منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ولاية سطيف
الموضوع: ولاية سطيف
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-08-23, 15:19   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محمدالصغير19
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية محمدالصغير19
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سطيف العاصمة الاقتصادية
سطـيـف
: ما قبل التاريـخ
يعود تاريـخ ولاية سطيف إلـى العصور الغابرة - ما قبل التاريـخ - والـمحطات التاريـخية التـي اكتشفت عبـر ترابـها تدل علـى ذلك.



سطيـف : عهد الرومان
لقد كان يقطن ولاية سطيف منذ آلاف السنيـن سلالة تنتمـي إلـى رجل كرومانيو الذي انـحدر من ذريته الأمازيغ - الرجال الأحرار - والذين تنظموا علـى شكل قبائل، ولـم تظهر الدولة الـجزائرية للوجود إلا بعد القرن الثالث والثانـي قبل الـميلاد عندما برزت مـملكتيـن : المـملكة الـمسياسلية التـي كان يـحكمها سيفاكس، والمـملكة الثانية هـي مسيليا بقيادة مسينيسا.



واختلفت الأقوال حول ما إذا كانت سطيف تابعة لـمملكة مسينسا أو مـملكة سيفاكس، و الأرجـح أنها كانت للمملكة الـمسياسيلية وهذا لأن مسينسا كان حليفا مـخلصا لروما - وهذا لا يعكس احتلال الرومان لشمال إفريقيا وثوران الشعب عليه - عكس سيفاكس الذي كان حليفا لقرطاجنة، وقد أصبحت سطيف عاصمة للبرابرة عام 225 ق.م ولـم تفقد هذه الـمكانة إلا بعد قدوم "جـوبا" الذي عدل عنها وجعل من مدينة شرشال عاصمة له.



وبعد انهزام قرطاجنة تـحصل ماسينسا نوميديا جزاء علـى تـحالفه وبقـي تـحت وصاية روما، وبعد وفاته ووفاة إبنه مسيبسا اشتدت الـمنافسة بيـن الأحفاد ومنهم وأشهرهم يوغرطا الذي كان ينوي منح الاستقلال إلـى نوميديا، ولـم يتمكن من تـحقيق حـلمه وهدفه، وسـمح ذلك الإخفاق للرومان بالتدخل لكن الأهالي بقيادة يوغرطا لـم ييأسوا، بل قاوموا ذلك الغزو، حتـى أن سطيف شهدت أراضيها الـمعركة الشهيـرة والفاصلة بيـن يوغرطا وماريوس.



ومنذ 105 ق.م حتـى 42 م إزداد تدخل الرومان واصبح اكثر سفورا، مـما أدى إلـى نشوب العديد من الثورات أشهرها ثورة تاكفاريناس الذي كان عضوا فـي الـجيش الرومانـي، وفـي الفترة ما بيـن 17م و 24م نظم جيشا من الأهالـي من بينهم سكان منطقة سطيف الذين ساهموا مساهـمة فعالة فـي تلك الثورة.



وقد أدى تعدد الثورات والانتفاضات والـمقاومات إلـى دفع الرومان بضم كل الشمال الإفريقـي إلـى إمبراطوريتهم سنة 42م.



واهتـم الرومان بسطيف نظرا لـموقعها الـجغرافـي الـممتاز الذي يسيطر علـى السهول والـهضاب العليا الشاسعة والغنية بالقمح، وتوفرها علـى حقول كبيـرة للـمياه الـجوفية، وموقعها الإستراتيـجـي عند سفح جبل بابور، التـي كانت مناسبة للـمقاومة ونقطة انطلاق للثورات ضد الرومان.



ولـهذه الأسباب قرر الإمبراطور "نـيـرفا" سنة 97م إنشاء مستعمرة لقدماء الـجيش فـي موقع "سيتيفيس" والتـي أطلق عليها عدة تسميات منها : كولونيا نيرفانيا، كولونيا أوغيسطا، كولونيا مارطاليس، كولونيا فيتيرنانة، ستيفانسيوم ...



وسيتيفيس تسمية رومانية مشتقة من كلمة بربرية "أزديف" ومعناها التربة السوداء، لذا كانت منطقة سطيف مـخزن القمح لروما، ولذا كثر اهتمام روما بسطيف.



وفـي بداية التوسع العـمرانـي للرومان إتخذوا من "سيتيفيس" و"كويكول" مراكز عسكرية تطورت فيـما بعد لتصبح مدنا، وبنهاية القرن 03 م ارتقت مدينة سطيف لتصبح عاصمة لـموريطانيا السطائفية. والتـي مكنتها من استقلالية إدارية انعكست علـى الـجانب الاقتصادي فـي صبغة مـحلية ودولية أوصلها إلـى الـتحكم فـي التبادل الـتجاري وبـخاصة الـحبوب.

ونظرا لخطورة الوضع ومواجهة الوضع الـمتردي قرر الإمبراطور "ديوكرتيان" سنة 297م تقسيم موريطانيا القيصرية إلـى ناحيتيـن : موريطانيا القيصرية و موريطانيا ستيفانيس التـي عاصمتها سطيف كما ذكرنا سابقا. وعرف هذا الكيان الإداري الـجديد نموا سريعا ازدهرت فيه بعض المدن : كويكول -جـميلة-، ومونس، واد الذهب وبنـي فودة وطبعا سيتيفيس.








وباعتراف"قسطنطيـن الأول" سنة 306م بالـمسيحية دينا للدولة شهدت سيتيفيس و كويكول خاصة حركة عـمرانية مـميزة تـمثلت فـي أحياء مسيحية كـحـي الكنائس بسطيف، لكن هذا التطور العمرانـي الـجديد وهذه الإجراءات الـمتخذة لـم تفلح فـي إيقاف الفقر والتدهور الاقتصادي، وبذلك استمرت الثورات خاصة بعد الزلزال العنيف الذي ضرب سطيف وهدمها عن آخرها 6/5 سنة 419 م حيث يصف القديس "أوغيستان" هذه الكارثة قائلا : "لقد كانت الـهزات عنيفة إذ أن السكان أرغموا بالبقاء خارج بيوتهم طيلة 5 أيام".



ثـم بعد ذلك كان عهد الوندال وغزوهم للمدينة وهذا سنة 429 م عندما قدموا من "طـانـجـا" باتجاه "قــرطاج" ودام هذا العهد وهذا الاحتلال إلـى غاية سنة 539 م. حيـن بدأ العهد البيزنطـي باحتلال العميد "سالمون" للـمدينة وقام بتـرميمها - لأنها دمرت علـى إثر الزلزال ولـم يبق إلا عدد قليل من السكان - وجعلها عاصمة لإقليم موريطانيا الأولـى.

وقد شيد بها القلعة البيزنطية التـي لا يزال سورها الغربـي والـجنوبـي قائما إلـى الآن والتـي تشهد وتدل علـى أن البيزنطييـن ركزوا علـى الـجانب الدفاعـي بـحيث أنهم حصنوا الـمدن ودعموها بـمراكز حراسة متقدمة فـي كامل الـمنطقة.

وكـخلاصة نقول أن مـجـيء البيزنطييـن إلـى شـمال إفريقيا كان مـحاولة فاشلة فـي إحياء مـجد الإمبراطورية الرومانية لأن الـهيمنة البيزنطية لـم تستـمر طويلا نظرا لعدم سيطرتها علـى زمام الـحكم نتيجة تزايد الثورات وحتـى الإمبراطورية البيزنطية ضعفت واستكانت أمام دعوة الـحق والعدل والـحرية والإسلام. وخلال كل هذه الفترة برزت عدة مناطق أثرية لـها قيمتها الـمحلية وحتـى الدولية نذكر منها علـى سبيل الـمثال الـمواقع الأكثر شهرة :


الـمـوقــع الأول : كــويكــول (جـمـيلة )
فـي شـمال السهول العالية، وفـي قلب الـجبال بنـى الرومان مدينة كويكول أي كما نسميها حاليا "جـميلة" فقد بنيت هذه الـمدينة فـي سنة 96-97 م علـى ارتفاع مـحجر فـي واد منفرج بيـن سلسلة جبال لـها إمكانيات للدفاع طبيعية مـمتازة.



فـي وسط هذه الـمدينة توجد ساحة كبيـرة تدور حولـها الـحياة السياسية والـحياة الاجتماعية فـي بناءات عـمومية منها : الـمحكمة - كـما تدعـى البازيليك - وقاعة الـمجلس البلدي، والـمعبد الـمهدى إلـى الآلهة "جوبيتيـر" حامية الـمدينة، وبالقرب من هذه البناءات تدور الـحياة الاقتصادية فـي السوق.



وقد اشترك فـي هذا التشييد الـمعماري الرائع أعيان الأسر فـي جـميلة، التي توجد حتـى الآن آثار منازلـهم علـى حافة الطريق التـي تشق الـمدينة من الشمال إلـى الـجنوب، هذه المنازل كانت مفروشة بالفسيفساء التـي حفظت منها أشكال كثيـرة فـي الـمتحف، وتبيـن لنا مظاهر من الـحياة الاجتماعية كـما تقدم لنا صورا عن الـحيوان أو تشكيلات هندسية وكل هذا كان النقش الذي يـميل إليه أهل جـميلة.



لقد كانت الـحياة الاقتصادية مزدهرة فـي القرن 2 م وأوائل القرن 3 م واستفادت جـميلة خصوصا من هذا الرخاء، لـهذا شيدت بناءات من وراء الأسوار البدائية ومن هذه البناءات الـحمام والـمسرح، والساحة الكبيرة، الـمعابد وخاصة معبد الأسرة القيصرية "سفيروس"، وقوس "كركلا" ودهاليـز و فوارات ... كذلك بنيت منازل رائعة كـمنزل باخوس، كـما بنـى الـمسيحيون معابد متواضعة قربها مساكن لرجال الدين.



فـجميلة حقيقة مدينة رائعة ومتواضعة، أغلب مواردها فلاحية، وإنتاجها الرئيسـي يستخرج من الـمزارع الـمحيطة بالـمدينة أو من أراضـي السهول والـجبال.



ويبقـى التساؤل الـمطروح : كيف توارت هذه الـمدينة واختفت وانجلت ؟



فـي الواقع لا أحد يعلم ذلك، إلا وجود بعض الـمعالم تدل علـى أن جـميلة كانت مسكونة وفيها حركة ولو بطيئة فـي خلال القرنيـن 11 م و12 م والفخار الـمكتشف هناك يدل علـى ذلك. لكن كيف كانت الـحياة ومن عاش هناك؟ هنا يـحدث الارتباك، ولا أحد يـملك الـجواب.

سـطيـف عــهد الإسـلام
وبقيت الـمدينة علـى هذا الوضعية منذ ذلك العهد، وحتـى العهد العثمانـي لـم تشهد فيه سطيف تطورا مـلحوظا بسبب أن قسنطينة كانت هـي بايلك الشرق وبذلك ذهب الاهتمام إليها - قسنطينة - وقد شهدت الـمدينة عدة معارك كبرى بيـن باي تونس و باي قسنطينة فـي العهد التـركـي.
كـما نـجد بأن العمائر العثمانية تكاد تكون منعدمة فـي سطيف حيث نـجد بعض الزوايا الـمتواجدة فـي الـمرتفعات والـجبال، وكذلك مـسجد العتيق الـواقع وسط الـمدينة فهو يـمتد إلـى العهد العثمانـي، وخاصة مئذنته التـي مازالت تشهد إلـى اليوم عبقرية الفن الإسلامـي.
أما آثار هذه الـحقبة، فقد أجريت حفريات من 1977 إلـى 1982 بالقلعة البيزنطية - حديقة التسلية - كشفت لأول مرة عن وجود حـي إسلامـي يعود تاريـخه إلـى القرنيـن 9 و10 م يعكس بداية العمارة الإسلامية ويؤكد ما وصفه الـجغرافيون والـمؤرخون العرب خلال القرون الوسطى علـى أن الـمدينة كانت فـي أوج تطورها و ازدهارها حيث كانت نقطة عبور لنشاط تـجاري مكثف - كـما ذكرنا سابقا - ويتـمثل فيها الـمستوى العمرانـي الإسلامـي فـي تـجمع عدد كبيـر من الـمنازل مـخططة ومربعة الشكل، كل منزل له فناء مركزي وأربع جهات نظمت علـى شكل أجنحة تـحيط بالفناء وتتـمثل هذه الأجنحة فـي قاعة الاستقبال، غرفة النوم، الـمطبخ، الإسطبلات ... إلخ.



وبـهذا الـمثال يتضح لنا مدى التطور والـمدنية التـي بلغتها الـحضارة الإسلامية .

تــاريــخ قــلعة بنـي حــمــاد


بدأت الـمصادر العربية فـي ذكر القلعة الـحمادية ابتداء من القرن (4هـ/10م)، وقد دخلت القلعة مرحلتها التاريخية بالضبط سنة 1007-1008 عندما طالب "حـماد بن بولوغيـن" أميـر الدولة الزيرية بالـمغرب الأوسط مولاه "بـاديـس" السماح له بتأسيس القلعة، وحسب" ابن خلدون" فإن مدة بنائها دامت سنتيـن، ثـم تـم تعميـرها بالسكان بعدما أحيطت بسور فـتحت فيه ثلاث أبواب.



وفـي عهد الـخليفة "الناصر" شهدت عاصمة الـحمادييـن تغييـرا عـمرانيا هاما جعل منها مقصد كل سكان الـمغرب خاصة بعد سقوط" القيروان" فـي يد "الـهلالييـن"، كـما نشيـر فـي عهده إلـى توسيع الـمساجد وبناء القصور، ورغـم انتقال الـخلافة إلـى مدينة بـجاية بقيت القلعة تلعب دورها كـمدينة هامة فـي الـمغرب الأوسط، و ابتداء من 1105 م - حكم الـخليفة العزيز - بدأت القلعة تفقد مكانتها خاصة بعد حصار الـهلالييـن لـها وهـجرة سكانها إلـى مدن مـجاورة، وتـم القضاء عليها نـهائيا من طرف الـموحدين فـي عهد "عبد الـمؤمن بن علـي" الذي جهز جيشا ضخما وزحف علـى كل معارضيه وقـضى عليهم، وقد شهدت سطيف أغلب الـمعارك.



وبعد هذه الفترة لـم تعد للقلعة نفس الأهمية السياسية التـي اكتسبتها من قبل.


سطيف عهد الاستعمار الفــرنسـي
بعد دخول فرنسا للجزائر سنة 1830 م بدأت تـحتل الولايات تباعا، وكان نصيب ولاية سطيف أن احتلت يوم 15 ديـسمبر 1848 م بقيادة الـجنرال "غـالبـوا" وانتهج الاستعمار سياسة ماكرة قاهرة حقيـرة اتـجاه الأهالـي، فقد انتزعت منهم أراضيهم وسلمت للأهالـي وكذلك جـميع الامتيازات الأخرى، وساعدت البنوك الكبرى والشركات العقارية الرأسمالية هذه العملية، وكانت النتيجة الطبيعية تدهور معيشة الـمواطنيـن مـما أدى إلـى نشوب ثورات وحركات مسلحة أهمها ثورة" الـمقرانـي" سنة 1971 م والتـي مست جزءا كبيـرا من منطقة سطيف، لكن هذه الثورات فشلت ولـم تـحقق هدفها النهائـي الـمنشود.






إن الاستعمار الفرنسـي لـم يولـي أية عناية بالآثار التاريـخية التـي وجدها بالـمنطقة إذ استعمل الـحجارة الـمنحوتة التـي تعود إلـى العهد الرومانـي فـي بناء الثكنات العسكرية.



ولقد أصبحت مدينة سطيف رسـميا بلدية بـموجب أمر ملكـي، كـما أحيطت الـمدينة أثناء الاحتلال الفرنسـي بسور له أربعة أبواب هـي : باب الـجزائر، باب بسكرة، باب قسنطينة، باب بـجاية.



هذه ونشيـر إلـى أن الـمدينة لـم تشهد توسعا عـمرانيا كبيـرا إلا فـي عام 1918 م – بعد الحرب العالمية الأولى - وقد استرجعت مدينة سطيف أهـميتها من الناحية الإستراتيجية خاصة حيـن اتخذها الاستعمار مركزا لبسط نفوذه علـى بقية الـمناطق والدليل وجود عمارة أوروبية ذات طابع حديث نوعا ما فـي مدينة سطيف - خاصة وسط الـمدينة -. و استمر الحال كذلك حتـى بدأت حركة الوعـي تنتشر بعد تأسيس جـمعية العلماء الـمسلميـن الجزائريين خاصة أن أحد مؤسسيها من منطقة سطيف - كـما يذكر أن الشيخ ابن باديس رحمه الله قد جاء إلـى مدينة سطيف متخفيا ومكث بعض الوقت وكان يبيت فـي منزل بـمنطقة المعدمين الـخمسة - لـجنـان -.



ومع مرور الوقت اكتسب سكان سطيف وعيا سياسيا - خاصة بعد تأسيس الأحزاب السياسية الـحديثة ذات الاتجاه الاستقلالي وظهور الكشافة الإسلامية الـجزائرية التـي أسسها الشهيد" مـحمد بوراس" وأول من أدخلها - الكشافة - إلـى سطيف هو الشهيد "حسان بـلخيـر" وهذا سنة 1938 م وأسس أول فوج سـماه فوج الـحياة بعد كل هذه الـمعالـم جاءت الظروف لتبرهن عـما يـختلج من صدق وحـماس فـي ضميـر كل وطنـي غيور علـى وطنه ودينه ولغته وقوميته وكانت أحداث 08 مـاي 1945 حيث بدأت الـمظاهرات السياسية الـمطالبة بالـحرية و الاستقلال وتـحقيق الوعود الـمعسولة، ورد الـحقوق الشرعية للشعب فكان رد الاستعمار حاسـما حازما بشعا مأساويا.






أحداث 08 مــاي 1945 م فـي سطــيف
منذ الفاتـح مــاي والـجزائر فـي توتر شديد وفـي جو عاصف وقد كانت سطيف أقل عنفا وتوترا، حتـى إذا ما وصل يوم 07 مــاي وأعلن الـحلفاء إنتصارهم، وبدأ الشعب يشتـم رائحة الكذب والـخيانة والغدر فكانت الـمظاهرات :




لقد خرج السكان - بعدما أجيزت الـمظاهرات من نيابة الولاية - وتوجهوا إلـى الـمسجد القريب من الـمحطة "مسجد أبي ذرة الغفاري" وهو مكان التجمع، وكان العدد يتزايد باستمرار حتـى الساعة 08:00 صباحا حيث انطلقت الـمظاهرات علـى الساعة 08:15 وكانت الكشافة تتقدم الـموكب ووراءهم حاملوا الزهور، ثـم الـجماهيـر الـمتظاهرة التـي قدرت بـحوالـي 15 ألفا، وكان يوم السوق الأسبوعـي للمدينة.



وقد عبر الـموكب الطريق الرئيسـي للمدينة، وأثناء الطريق رفع العلم من طرف شاب يدعـى "سعال بوزيد" وكان الـموكب آنذاك مراقبا من قبل الشرطة وأصحاب الدراجات النارية وكانت النسوة تـحمس الـمتظاهريـن بالزغاريد، وعند مقهـى فرنسا خرج محافظ الشرطة القضائية "أوليفري" آمرا الـمتظاهريـن بالتوقف وسحب العلم الـجزائري، وحيـن لـم يستجب له حاول نزعه بالقوة وطلب من زملائه التدخل، فتدخل الـمفتش "لافاوون" وأطلق الرصاص علـى حامل العلم - الشاب سعال بوزيد - فأرداه قتيلا وهو ما أدى إلـى حدوث الـهلع فـي صفوف الـمتظاهريـن الذين فروا وازداد هيجانهم، خاصة لـما وصلوا إلـى السوق وصاحوا بالـجهاد ليبدأ العنف والتقتيل بالأسلحة البيضاء، حيث قتل رئيس مـحكمة سطيف فـي شارع" العقيد عـميروش" حاليا وأربعة أوروبييـن آخـرين ورئيس البلدية "دولوكا" ورغـم استعمال القوة ضد الـمتظاهرين واصل البعض من الـموكب سيره لوضع باقة الزهور علـى النصب التذكاري للجندي الـمجهول.وحـين وصلت الساعة 12:00 كان عدد القتلـى من الأوروبييـن قد بلغ 12 قتيلا، وعـم خلال تلك اللحظة الصمت الـمفجع كل أنـحاء الـمدينة.



أما فـي مساء ذلك اليوم فقد اتخذ قرار منع الـتجول، ولكن شرارة الـمظاهرات كانت قد نقلت إلـى نواحـي سطيف مثل : عيـن عباسة، أوريسيا، عـموشة، تيزي نبشار، عيـن الكبيـرة، بنـي عزيز، خراطة ... التـي وصلها الـخبـر علـى الساعة الثالثة زوالا عندما وصلتها حافلة "ديشانيل" الآتية من سطـيف والتـي هوجـمت أثناء الطريق، وفـي صباح اليوم الـموالـي حوصرت خراطة من كل الـجهات من طرف سكان الـمنطقة الذين قتلوا القاضـي وزوجته وأحد الـمعمرين، كـما أحرقوا دار البلدية والـمحكمة وإدارة الضرائب... وهكذا كان الأمر فـي الضواحـي الأخرى خاصة بنـي عزيز، وقد كان استرجاع الـهدوء علـى حساب مئات القتلـى والـجرحـى، وكانت النهاية مأساوية جدا.



واختلفت الـمصادر فـي تـحديد عدد القتلـى والـمشهور هو 45000 شهيد، أما من الـمعمرين الأوروبييـن فقد قتل 102 وجرح 150، وقد قتل منهم فـي سطيف فقط 88 قتيلا - سطيف وضواحيها - والأرقام سيدة الـموقف بعدها كانت الثورة المباركة وكان لأهل سطيف فضل المشاركة وإشعال نار الـمعركة، خاصة أن موقع سطيف الـجغرافـي يسمح بذلك - فهـي تتوسط الولايات الأولـى والثانية والثالثة - لـهذا تـم إنشاء مراكز للقيادة عبـر الـمنطقة أهمها جبل بابور، جبل بوطالب، جبال بنـي ورثلان ...الخ .





سطـيف عــهــد الاستقلال
أواخر سنوات الثورة تـم إنشاء عـمالات - ولايات - وأنشئت عـمالة سطـيف سنة 1956 والتـي تضم 9دوائر 186بلدية، وبعد الاستقلال احتفظت ولاية سطيـف


بـحدودها الإقليمية القديـمة : ولاية سطـيف الـحالية و ولايتـي بـجاية وبرج بوعريريـج وجزء من ولاية الـمسيلة.

وطبقا للأمـر رقم 74/69 الـمؤرخ فـي 02 جويلية 1974م والقانون رقـم 84/09 الـمؤرخ فـي 04 فيفري 1984م الـمتعلقان بإعادة التنظيم الإقليمـي للوطن نتـج عنهما ترقية بـجاية والـمسيلة والبـرج إلـى ولايات.



وتعتبـر سطيف عاصمة للهضاب العليا، ونظرا لـموقعها الـممتاز فهـي من الـمدن الرئيسية للبلاد خاصة أنها تـمتلك شبكة طرق واسعة طولـها 3131كلم منها 600كلم وطنية، و516 كلم طرق ولائية، و 2015كلم طرق بلدية. تقع مدينة سطـيف علـى ارتفاع 1100م عن مستوى سطح الـبحر، تـمتاز بـمناخ شديد الـحرارة صيفا والبرودة شتاءا، تبعد عن الـجزائر العاصمة غربا بـ :300كلم وعن قسنطينة شرقا بـ :127كلم وعن بـجاية شـمالا بـ :111كلم وعن باتنة جنوبا بـ :130كلم.



توجد ولاية سطـيف بالضبط بيـن خطـي طول 5° و6° شرق خط غرينويتش وبيـن خطـي 35° و50° شـمال خط الاستواء. تنقسم تضاريس ولاية سطـيف إلـى ثلاث مناطق : منطقة جبلية وتتـمثل فـي سلسلة جبال بابور التـي تغطـي 100كلم من شـمال الولاية، منطقة الـهضاب العليا وتنحصر ارتفاعاتها بيـن 800 م و 1300م وبـها عدة تلال وجبال منها مقرس، بوطالب، جبل يوسف. منطقة الشريط الـجنوبـي وتـحتوي علـى مخفضات توجد بـها شطوط أهمها : شط ملول(قلال)، شط البيضة(حمام السخنة)، وشط الفرين(عين الحجر). أما عن الـمياه والأودية فأهمها واد بوسلام الدائم الـجريان الذي يصل حتـى واد الصومام ببـجاية ولقد تـم إنـجاز سد "عيـن زادة" فوق هذه الوادي - ببـرج بوعريريـج -.



أما عن النباتات فالـمساحة الغابية تقدر بـحوالـي 109.000 هكتار، أهـم الأشجار : صنوبر، فليـن، أرز، بلوط...الخ.



ونشيـر إلـى أن منطقة سطـيف أصلا منطقة فلاحية بالدرجة الأولـى، لكنها عرفت تغييـرات جذرية خاصة منذ سنة 1971م حين بدأت مشاريع التنمية تنجز، فتحولت الـمدينة إلـى قطب صناعـي هام والـمركبات التـي تـمتلكها لدليل علـى ذلك.



كـما تـحتوي الولاية تقريبا علـى جـميع الـمرافق العمومية من جامعة، مدارس، ثانويات، مراكز صحية مستشفيات، دور الشباب، دار الثقافة، الـمتحف، الـمركب الرياضـي، حديقة التسلية، إذاعة، مساجد ...



إذا أطللنا إطلالة خفيفة علـى مساجد الـمدينة فنقول أن سطيف قبل الاستقلال كانت تـملك مسجدين فقط أما اليوم فتضم الولاية 488 مسجد يوجد فـي بلدية سطـيف فقط 22 مسجد حسب آخر الإحصائيات.

مساحة ولاية سطـيف تبلغ :6504 كلم2 أي 0.27 من مساحة التراب الوطنـي وعدد سكان الولاية يقدر بـ:1.287.114 نسمة أما مساحة البلدية -بلدية سطـيف- فتبلغ 145كلم2 وعدد سكانها :245.495 نسمة.

أما عدد الـمصليات فهو بكل صراحة0. فـي جـميع قطر الولاية، بعدما كانت منتشرة منذ أعوام فقط بصفة مذهلة، وهذا كله حصاد الفتنة النتنة التـي سلطت علينا. أما عن الـمدارس القرآنية فقد انتشرت مؤخرا وبدأ اهتمام الدولة بها وتفوق 20مدرسة قرآنية. أما الزوايا فأغلبها أغلقت وكان عددها 11 زاوية يرجع تاريخ بعضها إلـى 1200 م كزاوية "سيدي حسن" الـموجودة بعين الروى والتـي يبلغ عدد تلاميذها 50 تلـميذا.



والآن ذكر لبعض أشهر مساجد المدينة :



- مسجد العتيق : أقدم مساجد الـمدينة، مستوحى من الطابع الأندلسـي، سعته الأولية 300 مصلـي و2500 بعد توسيعه، وهو بناء أثري مصنف من طرف وزارة الثقافة.



- مسجد أبـي ذرة الغفاري : بنـي سنة 1928م تم تدشينه عام 1931م من طرف أعضاء جـمعية العلماء الـمسلمين وعلـى رأسهم الشيخ الإمام ابن باديس، ويعد الشيخ البشيـر الإبراهيمـي أول خطيب بالـمسجد، والـمسجد طراز مغربـي سعته 1000 مصلـي، و أدى هذا الـمسجد دورا حاسـما علـى الصعيد السياسـي فـي حوادث 08 مــاي 1945.



- مسجد البشيـر الإبراهيمـي : بنـي عام 1982م سعته 3000 مصلـي له مئذنتان.


كـما تـمتاز ولاية سطـيف بـمواقع أثرية هامة - ذكرنا فـي عرضنا السابق - إلا أن الشـيء الـمميز فيها هو عيـن الفوارة - التـي لـم نضعها ولـم نصنعها لأنها بكل بساطة مـخالفة لعلاقاتنا وآدابنا، فكيف لشعب أبـي مسلم عزيز النفس والنيف يضع تـمثالا لامرأة عارية وسط الـمدينة، والتـي تشتهر بـكثرة مياهها العذبة حتـى أن بعض الـمغروميـن بها قال : "من شرب ماءها لابد أن يعود إليها يوما ".




كـما شيد بالـمدينة مقام الشهيد تـمجيدا لذكرى الشهداء، وهو نصب تذكاري يبلغ ارتفاعه 35 م وقد شيد فوق هضبة تطل علـى الـمدينة، ويـحتوي بطابقه السفلـي علـى مكتبة ومتحف









رد مع اقتباس