اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة raouf 05
بارك الله فيك أخي سعيد ولو تعلم كم أسعدني ردّك، وما أسعدني أكثر أنّ عبارات الشكر والمديح قد بلغتني من أكثر الأشخاص المحترمين في المنتدى والحمد لله ربّ العالمين على هذه النّعمة.
أولا أخي العزيز أعلمك أنّ ما يدفعني لإنجاز مثل هذه البحوث ليس لأنّني باحث أكاديمي أو عالم أو شيء من هذا القبيل ولكن صدّقني إذا قلت لك أنّه بدافع الضمير الحيّ من مواطن جزائري بسيط من جهة، ومن جهة أخرى حتّى لا أبدو متحاذقا بدافع ميولاتي الشخصيّة إلى التّاريخ بصفة عامة وإلى دراسة الأنساب بصفة خاصة، والذين أجد فيهما كلّ متعتي ويشغلان جزءا كبيرا من حياتي الشّخصيّة. ولكلّ انسان ميولاته وما تشتهيه نفسه كما تعلم.
وأذكر أن اهتمامي بهذا الإختصاص بادئته كانت صدفة فقط حيث وجدت أثناء تجوالي في أحد المعارض من بين الكتب المعروضة تاريخ ابن خلدون الذي استوقفني، وبعد أن فتحته في الحقيقة بهرني ما يحتويه من تاريخ وأنساب ومشجّرات حول القبائل الأمازيغيّة والعربيّة، حيث لم يهدأ لي بال حتّى قمت بشراء في ذلك الحين. وكان ذلك منذ سنوات عديدة.
ثمّ أريد أن أوّضح لك ما قصدت بقولي بدافع الضمير الحيّ لأنّ ذلك في الحقيقة يحتاج إلى كلام كثير
بعد ان اطلّعت على تاريخ ابن خلدون، حاولت الإطّلاع على بعض الكتب العربيّة والتّي كنت أرى أنّها حتما ستكون مكمّلة لتاريخ ابن خلدون وستضفي الكثير من التوضيحات خاصة حول الفترة الطويلة الفاصلة بين عبقرية ابن خلدون التّي أتت على كلّ شيء وبين زمننا هذا، ولكنني وبعد اجتزت العدّة اللازمة لتصفّح تلك الكتب والإحاطة بما تحتويه، وقعت في خيبة أمل كبيرة جدّا ؟! هذه الكتب التّي أصفها جملة وبكلّ تواضع أنّها لا تستحقّ حتّى أن توصف بأنّها كتب تاريخ، بل إنّها حسب رأيي دائما وصمة عار وإهانة في حقّ التّاريخ ومن كلّ النواحي كذلك.
ولست أبالغ إذا قلت لك أنّ تلك اللحظة هي التّي اكتشفت فيها شيئا جديدا عنّي وهو أنّ الجزائر دولة متخلّفة !!!
فمن النّاحيّة العلميّة لا تجد أي استقراء أو ابداع أو جديد يذكر بل أكثر أولئك المسّمون زورا مؤرخّين تجدهم لا يحسنون إلا اجترار ما أتي به من قبلهم وإعادته على طريقة كوبي كولي اليوم.
ترى في المكاتب كتاب بعنوان ضخم جدّا ألا وهو تاريخ القبائل الأمازيغية في الماضي والحاضر والمضارع والأمر وبطونها ومواطنها وأنسابها ووووو، ثمّ عندما تتطلع عليه وذلك طبعا بعد أن تشتريه بمبلغ ينزع اللحم عن العظم تجد ذلك المؤّرخ ينقل ما جاء به ابن خلدون حرفيّا، وكلّ كتابه عبارة عن نقول طويلة مكرّرة عن ابن خلدون فقل لي ألا تصاب بحالة نفسيّة تسمّى الإحباط بعد ذلك ههههههه ؟
وفي حالة أخرى تجد الكثير من الكتب خاصة العربيّة غارقة بالعاطفة والأحاسيس ومجانبة تماما للموضوعيّة والواقعيّة التّي يجب أن يكتب بها التّاريخ، وأكثر من يكتبها هم أصحاب الأيديولوجيّات العروبيّة، والذّين يقومون بتمجيد العرب وطمس تاريخ غيرهم من الأمم خاصّة الأمازيغ الذين جعلهم الكثيرون مزبلة للتّاريخ، فإن ذكر لهم مجد ما يوما حاولوا نسبته للعرب وإن لم يستطيعوا ذلك يلجؤون إلى أسلوب الطمس تماما أو على الأقل التّقليل من ذلك الإنجاز والمرور عليه مرور الكرام ويتعاملون مع العرب بمكيال مختلف وهو أنّ تاريخهم كلّه بطولات وإنجازات وفتوحات وشرف وعظمة ومروءة وقوّة وووو وغير ذلك من تلك العبارات الفضفاصة التّي لا تزال تمتلئ بها عقول الكثيرين إلى اليوم وويغرقون تلك الكتب بأبيات الشعر وقصص البطولة الوهميّة حتّى يحرّكوا مشاعر القوم.
ومن ناحيّة ثالثة تجد نوعا آخر وهو ما أشبّهه أنا بكتب القراءة المملّة في المرحلة الإبتدائيّة وهي تلك التّي تتحدّث عن قبائل الأشراف التّي لا تعدّ ولا تحصى، والبعض من تلك القبائل مذكورة في أمّهات كتب التّاريخيّة التّي لا يعدل بها عن غيرها أنّها عربيّة أو أمازيغيّة، تجدها في نفس هذه الكتب من أصل شريف فمن نصدّق نحن ؟ مثلا في هذا الموضوع كيف أصبح راشد بن محمد بن واسين بن جانا بن مادغيس بن مازيغ، راشد بن إدريس بن علي بن أبي طالب بن عدنان بن اسماعيل ؟ والمشكلة أنّ الأغلبية يصدّقون النّسب الثّاني بدافع العاطفة ويتزاحمون على هذا النسب الشريف ربمّا لأنّ النّسب الأول حقير حسب فهمهم ؟
هذه الكتب كنت أتألم عندما أقرءها وأحيانا لا أستطيع اكمالها لتقززي من بعض ما جاء فيها وكي لا أضيع وقتي الثمين معها.
نقطة أخرى وهي أنّ هنالك جهل عام فيما يتعلق بالأمازيغ بصفة عامة وتاريخهم بصفة خاصة، فأغلب الجزائريين للأسف الشديد يعتقدون أنّ الأمازيغ أو البربر هم عبارة عن شعب في طريقه للإنقراض يعيش على طريقة العصر الحجري في جبال تيزي وزو، وأنّ البقيّة لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بهؤلاء البربر لأنّهم عرب أقحاح، وهذا الفكر الجاهلي هو نتيجة حتمية لتراكمات زمنيّة طويلة من الطمس والتزوير حتى فقد أولئك القوم كلّ ما يربطهم بماضيهم وأصبحوا شيئا هم ليسوا عليه في الحقيقة، وتجد بعضهم يحارب الأمازيغ والأمازيغيّة وهو منهم ولكنه لا يعلم ذلك، وبذلك يفعل به جهله ما لا يفعله العدوّ بعدوّه.
ولذلك أخي فأنا أحاول بهذا الجهد المتواضع أن أقوم بتصحيح بعض تلك المفاهيم والمغالطات دون أن يكون لي أي توجّه فكري ما، وهذه هي الحقيقة أي أنّ هذه المواضيع هي جواب منّي للذين يعتقدون أنّهم عرب أقحاح جهلا أنّ هذه حقيقتكم، وبعد ذلك إن شئتم أن تتّخذوا أي موقف مهما كان نوعه واتّجاه أي طرف كان فهو مقبول وصحيح لأنّه سيكون مبني على خلفية علميّة سليمة، وليس على الجهل والتّزوير كما كان موقفكم سابقا.
وأنا قلت في نفسي بما أنّه قد طال انتظارنا حتى بلغ بنا اليأس مبلغا عظيما وفقدنا الأمل في ظهور علماء أكفّاء يشيلون ثقل المسؤوليّة على أكتافهم ويحاولون توعيّة النّاس دون أن يخافوا لومة لائم، ولذلك قرّرت على الأقل أن أساهم بالشيء الذي أقدر عليه في ذلك حتى وإن أخطأت فحسبي أنّني اجتهدت ولي أجر إن شاء الله وأكون بذلك أفضل من الذّي لم يجتهد تماما وبخل بعلمه على إخوانه وعلى بلده.
وأبشرّك أنّني في المستقبل القريب إن شاء الله ستكون لي مواضيع جديدة أفضل من هاته التّي أنجزتها وسأكرس الكثير من وقتي وجهدي في سبيل ذلك وهدفي هو الحديث عن جميع القبائل الجزائريّة بحول الله والتعريف بها ولا أبتغي بذلك أيّ أجر ولذلك أضعها في المنتدى، وأضع المصادر التّي استقيت منها معلوماتي بين يدي الإخوة والتّي يمكنهم الرجوع إليها للتأكّد بأنفسهم فهي أغلبها موجودة على الإنترنيت، ويمكنهم الإطلاع عليها. هذا من باب الأمانة العلمية فقط.
واعذرني إن كنت تكلّمت كثيرا لأنّني أرى أنّ كلّ الكلام الذي قلته فهو غيض من فيض فقط.
بالنّسبة لقبيلة الحشم فأعتقد أنّ العلامة ابن خلدون قد كفّى ووفّى في حديثه عنهم وأصلهم فهم من زناتة لا نقاش في ذلك وحتّى الرويات الشعبيّة تشير إلى ذلك.
أما أنّ اسمهم مشتق من الحشمة فهذه مجرّد اجتهادات وخرافات كانت شائعة قديما قبل أن يتطوّر العلم ويبطلها تماما.
ولو أنّنا انسقنا واء مثل هذه الإدعاءات التّي لا يصدّقها عاقل فلن ننتهي أبدا، فمثلما أنّ هوّارة أصلها من التّهور وغمارة أصلها من غمر ومديونة أصلها من مدّ المؤونة فكذلك الحشم أصلها من الحشمة والحياء ما الفرق بين هاته وتلك ؟
أما الخطأ الشائع في اسم هذه القبيلة والتّي يكتبها البعض "هاشم" فسببه أنّ هؤلاء قاموا بنقل تلك الكلمة من الفرنسيّة إلى العربيّة فوقعوا في الخطأ فهي تكتب بالفرنسيّة هكذا hachem وعندما عرّبوها كتبوها بحرف الهاء هكذا بكلّ بساطة.
|
بسم الله الرحمان الرحيم
موضوع متكامل و بمصادره المحترمة شكرا لك أخي رؤوف