مشايخ السلطان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مشايخ السلطان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-03-24, 10:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
امبراطور البحر1
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B9 مشايخ السلطان

منذ الصراع الأول على السلطة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وانقسام الأمة إلى فريقين، سنة وشيعة، حكومة ومعارضة، ثم انقسام السنة إلى فرق أخرى، أشاعرة في السلطة ومعتزلة وروافض في المعارضة، انبرى كل فريق بحشد حججه النقلية من الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال الصحابة والتابعين لإثبات شرعية موقفه. فتحول النزاع السياسي إلى خلاف ديني، والأحزاب السياسية إلى فرق دينية.

وانقسم العلماء إلى فريقين، فريق يأخذ الخلعة والصرة والركب، ويتقلد المناصب، ويعيش في قصر السلطان وتحت رعايته... جاهز في فتاويه طبقاً لرغبات ولي النعم. وفريق يزج به في السجون والمعتقلات، ويقضي حياته في الحبس حتى الموت لأنه يفتي رعاية لمصالح الأمة، دفاعاً عن الحق، مقاصد الشريعة وحقوق الناس، ومبيناً واجبات السلطان. ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، رعاية لحقوق الله، وينصح أولي الأمر ابتغاء لوجه الله ومصالح الناس، ويقوم بالحسبة وهي الوظيفة الرئيسية للحكومة الإسلامية.

واستمر الأمر كذلك حتى العصر الحديث عندما بايع علماء الأمة محمد علي والياً على مصر، لما رأوا فيه قدرة على بناء البلاد والدفاع عن ثغورها. ولما استتب له الأمر وخشي من المعارضة في يوم ما أو أن تتم البيعة لغيره قضى على استقلالهم، وعينهم موظفين في الدولة مثل قادة الجند وأمراء الشرطة وأصحاب البريد. ومنذ ذلك الوقت أصبح شيخ المشايخ والمشايخ من كبار رجال الدولة لهم وضعهم في التشريفات والمراسم الخديوية والسلطانية والملكية والجمهورية بعد الخديوي والملك والرئيس، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشعب. تأتي السلطة السياسية أولا, ثم السلطة الدينية ثانياً. المتبوع قبل التابع، والتابع بعد المتبوع. لهم الألقاب والزي والهبات والعطايا حتى بعد إلغاء الوقف. يفتون لسلطان مصر أو لملك مصر والسودان إذا أراد أن يكون خليفة للمسلمين بعد إلغاء الخلافة في أسطنبول.

واستمر الحال كذلك بعد الثورة لحاجة الضباط الأحرار إلى السلطة الدينية لتبرير شرعيتهم السياسية بعد صدامهم مع الإخوان في أول الثورة في 1954. ولما كان مسار الثورة بين مد وجزر، ثورة وثورة مضادة. فقد سار مشايخ السلطان في الركاب. فبعد قرارات مؤتمر الخرطوم بعد هزيمة يونيو 1967، اللاءات الثلاثة، لا صلح ولا مفاوضة ولا اعتراف بإسرائيل. انبرى مشايخ السلطان بتبريرها بالفتاوى والنصوص الدينية "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل"، "وجاهدوا في الله حق جهاده"، "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير"، "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم"، وما أكثر الآيات والأحاديث في هذا السياق. وبعد أن انقلبت الجمهورية الثانية على الجمهورية الأولى، وعقدت اتفاقيات كامب ديفيد في 1978 ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 1979 انبرى مشايخ السلطان، هم أنفسهم، بتبرير قرارات السلطان الجديد بآيات وأحاديث أخرى "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"، "ادخلوا في السلم كافة". وسلام وشالوم من نفس الاشتقاق، وكلانا أولاد عم من نسل إبراهيم.

وحدث نفس التحول على الصعيد الداخلي من الاشتراكية والقومية وعدم الانحياز واختيار الجمهورية الأولى إلى الرأسمالية والقطرية والانحياز إلى أميركا وإسرائيل، وانقلاب الجمهورية الثانية والذي مازال مستمرا في الجمهورية الثالثة والأخيرة في حقبة من تاريخ مصر المعاصر في النصف الثاني من القرن العشرين... نهاية لمرحلة، وبداية لمرحلة أخرى. فأفتى مشايخ السلطان في الجمهورية الأولى بأن الإسلام دين الاشتراكية "الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنار"، والقطاع العام من الإسلام كما مثله "الإقطاع"، وهو ما يقطعه الخلفاء للصالح العام كالمراعي للإبل، و"ليس منا من بات جوعان وجاره طاوٍ". "والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم". وجاء الشعر:

والاشتراكيون أنت إمامهــم*** لولا دعاوي القوم والغلواء.

أنصفت أهل الفقر من أهل الغنى*** فالكل في حق الحياة سواء.

ولما حدث الانقلاب في الجمهورية الثانية انبرى مشايخ السلطان لتبرير سياسة الانفتاح ونقد الشيوعية الملحدة، "من لا إيمان له لا أمان له". والكسب الحر مشروع، والتجارة حلال في الأسواق، ومع الله تجارة لن تبور. وكل ما أتى الإنسان هو رزق، حلالا أم حراماً، اعتمادا على رأي بعض القدماء، والرفاهية حق المؤمنين "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا". والغرب مؤمن، والشرق كافر. والانحياز إلى الغرب المؤمن ضد الشرق الكافر خير وبركة، ونصرة للإسلام والمسلمين.

وقد انبرى شيخ مشايخ السلطان أخيراً بفتوى من نفس النوع لحث الناس على الاشتراك في التصويت وعلى تغيير المادة 76 من الدستور وعدم مقاطعته كما تريد المعارضة "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه". وهي نصف شهادة. فأين الشهادة على الباقي؟، إلغاء قوانين الطوارئ، والأحكام العرفية، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، ورفض التمديد والتوريث, لأن الحكم في الإسلام عقد وبيعة واختيار حر من الناس، لا انقلاباً ولا وراثة. "إني وليت عليكم ولست بخيركم"، "والله لو عثرت بغلة في العراق لسئلت عنها يا عمر لماذا لم تسوِّ لها الطريق؟", فما بال العدوان الأميركي منذ ثلاث سنوات على العراق، ومنذ أكثر من أربع سنوات على أفغانستان، ومنذ أكثر من خمس سنوات على الشيشان، ومنذ أكثر من نصف قرن على فلسطين وكشمير، ومنذ أكثر من خمسة قرون على سبتة ومليلية في شمال المغرب المحتلة من أسبانيا منذ سقوط الأندلس؟

أين الشهادة على فقر الفقراء وغنى الأغنياء، وتهريب ثروة مصر إلى الخارج، ونواب القروض، وتجار المخدرات، ومظاهر الفساد الاجتماعي والسياسي؟ أين الشهادة على آلاف المعتقلين السياسيين والتعذيب في السجون كما هو وارد في تقرير حقوق الإنسان الذي صدر من مؤسسات الدولة ذاتها؟ أين الشهادة على ضرورة التعددية السياسية لأن "اختلاف الأئمة رحمة بينهم"، "كلكم راد وكلكم مردود عليه"، وشرعية الاختلاف، وضرورة الخروج على الحاكم الظالم؟

إن لفظ "الشهادة" في القرآن له معانٍ عديدة. فالشهادة لا تكون إلا بالحق. وتشهد الألسنة على شاهد الزور، والشهادة على النفس أولى، ولا تجوز الشهادة مع شاهد الزور "فإن شهدوا فلا تشهد معهم"، وشهادة النفاق "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون". والشهادة لا تكون إلا بالقسط "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله". هذه هي الشهادة الكلية على أحوال الأمة ومصالحها وعدم رعاية الحكام لها "ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله" و"لا نكتم شهادة الله، إنا إذاً لمن الآثمين".

والأخطر من ذلك كله الشهادة المضادة وهي أخطر من شهادة الزور. والشهادة المضادة هي تكفير المخالفين في الرأي، والحكم بالردة على معارضي السلطان، وإلقاء تهم البغي والفتنة والخروج على إجماع الأمة والإفساد في الأرض عليهم. فتقوم بعض جماعات الرفض الإسلامية بتكفير مشايخ السلطان، وتكفير الأمة كلها التي تستمع لفتاويهم. وكل تكفير له تكفير مضاد. وكل فتوى لها فتوى مضادة. ويصبح الدين سلاحا ذا حدين، للسلطان وضد السلطان. يكفر به مشايخ السلطان المعارضة، وتكفر المعارضة السلطان ومشايخ السلطان. وقد يصبح السلطان نفسه ضحية مشايخه كما حدث في الجمهورية الثانية في حادث المنصة.

متى يستقل العلماء عن السلطان ويصبحون فقهاء الأمة، يدافعون عن مصالحها، وليسوا فقهاء السلطان لتبرير مواقفه السياسية التي تضر بمصالح الجماعة حتى تعود المصداقية إلى علماء الأمة ويجهرون بالحق في وجه السلطان الجائر؟ متى يكون العلماء ورثة الأنبياء؟.









 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مساجد, السلطان


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc