منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التحقيق الدقيق في شرف بني نائل الوثيق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-09-11, 18:53   رقم المشاركة : 358
معلومات العضو
ناصر الحسني
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ناصر الحسني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رابعا :بيت الكعبة
بيت القبلة بيت راها عجبتني
وارض الحرة جات بين الجبال
بيت الكبرى هي مكة
والمدينة جار وامقام الرسول
واميهت زمزم فيها اتمتعنا
واقضينا فيها جميع الحاجات
زرنا العرفات صمعة مبنية
ملقى للحجاج فيها يتلقاوا
صلينا صلاة في يوم واحد
هذا وطن الحر وطن الأنبياء
واتحرر بارجال راهم سادات
الله ياربي واتقبل منا
واقبل حجتنا واجميع الحاجات
هذا وطن الحر منوا روحنا
وروحنا للأهالي والوليدات
وافرحنا فرحة والفرح دائم
الله يارب نطلبك طلبة
واطلبتك طلبة لي واقبلها لي
احفظنا جميع واجميع الأمة
أمة محمد كلها اجمعين
اغفر ذنبنا واستر عيبنا
واجعلنا من الناس راه مخلصين
آمين يارب العالمين قول الحاج المختار علواني


خامسا :قصيدة نفح المواسم






الباب الثاني :
مقدمة :
أولا : الذاكرة الجماعية والحنين للماضي:
تشكل الذاكرة الجماعية في المجتمع مجالا خصبا لمجموعة من التفاعلات الرمزية، فهي تختزل مكونات المجتمع، تاريخه، تراثه، تجاربه وعلاقته بالمحيطين الطبيعي والبشري. ورغم أن هذه الذاكرة تتقاطع في خصائصها العامة مع خصائص ذاكرة المجتمعات المحلية المشابهة وخاصة المجاورة لها، فإنها تتميّز بخصوصية محليّة. وقد اشارت الدراسات الانثربولوجية والتاريخية إلى أهمية الصورة التي يكونها الفاعلون الاجتماعيون، حول أنفسهم، بقطع النظر عن درجات (واقعية) تلك الصورة التاريخية. كما أن (الزمن الأسطوري)[15] « فالنسي » Lucette Valensi [1936- ] مثل إحدى أهم خصائص هذه الذاكرة وفق نظرتها إلى العالم الداخلي والخارجي.
يقول الأستاذ والباحث الاجتماعي «شهاب اليحياوي»: فالناس لا ينقطعون عن ماضيهم أي ذاكرتهــم ، عند التحوّل من فضاء إلى آخر مغاير ضمن المدينة أو من فضاء ريفيّ أو تخوميّ إلـى مدينيّ : أي من تمثّل وتصوّر للفضاء ونمط عيش إلى آخر ومن يومي معاش إلى آخر .
فالفضاء العمراني لا زال هو الذاكرة الجماعية ولدراسة تاريخ الهامل يستلزم علينا جهدا كبيرا لعراقته وهذا التاريخ لا يخص الهامل فقط بل يتعدى الى محيطه مثل بوسعادة والعليق واسليم والديس ، فما بناه قوم البدارنة في المنطقة هو دشرة درمل والهامل والعليق ودشرة جبل كردادة ودشرة اسليم ولا ننسى ان قوم البدارنة هم أصحاب النفيخة قبل كل شيء .
ثانيا : بداية تعمير الهامل وبوسعادة :
فالهامل بدأ التعمير فيه قبل بوسعادة بـأربعين سنة حسب الروايات وقد ورد في كتاب تاريخ الجزائر للأستاذ توفيق المدني (......جاء العرب الهلاليون إلى أفريقا بلاد المغرب وانتشروا في القطر الجزائري واغلبهم نزل في تونس والزاب والحضنة وبوسعادة حتى جبال العمور.....وكانت بوسعادة في هذا العهد العربي يتداول حكمها بين الدولتين الأغلبية بتونس والزيانية بتلمسان وهي منزل بعض الطوائف من العرب ومنهل للصادر والوارد.
مكثت بوسعادة على تلك الحالة ردحا من الزمن إلى أن نزل بها أناس من مختلف الجهات ومنهم قبيلة البدا رنة وهم بطن من بني عوف من قبائل سليم فبنوا مداشر قبلة الوادي كما هو معروف باسمهم الآن وتملكوا بالوادي وكان تحت سلطة رجل يدعى بن وهاس كبير قبيلة البدا رنة وقد اشتراه منه سيدي سليمان وسيدي ثامر بعد بناء المسجد كما سيأتي ومنهم قبيلة الصحاري وهم بطن من بطون بني هلال بن عامر،وهكذا توارد الناس على بوسعادة أفرادا و جماعات من مختلف القبائل والنواحي وفي أزمنة متعددة.
وهناك الكثير من المصادر التي تكلمت عن ذلك فنبدأ بكتاب أحد أبنائها الذين أنجبتهم وهو الشيخ خليفة بن الحاج محمد بن الزروق فهو يذكر في كتابه أنها مدينة ظهرت قبل الإسلام
وبقيت بوسعادة بدون بناء يذكر برهة من الزمن ... بعد أن جاء العرب الهلاليون إلى إفريقيا اتخذوا من بوسعادة مكانا لهم ... وفي القرن 8 هـ وقع بأرض المغرب الطاعون الجارف فاهلك ما اهلك ونزل ببوسعادة أناس من مختلف الجهات منها قبيلة البدارنة وهم من بطن بني هلال بن عامر وتولت على بوسعادة أفراد وجماعات إلى أن جاء دور إلى الصالح سيدي سليمان بن عبد الرحمان الملقب ربيعة الشريف العبد الرحيمي البوزيدي الإدريسي الحسيني حيث قام بادوار كبيرة فقد بنى زاوية بالعوينات وشرع في تحفيظ القرآن الكريم ... وكان الناس يأتونه من كل فج عميق وكان من هؤلاء الولي سيدي ثامر الذي قصده سنة 795 هـ في رؤية فطلب منه المكوث عنده فقبل سيدي ثامر فدرس عنده ووصل إلى مرتبة عالية وفي إحدى الأيام اقترح ببناء مسجد لتأدية الصلوات الخمس فيه وصلاة الجمعة فكان ذلك فخرج سيدي سليمان وسيدي ثامر لتعيين المكان فكان اختيارهم على الموضع الذي كان به القصر الذي بناه الروم وهدمه الوندال فشرعوا في بنائه وكان المهتم بأمر بنائه سيدي دهيم لأنه كان يحسن هذه الصنعة وبعد أن أتموه أقاموا حفلا وسموه بمسجد القصر كما سموه بمسجد سيدي ثامر وهو معروف الآن بمسجد النخلة ودعا سيدي سليمان لسيدي ثامر بالبركة قال له " جعل الله عمارة هذا البلد على يديك وبارك الله في أرزاق أولادك وجعل فيهم الدين إلى يوم الدين " كما ألقى سيدي ثامر كلمة على الحاضرين وأطلق على هذه البلدة الطيبة اسم بوسعادة السعيدة تفاؤلا بسعادة سكانها في الحال والاستقبال وطلبا الوليان من الوهاس وهو كبير قبيلة البدارنة على أن يتنازل على الوادي فكان ذلك لعمارته بالبساتين وطلب سيدي ثامر من سيدي سليمان تزويجه من ابنته فقبل وقد سافر سيدي سليمان إلى المشرق للحج وترك ابنه سيدي يحي في ذمته وتوفي هناك وأنجب سيدي ثامر من زوجته الطاهرة ثلاثة أولاد أحميدة وحركات وعتيق وتفرعت الأولاد وصارت أربع فرق أولاد أحميدة وعتيق والقصر والعشايشة*
" ثم بعد مدة قصيرة توسعت بوسعادة الى سبع فرق القصر والعشايشة والزقم وأولاد أحميدة وأولاد عتيق والموامين – دون أن ننسى حارة الشرفاء الذي ينحدر أصلا عائلة منها " 2
*** أما سيدي ثامر فقد تزوج للمرة الثانية بالقروز وأنجب ذرية هناك وتوفي ودفن هناك رحمهم الله جميعا
- 1- خليفة الحاج محمد بن الزروق : مخطوط إرشاد الحائر إلى ما علم من أحوال بوسعادة وأخبار سيدي ثامر
- 2- بن النوي الشابي : التعريف بمدينة بوسعادة – وثيقة تاريخية للمدينة وأحوالها -

لقد عني كثير من المؤرخين بتاريخ المنطقة وشخصياتها ولعل الشيخ أبوالقاسم محمد الحفناوي المعروف بابن عروس بن سيدي إبراهيم الغول وهو ابن المنطقة قد أشار في كتابه المعروف «تعريف الخلف برجال السلف» إلى تاريخ المنطقة وأوضح يقول: على تبجح المتفيقهين الذين لا يقيلون عثار المخطئين وقريتهم في سفح جبل يسمى أبا العرعار من فروع جبل سالات المذكور أكثر مرة في تاريخ العلامة ابن خلدون وهو جبل شامخ كثير السواعد وفيه أثار للأولين وأقربهم إلينا في التاريخ بنو برزال المتنقلون إلى الأندلس، كما ذكره ابن خلدون ومن فروعه جبل القليعة وهو جبل رفيع قمته مربعة وفي سطحها ديار كانت لأحد رؤساء زناتة ثم صارت إلى بعض رؤساء العرب ومنهم قتيل ذئاب في محل الرمل واليراع ويعني بذلك كدية «بانيو» التي اكتشف فيها اليوم عنصر عجيب من صنع قدماء المهندسين.

وقال ابن خلدون: وكان مقامة بينهم سنة يختلف إلى بني برزال بسالات والى قبائل البربر بجبل أوراس يدعوهم جميعا إلى مذهب النكارية إلى أن ارتحل إلى أوراس واستبحر عمران هذا المصر واعتصم به بنو واركلا هؤلاء والكثير من ظواعن زناتة عند غلب الهلاليين اياهم على المواطن واختصاص الاثيج بضواحي القلعة والزاب وما اليها. ولعل بعض هذه الإشارات التاريخية تدل على ما فيه الكفاية على تاريخ المنطقة وامجادها الماضية.
ثالثا :الطبيعة المعمارية للمنطقة :
لقد اشتهرت الهامل و بوسعادة مثل بقية المدن الجزائرية التاريخية بفنون العمارة الإسلامية وشهدت فيها المساجد والبناءان العمرانية نموا ملحوظا بل وبرز من خلال هذا العمران أهمية الروح الإسلامية والطراز الهندسي الفاخر الذي تميزت به مساجد بوسعادة كما هو حال مسجد زاوية الهامل ذي الطراز المعماري الرائع ومسجد النخلة والمسجد العتيق الذي بناه الشيخ العالم سيدي ثامر. وقد استعمل البناءون المحليون في عمارتهم وسائل طبيعية كالنخيل والعرعار ووظفوا ما لديهم توظيفا موفقا في بناء المساجد التي تقدم النموذج الامثل في العمارة والبناء الإسلامي بفنونه وزخارفه وطرزه الرائعة ناهيك عن العلوم وفنون التحصيل المعرفي الذي تميزت به المنطقة عبر تاريخها المجيد ولا تزال بهذا الصدد زاوية الهامل معلما دينيا وحضاريا وفكريا يشع على المنطقة بعلومه ورجاله ولا يزال دير الهامل غارقا في متاهة الزمن وفيا لتدريس المباديء القرآنية المتواصل على مر الأيام منذ تأسيس هذه الهيئة في عصر الأمير عبد القادر الجزائري ولا يزال يتميز بتجديد حسن الضيافة وبالهدوء في ممراته المظللة والقبة التي تمثل قبر المؤسس والذي يرجع لها الفضل في تذكيرنا بعصور أخرى لا تزال تجيء دائما محملة بالإشعاع والعلم والفكر. وللمنطقة عالمها الخاص رائحة التراث وعبق الماضي .
رابعا :مؤسسي الهامل وبوسعادة بعد قوم البدارنة :
أ-قدوم حجاج الهامل :
حجاج الهامل هما اثنان من أبناء سيدي عبد الرحيم بن عبد الله بن سيدي بوزيد هذا هو المنقول عن علمائنا وأكابر أسلافنا من أجل التوضيح والتسهيل وأبناء سيدي عبد الرحيم هؤلاء تفرعوا إلى فرق الشرفة الأربعة وهم أولاد سي علي وسيدي بلقاسم (الحسينات) وأولاد سيدي أحمد وأولاد سيدي أحمد البكاي وأولاد سيدي أحمد بوعدي وهؤلاء جميعا موجود نسلهم الآن جيل بعد جيل وبهم تم تعمير وبناء قرية الهامل في نهاية القرن الثالث عشر ميلادي و بداية القرن الرابع عشر أي منذ سبع قرون وبهؤلاء صار الأصل الذي تركبت عليه فرق الشرفة المذكورة أعلاه ، حيث تجمع الروايات على أن التأسيس كان من طرف حجاج الهامل ومفاد ذلك أن سيدي عبد الرحيم بن أيوب وعمه سيدي أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الله بن سيدي بوزيد انتقلا إلى مكة المكرمة بقصد الحج يرافقهم الشيخ عبد الهادي وبعد إتمام الحج عادوا قاصدين بلادهم وعند مرورهم بموضع بلدة الهامل اليوم نزلوا عند عين ماء بقصد الوضوء والصلاة وكان المكان بادية لا بناء فيه إلا العين التي يشرب منها البوادي والرحل وبعد إتمام صلاة العشاء في موضع بقرب العين وفي الصباح أظهر لهم الله سبحانه عز وجل كرامتين عظيمتين دلتهم على أن الله أراد لهم عمارة تلك الأرض الخالية من العلم والدين والكرامتان نوردهما كما سمعنا من مشايخنا رحمهم الله وقرأنا عنهما في تراث السلف الصالح " صيرورة عكازيهما شجرتا توت بمجرد وضعهما على الأرض و ظهور أساس من الحجر بالقرب من العين حول موضع صلاتها "
أما سيدي عبد الهادي فواصل السير غربا جهة إقليم سعيدة أما سيدي عبد الرحيم وعمه سي أحمد فقررا الإقامة وأرسلا في طلب أهلهما من جبل راشد الواقع باقليم آفلو ولقبهم سكان البوادي أهل الجهة بالترحاب والتقدير ولقبوهم الأشراف ...

ب-قدوم الشيخ سيدي سليمان :

الولي الصالح المربي الشيخ سيدي سليمان بن عبد الرحمان الملقب بربيعة فنزل بالموقع المسمى الاعوينات وأسس فيه زاوية،وانتصب لتلقين الأوراد وتعليم القران و الصلاة على الجنائز وإفتاء السائلين عن ما يسالون في اموردينهم لان هذا الوطن كان وطن عرب رحالة وصحراء خالية إلا ما بناه البدارنة وهو دشرة درمل والهامل والعليق ودشرة جبل كردادة التي فوق الاولاج بواد بوسعادة،وقرية الديس ، ولما شرع سيدي سليمان في التعليم والوعظ والإرشاد ذاع صوته وأجمعت العامة على حبه واحترامه وتعظيمه.واختلف الرواة في تحديد الناحية التي قدم منها،قيل انه قدم من تافيلات،وقيل قدم من عين الريش لأنها مقر ومكان لأولاد سيدي بوزيد،وقيل قدم من ونوغة التي كان يسكنها مع أخيه احمد لسوء تفاهم وقع بين زوجتيهما فرحل،والله اعلم بحقيقة ذلك.
وعلى كل الروايات فان الشيخ سيدي سليمان معروف النسب والحسب وانه سكن بوسعادة وأقام بها زاوية وخلف فيها أولاد.

جـ-قدوم الشيخ سيدي ثامر:
في حدود سنة 795ه الموافق1394م قدم على سيدي سليمان الولي الصالح الشيخ سيدي ثامربن أمحمد،وسيأتي ذكر نسبه الشريف وسبب قدومه إلى الديار ومن أي ناحية أتى لان الوقت لا يسعنا لذكر ذلك في هذه العجالة،وكان قدومه مع رفيقه فتلقاهم بالترحيب والإكرام وادخلهما إلى الزاوية فوجدا فيها سيدي دهيم و جمعا من التلاميذ فاستقبلوهم بالترحيب وأقاموا معهم،وبعد أيام سال سيدي سليمان سيدي ثامر عن سبب قدومه إلى هذه الديار فقص عليه رؤية كان رآها كما ورد شرحها سابقا ولا بأس أن نشير الى الرواية التالية : فأشار عليه بالمقام عنده فقبل ، فعلمه ورباه، ولما كثر أتباع الشيخ وتلامذته اقترح عليهم سيدي ثامر بقوله أننا في حاجة إلى مسجد يجمعنا في الصلوات الخمس ونقيم فيه صلاة الجمعة فوافق الجميع على اقتراحه واستشاروا الشيخ سيدي سليمان فأذن لهم،فخرج سيدي ثامر و سيدي ادهيم وبعض الطلبة يرتادون موضعا لبناء المسجد فساقتهم الأقدار إلى المكان الذي به المسجد اليوم ،واختط سيدي ثامر منزلا إزاء المسجد على أنقاض قصر بفادة الذي بناه الرومان مركزا حربيا وهدمه الو ندال في غزوهم على الإمبراطورية الرومانية فعرف المسجد به و الحي كذلك،يقال مسجد القصر و حي القصر حين ذاك ،أما اليوم فيعرف بجامع النخلة أو الجامع العتيق،ثم شرعوا في بناء المسجد على نفقة سيدي ثامر ،والذي تولى البناء سيدي ادهيم لأنه كان يحسن صنعة البناء،ولما تم بناء المسجد والمنزل أقام سيدي ثامر احتفالا لتدشينه حضره كل من سيدي سليمان وسيدي ادهيم والولي الصالح سيدي عطية بن بلقا سم والولي الصالح سيدي محمد الأبيض المعروف بالطير الأبيض وكثير من أعيان القبائل النازلين بضواحي بوسعادة في ذلك العهد،ولما انتظم الحفل قام الشيخ سيدي سليمان فدعا لسيدي ثامر بالبركة وقال له"جعل الله عمارة هذا البلد على يدك وبارك الله في أرزاق أولادك
وجعل فيهم الدين إلى يوم الدين"
ثم قام سيدي ثامر بعده وقال"إننا أسسنا هذه البلدة على العدل و الحق فمن ظلم فيها دمره الله ولو كان من أولادي"،وقال أيضا "كل من أقام في هذه البلدة أربعين يوما ولم يعد نفسه من أهلها فهو
ماثوم،وكل ساكن في هذه البلدة فهو ابن الصلب أو ابن القلب"
وأطلقوا على المدينة اسمها الأول بوسعادة،وأضافوا لها مفردة السعيدة تفاؤلا بسعادة سكانها في الحال والاستقبال.وبعد الفراغ من مراسم الحفل و التدشين خطب سيدي ثامر سيدي سليمان في ابنته فزوجه إياها وترك عندها أخاها سيدي يحيى في كفالة سيدي ثامر،ولم يقم طويلا ثم سافر إلى المشرق قاصدا بيت الله الحرام فمات رحمه الله في الطريق إما ذهابه أو إيابه،غير انه لم يعرف بالضبط تاريخ وفاته ولا محل دفنه،أما الإشاعات التي تذكر طرابلس ومصر فهي غير صحيحة.
أما سيدي ادهيم كما قيل انتقل إلي ناحية المسيلة وسكن هناك وخلف ذرية كراما معروفون بتلك الناحية.
أما سيدي يحيى بن سيدي سليمان فانه كان في صغره يتعبد في خلوة في جبل كردادة الآن بشعبة سيدي يحيى،ولما كبر زوجه سيدي ثامر من بيت من بيوت الأشراف.
وحيث أن سيدي ثامركان رزق أولادا من زوجته كريمة الشيخ سيدي سليمان
===

خامسا :أ- الخيمة الحمراء وانتماء حجاج الهامل إليها :
للعلم حجاج الهامل ما يطلق عليهم بالبيت الحمراء اليوم لتواجدهم وسط أعراش أولاد سيدي نائل الأشراف لعدة مزايا من بينها نسبهم الأصيل ما يطلق علينا جميعا الاشراف بعدما كانت خيمتهم يغلب عليها اللون الأسود . و للعلم أن سيدنا نايل اسمه محمد وهو من أشراف المغرب وسمي بنائل لدرجة علمه…أي نال العلم…وكانت العروش في القديم تشكل ما يسمى بالسماط والسماط عبارة عن تجمع للقبائل يكون بشكل دائري وكانت الخيمة النايلية من بينهم، لكن معظم الخيم كان يغلب عليها اللون الأسود…في ذلك الوقت كان يتردد بعض الزوار والطلبة على سيدي نايل لأخذ الدروس والمواعظ ومشاورته في أمور الدين والدنيا لكنهم كانوا يجدون صعوبة في إيجاد خيمة سيدي نايل لكثرة الخيم…وعلم سيدي نايل بالأمر فأراد أن يميز الخيمة النايلية على باقي الخيم فأضاف إليها أشرطة حمراء….ومن ذلك الوقت تميزت الخيمة النايلية عن باقي الخيم .وخيمة أولاد نايل : أو كما تعرف بالبيت الحمراء، تصنع من الصوف و الشعر ليوفر الحرارة و التدفئة و تفادي مياه الأمطار و كذا الوقاية من لفحات الشمس و الحرارة ،و الخيمة عبارة عن قطع قماشية تخاط ببعضها كل قطعة تسمى "فليج" تتفاوت أطوال الفليج أما العرض فعاد ما يكون 1م و ينسج مباشرة على الارض بغرس أوتاد تشد النسيج يتوسطه قطعتان خشبيتان تسميان "الصوصيا "."الميشع" بالاستعانة بأداة أخرى للنسيج تسمى "المدرة"أو "الضراب " .
ملحقات الخيمة :
"الطريڤة " :و هي قطعة النسيج الموجودة عند المدخل الواجهة تخاط على طول الخيمة .
الحيال : قطعة من النسيج الخفيف "ستار" و تفصل جهة النساء عن جهة الرجال .
ترتفع البيت الخيمة عن الأرض بأعمدة خشبية و هي :
الركيزة الأساسية : و هي العمود الأطول يتوسط الخيمة النايلية بحيث ترفعه على شكل هرمي وعلى رأسها "الڤنطاس " :و هو قطعة مسطحة و دائرية للحفاظ على الخيمة من التمزق .
البيبان : و هما العمودان الوسطيان الأمامي و الخلفي .
السوابع : وهي الأعمدة "الركائز" الجانبية .
فراش الخيمة:
تفرش الخيمة بالداخل بأفرشة صوفية تسمى الفراش العمراني و الذي يغلب عليه اللونان الأحمر و الأسود .
بناء الخيمة : كما سبق لنا أن ذكرنا أن البيت أو الخيمة تبنى بواسطة رفعها بأعمدة خشبية و لكن هناك بعض الملاحظات الخاصة و هي زوايا الميل الخاصة بالخيمة ففي فصل الصيف تزيد زاوية الميل فتسمح بدخول تيارات هوائية لتعطي انتعاشا وبرودة لمن بالداخل و تفتح جهتا الخيمة أما في الشتاء فتنصب الخيمة في سفح الجبل للوقاية به من الرياح الشديدة ،و تحاط بسواقي تسمى "الوني" تبعد مياه الأمطار إلى الأسفل .
===


ب-أولاد نايل من أكبر أعراش الوطن بالجزائر :

هو محمد (الملقب بنائل)، بن عبد الله (الملقب بالخرشوفي)، بن محمد، بن أحمد، بن مسعود، بن عيسى، بن أحمد، بن عبد الواحد، بن عبد الكريم، بن محمد، بن عبد السلام، بن مشيش، بن ابي بكر، بن علي، بن حرمة ، بن عيسى، بن سلام ، بن مزوار، بن حيدرة، بن محمد، بن إدريس الازهر، بن إدريس الأكبر، عبد الله الكامل، بن الحسن المثنى، بن الحسن السبط، بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولد سيدي نائل على الأرجح مابين سنتي 1484 م و 1504 م بمنطقة فجيج بالمغرب الأقصى، و كان من أشهر تلامذة الشيخ أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني، فقد بقي عنده عدة سنوات و كان بمثابة التلميذ النموذج.
و كان من بين ما يذكر خلال مرحلة دراسته في مليانة، امتحان الشيخ أحمد بن يوسف لتلامذته، حيث طلب منهم التضحية بان يقوم الشيخ بذبحهم ، ففر أغلب التلاميذ، إلا سبعة منهم ، كان من بينهم سيدي نائل الذي ثبت أكثر من السبعة الباقين، فنال البركة من الشيخ و سمي بعد ذلك نائل، و دعا له و لنسله من بعده .
و بعد بقاء سيدي نائل مدة في الجزائر، أمره سيدي أحمد بن يوسف بالذهاب إلى الجنوب حيث جبال اللدمي و بلد النعام و الغزال، فاستقر بنواحي عين الريش.
جدير بالذكر أن قبيلة (أو عرش) أولاد سيدي نائل تعتبر الآن من أكبر عروش الجزائر و الوطن العربي.

===


الباب الثالث :
قصيدة فخر واعتزاز وابلاد الصالحين
الهامل راه مأيد بالناس الأولين
جعلوه ذكرى معين وابلاد الصالحين
سكنوه حجاج الهامل هما واجدود الشرفة
والشيخ قسوم الوالي
الهامل عاد امنور واتكون زاد أوساع
واتجيه لخوان كثيره تفرح بافراح كثيرة
واتروح في الآمان
يا خاوتي يالحباب وانتم شرفه لعزاز
نسبتكم راها زينه ما فيها حتى عار
هاملكم راه امخير ليس ولا يتغير
شيخو الحاج المأمون يارب بارك فيه
يارب بارك فيه
هوا وليد الشرفه واحز نرضاو اعليه
الله الله الله الله الله الله
========
الشاعر الحاج المختار علواني من أبرز شرفاء الهامل من خيرة رجال قبيلته وتقاتها المخلصين لله ورسوله . محبا لدينه ووطنه سباقا لفعل الخير يستغيث به المغيث ويستجير به البائس الفقير يأمر بالمعروف وينهلا عن المنكر ، يعمر مساجد الله ، جاهد بماله ونفسه في سبيل الله وعذب من أجل ذلك .
ولأن هدفه آنذاك تحرير الجزائر من دنس الإستعمار الفرنسي رفض أن يستفيد من شهادة النضال التي تمنح لكل مجاهد شارك في حرب التحرير كما إستفاد منها زملاءه الذين ناضلوا معه في المهجر وقتئذ ، وأبى إلا أن يكون عمله الجهادي إبتغاء مرضاة الله ودون جزاء وشكورا من أحد .
وهذا إستجابة لقول الحق تبارك وتعالى :
( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله مع المحسنين ) .
الموقع الإستراتيجي لبلد الأشراف :
أ‌- بلدة الهامل وموقعها :
الهامل بقعة انبسطت في الوسط بين الجبال و على سفح الجبل الأشم عمران ..
وهي تقع على شكل دائري بين الجبالفي الجنوب الغربي لمدينة بوسعادة في شمال الصحراء بجنوب الجزائر. وتبعد عن بوسعادة بـ 14 كلم.علي الطريق الوطني رقم 89 الرابط بين دائرة بوسعادة ودائرة عين الملح وتنتمي قرية الهامل إلي السلسلة الجبلية أولاد نايل والتي تكون بدورها مع سلسلة جبال الزاب الأطلس الصحراوي كما يحدها من الجهة الشمالية الشرقية جبل سمساد ،كما يحدها من الجهة الغربية جبل عمران ومن الشمال جبل الأخناق أما من الجهة الجنوبية والجنوبية الشرقية فيحدها جبل الزرقاء, هذا الموقع الإستراتيجي يعطيها أهمية كبرى والذي يتوسط الجبال التي تصد الأعاصير الرملية و تحميها من التصحر و زحف الرمال ..
مما جعل القرية علي مقعر شديد التضرس بحيث تخترقها شعب كثيرة كما يمر بالمدينة واد الهامل الذي يصب بدوره في شط الحضنة, ومن أهم المدن التي هي علي حدود مع الهامل هي مدينة بوسعادة التي تقع في الجهة الشمالية الشرقية.
ب- تسمية البلدة :
ولأن معظم أهل البلدة كانوا من حفظة القرآن الكريم ، المتفقهين في الدين ، أمكنهم أن يحترفوا تعليم كتاب الله العزيز ، وتدريس الفقه ، وإمامة الناس في الصلاة . وهو ماجعل الكثير منهم يختلطون بأهل البوادي والحواضر القريبة و النائية.
لقد اختلفت الروايات في تسمية البلدة بالهامل ، شأن أغلب القرى الجزائرية ، التي يكتنف تسميتها شيء من الغموض ، وشيء من القدسية ، وشيء من الأسطورة كما يحلو للبعض أن يسميها . ونورد هنا بعضا مما تبادر إلى أذهان الأوائل في تسميتها بهذا الإسم يمكن أن تكون قد أخذت تسميتها من كونها تعيد الهمل من الناس إلى الجادة ، وتعيد من تشعبت بهم السبل إلى سبيل الرشاد ، في منطقة نأت عن الحواضر ، وابتعدت عن ينابيع العلم .لأن أساسها الأول مسجد للصلاة ، ولتعليم القرآن و الدين لأبناء القبائل المحيطة " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " فصلت 33
كما يمكن أن تكون التسمية من كون هذه القرية مهملة في وهدة تحفها الجبال من كل جهة ، بحيث لا يهتدي إليها إلا القاصدون ، ولا يقف عندها إلا الوافدون .وبالفعل فهي بمنأى عن طريق القوافل المتنقلة إلى الجلفة عن طريق بوسعادة .ولولا أنها معقل علمي ، ومعلم حضاري ماعرفها غير أبنائها ، وأهل الناحية المتاخمة لها ، ويحضرني بالمناسبة قول الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز في واحدة من قصائده :

لبلد الأشراف وهو الهامل
سمي بذا لعل الأصل الكامل
فأبدل الكاف اختشاء العين
بالهاء فا لحظه قرير العين
أو هامل أهلوه في حب النبي
هاموا بوادي العشق عالي الرتب
أو بلد الهامل أي يفيد
دنيا ودينا حائرا يريد
أما عمارة المكان ؛ فإن الغالب في التسميات الأولى للحواضر في وطننا أن يكتنفها ما يدخله الصوفية في عالم الكرامة ، وما يراه معاصرون من قبيل الأسطورة ، ولا نملك إلا أن نسلم لما بلغنا بالتواتر ، لأن الروايات الشفوية مصدر من مصادر الخبر إن عدمنا الأثر الكتابي القديم الذي يؤرخ للحادثة كيف ما كان .وبلدة الهامل واحدة من هذه الحواضر التي تناقل الرواة حادثة نشأتها على الصورة التي سنوردها حسب ما استقيناها من مصادر نراها موثوقة.
إن الرواة يوردون قصتين ؛ أولاهما : إن حجاجا نزلوا بعين الماء المسماة اليوم " عين التوتة " فوجدوا غير بعيد منها جملا ضالا ... وأخذت أحدهم سنة من النوم ، فرأى جده في المنام يقول له " يا عامر لا تفرط في الجمل الهامل " فقام من لحظته ، لينبئ رفقته أنه ينوي المكوث بهذا المكان ، فمن شاء أن يبقى معه فليفعل ، ومن هنا سمي سيدي أحمد المكان بالهامل ، والجبل الذي تتوسده القرية عمران ، هذا ما رواه مرجع فرنسي قديم بعض الشيء استند فيه إلى أحد الرواة من أهل المنطقة .
والرواية الثانية – وهي الأكثر تداولا – تقول : إن جماعة من الحجاج الأشراف ، الزهاد العلماء كانوا في طريق عودتهم من البقاع المقدسة ، يغدون السير إلى موطنهم بجبال عمور ؛ مقر سكناهم فداهمهم الليل في هذا المكان الذي كانت به عين ماء تؤمها القبائل المجاورة ، لتستقي منها ، فصلوا العشاء وغرزوا عصيهم ، وناموا .ولما صلوا صبح اليوم الموالي وجد اثنان منهم أن عصويهما صارتا غصنين لشجرتي توت ، مما أنبأهما أن عليهما أن يلقيا عصا الترحال بهذا المكان ، فأقاما فيه ، على حين واصل غيرهما المسير ، وبقيا ينتظران الفأل الذي استقر رأيهما أن يكون فيه ما يؤذن بتسمية المكان . فسمعا مناديا ينادي بأعلى جبل عمران ؛ الذي تتوسده القرية ؛ :" يا من رأى جملا هاملا." لعله كان ينشد جمله الذي أضله فاستقر رأيهما على أن تسمى القرية الهامل.
وهذان الحاجان الشريفان الوليان هما : سيدي أحمد بن عبد الرحيم وابن أخيه سيدي عبد الرحيم أعتبر الحجاج ما حدث أمرا إلهيا وإذنا ربانيا لهما بالاستقرار وعمارة المكان ورفع الجميع أيديهم إلى السماء متضرعين إلى الله بالدعاء راغبين إليه في أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا عامرا بالدين و العلم. وما تزال شجرات التوت تعمر المكان وتضلل عين الماء التي نزل بها الحجاج ، شاهدا حيا على أن هذه القصة –في الجزء الأكبر منها على الأقل ليست من نسج الخيال وإلا بماذا نفسر وجود شجرات التوت في مكان يندر فيه تواجد هذا النوع من الشجر ، ولا عرف مثل هذا الشجر في الموطن الأصلي لسكان الهامل .
ويضاف إلى الرواية انهم دعوا بأن تكون خالية من السوق . وإن صحت ،فقد استجاب لهم ربهم ،فلم تقم بالبلدة سوق منذ تأسيسها إلى اليوم ،رغم تعدد المحاولات .
قد استجاب الله دعاء هذا النفر من الحجاج الأتقياء ، الذين نزلوا هذا المكان ،لأن هذه القرية عمرت بالدين ،منذ ذلك الوقت ،ببناء أول مرفق ديني يستقطب الناس ،وهو المسجد،الذي بنوه بجوار العين ،لتعليم أبنائهم ومن حولهم ،كما سبقت الإشارة إليه.
كما أن هذا ما يؤكده سكان البلدة ،من الواقع الذي كانت عليه الحال آنذاك . لأنه إذا كان من معاني الدين العلم والاستقامة ،فإن المأثور أن هذه البلدة أنجبت رجالا ؛ منهم من ذاع صيته ،وعرف مكانه ،ومنهم من عاش –على علمه- مغمورا لا تعرفه إلا قلة ممن كانوا يرتادون دروسه ،ومنهم عدد كبير كانوا يحفظون كتاب الله ،ويعرفون ما تيسر من فقه الشريعة ،هؤلاء ضربوا في الأرض يعلمون الناس كتاب الله ومبادئ دينه ،متأسين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" .
وقد بلغ من حفظهم للقرآن أن قال غير واحد :" إذا كنت مارا في أزقة البلدة وأنت تتلو القرآن الكريم ، فنسيت الآية التي تتلو فإن أول من يلقاك يذكرك ويفتح عليك " ويوضح هذا أيضا أن لهذه البقعة سابقة في العناية بكتاب الله ، وعلوم الدين ،ولغة القرآن ؛ عرفوها منذ تأسيس حاضرتهم هذه.

يا هامل العطر هل ترسو iiمراكبنا
على رحــــالك أم تمتد أســـــفار
يا هامل العطر أشواقــــي مرمدة
شاخ الشعور وعاثت فيه iiأشرار
يا هامل العطر ها..لاحت iiمتيمتيي
تدنوا وتأنى هنا والحب iiأسـرار
ودعت خلفي أوراس الرؤى iiتعبا
تركت قمته تلــــهو بها الـــــنار
وجئت أبحث في واديك عن حـلم
يهدهد الروح فالانــــــباء أوزار
أمرغ الطرف في كثــــبان فاتنتي
لتطفئ الظمأ المجنون أشــــعار
أرنو فأغرف أطــــيافا تـــكاشفني
بألف سر تشجـــــــيك أطـــــيار
تبوح لي وتعيد الهــــمس في خفر
هنا توله بالترتـــــيل iiأطــــــهار
هنا تماوج ذوب العــشق iiمنسـكبا
بألف لحن وغرب العين مدرار
من هاهنا عبرت ليلى فــــهام iiبها
طفل من النـــور لا إثم ولا عار
جـ - ما يميز القرية الدفن في مقبرة الهامل :
تقديم : يرى علماء الشريعة أن الأرواح متصلة بالبرزخ ولا عبرة بالجثامين لأن الأموات وخاصة العلماء والشهداء أحياء عند ربهم ، قال تعالى : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) . آل عمران:169
فمن وصايا الناس المحببة أن يدفن في مقبرة الهامل العتيقة لقداسة المقام والاحترام الكامل للمكان ولحجاج الهامل الميامين الأشراف ، حفدة سيدنا علي بن أبي طالب وفاطمة بنت خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، و مثل الحال يحبذ الناس قديما أن يدفن في مقبرة سيدي عقبة تبركا بالتابعي الجليل الفاتح عقبة بن نافع بسيدي عقبة ببسكرة بمعية ما يقرب من ثلاثمائة شهيد ...
والدفن في الهامل يعود سببه أيضا لوجود المقبرة في الوسط والتي تحيط بها المساجد مثل : مسجد الحجاج ، مسجد العتيق ، وأخيرا مسجد الزاوية وهذا طلبا في الدعاء يوميا نحو الأموات للتخفيف والاستئناس وحفاظا على القبور من التلف و التضرر وأيضا للتقرب من الأشراف أصحاب الكرامات اعتبارا وترحما وذكرى ولا ننسى النية قبل كل شيء .
استراحة مع أحد ابناء قرية الهامل في :
معالم الثورة ومقابر الشهداء بين النظرة الدينية والفكرة القومية والرمز العسكري
تحتفل بعض السلطات الرسمية بالأعياد الوطنية والمناسبات التاريخية ، ومن بين مراسيم الاحتفالات زيارات محتشمة لبعض معالم الثورة ؛ زيارة مقابر الشهداء . وهي زيارات بروتوكولية أكثر منها اعتبارا وترحما وذكرى .
تأثرت بالغ التأثر أثناء زيارتي السنة الماضية إلى العاصمة السورية " دمشق" ، وذلك حينما قصدت مسجد الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي ، الصوفي الشهير ، وبجانب ضريحه ضريح الأمير عبد القادر الجزائري ، وبالطبع فارغا من رفاته التي نقلت إلى الجزائر بداية حكم الرئيس الراحل الهواري بومدين ، فأثر ذلك في نفسي تأثيرا عظيما ، لأن حركة الزوار والمصلين والمبتهلين لا تكاد تنقطع ليلا ونهارا وكأن المقام روضة من رياض الجنة ، ومن المعلوم أن الأمير عبد القادر رحمه الله تعالى أوصى بأن يدفن بجانب الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي الأندلسي المغربي ، وقد كتب على شاهد القبر أبيات لأحد شعراء دمشق أنذاك :
لله أفق صار مشرق دارتـــــــي قمرين هلا من ديار المغرب الشيخ محي الدين ختم الأوليــــاء قمر الفتوحات الفريد المشرب والفرد عبد القادر الحسني الأمير قمر المواقف ذا الولي ابن النبي من نال مع أعلى رفيق أزخــــوا أذكى مقامات الشهود الأقرب
في 10 رجب 1300 هـ الموافق لـ24 / 04 / 1883
ويقصد بالفتوحات كتاب الفتوحات المكية لابن العربي وبالمواقف كتاب المواقف للأمير عبد القادر ، والكتابان في التصوف .
فإن الزائر للضريح يشعر حقا بقداسة المقام وسر المشهد والإحترام الكامل الذي توليه السلطات السورية للمكان ومن المعلوم أن الفقهاء أجمعوا على أن قبر الميت حبس عليه فلا يجوز لأحد التصرف فيه غير أنهم رخصوا للأقرباء إذا رأوا أن اللحد سيتلف أو يتضرر لسبب من الأسباب أن يرمم وتنقل الرفاة من مكان لآخر فقد أوصى النبي بأن يدفن شهداء أحد بمكان سقوطهم ومازالت بعض الأماكن بالجزائر شاهدة على سقوط شهدائها ، فقد دفن التابعي الجليل الفاتح عقبة بن نافع بالمكان الذي استشهد فيه بمعية ما يقرب من ثلاثمائة شهيد وفي عدد من البلدان يدفن الأبطال حيثما سقطوا أو توفوا ، كقبر محمد الفاتح بمسجده بإسطنبول ، وقبر صلاح الدين الأيوبي بجانب مسجد الأمويين بدمشق وقبر السيد بلال بمسجد بدمشق أيضا ...الخ .
وإذا كان التاريخ يروي لنا أنه بسبب الفتن والطائفية تنقل بعض الجثامين والرفاة من مكان لآخر ، مثل رأس السيد الحسين بن علي بمصر والجسم باق بكربلاء ، ورأس النبي يحيى بن زكرياء بالمسجد الأموي بدمشق ، فذلك موجود بالجزائر مثل قبري سيدي امحمد بن عبد الرحمان صاحب الطريقة الرحمانية بالجزائر العاصمة الحامة والآخر بقرية بونوح بجرجرة .. والأمثلة كثيرة لا يمكن حصرها .. ويرى علماء الشريعة أن الأرواح متصلة بالبرزخ ولا عبرة بالجثامين ، لأن الأموات وخاصة العلماء والشهداء أحياء عند ربهم ، قال تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ابل أحياء عند ربهم يرزقون " الآية 169 سورة آل عمران . وإنما زيارة المقابر والمعالم هي للأحياء عبرة وتذكيرا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها " .
بعد الانقلاب على الرئيس بن بلة مباشرة ، عمد الرئيس الراحل هواري بومدين إلى نقل رفاة الأمير عبد القادر من دمشق إلى الجزائر ليدفن بمربع شهداء الثورة التحريرية بالعالية . ولا شك أنه أقنع أسرة الأمير في ذلك ليباهي به العالم وخاصة فرنسا ، كأنه يريد أن يقول لها هاهو الأمير المطرود من الجزائر المستعمرة يرجع إلى الجزائر المستقلة في موكب رهيب بهيج وفي احتفال رائع . وهذه التفاتة تاريخ من حيث المبدأ والتحليل التاريخي ، ولو ذهب بعض السياسيين إلى أن الرئيس هواري بومدين أراد أن يمحو بصنعه هذا آثار الانقلاب على بن بلة الذي لم تستسغه بعض المحافل الدولية والوطنية . وهكذا كان الضريح في بادىء الأمر قبلة للزوار الجزائريين والأجانب . ولكن ذلك لم يدم طويلا ، حتى دشن رياض الفتح إلى جانب مقام الشهيد في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد ّ. ولنا أن نتساءل مرة ثانية فنقول : هل أصاب الرئيس الشاذلي بن جديد في ذلك ؟
إن فكرة إنشاء مقام للشهيد في نظري فكرة عسكرية لا فرق بينها وبين قبرالجندي المجهول ، وهي موجودة في أغلب الدول الأوروبية وبعض البلدان العربية . وهي رمز للمقاومة .
وقد سهل هذا الأمر المهمة وحرية التنقل للوفود الأجنبية من رؤساء ووزراء وزعماء ، إذ بجانبه متحف الثورة ، كما أنه يطل على أرجاء العاصمة ومناظرها . فالزيارة لا تكلف وقتا ولا تسبب عرقلة في المرور .
كما أن مقبرة العالية تحررت من الوفود التي لا تعير للزيارة النظرة الدينية والاحترام المطلوب ولكنه في اعتقادي ليس للمكان وزن ولا شاهد تاريخي مثلما للضريح ومربع الشهداء الذي بدأ نسيانه يدب شيئا فشيئا ، وأخشى أن يصبح في يوم من الأيام مهجورا . فمن عادة الناس أن يشدوا الرحال إلى الأضرحة ( أضرحة الأولياء والعلماء والعظماء ) الموجودة بالزوايا أوبالمساجد المعروفة ، ولكن مربع الشهداء لا مسجد بجانبه ولا قاعة استقبال ولا مائضة للوضوء ، وحتى الذين يقومون بالزيارة في بعض المناسبات الوطنية ماهم إلا بروتوكوليون بالدرجة الأولى .
وأجزم أن من بينهم من لم يول وجهه شطر المسجد الحرام ، فضلا عن الطهارة الشرعية المطلوبة لتلاوة القرآن .
والذي يحز في نفسي أن كثيرا من المؤسسات التربوية والتكوينية والكشفية والشبانية تبرمج رحلات ثقافية للعاصمة لزيارة بعض المتاحف والأماكن السياحية والأثرية ، حتى زيارة ما يسمى بقبر الرومية بتيبازة وسيدة إفريقيا وكنيستها ، ولكنهم لا يعرجون على قبر الأمير وشهداء الثورة وكأن لسان حال الأمير يقول لهم :
تمرون الدار ولم تعوجوا كلامكم على إذا حرام
أو يقول: كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا
لقد قرأت يوما مقالا لأحد الكتاب الجزائريين في الصحافة عنوانه : متى ينقل جثمان البطل والي دادا التركي من مقبرة سيدي عبد الرحمان الثعالبي إلى مربع الشهداء بالعالية ؟
فقلت في نفسي والله وجوده بالمقبرة المذكورة أفضل وأفيد للتاريخ من أن ينقل إلى مربع الشهداء ليبقى مهجورا .
فالمترددون على مقبرة سيدي عبد الرحمان الثعالبي لا يحصى عددهم ويمثلون كل الشرائح الاجتماعية .
وخلاصة القول : لا أريد بهذه المقالة البكاء على الأطلال وما حوت ، بقدر ما أريد إعادة الاعتبار لرجال التاريخ ، رجال الجهاد المقدس . ومن هذا يظهر لي جليا أن فكرة الأضرحة بجانب المساجد يضفي على المكان احتراما ورسوخا في ذاكرة التاريخ .
¹










رد مع اقتباس