التكليف >> أصول الفقه - الصفحة 6 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التكليف >> أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-04-09, 15:59   رقم المشاركة : 76
معلومات العضو
messi20122013
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله كل الخير









 


رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 21:29   رقم المشاركة : 77
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأصيــل مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأصيــل مشاهدة المشاركة
لو تسمحلي سؤال ..
هل أستطيع أن انشر مواضيعك في منتدى آخر ؟
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اولا اسعدني حضورك الطيب مثلك

و يسعدني جدا نقل كل المواضيع الي منتديات او مواقع اخري فانا نفسي انقلها لكم حتي تعم الفائدة

قال رسول الله صلي الله عليه و سلم الدال علي الخير ك فعله

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 21:31   رقم المشاركة : 78
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة messi20122013 مشاهدة المشاركة
جزاكم الله كل الخير

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 21:38   رقم المشاركة : 79
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




سبب تكرار كلمة حرج وكلمة بيوتكم في آية سورة النور ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج.. )

السؤال

: يقول سبحانه وتعالى في سورة النور الآية /61 لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تعقلون ).

0 سؤالي لماذا كرر الله سبحانه وتعالى كلمة حرج وكلمة بيوتكم مع أن البلاغة تتضمن القدرة على إيصال المعنى بوضوح بأقل عدد من الكلمات ؟

وقال أيضا في آية أخرى : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) . مع الملاحظة أن الله سبحانه لم يكرر كلمة حرج للضعفاء والمرضى . ارجو التوضيح لماذا كررها في الآية الأولى ولم يكررها في الآية الثانية ؟

هل من بلاغة في هاتين الآيتين حتى جعلتها تأتي بهذه الصيغة ؟


الجواب :

الحمد لله

أولًا:

التكرار في القرآن الكريم جاء على طريقة العرب في البيان، فإن "للتكرار مواضع يحسن فيها، ومواضع يقبح فيها، فأكثر ما يقع التكرار في الألفاظ دون المعاني، وهو في المعاني دون الألفاظ أقلّ".

أما وجوده في القرآن " فحكمته التصرف في الكلام وإتيانه على ضروب؛ ليُعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك: مبتدأ به ومتكرر".

انظر : العمدة، لابن رشيق: (2/ 73)، والبرهان، للزركشي: (1/ 112).

والبلاغة ليست هي مجرد الإيجاز في الكلام ، كما ذكر في السؤال ؛ بل هي مراعاة الكلام لمقتضى الحال، فقد يقتضي الحال طول الكلام وبسطه، فتكون البلاغة في بسطه ، على طرائق البيان والفصاحة ، ومجاري لسان العرب . وقد يقتضي المقام إيجاز القول ، فتكون البلاغة في إيجازه ، مع بلوغ الغرض ، وإصابة المعنى ، وفصاحة اللفظ ، واستقامة النظم .

قال السبكي: " اعلم أن إخراج الكلام على مقتضى الحال، يكون تارة بالإيجاز والإطناب، وتارة بالمساواة، على خلاف في المساواة " عروس الأفراح: ( 1/ 575).

ثانيًا:

هذه الآية الكريمة تتحدث عن نفي الحرج عن هؤلاء الثلاثة: (الأعمى - الأعرج - المريض)، وحرج كل واحد من هؤلاء الثلاثة يختلف عن حرج الآخر، فلذلك وقع التكرار هنا .

قال العلامة ابن عاشور رحمه الله : " هذه الآية نفي للحرج عن هؤلاء الثلاثة ، فيما تجره ضرارتهم إليهم من الحرج من الأعمال ؛ فالحرج مرفوع عنهم في كل ما تضطرهم إليه أعذارهم، فتقتضي نيتهم الإتيان فيه بالإكمال ، ويقتضي العذر أن يقع منهم.

فالحرج منفي عن الأعمى في التكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج فيما يشترط فيه المشي والركوب، وعن المريض في التكليف الذي يؤثر المرض في إسقاطه كالصوم وشروط الصلاة والغزو" التحرير والتنوير: (18/ 300).

و"المناسبة في ذكر هذه الرخصة عقب الاستئذان: أن المقصد الترخيص للأعمى أنه لا يتعين عليه استئذان لانتفاء السبب الموجبة، ثم ذكر الأعرج والمريض إدماجا ، وإتماما لحكم الرخصة لهما للمناسبة بينهما وبين الأعمى.

وقد أذن الله للأعمى والأعرج والمريض أن يدخلوا البيوت للأكل لأنهم محاويج ، لا يستطيعون التكسب ، وكان التكسب زمانئذ بعمل الأبدان ؛ فرخص لهؤلاء أن يدخلوا بيوت المسلمين لشبع بطونهم"، انظر: المصدر السابق .

ولم يقع هذا التكرار في الآية الأخرى لاشتراكهم في نفس الحكم، وهو نفي الحرج عنهم في النفقة والغزو .

ثالثًا:

أما تكرر كلمة (بيوت) في الآية الكريمة، فلعله - والله أعلم - لئلا يتوهم اشتراك الجميع في بيت واحد، فبيت كل واحد من الأصناف المذكورة مستقل عن بيت الآخر .

والخلاصة

نفى الله عز وجل الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض، وكرر الله ذكر الحرج، لأن الله تعالى أراد رفع التكليف عنهم كل بحسب المشقة التي تلحقه جراء الضر الذي أصابه، ونفى الله عنهم الحرج مجتمعين في أمر الجهاد، لأنهم اشتركوا في نفس المسألة .

وكرر الله ذكر البيوت لئلا يوهم اشتراك الجميع في بيت واحد، فلكل بيته، وكل منهم يجري على بيته ذكر الحكم .

والله أعلم


.......

أوجه البلاغة في آية سورة النور : ( ليس على الأعمى حرج ..) الآية .

السؤال


من ضمن تعاريف البلاغة ، أن تستطيع إيصال المعنى المراد بأقل عدد من الكلمات في إيجاز ووضوح وقوة أسلوب لذلك هذا المنطلق على سبيل المثال يجعلني أتساءل حول البلاغة والبيان في قوله تعالى: "لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" ألم تكن هنالك طريقة أبسط لتوصيل المراد؟ ما الاعجاز البلاغي الموجود بالاية ؟

الجواب :

الحمد لله


أولًا:

نزل القرآن الكريم ، على أمة من العرب كانت الصناعة الرائجة في وقتهم ( صناعة البيان ) ومع ذلك فقد ظهر عجزهم مع توافر هممهم آنذاك على كراهية الرسول صلى الله عليه وسلم وكراهية ما جاء به، لقد جاء القرآن بما يعرفون ويفهمون، بيد أن واحدًا منهم لم يستطع أن يأتي بمثل القرآن، ولا بعشر سور مثله، بل ولا بسورة واحدة من القرآن .

وأمر آخر؛ أن واحدًا منهم لم يعترض على آية واحدة، فعاب أسلوبها، أو تنقص من فصاحتها، بل كانوا له مذعنين، ولبلاغته خاضعين .

يقول العلامة الشيخ محمد عبد الله دراز ، رحمه الله :

"ها نحن أولاء ندعو كل من يطلب الحق بإنصاف، أن ينظر معنا في القرآن من أي النواحي أحب: من ناحية أسلوبه، أو من ناحية علومه، أو من ناحية الأثر الذي أحدثه في العالم، وغيَّر به وجه التاريخ، أو من تلك النواحي مجتمعة = على أن يكون له الخيرة بعد ذلك أن ينظر إليه في حدود البيئة، والعصر الذي ظهر فيه، أو يفترض أنه ظهر في أرقى الأوساط والعصور التاريخية.

وسواء علينا أيضًا أن ينظر إلى شخصية الداعي الذي جاء به، أو يلتمس شخصًا خياليًّا تجمعت فيه مَرانات الأدباء، وسلطات الزعماء، ودراسات العلماء بكافة العلوم الإنسانية .

ثم نسأله:

هل يجد فيه إلا قوة شاذة، تغلب كل مغالب، وتتضاءل دونها قوة كل عالم، وكل زعيم، وكل شاعر وكاتب، ثم تنقضي الأجيال والأحقاب، ولا ينقضي ما فيه من عجائب، بل قد تنقضي الدنيا كلها ولما يُحِطِ الناس بتأويل كل ما فيه ( يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ) [الأعراف: 53]"، النبأ العظيم: (108).

وإن غبي عن بعض الناس ذلك؛ فإن دواءه :

" أن يطيل النظر في أساليب العرب، وأن يستظهر على فهمها بدراسة طرف من علوم الأدب، حتى تستحكم عنده ملكة النقد البياني، ويستبين له طريق الحكم في مراتب الكلام وطبقاته، ثم ينظر في القرآن بعد ذلك.

وأنا له زعيم، بأن كل خطوة يخطوها في هذه السبيل ستزيده معرفة بقدره، وستحل عن نفسه عقدة من عقد الشك في أمره؛ إذ يرى هنالك أنه كلما ازداد بصيرة بأسرار اللغة، وإحسانًا في تصريف القول، وامتلاكًا لناصية البيان، ازداد بقدر ذلك هضمًا لنفسه، وإنكارًا لقوته، وخضوعًا بكليته أمام أسلوب القرآن !!

وهذا قد يبدو لك عجيبًا، أن يزداد شعور المرء بعجزه عن الصنعة، بقدر ما تتكامل فيها قوته ويتسع بها علمه ؟!!

ولكن لا عجب؛ فتلك سنة الله في آياته التي يصنعها بيديه: لا يزيدك العلم بها، والوقوف على أسرارها، إلا إذعانًا لعظمتها، وثقة بالعجز عنها. ولا كذلك صناعات الخلق، فإن فضل العلم بها، يمكنك منها، ويفتح لك الطريق إلى الزيادة عليها؛ ومن هنا: كان سحرة فرعون هم أول المؤمنين برب موسى وهارون" النبأ العظيم: (110).

ثانيًا:

البلاغة في الكلام هي : "مطابقته لمقتضى الحال، مع فصاحته"، انظر: عروس الأفراح: (1/ 90).

وعلى ذلك :

"فيشترط في الكلام البليغ شرطان:

الشرط الأول: أن يكون فصيح المفردات والجمل.

الشرط الثاني: أن يكون مطابقاً لمقتضى حال من يُخَاطبُ به.

ولمّا كانت أحوال المخاطبين مختلفة، وكانت كلُّ حالةٍ منها تحتاج طريقةً من الكلام تلائمها، كانت البلاغة في الكلام تستدعي انتقاء الطّريقة الأكثر ملاءمة لحالة المخاطب به، لبلُوغ الكلام من نفسه مبلغ التأثير الأمْثل المرجوّ... " .

ينظر : "البلاغة العربية"، لحبنكة (1/ 130) ، وفي بيان : الأحوال التي تستدعي اختلافاً في طرائق الكلام وأساليبه .

ونحن ندعوك لمطالعة كتاب ( النبأ العظيم ) لمؤلفه الشيخ محمد دراز رحمه الله، لتقف على طرف من بلاغة القرآن، وروعة أسلوبه وبيانه .

ثالثًا:

أما الآية التي سألت عنها، فإن الله سبحانه " يخبر عن منته على عباده، وأنه لم يجعل عليهم في الدين من حرج؛ بل يسره غاية التيسير، فقال: ( لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ) ؛ أي: ليس على هؤلاء جناح، في ترك الأمور الواجبة، التي تتوقف على واحد منها، وذلك كالجهاد ونحوه، مما يتوقف على بصر الأعمى، أو سلامة الأعرج، أو صحة للمريض، ولهذا المعنى العام الذي ذكرناه، أطلق الكلام في ذلك، ولم يقيد، كما قيد قوله: ( وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) أي: حرج (أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) أي: بيوت أولادكم، وهذا موافق للحديث الثابت: (أنت ومالك لأبيك)، والحديث الآخر: (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم) .

وليس المراد من قوله: (مِنْ بُيُوتِكُمْ) بيت الإنسان نفسه، فإن هذا من باب تحصيل الحاصل، الذي ينزه عنه كلام الله، ولأنه نفى الحرج عما يظن أو يتوهم فيه الإثم من هؤلاء المذكورين، وأما بيت الإنسان نفسه فليس فيه أدنى توهم .

(أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ) : وهؤلاء معروفون .

(أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ) أي: البيوت التي أنتم متصرفون فيها بوكالة، أو ولاية ونحو ذلك ...

(أَوْ صَدِيقِكُمْ) وهذا الحرج المنفي عن الأكل من هذه البيوت: كل ذلك، إذا كان بدون إذن .

والحكمة فيه معلومة من السياق، فإن هؤلاء المسمَّيْن قد جرت العادة والعرف، بالمسامحة في الأكل منها، لأجل القرابة القريبة، أو التصرف التام، أو الصداقة .

فلو قدر في أحد من هؤلاء عدم المسامحة، والشح في الأكل المذكور: لم يجز الأكل، ولم يرتفع الحرج، نظرا للحكمة والمعنى.

وقوله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا) فكل ذلك جائز، أكل أهل البيت الواحد جميعا، أو أكل كل واحد منهم وحده . وهذا نفي للحرج، لا نفي للفضيلة؛ وإلا فالأفضل الاجتماع على الطعام.

(فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا) نكرة في سياق الشرط، يشمل بيت الإنسان وبيت غيره، سواء كان في البيت ساكن أم لا ؛ فإذا دخلها الإنسان: (فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ) أي: فليسلم بعضكم على بعض، لأن المسلمين كأنهم شخص واحد، من تواددهم، وتراحمهم، وتعاطفهم .

فالسلام مشروع لدخول سائر البيوت، من غير فرق بين بيت وبيت، والاستئذان تقدم أن فيه تفصيلا في أحكامه .

ثم مدح هذا السلام فقال: (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً) أي: سلامكم بقولكم: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، أو : (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) ؛ إذ تدخلون البيوت، (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) أي: قد شرعها لكم، وجعلها تحيتكم، (مُبَارَكَةً)، لاشتمالها على السلامة من النقص، وحصول الرحمة والبركة والنماء والزيادة، (طَيِّبَةً) لأنها من الكلم الطيب المحبوب عند الله، الذي فيه طيب نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة.

لما بين لنا هذه الأحكام الجليلة : (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ) الدالات على أحكامه الشرعية وحكمها، (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) عنه فتفهمونها، وتعقلونها بقلوبكم، ولتكونوا من أهل العقول والألباب الرزينة، فإن معرفة أحكامه الشرعية على وجهها، يزيد في العقل، وينمو به اللب، لكون معانيها أجل المعاني، وآدابها أجل الآداب، ولأن الجزاء من جنس العمل، فكلما استعمل عقله، للعقل عن ربه، وللتفكر في آياته التي دعاه إليها، زاده من ذلك... "

انتهى، من " تفسير الشيخ السعدي: (575).

رابعًا:

ونحن نعجز عن بيان بلاغة هذه الآية، وعظيم معانيها، غير أننا سنذكر لك طرفًا من لطائفها، فمن ذلك:

1- نص الله تعالى على نفي الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض بالتفصيل؛ لأن الحرج منفي عن الأعمى في التكليف الذي يشترط فيه البصر، وعن الأعرج فيما يشترط فيه المشي والركوب، وعن المريض في التكليف الذي يؤثر المرض في إسقاطه كالصوم وشروط الصلاة والغزو.

ولكن المناسبة في ذكر هذه الرخصة عقب الاستئذان: أن المقصد الترخيص للأعمى أنه لا يتعين عليه استئذان لانتفاء السبب الموجبة.

ثم ذكر الأعرج والمريض إدماجا وإتماما لحكم الرخصة لهما للمناسبة بينهما وبين الأعمى.

2- وأما مناسبة عطف هذه الرخص على رخصة الأعمى، على تقدير أنه منفصل عنه: هو تعلق كليهما بالاستئذان، والدخول للبيوت، سواء كان لغرض الطعام فيها، أو كان للزيارة ونحوها، لاشتراك الكل في رفع الحرج .

وعلى تقدير أنه متصل به على قول الجمهور، فاقتران الجميع في الحكم: هو الرخصة للجميع في الأكل، فأذن الله للأعمى والأعرج والمريض أن يدخلوا البيوت للأكل، لأنهم محاويج لا يستطيعون التكسب، وكان التكسب زمانئذ بعمل الأبدان؛ فرخص لهؤلاء أن يدخلوا بيوت المسلمين لشبع بطونهم.

3- أنه نص على الصديق، وجعل في مرتبة القرابة، لما هو موقور في النفوس من محبة الصلة مع الأصدقاء.

5- أعيدت جملة: (ليس عليكم جناح) تأكيدا للأولى في قوله: (ولا على أنفسكم) إذ الجناح والحرج كالمترادفين. وحسَّنَ هذا التأكيدَ: بُعْدُ ما بين الحال وصاحبها، وهو واو الجماعة في قوله: (أن تأكلوا من بيوتكم)، ولأجل كونها تأكيدًا، فصلت بلا عطف.

6- وفي قوله سبحانه: (فإذا دخلتم بيوتًا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون).

تفريع على الإذن لهم في الأكل من هذه البيوت بأن ذكرهم بأدب الدخول المتقدم في قوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) [النور: 27] لئلا يجعلوا القرابة والصداقة والمخالطة مبيحة لإسقاط الآداب، فإن واجب المرء أن يلازم الآداب مع القريب والبعيد، ولا يغرنه قول الناس: إذا استوى الحب سقط الأدب.

7- وفي قوله (فسلموا) ولم يذكر غيرها، لأن لفظ «السلام» يجمع معنيين: لأنه مشتق من السلامة فهو دعاء بالسلامة، وتأمين بالسلام، لأنه إذا دعا له بالسلامة، فهو مسالم له، فكان الخبر كناية عن التأمين .

وإذا تحقق الأمران: حصل خير كثير، لأن السلامة لا تجامع شيئا من الشر في ذات السالم، والأمان لا يجامع شيئا من الشر يأتي من قبل المعتدي، فكانت دعاء ترجى إجابته، وعهدا بالأمن يجب الوفاء به. وفي كلمة (عليكم) : معنى التمكن، أي السلامة مستقرة عليكم.

ولكون كلمة (السلام) جامعة لهذا المعنى، امتن الله على المسلمين بها، بأن جعلها من عند الله؛ إذ هو الذي علمها رسوله بالوحي.

8- وجملة (كذلك يبين الله لكم الآيات) تكرير للجملتين الواقعتين قبلها في آية الاستئذان؛ لأن في كل ما وقع قبل هذه الجملة بيانا لآيات القرآن، اتضحت به الأحكام التي تضمنتها، وهو بيان يرجى معه أن يحصل لكم الفهم، والعلم بما فيه كمال شأنكم.

يُنظر: التحرير والتنوير: (18/ 299 - 305).

وينظر أيضا ، للفائدة : "روائع البيان في تفسير آيات الأحكام" (2/ 226 - 228) .

خلاصة الجواب :

تضمن القرآن لأعلى درجات الفصاحة والبيان، ومن ذلك آيات سورة النور ؛ غير أن إدراكها ، والتمرس ببلاغة القرآن ، يحتاج دربة من القارئ ، وإلماما بطرائق العرب في بيانها ، ومعرفة بأساليب البلغاء، وأسرار جمالها .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 21:43   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم من لم يسمع بالإسلام من النصارى

السؤال:

ذكرتم في الفتوى أنّ من مات كافراً ، ولكنه لم يسمع بالإسلام ، ولم يقدر على معرفة الدين الصحيح بالرغم من محاولته ذلك ، فإنّه يُمتحن يوم القيامة ، فهل ينطبق ذلك أيضاً على الكفار الذين ذكرهم القرآن الكريم مثل : النصارى الذي يدعون ألوهية عيسى عليه السلام ؟

أرجو الإجابة حتى أتمكن من فهم معاني القرآن الكريم بشكل صحيح إن شاء الله تعالى .


الجواب :


الحمد لله


نعم ، هذا الحكم يشمل جميع الكفار الذين لم تبلغهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمعوا بها أصلا ، أو لم يسمعوا به سماعا صحيحا ، تقوم الحجة بمثله عليهم ، ولم يتمكنوا من الوصول إلى نور النبوة ، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده : أن جعل مناط العذاب والحجة على عباده : بلوغ رسالته إليهم ؛ فمن لم تبلغه رسالة الرسول ، لم يستحق العذاب ، قال الله تعالى : (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) الإسراء/15

وقال تعالى : (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) ، وقال تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة .

وفي صحيح مسلم (153) : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) .
فدل ذلك على أن من لم تبلغه رسالة الرسل ، فله حجة يجادل بها عن نفسه عند الله ، ويدفع بها عن نفسه العذاب .
ودل على أن من لم "يسمع" بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فليس من أهل النار ، الذين هم أهلها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَهُنَا أَصْلٌ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ ، وَهُوَ : أَنَّهُ قَدْ دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ إِلَّا مَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ :

قَالَ - تَعَالَى -: { وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 13 - 15] ... وَقَالَ: { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } [الزمر: 71]

وَقَالَ - تَعَالَى -: { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] وَقَالَ - تَعَالَى -: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } [القصص: 59] ...

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ : فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحُجَّةَ إِنَّمَا تَقُومُ بِالْقُرْآنِ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ ، كَقَوْلِهِ: { لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } [الأنعام: 19] .
فَمَنْ بَلَغَهُ بَعْضُ الْقُرْآنِ دُونَ بَعْضٍ : قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ بِمَا بَلَغَهُ ، دُونَ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ .

فَإِذَا اشْتَبَهَ مَعْنَى بَعْضِ الْآيَاتِ ، وَتَنَازَعَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ : وَجَبَ رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ .

فَإِذَا اجْتَهَدَ النَّاسُ فِي فَهْمِ مَا أَرَادَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فَالْمُصِيبُ لَهُ أَجْرَانِ ، وَالْمُخْطِئُ لَهُ أَجْرٌ .
فَلَا يُمْنَعُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَنَا ؛ فَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ جَمِيعُ نُصُوصِ الْكِتَابِ قَبْلَنَا : لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ إِلَّا بِمَا بَلَغَهُ ، وَمَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مَعْنَاهُ مِنْهُ ، فَاجْتَهَدَ فِي مَعْرِفَتِهِ : فَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ، وَخَطَؤه مَحْطُوطٌ عَنْهُ .
فَأَمَّا مَنْ تَعَمَّدَ تَحْرِيفَ الْكِتَابِ ، لَفْظِهِ أَوْ مَعْنَاهُ ، وَعَرَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ، فَعَانَدَهُ : فَهَذَا مُسْتَحِقٌّ لِلْعِقَابِ .

وَكَذَلِكَ مَنْ فَرَّطَ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ ، مُتَّبِعًا لِهَوَاهُ ، مُشْتَغِلًا عَنْ ذَلِكَ بِدُنْيَاهُ .

وَعَلَى هَذَا :

فَإِذَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ قَدْ حَرَّفُوا بَعْضَ الْكِتَابِ ، وَفِيهِمْ آخَرُونَ لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ ، فَهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي اتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ : لَمْ يَجِبْ أَنْ يُجْعَلَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُسْتَوْجِبِينَ لِلْوَعِيدِ .

وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ الْمَسِيحُ ، بَلْ خَفِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَا جَاءَ بِهِ ، أَوْ بَعْضُ مَعَانِيهِ ، فَاجْتَهَدَ : لَمْ يُعَاقَبْ عَلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ ، وَقَدْ تُحْمَلُ أَخْبَارُ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ تُبَّعٍ ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، كَابْنِ التَّيِّهَانِ وَغَيْرِهِ ، عَلَى هَذَا ؛ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُكَذِّبِينَ لِلْمَسِيحِ تَكْذِيبَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْيَهُودِ .

وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ : هَلْ يُمْكِنُ مَعَ الِاجْتِهَادِ وَاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ ، أَنْ لَا يُبَيَّنَ لِلنَّاظِرِ الْمُسْتَدِلِّ صِدْقُ الرَّسُولِ ، أَمْ لَا ؟

وَإِذَا لَمْ يتبينْ لَهُ ذَلِكَ : هَلْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ أَمْ لَا ؟ .

وَتَنَازَعَ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْمُقَلِّدِ مِنْهُمْ أَيْضًا .

وَالْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ:

الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ خَطَأِ الْمُخَالِفِ لِلْحَقِّ وَضَلَالِهِ ؛ وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، عَقْلِيَّةٍ وَسَمْعِيَّةٍ ، وَقَدْ يُعْرَفُ الْخَطَأُ فِي أَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ الْمُخَالِفِينَ لِلْحَقِّ ، وَغَيْرِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ، بِأَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الدَّلَائِلِ.

وَالْمَقَامُ الثَّانِي: الْكَلَامُ فِي كُفْرِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمُ الْوَعِيدَ فِي الْآخِرَةِ.

فَهَذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلنَّاسِ ، مِنْ أَصْحَابِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ ، مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ، لَهُمُ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ :

قِيلَ: إنَّهُ يُعَذَّبُ فِي النَّارِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ ، وَإِنْ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِ رَسُولٌ ، لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ . وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَقُولُ بِالْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ ، مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفِقْهِ ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ.

وَقِيلَ: لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ بِالْعَقْلِ ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعَذَّبَ مَنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ ، لَا بِالشَّرْعِ وَلَا بِالْعَقْلِ . وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يُجَوِّزُ تَعْذِيبَ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ وَمَجَانِينِهِمْ . وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ، كَالْجَهْمِ وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَعَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ : أنَّهُ لَا يُعَذَّبُ إِلَّا مَنْ بَلَغَتْهُ الرِّسَالَةُ ، وَلَا يُعَذَّبُ إِلَّا مَنْ خَالَفَ الرُّسُلَ ; كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ؛ قَالَ - تَعَالَى - لِإِبْلِيسَ - : {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85] .

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ فَنَحْنُ فِيمَا نُنَاظِرُ فِيهِ أَهْلَ الْكِتَابِ: مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ :

تَارَةً نَتَكَلَّمُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ بَيَانُ مُخَالَفَتِهِمْ لِلْحَقِّ ، وَجَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ ، فَهَذَا تَنْبِيهٌ لِجَمِيعِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ .
وَتَارَةً نُبَيِّنُ كُفْرَهُمُ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْعَذَابَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَهَذَا أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ؛ لَا يُتَكَلَّمُ فِيهِ إِلَّا بِمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ .

كَمَا أَنَّا أَيْضًا لَا نَشْهَدُ بِالْإِيمَانِ وَالْجَنَّةِ ، إِلَّا لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ الرُّسُلُ .

وَمَنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فِي الدُّنْيَا بِالرِّسَالَةِ ، كَالْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَأَهْلِ الْفَتَرَاتِ : فَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ أَقْوَالٌ ؛ أَظْهَرُهَا مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ : أَنَّهُمْ يُمْتَحَنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَأْمُرُهُمْ بِطَاعَتِهِ، فَإِنْ أَطَاعُوهُ اسْتَحَقُّوا الثَّوَابَ ، وَإِنْ عَصَوْهُ اسْتَحَقُّوا الْعِقَابَ."

انتهى ، باختصار من "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (2/291-298) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 21:46   رقم المشاركة : 81
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قبح الشرك والظلم والفواحش ثابت قَبْل الشرع ، وعقاب من فعل ذلك لا يثبت إلا بعد بلوغ الشرع.

السؤال:

ما معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" اسم الشرك يثبت قبل الرسالة ، لأنه يشرك بربه ويعدل به " ؟


الجواب :


الحمد لله

مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بذلك هو : بيان بطلان الشرك وذمه ، وأن من فعل الشرك فهو مشرك ، وفعله قبيح مذموم ، سواء قامت على المشرك الحجة بالبيان أو لم تقم ؛ فالشرك قبيح بكل حال ، قبل الرسالة وبعدها .

لكنه بيّن - أيضا - بعد ذلك : أن عذاب هذا المشرك مقيد بالبيان وقيام الحجة ، فلا يستحق العذاب إلا بعد مجيء الرسول وحصول البيان ، فإذا أشرك بعد البيان استحق العذاب ، وإذا كان شركه قبل أن يتبين له ما جاء به شرع الله : لم يستحق العذاب ، حتى تقام عليه الحجة .

فالكلام هنا على مقامين :

الأول : بيان ذم الشرك وقبحه وأنه شر كله ، وهذا وصف ذاتي له ، لا ينفك عنه ، سواء كان قبل قيام الحجة بإرسال الرسول وإنزال الكتاب ، أو كان بعد ذلك ، والمشرك : هو من وقع في هذا الأمر ، واتصف به ؛ فعدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية .

المقام الثاني : أن المشرك لا يستحق العقوبة على شركه إلا بعد قيام الحجة عليه ، فلا يتعلق العذاب والثواب بمجرد ما تدركه العقول ؛ قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/ 15 .

وقال عز وجل : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ) التوبة/ 115 .

وأراد شيخ الإسلام رحمه الله ، ببيان ذلك : الرد على طائفتين :

أولاهما : المعتزلة ومن تابعهم على قولهم : إن المشركين يستحقون العذاب بما تدركه العقول ، وإن لم تقم عليهم الحجة بإرسال الرسول .

ثانيهما : الأشعرية ومن وافقهم على قولهم : إن الشرك والظلم ليس قبحهما ذاتيا ، متعلقا بهما في نفس الأمر ، وإنما يثبت قبحهما بعد الخطاب الشرعي ببيان هذا القبح ، وقيام الحجة به .

ثم بين أن مذهب أهل السنة وسط بين هذين : فالشرك والظلم والفحش كلها أمور مقبوحة مذمومة ، قبل قيام الحجة وبعد قيامها ، تدرك ذلك العقول الصحيحة , والفطر السوية ؛ إلا أن الله تعالى لا يعذب الخلق إلا بعد قيام الحجة عليهم ، وذلك بنص كتابه .

وهذا بيّن واضح في كلام شيخ الإسلام ، في مواضع من كتبه :

قال رحمه الله :

" وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ مَا قَبْلَ الرِّسَالَةِ وَمَا بَعْدَهَا : فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَسْمَاءَ وَأَحْكَامٍ ؛ وَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ : عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ الْأَفْعَالَ لَيْسَ فِيهَا حَسَنٌ وَقَبِيحٌ ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ : فَإِنَّهُ سَمَّاهُمْ ظَالِمِينَ وَطَاغِينَ وَمُفْسِدِينَ ؛ لِقَوْلِهِ: ( اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى ) ، وَقَوْلِهِ : ( وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ ) ،

وَقَوْلِهِ : ( إنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) ؛ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ : ظَالِمٌ ، وَطَاغٍ ، وَمُفْسِدٌ هُوَ وَقَوْمُهُ ، وَهَذِهِ أَسْمَاءُ ذَمٍّ للأَفْعَالِ ؛ وَالذَّمُّ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ السَّيِّئَةِ الْقَبِيحَةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ تَكُونُ قَبِيحَةً مَذْمُومَةً قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ، [ لكن ] لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ إتْيَانِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ ؛ لِقَوْلِهِ : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) .

وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ عَنْ هُودَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ : ( اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إلَهٍ غَيْرُهُ إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُفْتَرُونَ ) ؛ فَجَعَلَهُمْ مُفْتَرِينَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِحُكْمِ يُخَالِفُونَهُ ؛ لِكَوْنِهِمْ جَعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ .

فَاسْمُ الْمُشْرِكِ : ثَبَتَ قَبْلَ الرِّسَالَةِ ؛ فَإِنَّهُ يُشْرِكُ بِرَبِّهِ وَيَعْدِلُ بِهِ ، وَيَجْعَلُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى ، وَيَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا قَبْلَ الرَّسُولِ ...
وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَهْلِ وَالْجَاهِلِيَّةِ ، يُقَالُ : جَاهِلِيَّة ، وَجَاهِل ، قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ .

وَأَمَّا التَّعْذِيبُ : فَلَا .

وَالتَّوَلِّي عَنْ الطَّاعَةِ ، كَقَوْلِهِ : ( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) ؛ فَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرَّسُولِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ عَنْ فِرْعَوْنَ . ( فَكَذَّبَ وَعَصَى ) كَانَ هَذَا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ إلَيْهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى ) ، وَقَالَ : ( فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ ) " .

" انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 37-38) .

وقال رحمه الله أيضا :

" الْجُمْهُورِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : عَلَى أَنَّ مَا كَانُوا فِيهِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ ، مِنْ الشِّرْكِ وَالْجَاهِلِيَّةِ : [ كان ] شَيْئًا قَبِيحًا ، وَكَانَ شَرًّا ؛ لَكِنْ : لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ إلَّا بَعْدَ مَجِيءِ الرَّسُولِ .

وَلِهَذَا :

كَانَ لِلنَّاسِ فِي الشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْفَوَاحِشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ":

قِيلَ: إنَّ قُبْحَهُمَا مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ الْعَذَابَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِهِمْ الرَّسُولُ ؛ كَمَا يَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَحَكَوْهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ .

وَقِيلَ: لَا قُبْحَ وَلَا حُسْنَ وَلَا شَرَّ فِيهِمَا قَبْلَ الْخِطَابِ ، وَإِنَّمَا الْقَبِيحُ : مَا قِيلَ فِيهِ : لَا تَفْعَلْ؛ وَالْحَسَنُ : مَا قِيلَ فِيهِ : افْعَلْ ، أَوْ : مَا أُذِنَ فِي فِعْلِهِ ، كَمَا تَقُولُهُ الْأَشْعَرِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ .

وَقِيلَ : إنَّ ذَلِكَ سَيْءٌ وَشَرٌّ وَقَبِيحٌ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّسُولِ؛ لَكِنَّ الْعُقُوبَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِمَجِيءِ الرَّسُولِ ؛ وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ السَّلَفِ ، وَأَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ؛ فَإِنَّ فِيهِمَا بَيَانَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْكُفَّارُ : هُوَ شَرٌّ وَقَبِيحٌ وَسَيْءٌ قَبْلَ الرُّسُلِ ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ إلَّا بِالرَّسُولِ .

وَفِي الصحيح : أن حُذَيْفَةَ قَالَ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ: ( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ) " انتهى من "مجموع الفتاوى" (11 /676-677) .

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله :

" عدم قيام الحجة : لا يغير الأسماء الشرعية ؛ بل يسمي ما سماه الشارع كفراً أو شركاً أو فسقاً : باسمه الشرعي ، ولا ينفيه عنه ؛ وإن لم يعاقب فاعله إذا لم تقم عليه الحجة ، ولم تبلغه الدعوة ، وفرق بين كون الذنب كفراً ، وبين تكفير فاعله " .

انتهى من"منهاج التأسيس" (ص 316) .

والله تعالى أعلم .










رد مع اقتباس
قديم 2018-06-07, 21:54   رقم المشاركة : 82
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثمة تناقض بين الخلق للعبادة والخلق للابتلاء ؟

السؤال :


قال الله في كتابه إنه ما خلقنا إلا لعبادته ، لكننا نجد أيضاً في مواضع أخرى من القرآن أنه خلقنا ليبتلينا ؛ أفلا يُعد هذا تناقضًا ؟

الجواب :

الحمد لله


ليس ثمة تناقض بين الخلق للعبادة ، والخلق للابتلاء :

فالعبادة ذاتها اختبار من الله تعالى لعباده ، فيعلم من يؤمن أو يكفر ، من يعصي أو يطيع ، فيجزي المحسن على إحسانه ، والمسيء على إساءته .

والابتلاء ـ أيضا ـ : حكمته أن يتبين حال العبد عند المصائب : أيصبر ، أم يجزع ؟ ويظهر حاله عند ابتلائه بالنعم ، والمصائب : أيشكر ، أم يكفر ؟!

ولعل سبب توهم السائل وجود التناقض بين الأمرين ظنه أن الابتلاء يقتصر على المصيبة ، فمن صبر نال المثوبة ، ومن جزع وكفر نال الإثم والعقوبة .

وهذا تصور مجتزأ لمعنى " الابتلاء "

والتصور الصحيح هو أن الابتلاء المقصود به هنا هو الاختبار ، فهو أعم من " المصيبة "، والاختبار يدخل في جميع شؤون ابن آدم وأعماله ، وفي تفاصيل حياته وأموره ، فحياته ابتلاء ، وصحته ابتلاء ، ومرضه ابتلاء ، وسعادته ابتلاء ، وماله ابتلاء ، ورزقه ابتلاء ، ومحيطه ابتلاء ، وعلمه ابتلاء

في كل ذلك اختبار من الله تعالى لسلوك هذا الإنسان ، إن كان سينحو ذات اليمين أو ذات الشمال ، في طاعة الرحمن أم في طاعة الشيطان ، لذلك كله يقول الله عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور ) الملك/2 ، ويقول عز وجل : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) هود/7 ، ويقول سبحانه : ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون ) المائدة/48

وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنعام/165.

كل هذه الآيات تدل على أن " الاختبار " هو السر في خلق الإنسان ، وهذا الاختبار يشمل تكليف العبادة أيضا ، فمن أدى العبادة – بمفهومها الشامل لكل خير – فقد فاز وربح ، ومن قصر خسر بقدر تقصيره .

يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :

" أخبر سبحانه عن خلق العالم ، والموت ، والحياة ، وتزيين الأرض بما عليها ، أنه للابتلاء والامتحان ، ليختبر خلقه أيهم أحسن عملا ، فيكون عمله موافقا لمحاب الرب تعالى ، فيوافق الغاية التي خلق هو لها ، وخلق لأجلها العالم ، وهي عبوديته المتضمنة لمحبته وطاعته ، وهي العمل الأحسن ، وهو مواقع محبته ورضاه "

انتهى من " روضة المحبين " (61) .

ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله – في تفسير قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 -:

" التحقيق - إن شاء الله - في معنى هذه الآية الكريمة ( إلا ليعبدون ) أي : إلا لآمرهم بعبادتي وأبتليهم ، أي أختبرهم بالتكاليف ، ثم أجازيهم على أعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق في معنى الآية ، لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله ، فقد صرح تعالى في آيات من كتابه أنه خلقهم ليبتليهم أيهم أحسن عملا ، وأنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم .

قال تعالى في أول سورة الكهف : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا )

فتصريحه - جل وعلا - في هذه الآيات المذكورة بأن حكمة خلقه للخلق هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملا ، يفسر قوله : ( ليعبدون ). وخير ما يفسر به القرآن – القرآن .

ومعلوم أن نتيجة العمل المقصودة منه ، لا تتم إلا بجزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، ولذا صرح تعالى بأن حكمة خلقهم أولا ، وبعثهم ثانيا : هو جزاء المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، وذلك في قوله تعالى في أول يونس : ( إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )، وقوله في النجم: ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ).

وقد أنكر تعالى على الإنسان حسبانه وظنه أنه يترك سدى ، أي مهملا ، لم يؤمر ولم ينه ، وبين أنه ما نقله من طور إلى طور ، حتى أوجده ؛ إلا ليبعثه بعد الموت ، أي ويجازيه على عمله ، قال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ) إلى قوله: ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) " .

انتهى من " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " (7/ 445) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-12, 20:28   رقم المشاركة : 83
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الإعاقة لا تمنع وجوب الصلاة

السؤال:


أخانا الأكبر عنده إعاقة بيده وقدمه ، وعنده خلل بنطقه الكلمات ، ولا يرغب بالزواج ؛ لأنه لا يستطيع إدارة شؤونه ، وبالأحرى شؤون غيره، فهل عليه صلاة وتكليف ؟

مع العلم بأننا نرغب في تعليمه الفاتحة والصلاة ، لكنه يرفض ، وهو فعلا صعب تعليمه الكلام، فهل عليه صلاة ؟ وهل له من الميراث ؟


الجواب:

الحمد لله

التكليف بالأحكام الشرعية (ومنها الصلاة) في الشريعة الإسلامية مبني على وجود العقل ، فإذا كان هذا الأخ عاقلا ولم تؤثر تلك الإعاقة على عقله فهو مكلف ، وإن كانت قد أثرت على عقله حتى فقد التمييز ، أو كان ضعيف التمييز ، كالصبي الصغير ، فإنه يكون غير مكلف ، ولا تلزمه الصلاة .

فإذا كان هذا الأخ مكلفا ، فالإعاقة تؤثر في إسقاط بعض الواجبات عنه ، وهي الواجبات التي لا يستطيع القيام بها ، فإن كان لا يستطيع الصلاة قائما ، صلى جالسا، وإن كان لا يستطيع الإتيان بالفاتحة كاملة صحيحة ، أتى بها على قدر استطاعته ... وهكذا .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (10/ 79):

" إِذَا قَدَرَ الْمُصَلِّي عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَالأْصْل فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَاعِدَةُ " الْمَيْسُورُ لاَ يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ " أَيْ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكُل لاَ يُسْقِطُ الْبَعْضَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَاعِدَةُ " مَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْعِبَادَةِ، فَمَا هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْعِبَادَةِ - وَهُوَ عِبَادَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي نَفْسِهِ - فَيَجِبُ فِعْلُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ فِعْل الْجَمِيعِ بِغَيْرِ خِلاَفٍ " انتهى .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

جدتي لا تحفظ إلا قليلا من القرآن الكريم، حيث إنها تخطئ في سورة (الفاتحة) ، وقد قال البعض من الناس في قريتنا: إذا لم تحفظي في صلاتك سورة (الفاتحة) فإن صلاتك غير صحيحة فهل هذا صحيح؟

فأجاب :

" صلاتها صحيحة ومعذورة، والحمد لله، الله يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ما دام أنها عالجت واجتهدت ولم تستطع فصلاتها صحيحة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للذي لا يستطيع [يعني : لا يستطيع قراءة الفاتحة] ، تقول: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر )

إذا كانت لا تستطيع عالجت نفسها ، وإذا لم تستطع، تسبح : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله . محل القراءة ويكفي، أما الذي يتعمد؛ وهو يستطيع لكن يتعمد، ما يقرأ الفاتحة فإنه لا تصح صلاته، لكن إذا كانت امرأة عجزت، أو رجلا عجز فالله يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 236-237) .

فاجتهدوا في تعليم أخيكم الفاتحة والصلاة ، وألزموه تعلمها برفق ، ويأتي بما يستطيع أن يأتي به ، ولو عجز عن النطق ببعض الأحرف أو خلط بينها فلا شيء عليه ، وصلاته صحيحة .

أما الميراث فله نصيبه من الميراث كاملا ، فليس العقل ولا صحة البدن شرطا في استحقاق الميراث ، بل كل مسلم له نصيبه من الميراث ولو كان مجنونا أو مريضا .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-12, 20:30   رقم المشاركة : 84
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا يتحكم بالبول وهو كبير جدّاً فهل يصوم ويصلي ؟

السؤال


والدي أصبح كبيراً في السن عمره – 105 سنوات – وهو شبه فاقد للذاكرة ، ولكن أحيانا يعرفنا وأحياننا لا يعرفنا ، وهو في السنوات الأخيرة لا يتحكم في البول ، ونقوم بتغيير ملابسه في اليوم أكثر من مرة ، فهل عليه صلاة مع عدم الطهارة ؟ وهل نجعله يصوم ؟.

الجواب

الحمد لله

يختلف حكم والدك تبعاً لحضور عقله وإدراكه ، فإن فقد عقله وذاكرته : فلا يؤمر بطهارة ولا بصلاة ولا بصيام ، وإن حضر عقله وذاكرته : فيؤمر بالتكاليف الشرعية بحسب الاستطاعة دون أن يشق على نفسه .

سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - :

فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون هل يجب عليهم الصيام ؟ .

فأجاب :

إن الله سبحانه وتعالى أوجب على المرء العبادات إذا كان أهلاً للوجوب ، بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء ، وأما من لا عقل له فإنه لا تلزمه العبادات ، وبهذا لا تلزم المجنون ، ولا تلزم الصغير الذي لا يميز ، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى ، ومثله المعتوه الذي أصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون

ومثله أيضاً الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة ، كما قال هذا السائل ، فإنه لا يجب عليه صوم ولا صلاة ولا طهارة ؛ لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز ، فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بطهارة ، ولا يلزم بصلاة ، ولا يلزم أيضاً بصيام ، وأما الواجبات المالية فإنها تجب في ماله وإن كان في هذه الحال ، فالزكاة – مثلاً - يجب على من يتولى أمره أن يخرجها من مال هذا الرجل الذي بلغ هذا الحد ؛ لأن وجوب الزكاة يتعلق بالمال

كما قال الله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، ولم يقل : " خذ منهم " ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ - رضي الله عنه - حينما بعثه إلى اليمن : " أعْلِمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم ، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " ، فقال : " صدقة في أموالهم " فبيَّن أنها من المال ، وإن كانت تؤخذ من صاحب المال .

وعلى كل حال : الواجبات المالية لا تسقط عن شخص هذه حاله ، أما العبادات البدنية كالصلاة ، والطهارة ، والصوم : فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل ؛ لأنه لا يعقل .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 40 ) .

وسئل الشيخ - رحمه الله تعالى - :

ما حكم صيام من يعقل زمناً ويجن زمناً آخر ؟ أو يهذري يوماً ويصحو يوماً آخر ؟ .

فأجاب :

الحكم يدور مع علته ، ففي الأوقات التي يكون فيها صاحياً عاقلاً : يجب عليه الصوم ، وفي الأوقات التي يكون فيها مجنوناً مهذرياً : لا صوم عليه ، فلو فرض أنه يجن يوماً ويفيق يوماً ، أو يهذري يوماً ويصحو يوماً : ففي اليوم الذي يصحو فيه : يلزمه الصوم ، وفي اليوم الذي لا يصحو فيه : لا يلزمه الصوم .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 19/السؤال رقم 43 ) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-12, 20:34   رقم المشاركة : 85
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف يصلي الأصم الأبكم؟

السؤال:

لدي صديق لا يتحدث اللغة العربية ، وهو أصم وأبكم ، فلا يستطيع تلاوة القرآن . هل تجب عليه التلاوة في الصلاة ? كيف يقوم بأداء الصلاة في هذه الحالة؟


الجواب :

الحمد لله :

القاعدة العامة في الشريعة : أن من عجز عن شيء من الواجبات سقط عنه ، ولزمه الإتيان بما يقدر عليه منها ؛ لقول الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16].

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق عليه .

وعليه : فالأبكم والأخرس الذي لا يستطيع القراءة : يسقط عنه ما عجز عنه .

فإن كان يحسن أن يسبح أو يذكر الله ، فإنه يسبح ويذكر في مواضع القراءة .

وإن كان يعجز أيضا عن التسبيح ، فلا يعلمه ، ولا يمكنه أن يتعلم بدله : سقط عنه ، ولم يلزمه شيء بدلا من قراءته .

وإن كان يحسن التكبير في مواضعه : لزمه الإتيان به .

فإن كان يعجز عن القول مطلقا ، سقطت عنه جميع الواجبات والأركان القولية في الصلاة ، ويلزمه الإتيان بالواجبات والأركان الفعلية كالقيام والركوع والسجود .

فينوي الدخول في الصلاة بقلبه وهو قائم ، ثم يركع ويسجد ، دون قراءة للقرآن ، ولا تلاوة للأذكار.

وقد سئلت اللجنة الدائمة : كيف يصلي من لا يستطيع أن يتكلم ولا يسمع، أو يتكلم ولا يسمع؟

فقالوا : " يصلي على قدر استطاعته لقوله تعالى: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ، وقوله: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) ، وقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) ، وقوله تعالى: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (6/403) .

واختلف العلماء هل يلزمه مع ذلك تحريك لسانه وشفتيه وقت القراءة والأذكار؟

جاء في "الموسوعة الفقهية " (19/92) : " مَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ النُّطْقِ لِخَرَسٍ : تَسْقُطُ عَنْهُ الأْقْوَال ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ .

وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ تَحْرِيكِ لِسَانِهِ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ.

فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ : لاَ يَجِبُ عَلَى الأْخْرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ ، وَإِنَّمَا يُحْرمُ لِلصَّلاَةِ بِقَلْبِهِ ؛ لأِنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ عَبَثٌ ، وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِهِ .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجِبُ عَلَى الأْخْرَسِ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَشَفَتَيْه وَلَهَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ قَدْرَ إِمْكَانِهِ ، قَال فِي الْمَجْمُوعِ : وَهَكَذَا حُكْمُ تَشَهُّدِه ، وَسَلاَمِهِ ، وَسَائِرِ أَذْكَارِهِ ، قَال ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَالْمَرِيضِ .

لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْخَرَسِ الطَّارِئِ ، أَمَّا الْخَرَسُ الْخِلْقِيُّ فَلاَ يَجِبُ مَعَهُ تَحْرِيكُ شَيْءٍ" . انتهى.

وما ذهب إليه جمهور العلماء من سقوط التحريك هو الأقرب .

قال ابن قدامة المقدسي : " فَإِنْ كَانَ أَخْرَسَ ، أَوْ عَاجِزًا عَنْ التَّكْبِيرِ بِكُلِّ لِسَانٍ : سَقَطَ عَنْهُ ... ولَمْ يَلْزَمْهُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ فِي مَوْضِعِهِ كَالْقِرَاءَةِ ...؛ لِأَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ : عَبَثٌ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِهِ ، فَلَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ ، كَالْعَبَثِ بِسَائِرِ جَوَارِحِهِ "

انتهى من "المغني" بتصرف (2/130).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ ، وَلَا الذِّكْرَ ، أَوْ الْأَخْرَسُ : لَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ حَرَكَةً مُجَرَّدَةً ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِذَلِكَ كَانَ أَقْرَبَ ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ يُنَافِي الْخُشُوعَ ، وَزِيَادَةٌ عَلَى غَيْرِ الْمَشْرُوعِ" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/ 336)

والحاصل :

أنه يأتي بما يستطيع من أركان الصلاة ، ويسقط عنه ما عجز عن عنه من التكبير وقراءة الفاتحة وأذكار الركوع والسجود والتشهد .

وهذا عام في جميع أحواله : فكل ما عجز عنه : لا يؤاخذ به .

قال الشيخ ابن عثيمين :

" الأصم الأبكم من فقد حاستين من حواسه ، وهما السمع والنطق ، ولكن بقي عليه النظر ، فما كان يدركه من دين الإسلام بالنظر ؛ فإنه لا يسقط عنه ، وما كان لا يدركه ؛ فإنه يسقط عنه .

أما ما كان طريقه السمع ، إذا كان لا يدركه بالإشارة : فإنه يسقط عنه .

وعلى هذا : فإذا كان لا يفهم شيئاً من الدين فإننا نقول : إذا كان أبواه مسلمين أو أبوه أو أمه فهو مسلم تبعاً لهما ، وإن كان بالغاً عاقلاً مستقلاً بنفسه فأمره إلى الله ، لكنه ما دام يعيش بين المسلمين ، فإننا نحكم له ظاهراً بالإسلام ، يُعلم بعض الأشياء بالإشارة .."

انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (11/22، بترقيم الشاملة آليا).

والله أعلم


........

وجوب التكاليف على الأصم والأبكم

السؤال


هل الصم والبكم مكلفون وعليهم أداء الواجبات الشرعية ؟.

الجواب

الحمد لله

أوضح سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن الولد الأبكم والأصم إذا كان قد بلغ الحلم يعتبر مكلفاً بأنواع التكاليف من الصلاة وغيرها ، وأضاف أنه يعلم ما يلزمه بالكتابة والإشارة لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب التكاليف على من يبلغ الحلم وهو عاقل ، ويحصل البلوغ بإكمال خمسة عشر عاماً أو بإنزال مني عن شهوة في الاحتلام أو غيره وبإنبات الشعر الخشن من حول الفرج وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو الحيض .

ودعا سماحته ولي أمر الأصم الأبكم إلى أن يؤدي عنه ما يلزمه من زكاة وغيرها من الحقوق المالية وعليه أن يعلمه ما يخفى عليه بالطرق الممكنة حتى يفهم ما أوجب الله عليه وما حرم عليه .

واستشهد سماحته بقول الله سبحانه : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) التغابن/16 ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) وبين سماحته أن المكلف الذي لا يسمع أو لا ينطق أو قد أصيب بالصمم والبكم عليه أن يتقي الله ما استطاع بفعل الواجبات وترك المحرمات . إن عليه أن يتفقه في الدين حسب قدرته بالمشاهدة والكتابة والإشارة حتى يفهم المطلوب .

كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص/336.









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-12, 20:39   رقم المشاركة : 86
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

هل نزول المذي يدل على البلوغ ؟ وهل شعر الإبط يدل على البلوغ أيضا أم لا ؟


الجواب :


الحمد لله :


بلوغ سن التكليف يحصل بواحدة من ثلاث علامات بالنسبة للذكر ، وتزيد الأنثى بعلامة رابعة وهي الحيض .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ويحصُلُ البلوغُ بواحدٍ مِن أمورٍ ثلاثةٍ بالنسبة للذُّكورِ وهي :

1 ـ تمامُ خمس عشرة سَنَةً .

2 ـ إنباتُ العَانةِ .

3 ـ إنزالُ المَنيِّ بشهوةٍ يقظةً أو مناماً .

فإذا وُجِدَ واحدٌ مِن هذه الأمورِ الثلاثةِ صارَ الإِنسانُ بالغاً .

والمرأةُ تزيدُ على ذلك بأمرٍ رابعٍ وهو الحيضُ ، فإذا حاضت ولو لعشرِ سنوات فهي بالغة "

انتهى من " الشرح الممتع" (4/224).

فإذا أنزل الصبي أو الجارية منياً بلذة ، سواء كان في اليقظة أو المنام : حكمنا ببلوغه ؛ لما سيأتي من أدلة الكتاب والسنة وإجماع العلماء .

قال الماوردي رحمه الله :

" فأما الاحتلام فإنما كان بلوغاً ؛ لقول الله تعالى: ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) النور/ 59 .

ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( رفع القلم عن ثلاثة ) وذكر منها : ( الصبي حتى يحتلم ).

والاحتلام تعريفه : هو إنزال المني الدافق من رجل أو امرأة ، من نوم أو جماع أو غيرهما " انتهى من " الحاوي" (6/343) وينظر : " المغني" (4/297) .

وبهذا يُعلم أن نزول المذي لا يحصل به البلوغ ؛ لعدم الدليل ، والأصل عدم التكليف ، حتى يثبت دليل ناقل عن الأصل .
جاء في " مطالب أولي النهى" (3/404) بعد أن ذَكر علامات البلوغ ـــ ومنها المني ــ قال رحمه الله: " ( ولا اعتبار ) ؛ أي : لا يحصل بلوغ ، بغير ما ذُكر.. " انتهى.

ثانياً :
نبات الشعر الخشن حو العانة : ذكر الغلام ، أو فرج الجارية علامة من علامات البلوغ ؛ لما رواه عطية القرظي رضي الله عنه قال : " عُرِضْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ ، فَكَانَ مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ ، فَكُنْتُ مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتْ ، فَخُلِّيَ سَبِيلِي " رواه الترمذي (1584) وصححه الشيخ الألباني .

قال ابن قدامة رحمه الله : " وأما الإنبات ، فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل , أو فرج المرأة , الذي استحق أخذه بالموسى , وأما الزغب الضعيف , فلا اعتبار به , فإنه يثبت في حق الصغير.."

انتهى من "المغني" (9/392). وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (138738).

وأما غير شعر القُبلِ ، كشعر اللحية أو الشارب أو الإبط ، فلا حكم له ، ولو كثر ؛ لأن الشرع إنما علق الحكم بنبات شعر القُبلِ ، ولو كان غير شعر القُبل ... معتبراً ، لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليكشف عن عورات بني قريظة ، اكتفاء بما ظهر من الشعر في غير موضع العورة .

جاء في " مطالب أولي النهى" (3/404) : " ( ولا اعتبار ) ؛ أي : لا يحصل بلوغ بغير ما ذُكر ( بغلظ صوت ، وفرق أنف ، ونهود ثدي ، وشعر إبط ، و ) شعر ( لحية ) وغيرها " انتهى .

والله أعلم .












رد مع اقتباس
قديم 2018-06-12, 20:44   رقم المشاركة : 87
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم إعطاء الشريك راتبا مقابل إدارة الشركة

السؤال :

شخصان شريكان في مشروع تجاري وأحدهما يدير هذا المشروع فهل يجوز له أن يأخذ راتبا على إدارته للمشروع فضلا عن أن الربح يقسم مناصفة بينهما. وجزاكم الله خيرا

الجواب :

الحمد لله


يجوز لأحد الشركاء أن يتولى إدارة المشروع أو مهمة أخرى كالمحاسبة مثلا بعقد منفصل عن عقد الشركة ، مقابل أجرة ، ولا يجوز أن يكون هذا ضمن عقد الشركة لأنه قد يؤدي إلى ضمان رأس ماله وعدم تحمله الخسارة بقدر رأس ماله في حال وقوعها . ومعلوم أن الخسارة في الشركة تكون على قدر رأس المال ، وأن توزيع الأرباح يكون على ما يتفقان عليه .

وفي "المعايير الشرعية" ص 196 : "لا يجوز تخصيص أجر محدد في عقد الشركة لمن يستعان به من الشركاء في الإدارة أو في مهمات أخرى مثل المحاسبة ، ولكن يجوز زيادة نصيبه من الأرباح على حصته في الشركة .

يجوز تكليف أحد الشركاء بالمهمات المذكورة في البند [السابق] بعقد منفصل عن عقد الشركة بحيث يمكن عزله دون أن يترتب على ذلك تعديل عقد الشركة أو فسخه ، وحينئذ يجوز تخصيص أجر محدد له".

وجاء في تعليل ذلك ص 213 : " مستند عدم جواز تخصيص أجر محدد لمن يستعان به من الشركاء في الإدارة : أن هذا قد يؤدي إلى ضمان رأس ماله وعدم تحمل الخسارة بقدر رأس ماله في حال وقوعها.

مستند جواز تكليف أحد الشركاء بمهمات الإدارة بعقد منفصل وجواز تخصيص أجر له في هذه الحالة : أنه لا يمثل هنا صفة الشريك بل إنه أجير خاص " انتهى .

وقال في كشاف القناع : "ويجب على كل واحد من الشريكين أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه , من نشر الثوب وطيه , وختم الكيس وإحرازه , وقبض النقد ; لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف وهو يقتضي أن هذه الأمور يتولاها بنفسه ، فإن استأجر من فَعَله بأجرةٍ غرمها من ماله ; لأنه بذلها عوضا عما يلزمه .

وما جرت العادة بأن يستنيب الشريك فيه , كالاستئجار للنداء على المتاع ونحوه فله أن يستأجر من مال الشركة من يفعله ; لأنه العرف . وليس له - أي الشريك - فعل ما جرت العادة أن لا يتولاه ليأخذ أجرته بلا شرط ; لأنه تبرع بما لا يلزمه فلم يستحق شيئا , وإذا استأجر أحدهما الآخر فيما لا يستحق أجرته إلا بعمل فيه , كنقل طعام بنفسه أو غلامه أو دابته جاز , كاستئجار داره أو أجنبي لذلك" انتهى .

ويستفاد منه أن الشريك يمكن أن يقوم بعمل لم تجر العادة بقيام الشريك به ، مقابل أجرة يشترطها ، وأن للشريك أن يستأجر شريكه في نقل طعام مثلا أو أن يستأجر داره ، وهذه عقود إجارة منفصلة عن الشركة .

فيلحق بذلك ما لو كان العمل مما يصعب على الشريكين القيام به - ولو كان في الأصل من مهام الشريكين كالإدارة - ، وقد رضيا باستئجار من يقوم به ، فلا حرج حينئذ أن يكون الأجير أحدَ الشركاء ، وذلك بعقد منفصل عن الشركة .

وقد سئل الدكتور عبد الله بن إبراهيم الناصر ، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود ، حفظه الله : أود الاستفسار من فضيلتكم حول مسألة شائعة في الشراكة بين كثير من الناس ، وصورتها أن : يشترك اثنان في رأس المال بحصة معلومة لكل شريك

ونسبة الربح تكون معلومة لكل منهما ، ونسبة الخسارة مقسمة بحسب حصة كل شريك من رأس المال ، لكن أحد الشريكين هو الذي يقوم بالعمل كله ، أو يكون هو بمثابة المدير لهذه الشركة ، وهذا الشريك المدير (الأجير في المصطلح الشرعي) يكون له راتب مقطوع مقابل إدارته لهذه الشركة

إضافة إلى حصته من الأرباح...فهل هذا الراتب المعلوم يعتبر بمثابة النفع الأكيد على رأس ماله من الشركة؟ وهل يدخل هذا في باب الربا أم لا؟ وهل يجوز أن يكون المرء شريكًا أجيرًا في نفس الوقت؟ علمًا أنني وجدت في كتب الفقه ما يدل على المنع من ذلك ، وجواز زيادة نسبة مقابل عمله لا راتبًا مقطوعًا

فهل يمكن أن تخرج كما خرجها بعض الباحثين المعاصرين على أن مثل هذه الشركة تعتبر شخصًا اعتباريًّا ، وفي هذه الحالة يجوز توظيف مدير لها براتب محدد معلوم وكأنه طرف ثالث ، حتى لو كان هذا المدير أحد المساهمين في الشركة؟ علمًا بأن هذه المسألة عمت بها البلوى ، وكثر بها التعامل بين كثير من المسلمين في هذه الأيام . أفتونا مأجورين .

فأجاب : "الصورة التي ذكرها السائل تعتبر من شركة العنان ، وصفتها أن يشترك شخصان فأكثر في شركة بينهم ، على أن المال والعمل منهم جميعًا ، أو أن المال منهم والعمل من بعضهم أو أحدهم ، وشركة العنان مما اتفق العلماء على صحتها وجواز العمل بها ، وكون أحد الشركاء يكون مديرًا للشركة مقابل مرتب مقطوع

فيجتمع فيه صفتا الأجير والشراكة ، فهذا مما لا بأس به شرعًا ؛ إذ لا يوجد نص شرعي يمنع من ذلك فيبقى الحكم على أصله وهو الإباحة ، كما أنه لا يوجد محذور شرعي من اجتماع عقدي الشركة والإجارة في شخص واحد ، ولا يدخل ذلك ضمن الربا المحرم ، ثم إن الحاجة تقتضي وجود مثل هذا الاستقلال بين صفتي الشريك والمدير ، إذ إن الشركاء في هذه الحالة بين أمور ثلاثة :

1- أن يكون المدير من غيرهم ، ولا شك أن المدير إذا كان منهم وله حصة في رأس مال الشركة يكون أكثر حرصًا من ذلك المدير الأجنبي .

2- أن يكون لهذا المدير الشريك حصة زائدة في الأرباح عن المبلغ الذي اشترك به وهذه الزيادة مقابلة لإدارته ، أي منع اجتماع صفتي الشريك والأجير وإبقاء صفة الشريك فقط ، وهذا الحال قد لا يرضى به الشريك المدير نفسه ، أو أن الشركاء لا يرضون به ، بل يرغبون أن يكون له مرتبًا مقطوعًا لا علاقة له بأرباح الشركة ، وذلك كسائر العاملين في الشركة من غير المدير .

3- أن يكون المدير أجيرًا في عمله شريكًا في ماله كسائر الشركاء ، فيأخذ أجره مقابل عمله ، وربحًا أو خسارة مقابل ماله الذي اشترك به ، أي اجتماع عقدي إجارة الأشخاص والشركة فيه ، وهذا ما رأينا جوازه ، وهو ما عليه العمل في أكثر الشركات المساهمة وغيرها من التي يكون [فيها]الفصل بين وظيفة المدير وصفة الشريك " انتهى من "فتاوى الإسلام اليوم".

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-18, 13:51   رقم المشاركة : 88
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




حكم من يعاني اضطرابا في الشخصية ويحصل له عدم إدراك أحيانا

السؤال:

هل القلم مرفوع عن شخص يعاني من اضطراب الشخصية المرتابة ، وبسبب الاكتئاب الشديد والأعراض الذهانية التي نتجت عن تفاقم حالته الصحية أصبح انطوائياً ، ولا يدري أو يفهم ما يحدث من حوله ، هل يأخذ هذا الشخص حكم المجنون ؟

مع العلم بأنّ هذا الشخص يؤدي الصلاة في المسجد ، ولكن بسبب سوء حالته أصبح يصلي في البيت ، وإذا كان يدخل في حكم المجنون فهل يقبل الله منه الصلاة والدعاء والعمل الصالح ؟


الجواب :

الحمد لله

قياس القدرات العقلية للمريض النفسي أو لمن يعاني من أية اضطرابات نفسية ليس مرجعه إلى المفتي أو الفقيه ، بل مرجعه إلى أطباء النفس المختصين الذين يملكون أدوات القياس ، بعد تشخيص الحالة وإجراء الاختبارات اللازمة لفهمها .
فالاكتئاب نفسه أنواع ودرجات ، والانطوائية أحد مظاهر المرض ، وليست هي المرض نفسه

فقد ينطوي العاقل على نفسه ، وقد ينطوي المجنون على نفسه ؛ ولهذا كله فليس من الصواب أن تجزم الفتوى الحكم على إنسان بالعقل أو الجنون من خلال بضع كلمات كتبت في السؤال ، بل لا بد من عرض المريض على الطبيب ، بل يمكن عرضه على لجنة من الأطباء لتقدير حالته ، ولكتابة التقرير الطبي الذي يصف ما يعاني منه ، وهذا التقرير تنبني عليه أمور كثيرة في تحديد أهلية الوجوب والأداء

والمسؤولية التكليفية والشرعية المترتبة عليه ، سواء في القوانين الشرعية أم في القوانين الوضعية ، خاصة في الإنسان الذي يشتبه أمره على من حوله ، حيث يستشعرون منه بعض التعقل ، وفي الوقت نفسه لا يلمسون منه فهم خطابهم ولا مجريات الأمور حولهم ، وهذا ما يسمى في الفقه بـ " المعتوه ".

يقول السمعاني رحمه الله :

" العته نوع جنون ، إلا أنه يعقل قليلا "

انتهى من " قواطع الأدلة في الأصول " (2/ 389) .

ويقول عبد العزيز البخاري الحنفي رحمه الله :

" العته آفة توجب خللا في العقل ، فيصير صاحبه مختلط الكلام ، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء ، وبعضه كلام المجانين ، وكذا سائر أموره .

فكما أن الجنون يشبه أول أحوال الصبا في عدم العقل ، يشبه العتهُ آخرَ أحوال الصبا في وجود أصل العقل ، مع تمكن خلل فيه ..
..
فيوضع عن المعتوه الخطاب ، كما يوضع عن الصبي ، فلا يجب عليه العبادات ، ولا يثبت في حقه العقوبات ، كما في حق الصبي ، وهو اختيار عامة المتأخرين " .

انتهى من " كشف الأسرار شرح أصول البزدوي " (4/274)

ويقول الدكتور عبدالكريم النملة رحمه الله :

" يوجد بين المجنون والمعتوه فروق إليك أهمها :

الفرق الأول : أن المعتوه له عقل ، ولكنه ضعيف عن إدراك وفهم الخطاب . أما المجنون فإنه لا عقل له .

الفرق الثاني : أن المعتوه قد يكون مميزا ، وقد يكون غير مميز ، بخلاف المجنون ، فلا يكون مميزا أبداً .

الفرق الثالث : المعتوه لا يصاحبه تهيج واضطراب ، بخلاف المجنون فقد يصاحبه تهيج واضطراب .

فالمعتوه غير مكلَّف مطلقا ، وهو مذهب الجمهور ، وهو الصحيح ؛ قياسا على المجنون ، وعلى الصبي غير المميز ، والجامع : ضعف العقل عن إدراك حقائق الأمور ، وعن فهم خطابات الشارع على ما هي عليه "

انتهى من " المهذب في أصول الفقه المقارن " (1/335) .

فإن أدى فاقد الإدراك – سواء كان معتوها أو مجنونا – العبادات : فإننا نرجو أن يكتب الله عز وجل له أجرها ، ويثيبه عليها ، كما تصح عبادة الصبي ويؤجر عليها ، بل صحح كثير من العلماء حج المجنون مثلا ، ونصوا على ثوابه ، وإن لم يجزئ عنه ، وكرم الله واسع ، وباب ثوابه وأجره لا ينفد .

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال الآتي :

" هناك رجل ضعيف العقل ، ولكنه ليس مجنونا ، إلا أنه لا يستطيع التمييز بين أشياء كثيرة ، فهو لا يستطيع العد من الواحد إلى العشرة مثلا مهما حاولنا معه ، هل يجب على مثل هذا الرجل الصيام والصلاة وضبطها عليه ، حيث إنه يكلف ببعض الأعمال ، مما يؤدي إلى عطشه ، كالرعي ؟

فأجاب بقوله :

إذا كان يعقل أن الله أوجب عليه الصوم والصلاة ، يفهم أنه خلق ليعبد الله ، ويميز فيما يتعلق بماله في ضبط ماله والتصرفات في ماله ، فهذا من العقلاء ، يلزمه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه من صلاة وغيرها .

أما إن كان عقله قد اختل ، وتبين خلل عقله ، وأنه من جملة المعتوهين الذين ليس لهم عقل يميزون به بين الحق والباطل ، أو بين الخير والشر ، وبين ماله ومال غيره ، ونحو ذلك ، فالعاقل بيِّنٌ ، إن كان عاقلا فعليه التكاليف ، وإن كان غير عاقل سقطت عنه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن الصغير حتى يبلغ ) .

فالذي يشبه المجنون ، بعدم ضبطه للأمور ، وعدم حسن التصرف لأن عقله مفقود ، فلا تكليف عليه "

انتهى من " فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر " (6/ 14) .

والخلاصة :

أن المصاب باضطراب الشخصية إذا شخَّص الطبيب حالته بأنه لا قدرة لديه على الإدراك وتمييز الأمور ، فلم يعد يفهم الخير من الشر ، والصواب من الخطأ ، فمثلُه رُفع عنه القلم حتى يشفى مما هو فيه ، قال عليه الصلاة والسلام : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ) رواه أبوداود في " السنن " (رقم/4403) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

والفحص الطبي هو الأقدر على تحديد هذا الأمر في إنسان معين ، ولا يكفي السؤال عبر الإنترنت .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-18, 14:01   رقم المشاركة : 89
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل المصاب بالتوحد مكلَّف ؟

السؤال :

أرجو الإجابة على هذا السؤال المهم لأنه سيساعد الكثير من الآباء : هل هؤلاء الذين يعانون من التوحد ( الأوتزم ) يصنفون إسلامياً على أنهم مختلون عقلياً ؟

لأن التوحد عبارة عن عجز دائم في نمو الدماغ ، بحيث يؤثر على كيفية تواصل الشخص مع من حوله من الناس ، ويؤثر أيضاً على إدراكه للعالم من حوله ، فقد تراه مثلاً يعجز عن فهم البرتوكولات الاجتماعية والثقافية التي تعارف عليها البشر ، كما أن المصاب بهذا المرض يجد صعوبة في التعبير عن خلجات نفسه وعواطفه ، وقد يقرأ بطلاقة لكنه لا يفهم معنى كل كلمة خاصة الكلمات والعبارات الصعبة ، ويجد صعوبة في فهم الفكاهات والاستعارات اللفظية

ولا يدرك حقيقة وجود خطر في شيء ما من حوله ، وتجده إما مفرط الحساسية ، أو عديم الإحساس تجاه بعض الأصوات ، والمذاقات ، والروائح ، والألوان ، وقد تجده يكرر بعض الألفاظ ويدور في حلقة مفرغة ، والكثير الكثير من الأشياء التي تجعله إنساناً غير سوي ، مختلفاً عن غيره من البشر . وكل هذا بالطبع يلقي بظلاله على طريقة تعامله مع الشرع وأحكامه ، وفهم الحكمة من بعض الأمور في الدين .


الجواب :


الحمد لله

التوحد أو الذاتوية (Autism) أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة باللغة الطبية " اضطرابات في الطيف الذاتوي " (Autism Spectrum Disorders - ASD)

" وهو اضطراب صحي يظهر في الطفولة الباكرة ، ويؤثر على تطور الطفل من خلال تأثيره على قدرة الطفل على التواصل والتفاعل مع الآخرين ، وتشير التقديرات إلى أن طفلاً واحداً يصاب بالتَّوَحُّد أو الذاتوية من كل مائة طفل في العالم .

يتدرج التَّوَحُّد أو الذاتوية من الاضطراب البسيط في التواصل أو في السلوك إلى حالات التَّوَحُّد أو الذاتوية الشديدة ، وفي هذه الحالات الشديدة ، يمكن أن يعجز الطفل تماماً عن التواصل أو التفاعل مع الآخرين ، لا يوجد شفاء من التَّوَحُّد أو الذاتوية ، ولكن المعالجة الباكرة يمكن أن تساعد الكثير من الأطفال على تحسين حياتهم "

ينظر " موسوعة الملك عبد العزيز العربية للمحتوى الصحي " على الرابط الآتي :

https://cutt.us/9jfo0

وبالرغم من اختلاف خطورة وأعراض مرض التوحد من حالة إلى أخرى ، إلا أن جميع اضطرابات الذاتوية تؤثر على قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به ، وتطوير علاقات متبادلة معهم .

ولكن لما كان هذا التفاوت حاصلا في درجات المرض ، ومستويات تأثر الطفل به ، كان لا بد من التفصيل في دخوله دائرة التكليف ، فنقول :

أولا :

إذا كان مرض التوحد قد بلغ بالمصاب به حدا يوصف فيه بالتخلف العقلي ، أو يفقد معه التمييز والقدرة على الحكم على الأشياء من حوله ، فلا شك بسقوط التكليف عنه في هذه الحالة ، وأنه يرفع القلم عنه ؛ فالعقل مناط التكليف ومحوره ، فإذا فُقِد لمرض أو خلل أو عارض ، زال التكليف نفسه ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ : عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) رواه أبوداود في " السنن " (رقم/4403) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

يقول الآمدي رحمه الله :

" اتفق العقلاء على أن شرط المكلف أن يكون عاقلا فاهما للتكليف ; لأن التكليف وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال ، كالجماد والبهيمة .

ومن وجد له أصل الفهم لأصل الخطاب ، دون تفاصيله من كونه أمرا ونهيا ، ومقتضيا للثواب والعقاب ، ومن كون الآمر به هو الله تعالى ، وأنه واجب الطاعة ، وكون المأمور به على صفة كذا وكذا ، كالمجنون والصبي الذي لا يميز ، فهو بالنظر إلى فهم التفاصيل كالجماد والبهيمة بالنظر إلى فهم أصل الخطاب ، ويتعذر تكليفه أيضا " .

انتهى من " الإحكام في أصول الأحكام " (1/150) .

ثانيا :

أما إذا لم تظهر أعراض التخلف العقلي على مريض التوحد ، وانحصرت العلة في العزلة ، أو النمطية ، أو ضعف الإحساس بالأشياء ، أو ضعف فهم اللغة وأساليبها ، ولم تخرج عن هذا الإطار ، ففي هذه الحالة يبقى التكليف الشرعي ، ويؤاخذ هذا العبد بأقواله وأفعاله في الدنيا والآخرة .

فالمرض في هذه الحالة لم يفقد المريض قدرته على تمييز الصواب من الخطأ ، والصلاح من الفساد ، والخير من الشر ، والمعروف من المنكر ، والإحسان من الجريمة ، وهذا القدر من " العقل "، و " التمييز "، هو مناط التكليف والسؤال بين يدي الله سبحانه ، فإذا كان مريض التوحد يدرك أن السرقة شر وفساد وجريمة ، ثم أقدم عليها ، فهو مسؤول عن ذلك كله .

ثالثا :

أما إذا اضطرب حال المريض ، فمرة يفقد قدراته الإدراكية ، وأخرى يسترجعها ويكون قادرا على تمييز تصرفاته وضبطها ، ففي هذه الحالة يحكم له بالتكليف حال إدراكه وتعقله ، ويسقط عنه التكليف حال طروء العلة به .

ومثل ذلك : لو أدرك أمرا معينا ، وغاب عنه إدراك أمر أو أمور ؛ فإنه يكلف بما أدركه ، ويسقط عنه التكليف فيما عجز عن إدراكه .

وهذا كله من مقتضى عدالة الشريعة المطلقة ، يدل عليه قول الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) القصص/59، وقال عز وجل : ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) الأنعام/131.

وهذا التفاوت في التكليف ليس بمستنكر ، بل يقع حتى للإنسان السوي العاقل ، حيث يسقط عنه التكليف حال نومه أو نسيانه أو فقدان وعيه ، ونحوها من العوارض التي تؤثر في الأهلية ، والفقهاء تحدثوا عن الذي يُجن أحيانا ويُفيق أحيانا أخرى ، كما تحدثوا عن " العته " باعتباره علة تصيب العقل ، فتُفقده إدراكه في كثير من الأحيان .

والقاعدة في جميع هذه الصور : أن حال توافر العقل المدرِك يقع التكليف والمسؤولية ، وحال فقدانها يسقط التكليف ، وحال طروء الخلل عليها يحاسبه الله عز وجل بعدله المطلق .

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :

" مورد التكليف هو العقل ، وذلك ثابت قطعا بالاستقراء التام ؛ حتى إذا فقد ارتفع التكليف رأسا ، وعد فاقده كالبهيمة المهملة ، وهذا واضح في اعتبار تصديق العقل بالأدلة في لزوم التكليف "

انتهى من " الموافقات " (3/209) .

وجاء في كتاب " التقرير والتحبير " لابن أمير حاج الحنفي (2/ 176) تعريف " العته " بقوله :

" آفة ناشئة عن الذات ، توجب خللا في العقل ، فيصير صاحبه مختلط الكلام ، فيشبه بعض كلامه كلام العقلاء ، وبعضه كلام المجانين ، فلا تجب العبادات عليه ، كما لا يجب على الصبي العاقل أيضا ، كما هو اختيار عامة المتأخرين ، و[لا تجب] العقوبات [عليه]، كما لا تجب على الصبي العاقل أيضا ، بجامع وجود أصل العقل ، مع تمكن خلل فيه فيهما ، دفعا للحرج " انتهى.

وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (المجموعة الثانية 5/ 21) - وقد سئلت عن فتاة تصاب من حين لآخر بنوبات الصرع الهستيري ، وتفكيرها محدود ، بمعنى : أنها تفكر وتتصرف بعقول الصغار – فكان الجواب :

" إذا كانت هذه الفتاة تعقل أحيانا : فيجب عليها أداء الواجبات الشرعية من صلاة وصيام وغيرها حال عقلها ، وأما في حال غياب عقلها فإنه لا يجب عليها شيء من التكاليف الشرعية ؛ لحديث : ( رفع القلم عن ثلاثة ) . . . وذكر منهم : ( وعن المجنون حتى يفيق ) .

ويجب على والديها الإحسان إليها ، والرأفة بها ، وتعليمها ما تحتاج إليه من أمور دينها ودنياها ، وأهم ذلك أمرها بالصلاة وتعليمها ما يلزم لها من الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر وهم مأجورون على ذلك " انتهى.

عبد العزيز بن باز – عبد العزيز آل الشيخ – بكر أبو زيد .

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

" هناك رجل ضعيف العقل ولكنه ليس مجنونا، إلا أنه لا يستطيع التمييز بين أشياء كثيرة ، فهو لا يستطيع العد من الواحد إلى العشرة مثلا مهما حاولنا معه ، هل يجب على مثل هذا الرجل الصيام والصلاة وضبطها عليه ، حيث إنه يكلف ببعض الأعمال ، مما يؤدي إلى عطشه كالرعي ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا " .

فأجاب رحمه الله :

" إذا كان يعقل أن الله أوجب عليه الصوم والصلاة ، يفهم أنه خلق ليعبد الله ويميز فيما يتعلق بماله في ضبط ماله والتصرفات في ماله ، فهذا من العقلاء يلزمه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه من صلاة وغيرها .

أما إن كان عقله قد اختل ، وتبين خلل عقله ، وأنه من جملة المعتوهين الذين ليس لهم عقل يميزون به بين الحق والباطل ، أو بين الخير والشر ، وبين ماله ومال غيره ، ونحو ذلك .. سقطت عنه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن الصغير حتى يبلغ ) .

فالذي يشبه المجنون بعدم ضبطه للأمور ، وعدم حسن التصرف لأن عقله مفقود : فلا تكليف عليه."

انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (6/14-15) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله ، أيضا :

" إذا كان لدي أخ أصم وأبكم فهو لا يسمع ولا يتكلم كما هو معلوم ، وطبعا لا يعرف شيئا عن الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة ، ولا يعرف شيئا عن أحكام الإسلام ، ولا يعرف شيئا من القرآن. كيف يكون التوجيه والحالة هذه ؟

فأجاب :

" هذا لا بد أن يفعل معه ما يعلم به عقله بالإشارة إذا كان بصيرا ، وينبغي أن يعلم الصلاة بالفعل؛ فيصلي عنده وليه أو غيره ، ويشار له أن يفعل هذا الفعل ، مع بيان الأوقات بالطريقة التي يفهمها ، أو بتعليمه الصلاة كل وقت بالفعل بعد أن يعلم أنه عاقل ، ويكتب له إن كان يعرف الكتابة حقيقة العقيدة الإسلامية ، وأركان الإسلام مع بيان معنى الشهادتين ، وهكذا بقية أحكام الشرع توضح له كتابة .

ومن ذلك أحكام الصلاة من الوضوء والغسل ومن الجنابة ، وبيان الأوقات ، وأركان الصلاة وواجباتها وما يشرع فيها ، وبيان السنن الراتبة ، وسنة الضحى والوتر إلى غير ذلك مما يحتاجه المكلف لعله يستفيد من الكتابة .

ومتى علم عقله بأي وسيلة : ثبت أنه من المكلفين إذا بلغ الحلم بإحدى علاماته المعلومة، ولزمته أحكام المكلفين حسب علمه وقدرته .

أما إن ظهر من حاله أنه لا يعقل : فلا حرج عليه ، لأنه غير مكلف ، كما جاء في الحديث الصحيح: « رفع القلم عن ثلاثة: الصغير حتى يبلغ ، والمعتوه حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ » "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (5/ 281) .

والخلاصة :

أن مريض التوحد لا يحكم عليه بحكم مطلق ، بل كل حالة بحسبها ، فإن لم يفقد قدراته العقلية التي يميز بها بين الخير والشر ، والصواب والخطأ ، فهو مكلف ، مؤاخذ على أقواله وأفعاله ، وحسابه عند ربه . أما إذا فقد تلك القدرات ، أو ضعفت واختلت ، سقط عنه التكليف شرعا ، ووجب على من حوله مراعاة ذلك في أمره ونهيه وتعليمه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-06-18, 14:14   رقم المشاركة : 90
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الذي يحج عن غيره هل يأخذ مالاً؟

وهل يدعو لنفسه؟

وهل الأجر كاملاً؟


السؤال

في حالة الحج بالإنابة عن شخص ما ، هل ينصرف أجر الذِّكر والدعاء في الطواف والسعي ويوم عرفة للشخص المنيب أم للشخص الذي يقوم بالحج ؟ وهل يجوز للذي يحج عن غيره أن يدعو لنفسه ولأهله خلال الحج في الطواف أو السعي أو يوم عرفة أم لا ؟ وما هي الأعمال التي يمكن أن يقوم بها من يحج عن غيره خلال الحج ويكون ثوابها له ؟

وهل له أجر أم أن أجره المال الذي أخذه مقابل الحج فقط ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً :

الحج بالإنابة ثابت في السنَّة الصحيحة عن المريض في بدنه العاجز عن الوصول لمكة لأداء المناسك ، وعن الميت الذي لم يحج ، بشرط أن يكون النائب حج عن نفسه أولاً .

ولا يجوز الحج عمن لا يستطيع الحج إذا كان عذره مؤقتا ويرجى زواله ، كامرأة لا يوجد محرم لها يسافر معها ، أو رجل ليس عنده إثبات شخصية ، أو رجل تمنعه دولته من السفر ، فهؤلاء يمكن أن تتغير أحوالهم ، وتتبدل ظروفهم إلى أن يستطيعوا القيام بالنسك بأنفسهم ، بخلاف العاجز في بدنه عجزاً مزمناً .

ثانياً :

لا يجوز لمن يحج عن غيره أن يكون قصده المال ، فليست العبادة عرضة للتجارة ، ولا من مجالات الربح ، والأفضل لمن أراد أن يحج عن غيره أن يتبرع بها كاملة من غير أن يأخذ مالاً ، وهذا له أجر عظيم ، وهو في أعلى المراتب ، كما يجوز أن يطلب من أهل من سيحج عنهم تكاليف السفر وأداء المناسك ، دون أن يستوفي زيادة على قدر تلك التكاليف ، إلا أن يعطوه شيئاً منهم عن طيب نفسٍ منهم ، وله أجر على فعله ذاك ، وهو في أوسط المراتب ، وأما من قصد بالحج عن غيره المال والدنيا : فلا ثواب له على عمله ذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"الحاجَّة عن الميت : إن كان قصدها الحج ، أو نفع الميت : كان لها في ذلك أجرٌ ، وثواب ، وإن كان ليس مقصودها إلا أخذ الأجرة : فما لَها في الآخرة مِن خلاق [أي : نصيب]" انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 26 / 18 ) .

وقال رحمه الله :

"الحاج عن الغير لأن يوفي دَيْنه : فقد اختلف فيها العلماء أيهما أفضل ، والأصح : أن الأفضل : الترك ؛ فإن كون الإنسان يحج لأجل أن يستفضل شيئاً من النفقة : ليس من أعمال السلف ، حتى قال الإمام أحمد : ما أعلم أحداً كان يحج عن أحدٍ بشيءٍ ، ولو كان هذا عملاً صالحاً : لكانوا إليه مبادرين ، والارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين ، أعني: إذا كان إنما مقصوده بالعمل اكتساب المال .

وهذا المَدين يأخذ من الزكاة ما يوفي به دَيْنه خير له من أن يقصد أن يحج ليأخذ دراهم يوفي بها دَيْنه ، ولا يستحب للرجل أن يأخذ مالاً يحج به عن غيره إلا لأحد رجلين :

إما رجل يحب الحج ، ورؤية المشاعر ، وهو عاجز ، فيأخذ ما يقضي به وطره الصالح ، ويؤدي به عن أخيه فريضة الحج .
أو رجل يحب أن يُبرئ ذمَّة الميت عن الحج ، إما لصلة بينهما ، أو لرحمة عامة بالمؤمنين ، ونحو ذلك ، فيأخذ ما يأخذ ليؤدي به ذلك .

وجِماع هذا : أن المستحب أن يأخذ ليحج ، لا أن يحج ليأخذ ، وهذا في جميع الأرزاق المأخوذة على عمل صالح ، فمن ارتزق ليتعلم ، أو ليعلِّم ، أو ليجاهد : فحسن ... .

وأمَّا من اشتغل بصورة العمل الصالح لأن يرتزق : فهذا من أعمال الدنيا ، ففرق بين من يكون الدين مقصوده ، والدنيا وسيلة ، ومن تكون الدنيا مقصوده ، والدِّين وسيلة ، والأشبه : أن هذا ليس له في الآخرة مِن خلاق ، كما دلت عليه نصوص" انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 26 / 19 ، 20 ) .

وسئل الشيخ عبد العزيز باز رحمه الله :

هل الحج عن الآخرين مشروع على الإطلاق أم خاص بالقرابة ؟ ثم هل يجوز أخذ الأجرة على ذلك ؟ ثم إذا أخذ الأجرة على حجة عن غيره فهل له أجر في عمله هذا ؟ .

فأجاب :

"الحج عن الآخرين ليس خاصّاً بالقرابة ، بل يجوز للقرابة ، وغير القرابة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شبَّهه بالدَّيْن ، فدل ذلك على أنه يجوز للقرابة ، وغير القرابة .

وإذا أخذ المال وهو يقصد بذلك المشاهدة للمشاعر العظيمة ، ومشاركة إخوانه الحجاج ، والمشاركة في الخير : فهو على خير إن شاء الله ، وله أجر .

أما إذا كان لم يقصد إلا الدنيا : فليس له إلا الدنيا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) متفق على صحته" انتهى .

" مجموع فتاوى ابن باز " ( 16 / 423 ) .

ثالثاً :

إذا حج الإنسان عن غيره فإنَّ أجر المناسك من طواف وسعي والوقوف بعرفة ومزدلفة وغيرها هو لمن جُعل الحج له ، وأما الصلاة والدعاء : فهما لمن قام بالحج إلا ركعتي الطواف فهما تابعتان للحج لأنهما من المناسك ، والأفضل أن يشرك معه في الدعاء من يحج عنه ، ويُرجى أن يكون للمحجوج عنه أجر تلك الصلاة والدعاء ؛ لأنه السبب في طاعة من قام بالحج .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"الذي يحج عن غيره : إنما يجعل الحج وما يتعلق به للغير ، أما الدعاء : فهو لنفسه ، ولكن من الأحسن أن يشرك غيرَه ، أي : يشرك الذي حج عنه ، أو اعتمر ، بالدعاء ، فيقول : اللهم اغفر لمن كانت له هذه الحجة ، أو كانت له هذه العمرة ؛ اغفر له ولي ، وارحمنا ، ويدعو بما يشمل نفسه ، ومن أعطاه المال ليحج به ، أما بقية الأفعال كالطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمرات ، والمبيت بمنى ، وطواف الوداع : فكل هذا للذي حج عنه ، وليس له منه شيء" انتهى .

" اللقاء الشهري " ( 16 / 15 ) .

وسئل الشيخ رحمه الله : شخص حج عن غيره ولكنه ظل يدعو لنفسه في الحج دون غيره ؟ .

فأجاب :

"لا حرج في هذا ، يعني : لو أن الإنسان حج عن غيره ، ولكنه عند الميقات قال : " لبيك عن فلان " ونوى أن هذا النسك لفلان ، وكان في طوافه وسعيه ووقوفه بعرفة يدعو لنفسه : فحجه صحيح ؛ لأن الدعاء ليس شرطاً في صحة الحج ، ولكننا نرى أن الأولى : أن يدعو لنفسه ولأخيه ؛ لأن أخاه هو الذي تكفل بمؤونة الحج ، فلا يحرمه من الدعاء ، وأما النسك : فقد تم بدون دعاء" انتهى .

" لقاءات الباب المفتوح " ( 88 / السؤال رقم 9 ) .

رابعاً :

اختلف العلماء فيمن حجَّ عن غيره ، هل يأخذ أجر الحج عن غيره وعن نفسه ، ويرجع كيوم ولدته أمه أم أن هذا فقط للمحجوج عنه ؟ ولا شك أن هذا الخلاف هو فيمن حج عن غيره ولم يكن قصده بذلك تحصيل المال ، والذي ذكرناه عن الشيخين ابن باز والعثيمين أن له أجراً ، لكن ليس كأجر الحج عن نفسه –

فقد سئلوا عن الرجل الذي يحج بأجرة عن ميت ؛ سواء كان رجلا أو امرأة ، أو عن عاجز ، لكبر سنٍّ ، أو مرض لا يرجى برؤه ، هل هذا المؤجر له أجر من الله ؟ .

فأجابوا :

"مَن حجَّ أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها : فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه ، ويُرجى له أيضا أجر عظيم ، على حسب إخلاصه ورغبته للخير ، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات : فإنه يُرجى له خيرٌ كثيرٌ إذا أخلص عمله لله" انتهى .

الشيخ عبد العزيز باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 11 / 77 ، 78 ) .

وخالف بعض العلماء في ذلك ، فقالوا بأن له ولمن حج عنه الأجر كاملاً ؛ لعموم حديث ( مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوم وَلَدَتْهُ أُمُّهُ ) متفق عليه ، وإذا كان ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) كما صحَّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : فأولى لمن قام بالفعل حقيقة أن يأخذ الأجر كاملاً .

وفضل الله تعالى واسع ، يعطي من يشاء بغير حساب .

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه الفقه الاسلامي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:15

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc