وما جنى الاهتمام بالنِّسب و الأرقام إلّا ضعف المستوى المعرفي لدى المتعلّمين ،
إذا كانت النّسبة المحقّقة ترضي القائمين على شؤون التعليم يتساءلون : من ذا يدير تلك المدرسة أو المتوسطة أو الثانويّة ؟
من هو المدير الكفء المتميّز الذي جنى ذلك؟
وإن كانت النسبة قاب قوسين أو أدنى : يتوّعدون و وينظرون ذات اليمين وذات الشمال : من هو المعلّم أو الأستاذ الذي جلب للمدرسة العار ، وشقّ عصا الطّاعة و هتك الستار؟
فيَنْقَضّون عليه انقضاض الجوارح في وضح النهار؟
أذكرُ أنني يوم كنت مستخلفا في غابر الأزمان ، كان حظّي من الاستخلاف أن شغلت منصب أستاذ التعليم المتوسط عدّة سنواتٍ (وكنت مستخلفا في التعليم الابتدائي أيضا )، وقُدِّرَ لنا نحن ألأساتذةَ أن حققنا نسبة عالية ، بفضل الله تعالى ، في امتحان نهاية مرحلة التعليم المتوسط ، فأشرت إلى زملائي المستخلفين أَنْ أحضروا شهاداتكم ودوّنتُ المعلومات في قائمة و قصدت مدير التربية ناطقا باسم زملائي بحُكم أنني كنت متخرّجا في الجامعة بسنوات قبلهم ، فحدثت مدير( تربيته ) قائلا: إننا نعمل في مؤسسة تقع في منطقة نائية و جلُّ طاقمها مستخلفون ، و قد حققنا نسبة رائعةً وأطنبت في الحديث ، أشكو إليه حالنا ، فقاطعني وقد أومأت عيناه بالعُجب و الإطراب قائلا : نعم وأنا الذي أذعت النتائج في مؤسستكم و وووووو ،أوَمُصدّقوني إن قلت لكم ، أقسم بالله لم ينطق ببنت شفة بكلمة شكر وعرفان ، فقلت له : نريد منك سيادة مديرهِ أن تكون عوناً لنا وسندا ، فقال بصوت عالٍ : هذا كلام خطير ، أَتريد أن تَزُجَّ بي في السجن ؟ فقلت له : انا أقصد أن تكون عونا لنا في إنصافنا في المسابقات و تزكيتنا بحكم خبرتنا وتجربتنا في عقود الاستخلاف ،وبحكم منصبك بصفتك مسؤولا فلا يُرَدُّ لك طلب .
لكن الرجل قال : اجتازوا المسابقة وتوكلوا على الله . فقلت له و الغضب يساورني : لا ترشدني إلى التوكل إلى الله ،أنا أعلم ذلك والحمد لله ، لا مشيئة لبشر في تقرير مصائرنا.
لعلّ ما ذكرته هو تسلية لكم و أُنسٌ لكم حين حاصرتكم الهموم ،
الحمد لله ، نعمل بتوفيق الله ، و نسعى لنكون مخلصين و نُحَكِّمَ الضمير ، ولا نلتفت إلى قول فلان وعلّان.
اللهم أعنّا و اجعلنا من الذين يستمعون إلى القول فيتبعون أحسنه.