منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحلقة السابعة من: ردّ الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر الجزائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2008-07-14, 23:17   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو إدريس
كبار الشخصيات
 
الأوسمة
وسام الشرف 
إحصائية العضو










B11 الحلقة السابعة من رد الشبهات المثارة حول الأمير عبد القادر

وهذا الأمير عبد القادر يعاني من جيوش المتصوفة المنحرفين ومن جيوش الخونة الخارجين أكثر مما عاناه من جيوش فرنسا!! وبسبب أولئك الطرقيين المنحرفين استطاعت فرنسة أن تبقى في الجزائر أكثر من [130]سنة! ولمّا قامت الثورة الجزائريّة كانت الطرق الصوفية أحد أهم العوائق في وجهها (إلاّ القليل ممن رحم الله) وهذا شيخ الطريق العليوية يأمر أتباعه باغتيال الشيخ المجاهد عبد الحميد بن باديس أكثر من مرّة ولكن الله أنجاه والحمد لله!
((إن زعيم الطريقة "الطيبية" في المغرب كان من أوائل المُدجّنين في التسعينيات من القرن الماضي (1890) ، ولم يكتف الاستعمار باستخدامه في أغراضه التوسعيّة بل زوّجه من امرأة أوربية وجعل منه مُخدِّراً للعامّة))[الحركة الوطنية الجزائرية ص295]
وللأمانة أقول لقد تحدّث الأستاذ أبو القاسم سعد الله عن دور الطرق الصوفية في التاريخ الإسلامي وبيّن أنهم لعبوا أدوارًا إيجابيّة زمن الأزمات ، ومما قاله : ((وكان الحاج السعدي ومحيي الدين والبركاني وأحمد الطيب بن سالم مِنْ أوائل الذين رموا بعمامة التصوف ولبسوا خوذة الجهاد ، رغم أنهم من زوايا معروفة في نواحيهم)) إلى أن قال ((لم يفهم زعماء التجانية عندئذ دورَ الطرق الصوفية في التاريخ الإسلامي ، وهو دورٌ قلنا أنه إيجابي زمنَ الأزمات وروحي زمن الازدهار الإسلامي . وقد كانت الجزائر (والإسلام) في أعنف الأزمة خلال العقدين الأولين من الاحتلال ، فإذا بمعظم الطرق الصوفية تتحرك في الاتجاه التاريخي المذكور إلاّ التجانية والحنصالية والعيساوية ... فقد رأت غير ذلك)).انتهى[الحركة الوطنيةص301]
ولما تحدّث الدكتور سعد الله عن الأُسر الجزائريّة التي قاومت الغزو الفكري والديني ، رغم عملية الفرنسة التي عرفتها الجزائر خلال القرن الماضي قال: ((ومن تلك العائلات خرجت المعارضة الثقافية والسياسية للاستعمار الفرنسي في القرن العشرين، مثل عائلة ابن باديس ،والأمير عبد القادر ،وابن سماية، وابن جلول ،الخ . ونفس الشيء يقال عن عائلات الطرق الصوفية أيضًا)).انتهى[الحركة الوطنية ص254]

إذن فرنسا دمّرت معهد القيطنة وزاويتها ومسجدها لأنّها تابعة للأمير عبد القادر ، وأمّا زاوية التيجاني وأمثاله فبقيت!
وفرنسا تشوه صورة الأمير عبد القادر الذي حاربها وتصفه بالصديق والماسوني ، في حين تسكت عن العميل الحقيقي والصديق الحقيقي التيجاني!!
وخطبة التيجاني التي نقلتها لكم كانت بعد وفاة الأمير عبد القادر ، وقد وصفه فيها بأنّه العدو الأكبر لفرنسا ، وهذا يدلكم على حال الأمير الحقيقيّة التي مات عليها ، وأنه كان يُنظر إليه على أنه عدو لفرنسا لا صديق!!
فالذي يريد أن يخوض في الحديث عن الرجال وتصنيفهم ، فإنَّ العدل والإنصاف يحتّمان عليه توخّي الدقّة والانضباط في وضع الأحكام والأوصاف ، لا أن يُطلق الكلام هكذا على عواهنه . فلا يجوز أن يُجرَحَ رجلٌ ما في عقيدته وعرضه وانتمائه لدينه وأمّته ، لمجرّد أنه صوفي أو سالك لإحدى الطرق الصوفية! ولا يجوز إلصاق أي انحراف خطير به دون دليل واضح ، ولا يجوز اتّهامه بكل ما صدر من بعض المارقين أوالمتفلسفين من الصوفية! لأجل أنه صوفي .
وخصوصًا عندما نتحدث عن تلك العصور السالفة التي كان جلّ الناس ومعظمهم ، يغلب عليهم التصوف وأخذ الطريقة ، ونكاد لا نجد في تلك الأزمان أحدًا إلاّ وهو يفتخر بطريقته وأورادها وولاية شيوخها ، سواء كان من عامّة الناس أو من علمائهم أو حكّامهم ، وكذلك تجدهم يعظّمون كل من قيل فيه أنّه وليّ وذلك من باب الطاعة وتوقير أولياء الله ؛ هذا هو الطابع العام للمسلمين في القرون التي حكمت فيها الدولة العثمانية المرسّخة للتصوف (من القرن العاشر إلى بدايات القرن الرابع عشر الهجري)، والعلماء الذين تصدّوا لبيان انحرافات المتصوّفة وضلالاتهم في ذلك الوقت ، كانوا من الصوفيّة! ومن المنتمين لبعض الطرق كالشاذلية أو القادرية، فهذا الشيخ الفقيه عبد الرحمن الأخضري صاحب (السلّم المنورق) ينظم أرجوزة طويلة جدًّا (346بيتًا) يهاجم فيها جهال المتصوفة ويفضح ضلالاتهم وبدعهم ، مع أنه كان شاذليًا!
جاء فيها :

والرقصُ والصراخ والـتصفيـق *** عــمداً بذكـــر اللـــه لا يليـق


وإنـــما المطلوبُ في الأذكــــارِ *** الــــذكرُ بالــخُشوع والـوقارِ
فــقد رأينـا فرقــةً إنْ ذَكَـــروا *** تَبَدَّعـــوا وربّمــا قد كـفـروا
وفعلـوا في الذكر فـعلاً منكراً *** صعبًا فجاهدهم جهادًا أكبرا
خلّوا من اسم الــله حرف الهاء *** فألحدوا في أعظم الأســماء
لـــقد أتوا واللــــه شـيئـــاً إدّاً *** تخرمنـــــه الـشامخات هداً
والألف المحذوف قبل الهــــاء *** قد أسقطوه وهـو ذو إخفـاء
وزعمـــوا أن لـــهم أحــــوالا *** وأنــــهم قد بلــغوا الكمالا
والقوم لا يدرون ما الأحـــوال *** فكـــونها لمثلــــهم محــال
حاشا بساط الــقدس والكمال *** تـطــــؤه حوافر الــجهــال
والجاهلون كالحمير الموكفــه *** والعارفـــون سادة مشرفـــة
وقـال بعض السادة الــمتبعـــة *** في رجز يهجو به المبتدعــة
ويذكـــــرون اللــــه بالـتَّغْبِير *** ويشْطَحون الشَّـطح كالحمـير
وينبحـــــون النبح كالكــلاب *** طَريقُهم ليست على الصَّواب
وليس فيهــم من فتى مـــطيع *** فـلعنة اللــــه علـى الجميـع
قــد ادَّعــــــوا مراتباً جليلـة *** والشـرع قد تجنَّـبوا سبيلـــه
قد نبذوا شرعــة الرســـــولِ *** والقوم قد حادوا عـن السبيلِ
لم يدخلــــوا دائرة الــحقيقة *** كــــــلا ولا دائـرة ا لطريقـة
لم يقتدوا بسيـد الأنــــــــام *** فخرجوا عـن ملَّــة الإســلام
لم يدخلوا دائرة الشريعــــة *** وأولعـــــوا ببدعٍ شنيعـــة
لم يعملوا بمقتضى الكتـاب *** وسنَّةِ الهادي إلــى الصَّـواب
قــــد مَلَكَت قلوبَـهم أوهام *** فالـــــقوم إبليـس لـهم إمـام
[انظرها في مجموعة الرسائل المنيرية الجزء الرابع]



وكذلك الشيخ عبد الكريم الفكون ، وغيرهم كثير ، ومرَّ معنا آنفًا كيف كان السيد محيي الدين القادري والد الأمير ، يستتيب أدعياء الصوفية إذا صدر منهم ما يخالف الاعتقاد الصحيح .
وليس من العلم في شيء ، ولا من الإنصاف ، أن ننظر إلى أهل تلك الأزمان بمنظار اليوم ، فنقيّمهم ونصنّفهم بناءً على ما استقرَّ في عالم اليوم ، ففي هذا العصر منَّ الله على أمّة الإسلام برجالٍ جدَّدوا لها أمر دينها ، ونشروا العلم الصحيح ، وساعدهم في ذلك النهضة العامّة وانتشار التعليم ووسائله ، فكثرت الكتب المطبوعة من مختلف العلوم : التفاسير ، والفتاوى ، والأصول ، والفقه ، وكتب الحديث وشروحها ، في حين أنه لم يكن يتيسّر لكثير من أفراد الأمّة في العصور السالفة الحصول على نسخة من كتابها العزيز القرآن!!
فارتفع عن الأمّة الجهلُ ، وساد العلم ، وارتقى التفكير ، وصار الذين كانوا بالأمس يؤمنون ببعض الأساطير والخرافات ، ينبذونها ويأنفون من قبولها ؛ وصار الذين كانوا بالأمس يتكلّفون تأويل كلام الفلاسفة ويحملونه على محامل حسنة ويعدّون ذلك من أفضل القُرَب وأعلى أبواب العلم ، يرفضونه وينهون عن قراءته ونشره!

وبعد أن وصفَ الأخ محمد المبارك الأمير بأنه يقدّس ابن عربي ، أتى بهذه القصّة فقال : ((و قد تواتر عنه أنه كان يشتري كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن قيم الجوزية بأغلى الأثمان ليحرقها ، و ذلك أنهم كانوا يفتون بكفر ابن عربي ، كما يؤججون روح الجهاد في الشارع المسلم .بل كان يشتري جميع ما صُنِّف في الرد على ابن عربي ثم يتلفه)).انتهى

يقول الكاتب إنه قد تواتر أن الأمير كان يشتري كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم بأغلى الأثمان ثم يحرقها!!
ولعلّه من المناسب أن أُذكّر أخي الكاتب بشروط تواتر الخبر
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح النخبة متحدثًا عن الخبر: ((فإذا جمع هذه الشروط الأربعة وهي :
عددٌ كثير أحالت العادة تواطؤهم أو توافقهم على الكذب.
رووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء .
3ـ وكان مستندَ انْتِهائِهم الحِسُّ .(أي الأمر المُشاهد أو المسموع)
4ـ وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرَهم إفادةُ العلم لسامعه. (أي العلم اليقيني لا العقلي)
فهذا هو المتواتر)).انتهى[نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر ص39]

فأين هذا الخبر الذي ساقه الكاتب من هذه الشروط ، بل أين هو من شرط واحد منها ، بل أين هو هذا الخبر أصلاً؟؟
وأقول : لماذا المجازفة في الكلام والتهويل ، والقضية لا يوجد ما يساعد على ثبوتها.
ومع ذلك سأتجاوز مسألة الزعم بتواتر هذا الخبر ، وسأرضى بوجود خبر آحاد صحيح يثبتها.
وأنا أُطالب الأخ الكاتب أن يأتيني بهذا الخبر ، وهذا ليس طلبًا عاديًّا ، وإنما هو فيصلٌ في المسألة!!
وأذكّر بأن رواية الشيخ محمد نصيف التي يعتمد عليها البعض ـ على نكارتها وضعفها ـ ليس فيها ذكر ابن تيمية ولا ابن القيم لا من قريب ولا من بعيد!!
وأدهى من ذلك أن الكاتب علَّل ذلك بأنهما كانا يكفّران ابن عربي ويؤججان روح الجهاد في الشارع المسلم!!!
أولاً ؛أنا أطالب الكاتب بإيراد النقول التي صرّح فيها الإمامان ابن تيمية وابن القيم بتكفير شخص ابن عربي!!
وثانيًا ؛هل نسي الكاتب أنّ الأمير عبد القادر كان قد قاد الجهاد في سبيل الله مدّة 17 عامًا ، وتابع أبناؤه من بعده الجهاد في سبيل الله فهذا ابنه "عبد المالك" يستشهد في المعارك مع الإسبان لتحرير المغرب ، وهذا ابنه "علي" يجاهدُ مع إخوانه في ليبيا الجيوشَ الإيطالية ، وهذا ابنه "عمر" يشنقه جمال باشا السفاح لأنه كان يقف معارضًا لسياسة التتريك ومحو اللسان العربي وينتقد جمعية الاتحاد والترقي وجماعة حزب تركيا الفتاة ، وهذا حفيده "عبد القادر بن علي" يغتاله لورانس البريطاني برصاصات وهو على فرسه بعد المغرب في دمشق ، وما ذلك إلاّ لأنّه كان يقف بالمرصاد لتحركات الإنكليز الاستعماريّة .
فكيف ساغ للكاتب أن يجعل بث روح الجهاد في المسلمين من الأمور التي تُسخط الأمير عبد القادر؟!
ثم ختم كلامه بقوله : ((بل كان يشتري جميع ما صُنِّف في الرد على ابن عربي ثم يتلفه)).انتهى
وقد بينتُ في الحلقة الأولى من ردّي عدم صحّة هذا الكلام من أصله . فحبّذا الرجوع إليه .

لتحميل الحلقة السابعة بصيغة الوورد : الرد على الشبهات المثارة حول الأمير - ح 7

والحمد لله رب العالمين

خلدون بن مكي الحسني



للبحث صِلَة إن شاء الله











رد مع اقتباس