دراسة واقع جودة الخدمات في بنك البركة الإسلامي (وكالة عنابة) - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

دراسة واقع جودة الخدمات في بنك البركة الإسلامي (وكالة عنابة)

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-06, 18:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10 دراسة واقع جودة الخدمات في بنك البركة الإسلامي (وكالة عنابة)

إهداء


إلى الوالدين الكريمين حفظهما الله
إلى شقيقاي العزيزان على قلبي
إلى جميع أفراد أسرتي
إلى كل الأصدقاء والاقارب
إلى جميع من مد لي يد المساعدة من قريب أو بعيد




عوادي مهدي









 


قديم 2012-04-06, 18:53   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10

مقدمة عامة:

تعد البنوك الإسلامية جزءًا من النظام الاقتصادي الإسلامي، استطاعت خلال مسيرتها في الأربعين عاما الماضية أن تثبت للعالم، من خلال أدائها المتميز وشفافية أعمالها وقدرتها على التجديد والابتكار، أنها صناعة مالية راسخة ومرشحة لان تصبح من القوى الاقتصادية العالمية.
تسعى البنوك الإسلامية إلى تطبيق ما جاءت به الشريعة الإسلامية، التي تحرم كلّ أنواع الفائدة سواء كانت على القروض الاستهلاكية أو الاستثمارية، فهي ترى أنّ الفائدة المدفوعة على القروض الاستهلاكية تعد استغلالا للمحتاج، الذي اضطرته إلى البحث عن وسيلة أخرى ليسد حاجته وهي الاقتراض، كما أنّ هذه الفائدة المدفوعة على القروض الاستهلاكية ليست فعالة ولا تؤدي إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل تعتبرها سببا لظهور التضخم والبطالة في المجتمع وغيرها من الآفات الأخرى المتفشية، ومن جهة أخرى ترى أنّ هناك وسيلة أفضل لتوجيه الادخار نحو الاستثمار، وتتمثل في مبدأ تقاسم المخاطرة بين صاحب رأسمال والقائم بالعمل.
واشتدت نتيجة لذلك المنافسة بين مختلف البنوك التي أصبحت تسعى إلى الارتقاء بمستوى خدماتها، وتحسين أدائها إلى أقصى درجة ممكنة لمواجهة هذه المنافسة، وفي خضم ذلك برزت الجودة كإستراتيجية تعتمدها البنوك التقليدية والإسلامية على حد السواء، لتحديد المسار الصحيح لأداء العمليات الإنتاجية للخدمات التي ترضي إدراك وطموح العملاء، لذا أصبحت البنوك في بحث مستمر عن طرق لتقييم جودة الخدمات التي تقدمها لعملائها بهدف تحسين نوعيتها.
تهدف هذه الدراسة إلى تقييم جودة الخدمات المقدمة من طرف بنك إسلامي، وذلك من خلال وجهة نظر عملاءه ، ويهدف كل هذا إلى تحسين الخدمات المقدمة للعملاء وتطويرها والعمل على إرضائهم، وضمن هذا السياق فان الدراسة تهدف إلى:
- التعرف على تقييم العملاء لمستوى الخدمات البنكية الإسلامية المقدمة لهم من البنك، وذلك من ناحية إدراكهم لمستوى جودة الخدمات المقدمة لهم فعلا.
- توفر قاعدة معلومات تساعد إدارة البنك الإسلامي في قياس جودة الخدمات التي يقوم بتقديمها.
- تحديد أهم العوامل التي يوليها عميل البنك أهمية نسبية عالية، خاصة عند تقييمهم لجودة الخدمات، وذلك لمعرفة الفرص والنقائص.


- دراسة العلاقة بين جودة الخدمة المقدمة ورضا العملاء، ووفائهم للبنك الإسلامي.
- لفت انتباه الباحثين والدارسين إلى أهمية الاستفادة من تطبيق فلسفة إدارة الجودة الشاملة في مجال الخدمات البنكية الإسلامية، من اجل الوصول إلى تقديم خدمات عالية الجودة، خدمات متقنة تلبي حاجات ورغبات وتطلعات العملاء وتحقق الرضا والوفاء.

إشكالية الدراسة:

إن المشكلة المطروحة في هذه الدراسة تتمثل في الإشكالية التالية:
ما مدى إدراك العملاء لجودة الخدمات المقدمة لهم من طرف هذا البنك الإسلامي؟.
وللإحاطة أكثر بالموضوع سنحاول طرح الأسئلة الفرعية التالية:
- ما هو تعريف البنوك الإسلامية، خصائصها، مصادر أموالها؟.
- ماهي آلية عمل البنوك الإسلامية، والمخاطر التي تواجهها؟.
- ما معنى الخدمات البنكية، جودة الخدمات البنكية، وسلوك العميل البنكي؟.
- ما هي مختلف مراحل عملية تقديم الخدمات البنكية للعملاء؟.

فرضيات الدراسة:

تستهدف الدراسة الحالية اختبار الفرضيات التالية:
- يتميز البنك الإسلامي بخصائص جوهرية تؤدي إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منافذ لا تتحكم فيها أسعار الفائدة.
- الجودة أداة لتحسين أداء البنك الإسلامي وتعزيز مكانته في السوق ومجابهة المنافسة.
- إن تقييم عملاء البنك الإسلامي لمستوى جودة الخدمات المقدمة لهم فعليا من طرف هذا البنك عموما يكون ايجابيا.
- إن رضا العملاء اتجاه الخدمات التي يقدمها البنك الإسلامي يكون كبيرا.
- إن رضا عملاء البنك الإسلامي عن الخدمات المقدمة إليهم يؤدي بالضرورة إلى ولائهم لهذا البنك.


المناهج المتبعة وأدوات جمع المعلومات:

بهدف الإجابة على إشكالية البحث واثبات مدى صحة الفرضيات، تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي فيما يخص الجانب النظري، اعتباره ملائما لتقرير الحقائق وفهم مكونات الموضوع مع إخضاعه للدراسة الدقيقة وتحليل إبعاده.
بينما تم الاعتماد على منهج احصائي وصفي فيما يخص الجانب التطبيقي، وذلك من خلال إسقاط الدراسة النظرية على واقع الخدمات المقدمة من طرف البنك الإسلامي في الجزائر.
من خلال الاستبيان وضعنا استبيان كأداة لجمع المعلومات والبيانات المتعلقة بهذه الدراسة، وتم الاعتماد على أسلوب الاستقصاء من خلال المقابلة الشخصية، هذا الأسلوب الذي يعرف على أنه "مجموعة من الأسئلة المصممة لجمع أكبر قدر من البيانات اللازمة عن المشكلة أو الظاهرة محل الدراسة لتحقيق الأهداف الأساسية للبحث"،
حيث يتكون الاستبيان من جزئين، يحتوى الجزء الأول على متغيرات مستقلة وهي عبارة عن معلومات خاصة بالعميل، ويشمل الجزء الثاني أربعة وعشرون (23) عبارة تهدف إلى الوصول إلى تقييم آراء العملاء حول الخدمات المقدمة من البنك.
كما استخدمنا المعايير الإحصائية لتحليل نتائج الاستمارة والمتمثلة في: المتوسط الحسابي، والانحراف المعياري، والنسب المئوية. وقمنا بصب النتائج المتحصل عليها في جداول، وتم تمثيل هذه الجداول في إشكال بيانية متمثلة في الدوائر النسبية.

الدراسات السابقة:

 دراسة ناصر وآخرون (1999م):
تم توزيع 300 استمارة على عملاء البنك الإسلامي في الأردن بشكل عشوائي، وتم إرجاع 206 استمارة، وقد خلصت الدراسة إلى إن الغالبية العظمى من العملاء راضون عن معظم منتجات وخدمات البنك، كما بينت الدراسة إن الموظفون في البنك جزء أساسي وهام في عملية تقديم الخدمة، ويلعبون دورا هام في تحسين العلاقة بين البنك وعملائه، كما تشير نتائج الدراسة كذلك إلى إن معظم عملاء البنك راضون عن البنك، وعن تصوره وعن قدرة البنك على تقديم الخدمات على أحسن وجه وبالسرية المطلوبة.

 دراسة مطاوع والمصاوي (1998م):
لقد تم توزيع 400 استمارة على عملاء البنوك الإسلامية في البحرين، وتم تعبئة وإعادة 300 استمارة، وقد خلصت الدراسة إلى إن معظم عملاء البنوك الإسلامية مؤهلين بشكل جيد، كذلك خلصت الدراسة إلى إن العملاء راضين بشكل جيد عن الخدمة البنكية، التي تقدمها البنوك الإسلامية خاصة حسابات الاستثمار التي احتلت المرتبة الأولى في الرضا، كذلك فان موظفي البنك قد احتلوا المركز الأول في عناصر تقديم الخدمة، وأكثر معيارين تم اختيارهم للتعامل مع البنك هما العمل وفق الشريعة الإسلامية يليه معدل العائد.

التوثيق العلمي:

تم الاعتماد في انجاز هذا البحث على مجموعة من المراجع، حيث تتمثل في: البحث المكتبي (الكلب)، الدراسات السابقة (رسائل ومذكرات التخرج)، الملتقيات والمؤتمرات والمحاضرات، المواقع الالكترونية، والبحث الميداني من خلال توزيع الاستبيان الذي وزع على العملاء في البنك، وتقارير ودوريات الخاصة بالبنك.

المصطلحات الرئيسية:

البنك الإسلامي: مؤسسة بنكية تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطاتها الاستثمارية، وإدارتها لجميع أعمالها بالشريعة الإسلامية ومقاصدها وكذلك بأهداف المجتمع الإسلامي داخليا وخارجيا.
الجودة: مجموعة العوامل أو الخصائص التي يجب أن تتوافر في منتج أو خدمة معينة بهدف الوفاء بمتطلبات السوق.
الخدمة: الخدمات تتضمن كل الانشطة الاقتصادية التي مخرجتها ليست منتجات مادية تستهلك بشكل عام عند وقت انتاجها وتقدم قيمة مضافة وهي بشكل اساسي غير ملموسة بمشتريها الاول.


جودة الخدمة البنكية: معيار لدرجة تطابق الأداء الفعلي للخدمة مع توقعات الزبائن لها، أي أنها الفرق بين توقعات وادراكات الزبائن للأداء الفعلي لها
الرضا: المشاعر الوجدانية الايجابية ومشاعر السرور التي تصاحب العميل خلال حيازته على المنتج أو الخدمة، وما يترتب عن مدى تطابق الأداء المدرك الخدمة مع التوقعات المسبقة عنه. وان هذه المشاعر المؤقتة سرعان ما تتحول إلى اتجاه عام نحو الخدمة
الولاء: الوفاء ينتج عن انهماك أو انشغال العملاء في عمليات عقلية هدفها حل المشاكل التي تواجههم والتي تتضمن مقارنة بين الماركات الخدمية وخصائصها المختلفة مما يؤدي إلى اقتناع وتفضيل ماركة معينة وتكرار شرائها
بنك البركة: هو اول بنك اسلامي مشترك (بين القطاع العام والخاص) انشا بتاريخ 20 ماي 1991م، كشركة مساهمة في اطار قانون النقد والقرض، ومقره الرئيسي هو مدينة الجزائر العاصمة.

محتويات الدراسة:

لغرض الإحاطة بموضوع البحث والإجابة عن التساؤلات المطروحة، فانه تم تقسيم الموضوع إلى ثلاث فصول تشكل هيكله، وتتناول الجانب النظري والجانب التطبيقية حيث:
جاء الفصل الأول بعنوان مدخل إلى البنوك الإسلامية، يحتوي على ثلاثة مباحث تتناول عموميات حول البنوك الإسلامية، المعاملات المختلفة للبنوك الإسلامية، وإدارة المخاطر في البنوك الإسلامية.
اما الفصل الثاني فبعنوان تقييم كفاءة أداء الخدمات البنكية الإسلامية، والذي يحتوي على ثلاثة مباحث تحدثت عن الإطار الفكري للخدمات البنكية الإسلامية، مدخل إلى جودة الخدمات البنكية الإسلامية، وجودة الخدمة البنكية الإسلامية وسلوك العميل.
اما الفصل الثالث فتناول الدراسة التطبيقية للجانب النظري على الواقع من خلال بنك البركة الإسلامي.



صعوبات البحث:

واجهتنا العديد من الصعوبات أثناء انجاز هذا البحث، ولقد رأينا الإشارة إليها ليس رغبة من في إعطاء مبررات لنا عن القصور، الذي يمكن إن يشوب هذا العمل المتواضع، وامانا رغبة منا في لفت الانتباه إلى ضرورة تسهيل مهمة الباحث أو الطالب من مختلف الجهات المعنية، وتتمثل هذه الصعوبات في:
- ندرة الكتب أو الدراسات التي تعالج هذا الموضوع بشكل مباشر.
- صعوبة الحصول على المعلومات الميدانية، وعدم اكتراث المسؤولين بأهمية الموضوع المتناول للدراسة نتيجة لغياب ثقافة التسويق في المجتمع الجزائري بصفة عامة والمؤسسات الاقتصادية بصفة خاصة، مما اضطرنا لاستعمال طرق أخرى كالتوصية من قبل أشخاص ذوي نفوذ.










قديم 2012-04-06, 19:04   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10

الفهرس

كلمة شكر وتقدير.
الاهداءات.
قائمة الأشكال.
قائمة الجداول.
مقدمة العامة
الفصل الأول: مدخل إلى البنوك الإسلامية.
مقدمة
المبحث الأول: عموميات حول البنوك الإسلامية
المطلب الأول: مفهوم البنوك الإسلامية
الفرع الأول: نشأة وتطور البنوك الإسلامية
الفرع الثاني: تعريف البنوك الإسلامية
المطلب الثاني: البنوك الإسلامية، أنواعها، أهدافها، وخصائصه
الفرع الأول: أنواع البنوك الإسلامية
الفرع الثاني: أهداف البنوك الإسلامية
الفرع الثالث: خصائص البنوك الإسلامية
المطلب الثالث: أوجه التشابه والاختلاف بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية
الفرع الأول: أوجه التشابه
الفرع الثاني: أوجه الاختلاف
المبحث الثاني: المعاملات المختلفة للبنوك الإسلامية
المطلب الأول: مصادر أموال البنوك الإسلامية
الفرع الأول: المصادر المالية الداخلية
الفرع الثاني: المصادر المالية الخارجي
المطلب الثاني: استخدامات أموال البنوك الإسلامية
الفرع الأول: الإقراض
الفرع الثاني: الاستثمار
الفرع الثالث: معايير التمويل والاستثمار
المطلب الثالث: آلية عمل البنوك الإسلامية
الفرع الأول: التوظيف بناءا على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة
الفرع الثاني: التوظيف بناءا على مبدأ الهامش الربح
المبحث الثالث: إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية
المطلب الأول: مفهوم إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية.
الفرع الأول: تعريف المخاطر
الفرع الثاني: تعريف إدارة المخاطر البنكية
المطلب الثاني: أنواع المخاطر في البنوك الإسلامية
الفرع الأول: مخاطر كلية.
الفرع الثاني: مخاطر البيئة الاقتصادية العامة…
المطلب الثالث: آليات و أدوات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية
الفرع الأول: آليات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية
الفرع الثاني: أدوات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية
خلاصة
الفصل الثاني: تقييم كفاءة أداء الخدمات البنكية الإسلامية.
مقدمة
المبحث الأول: الإطار الفكري للخدمات البنكية الإسلامية
المطلب الأول: ماهية الخدمات البنكية الإسلامية
الفرع الأول: تعريف الخدمة
الفرع الثاني: تعريف الخدمات البنكية الإسلامية
المطلب الثاني: دورة حياة الخدمات البنكية الإسلامية
الفرع الأول: مراحل حياة الخدمة البنكية
الفرع الثاني: الاستراتيجيات التسويقية في مراحل الخدمة البنكية.
الفرع الثالث: تطوير الخدمات البنكية
المطلب الثالث: مزيج الخدمات البنكية الإسلامية وخصائصها
الفرع الأول: مزيج التسويقي للخدمات البنكية الإسلامية
الفرع الثاني: خصائص الخدمات البنكية الإسلامية
المبحث الثاني: مدخل إلى جودة الخدمات البنكية الإسلامية
المطلب الأول: مفهوم وأهمية جودة الخدمات البنكية
الفرع الأول: نشأة وتعريف الجودة
الفرع الثاني: تعريف جودة الخدمات البنكية
الفرع الثالث: أهمية جودة الخدمات البنكية الإسلامية
المطلب الثاني: أبعاد ومعايير جودة الخدمات البنكية الإسلامية
الفرع الأول: ابعاد جودة الخدما
الفرع الثاني: معايير جودة الخدمات البنكية
المطلب الثالث: إدارة الجودة الشاملة
الفرع الأول: تعريف إدارة الجودة الشاملة
الفرع الثاني: مبادئ إدارة الجودة الشاملة
الفرع الثالث: أهداف إدارة الجودة الشاملة
المبحث الثالث: جودة الخدمة البنكية الإسلامية وسلوك العميل
المطلب الأول: سلوك العميل البنكي
الفرع الأول: تعريف سلوك العميل البنكي
الفرع الثاني: العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على سلوك العميل البنكي
الفرع الثالث: تحقيق الجودة لإرضاء العميل
المطلب الثاني: سيرورة أداء الخدمة البنكية الإسلامية
الفرع الأول: مرحلة ما قبل الشراء
الفرع الثاني: مرحلة تقديم الخدمة البنكية
الفرع الثالث: مرحلة ما بعد تجريب الخدمة البنكية
المطلب الثالث: نماذج قياس وتقييم جودة الخدمة
الفرع الأول: مقياس الفجوة
الفرع الثاني: مقياس الأداء الفعلي
الفرع الثالث: مقياس أبعاد وعناصر جودة الخدمة
خلاصة
الفصل الثالث: دراسة واقع جودة الخدمات في بنك البركة الإسلامي.
مقدمة
المبحث الاول: الإجراءات المنهجية للدراسة
المطلب الأول: محددات، مجتمع وعينة الدراسة
الفرع الأول: محددات الدراسة
الفرع الثاني: مجتمع الدراسة وعينتها
المطلب الثاني: أدوات جمع البيانات وتحليلها
الفرع الأول: أدوات جمع البيانات
الفرع الثاني: أدوات تحليل البيانات
المبحث الثاني: تقديم عام لبنك البركة الإسلامي
المطلب الأول: نظرة على بنك البركة الإسلامي
الفرع الأول: نبذة عن مجموعة البركة الدولية
الفرع الثاني: نبذة عن بنك البركة الجزائري
المطلب الثاني: الهيكل التنظيمي لبنك البركة
الفرع الأول: الهيكل التنظيمي للمديرية العامة
الفرع الثاني: الهيكل التنظيمي للوكالة
المطلب الثالث: مجال نشاط وأهداف بنك البركة الإسلامي
الفرع الأول: مصادر أموال بنك البركة
الفرع الثاني: مهام بنك البركة الجزائري
الفرع الثالث: أهداف وخصائص بنك البركة الجزائري
المبحث الثالث: عرض وتفسير نتائج الدراسة
المطلب الأول: تحليل نتائج الدراسة
الفرع الأول: وصف خصائص العينة
الفرع الثاني: تقييم العملاء لجودة الخدمات المقدمة من البنك
الفرع الثالث: اختبار الفرضيات
المطلب الثاني: النتائج وتوصيات الدراسة
الفرع الأول: نتائج الدراسة
الفرع الثاني: توصيات الدراسة
خلاصة
خاتمة عامة
الملاحق.
قائمة المراجع










قديم 2012-04-06, 19:14   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10

الفصل الاول.

مقدمة:

يكتسي الحديث عن البنوك الإسلامية طابعا خاصا لأنه يخص علماء الدين وعلماء الاقتصاد، فنجد كثرة البنوك الربوية في الدول الإسلامية وتعارضها مع الدين الإسلامي، وكذلك تزايد النقد الموجه للنظام البنكي الربوي حتى من طرف الرأسماليين أنفسهم، لان الدائن يربح دائما في كل عملية، بينما المدين معرض للربح والخسارة، ومن ثم فإن المال كله في النهاية لابد أن يصبح في يد الذي يربح دائما، حيث نجد إن هذه النظرية في طريقها للتحقق الكامل.
ومع أن النقد الموجه لنظام الفائدة قديم إلا أنه في الآونة الأخيرة برز الاهتمام بهذا الموضوع على نطاق واسع، وقد زالت الغشاوة عن عدد من علماء الاقتصاد المسلمين الذين درسوا الاقتصاد الغربي، وأدركوا الضعف فيه وما مدى عدم كفاءة نظام الفائدة كأسس للاقتصاد، ومن هنا لجأ علماء الاقتصاد ينساقون ويتناغمون مع التطابق الخلقي والقيم الثقافية للمجتمع الإسلامي، فأوجدوا وسائل شرعية بديلة سواء في مجال الاستثمار أو التمويل، وأهم هذه الوسائل الشرعية "البنوك الإسلامية" التي أصبحت حقيقة واقعة ليس فقط في الحياة الأمة الإسلامية فحسب، ولكن أيضا في جميع بقاع العالم مقدمة بذلك بعدا اقتصاديا ذو طبيعة خاصة الأمر، الذي يدفعنا للتعرف عليها وهو الذي سنتطرق إليه في هذا الفصل من خلال: عموميات حول البنوك الإسلامية، المعاملات المختلفة للبنوك الإسلامية، وإدارة المخاطر في البنوك الإسلامية.


المبحث الأول: عموميات حول البنوك الإسلامية

دخلت البنوك الربوية إلى البلاد الإسلامية مع دخول الاستعمار إليها، وبقيت هذه البنوك تشتغل بعد الاستقلال، لكن معاملاتها تتعارض مع قيم ومبادئ العالم الإسلامي، حيث يحرم الإسلام التعامل بالربا تحريما قاطعا كما في قوله تعالى : " ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلربَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ ٱلْمَس ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلربَا وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلربَا".
أنشأت لذلك البنوك الإسلامية التي تقوم بالمعاملات المصرفية وغيرها من المعاملات المالية والتجارية، وأعمال الاستثمار وفقا الأحكام الشريعة الإسلامية، فهذه البنوك تجد البديل الإسلامي لكافة المعاملات لرفع الحرج عن المسلمين المتعاملين معها، وتيسير التبادل وتعزيز طاقة رأس المال لزيادة الإنتاج ودفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام.
وفي إطار هذا المفهوم سوف نتطرق من خلال هذا المبحث إلى: البنوك الإسلامية، أنواعها، أهدافها، وخصائصها، وكذا اوجه التشابه والاختلاف بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية.

المطلب الأول: مفهوم البنوك الإسلامية

تتميز البنوك الإسلامية بخصوصية تميزها عن باقي البنوك سواء بالنسبة للعملاء أو الأدوات الاستثمارية، فهي تعد ظاهرة من كبريات الظواهر في المؤسسات المالية في عصرنا الحالي، فقلما توجد اليوم دولة في العالم إلا وبين مؤسساتها المالية وجود بشكل أو بآخر للبنوك الإسلامية، فكان من الواجب قبل كل شيء التعرّف على نشاة وتطور البنوك الإسلامية، ثم التطرق الى تعريفها.

الفرع الأول: نشأة وتطور البنوك الإسلامية

تعتبر البنوك الإسلامية علامة بارزة من علامات هذا العصر، الذي يمكن أن يوصف بأنه عصر الرغبة إلى الإسلام والتوجه إليه. فيرى الدكتور "حسن صادق" حسن أن سبب نشأت البنوك الإسلامية كان نتيجة لدافع ديني بحت وشعور الغالبية العظمى من البلاد الإسلامية أن البنوك الموجودة فيها شبهة التعامل بالربا، هذا من جانب، ومن جانب آخر أن المد الإسلامي أصبح قاعدة واضحة في كثير من البلاد الإسلامية بعد استقلالها .
انشا أول بنك إسلامي بمدينة "ميت غمر" لمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر سنة 1963م، حينها لم يعلن صراحة من وجهة الإسلامية وسميت ببنوك "الادخار المحلية"، مؤسسها الدكتور"أحمد عبد العزيز النجار" رئيس الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، حيث كانت بمثابة صناديق ادخار وتوفير لصغار الفلاحين، وهي مستوحاة من النظام البنكي الألماني لكن بطريقة إسلامية، وقد استمرت هذه التجربة إلى غاية سنة 1967م معلنة بذلك انتهاء أول تجربة رائدة في البنوك الإسلامية .
وانشاء بعد ذلك بنك "ناصر الاجتماعي" سنة 1971م بالقاهرة، حيث يعدّ أول بنك ينص في قانون إنشاءه على عدم التعامل بالفائدة البنكية أخذا وعطاء، وقد كانت طبيعة معاملات البنك النشاط الاجتماعي وليس المصرفي بالدرجة الأولى، حيث مجال عمله تقديم الخدمات والمساعدات الاجتماعية الى جانب جمع وصرف الزكاة والقرض الحسن .
دعت مصر في فيفري 1972م إلى مؤتمر خبراء موسع لمناقشة الدراسة التي شاركت فيها عدة دول بما فيها الجزائر، وتم وضع الصيغة النهائية للدراسة التي سميت بـ "الوثيقة المصرية".
و التي عرضت فيها الأركان الأساسية للبنك الإسلامي و المتمثلة في:
 الأخذ بمبدأ المشاركة.
 خلو المعاملات التي يقوم بها البنك من أية محظورات شرعية والأخذ بالبدائل الشرعية للمعاملات الإسلامية المتعارف عليها.
 اشتمال البنك على صندوق الزكاة.
 إنشاء صناديق خاصة بالبنك كصندوق بيت المسلمين.
انعقد في ديسمبر 1974م المؤتمر الأول لوزراء مالية الدول الإسلامية الذي قرر البدء بإصدار تصريح بالعزم على إنشاء البنك الإسلامي، وكونت لجنة لإعداد مشروع البنك الذي سمى بـ "البنك الإسلامي للتنمية"، وهو مؤسسة دولية للتمويل الإنمائي وتنمية التجارة الخارجية وتوفير وسائل التدريب والقيام بالأبحاث اللازمة, وتشارك فيه جميع الدول الإسلامية لدعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية، ويتميز هذا البنك بأنه بنك حكومات لا يتعامل مع الأفراد من النواحي المصرفية.
انشاء في نفس السنة 1994م بنك "دبي الإسلامي" الذي يعتبر البداية الفعلية للعمل المصرفي الإسلامي لتقديمه لكامل الخدمات المصرفية، وتبعه في العام 1977م إنشاء "بنك فيصل المصري" وبنك "بيت التمويل الكويتي"، ثم بنك "البنك الإسلامي الأردني" للتمويل والاستثمار عام 1978م، فالبنك "العربي الإسلامي" الدولي عام 1997م، وهكذا ازداد عدد البنوك إلى أن بلغ عددها إلى أكثر170 بنك تنتشر في كل القارات تقريبا مع نهاية العام 1999م.
والآن نجد أن البنوك التقليدية العالمية عملت على فتح نوافذ أو فروع أو بنوك أسلامية مثل "سيتي بنك" و"لويدز" وغيرها من البنوك، مما يؤكد صلاحية النظام البنكي الخالي من الفائدة للتطبيق وإمكانية تفوقه على الأنظمة الاقتصادية السائدة في العالم .

الفرع الثاني: تعريف البنوك الإسلامية

تعددت التعاريف الخاصة بالبنوك الإسلامية نذكر وكانت متشابهة في مجملها من حيث الألفاظ و المعاني، كما سيتبين من خلال استعراض بعض من هذه التعاريف المختارة والمتمثلة في:
البنك الإسلامي هو مؤسسة مالية نقدية تعمل على جذب الموارد النقدية من أفراد المجتمع، وتوظيفها توظيفا فعالا يكفل تعظيمها ونموها في إطار القواعد المستقرة للشريعة الإسلامية، وبما يخدم شعوب الأمة ويحمل على تنمية اقتصادنا .

يعرف البنك الإسلامي على انه:" مؤسسة مصرفية لا تتعامل بالفائدة أي الربا أخذا أو عطاءا، فالبنك الإسلامي يتلقى من العملاء نقودهم دون أي التزام أو تعهد مباشر أو غير مباشر بإعطاء فوائد لهم، مع ضمان رد الأصل لهم عند الطلب وحين ما يستخدم ما لديه من موارد نقدية في أنشطة استثمارية أو تجارية، فإنه لا يقرض أحدا مع اشتراط الفائدة وإنما يقوم بتمويل النشاط على أساس المشاركة في الربح والخسارة " .

وحسب ما عرفه الدكتور عبد الرحمان يسري فانه:" مؤسسة مصرفية تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطاتها الاستثمارية، وإدارتها لجميع أعمالها بالشريعة الإسلامية ومقاصدها وكذلك بأهداف المجتمع الإسلامي داخليا وخارجيا" .
عرفت اتفاقية إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في الفقرة الأولى من المادة الخامسة البنوك الإسلامية بـ: "يقصد بالبنوك الإسلامية في هذا النظام، تلك البنوك أو المؤسسات التي بنص قانون إنشائها ونظامها الأساسي صراحة على الالتزام بمبادئ الشريعة، وعلى عدم التعامل بالفائدة أخذا وعطاء".

وجاء تعريف للبنك الإسلامي في "اقتصاديات النقود والصيرفة والتجارة الدولية" على أنه: "مؤسسة مصرفية هدفها تجميع الأموال والمدخرات من كل من لا يرغب في التعامل بالربا (الفائدة)، ثم العمل على توظيفها في مجالات النشاط الاقتصادي المختلفة، وكذلك توفير الخدمات المصرفية المتنوعة للعملاء بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، ويحقق دعم أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع" .

وعرفت البنوك الإسلامية بأنها: "كيان ووعاء، يمتزج فيه فكر استثماري اقتصادي سليم، ومال يبحث عن ربح حلال، لتخرج منه قنوات تجسد الأسس الجوهرية للاقتصاد الإسلامي، وتنقل مبادئه من النظرية إلى التطبيق، ومن التصور إلى الواقع المحسوس فهو يجذب رأس المال الذي يمكن أن يكون عاطلا" .

وترتكز فلسفة البنوك الإسلامية على عدم التعامل بالفائدة أخذا وعطاء، فهي تقوم بقبول الودائع المعروفة في البنوك التقليدية دون استخدام سعر الفائدة كعامل تعويض للمودعين، وإنما تستبدلها بحصة من الربح، كما أنها تقوم بتوظيفها في مجالات التوظيف والاستثمار التي تجيزها الشريعة الإسلامية والأساليب المشروعة أيضا .

وقد عرف الدكتور عبد الرحمان يسري البنك الإسلامي على أنه: "مؤسسة بنكية تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطها الاستثماري، وإدارتها لجميع أعمالها بالشريعة الغراء ومقاصدها، وكذلك بأهداف المجتمع الإسلامي داخليا وخارجيا" .


والملاحظة المستخلصة من التعريفات السابقة إن هذه الأخيرة ترتكز على النقاط التالية:
 إن البنوك الإسلامية جزء من النظام المصرفي ككل.
 إن البنوك الإسلامية تقوم بالوظائف والأنشطة التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية.
 إن البنوك الإسلامية تطبق الصيغ الخاصة بها في مجال توظيف مواردها المالية.
 إن البنوك الإسلامية تسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار مع قيامها بدور اجتماعي.

المطلب الثاني: البنوك الإسلامية، أنواعها، أهدافها، وخصائصها

تعددت أنواع البنوك الإسلامية وتسعى إلى تحقيق جملة من الأهداف المستقبلية، كما وتتميز بمجموعة من الخصائص تميزها عن بقية البنوك الأخرى، كل ذلك يجعلها بديل جيد عن النظام البنكي التقليدي. وعلى هذا الأساس سوف نتناول في هذا المطلب أنواع البنوك الإسلامية، أهدافها، وخصائصها.

الفرع الأول: أنواع البنوك الإسلامية

ان امتداد نشاط البنوك الإسلامية وازدياد حجم معاملاتها أدى إلى ضرورة تخصصها في أنشطة معينة، وعلى هذا الأساس نجد أن الكثير يستخدم مجال نشاط البنوك الإسلامية كأساس لعملية تقسيمها، وهي كالأتي:
1. بنوك إسلامية دولية:
تساهم في رأس مالها الدول أو الحكومات دون الأفراد والشركات، تهدف إلى عملية التنمية في الدول الأعضاء وغيرها، وتوفر جانبا من التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات الإنمائية، مثل "البنك الإسلامي للتنمية" وهو البنك الذي يهدف إلى التقدم الاجتماعي والاقتصادي للدول الإسلامية وفق الشريعة الإسلامية .
2. البنوك الاجتماعية:
يركز عملها عل تمويل بعض الحاجيات الاستهلاكية والاجتماعية التي تساهم في تحقيق التكافل الاجتماعي لأفراد المجتمع ، مثل بنك "ناصر الاجتماعي" الذي يتمثل غرضه الأساسي في تدعيم التعاون والتضامن الاجتماعي بين الأفراد، من خلال منح القروض الحسنة تقديم الإعانات والمساعدات تجميع الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية،...الخ .
3. البنوك التمويلية الاستثمارية:
تنشا أصلا لتكون مؤسسات مالية مع قيامها ببعض الخدمات البنكية المعتادة، مثل "بيت التمويل الكويتي" في دولة الكويت، الذي يقوم بأعمال التمويل المتعددة، كما تقوم بالمساهمة في القيام بالاستثمار بصورة مباشرة سواء بمواردها المالية الخاصة أو بالمشاركة مع الآخرين، وهو النوع الذي تحتاجه اقتصاديات الدول الإسلامية لمل له اثر ايجابي على التنمية الاقتصادية.
4. البنوك الائتمانية (التنموية):
تعنى بمجالات التنمية طويلة المدى، كالاستثمار في البنية التحتية إضافة إلى ارتيادها القطاعات الإنتاجية المختلفة، ويرى البعض أن انتشار هذا الصنف من البنوك الإسلامية سيؤدي إلى علاج الكثير من الأزمات التي تنجم عادة عن التمويل الخارجي .
5. البنوك التجارية:
تقوم بتعبئة الموارد المالية من مصادر فوائض المالية وتوظيفها في مجالات العمليات قصيرة الأجل، إضافة إلى تقديم الخدمات البنكية المختلفة.
ويرى البعض أن معظم البنوك الإسلامية هي من هذا النوع، الأمر الذي يؤجل مساهمتها في التنمية الاقتصادية إلى حين اعتمادها على الاستثمار المتوسط والطويل الأجل، متى سمحت طبيعة الودائع المتاحة لها، وزيادة نسبة رأس مالها إلى إجمالي أصول ميزانياتها.
6. البنوك المركزية:
تتمثل وظيفتها في إصدار الأوراق المالية للحكومة، والرقابة على الائتمان، والعمل على تطوير المهنة البنكية، وللإشارة فالبنوك المركزية الإسلامية موجودة فقط وحصرا في الدول التي أقدمت على أسلمت نظامها البنكي بالكامل مثل: إيران، باكستان، السودان .





الفرع الثاني: أهداف البنوك الإسلامية

يهدف البنك الإسلامي الى تحقيق أهداف، فرضتها الطبيعية الحركية لبنك وتجسيدا للقيم الإسلامية وتطبيقها للأهداف الشرعية في مجال المال والمعاملات الاقتصادية، ومن أهم هذه الأهداف:
1) الهدف الاستثماري:
تقوم البنوك الإسلامية بوظائف متعددة حيث، تؤدي وظائف البنوك التجارية وبنوك التنمية والبنوك الاستثمارية وبنوك الأعمال في نفس الوقت، مع استبعاد الربا في كل هذه المعاملات ، كما أنها تعمل على نشر الوعي الادخاري و تشجيع الاستثمار وعدم الاكتناز، وذلك بإيجاد فرص وصيغ عديدة للاستثمار تتناسب مع الأفراد والمؤسسات المختلفة وتتحدد معالم الأهداف الاستثمارية من خلال :
 العمل على زيادة النمو الاقتصادي ورفع معدل العمالة والقضاء على كافة صور سواء استخدام عوامل الإنتاج.
 العمل بكافة الطرق الشرعية على توسيع القاعدة الاستثمارية عن طريق الاستثمار المباشر، أو المساهمة في إنشاء الشركات بالاعتماد على طرق التمويل المختلفة .
 تقديم الاستثمارات االإقتصادية والفنية للمستثمرين لحفظ أموالهم من الضياع في مشاريع غير مربحة.
 تحسين الأداء الاقتصادي للمؤسسات التي تشرف عليها البنك والقضاء على الإسراف والتبذير.
 تطبيق الأسعار التوازنية للقضاء على الاحتكار والاستغلال الذي ينهب أموال المسلمين.
 العمل على تحقيق العدالة في توزيع النتائج الاستثمارية بين أصحاب عوامل الإنتاج، حيث يحصل كل منهم على العائد الذي يستحقه.
يمكن اعتبار الهدف الاستثماري هو القاعدة الأساسية لوجود البنوك الاستثمارية، حيث أن إلغاء الفوائد الربوية يجعل الاستثمار المباشر أو غير المباشر أنجع الطرق لضمان نشاط البنك.
2) الهدف التنموي:
تساهم البنوك الإسلامية بفاعلية في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية متكاملة في ظل المعايير الشرعية، وهي تنمية عادية متوازنة، وهذا ما يساعد الدول الإسلامية على التخلص التدريجي من التبعية الاقتصادية للعالم المتقدم، والمساهمة في حل مشكلة التنمية الاقتصادية بما يتماشى مع عقيدة الأمة، ويشكل حافزا قويا لاستغلال الطاقات الكامنة في المجتمع وتفجير قدرات الابتكار من خلال نموذج تنموي إسلامي شامل ومتميز.
وهذه العملية تأخذ العديد من الأبعاد نوجزها فيما يلي:
 السعي لإيجاد المناخ المناسب والكفيل باجتذاب واستقطاب الموارد المالية المتاحة في المجتمع، إضافة إلى الاستفادة من رأس مال الإسلامي المهاجر، بما يساهم في الفكاك من التبعية واستنزاف موارد الدول الإسلامية.
 تهدف البنوك الإسلامية إلى تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمتوازنة، وذلك من خلال التوظيف الكفء والفعال للموارد المالية.
 تعمل البنوك الإسلامية على توسيع دائرة العاملين في المجتمع، مع الإشارة إلى ما تفرزه استخدامات الأموال من أثار ايجابية كامتصاص البطالة، وتخفيض معدل التضخم اثر زيادة الإنتاج.
 يعمل البنك الإسلامي على إنشاء مشروعات استثمارية حيوية وانه تحسين مناخ الاستثمار العام بالاعتماد على دراسة الجدوى الاقتصادية.
ويتضح مما تقدم بان البنك الإسلامي عبارة عن أداة فعالة للتنمية الاقتصادية، فهو يقوم بتوظيف الأموال ليخدم مسار التنمية الاقتصادية ويحقق الربح في آن واحد، والسعي إلى الجودة في الخدمات البنكية والارتقاء بها إلى المنافسة الدولية، وابتكار خدمات بنكية جديدة تساعد في تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
3) الهدف الاجتماعي:
تعمل البنوك عند سياساتها الاستثمارية لتوظيف مواردها المالية على الموازنة بين تحقيق الربح، وبين تحقيق العائد الاجتماعي في آن واحد، وعليه فانه غير جدير بالبنك الإسلامي آن تنصرف اهتماماته أو اختياراته للمشروعات الاستثمارية ذات العائد المادي فقط، وإنما ينبغي له مراعاة الأثر الاجتماعي الايجابي لما تفرزه هذه الاستثمارات، من تقديم خدمات للمجتمع للتخفيف من معاناة أفراده، والمساهمة في حل بعض المشاكل القائمة في حياتهم.
ويمكن للبنك الإسلامي تحقيق الهدف الاجتماعي من خلال:
 ضرورة العمل الجاد والهادف لكسب ثقة المتعاملين معه، مما يعزز حظوظ الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي ومناشدة المواطنين للسلطات ومطالبتها بتطبيقه والعمل به.
 الإسهام في إنشاء مؤسسات ذات طابع اجتماعي كالمستشفيات، والمدارس، والمساجد، وملاجئ الأيتام...الخ.
 المساهمة في جمع الزكاة والصدقات وتوزيعها على مستحقيها، مما يؤدي إلى إحياء روح التكافل الاجتماعي، مما يعمق في أواصر المحبة والايخاء بين أفراد المجتمع، ومساهما في التقليل من مساوئ مظاهر الضغينة والتناحر.
 تقديم القروض الحسنة للمحتاجين لها في حدود القدر المالي المتاح.
 تمويل الحرفيين الصغار.
 مساعدة خرجي الجامعات على إنشاء مشاريع استثمارية .
4) تحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية:
تقبع الدول الإسلامية في دائرة التخلف الاقتصادي، حيث تعاني من التبعية للعالم الغربي، رغم أنها تملك مقومات وإمكانيات كبيرة لكن الأجواء السياسية حالت دون بلوغ التكامل الاقتصادي في العالم الإسلامي، لكن البنوك الإسلامية يمكن لها آن تلعب دورا مهما لإحداث التكامل المنشود/ من خلال تكثيف التعاون والتنسيق والتشاور فيما بينها (البنوك الإسلامية في كل دول العالم الإسلامي) وتوجيه وتنويع الاستثمارات في هذه الدول، إذ بإمكان البنوك الإسلامية الظفر بمدخرات الدول الإسلامية ذات الفائض المالي الكبير كدول الخليج العربي مثلا، وإعادة توظيفها في الدول الإسلامية التي تعاني من عجز مالي مما يسهم في تنمية اقتصاديات العالم الإسلامي.
تسعى البنوك الإسلامية في هذا الاطار إلى إيجاد المناخ المناسب لجذب رأس المال الإسلامي، وإعادة توطينه وتوظيفه داخل العالم الإسلامي، مما يساعد على الاعتماد الذاتي للدول الإسلامية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، من السلع والخدمات الأساسية التي تنتج داخل الدول الإسلامية.
5) إشاعة الثقافة البنكية الإسلامية:
يجهل الكثير من المسلمين وجود نظام اقتصادي إسلامي، وهنا يكمن دور البنوك الإسلامية في تعريف الجمهور باستخدامها لأدوات اقتصادية إسلامية مستوحاة من الشريعة الإسلامية، ونشر فكرة الصيرفة الإسلامية بأنها أصيلة ترتكز على داعم منهج اقتصادي رباني قائم منذ خمسة عشر (15) قرن بالوسائل الإعلامية المتطورة.
توجد سبل كفيلة وفعالة لإشاعة الفكر البنكي الإسلامي وإيصاله إلى ابعد المناطق الجغرافية، ضرورة فتح فروع للبنوك الإسلامية، والعمل على إنشاء معاهد تدريب، وتكوين للموظفين والإطارات، وتنظيم ندوات ومؤتمرات وملتقيات علمية لشرح فكرة البنوك الإسلامية وفلسفتها وطرق عملها...الخ .

الفرع الثالث: خصائص البنوك الإسلامية

تتمتع البنوك الإسلامية بدور هام في اقتصاد الدولة لكونه جهازا فعالا فيه، يعمل بكفاءة ويمكنه بذلك من منافسة المؤسسات البنكية والاستثمارية غير الإسلامية، ويساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، إلى جانب ما يحققه على المستوى الاجتماعي في تنمية التعاون والتكافل والإخاء بين أفراد المجتمع، مودعين ومستثمرين وعاملين في البنك، حيث أن البنك الإسلامي من أدوات تطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي في النظام الإسلامي في العصر الحالي، ولذلك نجد أن البنك الإسلامي له عدة خصائص تميزه عن بقية البنوك الأخرى والمتمثلة في:
1) إلغاء المعاملات الربوية:
يعمل البنك على آن تتماشى معاملاته البنكية مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأن يجد البديل الإسلامي لكافة المعاملات لرفع الحرج عن المسلمين لقوله تعالى: "أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا" .
ويعتبر هذا الهدف الأساسي من إنشاء البنوك الإسلامية إتباعا لقوله تعالى: "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة" .
تشكل هذه الخاصية المعلم الرئيسي للبنط الإسلامي وأساسها آن الإسلام حرم الربا فالإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا تجيزه ضرورة، وان الربا أخبث المعاصي وأشدها فتكا بالنظام الاقتصادي والاجتماعي للدول مصداقا لقوله تعالى:" ياأيها الذين آمنوا إتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين ..." .
استبعاد الربا وإزالته من المعاملات البنكية الإسلامية يعتبر تصحيحا لوظيفة المال في المجتمع، حيث يتيح البنك الإسلامي بتوظيف الموارد المالية في مجالات استثمارية مجدية اجتماعيا وماليا، وذلك من خلال صيغ استثمارية تتفاعل فيها عناصر الإنتاج بشكل فعال.


2) وجود الضوابط الأخلاقية لانتقاء المشروعات والتمويلات:
تعتمد البنوك الإسلامية على ضوابط شرعية أخلاقية لانتقاء المشروعات المحتاجة إلى التمويل، حيث تتم الدراسة من الناحية الأخلاقية، فإذا اجتازت هذه المشاريع اختبار النقاء الأخلاقي المتمثل في دراسة الجدوى الاقتصادية والمالية، ليتخذ بعد ذلك قرار التمويل وفق صيغة من صيغ الاستثمار الإسلامية، لذلك نجد آن البنوك الإسلامية تمول المشاريع الاستثمارية ذات الأبعاد الإنمائية، وهذه الخاصية ناشئة بالأساس من الالتزام الشرعي للصيرفة الإسلامية، وهي ترتبط بتعريفها وبسبب وجودها في الحياة الاقتصادية.
3) مرور التمويل من خلال النتائج والتداول:
تعتمد البنوك الإسلامية في إقراضها على قدرة المقترض على السداد، بالاضافة إلى الوفاء وهذه الخطوة تأتي من نفس المبادئ التمويلية الشرعية، فالتمويل الذي يقدمه البنك الإسلامي يشترط فيه آن يكون مخصصا لمشروع إنتاجي، يقدم خدمات للمجتمع أو ينتج سلعا أو يساعد على تداول السلع والخدمات بين أفراد المجتمع، وينشا عن اقتران التمويل والإنتاج اختفاء وزوال نوعين من التمويل، الأول التمويل العبثي، والثاني التمويل العام غير المحدد والذي كثيرا ما يساء استعمالها أو استغلاله.
4) إحياء فريضة الزكاة:
تعد الزكاة احد أركان الإسلام الخمسة، ومعناها اللغوي النماء و الزيادة والتطهير، فالأموال تحاج إلى عملية تطهير من خلال هذه الفريضة. والزكاة عبادة يقوم بها الأغنياء تجاه الفقراء من الناس وهي تشكل جانيا أساسيا في النظام الاقتصادي والاجتماعي في الإسلام، الغرض منه إلحاق العدل والعدالة والضمان الاجتماعي والتكافل الاجتماعي، وإفشاء روح التعاون في وسط المجتمع الإسلامي، وإعادة توزيع الثروات لاحتواء فجوة التفاوت في الداخل.
والبنوك الإسلامية وانطلاقا لما ورد في نظمها الرامية إلى التوفيق والجمع بين الغايات الروحية والغايات النادي في آن واحد، فإنها تعمل على ما من شانه آن يسهم في تحقيق لرفاه والتقدم للمجتمع الإسلامي، ولتحقيق هذا الهدف أقدمت غالبية البنوك الإسلامية على إنشاء صناديق متعلقة بجمع الزكوات وإيصالها إلى المستفيدين منها، وإقدام البنوك الإسلامية على تأدية هذه المهمة هو تأدية لهذه الفريضة، ناهيك عن الهدف الاقتصادي الذي تؤديه أموال الزكاة من تحريك وإنعاش للدورة الاقتصادية عن طريق استثمار أموال الزكاة وتنميتها.
5) تجنب التراكمات النقدية:
تتفادى البنوك الإسلامية عملية بيع الديون بغير قيمتها الاسمية، بغض النظر عن موعد استحقاقها، لان الفرق بين القيمة الاسمية للدين وقيمته الحالية أو السوقية التي يباع بها من الربا المحرم، ومن الواضح آن ذلك يدخل تحت لوائه جميع الأصول النقدية، سندات الحكومة، سندات الشركات، ديون وقروض، وتسهيلات بين البنوك لأنها بحكم تعريفها من أنواع واشمال الديون.
وعلى ضوء ما تقدم فان الصيرفة الإسلامية لا تتعامل في المعاملات التالية:
 خصم السندات والديون الآجلة.
 إعادة جدولة الديون والسندات المسطحة بزيادة قيمتها.
 تداول القروض والديون بين البنوك.
تتحاشى البنوك الإسلامية بمعنى ادق الدخول في معاملات تراكمات الأصول النقدية، كما هو الشأن في التعاملات التي تجري بين البنوك التقليدية، والتي نجم عنها الكثير من الهزات والأزمات في الاقتصاد العالمي.
6) ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية:
الاهتمام بالنواحي الاجتماعية أصل من أصول الاقتصاد الإسلامي، ويبتدئ هذا الأصل في السياسة المالية كحالة النظر إلى أهداف نظام الزكاة ومصارفها، وذا عمد البنك الإسلامي إلى الفصل بين التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، فانه يكون قد وضع هدف الربحية في هرم أولوياته متجاهلا العائد الاجتماعي، الذي هو احد المعايير الرئيسية ذات الصلة الوثيقة بين العقيدة والقيم الأخلاقية والتنظيم الاقتصادي الإسلامي، حيث لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية دون تحقيق التنمية الاجتماعية أولا، وإلا كانت تنمية مشوهة أو حتى عرجاء، لذا نجد إن البنوك الإسلامية ترتاد الاستثمارات التنموية ذات البعد الاجتماعي، مما يضفي عليها طابع البنوك الاجتماعية الاقتصادية.
7) عدم حبس المال واكتنازه:
يعمل البنك الإسلامي على تنمية المال واستثماره، باعتباره وكيلا عن أصحابه وتوظيفه توظيفا فعالا يخدم مصلحة المجتمع، إن حبس المال تعطيلا لوظيفته في توسيع نطاق الإنتاج وتوفير أسباب العمل، هي أمور تحتاج إلى سريان أو انسياب المال في المجالات الاستثمارية المتعددة، ومن المؤكد إن نسبة كبيرة من أموال المسلمين في الوطن الإسلامي تعتبر أموالا معطلة لا يستفاد منها، لان أصحاب هذه الأموال يتحرجون من التعامل الربوي السائد في البنوك التقليدية والتزامهم بمبادئ الدين الإسلامي، إلا إن انتشار البنوك الإسلامية وتمكنها من إثبات الذات في الساحة البنكية العالمية بتحقيقها لنجاحات في أوقات قياسية، دفع أصحاب الأموال المعطلة إلى استثمار مواردهم المالية المجمدة من خلال المشاريع التنموية التي ترتادها البنوك الإسلامية.
يمكن البنوك الإسلامية من تجميع فائض من الأموال الراكدة، وتوجيهها إلى مجالات الاستثمار في مشاريع إنمائية مختلفة، وبهذا تكون هذه البنوك قد حققت نجاحا ملحوظا في تحريك الأموال المعطلة وتحويلها إلى أداة فعالة في خدمة الاقتصاد، ورفعت الحرج عن أولئك الذين يرفضون التعامل بأسس الفائدة الربوية .

المطلب الثالث: أوجه التشابه والاختلاف بين البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية

تشترك البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية في أداء بغض الخدمات والأعمال البنكية، إلا إن ثمة اختلافات جوهرية في الفلسفة والرؤى والغايات والأهداف، ذلك ما سنراه في الفرعين التاليين، والمتمثلين في أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية.

الفرع الأول: أوجه التشابه

تتمثل أهم أوجه التشابه بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية في ما يلي:
1) أنها ذات طبيعة مالية وبنكية، أي أنها تقوم بالإعمال المتصلة بالجوانب المالية والبنكية، سواء اتصل الأمر بحصولها على الموارد التمويلية أو في استخدامها لهذه الموارد التمويلية، رغم الاختلاف في صيغ هذا الاستخدام للموارد، ولذلك يطلق على أي منها بنوك بسبب أنها تقوم بأعمال ذات طبيعة متماثلة، وتتضمن حصولها على الموارد المالية واستخدامه،ا ولكن بما يتفق وطبيعة كل من النوعين من البنوك.
2) تتماثل كل من البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية في التمسك باعتبارات السيولة والمخاطرة والربحية عند ممارستها لأعمالها وأنشطتها، إلا إن درجة التمسك هذه تكون اشد صرامة وقوة في حالة البنوك التقليدية، وأنها اقل من البنوك الإسلامية لصالح عملها ونشاطاتها من اجل تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية، وبما يضمن الإسهام في تطور الاقتصاد وخدمة المجتمع.
3) تتماثل البنوك الإسلامية مع البنوك التقليدية ببعض أوجه الاستثمار الذي يهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية، وهو الأمر الذي ينطبق على البنوك الاختصاصية، التي تستهدف تطوير وتنمية النشاطات والقطاعات الاقتصادية.
4) تتماثل البنوك الإسلامية مع البنوك التقليدية في عدم دفع فائدة لأصحاب الحسابات الجارية الدائنة، لان الهدف من الحسابات يتمثل بتمشية المعاملات الجارية (اليومية) وليس الحصول على عائد منها، ولان البنوك الإسلامية لا تتعامل بالفائدة لذا فإنها لا تتيح مشاركة هذه الحسابات في الأرباح، لأنها تحسب حين الطلب وتقل بذلك إمكانية استخدامها من طرف البنوك.
5) تتماثل البنوك الإسلامية مع البنوك التقليدية في خضوعها للرقابة المالية الداخلية والخارجية، المتمثلة في الجهات ذات العلاقة بما فيها هيئات الرقابة المالية، والتي يكون غرضها منع حصول الأخطاء، أو الانحرافات، أو التلاعب في العمليات التي تقوم بها هذه البنوك ومعالجتها في حالة حصولها .
6) تتفق البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية في الخضوع لإشراف ورقابة البنك المركزي، والالتزام بالقرارات الصادرة عنه فيما يتعلق لأعمال البنوك.
7) تتفق البنوك التقليدية والبنوك الإسلامية في تقديم وأداء الخدمات البنكية الخالية من شبهة الربا، والتي تجيزها الشريعة الإسلامية مثل: عملية فتح الحسابات الجارية، إصدار الشيكات، التحويلات المالية،...الخ.

الفرع الثاني: أوجه الاختلاف

يقول احد الاقتصاديين في وصفه للبنوك التقليدية " إن البنوك الربوية تجد لذتها وسعاته،ا وتجد حياتها في الضيق والأزمات التي تكتنف حياة الناس، وان توسعها وازدياد نشاطها مرهون إلى حد كبير بالخراب الذي يلحق بالآخرين".
يتضح من خلال هذا التعريف مدى خطورة الآثار الناجمة عم ممارسات النظام البنكي البري، مما يتطلب إزالته وإحلال البديل الإسلامي الكفيل بعلاج الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها العالم كله.
وفيما يلي أوجه الاختلاف بين البنوك التقليدية (الربوية) والبنوك الإسلامية:
1) بالرغم من اتفاقهما في هدف الحفاظ على المال وتنميته وتسهيل تداوله، فإنهما يختلفان في الأدوات والأساليب المعتمدة لبلوغ هذا المسعى، حيث تقوم جل عمليات البنوك التقليدية على أساس الفائدة الربوية، بينما تعتمد البنوك الإسلامية على آليات مستوحاة من الشريعة الإسلامية تقوم على مبدأ المخاطرة الذي هو لب الاختلاف بينها وبين البنوك التقليدية التي تعتمد على الإقراض المضمون الأصل والفائدة .
2) نجد إن البنوك الإسلامية تقبل الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) لا يدفع البنك الإسلامي عنها فوائد أو أرباح، وقد يستثمرها البنك الإسلامي وتعود الأرباح على المساهمين، أما استفادة صاحب الحساب تتمثل في إمكانية الاستفادة من القروض الحسنة، وأولوية الاكتتاب في أسهم بعض الشركات، وقد يحصل البنك الإسلامي على مصاريف ايدارية عن الحسابات التي يقل رصيدها عن حد معين مثل: أجرة البريد و البرق.
تقبل البنوك الإسلامية الودائع الاستثمارية سواء كانت ودائع ثابتة، أو ودائع بأخطار، أو ودائع ادخار، أو صندوق التوفير كما هو الحال في البنوك التقليدية، ولكن لا يعطي عنها فائدة. حيث إن هذه الفوائد تكون بغرض الاستثمار، فالعميل يفوض البنك الإسلامي باستثمار الوديعة في المشروعات التي ينفذها أو يشارك فيها، ويشارك العميل البنك في الأرباح أو الخسائر طبقا للقواعد التي يعلنها البنك الإسلامي .
3) كل أصول البنوك التقليدية عبارة عن ديون وحقوق قبل الغير، بينما يختلف الأمر في البنوك الإسلامية حيث تتكون أصولها من أصول عينية ومشاركات في أصول عينية، وباستقراء ميزانية احد البنوك الإسلامية وأخرى لأحد البنوك التقليدية يتضح الاختلاف التالي:
 عدم ظهور بند القروض والسلفيات في ميزانية البنك الإسلامي، وان ظهر فيكون منصرفا إلى قروض حسنة بدون فوائد أو كمبيالات مخصومة.
 يكون التمويل الاستثماري بالمضاربة والمرابحة والمشاركة، وغيرها من صيغ التمويل جابا هاما من أصول البنك الإسلامي.
 تمثل حسابات الاستثمار المشترك المخصص نسبة كبيرة من مجموع مطلوبات البنك الإسلامي.
 تتضاءل معاملات البنوك الإسلامية مع البنوك التجارية، لان معظم العمليات بين البنوك تتم بفوائد، وهو ما يتعارض مع طبيعة عمل البنوك الإسلامية .
4) تتسم البنوك الإسلامية بتنوع أنشطتها فهي تجارية واستثمارية وتنموية، وتقوم بأعمال خدمية واجتماعية وهي بنوك شاملة ومتعددة الأغراض وليست بنوك تجارية بحتة، فهي كيان مركب من البنوك التجارية وبنوك الاستثمار وشركات الاستثمار، ويمكنها إن تقدم تشكيلة واسعة من الخدمات إلى عملائها.
5) البنك الإسلامي أكثر تأثيرا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، لاعتماده على النشاط الاستثماري الإنتاجي، بخلاف البنك التقليدي الذي يهتم أساسا في ارتياد النشاط المالي.
6) تخضع البنوك التقليدية إلى الرقابة البنكية (رقابة داخلية وخارجية ورقابة مركزية)، أما البنوك الإسلامية فإنها تخضع إلى جانب الرقابة البنكية الى صور أخرى من الرقابة، وهي رقابة ذاتية نابعة من الورع الديني والمحاسبة الذاتية الإيمانية، ومن هيئة الرقابة الشرعية ورقابة المودعين.
7) لا تقوم البنوك الإسلامية بعملية توليد النقود البنكية التي تعتبر إحدى الوظائف الرئيسية للبنوك التقليدية، لمل ينجم عنها من اثأر تضخمية وخيمة على الاقتصاد الوطني .










قديم 2012-04-06, 19:20   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10

المبحث الثاني: المعاملات المختلفة للبنوك الإسلامية

تعتبر البنوك أداة مهمة وضرورية في عملية التنمية الاقتصادية، وذلك باعتبارها الجهة أو الهيئة الأكثر إسهاما في إمداد الاقتصاد بالتمويل اللازم وفي الوقت الملائم.
وبما إن البنوك لا تمتلك الموارد المالية الذاتية الكفيلة بتغطية متطلبات الدولة لتنفيذ خطة التنمية، فانه يقع على كاهلها باعتبارها وسيطا ماليا تعبئة اكبر قدر ممكن من الموارد المالية، من مختلف مصادر الفائض المالي واستخدامها في استثمارات أو تقديمها في صورة تمويل لمشروعات التنمية، كما تعمل على إنمائه بالشكل الذي يعود بالنفع على جميع عناصر الإنتاج داخل الدولة.
وفي إطار هذا المفهوم سوف نتطرق من خلال هذا المبحث إلى: مصادر أموال البنوك الإسلامية، استخدامات أموال البنوك الإسلامية، وآلية عمل البنوك الإسلامية.

المطلب الأول: مصادر أموال البنوك الإسلامية

تنقسم الموارد في البنوك الإسلامية إلى قسمين، موارد داخلية وأخرى خارجية، كلها تساعد على تكوين القدرة الاستثمارية للبنك الإسلامي، وتتأثر هذه الموارد بالوضع الاقتصادي، ولكل مورد منها طبيعة خاصة به تحكمه وشروط معينة تستدعي التعامل معه.

الفرع الأول: المصادر المالية الداخلية

تتضمن مصادر أموال البنك الإسلامي الذاتية تلك الأموال الناتجة عن مساهمات أصحاب البنك، أي المساهمون في شركة البنك الإسلامي، والأموال الناشئة عن نتائج أعماله كالاحتياطات النقدية التي يحتفظ بها البنك التزاما بالقوانين السائدة، وذلك الجزء من الأرباح التي يحققها البنك من نشاطه ولا يوزعها على مساهميه، وفيما يلي تفصيل لهذه المصادر:
أولا: رأس المال.
يعد راس المال مصدر ذاتي أساسي لبدئ النشاط البنكي، واستخدامه في مختلف أوجه الاستثمارات ويمثل قيمة الأموال التي يشترك بها المساهمون عند تأسيس البنك، وأية إضافات مستقبلية تطرأ على مقداره تكون عن طريق إصدار أسهم جديدة للاكتتاب، وتجدر الإشارة هنا إن على البنك الإسلامي مراعاة كفاية المال المكتتب به، حيث لا يمكنه التوسع باستثمار الودائع الجارية لأنه لا يعطي فائدة عليها، ولا يمارس عمليات التمويل إلا على أساس الاستثمار بالمشاركة في الغنم والغرم، وعلى أساس سلع يلزمها الوقت لتتحول إلى سيولة" .
ويعتبر رأس المال نسبة ضئيلة من إجمالي المصادر المالية للبنك الإسلامي والبنوك الأخرى بصفة عامة، مقارنة بإجمالي الأموال المستخدمة في العمليات الاستثمارية، ومرد ذلك إن النسبة الكبيرة من أموال البنوك تتمثل في الودائع المعبأة بمختلف أنواعها .
كما يعتبر رأس المال مهما في عمل البنوك الإسلامية لأنه يحقق ما يلي:
أ‌. توفير التمويل اللازم للبنك لممارسة عمله ونشاطه وخاصة في المراحل الأولى لإنشائه، والتي لا يتاح فيها الوقت الكافي للبنك للحصول مصادر تمويل خارجية، وبالتالي فانه يعتمد على موارده الداخلية والتي هي رأس ماله أساسا، لأنه لم يتكون بعد في البداية احتياطات وارباح محتجزة وغيرها من الموارد الذاتية.
ب‌. إن رأس المال يوفر الأمان والحماية المطلوبة للأموال التي يتم ادعاها لديه، ذلك إن رأس المال يتم الاستناد إليه في تلبية طلبات المودعين بحسب ودائعهم لدى البنك، والتي قد تزيد عن الاداعاة الجديدة، وعادة ما يتم تحديد نسبة معينة من رأس المال إلى الودائع لديه بموجب القوانين ذات الصلة بعمل البنوك، أو إن البنوك ذاتها تصل إلى مثل هذه النسبة الضرورية لحماية أموال المودعين، وتوفير الأمان والاطمئنان لديهم، حيث كلما زادت هذه النسبة كلما زادت الثقة والأمان لدى المودعين في البنك والعكس.
ينبغي إن لا تقل على حد معين كان تكون نسبة رأس المال إلى الودائع من 10 إلى 15% سواء وضع الحد بقانون أو نتيجة الممارسات العملية للبنك، والتي تعتمد على طبيعة الودائع وأشكالها وحركة الاداع فيها، والسحب منها وسرعة هذه الحركة وانتظامها ومدى التناسب بين السحب والاداع وما إلى ذلك.
ت‌. إن رأس المال يعتبر المصدر التمويلي الأساسي الذي يتم الاستناد إليه في تكوين الموجودات الرأسمالية الثابتة (آلات، أجهزة، أبنية، أثاث، ...الخ) لدى البنك، لان استخدام الموارد في ذلك مستمر ولا يرتبط بفترة معينة، وإنما فترة الاستخدام هذه تمتد مع استمرار البنك في ممارسة مهامه ونشاطاته، وبالتالي من غير الممكن الاعتماد في تمويل تكوين الموجودات الرأسمالية الثابتة على هذه المصادر الخارجية للتمويل، أي المصادر المالية من الغير، لأنها ترتبط عادة بفترة زمنية معينة تبقى محدودة حتى وان كانت طويلة الأجل لأنها لا يمكن إن تمتد مع عمر البنك وممارسته لعمله.
ث‌. إن رأس المال الخاص بالبنك يوفر الضمان اللازم لامتصاص الخسائر، التي يمكن إن يتعرض لها البنك في ممارسة عمله ونشاطه، سواء كانت الخسائر التي قد تتحقق نتيجة عوامل ترتبط بالبنك ذاته في إدارته وممارسة نشاطه، أو في العوامل التي تتحكم في هذا العمل، وبالذات ما يرتبط منها بالحالة الاقتصادية العامة التي يعمل البنك في إطارها، والتي منها حالات الانكماش والكساد في الاقتصاد، التي يمكن إن تأثر سلبا على عمل البنك ونشاطاته بالشكل الذي يلحق به خسائر يتم امتصاصها اعتمادا على رأسماله، ودون إن تلحق ضررا بالمودعين أي دون إن تمتد هذه الخسائر إلى ودائعهم.
لا يوجد حجم أو نسبة معينة من رأس المال تعتبر نسبة أو حجم، امثل سواء بالقياس إلى ومجوداته ومطلوباته أولى الودائع إليه، وإنما يتحدد هذا استنادا إلى ظروف عمل البنك التي تحكمها عوامل داخلية وعوامل ترتبط بالبيئة التي يعمل فيها.
ثانيا: الاحتياطات.
نظرا لطبيعة عمل البنوك الإسلامية كمؤسسات مالية، فعليها اخذ كل التدابير الضرورية لمواجهة أي احتمال سلبي قد يؤثر على أدائها ونشاطها.
توجد فالبنوك الإسلامية احتياطات خاصة، كما تفرض عليها احتياطات إجبارية من قبل السلطة النقدية، لتدعم رأس مال البنك وتحفظه من الاقتطاعات الناشئة من الخسائر، وعاملا من عوامل الضمان بالمسبة للمودعين في الحسابات الجارية .
ويقصد بالاحتياطات تلك المبالغ التي يتم تجنبها (اقتطاعها) من أرباح البنك في شكل احتياطي قانوني أو احتياطي اختياري خاص، بهدف دعم المركز المالي للبنك وتقويته، وتتضمن القوانين الأساسية للبنوك قواعد تكوين الاحتياطي القانوني، وتقوم البنوك الإسلامية بتكوين الاحتياطات المختلفة اللازمة للمحافظة على رأسمالها وعلى ثبات ودائعها وموازنة أرباحها.
وتنقسم الاحتياطات في البنوك الإسلامية إلى عدة أنواع هي: الاحتياط القانوني، الاحتياط النظامي، الاحتياط الاختياري.
1) الاحتياطي القانوني: يتحدد الاحتياطي القانوني بالنسبة للبنوك عموما في انه: "ضمان لدائني الشركة يأخذ حكم رأس المال، فلا يجوز للشركة التصرف فيه أو توزيعه على المساهمين في السنوات المالية التي تحقق فيها الأرباح".
2) الاحتياطي النظامي: يعتبر احتياطيا نظاميا عندما يتضمن عقد البنك أو نظامه الأساسي نصا يقتضي بتكوين احتياطي يخصص لمواجهة الأهداف التي يحددها النظام، ويسمى في هذه الحالة الاحتياطي النظامي، نظرا لان نظام البنك هو الذي يقتضي به، وعلى خلاف الاحتياطي القانوني الذي يقرره القانون.
3) الاحتياطي الاختياري: وهو الاحتياطي الذي تقرره إدارة البنك لمجابهة نفقات طارئة، وقد لا يأخذ به في البنوك الإسلامية لأنه ذو طابع اختياري.
يتضح مما سبق انه ينبغي على إدارة البنوك الإسلامية، إن تقوم بتكوين الاحتياطات المختلفة المشروعة والضرورية لتقوية المركز المالي، ودعمه بطرق تساعدها على أداء رسالتها على أكمل وجه .
ثالثا: الأرباح المحتجزة.
تعني الجزء من الأرباح التي يتم احتجازها لإعادة استخدامها لدعم المركز المالي للبنك وتقويته، وتشكيل احتياطات منها لاحقا لضم الأرباح المحتجزة إلى الاحتياطات فيما بعد، وهي الأرباح التي يتقرر توزيعها على المساهمين باستلامها، حيث لا يمكن في هذه الحالة اعتبارها أرباحا محتجزة، لان الأرباح المحتجزة هي التي يتقرر الاحتفاظ بها من اجل استخدامها في نهاية الأمر في زيادة رأس مال البنك لإجراء التوسع في عمله ونشاطه.
يعتمد القدر من الذي يمكن احتجازه من الأرباح على القدر من الأرباح التي يحققها البنك جراء نشاطه، وكذلك مدى حاجته للمساهمين لتوزيع مثل هذه الأرباح مقارنة بحاجة البنك لاحتجاز مثل هذه الأرباح، والتي تقررها سياسة البنك وإدارته بما في ذلك الهيئة العامة للبنك التي تمثلها اجتماعات المساهمين الدورية ومجلس الإدارة، الذي يمثلها في وضع مثل هذه السياسات في ضوء الأسس القانونية التي تحكم ذلك والأسس والمبادئ الشرعية التي تحكم عمل البنوك الإسلامية، حيث إن احتفاظ البنوك الإسلامية بجزء من الأرباح لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، نظرا لكون إن البنك الإسلامي مضاربا بأموال المودعين، وهذا يتيح له احتفاظه بجزء من الأرباح المحققة لمواجهة الحالات التي يمكن إن تواجه البنك عند ممارسة عمله ونشاطه، وهو أمر يرتبط بتوفير موارد مالية تكون تحت تصرفه لحماية أموال المودعين وتلبية سحوباتهم وبالذات في الظروف الغير عادية .



الفرع الثاني: المصادر المالية الخارجية

تقوم البنوك الإسلامية باعتبارها أولا بنوكا لتعبئة الفائض الاقتصادي النقدي، وتحريكه من مواطنه التي ليست في حاجة إليه إلى المواطن الأخرى التي تحتاج إليه، ومن هنا ترفع من اقتصاديات وإنتاجية هذا الفائض الغير مستغل في المجتمع، وإنمائه بالشكل الذي يعود بالنفع والخير على الجميع. وحتى تقوم البنوك الإسلامية بممارسة نشاطها وبفاعلية كاملة يتعين إن يتوفر لديها كم مناسب من الموارد المالية النقدية، وهو الدور الذي تبذل من اجله الجهود.
تعني كلمة وديعة: "مبلغ نقدي يدفع لشخص ويودع كمبلغ دائن في حساب ذلك الشخص، بشروط تقتضي سداد الوديعة أو بتحويلها إلى حساب آخر بفائدة أو علاوة، ما عند الطلب أو في وقت يتفق عليه المودع وذلك الشخص أو يتفق عليها نيابة عنهما" .
وعرفت كذلك علة انها: "المال المدفوع الى من يحفظه بمقابل أو بدون مقابل، مع الملاحظة هنا ان المال لا يعني النقود فقط" .
يرى البعض ان كلمة "الوديعة" في البنك الإسلامي لا تندرج تحت المعنى السابق، فهي أما إن تكون قرضا عليه (حساب ائتمان) أو مدفوعة له غلى أساس المضاربة ( حساب استثمار).
يدرج رأي آخر لفظ "الوديعة" ضمن المشكلات المرتبطة بالبنوك الإسلامية وهي مشكلة متعلقة بحسن اختيار المصطلحات والحسابات البنكية الملائمة، حيث إن استخدام مصطلح " الوديعة" وان كان شائعا فهو غير مناسب لان "الوديعة" تكون مضاربة ولذا من الأفضل إن تستبدل بعبارة "أموال قرض" أو "أموال قراض" أي مضاربة "دائنة" أو "مدينة".
يضيف باحث آخر إن "الوديعة" سميت بغير حقيقتها فهي لا تعتبر "وديعة" لان البنك لا يأخذها كأمانة يحتفظ بها بعينها ليردها إلى أصحابها، بل يستعملها ويستهلكها في أعماله ويلتزم برد المثل.
فيما يلي نستعرض أهم مصادر التمويل الخارجية الخاصة بالبنوك الإسلامية:
أولا: الودائع الجارية (تحت الطلب)
تعرف الودائع الجارية على أنها: " المبالغ التي يضعها صاحبها في البنك ويحق له سحبها كاملة في اي وقت يشاء، سواء كان السحب نقدا أو عن طريق استعمال الشيكات أو اوامر التحويلات البنكية لعملاء آخرين، ولا تدفع البنوك عليها اي عائد لعدم ثبات رصيدها الذي يصبح صفر في اي لحظة، مما لا يعطي البنك الفرصة لاحتسابه ضمن خطته في الاستثمار" .
وعليه فمن جهة نظر العملاء فان الغرض من هذه الودائع إن تستخدم كوسيلة للمعاملة، المدفوعات، والسيولة. ولجذب الودائع تعمل البنوك على تقديم حوافز، جوائز، منح نقدية، منح عينية، الإعفاء أو التخفيف من دفع العمولة والرسوم، وحق الأولوية في الاستفادة من التسهيلات البنكية .
ولما كانت هذه الودائع مودعة لدى البنك الإسلامي على سبيل الأمانة تحت الطلب، فان البنك الإسلامي باعتباره مؤتمنا أو أمينا على هذه الأموال له إن يسلم في سبيل ذلك طريقتين هما:
الطريقة الأولى: إنماء هذا المال وتوظيفه ولكن بالشكل الذي يجعله في صورة اقرب إلى السيولة، بحيث يمكن تسييله بسرعة لمواجهة الحاجة غير المتوقعة لأصحاب الودائع الجارية، واهم سبل التوظيف الإسلامي في هذا المجال الأسهم التي تصدرها الشركات ومقيدة في البورصات. ومن هذه الإيرادات يمكنه إن يدفع لأصحاب الودائع الجارية عائدا يطلق عليه عائد تنمية الأمانة .
الطريقة الثانية: يحتفظ البنك الإسلامي بأموال الودائع الجارية كسائل لضمان قدرته على مواكبة حركة حسابات الوديعة تحت الطلب، والمساهمة في تمكينه من تغطية طلبات المودعين للودائع الثابتة (الاستثمارية) في الآجال المحددة لسحبها.
الطريقة الثالثة: يقوم البنك الإسلامي بتقديم القروض من مال الودائع الجارية لعملائه، وتقديم التسهيلات لا على أساس الاستثمار وإنما لتقديم المساعدة الطارئة الضرورية .
الأصل في خدمة الودائع الجارية هو خدمة العملاء الذين يقومون بممارسة أنشطة اقتصادية، وغير اقتصادية تحتاج إلى التعامل بالشيكات، والى تسوية التزاماتهم وأدائها بهذه الطريقة فضلا عن إشباع دوافع أخرى عديدة من بينها ما يلي:
• المحافظة على الأموال من مخاطر السرقة، الضياع، والحريق، ...الخ.
• تقليل تكاليف حماية هذه الأموال وحراستها وتحميلها للبنك.
• ضمان وفرتها وسيولتها وتوفيرها عند الحاجة.
• متابعة أرصدتها والحصول على بيان بحركتها وتخطيط الإنفاق منها.

• أداء الالتزامات الدورية والغير الدورية والتي تستحق، واستخدام أوامر الدفع البنكية، والتعليمات المستديمة والمؤقتة للبنك، ذلك بأقل التكاليف وأسرع الوسائل .
ثانيا: الودائع الادخارية (حسابات التوفير)
تتضمن خصائص هذه الوديعة النوعين السابقين فهي تلتقي مع الوديعة الأولى في إمكان السحب منها متى شاء المودع، ومع الوديعة الثانية في إمكان إن تدخل في مجال المضاربة .
عرفت الودائع الودائع الادخارية على أنها: "حسابات يقوم أفرادها بفتحها لحفظ الأموال الزائدة على استهلاكهم الحالي وذلك بغرض ادخارها لظروف مقبلة، ويسمح لهم في العادة بالسحب منها في أي وقت مع ضمان ردها كاملة".
عرفت على أنها: "المبالغ التي يضعها المودع في البنك ويحق له سحبها كاملة متى شاء، ويمكن تفويض البنك الإسلامي لاستثمارها على أساس المضاربة" .
من خلال التعريفين السابقين نرى إن البنوك الإسلامية تعمل على تشجيع الادخار، والتوفير، واستقطاب المدخرين لديها لما له من أهمية في التنمية الاقتصادية، وتعمل البنوك الإسلامية على تقديم الحوافز لهم وذلك من خلال تحقيق عوائد على الأموال المدخرة وفق عقد المضاربة معهم، مع حفظ حق المودعين بالسحب من ودائعهم متى شاءوا.
تختلف البنوك الإسلامية من حيث أنها تدفع عليها فوائد محددة مسبقا، وكما هو الحال بالنسبة لبقية أنواع الودائع، فان البنوك التقليدية تضمن كامل قيمة الوديعة، أما البنوك الإسلامية فيتم تقسيم الوديعة الادخارية إلى قسمين:
• جزء قابل للسحب النقدي.
• الجزء الثاني من الوديعة لغايات الاستثمار العام.
ينظر البنك الإسلامي إلى الجزء الأول كأنه أمانة مضمونة قابلة للرد وقت ما يشاء المودع، أما الجزء الثاني كوديعة استثمارية ثابتة مشروطة بعقد المضاربة، يستخدمها البنك الإسلامي في استثماراته بهدف تحقيق ربح لصغار المدخرين، وبالتالي تعظيم أموالهم بطرق مشروعة .
إن قبول البنوك الإسلامية لهذه الودائع يمكن إن يكون تحت احد الأمرين:
1) ودائع التوفير مع التفويض بالاستثمار: وهي إن يودع المتعامل أمواله في حساب التوفير وان يستفيد من دفتر توفير يتضمن حركة الحساب (إيداع – سحب) والرصيد، وللمودع الحق في الإيداع والسحب في أي وقت يشاء، ويتحصل هذا المودع على نصيبه من الربح (في حالة تحققه).
2) ودائع التوفير دون التفويض بالاستثمار: وهي مشابهة للودائع الجارية التي لا تتحصل على الأرباح، وللمودع الحرية الإيداع والسحب في أي وقت يشاء، ويستفيد من دفتر توفير متضمن لحركة العمليات البنكية المختلفة.
يرى الباحث إن الاختلاف بينها وبين الحساب الجاري، إن صاحب الحساب الجاري له الحق في إصدار أمر بالدفع للغير، بينما صاحب حساب التوفير لا يحق له ذلك إلا في حالة استثنائية واحدة، وهو السماح للأشخاص المذكورة أسماءهم مع اسم صاحب الحساب في استمارة فتح الحساب.
ثالثا: الودائع الاستثمارية (الحسابات الاستثمارية)
تعرف الودائع الاستثمارية على أنها:" الأموال التي يضعها أصحابها لدى البنك بغرض تحقيق الربح، من خلال قيام البنك بتوظيفها واستثمارها سواء بصورة منفردة أو مشتركة وسواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة".
تسمي كذلك الودائع لأجل "وهي التي لا يطالب بها أصحابها إلا عند حلول الأجل المتفق عليه مع البنك، الذي يستفيد منها طيلة المدة المودعة لديه في توظيف وخدماته" .
يمثل هذا النوع من الودائع اكبر الموارد بالنسبة للبنك الإسلامي مقارنة بالموارد الأخرى، وتستثمر عادة في المشاريع المتوسطة وطويلة الأجل ولكن بنسبة معينة منها، أما الجزء الثاني فيكون الأكبر أحيانا ويستثمر استثمارا قصير الأجل.
وبالتالي فان وديعة الاستثمار هي عقد مضاربة بين البنك الإسلامي والعميل المودع، إذ إن هذا الأخير يعتبر بموجب عقد المضاربة الشرعية "رب المال" والبنك بمثابة مضارب، ولا يضمن البنك الوديعة الاستثمارية ولا أرباحها إلا في حالة التقصير، وتنقسم الودائع الاستثمارية إلى قسمين:
1) الإيداع على تفويض: حيث يخول المودع صاحب الوديعة الاستثمارية للبنك، باستثمار هذه الوديعة في أي المشروعات التي يراها البنك مناسبة ويكون هذا الحساب لأجال مختلفة، ولا يجوز لصاحب هذه الوديعة إن يقوم بسحبها أو سحب جزء منها قبل نهاية المدة المحددة، لذلك يأخذ الاستثمار بهذه الوديعة حكم المضاربة الشرعية.

2) الإيداع من دون تفويض: حيث يختار المودع مشروعا من المشاريع التي يريد إن يستثمر أمواله فيه، وله إن يحدد المدة وفي هذا النوع من الاستثمار يستحق العميل نسبة من الأرباح في المشروع الذي اختاره فقط، ويطلق على هذا النوع "المضاربة المقيدة" .
رابعا: موارد أخرى: وتتمثل في:
1) صكوك التمويل الإسلامية:
تقوم البنوك الإسلامية بإصدار أنواع مختلفة من صكوك التمويل، وتوفر للبنك موارد مالية مناسبة تمكنه من تحقيق أهدافه في خدمة التنمية الاقتصادية للمجتمع، ورفع شان المسلمين وتحسين معيشتهم واهم أنواع هذه الصكوك:
- إصدار صكوك زيادة رأس المال المدفوع وهي بديل لفترة الأسهم التقليدية.
- إصدار صكوك المشاركة في العائد وهي ذات طبيعة عامة غير مخصصة لمشروع معين وغير محددة المدة، ويقوم البنك الإسلامي بإصدارها لمن يرغب في إصدار أمواله لديه.
- إصدار صكوك استثمار في مشروعات قطاعية أي ترتبط بالنشاط الاقتصادي الذي سيتم توظيفها فيه.
- إصدار صكوك استثمار لمشروع معين بذاته، ويعد أفضل الصكوك على الإطلاق، فعادة ما يصدر البنك لإحدى شركاته أو مشروعاته التي قام بتأسيسها أو إنشائها.
- إصدار صكوك الوكالة الاستثمارية وهذا النوع يقترب من مفهوم الصكوك العامة للتمويل، حيث يقوم العميل بتمويل البنك في استثمار مبلغ معين في المجال الذي يحدده العميل أو يترك للبنك تحديده .
2) خطابات الضمان:
تعهد مقيد بزمن محدد يصدر عن البنك بطلب من العميل بدفع مبلغ معين لطرف آخر، لقاء قيام العميل بالدخول في مناقصة أو تنفيذ مشروع بأداء حسن، ليستوفي المستفيد المبلغ متى تأخر أو قصر العميل في تنفيذ ما التزم به.
يمكن إن تأخذ خطابات الضمان نوع من الكفالة لطالبها مقابل اجر أو عمولة، إذا كان للعميل حساب جاري يغطي قيمة خطاب الضمان، وإذا لم يكن فيمكن للبنك إن يمول المشروع أو جزء منه، مقابل المشاركة في العزم والربح أو في أي أسلوب آخر لا يخل بأحكام الشريعة.
وفي خطاب الضمان يمكن للبنك إن يكون في احد الموقفين:
- أما إن يكون وكيلا أو نائبا عن العميل في تنفيذ الالتزام بمواجهة المستفيد إذا قصر العميل عن أداء التزامه، وخصوصا بعد إن يكون قد استوثق لنفسه عندما أقام نفسه مقابل العميل.
- أما إن يكون ضامنا أو كفيلا لبعض رجال الأعمال والمؤسسات، حيث تبرز فكرة الكفالة أو الضمان باجر، فلو امتنع البنك عن تقديم "خطاب الضمان" لتعذر على الطرف المكفول المشاركة في المناقصات أو المزايدات. وساء كان البنك كفيلا فهذا لا يخل بمبادئ الشريعة الإسلامية .
3) الاعتماد المستندي:
هو عبارة عن تعهد البنك بان يدفع للمصدر قيمة البضاعة المسحوبة، مقابل تقديم المستندات التي تثبت إن الشحن قد تم فعلا، ويقوم البنك الإسلامي بهذه العملية مقابل عمولة يتفق عليها .
4) الزكاة، الهبات، الدعم والمنح:
يمثل هذا المصدر أهمية خاصة أيضا بالنسبة للبنك، فأموال الزكاة التي يكاد ينفرد بها البنك الإسلامي عن سائر البنوك الأخرى والتي يقوم بتحصيلها من المنع، من ناتج نشاط عملائه أو من خلال تقدم الأفراد إلى البنك بها، وعلى هذا فهناك مصادر متعدد للزكاة من بينها:
- الزكاة الواجبة على أموال البنك.
- الزكاة الواجبة على ناتج نشاط البنك.
- الزكاة المحصلة من العملاء سواء على أموالهم المتحفظ بها لد ى البنك الإسلامي، بعد موافقتهم أو ناتج استثمارات الأموال لدى البنك بعد موافقتهم ليضا.
- الزكاة المجمعة من المساهمين.
- الزكاة من الأفراد غير المتعاملين من البنك ومن المؤسسات والهيئات الأخرى.
يضاف أيضا إلى الزكاة، الدعم والهبات، والمنح والصدقات، التي تقدم من طرف الأفراد والحكومات والهيئات إلى البنك الإسلامي، سواء لدعم مركزه أو لتمكينه من القيام برسالته الاجتماعية.
5) الحوالة البنكية (السفتجة):
تعني السفتجة إن يعطي شخص مالا لآخر مع اشتراط القضاء في بلد آخر على سبيل القرض، وليس على سبيل الأمانة وذلك بهدف ضمان خطر الطريق، وسمي هذا النوع سفتجة لإحكام أمرها في اجتناب خطر الطريق وخطر التلف .
6) عمليات الأوراق المالية:
تشمل هذه العملية الأوراق المالية وخدماتها مثل تحصيل الأرباح والطرح لعملية الاكتتاب نيابة عن الشركات، ويمكن للبنوك الإسلامية القيام بهذه العمليات إذا كانت ضمن الحدود المباحة .
7) صرف العملات الأجنبية:
من الخدمات التي تقدمها البنوك الإسلامية التعامل في النقد الأجنبي أي بيع وشراء العملات الأجنبية، وهو ما يعرف بصرف العملات ويعني صرف العملات لغة واصطلاحا بيع النقود يبعضها أو بيع الأثمان يبعضها البعض، أي بيع وشراء العملات الأجنبية والصكوك المقومة بعملات أجنبية بسعر صرف ثابت أو متغير، أوحد أو متنوع، مقوم مباشرة أو عن طريق وسيط معياري كالذهب أو الدولار الأمريكي.
وتتم عملية الصرف بيعا أو شراءا بتبادل العملات بعضها ببعض، أي بتبديل العملة المحلية بالعملة الأجنبية وبالعكس، ولا تختلف البنوك الإسلامية عن البنوك التقليدية سوى التقيد بالشروط التي وضعها الفقهاء لجوازها .

المطلب الثاني: استخدامات أموال البنوك الإسلامية

تعتبر وظيفة المال في الإسلام هامة وذات أبعاد مختلفة وواسعة، تتمثل في الوظيفة الاجتماعية إلى جانب ذلك الوظيفة الاقتصادية، فهو يعتبر وسيلة لكسب الحلال والرزق للإنسان في حياته اليومية وكذلك في الآخرة.
ولقد وضعت الشريعة الإسلامية ضوابط لكسبه واستخدامه، حيث سوف نتطرق في هذا المطلب إلى: كيفية استخدام هذا المال من خلال القروض والاستثمار.

الفرع الأول: الإقراض

يتضمن هذا الفرع الانواع المختلفة للاقراض والمتمثلة في: تقديم القرض الحسن، واستخدام أموال الزكاة وتخصيصها للتكافل الاجتماعي.


1) تقديم القرض الحسن:
يعني القرض الحسن دفع مال أو تمليك شيء له قيمة بمحض التفضيل على أن يرد مثله، ويقوم القرض الحسن مقام القرض الربوي الذي تنطوي معاملاته على الربا، والواجب على المسلم الابتعاد عن الربا، فكان إلزاما إلغاء هذه المعاملات من البنوك أو الاجتهاد نحو تعديلها بما يتفق والشرع، بنظام يعكس عرض تكلفة رأس المال طبقا للمبادئ الإسلامية، وكيف يمكن خلق آلية تضمن عائدا معقولا للنقود البنكية من جانب الأفراد والدولة .
يقوم القرض الحسن بمد المقترض بما يلزمه من مال لتنفيذ مشروعاته، والوفاء بحاجاته الاستهلاكية أو الإنتاجية، ولذلك تتعد أنماط تقديم القروض الحسنة، وتتنوع تبعا لتنوع المستحقين لها ومصادر تمويلها إلى:
أ‌. القروض الحسنة العادية:
تمنح هذه القروض لمن ليس لهم مع البنوك لعدم وجود المال اللازم لديهم لإجراء أي تعاملات مع البنوك وهي تمثل صورتين هما:
• القروض الاستهلاكية:
تستخدم القروض في حاجات استهلاكية لا عائد لها، وهذا النوع من القروض الحسنة يمكن أن يتخذ الأشكال التالية:
- قروض لتمويل بعض القطاعات التي تحتاج إلى إعانة دائمة بواسطة الدولة، كإنشاء المنازل الصغيرة لمن هم بحاجة إليها وخاصة في المناطق الريفية أو في الأحياء الفقيرة.
- قروض لتمويل المصروفات اللازمة للطلبة أو الزواج أو شراء بعض السلع الاستهلاكية المعمرة التي أصبحت ضرورية للأفراد.
- قروض لتمويل الاحتياجات المتجددة للفئات التي هي بحاجة إليها من محدودي الدخل، الذين لا يستطيعون دفع نفقات السلع الاستهلاكية، أو حالة المستهلك الذي يود أن يمتلك منزلا أو سيارة ولا يستطيع ذلك .
• القروض الاستثمارية:
تستخدم للاستثمار وإدرار الربح غير أنها نطاق ضيق جدا، لعدم وجود أي إمكانيات لطالبي القرض سوى مهارتهم أو مهنهم أو تخصصاتهم فقط، وهي القروض التي تمنح لفئة من فئات المجتمع القادرة على الوفاء بالقرض، ممن يحتاجون إلى بناء مشروع معين، أو تمويل مشروع قائم لديهم يملكون أصوله للعمل على تطويره أو استمراره، ويعتبر هذا النوع من القروض مطلبا إنسانيا إسلاميا، مرده أيضا المسؤولية الاجتماعية للدولة الإسلامية ومؤسساتها المالية .
ب‌. القروض المقابلة للودائع:
تعتبر من أساليب التمويل بالقروض الحسنة كبديل إسلامي عن فائدة الربوية للقروض المقابلة للودائع، ويعني بهذا الشكل من الأشكال تقديم القروض الحسنة القروض التي تمنحها البنوك للمودعين أصحاب الحسابات لديها، وذلك لتقديم مبلغ كبير إلى العميل على سبيل القرض الحسن لمدة معينة، في مقابل اداع أو إقراض العميل للبنك مبلغا صغيرا لمدة أطول وفق حسابات معينة يجريها البنك.
يحقق هذا الأسلوب ميزة للطرفين فالعميل (المقرض) يتمكن بهذا المبلغ الكبير من قضاء حاجاته، والبنك (المودع لديه) يمكنه استثمار وديعة هذا العميل لفترة كبيرة في نشاطه الإنتاجي، فهذه معاملة نافعة للمقترض والبنك معا وهي تجمع بين القرض والاستثمار، ويعاب على هذا النوع انه يقدم إلى أصحاب الحسابات لدى البنوك، حرصا منه غلى التنمية المالية وإعانة عملائه.
ج‌. القروض المقدمة من الشركات أو رجال الأعمال للبنك:
يتميز هذا الأسلوب بأنه وسيلة عكسية للطريقة المعتادة التي يضطلع بها البنك لتمويل الغير، وصورة هذا القرض تتمثل تقديم القروض من جانب الشركات أو رجال الأعمال للبنك الذي تربطهم به علاقات مالية، كان يكون مساهما في راسماها بحصص مالية أو من رجال الأعمال ممن حصلوا على قروض من البنك لتمويل مشروعاتهم، وذلك من باب المعاملة بالمثل، مما يدخل في باب التعاون والتكافل بين المؤسسات المالية والأشخاص البنوك التي تعمل في مجال توظيف الأموال وتشغيلها وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
تقوم البنوك الإسلامية بتقديم القرض الحسن وذلك في حالة عدم ملائمة نظام المشاركة في الأرباح والخسائر، أو أي من القروض البديلة الأخرى شريطة أن تكون المشروعات أو الأغراض التي يمنح لها التمويل مقصودا بها الرفاهية العامة للجماعة .





2) استخدام أموال الزكاة وتخصيصها للتكافل الاجتماعي:
يمكين مال الزكاة الفقير من أغناء نفسه بنفسه، بحيث يكون له مصدر دخل ثابت يعينه على طلب المساعدة، وإذا كثرت موارد الزكاة واتسعت حصيلتها أمكن ذلك من استخدام أموالها في إنشاء منشات مصانع من شانها المساهمة في تحقيق تنمية اقتصادية .

الفرع الثاني: الاستثمار

يتضمن هذا الفرع الانواع المختلفة لاستثمار اموال البنك الاسلامي والمتمثلة في: الاستخدامات المباشرة، والاستخدامات الغير مباشرة.
1) الاستخدامات المباشرة:
يقوم البنك الإسلامي باستثمار جزء من أمواله في إنشاء وتأسيس المشروعات والشركات المختلفة التي يتولى هو دراسة جدواها الاقتصادية، والتأكد من صلاحياتها ثم يقوم على تنفيذها وتسييرها ومتابعتها، وتظل هذه المشروعات والشركات ملكا كاملا للبنك طالما احتفظ برأسمالها، كما لا يكون لهذه المشروعات والشركات كيانا قانونيا مستقل عن كيان البنك، بل تظل امتدادا قانونيا له كإحدى وحداته وإدارته الفنية الأخرى.
2) الاستخدامات الغير مباشرة:
يقوم البنك بشراء أدوات ومعدات وآلات وتأجيرها للعملاء والتعاونيات نظير أقساط شهرية أو نصف سنوية كنوع من أنواع التمويل البنكي بقيام بعمليات تنموية كبيرة.
وقد ينتهي هذا الأخير بتمليك المعدات أو الآلات المستأجرة، وفي هذه الحالة يمون البيع بالتقسيط بيعا حقيقيا ويكون الشراء تأجيري، ويتم حساب القسط بحيث يؤدى خلال مدة التعاقد إلى سداد ثمن الشراء الأصلي وتحقيق عائد مناسب للبنك.
بالإضافة إلى استخدامات أخرى يقوم بها البنك نذكر منها ما يلي:
أ‌. المساهمة في حل المشكلات الكبرى في المجتمع:
تواجه المجتمعات مشكلات مختلفة منها مشكلة السكن خاصة الطبقات المتوسطة ومحدودي الدخل والفقراء والعزاب أو حديثي الزواج، يجد هؤلاء في البنوك الإسلامية ملجأ يساعدهم على حل هذه الأزمة، فقد قام بنك دبي الإسلامي على سبيل المثال ببناء مساكن لأبناء الإمارات العربية المتحدة بلغت تكاليفها 207 مليون درهم إماراتي سنة 1994م.
ب‌. الخدمات التعليمية:
تمثل في إنشاء المعاهد وإصدار المجلات العلمية فقد قام على سبيل المثال البنك الإسلامي للتنمية بإنشاء المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، ومن أهدافه إجراء البحوث لتمكين الأنشطة الاقتصادية والمالية البنكية الإسلامية من الاتفاق مع الشريعة الإسلامية.
ت‌. الوقوف إلى جانب المتعاملين:
يتعرض العملاء في البنك الإسلامي إلى ثغرات في تجارتهم، كعدم قدرتهم على دفع الأقساط أو الحاجة المالية المستعجلة، فتقوم البنوك الإسلامية بمساعدتهم لتخطي هذه الصعوبات إما بالانتظار أو الإعانة المالية، أو مساعدتهم بوضع حلول تتضمن استمرار المتعاملين في نشاطهم مع ضمان حقوق المودعين، وقد يكون ذلك بإنشاء حساب تبرع من المودعين والمستثمرين من غير إلزام والانتظار والصبر عليهم. وابرز مثال عن مساهمة البنوك الإسلامية في حل مشاكل المتعاملين المادية، والوقوف إلى جانبهم هو إنشاء صندوق التامين التبادلي لصالح البنك والمتعاملين معه .

الفرع الثالث: معايير التمويل والاستثمار

يتميز التوظيف في البنوك الإسلامية بأهمية خاصة تتجاوز بكثير أهمية غيره من المهام البنكية، ويعتمد مستقبل البنوك الإسلامية بمدى قدرة المتعاملين بها على القيام بهذه الوظيفة بشكل مناسب، فعن طريق التوظيف البنكي في البنوك الإسلامية تحقق هذه الأخيرة أهدافها وأهداف المجتمع.
وتحكم عملية التوظيف في البنوك الإسلامية مجموعة من المعايير والأسس نذكر منها:
أولا : المعايير المتعلقة بالبنك
تعتبر البنوك الإسلامي مؤسسة اقتصادية تخضع في نشاطها لقوانين الاقتصاد، ومن ثم فان معاملاتها المختلفة تتم في إطار اقتصادي ذو طبيعة خاصة تتفق مع الشريعة الإسلامية، ومن هنا تتأثر قرارات التوظيف في البنوك الإسلامية بمجموعة من المتغيرات، والثوابت الخاصة بالبنك الإسلامي ومن أهم هذه العوامل:
1) درجة السيولة: كلما كانت درجة السيولة لدى البنك الإسلامي مرتفعة كلما كانت رغبة البنك في منح القروض مرتفعة، إما إذا كانت أمواله موظفة بشكل كامل والسيولة لديه محدودة وموظفة كلما كانت قرارات البنك الإسلامي أكثر تشددا.
2) الإستراتيجية المتبعة: تؤثر الإستراتيجية التي يتبعها البنك الإسلامي في إدارة عملياته البنكية و غير البنكية على قراره في قبول منح القروض أو عدم منحها.
3) الهدف العام للبنك: إذا كانت الأهداف الأساسية للبنوك التقليدية تتمثل في تحقيق الربحية فللبنوك الإسلامية، أهداف إضافية من بينها تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي وتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع المعاملات، وتأكيد الجانب الاجتماعي للمال فضلا عن نفع الأمة الإسلامية.
4) حصة البنك في السوق البنكي: كلما كان البنك رائدا في السوق البنكي ويحوز جانبا هما من المعاملات وعمليات هذا السوق تعكسها حجم معاملاته وحجم أعماله في هذا السوق، وكلما كانت هذه المعاملات تتسم بطابع الاستقرار والنمو المتوازن كلما كانت قابلية البنك لتمويل كبيرة .
5) إمكانيات البنك المادية والبشرية: يجب على البنك الإسلامي أن يتوفر على الموارد البشرية المؤهلة والمدربة على القيام بوظيفة الإقراض البنكي، وما تطلبه من مهارات وكفاءات إدارية حتى يتمكن من القيام بالعمل الإداري، وما يتطلبه من تخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعة وأيضا ما يتوفر عليه البنك من إمكانيات مادية من تجهيزات مكتبية وأجهزة الحفظ وغيرها من الأجهزة المختلفة التي يتطلبها العمل، وما تقدمه من وفرة للوقت والجهد وسهولة سير العمل البنكي، حيث انه كلما كان البنك الإسلامي يحوز على هذه الإمكانيات كلما كان أكثر استعداد لمنح القروض والعكس صحيح.
6) الظروف الاقتصادية والسياسية السائدة: والتي تؤثر كثيرا على منح التمويل ففي حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي، تقلل البنوك مم حجم التمويل لمل في ذلك من مخاطر كبيرة سواء على البنوك الإسلامية أو التقليدية.
7) المتطلبات القانونية: حيث تخضع البنوك الإسلامية لرقابة الدولة التي تعمل فيها، وهناك متطلبات قانونية يجب أن تلتزم بها هذه البنوك مثل نسبة السيولة ونسبة القروض إلى الودائع وغيرها من النسب التي في بعضها إجحاف للبنوك الإسلامية .
ثانيا: المعايير المتعلقة بالتمويل الممنوح
يعبر التمويل الممنوح عن العلاقة بين البنك وعميله وهذه العلاقة قائمة على أساس الثقة المتبادلة بين الطرفين، وهي أيضا علاقة تعاونية، وهناك مجموعة من الأسس الوظيفية الخاصة بالتمويل الممنوح وهي تأخذ شكل عوامل خاصة بالتمويل:
1) الغرض من التمويل: يجب على العميل طالب التمويل أن يحدد المجال الذي يستخدم فيه هذا التمويل حتى يمكن البنك من اتخاذ القرار بشأنه، والحكم على مدى مناسبة هذا التمويل مع سياسة البنك ومع قدرات وخبرات العميل ومقوماته الاقراضية، ومدى مناسبة مبلغه مع القرض المطلوب منه.
2) مدة التمويل: حيث يجب على البنك أن يحدد مدة التمويل الذي يرغب العميل الحصول عليه ومدة السداد، ومدى تناسبها مع إمكانيات وقدرات العميل مع الموارد أو عائد النشاط الذي يقوم به.
3) طريقة السداد: بمعنى تحديد الطريقة التي يتم بها السداد، فهل يتم السداد على دفعة واحد أو على أقساط دورية، ومن ثم ينبغي دراسة برنامج السداد من خلال الوقوف على مناسبته للعميل، وللنشاط للممول ولسياسة البنك الاقراضية.
4) المبلغ المطلوب: لمبلغ التمويل أهمية محورية خاصة، حيث كلما زاد المبلغ عن حد معين كلما زادت مخاطر عدم سداده، وكلما كان البنك احرص في الدراسات والبحوث التي يجريها، وقد يفكر في إشراك أكثر من بنك معه في تمويل العملية الاقراضية، خاصة أن نتائج عدم سداد مبلغ ضخم تكون صعبة وقد تأثر على سلامة المركز المالي للبنك، إما إذا كان المبلغ المطلوب صغيرا فانه يكون من السهل الحصول عليه إذا ما توفرت الشروط المعتادة للإقراض .
ثالثا: المعايير الخاصة بالعميل طالب التمويل
ترتبط هذه المعايير بالمخاطر التي قد يتعرض لها البنك نتيجة منحه التمويل لعميل معين وهل يمكن للبنك تحمل هذه المخاطر، ومدى سلامة الموقف الاقراضي للعميل ولأي مدى يمكن للبنك التعامل، وبأي شرط يمكن استفاءها. وتتعلق هذه المجموعة من العوامل بالأسس التالية:
1) الحكم على كفاءة العميل الشخصية:
يتمثلأساس التعامل بين البنك والعميل طالب التمويل في ثقة البنك في هذا العميل وهذه الثقة مربوطة بأمرين:
- توجد الرغبة لدى العميل في الوفاء بالتزاماته في الوقت المحدد في العقد، وهذا يتوقف على ما يتوفر لدى العميل من صفات خلقية.
- قدرته على الالتزام والوفاء وهذا يرتكز على مركزه المالي كما توضحه الدراسة للقوائم المالية المقدمة منه.
يعطي هذا الثقة بصفة العميل الشخصية كأساس للتعامل معه، هو أن مستقبل المنشاة يتوقف على كفاءة العميل وقدرته على إدارة دولاب أعمال بجدية ومهارة، لابد من توفرها لتستفيد المنشاة من التمويل الذي تطلبه، وتتمكن من تسديد أقساطه أو دفعاته في مواعيد الاستحقاق حسب شروط العقد دون حدوث اضطرابات في نشاطها.
يمكن بناءا على ما سبق القول بان العميل الذي لا يتمتع بثقة البنك لا يصح له التعامل معه مهما كان مركزه المالي متينا، ذلك لان هذا العميل يمكنه أن يلحق الضرر بالبنك إذا ما ساءت أحواله المالية لأي سبب من الأسباب، ولن يستطيع البنك مهما كانت وسائله الفنية والقانونية منع عميل يسئ النية في الأضرار به إذا قصد ذلك، خصوصا بتقدم العميل للبنك بطلب التمويل يحدد فيه حجم التمويل المطلوب والغرض منه، أسلوب التمويل الشرعي المناسب ومصادر سداد مستحقات البنك والفترة الزمنية اللازمة. بالإضافة إلى الضمانات التي يمكن تقديمها للبنك لضمان استرداد المستحقات .
2) منح التمويل من مبدأ "وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة":
يأخذ البنك الإسلامي بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية والمالية والتجارية، التي يمكن أن يتعرض لها عميله، فعند تعرض هذا الأخير إلى حالة عسر مالي أو إلى أزمة ماليةن نتيجة ظروف معينة يمكن له أن يحصل على العون المالي والإداري من قبل البنك الإسلامين ويساعده على الخروج من محنته هذه .
رابعا: المعايير الخاصة بالمجتمع
يطلق على هذه الأسس أيضا مصطلح "أخلاقيات التوظيف التمويلي"، فهناك ترابط وثيق بين توظيف المال إسلاميا وبين القيم الأخلاقية، حيث يجب على البنك الإسلامي أن يمتنع عن استعمال الأموال بشكل يلحق الضرر بمصلحة المجتمع.
يمثل البنك الإسلامي جزءا من المجتمع الذي يعمل فيه ومن ثم ينبغي عليه خدمته والحرص على تحقيق مصالحه، فهو مسؤول عن واجبات المجتمع الإسلامي أكثر من هذا المجتمع، وعليه أن يقوم بها ويؤديها للمنفعة العامة، ومن ثم فان المعاملات البنكية للبنوك الإسلامية لا تخضع لحكم الأفراد وهو أهم وابرز رغبات ذاتية أو نوازع جزئية، وإنما تقوم على نفع الناس والمجتمع ومن ثم تكون منفعة عمل البنك الإسلامي تبادلية، وربحه الذي يحققه يخلو من شبه الضرر وتنفي عنه صفة الفساد.
تجاوزت من هنا وظيفة البنك الإسلامي مجال تجميع الموارد المالية وتوظيفها إلى مجال العمل على إشباع الحاجات لصالح المجتمع ككل، من خلال توظيف الموارد المالية لإسعاد الفرد، ولصالح المجتمع في وقت واحد وتوسيع قاعدة المستفيدين منه.
يمكن بصفة عامة توضيح الجوانب الاجتماعية للتوظيفات التي تقوم بها البنوك الإسلامية في النواحي التالية:
• توظيف المال لحساب الصالح العام وبما يخدم مصلحة الجماعة، لان وظيفة المال في الإسلام هي وظيفة روحية واجتماعية، وليست مادية كما ذهبت إليه النظم الوضعية.
• منع الاحتكار ومحاربته وكافة صور الاستغلال البشع.
• منع الغش في السلع والمعاملات وذلك لحرص البنك الإسلامي على أن تكون كافة معاملاته طاهرة.
• بما أن البنك الإسلامي يعمل على تحقيق التوظيف الكامل والشامل لجميع عوامل الإنتاج، فانه يعمل بالضرورة على تحقيق العدالة في توزيع الإنتاج على أصحاب العوامل.
• إقامة نظام مالي إسلامي متكامل مركزه الزكاة، الذي يشمل دعامة أساسية في معالجة المشاكل التي يعاني منها المجتمع، وإشباعه بروح التكافل الاجتماعي الايجابي البناء الذي يعمل على توفير "حد الكفاية" لكل فرد من أفراد المجتمع .

المطلب الثالث: آلية عمل البنوك الإسلامية

نحاول في هذا الجزء تسليط الضوء على كيفية عمل البنوك الإسلامية، من خلال طرق توظيف الأموال والتعرض لمختلف الخدمات البنكية التي تقدمها البنوك الإسلامية.

الفرع الأول: التوظيف بناءا على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة

يتناول هذا الفرع اهم جوانب المتعلقة بتوظيف اموال البنك الاسلامي بناءا على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة والمتمثلة في: المضاربة المشاركة، المزارعة، المساقاة، والمغارسة.
أولا: المضاربة
1) تعريف المضاربة:
تعني عقد مشاركة بين طرفين يقم احد الأطراف رأس المال ويقدم الطرف الأخر جهده المتمثل في الإدارة و الخبرة أو المناظرة.
طبقت من الناحية التقليدية المضاربة على الأنشطة التجارية القصيرة الأمد، إذ يقدم صاحب رأس المال ما لديه من أموال فائضة إلى المنظم بغرض استثمارها في نشاط اقتصادي منتج، مقابل حصوله على نسبة من الربح محددة مسبقا، ويكون المقرض هو المالك الوحيد للمشروع والمقترض هو المدير أثناء فترة حياة المشروع، ويجري الاشتراك في الأرباح بين المقرض والمقترض.
تختلف المضاربة عن حالة الودائع الاستثمارية من حيث تحمل الخسائر، ففي حالة المضاربة يتحمل المقرض وحده كل الخسائر التي قد تنجم عن عملية المضاربة، اما المقترض فيكفي أن يتحمل خسارة الوقت والجهد الذي بذله في المشروع.
تقوم البنوك في حالة التنفيذ الفعلي لعملية المضاربة بتقديم القروض لأصحاب الأعما،ل وتحصل بالمقابل على نسبة من الأرباح تحدد مقدما، وليس كما هو الحال في البنوك التقليدية التي تحصل على عائد محدد مقابل القروض التي تقدمها للعملاء .
2) أنواع المضاربة:
تصنف المضاربات إلى:
أ‌. المضاربة الخاصة: تكون المضاربة الخاصة إذا كانت:
- المال المقدم من شخص واحد.
- العمل مقدم من شخص واحد.
ب‌. المضاربة المشتركة: تكون بـ:
- تعدد أصحاب الأموال.
- تعدد أصحاب العمل.
ولعل من ابرز أشكال المضاربة المشتركة ما تقوم به البنوك الإسلامية، حيث تتلقى الأموال من أصحاب الموال المتعددين ويضارب بهذه الأموال في المجالات المختلفة، ويقدم البنك الأموال باعتباره صاحب المال لأصحاب عمل متعددين ليضاربوا به.
ج‌. المضاربة المطلقة: هي التي لا يقيد فيها صاحب المال المضارب بنوع محدد من التجارة أو بأشخاص يتاجر معهم، أو بمكان أو زمان يزاول فيه النشاط بهذا المال، بحيث يكون للمضارب الحرية الكاملة في تشغيل مال المضاربة بطريقة تؤدي إلى المحافظة على هذا المال وتحقيق عائد مناسب.
د‌. المضاربة المقيدة: فهي حيث يضع صاحب المال للمضارب قيودا أو شروطا معينة، ويوضع هذا القيد عند عند المضاربة، وتعتبر صيغة المضاربة المطبقة الأنسب بالنسبة البنوك الإسلامية .
3) أركان المضاربة:
للمضاربة ثلاثة أركان هي كما يلي:
أ‌. المتعاقدان: وهو صاحب المال وصاحب الجهد ويشترط فيها الأهلية للتصرف، فمن كان محجورا عليه لصغر سنه أو لسفه أو لجنون لا تصح مباشرته لهذا العقد.
ب‌. المتعاقد: المعقود عليه في المضاربة هو المال والعمل والربح، ولكل عنصر من هذه العناصر شروط خاصة به قد تم التطرق إليها في الفرع السابق.
ج‌. الصيغة: وتتضمن الإجابة والقبول.
- الاجاب: هو ما صدر أولا بألفاظ تدل عليه مثل لفظ المضارب أو المعامل،ة وما يؤدي معاني هذه الألفاظ بان يقول رب المال: "خذ هذا المال مضاربة، بيننا على أن ما رزقنا الله تعالى من ربح فهو بيننا على كذا من نصف أو ربع أو ثلث وغير ذلك".
- القبول: هو ما صدر من الطرف الأخر بان يقول المضارب: "قبلت أو أخذت أو رضيت"، فإذا تمت الموافقة بين الإيجاب و القبول تم عقد المضاربة .
ثانيا: المشاركة
1) تعريف المشاركة:
تعني شكل من أشكال ترتيبات الأعمال وفيها يجمع عدد من الشركاء تمويلهم الرأس مالي للقيم بمشروع تجاري أو صناعي، ويمكن تطبيق المشاركة على أنشطة الإنتاج والأنشطة التجارية ذات الأجيال الطويلة.
يوجد في أسلوب المشاركة أكثر من مساهم واحد بالأموال، حيث تقوم كل الأطراف بالاستثمار بنسب مختلفة وتوزع الأرباح أو الخسائر حسب حصة كل طرف في رأس المال .
عرفت بأنها:" عقد بين اثنين فأكثر على أن يكون الأصل أي رأس المال والربح مشتركا بينهما، والمقصود بالمشاركة هنا ما يعرف في الفقه الإسلامي بشركة العنان وهي اشتراك اثنين أو أكثر في رأس المال على أن يتاجرا فيه والربح بينهما، على أن يتفقا على أن لا يتصرف احدهما إلا بإذن صاحبه أي أن كلا منهما اخذ بعنان صاحبه. ويرجع البعض تسميته بالعنان (الحبل الموجود في عنق الدابة)، لان أي احد من الشركاء لا يستطيع فعل شيء إلا بإذن صاحبه" .
2) الشروط العامة للمشاركة:
- أن يكون رأس المال معلوما وموجودا بالاتفاق.
- أن يكون رأس المال نقدا.
- أن يتم توزيع الأرباح بالنسب المتفق عليها.
- توزيع الخسائر بنسبة مساهمة كل طرف في رأس المال، ولا يجوز الاتفاق على غير ذلك.
- أن يكون الربح موزعا بين المتشاركين بحصة شائعة منه في الجملة لا مبلغا مقطوعا.
- أن لا يضمن احد من الشركاء مل الشركة أو حصة الشريك أو الشركاء الآخرين في رأس المال، فلا يضمن الشريك رأس المال إلا إذا تعدى أو قصر.
- ليس للشريك الحق في التبرع بمال الشركة أو الإقراض أو الهبة أو الإعارة.
- يجوز للشريك إعطاء المال إلى آخر لبيعه أو يشتري به على أن يرد الثمن والربح دون مقابل، كما يجوز المضاربة به والعمل به بما جرى به العرف بين التجار وبما لا يخالف الشرع.
3) أنواع المشاركات في البنوك الإسلامية:
أ‌. المشاركة الدائمة: وهي إشراك البنك في مشروع معين بهدف الربح دون أن يتم تحديد اجل معين لانتهاء هذه الشركة، ومثال ذلك اشتراك البنوك الإسلامية في إنشاء شركات المساهمة أو المساهمة فيها بهدف السيطرة عليها أو بهدف البقاء فيها لأسباب معينة.
ب‌. المشاركة المؤقتة: وهي إشراك البنك في مشروع معين بهدف الربح، مع تحديد اجل أو طريقة لإنهاء مشاركة البنك في هذا المشروع في المستقبل .
ثالثا: المزارعة
1) تعريف المزارعة:
تعني المزارعة: "المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها وهي تعني الشركة في الزرع".

وبمعنى آخر تعني: "عقد بين شخصين أو أكثر على استثمار الأرض بالزراعة، بحيث يكون الناتج منها مشتركا حسب الاتفاق الذي تم بينهما أو بينهم" .
2) شروط المزارعة:
- يجب أن تتوفر فيها جميع الشروط التي يجب توفرها في العقد.
- صلاحية الأرض للزراعة.
- معرفة البذر من حيث الجنس والنوع والصفة.
- معرفة من عليه البذر (على صاحب الأرض أم العامل) .
رابعا: المساقاة
1) تعريف المساقاة:
تعني: "معاقدة على دفع الشجر والكروم الى من يصلحها بجزء معلوم من ثمرها"، فهي كما في المجلة: "نوع شركة على ان تكون الاشجار من طرف والتربية من طرف اخر وان يقسم الثمر الحاصل بينهما"، وفيها سد لحاجة أصحاب الأشجار الذين لا دراية لهم في تعهد الأشجار، فيحتاجون الى معاملة من له خبرة في ذلك فجازت المساقاة تحقيقا لمصلحتهما" .
2) شروط المساقاة:
- أن يكون للشجر المدفوع للعامل ثمرة تزيد بالعمل.
- أن يكون الخارج من ثمر العاقدين.
- تسليم الأرض التي عليها الشجر للتعامل فيها.
خامسا: المغارسة
1) تعريف المغارسة:
تعرف بأنها: "دفع الأرض الصالحة للزراعة لشخص لكي يغرس فيها شجرا، على أن يتم اقتسام الشجر والأرض بين الطرفين حسب الاتفاق".
2) شروط المغارسة:
- أن يغرس فيها شجرا ثابتة الأصول كالزيتون أو الرمان أو التين، ولا يجوز زراعة الأشجار غير الثابتة مثل البقول.
- أن تتفق أصناف الأشجار في مدة ثمرها، وذلك ليصبح بالإمكان حصول كل طرف على حصته.
- أن لا يكون اجلها إلى سنين كثيرة فوق الإثمار.
- أن يكون نصيب العامل من الأرض والشجر معا.
- أن لا تكون الأرض موقوفة .

الفرع الثاني: التوظيف بناءا على مبدأ الهامش الربحي

يتضمن هذا الفرع انواع التوظيف على اساس مبدا الهامش الربحي والمتمثل في: المرابحة، الاستصناع، عقد الإجارة، وعقد السلم.
أولا: المرابحة
نعرف المرابحة بأنها: "احد صور بيوع الأمانة حيث يتم الاتفاق بين البائع والمشتري على ثمن السلعة آخذا في الحسبان الثمن الأصلي للسلعة، ويكون بيع المرابحة في حالة زيادة ربح معين على الثمن الأصلي".
ويقوم بيع المرابحة على:
- بيان الثمن الأصلي وما يدخل فيه وما يلحق به.
- زيادة أي إضافة ربح معلوم ومتفق عليه مع الثمن الأصلي .
تعرف المرابحة بأنها: "بيع يمثل رأس المال المبيع مع زيادة ربح معلوم، أي هو البيع الذي يدفع فيه المشتري مبلغا زائدا على ما قامت به السلعة ولذل سمي المرابحة".
وقد عرفها البعض بأنها: "بيع السلعة برأسمالها الذي قامت به مع زيادة ربح معلوم، أي البيع بزيد من رأس المال".
إما بيع المرابحة للأمر بالشراء والذي يمارس في البنوك الإسلامية فانه يتمثل في الآتي:
- وعد بالشراء.
- بيع المرابحة.
إذا هو عقد مركب من عقد بالشراء وبيع بالمرابحة ويعني بيع السلعة برأسمالها الذي قامت به، مع زيادة ربح معلوم للشخص الذي وعد بشرائها، من ثم بان به ثلاثة أطراف:

1) الآمر بالشراء: وهو المشتري الثاني الذي يرغب بشراء السلعة (العميل).
2) المأمور بالشراء: وهو المشتري الأول (البنك) وهو البائع الثاني.
3) البائع الأول: وهو الذي يمتلك السلعة ويريد بيعها (مصدر السلعة).
وتمارس البنوك الإسلامية المرابحة وهو أمر متفق مع طبيعتها، أي أن تتوفر السلعة لمن يوعدها بالشراء، وهذا النوع يجمع بين هدفين:
 خدمة من يتعاملون في البنك، لان البنك يمكن يبيع لهم بثمن اجل في شكل بيع بالتقسيط أو أن يؤجل كل الثمن ليدفع دفعة واحدة.
 تحقيق الربح المعقول للبنك، فبيع المرابحة للآمر بالشراء يمكن الأشخاص من الحصول على السلع التي يحتاجونها قبل توفر الثمن لمطلوب منهم .
ثانيا: عقد الاستصناع
1) تعريف الاستصناع:
ينطوي الاستصناع على التعاقد مع منتج لسلعة ذات مواصفات خاصة، على أن يصنعها بطلب من المشتري الذي يحدد المواصفات التي يرغبها، لقاء ثمن متفق عليه وبحسب بعض الآراء الفقهية المعتبرة يجوز في هذا البيع أن يمول المشتري البائع بان يعجل له الثمن وينتظر منه التصنيع، كما يمكن أن يمول البائع المشتري بان يصنع له ما يريد ويبيعه له بثمن مؤجل.

يمكن للبنوك الإسلامية في هذه الحالة الأخيرة أن تقوم بتمويل مزدوج، إذا التزمت هي بمسؤولية الاستصناع تجاه المشتري على أن تبيعه المصنوعات بعد تمامها بثمن مؤجل، وتعجل هي الدفع للصانع .

عرف الاستصناع أيضا على انه: " كناية عن عقد يطلب فيه شخص (المستصنع) من البنك شيئا لم يصنع بعد، ومن ثم يقوم البنك بالتعاقد مع الصانع ليصنعه له طبق المواصفات المحددة بمواد من الصانع مقابل عوض محدد. وبعد إتمام عملية الاستصناع يقوم البنك ببيعه إلى طالبه وفقا للعقد المبرم معه مسبقا، ويطبق مثل هذا العقد في الإسكان، الصناعة، النقل، ...الخ .


2) شروط الاستصناع:
- بيان جنس الشيء المراد صنعه وقدره بشكل واضح لا يدع مجالا للاختلاف أو النزاع.
- أن يكون الشيء المطلوب صنعه مما يجري عليه التعامل بين الناس استصناعا، فمثلا يجوز استصناع طاولة بينما لا يجوز استصناع فاكهة معينة.
- أن لا يكون الشيء المطلوب صنه مختصا بعقد آخر مشروع نصا كالسلم، فبيع الفاكهة مثلا قبل وجودها لا يجوز إلا بتطبيق عقد السلم.
- تحديد مكان التسليم في عقد الاستصناع إذا احتاج تسليم المصنوع مصاريف نقل .
ثالثا: عقد الإجارة
1) تعريف الإجارة:
اختلفت تعريفات المذاهب للإجارة فقد عرفها الحنفية فقالوا "عقد على المنافع بعوض"، والحنابلة "عقد منفعة مباحة معلومة لمدة معلومة ومن عين معلومة أو موصوفة في الذمة أو عمل بعوض معلوم"، اما المالكية فعرفوها: "عقد وارد على المنافع لأجل" .
2) شروط الإجارة:
- تفر الشروط التي يجب أن تتوفر في العقد بشكل عام، مثل الشروط التي يجب توفرها في الإيجاب والقبول.
- أن يكون المؤجر ملكا للمنفعة.
- أن تكون المنفعة معلومة علما نافيا للجهالة.
- أن يكون الثمن معلوما جنسا ونوعا وصفة.أن تكون مدة التأجير معلومة.
- أن لا يتعلق بالمنفعة حق للغير.
- أن يكون الأصل (العين) محل التأجير من الأصول التي ينتفع بها مع بقاء عينها، فيجوز تأجير البيت أو السيارة ولا يجوز تأجير النقود أو الخبز مثلا .
3) أنواع التأجير في البنوك الإسلامية:
تطورت بشكل كبير في الوقت الحاضر أشكال الايجارة أو التأجير بحيث تتخذ أشكال عديدة تتناسب والحاجة إليها، ومن هذه الأشكال ما يلي:
أ‌. التأجير التشغيلي: وهو التأجير الذي يرتبط باستخدام وتشغيل الأصول التي يتم تأجيرها، كاستئجار السيارات، السياسات الالكترونية، أو أجهزة تصوير المستندات، أو معدات البناء، أو الآلات، والمكامن المستخدمة في العمليات الزراعية، أو الصناعية، ...الخ.
وفي الغالب يكون التأجير التشغيل في فترة زمنية قصيرة الأجل، وقد يتم لفترة زمنية أطول.
ب‌. التأجير التمويلي: وهو أسلوب تمويل يستخدم من اجل توفير الموارد المالية اللازمة لشراء الأصول المختلفة، إذ انه عقد إيجار بين المؤجر والمستأجر بخصوص تأجير واستئجار أصل معين لمدة معينة، ويقوم خلالها المنتفع من الأصل المؤجر وهو المتاجر باستخدام الأصل والحصول على منفعة هذا الاستخدام مقابل ثمن (إيجار) يدفع لصاحب الأصل هذا، والذي من الممكن أن يكون أصلا منقولا كالآلات والمعدات، وما إلى ذلك أو أصلا غير منقولا كالأبنية مثلا .
رابعا: عقد السلم
1) تعريف السلم:
يعرف بأنه: "البيع الذي يتم فيه تسليم الثمن في مجلس العقد وتأجيل تسليم السلعة الموصوفة بدقة إلى وقت محدد في المستقبل".
ويعرفه فقهاء الشافعية والحنابلة بأنه: "عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد".
2) مجالات تطبيق عقد السلم:
يمكن للبنوك الإسلامية استغلال عقد السلم فيما يلي:
- تمويل عمليات الزراعة للمزارعين الذين يتعاملون معها، مما يمكنهم من زرع أراضيهم ومساهمتهم في الإنتاج.
- تمويل النشاط التجاري والصناعي خاصة تمويل المراحل السابقة لإنتاج وتصدير السلع والمنتجات الرائجة، من خلال شرائها سلما وإعادة بيعها بأسعار أعلى بعد استلامها.
- تمويل الحرفيين وصغار المنتجين عن طريق إمدادهم بمستلزمات الإنتاج، كراس مال سلم مقابل الحصول على بعض منتجاتهم وإعادة تسويقها .


3) أركان عقد السلم:
أركان السلم عند غير الحنفية ثلاثة:
- عاقد (يشمل رب السلم والمسلم إليه).
- ومعقود عليه (ويشمل رأس مال السلم والمسلم فيه).
- الصيغة (تشمل الإيجاب والقبول).
والإيجاب في السلم يكون بلفظ السلم ، السلف أو البيع، بان يقول رب السلم: (أسلمت لك في كذا أو أسلفت)، فيقول الآخر: (قبلت)، أو يقول المسلم إليه: (بعت منك كذا)، أو ذكر شروط السلم فقال لأب المسلم: (قبلت).
4) شروط السلم:
اشترط الفقهاء في السلم شروطا لابد من توافرها في هذه المعاملة، منها في رأس المال ومنها في المسلم فيه مع اختلاف بسيط وغير جوهري لا يخل بالعقد ولا يؤدي إلى جهالة، وشروطه العامة يمكن اختصارها على النحو التالي:
- أن يكون المسلم فيه معلوم الجنس (قمح، ذرى، أرز، ...الخ).
- أن يكون المسلم فيه معلوم النوع (أرز مصري، قمح استرالي، ذرة شامي، ...الخ).
- أن يكون المسلم فيه معلوم القدر بالكيل في المكيل والوزن في الموزون والعدد في المعدود والزرع في المزروع.
- بيان مقدار رأس مال المسلم: أي نصف مليون دينار سوداني، نصف مليون ريال سعودي، ...الخ.
- بيان مكان تسليم المسلم فيه.
- تحديد اجل التسليم.
هذا ويمكن إضافة أي شرط برضاء الطرفين منعا للجهالة والنزاع بين الأطراف كتحديد الصفة والجودة، ...الخ .










قديم 2012-04-06, 19:21   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10

المبحث الثالث: إدارة المخاطر في البنوك الإسلامي

تعتبر المخاطر التي تصاحب مختلف الأنشطة الاستثمارية من اهم القضايا التي تتصل بالعمل الاستشاري البنكي، وتكمن أهمية هذه المعرفة في أن حجم الخطر وطبيعته ذو أثر حاسم في نتيجة أي جهد استثماري، إذ لا يمكن الحفاظ على قيمة أي أصل استثماري أو توقع العائد المناسب منه دون التحوط من مخاطره، ذلك أن المخاطرة صفة ملازمة للاستثمار ولعل مما ساهم في تعميق أثر المخاطر على العمل البنكي الإسلامي العولمة الاقتصادية وتحرير الأسواق، وبالتالي تزايد المنافسة وتنوع السلع والخدمات البنكية، وما رافق ذلك من تقلبات شديدة في أسعار السلع والفوائد والأوراق المالية نتيجة لسهولة وحرية انتقال الأموال عبر الأسواق والدول، وسهولة الاتصالات وانتشار تكنولوجيا المعلومات.
يجب أن لا يغفل عامل الخطر عند تحليل أداء البنك، إذ يجب الربط بين العائد وبين المخاطرة المصاحبة لذلك العائد، ويمكن أن يتم الربط من خلال الأخذ بعين الاعتبار بعض السيناريوهات، التي تدور حول احتمالية عدم تحقق عامل من العوامل المحددة لربحية البنك وتأثير ذلك على ربحيته. وفي إطار هذا المفهوم سوف نتطرق من خلال هذا المبحث إلى: مفهوم إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية، أنواعها في البنوك الإسلامية، وآليات وأدوات إدارتها.


المطلب الأول: مفهوم إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

يقترن نشاط البنك الإسلامي دائما بالخطر، وذلك نتيجة عدة أسباب وظروف ومتغيرات تجتمع لتؤدي إلى نشوء هذه البيئة البنكية، التي لا يستطيع المتعامل معها تفادي أو إلغاء هذه المخاطر، وإلا فإن عليه أن لا يتكون له طموحات لبلوغ أقصى الأرباح، فكلما زادت رغبة المتعاملين في مضاعفة أرباحهم كلما تزايدت المخاطر، ولهذا سيتم التعرض هنا الى مفهوم المخاطر وإدارة المخطر البنكية على النحو التالي:

الفرع الأول:تعريف المخاطر

توجد عدة تعاريف للمخاطر تعكس وجهة نظر الباحثين المختلفة حول هذا المفهوم نذكر من اهمها:
تعريفها في قاموس (webster) بأنها: "إمكانية التعرض إلى الخسارة أو الضرر أو المجازفة، من هنا فإن المخاطرة تتضمن احتمالية حصول أحداث غير مرغوب بها" .

أيضا المخاطر بمفهومها العام، ووفقا لنظرية الاحتمالات هي: ″فرصة حدوث عائد آخر غير متوقع" .

كما يمكن تعريفها على أنها: "حالة يمكن أن يحدث انحراف معاكس عن النتيجة المرغوبة، المتوقعة والمأمولة" .

كما تعرف أيضا أنها: "احتمالية مستقبلية قد تعرض البنك إلى خسائر غير متوقعة وغير مخطط لها، بما قد يؤثر على تحقيق أهداف البنك وعلى تنفيذها بنجاح، وقد تؤدي في حال عدم التمكن من السيطرة عليها وعلى آثارها إلى القضاء على البنك وإفلاسه" .

الفرع الثاني:مفهوم إدارة المخاطر البنكية

تعتبر إدارة المخاطر البنكية علما جديدا نسبيا، لذلك تم إعطاؤها عدة تعريفات اهمها:

"منهج أو مدخل علمي للتعامل مع المخاطر الحقيقية عن طريق توقع الخسائر العارضة المحتملة، وتصميم وتنفيذ إجراءات من شأنها أن تقلل إمكانية حدوث الخسارة، أو الأثر المالي للخسائر التي تقع إلى الحد الأدنى" .
كما عرفت على أنها: "نظام متكامل وشامل لتهيئة البيئة المناسبة والأدوات اللازمة لتوقع، ودراسة المخاطر المحتملة وتحديدها وقياسها وتحديد مقدار أثارها المحتملة على أعمال البنك وأصوله وإيراداته، ووضع الخطط المناسبة لما يلزم، ويمكن القيام به لتجنب هذه المخاطر أو لكبحها والسيطرة عليها وضبطها للتخفيف من آثارها إن لم يمكن القضاء على مصادرها" .

كما تعرف أيضا على أنها: "كافة الإجراءات التي تقوم بها إدارات المصارف من أجل وضع حدود للآثار السلبية الناجمة عن تلك المخاطر بأشكالها المختلفة والمحافظة عليها من أدنى حد ممكن وتحليل المخاطر وتقييمها ومراقبتها بهدف التقليل والتخفيف من أثارها السلبية على المصارف" .
يتضح لنا من التعاريف السابقة أن التعرف على المخاطر التي يمكن أن تنطوي عليها الأنشطة البنكية بصورة دقيقة ضرورة حتمية حتى يتمكن البنك من توقع الخسائر التي يمكن أن تعترضه وحتى يتخذ الإجراءات، ويتبع أهم الطرق التي من شأنها أن تحد من هذه المخاطر أو تقلل منها، وبذلك يمكن إعطاء تعريف شامل لإدارة المخاطر البنكية، حيث نعرفها على أنها: "الإدارة المسؤولة عن تحديد و دراسة المخاطر التي تنطوي عليها أنشطة البنك، وتتوقع الخسائر الناجمة عن هذه المخاط،ر كما تقوم بتحديد الإجراءات وأهم الطرق المتبعة والأدوات لمواجهة هذه المخاطر و التقليل منها.

المطلب الثاني: أنواع المخاطر في البنوك الإسلامية

تنقسم أنواع البنوك إلى نوعين وهي مخاطر كلية، مخاطر تتعلق بصيغ التمويل حيث تشمل الأولى كل من مخاطر التشغيل، مخاطر سعر المرجعي، مخاطر السوق، مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة. أما المخاطر التي تتعلق بصيغ التمويل فهي تشمل بدورها مخاطر المرابحة، مخاطر عقد السلم، مخاطر الإستصناع ومخاطر المشاركة.

الفرع الأول: مخاطر كلية

يتناول هذا الفرع ا مخاطر الكلية للبنوك الاسلامية وهي: مخاطر التشغيل، مخاطر السعر المرجعي، مخاطر السوق، مخاطر الائتمان، مخاطر السيولة.
1) مخاطر التشغيل:
تكون مخاطر التشغيل نتيجة الأخطاء البشرية أو الفنية أو الحوادث وهي مخاطر الخسارة المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن عوامل داخلية أو خارجية، وتعود العوامل الداخلية إما إلى عدم كفاية التجهيزات أو الأفراد أو التقنية، وإما إلى قصور أي منها وبينما تكون المخاطر البشرية بسبب عدم الأهلية، فان المخاطر الفنية قد تكون من الأعطال التي تطال أجهزة الاتصالات والحاسب الآلي، أما مخاطرة العمليات فقد تحدث لأسباب عديدة منها أخطاء مواصفات النماذج، وعدم الدقة في تنفيذ العمليات، والخروج عن الحدود الموضوعة للسيطرة على التشغيل.
نظرا للمشكلات التي تنتج من عدم الدقة في العمل، وفي حفظ السجلات، وتوقف الأنظمة، وعدم الالتزام بالضوابط الرقابية، هناك احتمال أن تكون تكاليف التشغيل أكثر من التكاليف التقديرية لها، الأمر الذي سيؤثر سلبا على الإيرادات .
2) مخاطر السعر المرجعي:
يبدو أن المصارف الإسلامية لا تتعرض لمخاطر السوق الناشئة عن المتغيرات في سعر الفائدة طالما أنها لا تتعامل بسعر الفائدة. ولكن التغييرات في سعر الفائدة تحدث بعض المخاطر في إيرادات المؤسسات المالية الإسلامية، فالمؤسسات المالية تستخدم يعرا مرجعيا لتحديد أسعار أدواتها المالية المختلفة، ففي عقد المرابحة مثلا يتحدد هامش الربح بإضافة هامش المخاطرة إلى السعر المرجعي، وهو في العادة مؤشر ليبر، وطبيعة الأصول ذات الدخل الثابت تقتضي أن يتحدد هامش الربح مرة واحدة طوال فترة العقد، وعلى ذلك، ان تغير السعر المرجعي ،فلن يكون بالإمكان تغيير هامش الربح في هذه العقود ذات الدخل الثابت، ولأجل هذا فان المصارف الإسلامية تواجه المخاطر الناشئة من تحركات سعر الفائدة في السوق المصرفية .
3) مخاطر السوق:
تعرف مخاطر السوق بأنها الخسارة التي يمكن أن تنجم جراء تغيرات غير متوقعة في القيمة السوقية للأدوات المالية ، كما تعتبر الأدوات والأصول التي يتم تداولها في السوق مصدرا لهذه المخاطر، التي إما لأسباب متعلقة بالمتغيرات الاقتصادية الكلية أو نتيجة تغير أحوال المؤسسات الاقتصادية على المستوى الجزئي، فمخاطر السوق العامة تكون نتيجة التغير العام في الأسعار وفي السياسات على مستوى الاقتصاد ككل. أما مخاطر السوق الخاصة فتنشأ عندما يكون هنالك تغير في أسعار أصول أو أدوات متداولة بعينها نتيجة ظروف خاصة بها، على أنها تقلبات الأسعار في الأسواق المختلفة تؤدي إلى أنواع مختلفة من مخاطر السوق.
4) مخاطر الائتمان:
تنشأ المخاطر الائتمانية عن عدم قدرة و/أو عدم رغبة الطرف المتعامل في الوفاء بالتزاماته ويرتبط بهذه المخاطر ما يسمى مخاطر الدول.
وتشمل المخاطر الائتمانية البنود داخل الميزانية مثل القروض والسندات والبنود خارج الميزانية مثل خطابات الضمان و/أو الإعتمادات المستندية .
تشير كذلك مخاطر الائتمان البنكي إلى تلك المخاطر المقترضة، والتي تتمثل في عدم تأكد المقرض وهو البنك من قيام المقترض، وهو العميل بسداد القرض الذي حصل عليه في موعد استحقاقه .
5) مخاطر السيولة:
تعني المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها البنك جراء تدفق غير متوقع لودائع عملائه للخارج بسبب تغير مفاجئ في سلوك المودعين، ومثل هذا الوضع يمكن أن يفرض على البنك نشاطا غير اعتيادي في التمويل القصير الأجل لإعادة تمويل الفجوة الناجمة عن نقص السيولة في السوق النقدية بأسعار مرتفعة.
وبالمثل هناك إمكانية حدوث سحب مفاجئ وغير متوقع لأرصدة قروض لم تستخدم مما يحد من قدرة البنك على التمويل .

الفرع الثاني: مخاطر تتعلق بصيغ التمويل

يتضمن هذا الفرع المخاطر التي تتعلق بصيغ التمويل في البنوك الإسلامية والمتمثلة في: مخاطر المرابحة، مخاطر عقد السلم، مخاطر الاستصناع، مخاطر المشاركة.
1) مخاطر المرابحة:
يعتبر عقد المرابحة من أكثر العقود المالية الإسلامية استخداما، وإن أمكن تنميط العقد وتوحيده فإنه يمكن أن تكون مخاطره قريبة من مخاطر التمويل التقليدي الربوي.
ونظرا للتشابه بين المخاطر المرتبطة بهذا العقد ومخاطر التمويل الربوي، فأن عددا من السلطات الرقابية في عدد من البلدان قد قبلت وأجازت هذا العقد كصيغة تمويلية، وعلاوة على ذلك فإن الآراء الفقهية حول العقد في صورته الحالية غير متفقة، ويمكن أن تشكل هذه الآراء المتباينة مصدرا لما يمكن تسميته مخاطر الطرف الآخر في العقد مع عدم وجود نظام تقاضي غير فعال .

2) مخاطر عقد السلم:
يوجد على الأقل نوعين من المخاطر في عقد السلم مصدرها الطرف الآخر في العقد، وتتفاوت مخاطر الطرف الآخر من عدم تسليم المسلم فيه في حينه أو عدم تسليمه تماما، إلى تسليم نوعية مختلفة عما اتفق عليه في عقد السلم. وبما أن عقد السلم يقوم على بيع المنتجات الزراعية، فإن مخاطر الطرف الآخر قد تكون بسبب عوامل ليس لها صلة بالملاءة المالية للزبون.
تتمثل المخاطرة الثانية في كون العقد لا يتم تداوله في الأسواق المنظمة أو خارجها، بل هي اتفاق طرفين ينتهي بتسليم سلع عينية وتحويل ملكيتها، وهذه السلع تحتاج إلى تخزين، وبذلك تكون هنالك تكلفة إضافية ومخاطر أسعار تقع على البنك الذي يملك هذه السلعة بموجب عقد السلم، وهذا النوع من التكاليف والمخاطر يتعلق بالبنوك الإسلامية فقط .
3) مخاطر الاستصناع:
يقوم البنك بالتمويل وفق عقد الاستصناع، بعرض رأس ماله لعدد من المخاطر الخاصة بالطرف الآخر.
تشبه مخاطر الطرف الآخر في عقد الاستصناع التي تواجهها البنوك والخاصة بتسليم السلع المباعة استصناعا مخاطر عقد السلم، حيث يمكن أن يفشل الطرف الآخر في تسليم السلعة في موعدها أو أنها سلعة رديئة، غير أن السلعة موضوع العقد في حالة الاستصناع تكون تحت سيطرة الزبون وأقل تعرضا للظواهر الطبيعية مقارنة بالسلع المباعة سلما.
توجد أيضا المخاطر الناشئة عن السداد من جانب المشتري ذات طبيعة عامة، بمعنى فشله في السداد بالكامل في الموعد المتفق عليه مع البنك.
اعتبراذا عقد الاستصناع عقدا جائزا غير ملزم، فقد تكون هناك مخاطر الطرف الأخر الذي قد يعتمد على عدم لزومية العقد فيتراجع عنه. وإن تمت معاملة الزبون في عقد الإستصناع معاملة الزبون في عقد المرابحة، وإن تمتع بخيار التراجع عن العقد ورفض تسليم السلعة في موعدها، فهناك مخاطر إضافية يواجهها البنك الإسلامي عند التعامل بعقد الاستصناع، وقد تكون هذه المخاطر لأن البنك الإسلامي عندما يدخل في عقد الاستصناع، يأخذ دور الصانع والمنشئ والبناء والمورد، وبما أن البنك لم يتخصص في هذه المهن فإنه يعتمد على
المقاولين من الباطن.


4) مخاطر المشاركة:
تذهب العديد من الدراسات العلمية والكتابات حول السياسات إلى أن قيام البنك الإسلامي بتوظيف الأموال على أساس المشاركة والمضاربة أفضل من استخدامها وفق صيغ العائد الثابت مثل المرابحة والإجارة والاستصناع، وفي الواقع فإن استخدام البنوك الإسلامية لصيغ المشاركة والمضاربة هو في أدنى حدود، ويعود ذلك للمخاطر الائتمانية العالية المرتبطة بهذه الصيغ، تزيد المخاطر المتوقعة في صيغ المشاركة والمضاربة بسبب حقيقة عدم وجود مطلب الضمان مع وجود احتمالات الخطر الأخلاقي والانتقاء الخاطئ للزبائن، وبسبب ضعف كفاءة هذه البنوك في مجال تقييم المشاريع وتقنيتها، ثم إن الترتيبات المؤسسية مثل المعاملة الضريبية، ونظم المحاسبة والمراجعة، والأطر الرقابية جميعها لا تشجع التوسع في استخدام هذه الصيغ من قبل البنوك الإسلامية.
وأحد الطرق للتخلص من المخاطر المرتبطة بصيغ التمويل بالمشاركة في الأرباح ،هي أن تعمل البنوك الإسلامية كمصارف شاملة تحتفظ بأسهم ضمن مكونات محافظها الاستثمارية، وبالنسبة للبنوك الإسلامية فإن ذلك يعني التمويل باستخدام صيغة المشاركة. وقبل الدخول في تمويل المشروع بهذه الصيغة، يحتاج المصرف أن يقوم بدراسة الجدوى المحكمة، وباحتفاظها بأسهم، فإن البنوك الشاملة تصبح طرفا أصيلا في اتخاذ القرار وفي إدارة المؤسسة التي تحتفظ هذه البنوك بأسهمها، ونتيجة لذلك باستطاعة البنك أن يتحكم عن قرب في توظيف الأموال في المشاريع التي تمت دراسة جدواها وأن يقلل من مشكل الخطر الأخلاقي .












المطلب الثالث: آليات و أدوات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

تتعامل إدارة البنوك الإسلامية نظرا لخصوصية الأنشطة الاستثمارية والتمويلية للبنوك الإسلامية، ونظرا لمحدودية أدوات التحوط المالية الخاصة بالبنوك الإسلامية، مع المخاطر من خلال مجموعة من الآليات والأدوات لإدارة هذه المخاطر، وهذا ما سوف نتطرق إليه في هذا الجزء.

الفرع الأول: آليات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

نتطرق في هذا الفرع الى آليات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية: الإدارة السليمة للمخاطر على ضوء المعايير الدولية، التكتل و الاندماج، التأكيد على مبدأ الإفصاح والمحاسبة في العقود مع العملاء، الاستثمار في مجال الأبحاث والتطوير.
1) الإدارة السليمة للمخاطر على ضوء المعايير الدولية:
على الرغم من اختلاف طبيعة الأنشطة المصرفية الإسلامية عن تلك التقليدية، إلا أن البنوك الإسلامية لمعايير بازل الأولى والثانية وبالتالي، فعلى إدارة هده البنوك أن تعمل على تحقيق أكبر قدر من التوافق بين المعايير الإسلامية والمتطلبات الدولية في قياس وإدارة المخاطر بأنواعها المختلفة∙
2) التكتل و الاندماج:
يجب على البنوك الإسلامية صغيرة الحجم، أن تسعى إلى رفع حجم رؤوس أموالها أو أن تبحث في إمكانات الاندماج مع غيرها، وذلك حتى تتمكن من تنويع أنشطتها وزيادة كفاءتها التشغيلية∙
3) التأكيد على مبدأ الإفصاح والمحاسبة في العقود مع العملاء:
حتى تتمكن البنوك الإسلامية من الحصول على نصيبها من الأرباح، أو التأكد من أن خسائر عقود المشاركة والمضاربة ليست ناشئة عن تعد أو سوء إدارة من قبل العملاء، لابد أن تتضمن هذه العقود مبادئ الإفصاح المحاسبي و الشفافية، كما ويفضل أن تخضع العمليات المحاسبية لطرف ثالث يعينه البنك للتأكد من سلامة الإجراءات الإدارية والإنتاجية التي يقوم بها العملاء بموجب تلك العقود ∙


4) الاستثمار في مجال الأبحاث والتطوير:
نظرا لمحدودية الأدوات المصرفية الإسلامية، فلا بد من الاستناد إلى الأبحاث بهدف تطوير سلع مصرفية جديدة تواكب المتطلبات المعاصرة ولا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، كذلك لا بد من تطوير أدوات مواجهة المخاطر دون الإخلال بشرعية هذه الأدوات .

الفرع الثاني: أدوات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

اجتهد الفقهاء المعاصرين في تطوير صيغ المرابحة والمضاربة والإجارة، ولأنهم أدركوا أن هذه الصيغ تنطوي على مخاطر، فقد اجتهدوا أيضا في إيجاد أدوات لإدارة المخاطر، لعل من أهمها:
1) الإلزام بالوعد:
ذهب جمهور الفقهاء على عدم الإلزام إلا المالكية الذي ذهبوا إلى الإلزام بالوعد إذا وقع الموعود في خسارة بسبب الوعد ففي عقد المرابحة، وهو عقد على وعد لا يجوز للبنك بيع ما لا يملك و بالتالي لا يجوز إلزام العميل بالشراء، وعليه فقد اجتهد الفقهاء في إيجاد صيغة للوعد الملزم تحقق الغرض منه ولا تقع في المنهي عن،ه وقد أصدر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرارا مفاده أن الإلزام بالوعد في المرابحة ليس إلزاما بالشراء، ولكنه التزام بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالموعود نتيجة عدم الوفاء بالوعد، وهذا يعني تعويض البنك عن الخسارة، إذ حدثت، عن بيع السلعة الموعودة إلى طرف ثالث بأقل من ثمن شرائها∙
2) غرامات التأخير:
لا تستطيع البنوك الإسلامية معاملة العملاء المتأخرين عن التسديد كالبنوك التقليدية، التي تعمل على زيادة تكلفة الدين من خلال غرامات التأخير، وذلك لأن زيادة في الدين هي من الربا المحرم، حتى لو كان أصل الدين حلالا، وحتى لو كانت الزيادة فيه جائزة مثل الزيادة في البيع الآجل، ولذلك عادة ما تواجه البنوك الإسلامية مشكلة عدم جدية التزام العملاء بتسديد مستحقات البنك في أوقاتها∙
عمدت البنوك الإسلامية لمواجهة هذه المشكلة إلى أن يأخذ البنك الإسلامي احتمال التأخير في التسديد من خلال زيادة الربح بما يقابل المطل(التأخير)، ولكن هذا أدى إلى زيادة كلفة التمويل على العملاء وجعل التمويل الإسلامي غير منافسا، الأمر التي ترتب عليه البحت عن وسيلة ردع تمنع المماطلة، ولا تقع في الربا المحرم فجاء اجتهاد الفقهاء بما يعرف بـ (الغرامات للخيارات)، التي تعني تغريم المدين المماطل على الدفع بقدر تخلفه عن السداد في الأجل، وحتى تخرج هذه الغرامة من الربا المحرم، لا تعتبر الغرامة إيراد للبنك وإنما تصرف في أوجه الخير فعلى الرغم من أن البنك الإسلامي لن يستفيد ماديا من الغرامة، إلا أنه من خلالها يستطيع ردع العملاء المماطلون الذين يسعون لتجنب غرامة التأخير التي تعتبر تكلفة مالية عليهم∙
3) وعد البيع في عقد الإجارة:
تعتبر عقود الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود الإسلامية التي سهلت على الناس امتلاك العقارات التي لا يستطيعون شرائها نقد،ا ولا يرغبون في التعامل بالربا المحرم، ولأن البنك الإسلامي مؤسسة وساطة مالية، فان المستأجرون منه هم متمولون منه هدفهم امتلاك محل الإيجار وليس فقط الانتفاع به، ولذلك جاء الاجتهاد المعاصر بصيغة عقد الإيجار مع الوعد بالبيع، الذي يتضمن إيرادات ايجارية للبنك خلال مدة عقد الإيجار، تؤول ملكية محل الإيجار للعميل في نهاية العقد بثمن رمزي، وبحيث تمثل مجموع الإيرادات الإيجارية قيمة محل الإيجار وتكلفة التمويل، أي مقدار ربح البنك في هذه العملية، ولكن تبقى مسألة مدى كفاية عوائد هذا النوع من التمويل فعقد الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود طويلة الأمد، وحيث أن العوائد المطلوب من البنك تحقيقها للمودعين تختلف حسب ظروف السوق، فمن غير المجدي للبنك الإسلامي أن تبقى عوائده المتمثلة بالإيرادات التأجيرية ثابتة لمدة طويلة، ولمواجهة هذه المسألة، فقد أصدر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرارا أجاز فيه ربط الإيجارات طويلة الأجل بمؤشر السوق مثل اللايبور (LIBOR)، وهو سعر الفائدة بين البنوك في لندن لليلة واحدة، ويوجد في الأردن حاليا سعر مماثل مسجل رسميا وينشر يوميا هو الجايبور(JIBOR) وهو سعر الفائدة بين البنوك الأردنية في عمان لليلة واحدة∙
4) التنضيض الحكمي:
يجب على البنك الإسلامي كشركة أن يصدر بيانات المالية الميزانية العمومية وبيان الدخل فهي نهاية سنته المالية، والتي يجب أن تظهر مركزه المالي وربحيته خلال السنة المالية المنتهية∙ ولكن الربح في بعض العقود الإسلامية لا يعرف إلا بعد سلامة رأس المال، أي لا يمكن تثبيت الربح من عقد مثل المضاربة إلا بعد نهاية العقد وتصفية أصوله، ولأن الدفاتر المحاسبية التي يعتمدها البنك لإظهار بياناته المالية قائمة أساسا على المبدأ المحاسبي (استمرارية الأعمال) (Going Concern)، فلا بد من التنضيض لإثبات ربحية البنك من العقود المستمرة، والتي لا تنتهي بنهاية السنة المالية للبنك وقد اجتهد الفقهاء المعاصرين في إجازة ما يسمى التنضيض الحكمي، الذي يتضمن تحويل أعيان العقود إلى قيم نقدية في نهاية السنة المالية للبنك، وبناء عليه يتقرر فيها إذا سلم رأس المال ومقدار الربح وقسمة الربح حسب العقد الأمر الذي يتيح للبنك إظهار أرباحه من كافة العقود في بياناته المالية السنوية∙
5) تحديد المدة في عقد المضاربة :
لا تتضمن الصيغة الأولية لعقد المضاربة مدة زمنية لإنهاء العقد، وإنما كانت تحدد بانتهاء العملية التجارية من بيع وتصريف للبضاعة، ولكن حتى يكون عقد المضاربة صالحا كأساس للحسابات الاستثمارية في البنوك الإسلامية، وجب أن يكون لعقد المضاربة مدة ملزمة لطرفيه، ولهذا اجتهد الفقهاء المعاصرين وأجازوا جعل العقد لازما في مدته إذا نص عقده على ذلك، وفيه ليس لرب المال إنهاء العقد قبل التاريخ المحدد∙
6) الاستصناع الموازي:
لا تستطيع البنوك الإسلامية استخدام عقود الاستصناع بصيغتها الأساسية لأنها مؤسسات مالية وليست صناعية، وحتى يكون الاستصناع قابلا للاستخدام في البنوك الإسلامية، لزم تصميمه بحيث ينحصر عمل البنك فيه على المخاطر الانتقائية، فجاء عقد الاستصناع الموازي الذي يتيح للبنك أن يكون صانعا في العقد الأول و مستصنعا في العقد الثاني ويكون الثمن فيه مؤجلا فيتحقق التمويل للعميل الأول، ويتم تنفيذ العقد من العميل الثاني أي المقاول أو الصانع، وبهذا ينقل البنك مخاطر التنفيذ إلى المقاول المنفذ ويقتصر عمله على الوساطة المالية .



خلاصة:

تتمتع البنوك الإسلامية بقدرات كبيرة على تجميع المدخرات وامتصاص الفوائض المالية في الأوساط الشعبية، وبما تقدمة من خدمات بنكية متنوعة، وما تملكه من أوعية ادخارية واستثمارية كثيرة، كما إن تعدد قنوات التمويل البنكي الإسلامي وتنوع صيغه، تسهل على المستثمر الحصول على التمويل اللازم للنشاط الاقتصادي في الوقت المناسب، ويوفر له وسائل الإنتاج المختلفة، كما يشارك البنك بخبرته الفنية والتنظيمية والإدارية بالإضافة إلى مشاركته المالية.
كما تنسجم الأوعية الادخارية والاستثمارية والصيغ والأساليب التمويلية في البنك الإسلامي مع القيم والمبادئ التي تحكم سلوك المستثمر المسلم، وبذلك تتجلى وبوضوح روعة التكامل والشمول في الفقه الإسلامي في هذه الصيغ والأساليب، التي تنضم استعمال المال وتناسب مختلف الحالات وتفصل سائر احتياجات الأفراد داخل المجتمع.










قديم 2012-10-15, 14:43   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
علي البليدي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا جزيلا لك و وفقك الله في حياتك المهنية والعلمية










قديم 2013-01-08, 19:15   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
fakri
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم

اخي الكريم من فضلك اعطينا تهميش المذكرة يا اخي

التهميش و قائمة المراجع

و حاول ان تحمل لنا المذكرة لو سمحت
او ااعطينا وسيلة للاتصال بك










 

الكلمات الدلالية (Tags)
جودة الخدمات البنك

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:50

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc