تبدأ القصيدة الملحمة بشبح رجل جليل يجر أذيال برنوسه الأبيض كفرسان الأساطير، لحيته البيضاء وجبينه الساطع كأنه منحوت من فضة، يأتي الشبح يتخطى سدوف الزمن وينتصب لشاعرنا لروي حكايته قائلا:
“واحترت أناكي نابل
ذا الطيف اللي جاي عاجل
شيخ من العربان فاضل
وطرق حزني خفا وحيّاني بسلام
حتى لومه كان هايل
قالي علي بالقضا جارت الأحكام
راني بين الناس حافي
فارس وحديثه مرصع
ختم فوق القلب وطبع
وحكى لي قصة تروع
عقلي وسط حكايته في لحظه هام
قال جبيني كان يسطع
غير إذا كان غيرت وجهى الأعوام
ضاعت في الغربة أوصافي”
ويعود محمد بوزيان بالقارئ، عبر الشخصية المجسدة لـ”بابا مرزوق“، إلي عصور مختلفة من تاريخ الجزائر، بدءا بالعهد الزاهر للدايات والباشاوات الذين حكموا البلاد قبيل الاحتلال الفرنسي، مرورا بأبطال المقاومة الشعبية بعد الاحتلال الفرنسي، ووصولا إلي عصرنا الحاضر، حيث تأسف الكاتب لتنكر الجيل الجديد لتضحيات الاجداد.
وذكر الشاعر أنّ الجيل الجديد لم يقدر هذه التضحيات حق قدرها، فراحوا يتقاتلون فيما بينهم، في إشارة واضحة إلي سنوات الأزمة الوطنية، حيث ضمّن كتابه بعض النصائح للجيل الجديد قصد تثمين تضحيات الاجداد في سبيل الحرية، نذكر منها مايلي:
كانت لي زمان صولة
جاملها خصلة وطولة
فرساني كلها فحولة
كنت الدرع علي الرعية والحكام
غنمت مع الأحباب جولة
كنت سلاح العز كي كانت الأيام
صاعي كان زمان وافي