حلم أينشتاين

ميلود س · 2010-04-23, 16:37

النظرية النهائية..
حلم أينشتاين

نظرية كل شيء تحاول توحيد القوانين المتعارضة

في العقدين الأخيرين من حياة أينشتاين، حاول أن يضع نظرية تفسر كل شيء، بدءًا من الأبعاد، ونشأة الكون، ونهاية الكون، مروراً بالزمن، والانتقال الآني، والثقوب السوداء.. لقد حاول توحيد كل النظريات العلمية من خلال معادلةفيزيائية أو رياضية واحدة، ربما لم ينجح في هذا، لكنه وضع اللبنة الأساسية، فيماحاول المئات من العلماء حول العالم تشييد بقية البناء، وربما نشهد في الأعوامالقادمة تكوين هذه النظرية...

النسيج الأولي للكون..

كل شيء في الكون مكون من نفس المادة الأساسية، من أصغر جسيم حتى أكبر نجم في الكون، وهذه المادة هي التذبذب الهائل في جدائل الطاقة، مثلما كل شيء حي على كوكب الأرض من البكتيريا إلى الحوت الأزرق مكون من نفس المادة العضوية الأساسية.. النظرية بسيطةجدا ولكنها فتحت مجالات بحث معقدة جدا.

تموجات الطاقة في الكون تشبه تموجات السيمفونيةالموسيقية

الكون يشبه سيمفونية هائلة من التموجات، مثل السيمفونية الموسيقية، حيث يخرج من الآلات الموسيقية تموجات صوتية بأشكال مختلفةمكونة السيمفونية..

وبالمثل، في الكون تخرج تموجات الطاقة بأشكال مختلفةمكونة كل شيء في الكون، وكل شيء في النهاية يخضع لقانون بسيط واحد يفسر كل شيء،نظرية الجاذبية مثلا والتي اكتشفها "نيوتن" عام 1665، فسرت كيفية سقوط التفاحة من الشجرة إلى الأرض، وتفسر في نفس الوقت دوران القمر حول الأرض، وتفسر دوران الأرض حول الشمس، إذن يمكن إخضاع الحوادث الصغيرة والكبيرة لنفس النظرية، لأنها تنشأ فعلامن فكرة واحدة.

نيوتن وحد قوانين السماء والأرض من خلال قانون الجاذبية

وعندما نشر "إلبرت أينشتاين" بحثه عن النظريةالنسبية، أعلن أن أسرع شيء في الكون هو سرعة الضوء، ولكنه وجد أبحاثه تتعارض مع قوانين "نيوتن"، والذي أعلن أن دمار الشمس مثلا سيسبب انفراط عقد الكواكب "علىالفور" حولها بسبب تلاشي الجاذبية، كلمة "على الفور" هذه وقف أمامها " أينشتاين" طويلا، لا شيء آني في الكون، وضوء الشمس يأتي إلى الأرض عبر 94 مليون ميل ويستغرق 8دقائق للوصول، ومادام لا شيء أسرع من الضوء، فلا يمكن أن يحدث انفراط فوري لعقدالكواكب، لا بد أن يحدث الانفراط بعد أكثر من مدة 8 دقائق!

بداية الطريق للتوحيد..

كل شيء مكون من الذرات والتي تحكمها قوانين ميكانيكا الكم

وهكذابدأ "أينشتاين" في بحث طويل لتفسير هذا التضارب، وخرج عنه إضافة البعد الرابع وهوالزمن، وكان في اعتقاده أن إضافة البعد الرابع، سيجعل الفهم أكثر بساطة لطبيعةالأشياء التي تدخل في نطاق "الفضاء – الزمن".. وفي هذا السياق، تدور الأرض حول الشمس في نسيج تخيلي من قوة الجاذبية والتي أوجدتها الكتلة الهائلة للشمس، نفسالأمر عندما تضع كرة ثقيلة على نسيج من المطاط، الكرة ستحدث تقعرا في النسيج، هذاالنسيج يتمدد ويتقلص حسب قوة الجاذبية وحسب ثقل الأشياء، فالشمس تحدث تقعرا في ا لنسيج أكبر مما تحدثه الأرض لأنها أكبر في الكتلة، وتدور الأرض حول الشمس بسبب هذاالتقعر في النسيج، وعلى هذا وعندما تحدث كارثة دمار الشمس، لن تخرج الأرض عن مسارهاعلى الفور، بل بعدما تصل الاضطرابات الناتجة عن خروج كتلة الشمس الكبيرة عن النسيج إلى الأرض، وهذا سيكون بعد 8 دقائق أيضا، لأن سرعة الجاذبية مساوية تماما لسرعةالضوء، تخيل أنك ألقيت حصاة ضخمة في بركة تسبح فيها كرة مطاطية، سيحدث تموجا تتستجيب لها الكرة المطاطية وتدخل في حيزها، وعندما تختفي التموجات تخرج الكرة من الحدث تماما وتسبح أينما شاءت، لكن ذلك سيكون مع آخر تموج

الجاذبية في الفيزياء الجديدة تحمل مفهوما جديدا عن كل ماتعملناه

بناء على هذه النظرية لا بد أن قوى الجاذبية تلعب الدور الأكبر في الحفاظ على نظام الكون، لكن لماذا لا يحدث تصادم بين الذرات في الكون نتيجة هذه الجاذبية؟.. لماذا لا يكون الكون كله نسيجا واحدادون فراغات؟.. بالطبع لأن هناك قوة معاكسة لقوة الجاذبية، وأقوى منها بكثير، وهي القوى الكهرومغناطيسية؛ كل شيء في الكون مكون من قطع صغيرة من الطاقة تسمى الذرات،وكل ذرة تدور حولها جسيمات تحمل طاقة سالبة تسمى الإلكترونات، وهذه الإلكترونات تمنع الذرات من التداخل والتهشم لأن الشحنات المتشابهة تتنافر.

لكن هل يمكن جمع قوتين متضادتين (الجاذبية والكهرومغناطيسية) في قانون واحد؟!

الأمر ليس بهذه السهولة، فطبقا لـ"نيلز بور" العالم الفيزيائي المفسر لبناء الذرة، لا شيء في الذرة يخضع لقانون معين بنسبة العدم أو المطلق، قد تقترب من تقدير بنسبة صفر أو 100% ، وهذا يعني أن أفضل ما يمكن أن يصل إليه أي قانون أن يتوقع نسبة نجاح أو فشل معينة. عالم الجسيمات الذرية هو عالم بري مسعور غير قابل للتوقع، حتى المكان والزمان فيه مشوه، قد يكون هناك إلكترون واحد في مكانين مختلفين في نفس الوقت! وكلهذا بسبب السرعة المذهلة للجسيمات والتي تخترق حاجز الزمن والمكان!.

العالم الفيزيائي نيلزبور

لمزيد من التعقيد..

نظرية عدم التوقع نظرية معترف بها في فيزياء الكم، وعلى الرغم من أن أينشتاين هو الأب الروحي لهذه النظرية، فقد أغضبه هذا بشدة لأنه يحطم أمله، ولكن اكتشافات العلم كانت تحمل مزيدا من القوانين للتوحيد، هناك قوتان أخريان في قلب الذرة، القوة النووية الكبرى، وهي تربط النيترونات متعادلة الشحنة و البروتونات موجبة الشحنة داخل نواة الذرة، و القوة النووية الصغرى، و هي تسمح للنيترونات متعادلة الشحنة، بالتحول إلى بروتونات موجبة الشحنة، و هذه العملية تبعث إشعاعا ذريا.

القوى النووية العظمى والصغرى تحافظ على تماسك الذرة

مكان التفجير النووي الأول في التاريخ

لمزيد من الفهم لهاتين القوتين، تعالوا نرجع إلى 16 يونيو عام 1945، وفي صحراء نيو مكسيكوبالتحديد، وعلى قمة بناء حديدي ارتفاعه 100 قدم، تم تفجير القنبلة النووية الأولىفي التاريخ، هذه القنبلة حملت قوة 20 ألف طن من مادة TNT، وفي هذا التفجير أطلق العلماء العنان للقوة النووية الكبرى التي تربط النيترونات والبروتونات، وذلك بكسرروابط الاتحاد بينهم، وأطلق ذلك كميات هائلة من الطاقة المدمرة، وفي تلك المنطقة في نيو مكسيكو، مازالت معدلات الإشعاع أكبر بعشر مرات من أي مكان آخر عادي، وذلك بسبب الإشعاع الذري الذي نتج من تحول النيترونات إلى بروتونات.

نسيج الزمن - الفضاء

و بوضع هذه القواعد العلمية التي تحكم حركة و تكوين كل جسيم في الكون من الكواكب إلى الذرات،كان كل شيء متضاربا و متعارضا مع الآخر، و كان هذا السؤال الذي يواجه أينشتاين، كيف يمكن وضع كل هذا في نظرية واحدة تحكم أداء الكون كله؟..

وظل يبحث عن إجابةهذا السؤال حتى وفاته، وانقسم العلماء من بعده إلى طائفتين، واحدة تستخدم النظريةالنسبية العامة لدراسة حركة الأجسام الكبيرة في الكون، وواحدة تستخدم ميكانيكا الكم لدراسة حركة الجسيمات داخل الذرة، ولكن هؤلاء العلماء كانوا بحاجة لقانون موحديمكنه تفسير الحركة داخل الذرة وفي الفضاء لأنهما موجودان في ذات الكون، لذا لم ينته الأمل بعد في توحيد الفيزياء في نظرية نهائية تجيب عن كل التساؤلات.