منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مذكرات مادة الفلسفة مجانا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-10-27, 14:11   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
philo_souf
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

المشكل الأخلاقي
مقدمة :
إذا كان الإنسان يختار فعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة فهذا الاختيار يكون بين
ممكنين على الإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتم الاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليه
الإقدام أو الأحجام فنقدم على ا لفعل إذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلو أخذنا فعل
السرقة، وفعل العمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثار مادية كالربح
ونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعل لا أخلاقي أي
انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير .
إن ما ينتج عن هذه الموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفر من الشر وهذا
أمر عادي ومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤال متى يكون الفعل خيرا؟
ومتى يكون شرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟ أم أن ما هو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا
غدا؟ أن هذه التساؤلات تفرض علينا مستوى من التحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية
ذاتها .
معنى القيمة الأخلاقية :
القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيء مقداره وقيمة المتاع ثمنه ويطلق من الناحية
الذاتية على الصفة التي تجعل من ذلك الشيء مرغوبا ومطلوبا ، أما الناحية الموضوعية فتطلق
على ما يتميز به الشيء ذاته من صفات تجعله مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما في
الأخلاق فلفظ القيمة الأخلاقية يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمة الفعل فيما يتضمنه
من خيريه أو ما نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير
كلما كانت قيمة الفعل اكبر .
طبيعة القيمة الأخلاقية :
أ - ضبط المشكلة:
إذا كان من السهل أن يقال أن القيمة الأخلاقية هي المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير
فما طبيعة هذه القيمة؟ هل الخير خير في ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية ، مطلقة
لتكون القيمة الأخلاقية موضوعية مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناس من تغيرات أم
أن القيمة الأخلاقية (الخي ر) ذاتية لتكون صورته الغائية متغيرة، نسبية ، تتصل بالزمان والمكان
؟ بصورة وجيزة هل طبيعة القيمة الأخلاقية موضوعية أم ذاتية . ؟
ب - التحليل :
1 القيمة الأخلاقية موضوعية :يذهب المثاليون إلى الاعتقاد أن القيم الأخلاقية ينبغي أن تكون *موضوعية
مستقلة عن عالم الكون والفساد .فأفلاطون قديما يعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم
المثل، والروح تأتي منه وه ي محملة بالفضيلة، وعليه فما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك
بذاتها ما في الفعل من خيرية من خلال التذك ر. على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانط الذي
سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة إلى افتراض ثلاث خصائص للقيمة الأخلاقية حتى تكون قيمة
بالمعنى الإنساني الموضوعية وال ثبات والمطلقية، وإلا لم ولن تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب
الطابع الإنساني .
وقد تذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعله خير ا، الشرع
مخير والعقل مدرك . فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفات الموضوعية ما يجعله خير ا,
ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلف فيه اثنان مهما اختلف الزمان والمكان
فالراعي التتري والصباغ الهندي والبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خير والظلم ش ر,
ومعناه إن في العدل من الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابت ومطلق .
النقد : يتضح من هذا الطرح أن القول بموض وعية القيم الأخلاقية هدفه تامين اليقين للقيم
الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقية طابعها الإنساني وهو مسعى لا
نعترض علبيه ولكنها طرح يتجاوز الوقائع من جهة ويتجاوز الحياة الإنسانية من جهة ثانية لأن
النظر في الواقع يفيد أن لكل بيئة اجتماعية ثقافية نظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان
العدل مثلا مطلبا إنسانيا فهو لا يطبق بنفس الكيفية فالعدل كما يراه الصباغ الهندي يختلف.
2 من طبيعة ذاتية ) : يمكن إدراج وجهة نظر الاشاعرة ضمن الاتجاه الذاتي ). يذهب أنصار الاتجاه
الذاتي الذي يشمل ذوي النزعة الواق عية التجريبية أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها
زمانيا ومكاني ا, فإذا كنا نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية تتغير ولا وجود لقيم
موضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون والعاطفيون يتفقون على أن القيم الأخلاقية
ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافع وتتغير البيئات وتتقلب العواطف وخير دليل الواقع , إن
تمثلنا للقيم وتبنينا لها يخضع لما نتلقاه من تربية وتلقي ن, وما يلاحظ من تقارن بين الناس و بين
البيئات الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانط كبيرا حينما زعم نمطا أخلاقيا متعاليا إنسانيا لأن
الواقع يفرض نظاما من الأخلاق تبعا لموقع الفرد الطبق ي, الثقافي .... الخ .
وفي الفكر الإسلامي ناهض الاشاعرة دعوى المعتزلة واعتقدوا أن الحسن والقبيح شرعيان
وليسا عقليان , مختلفان باختلاف الشرائع .
النقد :إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظام ثقافي منظومة أخلاقية
يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضع التاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه
النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنا نفهم أن طبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة
وتتأثر بالذات في حين أن النظر أليها من جهة الطبيعية النظ رية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة .
نتيجة : تتأثر طبيعة القيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمة فمن الناحية النظرية تبدو
مطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياة الإنسانية , أما من الناحية العلمية فهي تتأثر بالزمان
والمكان ليغلب عليها الطابع الذاتي .
أساس القيمة الأخلاقية :
إذا كان الاختلاف قائما حول طبيعة القيمة الاخلاقية فأن هذا الاختلاف امتد أيضا إلى الأساس
الذي تقوم عليه هذه القيمة ومن ثمة يطرح السؤال ما هو المعيار الذي بموجبه يغدو الفعل خيرا
أو شرا ؟ هل يمكن أن تكون التجربة القائمة على اللذة والأ لم والنفع والضرر أساسا موجها
لأحكامنا الاخلاقية أم أن التجربة تعجز عن ذلك لتضارب اللذات و المنافع و عليه لا يكون
الأساس سوى عقليا بعيدا عن الميول والعواطف والهواء أم أن العقل هو الآخر لا يكفي لأنه قد
يؤدي إلى أحكام صورية نظرية يصعب تطبيقها و بالتالي يكون ا لتفكير في المجتمع كأساس
لأحكامنا الاخلاقية , فما حسنه المجتمع كان حسنا وما قبحه كان قبيحا ؟ وبصيغة موجز هل
أساس القيمة الاخلاقية هو الطبيعة البشرية ( اللذة والالم ) أم الطبيعة الإنسانية العاقلة (العقل ) آم
الطبيعة الاجتماعية ؟
أ - المذهب التجريبي :
) من اللذة إلى المنفعة ) يعد هذا المذهب من أقدم المذاهب الفلسفية إذ تعود جذوره الأولى إلى
الفكر اليوناني إذ يذهب ارستيب إلى تأكيد أن اللذة هي مقياس الفعل، بل هي الخير الأعظم، هذا
ما يلائم الطبيعة البشرية التي تنجذب بصورة تلقائية وعفوية إزاء ما يحقق لها متعة الحياة
و تنفر في المقابل من كل ما يهدد أو يقلل من هذه المتعة هذا هو صوت الطبيعة ، فلا خجل ولا
حياء ، أن اللذة المقصودة عنده هي لذة الجسد وأقواها إطلاقا لذة البطن ويلزم على ذلك أن كل
القوى تتجه نحو تأكيد وتمجيد هذا المقياس .
لكن اتباع هذا المذهب عدلوا من هذا الطرح لأنه يتضمن صراحة الإساءة إلى حياة إنسانية
يقترض فيها التميز عن حياة حيوانية هذا ما يؤكد ابيقور والابيقوريون .الذين ميزوا بين الذات
يعقبها الم وأخرى نقية لا يعقبها الم الأولى ليست مقياسا للفعل الاخلاقي هي لذة الفساق كالخمر
ق م التي تتوافق اكثر مع Epicure) (341والنساء،
وبينما هي أساسه وانتهى ابيقو ر 270
طبيعة الإنسان هي اللذات الروحية من قبيل الصداقة وتحصيل الحكمة ، وهي لذات تستلزم
اللذة إلى مستوى روحي أعلى Les stoicims الاعتدال في السلوك، بينما رفع الرواقيون
ومقياس اللذة عندهم كل ما يحقق السعادة، ولا تتحقق السع ادة إلا إذا عاش الفرد على وفاق مع
الطبيعة .
أما الفلاسفة المحدثون الذين يعد فكرهم امتداد لمذهب اللذة فقد جعلوا من المنفعة أساسا للفعل
ويظل الاختلاف بين النفعيين في أي المنافع يصلح مقياسا للفعل فقد حرص جريمي بنتام على
وضع مقاييس للمنفعة، كالشدة والدوام وال يقين والقرب والخصوبة والصفاء أو النقاء والسعة أو
الامتداد ، ومع ذلك لم يخرج بنتام عن الأنانية السائدة في تصوره لمذهب المنفعة فهو يشترط
في نقاء اللذة إلا تنطوي على تضحية من جانب الشخص للآخرين وهذا ما رفضه جون
استورت مل الذي اثر المنفعة العامة عن المنفعة الخ اصة . وهو ما سبقه إليه جون لوك
1632- ) الذي يذهب إلى أن الغاية من الاختلاق اجتماعية . 1704)
النقد : يتميز هذا المذهب بنظرية الواقعية آذ لا احد يتصرف ضد مصالحه ومنافعه وهذا ليس أمرا سيئا , لكن السيئ في الموقف هو الاكتفاء باللذة و المنفعة موجها للفعل و إلا ترتب على
ذلك تضاربا في القيم نتيجة لتضارب المصالح .
ب - المذهب العقلي :
يذهب نيون إجمالا إلى اتخاذ العقل مقياسا للفعل فقد قرن سقراط الفضيلة بالمعرف ة, لكن جميع
الدارسين يقفون على محاولة كانط التي تعد أهم محاولة لتأسيس الأخلاق لسببين , الأول وضع
الأخلاق على محك النقد في محاولة لكشف الشروط القبيلة للفعل الاخلاقي و الثاني إيجاد مقياس
يسمح لكل ذي عقل أن يميز بين الفعل الاخلاقي واللاخلاقي .
فعن السبب الأول رفض كانط رهن الواجب الأخلاقي لغايات تخرج عن ه, بصيغة أوضح رفض
كانط بتأسيس الأخلاق على التجربة الحية لما يطالها من تغير وتبدل وما ترتبط به من غايات
خارجة عن الفعل ,وهذا معناه أن الفعل الأخلاقي لا يكون كذلك إلا لذا كان واجبا إذا الواجب
آمرا مطل ق, كل ي, ثاب ت, إنسان ي, منز ه, صادر عن الإرادة الخبرة للإنسان وعن السبب الثاني
يحدد كانط جملة من القواعد أو الصيغ بها تقاس أفعالنا .
1 قاعة الكلية " :اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل من قاعدة فعلك قانونا كليا شبيها بقانون *الطبيعة
."
2قاعة التنزي ه: اعمل دائما بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين دائما *كغاية
لا كوسيلة ."
3 قاعة الحرية أو الإراد ة" :اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل عن إرادتك الإرادة الكلية *المشرعة
للقانون الأخلاقي".
بهذه القواعد يتضح سمو الواجب الاخلاقي الذي لا يمكن أن نخفضه إلى مجرد واجب اجتماعي
قل هو واجب لكل الكائنات العمالقة تمثلا للقانون لا أكبر .
النقد :طمح كانط إلى تأسيس أخلاق ثابتة أمن لها اليقين و المطلقة وج علها متعالية منزهة ومع
ذلك كانت عرضة لانتقادات شديدة وخاصة من قبل الفيلسوف الألمان فريدريك نيتشة الذي لم
ير في مساواة الناس جميعا في واجب مطلق يختفي وراءه هؤلاء الضعفاء في الوقت الذي
يفترض فيه أخلاق القوة (أخلاق الساد ة) تلك التي تعبر عن إرادة الحياة.
ج - المذهب الاجتماعي :
في المقابل للمذاهب السابقة يرفض الاجتماعيون كل تأمل أخلاقي لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع
الاجتماعي و فقد جعلت الماركسية الخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي الذي يعد هو بحد ذاته
صدى لعلاقات الإنتا ج, فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المسيطرة , بي نما تذهب المدرسة
هي في الحقيقة العادات ethique الاجتماعية بزعامة دوركايم وليفي بري ل, إلى أن الأخلاق
والتقالي د, فهي في نظر دوركايم ظاهر اجتماعية تمارس ضغطا وإكراه ا" , لسنا سادة وتقويمنا
الأخلاقي , فنحن ملزمون ومجبرون ومقيدون والذي يلزمنا ويجبرنا ويفيدنا هو المجتمع ." معنى
ذلك أن أساس الفعل الأخلاقي هو المجتم ع, فما حسنه المجتمع وأمر به فهو واجب أخلاقي لأن
الواجب الأخلاقي بالضبط هو الواجب الاجتماعي وما نهى عنه معناه شر ينبغي تجنب ه, هذا ما
يدل عليه الواقع وما يكشف عليه التاريخ .
النقد : لا شك أن للمجتمع حضورا قويا فيما لدينا من قيم أخلاقية نأخذها كقوالب جاهزة علينا
الاقتتال لها ومع ذلك فالأخلاق ليس كلها اجتماعي ة, فقد ناهض برغسون الخلاق الاجتماعية
ووصفها بالأخلاق المغلقة ,الساكنة والراكدة التي تتنقل من جيل إلى جيل في مقابل الأخلاق
المفتوح ة, الحيوية والمتطورة تلك الت ي يبدعاه الأفراد القديسون والأبطال ...
ويعلق فرانسوا غريغوار على الأخلاق الاجتماعية وما بها من نقص "فهي تبرير للانسياق
الاتباعي " الذي يحرمنا من كل إبداع .
نتيجة :
نكشف من العرض السابق إن الإنسان كائن أخلاقي بلا ريب حتى لو شك في هذا الأساس أو
ذاك كما يكشف التحليل انه من الصعب اتخاذ أساس مطلق للأخلاق بسبب من تشعب الحياة
وتعدد مناحيها .
مشكلة سلم القيم الأخلاقية وتعارض الواجبات .
ضبط المشكلة : تقرر من التحليل السابق أن الإنسان في جميع الأحوال يسلك بمقتضى رقم
ونظام أخلاقي بغض النظر الطبيعية و الأساس و لكن كثيرا ما نجد أنفسنا إزاء واجبات نختار في أيتها نختار وبأيها نبد أ. فما هو السلم الذي ينبغي أن نعتمده في اختيار الواجبات ؟
يمكن إخضاع الإجابة على هذا السؤال للمذاهب السابقة ونتوقع أن يوجهنا أصحاب اللذة
والمنفعة إلى اختيار السلوك على أساس من اللذة وبها تغدو الواجبات الشخصية سابقة على
العام ة, وفضائل الحس والجسد قبل تضائل التأمل والعق ل, حلافا للاجتماعين الذين يضعون
الواجبات الاجتماعي ة, الآتية والقائمة موضع التنفيذ قبل الواجبات الخاصة أو المتعالية , بينما
ستكون إجابة كانط على ذلك من أن السلم الجدير بالاحترام هو أن نضع الواجب الأخلاقي
موضع الاختيار باعتباره الأسمى والمنزه والكلي و الثابت و إجمالا الفضائل أصناف و ينبغي
للإنسان أن يحرص على انتقاد واختيار الأجدر منها و الأكم ل, أي تلك التي تكمل بها إنسانية
الإنسان.










رد مع اقتباس