منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ملخص القانون الجنائي الخاص
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-14, 20:33   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الثانـي[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/abbes/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/05/clip_image001.gif[/IMG]
إجراءات متابعة جريمتي رشوة الموظفين لعموميين و تلقي الهدايا و طرق إثباتهما
و قمعهما





















الفصل الثاني: إجراءات متابعة جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا و طرق إثباتهما و
قمعهما
لقد أدخل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته تعديلات جذرية و جوهرية لقمع جرائم الفساد بصفة عامة ، حيث أحال إلى القانون العام بالنسبة لإجراءات المتابعة مع إدراج بعض الأحكام الخاصة فيما يخص الإعفاء من العقوبة أو تخفيضها ، كما خفف العقوبات السالبة للحرية و غلظ من الجزاءات المالية .
و بالرجوع إلى قانون الفساد نجد انه أدرج بعض الأحكام المميزة التي تسمح بالتحري و الكشف عن جرائم الفساد، و هذا ما تم تدعيمه فيما بعد بتعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون رقم 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 ,و على هذا الأساس سأحاول توضيح إجراءات متابعة جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا في ظل قانون مكافحة الفساد و قانون الإجراءات الجزائية إضافة إلى بيان كيفية إثباتهما بالرغم من صعوبة الإثبات التي تميزهما و كيف عاقب المشرع الجزائري هاتين الجريمتين

المبحث الأول:إجراءات المتابعة و طرق الإثبات
المطلب الأول:إجراءات المتابعة في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته و
قانون الإجراءات الجزائية.
لقد أدخل المشرع الجزائري تعديلات جوهرية بشأن كيفية التحري للكشف عن جرائم الفساد بصفة عامة وذلك بإدراج أساليب جديدة ضمن قانون مكافحة الفساد تتمثل في:التسليم المراقب و الترصد الإلكتروني والاختراق ، إضافة إلى خلق أحكام مميزة في مجال التعاون الدولي وتجميد الأموال و حجزها .
كما أن التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 06/22 ساير هذا النهج فأدخل أساليب جديدة للتحري تمثلت في اعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات و إلتقاط الصور و التسرب.
وسوف أتطرق إلى كل هاته الأساليب بالشرح الوافي و الموجز مع توضيح إجراءات المتابعة فيما يلي:






الفرع الأول:إجراءات المتابعة في ظل القانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته.
تخضع مبدئيا متابعة جريمتي تلقي الهدايا ورشوة الموظفين العموميين لنفس الإجراءات التي تحكم متابعة جرائم القانون العام سواءا تعلق الأمر بعدم اشتراط شكوى من أجل تحريك الدعوى العمومية أو بملائمة المتابعة من طرف النيابةالعامة, الا ان قانون الفساد جاء بأحكام خاصة أتعرض لها فيما يلي:
أ/-أساليب التحري الخاصة:
تنص المادة 56 من القانون 06/01 على مايلي: «من أجل تسهيل جمع الأدلة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ، يمكن اللجوء إلى التسليم المراقب أو إتباع أساليب تحر خاصة كالترصد الإلكتروني و الإختراق ، على النحو المناسب وبإذن من السلطة القضائية المختصة.
تكون للأدلة المتوصل إليها بهذه الأساليب حجيتها وفقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما»
ولدي بعض الملاحظات حول هذا النص ، أتطرق لها باختصار قبل شرح هاته الأساليب الخاصة و هي كالتالي:
· لقد ساير المشرع حين نص على أساليب التحري الخاصة نص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية ,وذلك بالنص على الترصد الإلكتروني و الإختراق كالأساليب على سبيل المثال و ليس الحصر مما يساير القاعدة التي جاءت بها المادة 212 ق إ ج التي تنص على "أنه يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ماعدا التي ينص فيها على خلاف ذلك "
· المادة 56 من القانون 06/01 ذكرت أساليب التحري الخاصة فنصت على التسليم المراقب الذي عند رجوعنا للمادة 02 من نفس القانون في الفقرة ك نجد مفهومه أما الترصد الالكتروني و الاختراق فلم يقدم المشروع تعريفا دقيقا لهما و إجراءاتهما.
· لقد نص المشرع في المادة 56 على أن استعمال أساليب التحري الخاصة يكون بإذن من السلطة القضائية المختصة دون تحديدها إلا انه يفهم أن المقصود هو النيابة العامة أو قاضي التحقيق.
وبعد هذه الملاحظات حول المادة 56 من القانون 06/01 سوف أتعرض لهذه الأساليب الخاصة.
1التسليم المراقب:
و هو الأسلوب الوحيد الذي قام المشرع بتعريفه دون باقي الأساليب فنص في المادة 02 فقرة ك على مايلي: " التسليم المراقب : هو الإجراء الذي يسمح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من الإقليم الوطني أو المرور عبره أو دخوله بعلم من السلطات المختصة و تحت مراقبتها بغية التحري عن جرم ما و كشف هوية الأشخاص الضالعين في ارتكابه "
و حسب تعريف التسليم المراقب يفهم منه أنه يستعمل خاصة في الكشف عن جرائم الفساد و التحري عن عائدات الجريمة خاصة إذا كانت عابرة للإقليم و هذا يستساغ من النص على هذا الأسلوب كذلك في قانون مكافحة التهريب
2/ الاختراق – l’infiltration -
لم يقم قانون مكافحة الفساد بتعريف هذا الأسلوب أو كيف تكون إجراءاته أو تسمية الجهة القضائية المختصة التي تأذن به إلا أنه يمكن أن يعرف حسب ما جاء في تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 06/22 بما يلي " قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بالتنسيق للعملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإتهامهم أنه فاعل أو شريك أو خاف "من جريمة الإخفاء" و يسمح لضابط أو عون الشرطة القضائية استعمال هوية مستعارة لهذا الغرض و أن يرتكبوا عند الضرورة الجرائم المذكورة و لا يجوز تحت طائلة البطلان أن تشكل هذه الأفعال تحريضا على ارتكاب الجرائم و يكون الاختراق بإذن من النيابة أو قاضي التحقيق "
و يلاحظ أن قانون الوقاية من الفساد استعمال مصطلح الاختراق دون تعريف أو توضيح إجراءاته بينما قانون الإجراءات الجزائية اللاحق له استعمال مصطلح التسرب و بين إجراءاته و السؤال المطروح لماذا هذا الاختلاف في المصطلحات (رغم وحدة المصطلح باللغة الفرنسيةInfiltration ) خاصة انه تم إصدار قانون مكافحة الفساد بتاريخ 20/02/2006 و تعديل قانون الإجراءات الجزائية كان لاحقا له بتاريخ 20/12/’2006 فهل مدة عشر أشهر غير كافية للحفاظ على نفس المصطلح رغم حداثته؟
3/ الترصد الإلكتروني: Surveillance électronique
قانون مكافحة الفساد لم يعرف هذا الأسلوب الخاص و تعديل قانون الإجراءات لم يزل هذا اللبس، إلا أنه بالرجوع إلى القانون المقارن خاصة القانون الفرنسي، نجد أن المشرع الفرنسي قد أدرج هذا الأسلوب في قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون المؤرخ في 19/12/1997 حيث قرن تطبيقه باللجوء إلى جهاز للإرسال يكون غالبا سوارا إلكترونيا يسمح بترصد حركات المعني والأماكن التي يتردد عليها.
وهنا نطرح سؤالا، ماذا قصد المشرع الجزائري في تعديله لقانون الإجراءات باستحداث أسلوب جديد للتحري يتمثل في اعتراض المراسلات والتقاط الصور وتسجيل الكلام؟ وهل ينطبق على ذلك بالترصد الإلكتروني.


ب/ التعاون الدولي واسترداد المحجوزات:
لقد أخص قانون الفساد التعاون الدولي بباب كامل وهو الباب الخامس، نص فيه على سلسلة من الإجراءات والتدابير وذلك في المواد من 56 إلى 70 وتهدف هاته الإجراءات إلى الكشف عن العمليات المالية المرتبطة بالفساد ومنعها ,واسترداد العائدات المتحصلة من جرائم الرشوة.
ومن بين هاته الإجراءات والتدابير :
- إلزام المصارف والمؤسسات المالية باتخاذ تدابير وقائية بشأن فتح الحسابات ومسكها وتسجيل العمليات ومسك الكشوف الخاصة بها.
- تقديم المعلومات المالية.
- اختصاص الجهات القضائية الجزائرية بالفصل في الدعاوى المدنية المرفوعة إليها من طرف الدول الأعضاء في الاتفاقية الدولية ضد الفساد بشأن استرداد الممتلكات وتجميد وحجز العائدات المتأتية من جرائم الفساد ومصادرتها.
وبالرجوع إلى نص المادة 62 من القانون 06/01 يوحي في صياغته بإمكانية قيام أي دولة طرف في الاتفاقية برفع دعوى أمام القضاء المدني الجزائري من أجل استصدار حكم يعترفا بملكيتها للأموال المتحصلة من جرائم الرشوة وصورها كما يمكن للقسم المدني إلزام الأشخاص المحكوم عليهم بدفع تعويض مدني للدولة الطالبة عن ما لحقها من أضرار، وفي جميع الحالات التي يمكن أن يتخذ فيها قرار المصادرة يتعين على المحكمة الناظرة في القضية أن تأمر بما يلزم من تدابير تحفظ حقوق الملكية المشروعة التي قد تطالب بها أي دولة طرف في الاتفاقية.
لكن حسب رأيي فإن القسم المدني لا يمكنه الإدانة بجرائم الفساد , كما لا يمكن له الحكم بدفع تعويض عن الأضرار الناجمة عنها، و لا يمكنه الحكم بالمصادرة لكي يجوز له الأمر بالتدابير التحفظية، وعليه فإنه كان من الأجدر النص على قبول الدعوى المدنية التبعية لأن القضاء الجزائي هو المختص بالفصل بالإدانة بجرائم الفساد والحكم بالمصادرة واتخاذ جميع التدابير التحفظية اللازمة.
وحسب المادة 63 من القانون 06/01 فإنه يجوز لقسم الجنح عند نظره في إحدى جرائم الفساد أن يأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ الأجنبي والتي تم اكتسابها عن طريق جرائم الفساد أو الممتلكات المستخدمة في ارتكابها، كما يمكنه الأمر بهذه المصادرة حتى ولو امتنعت الإدانة لأن سبب من الأسباب كانقضاء الدعوى العمومية مثلا.
وهنا يطرح التساؤل عن طبيعة هذه المصادرة هي عقوبة تكميلية للعقوبة الأصلية ؟
كما يطرح التساؤل عن الحالة التي لا يكون للقضاء الجزائري اختصاص فيها بالنظر في جرائم الفساد ورغم ذلك يتم تهريب الأموال المتحصلة إلى الإقليم الجزائري، فحسب المادة 63 يسمح بنفاذ الأحكام القضائية الأجنبية التي أمرت بالمصادرة وذلك على الإقليم الجزائري وفقا للإجراءات المقررة، فهل يقصد بهذه الإجراءات قواعد تنفيذ الأحكام والقرارات الأجنبية كما وردت في قانون الإجراءات المدنية؟. أم أنه يشترط وجود اتفاقيات تعاون قضائي؟.
وحسب المادة 67 من القانون 06/01 فإن لوزارة العدل الاختصاص في التصرف في هذه الطلبات التي تحيلها على النائب العام المختص والذي يرسل الطلب إلى المحكمة المختصة مرفقا بطلباته، والمقصود بالمحكمة المختصة رئيس المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان وجود الأموال وهذا ما يستخلص من المادة 64 التي نصت على أن طلبات الحجز والتجميد تعرضها النيابة العامة على المحكمة المختصة التي تفصل فيها وفقا لإجراءات القضاء الاستعجالي.
وحسب المادة 65 من القانون 06/01 فإن الوزارة لها كذلك السلطة في رفض التعاون الرامي إلى المصادرة لما لها من سلطة الملائمة.
ج/ تجميد الأموال وحجزها :
حسب المادة 51 من القانون 06/01 فإنه يمكن تجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد بقرار قضائي أو بأمر من سلطة مختصة، وإذا تمت الإدانة بإحدى جرائم الفساد على الجهة القضائية أن تأمر بمصادرة العائدات غير المشروعة مع مراعاة الغير حسن النية.
وعليه فإن التجميد والحجز يمكن أن يصدر بقرار قضائي بمعنى أمر ولائي صادر عن رئيس المحكمة المختصة وهذا ما يتأكد من خلال دراسة المادة 51 في فقرتها الثانية التي نصت "إذا تمت الإدانة" بمعنى أن المادة 51 في فقرتها الأولى لا تتكلم عن الجهة القضائية في الدعوى الجزائية وإنما رئاسة المحكمة لما لها من اختصاصات ولائية ويطرح التساؤل أيضا عن "السلطة المختصة" التي أعطاها المشرع صلاحية تجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد، إلى جانب السلطة القضائية التي تصدر ذلك بموجب أمر ولائي، فهل يمكن أن تكون هذه السلطة هي خلية الاستعلام المالي لدى وزارة المالية؟ وذلك في صورة ما إذا ارتبطت جريمة الفساد بجريمة تبييض الأموال المنصوص عليها بالقانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال أو تحققت حالة التعدد الصوري للجريمة.([1])
الفرع الثاني: إجراءات المتابعة في ظل قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم بالقانون 06/22.
كما سبق وأن قلت فإن جريمتي رشوة الموظف العمومي وتلقي الهدايا تخضعان لنفس الشروط والإجراءات المنصوص عليهما في قانون الإجراءات الجزائية والتي تحكم متابعة جرائم القانون العام وذلك في عدم اشتراط شكوى من أجل تحريك الدعوى العمومية وملائمة المتابعة.
إلا أن التعديل الأخير لقانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون 06/22 أضاف الفصل الرابع المتعلق باعتراض المرسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور و كذلك الفصل الخامس المتعلق بمباشرة الدعوى العمومية و إجراء تحقيق, مما يفهم منه أنه أستحدث أساليب خاصة للتحري و البحث للكشف على الجرائم التي ذكرها على سبيل الحصر و هي جرائم المخدرات أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية أو الجرائم الماسة بنظام المعالجة الآلية للمعطيات أو جرائم تبييض الأموال أو الإرهاب أو الجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف أو جرائم الفساد و كذلك في الجرائم المتلبس بها. و سوف أتعرض لهاته الأساليب الخاصة بإجراءاتها باختصار.
أ/ اعتراض المراسلات و تسجيل الاصوات و التقاط الصور:
استحدث المشرع هذا الأسلوب للبحث و التحري في الجرائم المذكورة علي سبيل الحصر أعلاه و كذلك في الجرائم المتلبس بها و هذا في المواد من 65 مكرر 5 إلى 65 مكرر 10 حيث أجاز لوكيل الجمهورية المختص الإذن بـ:
- اعتراض المراسلات التي تتم عن طريق و سائل الاتصال السلكية و اللاسلكية.
- و ضع الترتيبات التقنية دون موافقة المعنيين من اجل التقاط و تثبيت و تسجيل الكلام المتفوه به بصفة خاصة أو سرية من طرف الأشخاص في الأماكن الخاصة أو العمومية أو التقاط صور للأشخاص الذين يتواجدون في مكان خاص .
- وضع الترتيبات التقنية للدخول للمحلات السكنية أو غيرها و لو خارج المواعيد المحددة في المادة 47 من ق إ ج و بغير علم أو رضا الأشخاص الذين لهم حق في تلك الأماكن .
- و يتم تنفيذ هذه المعلومات تحت مراقبة مباشرة لوكيل الجمهورية المختص الذي أذن بها و في حالة فتح تحقيق قضائي فإن القاضي الآمر بها يكون هو قاضي التحقيق و تحت مراقبته المباشرة.
هذا هو التعريف الذي أعطاه المشرع لاعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و إلتقاط الصور و الذي من خلاله يتضح أن هذه العمليات واردة على سبيل الحصر حسب المادة 65 مكرر 05 ([2])حيث جاء فيها .
- أنه يجب أن يكون الإذن مكتوب لمدة أقصاها 04 أشهر قابلة للتجديد و أن يتضمن كل العناصر التي تسمح بالتعرف على الاتصالات المطلوب التقاطها و الأماكن المقصودة و الجريمة التي تبرر اللجوء إلى هذا التدابير و مدته,و أن اكتشاف جرائم أخرى غير تلك الواردة في الإذن لا يكون سبب لبطلان الإجراءات العارضة .
- و يجوز تسخير كل عون مؤهل لدي مصلحة أو وحدة أو هيئة عمومية او خاصة مكلفة بالمواصلات السلكية و اللاسلكية للتكفل بالجوانب التقنية و ذلك من طرف القاضي الأمر أو ضابط الشرطة القضائية الذي ينيبه او يإذن له, و يتم تحرير محضر من طرف ضابط الشرطة القضائية المأذون له أو المناب عن كل عملية اعتراض و تسجيل المراسلات,و عن عمليات وضع الترتيبات التقنية و عمليات الالتقاط و التثبيت و التسجيل الصوتي أو السمعي البصري منذ تاريخ و ساعة بداية العملية إلى غاية الانتهاء منها و يتم نسخ المراسلات أو الصور أو المحادثات المسجلة ووصفها, و تودع بالملف رفقة المحضر و عند الحاجة تنسخ و تترجم المكالمات باللغة الأجنبية بمساعدة مترجم بعد تسخيره.
ب/ التسرب L’infiltration ([3])
نصت عليه المواد من 65 مكرر إلى 65 مكرر 18 ,حيث عرفته المادة 65 مكرر 12 بأنه قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بايهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف و ذلك تحت هوية مستعارة .
و يجوز عند الضرورة حسب المادة 65 مكرر 14 اقتناء أو حيازة أو نقل أو تسليم أو إعطاء مواد أو أموال أو منتوجات أو وثائق أو معلومات متحصل عليها من ارتكاب الجرائم أو مستعملة في ارتكابها.
كما يجوز له استعمال أو وضع تحت تصرف مرتكبي هذه الجرائم الوسائل ذات الطابع القانوني أو المالي و كذا وسائل النقل أو التخزين أو الإيواء أو الحفظ أو الاتصال, و لا يجوز أن يكون محرضا على ارتكاب هذه الجرائم و ذلك تحت طائلة البطلان .
و حسب المادة 65 مكرر 11 فانه يكون عن طريق إذن من طرف وكيل الجمهورية أو بإنابة من طرف قاضي التحقيق بعد إخطار وكيل الجمهورية و ذلك عندما تقتضي ضرورة التحري أو التحقيق في الجنايات و الجنح المتلبس بها أو الجرائم المذكورة في المادة 65 مكرر 5 ,- و من بينها جرائم الفساد و جرائم الرشوة التي أخصها بالدراسة- أن يأذن تحت رقابته بمباشرة عملية التسرب و دلك بموجب ادن مكتوب و مسبب تحت طائلة البطلان حسب المادة 65 مكرر15 تذكر فيها الأسباب و هوية ضابط الشرطة القضائية الذي تتم العملية تحت مسؤوليته و ذلك لمدة إقصاها 04 أشهر قابلة للتجديد بنفس الشروط ، كما يجوز للقاضي الآمر بوقفها قبل انقضاء المدة المحددة و في أي وقت و تودع الرخصة في ملف الإجراءات بعد الانتهاء من عملية التسرب .
و يمكن للعون أو الضابط المتسرب مواصلة نشاطاته للوقت الضروري الكافي لتوقيف عملية المراقب في ظروف تضمن أمنه دون أن يكون مسؤولا جزائيا لمدة أقصاها 04 أشهر من تاريخ قرار توقيف عملية التسرب ،و اذا تعذر ذلك جاز للقاضي الآمر بعد إخطاره من طرف العون المتسرب أن يرخص بتمديدها لمدة أقصاها أربعة أشهر على الأكثر ,ويجوز سماع ضابط الشرطة القضائية الذي تجري العملية تحت مسؤوليته دون سواه بوصفه شاهدا عن العملية .
و لضمان حماية العون المتسرب, قدم المشرع ضمانات له تتمثل في:
تحرير ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية تقريرا يتضمن العناصر الضرورية لمعاينة الجرائم دون التي تعرض أمن المتسرب و الأشخاص المسخرين لهذا الغرض.
كما نص على عدم جواز إظهار الهوية الحقيقية للمتسرب في أي مرحلة من مراحل الإجراءات و جعل كجريمة كل من يكشف عن هويته يعاقب عليها بالحبس من 02 سنتين إلى 05 سنوات و بغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج, و إذا تسبب الكشف عن الهوية أعمال عنف أوضرب أو جرح على احد هؤلاء الأشخاص أو أزواجهم أو أبنائهم أو أصولهم المباشرين فيكون ذلك ظرفا مشددا, و إذا تسبب في الوفاة فيكون ظرفا آخر أشد دون الإخلال عن الاقتضاء بتطبيق المتابعة على أساس الجنايات و الجنح ضد الأشخاص .

المطلب الثاني: طرق إثبات جريمتي رشوة الموظف العمومي و تلقي الهدايا
تغلب على جريمتي الرشوة و تلقي الهدايا صفة السرية و الكتمان ، الشيء الذي يطرح أمام القضاء صعوبة إثبات هاتين الجريمتين ، بالإضافة على ذلك فانهما من الجرائم التي من النادر التبليغ عنهما كباقي الجرائم الأخرى.
و على هذا الأساس فغالبا ما تثبت هاته الجرائم عن طريق الاعتراف أو التلبس و تستبعد باقي وسائل الإثبات الأخرى المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية رغم بقاء القاعدة العامة في الإثبات حسب الماد 212 من قانون الإجراءات الجزائية هي حرية الإثبات, إلا أنه يستبعد إثباتها عن طريق الشهادة أو القرائن أو الكتابة .
لذلك سنقتصر في دراستنا على وسيلتين للإثبات و هما الاعتراف و التلبس.
الفرع الأول: عن طريق الاعتراف:
قد يحدث و أن يقر الراشي أو المرتشي أو مقدم الهدية أو قابلها أو شركائهم بالجريمة أمام الضبطية القضائية أو أمام قاضي التحقيق أو المحكمة، فيعد اعتراف الجاني كدليل يبقى خاضعا للسلطة التقديرية للمحكمة التي لها أن تأخذ به أو ترده.
و الاعتراف بالجريمة يعني أنها وقعت و أن السلطة المختصة و قد علمت بها ، فتكون وظيفة الاعتراف المساعدة في إثبات التهمة و تقديم الأدلة التي تثبت الإدانة لذا يجب أن يكون الاعتراف صادقا و مطابقا للحقيقة لكي يؤخذ به كما يجب أن يتضمن جميع الأدلة التي يعلم بها بالإضافة إلى بيان عناصر الجريمة و أركانها.
الفرع الثاني: عن طريق التلبس:
نظرا لغابة صفة السرية و الكتمان اللذان يكتنفان الجريمتين, فان الضبطية القضائية تحت الرقابة و التوجيهات المباشرة للسلطات القضائية تلجأ في سبيل ضبط الجناة متلبسين بها إلى وضع ترتيبات من شأنها تحقيق هذا الهدف و ذلك حسب ما سبق لي و أن بينته و شرحته باتباع الاساليب العامة للبحث و التحري أو الأساليب الخاصة مثل التسليم المراقب أو التسرب أو اعتراض المراسلات و تسجيل الأصوات و التقاط الصور ، و هذا بعد حصولها على المعلومات ، أو إبلاغها من أحد أطراف الجريمة سواءا كان المرتشي أو الراشي أو الوسيط بينهما الذي يعد شريكا, و في هذه الحالة لا يتم إدانة المبلغ أو توقيع العقوبة عليه و ذلك لأنه تظاهر بالمساهمة في الجريمة فقط من أجل إبلاغ السلطات للقبض على الجاني متلبسا بها .
و تتوقف المسؤولية في الواقع على الدور الذي قام به رجال الضبطية في سبيل الوصول إلى ضبط الجريمة متلبسا بها ، فإن كان دوره اقتصر على مجرد الكشف عن هذه الجريمة و الغرض أنها قعت و ضبط الجناة و جمع أدلتها ، ففي هذه الحالة لا مسؤولية بالنسبة لرجل الضبطية القضائية لأنه لم يحرض على الجريمة و لكن أدى واجبه في الكشف عنها و البحث عن مرتكبيها .
أما إذا امتد دوره إلى التحريض على الجريمة و ذلك بخلق الفكرة الإجرامية لدى الجاني ، بحيث ما كان الجاني ليرتكب الجريمة لولا تدخل الضبطية التي حرضته و خططت له سبيل تنفيذ الجريمة ثم قامت بضبطه بعد ذلك فإنه في هذه الحالة يكون قد بلغ نشاطه في مظهره و ماديته صورة التحريض على الارتشاء أو الإرشاء أو تقديم أو قبول الهدايا ، و يبقى بعد ذلك البحث عن توفير القصد الجنائي لديه ، فإذا كان عازما على الحيلولة دون تمام الرشوة و ضبط الجناة فبالتالي ينقصه القصد المتجه إلى ارتكاب الجريمة "جريمة المحرض" و يكون لا محل لعقابه ([4]).
أما عن مسؤولية الجناة الذين تم ضبطهم فإن تلك المسؤولية تعد قائمة في الحالة التي يكون فيها دور رجل الضبطية القضائية يقتصر على الكشف عن الجريمة و تنتفي هده المسؤولية ادا ما تجاوز رجل الضبطية القضائية وظيفته الأساسية و عمل على خلق الجريمة ذاتها و تجاوز مهمته في منع الجرائم و الكشف عنها و بصفة عامة الحرص على حسن تطبيق القانون لا مخالفته .
و نظرا لصعوبة إثبات هاتين الجريمتين فإنه يبقى الدليل الممتاز لإثباتهما هو ضبط المتهم أو المتهمين متلبسين بالجريمة و من الأحسن أن يكون التلبس بواسطة إحدى أساليب التحري الخاصة.
و على كل حال تبقى مناقشة أدلة إثبات إحدى صور جريمة الرشوة أو جريمة تلقي الهدايا من اختصاص قضاة الموضوع تحت رقابة المحكمة العليا أي محكمة القانون و النقض ، إذ يتعين على قضاة الموضوع أن يسببوا أحكامهم عند إدانة المتهمين بناءا على أدلة معينة و كدا بالنسبة لتبرئة ساحة المتهمين عن طريق تسبيب مع استبعاد عناصر الإتهام الذي استندت عليها النيابة العامة عند متابعة هؤلاء المتهمين فقد فضت المحكمة العليا أنه " يكفي لقيام الرشوة أن يبرهن القضاة على إدانة المتهم بالأفعال المنسوبة إليه اعتمادا على الأدلة المطروحة لديهم و الثابتة في حالة التلبس " ([5]).



المبحث الثاني: قمع جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا:
كما سبق و أن قلت فإنه تطبق على الجريمة الرشوة في صورتيها و جريمة تلقي الهدايا ، الأحكام المقررة لجميع جرائم الفساد سواءا تعلق الأمر بالمتابعة أو التحري للكشف عن الجريمة أو بالتعاون الدولي في مجال التحريات و المتابعات و الإجراءات القضائية أو بتجميد الأموال و حجزها إلا أنه توجد بعض الأحكام الخاصة فيما يخص الجزاء و تقادم الدعوى العمومية و العقوبة و كذلك فيما تعلق بالعقوبات الأصلية و التكميلية للجاني في حالة ما إذا كان شخص طبيعي أو معنوي و سوف أتطرق لهذه العناصر فيما يلي :


المطلب الأول: الجزاء
الفرع الأول: عقوبة جريمة رشوة الموظف العمومي في صورتيها
كانت الرشوة السلبية و الإيجابية مجرمة و معاقبا عليها في قانون العقوبات في المواد 126 – 127 – 129 من قانون العقوبات الذي كان يميز من حيث العقوبات بحسب صفة الجاني و لم يكن يجرم الشخص المعنوي على النحو التالي :
- تكون جنحة إذا كان المرتشي من فئة الموظفين العموميين و من في حكمهم و عقوبتها الحبس ا من سنتين إلى عشرة سنوات و غرامة من 500 د ج إلى 5000 دج ( المادة 126- 129 )
- تكون جناية إذا كان المرتشي أو الراشي كاتب ضبط و عقوبتها السجن المؤقت من خمسة إلى عشرة سنوات و غرامة من 3000 د ج إلى 30.000 دج ( المادة 126-مكرر 2 و 129 ) و إذا كان قاضي فيعاقب بالسجن المؤقت من خمس إلى عشرين سنة و غرامة
من 5.000 دج إلى 50.000 دج ( المادة 126 مكرر- 1 و 129 )
- و تشدد العقوبة إذا كان الغرض من الرشوة أداء فعل يصفه القانون جناية فتطبق على الرشوة العقوبة المقررة لهذه الجناية ( المادة 130 )
- و إذا ترتب على رشوة قاضي أو محلف أو عضو هيئة قضائية صدور حكم بعقوبة جنائية ضد احد المتهمين, فانه تطبق هده العقوبة على مرتكب الرشوة ( المادة131 )
نلاحظ إذن أنه كانت الرشوة كأصل عام جنحة إلا أنها تتحول إلى جناية حسب صفة الجاني أو النتيجة أو الغرض المقصود منها.
أما في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته فإنها أصبحت يعاقب عليها بعقوبة جنحة كما يلي:

أ/ العقوبة الأصلية و التكميلية للشخص الطبيعي :
1/ العقوبات الأصلية
- بالنسبة للرشوة السلبية و الايجابية : تعاقب عليها المادة 25 من القانون 06/01 بالحبس من سنتين (02) إلى عشر سنوات (10) و غرامة من 200.000 دج إلى 1.000.000 دج.
2/ العقوبات التكميلية:
تطبق على جريمة رشوة الموظفين العموميين العقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات و هي جوازيه و هذا حسب المادة 50 من قانون الفساد, إذ يجوز الحكم بأحد هاته العقوبات التكميلية أو أكثر.
و بالرجوع إلى قانون العقوبات المعدل و المتمم بالقانون 06/23 المؤرخ في 20 /12/2006 نجد أنه ينص في المادة 09 المعدلة بالقانون 06/23/ ([6] ) أن العقوبات التكميلية هي([7]):
· الحجر القانوني
· الحرمان من ممارسة الحقوق الوطنية و المدنية و العائلية
· تحديد الإقامة
· المنع من الإقامة
· المصادرة الجزئية للأموال
· المنع المؤقت من ممارسة مهنة أو نشاط
· إغلاق المؤسسة
· الإقصاء من الصفقات العمومية
· الحظر من إصدار الشيكات و / أو استعمال بطاقات الدفع
· تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من استصدار رخصة جديدة
· سحب جواز السفر
· نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة
كما أضافت المادة (51/2) عقوبة إلزامية تتمثل في مصادرة العائدات و الأموال غير المشروعة الناتجة عن ارتكاب الرشوة بصورتيها مع مراعاة حالات استرجاع الأرصدة أو حقوق الغير حسن النية.
- و حسب المادة 51/03 من القانون 06/01 فإنه يجب الحكم برد قيمة ما حصل عليه المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء جريمة الرشوة ([8]) و هي عقوبة إلزامية ، فالحكم بالرد وجوبي, و في حالة استحالة الحكم به يحكم برد قيمة ما حصل عليه المتهم من منفعة أو ربح وهدا في حالة ما إذا انتقلت الأموال ( المزية ) إلى أصول الجاني أو فروعه أو إخوته أو زوجة أو أصهاره كما يستوي في ذلك إن بقيت الأموال على حالها أوقع تحويلها إلى مكاسب أخرى
- كما نصت المادة 55 من قانون 06/01 على جواز الحكم بإبطال العقود و الصفقات و البراءات و الامتيازات أو الترخيصات المتحصل عليها من ارتكاب جريمة رشوة الموظف العمومي و انعدام أثارها و هذا يكمل نص المادة 09 من قانون العقوبات كونها عقوبة جوازية.
ب/ العقوبات الأصلية و التكميلية بالنسبة للشخص المعنوي :
حسب المادة 53 من القانون 06 / 01 فإنه يسأل الشخص المعنوي عن جريمة الرشوة و تطبيق عليه الأحكام المقررة للشخص المعنوي في قانون العقوبات سواء تعلق الأمر بالهيئات المعنية بالمساءلة الجزائية و شروطها أو تعلق الأمر بالعقوبات المقررة للشخص المعنوي([9]):
1/ العقوبات الأصلية:
حسب المادة 18 مكرر من قانون العقوبات المعدل و المتمم بالقانون 06/23 هي:
- الغرامة التي تساوي من مرة 1 إلى خمسة 5 مرات حد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على الجريمة, فضلا عن باقي العقوبات.
وعليه تكون العقوبات هي الغرامة من 1000.000 د ج إلى 5000.000 د ج
2/ العقوبات التكميلية:
حسب المادة 18 مكرر من قانون العقوبات و المادة 50 من القانون 06/01, يجوز الحكم على الشخص المعنوي بواحدة أو أكثر من العقوبات التكميلية التالية:
· حل الشخص المعنوي
· غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات
· الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات
· المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر
أو غير مباشر ، نهائيا أو مدة لاتتجاوز خمس (5) سنوات
· مصادرة الشئ الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها
· نشر أو تعليق حكم الإدانة
· الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة تتجاوز خمس (5) سنوات ، وتنصب الحراسة على ممارسة النشاط الذي أدى إلىا الجريمة أو الذي ارتكبت الجريمة بمناسبته .
وتطبق على الشخص المعنوي كذلك العقوبات الإلزامية الواردة في المادة 51/ فقرة2 و3 والمتمثلة في مصادرة العائدات والأموال غير المشروعة والحكم برد قيمة ماحصل المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء جريمة الرشوة .
كما تطبق عليه العقوبة الجوازية الواردة في المادة 55 من القانون 06/01 المتمثلة في جواز إبطال العقود والصفقات والبراءات والامتيازات والترخيصات وانعدام أثارها .
ج/ المشاركة والشروع:
حسب المادة 52 من القانون 06/01 فإنه تطبق على الشروع في جريمة الرشوة وعلى المشاركة في ارتكابها أحكام قانون العقوبات.
رغم خطورة الجريمة إلا أن المشرع لم يكن صريحا ولا واضحا في وضع القواعد والإجراءات التي تحكم وتنظم الشروع والاشتراك في تنفيذ الجريمة([10]) رغم أن هذه الجريمة لا يمكن قيامها أو تصورها إلا من خلال تلاقي إرداتين
1/ بالنسبة للشروع:
من خلال قراءة المادتين 31,30 من قانون العقوبات ، تستخلص أن الشروع في الجنحة لا يعاقب عليه إلا بنص صريح في القانون ، ولما كانت المادة 25 من القانون 06/01 لا تنص على المعاقبة على الشروع ولكون جريمة رشوة الموظف العمومي هي جنحة فإن ذلك يستلزم القول أن المشرع الجزائري لم يتصور وجود أفعال متميزة يمكن وضعها في إطار الشروع وذلك لاعتبار أن جريمة الرشوة لاتقوم إلا تامة.
ويستحيل تصور الشروع في الرشوة السلبية في صورة القبول، وذلك بالنظر إلى صور النشاط الإجرامي في هذه الجريمة، لأن هذه الجريمة إما أن تكون تامة وإما أن تكون في المرحلة التحضيرية التي لا عقاب عليها.
ولكن يمكن تصور الشروع في صورة الطلب، كما لو صدر عن الموظف طلب وحال دون وصوله إلى صاحب المصلحة سبب من الأسباب لا دخل لإرادة الموظف فيه
ويتحقق الشروع في هذه الحالة في صورة الطلب مثل أن يحرر المرتشي رسالة يكتب فيها ما يريد الحصول عليه من مزية لقاء قيامه بعمل معين ، ولكن يتم ضبطها من طرف السلطات العمومية قبل وصولها لصاحب المصلحة، إلا أنه رغم ذلك فهو يعد بمثابة جريمة تامة في الرشوة السلبية كون الجريمتين مستقلتين ، ولا يستلزم قيام جريمة الرشوة السلبية قيام جريمة الرشوة الإيجابية.
وستكون لقاضي الموضوع سلطة تقديرية واسعة في مجال توفر أو عدم توفر الأركان لا سيما النية.
وكذلك بالنسبة للرشوة الإيجابية فإنه يستحيل تصور الشروع في صورة الوعد، فإما أن تكون الجريمة تامة وإما أن تكون في مرحلة التحضير إلا أنه يمكن تصوره في صورتي العرض والعطية،وهكذا قضي في فرنسا بأن عرض مبلغ من المال على الموظف حتى وإنا لم يقبل به بشكـل جريمة الرشوة الإيجابية.
وعليه فخلاصة القول أنه نظرا لكون الشروع في جريمة الرشوة يعد بمثابة الجريمة التامة فإن المشرع نص على معاقبته بنص خاص في المادة 52/2 من القانون 06/01 .
2/ بالنسبة للاشتراك:
بالنسبة للاشتراك فإنه وحسب المادة 52 من القانون06/01 فإنه تطبق أحكام قانون العقوبات، وبالرجوع للقاعدة العامة الوارد ذكرها في نص المادة 42 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون 82/04 التي تنص على أنه " يعتبر شريكا في الجريمة من لم يشترك فيها اشتراك مباشرا ولكنه ساعد بكل الطرق ، أو عاون الفاعل الأصلي على ارتكاب الأعمال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك" .
واستخلاصا من القواعد العامة يمكن اعتبار الوسيط أو الساعي بين الراشي والموظف المرتشي شريكا،ويعاقب بنفس العقوبة المقررة قانونا لجريمة الرشوة بشرط توفر علمه بأنما يقوم به أو ما يقدمه إنما هو مسهل أو مساعد على أعمال الرشوة أو أن منفذ لها .([11])
و كما سبق و أن رأينا فإن المشرع إشترط صفة معينة في الجاني و جعلها ركنا مكونا للجريمة مما يجعل التساؤل قائما بخصوص الشريك في جنحة رشوة الموظف العمومي المنصوص عليها في المادة 25 من القانون 06/01 و في هذه الحالة يمكن تصور إحتمالين .
· قد يكون الشريك من عامة الناس لا تتحقق فيه صفة الموظف العمومي و في هذه الحالة نرجع إلى القواعد العامة للإشتراك,وحسب المادة44 من قانون العقوبات التي تنص على انه يعاقب الشريك في جناية أو جنحة كما هو الأمر في جريمة الرشوة بالعقوبة المقررة لهاته الجنحة و عليه تطبيق عليه العقوبة ذاتها المقررة للفاعل دون النظر لصفة الشريك .
و لا نطبق في هذه الحالة المادة 44 / 2 بشأن الظروف الشخصية و لا نطبق المادة 44/3 بشأن الظروف الموضوعية بإعتبار أن صفة الجاني في جريمة الرشوة ليست ظرفا شخصيا ينتج عنه تشديد العقوبة ، و انما هي ركن من أركان الجريمة .
· قد يكون الشريك موظفا عموميا و في هذه الحالة تتحقق الجريمة في الشريك و يعاقب بذات العقوبة المقررة للفاعل .
الفرع الثاني : عقوبة جريمة تلقي الهدايا و تقديمها:

تطبق على جريمة تلقي الهدايا نفس الأحكام المقررة لعقوبة جرائم الفساد بصفته عامة مع وجود بعض الإختلاف فيما بخصه العقوبات الأصلية المقررة للشخص الطبيعي, و عليه سوف أعرض بإيجاز بصفة مختصرة هاته الأحكام .
أ/ العقوبات الأصلية و التكميلية بالنسبة للشخص الطبيعي :
1 العقوبات الأصلية :
حسب المادة 38 من القانون 06/01 فإنه يعاقب بـ:
· الحبس من ستة أشهر 06 أشهر إلى سنتين 02 ,و بغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج بالنسبة للموظف الذي يقبل من شخص هدية أو أية مزية غير مستحقة و التي من شأنها التأثير في سير إجراء ما معاملة لها صلة بمهامه .
· و بنفس العقوبة للشخص الذي قدم الهدية مع علمه بظروف تقديمها و توفر الغرض منها .
العقوبات التكميلية:
- حسب المادة 50 و المادة 55 من القانون 06/01 و المادة 09 من قانون العقوبات يمكن الحكم بإحدى العقوبات التكميلية أو أكثر من العقوبات التالية:
· الحجز القانوني * الحرمان من الممارسات الحقوق الوطنية و المدنية و العائلية * تحديد الإقامة * المنع من الإقامة * المصادرة الجزئية للأموال * المنع المؤقت من مزاولة مهنة أو نشاط * إغلاق المؤسسة * الإقصاء من الصفقات العمومية * الحظر من إصدار الشيكات أو إستعمال بطاقات الدفع * تعليق أو سحب رخصة السياقة أو إلغاؤها مع المنع من إستصدار رخصة جديدة * سحب جواز السفر * نشر أو تعليق حكم أو قرار الإدانة * إبطال العقود و الصفقات و البراءات و التراخيص.
· كما يجب الحكم بمصادرة العائدات و الأموال غير المشروعة ورد قيمة ما حصل عليه المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء تلقيه الهداية و هذا طبقا للمادة 51/3،2 من القانون 06/01
حسب الاحكام التي سبق شرحها عندما تعرضت للعقوبة التكميلية لجريمة الرشوة .
ب/ العقوبات الأصلية و التكميلية بالنسبة للشخص المعنوي :
تطبيقا للمادة 38، 53 من قانون الرقابة من الفساد و مكافحته, و المادة 18 مكرر من قانون العقوبات فإنه تكون العقوبات المقررة للشخص المعنوي كما يلي :
1/ العقوبات الأصلية
- الغرامة التي تساوي من مرة 1 إلى 5 مرات الحد الأقصى للغرامة المقررة للشخص الطبيعي في القانون الذي يعاقب على جريمة تلقي الهدايا فضلا عن باقي العقوبات .
- و عليه تكون الهقوبة هي غرامة من 200.000 دج إلى 1000.000 دج
2/ العقوبات التكميلية :
حسب المادة 18 مكرر من قانون العقوبات و المواد 38 و 50 و53 و 55 من القانون 06/01 تكون العقوبات التكميلية الجوازية المقررة للشخص المعنوي كما يلي:
*حل الشخص المعنوي * غلق المؤسسة أو فرع من فروعها لمدة لا تتجاوز خمس سنوات * الإقصاء من الصفقات العمومية لمدة لا تتجاوز خمس سنوات * المنع من مزاولة نشاط أو عدة أنشطة مهنية أو اجتماعية بشكل مباشر أو غير مباشر نهائيا أو لمدة لا تتجاوز خمس سنوات * مصادرة الشيء الذي استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها * نشر أو تعليق حكم الإدانة.* الوضع تحت الحراسة القضائية لمدة خمس سنوات. * جواز إبطال العقود و الصفقات و البراءات و الإمتيازات و الترخيصات و إنعدام أثارها .
و يجب الحكم بمصادرة العائدات و الاموال غير المشروعة و الحكم برد قيمة ما حصل عليه المحكوم عليه من منفعة أو ربح جراء تلقيه الهدايا و ذلك حسب المادة 51 فقرة 2، 3 من القانون 06/01
ج/ المشاركة و الشروع :
حسب المواد 30و31و42 من القانون العقوبات و المواد 38و52 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته فإنه يطبق على الإشتراك و الشروع في جريمة تلقي الهدايا القواعد العامة .
و بالرغم من أنه لا يمكن تصور جريمة تلقي الهدايا إلا كجريمة تامة دون تصور الشروع فيها, إلا أنه بالرجوع للمادة 52 من القانون 06/01 فنجدها تنص انه حتى و إن وجدت محاولة فإنه يتم المعاقبة عليها كالجريمة التامة .
و بالنسبة للإشتراك,فانه تطبق نفس الاحكام المقررة بالنسبة لجريمة رشوة الموظفين العموميين على جريمة تلقي الهدايا .
المطلب الثاني : تشديد العقوبات و الإعفاء منها و التخفيض بالنسبة للجرمتين :
الفرع الأول : تشديد العقوبة :
تشدد عقوبة الجبس لتصبح من عشرة سنوات إلى عشرين سنة إذا كان الجاني من إحدى الفئات المنصوص عليها في المادة 48 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته و هذه الفئات هي كا التالي :
1/ قاضي:وذلك بالمفهوم الواسع أي Magistrat و ليس المفهوم الضيقjuge والدي يشمل
إضافة الى قضاة النظام العادي و الاداري, قضاة مجلس المحاسية و أعضاء مجلس المنافسة و حتى الوزراء و الولاة و رؤساء البلديات ([12]).
2/ موظف يمارس وظيفة عليها في الدولة : وهم الموظفين المعبنين بمرسوم رئاسي الذين يشغلون على الأقل منصب نائب مدير بالإدارة المركزية لوزارة أو ما يعادل هاته الرتبة في المؤسسات العمومية أو الإدارية غير المركزية أو الجماعات المحلية .
3/ ضابط عمومي:
4/ ضابط أو عون شرطة قضائية : و هم الضباط المنتمون إلى فئة الضبطية القضائية حسب المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية و أعوان الضبطية القضائية حسب المادة 19من قانون الإجراءات الجزائية .
5/ من يمارس بعض صلاحيات الشرطة القضائية : و هم رؤساء الأقسام و المهندسون و الأعوان الفنيين و التقنيين المختصين في الغابات و حماية الأراضي و إستصلاحها حسب المادة 21 من ق إ ج و بعض الموظفين و أعوان الإدارة و المصالح العمومية حسب المادة 27 ق ا ج كأعوان الجمارك و أعوان الضرائب و الأعوان التابعيين لوزارة التجارة المكلفين بضبط و معاينة المخالفات المتعلقة بالمنافسة و الممارسات التجارية .
6/ موظفين أمانة الضبط:
7/ عضو في هيئة الوطنية للوقاية من الفساد و مكافحته :
و هي الهيئة المستخدثة بموجب المادة 17 من قانون 06/01 المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته و التي تركت المادة 18 من نفس القانون تحديد تشكيلتها عن طريق التنظيم أين تم بتاريخ 22 نوفمبر 2006 تحديد تشكيلتها و كيفيات سيرها بموجب المرسوم رقم 06/ 413
الفرع الثاني : الإعفاء من العقوبة و تحفيضها:
ا/ الإعفاء من العقوبة

حسب المادة 49 من القانون 06/01 يستفيد من العذر المعفي من العقوبة الفاعل أو الشريك الذي بلغ السلطات الإدارية أو القضائية أو الجهات المعنية كمصالح الشرطة القضائية عن الجريمةو ساعد في الكشف عن مرتكبيها و معرفتهم, بشرط أن يتم التبليغ قبل مباشرة إجراءات المتابعة أي قبل تحريك الدعوي العمومية.
ب/ تخفيض العقوبة :
حسب المادة 49 من القانون 06/01 يستفيد من تخفيض العقوبة إلى النصف الفاعل أو الشريك الذي يساعد بعد مباشرة إجراءات المتابعة أي بعد تحريك الدعوى العمومية في القبض على شخص أو أكثر من الأشخاص المساهمين في الجريمة
و تبقى مرحلة ما بعد مباشرة إجراءات المتابعة مفتوحة إلى غاية أستنفاد طرق الطعن. ([13]).

المطلب الثالث : تقادم الدعوى العمومية و العقوبة بالنسبة للجرمتين :
تنص المادة 54 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته على أنه لا تتقادم الدعوى العمومية ولا العقوبة بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون في حالة ما إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى خارج الوطن و في غير ذلك من الحالات تطبق الاحكام المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.
الفرع الأول : تقادم الدعوى العمومية :
أ/ بالنسبة لجريمة رشوة الموظفين العموميين :
تمتاز جريمة رشوة الموظف العمومي عن باقي جرائم الفساد و القانون العام في مسألة تقادم الدعوى العمومية و العقوبة,حيث بتطبيق المادة 54 من القانون 06/01 فإنه لا تتقادم الدعوى العمومية إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج ,و حسب الفقرة الثانبة من نفس المادة فإنه" في غير ذلك من الأحوال تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية" و هنا يكمن الاختلاف بين جريمة الرشوة و باقي الجرائم حيث بالرجوع إلى المادة 08 مكرر من ق اج المستحدثة بموجب التعديل بالقانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 التي تنص على أنه "لا تنقضي الدعوى العمومية بالتقادم في الجنايات و الجنح المتعلقة بالرشوة" و يهدا تضيح جريمة الرشوة غير قابلة للتقادم imprescriptible, كما لا تتقادم الدعوى المدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن هاته الجريمة .
و من هنا نلاحظ أن مجال تطبيق نص المادة 08 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية ينحصر في الجرائم الموصوفة على أنها رشوة كرشوة الموظف العمومي - المادة 25 من القانون 06/01 – و الرشوة في مجال الصفقات العمومية-المادة 27 – و رشوة الموظفين العموميين الأجانب و موظفي المؤسسات الدولية العمومية – المادة 28من القانون 06/01 –.
و لا تسري هده القاعدة على جريمة تلقي الهدايا – المادة 38 من القانون 06/01 رغم أن هذه الجريمة صورة ممتازة لجريمة الرشوة و هذا ما يعد أمر غير مستساغ ([1]).
ب/ بالنسبة لجريمة تلقي الهدايا و تقديمها:
حسب المادة 54 من فإنه لا تتقادم الدعوى العمومية إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير ذلك من الأحوال فإنه تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية وبالرجوع إلى المادة 08 من قانون الإجراءات الجزائية فإن جريمة تلقي الهدايا بإعتبارها جنحة تتقادم بمرور ثلاث سنوات كاملة من يوم إقتراف الجريمة إذا لم يتخذ في ذلك الفترة أي إجراء، فإذا أتخذت إجراءات في تلك الفترة فلا يسري التقادم إلا بعد 03 سنوات من تاريخ آخر إجراء, وكذلك الشأن بالنسبة للأشخاص الذين لم يتناولهم أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة وذلك حسب المادة 7 من ق إ ج التي أحالتنا إليها المادة 08 ق إ ج .
ويسري التقادم في حالة تلقي الهدية من يوم تسليمها، وتتجدد الجريمة بكل عمل تنفيذ يأتيه الجاني تنفيذا لعهده.
الفرع الثاني: تقادم العقوبة:
أ/ بالنسبة لجريمة رشوة الموظفين العموميين:
حسب المادة 54/فقرة 01 لا تتقادم العقوبة إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير ذلك من الأحوال فإنه تطبق أحكام قانون الإجراءات الجزائية, وبالرجوع إلى المادة 612 مكرر المستحدثة إثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004 نجدها تنص:
· على أنه لا تتقادم العقوبات المحكوم بها في الجنايات والجنح المتعلقة بالرشوة وفي هذا المجال تعد عقوبة الرشوة imprescriptible أي غير قابلة للتقادم.
وتصلح في هذا المجال، جميع الملاحظات التي سبق إبداؤها بخصوص تقادم الدعوى العمومية.
ب/ بالنسبة لجريمة تلقي الهدايا و تقديمها:
حسب المادة 54/1 من القانون 06/01 فإنه لا تتقادم العقوبة إذا تم تحويل عائدات الجريمة إلى الخارج، وفي غير ذلك من الأحوال فإنه تطبيق أحكام قانون الإجراءات الجزائية، وبالرجوع للمادة 614 من هذا القانون نجدها تنص:
تتقادم العقوبات الصادرة بقرار أو حكم يتعلق بموضوع الجنح بعد مضي خمس (5) سنوات كاملة إبتداءا من التاريخ الذي يصبح فيه هذا القرار أو الحكم نهائيا.
غير أنه إذا كانت عقوبة الحبس المقضى بها تزيد على الخمس سنوات فإن مدة التقادم تكون مساوية لهذه المدة ويمكن تصور هذه الحالة في جريمة تلقي الهدايا في حالة تشديد الجريمة إذا كان الجاني ضمن الفئات المنصوص عليها في المادة 48 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.






الخاتمة:
كخاتمة لهذه الدراسة المتواضعة، ومن خلال تحليل أهم صورتي جرائم الرشوة، وهما رشوة الموظفين العموميين وتلقي الهدايا، فإننا نخلص أن هذه الجرائم تتطلب وجود طرفين على الأقل، كما تقتضي إتحاد وتوافق إرادتين على العطاء والأخذ والعرض من الأولى, والقبول أو الطلب من الثانية من أجل المتاجرة بالوظيفة العمومية أو التأثير على حسن سير إجراءاتها والمعاملات فيها.
وإتأيت إستخلاص بعض النتائج والملاحظات، والتي تتمثل في أن جرائم الرشوة في النظام الجزائري تتميز بخوصيات ومميزات تنفرد بها مقارنة مع باقي الجرائم الأخرى، سواءا جرائم القانون العام أو جرائم الفساد، أم ما أصطلح عليه سابقا الجرائم الإقتصادية، وذلك ما يجعلها أكثر تعقيدا عن غيرها من الجرائم نظرا لغموضها و صعوبة الإثبات فيها وعدم التبليغ عنها.
ومن اهم هذه النتائج والملاحظات مايلي:
- خضوع جرائم الرشوة خاصة جريمتي رشوة الموظفين العموميين وتلقي الهدايا لقانون الوقاية من الفساد ومكافحته، وبهذا أصبحت تخرج عن المفهوم العام الذي كان ينظر لها به قانونا، حيث كانت ضمن القسم الخاص لقانون العقوبات، لكن حاليا فهي تعد من الجرائم الخاصة المنصوص عليها بقانون خاص الذي يحكمها، وفي ما عدا ذلك وإستئناءا عند الإحالة, يرجع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات.
- إتفاق جريمة تلقي الهدايا وتقديمها مع جريمة رشوة الموظفين العموميين في أغلب الأركان وإجراءات المتابعة وطرق الإثبات، مع وجود إختلاف في الغرض من الجريمتين إذ يكون الهدف من رشوة الموظفين العموميين هو الإتجار بالوظيفة العامة، أما الغرض من تلقي الهدايا وتقديمها هو التأثير على السير الحسن للإجراءات والمعاملات، كما يختلفان من حيث الجزاء المقرر لكل جريمة.
وعلى هذا الأساس تعتبر جريمة تلقي الدايا وتقديمها كإحدى صور جرائم الرشوة.
- خضوع جرائم الرشوة إلى قواعد إجرائية مزدوجة، الاولى خاصة وردت ضمن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، والثانية تحكمها الأحكام العامة للإجراءات في المادة الجزائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية.
- وجود تناقض في الصياغة العربية للنصوص المجرمة والمعاقبة لجرائم الرشوة مقارنة مع النصوص باللغة الفرنسية.
- عدم توحيد المصطلاحات القانونية ما بين قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وقانون الإجراءات الجزائية، مع ترك بعض الإجراءات غامضة دون توضيح.
- إستقرار الإجتهاد القضائي في قراراته على أن الوسيلة الأساسية لإثبات هذه الجرائم هي التلبس. إذن، فجرائم الرشوة كما سبق توضيحه هي عصب الفساد الذي يشكل الإنحلال الكلي للنظام السياسي والإداري والإقتصادي والمالي والإجتماعي، والذي يشكل عائقا جديا للتنمية والرقي و ذلك من عدة زوايا خاصة: الإفتقار الإقتصادي، وإختلال الحياة السياسية وتفاقم الإجرام بكل أنواعه، فالمشكلة إذن هي عميقة ومعقدة ومركبة بفعل عوامل كاملة وليست طارئة ذلك أن الأسباب ليست مباشرة وسطحية وإنما ترتبط بعمق الحياة العامة.
ونخلص في النهاية، أننا إلتمسنا فعلا من خلال مجمل نصوص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وجود إرادة قوية في مواجهة ظاهرة الرشوة والحد من مخاطرها لكن حتى وإن كانت الأداة التشريعية قمة في الردع فإنها لن تكفي للعلاج، بل يجب أن تتكاثف جهود الجميع في القطاع العام والخاص، كما يجب على الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته أن تلعب الدور البارز المنوط بها وهذا ما يسهل مهمة القاضي وخدمة العدالة والصالح العام














الإقتراحات:
- من خلال هاته الدراسة المتواضعة التي قدمتها حول جريمتي رشوة الموظفين العموميين و تلقي الهدايا إرتأيت تقديم بعض الإقتراحات التي قد تساهم في تفعيل متابعة الجريمتين، بصفة خاصة، وجرائم الفساد بصفة عامة، وهاته الإقتراحات تتمثل فيمايلي:
1/- وضع في طليعة الإهتمامات القواعد التي يجب مراعاتها في توظيف الموظفين وتسيير حياتهم المهنية خاصة النجاعة والشفافية والكفاءة خصوصا في المناصب والمهن الأكثر عرضة لجرائم الرشوة في جميع صورها.
2/- تفعيل إلزام الموظفين بالتصريح بممتلكاتهم خلال الشهر الدي يلي توليهم للمهام,و التصريح بأي زيادة معتبرة لهذه الممتلكات، وكذلك التصريح بالممتلكات عند الإنتهاء من المهام وفقا للإجراءات والأشكال المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي رقم 06/414 المؤرخ في 22 نوفمبر 2006 والذي يحدد نموذج التصريح بالممتلكات.
3/- توسيع صلاحيات البحث والتحري المعترف بها للهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته مما يسهل عمل الجهاز القمعي نظرا لإمتداد إختصاص الهيئة على كامل التراب الوطني خاصة أن اغلب جرائم الفساد تمتد إلى أكثر من دائرة إختصاص وتتعدى حدود الإقليم الوطني.
4/- إضافة جرائم الفساد بصفة عامة وجرائم الرشوة بصفة خاصة ضمن قائمة الجرائم التي يجوز تمديد الإختصاص المحلي فيها لوكيل الجمهورية وقاضي التحقيق و رئيس المحكمة الناظرة في الدعوى وذلك بتعديل المواد 37،40/2، 329 من قانون الإجراءات الجزائية, و المرسوم التنفيذي رقم 06/384 المؤرخ في 05/10/2006 الذي يمدد الإختصاص المحلي لمحكمة سيدي أمحمد و ورقلة وقسنطينة ووهران،و الدي إعتبرها محاكم دات إختصاص موسع.
5/- إعطاء صلاحيات الضبط القضائي للهيئة الوطنية للفساد خاصة أن اعطاءها صلاحيات البحث والتحري يتعارض مع الطابع الإداري لهده الهيئة التي ينحصر دورها في تحويل الملف إلى وزير العدل في حالة التوصل إلى وقائع دات وصف جزائي، والدي بدوره يخطر النائب العام المختص لتحريك الدعوى العمومية.
6/- توسيع مفهوم الموظف العمومي، -والذي حسب رأيي مازال قاصرا- بشكل يسمح بحماية المال العام إينما وجد، وأقترح إضافة ضمن مفهوم الموظف العمومي الشخص المرشح لوظيفة إنتخابية سواءا تشريعية أو محلية، وكذلك مسيروا الأحزاب السياسية خاصة في ظل تطور الحزبية في بلادنا، وهذا ما أخذ به التشريع الأمريكي FCPA.
7/- إعادة النظر في سياسة تجنيح جرائم الفساد خاصة جرائم الرشوة لأن المجتمع ينتظر تشديد الوصف والعقاب للحد من توسيع ظاهرة المتاجرة بالوظيفة العمومية والتلاعب بالمال العام، مع إعادة النظر في إستقلالية القانون 06/01 عن قانون العقوبات خاصة أن هذا الأخير قادر على مجابهة تطور الإجرام بشكل لا يدع مبررا لوضع قانون خاص.
8/- تفعيل الأحكام و الإجراءات الخاصة للبحث والتحري التي جاء بها قانون الوقاية من الفساد ومكافحته و قانون الإجراءات الجزائية وذلك من أجل ضبط الجناة متلبسين بالرشوة مما يسمح بإعطاء أدلة قوية لإثبات إدانتهم خاصة ان جرائم الرشوة تعد من جرائم الشبكات ذات الطابع التقني المرتبط شديد الإرتباط بفروع قانون الأعمال، ولكونها ذات طابع خفي.
9/- توحيد المصطلحات بين قانون الوقاية من الفساد وقانون الإجراءات الجزائية مثلا قانون 06/01 يستعمل مصطلح "الإختراق" وقانون الإجراءات الجزائية يسميه "التسرب" في حين كلا النصين باللغة الفرنسية يستعملان مصطلح "L'infiltration"
10/- إعادة النظر في الإختلاف الموجود في صياغة نصوص المواد بين اللغة العربية والفرنسية، فالنص العربي للمادة 02 من قانون 06/01 يستعمل مصطلح "موظف عمومي" أي يقابله fonctionnaire public، في حين النص الفرنسي يستعمل مصطلح "Agent public" وهو ما يقابله "عون عمومي"، وكذلك في نص المادة 25/1 الذي استعمل في النص العربي "أداء عمل أو الإمتناع عن أداء عمل من واجباته" أما النص بالفرنسية استعمل " dans l'exercice de ses fonctions" مما يقابله "لكي يقوم بأداء عمل أو الإمتناع عن أداء عمل أثناء تأدية وظيفته" وهنا إختلاف في المعنيين.
كذلك في نص المادة 38 أين إستعمل المشرع مصطلح "تلقي" والتي تفيد إستلام، أي وضع الجاني يده على الهدية في حين استعمل في النص الفرنسي مصطلح "accepter" ويقابله "قبوله" وهنا يختلف المعنى إذ أن القبول لا يعني بالضرورة أن الجاني استلم فعلا الهدية.
11/- تحديد السلطة المختصة التي أعطاها المشرع صلاحية تجميد أو حجز عائدات جرائم الفساد إلى جانب إمكانية ذلك عن طريق القرار القضائي الولائي حسب المادة 51 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، وكذلك تحديد الجهة القضائية المختصة بدقة للفصل بملكية الدولة التي تكون طرف في الإتفاقية للأموال المتحصلة من جرائم الفساد, وإلزام الأشخاص المحكوم عليهم بدفع تعويض مع إصدار أمر بالمصادرة وما يلزم من تدابير لحفظ حقوق الملكية المشروعة، ذلك أن المادة ذكرت أن الإختصاص يؤول إلى القضاء المدني الجزائري، لكن الأصح هو إلى القضاء الجزائي الجزائري وذلك بمقتضى دعوى مدنية تبعية.
12/-إعادة النظر في صياغة المادة 63 من قانون الوقاية من الفساد التي تنص على" أنه يمكن لقسم الجنح الأمر بمصادرة الممتلكات ذات المنشأ الأجنبي التي تم إكتسابها عن طريق إحدى جرائم الفساد، أو الممتلكات المستخدمة في إرتكابها حتى ولو إمتنعت الإدانة لأي سبب من الأسباب ...." كإنقضاء الدعوى العمومية أو البراءة ..... وهنا أتسال عن طبيعة هذه المصادرة التي يمكن الحكم بها رغم إنقضاء الدعوى العمومية أو البراءة ؟ خاصة أن المصادرة ما هي إلا عقوبة تكميلية مضافة إلى العقوبة الأصلية.
13/- تحديد القواعد والإجراءات المقررة لنفاذ الأحكام القضائية الأجنبية التي أمرت بالمصادرة وذلك على تراب الجمهورية الجزائرية طبقا للمادة 63 من القانون 06/01، فهل يقصد بهذه الإجراءات قواعد تنفيذ الأحكام والقرارات و الأوامر القضائية الأجنبية كما وردت في قانون الإجراءات المدنية ؟ أم هل يشترط وجود إتفاقيات تعاون قضائي لأمكانية تنفيذها ؟
14/- إعادة النظر في المادة 8 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية لأنه حسب التفسير الضيق للنصوص فإن مجال تطبيقها ينحصر في الجرائم التي وصفها المشرع بوصف الرشوة كرشوة الموظفين العموميين بصورتها السلبية والإيجابية طبقا للمادة 25 من القانون 06/01 ورشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية طبقا للمادة 28 من القانون 06/01 والرشوة في مجال الصفقات العمومية طبقا للمادة 27 من القانون 06/01 ولا ينصرف تطبيقها إلى باقي صور جرائم الرشوة مثل جريمة تلقي الهدايا طبقا للمادة 38/ من القانون 06/01 والإثراء غير المشروع طبقا للمادة 37 من القانون 06/01.
خاصة انه بالرجوع إلى عرض الأسباب لتعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون 04/14 المؤرخ في 10/11/2004، نجد أن الغرض من هذا التعديل هو تكييف التشريع الوطني مع الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر،غير أنه بالرجوع إلى مجمل الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر لا سيما إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية التي وقعت عليها الجزائر في 12/12/2000 وصادقت عليها في 05/02/2002 وإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قبل الجمعية العامة في 31/10/2003 والتي صادقت عليها الجزائر في 19/04/2004 بالمرسوم 04/128 لا نجد مبرر لإعتبار الرشوة غير قابلة للتقادم ،لأن الإتفاقيات طالبت كل دولة طرف فيها بتحديد عند الإقتضاء فترة تقادم طويلة.
و إقتراح في هذه المسالة تحديد نقطة إنطلاق خاصة لبداية إحتساب مهلة التقادم كما فعل التشريع الفرنسي عندما قرر أن مهلة التقادم تحتسب من يوم إكتشاف الجريمة في ظروف تسمح بمتابعتها مع إطالة مدة التقادم لكن دون جعلها غير قابلة للتقادم .








[1] أنظر الدكتور أحسن بوسقعة / المرجع السابق ص 79



[1] الدكتور : أحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي العام دار هومة ص 314.

[2] إرجع : قانون الإجراءات الجزائية الأمر 66/ 155 معدل و متمم بالقانون 06/22 المواد 65 مكرر 05 إلى 65 مكرر 10

[3] إرجع : قانون الإجراءات الجزائية / الأمر 66/ 155 المعدل و المتمم بالقانون 06/22 المراد 65 مكرر 11 إلى 65 مكرر 18

[4] الدكتور علي عبد القادر القهوجي/ القانون الجنائي "القسم الخاص"/ كلية الحقوق جامعة الإسطندرية ص 400

[5] الغرفة الجنائية : قرار محكمة العليا بتاريخ 13/05/1986

[6] المشرع في تعدياه الاخير لقانون العقوبات بالقانون 06/23 الغى العقوبات التبعية التي كانت مقررة بالمواد 06, 07, 08 في الفصل الثاني و ادرجها ضمن ا العقوبات التكميلية في الفصل الثالث

[7] انظر المواد 09 مكرر,09 مكرر 01 , 11 ,12 , 13 , 14 , 15, 15 مكرر01 , 15 مكرر 02 , 16 , 16 مكرر, 16 مكرر 01 , 16 مكرر 02 , 16 مكرر 03 , 16 مكرر 04 , 16 مكرر 05 , 16 مكرر 06 ,17, 18 من قانون العقوبات المعدل و المتمم , و التي تشرح كل عقوية على حدى

[8] أنظر الدكتور أحسن بوسقيعة / الوجيز في القانون الجزائي الخاص ج 2 – ص 39

[9] إرجع الدكتور أحسن بوسقيعة / الوجيز في القانون الجزائي العام – ص 215 إلى ص 226 المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي

[10] - انظر : عبد العزيز سعد / المرجع السابق ص 28 .

[11] أنظر عبد العزيز سعد / المرجع السابق ص 30

[12] أنظر : الدكتور أحسن بوسقيعة الوجيز في القانون الجزائي الخاص ج 2 س 36

[13] الدكتور أحسن بوسقيعة / المرجع السابق ص 37