موسوعة الأعجاز العلمي قي القرآن والسنة - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

موسوعة الأعجاز العلمي قي القرآن والسنة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-09-03, 20:03   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الثالث والعشرون:-
الفرق بين القرية والمدينة
تاريخ المقال : 10/8/2010 | عدد مرات المشاهدت : 3591
https://www.quran-m.com/container.php...rtview&id=1009

بسم الله الرحمن الرحيم

أشكركم كثيرًا على هذا الموقع الرائع، جعله الله في ميزان حسناتكم، إن شاء الله !

ولى سؤال أتمنى أن أعرف إجابته.. في سورة الكهف قال الله تعالى:

﴿ حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾(الكهف:77).
ثم قال سبحانه:

﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾(الكهف:82).

لماذا اختلفت التسمية: ( قرية )، ثم ( مدينه ) ؟

وشكرًا لكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د/ماهر الزمزمي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا سؤال وردنا من الأخ الدكتور ماهر الزمزمي، وأحلناه إلى الأستاذ محمد إسماعيل عتوك الباحث في أسرار الإعجاز البياني للقرآن، فوافانا مشكورًا بهذا الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على سيد المرسلين.. أما بعد:

جوابًا عن سؤال الأخ الدكتور ماهر أقول وبالله المستعان:

أولاً- لفظ ( القرية ) مشتق من ( القاف والراء والحرف المعتل )، وهو أصل صحيح يدل على جمع واجتماع. وسمِّيت القرية قرية لاجتماع الناس بها. ومنه: قريت الماء في الحوض. أي: جمعته. والنسبة إلى القَرْية: قَرَويٌّ بفتح القاف، وتجمع على ( قُرًى ) بضم القاف، وهي لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن. قال تعالى:﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً ﴾(الكهف:59). ولغة أهل اليمن: قِرْيَة، بكسر القاف، ويجمعونها على ( قِرى ) بكسر القاف.

أما لفظ ( المدينة ) فهو مشتق من ( الميم والدال والنون )، وليس فيه إلا ( مدينة )، على وزن: فعيلة. ومنهم من يجعل الميم زائدة، فيكون وزنها: مَفْعِلة، من قولهم: دِينَ. أَي: مُلِكَ. ويقال: مَدَنَ الرجل ؛ إذا أتى المدينة. وهذا يدل على أن الميم أصلية. وقيل: مَدَنَ بالمكان: أقام به ؛ ومنه سمِّيت المَدينَةُ.

وقيل: المدينة هي الحصن، وكل أرض يُبنَى بها حِصْنٌ في وسطها فهو مدينتها، وتجمع على: ( مُدُن ) بضمتين، و ( مُدْن ) بضم فسكون. وتجمع أيضًا على: ( مَدائن )، وأصلها: ( مداين )، همزت الياء ؛ لأنها زائدة، ومنها قوله تعالى:﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾(الشعراء:53).

ثانيًا- إذا عرفت ذلك فاعلم أن اسم ( القرية ) يطلق في اللغة، ويراد به ( المدينة )، كما يطلق اسم ( المدينة ) ويراد به ( القرية ) , والدليل على ذلك قوله تعالى:﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾، فسمَّاها: قرية، ثم قال:﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾، فسمَّاها: مدينة بعد أن سمَّاها: قرية.

ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾(يس:13)، ثم قال:﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ﴾(يس:20)، فسمَّاها: مدينة، بعد أن سمَّاها قرية، فدل ذلك على جواز تسمية إحداهما بالأخرى.

ومن ذلك إطلاق اسم ( أم القرى ) على مكة المكرمة، وإطلاق اسم ( القريتين ) على مكة والطائف، ومن الأول قوله تعالى:﴿ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾، ومن الثاني:﴿ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾. وقيل: سمِّيت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة خاصة، وغلبت عليها هذه التسمية تفخيمًا لها، شرَّفها الله.

ثالثًا- ومن الفروق بين ( القرية )، و( المدينة ):

1- أن عدد من يسكن ( القرية ) أقل من عدد من يسكن ( المدينة ). ومن هنا قيل: إن قلُّوا قيل لها: قرية، وإن كثروا قيل لها: مدينة. وقيل: أقل العدد الذي تسمَّى به قرية ثلاثة فما فوقها. فالمدينة أوسع من القرية، وأكبر.

2- أن لفظ ( القرية ) يطلق على السكان تارة، وعلى المسكن تارة ؛ وذلك لكثرة استعمالهم لهذا اللفظ ودورانه في كلامهم. قال الراغب: القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس، وللناس جميعًا، ويستعمل في كل واحد منهما. قال تعالى:﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾(يوسف:82) قال كثير من المفسرين معناه: أهل القرية. وقال بعضهم: بل القرية ههنا القوم أنفسهم. وعلى هذا قوله:﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ﴾ وقال:﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ﴾(محمد:13). وقوله:﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾(هود:117)، فإنها اسم للمدينة.

وحُكِي أن بعض القضاة دخل على علي ابن الحسين رضي الله عنهما، فقال: أخبرني عن قول الله تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً ﴾(سبأ:18)، ما يقول فيه علماؤكم ؟ قال: يقولون: إنها مكة، فقال: وهل رأيت ؟ فقلت: ما هي ؟ قال: إنما عنى الرجال، فقال: فقلت: فأين ذلك في كتاب الله ؟ فقال: ألم تسمع قوله تعالى:﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ.. ﴾(الطلاق:8).

رابعًا- بقي أن تعلم أن الله تعالى عبَّر في قوله:﴿ حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾ عن ( المدينة ) بلفظ ( القرية ) ؛ لأنه أدلُّ على الذم ؛ لأن معناه يدور على الجمع الذي يلزمه الإمساك، فكان أليق بالذم في ترك الضيافة. ففيه إشعار ببخلهم حالة الاجتماع، وبمحبتهم للجمع والإمساك. ثم وصف القرية بقوله:﴿ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ﴾ ؛ ليبين أن لها مدخلاً في لؤم أهلها. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:« كانوا أهل قرية لئامًا ».

وأظهر في قوله:﴿ أَهْلَهَا ﴾، ولم يضمر، فيقول: ( استطعماهم ) ؛ لأنهما استطعما بعض أهلها الذين أتياهم، فجيء بلفظ ( أهلها ) ؛ ليعم جميعهم، وأنهم يتبعونهم واحدًا واحدًا بالاستطعام. ولو كان التركيب ( استطعماهم )، لكان عائدًا على البعض المأتي.

ثم قال تعالى:﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾، فعبَّر عنها بلفظ ( المدينة ) ؛ لإظهار نوع اعتداد بها، باعتداد ما فيها من اليتيمين، وأبيهما الصالح. وفي الحديث « إن الله تعالى يحفظ الرجل الصالح في ذريته ». ولما كان سوق الكلام السابق على غير هذا المساق عبَّر بلفظ ( القرية ) فيه، دون لفظ ( المدينة ).

وقيل: لما كانت ( المدينة ) بمعنى: الإقامة، كان التعبير بها هنا أليق ؛ للإشارة به إلى أن الناس يقيمون فيها، فينهدم الجدار وهم مقيمون، فيأخذون الكنز ؛ ولهذا قال في المدينة ).

وأما التعبير عن ( القرية ) بـ( المدينة ) في قوله تعالى:﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ﴾(يس:20)، بعد قوله:﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾(يس:13)، فللإشارة إلى السعة ؛ إذ كانت قرية واسعة ممتدة الأطراف، بدليل أن الرجل جاء يسعى من أقصاها. أي: من أبعد مواضعها ؛ ولذلك عبَّر عنها هنا بلفظ ( المدينة ) بعد التعبير عنها بلفظ ( القَرْيَة ).. والله تعالى أعلم !

بقلم: محمد إسماعيل عتوك









 


قديم 2010-09-03, 20:06   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الرابع والعشرون:-
فلم الأقمار الصناعية تشهد على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم

تاريخ المقال : 31/8/2010 | عدد مرات المشاهدت : 3363
https://www.quran-m.com/container.php...rtview&id=1030
الأفضل رؤية المقالة من الموقع^^^^^^^^^^^^^^










قديم 2010-09-03, 20:11   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الخامس والعشرون:-
تأملات في ابتسامة سليمان عليه السلام

تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدت : 2028
https://www.quran-m.com/container.php?fun=artview&id=270

سامي الهسنياني
كاتب وباحث من كوردستان-العراق

- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -

هل شعرت يوماً بالراحة والاطمئنان وأنت تدخل على شخص غاضب منك وتراه يبتسم في وجهك؟ وهل شعرت بالسعادة وأنت تبتسم في وجه إخوانك وأصدقائك؟ وهل شعرت بأن الشفاء يسري في جسدك وأنت ترى الطبيب يبتسم في وجهك وهو يشخص لك العلاج؟ وهل علمت بأن الابتسامة لها فعل السحر في العقول؟ وهل شعرت بانجذاب نحو شخص يبتسم في وجهك كلما رآك؟ وهل علمت أخي القارئ الكريم بأن الابتسامة أصبحت علم يدرس وفن يمارس لتحسين العلاقات الاجتماعية وتنمية الجوانب الاقتصادية والدبلوماسية، وهل تعلم أن تم الاعتراف به كعلم في بداية القرن العشرين وسمي بعلم نفس الضحك.

لا شيء يعادل الابتسامة المشرقة، فهي سر من أسرار الجاذبية وطريق مختصر للتجاذب بين القلوب، فالابتسامة رمزا للصحة السليمة.

ذكر لنا القرآن الكريم قصة سليمان عليه السلام مع النملة وكيف أنه تبسّم لقولها، قال تعالى:

﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾سورة النمل. وقال رسول الله عليه السلام يحث المسلمين بطلاقة الوجه والتبسم في وجه بعضهم البعض، فقد قال: (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)، وقال أيضاً تبسمك في وجه أخيك صدقة)،وقال أيضاً : (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق).

وقد كان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس تبسماً لأصحابه، يقول عبد الله بن الحارث بن حزم: ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويقول المثل الصيني: إن الذي لا يحسن الابتسامة لا ينبغي له أن يفتح متجراً.

والابتسامة الصادقة النابعة من شغاف القلب هي التي تفعل فعل السحر وتجذب كالمغناطيس، وهي التي تزيد الوجه رونقا وبهاء؛ لا الابتسامة المصطنعة التي تخفي وراءها الكيد والمكر. وأن الطريقة المثلى للابتسامة هي أن تبتسم وأنت تنظر للشخص الذي تحدثه، فهذا سيعطيه شعوراً سريعاً بالأمن والاطمئنان، ودلالة على التواضع والمحبة.

والابتسامة اليوم أصبح ظاهرة حضارية لتعديل مزاج الإنسان وإزالة التوتر وضغوطات الحياة اليومية، وتفتح لها دورات خاصة لتعليم الآخرين الابتسامة في وجه المقابل.

يقول أحد العلماء: إن كل إنسان منا لديه مواد كيميائية خاصة تفرزها أجهزة جسمه عندما يتعرض للخوف أو الحزن أو الكآبة أو القلق. هذه المواد تكون في أدنى مستوى لها عندما تنظر لشخص قدم إليك وهو يبتسم في وجهك!!! لماذا؟ لأن هذه الابتسامة قد أزالت من ذهنك أي خوف أو قلق حول هذا الشخص. وبالنتيجة نستخلص أن الابتسامة هي أسلوب مهم للنجاح في الحياة. يقول العلم أنه عندما يبتسم الإنسان يتحرك من (5- 13) عضلة في الوجه، وعندما يكون في حالة تجهم وعبوس يعمل (47) عضلة...

والآن إلى أهم هذه التأملات:

مختصر القصة سليمان عليه السلام وجنوده يتفقدون الرعية، يمرون على وادٍ به نمل كثير فكانت القصة كما رواها القرآن الكريم. ومن الآية نستنتج ما يلي:

1- تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الكبير للضعيف الذي يخافه وهو لا ينوي أذاه.

2- تبسم سليمان عليه السلام لكلام النملة هو بمثابة تبسم الحاكم العادل للفقير الضعيف الذي يرجوا النجاة والخلاص دون أن يلحقه الأذى من الحاكم، وهو يرى تصرفات الضعيف الدالة على ذلك.

3- الابتسامة دلالة على أن سليمان عليه السلام لم يقصر في حق رعيته، وأنه مرتاح الضمير ومستقر نفسياً وأنه ايجابي التعامل مع الأحداث.

4- تبسمه لكلام النملة قد يكون من إعجابه بهذا المخلوق الصغير والضعيف، كيف انه يدافع عن مملكته منادياً فيهم الدخول في مساكنهم.

5- تبسمه لكلام النملة أعطى للنملة القوة في الكلام، وهو ما نلاحظه من الآية.

6- تبسمه لكلام النملة أدى إلى إنقاذ مملكة النمل من الدمار.

7- تبسمه دلالة على أن مطالب الضعفاء والمظلومين مجابة، وأن مطالبهم في أكثر الأحيان مقبولة.

8- تبسمه دلالة على أن للمظلوم حق أن يدافع عن نفسه أمام أي شخص كان وأن حقه راد إليه لا لظلم القوي على الفقير الضعيف، أي أن العدالة سارية آخذة مجراها.

9- على الحاكم أن يبتسم في وجه الرعية كبيرها وصغيرها، قويها وضعيفها، فقيرها وغنيها، حاضرها وغائبها، لا أن يبتسم للحاشية ويكشّر ويتهجّم أمام الرعية التي لا حول لها.

10- الابتسامة دلالة على أن الرعية في مأمن (الإنسان والحيوان ) كل مصان حقه.
11- دلالة على الشخصية السوية والمتزنة والشفافة والتي تتأثر بأي كلام صادر حتى ولو من ضعيف مهمش.

12- كلام النملة ذكّره بأن هناك في مملكته من لا يحسّ بهم إلا أن يلتقي بهم بموعد أو بغير موعد، فكان درس عظيم للحاكم العادل.

13- تبسمه شرح صدره بأن يدعوا الله تعالى ويشكر نعمه الجزيلة.

14- دلالة على أن المملكة في مأمن، لا خيانات ولا انقلابات.

15- دلالة على توفر العدالة الاجتماعية للجميع حتى الحيوان الصغير الذي له الحق بعيش رغيد في ظل حكم عادل.

16- وجود فسحة في حياة الحاكم وحياة الداعية فيه من اللهو المباح يتضمن الكلام الذي في نوع من الدعابة واللطائف، لتفريغ ضغوطات المسؤولية والحياة.

17- دلالة على وجوب اتخاذ الحاكم ندماء وظرّاف للترويح عنه بإلقاء النكت والطرائف البعيدة عن المجون، لتجديد حياة الحاكم اليومية، وإخراجه من دائرة الملل والروتين.

والآن إلى أهم التأملات التنموية للابتسامة:

معنى الابتسامة :

تعبر الابتسامة عن معان شتى منها :

الفرح والسرور – الانشراح – الاستقرار الداخلي – الثقة بالنفس – الشخصية السوية والمتوازنة – المحبة والود – القبول والموافقة – التواضع - وقد تعبر أيضاً عن : الخجل – الحرج – الحياء – اليأس- الفشل بعد المثابرة.

الفرق بين الابتسامة والضحك :

1- الابتسامة حالة دائمة (وهي نوع من الضحك اللطيف)، بينما الضحك حالة مؤقتة.

2- الابتسامة رد فعل للسرور، بنما الضحك قد يكون رد فعل للألم أيضا ً.

3- الابتسامة تأتي عن قناعة ورضا داخلي، بينما الضحك قد يأتي نتيجة لحالة مفاجئة طارئة.

4- يبقى مفعول الابتسامة طويلاً، بينما الضحك لا يلبث أن يتلاشى.
5- الابتسامة دليل التواضع، بينما الضحك إن صاحبه القهقهة دليل الكبر.

6- الابتسامة أصعب من الضحك لأنها تشمل التعامل مع فئات متنوعة من البشر على اختلاف طبائعهم ومشاربهم، بينما الضحك يشمل فئات منسجمة مع بعضها ومتقاربة.

7- في الابتسامة يراعي الآداب ( حركة بسيطة تظهر فيها نواجذ الأسنان)، بينما الضحك قد يتجاوز إلى ظهور لسان المزمار في الحلق.

المبتسم والسعادة والعمر:

والمبتسم شخص يشعر بالسعادة من أعماق داخله لذا تظهر ابتسامته شفافة صادقة تبعد عنه كما تقول دراسة حديثة بأن شعور المرء بالسعادة يجنبه الإصابة بنوبات القلب وأمراضه وبالسكتة الدماغية والإصابة بداء السكري بل وبالبدانة أيضاً وأمراض العقل باختلاف أنواعها وأنها تطيل عمر الإنسان بمقدار 12 سنة بعد مشيئة الله.

ويقول الأطباء إن السبب وراء ذلك بسيط للغاية فإن السعداء من الناس يفرزون كميات قليلة من هرمونين رئيسين للتوتر المضر بالصحة تسارع بشيخوخة كل عضو في جسم الإنسان.

فوائد الابتسامة الصحية:

- تحفظ للإنسان صحته النفسية والبدنية.

- تساعد على تخفيف ضغط الدم.

- تنشط الدورة الدموية.

- تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض والضغوطات النفسية والحياتية.

- يساعد المخ على الاحتفاظ بكمية كافية من الأوكسجين.

- لها آثار ايجابية على وظيفة القلب والبدن والمخ.

- يتمتع المبتسم بنبض سليم متزن.

- تسرِب الهدوء والطمأنينة إلى داخل النفس.

- تزيد الوجه جمالا وبهاء.

- الابتسامة نوع من العلاج الوقائي لأمراض العصر.

- صمام أمان من القلق والكبت.

- يخفف من حموضة المعدة.

- زيادة إفرازات الغدد الصم مثل غدة البنكرياس والغدد الكظرية والدرقية والنخامية

- يساعد على إزالة التوتر العصبي.

- علاج لحالات كثيرة من الصداع.

- يريح الأعصاب إلى الراحة والارتخاء.

- يقهر الأرق والكآبة.

- تكرار الابتسامة يريح الإنسان ويجعله أكثر استقراراً، بل إنهم وجدوا أن هذه الابتسامة تقلل من حالة الاكتئاب التي يمر بها الإنسان.

- يقول الأطباء ويفيد الابتسامة والضحك الخفيف في تحسين القدرة الجنسية، فضلاً عن دوره في إرخاء العضلات وإبطاء إيقاع النبض القلبي وخفض التوتر الشرياني، وأخيراً بدأ العلماء في استخدامه كأساس لإستراتيجية علاجية حقيقية، تقوم على استخدام تقنيات الاسترخاء واليوجا من خلال تعلم منكسات تنفسية وتمارين خاصة.

الابتسامة والتجاعيد:

أثبت بحث علمي في مصر أن تجهم الوجه ( التكشير والتقطيب) يؤثر بشكل فعال في ظهور التجاعيد على الوجه ولاسيما حول العينين. وأثبتت التجارب أن الابتسامة سلاح فعال ضد التجاعيد أو على أقل تقدير تؤثر الابتسامة في تأخير ظهور التجاعيد بسبب ارتخاء عضلات الوجه أثناء الابتسامة, ولذلك فإن العلماء يقدمون نصيحة ذهبية للناس ولاسيما النساء, ومن المهم للمرأة أن تكون دائمة الابتسامة حتى تحقق راحة النفس والاستقرار.

الابتسامة ونشاط العقل:

1- تزيد الابتسامة من نشاط الذهن .

2- تقوي القدرة على تثبيت الذكريات بتقوية الذاكرة.

3- توسيع ساحة الانتباه والتعمق الفكري.

4- يزيد قدرة الفرد على التخيل والإبداع ودقة التفكير.

5- تزيد من صفاء الذهن وعدم تشتته.

6- ينمي من القدرات الابداعية.

فوائد الابتسامة الدعوية:

1- طريق مختصر لكسب القلوب.

2- صدقة تكسبها بكل سهولة.

3- تطوير للمهارات الدعوية.

4- دليل على التربية الإسلامية السوية.

5- يجعل الآخرين أكثر تقبلاً لفكرتك ومنهجك.

6- مفتاح لهداية الكثيرين من الناس.

7- باب يوصلك إلى نفوس المخالفين لك.

8- تبسمك في وجه الآخرين صدقة جارية إلى يوم القيامة.

9- سنّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فوائد الابتسامة من الناحية الاجتماعية :

- سبب من أسباب السعادة والنجاح. يقول لنا اليوم علماء البرمجة اللغوية العصبية بأن أحد أساليب النجاح الأقل كلفة هو الابتسامة.

- كما تبين البحوث أن صاحبات الابتسامة الحلوة يستمتعن بتربية الأطفال ,وهن اجتماعيات ومرحات ويشعرن من حولهن بالدفء الإنساني , ويعتقد أن السبب في ذلك أن الإنسان يكون رد فعله ايجابيا عندما نبتسم له.

- تختزل الكثير من المفردات العاطفية التي يمكن أن نقولها للآخرين.

- يبقى ذكرها زمنا ً.

- رمز المودة والمحبة.

- رمز الود والدفء.

- يرشح أن يكون المبتسم سفيراً لحل النزاعات، وأن يكلف بالمهام الدبلوماسية.

- يساعد في امتصاص غضب الآخرين.

- يساعد على التكلم بكل هدوء ووضوح.

- يساعد على أن تفتح قلبك له.

- موضع اعتماد الآخرين.

- يساعد على التحدث للآخرين بلباقة.

- دلالة على شخصية سوية ومتوازنة.

- عبارة عن تحية صامتة.

- تزيل والأحقاد والتوترات والمشاحنات.

- ترسم في الذاكرة صورة إيجابية للمبتسم.

- أكثر الأشخاص جاذبية وثقة بالنفس.

- له قدرة على إقناع الآخرين.

- يساعد في حل المشكلات بكل سهولة.

- يبعث البهجة والسرور بين الناس.

- يساعد على كسب أصدقاء جدد.

- يرفع من الروح المعنوية.

فوائد الابتسامة من الناحية الاقتصادية:

- يقول مدير إحدى شركات الحديد والصلب : ( لقد أكسبتني ابتسامتي مليون دولار سنويا).

- (قصة) طلب عمال أحد المحلات التجارية الكبيرة في باريس رفع أجورهم، فرفض صاحب المحل، فما كان من عماله إلا أن اتفقوا على أن لا يبتسموا للزبائن كرد فعل على صاحب المحل، فأدى ذلك إلى انخفاض دخل المحل في الأسبوع الأول حوالي (60%) عن متوسط دخله في الأسابيع السابقة.

- فحسب تقرير نشرته مجموعة مينتيل للأبحاث التسويقية، فقد شهدت مبيعات منتجات الأسنان من مواد تبييض وخيوط بسبب الابتسامة ارتفاعاً ملحوظاً من (17) مليون جنيه إسترليني في عام (2001) إلى( 37) مليون جنيها في العام (2002).

- هل يمكن تصديق أن عمليات تجميل الأسنان باتت أغلى من عمليات تجميل أخرى؟. وما تتداوله الأوساط البريطانية حاليا أن مهنة تجميل الأسنان أصبحت من أكثر المهن التي تدر أرباحا على ممارسيها. فالعديد منهم كسبوا الملايين من ورائها، وكل ذلك بسبب الابتسامة وجاذبيتها، حيث أن لظهور الأسنان فيها دور بارز.

الابتسامة ودورات التنمية:

المبادرة الجديدة التي أطلقوا عليها "مبادرة الابتسامة" أعدتها وزارة التنمية الإدارية المصرية بالاشتراك مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وحسب تصريحات الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز فإنها تعد الأولى من نوعها، وتهدف إلى الارتقاء بمستوى أداء الخدمات الحكومية من خلال تدريب (24) ألف موظف على الابتسام في وجه الجمهور. وقد يكلف الدورة الأولى وهي لحوالي (750) موظفاً حوالي (480) ألف جنيه مصري.

استفدت من المصادر التالية:

1- علي غانم الطويل: الشخصية المغناطيسية.

2- جريدة الرياض السعودية العدد 13584 أيلول 2005.

3- موقع مجلة بوابة الكويت.

4- جريدة الثورة المصرية 26-6-2006.

5- جريدة الشرق الأوسط العدد 9673 مايو 2005.

6- موقع المهندس عبدالدائم الكحيل.

7- موقع إسلام أون لاين- نماء.

كتب في : 31/ 8/ 2006










قديم 2010-09-03, 20:15   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم السادس والعشرون:-
الدروس المستفادة من قصة قارون

تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدت : 654
https://www.quran-m.com/container.php?fun=artview&id=247

سامي الهسنياني

- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -

من أكثر القصص عرضا في القرآن الكريم وتكرارا قصة نبي الله موسى (عليه السلام) منذ ولادته حتى بعد هلاك فرعون وما جرى بينهم وبين موسى وقومه. ومن تلك القصص الداعية للتأمل والتوقف قصة قارون مع قومه، ومع موسى (عليه السلام)، قارون الذي يمثل القوة الاقتصادية الطاغية في وقته، وحتما فهو يملك أيضا النفوذ السياسي والقوة السياسية في القصر الفرعوني، وهو بذلك يمتلك مصادر القوة والوجاهة والكلمة المسموعة. وموسى (عليه السلام ) وأتباعه الذين يمثلون الجانب الإيماني الداعي إلى الله تعالى بالكلمة والموعظة الحسنة والتذكير بالآخرة، مع عدم نسيان نصيب الدنيا والأخذ منها بقدر الحاجة ، لكن كان الرفض الشديد من الجانب الأول وبكل قوة مفتخرا بماله وجاهه، فكان ما كان.

قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ. فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ . وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾(القصص:76- 82).


قال تعالى: ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى﴾

قارون من قوم موسى (عليه السلام)أي من ضمن الجماعة المرسل إليهم موسى عليه السلام.

1- قارون ليس من أهل موسى لأن أهله إلا المؤمنون بدعوته ورسالته،لأن الأهل لا يعتمد على درجة القرابة.

2- قد يكون من الذين أمنوا بدعوة موسى (عليه السلام) في أول الأمر، ثم ما إن فتح الله عليه من الأموال والكنوز نسي ما كان يدعى إليه؛ لاشتغاله بثروته، فتمرد على الحق والخير.

قال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ.﴾

1- فتح الله تعالى عليه أبواب الثراء الفاحش من : ذهب وفضة ومعادن مختلفة.... .

2- امتلاكه العلم والمعرفة في طرق جمع المال.

3- امتلاكه طرق تمويل واستثمار المال وطرق حفظه وحمايته.

4- عمل جماعات من الخدم والحشم في حماية ماله وحفظ مفاتحه.

3- ظلم وبغي قارون تجاوز الحد، إذ ظلم نفسه وظلم قومه وتطاول عليهم .

4- ملك أسباب الوصول إلى الثراء الاقتصادي، حتى كان القطب الأعظم، مقابل القطب السياسي فرعون،والاثنان يمثلان احتكار السوق والتجارة، واحتكار أفكار وعقول الجماهير الساذجة التي رضيت بالواقع.

قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾

1- وجود دعاة في القوم يذكرون قارون بالله تعالى، معينين لموسى وأخيه عليهما السلام.

2- قولهم (لا تفرح) يعني لا تفرح فرح البطرين الناسين حقوق الله تعالى ، الفرح المؤدي إلى ظلم العباد واستبدادهم- الفرح الذي لا يأتي إلا بتعذيب واضطهاد الفقراء والضعفاء.

3- قومه هنا المؤمنون بدعوة موسى الحرصين لهداية قارون، العارفين ما سيؤول إليه أمره إن لم يؤمن ، وهم يمثلون الجماعة المؤمنة التي ترفع صوتها لتغيير الواقع وإصلاح ما فسد منه.

4- وقد يكون من بين القوم من غير المؤمنين أيضا، الذين أدى بهم ظلم وطغيان قارون إلى حالة من الضعف المادي والفقر والجوع والمرض؛ نتيجة احتكار قارون طرق المعيشة، وعند مشاهدتهم ما يقوله المؤمنون لقارون، تحرك فيهم الجرأة والشجاعة لأن يقفوا في صف المؤمنين.

قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾

1- تربى على يد موسى وأخيه دعاة من الطراز الأول ورثوا الدعوة وقاموا بواجبهم الدعوي بالأسلوب الجميل والعبارة الموجزة، وحوارهم مع قارون خير دليل.

2- تذكير قارون بأن عمله هذا هو عمل المفسدين ، إن لم يؤمن ويصرف الأموال في عمارة الأرض، ومساعدة المحتاجين.

3- تذكير قارون بأن يوازن في الإنفاق، بأن يحسن إلى الناس كما أحسن الله تعالى عليه.

4- قارون كان يظن أن عمله هذا هو عمل المصلحين في نظره ، ولكن في نظر المصلحين هو عمل المفسدين، فعمله إن استمر فإنه سيؤدي إلى فساد في الأرض، ويصيب الإنسان والحيوان والنبات والجماد.

قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾
1- التباهي بالعلم (على علم عندي)، علم لم يتعلمه من أحد لا يعترف بذلك، وهذه الكنوز والأموال هي نتيجة جدي واجتهادي وذكائي، لا دخل لأحد في ذلك.

2- حبه لأمواله سد عليه منافذ التفكير السليم، والتصرف الصحيح.

3- دخوله في دائرة كفران النعمة وكفر الإنكار والجحود.

4- حبه للتفاخر والتباهي والعظمة أمام الجماهير الحاضرة.

5- في قوله دلالة على أنه لا يعتمد على أحد في علمه، وأنه لا يريد أن يظهر ذلك.

6- حبه للظهور والتملك منعه من أن يعترف بوجود إله واحد أحد لا شريك له.

7- بما أنه يعتقد أن هذه الأموال نتيجة علمه، إذاً لا دخل لأحد فيه فلي الحق في التصرف كيف أشاء، حسب قوله.

8- على علم عندي، يعني لي الحق في اتخاذ الناس عبيدا، وكل ما عندهم فمن فضلي.

قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً.﴾
1- أدعى قارون العلم، لكنه نسي علوم التاريخ والسير وسقوط الظلم والطواغيت، وما جرى لأسلافه السابقين وما حل بهم نتيجة كفرهم وعنادهم.

2- وجود من هو أقوى منه، وأكثر جمعا وأموالا وعلما، جاء عليه العذاب والهلاك لكفرهم.

3- العلم والمال لا يمنعان وقوع العذاب والهلاك، وقد يأتي العذاب نتيجة التصرف الغير السليم للعلم والمال.

4- حب قارون للمال سد عليه منافذ التفكير السليم والاتعاظ لما مضى من هلاك الأقوام التي سبقته، نتيجة كفرهم وطغيانهم.



قال تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ.﴾

1- ليقوم قارون إخفاء عجزه أمام الجماهير وأمام الدعاة، قام بخطة لإلهاء الجماهير وهو الخروج بزينته بماله وذهبه وحليه ليسحر أعين وقلوب الحاضرين من الذين يبهرهم المال ويسلبهم عقولهم .

2- عرض القوة المادية والاقتصادية، في ظنه أنها تقهر المقابل وتغريه، وتثبطه عما يدعوا إليه.

3- إلهاء السواد الأعظم من الجماهير عما يدعوا إليه موسى (عليه السلام) وأتباعه.

4- بعمله هذا قد يريد ميل قلوب بعض المؤيدين لموسى (عليه السلام) لجانبه.

قال تعالى: ﴿قَالََ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.﴾
1- صنف في كل زمان ومكان، وهم أكثر الناس يتمنون أن يكون عندهم ما عند الغني من المال والكنوز.

2- هذا الصنف يمتاز بضعف الإيمان وتأرجحه وعدم ثباته في الشدائد.

3- قد ينطبق عليه صفة التحامل، إذ أكدوا بحظيّة قارون.

4- شعورهم بالدونية والازدراء من أنفسهم نتيجة لفقرهم، أو لضعفهم أمام قارون.

5- قد يكون هذا اختبار من الله تعالى ليمتحن به المؤمنين، ويمحصهم بمال قارون وزينته.

قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ.﴾
1- صنف آخر وعى الحق والحقيقة، علم حقيقة الدنيا والآخرة، وهم عارفين بالنفوس المريضة العالقة بحب الدنيا.

2- صنف يعلم أن الآخرة خير وأبقى من كنوز الدنيا وليس كنوز قارون فقط.

3- دعاة قوم موسى – بعد أن وعظوا قارون – قاموا بواجبهم الدعوي والإيماني بتذكير هؤلاء الذين سيطر على عقولهم وقلوبهم عرض قارون لزينته، تذكيرهم بأهمية الإيمان والعمل الصالح للنجاة في الدنيا والآخرة.

4- صنف علموا أن القناعة خير علاج لمواجهة زينة قارون وماله.

5- لعل هذا التذكير يقلل من عدد الساقطين، لذا عمد الدعاة إلى بيان أهمية العمل الصالح في الدنيا والآخرة، وتحريك الجانب الإيماني الذي كشف عن ضعفه في قلوب بعض المؤمنين بهذا العرض .

قال تعالى: ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ. ﴾
1- يسير هذا الكون وفق سنن إلهية كونية إلى يوم القيامة.

2- خسف قارون وثروته هو جزاء عمله السيئ وظلمه وطغيانه وبغيه، وكفره بموسى (عليه السلام) ودعوته.

3- أنصار الطغاة في الرخاء كثيرون، لأنهم أصحاب مصالح مشتركة، لكن إن يتعلق الأمر بأمر مصيري فلا أحد يعرف أحد ، ألا ترون معي أن قارون رغم قوته وثروته لم يتقدم أحد لنصرته ولو بكلمة واحدة عند وقوع العذاب.

قال تعالى: ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ.﴾
1- بيان أهمية التذكير الإيماني إذ أوقد فيهم تذكير إخوانهم السابق لهم جذوة الإيمان الخامد في قلوبهم في لحظة من لحظات الغفلة والنسيان، بسبب عرض قارون بزينته، حيث أنابوا إلى الله تعالى بعد ما رأوا مصير قارون أمام أعينهم وما صار إليه . أيقنوا أن الله تعالى هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء، وأن لا علاقة الحظ في ذلك فقط هو توريث المال باتخاذ الأسباب المؤدية إلى ذلك، لأن الله تعالى هو الواهب المعطي المانع، يعطي من يشاء ويمنع عن من يشاء للاختبار والابتلاء.

2- نجاة المؤمنين وهلاك الظالمين، هذا شأنهم إلى يوم القيامة.

الدروس والعبر

1- الدعوة بين الأغنياء وأصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي، وعدم تركهم وإهمالهم.

2- صاحب الثروة والجاه إن لم يكن مؤمنا بالله تعالى فهو حتما سيظلم ويطغى على عباد الله .

3- يمثل قارون اليوم مؤسسات وشركات الاحتكار ومنظمات التجارة والاقتصاد التي تبتز أموال الفقراء والضعفاء من عباد الله بحجج واهية، أو مساعدتهم بشروط قاسية.

4- سيطرة فئة قليلة من الأثرياء على خيرات الملايين من الناس ومنعهم من العيش بأمان وطمأنينة، وما نلاحظه في أفريقيا وآسيا من جوع وفقر ومرض، وما سببه إلا الدول الغنية والحكومات الفاسدة والشركات الاحتكارية.

5- بصورة مباشر أو بغير مباشر الثروة تؤدي إلى السياسة، والمشاركة في صناعة القرار السياسي والاقتصادي، وقد تخفى على الكثير من الناس هذا الأمر.

6- حماية المال العام وثروة الدولة باسم الأمن العام، أو الأمن القومي، أو باسم مصلحة الشعب، حيلة قديمة.

7- خداع السذج من الناس بتوظيف بعض العمال العملاء لحماية الممتلكات الخاصة باسم ممتلكات الشعب.

8- إلهاء الأنظمة الفاسدة جماهيرها بمناسبات: ( فنية- حفلات، مهرجانات ، بطولات، مسابقات) عند شعورها بالخطر، أو لغرض تمرير بعض القرارات، أو لإخفاء ما يجري خلف الكواليس.

9- وجود دوما من يدافع عن الظالم الباغي الذي يربط بينهم مصالح مادية مشتركة.

10- عند الشدة والعسرة لا أحد ينتصر لأحد، لأن عقد المصالح إلى زوال، وقد يحيك بعضهم للبعض الدسائس في السر.

11- وجود فئة أو جماعة مؤمنة تفكر وتنظر بعين الرضا إلى الأمور في كل زمان ومكان، وهي تضع مصلحتها جانبا لأجل مصلحة الجماهير.

12- تربية الدعاة على أسلوب الحوار والتفكير الهادئ.

13- التأكيد على التربية الإيمانية والروحية إلى جانب التربية الدعوية.

14- الفرح الذي ينشط القلب والتفكير والمزاج، الفرح بالحسنات والأعمال الصالحة فرح مطلوب، أما الفرح الذي ينسي الآخرة ويؤدي إلى البطر والغرور فهو فرح مذموم.

15- جمع المال وسيلة وليس غاية.

16- صاحب المال عند بعده عن الله تعالى، يعتقد أنه بحنكته وذكائه وشطارته جمع هذا المال ولا دخل لله في ذلك.

17- العلم المؤدي إلى المعرفة تصنع القوة الاقتصادية والسياسية وتساهم في صنع الحضارات.

18- الترف عامل من أقوى العوامل وأشدها تأثيرا في سقوط الأفراد والأمم والجماعات والدول، إلى هاوية الهلاك، وخاصة إن كان هذا الترف يبدأ من رأس السلطة السياسية والاقتصادية، فإن ساعة الهلاك تكون وشيكة.

19- أصحاب الإيمان الضعيف يتمنون أن يكون لهم مثل ما عند الأغنياء من أموال وكنوز( سيارات، عقارات، قصور، أرصدة،.....، ) لحسبهم أن ذلك مردّه إلى الحظ والنصيب.

20- عمر الظلم قصير مهما طال وتجبر.

21- نهاية قارون درس لكل دولة أو فرد أو حكم أو حزب أو مؤسسة، دكتاتوري، طاغي، متجبر ، على رقاب العباد إلى يوم القيامة.

22- هلك الله تعالى مال قارون معه لكي لا يفتن الذين من بعده ويتنافسوا على الدنيا، فيصبح في المجتمع قارونات عدة فينسوا الآخرة، ويكون دعوتهم أشد لتعلقهم بالدنيا.

23- اليوم عندما يسهّل الله تعالى زوال قارون وخاصة عن طريق القوة يبقي على ماله أحيانا ًليرى كيف يتعامل الآخرون مع هذا المال من سلب وغصب واقتتال من اجله، والذي ينجوا لا ينجوا من الفتنة وذلك لمنافسة بعضهم البعض على الاستحواذ أكثر.

24- وجود الجماعة المؤمنة، العالمة، المفكرة، التي تستطيع أن تحلل المواقف وتفسرها.

25- وجود الجماعة الحريصة لهداية الحيارى من الناس، في خضم الصراع النفسي والاجتماعي والاقتصادي، التي تشهده المجتمعات.

26- نشر الفكر الوسطي المعتدل بعيدا عن العنف والتطرف، بالوسائل الممكنة والمتاحة.

27- العلم إن لم يرافقه التقوى يؤدي إلى الكفر والإلحاد.

28- ضرورة وجود جماعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر في المجتمع.

29- ضرورة وجود جماعة، أو مجموعة منظمة ، أو مؤسسة خاصة تقول للغني ، من أين لك هذا؟ وخاصة إن كان هذا الغني في موقع من مواقع السلطة، ولم يعرف عنه الغنى من قبل، ومحاسبته أمام القانون.

30- استغلال الفرص للقيام بواجب الدعوة والتذكير، وخاصة المناسبات.

31- الله تعالى يعطي زينة الدنيا للمؤمن وللكافر عند اتخاذه الأسباب.

32- عند الأزمات على الجماعة أن تركز على التربية الداخلية، والحفاظ على الموجود لتقليل عدد المتساقطين.

33- الدعوة إلى العمل الدنيوي إلى جانب العمل الأخروي، مع مراعاة أن لا يطغى جانب على جانب.

34- تقوية الاقتصاد الداخلي والاكتفاء الذاتي،لمواجهة حالات التضخم أو العجز المالي، أو بسبب طوارئ السوق العالمية.

35- التربية بالأحداث خير معين للجماعة لتمحيص الصف الداخلي، وكشف المعادن من الدعاة.

36- الجماعة الناجحة هي التي تفسح المجال مرة أخرى لعودة المتساقطين للانضمام لصفوفها، بعد اختبارهم وتزكيتهم.

37- الصمود أمام الفتن يتطلب إيمان راسخ في قلب ثابت.

38- السقوط في طريق الدعوة والإيمان سنة ماضية إلى يوم القيامة؛ لذا يجب معرفة الأسباب المؤدية إلى ذلك علاجها.

39- ضرورة بقاء جذوة الإيمان متقدة في قلوب الدعاة ، ليتمكنوا من القيام بواجبهم الدعوي، وهذا يتطلب خلوات فردية أو جماعية لمراجعة الذات، أو النظر في سير الصالحين وكيف تعاملوا مع الدنيا .

40- الولوج في عالم التجارة والمال واجب مطلوب لتحقيق الكفاية المادية للفرد وللجماعة،ولأجل ذلك لابد من استثمار العقول النقية والتقية في ذلك.

41- تربية الدعاة أولا، والمؤمنين ثانيا على الرضا بما قسمه الله تعالى من زينة الدنيا من أموال وثروات في الفقر والغنى، إذ أكثر ما نخشاه هو فتح زينة الدنيا المؤدي إلى النكوس والقعود، ثم السقوط في النهاية إذا كانت البداية فاسدة.

42- تربية الدعاة على فقه التوازن الدنيوي والأخروي، لأن أكثر الساقطين في طريق الدعوة سببه المال أو إحدى طرق جمعه وامتلاكه.

43- يمكن أن يتكرر صور العذاب والهلاك في الوقت الحاضر ، بصور شتى .إن هلك قارون موسى فإن هناك قارونات كثر على مر التاريخ. وما أكثر اليوم من يقول : ( إنما أوتيته على علم عندي) .

44- عدم ذكر أسماء الدعاة دلالة على الإخلاص والصدق مع الله تعالى .

45- نجاة المؤمنين وهلاك الظالمين مستمر إلى يوم القيامة


مواضيع ذات صلة :

•تأملات في قصة ذي القرنين

•قارون وفتنة العصر










قديم 2010-09-03, 20:19   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم السابع والعشرون:-
الحية والثعبان ... إعجاز بياني في قصة موسى عليه السلام

تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدت : 1181
https://www.quran-m.com/container.php?fun=artview&id=236

بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل

لفت انتباهي إلى هذا الموضوع أحد الإخوة القراء من خلال سؤال عن سر مجيء كلمة (ثعبان) تارة وكلمة (حية) تارة أخرى وذلك في سياق قصة سيدنا موسى عليه السلام. وقد يظن بعض القراء أن المعنى واحد، وأن هذا الأمر من باب التنويع وشد انتباه القارئ فقط....

ولكن وبعد بحث في هذا الموضوع ظهرت لي حكمة بيانية رائعة تثبت أن كل كلمة في القرآن إنما تأتي في الموضع المناسب، ولا يمكن أبداً إبدالها كلمة أخرى، وهذا من الإعجاز البياني في القرآن الكريم.
ولكي نوضح الحكمة من تعدد الكلمات عندما نبحث عن قصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون لنجد أنها تكررت في مناسبات كثيرة، ولكن العصا ذُكرت في ثلاثة مراحل من هذه القصة:
1- عندما كان موسى سائراً بأهله ليلاً فأبصر ناراً وجاء ليستأنس بها فناداه الله أن يلقي عصاه.
2- عندما ذهب موسى إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق رسالته من الله تعالى فألقى موسى عصاه.
3- عندما اجتمع السَّحَرة وألقوا حبالهم وعصيّهم وسحروا أعين الناس، فألقى موسى عصاه.
هذه هي المواطن الثلاثة حيث يلقي فيها موسى العصا في قصته مع فرعون. ولكن كيف تناول البيان الإلهي هذه القصة وكيف عبّر عنها، وهل هنالك أي تناقض أو اختلاف أو عشوائية في استخدام الكلمات القرآنية؟
الموقف الأول
في الموقف الأول نجد عودة سيدنا موسى إلى مصر بعد أن خرج منها، وفي طريق العودة ليلاً أبصر ناراً فأراد أن يقترب منها ليستأنس فناداه الله تعالى، وأمره أن يلقي عصاه، فإذاها تتحول إلى حيّة حقيقية تهتز وتتحرك وتسعى، فخاف منها، فأمره الله ألا يخاف وأن هذه المعجزة هي وسيلة لإثبات صدق رسالته أمام فرعون.


ولو بحثنا عن الآيات التي تحدثت عن هذا الموقف، نجد العديد من الآيات وفي آية واحدة منها ذكرت الحيّة، يقول تعالى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى *قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى * قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى) [طه: 17-21].

الموقف الثاني
أما الموقف فيتمثل بقدوم موسى عليه السلام إلى فرعون ومحاولة إقناعه بوجود الله تعالى، وعندما طلب فرعون الدليل المادي على صدق موسى، ألقى عصاه فإذا بها تتحول إلى ثعبان مبين. ولو بحثنا عن الآيات التي تناولت هذا الموقف نجد عدة آيات، ولكن الثعبان ذُكر مرتين فقط في قوله تعالى:


1- (وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ* قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ) [الأعراف: 104-109].


2- (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ* قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ* قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ * قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ) [الشعراء: 23-34].

الموقف الثالث
بعدما جمع فرعون السحرة وألقوا الحبال والعصيّ وسحروا أعين الناس وخُيّل للناس ولموسى أن هذه الحبال تتحرك وتهتز وتسعى، ألقى موسى عصاه فابتلعت كل الحبال والعصي، وعندها أيقن السحرة أن ما جاء به موسى حق وليس بسحر، فسجدوا لله أمام هذه المعجزة.

وقد تحدث القرآن عن هذا الموقف في العديد من سوره، ولكننا لا نجد أي حديث في هذا الموقف عن ثعبان أو حية، بل إننا نجد قول الحق تبارك وتعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) [الأعراف: 117].

التحليل البياني للمواقف الثلاثة
لو تأملنا جيداً المواقف الثلاثة نجد أن الموقف الأول عندما أمر الله موسى أن يلقي عصاه وهو في الوادي المقدس، تحولت العصا إلى (حيَّة) صغيرة، وهذا مناسب لسيدنا موسى لأن المطلوب أن يرى معجزة،/ وليس المطلوب أن يخاف منها، لذلك تحولت العصا إلى حية.
أما في الموقف الثاني أمام فرعون فالمطلوب إخافة فرعون لعله يؤمن ويستيقن بصدق موسى عليه السلام، ولذلك فقد تحولت العصا إلى ثعبان، والثعبان في اللغة هو الحية الكبيرة[1]. وهكذا نجد أن الآيات التي ذُكرت فيها كلمة (ثعبان) تختص بهذا الموقف أمام فرعون.
ولكن في الموقف الثالث أمام السّحَرَة نجد أن القرآن لا يتحدث أبداً عن عملية تحول العصا إلى ثعبان أو حية، بل نجد أن العصا تبتلع ما يأفكون، فلماذا؟

إذا تأملنا الآيات بدقة نجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال تتحرك وتسعى، كما قال تعالى: (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)[طه: 66]. وهنا ليس المطلوب أن يخاف الناس بالثعبان، وليس المطلوب أن تتحول العصا إلى حية، بل المطلوب أن تتحرك العصا وتلتهم جميع الحبال والعصِيَ بشكل حقيقي، لإقناع السحرة والناس بأن حبالهم تمثل السحر والباطل، وعصا موسى تمثل الحق والصدق، ولذلك يقول تعالى (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ * وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) [الأعراف: 115-122].

