منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - جرائم المخذرات
الموضوع: جرائم المخذرات
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-08, 15:08   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 جرائم المخذرات

مقدمــــــة:

تعتبر مشكلة المخدرات في الراهن مشكلة عالمية ترزخ تحت وطأتها مجتمعات الأرض قاطبة لا استثناء في ذلك بين مجتمع غني أو فقير أو متحضر أو متخلف متدين أو علماني.ولعل هذا التهويل في محله اذا علمنا أن أحد النتائج الحتمية لتناول هده السموم يؤدي الى الادمان والدي يؤدي بدوره الى اصابة الجسم بالضعف والوهن مؤثرا على القوى العقلية والذاكائية للفرد فيضعفها بالتدريج الى أن يصاب المدمن بالجنون أو يقدم على الانتحار ، كما أن المدمن و هو يحاول اتباع رغباته الجانحة بكل الطرق فانه لا يكترث بالاخلاق أو القيم أو المبادىء ،ومن هنا لنا أن نقدر حجم الضرر الدي يلحق بالفرد المدمن فيجعله في منأى عن الخوض في مسيرة تشيد وطنه واثراء محيطه و تكوين أسرته ، لأن احساسه بالمسؤولية يصبح بليدا بل عديما أحيانا، فيهمل واجباته العائلية والانسانية ، وقد يفقد مورد رزقه فيضطر الى ارتكاب الجريــمة و خاصة جرائم الأموال0 فينكب المجتمع بجــرائم و اشـــكالات أخطر ، قد تحوله الى فوضى
و دمار ، واطلاقا من هدا المعطى الخطير ، ووعيا منه بضخامة التبعة ، فانه لم يعد أمام الضمير الانساني التجاهل أو التغاضي عن المشكلة بل أصبحت و الحتمية تقتضيان أن تتضافر الجهود الانسانية كل في موقعه وحسب قدرته على مكافحة هدا الداء و القضاء على منتجيه ، ومروجيه، و مسهلي تعاطيه0
و نلاحظ اليوم هدا التوجه العالمي مجسدا في المساعي الاولية ، بعقد اتفاقيات و بروتوكولات تزيد عددها عن العشرين ، كما أنشئت لذلك مكاتب خاصة بشؤون مكافحة المخدرات التابعة للامم المتحدة و فتحت الشرطة الدولية فروعا لها في العديد من الدول ، وشرعت القوانين الصارمة للمكافحة، و على النطاق العربي فان تعاطي المخدرات انتشر ولازال في العديد من الأقطارالعربية بل أنه انتشر في بعضها انتشارا مذهلا كاليمن ولبنان و مصر و المغرب و الجزائر في الفترة اللأخيرة ، كما لم يسلم من ذلك ولو قطر عربي واحد، مما استدعى عقد مؤتمرات و الندوات وما يتم خلالها من تبادل الخبرات و المعلومات ،ولو أنها تبقى في الكثير من الأحيان مجرد حبر على الورق 0
و على النطاق الوطني فانه لا يمكن أمام المشرع الجزائري الا الحد من قاعدة أن الانسان له كامل الحرية في التصرف في نفسه كما يرغب ، متفقا مع كامل التشريعات في مكافحة الادمان ، موقعا العقوبة على من يتعاطاها ويتاجر بها كما عني بالشق الوقائي بايداع المدمن احدى المصحات المختصة ، و الذهاب حتى اعفائه من العقوبة 0 غير أنه يجب الاشارة الى أن جرائم المخدرات وباعتبارها تنطوي تحت لواء جرائم التشريعات الجنائية الخاصة ، فانها لم تحظ مثلما حظيت به مجموعة الجرائم الجنائية المذكورة من جانب الفقه بالعناية اللازمة ، على الرغم من خطورة هده الجرائم خاصة على المستوى المحلي الجزائري الا بضع دراسات متناثرة هنا و هناك بين ثنايا النشرات و المجالات و الجرائد 0
و نتمنى في القريب العاجل أن يتم تدارك هدا العزوف الغير مبرر، من جانب الفقهاء و أساتذة والباحثين المختصين 0
زيادة على غياب قانون مستقل يعالج هده الجريمة ، برغم ماسبق ذكره من خطرها و تشابكها ، الا ما ورد ضمن قانون حماية الصحة من موارد متناثرة أيضا في عدة مواضيع مما يثبت أفكار الباحث ، ويقل تركيزه ، وهذا الشيء ادعى الى الدهشة ، اذ في الوقت الذي نرى فيه دولا تتمتع بمنظومات قانونية في الميدان شبه متكامل ، لازلنا نحن نعالج المشكلة قانونيا بسطحية و كان الأمر هينا وبغير حاجة الى هذا 0
و أخيرا واذا كنا نؤمن بأن الدراسات القانونية و الاجتماعية ، ماهي الا اسهاما في فهم المشكلة و محاولة ايجاد الحلول لها ، فاننا نضع دراستنا هذه على تواضعها في هدا الباب 0
ونأمل أن نكون قد وفقنا ولو باليسير في اغناء هذا الاسهام ، ونحن لانشك في نقص هذه الدراسة ، أو ماقد يعتريها من خطأ ، أو تجاوز الا أن ذلك سوى من قبيل 0
ما يتسرب الى النفس البشرية من ضعف و عدم كمال ، عزاؤنا ازاء ذلك أننا لم ندخر جهدا ، ولم نقتصد وقتا في محاولة اخراج هده الدراسة في أتم و أحسن ما يكون ، والله من وراء القصد0









الفصل الأول:
جريمة المخدرات







تمهيد:
إن دراستنا لجرائم المخدرات تقتضي منا التعريف أولا بالمواد المخدرة لأن ذلك يساعدنا على فهم طبيعة هذه المواد وخصائصها ومن ثم الوقوف على فهم أغراض استخدامها والنتائج والآثار المختلفة المترتبة على استعمالها، وكذلك على صعيد تحديد مفهوم ونوع المادة المخدرة نفسها لأن مشكلة المخدرات لم تعد مقصورة على مادة واحدة أو نوع واحد بل تجاوزتها لتشمل أنواع مختلفة وللقاضي التأكد أولا من أن المادة التي هو بصدد تطبيق القانون بشأنها هي المادة التي ينطبق بشأنها نص التجريم.
ومعنى ذلك أنه توجد مواد أخرى ليست من المخدرات ولكنها تشترك معه في خصائصها وآثارها فيقتضي بنا الأمر التمييز بينهما وذلك ضروري جدا وتقتضي الدراسة أيضا إلى الوقوف على التطور القانوني لهذه الجرائم وذلك لأن القاعدة القانونية ما هي إلا انعكاس لإحساس المجتمع بظاهرة ما تخل بنظامه أو تهدد أمنه وسلامته فيهب المشرع لتجريم الفعل ثم يضع الجزاء المترتب على مخالفته وبدأت تتكون القاعدة القانونية.
وكما هو معروف أيضا من أنه لكل جريمة – بصفة عامة – عنصر مادي يتمثل في نشاط المجرم الملموس ركن معنوي هو ذلك النشاط الذي بداخل أو بنفس المجرم إلا أنه قد يظهر لدى دراسة الجريمة دراسة مفردة وتحليلها في القسم الخاص لقانون العقوبات عنصر آخر تقتضيه طبيعتها.
وجرائم المخدرات مثلها مثل أي جريمة لها بصفة عامة عنصران أساسيان معروفان وإضافة على أنها تنتمي إلى جرائم قانون الع الج فلها عنصر آخر وهو عنصر المحل والذي يقوم على عنصر مشترك في كافة جرائم المخدرات وهو الركن الشرعي وعليه فقد قمنا بتقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث نتناول في الأول منها التعريف بالمواد المخدرة من جانب الفقه ومن جانب التشريعات وكذا تمييزها عن ما قد يتداخل بها من مواد بسبب تشابهها في المؤثرات ثم نعرج على التعاطي والإدمان والأسباب المؤدية أو الدافعة إليها.

أما المبحث الثاني فندخل من خلاله إلى عالم المخدرات من بابها القانوني فندرس مختلف التطورات التي مر بها تقنين هذه الجرائم لنختتم الفصل بمبحث يتناول أركان هذه الجرائم حسب ما بينا سالفا وذلك بعد أن نكون قد كونا فكرة عن الجانب القانوني لهذا النوع من الجرائم.



المبحث الأول: تعريف المخدرات والتعاطي
المطلب الأول: تحديد مفهوم المخدر فقها وتشريعا.
إن التنوع الهائل في أنواع المخدرات في أشكال نباتات أو مواد خام أو مواد كيماوية سامة وغير سامة يجعل أمر وضع تعريف شامل وجامع مانع لها من الصعوبة بمكان، ولذلك فسنحاول أن نكيف كل تعريف على حسب قابليته لنضعه ضمن الفقه أو التشريع ثم نعمد ختاما بعد ذلك إلى أهم أنواع المخدرات المعروفة والأكثر انتشارا فنعددها ونذكر خصائص الإدمان على كل منها وآثارها على الجسم والنفس معا.
الفرع الأول: تعريف المخدرات فقها
يكتسي تعريف المخدرات فقها أهمية بالغة خصوصا لعلمان بسكوت المشرع الجزائري عن تعريفها وترك أمر التعريف للفقه(1) والحقيقة إن التعريفات في الميدان كثيرة وكلها احتوت بعض النقائص أو الغموض وعليه فسنحاول في ختام ذلك أن نعطي تعريفا في حدود قدراتنا وفهمنا لهذه المواد على ضوء دراستنا للموضوع، وأول هذه التعاريف هو تعريف المستشار عزت حسين(2): "إن المادة المخدرة هي كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على عناصر منبهة من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية أن تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع جسميا ونفسيا واجتماعيا".
وتعريف ثاني هو: "المخدر هو مادة ذات خواص معينة يؤثر تعاطيها أو الإدمان عليها في غير أغراض العلاج تأثيرا ضارا بدنيا أو ذهنيا سواء تم تعاطيها عن طريق البلع أو الشم أو الحقن أو طريق آخر".
وهناك تعريف رابع مفاده: "أن المادة المخدرة تحدث في جسم الإنسان تأثيرا من نوع خاص، له أغراض معينة حددتها المؤلفات الطبية سواء تناولها الإنسان عن طريق الفم، أو الأنف أو الحقن أو بأي طريق آخر.(3)


(1) الدكتور ماروك نصر الدين، بحث المنشور في نشرة القضاة، العدد 55، طبع الديوان الوطني للأشغال التربوية 1999، ص 80.
(2) ورد هذا التعريف في بحث الدكتور ماروك نصر الدين، عن دراسة للمستشار المعنية بالمسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون (دراسة مقارنة الطبعة عام 1986، ص 187).
(3) نفس المرجع.



ومن التعاريف التي تعد عملية والتي رأينا أنها لا تبتعد كثيرا عن نطاق الفقه التعاريف التالية:
"المخدرات مواد كيماوية تسبب النعاس والنوم وغياب الوعي المصحوب بتسكين الألم"(1)، ويعرف أيضا المخدر بأنه: "مادة تأثر بحكم طبيعتها الكيماوية في نفسية الكائن الحي".(2)
وتعريف يقول: "المخدرات عموما هي كل مادة يترتب على تناولها إنهاك للجسم وتأثير على العقل حتى تكاد تذهب به وتكون عادة الإدمان التي تحرمها القوانين الوضعية وأشهر أنواعها: الحشيش، والأفيون، والمورفين، والهيروين، والكوكايين، والقات".(3)
يتضح لنا من التعاريف السابقة أن معظمها قد سقط في فخ الغموض أو الخطأ النسبي أو التقييد ولعل أصحابها معذورون في ذلك اعتبارا للمنظور أو المستوى الذي حاولوا تقييمها أو تعريفها حسبه.
فلا ننتظر من الباحث العلمي أن يتناول الجانب القانوني ذو المعرفة العلمية المتواضعة – افتراضا – أن يحدثنا بدقة عن آثار وطرق تناول المخدرات.
وكخلاصة عامة فقد توصلنا إلى أن أي تعريف مهما كانت شموليته ودقته يبقى نسبيا في مواجهة التطور المتسارع والمتواصل للمادة المخدرة مصدرا وتناولا وتأثيرا وتقنينا، غير أن ذلك لم يثني عزمنا عن محاولة تعريف المخدرات، بما أتيح لنا من إطلاع ونظر متواضعين وعليه فإن المخدرات برأينا هي كل مادة ذات مصدر نباتي أو صناعي يشكل دخولها إلى الجسم سواء عن طريق المنافذ الهضمية أو التنفسية أو الجلدية أو بوسائط صناعية مثبطا للقدرات العصبية والعقلية للجسم ويؤدي التعود على تعاطيها في غير حالات العلاج في الغالب الأعم إلى الإدمان عليها والتردي التدريجي في أداء القدرات والوظائف العضوية والنفسية للإنسان وهي إذ ذاك يجب أن تكون مجرمة قانونا معاقب على الاتصال بها بأي شكل من الأشكال.
الفرع الثاني: تعريف المخدرات تشريعا
أثناء بحثنا عن تعريفات تشريعية أو قانونية للمخدرات وجدناها قليلة مع نظيرتها الفقهية ولعل مرد ذلك إلى أحجام الكثير من التشريعات عند الخوض في هذه المتاهات تاركين المهمة لتصدي الفقه ونظن السبب هو في التطور السريع كما أسلفنا في مفاهيم وتعاريف المخدرات وهي السرعة التي لا تتجاوب معها التشريعات أو تتوازى معها وسنستعرض في هذه الحالة ما أمكن أن تصل إليه أيدينا من تعاريف قانونية.

(1) الدكتور ماروك نصر الدين، المرجع السابق، عن الدكتور زكي شمسي، نفس المرجع، ص 81.
(2) الدكتور ماروك نصر الدين، المرجع السابق، عن الدكتور زكي شمسي، نفس المرجع، ص 81.
(3) يظهر جليا في هذا التعريف أنه سطحي جدا فضلا عن الأخطاء مثلا يقول يترتب على تناولها إنهاك الجسم والمعروف هو أن التأثير لا يحصل إلا بالإدمان.
تعريف المخدرات من الناحية القانونية بكونها عبارة عن مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وتسميم الجهاز العصبي ويحظر تناولها أو زراعتها أو وضعها إلا لأغراض يحددها القانون ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له ذلك.(1)
أ‌- في التشريع المصري: جرى المشرع المصري على دأب أكثر المشرعين في تجنب تعريف المخدرات وحصر المواد المخدرة المجرمة في جداول، فتقول المادة 1 من قانون رقم 182 الصادر سنة 1960 المعدل بقانون رقم 22 لسنة 1989 "تعتبر جواهر مخدرة في تطبيق أحكام هذا القانون المواد المبنية في الجدول رقم 2".
ب‌- في التشريع العراقي: حذر المشرع العراقي حذو المشرعين الآخرين بإتباعه طريقة حصر المواد المخدرة في جداول تلحق بالقانون وتفادى المشرع العراقي المشاكل التي تنشأ عن حصر المواد المخدرة فأجاز في الفقرة 18 من المادة الأولى من قانون المخدرات رقم 68 لسنة 1965 تعديل الجداول من حين لآخر وفقا لأحكام المادة 13 من نفس القانون التي تنص على: "أن لوزير الصحة إصدار البيانات اللازمة لغرض تسهيل تنفيذ هذا القانون أو تعديل الجداول الملحقة به".(2)
ت‌- في التشريع السوري: عرف القانون السوري الصادر برقم 02 عام 1993 المواد المخدرة بأنها: "كل مادة طبيعية أو تركيبية من المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية المدرجة في الجداول رقم 01 الملحقة بهذا القانون".
ث‌- في التشريع الجزائري: في غياب قانون خاص بالمخدرات وهو أمر نعيبه على المشرع الجزائري الذي لم يتدارك هذا الإغفال بعد، على الرغم من التصاعد المستمر في الكميات المحجوزة وعدد الأشخاص المتورطين واعتبار الجزائر في المرحلة الراهنة منطقة عامة على صعيد العبور والاستهلاك المحلي..."(3)، فالمشرع الجزائري لم يضع تعريفا للمواد المخدرة إلا أنه نص على تجريم نوعين من المواد المخدرة فنص على النوع الأول في المادة 241 من قانون الصحة بالقول: "يعاقب الذين يخالفون أحكام التنظيمات المنصوص عليها في المادة 190 من هذا القانون فيها يخص المواد السامة غير المخدرة..."، ونص على النوع الثاني في المادة 242 من ذات القانون على أنه: "يعاقب الذين يخالفون أحكام التنظيمات المنصوص عليها في المادة 190 من هذا القانون فيما يخص المواد السامة المصنعة على أنها مخدرات".

(1) السيدة حشاني نورة، ممثلة وزارة العدل لدى المجلس الأعلى للشباب، بحث بعنوان المخدرات في ضل التشريع الجزائري منشورة بنشرة القضاه، العدد 55.
(2) د. كرم صلاح شعبان، جرائم المخدرات، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى 1984، ص 16.
(3) د. ماروك نصر الدين، المرجع السابق، ص 92.
المطلب الثاني: تعاطي المخدرات وأسبابه.
إن الحديث عن تعاطي المخدرات يقتضي منا التطرق إلى الإدمان وهما مصطلحان لا نكاد نسمع كلمة مخدرات بدون أحدهما والعكس صحيح أيضا، فبمجرد نطق المصطلحين تتبادر إلى الأذهان صورة المخدرات، وفي الحديث عنهما أهمية كبرى سنتناولها في فرعين ونختتم المطلب بفرع ثالث نتحدث أثنائه عن الأسباب المؤدية إلى تناول هذه السموم والإقبال عليها.
الفرع الأول: مفهوم التعاطي

ينشأ التعاطي بالتعود على مادة المخدرات(1)، والعادة بصورة عامة هي بمجرد سنة مطردة يتبعها الأفراد، لا تقوم على دافع إلزامي في ضرورة مراعاتها والعمل بموجبها ويمكن إجمال دوافعها في ثلاثة أوجه(2)، أولهما: الإحساس بضرورة هذه العادة وإما بدافع الاستحسان لها وإما بدافع التقليد للغير في إتباعها إذن فالعادة ما هي إلا تكرار لعمل ما بنفس الوتيرة والخطوات حيث يتعود المرء من خلالها وينشأ عنده استمرار على ذلك تلقائيا، وتطبيق ذلك على المخدرات أن تناولها المتكرر لعدة مرات خصوصا إذا ما كانت متقاربة يؤدي إلى التعود عليها ومتى تعود الفرد عليها ينشأ عنده بالإضافة إلى عامل التكرار عوامل تحمله بدورها على الاستمرار في تناولها وهذه العوامل تعود إلى خاصية المادة المخدرة نفسها والتي إما أن تكون منشطة أو مهبطة لمراكز الجملة العصبية(3)، وهكذا كلما انتهى مفعول المادة المخدرة فإن الشخص يبحث عنه ليعيد إليه انتعاشه ونسيانه للهموم فشيئا يصبح في تعداد المتعاطين، فالتعاطي إذن هو مرحلة لاحقة على الاعتياد تسببها عامل التكرار والحاجة إلى المادة المخدرة حيث تؤدي إلى رغبة نفسية ملحة نحو تعاطي المخدرات وهذه الرغبة النفسية الملحة أو الاعتماد النفساني هي التي تميز تعاطي عن الاعتياد حيث في الاعتياد رغبة ولكن لا يوجد اعتماد أو رغبة ملحة لا يمكن تفاديه ومن خصائصه:
1- رغبة للاستمرار في تعاطي المخدر للحصول على الشعور بالعافية.
2- ميل ضعيف أو معدوم لزيادة الجرعة.
3- درجة ما من الاعتماد النفسي على تأثير المخدرات مع عدم حدوث الاعتماد الجسمي وبناءا عليه عدم وجود مظاهر الامتناع عن المخدر.
4- الإثارة الضارة إذا حدث منها شيء تعود أولا على الفرد نفسه.


(1) د. صباح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 30.
(2) د. صباح كرم، شعبان، المرجع السابق، ص 31.
(3) ارجع إلى ما سبق ذكره بشأن نوع المخدرات وتقسيماتها.
الفرع الثاني: مفهوم الإدمان
تعرفه الدكتورة سامية حسن الساعاتي بأنه: "سلوك تدفع إليه رغبة عارمة وحاجة غالبة للاستمرار في تعاطي المخدر وإحساسات جسمية محدودة تنجم عن اعتماد صحة البدن على التعاطي، بحيث لو حرم منه تظهر عليه أعراض معينة يلي بعضها بعضا...
1- من أخطرها الشعور النفسي العميق بالضعف المتناهي أمام عادة وخيمة العاقبة باهضة التكاليف محطة لمترلة الشخص مضيعة لمركزه محطمة لشخصيته مشوهة لسمعته...".(1)
فيما يجوزه الدكتور صباح كرم شعبان بأنه: "إدامة تناول المادة المخدرة بدافع نفسي وجسمي تلحق الضرر بالفرد والمجتمع".
ومن خلال ما سبق يمكن الوقوف على خصائص الإدمان وهي:
- شعور المدمن برغبة قهرية وحاجة لا تقاوم لإدامة تناول المادة المخدرة والاستمرار عليها.
- اعتماد (دافع) نفسي وجسمي على المادة المخدرة مما يسبب تغيرات نفسية جسمية نتيجة تأثر كيميائية وفيزيولوجية الجسم، والإصابة في حال التوقف بما يسمى أعراض الامتناع.
- أضرار تلحق الفرد من سوء الصحة العامة ودوام القلق والاضطراب العصبي.
ومن ناحية المجتمع تأثر الطاقات المنتجة زيادة على النفقات الاقتصادية المباشرة ممثلة في تكاليف العلاج والمكافحة وميزانيات البحوث.
الفرع الثالث: أسباب انتشار المخدرات
وتنقسم إلى ثلاث أسباب:
أولا- الأسباب النفسية:
تعقدت الحياة في العصر الحديث فالعلم قد أتى للإنسان بما ييسر حياته ولكنه من ناحية أخرى عقد أموره بما ترك لديه فراغا هائلا كما أن تعقد الحياة الاقتصادية والتناحر الطبقي قد أوجدا هوة فاصلة بين ناس وآخرين، إضافة إلى اضمحلال الوازع الديني أدى جميعا إلى ضياع الإنسان في عصره وجعله يضيق ذرعا، بهذه المتناقضات مما يجعله يحاول أن يوازن حياته فلا يستطيع مما يولد لديه إحباطا واكتئابا فيعمد إلى ما يسليه ويذهب كآبته فيلجأ إلى التدخين ويجره هذا الأخير إلى المخدرات وقد يتبع ذلك تجريب أنواع أخرى فيوقعه في فخ الإدمان، ويمكن إجمال النفسية الدافعة إلى الإدمان في:
(1) د. سامية حسن الساعاني، المرجع السابق، ص 214، 215.




1- نسيان الهموم وجلب السرور.
2- دافع الاستمتاع الجنسي أو إطالة الرغبة الجنسية.
3- دوافع نفسية خاصة كالتخلص من الهواجس أو الأرق أو الألم كما أن هناك فئة من الفنانين من مختلف فئات الفن وأنواعه يلجئون إلى تعاطي المخدرات رغبة في إثراء مخيلاتهم وأوهامهم، فتتوسع آفاقهم الفكرية وينالون سعة الأفق وخصوبة الخيال وعمق التفكير فيؤدي بهم ذلك إلى الإبداع والإتقان من هؤلاء نجد حتى الأدباء ونذكر منهم الشاعر الإنجليزي الرومانسي "وليم كولاردج" الذي كتب أروع قصائده وهو تحت تأثير الأفيون الذي اعتاد تعاطيه حتى أدمنه، وكذلك الأديب الإنجليزي "أولدز هكسلي" الذي استمد الخبرات نفسها من المسكالين.(1)
4- من الدوافع النفسية أيضا اختلال الشخصية كالرغبة في التقليد أو الفضول الجامح.
ثانيا- الأسباب الاجتماعية:
إن المخدرات تأتي في قمة الآفات الاجتماعية لذا وجب علينا أن نبحث المخدرات في محيط المجتمع نفسه أيضا، فالعلوم الإنسانية الحديثة كعلم النفسية الاجتماع والأنثروبولوجيا قد أثبتت حقيقة مفادها أن الفرد ما هو إلا نتاج الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يولد وينشأ فيها.
ويمكن إجمال العوامل الاجتماعية الأكثر دفعا نحو مستنقع آفة المخدرات فيما يلي:
1- الأسرة: إن الأسرة كما هو معلوم هي أول كيان اجتماعي يتثقف الفرد فتنمي إدراكه وقابلياته والطفل الذي ينشأ في بيئة أسرية تسودها التوترات والإهمال والقسوة أو وجود فرد مدمن ضمن أعضائها، كل هذه العوامل وغيرها قد تسقط الفرد مستقبلا بين أنياب الإدمان.
2- الرفقة البيئية: إن ثاني كيان اجتماعي يلقاه الفرد بعد أسرته هم حتما أقرانه سنا وقد يكونون من أبناء الجهة أو المدرسة أو حتى الأهل وقد يحدث أن يكون بين هؤلاء وأطفال نشؤوا ضمن الظروف البيئية الآنفة الذكر فادت بهم إلى الجنوح، وبما أن الإنسان مجبول على الفضول والتقليد فقد ينساق وراء ما يشاهده من تجارب فيكون دافعه في البداية غير جدي ليتحول فيما بعد إلى إدمان حقيقي وما قد يحدث مع الطفل قد يحدث مع الأكبر سنا أيضا.
3- تصدع القيم الأخلاقية: تختلف القيم الأخلاقية بين دولة وأخرى وبين شعب وآخر وأحيانا بين أصناف أو طبقات المجتمع الواحد وتلعب العادات والتقاليد والنظم الأخلاقية في أي مجتمع دورا بارزا فنجد مثلا الحياة في المجتمع اليدوي بسيطة قائمة على المودة والتماسك الأسري زيادة على أن الفرد يعيش فيه دون كثير من الجهد العقلي معتمدا على وسائل عيش تقليدية غير معقدة
(1) د. سامية حسن الساعاني، المرجع السابق، ص 217.


فيكون تبعا لذلك مستقرا استقرارا نفسيا وفكريا لا يبحث عن الجديد أو المختلف الذي هو في حد ذاته غير موجود، بينما الحياة في المجتمع الصناعي معقدة قائمة على اللهث وراء الماديات كما تتميز الحياة الأسرية بالتفكك وبرودا وأصر القرابة بين الأسرة ذاتها فضلا عن كثرة المغريات التي يقابلها عدم إشباع مادي دائم لدى الفرد الذي لا يستطيع التكيف مع هذا الواقع فينتابه القلق والضياع فيعمد إلى ما قد يعيد إليه توازنه بتحقيق أمانيه ولو في الخيال فيكون بالطبع أو قبله له هي المسكرات والمخدرات يبحث فيها عن سعادته الضائعة ويبدد من خلالها فشله وإحباطه أو سخطه على هذا المجتمع المتوحش.(1)
ثالثا- الأسباب الاقتصادية:
من أسباب انتشار المخدرات أيضا ما تحققه من مداخيل خيالية لا تضاهيها أي مداخيل سوى التجارة النفطية أو الأسلحة.
فالأسباب الاقتصادية لعبت دورا هاما في هذا الانتشار منذ القدم، فشركة الهند الشرقية التابعة لبريطانيا – إبان الاحتلال البريطاني للهند – تولت تصدير الأفيون إلى الصين وحققت مداخيل خيالية إلى درجة أن هذه الشركة تفرعت لهذه التجارة وحدها.
أما اليوم ومازال الربح المحرك الأساسي لترويج هذه السموم مما جعل دولا كاملة تنتج هذه المخدرات بطريقة أو بأخرى أو تتغاضى عن زراعتها وتتأهل في مكافحتها وعلى سبيل المثال أن إيران حرمت عام 1955 زراعة الأفيون لتعود بعد ذلك سنة 1969 لتسمح بزراعته نتيجة التهريب والمكافحة وتحت نفس العوامل ألغت تركيا سنة 1971 زراعة الأفيون لتسمح بعد ثلاث سنوات بإعادة زرعه.








(1) لا يعني ذلك أن المجتمع الريفي يلوا من هذه الظواهر ولكنها قليلة مقارنة بمجتمع المدينة.

المبحث الثاني : تصنيف المخدرات
قبل التطرق إلى تصنيف المخدرات علينا التطرق إلى مدى أهمية التصنيف:
المطلب الأول: أهمية التصنيف
إن معرفة المخدرات أمر ضروري بالنسبة للمحقق في هذه الجرائم لأنها تختلف من صنف إلى آخر، ويتم الحصول على التصنيف من خلال التقارير الموجهة إلى هيئة الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية والمنظمة العالمية للصحة التي تقوم بدورها بجمعها وتصنيفها معتمدة في ذلك على عدة نقاط نذكر منها: "الأضرار الناجمة عن استعمالها، طريقة استعمالها تركيباتها الكيميائية...الخ"، وبعد جمعها وتصنيفها إلى كافة الدول التي بدورها تقوم بتوزيعها على مختلف الوزارات ولو أخذنا على سبيل المثال الجزائر التي تقوم بعد تلقيها التصنيف من الهيئة أو المنظمة على توزيعها على كل من وزارة الصحة، وزارة الداخلية، وزارة العدل... الخ، لتوزع بعد ذلك على مختلف المديريات مثل المديرية العامة للأمن الوطني.
يمكن استخلاص أهمية التصنيف في النقاط التالية:
- إحصاء المواد المخدرة المتواجدة عبر العالم.
- معرفة درجة خطورة كل مادة.
- مصدر المادة المخدرة.
- مدى تأثيرها على صحة الإنسان.
- طريقة استعمالها "عن طريق التدخين أو الحقن أو الاستنشاق".
- الظروف الطبيعية التي يمكن أن تساعد على كثرة المواد المخدرة.
المطلب الثاني : أصناف المخدرات
يمكن تصنيف المخدرات استنادا إلى طرق عديدة ومتنوعة، وهذا بحسب البلدان الموجهة نحوها، أصلها أينا كان طبيعيا أو مركبا، الأضرار الناجمة عن استعمالها، طريقة استعمالها وتركيبها الكيميائي.
من جهة أخرى، تصنيف المخدرات يتطلب إطلاعا وإدراكا واسعين لمختلف المخدرات الأساسية المنتجة والمستهلكة، وعليه فإن التصنيف المعتمد من طرف منظمة الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية يعد الأكثر شيوعا في الوقت الحالي.
تصنيف المخدرات على أساس مفعولها وتأثيرها:
- مهبطات للجملة العصبية المركزية.
- منشطات للجملة العصبية المركزية.
- مهلوسات للجملة العصبية المركزية.
كما يمكن أن يكون تصنيف المخدرات بحسب طبيعة المواد:
- مواد طبيعية.
- مواد شبه مركبة.
- مواد مركبة.
طبقا للأحكام القضائية المعمول بها في التشريعات الخاصة بمادة المخدرات، تبعا للاعتماد (الارتباط) المولد من جراء استهلاكها:
- تأثير جسدي.
- تأثير نفسي.
- تأثير جسدي ونفسي.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن مفعول أي مخدر يتغير حسب عدة معايير ومقاييس مثل:
- الجرعة المستهلكة (نوعية وكمية).
- طريقة الاستهلاك.
- شخصية المستهلك.
- تجربته مع المخدرات.
- البيئة التي استهلكت فيها المادة المخدرة.
I- المهبطات:
• الأفيون:
الأفيون هو مادة طبيعية يحصل عليها بشق كبسولات الخشخاش غير الناضج واستنادا إلى الاتفاقية الوحيدة بخصوص المخدرات لعام 1961 بصيغتها المعدلة ببروتوكول سنة 1972، فإن الأفيون هو العصارة المتخثرة لخشخاش الأفيون.
إن جزءا كبيرا من الأفيون المنتج عالميا، يأتي من ما يعرف بـ: "المثلث الذهبي" وهي منطقة شاسعة تقع جنوب شرق آسيا، وتشمل بعضا من أراضي برمانيا، تايلندا، ولاووس.
في بداية السبعينات، برزت هذه المنظمة كأهم منطقة في العالم لإنتاج الأفيون الغير شرعي، إذ تصدر حوالي 700 طن سنويا إلى مختلف دول العالم، وبمرور الوقت أصبح المثلث الذهبي يغزو الأسواق الدولية الهيروين في أوربا الغربية.
نقطة مركزية أخرى لتهريب الهيروين والأفيون، عبارة عن شريط من الأراضي الآسيوية تعرف بـ: "الهلال الذهبي"، ويضم جزءا كبيرا من دولة الباكستان، الجمهورية العراقية وأفغانستان، إذ يعتبر كأهم منتج للأفيون في العالم في أواخر السبعينات، كما أن إنتاج خشخاش الأفيون يتم في بلدان أخرى كثيرة منها، غواتيمالا، الهند، المكسيك، بولندا، الاتحاد السوفياتي سابقا ولبنان.
• زراعة خشخاش الأفيون:
تبدأ زراعة نبات خشخاش الأفيون مع نهاية فصل الصيف، إذ ينثر المزارعون بذور الخشخاش في مساحات محروثة حديثا، وبعد ثلاثة أشهر تنضج نبتة الخشخاش وتتشكل من جذع أخضر ينتهي بزهرة ذات لون براق، بعده تسقط أوراق التويج لتفتح المجال لغلاف الأفيون للظهور، وبإحداث شقوق عديدة على السطح، تنساب عصارة بيضاء على سطح الغلاف وتجمد ليتحول لونها فيما بعد بني وبواسطة سكين مستطيل كلية يتم كشط العصارة لتجمع في شكل بويضات أو قطع تشبه قطع الخبز بوزن 1 كلغ.
بالإضافة إلى المواد الطبيعية الموجودة في الأفيون الخام من ماء وأسمدة نجد من 10إلى 20 من الكحولات المختلفة إذ تنقسم إلى ثلاث زمر:
- المورفين، حوالي 90 في الأفيون الخام.
- الكوكايين، وهو الإثر المثيلي للمورفين من 01 إلى 03 في الأفيون الخام.
- المنيباين، حوالي 0,2 في الأقيون الخام.
• الهيروين:
يصنف الهيروين كمادة مخدرة نصف مركبة، تستخرج من المورفين أو من الثيباين الهيروين (ثاني أستيل المورفين) يظهر في الأسواق غير الشرعية بأشكال وألوان مختلفة منها على شكل مسحوق أبيض أو مادة حبيبية ذات لون أبيض، بني باهت، أسمر أو أسود.
• الميتادون:
نظرا لاختلافه كيميائيا عن المورفين والهيروين، استخدم الميتادون لعلاج المدمنين على الهيروين الذين هم في طريق التسمم، لما له من خصائص فريدة ومادة مخدرة.
الميتادون هو كذلك من بين المخدرات التي غزت أماكن الاستهلاك في الأسواق الصيدلانية (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا)، وهو ما بين بأن كميات صغيرة تباع لإنقاذ المدمنين على الهيروين، تحول عن أغراضها العلاجية نمو الاستهلاك غير الشرعي.
II- المنبهات:
• الكوكايين ومواد أخرى مشتقة من الكوكا:
معظم مواد الكوكا، سواء تعلق الأمر بأوراق الكوكا، بمعجون الكوكا، بكوكايين أساس أو بالكوكا بين المقطر بالتسكير (الكراك)، هي منبهات شديدة للجملة العصبية المركزية وقوية التسميم.
• أوراق الكوكا: "إريثرو كزيليوم الكوكا"
تنتج شجرة الكوكا أصلا في البيرو وبوليفيا، غير أنها تنمو في مناطق أخرى مثل أمريكا الجنوبية، يصل علوها إلى 1,50 م، أوراقها ملساء ناعمة، بيضوية الشكل يصل عددها إلى سبعة أوراق في الشجرة الواحدة.
تحتوي أوراق الكوكا على حوالي 0,5 إلى 0,1 من الكوكايين الذي يعتبر المادة القلوبة الأساسية في ورقة الكوكا، ويمكن استخراجها بطرق كيميائية.
• معجون الكوكا:
يحصل على معجون الكوكا عن طريق عملية تمويل كيميائية، تتطلب غمس أوراق الكوكا في الألكالين وهي مادة كيميائية من عائلة الألكانات ويضاف إليها البنزين، بعد تجفيفها يضاف إليها حامض الكبريت وبعد تبخر المحلول نحصل على الكوكايين الأساس في شكل محلول، وبإضافة مادة كربونات الصوديون أو النشادر يتحلل محلول الكوكايين بعد تبريد إلى بلورات الكوكايين الخام أو ما يسمى بمعجون الكوكا.
يحتوي معجون الكوكا على نسبة 40 إلى 50 من الكوكايين وقد يصل إلى 90.
يستهلك معجون الكوكا بكثرة في دول أمريكا الجنوبية أين يطلق عليه اسم "الباستا".
• الكوكايين:
كما سبق ذكره، الكوكا بين هو المادة القلوية الأساسية في ورقة الكوكا ويمكن استخلافه منها عن طريق عمليات كيميائية مركبة، وهو عبارة عن مسحوق بلوري أبيض يشبه الثلج يمكن استهلاكه عن طريق الأنف أو في شكل محلول عن طريق الحقن.
• الكراك:
يستخرج من كلور هيدرات الكوكايين بإضافة بيكربونات الصوديوم على الخليط يكون الكراك وبالتالي فهو مادة تحتوي على راسب بيكربونات الصوديوم، هناك إقبال كبير على الكراك، إذ يمكن تدخينه عوض استنشاقه عن طريق الأنف.
III- المهلوسات "ساتيفا. ل":
تدعى بالقنب الهندي، وهو نبتة سنوية تنمو في معظم المناطق الدافئة أو المعتدلة، طولها يتراوح بين متر وثلاثة أمتار، أوراقها طويلة وضيقة، محيطها ذو تموجات صغيرة (شراشيف) سطحها العلوي مغطى بشعيرات قصيرة وتتموضع في شكل مروحي.
ينتج نبات القنب في تيلندا، لاوس، برمانيا، الفلين ودول آسيا الشرقية، إضافة إلى آسيا الغربية أين تتواجد كمنطقة منتجة واسعة تضم، الهند، النيبال، الباكستان، أفغنستان وكذلك الشرق الأوسط ولبنان.
تعتبر إفريقيا كذلك منطقة هامة وقديمة في مجال زراعة القنب الهندي، خاصة في أغلب الدول ذلت المناخ الاستوائي (السنيغال، كوت ديفوار، البنين، الزائير، الكونغو، أوغندا، وإفريقيا الجنوبية).
في إفريقيا الشمالية يعتبر المغرب البلد المنتج للقنب الهندي أين تتم زراعته بشكل كبير إذا وصلت مساحة الأراضي المزروعة إلى 50.000 هكتار سنة 1995، لتصل عام 1996 إلى 55.000 هكتار، وهو الرقم الذي أعطى خلال الدورة التاسعة والثلاثون للجنة المخدرات بالأمم المتحدة المنعقدة من 16 إلى 25 أفريل من السنة الجارية بفيينا.
زراعة القنب الهندي تتواجد أيضا في كولومبيا، الإكواتور، جمايكا، المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية.
يوجد القنب الهندي المعد للاستهلاك على ثلاث أشكال:
- حشيش القنب.
- مسحوق القنب.
- زيت القنب.
ونشير إلى أن تهريب القنب باتجاه أوربا فالجزائر، تونس وليبيا يتم انطلاقا من المغرب.
• التأثيرات الناجمة:
استهلاك القنب يتولد لدى متعاطيه، فقدان للإدراك الحسي وشعور بالنشوة، وعندما تكون الجرعات زائدة يمكن أن تؤدي إلى ما يعرف بالهلوسة.
من أخطاره الإصابة بالالتهاب الرئوي، عرقلة تكاثر الخلايا، فقدان المناعة الجسدية وصعوبة إنتاج الحيوانات المنوية.
• القات:
تنمو هذه الشجيرة على الخصوص في المناطق القرن الإفريقي، في إفريقيا الوسطى في اليمن وفي مدغشقر، أين يتم استهلاك أوراق القات عن طريق المضغ يرجع إلى عصور قديمة حيث غدا عادة في ثقافات هذه الدول.
المؤثرات العقلية:
تضمن المؤثرات العقلية كما يلي:
- المهبطات.
- المنبهات.
- المهلوسات.
- أو:
- مخدرات مركبة.
- مخدرات شبه مركبة.
المهبطات:
تضم المهبطات، المسكنات، المنومات والمهدئات.
• المسكنات والمنومات:
باربيتيريك (أرطان، فينوباربيطال، قاردينال، بينوكتال).
غيربار بيتيريك (ميثاكوالون "منداركس").
• المهدءات:
تنتمي إلى عائلة البنزوديارزيبام، فهي أدوية لمرض الاكتئاب، ونذكر منها الديازبام (فاليوم) واللورازبام (تيميستا).
• المنبهات:
هذا النوع من المؤثرات العقلية ينتمي إلى عائلة الأمفيتامينات مثل الفينيتيلين والعوملين، وهي تعتبر منشطات، وقد أصبح هذا النوع من المنبه غير الشرعي نجده في الأسواق السوداء بالشرق الأوسط وإفريقيا، إذ تجلب عن طريق الاستهلاك الشرعي لها أو عن طريق الإنتاج السري، التقليدي غير الشرعي.

• ل. س. د (ثاني حامض الزوجيك):
هو مخدر مهلوس شبه مركب يؤثر على الجملة العصبية المركزية بإحداث تغيرات على المزاج والإدراك، ينجك عنها نوع من الهلوسة، إضافة إلى أن هذه المادة المخدرة شبه المركبة تنتج نوع من فقدان الصلة بالواقع وانفصال الشخصية.
يستخرج الـ ل. س. د من فطر يسمى L’ERGOTSEIGLE يوجد عموما على شكل سبائك عديم اللون والرائحة، غير أنه يمكن أن يأخذ أيضا شكل مسحوق، حبوب أو أقراص، في مخابر لمعالجة الأشخاص المصابين بأمراض عقلية.
استهلاك الـ ل. س. د يولد اعتيادات جسدية، بينما النفسية فتبقي غير مؤسسة إضافة إلى أن الجرعة الزائدة منه غير مؤثرة.
هناك فطريات أخرى تنتمي إلى عائلة المهلوسات تنتج في مخابر عن تحويلات كيميائية مثل: PCILOCYBINE – LA NESCALINE – LE MOA – LE DMT.
أخيرا توجد مخدرات أخرى شبه مركبة أو مشابهة موضوعة تحت الرقابة تنتج في مخابر سرية تعرف تحت اسم « Disigne drugs » أو مخدرات ذات صيغ معدلة، تعدل بواسطة مواد أساسية، يمكن ذكر بعض العينات مثل H2NIANYL et I’ECSTASY هذا الأخير يتواجد بين الأشخاص الذين يترددون على الملاهي الليلية بفرنسا.
• مواد الاستنشاق:
هي مواد متطايرة تحول عن استعمالها العادي وطبيعتها الكيميائية المخدرة، تستخرج من المواد النفطية المشتقة من البنزين أو الكلور، من السيتون، الإستر أو الكحول.
تجاريا هي الغراء، مزيلات الألوان، المواد النفطية، بعض الغازات ومحلات أخرى، طريقة استعمالها تتطلب استنشاقها عن طريق الأنف وتولد اعتيادات جسدية ونفسية يمكن أن تؤدي إلى الوفاة.










































































































































































































































































































المبحث الثالث: التطور القانوني لجرائم المخدرات.
بعد مبحثنا السابق والذي كما هو معلوم خصصناه للحديث عن المخدرات وكل ما يتعلق بها من إدمان وتعاط ومسبباتها وذكر مفصل لأهم أنواعها وآثارها نظن أننا قد فصلنا وأسهبنا في ذلك، لكن لما تقتضيه الضرورة العلمية وما يحتمه البحث الموضوعي والضمير العلمي، وتجنبا بما رأيناه أوجب للشرح والإطالة يجدونا الأمل في التوفيق والآصال الأمين بما يجعل هذا البحث أقرب إلى التمام والرفعة به إلى مستوى البحوث القانون الجادة.
وإن كان كذلك وهو أقصى ما نتمناه فلا ندعي فيه لأنفسنا فخرا، وإنما توفيق من الله أولا ورعاية رشيدة وتوجيه سديد من أستاذي الكريم بودكارة المختار ثانيا وتعتقد أن آن الأوان للدخول بالبحث مرحلته القانونية وهي الهدف الأصلي الذي بني عليه فنتحدث إن شاء الله أثناء هذا البحث عن مختلف الأطوار القانونية التي عرفتها جرائم المخدرات.
وسنقسم هذا البحث إلى أربعة مطالب نتناول في الأول منها التطور القانوني في هذه الجرائم في الشريعة الإسلامية والمطلب الثاني لدراسة تطوره في الاتفاقيات الدولية والمطلب الثالث فيصلب التشريع الجزائري وأخيرا المطلب الرابع في بعض التشريعات الأخرى.
المطلب الأول: في الشريعة الإسلامية.
لقد ثار نقاش حاد بين فقهاء الشريعة حول تحريم المخدرات كونها وليدة العصر ولم يأت له ذكر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه التابعين والحقيقة أو المعارضين لتحريم المخدرات لم يقولوا بحلها بالضرورة ولكنهم قالوا بمكروهيتها فيما ذهب مناظريهم من الفريق الآخر إلى حرمتها قياسا على الخمر الذي تشترك معه في خاصية السكر وهي الغاية الوحيدة وراء استهلاكها وقبل الحديث عن التطور التشريعي للمخدرات في ظل الإسلام لابد في الحديث إلا عن مفهوم هذه المواد في الشريعة.
الفرع الأول: مفهوم المخدرات في الشريعة الأساسية
لا يمكن التطرق في الحديث عن المخدرات في الشريعة الإسلامية قبل الحديث عن الخمر كونه سابقا عليها زمانا وهو الأساس الذي بني عليه تحريمها.
البند الأول: مفهوم الخمر في الشريعة الإسلامية
القرآن الكريم: وردت أربع آيات في القرآن الكريم تتعلق بأحكام الخمر وهي بعد بسم الله الرحمان الرحيم: "من ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون" (سورة النخل الآية 67).
"يسألونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع للناس وإثمها أكبر من نفعها" (سورة البقرة الآية 218).
"يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" (سورة النساء الآية 42).
" إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتهم منتهون" (سورة المادة).
في السنة الشريفة: ورد في حكم الخمر أحاديث ثلاثة مختلفة في روايتها مختلفة للأخذ بها بين الفقهاء المؤسسين للمذاهب الفقهية في القرنين الثالث والثاني الهجريين وهي:
ما أسكر كثيرة فقليلة حرام "حديث".(1)
كل مسكر خمر وكل خمر حرام(2).
كل مسكر حرام "حديث".(3)
ثالثا- في كتب الفقه:
لقد كان عصر الفقهاء عصر انفتاح للدولة الإسلامية لوقعتها بفعل الفتح الإسلامي وكان كنتيجة لذلك حصول تنوع في العنصر البشري لتلك الفترة واختلاط واحتكاك بين العرب وتميزهم في الأجناس وخصوصا الفرس والروم وكان من الطبيعي جدا انتقال هذه الأجناس إلى الإسلام بثقافتها ومقوماتها بما فيها من عادات وهوايات والتي كان من ضمنها شرب الخمر والانبذة إلى غير ذلك من المسكرات والتي انتقلت إلى العرب فيما بعد وهذا ما يفسر تناول جميع الفقهاء للموضوعات التي تتعلق بحكم الخمر والانبذة والنباتات المنحدرة حتى أن بعضهم قد أفردها بفصول أو أبواب ونذكر منها على الخصوص كتاب الأشربة في صحيح المسلم وكتاب الطعام والشراب في (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) لابن رشد القرطبي، وفي باب حد الشرب في (الفتاوي الكبرى) لابن تيمية وكإجمال لآراء هذه الفترة في الخمر فإننا نورد هذا الملخص.






(1) د. صباح كرم شعبان، عن تفسير الرازي المطبعة العادية، الجزء الثاني، ص 229 (نفس المرجع والصفحة).
(2) د. صباح كرم شعبان عن المرجع السابق، ص 53، عن التاج للأصول في الأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ المنضور على ناصف، الطبعة الثانية الجزء الثالث، ص 125.
(3) د. صباح كرم شعبان، عن سنن ابن ماجة، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، الجزء 1223
البند الثاني: مفهوم المخدرات في الشريعة الإسلامية وحكمها
كما سبق وأن ذكرنا من أن المخدرات لم تظهر بعهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بعهد صحابته التابعين فإنه لا وجود لنص قرآني أو من السنة الشريفة يتحدث عنها صراحة لذلك وقد ترك أمرها إلى الفقه.
والحقيقة أنه ربما حسن الحظ أن ظهورها كان معاصرا لبعض علماء الفقه الإسلامي والذين أجزموا فيها بحكم بات وهو التحريم كأمثال ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى غيرهما من العلماء والفقهاء وفيما يلي ذكر لأهم الآراء والفتاوى ولو أنها تذهب جميعا إلى التحريم التام إضافة إلى أقوال بعض الصحابة والتي كانت في الأصل قاصدة للخمر لكن الفقهاء المتأخرين قاموا بالقياس عليها فحرموا المخدرات أيضا: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه السياسة الشرعية ما خلاصته(1) "إن الحشيشة حرام يحد متناولها كما يحد شاربها وهي أخبث من الخمر من جهة أنها تفسد العقل والمزاج وحتى يصير في صاحبها تخنث ودياثة وغير ذلك من الفساد وإنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة وهي داخلة فيما حرم الله ورسوله من الخمر والمسكر لفظا ومعنى.
كما تحدث عنها مرة في فتاواه فقال أيضا ما خلاصته "هذه الحشيشة المعلونة هي أكلها ومستحلوها الموجبة لسخط الله تعالى وسخط رسوله وسخط عباده المؤمنين المعرضة صاحبها لعقوبة الله تشمل على ضرر في دين المرء وعقله وخلقه وطبعه وتفسد الأمزجة حتى جعلت خلقا كثيرا مجانين، أما اين القييم الجوزية التلميذ المحقق فقد تسع شيخه ابن تيمية وقال في كتابه "زاد المعاد" ما خلاصته أن الخمر يدخل فيها كل مسكر مائعا كان جامدا، عصيرا أو مطبوخا فيدخل فيها لقمة الفسق والفجور – ويعني بها الحشيشة لأن هذا كله خمر ينص الرسول صلى الله عليه وسلم الصريح الذي لا مطعن في سنده ولا إجمال في متنه انصح عنه قوله "كل مسكر خمر" وصح عن أصحابه رضي الله عنهم الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده بأن الخمر ما خامر العقل على أنه لو لم يتناول لفظه (صلى الله عليه وسلم): "كل مسكر" لكان القياس الصحيح الذي استولى عليه الأصل والفرع من كل وجه حاكما بالتسوية بين أنواع المسكر فالتفرقة بين نوع تفريق بين متماثلين من جميع الوجوه(1) وقال صاحب "سبل السلام في شرح بلوغ المرام" أنه يحرم ما أسكر من شيء وإن لم يكن مشروبا كالحشيشة".


(1) د. عبد الرحمان الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، مكتبة الأزهر، كتاب الحدود، ص 36.

ونقل عن الحافظ ابن الحجر "إن الحشيشة لا تسكر وإنما هي مخدر وسكاير، فإنها تحدث ما تحدثه الخمر من الطرب والنشوة"، وقد قال فقهاء الحنفية إن من حال بحل الحشيشة زنديق مبتدع أما من الفقهاء المتأخرين فقد صدرت فتوى من فضيلة الأستاذ المفتي الديار المصرية(1) نشرت في مجلة الأزهر عدد شعبان سنة 1360 ملخصة حتى ينتفع بها الجميع ويقنع بها في قلبه شك أو ريب في حرمتها أنه لا يشك شاك ولا يرتاب مرتاب في أن تعاطي المخدرات حرام لأنها تؤدي إلى مضار جسيمة ومفاسد كثيرة فهي تفسد العقل وتفتك بالبدن إلى غير ذلك من المظار والمفلسة الخطيرة فلا يمكن أن تأذن الشريعة بتعاطيها مع تحريمها لما هو أقل منها مفسدة أخف ضررا ولذلك قال بعض علماء الحنفية أن من قال رجل الحشيش زنديق مبتدع وهذا منه دلالة على حرمتها ووضوحها وأنه لما كان الكثير من المواد يغامر العقل ويغطيه ويحدث من الطرب واللذة عند تناولها ما يدعوهم إلى تعاطيها والمداومة عليها كانت داخلة فيما حرم الله في كتابه العزيز وعلى لسان رسوله الكريم من الخمر والسكر.(2)
الفرع الثاني:التطورفي أحكام المخدرات في الشريعة الاسلامية

كما سبق لم تكن المخدرات معروفة قبل نزول القرآن الكريم ولا بعده كما تعرف أيضا في عصر الصحابة أو كبار الأئمة الأولين لذا لم توجد أي أحكام خاصة بما ترجع لتلك العصر غير أن ظهورها فيما بعد(3) أي القرن الثالث عشر جعل كل فقيه يتحدث عنها بما عرف في بلده وعصره وتبين بانتشارها مدى خطورتها التي لا تقل عن الخمور والانبذة وبدأت التساؤلات تطرح حول حلها وحرمتها.
المرحلة الأولى: حكم المخدرات كان حكم الإباحة:
كان حكم المخدرات في البداية يتميز بالإباحة لعدم ورود اجتهادات وأحكام فقهية أو نصية بشأنها ومن ذلك أن الفقيه شمس الدين السر خسي تحدث عن حل البنج أي الحشيش فقال ما نقل عن أبي حنيفة شيء إدا لم يشتهر في زمانه فيبقى على الإباحة.
المرحلة الثانية: حكم المخدرات:
هو حكم الخمر في هذه المرحلة أخذ الفقه يتخذ موقف التشديد في حكم المخدرات وسبب ذلك هو اتضاح خطورة المخدرات التي لا تقل أن لم تزد عن المشروبات والانبذة وكان من اجتهاد الفقهاء القول أخيرا بأن حكم المخدرات هو حكم المسكرات جميعا حيث يقول مثلا المصنف* "أن من قال بحل البنج والحشيشة فهو زنديق مبتدع".
(1) السيد السابق، فقه السنة، مكتبة دار التراث، القاهرة، الجزء الثاني، ص 330.
(2) لم يأتي في ذكر هذه الفتوى اسم مفتي الديار المصرية المعني.
(3) د. عبد الرحمان الجزائري، المرجع السابق، ص 36.
وذهب نجم الدين الزاهدي إلى القول بأنه يكفر ويباح قتله.
المطلب الثاني: في الاتفاقيات الدولية.
نرى أن دراسة التطور القانوني لجرائم المخدرات في الاتفاقيات الدولية لا يخلو من فائدة لاسيما إذا علمنا بأن الغالبية القصوى من الدول – ومنها الجزائر – قد قامت بنقل الأحكام الواردة في الاتفاقيات الدولية بشأن جرائم المخدرات إلى تشريعاتها سواء التزام بها نشأ عن توقيع هذه الاتفاقية والانضمام إليها، أو مجاراة للتشريعات الحديثة المتأثرة بهذه الاتفاقيات.
الشيء الذي أدى إلى تطبيق الخناق على الذين يتعاملون بالمخدرات في كل بلد يحتمون به خصوصا إذا ما اصطبغت هذه الجرائم بصفة الدولية وكما هو معروف أن هذه الاتفاقيات بدأت بالظهور مبكرا منذ بداية القرن واستمرت حتى عهد قريب ولذلك سوف أقسم هذا الموضوع إلى ثلاث مراحل زمنية:
I- المرحلة الأولى: الاتفاقيات الدولية قبل الحرب العالمية الأولى
أ‌- مؤتمر شنغهاي 1909: حضرته 13 دولة وحضر المؤتمر أعماله في التعرض الأفيون ومشتقاته والحد من انتشاره باتخاذ الوسائل اللازمة وقد انتقد هذا المؤتمر لأنه اقتصر على معالجة مشكلة الأفيون فقط وإقرار مبادئ أساسية من شأنها وقف انتشاره في منطقة الشرق الأقصى، زيادة على أن قرارات هذا المؤتمر جاءت على شكل توصية دون أن تكون لها طابع الإلزام.
ب‌- معاهدة لاهاي: تعتبر هذه المعاهدة من أهم المعاهدات حيث احتوت على العديد من المبادئ العامة والتي كانت القاعدة الأساسية لكل الإجراءات التشريعية على النطاقين الدولي والمحلي والتي بموجبها اتخذت خطوات تشريعية للسيطرة والحد من انتشار المخدرات ومن أبرز هذه المبادئ تحقيق تعاون دولي في مجال الرقابة الدولية على المخدرات.
II- المرحلة الثانية: الاتفاقيات الدولية بعد الحرب العالمية الأولى
أ‌- اتفاقية جنيف 1924-1925: تمت هذه الاتفاقية بحضور ممثلين عن دولة وكانت تهدف إلى مكافحة التهريب وسوء استعمال المواد المخدرة وتناولت مواد جديدة لم تتناولها الاتفاقيتين الأولى(1) المتعاقدة إصدار القوانين واللوائح اللازمة لإجراء مراقبة فعالة على محصول الأفيون وتوزيعه وتصديره وكذا تقييد الصيادلة بحد معين عند صرفهم لوصفات تحتوي على مواد مخدرة وكذلك منع الدول المتعاقدين تصدير بعض مشتقات القنب إلى البلاد التي حضرت استعمالها.
(1) لم نجد الاسم لهذا الفقيه والظاهر أنها كتبت لأحد الفقهاء.
ب‌- اتفاقية مكافحة التجار غير المشروع في المواد المخدرة 1936(1): وقد عرفت المادة الدول من هذه الاتفاقية المواد المخدرة "بأنه يقصد بها المواد الواردة ذكرها في هذه الاتفاقية كافة العقاقير والمواد التي تطبق عليها الآن أو فيها بعض نصوص اتفاقية لاهاي سنة 1912 وجنيف سنة 1925 وسنة 1931، كما حددت الاتفاقية في مادتها التالية الأفعال التي تعتبر جرائم المخدرات وأوجبت سن التشريع عقوبات شديدة ومنها الحبس أو غيرها من العقوبات المقيدة للحرية، أما المادة الرابعة فعالجت الجرائم التي ترتكب في أكثر من بلد و أوجبت اعتبار كل منها جريمة كائنة بذاتها أوجبت في المادة الخامسة على الدول التي تتقن زراعة وحصاد وإنتاج المواد المخدرة أن تجعل كل خروج عن هذه القوانين معاقبا عليه بشدة وفي المادة السادسة اعترفت الاتفاقية بمبدأ التجريم الأولى بهدف تشديد العقوبة على كل ما له علاقة بجرائم المخدرات، وإضافة على المادة الثانية فإنها تناولت أيضا موضوع محاكمة وتسليم المجرمين الدوليين وتوحيد قواعد الاختصاص.
III- المرحلة الثالثة: الاتفاقية الدولية بعد الحرب العالمية الثانية
أ‌- الاتفاقية الوحيدة2) بمقر الأمم المتحدة 1961 تعد هذه الاتفاقية القمة التي توجت جميع ما سبقها من اتفاقيات، بما جاءت به أحكام شاملة ولاغية لكافة الاتفاقيات السابقة وقد حضرها مندوبو 73 دولة وكان من ضمن ما توصلت إليه الاتفاقية وضع أربع جداول بينت فيها أنواع المخدرات ومستحضراتها(3) مع ترك الباب مفتوحا لكل دولة كي تضع ما تراه مناسبا من إجراءات أكثر شدة وما جاءت به الاتفاقية ما قصرت به في الفقرة من المادة الرابعة إنتاج المخدرات وصنعها وتصديرها واستيرادها وجميع التصرفات فيها على الأغراض الطبية والعلمية دون سواها بينما بينت المادة 36 الأفعال التي اعتبارها جرائم إذا ارتكبت عمدا والمعاقبة عليها بعقوبات ملائمة أما المادة 38 فتطرقت إلى موضوع معالجة مدمني المخدرات وضرورة أن تولي الأول اهتماما وعناية خاصة بالمدمن.
ب‌- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع: المخدرات من المؤثرات العقلية فيينا 1988 وقد انضمت الجزائر بموجب المرسوم رقم95-41 المؤرخ في يونيو 1995، وقد جاءت هذه الاتفاقية تعزيز التدابير المنصوص عليها في اتفاقية الوحيدة للمخدرات لسنة 1961 المعدلة أيضا في صيغة بروتوكول لسنة 1972 والاتفاقية الأممية حول المؤثرات العقلية لسنة 1971 ومن أهم ما جاء في الاتفاقية العلاقة الوطيدة بين الاتجار غير المشروع للمخدرات
(1) لم نجد ذكرا للمكان الذي عقدت فيه هذه الاتفاقية، د. صباح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 68.
(2) عقدت هذه الاتفاقية بمقر الأمم المتحدة 1961 بناءا على دعوة المجلس الاقتصادي والاج التابعة للأمم المتحدة لإبرام معاهدة موحدة.
(3) العبرة في ذلك أن ما جاء في أحكام الاتفاقية ما هو إلا الحد الأدنى الذي تلتزم به الأطراف.
والنشاطات الإجرامية الأخرى المهددة لاستقرار الدول وأمنها وسيادتها، زيادة على ما جاءت به من تحديد الظروف المشددة لاقتران جريمة المخدرات وحددتها بحوالي ظروف مع النص إلى ما كان اللجوء إلى عقوبات متنوعة حسب جسامة الفعل، ولم يفت الاتفاقية التطرق إلى التدابير المكملة أو البديلة للجزاء والعقوبة، وسنتطرق لاحقا إلى مدى اتفاق التسريع الجزائري ومضمون هذه الاتفاقيات وخصوصا هذه الأخيرة منها.
المطلب الثالث: في التشريع الجزائري
قبل التطرق إلى بعض التشريعات العربية خاصة الصادرة بشأن مكافحة آفة المخدرات يجدر بنا أن نذكر في البداية أم المجتمع الجزائري لم يعرف استفحالا لهذه الظاهرة إلا في التسعينات حيث حجزت كميات كبيرة من القنب المعالج موجهة إلى الخارج عبر الجزائر حيث استعملت الجزائر كمنطقة عبور لهذه المادة ورغم ذلك فإن الجزائر كانت السباقة للانضمام للاتفاقيات الدولية ومنها الانضمام للاتفاقية الأممية الوحيدة سنة 1961.
الفرع الأول: المخدرات في ظل التشريع الجزائري
لقد كان الاهتمام الدولي بالمخدرات قد عرف أوجه بعقد الاتفاقية الدولية لمحاربة ومكافحة المخدرات وكان من ضمن التشريعات السباقة للانضمام لهذه الاتفاقية التشريع الجزائري وهذا بمقتضى المرسوم رقم 63-342 المؤرخ في 11/09/1963 وكذا بانضمام الجزائر لبعض الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمؤثرات العقلية والنفسية والاتفاقية المنصوص عليها بالمرسوم السالف الذكر كذلك المبرمة في جنيف بتاريخ 19-02-1925 المسجلة تحت رقم 1845 وكذا التعديلات التي طرأت على بروتو كول اتفاق الممضي بـLAKESUCCESS بنيويورك بتاريخ 11/12/1949 والمسجلة بالأمانة العامة تحت رقم 186 والمتعلق بالحد وتنظيم وتوزيع المخدرات، وبأكثر تفصيل فقد تضمن المرسوم رقم 63-342 مادتان الأولى تنص على مضمون الاتفاقيتان الدوليتان والمادة الثانية تكليف وزير الشؤون الخارجية بتنفيذها أما المرسوم رقم 63-343 بنفس التاريخ فقد تضمن أربع مواد ويتعلق المرسوم بانضمام الجزائر بتحفظ الاتفاقية الوحيدة المتعلقة بالمقررات الممضاة بتاريخ 30/03/1961 وتماشيا مع الاتفاقية الدولية المذكورة أسست في 15-1991 اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ثم صدر المرسوم رقم 71-198 وتضمن هذا المرسوم 09 مواد قد تناولت المادة الثانية منه تشكيلة هذه اللجنة والتي هي متعددة القطاعات وتكون تحت سلطة وزارة الصحة العمومية ويترأسها وزير الصحة العمومية أو من يمثله وأربعة عشر ممثلا آخرون، ويمكن للجنة أن تستعين بأي شخص تراه مختصا للقيام بمهامها ويكون مقر اجتماعات اللجنة مقر وزارة الصحة العمومية ويخضعني أعضاءها في تعيينهم إلى من له سلطة التعيين وأن عمل الأعضاء يكون تطوعيا بلا مقابل وتعقد اللجنة اجتماعاتها أربع مرات في السنة كما يمكن لها أن تجتمع كلما اقتضت الضرورة لذلك و بطلب من رئيسها، وبعد تنصيب هذه اللجنة تختار لها مكتبا يتكمن من الرئيس ونائب له عضوين منتخبين كما تقوم اللجنة أيضا بإعداد نظامها الداخلي وبرنامج عملها على المدى الطويل ويبقى أن تضع ملاحظة وهي أن النص المنشأ لهذه اللجنة يعمد لسنة 1971 إلا أن وجودها الفعلي لم يتم إلا بعد صدور المرسوم رقم 02-151 المؤرخ في أبريل 1992 وقد حددت المادة 08 من هذه الاتفاقية مهامها والمتمثلة في:
- دراسة الاتفاقية الدولية وبروتوكولا لاتفاق المتعلق بالمؤػرات العقلية واقتراح طرق التطبيق الملائمة لظروف الخاصة للدولة.
- تعميق البحث واقتراح الأساليب الأكثر نجاعة لمكافحة طرق الاتجار والبيع ونزع هذه المخدرات بكل أنواعها.
- السهر بالتنسيق مع الكتب المختص بالمخدرات والمؤثرات العقلية على مستوى وزارة الصحة على استعمال المادة المخدرة لطرق واعتراض طبية فحسب ومراقبة طرق التداول والتوزيع.
- القانون رقم 58-05 المؤرخ في 16/02/1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها: لقد تضمن هذا القانون المحرر الخاص بالمخدرات المواد السامة في فصل خاص مع الأحكام الجزائية المتعلقة بالمواد الصيدلية وتضمن الفصل الثاني من الباب الثامن من نفس القانون 27 مادة ومن خصوصيات هذا النص ما يلي:
• أولا- قطع حلقة الاتصال بين المستهلك والمحبط: يمتاز هذا التشريع بكونه يهدف إلى قطع حلقة الاتصال بين مستهلك المخدرات والمحيط وانطلاقا من اعتبار أن الإدمان هو نتيجة غير مباشرة للمتاجرة غير الشرعية في المخدرات من جهة وعدم التحكم في توزيع العقاقير الطبية أخرى من جهة ونتيجة لذلك فإن نظرة المشرع الجزائري اتجهت نحو تحريم للنشاطات غير الشرعية في المخدرات بإجراءات خاصة تسمح بإعادة دمجه في المجتمع.
• ثانيا- التحريم الواسع لكل النشاطات المتعلقة بالمخدرات: مما يتميز به هذا التشريع هو تحريم كل النشاطات المتعلقة بانتشار آفة المخدرات وهذا ما يتضح من نص المادة الثالثة من المرسوم والمادة 243 من نفس القانون التي تتصل بالعقوبة حتى 20 سنة و10000 دج وهذا بخصوص من يصنعون بصفة غير شرعية أو يحضرون أو يحولون أو يستوردون أو يتوسطون فيما سبق أو يستودعون أي يستثمرون أو يبيعون، يرسلون ينقلون يعرضون للتجارة أي مادة مخدرة، وهذا النص ينص على مبدأين:
1- المعاقبة على المحاولة والاشتراك بنفس العقوبة المطبقة على الفعل المجرم بنص المادة 243.
2- الأخذ بمبدأ شخصية القوانين تنص الفقرة الأخيرة من نفس المادة على تطبيق القانون الجزائري ولو ارتكبت عناصر المخالفة في بلدان أجنبية.
• ثالثا- الحماية القانونية للقصر: لقد حضي القصر بحماية خاصة في القانون الجزائري إذ تنص المادة 244 (ف3) على تسليط عقوبة بالسجن من 5 سنوات إلى 10 سنوات لمن يسهل استعمال المواد المخدرة أو النباتات المذكورة لأحد القصر وهدف المشروع من هذا الشديد إبعاد القصر عن أي وسط يؤدي إلى الانحراف.(1)
• رابعا- الحماية القانونية للصحة المعنوية للشعب الجزائري: لقد نصت المادة 248 من هذا القانون على إمكانية الوصول إلى الحكم بالإعدام إذا كان طابع إحدى المخالفات المنصوص عليها في المادتين 243-244 من نفس القانون مخلا بالصحة المعنوية للشعب.(2)
• خامسا- المكافحة الوقائية لانتشار آفة المخدرات: يمكن القول أن المشرع قد انتهج أسلوبا ردعيا وقائيا في نفس الوقت وهذا للحد من انتشار الجريمة في تقرير العقوبة المضاعفة في حالة العود.(3)
- كما قرر عقوبات تبعية كإمكان الحكم بالحرمان من الحقوق المدنية لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات.
- وجوب الحكم بمنع الإقامة حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 12 من قانون العقوبات.
- وجوب الحكم بسحب جواز السفر وإيقاف رخصة السياقة لمدة 5 سنوات على الأكثر.
- وجوب الأمر بمصادرة المواد والنباتات المحجوزة.
- كخاتمة لهذا التدخل يمكن القول أن آخر التشريعات الجزائرية في ميدان التعرض للمخدرات أو مواكبة التشريعات العالمية في ذلك هو انضمام الجزائر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، فيينا 1988، موجب المرسوم رقم 95-41 المؤرخ في 26 يونيو 1995 والذي تضمن المصادقة مع التحفظ على الاتفاقية التي سبق وأن تحدثنا عنها.



(1) ويتفق في ذلك مع ما جاء به في المرسوم 72-03 المؤرخ في 10/02/1972 المتعلق بحماية الطفولة الراهنة.
(2) ينتقد السيد سيدهم مختار المستشار لدى مجلس قضاء تلمسان هذه المدة بقوله "يبقى هذا النص عديم التطبيق لكونه فضفاضا نتيجة عدم تحديد عبارة الإخلال بالصحة المعنوية للشعب الجزائري هل بكمية المخدرات المضبوطة أم بنتيجة استهلاكها أو بتعدد الأشخاص المتورطين في شبكة الاتجار والتهريب"، مجلة الجمارك عدد خاص سنة 1993، ص 32-33.
(3) هذا ما نصت عليه المادة 247 من قانون 85-05 والمادة 4 من الأمر رقم 75-09.

المطلب الرابع: في بعض التشريعات الأخرى.
الفرع الأول: في التشريعين المصري والليبي
للإشارة فإن التشريع الليبي في الميدان لا يختلف كثيرا عن التشريع المصري بل أنه مقتبس منه اقتباسا، لذلك سنقصر الدراسة على التشريع المصري ولذلك أهمية فالتشريعات المصرية في مكافحة المخدرات تعتبر السابقة العربية الأولى والرائدة في هذا المجال ويمكن القول أن جل التشريعات العربية التي جاءت فيما بعد تأثرت بشكل أو بآخر بالتشريع المصري.
• بدأت مشكلة المخدرات في مصر منذ أواخر القرن الماضي فأخذت الحكومة في مكافحتها تشريعيا متدرجة في ذلك نحو الشدة كلما استفحل داؤها وانتشر.(1)
• أول التشريعات المصرية صدرت في 1879 بموجب أمر عال(2) حرم استيراد الحشيش وأوجب على السلطات الجمركية مصادرة ما يستورد منه ومنع زراعته والغرامة على مخالفة ذلك.
• وفي سنة 1884 صدر أمر عال تضمنت أحكامه منح زراعة الحشيش أو إدخاله ورفع الغرامة حتى ذلك حسب الكمية وترميم إحرازه أو حتى الشروع في إدخاله.
• وفي سنة 1891 صدر الأمر العالي الذي رفع الغرامة حتى خمسين جنيها لكل فدان الأرض تزرع حشيشا ونفس الغرامة في حال الاستيراد ودفعها في حال العودة.
• وفي سنة 1925 صدر قانون بمرسوم رقم 11 الذي ألغى مرسوم 1922 شدد العقوبة ووسع دائرة التحريم سواء من حيث الأفعال المعاقب عليها أو المواد الممنوعة، ويمكن القول أن التشريعات السابقة لهذا الأخير كانت تتم باللامبالاة بدليل عدم وجود أي عقوبات تنفذ على حرية الشخص أو عقوبات مالية ثقيلة، حيث أدخل هذا الأخير لأول مرة عقوبة الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات ورفع الغرامة من 10 جنيهات إلى 300 جنيه لكل حائز أو مشتري لجواهر مخدرة.
• وازدادت التشريعات ارتفاعا فصدر القانون رقم 21 لسنة 1928 ورفع عقوبة الحبس من سنة إلى 5 سنوات والغرامة من 200 إلى 1000 جنيه إذا كانت الأفعال بقصد الاتجار وعاقب أيضا على الشروع وشدد العقاب في حالة العودة وفرض لأول مرة عقوبات تكميلية.

(1) د. صبح كرم شعبان، المرجع السابق، ص 75.
(2) نلاحظ أن مصر في هذه الفترة كانت تابعة للتاج العثماني وتحت حكم الباب العالي وهذا ما كان يجعل المراسيم والقوانين تصدر بأمر عال.

• وتواصل ارتفاع ليصل إلى الأشغال الشاقة بصدور المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 على كل مصدر أو مصنع وحتى حاز أو سهل تعاطيها (نص المادة 33)، والعقوبة بالحبس من 3 سنوات إلى 15 سنة لكل من زرع بقصد الاستهلاك.
• غير أن هذا القانون كان صارما جدا ومجففا وانتقد(1) مما أدى إلى إلغائه بالقانون رقم 182 سنة 1960 حيث ميز بين الأفعال من حيث خطورتها وقصر عقوبة الحبس المؤبد على كل من استورد أو صدر بغير الحصول على ترخيص وكذلك من أنتج أو وضع بغرض الاتجار كما أدخل عقوبة الإعدام في حالة العودة كما تعرض إلى مواضع تعالج موضوع الاعتداء على الموظفين أثناء تأدية واجبهم ونظر نظرة عطف إلى المدنيين وأجاز للمحكمة بدلا من توقيع العقوبة أن تأمر بإبداع من ثبت إدمانه لدى المصحات.
وبلغ التطور أوجه في التشريع المصري بصدور قانون رقم 40 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 82 لسنة 1960 فأجازت المادة 33 الحكم بالإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة للأفعال الواردة في الفقرة أ، ب، ج، د، أما المادة 35 فعاقبت بالأشغال المؤبدة والغرامة على الأفعال التقديم للتعاطي أو تسهيله، أما المادة 48 حكمت بتدابير أمنية استثناء إلى نظرية الدفاع الاجتماعي التي هي أحدث النظريات في عالم الجريمة والعقوبة على كل من سبق الحكم عليه كثر من مرة أو اتهم لأسباب جدية أكثر من مرة في إحدى الجنايات المذكورة.
الفرع الثاني: في التشريع العراقي :
من التشريعات التي عثرنا عليها في الميدان، التشريع العراقي الذي اتسم هو الأخير بالتساهل ليصل إلى الشدة في أواخره.
- صدور القانون رقم 12 لسنة 1933 بخصوص منع زراعة القنب والأفيون.
- والحكم في حالة المخالفة بغرامة وفي حالة العودة يكون الحكم بما لا يتجاوز الثلاث أشهر.
- صدور القانون رقم 44 لسنة 1938، يلاحظ عليه أنه قد وسع دائرة التجريم المواد المخدرة إلا أنه لم يعر اهتماما لتشديد العقوبة.
- صدور القانون رقم 68 لسنة 1965 ضم هذا القانون 14 مادة إضافة إلى 4 جداول واحتضنت 13 مادة منه لبيان المواد المخدرة والأفعال المجرمة المتعلقة بالمخدرات ومن حيث العقوبة فقد شددت على عدم الإعلام والحكم على كل مخالف لهذا القانون بما لا يقل عن 6 أشهر ولا يزيد عن 5 سنوات ونفس العقوبة لكل تواطؤ أو شروع أو عمل تحضيري لهذا الجرائم ومما يعاب عليه عدم التعرض للاتجار أو التعاطي.
(1) من الانتقادات التي وجهت لهذا القانون لم يؤدي إلى النتائج المتوخاة من العقوبة حيث ازدادت قضايا المخدرات إضافة إلى فرضه عقوبة واحدة لقضايا وأفعال مختلفة.
- قانون رقم 4 لسنة 1967 وجاء معدلا لما سبقه ومنه حذف المادة 14 وقد جاء معالجا لنقائص القانون السابق غير أنه لم يوسع قاعدة التجريم أو الأحكام الأخرى لها.
- إلا أنه ارتفع لأول مرة بالعقوبة إلى الأشغال المؤقتة في حال توفر الاتجار في حالة استيراد أو تصدير أو إنتاج أو بيع أو تسليم للغير أو التنازل أو الوساطة في أي عملية تتعلق بالمواد المخدرة، وأعطى اعتبارا لصفة الجاني وجعلها ظرفا مشددا إذا تعلقت بموظفي الأمن أو المكافحة كما تضمن عقوبات تكميلية.
- قانون رقم 196 لسنة 1968 وقد رفع العقوبة من الأشغال المؤقتة إلى المؤبدة رفع حد الغرامة من 3.000 دينار إلى 10.000 دينار في العديد من العقوبات كما عاقب لأول مرة على جريمة الجلب وعاقب إلى حد الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة في حال توافر ظروف العودة أو ترأس عصابة كما رفع العقوبة بالحبس من 3 سنوات إلى 10 سنوات في حال الحيازة أو الزراعة أو الإحراز.
- قانون رقم 11 لسنة 1970 ويعتبر هذا القانون قمة التطور في التشريع العقابي العراقي حيث ارتفع لأول مرة إلى عقوبة الإعدام، كما شددت العقوبة في حال العودة لتصل إلى الإعدام.
- قانون رقم 160 لسنة 1970 وقد جاء مشددا العقوبة على الأشخاص الذين يعملون ضمن القوات المسلحة أو معها و لمصلحتها وقد جاء هذا القانون فقط متداركا للقانون الذي سبقه ومعالجا لنقائصه.
- وأهمية دراسة هذين التشريعين تتجلى في معرفة الفرق بينهما وبين التشريع الجزائري الذي لازال متهاونا ومتساهلا في العديد من الجرائم التي ثبتت خطورتها بما لا يدع مجال للشك والنتيجة هي ما نراه من انتشار فظيع لجرائم المخدرات والكميات الهائلة التي تضبط من حين لآخر.








المبحث الرابع: أركان جريمة المخدرات في التشريع الجزائري.
الجريمة بصفة عامة هي فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة أو تدابير احترازية والجريمة بشكل عام لها عنصرين:
- فالعنصر المادي يتمثل في نشاط الفاعل الملموس أو فيما يجربه خارج شخصه.
- أما العنصر المعنوي فهو ذلك الجانب من نشاط الفاعل الذي يجريه في داخله أو في نفسه.
تلك هي الأركان الأساسية التي تتكون منها كل جريمة لتكن قد تتضمن الجريمة عند دراستها بمفردها وتحليلها في القسم الخاص لقانون العقوبات عنصر آخر تقتضيه طبيعتها.
وجرائم المخدرات كأية جريمة من الجرائم لها بصفة عامة عنصران أساسيان هما العنصر أو الركن المادي والركن المعنوي وإضافة إلى كونها من جرائم قانون العقوبات الخاص فلها عنصر آخر تقتضيه طبيعتها وتستمد منه شرعيتها وهو ما يعرف بالركن الشرعي.
وفي هذا المبحث سوف نقسم خطة العمل إلى ثلاث مطالب نتناول في الأول منها الركن الشرعي(1) وتناول في الثاني الركن المادي وفي الثالث الركن المعنوي.















(1) وجدنا في بعض المؤلفات في مكان الركن الشرعي ما يعرف بالركن المقترض (المخدر) مثلما وجدنا ركن المادة المخدرة، د. صباح كرم شعبان، ص 95.
المطلب الأول: الركن الشرعي.
في هذا الركن نجد المشروع الجزائي قد حدد له جزءا جنائيا وهذا تطبيقا لمبدأ الشرعية الجنائية الذي نصت عليه المادة الأولى من قانون العقوبات بأن "لا جريمة ولا عقوبة أو تدابير أمن بغير قانون"، وجريمة المخدرات تستمد شرعيتها من قانون مكمل لقانون العقوبات وهو القانون المتعلق بحماية الصحة وترقيتها وفيما يلي سنعرض أهم النصوص القانونية في هذا الصدد.
- المادة 241: تنص على ما يلي: "يعاقب الذين يخالفون أحكام المادة 190 من هذا القانون فيما يخص المواد السامة غير المخدرة بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة مالية من 2000 إلى 10.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين".
- المادة 242: تنص على ما يلي: "يعاقب الذين يخالفون أحكام التنظيمات المنصوص عليها في المادة 190 من هذا القانون فيما يخص المواد السامة المصفقة على أنها مخدرات بالحبس من سنتين إلى 10 سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 5.000 إلى 10.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين".
- المادة 192: تنص على ما يلي: "يمنع على أي مستورد أو منتج أو صانع المستخلصات التي يمكن استخدامها في صنع المشروبات الكحولية أن يبيع هذه المواد أو يقدمها مجانا أي شخص كان ما عدا صانعي المشروبات الكحولية الذين لهم صفة المستوردين في نظر إدارة الضرائب غير المباشر والصيادلة والعطارين والهيئات المصدرة المباشرة".
- المادة 190: تنص على ما يلي: "يحدد عن طريق التنظيم إنتاج المواد والنباتات السامة المخدرة والغير مخدرة ونقلها واستيرادها وتصديرها وحيازتها وإهدائها والتنازل عنها وشرائها واستعمالها وكذلك زراعة هذه النباتات".
- المادة 243: تنص على ما يلي: "يعاقب الذين يصنعون بصفة غير شرعية مخدرات أو يحولونها أو يستوردونها أو يبيعونها أو يرسلونها أو ينقلونها أو يعرضونها للتجارة بأي شكل كان".
- المادة 244: تنص على ما يلي: "يعاقب الأشخاص المذكورين فيما يلي من يسهل لغيرهم استعمال المواد المذكورة أو النباتات المبينة في المادة أعلاه 243 بمقابل أو مجانا سواء بتسخير محل لهذا الغرض أو بأية وسيلة أخرى".
- "كل من يحصلون على المواد أو النباتات المذكورة أو يحاولون الحصول عليها بواسطة وصفات وهمية أو وصفات تواطئية".
- كل الذين يسلمون المواد أو النباتات المذكورة بناءا على تقديم وصفات إليهم مع علمهم بطابعها الوهمي أو التواطئ.
فهذه النصوص في اعتقادنا هي التي تستمد منها عقوبة جريمة المخدرات شرعيتها إلى المادة الأولى من قانون العقوبات والمادة 47 من دستور 1996 والتي تنص على: "لا بتابع أحد ولا لا يوقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة بالقانون وطبقا للأشكال التي تنص عليها".























المطلب الثاني: الركن المادي.
يقصد بالركن المادي الفعل أو الامتناع الذي بواسطته تكتشف الجريمة ويمثل جسمها ولا توجد جريمة بدون ركن مادي إذ يغير ماديتها لا تصاب حقوق الفرد أو الجماعة بأي اعتداء والركن المادي في القسم العام من قانون العقوبات يتكون من ثلاث عناصر هي السلوك النتيجة والعلاقة النسبية التي تربط بين السلوك والنتيجة ولن نعترض لهذه العناصر بحكم أن دراستنا تتصل بالقسم العام في القانون العقوبات وإنما سندرس الركن المادي لجريمة المخدرات في الأفعال المنصبة على المخدرات والمادة المخدرة وذلك بتقسيم هذا الركن بحسب ما يلي:
أ‌- الأفعال المادية.
ب‌- الأفعال المخدرة.
وسنتحدث في هذا الموضوع فقط عن الأفعال المادية على اعتبار أنه سبق التفصيل في ذكر المادة المخدرة فالأفعال المادية في جرائم المخدرات تأخذ صورا وأشكالا لا مختلف وقد تكون في صورة البيع أو الاستيراد أو الزراعة أو الصناعة أو التنازل أو الاستهلاك وأن ينصب هذا الفعل على نباتات أو مواد مخدرة ممنوعة الاستعمال أو التداول أو أن يكون القصد الجنائي.
وقد تضمن نصوص الصحة المتعلقة بالمخدرات جملة من الأفعال المادية أخضعتها للعقاب متى اتصلت بمخدر من المخدرات السابق شرحها ومن صور هذه الأفعال المادية ما يلي:
- تنص المادة 243 من قانون الصحة ما يلي: "يعاقب... الذي يضنون بصفة غير شرعية مخدرات أو يحضرونها أو يحولونها أو يصدرونها أو يقومون بالسمسرة فيها أو يبيعونها أو يرسلونها أو ينقلونها أو يعيقونها للتجارة بشكل كان".
1- صناعة أو إنتاج المخدرات: تضمنت المادة 243 فعل الصناعة وصت المادة 190 فعل الإنتاج وصناعة المخدرات وتعني إنتاجها وقانون الصحة في مادته 243 ينص بصراحة على تجريم الصناعة الغير مشروعة للنباتات المخدرة مثلما هو معمول به في بعض التشريعات المقارنة وإنما اكتفى بالنص في المادة 190 من قانون الصحة على أنه يحدد عن طريق التنظيم إنتاج المواد والنباتات..."، لكن هذا التنظيم لم يصدر إلى الآن وهنا يبقى السؤال مطروحا هل المادة 190 بوضعها الحالي في غياب النص التنظيمي قصورا في التشريع أم ثمة إغفال معتمد؟.

2- الاستيراد والتصدير1) نصت المادة 243 على الاستيراد ونصت المادة 190 على الاستيراد والتصدير للنباتات السامة والمخدرة ويقصد بالاستيراد إدخال المخدرات إلى التراب الوطني بأية وسيلة كانت وهن أي طريق، أما التصدير فهو إخراج هذه المخدرات من الجمهورية بأية كيفية أيضا، ويعتبر مرتكبا لفعل الاستيراد أو التصدير كل من تصدر منه الفعل التنفيذي في أيهما أو كل من ساهم فيهما بالنقل أو من يتم النقل لحسابه أو لمصلحته أو بتحريض منه ولم يصدر منه شخصيا فعل النقل أو المساهمة فيه عملا بأحكام المادة 40 من قانون العقوبات الجزائري أما من يشترك في أي فعل من الأفعال بطريق الاتفاق أو المساهمة فهو شريك في الأفعال الأصلية حسب الأحكام المتعلقة بالمادة 42 من قانون العقوبات.
3- التعامل في المخدرات: يتضح من المادتين 190 و243 من قانون حماية الصحة أن التعامل في المخدرات ممنوع أيا كانت صورته وسواء كان بمقابل أو بغير مقابل وسواء كان المقابل مبلغا من المال أو عينا أو مجرد منفعة وسواء كان التعامل في المخدرات قد صدر من شخص غير مرخص أم من شخص مرخص له (الصيدلي) إذا وقع خارج نطاق الترخيص الممنوح له حتى قبل وزارة الصحة.
4- السمسرة في المخدرات: تنص على فعل السمسرة في المخدرات المادة 243 من قانون حماية الصحة، السمسرة هي الوساطة أو التوسط بين طرفي التعامل بعضها البعض الآخر أو التقريب بين وجهات نظر الطرفين أو التفاوض بشأن السعر أو شروط الصفقة بوجه عام.(2)
5- الاتجار بالمخدرات: نصت على فعل الاتجار في المخدرات المادة 243 ويعتبر الاتجار في المخدرات صورة من صور التعامل فيه وذهب رأي فقهي(3) إلى القولان الاتجار في المخدرات لا يتحقق إلا إذا احترف المتهم التعامل في المخدرات أي إذا اتخذه نشاطا معتادا له باشر هذا النشاط أي يبدأه طالما قد انصرفت نيته إلى اتخاذ هذا العمل حرفة معتادة له.
6- حيازة المخدرات: نصت المادة 190 ويقصد بها هنا وضع اليد في المخدر على سبيل التملك والاختصاص وللحيازة في مجال المخدرات ثلاث صور تامة غيره والحيازة المؤقتة هي حيازة غير المالك ومثلها من يحتفظ بالمخدر بصفة ودية ولحساب غيره بوصفه وكيلا عنه لبيعه له، أما الحيازة المادية فتعني مجرد وضع اليد على المنقول بطريقة عابرة دون أن يباشر واضعها أية سلطة قانونية عليها لحساب غيره حيث يكون المنقول دائما تحت إشراف ماله
(1) يستعيض الفقهاء والقانونيين في العديد من الدول كمصدر والعراق بمصطلح الجلب الذي يكون عادة غير قانوني عن مصطلح الاستيراد الذي يوحي بالقانونية وهذا في نظرنا خطأ في تحديد العبارة المواتية على المشرع تداركه.
(2) رؤوف عبيد شرح قانون العقوبات التكميلي، مطبعة النهضة، مصر 1965، ص 43.
(3) رؤوف عبيد، المرجع السابق، ص 40.




المباشروتكفي أية صورة من الصور الثلاث للحيازة في جرائم المخدرات للوقوع في نطاق التجريم وبالتالي الوقوع تحت طائلة العقاب.
7- التسهيل: نصت على أفعال التسهيل المادة 244 في ثلاث فقرات، والتسهيل هو تمكين الغير بدون حق الاستهلاك المخدر بمقتضى نشاط الجاني ولولاه ما استطاع المتعاطي تحقيق غرضه ويتضح من المادة أعلاه أن للتسهيل صوتان التسهيل للاستهلاك بمقابل والتسهيل للاستهلاك بدون مقابل.
8- الاستهلاك: ونصت عليه المادة 245 ويتضح من هذه المادة أنها تقصد مستهلكو المخدرات بأنفسهم حيث وصفهم المشروع بالمستعمل والاستعمال يكون عن طريق التدخين أو الشم أو الحقن الخ من الطرف المعروف لاستعمال المخدرات، وقد استعمل المشرع الجزائري مصطلح كل من يستعمل بصفة غير شرعية وهذه الحالة يسمح فيها القانون للأطباء بوصف بعض المستحضرات الطبية التي تحدث تخديرا للمريض وإعطائه في أية صورة للعلاج مع تقييد الأطباء بقيد هام وهو عدم وصف هذه المستحضرات بقصد المساعدة على الإدمان إذ أن ذلك يقع تحت طائلة العقاب وبالتالي يجب على الطبيب أن يحترم رسالة الطب حسب ما يفرضه عليه قانون الصحة في المادتين 2-3 ومدوتها خلافيات الطب في مادتيها 6-7.













المطلب الثالث: الركن المعنوي.
كل فعل مادي يصدر من أي شخص لم يرخص له القانون بالاتصال بالمخدر يعد فعلا عمديا ويلزم أن تتوافر لدى الجاني التام فيجب أن نتصرف في إرادة الشخص الجاني إلى ارتكاب الفعل المادي مع العلم بتوافر أركانه في الواقع وبأن القانون يمنعه، والباعث في ارتكاب الجريمة هو الدافع الذي قد يحتمل الجاني على ارتكابها وإذا توافر علم المتهم بأن المادة التي في حيازته أو محل تصرفه هي من المواد المخدرة الممنوعة قانونا واتجهت إرادته إلى ارتكاب الفعل المادي المعاقب عليه وجب ردعه بتوقع العقوبة التي نص عليها القانون وذلك بغض النظر عن الباعث الذي دفعه إلى ارتكاب الجريمة.
والباعث لا يعد بحسب الأصل ركنا في الجريمة ولا في بعض الحالات الاستثنائية والتي يتطلب فيها المشروع صراحة باعثا معينا دون غيره كركن مطلوب للجريمة ولكنه عند توقيع العقوبة أدخل في الاعتبار نوع الباعث الذي حمل الجاني على ارتكاب الجريمة والباعث لا يؤثر في قيام الركن المعنوي للجريمة وانتقائه فسواء كان الباعث على الفعل المعاقب عليه هو الاتجار أو الاستهلاك وسواء كان الباعث هو انتقاد شخص آخر من العقاب أو العطف على أحد أصول المتهم أو فروعه دون أن يتوافر لديه قصد خاص وكذلك المشرع في القانون محاربة لتناول المخدرات وإنتاجها ومد الطريق أمام مروجيها وتطبيقا لذلك إذ تعذر الاستدلال على بواعث الفعل المعاقب عليه في جرائم المخدرات فذلك لا يحول دون قيامه إذ لا عبرة في قيام القصد بالبواعث على الجريمة أو الأعراض التي يتوخاها الجاني وتطبيقا عليه فإنه لا يصح تبرئة الزوجة التي تضبط وعي تحاول إخفاء المادة المخدرة التي بحرزها زوجها بحجة أن محاولتها إخفاء تلك المادة.
إنما تكون بدفع التهمة عنه، وحكمت محكمة النقص المصرية في قضية تتعلق ووقائعها في أن شخص تقدم بنفسه إلى قسم الشرطة معه مادة مخدرة قاصدا دخول السجن بسبب خلاف شخص وقع بينه وبين والديه بأن الجريمة مستوفية أركانها وحق العقاب على شخص، وقررت أنه لا تصح تبرئته برغم أنه لم يتوفر لديه قصد جنائي أو إجرامي، ويستوي في نظر القانون أن تقع الجريمة بغير قصد جنائي خاص أو تكون بقصد الاستهلاك أو الاتجار، فالجريمة قائمة ولكت من الأهمية يمكن أن يبنى الحكم، هل كانت بقصد الاستعمال (الاستهلاك الشخصي) أو كانت بقصد تسهيله للغير أو بقصد الاتجار؟.
بحيث أن العقوبة تختلف في كل صورة من هذه الصور الثلاثة وذلك بحسب أحكام المواد 243، 244، 245 من قانون حماية الصحة وترقيتها.(1)

(1) د. ماروك نصر الدين، المرجع السابق، ص 107، 108، 109.