما أو خادمتهما .
4 ـ إن كل من ارتكب جرائم الضرب والجرح إذا دفعه إلى ارتكابها مفاجأة بالغ في حالة تلبس بالإخلال بالحياء على قاصر لم يتجاوز سنه ستة عشرة سنة سواء بالعنف أو بغير عنف المادة 281 ق ع.
وعليه يجب أن يكون الإخلال بالحياء من بالغ على قاصر لم يتجاوز ستة عشرة سنة من العمر فلا يقبل عذرا وقوع إخلال بالحياء على بالغ , كم لا يقبل إذا وقع الإخلال من قاصر ولا يقبل القتل عذرا إذ يشترط أن يكون ضربا أو جرحا سواء شكل جناية أو جنحة وحتى يقوم العذر يجب أن يرتكب الفعل لحظة وقوع الإعتداء كذلك لا يشترط وقوع الضرب من المجني عليه نفسه بل يجوز لغيره أن يدفع الإخلال بالحياء الواقع من بالغ على قاصر إذا كان في حالة تلبس.
5 ـ يستفيد من عذر الإستفزاز مرتكب جرائم القتل و الضرب والجرح الواقع من صاحب المكان على المعتدي إذا ارتكبها لدفع تسلق أو ثقب الأسوار أو حيطان أو تحطيم مداخل الأماكن المسكونة أو ملحقاتها وذلك أثناء النهار ,فلا تقبل عذرا الجرائم التي يرتكبها الغير كالجار أو القريب ...حتى ولو فاجئوا الجاني في حالة تلبس . وتجدر الإشارة انه إذا وقع الإعتداء أثناء الليل فنكون أمام حالة دفاع شرعي.
ويترتب على قيام عذر الإستفزاز الآثار التالية:
نصت عليها المادة 283 قانون العقوبات " إذا ثبت قيام العذر تخفض العقوبة على الوجه الآتي :
1 ـ الحبس من سنة إلى خمس سنوات إذا تعلق الأمر بجناية عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد.
2 ـ الحبس من ستة أشهر إلى سنتين إذا تعلق الأمر بأية جناية أخرى .
3 ـ الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر إذا تعلق الأمر بجنحة .
وفي الحالات المنصوص عليها في الفقرتين 1 و 2 من هذه المادة يجوز أن يحكم أيضا على الجاني بالمنع من الإقامة من خمس سنوات على الأقل إلى عشر سنوات على الأكثر .
وفي كل الأحوال يرجع للقاضي وحده الفصل في قيام عذر الإستفزاز , سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من الدفاع , و إذا ما قدم الدفاع دفعا بالعذر تعين عليه البت في الطلب .
الفقرة الثانية : عذر صغر السن:
يعد صغر السن الصورة الثانية للأعذار القانونية المخففة,وتختلف التشريعات الوضعية على تحديد سن معين يعد المرء عند بلوغه مسؤولا عن أعماله الإجرامية , تبعا للسياسة الجنائية التي تنتهجها في هذا الميدان . فاغلب التشريعات تعتبر أن الطفل الذي لم يبلغ سنه السابعة معدوم التمييز و لا يحاسب على أي فعل يرتكبه , وفي المرحلة اللاحقة يعد الطفل مميزا ولكنه لم يصل إلى سن الرشد الجنائي بعد , وتكون مساءلته ناقصة أو مخففة وببلوغ المرء سن الرشد الجنائي يفترض القانون إكتمال مداركه ويضمه إلى فئة البالغين فيسأل عن أعماله مسؤولية تامة ,وحدد المشرع الجزائري سن الرشد الجزائي بثمانية عشر سنة المادة 442 من قانون الإجراءات الجزائية ,وأن العبرة بتحديد سن الرشد الجنائي تكون بسن المجرم يوم ارتكاب الجريمة المادة 443 من قانون الإجراءات الجزائية . كما جاء في اجتهاد المحكمة العليا أن بلوغ سن الرشد الجزائي يكون بتمام الثامن عشر و أن العبرة في تحديد سن الرشد الجزائي يكون بسن المجرم يوم ارتكاب الجريمة , ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون , فما دام سن المتهم يوم ارتكاب الجريمة 17 سنة وخمسة أشهر , فإن المجلس الذي فصل في الدعوى , دون التصريح بعدم اختصاصه لإحالة الحدث أمام الجهات الخاصة بالأحداث وفقا لأحكام المادة 447 من ق ا ج , قد خالف القانون .
نصت المدة 49 من قانون العقوبات الجزائري على ما يلي:"لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية ؛
ومع ذلك فانه في مواد المخالفات لا يكون محلا الا للتوبيخ.
و يخضع القاصر الذي يبلغ سنه 13-18 إما لتدابير الحماية أو التربية أو لعقوبات مخففة."
يتضح من نص المادة 49 من قانون العقوبات أن الصبي دون الثالثة عشر لا يعتبر مسؤولا بحكم القانون ,فلا يجوز إقامة الدليل على انه أهل للمسؤولية و لو كان من أعقل الناس, فعدم بلوغ السن هي قرينة غير قابلة لإثبات العكس و عليه فلا تطبق على هذا الصغير فهو غير مسؤول .
و تحسب مدة 13 سنة للقول بعدم مسؤولية الصغير مسؤولية عقابية على أساس وقت ارتكاب الجريمة و ليس وقت إقامة الدعوى ضده أو محاكمته , كما أن المشرع جنب القاصر في هذا السن مغبة توقيع العقوبة عليه مع إمكانية خضوعه لتدابير الحماية أو التربية وتوقيع مثل هذه التدابير مرهون بوجود خطر محدق بالصغير نفسه أين يؤدي تركه دون أي مساعدة إلى خطر أن يعود الطفل للإجرام أو أن يشب معتادا على الإجرام .
والقاصر الذي سنه مابين 13 و 18 سنة فإنه يصبح مسؤولا عن أعماله مسؤولية مخففة, حيث أخضعه المشرع إضافة لتدابير الحماية أو التربية إلى عقوبات مخففة في حدود بينتها المادة 50 من قانون العقوبات:" إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
و إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا ".
أما في مواد المخالفات فإنه يقضى على القاصر إما بالتوبيخ وإما بعقوبة الغرامة المادة 51 من قانون العقوبات الجزائري.
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا انه يتعرض للنقض الحكم الذي قضى على حدث ب 20 سنة سجنا .
كما يقضى بنصف العقوبة على القاصر الذي يرتكب جنحة معاقب عليها بالحبس , غير أنه لا يجوز الحكم بالحبس على القصر المتهمين بجنحتي التسول والتشرد المنصوص والمعاقب عليهما بالمادتين 195 و 196 وإنما تطبق عليهما تدابير الحماية و التهذيب . المادة 196 مكرر .
الفقرة الثالثة : عذر المبلغ و عذر التوبة :
بالنسبة لعذر المبلغ , فإنه يستفيد المبلغ عن الجنايات والجنح ضد أمن الدولة بتخفيض العقوبة درجة واحدة ,إذا كان الإبلاغ قد حصل بعد انتهاء التنفيذ أو الشروع فيه ولكن قبل بدء المتابعات . كما تخفض كذلك درجة واحدة بالنسبة للفاعل إذا مكن من القبض على الفاعلين أو الشركاء في نفس الجرائم أو في جرائم أخرى من نفس النوع ونفس الخطورة وذلك بعد بدء المتابعات . المادة 92 فقرة 2 و 3 .
أما عذر التوبة فإنه يستفيد من تخفيض العقوبة مرتكب جناية الخطف أو الحبس أو الحجز التعسفي الذي يفرج طواعية عن الضحية . ونصت على هذه الحالة المادة 294 من قانون العقوبات التي وضعت جدولا للتخفيف كالتالي :
الحالة العقوبة الأصلية تخفض إلى:
إذا انتهى الحبس أو الحجز بعد أقل من عشرة أيام كاملة من يوم الإختطاف أو القبض أو الحبس أو الحجز وقبل اتخاذ أية إجراءات. إذا وقع تعذيب بدني على الشخص المختطف أو المقبوض عليه أو المحبوس أو المحجوز يعاقب الجناة بالسجن المؤبد المادة 293. سنتين إلى خمس سنوات.

يعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشر سنوات من قام بالجناية دون أمر من السلطات المختصة و خارج الحالات التي يجيز أو يأمر فيها القانون بالقبض على الأفراد , وذات العقوبة تطبق على من أعار مكانا لحبس أو لحجز هذا الشخص.
إذا استمر أكثر من شهر تكون العقوبة السجن المؤقت من عشرة إلى عشرين سنة . حالة المادة 291 ق ع
إذا وقع القبض أو الإختطاف مع ارتداء بزة رسمية أو شارة نظامية أو يبدو عليه ذلك أو بانتحال إسم كاذب أو بموجب أمر مزور فتكون العقوبة السجن المؤبد , وتطبق نفس العقوبة إذا استعملت إحدى وسائل النقل أو بتهديد المجني عليه بالقتل . ستة أشهر إلى سنتين.




إذا انتهى الحبس أو الحجز بعد أكثر من عشرة أيام كاملة من يوم الإختطاف أو القبض أو الحجز وقبل الشروع في عملية المتابعة




الحالة الواردة بالمادة 293 من قانون العقوبات



سنة إلى خمس سنوات
جميع الحالات الأخرى . سنتين إلى خمس سنوات
المادة 293 مكرر فقرة 1 ق ع يعاقب بالسجن المؤبد إذا وقع على المجني عليه تعذيب بدني . السجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات
الفقرتين 2 و 3 من المادة 293 ق ع يعاقب الجاني بالسجن المؤبد إذا تعرض الشخص المخطوف إلى تعذيب جسدي .ونفس العقوبة إذا كان الدافع إلى الخطف هو تسديد فدية . السجن المؤقت من عشر إلى عشرين سنة
ونشير في هذا الإطار إلى الأعذار المخففة الواردة في بعض القوانين الخاصة, كقانون المخدرات السالف الذكر بالمادة 31 منه تخفض عقوبة الفاعل أو الشريك إلى النصف بالنسبة للعقوبات المقررة للجنح و إلى السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة بالنسبة للعقوبات المقررة لجنايات إذا مكن , بعد تحريك الدعوى العمومية . من إيقاف الفاعل الأصلي أو الشركاء في نفس الجريمة أو جريمة أخرى مماثلة لها.
والمادة 49 من قانون الفساد التي تنص على تخفيض عقوبة مرتكب الجريمة أو الشريك إلى النصف إذا ساعد السلطات , بعد تحريك الدعوى العمومية في القبض على المساهمين في الجريمة.
ملا حظة :نص المشرع الجزائري في المواد 368و373و377 ق ع على عدم العقاب على جريمة السرقة والنصب وخيانة الأمانة المرتكبة بين الأصول والفروع والأزواج و ولم ينص على إعفاء مرتكبها من العقوبة .ولذلك فالحكم يكون بالبراءة لإباحة الفعل وليس بالإعفاء من العقوبة .




المطلب الثاني: الظروف القضائية المخففة:
الفرع الأول: مفهوم الظروف القضائية المخففة:
إن الظروف القضائية المخففة أسباب متروكة لتقدير القاضي تخول له الحق في تخفيض العقوبة إلى الحدود التي عينها القانون .
ولقد اعتمد المشرع الجزائري الظروف المخففة منذ صدور قانون العقوبات وتركها لتقدير القاضي فلم يحصرها واقتصرت المادة 53 من قانون العقوبات على بيان الحدود التي يصح للقاضي أن ينزل عندها عند قيام الظروف المخففة.
والظروف المخففة تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته و بشخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكل ما أحاط ذلك العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكل ما أحاط ذلك العمل ومرتكبه والمجني عليه من الملابسات و الظروف وهو ما يسمى بالظروف المادية والظروف الشخصية .
والظروف المخففة تتمثل في أن تنص بعض القوانين على منح القضاء سلطة النزول بالعقوبة إلى أقل من الحد الأدنى المقرر لعقوبة الجاني
وقد أنشئ نظام الظروف المخففة حتى يتسنى للقاضي مراعاة درجة إجرام الفعل و إجرام مرتكبه وجعل العقاب متناسبا مع حالة المتهم الخاصة و نظرية الظروف المخففة كما تنص بعض التشريعات ليس لها محل في القوانين العقابية التي تقتصر على وضع حد أقصى دون حد أدنى , غير انه في التشريع الجزائري لا يشترط تعيين حدين أقصى وحد أدنى حتى يتم تطبيق الظروف المخففة وليس للقاضي أن يبين في حكمه نوع الظروف التي اخذ بها بل إنه غير ملزم بالإشارة إلى تلك الظروف المخففة في حكمه إذ يكفي أن ينزل إلى مادون العقوبة المقررة قانونا جزاءا للجريمة المرتكبة ليفهم منه ضمنيا انه اخذ بالظروف المخففة.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد اوجب فيما يتعلق بالجنايات في حالة إدانة المتهم طرح السؤال المتعلق بالظروف المخففة وضرورة إفادة المتهم بها.
إذ انه في حالة ما إذا تقرر إدانة المتهم في مرحلة المداولة تعين على رئيس المحكمة أن يطرح سؤالا حول ما إذا كان يستفيد المتهم من ظروف التخفيف وهو إجراء جوهري؛ فإذا أفادته المحكمة بظروف التخفيف تعين النزول بالعقوبة إلى اقل من الحد الأدنى للعقوبة المقررة وإلا تعرض الحكم للبطلان بسبب الخطأ في تطبيق القانون .
و بتعديل قانون العقوبات الجزائري في 2006 تشدد المشرع في منح الظروف المخففة و التقييد من حرية القاضي في تقدير العقوبة, و أشار إلى تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي.
و بما أن الظروف المخففة ليست مبينة في القانون بل هي متروكة لتقدير القاضي يستخلصها من كل الأسباب التي تضعف جسامة العمل الإجرامي ماديا أو مسؤولية مرتكبه شخصيا و مثال ذلك حسن ماضي المتهم ,حداثة سنه,ندمه , والبواعث التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة ,و فشل الجاني في عمله ,انعدام سبق الإصرار لديه... الخ.
و للقاضي مطلق الحرية في القانون الجزائري في قبول الظروف المخففة أو استبعادها عند تقديره للعقوبة المناسبة لحالة كل متهم حسبما يتراءى له من ظروف الدعوى و لا يخضع لرقابة المحكمة العليا في ذلك .
إن المشرع الجزائري لم يغير ما يتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم الظروف المخففة بتعديل قانون العقوبات الجزائري سنة 2006 إذ أنها تطبق على كافة الجرائم سواء كانت جنايات أو جنح أو مخالفات كما يجوز تطبيقها على كافة الجناة سواء كانوا مواطنين جزائريين أو أجانب ,بالغين أو قصر ,مبتدئين أو عائدين وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أن القضاء بإفادة المتهم بتخفيض العقوبة من سنتين حبسا إلى سنة واحدة لأنه غير متعود الإجرام يعد تطبيقا صحيحا للقانون كما يجوز لكافة الجهات القضائية العادية و الاستثنائية أن تمنح الظروف المخففة؛ و هذا كقاعدة عامة.,و استثناءا من ذلك فقد استبعد القضاء تطبيق الظروف المخففة في جرائم الشيك بالنسبة للغرامة المقررة جزاءا لهاته الجريمة .
وجاء في اجتهاد المحكمة العليا كذلك أن عدم الإشارة إلى أحكام المادة 53 من ق ع في السؤال الخاص بالظروف المخففة لا يترتب عليه بطلان الحكم .( ملف رقم 37293 قراربتاريخ 07/02/1984).
الفرع الثاني:آثار منح الظروف القضائية المخففة:
الفقرة الأولى :بالنسبة للشخص الطبيعي :
ميز المشرع الجزائري في منح الظروف المخففة للشخص الطبيعي بين الجنايات و الجنح و المخالفات على النحو الآتي بيانه:
أولا: في الجنايات:نصت على حالة الظروف المخففة بمواد الجنايات المواد 53 و 53 مكرر,53مكرر1,و 53 مكرر 2,و 53 مكرر 3؛
و قبل عرض أحكامها تجب الإشارة إلى مفهوم الشخص المسبوق قضائيا حسب المادة 53 مكرر5 "يعد مسبوقا قضائيا كل شخص طبيعي محكوم عليه بحكم نهائي بعقوبة سالبة للحرية مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من أجل جناية أو جنحة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود"؛و تكون عند إدانة الشخص الطبيعي إذا تقرر إفادته بظروف التخفيف العقوبات المقررة حسب الجدول الآتي:
العقوبة المقررة قانونا للجناية العقوبة المقررة في حالة تطبيق الظروف المخففة
الإعدام 10 سنوات سجنا
السجن المؤبد 5 سنوات سجنا
السجن المؤقت من 10 سنوات إلى 20 سنة ثلاث سنوات حبسا
السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 10 سنوات سنة واحدة حبس

وجاء في اجتهاد المحكمة العليا أن المستفاد من المادة 53ق ع أنه لايمكن تخفيض العقوبة المحكوم بها تحت الحد الأدنى الذي هو خمس سنوات إذا كانت الجناية يعاقب عليها بالسجن المؤبد, ولما سلطت المحكمة العسكرية عقوبة دون الحد الأدنى المقرر قانونا فإنها أخطأت في تطبيق القانون مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
ملاحظة:المادة 53 من قانون العقوبات الجزائري قبل تعديلها سنة 2006 كانت تخص الحالة التي تكون فيها العقوبة السجن المؤقت من 5 إلى 20 سنة بحكم واحد , وتطبق عليها نفس القاعدة وهي النزول بالعقوبة إلى حد 3 سنوات حبس .
أما إذا كان المتهم مسبوق قضائيا فتنص على الأحكام الآتية:
و هي الحالة التي يجمع فيها بين العقوبات المشددة بفعل العود و تطبيق الظروف المخففة الناتج عن منح الظروف المخففة و هنا ينصب التطبيق على الحدود القصوى الجديدة المقررة قانونا بفعل حالة العود (أي أن لا يقل عن الحد الأدنى و لا يتجاوز الحد الأقصى).
و قد ألزم المشرع القاضي انه إذا كانت العقوبة الجديدة السالبة للحرية المقررة بفعل العود هي السجن المؤقت من 5 سنوات إلى 20 سنة فان الحد الأدنى للعقوبة المحددة لا يجوز أن يقل عن 3 سنوات حبسا حسب المادة 53 مكرر الفقرة الأخيرة من قانون العقوبات .
فإذا كان المتهم مسبوق.
1- العقوبة المقررة للجناية هي الإعدام أو السجن المؤبد.
2- ثم نقوم بتطبيق العقوبة السالبة للحرية المخففة.
و المشرع الجزائري يميز بين فرضين :
- الفرضية الأولى:الغرامة غير مقررة أصلا في النص المعاقب على الجريمة فانه يجوز الحكم على المستفيد من العقوبة السالبة للحرية المخففة بغرامة تختلف مقدارها باختلاف العقوبة المقررة للجريمة المرتكبة.
العقوبة الحد الأدنى للغرامة الحد الأقصى للغرامة
الإعدام 1000000 2000000
السجن المؤبد 500000 1000000
السجن المؤقت 1000000 1000000

- الفرضية الثانية:اذا كانت الغرامة منصوصا عليها مع عقوبة السجن فانه يجب النطق بها كذلك . وتجدر الإشارة انه في كل الأحوال سواء كانت الغرامة مقررة أصلا أم لا فانه لا يجوز النطق بالغرامة وحدها في مواد الجنايات المادة 53 مكرر2 ويكون الحكم بها دائما في إطار الحدين المنصوص عليها قانونا.
و في كل الأحوال لا يجوز أن تقل قيمة الغرامة عن الحد الأدنى المنصوص عنه قانونا .
كما نصت المادة 53 مكرر 3 على أن الحكم بالحبس كعقوبة مخففة من اجل جناية لا يحول دون الحكم بحرمان الشخص المدان من مباشرة حق أو أكثر من الحقوق المنصوص عليها بالمادة 9 مكرر 1 من قانون العقوبات و يجوز للقاضي كذالك المنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها بالمادتين 12 و 13 من هذا القانون.
ثانيا: في الجنح: نصت على حالة الظروف المخففة بمواد الجنح المادة 53 مكرر 4؛ وعليه اذا لم يكن المتهم مسبوق قضائيا وتقرر إفادته بالظروف المخففة نميز بين الفرضيات الآتية:
1- اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس والغرامة:
أ‌- إما الحكم بالغرامة و الحبس معا وفي هذه الحالة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين والغرامة إلى 20000 دج.
ب‌- و إما الحكم بالحبس فقط وهنا لا يجوز أن تقل العقوبة المحكوم بها عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة .
ت‌- و إما الحكم بالغرامة فقط على أن لا تقل العقوبة المحكوم بها في هذه الحالة عن الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة .
و الجدول التالي يوضح تطبيق القواعد السالفة الذكر على جريمة السرقة المنصوص عليها بالمادة 350 من قانون العقوبات والتي عقوبتها الحبس من سنة إلى 5 سنوات وغرامة من 100000 دج إلى 500000 دج.
الحالة الأولى الحالة الثانية الحالة الثالثة
الحكم على الجاني بالعقوبتين معا يجوز تخفيضها إلى شهرين و غرامة 20000 دج. الحكم على الجاني بالحبس فقط لا يجوزأن يقل عن الحد الأدنى أي سنة الحكم على الجاني بالغرامة فقط لا يجوز أن يقل عن الحد الأدنى أي 20000 دج.
2- اذا كانت عقوبة الحبس هي وحدها المقررة فانه يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى شهرين و يجوز استبدال عقوبة الحبس بغرامة على أن لا تقل عن 20000 دج و لا تتجاوز 50000 دج (جنحة التجمهر المادة 98 فقرة 1 من قانون العقوبات).
3- اذا كانت عقوبة الغرامة هي وحدها المقررة يجوز تخفيض عقوبة الغرامة إلى حد 20000 دج.
ومن هذا القبيل جنحة نكران العدالة المنصوص عليها في المادة 136 من قانون العقوبات و عقوبتها غرامة من 20000 دج إلى 100000 دج وجنحة انتحال شخصية الغير المنصوص عليها بالمادة 247 من قانون العقوبات .
و نتطرق الآن إلى الحالة التي يكون فيها المحكوم عليه مسبوقا قضائيا في مواد الجنح التي نص عليها المشرع الجزائري بالمادة 53 مكرر 4 الفقرة 2.
وهنا ميز المشرع بين ارتكاب الجاني للجنحة عمدا ؛أو بصفة غير عمديه ففي الحالة الأولى (العمد)نميز بين هاته الفرضيات :
- الفرضية الأولى :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة أو إحداهما فلا يكون تخفيض عقوبة الحبس ولا عقوبة الغرامة اقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
- الفرضية الثانية :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس و الغرامة يجب الحكم بالعقوبتين معا مع جواز تخفيضهما إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة .
- الفرضية الثالثة :اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس فقط يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة ولا يجوز استبدال الحبس بالغرامة ,و نفس الحكم اذا كانت العقوبة المقررة قانونا هي الغرامة فيجوز تخفيضها إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجنحة المرتكبة .
أما الحالة التي تكون فيها الجنحة غير عمديه فلم ينص عليها المشرع الجزائري صراحة و إنما نستخلص من الصورة الأولى التي اشترط فيها المشرع أن تكون الجنحة المرتكبة عمدا المادة 53 مكرر 4 أي تخضع من حيث تطبيق الظروف المخففة لنفس القواعد التي تحكم الشخص المدان الذي ليست له سوابق قضائية .
ملاحظة: قبل إلغاء المادة 53 في تعديل سنة 2006 كانت تحكم مواد الجنح الظروف الآتية:
1- عند إفادة المحكوم عليه بظروف مخففة يجوز تخفيض عقوبة الحبس إلى يوم واحد و الغرامة إلى 5 دج.
2- يجوز الحكم بإحداهما كما يجوز استبدال الحبس بغرامة لا تقل عن 20 دج.
3- ليس هناك تمييز بين المسبوق و غير المسبوق قضائيا.
ثالثا:في المخالفات: تختلف آثار منح الظروف المخففة في مواد المخالفات حسب العقوبة المقررة قانونا و السوابق القضائية للمحكوم عليه.
فالحالة التي يكون فيها الجاني في حالة عود المادة 53 مكرر 6 فقرة 1 فلا يجوز تخفيضها اقل من الحد الأدنى المقرر قانونا للمخالفات المرتكبة سواء كانت العقوبة المقررة قانونا هي الحبس أو الغرامة كما يمكن الحكم بإحدى هاتين العقوبتين على النحو السابق في مواد الجنح .
أما الحالة التي لا يكون فيها الجاني في حالة عود المادة 53 مكرر 6 فقرة 2 اشترط المشرع فيها أن لا يكون الجاني في حالة عود وليس غير مسبوق قضائيا فقط
و هنا اذا كانت عقوبتا الحبس و الغرامة مقررتين معا فانه يجوز الحكم بإحداهما فقط وتخفيض العقوبة إلى الحد الأدنى المقرر قانونا للجريمة المرتكبة.
ملاحظة:قبل إلغاء المادة 53 بموجب تعديل سنة 2006 لم يكن المشرع الجزائري يميز بين الجنح و المخالفات بحيث كانت تطبق عليها نفس القواعد المقررة للجنح.
الفقرة الثانية:بالنسبة للشخص المعنوي.
نصت على أحكام تطبيق الظروف المخففة بالنسبة للشخص المعنوي المادة 53 مكرر 7 والتي استخدمها المشرع الجزائري في تعديل قانون العقوبات سنة 2006 بعدما كان قد اقر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب القانون المؤرخ في 10/11/2004.
وقد حصرت المادة 53 مكرر 7 مجال تطبيق الظروف المخففة فيما يتعلق بالشخص المعنوي في الغرامة و ميزت بين ما ان يكون الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا و الحالة التي لا يكون فيها الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا وبينت متى يعتبر مسبوق قضائيا بالمادة 53 مكرر 8 بقولها:"يعتبر مسبوقا قضائيا كل شخص معنوي محكوم نهائيا بغرامة مشمولة أو غير مشمولة بوقف التنفيذ من اجل جريمة من القانون العام دون المساس بالقواعد المقررة لحالة العود .
و عليه فإذا كان الشخص المعنوي غير مسبوق قضائيا فانه يجوز تخفيض عقوبة الغرامة المطبقة عليه إلى الحد الأدنى للغرامة المقررة في القانون الذي يعاقب على الجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
أما اذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا فانه لا يجوز تخفيض الغرامة عن الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجريمة بالنسبة للشخص الطبيعي.
ملاحظة: المشرع الجزائري استبعد تطبيق الظروف المخففة على الشخص المعنوي في بعض الجرائم المادة 389 مكرر قانون العقوبات بالنسبة لجريمة تبييض الأموال التي نصت على أن الغرامة لا يمكنها أن تقل عن أربعة أضعاف الحد الأقصى المقرر للشخص الطبيعي أي لا يجوز أن تقل عن 12000000 دج في الجريمة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 389 مكرر من قانون العقوبات بغرامة من 1000000 دج إلى 3000000 دج بالنسبة للشخص الطبيعي .
نشير إلى الحالة الخاصة التي لا ينص فيها قانون العقوبات على عقوبة بالنسبة للشخص الطبيعي نصت عليها المادة 18 مكرر 2 و بينت الحد الأقصى للغرامة المحتسب لتطبيق النسبة القانونية المقررة للعقوبة فيما يخص الشخص المعنوي على النحو التالي:
1- 2000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
2- 1000000 دج عندما تكون الجناية معاقبا عليها بالسجن المؤقت.
3- 500000 دج بالنسبة للجنحة.
إن هذه الحالة تسمح بتحديد عقوبة الغرامة المقررة للشخص المعنوي استثناءا إلى الحد الأقصى المعين في النص فان ما جاءت به المادة 18 مكرر 2 لا يمكن اعتماده بالنسبة لتطبيق الظروف المخففة إلا في حالة ما اذا كان الشخص المعنوي مسبوقا قضائيا لان المشرع يجيز تخفيض الغرامة إلى الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للشخص الطبيعي و هو ما يتطابق مع الحدود التي وضعها المشرع بالمادة 18 مكرر 2 أما في حالة ما اذا كان المتهم غير مسبوق قضائيا فلا بمكن الاستناد إلى حكم المادة 18 مكرر 2 لتحديد الحد الأدنى الذي يجوز تخفيض الغرامة إلى مستواه .
ملاحظة : نشير هنا إلى الحكم الذي جاءت به المادة 53 مكرر بأنه في الحالة التي يتم فيها إفادة المتهم العائد بالظروف المخففة .والذي طبقنا عليه العقوبة المشددة فإن التخفيف الذي يكون هنا لا يمس سوى الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة ما يعني أن القاضي يقرر العقوبة الجديدة بفعل حالة العود ثم يخضعها لظروف التخفيف.
ووضع حالة خاصة بالفقرة الثانية من ذات المادة وهي أنه إذا كانت العقوبة الجديدة المقررة بفعل حالة العود هي السجن المؤقت من خمس إلى عشرين سنة , فإن الحد الأدنى للعقوبة المخففة لا يجوز أن يقل عن ثلاث سنوات حبسا.
وعليه فإن المشرع الجزائري ينص على الحكم الذي يطبق في حالة اجتماع ظرف مخفف مع حالة العود وهو ظرف مشدد عام كما سيتم التطرق إليه في الفصل الثاني.


المبحث الثاني :الظروف الخاصة المشددة:
إن المشرع الجزائري لم ينص على الظروف المشددة على سبيل الحصر وإنما جعلها تخضع لطبيعة كل جريمة على حدى . فما هو مفهوم الظروف الخاصة المشددة وماهي أهم تطبيقاتها القانونية التي من خلالها يتبين لنا تأثيرها على الجزاء الذي يقرره القاضي.
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة :
الظروف المشددة هي حالات يجب فيها على القاضي أو يجوز له أن يحكم بعقوبة من نوع أشد مما يقرره القانون للجريمة, أو يجاوز الحد الأقصى الذي وضعه القانون لعقوبة هذه الجريمة وعليه فإن الظروف المشددة تعرف بتأثيرها على حدود السلطة التقديرية للقاضي فهي تستبدل حدودها العادية بحدود جديدة حينما تكون وجوبيه فتلزم القاضي أن يحكم بعقوبة أشد مما يقرره القانون للجريمة أو أن يحكم بعقوبة الجريمة متجاوزا في مقدارها الحد الأقصى .
كما أنه إذا حكم القاضي في نطاق الحد الأقصى المقرر قانونا فيعتبر ذلك استعمالا لسلطته التقديرية ؛ كما أن كل ما يخرج من سلطة القاضي يدخل في واجب المشرع إذ يمكنه أن يحدد مقدما بعض الظروف التي تشدد العقوبة المطلوب تطبيقها إما على طائفة من الجرائم و إما على جرائم خاصة.
اتجهت التشريعات إلى تنظيم الظروف المشددة في نصوصها التشريعية وسلكت في ذلك أحد اتجاهين: ـ
الإتجاه الأول : نص عليها في القسم العام من قانون العقوبات تسري على كل جريمة تلحق بها أو على طائفة معينة من الجرائم, وتسمى بالظروف المشددة العامة.
و الإتجاه الثاني :نص على ظروف مشددة خاصة في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات تلحق كل منها بجريمة بحالة عامة معينة و تسمى بالظروف المشددة الخاصة .
وتنقسم كل من الظروف العامة والخاصة من حيث طبيعتها إلى ظروف موضوعية وظروف شخصية
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم ينص على نظرية عامة للظروف المشددة في القسم العام من قانون العقوبات, و إن كان أتى بحالة عامة أجاز بموجبها للقاضي تشديد العقوبة وهي حالة العود والتي سيتم التطرق إليها في الفصل الثاني المتعلق بتقدير الجزاء الجنائي في حالة تعدد الجرائم.ويمكن تعريف الظروف المشددة الخاصة على أنها تلك الظروف المنصوص عليها في مواضع متفرقة من القسم الخاص من قانون العقوبات بحيث تلحق كلا منها بجريمة واحدة بذاتها حددها القانون أو عدد محدود من الجرائم, فلا يتعدى حكمها هذه الجريمة أو تلك الجرائم وتنقسم إلى قسمين :ـ
القسم الأول يتعلق بالظروف المادية وهي تخص الجانب المادي للجريمة , وتعني ازدياد خطورته وقد تتصل بالفعل وتفترض ارتكابه على نحو يجعله اشد خطورة والتي قد ترجع إلى استخدام وسيلة معينة كاستخدام السلاح , والتعدد في جريمة السرقة .وقد تتصل بالنتيجة التي تترتب على الفعل وتفترض جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل كالعاهة المستديمة . أو العجز عن العمل مدة تتجاوز خمسة عشرة يوما .
والقسم الثاني يتمثل في الظروف الشخصية فتتصل بالجانب المعنوي للجريمة وتعني ازدياد خطورة الإرادة الآثمة وازدياد الخطورة الكامنة في شخص الجاني كسبق الإصرار والترصد الذي يعد ظرفا مشددا في جريمة القتل ومثالها كذلك صفات معينة يرى القانون أنها إذا توفرت للجاني دلت على إساءة استغلاله الثقة التي وضعت فيه أو السلطة التي منحت له كصفة الخادم التي تعد ظرفا مشددا في جرائم السرقة وحالة ما إذا كان المجني عليه من أصول الجاني .
و تتميز الظروف المشددة عن أركان الجريمة بأن هذه هي التي تكون الجريمة التي نص عليها القانون و بدونها لا توجد الجريمة أو توجد جريمة من نوع آخر ...
والتشريع الجزائري يأخذ بهذا النظام في تنظيمه للظروف المشددة بقانون العقوبات, إذ ينص على ظروف عديدة ومتنوعة في مواضع متفرقة من القسم الخاص منه عند معالجته لمختلف الجرائم فهناك ظروف مشددة بجرائم القتل العمد و الضرب والجرح والسرقة..إلخ. تنقسم الظروف المشددة الخاصة إلى ظروف مادية خارجة عن شخص الجاني ومتعلقة بالجانب المادي للجريمة فيجعله أشد خطرا مما هو لو تجرد من هذا الظرف إذ يفترض في ازدياد خطورته وأساس ذلك هو الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما .
وعليه فإن الظرف المادي قد يتصل بالفعل ويفترض تغييرا في مقدار خطورته على نحو يجعله أكثر خطورة .وقد يرجع ذلك إلى استعمال وسيلة معينة تزيد من جسامته, وقد يرد إلى ارتكابه في مكان معين أو إلى وقوعه في زمان معين وظروف شخصية مشددة تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة .و تجدر الإشارة أن للتفرقة بين نوعي الظروف المشددة الخاصة سواء كانت شخصية أو مادية أهمية عملية في حالة اشتراك عدة أشخاص في الجريمة.
فان الظروف المادية إذا كانت لاصقة بنفس الفعل فلا يمكن إلا أن يعم أثرها كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها. و ليس من اشترك في هذه الجريمة أن يتنصل من مسؤوليته عن النتائج المترتبة عليها.
أما الظروف الشخصية فالقاعدة أنها تشدد عقوبة الفاعل أو الشريك التي توجد في شخصه هذه الظروف, و لكنها لا تعتبر سببا لتشديد العقاب على غيره من الفاعلين أو الشركاء . وهو مانص عليه المشرع الجزائري بالمادة 44 ق ع بأنه لا تؤثر الظروف ف الشخصية التي ينتج عنها التشديد من العقوبة أو الإعفاء منها إلا بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف,أما الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة التي توقع على من ساهم فيها فإن ذلك يتوقف حسب علمه أو عدم علمه بها . وأن الأصل في العقاب على الاشتراك يكون بالنسبة للشريك بنفس العقوبات المقررة لتلك الجناية أو الجنحة .المطلب الثاني:التطبيقات القانونية للظروف المشددة الخاصة بقانون العقوبات الجزائري:
لما كانت الظروف المشددة الخاصة وقائع تبعية تتصل بالعناصر المادية أو الأدبية التي تتكون منها الجريمة فتزيد من تجريم الفعل أو تجريم مرتكبيه و يمكن فصلها عن الجريمة التي تصاحبها دون أن تغير من طبيعتها و لتوضيح تأثير الظروف المشددة على الجرائم بقانون العقوبات سيتم عرضها من خلال فقرتين تتعلق الأولى بالظروف المادية المشددة, والثانية بالظروف الشخصية المشددة .مع الإشارة إلى أن الظروف المشددة لم ترد بقانون العقوبات الجزائري على سبيل االحصر وإنما على سبيل المثال.
الفرع الأول: الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي :
هذه الظروف قد تكون وسيلة معينة , أو مكان معين , أو زمان معين .
أولا : الوسيلة : هي كل ما يمكن أن يلجأ إليه الجاني ويستعمله لتحقيق إرادته الجنائية وقد أورد المشرع الجزائري في نصوص عديدة وسيلة ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا خاصا يلحق أو يقترن ببعض الجرائم .
1 ـ القتل بالسم : عرفته المادة 260 ق ع على أنه الإعتداء على حياة إنسان بتأثير مواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كان استعمال أو إعطاء هاته المواد ومهما كانت النتائج التي تؤدي إليها وعقوبتها الإعدام . وجعل المشرع من هاته الوسيلة ظرفا مشددا للجريمة وحكمة ذلك أن القتل بالتسميم يتم عن غدر وخيانة فلا يترك للمجني عليه مجالا للدفاع عن نفسه خاصة إذا كان التسميم حاصلا بيد من لا يحمل له المجني عليه ضغنا كما أنها تمتاز بسهولة التنفيذ و صعوبة الإثبات .
وتتميز جريمة التسميم عن باقي الجرائم بالوسيلة المستعملة فيجب أن يكون قد حصل بمواد يمكن أن تؤدي إلى الوفاة عاجلا أو آجلا أيا كانت كيفية استعمال تلك المواد و هاته المواد لم يحددها المشرع فقد تكون حيوانية , نباتية أو معدنية . وعلى القاضي أن يبين في الحكم إذا كانت المادة سامة أو غير سامة وله أن يستعين في ذلك بالخبراء لتحديد سبب الوفاة فالقانون لم يعط وصفا للمواد السامة فقد يكون التسميم مستحيلا إما بسبب طبيعة المادة السامة أو بسبب الكمية المستعملة فإذا كانت المادة غير سامة و يعتقد الجاني أنا قاتلة فلا جريمة لأن المشرع يشترط أن تؤدي إلى القتل أما في الحالة الثانية فقد جرى القضاء على اعتبار الجريمة خائبة لا مستحيلة فيعاقب الجاني على شروع في قتل بالتسميم .
وتقوم جريمة التسميم أيا كانت طريقة استعمال المواد السامة فيستوي أن يضعها الجاني في طعام أو شراب أو يناولها للمجني عليه بطريق الحقن أو الاستنشاق أو تسليم الجاني أدوية للمجني عليه وهو يعلم أن استعمالها مجتمعة من شأنه أن يؤدي إلى الوفاة .وتعتبر جريمة التسميم تامة بتناول السم ولو لم يقضي على حياة المجني عليه ولابد أن تتوافر علاقة السببية بين إعطاء المادة السامة والنتيجة التي حصلت ويجب أن يكون التسميم بإعطاء مادة تؤدي حتما إلى الوفاة وأن تتوافر نية القتل .
وتجدر الإشارة إلى أن مسألة المادة السامة التي تسلم للغير مع تكليفه بإعطائها للمجني عليه فإذا كان الغير حسن النية فلا يسأل وإنما يسأل كفاعل من سلمه المادة السامة أما إذا كان الغير على علم بأن المادة سامة فهو الذي يسأل كفاعل أصلي .
وقرر المشرع الجزائري عقوبة الإعدام لجريمة التسميم المادة 261 ق ع.
ولا بد أن نميز في هذا الإطار بين حالة المادة 260 ق ع التي تشترط لتأسيسها استعمال مواد من شأنها إحداث الموت وحالة المادة 275 ق ع التي تكتفي باستعمال مواد من شأنها الإضرار بالصحة, وتقرر عقوبة الحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 2000 دج كل من سبب للغير مرضا أو عجز عن العمل الشخصي . وذلك بأن أعطاه عمدا وبأي طريقة كانت ودون قصد إحداث الوفاة مواد ضارة بالصحة .
2 ـ السرقة بالكسر أو باستعمال مفاتيح مصطنعة أو بالتسلق :
عرف المشرع الجزائري السرقة بالمادة 350 ق ع كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 100000 إلى 50000 دج وتطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه والكهرباء والغاز كما يعاقب على الشروع بذات العقوبات المقررة للجريمة المرتكبة , ومن الوسائل التي إذا ارتكبت الجريمة بواسطتها تعتبر ظرفا مشددا تتمثل فيما يلي :
2ـ 1. السرقة بالكسر: عرفه المشرع الجزائري بالمادة 356 ق ع على أنه استخدام العنف المادي في إيجاد منفذ للدخول إلى المكان ككسر الباب أو النافذة أو إحداث فجوة بالجدار أو انتزاع المسامير المثبت بها القفل أو الكسر أو زجاج النافذة . وعد القانون الكسر ظرفا مشددا وهذه الوسيلة لا تحصل إلا في منزل مسكون أو مكان مسور ويجب أن تكون قد استخدمت كوسيلة لدخول ذلك المنزل أو المكان ولا يستحق الكسر إلا باجتماع أمرين , وهما أن يكون الجاني قد استعمل العنف في فتح سبيل يدخل منه إلى منزل كباب أو شباك , وذلك إما بالكسر أو القطع أو الخلع أو الهدم و ما أشبه ذلك أو أن يكون على الأقل قد استعمل وسيلة غير عادية في فتح ذلك السبيل مما يستعمله اللصوص لفتح الأبواب أما إذا استعمل المفتاح العادي فلا يعد ذلك كسرا , و أن يكون الكسر من الخارج إذ يتعين أن يكون بواسطة للدخول وهو مالا يتصور إلا في الكسر الخارجي . أما الكسر الداخلي وهو الذي يحصل بعد دخول السارق في المنزل ككسر دواليب أو خزائن فلا عبرة به هنا ولا يعد ظرفا مشددا للسرقة كذلك فإن الكسر الذي يحصل عند الخروج من ليتمكن السارق من الفرار بما سرق لا يعد ظرفا مشددا . كما أنه لا يعد كسرا إذا دخل الجاني إلى المكان باستعمال الحيلة دون استخدام العنف كما يتطلب الكسر أن يكون المكان مقفلا .
ملاحظة : كسر الأختام يعتبر ظرفا مشددا إذا وقع من أجل السرقة المادة 354 فقرة 4 أما إذا وقع لذاته فهو جنحة معاقب عليها بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات المادة 155 فقرة 1 قانون عقوبات .
2 ـ 2 . السرقة بالتسلق : عرفته المادة 357 قانون عقوبات : "يوصف بالتسلق الدخول إلى المنازل أو المباني أو الأحواش أو حظائر الدواجن أو أية أبنية و بساتين أو حدائق أو أماكن مسورة وذلك بطريق تسور الحيطان أو الأبواب أو السقوف أو أية أسوار أخرى والدخول عن طريق مداخل تحت الأرض غير تلك التي أعدت لاستعمالها للدخول يعد ظرفا مشددا كالتسلق , بشرط أن يكون قد استعمل من الخارج بقصد الوصول إلى الداخل أما التسور من الداخل إلى الخارج فلا يعد ظرفا مشددا .
2 ـ 3. استعمال مفاتيح مصطنعة : عرفته المادة 358 ق ع " على أنه توصف مفاتيح مصطنعة كافة الكلاليب والمفاتيح الصالحة لفتح جميع الأقفال والمفاتيح المقلدة أو المزورة أو المزيفة أو التي لم يعدها المالك أو المستأجر أو صاحب الفندق أو صاحب المسكن لفتح الأقفال الثابتة أو الأقفال غير الثابتة أو أية أجهزة للإغلاق والتي استعملها الجاني لفتحها بها. ويعتبر مفتاحا مصطنعا المفتاح الحقيقي الذي احتجزه الجاني دون حق وعليه فإن المفتاح المصطنع هو المفتاح المقلد أو المغير و لابد لاعتبار استعمال المفاتيح المصطنعة ظرفا مشددا أن تستعمل بقصد الدخول إلى المنزل أو المكان المسور أما استعمال مفاتيح مصطنعة للوصول من غرفة إلى أخرى فلا يعد ظرفا مشددا كما لا يشترط أن يكون المفتاح مقلدا بل يكفي ألا يكون معدا لفتح القفل الذي استعمل فيه فيطبق ظرف استعمال المفاتيح المصطنعة على من يستعمل مفتاحا ضاع أو سرق من صاحبه الشرعي .
3 ـ حمل السلاح : وهو الظرف المنصوص عليه بالمادة 351 ق ع لم يعرف المشرع الجزائري المقصود بالسلاح و إنما ذكره بالمادة 93 فقرة 2 بأنه كافة الآلات والأدوات والأجهزة القاطعة أو النافذة أو الراضة و أن السكاكين و مقصات الجيب والعصي العادية لا تعتبر من قبل الأسلحة إلا إذا استعملت للقتل والجرح أو الضرب .
واعتبار حمل السلاح ظرفا مشددا يفيد أن حامله ينوي استعماله عند الحاجة وفي هذا الحظر مالا يخفى على أن التشديد محتم ولو لم يستعمل السلاح فعلا فعلة التشديد هنا مجرد الحمل لا الاستعمال . فإذ استعمل السلاح فعلا أصبحت الجريمة مقترنة بإكراه .
وتنقسم الأسلحة حسب الفقه إلى قسمين :
أ ـ أسلحة بطبيعتها معدة أصلا للفتك بالأنفس وهي الأسلحة الحربية التي يعاقب القانون على حيازتها وحملها دون رخصة , كما هي معرفة بالأمر 97\06 المؤرخة في 21 \ 01 \1997 وتشمل هذه الفئة كل سلاح يمكنه قذف ذخيرة مثل أسلحة الصيد و أسلحة الرماية والمعارض فضلا عن الأسلحة الحربية مثل المسدسات والرشاشات . إلخ .....
ب ـ أسلحة بالإستعمال وهي التي وإن كانت بدورها من شأنها الفتك فإنها غير معدة له بل لأغراض بريئة كالسكاكين العادية والفؤوس و المقصات ونحوها التي تستخدم في الشؤون المنزلية أو الزراعية وغيرها ... وكذا العصي التي تستخدم في القرى .
وهذا التقسيم ينطبق على حالة حمل السلاح أثناء السرقة , فإذا ارتكب الشخص السرقة وهو يحمل سلاحا من النوع الأول اعتبرت السرقة مقترنة بظرف مشدد ولو لم يستعمل السلاح قط لأن مجرد حمله قرينة على نية استعماله , أما إذا كان يحمل أثناء السرقة سلاحا من النوع الثاني فلا تعد السرقة مقترنة بظرف مشدد إلا إذا هدد باستعماله أو استعمله فعلا ففي الأولى تكون سرقة بالتهديد باستعمال سلاح وفي الثانية سرقة بإكراه ويستوي في نظر القانون أن يكون الشخص حاملا سلاحا ظاهرا أو خفيا لأن نية الجاني واحدة في الحالتين وهي الإستعانة به عند الحاجة كذلك يعتبر الظرف المشدد موجودا سواء أكان السلاح المهدد باستعماله من نوع الأسلحة التي تعد كذلك بطبيعتها أو من الآلات التي لا تعد سلاحا إلا باستعمالها بهذا الوصف.
4-العنف: نص عليه المشرع الجزائري في المادة 353 من ق ع كظرف مشدد للسرقة بالعنف ويقصد به العنف المادي الموجه مباشرة لجسم الإنسان بقصد إضعاف مقاومته و لتسهيل ارتكاب الجريمة و يشترط فيه أن يكون ماديا لا معنويا و يراد به وسائل العنف المادية كالسرقة التي تقع بالقوة و باستعمال وسيلة موجهة مباشرة إلى جسم المجني عليه و تخفف من مقاومته أو تعدمها و تمكن الجاني من تنفيذ جريمته .
و يلزم في العنف أن يكون الجاني قد حققه بسلوك يتميز عن الاختلاس فمجرد خطف المسروق لا يعد عنفا ولا الاستيلاء على المسروق من شخص نائم أو فاقد الوعي نتيجة مرض أو من عاجز عن أو المقاومة و يلزم للعنف أن يقع بقصد ارتاب الجريمة و هذا يقتضي وقوعه لتسهيلها أو لتنفيذها أي قبل وقوع السرقة مثلا أو على الأقل معاصرا لها في حين لا يعتد بالعنف الذي يقع بعد تمام الجريمة بقصد التخلص منها أو الإفلات من عقوبتها و يجب أن يقع العنف قصد الوصول للجريمة و أن تكون هناك رابطة بينهما فيكون العنف وسيلة للبدء في الجريمة أو لإتمامها علة تشديد عقوبة السرقة بالعنف هي أن الجريمة تقع لإتيان فعلين و هما الاختلاس و العنف إذ تصبح السرقة اعتداء على الشخص و المال معا .
ومن الجرائم التي يعتبر العنف ظرفا مشددا بها الفعل المخل بالحياء المنصوص عليه بالمادة 335 فقرة 1 بأنه يعاقب بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء ضد إنسان ذكرا كان أو أنثى بعنف أو شرع في ذلك. وقد استقر القضاء على الأخذ بالعنف المعنوي ؛كما أن المشرع قد ساوى في العقوبة بين الجريمة التامة و الشروع .
ثانيا: المكان: لا يهتم ا لقانون في الواقع بمكان ارتكاب الجريمة بحيث لا يعتبره من عناصر السلوك الإجرامي التي تخضع للعقاب بحسب الأصل.
غير أن المشرع قد يدخل في اعتباره مكان ارتكاب السلوك الإجرامي فيجعل منه عنصرا في الجريمة أو يجعله ظرفا مشددا مثل ما ورد في المادة 352 ق ع "التي تعتبر ارتكاب السرقة في الطرق العمومية أو في المركبات المستعملة لنقل المسافرين أو المراسلات أو الأمتعة أو داخل نطاق السكك الحديدية و الأمتعة والمطارات و أرصفة الشحن أو التفريغ",و المثال الذي يعتبر بارزا في القانون المكان المسكون الذي يتعرض للسرقة فزيادة على ضياع ملكية مال المعتدى عليه ينطوي فعل الجاني على انتهاك حرمة المسكن ومسكن الإنسان هو مأواه الذي يطمئن فيه,لذلك يتشدد المشرع في حمايته.
و المشرع الجزائري لم يعرف السكن و إنما ذكره في المادة 355 ق ع "يعد منزلا مسكونا كل مبنى أو دار أو غرفة أو خيمة أو كشك ولو مستقل متى كان معدا للسكن و إن لم يكن مسكونا وقتذاك فالتشديد يتعلق بإعداد المنزل للسكن و ليس بلزوم شغله فعلا و تلحق بالمنزل المسكون مهما كان استعمالها حتى ولو كانت محاطة بسياج خاص داخل السياج أو السور العمومي .
و التعريف الوارد بالفقه:
1-الأماكن المخصصة بطبيعتها للسكن أي للإقامة فيها ليلا و نهارا لمدة طويلة أو قصيرة كالمنازل, الفنادق المستشفيات, و السجون.
2-الأماكن التي ولو أنها غير مخصصة للسكن إلا أنها مسكونة فعلا أي يقيم فيها شخص أو أكثر فالمحال التجارية و المصانع و المدارس و المسارح و دور المحاكم ليست معدة بطبيعتها للسكن و إنما كان يقيم فيها شخص أو أكثر كحارس ينام بها ليلا فإنها تعتبر مسكونة ومظهر السكن أن الإنسان يحي في المكان كما لو كان في منزله فيعمل و يأكل و يستريح فيه؛ ولا يشترط في المنزل المسكون أن يكون من نوع معين فقد يكون منزلا أو عوامة أو مكبا أو كوخا أو عربة.
3-المكان المعد للسكن: وهو المسكون فعلا و لكن لا يقيم فيه ساكنه مؤقتا كمنزل في المصيف لا يقيم فيه صاحبه وقت الصيف أو كمنزله الأصلي إذ كان قد أغلقه و غادره إلى المصيف
ثالثا: الزمان: يعتبر المشرع زمن ارتكاب الجريمة ظرفا مشددا لما له من دلالة كاشفة على خطورة الفاعل وميله للإجرام و ق ع الجزائري نص على الليل ظرفا مشددا دون أن يحدد بدايته أو نهايته.
و قضت محكمة النقض المصرية أن ظرف الليل من المسائل المتعلقة بالموضوع التي تفصل فيها نهائيا محكمة الموضوع خاصة و انه لا يوجد تعريف قانوني لليل ؛ و أفضل مثال على ذلك جريمة السرقة التي ترتكب ليلا فهذا الظرف كاف وحده لتطبيق العقوبة المنصوص عليها بالمادة 353 من ق ع,إذ لا يمكن تطبيق العقوبة المنصوص عليها بالمادة 353 من ق ع.
و بالرجوع إلى القانون الجزائري يمتد من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة 5 صباحا المادة 47 من ق اج و يستخلص القاضي ظرف الليل من المعاينات التي تقوم بها الضبطية القضائية حسب تقديره الشخصي و بالنسبة لكل حالة على حدى .
ومن ظروف الزمان كذلك كون السرقة ترتكب أثناء حريق أو زلزال أو فيضان أو غرق أو ثورة أو فتنة أو أي اضطراب آخر.هذا الظرف بقدر ما هو سهل الفهم و التطبيق بقدر ما هو معقول و مقبول إذ لا أحد يشفق على سارق يستغل ظروف مأساوية بدلا من تقديم يد المساعدة لهم و يعاقب على السرقة المرتكبة في أحد ظرفي الزمان المبينين أعلاه بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات و يعتبر هذان الظرفان من الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة .
الفرع الثاني : الظروف المادية المتصلة بالنتيجة الإجرامية المترتبة على الجريمة :
إذا تعلق الظرف المادي المشدد بالنتيجة الإجرامية فإنه يفترض ازدياد جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل , كما قد يكون لموضوع النتيجة الإجرامية قيمة في ذاته أفضل مثال على ذلك جريمة الضرب والجرح العمدي المفضي إلى الموت أو إلى عاهة مستديمة , نص المشرع الجزائري على أعمال العنف العمد بالمواد 264 إلى 276 ق ع و بالمادتين 442 و 442 مكرر قانون عقوبات .
وتشترك أعمال العنف العمد بكل صورها في الضرب والجرح العمد و إما في عمل من أعمال العنف أو الاعتداء وأن تمس أي شخص مهما كان سنه أو جنسه ,فيراد بالضرب كل تأثير على جسم الإنسان ولا يشترط أن يحدث جرحا أو يتخلف عنه أثر أو يستوجب علاجا ,ويراد بالجرح كل قطع أو تمزيق في الجسم أو في أنسجته, و يتميز عن الضرب في أنه يترك أثرا بجسم الضحية , أما أعمال العنف فيقصد بها ما يمس جسم الضحية دون أن يؤثر عليه أو يترك أثرا فيه ,أما التعدي فهي أعمال مادية وإن كانت لا تصيب جسم الضحية مباشرة فإنها تسبب لها انزعاجا أو رعبا شديدا من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب في قواها الجسدية أو العقلية , ولا يتأثر قيام الجريمة بما ينتج عن أعمال العنف من مرض أو عجز عن العمل وإنما وصف الجريمة والعقوبة المقررة لها هما اللذان يتأثران بخطورة النتائج المترتبة عن أعمال العنف .
وتجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم يعرف العاهة المستديمة , وإنما نص بأن المقصود منها فقد منفعة عضو من أعضاء الجسم فقدا كليا أو جزئيا , سواء بفصل العضو أو تعطيل وظيفته أو مقاومته على أن يكون ذلك بصفة مستديمة أي لا يرجى شفاء منها . وهي مسألة تقديرية يختص بها قاضي الموضوع . و تنص المادة 264 ق ع على أمثلة لما يعتبر عاهة مستديمة وهي بتر أحد الأعضاء و الحرمان من استعمال أحد الأعضاء , فقد البصر أو فقد إبصار أحد العينين.
فالعقوبات التي تقرر لجرائم العنف العمد تختلف حسب خطورة النتائج التي أسفرت عن أعمال العنف , فالأصل أن تكون مخالفة إذا لم ينتج عن أعمال العنف أي مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما , وتكون جنحة إذا نتج عنها مرض أو عجز عن العمل لمدة تزيد عن خمسة عشر يوما . وتكون جناية إذا نتج عنها عاهة مستديمة أو وفاة دون قصد إحداثها .
الفرع الثالث : الظروف الشخصية المشددة:
الظروف الشخصية المشددة هي تلك الظروف التي تتعلق بمرتكب الجريمة شخصيا ولا شأن لها بالفعل المادي المكون للجريمة. ولها عدة صور أوردها القانون على سبيل المثال لا الحصر تتمثل في :1 ـ الإرادة الجنائية للجاني ,2 ــ صفة الجاني , 3ـ الدافع إلى ارتكاب الجريمة , 4ـصفة المجني عليه . 5ـ تعدد الفاعلين.
الفقرة الأولى : الإرادة الجنائية للجاني:
وهي النشاط النفسي الذي يصدر عن وعي و إدراك يتجه إلى تحقيق غرض عن طريق وسيلة معينة, كسبق الإصرار الذي عرفه المشرع الجزائري بالمادة 256 ق ع بأنه عقد العزم قبل ارتكاب الفعل على الإعتداء على شخص معين أو حتى على شخص يتصادف وجوده أو مقابلته وحتى لو كانت هذه النية متوقفة على أي ظرف أو شرط كان . وعليه يتطلب سبق الإصرار فترة من الزمن تمضي بين العزم على ارتكاب الجريمة وبين تنفيذها و أن يكون الجاني قد فكر فيما عزم عليه ورتب وسائله وتدبر في عواقبه ثم أقدم عليه فالعبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير.
فلا وجود له إذا كان الجاني لا يزال في حالة غضب تعمي بصيرته وتمنعه من التفكير السليم . ولا يشترط أن تكون النية المبيتة على الإعتداء محدودة كما أنه لا عبرة بالغلط في الشخص فالقتل يعتبر مقترنا بسبق الإصرار مثال ذلك من ينوي سرقة منزل مسكونا ويحتاط لحالة التعرض في طريقه فيأخذ معه سلاحا لاستعماله عند الاقتضاء ضد من يحاول القبض عليه . فلا يشترط أن يكون في نية القاتل قتل شخص معين أو غير معين ترمي به الصدف في طريقه كما لا يهم أن يصيب القاتل شخصا غير الذي كان يقصده .
وكالترصد ,عرفته المادة 257 ق ع " بأنه انتظار شخص لفترة طالت أو قصرت في مكان أو أكثر وذلك لإزهاق روحه أو للاعتداء عليه " .
إن الحكمة من تشديد العقاب في حالة الترصد وفقا لرأي غالبية المشرعين هي أن توفر هذا الظرف ينبئ عن خطورة في الجاني , فهو يعد وسيلته لارتكاب الجريمة ثم يفاجئ المجني عليه بعدوانه الذي لا يستطيع دفعه فهو وسيلة تدل على نذالة الجاني و إمعانه في ضمان انجاح فعلته , وتثير الاضطراب في النفس يأتيها الهلاك من حيث لا تشعر .وحتى يتوافر ظرف الترصد يتعين على الجاني أن يعد عدته على النحو الذي يضمن به المعتدي تنفيذ جريمته غيلة وغدرا من المجني عليه وعلى غير استعداد منه للدفاع عن نفسه والمهم في الترصد هو عنصر المفاجأة ويستوي أن يكون المكان الذي يتم فيه الإعتداء قد اعتاد المجني عليه المرور به أو يتوقع الجاني مروره به بل ويجوز أن يكون ذلك المكان خاصا بالجاني نفسه وينتظره به لاغتياله أو إيذائه ولا أهمية كذلك لفترة الزمن التي تمضي في التربص فقد تطول توقعا لوصول المجني عليه كما قد تقصر لدرجة كبيرة إذا أمكن تحديد وقت وجوده في مكان معين بشكل دقيق فينتظره الجاني به لحظة وصوله ويباشر عدوانه عليه ولا يمنع من قيام الترصد عدم تحديد المجني عليه سلفا بأن يعتدي على كل من يمر به ولا ينفي قيام الترصد كذلك خطأ الجاني في شخص المعتدى عليه لان ذلك لا يغير من الحالة المادية التي كان عليها الجاني وقت اقتراف جريمته وظرف الترصد ظرف موضوعي يسري على جميع المساهمين في الجريمة من علم به ومن لم يعلم به . وعلى القاضي أن يبين ذلك في حكمه .ويعتبر كل من سبق الإصرار والترصد ظرفين مستقلين فوجود أحدهما يكفي لتطبيق العقوبة المشددة حتى ولو لم يوجد الآخر ولا مانع من اجتماعهما معا . ومن الصعب أن نتصور ترصد دون سبق إصرار على أساس أن الثاني يحوي الأول .
وجاء في الإجتهاد القضائي للمحكمة العليا أنه من الثابت أن طرفي سبق الإصرار والترصد, شخصيان يتعلقان بالفاعل الأصلي للجريمة , وبالتالي فإن معاقبة الشريك بهما يعد خطا في تطبيق القانون . (ملف رقم 306921 قرار بتاريخ. 29 /04/2003)
الفقرة الثانية : صفة الجاني :
اعتبر المشرع صفة الجاني مجرد ظرف مشدد خاص يلحق ببعض الجرائم . مثال ذلك كون السارق مستخدما أو خادما بأجر يشكل ظرفا مشددا حتى ولو وقعت السرقة ضد من لا يستخدمونه لكنها وقعت سواء في منزل مخدومة أو في المنزل الذي كان يصحبه فيه.
وكذلك إذا كان السارق عاملا أو عاملا تحت التدريب في منزل مخدومة أو مصنعه أو مخزنه أو إذا كان يعمل عادة في المسكن الذي ارتكبت فيه السرقة .المادة 353 ق ع الفقرة 6 و 7, وهاتان الفقرتان تتكلمان عن طائفتين لكل منهما حكم خاص بها :
الطائفة الأولى تشمل الخدم بالأجرة وهم اللذين يعملون في خدمة شخص ويقومون بلوازمه ولوازم عائلته الخاصة لقاء أجر معين . سواء كان الأجر مقدرا سنويا أو شهريا وسواء كان مبلغا معينا من المال أو عينيا كالأكل والملبس . كالطاهي والبستاني وسائق السيارة والبستاني ومربية الأطفال . . . الخ ..فالمهم أن تكون هناك علاقة خدمة وان يكون العمل مقابل اجر .
ولتشديد العقوبة في هذه الحالة يجب أن تقع السرقة على مال مملوك للمجني عليه وأن يعلم الجاني أن المال مملوك لسيده, والطائفة الثانية تخص المستخدمون والصناع والصبيان وهم اللذين يعملون لدى شخص آخر ولكنهم بحكم عملهم لا يعتبرون خدما ز ومن هؤلاء الكاتب والسكرتير والعامل في المصنع والمحال التجارية سواء كانوا يعملون لدى شخص آخر أو لدى شخص معنوي ويجب أن تقع السرقة بمكان العمل ولا يهم في هذه الحالة لمن تعود ملكية المال المسروق .
الفقرة الثالثة : الدافع إلى ارتكاب الجريمة :
وهو العامل النفسي الذي يحمل الشخص على توجيه إرادته إلى تحقيق النتيجة الإجرامية ولا علاقة له بتكوين القصد الجنائي الذي يقوم على إرادة تحقق الواقعة بغض النظر عن البواعث المحركة للسلوك ولا اثر له على تكوين الجريمة قانونا وإنما ينظر إليه عند تقدير العقاب فقط بموجب السلطة التقديرية للقاضي , ومثال ذلك ما نص عليه المشرع في جريمة القتل العمد التي تقترن بجناية وارتباط القتل بجنحة , ففي الحالة الأولى يشدد القتل ويعاقب بالإعدام إذا سبقته أو زامنته أو تبعته جناية المادة 263 فقرة 1 ق ع ,فلا يتوافر الشرط إذا فصل بين الجنايتين زمن ما و أن يتمثل الفعل الثاني المزامن للقتل في جناية دون تحديد نوعها , ولابد من وقوع جنايتين إذ لو تصورنا أن فعلا واحدا يؤدي على قتل شخصين فلا محل لتطبيق المادة 263 ف 1 ق ع كما يقتضي أن يكون مرتكب الجنايتين هو نفس الشخص . كما يشدد في الحالة الثانية إذا ارتبط القتل بجنحة الفقرة 2 المادة 263 ق ع .
لتحقق هذا الظرف يجب أن يرتكب الجاني قتلا عمدا و أن يرتكب جنحة تكون مستقلة ومتميزة عن القتل ولا يشترط أن تكون تامة فالشروع معاقبا عليه ولا بد أن تكون الجنحة معاقبا عليها قانونا, ويجب أن يكون بين القتل والجنحة رابطة سببية على الصورة التي بينها القانون, مثال ذلك أن يقوم مهرب بضاعة بقتل عون من أعوان الجمارك للتمكن من تهريب بضاعة . وأن تكون هاته الجنحة هي الهدف الأصلي والقتل يرتكب من أجلها .




الفقرة الرابعة : صفة المجني عليه:
ويمكننا حصر ثلاث حالات :
أولا : قتل موظف : المادة 148 ق ع وعقوبتها الأصلية الحبس من سنتين إلى خمس سنوات , غير أنه إذا كان الإعتداء بالعنف و القوة أثناء تأديته وظيفته وكان قصد الفاعل هو إحداث الموت وأدى على حدوثه فتكون عقوبته الإعدام والتشديد هنا مستمد من صفة الموظف سواء كان قاضيا ,ضابطا عموميا أثناء تأدية وظيفتهم أو بمناسبة مباشرتها .
ثانيا : قتل الأصول : نصت عليه المادة 258 ق ع وهو إزهاق روح الأب أو الأم احد الأصول الشرعيين والعبرة بالرابطة الشرعية بين القاتل والضحية فيستبعد التبني والكفالة والولد الطبيعي وتكون عقوبة قتل الأصول دائما الإعدام ولا يستفيد فيها الجاني من الأعذار المخففة . مع مصادرة جميع الأسلحة و الأدوات المستعملة يعاقب بنفس العقوبة وان اعتبار قتل الأصول ظرفا مشددا يتطلب طرح سؤالين أمام محكمة الجنايات الأول : هل قتل فلان فلان؟ و الثاني : هل القاتل ابن شرعي للمقتول؟ .
ثالثا: قتل الطفل حديث العهد بالولادة: عقوبتها السجن المؤبد غير أن الأم سواء كانت فاعلة أصلية أو شريكة تطبق عليها عقوبة مخففة وهو ظرف شخصي لا ينصرف لغيرها, وهي السجن المؤقت من 10 إلى 20 سنة المادة 261 من ق ع الفقرة 2 و من شارك الأم في ارتكاب جريمتها تطبق عليه الظروف المشددة والأعذار المخففة المقررة للقتل العمد.
الفقرة الخامسة:تعدد الفاعلين.
يعتبر التعدد ظرفا مشددا في جريمة السرقة وفقا للمادتين 353 و 354 من قانون العقوبات ويتوفر هذا الظرف في حضور شخصين أو أكثر يعتبر كل واحد منهم فاعلا أصليا كما يوجد التعدد متى كان مع الفاعل الأصلي شريك واحد على الأقل اشترك معه وساعده عند تنفيذ الجريمة,كما لو وقف متربصا عند مكان الجريمة ليدرأ عنه خطر القبض, أو ليحمل معه المتاع المسروق .
أما اذا كان فعل الشريك قاصرا على التحريض أو الاتفاق أو إمداد الفاعل الأصلي بالأسلحة أو الأدوات الأزمة أو مساعدته بأية طريقة أخرى في الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكاب الجريمة فلا يعتبر ظرف التعدد موجودا عندئذ ولا محل لتشديد العقاب لأن التنفيذ تم على يد شخص واحد






الفصل الثاني:
تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام

الفصل الثاني:تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام
الفرد حين ارتكابه الجريمة قد يكون مبتدئا و قد يكون في حالة عود ومن جهة ثانية قد يرتكب عدة جرائم في زمن واحد ولكن لم يتم الحكم عليه نهائيا في واحدة منها فما هي آثار ذلك على الجزاء.
المبحث الأول: حالة العود من قبل الجاني :
سنوضح في هذا المبحث ماهية العود بوجه عام من حيث تعريفه وآثاره.
المطلب الأول: مفهوم العود.:
إن العود هو حالة الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد الحكم عليه نهائيا من اجل جريمة سابقة, فهذه الحالة تتكون من تكرار وقوع الجرائم متماثلة أو مختلفة يرتكبها شخص واحد.
و من هذا التعريف نميز العود عن تعدد الجرائم ,إذ في الحالتين ترتكب أكثر من جريمة غير انه في حالة التعدد لا يكون قد صدر حكم قبل ارتكاب الجريمة الأخيرة أما في حالة العود فترتكب الجريمة الأخيرة بعد صدور حكم أو أكثر.
وتثير أحكام العود في التشريع مسألتين إحداهما خاصة بالمسؤولية و الثانية بالعقوبة؛ فيما يخص المسؤولية فان العود يتم عن إصرار من جانب الجاني على مخالفة أحكام القانون الجنائي و يدل فوق ذلك على عدم كفاية العقاب الأول لزجره أو إصلاحه.
و قد جرى البحث فيما اذا كان نظام العود يجب أن يكون عاما أو خاصا, فالعود الخاص لا يوجد إلا في حالة ارتكاب فعل جنائي بعد حكم صادر عن فعل آخر من النوع الأول أو على الأقل مماثل له أما العود العام أو المطلق لا يراعى فيه هذا الظرف بل يوجد كلما ارتكبت جريمة من الجرائم بعد حكم صادر في جريمة أخرى أيا كان نوع كل من الجريمتين,و أن اتحاد نوع الجريمتين لا يكون ضروريا اذا بلغت هاتان الجريمتان درجة معينة من الجسامة وان الأخذ بنظام العود العام فيما يتعلق بالجنايات و الجنح أفضل من النظام الذي يقوم إما على تكرار الجريمة نفسها كالسرقة بعد السرقة القتل بعد القتل ,و إما على ارتكاب جرائم من نوع واحد ناشئة عن دوافع واحدة كالسرقة و النصب و خيانة الأمانة و الضرب و الجرح ,و ذلك لان عادة الأجرام لا تتوقف على التماثل بين الجرائم و إنما تتوقف على دأب الجاني و إصراره على مخالفة أحكام القانون الجنائي.
و فيما يتعلق بالشرط الأساسي الذي يقوم عليه تشديد العقاب في حالة العود هناك نظريتان تتقاسمهما التشريعات الحديثة:.
فبمقتضى النظرية الأولى يقوم مبدأ العقاب على سبق صدور حكم نهائي بالإدانة فيكفي لتكوين العود ارتكاب جريمة بعد حكم أصبح نهائيا و لو لم تنفذ العقوبة أو تسقط بالتقادم و أساس العود هو استهانة المحكوم عليه بالإنذار الذي أعطي له من السلطة القضائية.
و بمقتضى النظرية الثانية لا يكفي الحكم وحده أساسا للعود بل يجب أن تكون العقوبة قد نفذت و ظهر عدم تأثيرها, و هذه النظرية أكثر منطقية لان الذي يبرر تشديد العقاب هو بنوع خاص عدم كفاية العقوبة العادية غير أن معظم التشريعات أخذت النظرية الأولى التي تكتفي في العود بصدور حكم نهائي و لو لم ينفذ هذا الحكم نظرا لبساطة هذه النظرية و سهولة تطبيقها .
ويعتبر العود ظرفا مشددا للجريمة الثانية و بعبارة أصح لعقوبة الجريمة الثانية إذ يخضع لتقدير القاضي, فالعود في ذاته قرينة على سوء السلوك و يجب تمكين القاضي من بحث قيمة هذه القرينة في كل قضية تطرح عليه و معاملة المتهم بما تقتضيه من إطالة مدة العقوبة أو الحكم بعقوبة من نوع آخر ,... و في فرنسا قضى القانون الصادر في 27 ماي 1885 بعقاب العائدين غير القابلين للإصلاح بعقوبة النفي إلى إحدى المستعمرات Relégation .
ولإثبات العود يستعين القاضي بصحيفة السوابق القضائية رقم 2 التي توضح فيها جميع العقوبات الصادرة ضد المتهم سواء الغرامات أو العقوبات السالبة للحرية المعاقب عليها بقانون العقوبات الجزائري, أو الجرائم التي يرتكبها الجزائريين بالخارج ويكون معاقبا عليها في قانون العقوبات الجزائري كذلك , مع الإشارة إلى أن هاته سواء كانت غرامة أو سالبة للحرية . لا تظهر سوى في صحيفة السوابق القضائية رقم 2 ويتم إرسالها من قبل وزارة العدل للدولة المعنية إلى الجزائر وتحفظ في مصلحة السوابق بالجزائر أي بالمجلس الذي يتبع مقر ميلاد المعني . لا تظهرها ته العقوبة في صحيفة السوابق القضائية رقم 3 . ومثال ذلك اتفاقية التعاون القضائي المبرمة بين الجزائر وفرنسا بتاريخ 28/08/ 1962 المادة 33 منها .
ملاحظة : إن العقوبة التي ينطق بها القاضي قد تكون موقوفة النفاذ وهو استثناء على نظام الحكم بالعقوبة المنفذة . وحين الحكم بوقف التنفيذ يلزم على القاضي تسبيب حكمه . وبهذه الصفة تدون العقوبة مع وقف التنفيذ بصحيفة السوابق رقم 1, وفي القسيمة رقم 2 التي تسلم لبعض الإدارات والقضاة ,في حين لاتسجل في القسيمة رقم التي تسلم للمعني بالأمر وتحتسب هذه العقوبة في تحديد العود.2



المطلب الثاني: التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري:
أدخل المشرع اثر تعديل قانون العقوبات بموجب القانون المؤرخ في 20/12/2006 تعديلات جوهرية على أحكام العود مما حذا به إلى إلغاء المواد 54 ,55 ,56, و 58 ذات واستبدالها بنصوص جديدة في المواد 54 مكرر إلى 54 مكرر 10 مستوحاة في مجملها من قانون العقوبات الفرنسي, إضافة إلى إدراج أحكام خاصة بالشخص المعنوي.
الفرع الأول: الشروط العامة للعود.
يميز المشرع الجزائري من حيث تطبيق العود بين الجرائم حسب وصفها و أحيانا حسب العقوبة المحكوم بها لاسيما في مواد الجنح. ففي الجنايات يشترط قانون العقوبات لتطبيق العود توافر شرطين و هما:
1 -حكم سابق نهائي: أن تكون الجريمة الجديدة قد ارتكبت بعد حكم جزائي سابق نهائي و المقصود هو الحكم البات, ولا يكون ذلك إلا بانقضاء مواعيد الطعن أو بالفصل في الطعن بالنقض و هكذا قضى بأن أحكام العود لا تطبق ما دام المدعى عليه في الطعن لم يسبق الحكم عليه بالحبس)أو بالسجن( قبل ارتكاب الجنحة )أو الجناية( التي صدر بشأنها القرار المطعون فيه.
2-جريمة لاحقة: تشترط حالة العود ارتكاب جريمة ثانية بعد الحكم الأول النهائي على أن تكون الجريمة الثانية مستقلة عن الجريمة الأولى المحكوم فيها و في الجنح يضاف شرط ثالث إلى الشرطين المذكورين أعلاه وهو ارتكاب الجنحة الجديدة خلال فترة معينة حددها المشرع تارة ب 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة و تارة ب 5 سنوات .
و قد يضاف إليها شرط رابع و هو التماثل بين الجنحة الأولى التي صدر فيها الحكم النهائي و الجنحة اللاحقة لها.
و القانون لا يلزم القضاة بتطبيق العود حال توافر شروطه فهو أمر جوازي متروك لتقديرهم .
الفرع الثاني: العود في مواد الجنايات و الجنح
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي
ينص ق ع على العود في الجنايات و الجنح بالنسبة للشخص الطبيعي في المواد من 54 مكرر إلى 54 مكرر 3.


أولا: في الجنايات و الجنح: و تنقسم حالات العود في الجنايات و الجنح إلى أربع حالات و هي:
1-العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات(إلى جناية:
و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر, و لتحقيق العود يشترط فيها أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات كما هو الحال بالنسبة لجنح السرقة المنصوص عليها في المواد 350 مكرر و 352 مكرر و 354 المعاقب عليها على التوالي بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات و بالحبس من 5 سنوات إلى 10 سنوات .
و الشرط الثاني لتحقيق العود هو أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها و العود في هذه الحالة عود عام و مؤبد, فهو عام لأن القانون لا يشترط فيه تماثلا بين الجناية أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة و هو مؤبد لأن القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي البات و الجريمة الجديدة.
و هكذا فإذا ما سبق الحكم على شخص بخمس سنوات سجنا من أجل السرقة الموصوفة ثم بعد عشرين سنة ارتكب جناية القتل ففي هذه الحالة يجوز تطبيق أحكام العود عليه.
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات(إلى جنحة مشددة:
هاته الحالة منصوص عليها بالمادة 54 مكرر 1 و يشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات و أن تكون الجريمة الثانية جنحة معاقبا عليها بنفس العقوبة أي بالحبس لمدة تفوق 5 سنوات.
2. 1- شروط العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 1: يعد العود هنا من صور العود الكبير الذي كانت تنص عليه المادة 55 قبل إلغائها و يشترط لتحقيقه توافر 3 شروط:
أ- أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات و لا يهم مقدار العقوبة المقضي بها. و هنا يكمن الاختلاف الأول مع ما كانت تنص عليه المادة 55 الملغاة التي كانت تشترط أن تكون العقوبة المقضي بها عقوبة جنحية بسبب وجود عذر قانوني أو ظرف مخفف على أن لا تقل مدة الحبس المقضي بها عن سنة.
ب- أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة الحد الأقصى لعقوبتها يزيد عن 5 سنوات و لا تهم بذلك طبيعة نوعية هذه الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديد خلال 10 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة هنا يكمن الاختلاف الثاني مع ما كانت تنص عليه المادة 55 ق ع الملغاة التي كانت تشترط مضي 5 سنوات من تاريخ انقضاء العقوبة الأولى أو سقوطها بالتقادم و العود في هذه الحال عود مؤقت.
3- العود من جناية أو من جنحة)عقوبتها تفوق 5 سنوات حبسا(إلى جنحة بسيطة)عقوبتها لا تفوق 5 سنوات ( و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 2؛ و يشترط فيها لتحقيق العود أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة الحبس حدها الأقصى لا يتجاوز 5 سنوات حبسا.
3. 1- شروط العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 2 هو صورة أخرى للعود الكبير الذي تنص عليه المادة 55 قبل إلغاءها و يشترط فيه لتحقيقه توافر ما يلي:
أ- أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة مشددة تفوق عقوبتها 5 سنوات و لا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
ب- أن تكون الجريمة الجديدة جنحة من الجنح التي يعاقب عليها القانون بعقوبة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 5 سنوات, فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال 5 سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة, فالعود هنا عود مؤقت و ليس دائم.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو إلى جنحة مماثلة: حالة المادة 54 مكرر 3 يشترط لتحقيقه توافر 3 شروط و هي:
أ- أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة عقوبتها لا تتجاوز 5 سنوات ولا يهم مقدار العقوبة المقضي بها.
ب- أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها وهنا عود خاص يشترط فيه التماثل بين الجنحة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها المادة 57 نصت على نفس النوع لتحديد العود.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة.
و العود هنا عود مؤقت وليس دائما, على غرار الحالة الثالثة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 3 ق ع .
ثانيا: في المخالفات:
نص قانون العقوبات على العود في مواد المخالفات بالنسبة للشخص الطبيعي في المادة 54 مكرر 4 ق ع بعدما كان ينص عليه بالمادة 58 ق ع قبل تعديل 2006.
و يمتاز هذا العود بخاصيتين:
أ‌- هو عود مؤقت, يشترط القانون لتحقيقه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير.
ب‌- هو عود خاص إذ اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة .
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي.:
نقل المشرع حالات العود الخاصة بالشخص الطبيعي, وهي أربع حالات بالنسبة للجنايات و الجنح و حالة خاصة بالمخالفات,إلى الشخص المعنوي مع تطبيق هاتين القاعدتين فيما يتعلق بالعود في مواد الجنايات و الجنح وهي:
1-استبدال عقوبة 5 سنوات كمعيار مميز لحالات العود الأولى و الثانية والثالثة المنصوص عليها في المواد 54 مكرر 54 مكرر 1 و 54 مكرر 2 عندما يتعلق الأمر بالشخص الطبيعي ,بغرامة 500000 دج عندما يتعلق الأمر بالشخص المعنوي .
2- مضاعفة العقوبة المقررة للشخص المعنوي في حالة العود بعشرة مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على الجريمة التي هي في الواقع ضعف العقوبة المقررة للشخص المعنوي كما هي محددة بالمادة 18 مكرر من ق ع و هي غرامة من 1 إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي.
أولا: بالنسبة للجنايات والجنح : نص عليها ق ع الجزائري في المواد من 54 مكرر 5 إلى 54 مكرر 8 ويمكن تقسيمها إلى أربع حالات:
1-العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق حدها الأقصى 500000 دج ( إلى جناية: و هي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 5 و يشترط في هذه الحالة لتحقيق العود أن كون الجريمة الأولى جناية أيا كانت عقوبتها أو جنحة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج و أن تكون الجريمة الثانية جناية أيا كانت طبيعتها و عقوبتها.
العود هنا عام ومؤبد, فالقانون لا يشترط تماثلا بين الجناية و أو الجنحة التي سبق الحكم فيها و الجناية الجديدة, و هو مؤبد لان القانون لا يشترط مدة معينة بين الحكم النهائي السابق و الجريمة الجديدة.
2- العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق حدها الأقصى 500000 دج إلى جنحة مشددة: و هي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 6 و يشترط بها 3 شروط:
أ-أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة معاقبا عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج.
ب-أن تكون الجريمة الجديدة جنحة مشددة هي الأخرى يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج و لا تهم بعد ذلك طبيعة ونوعية الجنحة, فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال العشر سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة و العود هنا عود مؤقت و ليس دائما كما هو الحال بالنسبة للعود من جناية أو جنحة مشددة إلى جناية التي يعتبر فيها الشخص عائدا مهما كان الزمن الفاصل بين الحكم السابق و الجريمة الجديدة.
3- العود من جناية أو من جنحة مشددة )الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق 500000 دج(إلى جنحة بسيطة: وهي الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 7 و لتوافرها يجب تحقيق 3 شروط:
أ-أن يكون الحكم الأول صادرا لارتكاب جناية أو جنحة معاقبا عليها قانونا بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يفوق 500000 دج.
ب-أن تكون الجريمة الجديدة جنحة بسيطة يعاقب عليها القانون بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة حدها الأقصى يساوي أو يقل عن 500000 دج و لا تهم بعد ذلك طبيعة و نوعية هذه الجنحة. فالعود في هذه الحالة عام لا يشترط فيه القانون تماثلا بين الجريمة التي سبق الحكم فيها نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة خلال خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة, و العود في هذه الحالة عود مؤقت وليس دائما.
4- العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة أو جنحة مماثلة: وهي الحالة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر 8 و لتحقيقها هناك 3 شروط:
أ-أن تكون الجريمة الأولى جنحة بسيطة.
ب-أن تكون الجريمة الثانية نفس الجنحة أو جنحة مماثلة لها فالعود في هذه الحالة خاص يشترط فيه القانون تماثلا بين الجنحة التي سبق فيها الحكم نهائيا و الجنحة التي تلتها.
ج- أن تقع الجريمة الجديدة خلال الخمس سنوات التالية لقضاء العقوبة السابقة العود هنا مؤقت وليس دائما.
ثانيا بالنسبة للمخالفات: نصت عليها المادة 54 مكرر 9 و يأخذ نفس ميزات العود المنصوص عليها بالنسبة للشخص الطبيعي.
1-عود مؤقت: يشترط القانون لتحقيقه أن تكون المدة الفاصلة بين الحكم الأول النهائي و المخالفة الجديدة سنة على أقصى تقدير.
2- عود خاص: إذ اشترط المشرع ارتكاب نفس المخالفة.


الفرع الثالث: آثار العود:
ونميز بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي.
أولا: بالنسبة للجنايات و الجنح.
1-في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة عقوبتها تفوق خمس سنوات حبسا إلى جناية المادة 54 مكرر.
ميزت المادة 54 مكرر في هذه الحالة بين فرضيتين:
أولا: اذا كانت الجناية الجديدة قد أدت إلى إزهاق روح إنسان تكون العقوبة المقررة هي الإعدام.
و المشرع لم يشترط أن تكون العقوبة المقررة للجناية الجديدة هي السجن المؤبد كما كان الأمر فبل تعديل ق ع في 2006 و عليه تطبق عقوبة الإعدام حتى وان كانت هذه الجناية معاقبا غليها بالسجن المؤقت كما هو الحال بالنسبة للضرب و الجرح العمدي المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها المنصوص و المعاقب عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 264 ق ع.
و هكذا اذا سبق الحكم على شخص ب 5 سنوات سجنا من أجل هتك عرض وارتكب بعد 20 سنة جناية القتل العمد أو جناية الضرب و الجرح العمد المفضي إلى الوفاة دون قصد إحداثها فتكون العقوبة المقررة له في هذه الحالة هي الإعدام.
ثانيا: اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجناية الجديدة 20 سنة سجنا يصبح حدها الأقصى السجن المؤبد.
و هكذا اذا سبق الحكم على شخص بشهرين حبسا من أجل جنحة السرقة المنصوص عليها بالمادة 350 مكررق ع و ذلك بفعل تطبيق الظروف المخففة و ارتكب بعد 20 سنة من صدور هذه العقوبة جناية هتك العرض المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 336 فقرة 1ق ع بالسجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات, ففي هذه الحالة يرفع الحد الأقصى لعقوبة الجناية المرتكبة إلى الضعف ليصبح 20 سنة سجنا.
و في كل الأحوال: يرفع الحد الأقصى للغرامة المقررة إلى الضعف إذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالسجن و الغرامة كما هو الحال في جناية السرقة الموصوفة المنصوص و المعاقب عليها بالمادة 353 و بعض الجنايات ضد امن الدولة )المادة 114( بعض صور تزوير النقود)المادة 197 الفقرة 2 و المادة 198 الفقرة 2(.
ملاحظة: المادة 54 مكرر لم تشر إلى الفرضية التي تكون فيها الجناية الثانية معقبا عليها بالسجن المؤبد ولم تؤد إلى إزهاق روح إنسان كالشروع في القتل العمد مثلا أو تزوير النقود المواد 197 – 198 و تقليد ختم الدولة المادة 205 ومن ثم لا يبق أمام جهات الحكم إلا تطبيق العقوبة المقررة لهذه الجنايات أي السجن المؤبد.
وفي كل الفرضيات: تبقى تشديد العقوبة أمرا جوازيا وكان الأمر كذلك أيضا في ظل التشريع السابق.
2- في حالة المادة 54 مكرر 1: يؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس و الغرامة إلى الضعف وكان الأمر جوازيا بالمادة 55 الملغاة.
وتبعا لذلك تضاعف الحد الأقصى لعقوبة الحبس المقررة للجريمة الجديدة اذا كانت المقررة لها من 5 إلى 10 سنوات فيصبح 20 سنة حبسا و يضاعف الحد الأقصى لعقوبة الحبس اذا كانت العقوبة المقررة لها من 10 إلى 20 سنة فيصبح 40 سنة حبسا, غير انه يتبين من استقراء الفقرة 2 من المادة 54 مكرر 1 أن الأمر يكون هكذا في فرضية واحدة و هي عندما يكون الحد الأقصى لعقوبة الحبس المقرر قانونا لا تزيد على عشر سنوات. وبوجه عام يميز المشرع بين 3 فرضيات:
أ-اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يساوي أو يقل عن 10 سوات و يزيد عن 5 سنوات : يرفع الحد الأقصى لعقوبة الحبس و الغرامة وجوبا إلى الضعف.
ب- اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يزيد عن 10 سنوات و يقل عن 20 سنة : يرفع الحد الأقصى إلى 20 سنة.
ج- اذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة قانونا للجنحة الجديدة يساوي 20 سنة يرفع الحد الأدنى و جوبا إلى الضعف.
زيادة على تشديد العقوبة في حالة العود حيث نص المشرع على الحالة المنصوص عليه في المادة 54 مكرر 1 على جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9ق ع.
3- آثار العود بالحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 2: يؤدي العود في هذه الحالة وجوبا إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة إلى ضعف, وكان الأمر جوازيا في ظل التشريع السابق؛ و علاوة على مضاعفة الحد الأقصى للعقوبة نصت المادة 54-3 على جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9. ق ع .
4- آثار العود في الحالة المنصوص عليها بالمادة 54 مكرر 3:يؤدي العود إلى رفع الحد الأقصى لعقوبتي الحبس و الغرامة وجوبا وخلافا للحالتين الواردتين بالمواد 54 مكرر 1 و 54 مكرر 2 ق ع لا يوجد بالمادة 54 مكرر 3ق ع ما يفيد جواز الحكم على الجاني بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالمادة 9ق ع في حالة العود.
ملاحظة: لا يؤخذ بالعقوبة المحكوم بها من طرف المحاكم العسكرية لجناية أو جنحة كسابقة لتطبيق العود إلا اذا كانت هذه العقوبة قد صدرت من أجل جناية أو جنحة معاقب عليها في القانون العام و من هذا القبيل الجنايات أو الجنح ضد امن الدولة و ضد الأفراد و الأموال, أما المحاكم العسكرية البحتة مثل التهرب من أداء الخدمة الوطنية و عدم إطاعة الرئيس فلا يؤخذ بها لتطبيق العود )المادة 59 من ق ع(.
كما لا يؤخذ بالعقوبات الصادرة عن المحاكم الأجنبية و ذلك ما جرى عليه الفقه الدولي فهو لا يحتسبها سابقة للعود.
لم ينص المشرع على الحالة التي تكون فيها الجريمة السابقة جناية أو جنحة مشددة )عقوبتها تفوق 5 سنوات حبس( اذا ارتكب المحكوم عليه بعد 5 سنوات من قضاء العقوبة السابقة جنحة عقوبتها تفوق 5 سنوات فهي لا تنطبق على المادة 54 مكرر 1 كون الحد الأقصى لعقوبة الجريمة الثانية لا يزيد على 5 سنوات كما لا تنطبق عليها المادة 54 مكرر 2 ولا المادة 54 مكرر 3 لكون الجريمة الثانية ارتكبت بعد خمس سنوات التالية لقضاء العقوبة.

ثانيا: بالنسبة للمخالفات.
مثلما كان عليه الحال بالمادة 58 الملغاة تميز هذه المادة 54 مكرر 4 ق ع من حيث آثار العود في مواد المخالفات بين المخالفات التي تنتمي إلى الفئة الأولى و تلك التي تنتمي إلى الفئة الثانية.
الفئة الأولى: المخالفات المنصوص والمعاقب عليها بالمواد من 440 إلى 445 من ق ع يترتب على العود تطبيق العقوبات المغلظة المقررة بالمادة 445 ق ع وهو النص الذي يعاقب العائد بموجبه بالحبس لمدة تصل إلى 4 أشهر و بغرامة 40000 دج.
الفئة الثانية : يترتب على العود هنا تطبيق العقوبات المغلظة المقررة بالمادة 465 من ق ع:
- رفع عقوبة الحبس إلى شهر و الغرامة إلى 24000 دج لمخالفات الدرجة الأولى من الفئة الثانية)449-450(.
- رفع عقوبة الحبس إلى 10 أيام و الغرامة إلى 16000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية من الفئة الثانية)451-458(.
- رفع عقوبة الحبس إلى 5 أيام و الغرامة إلى 12000 دج بالنسبة لمخالفات الدرجة الثانية .

الفقرة الثانية:آثار العود بالنسبة للشخص المعنوي.
أولا: بالنسبة للجنايات والجنح.
1- في حالة المادة 54 مكرر 5 ميزت بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة فان النسبة القصو للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجناية.
ب- اذا كانت الجناية الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي إحدى العقوبات الآتية بحسب العقوبة المقررة للشخص الطبيعي:
- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بالاعدام أو السجن المؤبد تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 20000000 دج.
- اذا كانت الجناية الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص لطبيعي بالسجن المؤقت كما هو الحال بالنسبة لجنايات المشاركة في تنظيم إرهابي )المادة 287 مكرر 3 فقرة 2( و تزوير طابع وطني المادة 206 و الاحتجاز غير الشرعي المادة 291 تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى هو 10000000 دج.
2- آثار العود في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة )عقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق خدها الأقصى 500000 دج(إلى جنحة مشددة: يميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في لقانون الذي يعاقب على هذه الجنحة. مثلا تطبق حالة العود على الشخص المعنوي الذي يرتكب جنحة بيع مواد مغشوشة أو فاسدة اذا ألحقت مرضا أو عجزا عن العمل غرامة من 500000 دج إلى 10000000 دج.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 10000000 دج.
3- آثار العود في حالة العود من جناية أو من جنحة مشددة)عندما يكون الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المقررة للشخص الطبيعي يفوق 500000 دج( إلى جنحة بسيطة المادة 54 مكرر 7 : يميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقبا عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5000000 دج.
4- آ ثار العود في حالة العود من جنحة بسيطة إلى نفس الجنحة إلى جنحة مماثلة المادة 54 مكرر 8: ويميز المشرع بين فرضيتين:
أ- اذا كانت الجنحة الجديدة معاقب عليها بالنسبة للشخص الطبيعي بغرامة تكون النسبة القصوى للغرامة المطبقة تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه الجنحة.
ب- اذا كانت الجنحة الجديدة غير معاقب عليها بغرامة بالنسبة للشخص الطبيعي فانه تطبق على الشخص المعنوي في حالة العود غرامة حدها الأقصى يساوي 5000000 دج.
ثانيا: بالنسبة للمخالفات.
يترتب على العود بالنسبة لمواد المخالفات ان تطبق غرامة نسبتها القصوى تساوي 10 مرات الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في القانون الذي يعاقب على هذه المخالفة بالنسبة للشخص الطبيعي.










المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة :
يعرف الفقهاء تعدد الجرائم بأنها, الحالة التي يرتكب فيها الشخص لعدد من الجرائمدون أن يفصل بينها حكم بات ,وقرر المشرع الفرنسي على انه يكون هناك تعدد في الجرائم حينما يرتكب الشخص جريمة جديدة قبل إدانته نهائيا من اجل جريمة أخرى ,ويعتبر القانون المجرم في حالة تعدد الجرائم اقل خطرا من المجرم العائد للجريمة وذلك لانه يفترض ان هذا الشخص لم يخضع كالعائد لإنذار قضائي أي حكم سابق وقد نص المشرع الجزائري على حالة تعدد الجرائم بالمواد 32 إلى 38 ق ع "فما مفهوم التعدد وما أثره في تقدير الجزاء بالنسبة للقاضي .
المطلب الأول: مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص :
لم يعرف القانون الجريمة , وذلك راجع لتطور المجتمع ومفاهيمه على نحو الذي تظهر فيه عدة سلوكيات جديدة قد تصبح مجرمة , وتقوم الجريمة عموما على ثلاثة أركان وهي الركن الشرعي . فلا جريمة ولا عقوبة بغير نص , والركن المادي وهو العمل الخارجي الذي أتاه الجاني وتقع الجريمة نتيجة له وهذا النشاط قد يكون فعلا أو امتناعا عن فعل , وركن معنوي يتمثل في اتجاه إرادة الجاني لما قام به من عمل خارجي, أو نشاط جنائي على أن يكون الجاني متمتعا بملكتي الإرادة والتمييز .
إن تعدد الجرائم يتطلب تعدد الأعمال الخارجية , فمثلا إذا أطلق شخص رصاصة في مكان مأهول بالناس تهورا فأصابت اثنين و أودت بحياتهما ,فهنا لم يأت الفاعل سوى عملا ماديا واحدا وهو إطلاق رصاصة واحدة ولد نتيجتين هما قتل عمد وشروع في قتل عمد, فوحدة الفعل لا يمكن أن تؤدي إلا إلى جريمة واحدة مهما تعددت النتائج كرصاصة أطلقت فأصابت رجلين فلا أثر لتعدد النتائج أو تعدد الأوصاف في حالة تعدد الجرائم إذا ما كان الفعل المادي الذي اقترفه الجاني واحدا.
وبالمقابل هناك من الجرائم ما يتكون من أفعال مادية متعددة إذ لا يكتمل ركنها المادي إلا إذا وقعت هاته الأعمال المادية جميعها كجريمة النصب مثلا المعاقب عليها بنص المادة 372 ق ع إذ يتكون ركنها المادي من الطرق الاحتيالية ومن الاستيلاء على مال الغير وعليه فهي جريمة مركبة من عملين ماديين.
و هناك الحالة التي يكون فيها الركن المادي يتكون من حالة تحتمل بطبيعتها الاستمرار سواء أكانت هاته الحالة ايجابية أم سلبية ومعنى ذلك أن الجريمة المستمرة توجد بمجرد قيام هاته الحالة وتستمر باستمرارها فالجريمة المستمرة تتطلب أن يستغرق ارتكابها مدة من الزمن ,وهي حسب الفقه تكون إما ذات استمرار ثابت فحالة الاستمرار انطلقت بذاتها وبقيت دون حاجة لتدخل من الفاعل كالبناء دون رخصة , والجريمة ذات الاستمرار المتجدد والتي تتطلب تدخل الفاعل فيها بصورة متجددة كحمل السلاح دون رخصة ,فتجدد الإرادة يؤدي إلى تعدد الفعل المادي المكون له,إضافة إلى تعدد الأركان المادية يتطلب الأمر تعدد الأركان المعنوية المكونة لها وإذا لم تكن هاته الأفعال إلا تنفيذا لجريمة واحدة صمم الجاني على ارتكابها لا نكون أمام حالة تعدد أو مشروع إجرامي صمم الجاني على تنفيذه دفعة واحدة كمن يطعن شخص عدة طعنات فيرديه قتيلا .
و التعدد نوعان: تعدد صوري و هو أن يرتكب شخص فعلا واحدا يقبل عدة أوصاف و يخضع من حيث الجزاء لأكثر من نص ,و تعدد حقيقي أن يرتكب شخص عددا من الأفعال المكونة لعدة جرائم قبل أن يحكم عليه نهائيا في واحدة منها.
المطلب الثاني:التعدد و أثره في تقدير الجزاء:
الفرع الأول : التعدد الصوري :
الأصل في القانون الجزائي أنه لا محل لتعدد العقوبات اذا كانت الجريمة واحدة ولو تعددت أوصافها وعلى هذا تنص المادة 32 من ق ع على أنه يجب أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة أوصاف بالوصف الأشد من بينها و قد جاء في اجتهاد المحكمة العليا على أن يوصف الفعل الواحد الذي يحتمل عدة تكييفات بالوصف الأشد, و الاحتفاظ بوصفين متعارضين لواقعة واحدة يشكل تصريحا مزدوجا للاتهام وتناقضا في الأسباب كما تخالف القانون محكمة الجنايات التي وصفت جريمة واحدة بوصفين مختلفين .
و قد قرر المشرع الفرنسي انه حين متابعة شخص معين و تتم إدانته لذلك بعدة جرائم متعددة فانه يمكن النطق بكل عقوبة على حدة وبما أن عدة عقوبات قد تكون ذات طبيعة واحدة فانه يتم النطق بعقوبة واحدة من هاته الطبيعة في إطار الحد الأقصى المطبق قانونا بينها .فالمشرع الفرنسي لم ينص على التعدد الصوري وإنما نص على تعدد العقوبات المحكوم بها.
و قد قررت محكمة النقض السورية أن حكم تعدد الجرائم الناتجة عن فعل واحد هو اعتبار المتهم إنما قصد ارتكاب الجريمة أشد عقوبة فقط دون الجريمة أو الجرائم الأخف فلا تصح مؤاخذة المتهم إلا عن جريمة واحدة هي الأشد عقوبة .
وتطبق كذلك قاعدة الوصف الأشد في حالة التعدد الصوري بين جرائم القانون العام والجرائم الخاصة.
فمن ارتكب جريمة هتك عرض امرأة في الطريق العام وهي جريمة تكون في نفس الوقت فعل علني فاضح لا يؤاخذ إلا عن جناية هتك العرض لأنها هي الوصف الأشد هذا في حالة ما إذا كانت الأوصاف الجنائية من طبيعة مختلفة .
أما إذا كانت من طبيعة واحدة , كأن يطلق شخص رصاصة فيقتل اثنين فإن الجاني لا يسأل إلا عن جريمة قتل واحدة فلا ترفع على المتهم إلا دعوى واحدة , تكون عن الجريمة ذات الوصف الأشد , فإذا كان الفعل يوصف في آن واحد بأنه هتك عرض وفعل علني مخل بالحياء , فإن الدعوى ترفع باعتبارها جريمة هتك عرض لأنها الجريمة ذات الوصف الأشد .
وإذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وصدر فيها حكم نهائي بالبراءة , فلا يجوز رفع الدعوى ثانية عن الواقعة ذاتها بوصف آخر .
الفرع الثاني : التعدد الحقيقي:
ينقسم إلى صورتين :
أولا :المتابعات في آن واحد والمحاكمة واحدة المادة 34 ق ع : في هذه الحالة يرتكب الجاني جريمتين أو أكثر لا يفصل بينها حكم نهائي , تحال معا أمام نفس الجهة القضائية للفصل فيها في جلسة واحدة .
وفي هاته الصورة بالنسبة للعقوبات السالبة للحرية فالقاعدة أن تبت جهة الحكم في إذناب الجاني عن كل جريمة ثم تقضي بعقوبة واحدة سالبة للحرية على أن لا تتجاوز مدتها الحد الأقصى المقرر للعقوبة المقررة قانونا للجريمة الأشد , أما فيما يتعلق بالعقوبات المالية فالقاعدة هي جمع العقوبات المادة 36 ق ع .
غير أنه يجوز للقاضي أن يقرر عدم جمع الغرامات بحكم صريح وهنا لا بد أن نميز بين الغرامات الجزائية والغرامات الجبائية التي يختلط فيها الجزاء بالتعويض كما هو حال الغرامات المقررة جزاء للجرائم الجمركية أو الضريبية . والغرامات الجبائية لا يجوز دمجها وإنما تصدر غرامة عن كل جريمة يثبت ارتكابها قانونا .
مع ملاحظة أن المشرع الجزائري ألغى العقوبات التبعية . و أبقى على المادة 37 ق ع التي تنص على جواز جمعها .
أما فيما يتعلق بالعقوبات المقررة في مواد المخالفات فإنه يجب جمعها المادة 38 ق ع وهاته القاعدة تنطبق على الحبس والغرامة على حد سواء .
وهاته القاعدة تبقى صحيحة حتى في حالة تعدد مخالفات مع جنح فتجمع العقوبة المقررة للجنحة سواء كانت حبسا أو غرامة أو عقوبة تكميلية مع عقوبات الحبس أو الغرامات المقضي بها في المخالفات .
ثانيا : أن تكون المتابعات متتالية والمحاكمات منفصلة :
إن الفقرة الثانية من المادة 35 ق ع وضعت استثناءا لمبدأ جب العقوبات إذا كانت العقوبات المحكوم بها من طبيعة واحدة لتجيز للقاضي أن يأمر بضمها أي جمعها جزئيا أو كليا . وذلك في إطار الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد ويصدر القاضي قرارا مسببا أي متضمنا جميع البيانات التي تسمح للمحكمة العليا من بسط رقابتها .
ويأمر بضم كل العقوبات المحكوم بها أو البعض منها و تحديد العقوبة التي يجب تنفيذها والتي لا يجوز أن تكون مدتها أكثر من الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .وبالتالي لا يجوز رفض طلب جب العقوبات الذي يعد حقا للمحكوم عليه في حالة توفر شروط الفقرة الأولى من المادة 35 ق ع . في حين تمنح الفقرة الثانية من نفس المادة السلطة التقديرية للقاضي ولكن تقيدها بضرورة تسبيب قراره وعدم تجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا للجريمة الأشد .
كما أن مسألة الخلط بين الدمج والضم لا تخضع لرقابة المحكمة العليا وهذا بناءا على اجتهاد المحكمة العليا إذ اعتبرت أن اعتماد قضاة المجلس لرفض طلب ضم العقوبات واعتبارها حالة عود مشددة لا يؤدي إلى نقض القرار المطعون فيه ما دامت النتيجة قانونية حتى ولو أسست على تعليل غير كاف (ملف رقم 277123 قرار بتاريخ 01/07/2003)
ملاحظة :
إذا تعددت الملاحقات القضائية وصدرت عدة أحكام أو قرارات بالإدانة وكانت الوقائع لا يفصل بينها حكم نهائي جاز دمج تلك العقوبات فتطبق الأشد منها فقط ,ويصبح هذا الدمج وجوبيا إذا كانت العقوبات المقضي بها ليست من طبيعة واحدة أي أن بعضها جنحية واخرى جنائية فإذا كانت من طبيعة واحدة أي جنحة مع جنحة أو جناية مع جناية يجوز ضمها كلها أو بعضها بحكم أو بقرار مسبب في حدود الحد الأقصى المقرر قانونا للعقوبة الاشد.
وتفصل في طلب الضم أو الدمج آخر جهة قضائية أصدرت العقوبة لكن إذا كانت هناك عقوبة جنائية فإن غرفة الإتهام هي التي تفصل في الطلب .
والضم هو جمع مدة العقوبة الأولى مع الثانية فإذا كانت الأولى 6 سنوات و الثانية 4 سنوات أصبحت العقوبة المطبقة 10 سنوات .أما في حالة الدمج فإن الأشد تمتص الأخف لتصبح في المثال المذكور6 سنوات .








الخاتمة

الخاتمة :
إن ارتباط القاضي الجزائي بالعقوبة قديم الأزل والقرار الذي يتخذه القاضي حين نهاية دراسته للملف يعتبر عنوانا للحقيقة وملزم للطرفين وحجة بالإضافة لهما في مواجهة المجتمع.
والمتهم بريء أمام القانون حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته مع كل الضمانات التي تتطلبها القانون.
ونلاحظ بعد دراستنا هذا الموضوع أن سلطة القاضي في تقدير العقوبة في قانون العقوبات الجزائري في حق المتهم المدان ليست مقيدة وليست مطلقة في نفس الوقت و إنما هي مرنة , وخاصة بالرجوع للطبيعة الخاصة لقانون العقوبات إذ لا يمكن القياس فيه إذ أن العقوبة محددة مسبقا في القانون سواء كانت بين حدين أدنى وأقصى أو حد أدنى فقط أو مع تحديد الحد الأقصى فقط سواء قررت لها الغرامة أو وضع حد للمتابعة الجزائية في بعض الجرائم التي يقرر القانون فيها أن صفح المضرور يضع حدا للمتابعة الجزائية كجرائم السب .
كما يمكن للقاضي تخفيف العقوبة وتشديدها والإعفاء منها كلما توافرت الشروط اللازمة لذلك وحتى لما تكون الأعذار القانونية إلزامية فإن ذلك لا يعتبر تقييدا لحرية القاضي في تبرير العقاب وإنما هو تجسيد لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص .
ونلاحظ أن المشرع الجزائري قد قرر ظروف التخفيف في كل الجنايات والجنح والمخالفات , وبالنسبة للأعذار القانونية المعفية أو المخففة أغلبها كانت في مسائل الجنايات .
وهناك ملاحظة فيما يتعلق بالظروف المشددة , فإن المشرع الجزائري لم يحدد سوى قواعد الظروف المشددة العامة . والمتمثلة في العود و فصل في أحكامها .
أما الظروف المشددة الخاصة فإن المشرع الجزائري رغم إقراره وجودها إلا انه لم يحددها وإنما جعل كل جريمة على حدى وعلى حسب الطريقة التي يتم بها ارتكابها.
كما أن الظروف المشددة تؤثر على الوصف القانوني للجريمة المرتكبة و تأخذ بها سلطة النيابة في تكييف الجريمة وما إذا كانت جناية أو جنحة أو مخالفة . عكس الظروف المخففة والأعذار القانونية التي لا تدخل إلا في اختصاص قاضي الحكم . كما أنه كان على المشرع الجزائري حين إلغائه للعقوبات التبعية في التعديل الأخير 2006 أن يلغيها من مسالة ضم العقوبات المتعلقة بالعقوبات التبعيةالواردة بالمادة37 قانون عقوبات .
كما أن تقرير المشرع الجزائري للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي تعتبر خطوة بناءة بالنسبة لقانون العقوبات الجزائري لمواكبة التطورات الحاصلة بالعالم المعاصر .
وفي الأخير وبعد دراسة الملف وتأسيس الحكم وإسناد الفعل للمتهم بناءا على أدلة وبراهين في محكمة الجنح والمخالفات , أو بناءا على اقتناع شخصي في الجنايات ينطق القاضي بحكمه :
بإدانة المتهم فلان فلان بالجرم المنسوب إليه طبقا للمادة من قانون العقوبات وعقابا له الحكم عليه بمقدار العقوبة المناسب من حبس و غرامة مع تحديد مدة الإكراه البدني وفقا للمواد 600 وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية والمصاريف القضائية على عاتق المتهم المحكوم عليه .
في هذا الإطار بقي سؤال واحد وهو عن الإكراه البدني ؟فنقول أنه وسيلة لتنفيذ العقوبة وليس عقوبة .
وأخيرا فإن تقدير الجزاء الجنائي هو دليل استيعاب القاضي للملف وتجسيد شرعية الجرائم والعقوبات .






قائمة المراجع

قائمة المراجع :
أولا : الكتب باللغة العربية :
1ـ د احسان بوسقيعة .قانون العقوبات في ضوء الممارسة القضائية.منشورات بيرتي طبعة 2007 ـ 2008.الجزائر.
2ـ د احسان بوسقيعة . قانون الإجراءات الجزائية في ضوء الممارسة القضائية .منشورات بيرتي . طبعة 2007 ـ 2008. الجزائر.
3 ـ الدكتور احسان بو سقيعة . الوجيز في القانون الجزائي العام . الطبعة الرابعة . دارهومة للطباعة والنشر والتوزيع.سنة 2006 الجزائر .
4 ـ الدكتور احسان بوسقيعة . الوجيز في القانون الجزائي الخاص . الجزء الأول . الطبعة الخامسة . دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع . سنة 2006 . الجزائر .
5 ـ . الاستاذ.أديب استانبولي. شر ح قانون العقوبات . الجزء الأول . المكتبة القانونية . سنة 1989. دمشق.
6 ـ المستشار.جندي عبد الملك . الموسوعة الجنائية .رشوة ـ ظروف الجريمة .الجزء الرابع.مكتبة العلم للجميع . سنة 2004ـ 2005.بيروت .
7 ـ المستشار.جندي عبد الملك بك . الموسوعة الجنائية .عقوبة ـ ضرب و جرح. الجزء الخامس . مكتبة العلم للجميع. سنة 2005. بيروت .
8 ـ الدكتور . دردوس مكي .القانون الجنائي الخاص . في التشريع الجزائري. الجزء الأول.ديوان المطبوعات الجامعية.سنة.2005. الجزائر.
9ـ الدكتور. عبد الحميد الشواربي . الظروف المشددة والمخففة للعقاب .دار المطبوعات الجامعية .سنة 1986. مصر.
10 ـ الدكتور عبد الله سليمان . شرح قانون العقوبات الجزائري . القسم العام . الجزء الأول . الجريمة .دار المطبوعات الجامعية .1989. الجزائر .
11 ـ الدكتور عبد الله سليمان . شرح قانون العقوبات الجزائري . القسم العام . الجزء الثاني الجزاء الجنائي .دار المطبوعات الجامعية . 1989. الجزائر .
12ـ المستشار . عز الدين الديناصوري .الدكتور عبد الحميد الشواربي. المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات والإجراءات الجنائية .دار المطبوعات الجامعية .1993 مصر
13 ـ المستشار معوض عبد التواب . قانون العقوبا معلقا عليه بأحكام محكمة النقض منذ إنشائها وحتى يونيو.الجزء الأول . دار الوفاء المنصورة .1987 . سورية .

14 ـ المستشار منصور رحماني . الوجيز في القانون الجزائي العام . دار العلوم للنشروالتوزيع.
2006 . الجزائر .
الكتب باللغة الفرنسية :
Code dalloz expert/code penal/edition dalloz /france2005 /1
المجلات القضائية :
1ـ المحكمة العليا .قسم الوثائق .الإجتهاد القضائي للغرفة الجنائية . عدد خاص .طبع دار القصبة للنشر .2005.الجزائر.
2ـ المجلة القضائية . العدد الأول .ديوان المطبوعات الجامعية.2003.الجزائر.
3ـ المجلة القضائية . العددالثالث . قسم المستندات والنشر للمحكمة العليا . 1989الجزائر .
4ـ مجلة المحكمة العليا . العددالثاني . دار القصبة للنشر . 2005 . الجزائر .
القوانين :
1ـ قانون رقم 06/01 المؤرخ في 21محرم عام 1427 الموافق ل20 فبرايرسنة 2006يتعلق بالوقاية م الفساد ومكافحته .
2ـ أمر رقم 05ـ 06مؤرخ في 18 رجب عام 1426 الموافق ل23 اوت 2005يتعلق بمكافحة التهريب .
3ـ قانون رقم 18/04 المؤرخ في 25 /12 / 2004 المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية.







الفهرس
مقدمة 02
الفصل الأول : تقدير الجزاء الجنائي في حالة الجريمة الواحدة 04
المبحث الأول : تخفيف العقوبة والإعفاء منها. 05
المطلب الأول : الأعذار القانونية 05
الفرع الأول: مفهوم الأعذار المعفية و طبيعتها القانونية 05
الفرع الثاني: حالات الإعفاء من العقوبة في التشريع الجزائري 07
الفقرة الأولى: عذر المبلغ 07
الفقرة الثانية: عذر القرابة العائلية 08
الفقرة الثالثة: عذر التوبة 08
الفرع الثالث: الأعذار القانونية المخففة 09
الفقرة الأولى: أعذار الاإستفزاز 09
الفقرة الثانية: عذر صغر السن 11
الفقرة الثالثة: عذر المبلغ وعذر التوبة 13
المطلب الثاني : الظروف القضائية المخففة . 15
الفرع الأول: مفهوم الظروف القضائية المخففة 15
الفرع الثاني: آثار منح الظروف المخففة 16
الفقرة الأولى: بالنسبة للشخص الطبيعي 16
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 20
المبحث الثاني: الظروف الخاصة المشددة . 22
المطلب الأول : مفهوم الظروف المشددة . 22
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للظروف الخاصة المشددة بقانون العقوبات الجزائري 24
الفرع الأول: الظروف المادية المتعلقة بالفعل الإجرامي 24
الفرع الثاني: الظروف المادية المتعلقة بالنتيجة الإجرامية 29
الفرع الثالث: الظروف الشخصية المشددة 30
الفقرة الأولى: الإدارة الجنائية 30
الفقرة الثانية: صفة الجاني 31
الفقرة الثالثة: الدافع إلى ارتكاب الجريمة 32
الفقرة الرابعة: صفة المجني عليه 33
الفقرة الخامسة: تعدد الفاعلين 33
الفصل الثاني : تقدير الجزاء الجنائي في حالة اعتياد الإجرام 35
المبحث الأول : حالة العود من قبل الجاني 35
المطلب الأول :مفهوم العود. 35
المطلب الثاني :التطبيقات القانونية للعود في التشريع الجزائري . 37
الفرع الأول: الشروط العامة للعقود 37
الفرع الثاني: العود في مواد الجنايات والجنح 37
الفقرة الأولى: بالنسبة إلى الشخص الطبيعي 37
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 40
الفرع الثالث: آثار العود 42
الفقرة الأولى: بالنسبة إلى الشخص الطبيعي 42
الفقرة الثانية: بالنسبة للشخص المعنوي 45
المبحث الثاني : تعدد الجرائم المرتكبة 47
المطلب الأول : مفهوم تعدد الجرائم المرتكبة من قبل نفس الشخص 47
المطلب الثاني :التعدد وأثره في تقدير الجزاء 48
الفرع الأول: التعدد الصوري 48
الفرع الثاني: التعدد الحقيقي 49
الخاتمة 51
قائمة المراجع 52










قديم 2011-08-01, 22:07   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
bouabdellah42
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

وهذا موضوع أخر من أهل الإختصاص

عقوبة العمل للنفع العام
من تقديم السيد: مـــــازيت عمــــر
قاضي تطبيق العقوبات ونائب عام مساعد بمجلس قضاء بجاية
عقوبة العمل للنفع العام

مـقــدمــة
- تعريف عقوبة العمل للنفع العام
شروط إصدار عقوبة العمل للنفع العام
تقدير مدة عقوبة العمل للنفع العام
إجراءات الحكم بعقوبة العمل للنفع العام و تقدير مدتها


دور النيابة العامة في عقوبة العمل للنفع العام
-1- التسجيل في صحيفة السوابق القضائية

-2-إجراءات تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام
دور قـاضـي تـطبيـق الـعـقـوبات :
-1- إجراءات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام :
أ / في حالة الامتثال للاستدعاء
* الإشعار بانتهاء عقوبة العمل للنفع العام
ب/ في حالة عدم الامتثال للاستدعاء
- 2- إشكالات عقوبة العمل للنفع العام و وقف تنفيذها

الخاتمـــــــــة


مـقـدمـــة :
نقول أنه في إطار الثورة القانونية العالمية في إيجاد حلول بديلة لمحاربة الجريمة و إيجاد طرق جديدة و بديلة للعقوبة الحبسية نظرا لعدم نجاعتها في إصلاح المجرمين خاصة الجرائم ذات العقوبات الحبسية القصيرة المدى والتي أصبحت لا تتلاءم مع سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي و الاقتصادي المطبقة على المحبوسين خاصة أنها تساهم في إبعاد المحكوم عليه عن ظروف حياته المهنية و العائلية و تزيد في خلق ظروف أخرى سلبية بسبب حرمانه من الحرية والتي تساهم كثيرا في انتكاس و الرجوع للجريمة في غالب الأحيان .
وفي هذا الصدد فإن المشرع الجزائري من أجل مواكبة التشريعات العالمية فإنه حذا حذوها في سن العقوبات البديلة وذلك بالنص عليها بالمادة 05 من قانون 05/04 المؤرخ في 06 فبراير 2005 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين بالقول تتولى إدارة السجون ضمان تطبيق العقوبات السالبـة للحريـة و التدابيـر الأمنيـة و العقوبات البديلة وفقا للقانون .
وتبعا لذلك جاء القانون 09/01 المؤرخ في 25 فبراير 2009 المعدل للأمر رقم 66/156 المتضمن قانون العقوبات لإضافة المادة 05 مكرر 1 و ما يليها والتي تنص على العقوبة البديلة المتمثلة في العمل للنفع العام.

* تـعريف عقوبة العمل للنفع العام :
لم يورد المشرع ضمن المادة 05 مكرر 1 تعريف صريح للعقوبة العمل للنفع العام إلا أننا نقول أن عقوبة العمل للنفع العام هي قيام الجانح بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ المرتكب من طرفه وذلك دون أن يكون ذلك مقابل أجرة .
وقد خالف المشرع الجزائري في تصنيف هذه العقوبة أي العمل للنفع العام عن باقي التشريعات المقارنة و أعتبرها عقوبة بديلة للعقوبة السالبة للحرية .
في حين أن بعض التشريعات المقارنة اعتبرت عقوبة العمل للنفع العام عقوبة تكميلية وأخرى اعتبرتها عقوبة تبعية للعقوبة الحبسية بعد فترة اختبار أو عقوبة أصلية وهو ماذهبت إليه أغلب التشريعات المقارنة .

* شروط إصدار عقوبة العمل للنفع العام :

لقدت تضمنت المادة 05 مكرر 1 و 05 مكرر 2 شروط إصدار عقوبة العمل للنفع العام وقد جاء المنشور الوزاري رقم 02 المؤرخ في 21 أفريل 2009 لتوضيح كيفية تطبيق هذه العقوبة و شروطها ، ويمكن تقسيم هذه الشروط الى شروط تتعلق بالمحكوم عليه و العقوبة المتطرق بها و شروط تتعلق بالحكم و القرار

1/ شـروط المتعلقـة بالمحكوم عليه :
1- أن لا يكون مسبوقا قضائيا
2- أن لا يقل سنه عن 16 سنة وقت ارتكاب الوقائع
3- موافقته الصريحة على عقوبة العمل للنفع العام
2/ شـروط الـمتعلقـة بالعقوبـة :
1- أن لا تتجاوز عقوبة المقررة قانونا للجريمة مدة 03 سنوات حبس
2- أن لا تتجاوز العقوبة المنطوق بها سنة حبس نافذ
3- تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام خلال 18 شهر من صيرورة الحكم النهائي .
4- أن تتراوح مدة العمل من 40 ساعة الى 600 ساعة للبالغ
و من 20 ساعة الى 300 ساعة للقصر .
3/ الشروط المتعلقة بالحكم أو القرار المتضمن عقوبة العمل للنفع العام :
ضرورة ذكر العقوبة الأصلية
ضرورة ذكر أن عقوبة الحبس النافذ استبدلت بالعمل للنفع العام
ضرورة كون الحكم حضوري .
التنويه الى أن المحكوم عليه أعطي الحق في قبول أو رفض هذه العقوبة البديلة .
تنبيه المحكوم عليه الى أنه في حالة الإخلال بالالتزامات تطبق عليه العقـوبة الأصليــة .
ضرورة ذكر الحجم الساعي لعقوبة العمل للنفع العام

* إجراءات الحكم بعقوبة العمل للنفع العام و تقدير مدتـها :

لقد نصت المادة 05 مكرر 1 بالقول " يمكن الجهة القضائية أن تستبدل عقوبة الحبس بعقوبة العمل للنفع العام " .
وبذلك فإن المشرع الجزائري أعطى لجهات الحكم سواء على مستوى الدرجة الأولى أو الاستئناف السلطة التقديرية في إمكانية استبدال العقوبة الحبسية بعقوبة العمل للنفع العام إذ رأى القاضي جدوى في إقرار هذه العقوبة البديلة من عدمه .
وبـما أن عقوبة العمل للنفع العام تعد عقوبة بديلة فإن المحكمة أو المجلس يجب عليه اتخاذ العقوبة الحبسية الأصلية و النطق بها قبل اللجوء للعقوبة العمل للنفع العام بمعنى أنه بعد الانتهاء من إجراءات المحاكمة و الانسحاب للمداولة و تقريره للعقوبة الأصلية و مع توافر الشروط السابق ذكرها و توافر لديه قناعة إفادة المتهم المدان بالعقوبة البديلة فإنه يعود للجلسة العلنية للنطق بالعقوبة الحبسية يستطلع رأي المتهم بعدها في قبول من عدم قبول استبدال العقوبة الأصلية بعقوبة العمل للنفع العام .
فإذا وافق المدان على عقوبة العمل للنفع العام تصرح المحكمة باستبدال عقوبة الحبس بالعقوبة البديلة مع تحديد الحجم الساعي للعمل المطلوب ، و تنبيهه بأن عدم احترامه للالتزامات المفروضة عليه سيؤدى لتنفيذ العقوبة الحبس الأصلية .

* تـقـديـر مــدة الـعمـل للنـفـع الـعـام :
حددت المادة 05 مكرر 1 مدة العمل للنفع العام مابين 40 ساعة الى 600 ساعة للبالغين و 20 ساعة الى 300 ساعة للقصر وقد وضعت معيار لذلك في حساب ساعات العمل حسب العقوبة الحبسية المقررة وذلك بحساب ساعتين عمل عن كل يوم حبس ، وبذلك فإنه لا يجوز أصلا النزول عن الحد الأدنى المقرر وهو 40 ساعة ولا تجاوز الأقصى المحدد بـ 600 ساعة هذا بالنسبة للبالغين ، أما بالنسبة للقصر ما بين 16 الى 18 ساعة فلا يجوز أن تقل عن 20 ساعة ولا تزيد عن 300 ساعة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 05 مكرر 1 .

* دور النيابـة في تـنفيذ الـعقوبـة البديـلـة :
بالرجوع للمنشور الوزاري رقم 02 المؤرخ في 21 أفريل 2009 فقد عهد بمهمة القيام بإجراءات تنفيذ الأحكام و القرارات التي قضت بعقوبة العمل للنفع العام للنائب العام المساعد على مستوى المجلس .
وتجدر الإشارة هنا أن عقوبة العمل للنفع العام لا تصبح نافذة إلا بعد صيرورة الحكم أو القرار نهائي حسب المادة 05 مكرر 06 ، وبذلك تقوم النيابة بما يلي :

1- التسجيل في صحيفة السوابق القضائية :
بإرسال القسيمة رقم 01 متضمنة العقوبة الأصلية مع الإشارة إلى أنها قد استبدلت بعقوبة العمل للنفع العام .
* وإذا تضمنت العقوبة الأصلية عقوبة الغرامة بالإضافة للمصاريف القضائية فإنها تنفذ بكافة الطرق القانونية المعتادة ، ويطبق عليها الإكراه البدني طبقا للمادة 600 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية ذلك أن عقوبة الغرامة مقصية من استبدالها بعقوبة العمل للنفع العام.
* يتم تسجيل على القسيمة رقم 02 العقوبة الأصلية و عقوبة العمل للنفع العام المستبدلة.
* تسلم البطاقة رقم 03 خالية من العقوبة الأصلية و عقوبة العمل للنفع العام .

2- إجراءات تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام :
بعد صيرورة الحكم أو القرار القاضي بعقوبة العمل للنفع العام نهائيا يتم إرسال نسخة من الحكم أو القرار بالإضافة إلى مستخرج منها إلى النائب العام المساعد على مستوى المجلس المختص للتنفيذ و ذلك حسب ما ورد بالمنشور الوزاري .
وبذلك و بالرجوع الى تطبيقة العمل القضائي ، فإن النائب العام المساعد له خيارين .
1/ إرسال الملف المتضمن نسخة من القرار أو الحكم مع مستخرج منه الى قاضي تطبيق العقوبات ليتولى تطبيق العقوبة ، إذا كان المعني المحكوم عليه بهذه العقوبة يقطن بدائرة اختصاص قاضي تطبيق العقوبات بالمجلس .
2/ إرسال الوثائق إلى النائب العام بمجلس اختصاص مكان سكن المحكوم عليه لتطبيقها من طرق قاضي تطبيق العقوبات مكان سكن المعني .

* دور قـاضـي تطبيـق الـعقـوبـات :

1 – إجراءات تطبيق عقوبة العمل للنفع العام :
بالرجوع للمادة 05 مكرر 03 فقد أسندت مهمة تطبيق العقوبة عقوبة العمل للنفع العام لقاضي تطبيق العقوبات ، لذا ومن أجل ذلك فإنه يقوم بعدة إجراءات بقصد تطبيق هذه العقوبة نوردها كالتالي :
- استدعاء المحكوم عليه عن طريق المحضر القضائي بالعنوان المحدد بالملف و يتضمن هذا الاستدعاء :
* تاريخ و ساعة الحضور
* الموضوع وهو تطبيق حكم قضائي يتعلق بعقوبة العمل للنفع العام
* تنبيه انه في حالة عدم حضوره في التاريخ المذكور تطبق عليه العقوبـة الأصليـة
بالحبـس .
وبـهذا فإن قاضي تطبيق العقوبات أمام حالتين :

أ/ حالـة امتثال الـمعني للاستدعاء :
في حالة امتثال المحكوم عليه و بقصد تشكيل له ملف يقوم :
- بالتحقق من هويته الكاملة و التعرف على وضعيته الاجتماعية و المهنية و العائلية.
- ويقوم بعرضه على طبيب المؤسسة العقابية أو عند الضرورة على أي طبيب آخـر
و ذلك للتحقق من حالته الصحية و اختيار طبيعة العمل الذي يتناسب معه .
ليحرر في النهاية بطاقة معلومات تضم بملف المعني .
* يقوم قاضي تطبيق العقوبات بعدها باختيار منصب عمل من المناصب المعروضة يتناسب مع اندماجه الاجتماعي دون التأثير عن السير العادي لحياته .
* بالنسبة للقصر و فئة النساء يجب على قاضي تطبيق العقوبات مراعاة الأحكام المتعلقة بتشريع العمل كمراعاة الاستمرار في الدراسة و عدم الإبعاد عن المحيط العائلي للقصر و عدم التشغيل الليلي بالنسبة للنساء .

يقوم قاضي تطبيق العقوبات بإصدار مقرر وضع يحدد فيه المؤسسة المستقبلة و كيفية أداء العمل للنفع العام و يتضمن ما يلي :
-1- الـهوية الكاملة للمعني
-2- طبيعـة العمـل المسند
-3- التزامات المعنـي
-4- عدد الساعات الإجمالية و البرنامج الزمني المتفق عليه مع المؤسسة المستقبلة .
-5- الضمان الاجتماعي (إن كان المعني مؤمن أو غير مؤمن ).
وفي حالة عدم التأمين يقوم قاضي تطبيق العقوبات بإرسال الهوية الكاملة للمعني للمديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج عن طريق مدير المؤسسة العقابية قصد تأمين المعني اجتماعيا .
* يجب أن يتضمن مقرر الوضع الإشارة أنه في حالة الإخلال بالالتزامات و الشروط ستنفذ عقوبة الحبس الأصلية .
وعلى ضرورة موافاة قاضي تطبيق العقوبات من طرف المؤسسة المستقبلة ببطاقة مراقبة أداء عقوبة العمل للنفع العام ، وعن كل إخلال من المعني .
* يجب على قاضي التحقيق إبلاغ المقرر لكل من المعني و النيابة العامة و الى المؤسسة المستقبلة وكذا المصالح الخارجية لإدارة السجون .

* الإشعار بانتهاء تنفيذ عقوبة العمل للنفع العام :
عند إنهاء المحكوم عليه لعقوبة العمل للنفع العام يتلقى قاضي تطبيق العقوبات إخطار من الـمؤسسة المستقبلة حينها يقوم بتحرير بدوره إشعار بانتهاء تنفيذ عقوبة العمل للنفع الـعام و يرسله للنيابة العامة لتقوم بدورها بإرساله لمصلحة صحيفة السوابق القضائية للتأشير بذلك على القسيمة رقم 01 و كذا الحكم أو القرار .
ب/ حالة عدم امتثال المحكوم عليه لاستدعاء قاضي تطبيق العقوبات :
كما سبق الذكر يتم استدعاء المحكوم عليه من طرف قاضي تطبيق العقوبات بواسطة المحضر القضائي ويتضمن التاريخ و ساعة الحضور .
فإذا لم يتقدم المحكوم عليه رغم ثبوت تبليغه شخصيا ، وعدم حضور أي ممثل عنه أو من ينويه لتقديم مبرر لعدم الحضور أو تعذر تقديم مبرر جدي (الذي يبقى تقديره لقاضي تطبيق العقوبات ) يقوم قاضي تطبيق العقوبات بتحرير محضر عدم المثول يتضمن :
عرض للإجراءات التي تم اتخاذها و إنجازها و المتعلقة بتبليغ المعني و عدم تقديم عذر جدي .
يتم إرسال هذا المحضر للنيابة العامة ( النائب العام المساعد) الذي يحوله لمصلحة تنفيذ العقوبات لتتولى باقي إجراءات التنفيذ لعقوبة الحبس الأصلية .

2 - إشكـالات تنفيـذ و وقـف تطبيـق عقوبـة العمل للنفع العام :
نصت المادة 5 مكرر 3 من قانون العقوبات ، أن قاضي تطبيق العقوبات هو الشخص المؤهل للفصل في إشكالات التي تعيق التطبيق السليم لعقوبة العمل للنفع العام وله في ذلك اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحل هذه الإشكالات بتعديل البرنامج المحدد للعمل كتغيير أيام العمل أو الساعات المحددة و كذا المؤسسة المستقبلة و ذلك على سبيل المثال لا الحصر .
ومن جانب آخر يجوز لقاضي تطبيق العقوبات حسب المادة 5 مكرر 3 اتخاذ مقرر بوقف تطبيق عقوبة العمل للنفع العام و ذلك :
لأسبـاب صحيـة
لأسبـاب عائليـة
لأسبـاب اجتماعية
و يتم استكمال تطبيق عقوبة النفع العام بعد انتهاء السبب الذي تم توقيفها من أجلها .و نقول أنه على المحكوم عليه بعقوبة النفع العام تقديم الأسباب الجدية لتبرير وقـف تنفيـذ العقوبـة و لقاضي تطبيق العقوبات اتخاذ كل إجراءات التحري بمعرفة النيابة العامة للتأكد من صحتها.

الـخـاتـمــة :
إن عقوبة العمل للنفع العام كاختيار بديل للعقوبة الحبسية بالنسبة للعقوبات القصيرة المدى جاء للحد من الإفراط في عقوبة الحبس بالنسبة للمجرمين المبتدئين ، و لتحقيق سياسة إعادة الإدماج الاجتماعي للجانحين دون الحد من حريتهم و ذلك بعدم إبعادهم عن المجتمـع و إيجاد وسيلة أخرى لفكرة الدفاع الاجتماعي ، بقيام بعمل لصالح المجتمع دون أجر بدلا من وضع الحبس الذي قد يساهم في خلق ظروف أخرى في أغلب الأحيان تؤدي إلى انتكاس الجانح مرة ثانية .
كما أن لهذه العقوبة البديلة فوائد معتبرة يمكن تلخيصها على سبيل المثال لا الحصر .
أنها تقلص المصاريف على كاهل خزينة الدولة على عكس العقوبة الحبسية .
تقلل من حالة الاكتظاظ التي تعيشها المؤسسات العقابية و المشاكل الناتجة عن الحبس من أمراض جسدية و عقلية و آفات اجتماعية .
إبقـاء الجانح في الوسط العائلي يمارس مسؤولياته الـمهنية و الشخصيـة و تصون كرامته .
شكرا
من تقديم السيد: مـــــازيت عمــــر
قاضي تطبيق العقوبات ونائب عام مساعد بمجلس قضاء بجاية










قديم 2011-08-02, 18:43   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










M001 رد

شكرا لك على هذه الإضافة الجيدة،واصل.










قديم 2012-04-05, 14:50   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
s_samado
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية s_samado
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا ياسين










قديم 2012-05-01, 15:53   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
هواري بن يمينة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك على هذا الموضوع القيم .هل لي أن أسألك عن الأحكام ومدى صلاحيتها










قديم 2012-05-01, 15:57   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
هواري بن يمينة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

عندي مشكلة في حكم قضائي هل من محضر يمكنه خل اللغز اللذي حيرني من فضلكم










قديم 2012-11-01, 23:04   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ايثم
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع










 

الكلمات الدلالية (Tags)
المؤسسة, العقابية


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:52

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc