منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - دراسة واقع جودة الخدمات في بنك البركة الإسلامي (وكالة عنابة)
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-06, 19:21   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
mehdi3
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية mehdi3
 

 

 
إحصائية العضو










B10

المبحث الثالث: إدارة المخاطر في البنوك الإسلامي

تعتبر المخاطر التي تصاحب مختلف الأنشطة الاستثمارية من اهم القضايا التي تتصل بالعمل الاستشاري البنكي، وتكمن أهمية هذه المعرفة في أن حجم الخطر وطبيعته ذو أثر حاسم في نتيجة أي جهد استثماري، إذ لا يمكن الحفاظ على قيمة أي أصل استثماري أو توقع العائد المناسب منه دون التحوط من مخاطره، ذلك أن المخاطرة صفة ملازمة للاستثمار ولعل مما ساهم في تعميق أثر المخاطر على العمل البنكي الإسلامي العولمة الاقتصادية وتحرير الأسواق، وبالتالي تزايد المنافسة وتنوع السلع والخدمات البنكية، وما رافق ذلك من تقلبات شديدة في أسعار السلع والفوائد والأوراق المالية نتيجة لسهولة وحرية انتقال الأموال عبر الأسواق والدول، وسهولة الاتصالات وانتشار تكنولوجيا المعلومات.
يجب أن لا يغفل عامل الخطر عند تحليل أداء البنك، إذ يجب الربط بين العائد وبين المخاطرة المصاحبة لذلك العائد، ويمكن أن يتم الربط من خلال الأخذ بعين الاعتبار بعض السيناريوهات، التي تدور حول احتمالية عدم تحقق عامل من العوامل المحددة لربحية البنك وتأثير ذلك على ربحيته. وفي إطار هذا المفهوم سوف نتطرق من خلال هذا المبحث إلى: مفهوم إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية، أنواعها في البنوك الإسلامية، وآليات وأدوات إدارتها.


المطلب الأول: مفهوم إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

يقترن نشاط البنك الإسلامي دائما بالخطر، وذلك نتيجة عدة أسباب وظروف ومتغيرات تجتمع لتؤدي إلى نشوء هذه البيئة البنكية، التي لا يستطيع المتعامل معها تفادي أو إلغاء هذه المخاطر، وإلا فإن عليه أن لا يتكون له طموحات لبلوغ أقصى الأرباح، فكلما زادت رغبة المتعاملين في مضاعفة أرباحهم كلما تزايدت المخاطر، ولهذا سيتم التعرض هنا الى مفهوم المخاطر وإدارة المخطر البنكية على النحو التالي:

الفرع الأول:تعريف المخاطر

توجد عدة تعاريف للمخاطر تعكس وجهة نظر الباحثين المختلفة حول هذا المفهوم نذكر من اهمها:
تعريفها في قاموس (webster) بأنها: "إمكانية التعرض إلى الخسارة أو الضرر أو المجازفة، من هنا فإن المخاطرة تتضمن احتمالية حصول أحداث غير مرغوب بها" .

أيضا المخاطر بمفهومها العام، ووفقا لنظرية الاحتمالات هي: ″فرصة حدوث عائد آخر غير متوقع" .

كما يمكن تعريفها على أنها: "حالة يمكن أن يحدث انحراف معاكس عن النتيجة المرغوبة، المتوقعة والمأمولة" .

كما تعرف أيضا أنها: "احتمالية مستقبلية قد تعرض البنك إلى خسائر غير متوقعة وغير مخطط لها، بما قد يؤثر على تحقيق أهداف البنك وعلى تنفيذها بنجاح، وقد تؤدي في حال عدم التمكن من السيطرة عليها وعلى آثارها إلى القضاء على البنك وإفلاسه" .

الفرع الثاني:مفهوم إدارة المخاطر البنكية

تعتبر إدارة المخاطر البنكية علما جديدا نسبيا، لذلك تم إعطاؤها عدة تعريفات اهمها:

"منهج أو مدخل علمي للتعامل مع المخاطر الحقيقية عن طريق توقع الخسائر العارضة المحتملة، وتصميم وتنفيذ إجراءات من شأنها أن تقلل إمكانية حدوث الخسارة، أو الأثر المالي للخسائر التي تقع إلى الحد الأدنى" .
كما عرفت على أنها: "نظام متكامل وشامل لتهيئة البيئة المناسبة والأدوات اللازمة لتوقع، ودراسة المخاطر المحتملة وتحديدها وقياسها وتحديد مقدار أثارها المحتملة على أعمال البنك وأصوله وإيراداته، ووضع الخطط المناسبة لما يلزم، ويمكن القيام به لتجنب هذه المخاطر أو لكبحها والسيطرة عليها وضبطها للتخفيف من آثارها إن لم يمكن القضاء على مصادرها" .

كما تعرف أيضا على أنها: "كافة الإجراءات التي تقوم بها إدارات المصارف من أجل وضع حدود للآثار السلبية الناجمة عن تلك المخاطر بأشكالها المختلفة والمحافظة عليها من أدنى حد ممكن وتحليل المخاطر وتقييمها ومراقبتها بهدف التقليل والتخفيف من أثارها السلبية على المصارف" .
يتضح لنا من التعاريف السابقة أن التعرف على المخاطر التي يمكن أن تنطوي عليها الأنشطة البنكية بصورة دقيقة ضرورة حتمية حتى يتمكن البنك من توقع الخسائر التي يمكن أن تعترضه وحتى يتخذ الإجراءات، ويتبع أهم الطرق التي من شأنها أن تحد من هذه المخاطر أو تقلل منها، وبذلك يمكن إعطاء تعريف شامل لإدارة المخاطر البنكية، حيث نعرفها على أنها: "الإدارة المسؤولة عن تحديد و دراسة المخاطر التي تنطوي عليها أنشطة البنك، وتتوقع الخسائر الناجمة عن هذه المخاط،ر كما تقوم بتحديد الإجراءات وأهم الطرق المتبعة والأدوات لمواجهة هذه المخاطر و التقليل منها.

المطلب الثاني: أنواع المخاطر في البنوك الإسلامية

تنقسم أنواع البنوك إلى نوعين وهي مخاطر كلية، مخاطر تتعلق بصيغ التمويل حيث تشمل الأولى كل من مخاطر التشغيل، مخاطر سعر المرجعي، مخاطر السوق، مخاطر الائتمان ومخاطر السيولة. أما المخاطر التي تتعلق بصيغ التمويل فهي تشمل بدورها مخاطر المرابحة، مخاطر عقد السلم، مخاطر الإستصناع ومخاطر المشاركة.

الفرع الأول: مخاطر كلية

يتناول هذا الفرع ا مخاطر الكلية للبنوك الاسلامية وهي: مخاطر التشغيل، مخاطر السعر المرجعي، مخاطر السوق، مخاطر الائتمان، مخاطر السيولة.
1) مخاطر التشغيل:
تكون مخاطر التشغيل نتيجة الأخطاء البشرية أو الفنية أو الحوادث وهي مخاطر الخسارة المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن عوامل داخلية أو خارجية، وتعود العوامل الداخلية إما إلى عدم كفاية التجهيزات أو الأفراد أو التقنية، وإما إلى قصور أي منها وبينما تكون المخاطر البشرية بسبب عدم الأهلية، فان المخاطر الفنية قد تكون من الأعطال التي تطال أجهزة الاتصالات والحاسب الآلي، أما مخاطرة العمليات فقد تحدث لأسباب عديدة منها أخطاء مواصفات النماذج، وعدم الدقة في تنفيذ العمليات، والخروج عن الحدود الموضوعة للسيطرة على التشغيل.
نظرا للمشكلات التي تنتج من عدم الدقة في العمل، وفي حفظ السجلات، وتوقف الأنظمة، وعدم الالتزام بالضوابط الرقابية، هناك احتمال أن تكون تكاليف التشغيل أكثر من التكاليف التقديرية لها، الأمر الذي سيؤثر سلبا على الإيرادات .
2) مخاطر السعر المرجعي:
يبدو أن المصارف الإسلامية لا تتعرض لمخاطر السوق الناشئة عن المتغيرات في سعر الفائدة طالما أنها لا تتعامل بسعر الفائدة. ولكن التغييرات في سعر الفائدة تحدث بعض المخاطر في إيرادات المؤسسات المالية الإسلامية، فالمؤسسات المالية تستخدم يعرا مرجعيا لتحديد أسعار أدواتها المالية المختلفة، ففي عقد المرابحة مثلا يتحدد هامش الربح بإضافة هامش المخاطرة إلى السعر المرجعي، وهو في العادة مؤشر ليبر، وطبيعة الأصول ذات الدخل الثابت تقتضي أن يتحدد هامش الربح مرة واحدة طوال فترة العقد، وعلى ذلك، ان تغير السعر المرجعي ،فلن يكون بالإمكان تغيير هامش الربح في هذه العقود ذات الدخل الثابت، ولأجل هذا فان المصارف الإسلامية تواجه المخاطر الناشئة من تحركات سعر الفائدة في السوق المصرفية .
3) مخاطر السوق:
تعرف مخاطر السوق بأنها الخسارة التي يمكن أن تنجم جراء تغيرات غير متوقعة في القيمة السوقية للأدوات المالية ، كما تعتبر الأدوات والأصول التي يتم تداولها في السوق مصدرا لهذه المخاطر، التي إما لأسباب متعلقة بالمتغيرات الاقتصادية الكلية أو نتيجة تغير أحوال المؤسسات الاقتصادية على المستوى الجزئي، فمخاطر السوق العامة تكون نتيجة التغير العام في الأسعار وفي السياسات على مستوى الاقتصاد ككل. أما مخاطر السوق الخاصة فتنشأ عندما يكون هنالك تغير في أسعار أصول أو أدوات متداولة بعينها نتيجة ظروف خاصة بها، على أنها تقلبات الأسعار في الأسواق المختلفة تؤدي إلى أنواع مختلفة من مخاطر السوق.
4) مخاطر الائتمان:
تنشأ المخاطر الائتمانية عن عدم قدرة و/أو عدم رغبة الطرف المتعامل في الوفاء بالتزاماته ويرتبط بهذه المخاطر ما يسمى مخاطر الدول.
وتشمل المخاطر الائتمانية البنود داخل الميزانية مثل القروض والسندات والبنود خارج الميزانية مثل خطابات الضمان و/أو الإعتمادات المستندية .
تشير كذلك مخاطر الائتمان البنكي إلى تلك المخاطر المقترضة، والتي تتمثل في عدم تأكد المقرض وهو البنك من قيام المقترض، وهو العميل بسداد القرض الذي حصل عليه في موعد استحقاقه .
5) مخاطر السيولة:
تعني المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها البنك جراء تدفق غير متوقع لودائع عملائه للخارج بسبب تغير مفاجئ في سلوك المودعين، ومثل هذا الوضع يمكن أن يفرض على البنك نشاطا غير اعتيادي في التمويل القصير الأجل لإعادة تمويل الفجوة الناجمة عن نقص السيولة في السوق النقدية بأسعار مرتفعة.
وبالمثل هناك إمكانية حدوث سحب مفاجئ وغير متوقع لأرصدة قروض لم تستخدم مما يحد من قدرة البنك على التمويل .

الفرع الثاني: مخاطر تتعلق بصيغ التمويل

يتضمن هذا الفرع المخاطر التي تتعلق بصيغ التمويل في البنوك الإسلامية والمتمثلة في: مخاطر المرابحة، مخاطر عقد السلم، مخاطر الاستصناع، مخاطر المشاركة.
1) مخاطر المرابحة:
يعتبر عقد المرابحة من أكثر العقود المالية الإسلامية استخداما، وإن أمكن تنميط العقد وتوحيده فإنه يمكن أن تكون مخاطره قريبة من مخاطر التمويل التقليدي الربوي.
ونظرا للتشابه بين المخاطر المرتبطة بهذا العقد ومخاطر التمويل الربوي، فأن عددا من السلطات الرقابية في عدد من البلدان قد قبلت وأجازت هذا العقد كصيغة تمويلية، وعلاوة على ذلك فإن الآراء الفقهية حول العقد في صورته الحالية غير متفقة، ويمكن أن تشكل هذه الآراء المتباينة مصدرا لما يمكن تسميته مخاطر الطرف الآخر في العقد مع عدم وجود نظام تقاضي غير فعال .

2) مخاطر عقد السلم:
يوجد على الأقل نوعين من المخاطر في عقد السلم مصدرها الطرف الآخر في العقد، وتتفاوت مخاطر الطرف الآخر من عدم تسليم المسلم فيه في حينه أو عدم تسليمه تماما، إلى تسليم نوعية مختلفة عما اتفق عليه في عقد السلم. وبما أن عقد السلم يقوم على بيع المنتجات الزراعية، فإن مخاطر الطرف الآخر قد تكون بسبب عوامل ليس لها صلة بالملاءة المالية للزبون.
تتمثل المخاطرة الثانية في كون العقد لا يتم تداوله في الأسواق المنظمة أو خارجها، بل هي اتفاق طرفين ينتهي بتسليم سلع عينية وتحويل ملكيتها، وهذه السلع تحتاج إلى تخزين، وبذلك تكون هنالك تكلفة إضافية ومخاطر أسعار تقع على البنك الذي يملك هذه السلعة بموجب عقد السلم، وهذا النوع من التكاليف والمخاطر يتعلق بالبنوك الإسلامية فقط .
3) مخاطر الاستصناع:
يقوم البنك بالتمويل وفق عقد الاستصناع، بعرض رأس ماله لعدد من المخاطر الخاصة بالطرف الآخر.
تشبه مخاطر الطرف الآخر في عقد الاستصناع التي تواجهها البنوك والخاصة بتسليم السلع المباعة استصناعا مخاطر عقد السلم، حيث يمكن أن يفشل الطرف الآخر في تسليم السلعة في موعدها أو أنها سلعة رديئة، غير أن السلعة موضوع العقد في حالة الاستصناع تكون تحت سيطرة الزبون وأقل تعرضا للظواهر الطبيعية مقارنة بالسلع المباعة سلما.
توجد أيضا المخاطر الناشئة عن السداد من جانب المشتري ذات طبيعة عامة، بمعنى فشله في السداد بالكامل في الموعد المتفق عليه مع البنك.
اعتبراذا عقد الاستصناع عقدا جائزا غير ملزم، فقد تكون هناك مخاطر الطرف الأخر الذي قد يعتمد على عدم لزومية العقد فيتراجع عنه. وإن تمت معاملة الزبون في عقد الإستصناع معاملة الزبون في عقد المرابحة، وإن تمتع بخيار التراجع عن العقد ورفض تسليم السلعة في موعدها، فهناك مخاطر إضافية يواجهها البنك الإسلامي عند التعامل بعقد الاستصناع، وقد تكون هذه المخاطر لأن البنك الإسلامي عندما يدخل في عقد الاستصناع، يأخذ دور الصانع والمنشئ والبناء والمورد، وبما أن البنك لم يتخصص في هذه المهن فإنه يعتمد على
المقاولين من الباطن.


4) مخاطر المشاركة:
تذهب العديد من الدراسات العلمية والكتابات حول السياسات إلى أن قيام البنك الإسلامي بتوظيف الأموال على أساس المشاركة والمضاربة أفضل من استخدامها وفق صيغ العائد الثابت مثل المرابحة والإجارة والاستصناع، وفي الواقع فإن استخدام البنوك الإسلامية لصيغ المشاركة والمضاربة هو في أدنى حدود، ويعود ذلك للمخاطر الائتمانية العالية المرتبطة بهذه الصيغ، تزيد المخاطر المتوقعة في صيغ المشاركة والمضاربة بسبب حقيقة عدم وجود مطلب الضمان مع وجود احتمالات الخطر الأخلاقي والانتقاء الخاطئ للزبائن، وبسبب ضعف كفاءة هذه البنوك في مجال تقييم المشاريع وتقنيتها، ثم إن الترتيبات المؤسسية مثل المعاملة الضريبية، ونظم المحاسبة والمراجعة، والأطر الرقابية جميعها لا تشجع التوسع في استخدام هذه الصيغ من قبل البنوك الإسلامية.
وأحد الطرق للتخلص من المخاطر المرتبطة بصيغ التمويل بالمشاركة في الأرباح ،هي أن تعمل البنوك الإسلامية كمصارف شاملة تحتفظ بأسهم ضمن مكونات محافظها الاستثمارية، وبالنسبة للبنوك الإسلامية فإن ذلك يعني التمويل باستخدام صيغة المشاركة. وقبل الدخول في تمويل المشروع بهذه الصيغة، يحتاج المصرف أن يقوم بدراسة الجدوى المحكمة، وباحتفاظها بأسهم، فإن البنوك الشاملة تصبح طرفا أصيلا في اتخاذ القرار وفي إدارة المؤسسة التي تحتفظ هذه البنوك بأسهمها، ونتيجة لذلك باستطاعة البنك أن يتحكم عن قرب في توظيف الأموال في المشاريع التي تمت دراسة جدواها وأن يقلل من مشكل الخطر الأخلاقي .












المطلب الثالث: آليات و أدوات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

تتعامل إدارة البنوك الإسلامية نظرا لخصوصية الأنشطة الاستثمارية والتمويلية للبنوك الإسلامية، ونظرا لمحدودية أدوات التحوط المالية الخاصة بالبنوك الإسلامية، مع المخاطر من خلال مجموعة من الآليات والأدوات لإدارة هذه المخاطر، وهذا ما سوف نتطرق إليه في هذا الجزء.

الفرع الأول: آليات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

نتطرق في هذا الفرع الى آليات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية: الإدارة السليمة للمخاطر على ضوء المعايير الدولية، التكتل و الاندماج، التأكيد على مبدأ الإفصاح والمحاسبة في العقود مع العملاء، الاستثمار في مجال الأبحاث والتطوير.
1) الإدارة السليمة للمخاطر على ضوء المعايير الدولية:
على الرغم من اختلاف طبيعة الأنشطة المصرفية الإسلامية عن تلك التقليدية، إلا أن البنوك الإسلامية لمعايير بازل الأولى والثانية وبالتالي، فعلى إدارة هده البنوك أن تعمل على تحقيق أكبر قدر من التوافق بين المعايير الإسلامية والمتطلبات الدولية في قياس وإدارة المخاطر بأنواعها المختلفة∙
2) التكتل و الاندماج:
يجب على البنوك الإسلامية صغيرة الحجم، أن تسعى إلى رفع حجم رؤوس أموالها أو أن تبحث في إمكانات الاندماج مع غيرها، وذلك حتى تتمكن من تنويع أنشطتها وزيادة كفاءتها التشغيلية∙
3) التأكيد على مبدأ الإفصاح والمحاسبة في العقود مع العملاء:
حتى تتمكن البنوك الإسلامية من الحصول على نصيبها من الأرباح، أو التأكد من أن خسائر عقود المشاركة والمضاربة ليست ناشئة عن تعد أو سوء إدارة من قبل العملاء، لابد أن تتضمن هذه العقود مبادئ الإفصاح المحاسبي و الشفافية، كما ويفضل أن تخضع العمليات المحاسبية لطرف ثالث يعينه البنك للتأكد من سلامة الإجراءات الإدارية والإنتاجية التي يقوم بها العملاء بموجب تلك العقود ∙


4) الاستثمار في مجال الأبحاث والتطوير:
نظرا لمحدودية الأدوات المصرفية الإسلامية، فلا بد من الاستناد إلى الأبحاث بهدف تطوير سلع مصرفية جديدة تواكب المتطلبات المعاصرة ولا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، كذلك لا بد من تطوير أدوات مواجهة المخاطر دون الإخلال بشرعية هذه الأدوات .

الفرع الثاني: أدوات إدارة المخاطر في البنوك الإسلامية

اجتهد الفقهاء المعاصرين في تطوير صيغ المرابحة والمضاربة والإجارة، ولأنهم أدركوا أن هذه الصيغ تنطوي على مخاطر، فقد اجتهدوا أيضا في إيجاد أدوات لإدارة المخاطر، لعل من أهمها:
1) الإلزام بالوعد:
ذهب جمهور الفقهاء على عدم الإلزام إلا المالكية الذي ذهبوا إلى الإلزام بالوعد إذا وقع الموعود في خسارة بسبب الوعد ففي عقد المرابحة، وهو عقد على وعد لا يجوز للبنك بيع ما لا يملك و بالتالي لا يجوز إلزام العميل بالشراء، وعليه فقد اجتهد الفقهاء في إيجاد صيغة للوعد الملزم تحقق الغرض منه ولا تقع في المنهي عن،ه وقد أصدر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرارا مفاده أن الإلزام بالوعد في المرابحة ليس إلزاما بالشراء، ولكنه التزام بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالموعود نتيجة عدم الوفاء بالوعد، وهذا يعني تعويض البنك عن الخسارة، إذ حدثت، عن بيع السلعة الموعودة إلى طرف ثالث بأقل من ثمن شرائها∙
2) غرامات التأخير:
لا تستطيع البنوك الإسلامية معاملة العملاء المتأخرين عن التسديد كالبنوك التقليدية، التي تعمل على زيادة تكلفة الدين من خلال غرامات التأخير، وذلك لأن زيادة في الدين هي من الربا المحرم، حتى لو كان أصل الدين حلالا، وحتى لو كانت الزيادة فيه جائزة مثل الزيادة في البيع الآجل، ولذلك عادة ما تواجه البنوك الإسلامية مشكلة عدم جدية التزام العملاء بتسديد مستحقات البنك في أوقاتها∙
عمدت البنوك الإسلامية لمواجهة هذه المشكلة إلى أن يأخذ البنك الإسلامي احتمال التأخير في التسديد من خلال زيادة الربح بما يقابل المطل(التأخير)، ولكن هذا أدى إلى زيادة كلفة التمويل على العملاء وجعل التمويل الإسلامي غير منافسا، الأمر التي ترتب عليه البحت عن وسيلة ردع تمنع المماطلة، ولا تقع في الربا المحرم فجاء اجتهاد الفقهاء بما يعرف بـ (الغرامات للخيارات)، التي تعني تغريم المدين المماطل على الدفع بقدر تخلفه عن السداد في الأجل، وحتى تخرج هذه الغرامة من الربا المحرم، لا تعتبر الغرامة إيراد للبنك وإنما تصرف في أوجه الخير فعلى الرغم من أن البنك الإسلامي لن يستفيد ماديا من الغرامة، إلا أنه من خلالها يستطيع ردع العملاء المماطلون الذين يسعون لتجنب غرامة التأخير التي تعتبر تكلفة مالية عليهم∙
3) وعد البيع في عقد الإجارة:
تعتبر عقود الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود الإسلامية التي سهلت على الناس امتلاك العقارات التي لا يستطيعون شرائها نقد،ا ولا يرغبون في التعامل بالربا المحرم، ولأن البنك الإسلامي مؤسسة وساطة مالية، فان المستأجرون منه هم متمولون منه هدفهم امتلاك محل الإيجار وليس فقط الانتفاع به، ولذلك جاء الاجتهاد المعاصر بصيغة عقد الإيجار مع الوعد بالبيع، الذي يتضمن إيرادات ايجارية للبنك خلال مدة عقد الإيجار، تؤول ملكية محل الإيجار للعميل في نهاية العقد بثمن رمزي، وبحيث تمثل مجموع الإيرادات الإيجارية قيمة محل الإيجار وتكلفة التمويل، أي مقدار ربح البنك في هذه العملية، ولكن تبقى مسألة مدى كفاية عوائد هذا النوع من التمويل فعقد الإجارة المنتهية بالتمليك من العقود طويلة الأمد، وحيث أن العوائد المطلوب من البنك تحقيقها للمودعين تختلف حسب ظروف السوق، فمن غير المجدي للبنك الإسلامي أن تبقى عوائده المتمثلة بالإيرادات التأجيرية ثابتة لمدة طويلة، ولمواجهة هذه المسألة، فقد أصدر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرارا أجاز فيه ربط الإيجارات طويلة الأجل بمؤشر السوق مثل اللايبور (LIBOR)، وهو سعر الفائدة بين البنوك في لندن لليلة واحدة، ويوجد في الأردن حاليا سعر مماثل مسجل رسميا وينشر يوميا هو الجايبور(JIBOR) وهو سعر الفائدة بين البنوك الأردنية في عمان لليلة واحدة∙
4) التنضيض الحكمي:
يجب على البنك الإسلامي كشركة أن يصدر بيانات المالية الميزانية العمومية وبيان الدخل فهي نهاية سنته المالية، والتي يجب أن تظهر مركزه المالي وربحيته خلال السنة المالية المنتهية∙ ولكن الربح في بعض العقود الإسلامية لا يعرف إلا بعد سلامة رأس المال، أي لا يمكن تثبيت الربح من عقد مثل المضاربة إلا بعد نهاية العقد وتصفية أصوله، ولأن الدفاتر المحاسبية التي يعتمدها البنك لإظهار بياناته المالية قائمة أساسا على المبدأ المحاسبي (استمرارية الأعمال) (Going Concern)، فلا بد من التنضيض لإثبات ربحية البنك من العقود المستمرة، والتي لا تنتهي بنهاية السنة المالية للبنك وقد اجتهد الفقهاء المعاصرين في إجازة ما يسمى التنضيض الحكمي، الذي يتضمن تحويل أعيان العقود إلى قيم نقدية في نهاية السنة المالية للبنك، وبناء عليه يتقرر فيها إذا سلم رأس المال ومقدار الربح وقسمة الربح حسب العقد الأمر الذي يتيح للبنك إظهار أرباحه من كافة العقود في بياناته المالية السنوية∙
5) تحديد المدة في عقد المضاربة :
لا تتضمن الصيغة الأولية لعقد المضاربة مدة زمنية لإنهاء العقد، وإنما كانت تحدد بانتهاء العملية التجارية من بيع وتصريف للبضاعة، ولكن حتى يكون عقد المضاربة صالحا كأساس للحسابات الاستثمارية في البنوك الإسلامية، وجب أن يكون لعقد المضاربة مدة ملزمة لطرفيه، ولهذا اجتهد الفقهاء المعاصرين وأجازوا جعل العقد لازما في مدته إذا نص عقده على ذلك، وفيه ليس لرب المال إنهاء العقد قبل التاريخ المحدد∙
6) الاستصناع الموازي:
لا تستطيع البنوك الإسلامية استخدام عقود الاستصناع بصيغتها الأساسية لأنها مؤسسات مالية وليست صناعية، وحتى يكون الاستصناع قابلا للاستخدام في البنوك الإسلامية، لزم تصميمه بحيث ينحصر عمل البنك فيه على المخاطر الانتقائية، فجاء عقد الاستصناع الموازي الذي يتيح للبنك أن يكون صانعا في العقد الأول و مستصنعا في العقد الثاني ويكون الثمن فيه مؤجلا فيتحقق التمويل للعميل الأول، ويتم تنفيذ العقد من العميل الثاني أي المقاول أو الصانع، وبهذا ينقل البنك مخاطر التنفيذ إلى المقاول المنفذ ويقتصر عمله على الوساطة المالية .



خلاصة:

تتمتع البنوك الإسلامية بقدرات كبيرة على تجميع المدخرات وامتصاص الفوائض المالية في الأوساط الشعبية، وبما تقدمة من خدمات بنكية متنوعة، وما تملكه من أوعية ادخارية واستثمارية كثيرة، كما إن تعدد قنوات التمويل البنكي الإسلامي وتنوع صيغه، تسهل على المستثمر الحصول على التمويل اللازم للنشاط الاقتصادي في الوقت المناسب، ويوفر له وسائل الإنتاج المختلفة، كما يشارك البنك بخبرته الفنية والتنظيمية والإدارية بالإضافة إلى مشاركته المالية.
كما تنسجم الأوعية الادخارية والاستثمارية والصيغ والأساليب التمويلية في البنك الإسلامي مع القيم والمبادئ التي تحكم سلوك المستثمر المسلم، وبذلك تتجلى وبوضوح روعة التكامل والشمول في الفقه الإسلامي في هذه الصيغ والأساليب، التي تنضم استعمال المال وتناسب مختلف الحالات وتفصل سائر احتياجات الأفراد داخل المجتمع.