الحراك والعراك، الجدال والسجال، القيل والقال، الأحلام والأوهام، التي تجتاح رياحها هذه الأيام بيت الراحل محفوظ نحناح، قد تكون مجرّد "غبّارة أسواق"، وقد تكون عاصفة "سيروكو" ستقتلع الشجر وتضرب الحجر، وقد تكون هبّة "صمايم" تـُرغم هؤلاء أو أولئك على نزع معاطفهم إيذانا بفصل حار وشاق ومسيل للعرق!
المشاركة في الحكومة، تفتح مرّة أخرى أبواب الجحيم، على أبناء حركة "حماس" سابقا، ويعمل كل "فيلق" داخل الحركة التي ضيّعت عصاها وتحوّلت إلى "حمس"، وأحيانا بلا حسّ، يعمل على الترويج لرأيه، وبلغ التصعيد أشدّه بين الراغبين في العودة والرافضين، وكذا الراغبين المتمنـّعين!
وزراء حمس السابقون يُريدون العودة إلى دفئ الحكومة، فقد بردوا كثيرا منذ الخروج منه إثر قرار استعراضي انقلب فيه سعره على ساحره، وهؤلاء الوزراء الذين ذاقوا "البنة" الحكومية، يضغطون ويُناورون من أجل العودة إلى "الأحضان"، لكن صوتا قويا داخل الحركة، يريُد ربما العودة، لكن بوجوه جديدة تمنح الفرصة لغير الذين جرّبوا مذاق الاستوزار!
الخلاف العميق، بين "عُصب" حركة مجتمع السلم، يقرؤه تناقض الرئيس الحالي لحمس، ورئيسها السابق، في مشهد يكرّس "معركة" بين تيارين قويّين، الأول يريد العودة إلى الحكومة "مغمض الأعين"، والثاني يستبق الأحداث ويهدّد أو يتوعّد أو يعد بالاستقالة في حال وافق مجلس الشورى على دخول حمس حكومة ما بعد تشريعيات الرابع ماي!
لقد تعوّد أبناء حركة "الشيخ محفوظ"، على مثل هذه "الحروب" الداخلية التي تنفجر كلما تعلق الأمر بمنعرج حتى وإن كان السائق ليس "حمسيا"، ولعلّ "نظرية" الراحل نحناح التي قالها عندما كانت "حماس" على "ديدانها"، بأن حركته "تشارك في الحكومة وليس الحكم"، هو "الابتكار" الذي يُسيل الآن لعاب هذه النظرية السياسية التي يراها معارضون، داخل الحركة وخارجها، أن هذا المنطق من نفس جنس "اللحم حرام والمرق حلال"!
سواء عادت حمس إلى الجهاز التنفيذي أو لم تعد، فإن الظروف قد اختلفت، والناس "فاقو" داخل حمس وغيرها من الأحزاب، ولا داعي هنا للتذكير كيف شقّ عمار غول عصا الطاعة و"هرب" بقياديين ومناضلين وأسّس "تاج" ليدخل به وحكومته البرلمان والحكومة معا بعيدا عن أصدقائه السابقين!
هذه المرة، أرقام المعادلة، يتقاسمها "مناصفة" مقري وأبو جرّة ومناصرة، كواجهة لـ"الفتنة" النائمة التي تستيقظ كلما حامت رائحة الحكومة حول نوافذ الحمسيين، فتتحرّك غريزة "الشهوة" في التوزير!