منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - روائع الأشعار في رثاء النفس
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-10-24, 13:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبد الرحيم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي روائع الأشعار في رثاء النفس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

وبعد :


فهذه مجموعة من الأبيات في رثاء النفس جمعتها من مواقع متفرقة أرجو أن تنال إعجابكم

رثاء النفس هو البكاء والحزن عليها عندما يتيقن الراثي ( المرثي) بدنو أجله, وانقطاع أمله.
وهو من أفضل ألوان الرثاء,وذلك لما يبرز في شعره من صور بلاغية, وقِيَمٍ جمالية, وعاطفة حزينة, وشعور صادق, فالراثي هنا هو المرثي وأي شيءٍ يكون أحبُّ من النفس؟!! وهل النائحة الثكلى كالمستأجرة!! ولذا نجد أنَّ قصائد هذا النوع أو اللون من الرثاء قد سارت بها الرُّكْبَان, وأنشدها الأدباء على مرِّ العصور والأزمان, فصارت عقدًا تُزيِّنُ به كثيرًا من كتب الأدب القديمة منها والحديثة.,

وقد عرف فن الرثاء في الشعر العربي منذ وجد الشعر قبل الإسلام بحوالي مائة وخمسين سنة ، وأثرت لهذا العرض الشعري الآسر العديد من النماذج الشعرية للعديد أساطين الشعراء على مر العصور ، فقد كان كثير من الشعراء ينتحبون ، ويتقطعون حسرة وألمًا ، ويعبرون عن ذلك في أبيات فياضة بالمشاعر ، تلامس شغاف القلوب ، فتهز الأحاسيس ، إذ تضع الإنسان أمام المصير المحتوم الذي لا فرار منه ، ومن شعراء هذا اللون الشعري " طرفة بن العبد البكري " و" عبد يغوث بن وقاص الحارثي " ، كما يقول البغدادي في خزانته ، ولعل القصيدة المروية لـ"مالك بن الريب التميمي الشاعر الأموي " في خزانة الأدب وبعض المصادر من أشهر ما عرف في هذا اللون بما قال فيها عندما شعر بقرب أجله في " مرو" بعيدًا عن وطنه وأهله وعشيرته.

و نذكر هنا نماذج مختصرة في جميع العصور, لنُطلع القارىء عليها ونُروي بعض ظمأه, ونبدأ بالعصر الجاهلي :


- ابن حذَّاق يرثي نفسه :

قال ابن قتيبة : بلغني أنَّ أول مَنْ بكى على نفسه وذكر الموت في شعره : يزيد بن حذَّاق فقال : (1)

هَلْ لِلْفَتَى مِن بَناتِ الدَّهْرِ مِن رَاقِي***** أمْ هَل لهُ مِن حِمام الموتِ مِن وَاقِي (2)
قدْ رجَّلونِي ومَا بالشَّعـرِ مِن شَعَثٍ***** وألْبَسُونِي ثِيــابًا غيرُ أخْـلاقِ
وطيَّبُـوني وقَـالوا أيُّـما رَجُـلٍ*****وأدْرَجُــونِي كَأني طَيُّ مِخْـرَاقِ(3)
وأرْسَلُـوا فِتيةً مِن خَيْرِهم حَسَبًا*****ليُسنِدوا في ضَرِيـحِ القَبْـر أطْبَاقِي(4)
وقسَّمُوا المَال وارفضَّت عوائدُهُم***** وقَال قَائِلُـهُم مَـات ابْـنُ حَذَّاقِ
هوِّنْ عَليكَ ولا تُولـع بإشفـاقٍ***** فإِنَّـما مَـالُنا لِلْـوَارثِ البَـاقِي

--------------------------------------------------


- امرؤ القيس يرثي نفسه :

عندما عاد امرؤ القيس من بلاد الروم منصرفًا عن قيصر ملك الروم,بعدما أعطاه حُلَّةً مسمومة , فلَّما وصل إلى أنقره لبسها فتقطع جلده وهلك, وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة قال: (5)

لَقدْ دَمَعتْ عَيْنَايَ فِي القَرِّ والقَيْظِ*****وهلْ تدمعُ العَينانِ إِلاَّ مِن الْغيظِ
فلَّمَا رَأيتُ الشَّرَ ليسَ بِبَــارِحٍ*****دَعَوتُ لِنَفْسِي عِندَ ذَلكَ بِالْفيظِ
وقال أيضًا قبل ذلك حينما رأى قبر امرأةٍ في سفح جبل عسيب الذي مات عنده: (6)
أجَـارتنَا إنَّ الخُطُوبَ تنـوبُ*****وإني مُقيمٌ ما أقـامَ عسيبُ
أجَـارتنَا إنَّـا غريبـانِ هَهُنَا***** وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ
فـإنْ تصِلِينا فالقـرابة بيننا*****وإن تصـرمينا فالغريبُ غريبُ
أجَارتنَا ما فاتَ ليسَ يَؤُوبُ*****ومَـاهو آتٍ في الـزَّمانِ قَريبُ
وليس غريبًا مَنْ تناءت دِيارُهُ*****ولكنْ مَنْ وَارَى التُّراب غريبُ

-------------------------------------------------


- طرفة بن العبد يرثي نفسه :

قال طرفة بن العبد وهو في سجنه ينتظر القتل بعدما سجنه والي البحرين بأمرٍ من ملك الحيرة عمرو بن هند, وذلك عندما بعث بكتابين لطرفه وخاله المُتَلَّمِس, وفيهما أمرٌ بقتلهما, فنجا خاله بعدما طلب من غلام أن يقرأ له ما في الكتاب, ولكن طرفة أصرَّعلى أن يذهب لوالي البحرين ظانًّا أن ملك الحيرة أمر والي البحرين أن يعطيهما الجوائز, ولم يجعل الغلام يقرأ له كتابه, وعندما وصل إلى البحرين سجنه الوالي وأمر بقتله, فقال قبل قتله : (7)

ألا اعتزليني اليوم خولة أو غُضِّي***** قفد نزلتْ حدباءُ مُحكمـة القبضِ
أزالتْ فؤادي عن مَقَـرِّ مكانهِ*****وأضحى جَناحي اليومَ ليسَ بِذي نهضِ
وقد كنتُ جلدًا في الحياة مُدَرَّئًا*****وقد كنتُ لبَّاس الرجال على البُغضِ
وإني لحلوٌ للخليــلِ وإنَـني*****لمُرٌّ لذي الأضغـانِ أُبـدي لهُ بُغضي
ولا تَعْدِليني إنْ هَلكتُ بعاجزٍ*****مِنَ النَّـاس مَنقوضَ المَريـرة والنقضِ

----------------------------------------------------


- رثاء عبد يغوث لنفسه قبل موته : (8)

لمَّا أسرتْ بنو تيم عبدَ يغوث, وذلك في يوم الكُلاب عندما وقعت الحرب بين بني تيم وقوم عبد يغوث في أيام الجاهلية, وكان عبد يغوث فارسًا وشاعرًا, فشدُّوا على لسانه نسعة (9) خوفًا من أن يهجوهم قبل موته, فقال لهم: إنكم قاتلي ولا بُدّ, فدعوني أذمُّ أصحابي وأنوح على نفسي, فقالوا: إنك شاعر ونخاف أن تهجونا, فعقد لهم أن لا يفعل. فأطلقوا لسانه وأمهلوه حتى قال قصيدته المشهورة الرائعة : (10)

ألا لا تَلوماني كَفى اللَومَ مـا بِـيا *****وَمـا لَكُـما في اللَـومِ خَيرٌ وَلا لِـيا
أَلَم تَعلَمـا أَنَّ المَـلامَةَ نَفعُـهـا *****قَليـل وَما لَـومي أَخي مِن شمـالِـيا
فَيـا راكِباً إِمّـا عَرَضتَ فَبَلَّغَـن***** نَدامـايَ مِـن نَجـرانَ أَن لا تَـلاقِيا
أَبا كَـرِبٍ و َالأَيهَمَينِ كِلَيـهِـما***** وَقَيساً بِأَعـلى حَضرَ مَـوتَ اليَمـانِيا
جَزى اللَهُ قَومي بِالكُـلابِ مَلامَةً*****صَـريحَهُـم وَ الآخَـريـنَ المـَوالِيـا
وَلَو شِئتُ نَجَّتني مِنَ القَوْمِ نَهـدَةٌ *****تَرى خَلفَـهـا الحُـوَّ الجِيـادَ تَوالِيا
وَلَكِنّني أَحمي ذِمــارَ أَبيـكُـمُ***** وَكـانَ الرِمـاحُ يَختَطِفـنَ المُحـامِيا
وَتَضحَـكُ مِنّي شَيـخَةٌ عَبشَمِيَّةٌ*****كَـأَن لَـم تَـرى قَبـلي أَسيراً يَمـانِيا
وَقَد عَلِمَـت عَرسي مُلَيكـَةُ أَنَّني*****أنـا اللَيـثُ مَـعـدُوّاً عَلَيَّ وَعادِيـا
أَقولُ وَقَد شَدّوا لِسـاني بِنِسـعَةٍ*****أَمَعشَـرَ تَيمٍ أَطلِقـوا عَـن لِسـانِيـا
أَمَعشَرَ تَيمٍ قَد مَلَكتُم فَأَسجِحـوا*****فَـإِنَّ أَخـاكُم لَم يَكُـن مِن بَوائِـيا(11)
فَإِن تَقتُلـوني تَقتُـلوا بِيَ سَيِّـداً *****وَإِن تُطلِقـوني تَحرُبـوني بِمـالِـيا
وَكُنتُ إِذا ما الخَيلُ شَمَّصَها القَنـا*****لبيقٌ بِتَصـريفِ القَنـاة بنَـانِـيـا
أَحَقّاً عِبـادَ اللَهِ أَن لَستُ سـامِعاً*****نَشيـدَ الرُعـاءِ المُعـزِبينَ المَتـالِيا
وَقَد كُنتُ نَحّارَ الجَزورِ وَمُعمِلَ الـ *****ـمطيَّ وأمضي حيث لاحيَّ ماضيا
وَأَنحَرُ لِلشَـربِ الكِـرامِ مِطِيـَّتي *****وَأَصـدَعُ بَينَ القَينَـتَينِ رِدائِـيـا
وَعادِيَةٍ سَومَ الجَـرادِ وَزَعتُـهـا *****بِكَفّي وَقَـد أَنحَـوا إِلَيَّ العَـوالِـيا
كَأَنِّيَ لَم أَركَـب جَواداً وَلَم أَقُل *****لِخَيلِيَ كُـرّي نَفِّسي عَـن رِجالـِيا
وَلَم أَسبَإِ الزِقَّ الرَوِيَّ وَلَـم أَقُل *****لِأَيسارِ صِـدقٍ أَعظِمـوا ضَوءَ نارِيا

-----------------------------------------------------------


(1) ابن قتيبة, الشعر والشعراء (1/ 386), وفي الأوئل لأبي هلال العسكري ص:14 ببعض الإختلاف في صدر البيت الثاني, ونسبها المفضل الضبي في المفضليات للممزق العبدي ص : 144
(2) بنات الدهر : حوادثه ومصائبه.
(3) مخراق : منديل أو ثوب يُلف ثم يُضرب به.
(4) الأطباق : فِقار الظهر.
(5) ديوان امرىء القيس ص:128
(6) ديوان امرىء القيس ص:29
(7) عبد المعين الملوحي, الشعراء الذين رثوا أنفسهم قبل الموت ص:27.
(8) ذكرتُ هذه القصة على سبيل الإيجاز ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى العقد الفريد(6/ 71-75).
(9) النسعة : سير عريض تُشد به الحقائب والرحال.
(10) العقد الفريد لابن عبد ربه(6/ 74-75),وفي المفضليات 67-68,وفي ذيل الأمالي لأبي علي القالي ص:115 ببعض الإختلاف.
(11) أسجحوا: ارفقوا


*************************************************

نماذج من الأبيات في رثاء النفس في عصر صدر الإسلام :

- زيد الخيل يرثي نفسه قبل موته :

لمَّا وفد زيد الخيل الطائي على الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه,وسماه النبي صلى الله عليه وسلم (زيد الخير) أراد أن يرجع إلى دياره, وهو في طريقه عائدًا أصابته حمى واشتدت به, فخرج وقال لأصحابه الذين معه جنبوني بلاد قيس فقد كانت بيننا حماسات في الجاهلية ولا والله لا أُقاتل مسلمًا حتى ألقى الله, فنزل بماءٍ لحي من طيء يُقال له (فردة), واشتدت به الحمى فأنشأ يقول : (1)

أمرتحلٌ صحبي المشـارق غُـدوةً*****وأُتركُ في بيتٍ بفــردة منجـدِ
سقى الله مابين القفيـل وطـابةً*****فمَا دُونَ أرمام فما فــوق منشدِ
هنالكَ لو أنِّي مَرِضـتُ لعَادَنِي*****عوائـد من لم يشفِ مِنهُـنَّ مجهـدِ
فليت اللواتي عُدنني لم يعـدنني*****وليت اللـواتي غِبْنَ عني عُــوَّدي

ثم مات ودفن في مكانه.
-----------------------------------------------------


- لبيد بن ربيعة يرثي نفسه :

عندما حضرت لبيدَ الوفاةُ, وكانت عنده ابنتاه, قال يخاطبهما : (2)

تمنَّى ابنتـايَ أنْ يعيشَ أبوهُمَا*****وهـل أنا إلا مِن ربيعةَ أو مُضَرْ
ونائحتانَ تندبـانَ بِعَـــاقلٍ*****أخا ثقةٍ لا عينَ منـهُ وَلا أَثَـرْ
وفي ابنَيْ نزارٍ أُسوةٌ إنْ جَزِعْتُمَا*****وإنْ تسألاهم تُخبرا فيهم الخَبَـرْ
وفيمنْ سواهم مِن مُلوكٍ وسوقةٍ*****دعائم عرشٍ خانهُ الدهر فانْقَـعَرْ
فقُومَا فَقُولا بالذي قد عَلِمْتُمَـا*****و لا تَخْمِشَا وَجْهًا ولا تَحْلِقَا شَعَرْ
وقُولا هوَ المرءُ الَّذي لا خَليلـهُ*****أضَاعَ ولا خَانَ الصَّدِيقَ ولا غَـدَرْ
إلى الحولِ ثم اسمُ السَّلامِ عَليكُمَا*****ومَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فقدْ اِعْتَـذَرْ

ثم مات ودُفن.
-----------------------------------------------------


- خُبيب بن عدي -رضي الله عنه- يرثي نفسه :

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سريَّةً مُكوَّنةً من عشرة رجال ليُراقبوا تحركات كفار قريش وذلك بعد غزوة بدر, وجعل أمير السرية عاصم بن ثابت-رضي الله عنه- ومن رجال السرية خُبيب بن عدي-رضي الله عنه- ولما بلغوا مكانًا بين عسفان ومكة نما خبرهم إلى جماعة من هُذيل, فسارعوا إليهم بمائة من أمهر الرماة, وحينما أحسَّ أميرهم عاصم بهُذيل, دعا أصحابه إلى صعود قمة عالية على رأس جبل, واقترب الرماة منهم وأحاطوا بهم, ودعوهم لتسليم أنفسهم بعد أن أعطوهم موثقًا أن لا ينالهم منهم سوء, فأبى أميرهم عاصم وقال ( أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر اللهم أخبر عنا رسولك) وشرع الرماة يرمونهم بالنبال, فأُصيب عاصم واستُشهد, وأصيب معه سبعة واستُشهدوا, ونادوا الباقين أن لهم العهد إذا نزلوا, فنزل الثلاثة, واقترب الرماة من خُبيب وصاحبه ( زيد بن الدثنة) فربطوهما, ورأى صاحبهم الثالث بداية الغدر فقرر أن يموت حيث مات عاصم فقُتل, فقادوهما إلى مكة وباعوهما وتذكر بنو الحارث بن عامر- الذي قتله خُبيب في معركة بدر- ثأرهم فسارعوا إلى شرائه, وتواصى كفار مكة من أهالي بدر عليه ليشفوا أحقادهم منه, فراحوا يساومونه على دينه, ويُلوِّحون له بالنجاة إن هو كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ولما يئسوا منه قادوه إلى مصيره, واستأذنهم أن يصلي ركعتين, فأذنوا له, ثم فتح ذراعيه إلى السماء وقال: (( اللهم احصهم عددا واقتلهم بددًا )), ثم أنشأ يقول : (3)

لقدْ جَمَّعَ الأحزابُ حَولي وألَّبُوا*****قَبائِلهُـم واستَجْمَعُوا كَلَّ مَجْمَعِ
وقد قرَّبُوا أبنَـاءَهم ونساءَهُم*****وقُرِّبتُ مِنْ جذعٍ طويلِ مُمَنَّــعِ
وكلُّهم يُبدي العداوةَ جَاهِـدًا*****علـيَّ لأنِّـي في وثاقٍ بمضيــعِ
إلى اللهِ أشكو غُربتي بعدَ كُربتي*****ومَا جمَّعَ الأحـزابُ عندَ مَصـرعي
وذلكَ في شأنِ الإلهِ وإنْ يَشَـأْ*****يُبـارك على أوصـالِ شلوٍ مُمَزَّعِ
وقد خيَّروني الكفرَ والموتَ دونَهُ*****وقد هَملتْ عيْنَاي في غيرِ مَجْزَعِ
ومابِي حذاري الموتَ إنـي لميتٍ*****ولكن حذاري جُحْمَ نـارٍ مُلفَّعِ
فلستُ بِمُبْـدٍ للعدو تَخَشُّعًـا*****ولا جَــزَعًا إنِّي إلى اللهِ مَرْجِعـي
ولستُ أُبالي حينَ أُقتـلُ مُسلمًا*****على أي جنبٍ كانَ في اللهِ مَصرعي

فقُتل رضي الله عنه وأرضاه.
-----------------------------------------------------


- عبدة الطيب يرثي نفسه :

هو شاعر مخضرم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام وأسلم وجاهد مع النعمان بن مقرَّن -رضي الله عنه- الفرس والمدائن (4), وقد بكى نفسه بأبيات بعدما طال مرضه وأيقن بالموت فقال : (5)

ولقد علمتُ بأنَّ قصري حٌفرةً*****غبراءُ يحملُني إليها شَرْجَعُ (6)
فبكَّى بناتي شَجْـوَهُنَّ وزوجتي*****والأقــربونَ إليَّ ثم تصدَّعُوا
وتُرِكْتُ في غبراءَ يُكْرَهُ وِرْدُهَا*****تَسْفِي عليَّ الريـحُ حِين أُودَّعُ
فإذا مضيتُ إلى سبيلي فابعثُوا*****رجلًا له قلبٌ حديدٌ أصْمَــعُ
إنَّ الحوادثَ يَخْتَـرِمْنَ وإنمـا*****عُمْرُ الفَتى في أهلهِ مُسْتَـودَعُ
-----------------------------------------------------


- شاعر آخر يرثي نفسه :

ذكر الواقدي أن ضرار الأزور -رضي الله عنه- أُسر في معركة اليمامة أسرته الروم, وقال شعرًا يرثي به نفسه(7), والظاهر-والله أعلم-أنه ليس ضرار الأزور فقد ذكر أهل العلم(8) أنه جُرح يوم اليمامة واستشهد وقيل أنه عوفي من جروحه, واشترك في معركة اليرموك وكان ممن بايع عكرمة بن أبي جهل-رضي الله عنه- على الموت, وكانوا أربعمائة فاستشهد وهو يفتك بالروم, ولم يذكروا أنه أُسر, وليس هذا محل بحث في هذا الموضوع, ولكن أردنا أن نبيِّن للقارىء أن قائل هذه الأبيات ليس ضرار بن الأزور وإنما قد يكون رجلًا من المسلمين اسمه ضرار أو ربما نُسبت له.
فقد قال وهو في الأسر يبكي نفسه, وقد انقطع أمله في الحياة وشارف على الموت, يبعث هذه الأبيات كرسالة إلى أهله وذويه : (9)


حَمائِمُ نَجْدٍ بلِّغي قولَ شَائِــقٍ*****إلى عسكرِ الإسلامِ والسادةِ الغُرِّ
وقولي ضرارٌ في القيودِ مُكبَّــلٌ*****بعيدٌ عنِ الأوطانِ في بَلدٍ وَعْـرِ
حمائمُ نَجدٍ اسمعي قولَ مُفْــرَدٍ*****غَريبٍ كئيبٍ وهـو في ذِلَّةِ الأَسْرِ
وإنْ سألتْ عنِّي الأحبةُ خبِّـري*****بأنَّ دُمُوعي كالسحابِ وكَالقَطْـرِ
وقـولي لهم إنِّي أسيرٌ مُقَيَّــدٌ*****لهُ عِلَّةٌ بينَ الجَوانحِ والصَـــدْرِ
وفي خـدِّهِ خَالٌ مَحَتْـهُ مَدَامعٌ*****على فَقْدِ أوطـانٍ وكَسرٍ بلا جَبْـرِ
مضَى سَائرًا يبغي الجهادَ تَطَوُّعًا*****فوافاهُ أبناءُ اللئــامِ عَلى غَــدْرِ
ألا فَادْفِنَـاني باركَ اللهُ فِيكُمَـا*****ألا واكْتُبَـا هذا الغريب على قَبري
--------------------------------------------------------


و في جزيرة مالطا في الأماكن الأثرية من الحضارة الإسلامية في المقبرة قبر مكتوب عليه : هذا قبر الأميرة ميمونة بنت سعيد بن حسان الهذلية وأوصت أن تكتب هذه الأبيات على قبرها :

أنظر بعينيك هل في الأرْضِ مِنْ بَاقِي**** أودافِعِ الموت أوْ للموتِ من راقِي
الموت أخـرجني قسـرا فيا أسفي **** لم ينجني منه أبـوابي وأغـلاقي
وصرت رهنا لما قدمت من عمـل **** محصا علي ومـا خلفـته باقي
ياناظر القبر إني قـد بليت بــه **** والقبر غيـر أجفاني وأَحْـدَاقِي


رحمها الله وسائر المسلمين آمين
--------------------------------------------------------

(1) الأغاني للأصفهاني (16/ 44-50). وانظر السيرة النبوية لابن هشام (2/ 350-351) والبداية والنهاية لابن كثير (2/ 48-49).
(2) ديوان لبيد بن ربيعة 73-74
(3) أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير (2/ 148-150), والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (5/ 267-268) باختلاف,
والخبر رواه الإمام أحمد في المسند (15/ 230) وصحح إسناده أحمد شاكر رحمه الله.
(4) ذكر محققا المفضليات ( أحمد شاكر وعبد السلام هارون) ترجمة عبدة الطيب في الحاشية نقلًا عن تاريخ الطبري (4/ 43, 115)
(5) المفضليات للمفضل الضبي 148.
(6) شرجع : خشب يشد بعضه إلى بعض كالسرير يحمل عليه الموتى.
(7)فتوح الشام للواقدي (2/ 232).
(8)ذكر ذلك ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 53), وابن كثير في البداية والنهاية (7/7-8), وابن حجر في الإصابة (3/ 391-392).
(9)فتوح الشام للواقدي (1/ 190).


************************************************

نماذج أخرى متفرقة من رثاء النفس :

من أشهر ما عرف من القصائد في رثاء النفس رائعة "مالك بن الريب التميمي الشاعر الأموي " التي قالها عندما شعر بقرب أجله في " مرو" بعيدًا عن وطنه وأهله وعشيرته :


ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بجنب الغضا , أزجي القلاص النواجيا

فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه ** **وليت الغضا ماشى الركاب لياليا

لقد كان في أهل الغضا لو دنا الغضا *** مزار ولكن الغضا ليس دانيا

ألم ترني بعت الضلالة بالهدى* ** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا

دعاني الهوى من أهل ودي وصحبتي *** بذي الطبَسَين , فالتفت ورائيا

أجبت الهوى لما دعاني بزفرة ** *** تقنـّـعت منها أن أُلام ردائيا

لعمري لئن غالت خراسان هامتي ** * لقد كنت عن بابي خراسان نائيا

فلله درّي يوم أترك طائعا ** ** بنيّ بأعلي الرقمتيـن ومــاليـــا

ودرّ الظباء السانحات عشية ** ** يخبّرن أني هالك من ورائيا

ودر كبيري اللذين كلاهمـــا ** ** عليّ شفيق , ناصح قد نهانيا

ودر الهوى من حيث يدعو صحابه **** ودر لجاجاتي , ودر انتهائيا

تذكرت من يبكي علي فلم أجد **** سوى السيف والرمح الرديني باكيا

وأشقر خنذيذ يجر عنانه **** إلى الماء لم يترك له الدهــــر ساقيا

ولكن بأطراف السمينــة نسوة **** عزيز عليهن , العشية , مابيا

صريع على أيدي الرجال بقفرة **** يسوون قبري , حيث حم قضائيا

لما تراء ت عند مرو منيتي **** وحل بها جسمي , وحانت وفـــاتيا

أقول لأصحابي ارفعوني لأنني **** يقـرّ بعيني أن سهيل بدا ليـــــا

فياصاحبي رحلي دنا الموت فانزلا **** برابيةٍ إني مقيم ليـالـيـــا

أقيما عليّ اليوم أو بعـــض ليلـــة **** ولاتعجلاني قد تبيــن مابيــا

وقوما إذا مااستُــلّ روحي , فهيّــئا **** لي القبـــر والأكفان , ثم ابكيا ليا

ولا تحسداني بارك الله فيكما **** من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا

خذاني فجراني ببردي إليكما **** فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا

وقد كنت عطـّافا إذا الخيل أقبلت **** سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيا

وقد كنت محمودا لدى الزاد والقرى **** وعن شتم إبن العم والجار وانيا

وقد كنت صبّـارا على القرن في الوغى **** ثقيلا على الأعداء عضبا لسانيا

وطورا تراني في رحى مستديرة **** تخـرّق أطراف الرماح ثيــــابيــا

وقوما على بئر الشبيك , فأسمعـــا **** بها الوحش والبيض الحسان الروانيا

بأنكما خلفتماني بقـــفــرة **** تهيـــل علي الريــــح فيها السوافيــا

ولاتنسيا عهدي خليليّ إنني **** تقطــــع أوصالي , وتبلى عظـاميا

فلن يعدم الولدان بيتــا يُجِـنني **** ولن يعدم الميراث مني المواليـــا

يقولون : لاتبعد وهم يدفنونني **** وأين مكان البعد إلا مكانيـــــــــا

غداة غــد , يالهف نفسي على غد **** إذا أدلجـــوا عني وخلّــفت ثاويا

وأصبح مالي , من طريف وتالد **** لغيري وكان المال بالأمس ماليـا

فياليت شعري , هل تغيرت الرحى **** رحى الحرب , أو أضحت بفلج كما هيا

إذا القوم حلوها جميعا , وأنزلوا **** لهـا بقراً حـمّ العيون سـواجـــيــــا

وعين وقد كان الظلام يجنـهــــا **** يسفن الخزامى نورها والأقاحيا

وهل ترك العيس المراقيل بالضحى **** تعاليها تعلو المتون القياقيا

إذا عصب الركبان بين عنيزة ** وبولان , عاجوا المنقيات المهاريا

وياليت شعري هل بكت أم مالك **** كما كنت لو عالوا نعيــّـك باكيـا

إذا مت فاعتادي القبور وسلمي **** على الريم , أُسـقـيـت الغمام الغواديا

تريْ جدثـا قد جرت الريح فوقه **** غبارا كلون القسطلانيّ هـابـيا

رهينة أحجار وتـُرب تضمنت **** قراراتها مني العظام البواليــا

فيا راكبا إما عرضت فبلّـغن **** بني مالك و الريب أن لاتلاقيـــا

وبلغ أخي عمران بردي ومئزري **** وبلغ عجوزي اليوم أن لاتدانيا

وسلم على شيخيّ مني كليهما ** وبلغ كثيرا وابن عمي وخـالــيــا

وعطـّــل قلوصي في الركاب فإنها **** ستبرد أكبادا وتبكي بواكـيــا

أقلب طرفي فوق رحلي فلا أرى **** به من عيون المؤنسات مراعيــا

وبالرمل مني نسوة لو شهدنني **** بكين وفدّيــن الطبيب المداويـــا

فمنهن أمي , وابنتاها , وخالتي **** وباكية أخرى تهيج البوكيــــا

وما كان عهد الرمل مني وأهله **** ذميما , ولابالرمــل ودعت قاليا


وتعد هذه القصيدة من فرائد الشعر العربي بما تحقق فيها من قوة العاطفة وثباتها وأصالتها ، وصدق الشاعر في التعبير عن هذا الموقف الأليم الذي يجد الإنسان نفسه مقدمًا على أمر عصيب ، لا محيد عنه ، ولا ملجأ من الله إلا إليه .
وفي ديوان الشعر العربي كثير من النماذج الجيدة التي صدرت من الشعراء تحت دافع أصيل لذا جاءت في الذروة من السمو الفني ، يقف القارئ على بعض هذه النماذج في دواوين بعض الشعراء ، وفي كتاب الحماسة البصرية ، حيث خصص مصنف هذا الكتاب بابًا تحت عنوان :" نُبَذٌ مِن قَوْلِ مَنْ رَثَى نَفْسَه حَياًّ " ، وبدأه بقصيدة مالك بن الرِّيْب " ، وأورد إثرها بعض النماذج الأخرى الجيدة " لعبدة بن الطبيب "، و " ابن أحمر الباهلي "، و " لبيد بن ربيعة "، و" أراكة بن عبد الله الثقفي "، و " هدبة بن الخشرم "، و " أبي الطمحان القيني "، فكان مما أورده من فاخر الشعر وحر المعاني قول " أبي الطَّمَحان القيْنِيّ" :


ألا عَلِّلانِي قَبْل نَوْحِ النَّوائِحِ ****** وقَبْلَ ارْتِقاءِ النَّفْسِ بَيْنَ الجَوانِحِ
وَقَبْلَ غَدٍ، يا لَهْفَ نَفْسِي على غَدٍ ****** إذا راحَ أَصْحابِي ولَسْتُ بِرائِحِ
إذا راحَ أَصْحابِي تَفِيضُ عُيُونُهُمْ ****** وغُودِرْتُ في لَحْدٍ عليَّ صَفائِحِي
يقولُون هل أَصْلَحْتُمُ لأَخِيكُمْ **** وما القَبْرُ في الأَرضِ الفَضاءِ بِصالحِ


وقول لَبِيد بن رَبِيعة العامِرِيّ :

تَمَنَّى ابْنَتايّ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُما **** وهَلْ أَنا إلاَّ مِن رَبِيعَة أو مُضَرْ
فإنْ حانَ يومٌ أَنْ يَمُوتَ أَبُوكُما **** فلا تَخْمِشا وَجْهاً ولا تَحْلِقا شَعَرْ
وقُولا: هو المَرْءُ الذي لا خَلِيلَهُ **** أضاعَ، ولا خانَ الصَّدِيقَ ولا غَدَرْ
إلى الحَوْلِ، ثُم اسْمُ السَّلامِ عَلَيْكُما **** ومَنْ يَبْكِ حَوْلاً كامِلاً فَقَد اعْتَذَرْ


وقول " عَبْدَةَ بن الطَّبِيب ":

أَبَنِيَّ إِنِّي قد كَبِرْتُ ورابَنِي *** بَصَرِي وفيَّ لِمُصْلِحٍ مُسْتَمْتَعُ
فلَئِنْ هَلَكْتُ فقَدْ بَنَيْتُ مَساعِياً **** يَبْقَى لَكُمْ مِنْها مَآثِرُ أَرْبَعُ
ذِكْرٌ إذا ذُكِرَ الكِرامُ يَزِيُنكُمْ **** ووِراثَةُ الحَسَبِ المُقَدَّمِ تَنْفَعُ
ومَقامُ أَيّامٍ لَهُنَّ فَضِيلَةٌ **** عِنْدَ الحَفِيظَةِ والمَجامِعُ تُجْمَعُ
ولُهىً مِن الكَسْبِ الذي يُغنِكُمُ **** يَوْماً إذا احْتَضَرَ النُّفُوسَ المَطْمَعُ
ونَصِيحَةٌ في الصَّدِر ثابِتَةٌ لكُمْ **** ما دُمْتُ أُبْصِرُ في الحَياةِ وأَسْمَعُ
أُوصِيكُمُ بِتُقَى الإِله فإِنَّهُ **** يُعْطِي الرَّغائِبَ مَنْ يَشاءُ ويَمْنَعُ
وبِبرِّ والِدِكُمْ وطاعَةِ أَمْرِهِ **** إنَّ الأَبَرَّ مِن البَنِينَ الأَطْوَعُ
إن الكَبِيرَ إذا عَصاه أَهْلُهُ **** ضاقَتْ يَداهُ بأَمْرِهِ ما يَصْنَعُ
ودَعُوا الضَّغِينَةَ لا تكُنْ مِنْ شَأْنِكُمْ **** إنَّ الضَّغائِنَ لِلقَرابَةِ تَقْطَعُ
واعْصُوا الذي يُزْجِي الضَّغائِنَ بَيْنَكُمْ **** متَنَصِّحاً، ذاكَ السِّمامُ المُنْقَعُ
يُزْجِي عَقارِبَهُ ليَبْعَثَ بَيْنَكُمْ **** حرْباً، كما بَعَثَ العُرُوقَ الأَخْدَعُ
ولقَدْ عِلمْتُ بأَنَّ قَصْرِي حُفْرَةٌ **** غَبْراءُ يَحْمِلُنِي إليها شَرْجَعُ
إنّ الحَوادِثَ يَخْتَرِمْنَ، وإنَّما **** عُمْرُ الفَتَى في أَهْلِهِ مُسْتَوْدَعُ
يَسْعَى ويَجْمَعُ جاهِداً مُسْتَهْتِراً **** جِدًّا، ولَيْسَ بآكِل ما يَجْمَعُ


إن قصيدة " مالك بن الريب " وأمثالها لهي نماذج طيبة ، حقيقة بالبحث جديرة بالتأمل والنظر لما تضم بين أعطافها من مواقف دامعة وعبر وعظات حانية ، من شأنها أن تغير وجهات نظر كثير من البشر في زينة هذه الحياة الدنيا .
ولم يقتصر الشعراء في هذا الغرض الشعري على رثاء النفس جملة واحدة ، وإنما انخرط بعضهم في العويل والانتحاب على ذهاب عضو من أعضاء أجسادهم ، أو حلول المرض به أو بالجسد كله مما حدا بكثير من الشعراء إلى رفع العقيرة بالشكوى والجأر بالألم ، فممن بكى ذهاب نور بصره ، وضياء عينه إثر سهم أصابها "عمرو بن أحمر الباهلي ت 75هـ" عندما قال (ديوانه 2/ 65) :


ضُمّا وسادي فإنَّ الليلَ قد برَدا **** وانّ مَنْ كان يرجو النومَ قد هَجَدا
فما على الجانب الوحشي مرتفَقٌ **** ولا على الظّهر ما لم تجعلا سَنَدا
شُلَّت أَنامِلُ مَخشِيَّ فَلا اجتبرَت **** وَلا اِستَعانَ بِضاحي كَفِّهِ أَبَدا
أصارني سَهمُهُ أَعشى وَغادَرَهُ **** سَهمُ اِبنِ عيساء يَشكو النحر وَالكَبِدا
أَهوى لَها مِشقَصاً حَشراً فَشَبرَقَها **** وَكُنتُ أَدعو قَذاها الإِثمِدَ القَرِدا
أَعشو بِعَينٍ وَأُخرى قَد أَضَرَّ بِها **** رَيبُ الزَمانِ فَأَمسى ضَوؤُها خَمَدا


على أن المعول عليه في هذا النطاق هو رثاء النفس وقت الشعور بقرب الأجل ، والارتعاد من دنو الموت ، والخوف من المصير الواقع الذي لا مرد له ، أضف إلى ذلك تكالب الحسرة ، وتضاعف الآلام الجسدية ، والهزال ، وعدم القدرة على النهوض ، وغير ذلك مما يجعل الإنسان وكأنه جثة هامدة بيد أنه في عداد الأحياء ، وقد صور ذلك " تاج الدين ، أبو اليمن الكندي ت 613هـ" تصويرًا جيدًا في شعر مفعم بالأحزان ، ينساب على هذه الشاكلة :

1- أنْحَلْتَ جِسْمي السِّنُون إلى أن **** صِرتُ أخْفَى مِن نُقْطَةٍ في كتاب
2- عَرَّقَتْ أَعْظُمِي فليس عليها **** بين جِلْدِي وبينها منْ حِجابِ
3- من رآني يقولُ هذا قناةٌ ***** كُسرتْ ثم جُمِّعَتْ في جرابِ
4- لستُ أبكي تحتَ التُّرابِ دَفيـ ***** ـناً بعدَ ما قد بَلِيْتُ فوق الــترابِ
5- يَتَناسَى الجَهُولُ غائِلَةَ الشَّيْـ ***** ـبِ زمانَ اغتراره بالشبابِ








 


رد مع اقتباس