إحصائيات قرآنية
إن كلمة (حيَّة) لم تُذكر في القرآن إلا مرة واحدة عندما أمر الله موسى أن يلقي العصا وهو في الوادي المقدس، فتحولت إلى حية تسعى. وجاءت هذه الكلمة مناسبة للموقف. أما كلمة (ثعبان) فقد تكررت في القرآن كله مرتين فقط، وفي كلتا المرتين كان الحديث عندما ألقى موسى عصاه أمام فرعون، وكانت هذه الكلمة هي المناسبة في هذا الموقف لأن الثعبان أكبر من الحية وأكثر إخافة لفرعون.


ونستطيع أن نستنتج أن الله تعالى دقيق جداً في كلماته وأن الكلمة القرآنية تأتي في مكانها المناسب، ولا يمكن إبدال كلمة مكان أخرى لأن ذلك سيخل بالجاني البلاغي والبياني للقرآن الكريم الذي قال الله عنه: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 42].

--------------------------------------------------------------------------------

بقلم عبد الدائم الكحيلwww.kaheel7.com[1]الفيروز آبادي، المعجم المحيط، معنى كلمة (ثعبان)، دار المعرفة، بيروت 2005.










قديم 2010-09-03, 20:20   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
نينا الجزائرية
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية نينا الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام احسن عضو 2010 وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا










قديم 2010-09-03, 20:37   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الثامن والعشرون:-
تأملات إيمانية في سورة يس

تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدت : 949
https://www.quran-m.com/container.php?fun=artview&id=195


أ.د. ســلامه عبد الهادي

أستاذ في علوم إدارة الطاقة وعميد سابق للمعهد العالي للطاقة بأسوان


إنـنـا نحيـا في ملكوت الله... كون محكم بإتقـان... كلمـا تأملنـا فيه رأينـا الكمال و الجمـال و الحكمة و العلم... وكمـا أتقن الله مـلكه و أحكم آياته في خلقه و نظـامه بقدرته و علمـه... فقد أحكم آيات كتابه وجعلهـا رمـزا إلى آياته في مخلوقاته بقدرته و علمه ...

وكما قال الحق أن هذا الكتاب هو آيات تهدينـا إليه فقد ذكر سبحانه أن في هذا الكون أيضـا آيــات تبصرنا به و تدلنا عليه ... وكمـا أبدع الله في آياته في هذا الكون الذي أبدع خلقه فكان اسمـا من أسمائه بديع السموات والأرض... أبدع أيضا في كتابه فجـاء بإبداع لا يقدر أن يأتي بمثله أحدا... كمـا وصف الحق كتابه بقوله " قل لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله و لو كان بعضهم لبعض ظهيرا ".

و نستعرض في هذا المقال بعضا من آيات سورة يس، و هي في القرآن من القلب كما حدثنا رسول الله... ونبدأ أولا بتناول أربعة آيات في قلب السورة (من الآية 37 إلى الآية 40 ) تتعرض لآيات الله في الليلو النهـار و الشمس و القمر، ثم نأتي إلى آيات أخرى في نهـاية السورة ( من الآية 77 إلى الآية 80 ) وهي تدحض أقوال منكري البعث بآيات الله في هذا الكون البديع...

و لنبدأ بالأربعة آيات الأولى، حيث يقول الحق.. "وآية لهـم الليـل نـسلخ منه النهـار فٌإذا هم مظلمون، والشمس تـجرى لمـستقر لهـا ذلك تقدير العـزيز العليم، والقمـر قدرنـاه منـازل حتى عاد كالعرجون القديم، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سـابق النهـار وكل في فلك يسبحـون " صدق الله العظيم.

نرى الآية الأولى تصف وصفا جلياً عملية تعاقب الليل والنهـار، فالأرض في أي لحظة أو توقيت، يكون نصفهـا معرض لأشعة الشمس ونورهـا، والنصف الآخـر يكون بعيداً عن أي شموس أو نجوم أخـرى، فهـو يرقد في ظـلام يشمل الكون كله كما توحي إليه هذه الآية الكريمة كحقيقة علمية رآهـا رواد الفضاء مؤخراً، و جاءت بهذا الإعجاز في الآية الكريمة حيث تشير أن الظلام هو الأصل وأن الحادث هو النهـار، ولهذا فإن النهار هو الذي ينسلخ عن الأرض فتنغمر الأرض في ظلام الكون مرة أخرى، فعندمـا تدور الأرض حول محورهـا يبتعد هذا الجزء المنير الذي شمله ضوء الشمس رويدا رويدا فيتحول نصف وجـه للأرض من النهـار إلى الليل، و لن يجد العلماء أيضـا وصفا علميا لهذا التعاقب أدق وأعمق من هذا النص الذي جـاء به القرآن لكريم وآية لهم الليل نسلخ منه النهـار فإذا هم مظلمـون .

و تـضعنـا هذه الآية أمام قاعدة علميه لحساب اليوم الكامل تبصرنا بحكمة الخالق وعزته، وهو الفرق الثابت بين كل انسلاخين للنهار أو زوالين أو غروبين للشمس، فنجد أن هذا الفرق ثابتا لا يتبدل ولا يتغير مهما تغيرت الفصول والشهور والسنوات، و أيضـاً أمام حقيقة أخرى علمناها مؤخراً، و هي أن حدوث هذا الانسلاخ لايتأتى إلا إذا كانت الأرض تدور حول نفسهـا في ثبات كامل أمام الشمس بحيث تنغمس في الظلام عند نهاية النهار، و أنهـا أيضاً تدور بسرعة ثابتة لا تتبدل ولا تتغير رغم تعاقب السنين والقرون والدهور، بحيث لا يسبق الليل النهار كما تعبر عن هذا آية تـالية " ولا الليل سـابق النهـار، وكل في فلك يسبحون "، من صنع هذا الثبات لكل شيء في فلكه، للأرض وللشمس ولكل كوكب ونجم، إنـنـا أمام حقائق جاءت بدقة متناهية بحيث تعبر عن آية لا تقبل الشك عن علم الخالق وقدرته وعظمته ، فكيف يتأتى الحفاظ على هذا الفرق الثابت بين الانسلاخين وعلى هذا الفلك الثابت للأرض رغم حركتهـا المركبة حول محورهـا المائل وحول الشمس ومع الشمس ومع سقوطهـا ضمن المجموعة الشمسية بسرعة هـائلة في الفضـاء الهائل من حولنا، إن هذه الآيات الكونية لا تتأتى إلا بتقدير إله عزيز عليم كما تنبأنــا الآية التـالية بهذه الأسماء الحسنى لله خالق هذا الإعجاز، عزيز ومنفرد في قدرته و علمه، إن هذه الدورة المحتومة للأرض حول نفسهـا وهذا التعاقب لليل والنهـار دون تقديم أو تأخير بهذا الثبات والدقة قـاد الإنـسـان إلى تعريف الزمان والوقت، حيث قسم الزمـن الذي تدور فيه الأرض حول نفسهـا إلى أربع وعشرون سـاعة، و بهذا استطاع البشر أن ينظموا أوقاتهم وحياتهم، و هل يتأتى هذا الانتظـام من تلقـاء نفسه، و إذا تدبرنـا هذه الآية ونظرنا إلى البشر عندما يطلقون عربة صغيرة يسمونها بالأقمار الصناعية وهي لا تزيد في وزنها عن أصغر الأحجار و تدور حول الأرض لمدة محدودة ويطلقون معها معدات كي تمدهـا بالطاقة المطلوبة لاستمرار حركتهـا والحفاظ عليهـا، ومعدات للتحكم وظبط مسارها حول الأرض وتصحيح انحرافاتها الدائمة، ثم نجدهم يعجزون في معظم الأحوال عن الاحتفاظ بهذا المسار لهذا الشيء التافه حجماً و وزناً لأي مدة تزيد عن عدة شهور ... و قارنا بين هذا الجسم وهذه الأرض الهـائلة الحجم والمنبعجة الشكل والتي يصل قطرهـا إلى 12742 كيلومتراً... من الذي احتفظ لهـا بهذا المسار للأرض ولكل كوكب نراه في مجموعتنا الشمسية طوال ملايين وبلايين السنين دون انحراف أي شيء عن مساره، إنه حقاً خالق عزيز عليم... لقد جاء القرآن بهذه الأدلة من الله الذي يعرف السر في السموات و الأرض ويوجهنا إلى هذه الحقائق والأسرار بأدق التعبيرات أو الكلمـات، التي نـراهـا أمامنا في هذه الآيات حتى يهدينا إلى عظمته وجلاله، ونـشعر أمامهـا بعظمة قائلهـا وصانعها ونرى عجزنـا عن أن نأتي بمثلهـا صنعا و عملا و قولا فنهتدي إليه وإلى وحدانيته.

ثم تأتى الآية التالية من هذه الآيات بإعجاز عن حركة الشمس وكيف جعلها الله في جري دائم حتى تستقر في نهاية الأمر طبقا لأوامر خالقها " والشمس تجرى لمستقر لهـا ذلك تقدير العزيز العليم، " ، لقد اعتقد العلماء في القرن الماضي أن الشمس هي مركز الكون وأنها ثابتة في حجمها وكتلتها ومكانها وأن كل شيء يتحرك من حولها، و اعتقدوا ببقاء المادة وعدم نفاذها، واعتقدوا أن للمـادة دورات وللزمان دورات فلا ينتهيان، ولكن تأتى هذه الآية لتبين بهذا النص المعجز منذ 14 قرنا من الزمان أن ما يجرى لكل شيء في الكون يجرى على الشمس و على المادة وعلى الزمان أيضـا، فالشمس تجرى وتتحرك وتهوي في هذا الكون السحيق، وهي تتوهج الآن ثم سوف تخبو وتستقر بعد حين ... فالشمس تتناقص حجما ووزنا حتى تستقر وتتلاشى بعد حين، والشمس وهي تجرى أيضا فإنهـا تجرى معها أعضاء مجموعتها المرتبطة بها من الكواكب، فالشمس تدور حول نفسها وتديرنا حولهـا، فهي حقا تجرى وكواكبها يجرون من حولهـا إلى أن تـستـقر حركتها فيستقرون معها، وهذا ما أكده العلم الحديث في مشاهداته الفعلية، وأرضنا التي نعيش عليها ليست إلا كوكباً من كواكب المجموعة الشمسية التي تجري في ركب الشمس وتنقاد معها وفقـاً لتقدير الخالق العزيز العليم، وسوف تستقر حركة

الشمس كرة من غـاز الهيدروجين تصل درجة الحرارة في بـاطنهـا إلى أكثر من 15 مليون درجـة


الشمس بعد هذا الزمن، و حين تأتى هذه اللحظة سيتوقف الزمـان بالنسبة لأهل وسكان المجموعة الشمسية، ولن يدور الزمـن دورته ولن تبقى المادة على حالهـا كمـا كان يدعى المـاديون والكـافرون والملحدون، فللشمس ميقات ستستـقــر عنده بأمر خـالقهـا وسينتهي عنده كل شيء، هذا مـا أكده الـعـلم ومـا تـأتى به هذه الآية من خالق الشمس ... آية تنص على أن هذه الشمس سوف تستقر بعد هذا الجري الدءوب، و قد أثبت العلماء أن الشمس كرة من غـاز الهيدروجين وتصل درجة الحرارة في بـاطنهـا إلى أكثر من 15 مليون درجـة ويحدث بهـا أعقد التفاعلات النووية الاندماجية التي سوف تحولها في النهاية من كرة متوهجة إلى كرة مستقرة... حيث تساعد درجة حرارة باطن الشمس المرتفعة في اندماج ذرتين من ذرات غاز الهيدروجين الذي يشكل كتلة الشمس، فتتحولان إلى ذرة واحدة من غاز آخر.. ذرة تقل كتلتهـا عن كتلة ذرتى الهيروجين، حيث يتحول الفرق في الكتلة إلى طاقة تبعثهـا الشمس إلينـا... وقد حاول الإنسان أن يحاكي هذا التفاعل الاندماجى الذي يحدث في الشمس، و لكنه عجز عن التحكم في هذا التفاعل في مفاعلاته النووية، وأدت أبحاثه في هذا المجـال إلى اكتشافه للقنابل الهيدروجينية التي تنتج كما هائلاً من الطاقة ينشأ عنهـا انفجارات مدمرة، وهكذا لم يتمكن البشر إلا في استخدامها للتدمير وليس لعمارة هذا الكون كما يحدث في شمسنا بأمر الله... وكي ترسل الشمس كل هذه الحرارة فإنهـا تحرق في كل ثانية 600 مليون طن من مكوناتهـا من الوقود الهيدروجينى، تحترق في ثبات دون توقف على مدى الثواني والأيام و القرون و الدهور، و ينطلق من الشمس مع هذا التحول في كل ثانية كما من الطاقة يكفى ما تحتاجه الأرض لمدة مليون سنة كاملة، ولكن هذا الكم يتوزع على الكون بأكمله ويكون نصيب الأرض من هذا الكم قدر محدد لها يكفيهـا دون زيادة أو نقصـان لا يمثل سوى 1 على 10 أمامهـا عشرة أصفار على الأقل.... وهكذا فإن الشمس تتغير وتبدأ من غاز الهيدوجين الذي يجرى له أو به هذا الكم الهائل من التفاعلات والاندماجات، ثم ينتهي إلى كرة من غاز ساكن أو خامل هو الهليوم، ولا يبقى لها في النهاية وقود يقاوم قوة جذب كتلة هذا الغاز الخامل، فيتقلص نجم الشمس بتأثير وزنه، و تصـير الشمس في النهاية قزماً ساكناً أبيض أو ثقباً أسود في هذا الكون كما حدث في ملايين النجوم الأخرى التي كانت مثل شمسنا و جرى لهـا مـا سيجرى لشمسنـا بعد فترة قدرها العلماء بحوالى 500 بليون سنة كي تتحول إلى هذا القزم السـاكن، و هذا بعد أن وصل عمرهـا الآن 450 بليون عامـاً، والآن ما الذي يحتفظ للشمس بهذا الجري والتفاعل بهذا الثبات الممتد عبر بلايين السنين التي والتي تكونت خلالها الأرض ثم نشأت الحياة عليهـا، إن الشمس لو بردت درجتهـا بأقل من مليون درجة مثلا، فسيؤدى هذا إلى انخفاض معدلات الاحتراق بها إلى النصف، وهذا ما يؤكده العلم الحديث، وبهذا تقل الطاقة التي تصل إلى الأرض فتتجمد الأرض، و لو زادت أيضـاً لتضاعفت معدلات الاحتراق وتزيد معها الطاقة التي تصل إلى الأرض فــتـحترق أيضا الأرض، ثم إذا نظرنـا إلى الشمس وهي تحترق وتقل كتلتهـا بملايين الأطنان في كل ثـانية ، فلنـا أن نتعجب : هل هذا النقص الدائم في كتلة الشمس له الأثر على أفلاك الكواكب من حولهـا، النظريات العلمية تؤكد أن هذه الأفلاك تتأثر فتبتعد الأرض عن الشمس، ولكن لو حدث هذا فستـتجمد الحياة على الأرض، وهذا لم يحدث خلال الملايين من السنين التي هي عمر الأرض، لقد حار العلماء في فهم أسرار هذه الشمس بحيث تظل بهذا الثبات لهـا ولمن حولهـا، و جاء هذا النص من الخالق أنه هو الذي قضى عليهـا بهذا الثبات فأودع هذا التعبير في كتابه بأرفع المعاني والكلمات "و الشمس تجرى لمستقر لهـا، ذلك تقدير العزيز العليم "، حقـا إنه عزيز في قدرته و تقديره، عليم يحيط بعلمه كل شيء، و العلم لا يستطيع أن يصل إلى سر جرى الشمس بهذا الثبات في تفاعلاتها و فيمن تجريهم حولها ، و يأتي كتاب الله ليعلن أن هذا جاء بتقدير إله قدير عزيز عليم " ذلك تقدير العزيز العليم" ، فهو من صنعه وحده وتقديره وحده وبعلمه وحده، وهذه الكلمات جاءت منه وحده .

و قبل أن ندخل إلى القمر تعالوا أولا نعقد مقارنة بينه وبين الشمس، فالقمر كوكب صغير سخره الله للأرض، وإذا أردنا أن نتخيل المسافات والأبعاد الخاصة بالشمس والقمر بالنسبة للأرض، فيمكن إذا تخيلنـا أن الشمس كرة قطرهـا متراً واحداً، فإن الأرض تكون كرة صغيرة أو بلغتنـا العامية بلية صغيرة يقل قطرهـا عن 1سم، و تدور هذه الكرة حول الشمس في دائرة نصف قطرهـا 120 مترا دورة كاملة كل 365.25 يومـا (السنة الشمسية )، أما القمر فإنه بالنسبة لهذه الأبعاد يكون بلية (قطعة حجر صغيرة) أصغر جداً لا يزيد قطرهـا عن 4مم و تدور حول الأرض في دائرة نصف قطرهـا 30 سم فقط دورة كاملة كل 27.3 يوما ( محددة شهراً قمرياً )، هذه الأبعاد تقربنا فقط من تصور النسب بين هذه الأجسام، لكن قطر الأرض مثلا 12800 كم وقطر الشمس حوالي 1.400.000 كم و قطر القمر 34676 كيلومتر، فلا يزيد قطر الأرض عن ضعفي قطر القمر كما لا تزيد كتلة الأرض عن 80 ضعف فقط كتلة القمر، و بينما نجد الأرض قزم صغير يدور حول الشمس بكل الالتزام، فإن القمر يبدو كأنه لا يدور حول الأرض و لكن كأنهمـا يدوران حول بعضهمـا أو كما لو كانا كما تذكر المراجع الأجنبية يرقصان حول بعضهمـا حيث يدور كل منهما حول الآخر و يدوران معا حول الشمس، وحيث وجدوا أن القمر يواجه الأرض دائما ويلازمها بوجه ثابت، وهي من قواعد الرقص عند الغرب، كما لو كان منتظراً لتلبية حاجاتهـا، ويبدوان أيضا لمن يراهما من بعيد كما لو أن القمر يتمايل حول الأرض في حركته المحدودة حولهـا كما تتمايل الأغصان في حركتهـا حول الأشجار. كما يدور القمر في مستوى يميل مع مستوى خط الاستواء في الأرض بزاوية قدرهـا 23.5 درجة، و هي نفس الزاوية التي يميل بهـا محور دوران الأرض حول نفسهـا مع مستوى دورانهـا حول الشمس، و يأتي من هذا التطابق في الزاويتين تطابق مستويي أفلاك الأرض وأفلاك القمر، و لهذا فإن مساحة الجزء المعرض من القمر لضوء الشمس، و الذي يعكس ضوء الشمس و ينير الأرض في المساء ويحدد شكل القمر من الهلال إلى البدر والعكس، يعتمد فقط على ما تحجبه الأرض عن الوصول إليه من ضوء الشمس، ولتطابق الزوايا فإن كل سكان الأرض تراه بنفس الشكل، ولو اختلفت هاتين الزاويتين عن بعضهما ولو بأقل الكسور من الدرجة لمـا حدث هذا التطابق في أشكال القمر بالنسبة لكل سكان الأرض، و لرأى أهل الشمال القمر بدراً بينما يرى أهل الجنوب القمر هلالا، وسنظل أياماً نرى القمر كاملا، و أياما لا نراه، و الشهر القمري يبلغ 29.5 يوما وهو يزيد عن مدة دورة القمر حول الأرض بأكثر من يومين حيث تشارك الأرض في الحركة حول القمر أثنـاء تحركه حولهـا، إنه انضباط في الزوايا والتحركات يتوه في حساباته فقط أعظم العلمـاء، فمـا بالك بالتحكم فيه وتدبير أمر مساري هذين الكوكبين التي لا تقل أقطـارهما عن بضعة آلاف من الكيلومترات، مسارات معقدة و منضبطة.. ينشأ عنهـا هذا الانضباط في الشهور القمرية و أشكال القمر المتتابعة، التي لا تتبدل و لا تتغير، ويتم معهـا انضباط مواقيت و حركة الأحياء عليهـا.

هكذا ينبهنـا الخالق إلى تدبر هذه الحقائق بما يذكرنا بهـا في كتابه، فيشير القرآن بعبارات بسيطة أن كل ما ذكرناه عن حركة القمر حول الأرض وملازمته للأرض في حركتهـا حول الشمس، وسرعة القمر حول الأرض وسرعة الأرض حول الشمس، وأفلاك القمر وأفلاك الأرض وأفلاك الأرض والقمر معاً والمستويات والزوايا والأبعـاد والمسافات والسنة الشمسية والشهر القمري ثم السنة القمرية التي تختلف عن السنة الشمسية بمدة 11 يوما لا تزيد أو تنقص، وأن يكون للقمر هذه الأشكال المتدرجة صعوداً وهبوطـا واتساعاً وضيقـاً، فنراه هلال ثم بدرا ثم هلالا في مواقيت محددة وبحركات دقيقة وتم حسابهـا بأدق الحسابات و التحكم فيهـا بأعظم القدرات .. يشير إلى أن كل هذا لم يأتي بالصدفة أو بالطبيعة.. فأي طبيعة هذه التي تحدد السرعات و الأبعاد والمسافات و الأقطـار و الأحجـام والزوايا والحركات والسرعات وتحافظ عليهـا بهذه الدقة المتناهية طوال هذه القرون والدهور.. نعم لا يتركنا خالق الأرض والسماء نتخبط ونحتـار... و لكن يأتي بآيات القرآن معلنـاً بإعجاز أنه هو الله الذي هيأ الأبعـاد

الشكل التالي يبين كيفية دوران القمر حول الأرض ومنازله وتكون البدر حتى العرجون القديم


والمسافات والزوايا وقدر للقمر وسخر له هذه الأفلاك والمسارات... فيقول الحق والقمر قدرناه منازل... أي أن كل هذا قد جـاء بتقدير إله قدير قدر لهذا القمر هذه التحركات احتوتهـا كلمة قدرناه. .. و نأتي إلى كلمة منازل.. فهذه الكلمة إشارة إلى أفلاك القمر ومنازله التي أنزلهـا الله فيهـا له كي يكون لنـا من أشكاله ما نراه عندمـا يعكس لنـا ضوء الشمس من مواقع مختلفة أمامـهـا... وقد تكون هذه الكلمة تصحيحـا للتعبير الذي شبه به بعض العلمـاء حركة القمر و قالوا أنه يراقص الأرض، فهو لا يراقصهـا ولكن التعبير الأشمل والأجمل أنه ينازلهـا.. فمن قواعد المنازله أن يواجههـا أيضاً بوجه ثابت ولكنه يجب أن يبتعد عنهـا بعداً كافيا يتيح له تسديد وصد ضوء الشمس إلى الأرض كلما حانت له انفراجة في مسار الأرض عن الشمس.. و لكن الرقص الذي أطلقه بعض العلمـاء الغرب يعنى انضمامهمـا، وهو تشبيه يجافى الحقيقة... أما المنازلة فلا تسمح بهذا، وتنطبق حقاً على من يرى حركة القمر الملزمة للأرض في دورانه معهـا حول الشمس وفي نفس الوقت يدور حولهـا ويقترب و يبتعد أثنـاء هذا الدوران وبوجه ثابت كما لو أنه ينازلهـا دون أن يحيد عنهـا..... ثم نأتي إلى تشبيه حركة القمر وهو يتحرك من يمين الأرض إلى يسارهـا ومن يسارهـا إلى يمينهـا في حركة محدودة بالنسبة لحركتهما حول الشمس، و بسرعة بطيئة بالنسبة لسرعة دورانهمـا معاً حول الشمس... وكما ذكرنا أنه يبدو لمن يراه كما لو أن القمر يتمايل حول الأرض وهو يدور معـها ويدور حولهـا أو ينازلهـا... وتأتى الآية فتطلق هذا التشبيه... عاد كالعرجون القديم... و يطلق العرب اسم العرجون على فرع شجرة التمـر... وعند تقادمه على شجرته بسبب الجفاف من تسلط أشعة الشمس عليه زمنا طويلا نجده يتمايل مع الرياح أينمـا توجهه لأنه يصير غير قادر على الثبات أمامهـا بعد قدمه... إن هذا التشبيه يقرب من رؤيتنـا حركة القمر وهو يتحرك أو يقفز في سهولة ويسر على جانبي الأرض كقفزات وحركات بمثل تقلبات العرجون على جانبي شجرته، و ينشأ من هذا التمايل المقدر والاستمرار الاعتياد عليه أشكال القمر المختلفة.... منازل إشارات إلى حكمته وقدرته وأن كل ما وجدنـاه ورأيناه وعلمنـاه جـاء بتقديره

الشكل التالي يبين منازله القمر حول الأرض


سبحـانه وقوله الحق والقمر قدرنـاه... منازل ... حتى عـاد... كالعرجون القديم... فنرى أن كلمة "قدرنـاه" قد جاءت بكل السمو كي تبدد حيرتنـا... لأن الخالق هو الذي قدر للقمر هذه الزوايا والسرعات والأبعـاد والمسافات والمستويات، فصـار إلى ما صار إليه من ملازمته للأرض أو منازلتهـا والقفز على جانبيهـا حتى اعتـاد هذه المنازل كما اعتاد العرجون في التحرك والتطوح على جانبي الشجرة كلما تعرض للقدم والجفاف... أي إعجـاز هذا في الخلق و القول... إنه إعلان حي من الخالق، أنه هو الذي دبر و" قدر للقمر منازله " بتقدير العزيز العليم... في دورات مستقرة وثابتة ينشأ عنهـا هذه الأشكال المتكررة للقمر من هلال إلى بدر إلى هلال تنبئ عنهـا كما ذكرنا كلمة " عاد "... فهي تفيد العودة والتكرار كما تفيد الاعتياد والاستمرار والاستقرار..... أية دقة علمية هذه في سردهـا لحقائق علمية متكاملة بأبسط العبارات وأدق التشبيهات التي تعيد كل شيء في هذا الكون لتقدير الخالق منزل القرآن على عبده بالعلم والحكمة وبما يظهر الحق و يبدد الحيرة في هذه الحركة المعقدة للقمر مع الأرض و الشمس بما قدره من قول و فعل.

ثم تأتى الآية الرابعة لتؤكد أيضاً بإعجاز شامل أن حركة كل شيء في هذا الكون تتم فعلا بانضباط كامل ومقدر بقول الحق ( لا الشمس ينبغي لهـا أن تدرك القمـر ولا الليل سابق النهار، و كل في فلك يسبحون )، هكذا جاء قول الحق عن هذا الثبات لكل شيء من حولنا في أفلاكه، فللشمس أفلاكها الثابتة وللقمر أفلاكه الثابتة و بالرغم من أن الأرض من توابع الشمس تدور حولهـا وحجم الشمس أو وزنهـا يزيد آلاف المرات عن حجم الأرض و وزنهـا، لكن لا تطغى الشمس على القمر هذا التابع الضئيل للأرض الصغيرة والتابعة لهـا، فلا تحوله إليها أو تدركه بقوتها وحجمها ووزنهـا وجذبهـا الجبار الذي يتضاءل أمامه جذب الأرض، ليس هناك سببا ألا يحدث هذا إلا أن يكون هناك التزاماً من الشمس والقمـر بالسير والسباحة أو التسبيح المحدد بالكلمات أو بالحركـات في أفلاك ثـابتة لا حيود عنهـا.

والأرض لهـا تعاقبهـا ودورانها حول نفسـهـا، ولا يختل هذا الدوران مهمـا تعاقبت السنين والقرون، فزمن الدورة أربع و عشرون سـاعة و لا يأتي ليلين أو نهـارين متعاقبين، بل ليل يعقبه نهـار، و يكونان معاً اليوم من أربع و عشرون سـاعة في ثبات تام يعجز عن تخيل أسبابه العقل البشرى، وكذلك الأرض ويصاحبهـا قمرهـا تدور دورة كاملة كل سـنة أو كل 365 يومـاً وربع اليوم حول الشمس، لا يتبدل أو يتغير زمن هذه الدورة على مدى القرون والدهور، وكذلك الشمس و معها منظومـتها الشمسية كلهـا بمـا فيهـا الأرض و الكواكب الأخرى تدور حول مركز المجرة مرة كل 200 مليون سنة، و مجرتنا البالغ عدد النجوم فيهـا أكثر من خمسة بلايين نجم و تمثل المجموعة الشمسية إحدى أفرادهـا لهـا أيضـا دورتهـا حول نفسهـا و حول مركز الكون الذي لا يعرف سـره سوى الخـالق... و الآن ... مـن يحفظ هذا الثبات والاستقرار في دورات الشمس و القمر ودورات الليل و النهـار وكل الدورات الأخرى، لقد قربنا العلم لأن نرى مسارات الشمس والأرض والقمر، ولكن هذه الرؤيا زادتنا إحساسا بالجهل عن أسرار ما رأيناه أو علمنـاه... وزدنا يقينا أنه لا تعليل لهذا إلا أن كل هذه السباحة لكل كوكب أو نجم ما هي إلا نوعـاً من أنواع التـســابيح يسبح بهـا هذا الكون لخـالقه كمـا جـاءت الآية الكريمة (و إن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) ... إنــه تسبيح دائم و مستمـر لكل مـا في هذا الكون... و( كل قد علم صـلاته و تسبيحه ) ...و( إن من شيء إلا يسبح بحمده، و لكن لا تفقهون تسبيحهم ).

هكذا جاءت كلمات الله معبرة بكل إعجاز عما يعجز الإنسان عن فهم أسبابه في هذا الكون، فتتبدد حيرته عندما يكون القائل هو خالق هذا الإعجاز الذي أرسل إليه هذا الكتاب رحمة من عنده لهدايتنـا و الخروج بنـا من الحيرة و الضلال ، و إذا أمعنـا التدبر في كلمة يسبحون بالباء المفتوحة و يسبحون بالبـاء المشددة و المكسورة ، فسنجد أن القرآن قد جـاء بهذه الكلمة الجـامعة لمـا تؤديـه الكواكب و النجوم و الشمس و القمر من سباحة منتظمة في أفلاك ثـابتة و أن هذا ليس إلا تسبيح أو طـاعة ملزمة لكل الكواكب و النجوم لخـالقهـا ومسيرهـا.

و السؤال الآن: هل نستطيع كبشر بعد أن علمنا عن الأرض و القمر و الشمس و الليل و النهـار و الأفلاك و المسارات أن نعبر عن معجزات هذه الأشياء و دلالاتها في بضعة سطـور يفهمها العالم المتعمق بقدر علمه والإنسان البسيط بقدر نقائه، و هذا على مر العصور دون توقف، و بهذا الإعجاز التام دون أن يأتيهـا الباطل في أي من هذه الأزمـان، لقد عرضت هذه الآيات الحركات و الأفلاك التي تتحرك فيها الأرض و الشمس و القمر و أعطت التشبيهـات التي لا يستطيع أن يأتي بمثلهـا سوى خالقهـا و محددهـا و محدد أبعـادهـا و حركاتهـا... إنهـا جميعـا تدور بإعجـاز إلـه عـزيز عليم تسبيحا له و طاعة و التزاما و انصياعا لأوامره، فلـه وحده النهـار و الليل و الحركات و السكنات و الأقدار و المصائر، إنهـا آيـات إلــه يـرى الكون الذي خلقه كله بإمداده و جمـاله و إعجـازه وإبداعه، ثم يـركز أبصـارنـا على ما يمكن أن نراه من هذه الآيات التي تدل كلهـا على جلاله و عظمية ... آيات يراهـا الناس في كل العصور و لا يستطيعون إنكار صانعهـأ مهمـا بلغ علمهم و رؤاهم، و لهذا تبدأ الآية بـقول الحق و آيــة لهـم ... إنهـا فقط إحدى الآيـات التي يبصـرنـا بهـا لخالق في الكون الذي خلقه و سيره بقدرته و تقديره.. و لكن في الكون آيـات و آيــات يجب أن نتدبرها حتى نستحق مـا أنعم الله به علينـا من نعمـة العقل والعلم.. ويكفى هذه الإشــارة من الخـالق التي جـاءت بهذه السمو وهذا الإعجـاز...

و الآن نتوقف ثانية أمام آيات أخرى جاءت قرب نهـاية هذه السورة الكريمة بقول الحق أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين، و ضرب لنا مثلا و نسى خلقه، قال من يحيى العظام و هي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون، أوليس الذي خلق السموات و الأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ، بلى و هو الخلاق العليم )

هناك من يجرأ و يدعى أنه ليس هناك بعث بحجج مختلفة، و في هذه الآيات يناقش الحق بالحجة و المنطق هؤلاء المتنطعون، فيأتي باستفسـارات منطقية و يسأل هؤلاء المنكرون أسئلة منطقية و يستشهد الخالق في إثارة تفكيرهم من واقع ما يبصرونه في مختلف الأزمنة... و يأتي السؤال الأول... هل من لديه القدرة على خلق الأجسـام لا تكون لديه أيضا القدرة إعادة هذه الأجسام مرة أخرى بعد أن تتحول إلى رميم و تراب... سؤال منطقي و رباني... و لا شك أن هؤلاء المتنطعون كما كانوا في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم، نراهم أيضـا في عصرنا هذا ينكرون البعث باسم العلمانية و العلم... و لكننا كمسلمون نرى أن التقدم البشرى و العلمي يجعل الرؤية التي طالبنا بهـا الخالق في بدأ هذه الآيات تكون أقوى و أوضح و أظهر، فالخـالق يذكرنـا بعد هذا الاستفسـار أن بدأ خلقنـا كان من نطفة.... و قد أثبت العلم الحديث أن بداية تكوين الجنين في بطن الأم تكون بتخصيب بويضة الأم، و تمثل هذه البويضة نصف خلية من خلايا جسمها وتحمل جميع صفاتها الوراثية، ويتم تخصيب هذه البويضة بالحيوان المنوي للأب، وهذا الحيوان يمثل أيضاً نصف خلية من خلايا جسم الأب، ويحمل أيضا كل الصفات الوراثية للأب... ومن هذا التخصيب تأتى النطفة أو أول خلية كاملة تحمل صفات وراثية مشتركة من الأب والأم لمخلوق جديد... هذا ما نراه الآن في معاملنا بالمجهر وبالصورة و تعرضه أفلام علمية و طبية و ثقافية... والآن لا ندرى بالرغم من ادعائنا العلم و الفهم.. من علم هذه النطفة ورتب لها هذا التحول من نطفة أو خلية واحدة إلى إنسان كامل عبر أطوار وأطوار داخل رحم الأم، لا تدرى الأم منها شيئا وليس لها أي تدخل أو تداخل فيهـا، كيف استطاعت هذه الخلية الواحدة أن تتكاثر إلى بلايين من الخلايا المتطابقة للخلية الأولى صفاتا ونوعا و شكلاً في منظومات هائلة مكونة الأنسجة والأجهزة والأعضاء، كيف استطاعت أن تستمد غذائها وهوائها وهي داخل ظلمات ثلاث، من صمم لها هذه الأطوار كي يكون لها خياشيم في أحدى الأطوار كي تحصل على الأكسيجين من داخل السائل الذي تسبح فيه في داخل الرحم، و كيف جاء لها هذا التكوين الفريد في الحبل السري الذي يمد جسم هذه النطفة بكل ما تحتاجه من غذاء في كل لحظة ومن مرحلة إلى مرحلة أخرى، من الذي أودع الأسرار في مجموعة من الخلايا أن تتحول إلى عظام ومجموعة أخرى أن تتحول إلى عضلات، ومجموعة أخرى أن تتحول إلى دماء أو جلد أو أغشية أو شعر... وكل له وظيفة محددة وأعمال مرتبة وأهداف ثابتة تختلف شكلا وموضوعاً عن الخلايا الأخرى وإن اتحدت في كروموزماتهـا وجيناتهـا التي تميز كل إنسان عن أخيه وعن سائر المخلوقات... من رتب لها هذا التكوين وعلمها هذه الوظائف وقرر لها هذه الأعمال و بين لهـا هذه الأهداف... من الذي جعل القاعدة العامة هي الانتظام في هذا الترتيب وجعل هناك القليل الذي يشذ حتى نرى قدرة الله في خلقه وأن العملية ليست عملية

صورة للجنين البشري في أشهره الأولى


ميكانيكية ولكن كل شيء بقدر معلوم، فنرى التصاق قلبين أو جسمين أو رأسين، و نرى ما لا يكتمل نموه ونرى من يولد بعد 7 أشهر ومن يولد بعد 9 أشهر و نرى من يموت في رحم الأم ومن يكتب له الحياة الممتدة، ونرى قدرة الله وحكمته في أن يجعل هذه النطفة ذكرا أو أنثى في إحدى هذه الأطوار ثم نرى الاتزان بين عدد الذكور والنساء في الجنس البشرى خاصة، ونرى حكمة الله وقدرته في أن يهبة نعمة السمع والبصر والعقل خلال هذه الأطوار كي يتحول هذا المخلوق الحيواني، الذي وهبه الله الحياة منذ أن كان نطفة لينمو داخل رحم الأم كأي حيوان ثديي، إلى إنسان عاقل يدرك ويعي ما يراه بعينيه أو يسمعه بأذنيه، بميز الأصوات و الألوان و الحروف و الكلمات و الصور و الظلالات، ثم يميز بين الخير و الشر وبين النور والظلام، بفطرة فطر الله عليها هذه النطفة منذ أن بدأها و وهب لهـا الحياة و الاستمرار.

نعم... لقد رأينا في معاملنا هذه الخلية الأولى أو النطفة التي أودعها الله في رحم الأم ثم نمت بقدرة الله التي وهبتها الحياة وبحكمته التي أودعها الله في هذه النطفة حتى تخوض في هذه الأطوار وبإرادته التي تجعل هذا ذكراً أو أنثى أو لا شيء على الإطلاق أو أن تصير هذا الإنسان الكامل العاقل القادر ... و بالرغم من هذا فيأتي هذا الإنسان بعد أن زاد شعوره بالجهل في عصر العلم متبجحـاً أن أصله جاء نبتاً من هذه الخلية الواحدة عندما أراد لها خالقها الحياة والنمو وكتب لهـا هذه الأطوار... جاء يقول من هو القادر على أن يعيد عظمه أتى بهـا إلى رسول الله لتصير بشراً مرة أخرى... أنه بهذا التصرف الأبله وهذا القول الساذج يصير خصماً لله سبحانه و تعالى الذي أخذ على نفسه هذا العهد و قرره في آيات القرآن الكريم بلسان عربي مبين ... كم تحوي هذه العظمة من الخلايا... إنهـا بلايين الخلايا وقد جاء خلق الإنسان من نطفة أو من خلية واحدة فقط من هذه الخلايا... إن العلم الحديث يقرر أنه يمكن من خلية واحدة استنساخ حيوان هو صورة طبق الأصل من الحيوان الأصلي.. فكيف بخالق الإنسان نفسه... أو ننكر له هذه القدرة... و من هنا جاء هذا الرد الرباني العجز على هذا الاستفسار الإنساني الجاحد و الجاهل بقدرات الله عز و جل: (أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين، و ضرب لنا مثلا و نسى خلقه، قال من يحيى العظام و هي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم ).

ثم يأتي البيان الثاني...الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون... كيف ننكر قدرة الخالق الذي دبر شئون هذا الكون و دبر عمارته على أن يحيي العظام و هي رميم... أشار الله في هذه الآية إلى قدرته التي عمر بها هذا الكون وأعطى بها الإنسان والحيوان القدرة على الحركة والانطلاق... إن من ينظر إلى هذا الكون وقدرة الإنسان على السعي فيه وعمارته، يجد أنهـا جاءت من هذا الشجر الأخضـر، فالشمس تطلق طاقتهـا.. ولكن هل يستطيع الإنسان أن يمتص هذه الطاقة كي يتحرك بهـا... إن أعضـاء المملكة الحيوانية كلهـا ومنهـا الإنسان لا يستطيعون الاستمرار والحركة بدون مصدر للطاقة.. كمـا أن السيارات والمحركات لا تستطيع أيضـاً أن تتحرك بدون مصدر للطـاقة... ومن أين تتأتى لهم هذه الطاقة التي سيتحرك بهـا الإنسان و من ثم تتحرك بهـا دوابه و أنعـامه ثم تحركان عرباته وآلاته ... هل سأل أحدنا نفسه مرة كيف تأتـيه هذه الطاقة ومن أين تأتيه... الجواب في هذه الكلمات المحددة في الآية التي بين أيدينـا... إن هذه الطاقة تأتى من الشمس التي جـاء ذكرهـا في منتصف هذه السورة.. ثم من الذي يعد ويجهز لنا هذه الطاقة كي نستفيد منهـا ولتبعث الدفء والطـاقة في أجسادنا عند احترقهـا ناراً، و هي التي تدفع الطاقة أيضاً في أجساد دوابنـا عند احتراقهـا ناراً، و هي التي تطهي لنـا الطعام عند احتراقهـا ناراً، وهي التي تدفع عرباتنا عندما تتحول في باطن الأرض إلى بترول وغـاز طبيعي ثم تحترق في عرباتنا ناراً... إنهـا هذا الشجر الأخضر... إن هذه المقابلة في الآية الكريمة التي صاغهـا الحق بين النار والشجر الأخضر مقابلة معجزة، تستوعب كل دروسنا في الطاقة ... حيث يقوم الشجر من خلال اخضراره واخضرار أوراقه بدوره ومهـامه في تخزين وإعداد هذه الطاقة في طعام ذو مذاق جميل وفي نفس الوقت في الصورة التي يمكن امتصاصهـا داخل جسم الإنسان أو الحيوان... إن من يتعمق في الكيفية التي يمتص بهـا هذا الشجر الأخضر من خلال أوراقه الخضراء طاقة الشمس، لا يسعه إلا أن يسجد للخالق الذي قدر هذا الصنع و أبلغ عنه بأعظم الكلمـات و أدق العبارات، في مقابلة معجزة و متكاملة... لقد حاول العلمـاء محاكاة ما يحدث في هذا الورق الأخضر.. فوجدوا أنه يتم في هذه الورقة أكثر من ثلاثة آلف تفاعل كهرو فوتو كيميائي كي يمتص أشعة الشمس الفوتونية ويخزنهـا كطاقة كيميائية في المواد الكربوهيدراتية في عملية حيوية تسمى بعملية التمثيل الكلوروفيللى أو الأخضر نسبة لاعتمادها على ورقة الشجرة الخضـراء.. و لو حاول هؤلاء العلمـاء تنفيذ هذا التفاعل في معامل يعدونهـا، فإنهم يحتاجون إلى معمل يعادل حجمه عشرة أضعاف حجم عمارة المجمع كي يؤدى

سبحان الذي خلق من الشجر الأخضر ناراً


فيه هذه التفاعلات و يصنع ويخزن الطاقة التي تخزنهـا ورقة نبات خضراء في اليوم الواحد، و لكنه سوف يستهلك في تخزين هذه الطاقة طاقة أخرى تعادل طاقة طلمبات منخفض توشكا بأكملهـا... و تأتى كلمة "جعل لكم" لتبلغ حقيقة أخرى، فلن تكون للنبات الأخضر هذه القدرة بذاته... حيث أنه بدون أشعة الشمس التي يمتصهـا وبدون الهواء الذي يستخلص منه غـاز ثاني أكسيد الكربون، وبدون الظروف الجوية المواتية من ضغط ودرجة حرارة ودرجة رطوبة لن يستطيع النبات أن يقدم لنـا هذه الطاقة التي باحتراقها ناراً تسير عجلة الأحياء والحياة على وجه الأرض... و لهذا جاءت كلمة جعل.. ولم تأتى كلمة خلق.. إن من يتابع كيف تنطلق نار هذه الشجر الأخضر في أجسامنا، فسيرى أن الله أعد في خلايا الجسم القدرة على استعادة هذه الطاقة بثلاثة آلاف تفاعل في عكس تفاعلات الشجر الأخضـر... من علم هذه الورقة القيام بهذه التفاعلات.. ومن علم خلايا الإنسان والحيوان هذه التفاعلات... الرد هو أن ما علمناه وما نعلمه يزيدنا يقينـا أننا أكثر جهلا بكل شيء وأن هناك خالقـاً هو الذي جعل هذا... فعلومنا تقربناً من معرفة قدرة الله، و تقدم لنـا الدليل المؤكد لقدرته وعزته.. و أنه سخر لنـا كل هذا الكون بعلمه و قدرته... ثم يتطاول الخلق ويسألون.. من يعيد هذه العظام وهي رميم.. هل من أعد هذه التفاعلات وسير هذه العمليات كي نحيا ونستمتع بطاقتنا غير قادر على أن يعيد هذا الخلق.. وهذا المنطق الثاني كي يبطل الله حجج المنكرين الذين لا يفكرون و يتدبرون.

ثم نأتى إلى الدليل الثالث .. و فيه يذكر الحق بكل الدقة و القوة دليلا لا يمكن إنكـاره ... أو ليس الذي خلق السموات و الأرض بقـادر على أن يخلق مثلهم ... فإذا عقدنا مقارنة بين خلق السموات و الأرض و خلق الإنسان فهي محسومة حقا لخالق السموات و الأرض.. و لن نعيد تأملات قول الحق في سورة النازعات، ففيهـا مقارنة كافية لدحض حجج الكافرين... و لكن هناك وقفة أمام كلمة واحدة في هذه الآية، وهى كلمة " مثلهم "... فإذا كان الخالق جاء بخلق السموات والأرض وخلقهم من لا شيء.. ألا يكون قادراً على أن يأتي بخلق مثلهم... أي ألا يكون قادراً على استنساخهم بلغة العصـر... هل يمكن لخالق الإنسان من نطفة ثم الذي جعل له من الشجر الأخضر ناراً ألا يقدر على أن يفعل ما مكن البشر من فعله ليكون عليهم دليلاً.. ألا يستطيع خالق السموات والأرض على أن يستنسخ مثلهم من خلية يبقيهـا من عظامهم هذه بعد أن تصير رميم... يستنسخهـا كما مكن البشر أن يستنسخوا مثل النعجة التي أخذوا منهـا خلية من جلدهـا... ألا يقدر خالق الأصل أن يخلق الصورة... أي مثلهم.. سؤال لا مرد له إلا أن هؤلاء المنكرون متنطعون ومفضوحون... و لكن هذا الاستنساخ الذي مكنهم الله منه وإن كان في ظاهره العلم، إلا أن باطنه يكشف قدرة الخالق... فكل ما فعلوه عند الاستنساخ أنهم أخذوا خلية كاملة من جسم ذكر أو أنثى في أي حيوان ووضعوهـا في بويضة أنثى داخل رحم أنثى هذا الحيوان.. وهو موضع النطفة الأولى لأي جنين يتكون بالصورة الطبيعية من نصف خلية من الذكر ونصف خلية من الأنثى، فيتم الانتخاب الطبيعي للصفات التي تورث في الجنين الطبيعي، فرأوا أن بويضة الأنثى التي وضعوا فيهـا هذه الخلية، معدة لتلقين الخلية الموضوعة أو المستنسخ صاحبهـا طرق الانقسام داخل الرحم لتكوين الأنسجة و العضلات والأجهزة والصفات التي تحملهـا هذه الخلية، و أيقنوا أن خلق هذا المثل ممكنـا بما أودعه الله في بويضة أنثى كل حيوان من أسرار، كالأسرار التي وضعهـا فيهـا كي تخرج من النطفة الأولى أو الخلية الأولى من هذا المخلوق، و كالأسرار التي أودعهـا في الشجر الأخضر كي تنتج ناراً كما بين الله في الآيات السابقة... هكذا يأتي قول الحق ويأتي بالرد القاطع له... بلى ..(أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم.. بلى ... وهو الخلاق العليم... إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون)... صدق الله العظيم... أيوجد منطق أعظم وأبدع وأعلم وأقوى وأمتع من هذا المنطق القرآني كي تقنع به من لا يؤمن بالبعث و قدرة الخالق على أنه سيعيد نشأتنـا من هذه العظام أعظم... إنه سرد لثلاث حقائق نراهـا بأعيننا و أبصارنا و منطقنـا الإنساني.. لهذا كان أول هذه الآيات (أو لم ير الإنسان... ثم كان في أوسطهـا.. أوليس الذي خلق السموات و الأرض بقادر على أن يخلق مثلهم)... هل يمكن ألا يكون ردنا على هذه الآية الكريمة كما قال سبحانه وتعالى.. نعم. هو الخلاق العليم.. نعم .. بلى و ربنـا الحق.. لقد رأينـا و آمنا أن الله قادر على أن يخلق مثلنـا و ينصر أمتنـا بإذنه و هدايته وكتابه و آياته.. فبأي حديث بعده يؤمنون...

هناك لازمة أحب أن أضيفهـا... فالخالق أراد للمسلمين أن يكون تقويمهم للشهور والسنوات معتمدا على حركة القمر و ليس على حركة الشمس... ولو تدبرنـا في فلك القمر.. فسنجد أن القمر تابعـا للأرض و يلازمهـا... و لأن الخالق سخر هذا الكون للإنسان... فقد أراد له أن يقوم السنوات بشيء تابع للأرض التي سخرها الخالق لهذا الإنسان وسخر ما في الكون لخدمته... و نحن عندما نعد شهور الحمل في الجنس الآدمي أو الحيواني، نجد التقويم أدق بالشهور القمرية، و في اختيار الخالق هذا التقويم لنـا يجعل الأرض و أهلهـا متبوعين بما في هذا الكون ومشاركين و ليسوا متبعين.. و الله أعلم .


يمكن المراسلة على البريد التالي:

- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -


المرجع: https://en.wikipedia.org/wiki/Main_Page










قديم 2010-09-03, 20:43   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم التاسع والعشرون:-
تأملات في قصة طالوت وجالوت

تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدت : 1031
https://www.quran-m.com/container.php?fun=artview&id=252

سامي الهسنياني

- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -

قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ { 246} وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {247} وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ { 248}فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ {249} وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {250} فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾.
قصة طالوت وجالوت من القصص القرآنية الداعية للتأمل، وهي من القصص التي يجب أن نقف عندها كثيراً، وأن نبحث من خلال آياتها عن الدروس والعبر المستفادة من القصة، لأنها تبين:

1-طبيعة اليهود واعتراضهم على أمر الله تعالى ومن ثم أمر نبيه، وطلباتهم المتكررة.

2-طرق ووسائل الاختبار، لتمحيص وتنقية الصف المؤمن.

3-مقدار السمع والطاعة من جانب المؤمنين لقائدهم.

4-إن النصر يأتي بعد الصبر والثبات والتحمل وقبلها إخلاص النية لله تعالى.

5-إن النصر لا يأتي مع كثرة العدد بل يأتي مع مقدار الاتصال بالله تعالى ومع مقدار الإيمان والتقوى الذي في القلوب.

6-أهمية الدعاء وأثره في ساعات المواجهة.

بعد هذه الآيات الكريمات، نأتي إلى أهم التأملات فيها:

أولاً: طبيعة النفس الإسرائيلية

1-سؤالهم الذي يحمل طبيعة الكبر لأنبيائهم وخاصة من قبل كبرائهم وساداتهم.

2-الاعتراض على أوامر نبيهم ورفضها.

3-امتناعهم عن القتال تحت راية ذلك النبـي، لذلك سألوه أن يدعو اللـه تعالى أن يبعث لهم ملكاَ، يقاتلوا تحت إمرته.

4-الاعتراض على أوامر الله تعالى، وقد قال لهم نبيهم ]هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَ تُقَاتِلُوا[.. ]قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ[.

5-القعود والتذمر عند الجد وخلق المعاذير ]فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَ قَلِيلاَ مِنْهُمْ[.

6-كثرة الكلام وتضخيم ما وقع عليهم وان كان صغيراً ]وَمَا لَنَا أَلاَ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا[.

7-كثرة اختبار الله تعالى لهم لكثرة اعتراضهم لكي لا يبقي لهم حجة.

8-جعل أحقية الملك لهم تكبراَ واستخفافاَ بغيرهم ]وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ[.

9-اعتماد سعة المال وكثرته مقياساً لاستحقاق الملك والقيادة ]وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ[.

10-جعل القتال في سبيل الله قناعاً لتحقيق مآربهم الشخصية.

11-كثرة طلبهم للأدلة والبراهين ومشاهدة العلامات ]إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ[.

12-نبذ صفتي العلم وقوة البدن اللتين بهما اصطفى اللـه تعالى طالوت عليهم، دلالة على أنهم يشجعون الجهل والكسل والقعود عن العمل.

14-وجود قلة مؤمنة أمام كثرة كافرة.

15-صعوبة الإيمان بالله تعالى، نتيجة للنفاق العقائدي.

ثانياً: اختيار القلة المقاتلة:

1-قال تعالى: ]فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَ قَلِيلاَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ[.

هذا كان أول اختبار للفئة المقاتلة هو أن كتب الله عليهم القتال، ليميز أصحاب النيات الصالحة والصادقة (والتي تود حقاً القتال في سبيل الله وإعلاء كلمته أمام الظلم والطغيان ومقاومة الشر والفساد، والتي تنظر حقاً إلى أجر القتال والشهادة في سبيله، وهؤلاء ليسوا من الذين يهولون ويصيحون بدون فعل مجد) عن أصحاب النيات الفاسدة (التي لم تنو القتال أصلاً، إنما هو كلام لا وزن له، كلام مجالس صادر عن لسان لاغ ليس وراءه نية قلبية صادقة، ويمكن أن يكون استخفافاً بذلك النبـي، وهؤلاء لما علموا بان الله استجاب لطلبهم تقاعسوا ولم يقاتلوا كما قالوا وطلبوا).

2-قال تعالى: ]فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَ مَنْ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَ قَلِيلاَ مِنْهُمْ[.

هذا هو الاختبار الثاني للفئة التي سارت للقتال، بعد أن سار طالوت بالجنود وابتعد عن القرية، أخبرهم بوجود نهر، وجعل مقياس الشرب والقعود على الماء دليلاَ على إيمانهم واستحقاقهم للقتال معه، وكان هذا أول توجيه من القائد لجنوده ليبين مقدار السمع والطاعة، ولأنه يرى بعلمه أن الشراب والقعود على الماء يمكن أن يؤدي إلى:

أ-القعود والتخلي عن السير.

ب-التأخير في أداء المهمة.

ج-الكسل والتراخي.

د-تذكيرهم بالنعم الدنيوية.

هـ-ضعف همة القتال والجهاد في نفوسهم.

و- انشغالهم بطيبات الماء كالصيد مثلاَ.

ز-كثرة شرب الماء بعد الجهد والتعب الشديد قد يؤدي إلى أضرار صحية تمنع من مواصلة السير والقتال.

ح-وجود نيات فاسدة قد تؤدي إلى زعزعة إيمان بعضهم نتيجة طول الطريق.

واصل السير فقط أصحاب العزائم والهمم العالية، والتي استجابت لأمر القائد (إلا من اغترف غرفة بيده) أي شربوا بملء أكفهم وهم يعبرون النهر.

3-قال تعالى: ] فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(249)وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ[.

هذا هو الاختبار الثالث للقلة المؤمنة المتبقية مع طالوت.

هذا الاختبار في ساحة المواجهة، في ساحة الصراع بين الخير والشر، وفي هذا الاختبار أراد اللـه تعالى أن يمحص هذه القلة بأن ينقيها من أصحاب النيات غير المستقرة بعد للقتال في سبيل اللـه، والتي لا تستطيع المواجهة والصمود لكي لا تتسبب في خلخلة الصفوف.

وفي هذه الآيات نرى:

أ-اختبارهم للقلة المؤمنة لأنها أمام نصر أو هزيمة.

ب-لا مكان لأصحاب النفوس الضعيفة في هذه المواجهة لأن المسألة مصيرية.

ج-كشف الضعفاء الذين لم ينكشفوا في الاختبارين السابقين.

د-قلة العدد يؤدي إلى زيادة الإيمان، ازداد إيمان البقية المتبقية بسقوط عدد منهم.

هـ-اعتماد الذين قالوا: (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) على الأسباب الدنيوية، العدد والعدة، ناسين قوة الإيمان وبأن الله تعالى معهم.

وـ اعتماد الفئة المؤمنة على الله تعالى بعد أدائها الأسباب، ويقينها بان قوة الإيمان والاتصال بالله ستغلب قوة العدد والعدة ]كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ[.

ز-استجابة الله تعالى لدعاء الفئة المؤمنة، وبأن لا يخذلهم أثناء المواجهة وأن ينزل عليهم صبره ويملأ قلوبهم بها لكي تتثبت الأقدام ]ربّنا افرِغ عَلينا صبراً َوثبّت أقدامنا[.

ح-دعاء النصر على الكافرين، وقد استجاب اللـه لدعائهم وكافأهم بالنصر نتيجة لصدق نياتهم وصبرهم ]وَانصُرنا عَلى القومِ الكافِرين[ .

دروس وعبر

1-عدم الاشتراط للإيمان باللـه أو الدعوة إليه.

2-عدم التذمر من قبول الأوامر القيادية.

3-السمع والطاعة لأوامر القيادة.

4-عدم إهمال الفقراء والبعيدين عن الأضواء من الدعوة والاتصال بهم.

5-الابتعاد من جعل المال هو المقياس في التقييم.

6-معرفة أساليب المواجهة، وكيفية مواجهتها وعلاجها.

7-طريق الدعوة يحتاج إلى اختبار وصبر.

8-إحضار النية قبل العمل والثبات عليها إثناء العمل والاستغفار من التقصير بعد الانتهاء.

9-معرفة طرق ووسائل زيادة الإيمان.

10-عدم زعزعة الصفوف ببث روح الخوف والقلق.

11-الابتعاد عن الإشاعة بالتهويل والصياح.

12-عدم اعتماد العدد كمقياس النجاح والنصر، بل التوفيق الإلهي بعد الإيمان الثابت والراسخ.

13-معرفة مداخل الشيطان إلى النفس البشرية (المال، الطعام، الشهوة، الكسل، الشهرة، الخوف، الظهور، التكبر.. ..).

14-الجدية والحرص والانضباطية والايجابية في تنفيذ الأوامر.

15-استحضار أجر العمل عند الله تعالى.

16-الدعاء وخاصة أثناء الأزمات، واختيار أوقات الإجابة.

17-الأخذ بالعزائم والابتعاد عن الرخص.

18-الدعاء للذين سقطوا بالهداية والعودة، ومن ثم الاتصال بهم.

19-ظهور قادة جدد في الأزمات بتسجيلهم مواقف بطولية مشرفة (وقتل داود جالوت).

20-الاعتماد على الله تعالى في تحقيق النصر بعد استكمال الوسائل الدنيوية وتنقية الإيمان من الشوائب.

21-عدم تضخيم عدد وعدة الطرف المقابل (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).

22-الثقة بالقيادة في كل ما تقول وتعمل وتوجه لأنها أكثر علماً وخبرة.

23-الأخذ من شهوات الدنيا بقدر الحاجة (إلّا من اغترف غرفة بيده)وعدم الإسراف والتبذير في ذلك.

24-النصر مع الصبر، كافأ اللـه تعالى طالوت وجنوده بالنصر على العدو، لصبرهم وثباتهم، وان النصر آتٍ مهما طال الزمن واعتلى الظلم، وهو لا يأتي بمجرد الكلام والحديث عنه، بل باتخاذ الأسباب.

25-عدم الالتفات إلى ما يقوله المفسدون، وخاصة إذا كان من قبيل اللغو في الكلام، وإذا كان هناك رد فبالحسنى والموعظة الحسنة التي بها تفتح القلوب.

26-قلة الكلام إلا في مواطن الحق أو الدعوة إلى الخير.

27-التكاتف حول القيادة والتي ترى فيها، بأنها هي القادرة على تحقيق مصالح الجماهير.

28-معرفة أسباب السقوط، والحذر منها.

29-تنوع أساليب الاختبار لتمحيص الصف المؤمن.

30-انكشاف أصحاب النيات الفاسدة وخاصة إذا طال الطريق.

31-نجاح القيادة في إدارة الأزمة والمواجهة.

32-حرص القيادة على تحقيق آمال الجماهير.

33-دراسة السنن الإلهية في الكون.

34-معرفة ودراسة قانون التدافع بين الحق والباطل.

مواضع ذات صلة :

•تأملات في قصة ذي القرنين

•الدروس المستفادة من قصة قارون










قديم 2010-09-03, 20:50   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
عبد الله سعود
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية عبد الله سعود
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اليوم الثلاثون:-
تأملات في قصة ذي القرنين

تاريخ المقال : 28/6/2010 | عدد مرات المشاهدت : 967
https://www.quran-m.com/container.php?fun=artview&id=244

سامي الهسنياني*

من القصص القرآنية الجامعة بين العلم والعمل؛ والحكم والعدالة؛ والقول والفعل؛ والرأي والشورى؛ والقانون والدستور؛ والصبر والحكمة؛ والسلطة والوجاهة، والقوة الروحية والمادية، قصة ذوالقرنين الذي جمع شخصية الحاكم العادل والعالم العامل، إلى جانب ورعه وتقواه وخوفه من الله تعالى، وحثه على نشر قيم العدالة بين الناس ومن هم في حدود مملكته، ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح، ولا يستغل فتوحاته وسيلة في التجبر على رقاب الضعفاء. وتفقده أحوال الرعية في المشرق والمغرب، وتحمله أعباء السفر ومشاقه ليخدم الناس ويتفقد أحوالهم ويبث فيهم روح العمل وحبه ليسيروا حياتهم على أحسن وجه؛كل ذلك دليل على اهتمامه وحرصه الشديد على هداية الناس. ذو القرنين الذي سار بجيشه إلى مشرق الأرض ومغربه لم يسجل عنهم أنهم تعدوا على احد أو ظلموا أحدا، أو أكلوا مال أحد، همهم فقط نشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، ورفع الظلم والحيف عن الناس، إلى جانب تعليم الناس أسس ومبادئ الصناعة والعمل، ويبين بذلك للعالم اجمع أن عالمية الإسلام ماض إلى يوم القيامة لا تحده زمان ولا مكان، فهو الدين الوحيد الذي يستطيع أن يجمع تحت مظلته كافة الأجناس والأقوام ويجعلهم إخوانا في دين الله، وكذلك تبين رحلاته نشر روح التسامح بين الأقوام، والاستفادة من بعضهم البعض في مجال البناء والحوار الحضاري.

قال تعالى في سورة الكهف :

﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا {83} إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا{84} فَأَتْبَعَ سَبَبًا {85} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا {86} قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا{87} وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا {88} ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا {89} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا {90} كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا {91} ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا {92} حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا {93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا{94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا {95} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا {96} فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا{97}قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾
- قال تعالى: ( ويسئلونك عن ذي القرنين. قل سأتلوا عليكم منه ذكرا).

1- التأكيد على أهمية طلب العلم والتزود بالمعرفة، والسؤال عما يجهله الإنسان أو السؤال للتثبت من الإجابة، والسؤال هو المفتاح الثاني بعد القراءة لطلب المعارف والعلوم واكتشاف المجهول.

2- دوام المواجهة بين الأكثر علما وبين المستهزئين، أو المنتحلين شخصية العالم المتعلم الذي يضاهي بعلمه أمام الناس.

3- الإيجاز في ذكر مجمل القصة أي تلاوة خلاصتها.

4- تحلي العالم العامل بالصبر والحلم والإجابة بكل هدوء ورحابة صدر.

5- بيان أخبار الماضين للاتعاظ وأخذ الدروس والعبر، وليس شرطا ذكر تفاصيل القصة.

- قال تعالى: (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا).

6- الأخذ بالأسباب وبذل الجهد المستطاع ليكون التمكين أمكن وامتن .

7- صبره على الابتلاءات والمشاق حتى جاءه الظفر وهو تسهيل سبل التمكين، فكان التوفيق في كل شيء لأمر أراده الله سبحانه.

8- مجيء التمكين أكبر من المتوقع فكان تمكينه الأرض مطلقا.

9- ومن سبل التمكين التزود بالمعارف والعلوم وفتح مجال التخصصات في كل شيء.

10- معرفة الطرق التي تؤدي إلى التمكين بكل أشكاله من فكر وعلوم وصناعة وهمة.....

11- حرصه على نشر أصول الحضارة والمدنية بين الناس في الشرق والغرب وفي دائرة ملكه الواسع هذا مما جعل الناس يستقبلونه بحفاوة.

- ( فاتبع سببا)
12- اختار سبيلا للوصول إلى هدفه.

13- وقد يكون اختار طريقا للسير بعد استشارة نوابه من ذوي العقول.

14- إعداد العدة اللازمة والمؤونة المطلوبة لأيام السفر الطويل.

15- النية والعزم والهمة العالية للبلوغ إلى تحقيق هدفه.

16- اتخاذ الوسائل اللازمة والمتنوعة في الرحلة.

- ( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما، قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا) .

17- السياحة في الأرض؛ مع نشر قيم العدالة والخير.

18- التأمل والاستمتاع بالنظر إلى منظر غروب الشمس وهي تغرب وراء البحار في مشهد يأخذ بالعقول عند ما لا تحجبها غبار أو غيوم.

19- وقد يكون غروب شمس حضارة تلك المنطقة بسقوط ودمار، بسبب ظلمهم وابتعادهم عن الله تعالى، فكان هلاكهم أشبه بمن طمس في عين طيني، فكان البقاء للفقراء والضعفاء والأتباع.

20- التفقد على الرعية والاتصال بهم والتعرف على حوائجهم.

21- وجود البطانة الجيدة صاحبة العقل والحكمة، التي تريد للرعية كل الخير.

22- وجود دستور يحكم به ذو القرنين الرعية يعذب بها الظالمين ويكافئ المحسنين.

23- الأخذ بمشورة حاشيته.

- (قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا. وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا).

24- عقاب الظالمين وفق قوانين وأحكام وهم الذين لم يذعنوا للحق بعد نصحهم وإرشادهم.

25- ربط العذاب الدنيوي البشري بعذاب الآخرة الأشد ليكون عبرة لهؤلاء الظالمين، وهو أسلوب ملف للانتباه يبن فيه بأن الجزاء من جنس العمل وبأن المحكمة لا تنتهي فقط بحكم الدنيا.

26- مكافأة المحسنين وهو تعليمهم أمور الدين ليكونوا من بعد رحيلهم دعاة للحق والخير.

- ( ثم أتبع سببا)

27- دوام مواصلة الرحلة لتحقيق الهدف، حيث لا راحة والناس يحتاجون لتعاليم الدين.

28- التجهز للرحلة الثانية وهي إلى مشرق الشمس.

- ( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا).

29- وجود أقوام عند مشرق الشمس لا تحجبهم عنها شيء.

30- أو أنهم لم يتخذوا سترا من أشعة الشمس لعدم معرفتهم بذلك.

31- أو أن عدم اتخاذهم حجابا عن الشمس هو عدم الحاجة إلى ذلك بسبب أنه الحرارة هناك مناسبة .

32- أو أن كروية الأرض في تلك الفترة في تلك المنطقة كانت لا تغيب عنها الشمس.

33- أو بسبب أن الأرض مستوية خالية لا توجد أشجار أو جبال تحجب أشعة الشمس عند الشروق.

34- وقد يكون أن هذا القوم ليس عندهم من المدنية شيء ولا يعرفون أن يتخذوا من شمس المعرفة سبلا في تحسين حياتهم لجهلهم أو تكاسلهم.

35- ( ثم أتبع سببا)

- (حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا. قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا).

36- في الرحلة الثالثة كانت الوقفة أكبر، حيث استقبله الناس بكل حفاوة وترحيب لأن أخباره قد وصلت إليهم قبل أن يلاقوه.

37- قوم يعيشون بين جبلين بعيدين عن الاتصال بالعالم لذا كانوا جهلاء صغارا وكبارا لا علم لهم ولا معرفة، وجهلهم هذا منعهم من التفكير السليم.

38- عرض مشكلتهم الكبرى عليه وهو غارات يأجوج ومأجوج على قراهم وإفساد معيشتهم.

39- تشخيص المفسدين وعزلهم مطلب الجميع، ليعم الأمن والبركة.

40- عرضهم على ذو القرنين المال الكافي لبناء سد لمنع هجمات يأجوج ومأجوج.

- (قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما).

33- موافقة الحاكم العادل على طلب القوم، وبرؤيته رأى بأن هذا القوم ينقصهم العقل المدبر فقط ، لأن في أيديهم مال وفير وأيدي قوية ولكنها عاطلة.

34- أعينوني بلا كسل ولا تسويف وبكل ما أوتيتم من قوة عضلية وفكرية ونفسية ومالية لبناء الردم.

- (آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا).

35- لصهر الحديد يتطلب خبرة ومواد أولية وطرق لجلب المواد، فكانت الخبرة من ذي القرنين والمواد من المنطقة من جبالها وأحجارها وجلب المواد عن طريق الأيدي المتوافرة بعد أن زرع فيهم ذو القرنين القوة والحماس.

36- الخبرة الجيدة في اختيار المكان المناسب؛ والمواد التي يبنى بها السد والتي تعطي الصلابة والمتانة لآلاف السنين وهما الحديد المنصهر مع النحاس.

الدروس والعبر

1- جواز استحباب السؤال والاستفسار عن المجهول، أو عند عدم فهم موضوع ما.

2- تصدي العالم والداعي المتمكن لإجابة أسئلة التحدي والمواجهة بأيسر وأسهل العبارات.

3- الإجابة في اللحظة والتو لا بعد فوات الأوان، وهذا يتطلب استكمال العدة من علوم ومعارف وجرأة في الكلام، مع معرفة طرق التعامل من الناس.

4- حتى إذا كان السؤال للتحدي فلا ينبغي المواجهة بالمثل،أو التهرب من المواجهة بل مقابلته بكل رفق وقوة في الكلام

5- الجواب على قدر السؤال لا الخوض في التفاصيل، أي الإيجاز والإطناب.

6- التخصص في المعارف والعلوم ونشر ذلك بين القوم.

7- نشر أصول الحضارة في كافة بقاع الأرض ليعم الخير الجميع، لا أن يحتكر في مكان ما.

8- السياحة في الأرض ولقاء الأقوام يؤدي إلى تلاقح الأفكار والخبرات والاستفادة من بعضهم البعض.

9- لا حكم إلا بقانون، لا بمجرد الشك أو الانتقام فيحكم بهوى النفس.

10- القانون فوق الجميع وينفذ لا مجرد كلمات مرصوصة في عبارات يطبق على بعض ويستثنى البعض الآخر.

11- التمكين لا يأتي بمجرد العلم والادعاء بالخير والإصلاح؛ بل لا بد من ابتلاء وامتحان يختبر فيها صدق أيمان الجماعة، وقد يطول هذا الابتلاء.

12- للتمكين أسباب فمتى وجدت الأسباب كان التمكين في الأرض وقيادة الأمم، ألا أن هناك فرقا بين تمكين الكفار وتمكين المؤمنين وهو فقدان تمكين الكفار الأمن والبركة.

13- اتخاذ مبدأ الشورى في صنع القرارات وخاصة المصيرية، وهذا قمة الديمقراطية.

14- السماح بإبداء الرأي بطريقة هي أرقى من صور الديمقراطية الحديثة.

15- اختيار أهل الشورى من أهل العلم والاختصاص.

16- تعظيم الشخصيات المتميزة والتي لها دور في المجتمع بإعطاء الألقاب التشجيعية لهم.

17- عدم ذكر الاسم الصريح في القصة فقط الاكتفاء باللقب دليل على المكانة الرائعة والمقبولة، إذ أن اللقب فيه من المعاني والدلالات قد تخفى على الكثيرين سبب تسميته بهذا اللقب.

18- العلم بالشيء قبل الدعوة إليه له التأثير القوي على المدعوين أو جمهور المخاطبين.

19- (سأتلو عليكم) دليل على التمكن والاستعلاء وهذا من صفات المؤمن، تمكن من أدائه واستعلاء عن الواقع الفاسد.

20- مساعدة الفقراء والمحتاجين والضعفاء وتفقد أحوالهم، وخاصة من قبل الحاكم الذي هو خادم لشعبه.

21- وجوب اتخاذ السجون لسجن المفسدين والظالمين إلى أمد.

22- على الحاكم العادل إعطاء أكثر مما يستحقه الشعب، طلب القوم سدا فبنى لهم ذو القرنين ردما وهو بناء أعظم من السد والعمل فيه بنفسه.

23- على الحاكم أن يتحلى بصفات الصبر والحلم والأناة، إلى جانب العلم والمعرفة فذو القرنين كان له علم معارف عديدة منها: السياسية (إدارة الحكم على أحسن وجه) والجغرافية والصناعية والهندسية إلى جانب فنون التعامل مع الآخرين.

24- على الحاكم العادل أن يبعد المفسدين عن مواقع المسئولية والسلطة، لكي لا يأتوا على أموال الفقراء والضعفاء والمحتاجين، فيعم بذلك الفساد ويكون في كل شيء.

25- سفر الحاكم بحاشية كبيرة ومستشارين دليل على أهمية تلك الزيارة بين الطرفين.

26- عالمية سفرات ذي القرنين حيث عم طرفي الأرض مع المركز (مركز اليابسة)، دليل على أن الجميع كانوا مع ذو القرنين، من دون تفريق بين احد منهم.

27- وجود دول أو جماعات لا تفقه من الحياة شيء، ولا تملك أي وسيلة للتفاهم.

28- السعي إلى فض النزاعات وحل المشكلات نهائيا من دون تأخير أو تأجيل.

29- الابتعاد عن الكيل بمكيالين في التعامل.

30- بيان بأن إدارة الحكم مهما كان اتساعه فإنه يتم العدل والسياسة الصادقة، لا بالسياسة الملفقة والكاذبة.

31- إعطاء ذو القرنين دروس حضارية شاهدة إلى يوم القيامة على أنه إذا صلح الرأس صلح باقي الجسد في السياسة وإدارة الحكم.

32- الاهتمام بجميع جوانب الحياة كان على رأس أولويات ذو القرنين (المعيشية والاجتماعية ....).

33- نزول الحاكم إلى مستوى الشعب والالتصاق بهم عن قرب لشعور الناس بأنه واحد منهم لا يستعلي عليهم في برجه العاجي.

34- على الحاكم محاربة الظلم والجهل أينما وجد ويتابع ذلك بنفسه بكل جد وإخلاص.

35- اتخاذ دستور لإدارة الحكم لا يخرج عنه.

36- بيان أن عنصر الحديد المنصهر مع القطران (النحاس) يعطيان تركيبة قوية جدا لا تتأثر بالزلازل والعوامل البيئية، لها صلادة عالية جداً

37- عملية استخلاص الحديد وصهره ما زال يستخدم إلى الآن طريقة النفخ بالهواء من أسفل الفرن بعد وضع المواد الأولية في الفرن المبني من الطابوق. وهذا أيضاً إعجاز علمي يسجله القرآن الكريم لذي القرنين.

38- وضع دعائم الصناعة التي بها تتقدم الأمم وتزدهر.

39- نشر العلم والمعرفة بين الناس مع نشر أصول العقيدة وخاصة الآخرة من دون مقابل.

40- القضاء على البطالة وتشجيع العاطلين على العمل مع إيجاد فرص عمل جديدة باستمرار.

41- تصدير الخبرة إلى أماكن أخرى من دون مقابل.

42- التحلي بالسمعة الطيبة والاحترام الجميل بين الناس، دليل على الثقة المتبادلة بينة الطرفين.

43- أخذ الحاكم بمشورة حاشيته والاستماع إلى كلامهم بكل رحابة صدر.

44- ربط الأعمال كلها بمشيئة الله سبحانه وتعالى ( فإذا جاء وعد ربي......).

45- الايجابية في الحكم، على الحاكم أن يستثمر مدة حياته أو حكمه في عمل ونشر الخير والإصلاح ومحاربة الفساد ببناء ووضع حواجز بين المفسدين والمجتمع.

46- العبرة في هذه القصة تتحقق دون الحاجة إلى تحديد الزمان والمكان، كما هو سائر في معظم قصص القرآن الكريم.

47- ميلاد الحضارات لا تأتي بين عشية وضحاها؛ إلا بالصبر والتحمل واتخاذ الأسباب عندها يأتي التمكين، وينبثق ميلاد فجر حضارة جديدة.

استفدت من المصادر التالية:

1- د. سيد دسوقي: تأملات في التفسير الحضاري للقرآن الكريم (سلسلة التنوير الإسلامي).

2- الشهد سيد قطب : في ظلال القرآن.

3- موقع صيد الفوائد مقال للدكتور عثمان قدري مكانسي.

• * سيرة ذاتية للباحث:

الاسم : سامي شيخو رسول الهسنياني – كاتب وباحث إسلامي من كوردستان العراق.

المواليد : 1969

المستوى الدراسي: بكالوريوس علوم في الكيمياء من جامعة الموصل/ العراق.سنة 1990/1991

المهنة: مدرس مادة الكيمياء منذ سنة 1994.

الهواية: المطالعة، الرياضة، كتابة الشعر باللغتين العربية والكوردية، كتابة البحوث العلمية والتاريخية والتنموية.

نشر لي عشرات المقالات باللغتين العربية والكوردية في جرائد ومجلات إقليم كوردستان وترجمة العديد من المقالات إلى اللغة الكوردية، مع طبع كتابين باللغة العربية (نفذ من المكتبات) وقد ترجمت إحداهما إلى اللغة الكوردية وهي في انتظار الطبع إن شاء الله تعالى.

يمكن مراسلة المؤلف: - البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -










 

الكلمات الدلالية (Tags)
معلومات دينية, القرآن الكريم, إعجاز علمي, قصص دينية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc