مختارة من مقالة بعنوان ليبيا .. موقعها منا
للشيخ البشير الابراهيمي عليه رحمة الله
نشر هذا المقال في العدد 112 من جريدة البصائر 20 مارس 1950
ولإخواننا الليبيين - أو الطرابلسيين كما نسميهم - علينا حق الدين، وحق اللغة، وحق الجنس، وحق الجوار، وحق الاشتراك في الآمال والمحن، وفي الآمال المقترحة على الزمن، وهذه كلها أرحام، يجب أن تُبَلَّ ببِلالها، وحقوق في ذمة المروءة والوفاء يجب أن تؤدى، وإنَّ مِن حُسن القضاء عند الكرام الأوفياء أن يكون في وقت الحاجة إليه، وإنَّ هؤلاء الإخوان في طور امتحان عسير معقَّد، تتخلَّله الأهواءوالمطامع، ويحيط به الكيد والتعنيت من كل جانب، وإنَّ نَجاحهم فيه يتوقف على جمع الكلمة، وتسوية الصف، وتوحيد الرأي، ومتانة الإيمان بالحق، والحذر الشديد من الأشراك المنصوبة والعُصَب الدخيلة، والنظر البعيد في العواقب المخبوءة، والمكايد الخفية، والاحتفاظ بكلمة الفصل، يقولها الواحد فترددها الملايين، وإنهم في حالة انتقال من حال إلى حال، من حال كانوا فيه يواجهون عدوًّا واحدًا، مكشوف النيات والسرائر، حيواني الشهوات والمنازع، إلى حال يواجهون فيه ثلاثة أعداء، متشاكسي المصالح، متبايني المطامع، متظاهرين بالتقوى والعدل، والنصيحة الرشيدة للمستضعفين، ولكنهم متفقون على الاستغلال، لا على الاستقلال، ومن ورائهم ذلك الثعلب القديم -وقد قصمت الحرب ظهره- جائعًا يتضوّر، وقابعًا يتحفّز، وحانقًا يتلظّى، وراجيًا يتعلّق، وطامعًا يتملّق، ينتصر بالْمَتَات، وينتظر الفُتَات.