ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات عامة للترفيه و التسلية > منتدى النكت و الأخبار الطريفة

منتدى النكت و الأخبار الطريفة نكت و طرائف... للترفيه عن النفس

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ألف حكاية وحكاية مع فارس الجزائري

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-06-13, 18:10   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse قصة الحاتمي مع المتنبّي

القصة رقم 44


قصة الحاتمي مع المتنبّي
قال أبو علي الحاتمي(1):
لما ورد أبو الطيب المتنبي بغداد، منصرفاً عن مصر، التَحَفَ رداء الكِبْر، فكان لا يلاقي أحداً إلا أعرض عنه تيهاً، وزخرَفَ القولَ عليه تَمْويهاً، يُخيَّل إليه أن العلم مقصور عليه، وأن الشِّعر بحر لم يرد نَمِيرَ مائه غيره. فثقلت وطأتُهُ على أهل الأدب ببغداد، وطأطأ كثير منهم رأسه وخفض جناحه. وتَخيَّل الوزير المُهلَّبي – رجماً بالغيب – أن أحداً لا يستطيع مساجلته ومجاراته، ( وللرؤساء مذاهب في تعظيم من يعظمونه!).
وساء معز الدولة أحمد بن بويه أن يرد حَضْرَتَه – وهي دار الخلافة وبيضة الملك – رجلٌ صّدَر عن حضرة عدوّه سيف الدولة، فلا يلقى أحداً بمملكته يساوي في صناعته.
ولم يكن هناك مزية يتميز بها أبو الطيب إلا الشعر، فتعقّبتُ آثاره، وتتبعتُ عيوبه، مُتَحيِّناً أن تجمعنا دار فأجري أنا وهو في مضمار يُعرف فيه السابقُ من المسبوق. حتى إذا لم أجد ذلك قصدتُ موضعه، فوافق مصيري إليه حضورَ جماعة تقرأ شيئاً من شعره عليه. فحين اُوذن بحضوري، واستؤذن عليه لدخولي، نهض عن مجلسه مسرعاً ووارى شخصه عنّي مستخيفاً ( وإنما قصد بنهوضه ألا ينهض لي عند موافاتي! ).
ودخلتُ، فأعظمتِ الجماعةُ قدري، وأجلستني في مجلسه، وإذا تحته أخلاق عباءة قد ألحّت عليها الحوادث فهي رسوم دائرة، وأسلاك متناثرة. حتى إذا خرج إليّ، نهضتُ فوفّيته حق السلام، غير ضنين له في القيام. وإذا به لابس سبعة أقبية، كل قباء منها لون. وكان الوقت آخر أيام الصيف، وأخلقها بتخفيف اللِّبس. فجلست مستوفزاً، وجلس متحفِّزاً. وأعرض عني لا هياً، وأعرضتُ عنه ساهياً، لا يعيرني طَرفه، ولا يسألني عما قصدت له. وقد كدْت أتميَّز غيظاً، وأقبلتُ أؤنبُ نفسي في قصده، وأُسَخَّفُ رأيي في التوجّه نحو مثله. وأقبل على تلك الزِّعنفة التي بين يديه، وكلٌّ يومي إليه، ويوحِي بطَرفه، ويشير إلى مكاني بيده، ويوقظه من سِنَتِه وجهله، ويأبى هو إلا ازوراراً، وعتوّاً واستكباراً.
ثم رأى أن يثني رأسه إليّ، ويُقبل بعض الإقبال عليّ. فوالله ما زادني على أن قال: أيش خبرُك؟
فقلت:
أنا بخير لولا جنيتُ على نفسي من قصدك، ووسمت به قدري من ميسم الذّلّ بزيارتك، وكلّفت قدمي بالمصير إلى مثلك، ممن لم تُهذِّبه تجربة، ولا أدَّبتْه بصيرة!
ثم تحدَّرتُ عليه تحدّر السيل إلى القرار، وقلت له:
أبِنْ لي، عافاك الله، مِمَّ تِيهُك وخُيَلاؤك وعُجْبُك؟ وما الذي يوجب ما أنت عليه من التجّبر والتنمّر؟ هل ها هنا نسبٌ انتسبتَ إلى المجد به؟
أو سلطان تسلطت بعزّه؟ أو علم تقع الإشارة إليك به؟ إني لأسمع جعجعة ولا أرى طحْناً! وإنك لو قدّرت نفسك بقدرها، أو وزنتها بميزانها، ولم يذهب بكَ التَِيه لونُه، وغصَّ بريقه، وجحظت عيناه، وجعل يلين في الاعتذار، ويرغب في الصَّفح والاغتفار، ويكرّر الأيمان أنه لم يعرفني، ولا اعتمد التقصير بي. فقلت:
يا هذا، إن جاءك رجل شريف في نسبه تجاهلت نسبه، أو عظيمٌ في أدبه صَغَّرتَ أدبه، أو متقدّم عند سلطان خفّضتَ منزلته. فهل المجد تراث لك دون غيرك؟ كلا والله! لكنك مَدَدْتَ الكبر ستراً على نقصك، وحائلاً دون مباحثتك.
فعاد إلى الاعتذار، وأخذت الجماعة في تليين جانبي والرّغبة إليّ في قبول عذره، وهو يؤكد الأقسام أنه لم يعرفني، فأقول:
ألم يُستأذن عليك باسمي ونسبي؟ أما في هذه الجماعة من يُعرّفك بي لو كنت جهلتني؟ وهَبْ ذلك كذلك، ألم ترني ممتطياً بغْلة رائعة يعلوها مركبٌ ثقيل وبين يديّ عدة من الغلمان؟ أما شاهدتَ لِباسي؟ أما شَمَمْتَ عطري؟ أما راعك شيء من أمري أتميّز به عن غيري؟
وهو في أثناء ما أُكلِّمه يقول:
خَفَِض عليك، أرفق، استأْنِ!
فلانت عريكتي، واستحييت من تجاوز الغاية. وأقبل عليّ معظِّماً، وتوسّع في تقريظي مفخِّماً، وأقسم أنه يسعى منذ وَرَدَ العراق لملاقاتي، ويَعِد نفسه بالاجتماع معي.
ثم قلت:
أشياء تختلج في صدري من شعرك أُحبُّ أن أراجعك فيها.
قال: وما هي؟
قلت: خبِّرني عن قولك:
ولا من في جنازتها تِجارٌ***يكون وداعَها نَفْضُ النِّعالِ

أهكذا تؤبّن أخوات الملوك؟ والله لو كان هذا في أدنى عبيدها لكان قبيحاً. وأخبرني عن قولك:
وضاقت الأرضُ حتى ظلَّ هاربُهم***إذا رأى غيرَ شيء ظنَّه رجُلا

أفتعلم مرئياً يتناوله النظر ولا يقع عليه اسمُ شيء؟ وعن قولك:
وإذا أشار مُحَدِّثاً فكأنه***قِرْدٌ يقهقه أو عجوز تلطِمُ

أما كان لك في أفانين الهجاء مندوحةٌ عن هذا الكلام الرَّ ذل الذي يمجّه كلُّ سمْع؟
فأقبل عليَّ ثم قال: أين أنت من قولي:
لو تعقِلُ الشجرُ التي قابلتها***مدّت محيِّيةً إليك الأغْصنا

وأين أنت من قولي:
ألناسُ ما لم يروك أشباهُ***والدّهرُ لفظ وأنت معناهُ
والجودُ عينٌ وأنت ناظِرُها***والبأسُ باعٌ وفيك يُمناهُ

أما يُلهيك إحساني في هذه عن إساءتي في تلك؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أبو علي الحاتمي: (توفي عام 998م) أحد كبار رجال اللغة والنقد الأدبي في القرن الرابع الهجري. له كتاب (الرسالة الموضحة) في ذم المتنبي وشعره.








 


رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 18:16   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse قصة الحاتمي مع المتنبّي .... تابع

قصة الحاتمي مع المتنبّي .... تابع
قلت:
ما أعرف لك إحساناً فيما ذكرتَه. إنما أنت سارقٌ مُتَّبِع، وآخِذٌ مٌقَصِّر. وفيما تقدَّم من هذه المعاني التي ابتكرتها أصحابُها مندوحة عن التشاغل بقولك. فأما قولك: ( لو تعقل الشجرُ التي قابلتها )، فقد نظرتَ فيه إلى قول أبي تمام:
لو سَعَتْ بُقْعَةٌ لإعظام نُعْمَى***لسعى نحوها المكانُ الحديبُ

فقال: الله المستعان! ومَن أبو تمّام؟!
قلت: الذي سرقت شعره فأنشدته!
قال: هذه خلائق السفهاء لا خلائق العلماء!
أقسمتُ غير مُتحرِّج في قسمي أنني لم أقرأ شعراً قط لأبي تمامكم هذا.
فقلت: هذه سوءة لو سترتها كان أولى!
قال: السوءة قراءةُ شعر مثله. أليس هو الذي يقول:
لعمري لقد حَرَّرتُ يوم لقيته***لو أن القضاء وحده لم يُبَّردِ
أقول لقُرحانٍ من البين لم يُصب***رسيس الهوى بين الحشا والترائب

ما قُرحان البين أخرس الله لسانه؟!
قلت:
يا هذا، من أدلّ الدليل على أنك قرأتَ شعر هذا الرجل تَتَبُّعك مساويه!
فعقل عن الإجابة لسانه، وما زاد على أن قال:
لا قدَّس الله أبا تمام وذويه!
قلت: ولا قدَّس السارق منه والواقعَ فيه!
ثم قلت له:
ما الفرق في كلام العرب بين التقديس والقَدَّاس والقَدَاس والقادس؟
فقال: وأيُّ شيء غرضُك في هذا؟
قلت: المذاكرة.
قال: بل المهاترة!
ثم قال: التقديس: التطهير في كلام العرب، ولذلك سُمِّي القُدْس قُدساً لأنه يشتمل على الذي به الطُّهر. وكل هذه الأحرف تؤول إليه.
فقلت له:
ما أحسبك أمعنت النظر في شيء من علوم العرب. ولو تقدمتُ منك مطالعةٌ لها لما استجزْتَ أن تجمع بين معاني هذه الكلمات مع تباينها، وذلك لأن القَدَّاس بتشديد اللام حجرٌ يُلقى في البئر ليُعلم غزارة مائها من قلته.
والقَدَاس: الجُمان. والقادس: السفينة.
قال:
يا هذا، مُسَلَّمةٌ إليك اللغة!
قلت:
وكيف تُسَلَّمُها وأنت أبو عُذْرتِها، وأولى الناس بالتحقيق بها والتوسع في اشتقاقها والكلام على أفانينها، وما أحد أولى بأن يسأل عن اللغة منك!
فشعرت الجماعةُ الحاضرة في إعفائه والتواطؤ له. وكنتُ قد بلغتُ شفاءَ نفسي، وعلمتُ أن الزيادة على الحدّ الذي انتهيت إليه ضرب من البغي لا أراه في مذهبي. ونهضتُ، فنهض لي مشيِّعاً إلى الباب حتى ركبت، وأقسمتُ عليه أن يعود إلى مكانه.
وانتهى الخبرُ إلى الوزير المهلَّبي، فكان من سروره وابتهاجه بما جرى ما بعثه على مباكرة معز الدولة، قائلاً له:
أعلمتَ ما كان من الحاتمي والمتنبي؟
قال:
نعم. قد شفا منه صدورنا!










رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 18:22   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse هلال رمضان

القصة رقم 45

هلال رمضان
تبصّر الناسُ هلالَ شهر رمضان، فلم يره أحد غير أنَس بن مالك الأنصاري(1)، وقد قارب المائة سنة من العمر. فشهد بذلك عند القاضي إياس بن معاوية. فقال إياس:
أَشِرْ لنا إلى موضعه.
فجعل يُشير ولا يرونه. فتأمل إياس، وإذا شعرة بيضاء من حاجب أنس قد انثنت وصارت على عينه. فمسحها إياس وسوّاها، ثم قال له:
أرنا موضع الهلال.
فنظر فقال:
ما أرى شيئاً!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أنس بن مالك: أحد كبار المحدثين، قدّمته أمه لخدمة النبي بعد الهجرة وكان وقتذاك في العاشرة من العمر.












رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 18:29   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse سارق البطيخ

القصة رقم 46

سارق البطيخ
حكى ابن حمدون النديم أن الخليفة المعتضد العباسي كان قد شرط علينا إذا رأينا منه شيئاً ننكره نقول له، وإن اطّلعنا على عيب واجهناه به.
فقلت له يوماً:
يا مولانا، في قلبي شيء أردت سؤالك عنه منذ سنين.
قال: ولم أخرته إلى اليوم؟
قلت: لاستصغاري قدري ولهيبة الخلافة.
قال: قل ولا تخف.
قلت: اجتاز مولانا ببلاد فارس، فتعرّض الغلمانُ للبطيخ الذي كان في تلك الأرض، فأمرتَ بضربهم وحبسهم، وكان ذلك كافياً. ثم أمرتَ بصلبهم، وكان ذنبهم لا يجوز عليه الصَّلب.
فقال:
أَوَتحسب أن المصلَّبين كانوا أولئك الغلمان؟ وبأي وجه كنت ألقى الله تعالى يوم القيامة لو صلبتهم لأجل البطيخ؟ وإنما أمرت بإخراج قوم من قطّاع الطريق كان وجب عليهم القتل، وأمرتُ أن يلبسوا أقبية(1) الغلمان وملابسهم إقامة للهيبة في قلوب العسكر، ليقولوا: إذا صلَب أخصّ غلمانه على غَصْب البطيخ، فكيف يكون غيره؟ وكنت قد أمرت بتلثيمهم ليستتر أمرهم على الناس.
ــــــــــــــــ

(1) القباء: ثوب يلبس فوق اللباس.












رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 18:33   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse أمير الأندلس وجاريته

القصة رقم 47
.
أمير الأندلس وجاريته
كتب الأمير عبد الرحمن بن الحكم صاحب الأندلس إلى الفقهاء يستدعيهم إليه. وكان عبد الرحمن قد نظر في شهر رمضان إلى جارية له كان يحبها حباً شديداً، فعبث بها، ولم يملك نفسه أن وقع عليها. ثم ندم ندماً شديداً.
فسأل الفقهاء عن توبته من ذلك وكفارته. فقال يحيى بن يحي الليثي:
يكفّر ذلك بصوم شهرين متتابعين!
فلما بدر يحي بهذه الفتيا سكت بقية الفقهاء، حتى خرجوا من عند الأمير، فقالوا ليحي:
مالك لم تفته بمذهب الإمام مالك، فعنده أنه مخيّر بين العتق، والطعام، والصيام؟
فقال:
لو فتحنا له هذا الباب سَهُل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة.
ولكن حماتُه على أصعب الأمور لئلا يعود!









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 19:45   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse السُّعاة

القصة رقم 48


السُّعاة

مشى الخليفة القادر بالله ذات ليلة في أسواق بغداد. فسمع شخصاً يقول لآخر:
قد طالت دولة هذا المشوم، وليس لأحد عنده نصيب.
فأمر خادماً كان معه أن يحضره بين يديه. فلما سأله عن صنعته قال:
إني كنت من السُّعاة(1) الذين يستعين بهم أرباب الدولة على معرفة أحوال الناس. فمذ ولي أمير المؤمنين أقصانا وأظهر الاستغناء عنا، فتعطّلت معيشتنا وانكسر جاهُنا.
فقال له: أتعرف في بغداد من السعاة مثلك؟
قال: نعم.
فأحضر كاتباً، وكتب أسمائهم، وأمر بإحضارهم. ثم أجرى لكل واحد منهم معلوماً، ونفاهم إلى الثغور القاصية، ورتَّبهم هناك عيوناً على أعداء الدِّين.
ثم التفت القادر إلى من حوله وقال:
اعلموا أن هؤلاء قد ركَّب الله فيهم شراً، وملأ صدورهم حقداً على العالم، ولا بدّ لهم من إفراغ ذلك الشرّ. فالأولى أن يكون ذلك في أعداء الدّين، ولا نُنَغِّص بهم المسلمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ


(1) السعاة: العيون والجواسيس.









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 19:55   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse كتمان المعروف

القصة رقم 49

كتمان المعروف
أراد جعفر البرمكي يوماً حاجة كان طريقه إليها على باب الأصمعي.
فدفع إلى خادم له كيساً فيه ألف دينار، وقال له:
سأنزل إلى الأصمعي، وسيحدّثني ويضحكني. فإذا رأيتني قد ضحكت فضع الكيس بين يديه.
فلما دخل رأى جَرَّة مكسورة العُروة، وقَصعةَ مُشَعَّبة، ورآه على مُصَلَّى بالٍ، وعليه برَّكان أجرد. فغمز جعفر غلامه بعينه ألا يضع الكيس بين يديه، ولا يدفع إليه شيئاً. فلم يدع الأصمعي شيئاً مما يضحك الثكلان و الغضبان إلا أورده عليه، فما تبسَّم جعفر.
فقال له إنسان:
ما أدري من أي أمرَيك أعجب: أمِن صبرك على الضحك وقد أورد عليك ما لا يُصبر على مثله، أم من تركك إعطاءه وقد كنتَ عزمتَ على إعطائه؟
قال جعفر:
ويلك! إني والله لو علمتُ أنه يكتُم المعروف بالفعل لما احتفلتُ بنشره له باللسان. وأين يقع مديحُ اللسان من مديح آثار الغنى على الإنسان؟
فاللسان قد يكذب، والحالُ لا تكذب. فلستُ بعائد إلى هذا بمعروف أبداً!










