منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأخوة الإسلامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-10, 17:42   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثاً :

ومن المهم أيضا التفريق بين المداراة المحمودة ، وبين المداهنة المذمومة ، فقد يخلط الناس بينهما في حمأة اختلاط المفاهيم والأخلاق في هذه الأزمان .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :

وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة فغَلِطَ ؛ لأن المداراة مندوبٌ إليها ، والمداهنةَ محرَّمة ، والفرق أن المداهنة من الدهان وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه ، وفسرها العلماء بأنها :

معاشرة الفاسق وإظهار الرضا بما هو فيه من غير إنكار عليه

والمداراة :

هي الرفق بالجاهل في التعليم ، وبالفاسق في النهي عن فعله ، وتركُ الإغلاظِ عليه حيث لا يُظهِر ما هو فيه ، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ، ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه ونحو ذلك .

" فتح الباري " ( 10 / 528 ) .

رابعاً :

كثير من الأصحاب والأصدقاء – ويكثر ذلك في معشر النساء - يخطؤون في فهم الوجه الصحيح لصحبتهم ، فينحون نحو المغالاة الظاهرة التي تدفعهم إلى التعلق الشديد ، في حين يكون الطرف المقابل لا يرى كل تلك المعاني المبالغة

بل يقصد صحبة طيبة متزنة اقتضاها الحال والمقام ، وحينئذ يصدم من كان يُعَلِّقُ على تلك الصحبة آمالا لا تكاد تحملها الجبال ، فنحن بحاجة إلى ترشيد المودة التي قد تأسر قلوبنا تجاه أناس نحبهم ، كي لا نُفاجأ يوما ، فنظن قصورا من المعاني هدمت ، وهي لم تكن مبنيةً يوما .

يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

" لا يكن حُبُّكَ كَلَفًا ولا بغضك تَلَفًا " .

وفي المقابل نحن بحاجة إلى تعميق معاني الأخوة ، الأخوة التي تقتضي الوفاء والصدق والإخلاص ، وترفع التكلف والمجاملة والمداراة . وقديما قالوا : " إِذَا صَحَّتِ المَوَدَّةُ سَقَطَ التَّكَلُّفُ "
جاء في " لسان العرب " ( 11 / 123 ) :

" وجامَل الرجلَ مُجامَلةً : لم يُصْفِهِ الإِخاءَ ، وماسَحَه بالجَمِيل " انتهى .

ولا شك أن مثل هذه المجاملة مذمومة ، إذ ليس لها محل في سياق الأخوة والصحبة الصالحة ، وإن وقعت المجاملة أحيانا بين الأصحاب فإنما تكون بحسب المقام فقط ، درءا لفتنة أو حفظا لمودة ، أما أن تكون المجاملة شعار تلك الصداقة ، فذلك تشويه لجميع معاني الأخوة الصادقة.

قال علي رضي الله عنه :

شر الأصدقاء من تكلف لك ، ومن أحوجك إلى مداراة ، وألجأك إلى اعتذار .

وقيل لبعضهم : من نصحب ؟

قال : من يرفع عنك ثقل التكلف ، وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ .

وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول : أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه .

" إحياء علوم الدين " ( 2 / 181 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس