الدكتور محمد مراح
(((شارلي حدة إيبدو!)))
نبهني أخي الأستاذ عمر قبلة جزاه الله خيرا لمقال رئيسة تحرير جريدة الفجر الجزائرية حدة حزام، الصادر يوم 5\2\2015م، بمناسبة قضية الطيار الأردني رحمه الله، وضعت فيه كل ما حبته به شياطينها من جهالة ونزق وعنجهية وقلة أدب، فنفثت فيه حقدا دفينا في قلبها عن الإسلام ورموزه التاريخية، بدءا من الخلفاء الراشدين، واعتقدت أنها فتحت في النقد التاريخي بابا غير مسبوق، بينما من يقرأ المقال يجده مملوءا جهلا مركبا؛ ففي أي مرجع قرأت هذه البغلة النافرة الجاهلة أن الخلفاء الراشدين قتلوا مخالفيهم من الشيعة؟ فهل ظهر التشيع في عصرهم حتى يقتلوا أهله؟
أما افتراؤها على أحكام الإسلام بالوقاحة والتردي الخلقي الذي اندلق من قلمه النتن، فدليل على أمرين، أولهما: الترصد للإسلام كي تنال من شريعته وكتابه في أول فرصة اعتقدت أنها مناسبة. والأمر الثاني: أننا إزاء حالة من مخلفات الحقبة الماركسية في الجزائر، التي كان الماركسيون فيها يتفننون في النيل من الإسلام والقرآن بأحط الأساليب التي يبدو أمامها ما يفعله اليوم أعداؤه من الغربيين، وما فعله بعض الجنود الأمريكيين في غوانتنامو من تدنيس للقرآن الكريم، أنهم تلاميذ في مدرسة الماركسيين الحمر في الجزائر في حقبة السبعينيات.
فالجيل الذي عاش تلك الحقبة في بعض الجامعات الجزائرية، ومنها جامعة قسنطينة، لا زالت تحضر في أذهانهم جريمة ضبط ثلة من الماركسيين وقد دنسوا المصحف الشريف في المراحيض. ومن هؤلاء من أصبح اليوم في مراتب عليا في الدولة.
المقال لا يتضمن أي شيء يستحق الرد عليه بمنطق العلم والمعرفة والأدلة؛ لأنه عبارة عن حالة رفس بغلي تملكت هذه البغلة التي تمسك قلما وترفس به كما يعرف هذا الذين يتابعون مقالاتها.
لكن هذه الحال لا تعفيها من المسؤولية، مثلما لا تعفينا من تقدير خطورة ما صدر منها؛ لأنها حازت على الإذن القانوني كي تخاطب الرأي العام وتوجه رأيه واتجاهاته، وبالتالي ينبغي محاسبتها على هذا الجنون البغلي الذي داست بموجبه على دين الشعب وآذتهم في مشاعرهم الدينية ومقدساتهم، فجرمها لا يقل عن جرم الرسوم المسيئة للإسلام ونبيه، منذ برزت هذه الحركة الشيطانية الصهيونية في أوروبا.
وما شجعها على هذا الرفس البغلي، المواقف النذلة والنصرة الوقحة من بعض الكتاب والمثقفين والإعلاميين لكمال داوود الذي احتقر الجزائريين ودينهم وثورتهم وتاريخهم، ثم التظاهر بالعصرنة ونصرة حرية الرأي في مسألة (شارلي )، والترفع والتكبر عن المشاركة في برامج تلفازية جزائرية تدين الشارليين مثلما تدين القتلة المفترضين.
بلغت الوقاحة ببعضهم أن رد على دعوات من مؤسسات إعلامية للمشاركة في تلك الندوات ببعث قصاصة كتب عليها الشعار الصهيوني الماسوني (أنا شارلي)، ولو دُعوا من مؤسسة إعلامية فرنسية للبوا زحفا، كي ينفثوا من صدورهم كل القاذورات التي يحاولون إخفاءها عن الذين لا يعرفونهم على حقيقته الفكرية والأيديولوجية. هذا الصنف الذين تعلوهم الهيبة والوقار كلما كانت الثورة ضد المساس بقيم ودين الأمة، تحت دعاوى حرية الرأي والإبداع الفني والأدبي.
أما يوسف الصديق الكاتب والباحث التونسي الذي ضربته مثلا للتنور والتحرر، فحسب القارئ أن أذكر له ما سبق لي عرضه في مقالي (مؤتمر الأنوثة الصوفية من الخلف ): وكذا آراؤه الغريبة حول القرآن الكريم، منها قوله في حوار لصحيفة تونسية: (هنالك أمثلة تكاد تكون لا متناهيّة في التشكيك في النص القرآني مثلما دار من خلاف بين عثمان وعائشة، و مصادر أخرى تتحدث عن ما بدل وغير.
اليوم على المسلم أن يعي وعيا تاريخيا بأنه مثلا حين أخذ المسلمون بتجميع القرآن مرة واحدة جاء حذيفة بن اليمان، ليشير إلى ثلاث آيات حفظها من عند النبي ونسي إسنادها إلى المصحف الذي أمر عثمان بجمعه، فوضعوها في آخر سورة التوبة، وهذا يحيل على اعتباطيّة واضحة وجليّة في جمع النص)، أي النهج الاستشراقي المعروف ،الذي عافه حتى الاستشراق الجديد الذي تغيرت اهتماماته البحثية.
وانظر قوله الغريب المؤيد لسلمان رشدي :"ما أتى به سلمان رشدي لم يكن تخمينات، بل وارد ومستقى من ابن إسحاق وابن هشام، وقد راجعه السهيري في رياض الألف. الآيات الشيطانيّة عموما وما حف بها من أحداث، تعد حسب تقديري كسبا كبيرا لفهم ما حدث لحظة تجميع القرآن، فالحاشيتان اللتان يريد المشايخ نفيهما لهما تناسق ظاهر مع بقيّة الآيات القرآنيّة من حيث الوزن، في حين أن هنالك في بعض الآيات والمواقع الأخرى انخراما في الوزن. ربما كان ذلك وحيا، ذلك لا يثير إشكالا إن تفطنا لما حف بالسياق. عموما اعتقد أن القيمة النظريّة لهكذا مسائلة، تبني قيمة الإسلام بكامله".
ما العمل يا ترى إزاء هذا الانحطاط والرفس البغلي؟ بمقتضى المسؤولية الشخصية، والمهنية والإعلامية وجب فضح جهلها وضحالتها الثقافية والفكرية، وتحميلها المسؤولية القانونية عن التجديف ضد الإسلام، وتعريض الاستقرار الاجتماعي للاضطراب بإفكها.
أما دعاة حرية الرأي والفكر، فحري بهم أن ينصحوا هذه البغلة الرافسة كي تتعلم وتتثقف قبل أن تحمل أمانة القلم ومخاطبة وتوجيه الرأي العام. فإن كان في الإسلام وجوب الحجر على المفتي الماجن، وجب الحجر على الجاهلة والجاهل، فلا يمكنون من مخاطبة الرأي العام من منبر إعلامي في مرتبة رئاسة وإدارة جريدة.
عن مجلة عربي21 الاثنين 09 فيفري2015