رد مع اقتباس
قديم 2009-06-13, 20:48   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 50



لعنوا الحجاج واستغفروا له
كان لرجل من المعتزلة جارٌ يرى رأي الخوارج، كثير الصلاة والصيام، حسن العبادة. فقال المعتزلي لرجلين من أصحابه:
مُرٌا بنا إلى هذا الرجل فنكلِّمه، لعل الله يهديه من الضلالة.
فأتوه وكلَّموه، فأصغى إلى كلامهم. فلما سكتوا لبس نعله، وقام ومعه القوم حتى وقف على باب المسجد. فرفع صوته بالقراءة، واجتمع إليه الناس. فقرأ ساعة حتى بكى الناس، ثم وعظ فأحسن، ثم ذكر الحجاج فقال:
أحرق المصاحف، وهدم الكعبة، وفعل وفعل، فالعنوه لعنه الله!
فلعنه الناس ورفعوا أصواتهم.
ثم قال:
يا قوم، وما علينا من ذنوب الحجاج ومن أن يغفر الله له ولنا معه.
فإنّا كلّنا مذنبون. لقد كان الحجاج غيوراً على حُرَم المسلمين، تاركاً للغدر، ضابطاً للسبيل، عفيفاً عن المال، لم يتَّخذ صنيعة، ولم يكن له مال. فما علينا أن نترحّم عليه، فإن الله رحيم يحب الراحمين!
ثم رفع يده، ودعا بالمغفرة للحجاج، ورفع القوم أيديهم، وارتفعت الأصوات بالاستغفار.
فلما فرغ الخارجيّ وانصرف، ضرب بيده إلى منكب المعتزلي وقال:
هل رأيت مثل هؤلاء القوم؟ لعنوه واستغفروا له في ساعة واحدة!
أتَنْهَى عن دماء أمثال هؤلاء؟!
والله لأجاهدنَّهم مع كل من أعانني عليهم!









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:12   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse لا نظير له في الغناء

القصة رقم 51



لا نظير له في الغناء
قال العطويّ الشاعر:
كنت في مجلس القاضي يحي بن أكثم، فوافى إسحاق الموصلي، وأخذ يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن، وقاس واحتجٌ، وتكلم في الشعر واللغة ففاق مّن حضر. ثم أقبل على القاضي يحي فقال له:
أعزّ الله القاضي! أفي شيء مما ناظرتُ فيه وحكيته نقص أو مطعن؟
قال: لا.
قال: فما بالي أقوم بسائر هذه العلوم قيامَ أهلها، واُنْسبُ إلى فن واحد قد اقتصر الناس عليه؟ (يعني الغناء).
فقلت: يا أبا محمد، أنت كالفَرّاء والأخفش في لاالنحو؟
فقال: لا.
فقلت: فأنت في اللغة ومعرفة الشعر كالأصمعيّ وأبي عُبيدة؟
قال: لا.
قلت: فأنت في علم الكلام كأبي الهذيل العلاّف والنظّام؟
قال: لا.
قلت: فأنت في الفقه كالقاضي يحيى بن أكثم؟
قال: لا.
قلت: فأنت في قول الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس؟
قال: لا.
قلت: فمن هنا نُسبَ إلى ما نُسبت إليه، لأنه نظير لك في الغناء، وأنت في غيره دون رؤساء أهله!










رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:20   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 52


رؤيا الحسن البصري
كان بين الحسن البصري وبين ابن سيرين(1)هِجْرة. فكان إذا ذُكر ابن سيرين عند الحسن يقول:
دَعونا من ذكر الحاكَة! (وكان بعضُ أهل ابن سيرين حائكاً).
فرأى الحسن في منامه كأنه عُريان، وهو قائم على مَزْبلة يضرِب بالعود. فأصبح مهموماً برُؤياه، فقال لبعض أصحابه:
امضِ إلى ابن سيرين ( وكان مشهوراُ بتفسير الأحلام )، فقصّ عليه رؤياي على أنك أنت رأيتَها.
فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا. فقال ابن سيرين:
قل لمن رأى هذه الرؤيا: لا تَسأل الحاكَةَ عن مثل هذا!
فأخبر الرجلُ الحسن بمقالته، فَعَظُم لديه، وقال:
قوموا بنا إليه.
فلما رآه سيرين، قام إليه وتصافحا، وسلّم كل واحد منهما على صاحبه، وجلسا يتعاتبان. فقال الحسن:
دعنا من هذا، فقد شَغَلتِ الرؤيا قلبي.
فقال ابن سيرين:
لا تَشْغَلْ قلبك، فإن العُرْيَ عُرْيٌ من الدنيا، ليس عليك منها عُلْقَة.
وأما المزبلة فهي الدنيا، وقد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها كما هي في ذاتها، وأما ضربُك بالعود، فإنه الحكمة التي تتكلم بها وينتفع بها الناس.
فقال له حسن:
فمن أين لك أني رأيت هذه الرؤيا؟
قال ابن سيرين:
لما قَصَّها عليَّ فكّرت، فلم أر أحداً يصلُح أن يكون رآها غيرك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) ابن سيرين (654 – 729) تابعي ومحدث مشهور، وكان أشهر من فسّر الأحلام، وينسب إليه كتاب (منتخب الكلام في نفسير الأحلام)









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:25   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 53

سعر الزَّيــت
حدّث أبو عبد الله بن أبي عوف التاجر، قال:
ضاق صدري في وقت من الأوقات ضيقاً شديداً لا أعرف سببه، فتقدّمتُ إلى من حمل لي طعاماً كثيراً وفاكهة وعدة من جواريّ إلى بستان لي على نهر عيسى، وأمرت غلماني وأصحابي أن لا يجيئني أحد منهم بخبر يشغل قلبي ولو ذهب مالي كله، ولا يكاتبني. وعملت على أن أقيم في البستان بقية أسبوعي أتفرّج مع أولئك الجواري.
فلما قربت من البستان، استقبلني ساعٍ معه رسائل. فقلت له:
من أين وردت؟
فقال: من الرقّة.
فأردت أن أقف على كتبه وأخبار الرقة وأسعارها. فقلت:
أنت قريب من بستان لي، فتعال معي حتى تستريح الليلة في البستان، وأغيّر حالك، وأطعمك، وتدخل بغداد غداً.
فقال: نعم.
ومشى راجعاً حتى دخلنا البستان، فأمرتُ من فيه أن يُدخله حمّاماً، ويغيّر ثيابه ببعض ثياب غلماني ويطعمه، فابتدأوا معه في ذلك.
وتقدَّمتُ إلى غلام لي فسرق كتبه، وجاءني بها ففتحتها، وقرأت جميع ما فيها، وعرفت من أسرار التجار الذين يعاملونني شيئاً كثيراً، وتفرّجت بذلك. ووجدت جميع الكتب تنصح التجار بأن يتمسّكوا بما في أيديهم من الزيت، ولا يبيعوا منه شيئاً، فإنه قد غلا عندهم وعَزّ.
فأنفَذْت إلى وكلائي في الحال فاستدعيتهم، وقلت لهم:
خذوا من فلان الصيرفي وفلان الصيرفيّ كل ما عندهم من الدنانير والدراهم الساعة، ولا ينقضي اليوم إلا وتبتاعون كل ما تقدرون عليه من الزيت، واكتبوا إليّ عند انقضاء النهار بالصورة.
فمضوا. فلما كان العشاء جاءني خبرهم بأنهم قد ابتاعوا زيتاً بثلاثة آلاف دينار. فكتبت إليهم بقبض ألوف دنانير أخر، وبشراء كل ما يقدرون عليه من الزيت.
وأصبحنا، فدفعت إلى الساعي ثلاث دنانير، وقلت له:
إن أقمتَ عندي دفعت إليك ثلاثة دنانير أخرى.
فقال: أَفعل.
وجاءتني رقعة أصحابي بأنهم ابتاعوا زيتاً بأربعة آلاف دينار، وأن سعره قد غلا لطلبهم إياه. فكتبت بأن يبتاعوا كل ما يقدرون عليه وإن كان السعر قد زاد.
وشاغلتُ الرسول اليوم الثالث، ودفعتُ إليه في اليومين ستة دنانير، وأقام ثلاثة أيام، وابتاع أصحابي بثلاثة آلاف دينار أخرى. وجاءوني عشياً فقالوا:
كان ما ابتعناه اليوم زائداً على ما قبله في السِّعر، في كل عشرة نصف درهم، ولم يبق في السوق شيء يفكَّر فيه.
فصرفت الرسول. وأقمت في بستاني أياماً، ثم عدت إلى داري، وقد قرأ التجار الكتب، وعرفوا خبر الزيت بالرقة، فجاءوني يهرعون ويبذلون في الزيت زيادة اثنين في العشرة، فلم أبع، فبذلوا زيادة ثلاثة في العشرة، فلم أبع. على ذلك نحو من شهر، فجاءوني يطلبون زيادة خمسة وستة، فلم أفعل. فجاءوا بعد أيام يعرضون شراء الزيت بعشرين ألف دينار، فبعته.
ونظرت، فلم يكن لضيق صدري وانفرادي في البستان ذلك اليوم سبب إلا أحبّه الله تعالى، أن يوصل إليّ ربح عشرة آلاف دينار!









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:31   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 54

وما ينبغي له
كان رجلٌ يدَّعي الشَّعر ويستبردُه قومُه.فقال لهم:
إنما تستبردونني من طريق الحسد.
قالوا: فبيننا وبينك بشّار العُقيلي.
فارتفعوا إليه، فقال له: أنشِدني.
فأنشده. فلما فرغ قال له بشار:
إني لأظنّك من أهل بيت النبوّة.
قال له: وما ذاك؟
قال: إن الله تعالى يقول: ( وما علَّمناه الشِّعر وما ينبغي له)!











رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:35   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 55

رُقية بُديــح
دخل عبد الله بن جعفر على الخليفة عبد الملك بن مروان وهو يتأوه، فقال:
ما علتك يأ ا/ير المؤمنين؟
قال:
هاج بي عرق النّضسا في ليلتي هذه فبلغ مني.
فقال له ابن جعفر:
إن لي مولّى يُدعى بُديح، كانت أمّه بربرية، وكانت تَرقِي من هذه العِلَّة، وقد أخذ ذلك منها.
قال: فادْعُ به.
فلما مضى الرسول، سُقط في يَدَي ابن جعفر، وقال في نفسه:
كِذْبة قبيحة عند خليفة!
فما كان بأسرع من أن طلع بُديح. فقال له عبد الملك:
كيف رُقيتك من عِرق النّسا؟
قال: أرقَى الخلقِ يا أمير المؤمنين!
فسُرِّيَ عن أبي جعفر لأن بُديحاً كان صاحب فكاهة يُعرف بها.
وجعل بُديح يتفُل على ركبة عبد الملك ويُهَمْهِمْ، ثم قال:
قم يا أمير المؤمنين، جعلني الله فداك.
فقام عبد الملك لا يحدُ وجعاً. فقال:
الله أكبر! وجدتُ والله خَفّاً! يا غلام، ادعُ فلانة الجارية حتى تكتب الرُّقية، فإنّا لا نأمن هيجتها بالليل فلا نَذْعَر بُديحاً.
فلما جاءت الجارية، قال بديح:
يا أمير المؤمنين، امرأتي طالق إن كَتَبْتها حتى تٌعَجِّل صِلَتي.
فأمر له بأربعة آلاف درهم. فلما صار المال بين يديه قال:
امرأتي طالق إن كَتَبْتُها أو يصير المال إلى منزلي.
فأمر به فُحمل إلى منزله. ثم شرعت الجارية تكتب ( بسم الله الرحمن الرحيم). فقال بديح:
ليس فيها باسم الله الرحمن الرحيم!
قال عبد الملك:
كيف تكون ويلَك رُقيةٌ ليس فيها باسم الله الرحمن الرحيم؟!
قال بديح:
هو ذاك. امرأتي طالق إن كنتُ قد قرأت على رِجلك إلا بيت نصيب:
ألا إن ليلى العامرية أصبحت***على النَّأي منِّي ذَنْبَ غَيْرِي تنقِمُ!
قال عبد الملك:
ويلك، ما تقول؟
قال: هو ذاك!
فطفق عبد الملك ضاحكاً يفحص برِجْلَيْه.









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:39   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 56



حكاية السَّفاح وزوجته وخالد بن صفوان
دخل خالد بن صفوان(1) على الخليفة أبي العباس السفّاح فوجده خالياً، فقال:
يا أمير المؤمنين، أنا أترقّب مُذ تقلّدتَ الخلافةَ أن أجدك خالياً فاُلقي إليك ما أريده.
قال: فاذكر حاجتك.
قال:
يا أمير المؤمنين، إني فكرت في أمرك فلم أر مَن هو في مثل قدرك ألَّ استمتاعاً بالنساء. وقد مَلَّكْتَ على نفسك امرأةً واحدة، واقتصرتَ عليها، فإن مرضَتْ مرضْتَ، وإن غابتْ غبْتَ، وإن غضِبَتْ حُرِمت! وإنما التَّلَذُّذُ باستطراف الجواري، ومعرفة اختلاف أحوالهن، والاستمتاع بهنّ. فلو رأيتَ الطويلةَ البيضاء، والسمراءَ اللّّفّاء، والصفراءَ العجْزاء، والغَنِجَةَ الكَحلاء، والمولَّدت من المَدَنيّات، والمِلاحَ من القُنْدُهاريَات، ذوات الألسن العذبة، والقُدود المُهَفْهَفَة، والثُّدِيّ المُحقَّقَة!...
وجعل خالد بعذوبة لفظه واقتداره على الوصف يزيد في قوله. فلما فرغ كلامه، قال السفاح له:
والله يا خالد ما سَلَكَ سمعي قطُّ كلامٌ من هذا. لقد حرّك مني ساكناً!
وبقي السفاح مفكراً عامة نهاره. ثم دخلت عليه زوجته أم سَلَمة، فلما رأته دائم الفكر، كثير السَّهو، قليل النشاط، قالت:
إني أَنْكِرُك يا أمير المؤمنين. فهل حدث ما تكرهه؟
ولم تزل به حتى حدّثها بخبر خالد بن صفوان.
قالت: فما قلتَ لابن الفاعلة؟
قال لها: سبحان الله! رجل نصحني تسبّينه؟!
فخرجت من عنده متميزة غضباً، وأرسلت إلى خالد بجماعة من غلمانها العجم ومعهم العصيّ، وأمرتهم ألا يتركوا فيه عضواً صحيحاً.
أما خالد فقد انصرف من عند السفاح وهو على غاية السرور بما رأى الخليفة عليه من الإعجاب بحديثه، وقعد على باب داره يتوقع جائزته.
فلم يشعر إلا بالغلمان، وتحقّق مجيئهم بالجائزة. فلما وقفوا على رأسه سألوه عن ابن صفوان، فقال: هاْنذا. فأهوى بعضهم بهراوته إليه.
فوثب خالد ودخل داره، وغلّق بابه واستتر، وعرف هفوته وزَلَّته في فعله وكلامه، وعلم من أين أُتِيِ.
ثم إنه مكث أياماً مستتراً. فلم يشعر ذات يوم إلا بجماعة من خدم السفاح قد هجموا عليه، فقالوا:
أجِب أمير المؤمنين!
فأيقن بالهَلَكَة، وركب معهم وهو بلا دَم. فلما دخل عليه وسلّم فردَّ عليه، سكنت نفسه بعض السّكون. وأومأ إليه بالجلوس فجلس.
ونظر خالد فإذا ظهر السفاح باب عليه سُتُور قد اُرْخِيت، وأحسّ بحركة خلفه.
ثم قال الخليفة: يا خالد، لم أرك منذ أيام!
فاعتل عليه. فقال له:
ويحك! إنك وصفتَ لي آخر يوم كنتَ عندي فيه من أمر النساء والجواري ما لم يخرِق سمعي قطُّ مثلُه. فأعِدْه عليَّ!
قال: نعم. أعلمتُك يا أمير المؤمنين أن العرب اشتقّت اسم الضَّرتين من الضُّرّ، وأن أحدهم لم يكن عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في جُهد وكَدّ!
قال السفاح:
ويحك، لم يكن هذا في كلامك!
قال: بلى. وأخبرتُك أن الثلاث من النساء كأَثافِيّ القِدْر تغْلِي عليهن!
قال السفاح: برئتُ من قرابتي من رسول الله إن كنتُ سمعتُ هذا منك في حديث!
قال: بلى. وأخبرتك أن الأربع من النساء شرٌّ مجموع لمن كُنّ عنده؛ يُهْرِمْنَه و]ُنَغِّصْنَ عليه عَيْشه، ويُشَيِّبْنَهُ قبل حينه!
قال السفاح: والله ما سمعتُ هذا قط منك ولا من غيرك!
قال: بلى يا أمير المؤمنين لقد قلتُ.
قال: ويلك، تكذِّبُني؟
قال: يا أمير المؤمنين، فتريد قتلي؟
فسُمع ضحك شديد وراء الستر. فقال خالد:
وأَعْلَمْتُك أن عندك ريحانة قريش، وأنه لا يجب أن تطمحَ نفسُك إلى غيرها من النساء!
فسُمع من وراء الستر صوت يقول:
صدقتَ والله يا عمّاه، ولكن أمير المؤمنين غيّر وبدّل، ونطق عن لسانك بغير ما ذكرتَه!
وخرج خالد إلى منزله، فلم يصل إليه حتى وجّهت إليه أم سَلَمة ثلاثة تُخوت فيها أنواع الثياب، وخمسة آلاف درهم!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) خالد بن صفوان (توفي عام 752م) أحد رواة الشعر والقصص والخطب، عرف بالفصاحة وسرعة البديهة وكان مقرباً إلى الكثير من خلفاء الأمويين ثم إلى الخليفة السفاح مؤسس الدولة العباسية.









رد مع اقتباس
قديم 2009-06-24, 00:46   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
فارس الجزائري
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية فارس الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المركز الثالث في مسابقة التميز في رمضان وسام مسابقة منتدى الأسرة و المجتمع وسام القلم المميّز 
إحصائية العضو










Hourse

القصة رقم 57


الدليل على الله
قال رجل لجعفر الصادق:
ما الدليل على الله، ولا تَذْكُرْ لي العالَم والعَرَضَ والجوهر؟
فقال له:
هل ركبتَ البحر؟
قال: نعم.
قال: هل عصفتْ بكم الريحُ حتى خفتم الغرق؟
قال: نعم.
قال: فهل انقطع رجاؤك من المركب والملاّحين؟
قال: نعم.
قال: فهل أحسّت نفسُك أن ثَمَّ من يُنجيك؟
قال: نعم.
قال: فإن ذاك هو الله!












رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc