السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم تارك الصلاة
س:شخص يسأل عن حكم التعامل مع أخيه الذي لا يصلي؟
ج:إن الإسلام دين الله على هذه الأرض،قال سبحانه وتعالى:" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ"سورة آل عمران:19،وقال أيضا:" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"سورة آل عمران :85،وقد قسم أهل العلم الدين الإسلامي إلى عدة مراتب،منها:عقيدة،شريعة وسلوك،ومنها:إلى إيمان وإسلام ،وإحسان،فجزء الشريعة يشمل الأركان الخمسة التي يبنى عليها هذا الدين الحنيف،ثاني هذه الأركان هو ركن إقام الصلاة،فتصور بيتا مهددا بالسقوط أو التصدع؟،فكذلك الصلاة بالنسبة لدين المرء،فهي دليل صلاح تدين العبد،ودليل استقامته.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن أول ما يحاسب عليه العبد من عمله الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح ونجح ، وإن فسدت فقد خاب و خسر"(1).
ويكفي تارك الصلة مخوّفا وزاجر ورداعا اختلاف العلماء في كونه مسلما أم كافر،فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"بين العبد والكفر ترك الصلاة"(2)،ولقد ذهب الإمام مالك-رحمه الله-إلى أن تارك الصلاة يستتاب وإلا يقتل،فليبادر العبد إلى إقام الصلاة إن كان تاركا لها أو مستهينا بها،قال تعالى:" فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ"سورة الماعون: 4-5،والمعنى:الويل والخسارة لمن كان يصلي لكن يؤخر بعضها عن وقتها بدون عذر،وكيف حال من لا يصلي مطلقا إن كانت هذه حال من يصلي ويؤخرها عن وقتها؟ !!!،قال صلى الله عليه وسلم:"من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله"(3).
والصلاة مفتاح كل خير،وتركها مفتاح كل شر،قال تعالى:" وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ"سورة البقرة:45،وقال سبحانه وتعالى:" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى"سورة طه:132،وقال عز وجل:" وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ"سورة هود:114. وقال صلى الله عليه وسلم:"الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر"،وقال صلى الله عليه وسلم:"أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات،هل يبقى من درنه شيء؟قالوا:لا يبقى من درنه شيء،قال"فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو بها الخطايا"(4).
أما عن كيفية التعامل مع تارك الصلاة،فينبغي أن تكون مؤسسة على اللين والرحمة والحكمة،فما كان اللين في شيء إلا زانه وما انتزع من شيء إلا شانه،وقال عزوجل:" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"سورة النحل:125،وقال أيضا:" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ"سورة آل عمران:159،وقال تعالى:" وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"سورة فصلت:34.
فينبغي على المسلم أن يتجمل بأخلاق القرآن وآداب الإسلام حتى يكون قدوة يدعو إلى دين الله وإلى عبادة الله بالامتثال قبل المقال، وينبغي أن تكون الدعوة علمية مؤسسة على الدليل حتى تؤتى ثمارها بإذن ربها،أما أن تكون الدعوة مجرد رفع للأصوات حتى داخل المساجد ومجرد هجر ضرب،فذاك لعمرك الجهل المركب بعينه،والله أعلم.
(1):رواه الترمذي(513) وابن ماجة(1425-1426).
(2):رواه مسلم(82) والإمام أحمد(14979) وغيره وهو صحيح كما في صحيح الترغيب523.
(3):هو بهذا اللفظ وهم من الراوي الأوزاعي،كما قال محققوا مسند الإمام أحمد(38/157-159) تحت الحديث (23055).والمحفوظ هو بلفظ "من ترك العصر فقد حبط عمله" رواه البخاري(553).
(4):أخرجه البخاري(528) ومسلم(667).