■تحذيـر الإخـوان مـن هـجـران الـقـرآن (4)■
☆ الشيخ نجيب جلواح حفظه الله
4- هَجْر العملِ به:
إنَّ الغاية العُظمى مِن إنزال القرآن الكريم هي العمل به، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والوقوف عند حدوده، لهذا وردت آياتٌ عديدة فيه تأمر ـ أمْر إيجاب ـ باتِّباعه والعمل به؛ منها:
قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِين * اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُون﴾[الأعراف:2-3]، والعمل بالقرآن سبب لنيل رحمة الله ـ في الدُّنيا والآخرة ـ؛ قال تعالى: ﴿وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾[الأنعام:155].
قال ابن تيميَّة رحمه الله:
«والمطلوب مِن القرآن: هو فهم معانيه، والعمل به، فإنْ لم تكن هذه همَّة حافظه، لم يكن مِن أهل العلم والدِّين»(20).
ولقد ضرب الله تعالى لليهود ـ الَّذين تركوا العمل بالتَّوراة ـ مَثل السَّوء؛ فقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ الله وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾[الجمعة:5].
وهذا المثل يلحق مَن لم يعمل بالقرآن الكريم ـ أيضًا ـ؛ قال ابن القيِّم رحمه الله:
«فهذا المثلُ وإنْ كان قد ضُرب لليهود، فهو مُتَناوِل ـ مِن حيث المعنى ـ لمن حمَل القرآن، فترك العمل به، ولم يؤدِّ حقَّه، ولم يَرْعَه حقَّ رعايته»(21).
ومِن هَجْر العملِ بالقرآن: قولُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ في وصف الخوارج ـ: «يَقْرَأُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ»(22) أي: لا يرتفع إلى الله تعالى، ولا يُثابون عليه؛ لأنَّ أعمالهم له مخالفة: بسفك دِماء المسلمين، وإخافة سُبُلهم(23).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(20) «مجموع الفتاوى» (23/55).
(21) «إعلام الموقِّعين» (2/288).
(22) رواه البخاري (3344) ومسلم (1064) عن أبي سعيد ا.
(23) انظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطَّال (8/589).
(مجلة الإصلاح -العدد 29-)