أحاديث الصحيحين بين الظن واليقين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أحاديث الصحيحين بين الظن واليقين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-07-20, 19:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي أحاديث الصحيحين بين الظن واليقين



مجلة البحوث الإسلامية التابعة للرئاسة العامة للبحوث العلمية و الإفتاء

أحاديث الصحيحين بين الظن واليقين



حافظ ثناء الله الزاهدي



الحمد للّه ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وأصحابه الطاهرين . أما بعد:

فقد كثر كلام النقاد المحققين من الفقهاء والمحدثين في إفادة أحاديث " الصحيحين " القطع والظن مع اتفاقهم على أنه ليس بعد كتاب اللّه -تعالى- أصح من صحيحي البخاري ومسلم .

فجمعنا في هذه الورقات صفوة كلام كل من الفريقين في هذا الموضوعِ ، مع تثبيت ما نراه حقًا وراجحًا بالدلائل ، وردِّ ما نراه مرجوحا بأحسن الأدلة والوسائل . وسيكون البحث فيها -إن شاء اللّه- في سبع نقاط رئيسية وهي:


(1) تعريف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا وحكمهما .
(2) بيان أقوال من قال بإفادة أحاديث " الصحيحين " القطع .
(3) أدلة القائلين بإفادتها القطع .
(4) أدلة القائلين بإفادتها الظن .
(5) مع ابن الصلاح وابن حجر فيما استثنياه من الأحاديث التي لا تفيد القطع من هذين الكتابين .
(6) بين أحاديث " الصحيحين " والخبر المشهور .
(7) أهم نتائج البَحث .


وليس القصد وراء ذلك كله إلا الاقتداء بالحق والصواب ، رجاءً من اللّه -تعالى- جزيل الأجر والثواب .

(1) تعريف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا وَحكمهما :

وقبل أن نخوض في البحث يجدر بنا أن نعرف الظن واليقين لغةً واصطلاحًا .
فالظن لغةً: يستعمل في معنى الشك: وهو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك .
ويستعمل بمعنى اليقين . قال ابنُ منظور : الظن شك ويقين ، إلا أنه ليس بيقين عيان ، إنما هو يقين تدبر .
وقال الزبيدي : الظن هو التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم . ونقل عن المناوي أنه قال: الظن الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض ويستعمل في اليقين والشك .
وهذا المعنى الأخير الذي قاله الزبيدي والمناوي هو لذي استقر عليه اصطلاح الأصوليين .
قال الآمدي : الظن ترجيح أحد الاحتمالين الممكنين على الآخر في النفس من غير قطع .
وقال عبد العزيز البخاري : الظن ما كان جانب الثبوت فيه راجحًا ، ويسمى غالب الرأي . وقال القرطبي : الظن الشرعي هو تغليب أحد الجانبين ، أو هو بمعنى اليقين .
وقال أبو يعلى الفراء : الظن تجويز أمرين أحدهما أقوى من الآخر .

أما اليقين فلغةً: العلم ، وإزاحة الشك ، وتحقيق الأمر . واصطلاحًا: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاده أنه لا يمكن إلا كذا ، مطابقًا للواقع غير ممكن الزوال .
فالثابت باليقين لا شك في حجيته ، ولا خلاف . وأما ما كان ثبوته مظنونًا فأيضًا مقبول وحجة بإجماع علماء أهل السنة في الأحكام والعقائد .

قال ابن عبد البر :
أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع .
وقال: وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويجعلها شرعًا ، ودينًا في معتقده . على ذلك جماعة أهل السنة .

وقال أبو يعلى الفراء : الظن طريق للحكم إذا كان عن أمارة مقتضية للظن ، ولهذا يجب العمل بخبر الواحد إذا كان ثقة ، ويجب العمل بشهادة الشاهدين .

وقال الحافظ بدر الدين العيني : وإجراء الحكم بناءً على غالب الظن واجب ، وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول لشهادة العدول ، وتحري القبلة ، وتقويم المستهلكات ، وأرش الجنايات التي لم ترد مقاديرها بتوقيف من قبل الشرع . فهذا ونظائره قد تعبدنا فيه بغالب الظن .

وقال فخر الدين الرازي : العمل بخبر الواحد الذي لا يقطع بصحته مجمع عليه بين الصحابة .

وهو المختار عند مَن بعد الصحابة من التابعين وأتباعهم ، وكافة علماء أهل السنة رضوان اللّه عليهم أجمعين .

(2)أقوال القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع


(1) قول أبي إسْحاق الإسفراييني (ت 418 هـ)

قال في كتابه " أصول الفقه ": أهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها " الصحيحان " مقطوع بصحة أصولها ومتونها ، ولا يحصل الخلاف فيها بحال ، وإن حصل فذاك اختلاف في طرقها ورواتها . قال: فمن خالف حكمه خبرا منها وليس له تأويل سائغ للخبر نقضنا حكمه؛ لأن هذه الأخبار تلقتها الأمة بالقبول .


(2) قول إمام الحرمين الجُوِيْني (ت 478 هـ)
قال: لو حلف إنسان بطلاق امرأته: أن ما في " الصحيحين " مما حكما بصحته من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ألزمته الطلاق ، لِإجماع علماء المسلمين على صحته .
(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 294)

(3) قول ابن القيسراني (ت 507)

قال: أجمع المسلمون على قبول ما أخرج في " الصحيحين " لأبي عبد اللّه البخاري ، ولأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ، أو ما كان على شرطهما ولم يخرجاه .
وقال: أما كتاب الترمذي وحده على أربعة أقسام: قسم صحيح مقطوع به وهو ما وافق فيه البخاري ومسلمًا .


(4) قول ابن الصَّلاح (ت 643) .
قال: أهل الحديث كثيرًا ما يطلقون على ما أخرجه البخاري ومسلم جميعًا " صحيح متفق عليه " ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم ، لا اتفاق الأمة عليه . لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه ، لاتفاقهما على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول ، وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته ، والعلم اليقيني النظري واقع به ، خلافًا لمن نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن .


(5) قول الإمام ابن تيمية الحراني (ت 728) .
قال: إن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله ؛ لأن غالبه من هذا ، ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق ، والأمة لا تجتمع على خطأ .
فلو كان الحديث كذبًا في نفس الأمر والأمة مصدقة له ، قابلة له ، لكانوا

قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب! وهذا إجماع على الخطأ ، وذلك ممتنع .
وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر ، فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطل بخلاف ما اعتقدناه ، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابتٌ باطنًا وظاهرًا .
ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقًا له ، أو عملاً به أنه يوجب العلم .
وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد . إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك .
ولكن كثيرا من أهل الكلام ، أو أكثرهم يوافق الفقهاء ، وأهل الحديث والسلف على ذلك .
وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق ، وابن فوْرَك . وهو الذي ذكره الشيخ أبو حامد ، وأبو الطيب ، وأبو إسحاق ، . وأمثالهم من أئمة الشافعية ، وشمس الدين السرخسي وأمثاله من الحنفية ، وأبو

يعلى ، وأبو الخطاب ، وأبو الحسن الزاغوني وأمثالهم من الحنبلية ، والقاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية .
وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجبًا للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث ، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة .


(6) قول ابن القيِّم الجوزية (ت 751 هـ) .

قال: اعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب كما ذكره الشيخ أبو عمرو ، ومن قبله من العلماء ، كالحافظ أبي طاهر السِّلفي وغيره . فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو محصل للعلم ، مفيد لليقين ، ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين ، فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم . كما لم يعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلا العلماء بها ، دون المتكلمين والنحاة والأطباء ، وكذلك لا يعتبر في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله ، وهم علماء الحديث ، العالمون بأحوال نبيهم ، الضابطون لأقواله وأفعاله ، المعتنون بها أشد من عناية المقلدين لأقوال متبوعيهم .

فكما أن العلم ينقسم إلى عام وخاص ، فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلومًا لغيرهم فضلاً أن يتواتر عندهم . فأهل الحديث لشدة عنايتهم بسنة نبيهم وضبطهم لأقواله ، وأفعاله ، وأحواله يعلمون من ذلك علما لا يشكون فيه مما لا شعور لغيرهم به ألبتة .

(7) قول الحافظ صَلاح الدين ابن كيكلدي العلائي (ت 761 هـ)
قال: أحاديث الصحيحين -لِإجماع الأمة على صحتها ، وتلقيها بالقبول- تفيد العلم النظري ، كما يفيده الخبر المحتف بالقرائن .
وهذا هو اختيار الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني ، وإمام الحرمين ، وقرره ابن الصلاح . وقد ذكرته بدلائله في مقدمة "نهاية الأحكام " .

(8) قول الحافظ ابن كثير (ت 774 هـ)
قال: ثم حكى ابن الصلاح : إن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول ، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره ، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث ، لأن الأمة معصومة عن الخطأ ، فما ظنت صحَّتَه ووجب عليها العمل به ، لا بد وأن يكون صحيحًا في نفس الأمر . وهذا جيد .
وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي وقال: لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك . قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه . واللّه أعلم .


(9) قول سراج الدين البُلقيني (ت 805 هـ) .

قال: وما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع ، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين عن جماعة من الشافعية كالإسفراييني أبي إسحاق ، وأبي حامد ، والقاضي أبي الطيب ، وتلميذه أبي إسحاق الشيرازي ، والسرخسي من الحنفية والقاضي عبد الوهاب من المالكية ، وجماعة من الحنابلة كأبي يعلى ، وأبي الخطاب ، وابن حامد ، وابن الزاغوني ، وأكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم ، منهم ابن فورَك ، وأهل الحديث قاطبة ، ومذهب السلف عامة ، أنهم يقطعون بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول .


(10) قول العلامة أبي الفيض الفارسي الحنفي (ت 837) .
قال: ما روياه أو واحد فهو مقطوع بصحته ، أي يفيد العلم القطعي نظرًا لا ضرورةً .
وقيل: لا يفيد إلا الظن . وعليه الأكثرون .


(11) قول الحافظ أبي نصر الوائلي السجزي :
قال: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قد صح عنه ، ورسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قاله . لا شك في أنه لا يحنث ، والمرأة بحالها في حبالته .


(12) قول الحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ) .
قال بعد أن ذكر موافقة ابن كثير لابن الصلاح في هذه المسألة: قلت: وهو الذي أختاره ولا أعتقد سواه .
وقال في " ألفيته في علم الحديث ":

والنـــــــووي رجـــــــح فـــــــي التقـــــــريب -ظنــــــا بـــــــه- والقطـــــــع ذو تصــــــويب

.
(13) قول الحافظ ابن حَجَر العَسْقلاني (ت 852) .
قال: قد يقع في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار . والخبر المحتف بالقرائن أنواع :
منها: ما أخرجه الشيخان في صحيحهما مما لم يبلغ حد التواتر فإنه احتف به قرائن منها:
(1) جلالتهما في هذا الشأن .
(2) وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما .
(3) وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول . وهذا التلقي وحده أقوى في العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر .
إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين ، وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضات العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما

على الآخر ، وما عدا ذلك فالإجماع حاصلٌ على تسليم صحته .
(14) قول الشيخ ولي اللّه الدهلوي (ت 1176 هـ) .
قال: أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيحٌ بالقطع ، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما ، وأنه كل من يهون أمرهما مبتدع ، متبع غير سبيل المؤمنين .
فإن الشيخين لا يذكران إلا حديثًا قد تناظرا فيه مشائخهما وأجمعوا على القول به والتصحيح له ، كما أشار مسلم حيث قال: لم أذكر ها هنا إلا ما أجمعوا عليه .


(15) قول الإمام الشوكاني (ت 1250 هـ) .
قال: لا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه فإنه يفيد العلم ، لأن الإجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه . وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول فكانوا بين عامل به ومتأول له . ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم ، فإن الأمة تلقت ما فيهما بالقبول ، ومن لم يعمل بالبعض من ذلك فقد أوله ، والتأويل فرع القبول .
وقال: فقد أجمع أهل هذا الشأن على أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما كلها من المعلوم صدقه بالقبول المجمع على ثبوته .

(16) قول الشيخ محمد أنور الكشميري الحنفي (ت 1352 هـ) .
قال: اختلفوا في أن أحاديث الصحيحين هل تفيد القطع أم لا؟ فالجمهور إلى أنها لا تفيد القطع ، وذهب الحافظ -رضي اللّه عنه- إلى أنها تفيد القطع ، وإليه جنح شمس الأئمة السرخسي من الحنفية ، والحافظ ابن تيمية من الحنابلة ، والشيخ ابن الصلاح . وهؤلاء وإن كانوا أقل عددًا إلا أن رأيهم هو الرأي .
وهذا الذي قاله هؤلاء العلماء هو الذي اختاره الحافظ أبو طاهر السلفي ، . وأبو عبد اللّه الحميدي . والعلامة محمد المعين بن محمد الأمين السندي في " دراسات اللبيب " . و " غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح " . والشيخ إبراهيم بن الحسن الكوراني . في كتابه " إعمال الفكر والرويات في شرح حديث إنما الأعمال بالنيات . والسيد أبو الطيب صديق حسن خان . والشيخ أبو الحسن محمد صادق السندي . والشيخ محمد حسين

الهزاروي . ومحدث الهند الحافظ محمد الجُونْدَلْوى . وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي .
والشيخ أحمد محمد شاكر القاضي المصري . والشيخ عبد اللّه بن إبراهيم العلوي الشنقيطي . والشيخ محمد الأمين بن المختار الشنقيطي . والشيخ محمد عبد العزيز الرحيم آبادي .
ومن المعاصرين الشيخ محمد عطاء اللّه حنيف صاحب " التعليقات السلفية " ، والمؤلفات الشهيرة الأخرى . والدكتور صبحي

الصالح . . والأستاذ ناصر الدين الألباني . والدكتور محمود الطحان . والدكتور محمد عجاج الخطيب وغيرهم .

(3) أدلة من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع
.

والذي يبدو مما قدمناه من نصوص العلماء على إفادة أحاديث الصحيحين القطع هو أن مستند رأيهم كان أمرين:
الأول: الادعاء بإجماع الأمة على صحة ما فيهما ، وتلقيها بالقبول كما مر من كلام أبي إسحاق الإسفراييني ، وإمام الحرمين الجُويْني ، وغيرهما .
الثاني: أن خبر الواحد إذا حفت به القرائن يفيد العلم ، وأحاديث " الصحيحين " ليست مجردة من القرائن ، بل انضم إليها ما فيه كفاية لمزاحمة تطرق الاحتمالات الموهنة للأخبار .
ومن هذه القرائن:
الأولى: جلالة الشيخين في هذا الشأن .

الثانية: وتقدمهما في تمييز الصحيح من الأحاديث عن الضعيف منهما على غيرهما .
وهذا ما صرح به الحافظ ابن حجر العسقلاني ، إلا أنه اعتبر التلقي بالقبول ، والإجماع على صحة ما فيهما كقرينة من إحدى القرائن . فجملة القول أن أحاديث " الصحيحين " احتفت بثلاث قرائن عند القائلين بقطعها .

فنحن نأخذ كل واحدة من هذه القرائن الثلاث ونتكلم عليها واحدة واحدة لكي تتجلى صحة اعتبارها ، وقوة صلاحها لِإفادة القطع . فنقول:
أما الإجماع والتلقي فلا يستراب في وقوعه ، فقد صرح به كبار فقهاء الأمة الإسلامية ، وحصول القطع بمثل هذا الإجماع أمر مجمع عليه عند أهل الحق والتحقيق من علماء الفقه والأصول .
قال أبو إسحاق الشيرازي من أئمة الشافعية :
خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول يقطع بصدقه سواء عمل الكل به ، أو عمل البعض ، وتأوله البعض .
وقال القاضي أبو يعلى الفراء من الحنابلة : الاستدلال يوجب العلم من أربعة أوجه:
أحدها: أن تتلقاه الأمة بالقبول ، فدل ذلك على أنه حق ، لأن الأمة لا تجتمع على الخطأ ، ولأن قبول الأمة يدل على أن الحجة قد قامت عندهم بصحته .

وقال ابن تيمية في " المسودة " والقطع بصحة الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول ، أو عملت بموجبه لأجله قول عامة الفقهاء المالكية -ذكره عبد الوهاب - والحنفية -فيما أظن- والشافعية ، والحنبلية . وقال عبد العزيز البخاري من الحنفية : المشهور لمَّا كان من الآحاد في الأصل كان في الاتصال ضرب شبهة صورةَ ، ولمَّا تلقته الأمة بالقبول مع عدالتهم وتصلبهم في دينهم كان بمنزلة المتواتر .

فهذه التصريحات من علماء الأصول تدل على أن ما تمسك به القائلون بإفادة أحاديث الصحيحين القطع من الدلائل في غاية من القوة والاعتبار . .
وأما ما يتعلق بجلالة الشيخين في هذا الشأن فهو أيضًا أمر لا نزاع فيه بين المحدثين قديمًا وحديثًا ، وتواتر النقل عنهم بتقديمهما على غيرهما من المحدثين .


قال الترمذي
: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل البخاري .


وقال عبد اللّه بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري .

وقال ابن خزيمة : ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- وأحفظ له من محمد بن إسماعيل البخاري . ومثل هذا كثير جدًا في البخاري رحمه اللّه تعالى .

وأما مسلم فقد قال أبو الفضل محمد بن إبراهيم: سمعت أحمد بن سلمة يقول: رأيت أبا زرعة ، وأبا حاتم يقدمان مسلم بن الحجاج في معرفة الصحيح على مشائخ عصرهما .

وقال النووي : أجمعوا على جلالته ، وإمامته ، وعلو مرتبته ، وحذقه في هذه الصنعة ، وتقدمه فيها ، وتضلعه منها . وقال: هو أحد أعلام أئمة هذا الشأن المعترف له بالتقدم فيه بلا خلاف عند أهل الحذق و العرفان .

ومثله كثير في كتب التراجم تركناه مخافة الطول .

فكل هذه التصريحات دالة على جلالة الشيخين في هذا الشأن وتقدمهما على أهل عصرهما في معرفة الحديث وعلله .
وهذا التقدم هو الذي وقع عليه اختيار الحافظ ابن حجر كقرينة تنشئ وحدها الاطمئنان للقلب على صدق ما حكما عليه بالصحة ، ويصلح أن يتحول إلى اليقين بانضمام أمر آخر معه .
أما القرينة الثالثة وهي:
تقدم الشيخين في معرفة صحيح الحديث من سقيمه ، فهي وإن كانت من لوازم ما سبق من التصريحات من العلماء بتفضيلهما وتقديمهما على غيرهما مطلقًا في الفن ، إلا أن الحافظ ابن حجر - رحمه اللّه- حاول تثبيت رأيه بقرينة أبعد تأثيرًا ، وأدق تعبيرًا ، وأخص دلالةً على المقصود نسبةً إلى ما سبق من القرينة الثانية .

فنحن نورد عدة أمثلة لتكون مساعدة على فهم ما يريد الحافظ ابن حجر إثباته ، وتبين وضوحًا معنى " تقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما " وتؤكد وجود ما يدعيه ابن حجر من إفادة هذه القرينة القطع عند وجودها في الأخبار المروية في الصحيحين .

المثال الأول : روى الحافظ الزيلعي حديثًا عن زيد بن أبي أنيسةَ ثم نقل فيه جرحًا عن أحمد بن حنبل -رحمه اللّه- بقوله: في بعض حديثه نكارةٌ . ثم أجاب الحافظ الزيلعي عن هذا الجرح قائلاً: هو ممن احتج به البخاري ومسلم ، وهما العمدة في ذلك " .

المثال الثاني : نقل الحافظ بدر الدين العيني جرح ابن المنذر لعبد الرحمن بن جابر بن عبد اللّه وحكم الأصيلي على حديثه بالاضطراب ثم قال: قد اتفق الشيخان على تصحيح حديثه وهما العمدة في الصحيح .

المثال الثالث : نقل الحافظ بدر الدين العيني دعوى بعض المحدثين بمعارضة حديث عقبة أخرجه النسائي وصححه ابن حبان بحديث مروي في صحيح البخاري فقال: حديث أنس لا يعارضه حديث عقبة؛ لأن تصحيح البخاري أقوى من تصحيح غيره ، والمعارضة تقتضي المساواة .

المثال الرابع : روى رواية أخرجها أبو داود عن طريقين: صحيح وضعيف . ثم قال: ومع هذا فالصحيح منه (أي من أبي داود ) لا يقاومصحيح البخاري . فافهم .
فقوله " فافهم " يدل على أنه يريد تنبيه القارئ على أهمية فحوى كلامه .

وكذا الحافظ بدر الدين العيني رجح تصحيح الشيخين على تصحيح النسائي ، وابن حبان ، وأبي داود بناءً على أن الشيخين هما العمدة في تصحيح الأحاديث . وهذا معنى قول ابن حجر : " وتقديمهما في تمييز الصحيح على غيرهما) .
فهذه التوضيحات لا تترك مجالاً للشك في صحة ما اختاره الحافظ ابن حجر من أن الشيخين كما يقَدَّمان على غيرهما في معرفة هذا الفن عمومًا كذلك لهما مزية وتفوق في تصحيح الأحاديث وتضعيفها خصوصا .
وكما أن التقَدم في معرفة الفن عمومًا يعتبر قرينة تفيد اطمئنان القلب في حكمهما على الأحاديث صحةً وضعفًا ، كذلك كونهما العمدة في التصحيح خصوصًا أيضًا قرينة ثانية تؤدي إلى مزيد من التأكيد في اطمئنان القلب ، والجزم بصحة الحكم منهما . واللّه أعلم .


(4) أدلةُ من قال بإفادة أحَاديث الصحيحين الظَنّ
:

وممن تكلم في هذا الموضوع بأبسط الأدلة هو الإمام محيي الدين النووي الشافعي ، والإمام أبو الفتح بن برهان البغدادي -رحمهما اللّه- فنورد نص كلامهما كاملاً ثم نتكلم فيه بحثًا وتحقيقًا مع دراسة بعض جزئيات كلامهما دراسة نقدية شاملة .

فقال النووي ردًا على ابن الصلاح :
وهذا الذي ذكره الشيخ خلاف ما قاله المحققون والأكثرون ، فإنهم قالوا: أحاديث الصحيحين التي ليست بمتواترة تفيد الظن ، فإنها آحاد ، والآحاد إنما تفيد الظن لما تقرر .

ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك ، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما . وهذا متفق عليه ، فإن أخبار الآحاد التي في غيرهما يجب العمل بها إذا صحت أسانيدها ، ولا تفيد إلا الظن ، فكذا الصحيحان . وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحًا لا يحتاج إلى النظر فيه ، بل يجب العمل به مطلقًا .
وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر ، وتوجد فيه شروط الصحيح . ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- .
وقال ابن برهان :
خبر الواحد لا يفيد العلم ، خلافًا لبعض أصحاب الحديث ، فإنهم زعموا أن ما رواه مسلم والبخاري مقطوع بصحته . وعمدتنا: أن العلم لو حصل بذلك لحصل لكافة الناس كالعلم بالأخبار المتواترة .
ولأن البخاري ليس معصومًا عن الخطأ فلا نقطع بقوله ، لأن أهل الحديث ، وأهل العلم غلَّطوا مسلمًا والبخاري ، وثبتوا أوهامهما ، ولو كان قولهما مقطوعًا به لاستحال عليهما ذلك .
ولأن الرواية كالشهادة ، ولا خلاف أن شهادة البخاري ومسلم

لا يقطع بصحتها ، ولو انفرد الواحد منهم بالشهادة لم يثبت الحق به ، فدل على أن قوله ليس مقطوعًا به . وإن أبدوا في ذلك منعا كان خلاف إجماع الصحابة ، فإن أصحاب رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- ما كانوا يقضون بإثبات الحقوق إلا بشهادة شاهدين .
ولا عمدة للخصم إلا أن الأمة أجمعت على تلقي هذين الكتابين بالقبول واتفقوا على العمل بهما ، وهذا لا يدل على أنه مقطوع بصحتهما ، فإن الأمة إنما عملت بهما لاعتقاد الأمانة والثقة في الرواية ، وليس كل ما يوجب العمل به كان مقطوعًا بصحته .
فهذا ما قاله النووي وابن برهان يتضمن عدة أمور حاولا بمجموعها الرد على من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع ، فنذكر واحدًا واحدًا منها على ما يليق بها من الإجابة عنها .
فأولاً : أساس رأي كل من النووي وابن برهان وغيرهما في الرد على من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع أمر واحد وهو:
أن أحاديث الصحيحين غير المتواترة آحاد ، والآحاد لا تفيد إلا الظن ، والعلم إنما يحصل من المتواتر . ؟ كما مر في كلام النووي وابن برهان . فقولهم هذا لا يستقيم جوابًا في رأينا أصلاً ، ولا يناسب لمقاومة ما ادعاه ابن الصلاح وغيره .
وتفصيل ذلك: إن المتواتر الذي يدعى بحصول العلم به كثيرًا ، ويكثر دورانه في المناقشات الفقهية والعقائدية وغيرها ، ويبالغ في الالتجاء إليه إثباتًا ، ونفيًا ، وإلزامًا وتسليمًا ، لا يتسم بشيءٍ من التحديد والانضباط في الوصف ، بل اضطربت فيه آراء الأصوليين ، واختلفوا في تعريفه ، وشرائطه ، وما يفيد به ، اختلافًا شديدًا .

مع إنكار كثير منهم بإمكانيات وقوعه واحتمالات تحققه في الحديث النبوي الشريف ، وذهاب الآخرين إلى الحكم بالمتواتر على بعض المعاني الشائعة المشتهرة اشتهارًا بالغًا بمجرد شيوعها وذيوعها وذيوعها بالمتواتر المعنوي ، وإن لم تتحقق فيها الشروط المتخذ بها في كتب الأصول . ففي تعريفه نظريتان لأصحاب الأصول:
تقوم إحداهما على إناطة حصول العلم في الأخبار بمجرد عدد معين من الأشخاص المخبرين . فاختار بعضهم الإثنى عشر ، وبعضهم العشرين ، وبعضهم الأربعين ، وبعضهم السبعين ، وبعضهم أكثر منه بكثير . وهذه النظرية باطلةٌ عند جمهور الأصوليين .
والثانية قائمة على الاعتبار بتأثير صفات المخبرين على تنوعها ، واختلاف هيئاتها في حصول العلم . فليست كثرة العدد عندهم إلا من إحدى الصفات والقرائن ، لا مجموعها ، بخلاف ما قامت عليها النظرية الأولى . والمعتبر عندهم في الحكم بالتواتر حصول العلم لا وجود الصفات المعنية ، بل كل ما حصل به العلم فهو متواتر عندهم .
قال الآمدي : وبالجملة فضابط التواتر ما حصل العلم عنده من أقوال المخبرين ، لا أن العلم مضبوط بعدد مخصوص .
وقال إمام الحرمين: الكثرة من جملة القرائن التي تترتب عليه العلوم المجتناة من العادات .
وقال: وما من عدد تمسك به طائفة إلا ويمكن فرض تواطئهم على الكذب .

وقال: فالعدد بعينه ليس مغنيًا ، إذ يتصور معه تقدير حالة ضابطة ، وإيالة حاملة على الكذب .
وقال ابن الأثير : إنا بحصول العلم الضروري نتبين كمال العدد ، لا أنا بكمال العدد نستدل على حصول العلم .
قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية : لا يعتبر في التواتر عدد محصور ، بل يعتبر فيه ما يفيد العلم على حسب العادة في سكون النفس إليهم ، وعدم تأتي التواطؤ على الكذب منهم ، إما لفرط كثرتهم ، وإما لصلاحهم ودينهم ونحو ذلك .
وقال: ومن الناس من لا يسمى متواترًا إلا ما رواه عدد كثير يكون العلم حاصلاً بكثرة عددهم فقط ، ويقولون: إن كل عدد أفاد العلم في قضية أفاد مثل ذلك العدد العلم في كل قضية وهذا قول ضعيفٌ . والصحيح ما عليه الأكثرون: إن العلم يحصل بكثرة المخبرين تارةً ، وقد يحصل بصفاتهم ودينهم وضبطهم ، وقد يحصل بقرائن تحتف بالخبر .
وقال: إذا عرف أن العلم بأخبار المخبرين له أسباب غير مجرد العدد ، علم أن من قيد العلم بعدد معين ، وسوى بين جميع الأخبار في ذلك فقد غلط غلطًا عظيمًا .
هذه حقيقة التواتر عند المحققين من أهل الحديث والفقه والأصول .

فالشيخ النووي ، ومن معه إن كان يريد بقوله: "العلم إنما يحصل من المتواتر" القسم الأول من المتواتر ، فذاك مردود عند الأصوليين ، وإن كان يريد المعنى الثاني للمتواتر الذي هو المعتمد عند المحققين ، فلا سبيل له للرد على من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع ، لأنها محتفة بالقرائن المفيدة لليقين ، فصحَّ إطلاق المتواتر عليها ، وبطل قوله: "إنها آحاد لا تفيد إلا الظن" .

ثانيا : قول النووي " ما اختاره ابن الصلاح هو خلاف المحققين والأكثرين " . أجاب عنه الحافظ ابن حجر بقوله: ما ذكره النووي من جهة الأكثرين ، أما المحققون فلا . فقد وافق ابن الصلاح أيضا محققون .

وقال الزركشي : إن هذا الذي قاله ابن الصلاح هو قول جماهير الأصوليين من أصحابنا وغيرهم .
ونقل أبو إسحاق الإسفراييني وغيره إجماع أهل الصنعة على ذلك . كما مر . فهذا يزيف ما ادعاه الشيخ النووي . والاعتبار بقول هؤلاء -فيما أرى- أحرى من الإصغاء إلى قول النووي وحده .

ثالثا : قوله: "أحاديث الصحيحين غير المتواترة آحاد ، والآحاد لا يفيد إلا الظن لما تقرر " .
فهذا الإطلاق منه في إفادة الآحاد الظن لا غيره ، فيه تساهل منه وخلاف لما تقرر عند الأصوليين .

لأن المقرر في الأصول عند جماهير الأصوليين هو القول بحصول العلم بخبر الواحد إذا حفته القرائن .
واستخدم هو نفسه هذه القاعدة في شرح مسلم .
وإنما النزاع في إفادة خبر الواحد الظن أو العلم إذا تجرد عن القرائن .
قال الشوكاني : إن الخلاف في إفادة خبر الآحاد الظن أو العلم مقيد بما إذا كان خبر الواحد لم ينضم إليه ما يقويه ، وأما إذا انضم إليه ما يقويه ، أو كان مشهورا ، أو مستفيضا ، فلا يجري فيه الخلاف المذكور .
والمقرر في الأصول هو هذا . فعجبا للشيخ كيف يدعي بهذا الإطلاق المرجوح في الأصول في موضع النقد والرد ، ويعزوه إلى الأكثرين والمحققين من الأصوليين .

رابعا : قوله: "تلقي الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيها" . أيضا غير صحيح من وجهين:

الأول: أن التلقي لم يقع أصلا على وجوب العمل بكل ما في هذين الكتابين ولم يصرح به أحد قبله ولا بعده من العلماء ، والشيخ النووي إن كان يعتقد بذلك فهو تساهل منه فاحش ، لأن فيهما ما هومنسوخ . وفيهما ما لا يحتمل الوجوب أصلا فكيف تصح دعوى وجوب العمل بما فيهما .
الثاني: تلقي العلماء لهذين الكتابين بالقبول هو من حيث الصحة ، لا من حيث وجوب العمل بما فيهما كما فهمه الشيخ .
خامسًا : قولهما: لا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي -صلى الله عليه وسلم .
قلت: الحق أنه يلزم ، لأن الأمة لا تجتمع على العمل بمقتضى دليل إلا إذا كان الدليل صحيحًا في نفس الأمر . وهذا هو المختار عند غيرهما من العلماء .
سادسا : قول النووي : "يفترق الصحيحان في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه" .
قلت: هذا هو الأمر الذي دعا ابن الصلاح وغيره من كثير من الأصوليين للحكم على أحاديث الصحيحين بالقطع بصحتهما؛ لأن الإجماع على عدم احتياج النظر في الإسناد لثبوت صحة ما فيهما يستلزم الإجماع على صدق ما فيهما في نفس الأمر .

سابعا : قول ابن البرهان : لأن البخاري ليس معصوما عن الخطأ فلا نقطع بقوله . قول لم يجعله أحد دليلا لرأيه ، ولم يقل من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع بناء على عصمة البخاري ومسلم في اجتهادهما ، وحكمهما على الأحاديث ، وإنما قال نظرا إلى أن البخاري ومسلما إمامان في الفن ، معترفان بالتقدم على غيرهما ، صححا مجموعة
من الروايات التي أخذتها علماء الأمة بحثا وتنقيبا ، ثم اتفقت كلمتهم على موافقة الشيخين تصديقا لها ، وعملا بها ، وتأويلا لما يحتاج التأويل منها .
فهذا الاتفاق من الأمة يثمر اعتقاد صدق ما فيهما في نفس الأمر .

ثامنا : قوله: لأن أهل الحديث وأهل العلم غلطوا مسلما والبخاري ، وثبتوا أوهامهما . ليس له أي تأثير فيما نحن في إثباته . وجوابنا من وجوه:
أولا : إن بعض الحفاظ وإن انتقدوا ما يقارب بمائتين وعشرة أحاديث من الصحيحين ، وبينوا عللها ، إلا أن الأمة لم تقبل هذا النقد ، واستمر العمل بما في هذين الكتابين من غير اعتداد بهذه الانتقادات ، هذا وقد تولى بالتصريح بزيفها ، والتوضيح بردها وإبطالها ، والتبيين بخطأ من أخطأ عليهما ، كثير من المحدثين ، نذكر كلام بعض منهم:
قال النووي في "مقدمة شرح البخاري ": قد استدرك الدارقطني على البخاري ومسلم أحاديث فطعن في بعضها ، وذلك الطعن مبني على قواعد لبعض المحدثين ضعيفة جدا ، مخالفة لما عليه الجمهور من أهل الفقه والأصول وغيرهم فلا تغتر بذلك .

(2) وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي : ما احتج البخاري ومسلم به من جماعة علم الطعن فيهم من غيرهم ، محمول على أنه لم يثبت الطعن المؤثر مفسَّر السبب .

(3) وقال الحافظ صلاح الدين العلائي : إذا جزم بالخبر وصححه واطلع غيره فيه على علة قادحة فيه قدمت على تصحيح ذاك ، ما عدا تصحيح الشيخين لاتفاق الأمة على تلقي ذلك منهما بالقبول .

(4) وقال الحافظ ابن حجر : فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضا لتصحيحهما ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة .

(5) وقال الشوكاني : فقد أجمع أهل هذا الشأن على أن أحاديث الصحيحين ، أو أحدهما كلها من المعلوم صدقه بالقبول المجمع على ثبوته ، وعند هذه الإجماعات تندفع كل شبهة ويزول كل تشكيك .
وقد دفع أكابر الأمة من تعرض للكلام على شيء مما فيهما ، وردوه أبلغ رد ، وبينوا صحته أكمل بيان ، فالكلام على إسناده بعد هذا لا يأتي بفائدة يعتد بها ، فكل رواته قد جاوز القنطرة ، وارتفع عنهم القيل والقال ، وصاروا أكبر من أن يتكلم فيهم بكلام ، أو يتناولهم طعن طاعن ، أو توهين موهن .
وبمثله قال ابن دقيق العيد . وجمال الدين الزيلعي . والحافظ بدر الدين العيني . وغيرهم .

ثالثا : وإن سلمنا أن بعض هذه الإيرادات واردة ، فغاية أمرها أنها تؤثر في عين السند الذي خرج به المتن من غير أن تؤثر أي تأثير في المتون ، لأن المحدث قد يرى المتن بسند يحتمل وجها من وجوه النقد ، طلبا للعلو ، أو بيانا لشيء من اللطائف الإسنادية ، أو إغرابا على البعض ،

وغيرها من المقاصد ، مع أن المتن يكون معروفا ، مرويا بأسانيد أخرى صحيحة سالمة ، من كل وجوه النقد ، وجميع احتمالات الخطأ كما صرح به العلماء . ويؤكد قولنا ما نقله سعيد بن عمرو البرزعي من اعتراض أبي زرعة على مسلم لإخراجه عن بعض الضعفاء في كتابه وإجابة مسلم عنه .

قال البرزعي : حضرت أبا زرعة وذكر صحيح مسلم فأنكر عليه روايته فيه عن أسباط بن نصر ، وقطن بن نسير ، وأحمد بن عيسى المصري .

قال: فلما رجعت إلى نيسابور ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة فقال لي مسلم : إنما قلت صحيح ، وإنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ابن عيسى ما قد رواه الثقات عن شيوخهم ، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع ، ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول ، فاقتصر على ذلك ، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات .
ولذلك قال الحافظ الزيلعي : صاحبا الصحيح- رحمهما الله- إذا أخرجا لمن تكلم فيه ، فإنهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه ، وظهرت شواهده ، وعلم أن له أصلا ، ولا يروون ما تفرد به ، سيما إذا خالفه الثقات .
هذا وفي كلام ابن برهان المذكور أمور أخرى قابلة للنقد كتسويته بين الرواية والشهادة ، مع أن الصحيح عند المحدثين وأصحاب الأصول

عدم التسوية من كل الوجوه ، فتركناه لحال الطول ، ولعدم صلتها بالموضوع . والذي يبدو من دراسة هذه الانتقادات هو أن الشيخ النووي يعترف بكل ما يعترف به غيره من إجماع الأمة على صحة العمل بما في هذين الكتابين والإجماع على عدم احتياج النظر في السند عند العمل بما فيهما إلا أنه ينكر ما يستنتجه غيره من هاتين المقدمتين من حصول العلم بصدق ما فيهما .
ومن تأمل فيما سبق حق تأمل لم يخف عليه أرجحية ما اختاره ابن الصلاح وغيره من إفادة أحاديث الصحيحين القطع لما انضم إليها من القرائن المؤثرة في إفادة العلم بها تأثيرا قويا . والله أعلم .

(5) مع ابن الصلاح وابن حجر :
وبعد أن انتهينا من إيراد أدلة القائلين بقطعيَّة أحاديث الصحيحين ، وظنيتها ، ودراستها النقدية الموجزة نتوجه إلى ما استثناه ابن الصلاح وابن حجر من عموم الحكم بقطعية ما في الصحيحين .
وجملة ما استثنياه منها على نوعين:
الأول: ما انتقده الحفاظ كالدارقطني وغيره . بدليل أنه لم يقع عليه الإجماع المفيد للقطع .
استثناه ابن الصلاح ووافقه على ذلك ابن حجر .
الثاني: الأحاديث التي وقع التعارض بينها حيث لا ترجيح ، لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر .

وتفرد بإخراج هذا النوع من أحاديث الصحيحين ابن حجر ، ولم يؤثر عن أحد غيره من المحدثين . حسب معرفتي .
وهذا الاستثناء بنوعيه لا نراه صحيحا .
أما النوع الأول: فلأن انتقادات الدارقطني وغيره من الحفاظ تتوجه إلى الأسانيد والمتون سالمة من النقد ، كما سبق تقرير ذلك ، ومحل الإجماع هو المتون لا الأسانيد .
وعلى تقدير توجه هذه الانتقادات إلى المتون لا يلزم أيضا إخراجها من جملة ما وقع عليه الإجماع .
وذلك لأن الدارقطني وغيره طائفة قليلة جدا نسبة للمجمعين على صحة أحاديث الصحيحين ، والمخالفة الضئيلة لا تقدح في انعقاد الإجماع عند الجمهور من الأصوليين كما صرح به الحافظ بدر الدين العيني . وأما ما استثناه ابن حجر مما ظاهره التعارض من أحاديث الصحيحين فليس بصحيح أيضًا في رأينا لوجوه:
أولاً: إن التعارض قد حصل بين بعض الآيات أيضًا في رأي بعض الفقهاء ولم يحكم أحد عليها بظنية ثبوتها بمجرد هذا التعارض ، بل استمر الحكم بقطعية القرآن كله على حسب اتفاق الأمة وإجماعها على ذلك . فهذا يدل على أن انتزاع حكم القطعية عما وقع الإجماع على صحته استنادًا على وقوع التعارض في ظاهر النظر مرفوض عند العلماء في حق القرآن .
فوجب أن يكون في حق السنة مرفوضًا أيضًا لعدم وجود الفارق المؤثر بينهما في الوصف المذكور .

ثانيًا: ذهب الإمام الشافعي وغيره من المحدثين إلى أن الحديث إذا كان صحيحًا على شرط المحدثين لا يكون مخالفًا للكتاب أبدًا . أما التعارض بين الأحاديث فأجاب عنه الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: ولم نجد عنه حديثين مختلفين إلا ولهما مخرج ، أو على أحدهما دلالة بأحد ما وصفت ، إما بموافقة الكتاب ، أو غيره من السنة ، أو بعض الدلائل .
وقال ابن خزيمة : لا أعرف أنه روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثان بإسنادين صحيحين متضادين فمن كان عنده فليأتني به لأؤلِّف بينهما .
فدعوى ابن حجر بالتعارض حيث لا ترجيح مرفوض بتصريحات هؤلاء الأئمة .
ثالثًا: إن الحافظ ابن حجر عندما اختار استثناء ما ظاهره التعارض كان عليه أن يعين ذلك ، ويشير إلى الأحاديث التي هي متعارضة تعارضًا لا يمكن دفعه أصلاً ، من أي وجه من الوجوه؟ لتكون بين عيني الحفاظ المتأخرين عنه ، ولتجرى عليها أسس البحوث والمناقشات كما جرت على انتقادات من انتقدها قبل ، فتأتي بالنتيجة النهائية ، إما الحكم عليها بالتعارض حقيقة ، وإما الحكم بالذهول ، والقصور ، والعجز على مدى ذلك التعارض .
لأن العقول تتضاربُ والمدارك تتباين ، والمراتب العلمية تتفاوت ، فرب دليل يتعارض عند أحد ، مع أن غيره يجد له محملاً صحيحًا .

(6) بَيْن أحَاديث الصَّحيحين والخبر المشهور :
بعد تقرير أدلة القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع ، والمنكرين لذلك ، نأتي إلى أمر آخر وهو تحديد مرتبتي أحاديث الصحيحين والخبر المشهور من حيث الثبوت .
والذي نراه حقًا هو أن أحاديث الصحيحين أعلى مرتبة من الخبر المشهور . ودليلنا على ذلك من وجوه:
أولاً : إن المحدثين قد أطبقت كلمتهم على أن أعلى درجات الصحيح ما اتفق عليه الشيخان ، بل كاد أن يكون مجمعًا عليه عند المتبحرين . كما صرح به الشيخ اللكنوي .
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الصحيح مشهورًا أو غير مشهور .
ثانيًا : أحاديث الصحيحين متلقاة بالقبول ، وقال ابن حجر :
هذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر .
ولذلك أخر المشهور عن أحاديث الصحيحين عندما ذكر أنواع الخبر المحتف بالقرائن .
ثانيًا : أحاديث الصحيحين وقع على صحتها الإجماع كما سبق ، ودلالة الإجماع أقوى من الخبر المشهور كما صرح به الحافظ بدر الدين العيني .
فمقتضى هذه الأمورِ أن يكون الخبر المشهور الذي لا يوجد في الصحيحين أنزل مرتبةَ من أحاديث الصحيحين .

أهَم نتائج البَحْث
وأهم ما وصلنا إليه من النتائج بعد البحث هي:
(1) إن القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع جمع لا يستهان بهم ، ومن بينهم الحفاظ المحدثون ، والفقهاء المحققون .
(2) أدلة القائلين بإفادتها القطع في غاية من الاعتبار من حيث الأصول واطراد العادة .
(3) أدلة من قال بظنيتها بعضها في غاية من السقوط والوهن ، وبعضها قضايا جامدة ، ضيقة النطاق ، تلائم بمناهج أهل الكلام أكثر من أن توافق بطبيعة مقتضيات الشرع والعرف عند علماء الإسلام .
(4) إن الأحاديث المفيدة للقطع كثيرة ، من غير أن يتكلف في إطلاق التواتر عليها ، وتحقيقه فيها .
(5) كل ما أفاد العلم فهو متواتر ، سواءٌ حصل العلم بكثرة عدد المخبرين ، أو لصفة ديانتهم وأمانتهم ، أو لضبطهم وإتقانهم .
(6) ما انتقده بعض الحفاظ من أحاديث الصحيحين لا يلزم إخراجه من القطعية لمجرد هذا النقد لكونه متوجهًا إلى الأسانيد دون المتون ، ولكونه مخالفةً ضئيلةً غير قادحة في انعقاد الإجماع عند طائفة من الأصوليين .
(7) استثناء الحافظ ابن حجر ما ظاهره التعارض من القطع نظريه شخصية ضعيفة تحتاج إلى التمثيل الواقعي من أحاديث الصحيحين .
(8) أحاديث الصحيحين أقوى صحةً ، وأعلى رتبةً من الخبر المشهور وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
وبالله التوفيق .








 


آخر تعديل فقير إلى الله 2013-07-20 في 19:56.
رد مع اقتباس
قديم 2013-07-20, 19:21   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ملاك القدس
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ملاك القدس
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكراااااا

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-07-20, 23:02   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-19, 19:17   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
sinzohra
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

البسملة1البسملة1










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-20, 00:48   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
متهور
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية متهور
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لو قلنا جدلا بأن الأحاديث المعنية تفيد الظن ماذا ينجر عن ذلك بارك الله فيك؟؟؟










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-30, 17:59   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
paloma.laila
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

baraka allahu fik










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-30, 19:26   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
mohamed-22
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك للموضوع الرائع و المفيد










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-31, 02:07   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
فقير إلى الله
عضو محترف
 
الصورة الرمزية فقير إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-05, 16:29   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
houssem dix neuf
بائع مسجل (ج)
 
الصورة الرمزية houssem dix neuf
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخي










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-05, 21:23   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
حميتشي
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-06, 09:41   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
mpordz
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا
تحيتى










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-08, 14:22   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
gitajhd
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك اخي الغالييييييي
بالتوفيق










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-16, 10:25   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
العريي مروة
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2017-01-18, 10:21   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ابو نوح
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا









رد مع اقتباس
قديم 2017-01-18, 13:14   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
عبد الحميد 2
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أهل الحديث, منهج السلف الصالح, الصحيحين


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc