منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحكيم التجاري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-06-15, 18:36   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ouhab hamza
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ouhab hamza
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الرابع
تنفيذ حكم التحكيم
إذا صدر حكم التحكيم لصالح طرف فيحق لهذا الأخير التمسك بحجية هذا الحكم حسب نص القانون، فإذا رفض الطرف الآخر الحكم و رفع دعوى أمام هيئة تحكيم جديدة للنظر في الموضوع الذي فصل فيه حكم التحكيم، و كانت الدعوى مؤسسة على السبب الذي استندت إليه دعوى التحكيم، فهل تملك هيئة التحكيم حق الرفض استنادا لحجية حكم التحكيم، أي عدم جواز النظر في الدعوى السابق الفصل فيها و عليه فالأطراف ملزمون بتنفيذ حكم التحكيم؟
المبحث الأول
حجية حكم التحكيم
بعد صدور حكم التحكيم سوء نلجأ مباشرة الى تنفيذه، وهذه هي غاية الاحكام هي تنفيذها، وسوف نتطرق في هذا المبحث الى حجية تلك الاحكام ونطاقها.
المطلب الأول
حجية حكم التحكيم و نطاقها
يقصد بالحجية أن الحكم الصادر يجب أن يحمل عنوان الحقيقة، بخصوص ما فصل فيه بالنسبة لأطراف الدعوى في حدود الأساس الذي قدمت عليه هذه الدعوى، بمعنى أنه لا يجوز إثارة نفس النزاع تأسيسا على السبب ذاته بين الأطراف أنفسهم الذين صدر الحكم في مواجهتهم فاصلا فيما نشب بينهم من نزاع.
و يجب الإشارة هنا إلى أن المشرع الجزائري رغم أنه فرق بين التحكيم الداخلي و التحكيم الدولي في النصوص المنظمة لأحكام التحكمين، إلا أنه بصدد حجية التحكيم أحال النصوص المنظمة للتحكيم الدولي إلى نص المادة 1031([1]) و المخصصة للتحكيم الداخلي، و هذه المادة تضفي الحجية على حكم التحكيم منذ لحظة صدوره إذ تنص على أن: "أحكام التحكيم يجب أن تحوز حجية الشيء المقضي فيه بمجرد صدورها فيما يخص النزاع المفصول فيه". فحجية حكم التحكيم تحدد بالموضوع الذي فصل فيه، أي محل النزاع والأساس الذي قام عليه، كما تتحدد هذه الحجية من ناحية الأشخاص، و عليه فحكم التحكيم لا يتمتع بحجية مطلقة.
و يرتبط تحديد نطاق حجية حكم التحكيم من ناحية الموضوع أي محل النزاع وسببه، ارتباطا وثيقا بتحديد نطاق اتفاق التحكيم، فحكم التحكيم لا يتمتع بالحجية إلا في حدود ما فصل فيه من خلاف تضمنه اتفاق التحكيم، و قد رأينا هذا فيما سبق بحيث يلتزم المدعي بأن يوضح في بيان دعواه المعلن لخصمه و لأعضاء هيئة التحكيم، المسائل محل النزاع و كل بيان آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان.
فالحكم يبطل كما رأينا إذا تضمن الفصل في مسألة لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق ففصل فيما لم يعرضه عليه الأطراف، أو كان الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال. و تقتصر هذه الحجية على – منطوق الحكم – فالمنطوق و ما يرتبط به من أسباب هما مناط تحديد نطاق الحجية، بحيث يظل كل ما لا يدخل في هذا النطاق أمرا من الممكن طرحه أمام القضاء دون إمكان التمسك بحجية التحكيم.
فمثلا إذا صدر حكم التحكيم بتحديد المقابل و التعويضات المستحقة لناقل التقنية قبل الطرف المتلقي لها و كان هذا الأمر هو سبب الخلاف و موضوع اتفاق التحكيم، فإن الحكم إذا تعرض للفصل في صحة أو بطلان براءة، تكون جزء من التقنية محل العقد فإن حكمه في هذه الجزئية لا يحوز الحجية، لأنه فصل فيما لم يكن معروضا عليه، و يلاحظ أن الحجية تقتصر على ما فصل فيه الحكم. فإذا أغفل حكم التحكيم الفصل في طلب كان معروضا عليه، فإن الحكم لا يكتسب حجية فيما أغفله، لذلك يسمح للأطراف تقديم طلبات لإصدار أحكام إضافية تتناول ما تم إغفاله، أي تصحيح الإغفالات التي كانت تشوبه ليصدر الحكم الإضافي فيصبح هذا الحكم جزء من الحكم الأصلي، و بالتالي تمتد الحجية لكليهما و هذا وفقا لنص المادة 1030([2]) من قانون الإجراءات.
فالنص يربط هذه الحجية و يخصصها بما صدر من أحكام بخصوص النزاع المطروح، كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري بالنسبة للتحكيم الداخلي يسمح برفع دعوى البطلان لعدم مراعاة المحكم حدود المهمة المنوطة به، و لقد رأينا في معالجة طرق الطعن في الحكم أن المشرع يسمح باستئناف حكم التحكيم([3]) سواء لمراجعة الحكم أو لطلب بطلانه، إذا لم يتنازل الأطراف عن حق الاستئناف.
كما أن حكم التحكيم لا يكون حجة إلا على أطرافه، فأطرف الدعوى التي صدر فيها الحكم و الذين أعلنوا بها و تمكنوا بناء على ذلك من إبداء أوجه دفاعهم، هم وحدهم الذين يحتج عليهم بالحكم. فالاتفاق قد يتعدد أطرافه، فتمتد قوته الإلزامية إلى الجميع، و مع ذلك لا يكون للحكم الصادر حجية، إذا لم يتم إعلان الجميع بالحضور أمام هيئة التحكيم، و اقتصرت خصومة التحكيم على بعض أطراف الاتفاق، فرغم التزام الجميع باتفاق التحكيم، فالحكم لا يحتج به على أطراف الاتفاق الذين لم يثر بينهم نزاع و لم يشاركوا في خصومة التحكيم([4]). فالحكم حجة في مواجهة من أعلن بطلب التحكيم دون سواه ممن لم توجه إليهم الإجراءات و لم يشاركوا في إجراءات التحكيم. و من الطبيعي لا تسري الحجية في مواجهة ممثلي الخصوم و إنما الخصوم أنفسهم.
و يترتب على ما سبق عدم إمكان الاحتجاج بحكم التحكيم اتجاه الغير وفقا لنص المادة 1038([5])، حتى لو امتدت إليه آثار الحكم و ألحقت به ضررا فإنه لا يستطيع توقي هذا الضرر بالتدخل في خصومة التحكيم و إبداء أوجه دفاعه، لذلك نجد المشرع الجزائري سمح باعتراض الغير الخارج عن الخصومة([6]) في الحالات التي يتوفر فيها ضرر نتج عن الحكم، و تختص بنظر اعتراض الخارج عن الخصومة المحكمة المختصة في حالة عدم وجود التحكيم وفقا لنص المادة 1032.
لقد سوى المشرع بين حكم التحكيم الدولي و حكم التحكيم الداخلي بخصوص اكتساب الحجية منذ لحظة صدور الحكم حيث يتم الاعتراف بأحكام التحكيم الدولي في الجزائر إذا أثبت التمسك بها و بوجودها نص المادة 1051. و لكن هناك اختلاف في أحكام التحكمين، لأن أحكام التحكيم الدولية تصدر أيضا متمتعة بقوة الشيء المقضي به، فهي لا تخضع لطرق الطعن التي يخضع لها حكم التحكيم الداخلي و هذا ما نصت عليه المادة 1058([7]) "لا يقبل أي طعن الأمر الذي يقضي بتنفيذ حكم التحكيم الدولي...". و عليه فالتمسك بحجية حكم التحكيم أمر لا يتعلق بالنظام العام سواء في التحكيم الداخلي أو التحكيم الدولي.

المطلب الثاني
حجية حكم التحكيم و وجوب نفاذه (القانون المصري) والفرنسي
نتطرق في هذا المطلب الى حجيو حكم التحكيم ونفاذه سواء في القانون المصري والفرنسي
الفرع الاول: حجية حكم التحكيم ووجوب نفاذه في القانون المصري
تنص المادة 55 من القانون على أن أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون تحوز حجية الأمر المقضي و تكون واجبة النفاذ، و إذا أضيف إلى ذلك ما سبق معالجته بخصوص عدم قابلية حكم التحكيم الطعن فيه بأي طرق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرفعات، فإن حكم التحكيم لا يكتسب بمجرد صدوره حجية الأمر المقضي فحسب، و إنما أيضا يصدر حائزا قوة الأمر المقضي([8]). و تنبسط هذه الحجية على كافة الأحكام قضائية أو تحكيمية.
و حسب نص المادة 101 من قانون الإثبات الحالي فإن الأحكام التي تحوز قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق([9]). فإذا صدر حكم التحكيم فإنه يصدر حائز للحجية حماية لمصالح الأطراف الخاصة، لذلك فإن الأطراف إذا اتفقا على رفض ما قضى به حكم التحكيم و قرروا اللجوء إلى إجراءات تحكيم جديد و أمام هيئة تحكيم جديدة، فهذه الهيئة لا تملك من تلقاء نفسها الحكم بعدم قبول طلب التحكيم استنادا لحجية حكم التحكيم السابق صدوره، و لا يتسنى لها ذلك إلا إذا تمسك أحد الأطراف بهذه الحجية. فحكم التحكيم في ظل القانون المصري يصدر متمتعا بالحجية و قوة الأمر المقضي و يكون واجب النفاذ، عكس القانون الجزائري فحكم التحكيم لا يتمتع بقوة الأمر المقضي إلا إذا تنازل الأطراف مسبقا عن الطعن بالاستئناف[10].
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المصري هو الآخر حدد نطاق حجية حكم التحكيم بتحديد الموضوع محل النزاع و جعلهما مرتبطان ارتباطا وثيقا، فحكم التحكيم لا يتمتع بالحجية إلا في حدود ما فصل فيه من خلاف تضمنه اتفاق التحكيم شرطا كان أو مشارطة[11].
و تقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم، أي ما انتهى إليه الحكم من إدانة أو إبراء لذمة طرف في مواجهة طرف آخر. و حكم التحكيم شأنه شأن حكم القضاء لا يكون حجة إلا على أطرافه بمبدأ نسبية الأحكام، فأطراف الدعوى التي صدر فيها الحكم هم وحدهم الذين يحتج عليهم بالحكم، و لا يصح في هذا المقام الخلط بين القوة الملزمة لاتفاق التحكيم و حجية حكم التحكيم الذي يصدر بناء على هذا الاتفاق. فالاتفاق قد يتعدد أطرافه فتمتد قوته الإلزامية إلى الجميع و مع ذلك لا يكون للحكم الصادر حجية إذا لم يتم إعلان الجميع بالحضور أمام هيئة التحكيم، و اقتصرت خصومة التحكيم على بعض أطراف الاتفاق. فالحجية مرتبطة بنزاع بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم([12]). و لكن يجب دوما التفرقة بين تحديد القوة الملزمة لاتفاق التحكيم من جهة، و حجية حكم التحكيم من جهة أخرى، خاصة و إن تم اتجاها للتوسع في مد نطاق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم في علاقات التجارة الدولية إلى حد إمكانية إلزام طرف بالاتفاق دون توقيعه على اتفاق التحكيم، فهذا التوسع لا يمس حجية الحكم الذي تظل مقصورة على الأطراف الذين مثلوا بأشخاصهم أمام هيئة التحكيم و تمكنوا من إبداء أوجه دفاعهم[13].

