ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان - ابن باديس

[عبدالإله الجزائري]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان
الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس الصنهاجي -رحمه الله تعالى-
رئيس جمعة العلماء المسلمين الجزائريين
وُلد بقسنطينة سنة: 1308ﻫ ـ (1889م) – توفي في 08 ربيع الأول 1359ﻫ (16-04-1940م)
منقول من "آثار ابن باديس" (ج3/ص483>484 نسخة المكتبة الشاملة)

هذه هي الكلمة التي ختمنا بها الخطاب الذي ألقيناه أثر ما خطب الشيخ يحيى حمودي باللغة القبائلية ليلة مأدبة النادي لجمعية العلماء فاهتز لها الحفل ودوَّت القاعة بالهتاف والتصفيق، وددت لو ذكرت الخطاب فنشرته كله، ولكنني سأكتفي بالكلمة التالية فقد تكون أوفى منه في المعنى وأجمل في التنسيق.
إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمع بينهم الإسلام منذ بضع عشرة قرنا، ثم دأبت تلك القرون تمزج ما بينهم في الشدة والرخاء، وتؤلف بينهم في العسر واليسر، وتوحدهم في السراء والضراء، حتى كونت منهم منذ أحقاب بعيدة عنصراً مسلما جزائرياً، أمه الجزائر وأبوه الإسلام. وقد كتب أبناء يعرب وأبناء مازيغ آيات اتحادهم على صفحات هذه القرون بما أراقوا من دمائهم في ميادين الشرف لإعلاء كلمة الله، وما أسالوا من محابرهم في مجالس الدرس لخدمة العلم.
فأي قوة بعد هذا يقول عاقل تستطيع أن تفرقهم؟ لولا الظنون الكواذب والأماني الخوادع يا عجبا! لم يفترقوا وهم الأقوياء، فكيف يفترقون وغيرهم القوي كلا والله، بل لا تزيد كل محاولة للتفريق بينهم إلا شدة في اتحادهم وقوة لرابطتهم (ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم) والإسلام له حارس، والله عليه وكيل. نعم إننا نتحد لننفع أنفسنا، وننفع إذا استطعنا غيرنا، ومعاذ الله والإسلام أن نتحد على أحد، أو نتفق على باطل، أو نتعاون على إثم أو عدوان.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} –المائدة:8- (1). اهـ.
------------------------------
(1) ش: ج11، ص 605 غرة ذي القعدة- فيفري 1936م.
نشرت هذه الكلمة عينها في البصائر السنة الأولى العدد 3 ص 2، ع 2، 3. بتاريخ الجمعة 22 شوال 1354ه - 17 جانفي 1936م.

*****
أسال الله أن يجمع قلوب كل الجزائريين على قلب رجل واحد لينصرنا الله ويُمكن لنا دينه الذي إرتضاه لنا
والله الموفق
والحمد لله ربّ العالمين