منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إعلان ماجستير جامعة الأمير عبد القادر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-10-17, 12:20   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
محمد جديدي التبسي
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية محمد جديدي التبسي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










B9

الزوايا في الجزائر


ظهرت الزوايا في المغرب الإسلامي منذ القرن السادس الهجري، الثالث عشر ميلادي، حيث حلت تدريجيا محل الرباط، ثم تطورت مهامها وتوسعت على يد المرابطين والطرق الصوفية، وجمعت بين العبادة والتعليم والتوجيه والإصلاح والجهاد فيوقت واحد.
نمت هذه الزوايا وانتشرت بكثرة في القرن الثامن عشر الهجري= الخامس عشر ميلادي كرد فعل لحادثين كبيرين في حياة المسلمين في الجزائر وهما: ضياع الأندلس والغزو الصليبي المتمثل في احتلال اسبانيا لثغور الجزائر لاسيما المدن الساحلية.
واللافت للانتباه أن هذه الزوايا واسعة الانتشار، فهي في المدن والقرى والأرياف على قمم الجبال وفي أعماق الصحراء وعلى السواحل في الرباطات والمنارات حيث التجأ إليها وأقام فيها أناس نذروا أنفسهم لعبادة الله كانوا فيها فرسانا بالنهار رهبانا بالليل حريصين على أن يكونوا المعنيين بالحديث الشريف: "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله".
وقد كان للزوايا في الجزائر دور فعال في المحافظة على التماسك الديني والخلقي والاجتماعي، وفي حفظ المجتمع من تهديد الأخطار الكبرى، بل قد كانت حركات الجهاد المسلّح ضد الطغيان الاستعماري الفرنسي تنطلق من هذه الزوايا التي شكّلت مراكز تعبئة ضد الغزاة المعتدين، لعلّ أبرزها حركة الأمير عبد القادر والشيخ الحداد والشيخ بوعمامة والمجاهدة لالا فاطمة انسومر…
ويذهب بعض الباحثين إلى أن الزوايا في الجزائر هي التراث والرمز الأكبر لهذا الوطن، لأنها حفظت طيلة عهد الاحتلال لهذه الأمة المسلمة قرآنها ولغتها ودينها وأخلاقها الإسلامية من طاعة وأدب وغيرة وحياء وتضامن وسخاء وشجاعة وغير ذلك من فضائل الأخلاق، بالإضافة إلى حب الإسلام وبغض الكفر والكافرين، إلى جانب ما قامت به من جهاد ودعت إليه وجندت له أتباعها، إذ ما من ثورة أو انتفاضة أو مقاومة أو جهاد إلا وهو مقرون باسم شيخ زاوية أو زوايا.
وعندما اندلعت ثورة التحرير تحولت زوايا كثيرة إلى مراكز للثورة تحت غلاف التعليم أو التعبد، تعقد فيها الاجتماعات للتنظيم والإعلام والتجنيد والتمويل وجمع السلاح والدواء وغير ذلك مما تتطلبه الثورة. وتكوّن بكثير من الزوايا محاكم شرعية بأمر الثورة للفصل في قضايا المواطنين بشريعة الله بدل الاحتكام عند المحاكم الفرنسية، وقد سجن كثير من شيوخ الزوايا وأبنائهم وعذبوا ونفوا واستشهد بعضهم، وأحرقت ودمّرت زوايا عديدة في بلاد القبائل وغيرها.
واعتبرها البعض الآخر وكرا للخرافة والدجل والشعوذة، ومن الأسباب الرئيسة التي أدت إلى انهيار المجتمعات العربية الإسلامية.
على أنه ظهرت في السنوات الأخيرة كثير من الأطروحات والأعمال العلمية التي أعدت لدراسة دور الزوايا في الحياة الثقافية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية، كما عقدت في الفترة الماضية عديد الندوات والحلقات الدراسية لمعرفة الأدوار الأساسية التي قامت بها الزوايا في الماضي والحاضر. وهي دراسات تهدف إلى معرفة حقيقة هذه المؤسسات الدينية بعيدا عن الميولات العاطفية أو التوجهات الإيديولوجية.
سنحاول ضمن هذه المدونة معرفة الأدوار التي قامت بها الزوايا في الجزائر، من أدوار علمية وروحية ثقافية واجتماعية وجهادية، نريد التعرف على هذه الأدوار، مع ملاحظة صعوبة العمل بالنظر إلى التراكمات والخلفيات الني تكونت لدى كثير من الباحثين حول هذه المؤسسات، ومحاولة بعضهم تشويه تاريخ هذه المؤسسات.
وتندرج هذه المحاولة ضمن المجهودات التي تبذل مؤخرا من قبل باحثين جادين للعمل على توضيح الصورة بشكل أكثر واقعية وأقرب إلى الحقيقة العلمية، على رأسهم مجهودات الأستاذ محمد أرزقي فراد الذي أعطى الموضوع حقه من الدراسة والبحث والنظرة الموضوعية النزيهة.