الفرع الثاني: حجية حكم التحكيم و نطاقها في ظل القانون الفرنسي
- يسري في هذا المقام ما سبق أن تعرضنا له في تحديد نطاق حجية حكم التحكيم في ظل القانون الجزائري حيث أن منهج المشرع الفرنسي هو الآخر رغم تفرقته بين التحكيم الداخلي و الدولي إلا أنه بصدد حجية حكم التحكيم أحال في النصوص المنظمة للتحكيم الدولي إلى نص المادة 1486 الخاصة بالتحكيم الداخلي، و هذه المادة تضفي الحجية على حكم التحكيم منذ لحظة صدوره.([14])
كما حرص المشرع الفرنسي على إبراز نطاق هذه الحجية من حيث الموضوع إذ أن النص يربط هذه الحجية و يخصهها بما صدر من أحكام بخصوص النزاع المطروح.
فالمشرع الفرنسي في التحكيم الداخلي سمح برفع دعوى البطلان لعدم مراعاة المحكم حدود المهمة المسندة إليه. و يلاحظ أن قاعدة تمتع حكم التحكيم بالحجية لا تتعلق بالنظام العام، و هذا يعني عدم إمكان الحكم بمقتضاها إلا في حالة تمسك أحد الأطراف، و لا تقضي به الهيئة أو المحكمة من تلقاء نفسها و ذلك سواء في مجال التحكيم الداخلي أو الدولي([15]). و كما هو الحال في ظل القانون الجزائري لا يلزم الاتفاق و لا يمتد الحكم الذي يترتب عليه سوى أطراف الاتفاق الذين حضروا أو مثلوا في إجراءات التحكيم، و يمتد أثر الاتفاق و الحكم في حالة التضامن لقيام النيابة التبادلية و ذلك في الحدود التي ينظم القانون قيام النيابة فيها([16]).
و يترتب على ما سبق عدم إمكان الاحتجاج بحكم التحكيم على الغير، و على هذا سمح المشرع باعتراض الخارج عن الخصومة في كل الحالات التي يتوفر فيها ضرر نتج عن الحكم الذي يعد بالنسبة له واقعة مادية يتحتم عليه احترامها و عدم إمكان جحدها أو إنكارها. و هناك طائفة و هي تمثل الغير ذوي المصالح المرتبطة بمصالح أحد الأطراف في اتفاق و خصومة التحكيم، لهذا اتجهت بعض الأحكام إلى نفي صفة الغير عنهم و الاحتجاج عليهم بحكم التحكيم رغم أنهم لم يمثلوا و لم يشاركوا في خصومة التحكيم، لذلك يفتح باب اعتراض الخارج عن الخصومة لهؤلاء[17].
و يختلف حكم التحكيم الأجنبي أي الصادر خارج فرنسا أو الصادر في منازعة تتعلق بالتجارة الدولية، فرغم التسوية بينهما و بين حكم التحكيم الداخلي بخصوص اكتساب الحجية منذ لحظة صدور الحكم، إلا أن أحكام التحكيم غير الداخلية تصدر أيضا متمتعة بقوة الشيء المقضي لأنها لا تخضع لطرق الطعن التي يخضع لها حكم التحكيم الداخلي.

([1])المادة 1031 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الخاصة بأحكام التحكيم الداخلية.

([2]) المادة 1030 "المحكم ملزم بتفسير الحكم، أو تصحيح الأخطاء المادية و الإغفالات التي تشوبه".

([3]) استئناف حكم التحكيم طبقا لنص المادة 1033.

([4]) نص المادة 1022 "الأطراف ملزمون بتقديم دفاعهم و مستنداتهم ... و إلا فصل المحكم بناء على ما قدم إليه".

([5]) المادة 1038 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

([6]) نص المادة 1032 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

([7]) المادتان 1051، 1058 خاصة بأحكام التحكيم الدولي و تنفيذها الجبري.

([8]) لقد تطرق فتحي والي إلى ضرورة التفرقة بين الحجية و قوة الشيء المقضي به، حيث يشير إلى أن التفرقة ليست تفرقة درجة و إنما تفرقة تتعلق بفكرتين مختلفتين، فالحجية تنصرف إلى المستقبل و خارج الخصومة التي صدر فيها الحكم، أما القوة فأهميتها تكون داخل الخصومة للدلالة على ما يتمتع به القرار من قابلية أو عدم قابيلة بطريق معين.

([9]) تنص المادة 101 على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، و لا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، و لكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قائم بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم و تتعلق بذات الحق محلا و سببا".

د. محمد شكري سرور، المرجع السابق، ص 125.[10]

د. محسن شفيق، المرجع السابق، ص 184.[11]

([12]) على حد تعبير نص المادة 101 من قانون الإثبات الحالي.

د. أحمد أبو الوفا، المرجع السابق، ص 196.[13]

([14]) المادة 1486 تنص على أن :"تكون لحكم التحكيم منذ صدوره حجية الشيء المقضي فيه يتعلق بالخلاف الذي يحسمه".

([15]) استئناف باريس 09/06/1983، مجلة التحكيم. ص 497.

([16]) نقض تجاري 13/11/1967، مجلة التحكيم، التقرير النهائي بخصوص التحكيم متعدد الأطراف. ص 116.

د. سميحة القليوبي، المرجع السابق، ص 198.[17]