منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التصادم البحري في القانون الدولي و المسؤولية المترتبة عنه
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-02-27, 19:36   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
abbes8
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية abbes8
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


المبحث الثاني :الخطأ في التصادم البحري:

-التصادمات بسبب الخطأ هي الغالبة ، و تؤكد كافة التحقيقات في الحوادث البحرية بصفة عامة و التصادم البحري بصفة خاصة أن للعامل البشري الدور الأكبر في وقوع هذه الحوادث (1)فقد ترجع إلى خطأ المجهز كما لو سمح لسفينته بالإبحار و هي غير صالحة لذلك ، أو إلى خطأ الربان أو إلى خطا أفراد الطاقم، أو المرشد ، سواء كان ذلك يرجع إلى الإهمال في تنفيذ قواعد منع التصادم أو عدم فهم الضباط لهذه القواعد أو اللامبالاة و عدم الإكتراث أثناء تنفيذ متطلبات قواعد منع التصادم كما أن الاعتماد بدرجة كبيرة على الأجهزة الملاحية فقط وخاصة الراداريعد من أهم أسباب حوادث التصادم ،هذا بالإضافة إلى عامل الإجهاد النفسي و الذهني و نقص اللياقة الطبية و الذهنية للضابط البحري.

و معاهدة بروكسل لسنة 1910 استعملت تعبير خطأ السفينة و هذا التعبير أخذت به كل الشريعات البحرية العربية فالأخطاء لا يمكن أن ترتكب إلا بواسطة أشخاص ،ويبرر هذا المصطلح أن مرتكب الخطأ لا يمكن معرفته دائما و إنما يعرف بأنه احد أفراد الطاقم فلا توجد قرينة ضد سفينة ما وقد قامت محكمة –نانت- في حكم لها صدر في 26/10/1963 انه لا توجد قرينة ضد السفينة التي لم تقم بإضاءة أنوارها و إنما هناك خطأ ثابت ضد طاقم هذه السفينة(2).

المطلب الأول : صور الخطأ في التصادم البحري:

الفرع الأول: الأخطاء الناشئة عن مخالفة قواعد تجنب التصادم البحري:

تنقسم القواعد الدولية لمنع التصادم إلى 38 قاعدة علاوة على 04 ملاحق إضافية و تغطي هذه القواعد بصفة عامة قواعد السير في أي حالة من حالات الرؤية و سلوك السفن عندما تكون على مرئ من بعضها البعض ، و كذلك تصرف السفن في حالة الرؤية المحدودة ، و كذا الأنوار و الأشكال المختلفة التي يجب أن ترفعها السفن ، و أخيرا الإشارات الضوئية الواجب إصدارها في مختلف الظروف.

و طبقا لنص المادة 1من قواعد منع التصادم لسنة 1973 فإن هذه القواعد تطبق علىجميع السفن في أعالي البحار و في جميع المياه المتصلة بها الصالحة لملاحة السفن البحرية ، و المادة3 /أمن قواعد منع التصادم تعرف السفينة بأنها تشمل كل أنواع الوحدات العائمة بما في ذلك الوحدات التي ليس لهاإزاحة و الطائرات المائية التي تستخدم أو تصلح للاستخدام كوسيلة للنقل المائي.

فقواعد منع التصادم لها الصفة الإلزامية ، و لكن هذا لا يؤدي إلى التطبيق الحرفي للقاعدة عندما تواجه السفينة ظروف خاصة تجعلها غير قادرة على الالتزام بالتطبيق الفعلي لقواعد منع التصادم و لكن هناك شروط تتمثل في :

1 توفر ضرورة قصوى لعدم الالتزام.

2 أن يتم اتخاذ هذا الإجراء لتفادي خطر حال و محدق.

3 أن يكون التصرف الذي أتخذ معقول طبقا للظروف السائدة.
الأخطاء الناشئة عن مخالفة قواعد السير و المناورات:
لقد تضمنت القاعدة 6 مقدمة قالت فيها" يجب على كل سفينة السير بسرعة آمنة في جميع الأوقات بحيث يمكنها إتخاذ الإجراء المناسب و الفعال لتفادي التصادم و حتى يمكن إيقافها خلال مسافة تتلاءم مع الظروف و الأحوال السائدة"




فلا يوجد عذر على الإطلاق يجعل السفينة تبحر خلال الضباب بسرعة عالية بحجة الوصول طبقا للوقت المحدد في مخطط الرحلة ، و في حادث التصادم بين كل من السفينتين CAPOLLO ضد SANSHINSVECTORYيوم 21 يوليو سنة 1978 أثبتت التحقيقات أن كلا من السفينتين أخفقت في إتباع قواعد منع التصادم كالأتي : لم تبحر أي من السفينتين بسرعة آمنة حسب ما نصت عليه القاعدة6 و التي من أهم أهدافها تمكين السفينة من الوقوف في الوقت المناسب على مسافة مناسبة و قد حكمت محكمة الادميرالية بلندن بنسبة خطأ السفينةCAPOLLO 55 بالمائة و السفينةSANSHINSVECTORY ب 45 بالمائة.

فتجاوز السرعة في السير لا يعد خطأ إلا إذا كان هو السبب المباشر للتصادم ، و كذلك فان الإبحار بسرعة بطيئة يولد المسؤولية عن حدوث التصادم ، و كذلك الإستخدام السيئ للرادار على ظهر السفينة يؤدي إلى التصادم و يزيد من مسؤولية ربابنة السفن.

و تعتبر المراقبة الجيدة من أهم عناصر قواعد السير و المناورات ، و تعني المراقبة تتبع ومعرفة الأحداث و التصرفات التي تقع في منطقة الإبحار ، و تشمل المراقبة السمعية و البصرية و كذلك التفسير الواعي و الذكي للمعلومات المستخرجة على شاشات مختلف الأنظمة الملاحية ، و يجب أن يكون الشخص القائم بالمراقبة مؤهلا لذلك و له خبرة مناسبة وسنا مناسبا

و أنه في حادث السفينة"THE BRITISH CONFIDENCE" أثار القاضي إلى خطورة التحدث في غرفة القيادة بطريقة تؤثر بالسلب على الشخص المنوط به القيام بالمراقبة

من صور الخطأ أيضا هو الطريق الواجب إتباعهبحيث تنص الفقرة 1 من القاعدة رقم 14 من قواعد منع التصادم لسنة 1982 على انه" عندما تتقابل سفينتان مسيرتان آليا على خطوط سير عكسية أو عكسية تقريبا بحيث ينجم عن ذلك خطر التصادم يجب على كل منهما أن تغير خط سيرها إلى اليمين ،بحيث تمر كل منهما على الجانب الأيسر للسفينة الأخرى "، كما نصت القاعدة رقم 15 من القواعد ذاتها على أنه " عندما يتقاطع خط سير سفينتين آليتين لدرجة تعرضهما لخطر التصادم ، يجب على السفينة التي تكون الأخرى على جانبها الأيمن أن تخلي الطريق و عليها إذا سمحت ظروف الحال أن تتجنب قطع خط سير السفينة الأخرى".

و قاعدة السير على اليمين لها تطبيقات كثيرة في العمل ، و هي تنطبق كثيرا على سفن الصيد و على التصادمات التي تقع في الموانئ على الأقل إذا لم تكن هناك أية قاعدة محلية تغايرها.



و تكون السفن متقابلة عندما ترى إحدى السفينتين الأخرى على خط واحد مع ساريتها ،و عندما ترى ليلا النورين الأخضر و الأحمر في نفس الوقت.

اما إذا كانت السفينتين تسير في طرق متوازية فإن قاعدة السير على اليمين لا تطبق ،إذ أنه لوحافظت كل سفينة على خط سيرها فإنها تستمر بعيدة عن الأخرى.

وعند مرور السفن في القنوات الضيقة فإن القاعدة رقم 9 فقرة أ منها نصت على أنه "يجب على كل سفينة تسير في قناة أو نهر ملاحي ضيق أن تسير بالقرب من الحد الخارجي للقناة أو الممر الملاحي الذي يقع على جانبها الأيمن كلما كان ذلك مأمونا و عمليا".

كما نصت القاعدة رقم 10 على أنظمة فصل المرور و الغرض منها هو تنظيم عمليات مرور السفن في المناطق المزدحمة بالسفن و كذا مناطق الإقتراب من الموانئ و تسهيل الخروج و الدخول منها و إليها وأوضحت الإحصائيات المختلفة أن نسبة حوادث التصادم قد إنخفضت بشكل ملحوظ نتيجة لاستخدام هذا النظام.

و من بين تصرفات السفن أيضا عندما ترى بعضها البعض بالعين المجردة ، و نجد قاعدة التخطي بين السفن اللاحقة و الملحوقة ، و تعتبر سفينة لاحقة عندما تقترب من سفينة أخرى من الخلف في اتجاه أكثر من 22.5 درجة من خط الحذاء

و يقع على عاتق السفينة اللاحقة واجب إخلاء الطريق للسفينة الجاري اللحاق بها و أن لا تحاول تخطيها و توضح القاعدة34 من قانون منع التصادم الإشارات الواجبة على السفينة اللاحقة أن تصدرها عند محاولتها تخطي السفينة الملحوقة.

و يقع على عاتق السفينة التي عليها إخلاء الطريق طبقا للقاعدة 16 من قواعد منع التصادم أن تقوم بهذا الإجراء مبكرا ، و أن يكون على بعد كافي و سليم من السفينة الأخرى ، مع مراعاة الأصول البحرية السليمة ، ففي حادث السفينة THE BILLING VICTORY حيث قامت السفينة المذكورة بإجراء تغيير في خط سيرها في وقت متأخر و بدرجة غير مؤثرة مما أوقعها في التصادم وهنا يذكر القاضي WILLNERضرورة أن يكون إجراء الربان على درجة عالية من الفطنة و الكياسة ،علاوة على كونه إجراء مؤثر و فعال و أن يتم في الوقت المناسب.



كما أن السفينة التي لها حق الطريق أو المرور يجب عليها وفقا لما أشارت إليه القاعدة 17 من قواعد منع التصادم أن تحافظ على خط سيرها و سرعتها، و في نفس الوقت لها حق القيام بمناورة ما لتفادي

التصادم بشرط أن لا يكون هناك وقت كافي لقيام السفينة التي ألزمها القانون بالقيام بالمناورة ، و أن لا تسرع في المناورة بحجة تفادي التصادم ، و أن تلتزم بسرعتها و خط سيرها حتى آخر لحظة آمنة

و يكون تصرف السفن في حالة الرؤية المحدودة طبقا للقاعدة رقم 19 من قواعد منع التصادم بالتزامها الإبحار بسرعة آمنة و أن تكون ماكيناتها في وضع الاستعداد لاحتمال الاستعانة بها عند الضرورة ، و هذا عندما تكون السفن لا ترى بعضها بالعين أثناء الملاحة في منطقة محدودة الرؤية أو بالقرب من هذه المنطقة ، و قد حددت هذه القاعدة أيضا الإجراء المناسب الواجب إتخاذه في حالة إكتشاف أهداف على شاشة الرادار أثناء الإبحار، و من الأخطاء الشائعة بين السفن عدم إطلاق إشارات الضباب، وعدم وجود مراقبين بعدد كافي أثناء الرؤية الضعيفة و الإبحار بسرعة عالية أثناء الضباب ، علاوة على التفسير الخاطئ للمعلومات الظاهرة على شاشة الرادار و هذا ما حدث فعلا في التصادم بين السفينتينOSPREYو JOHNC.PAPPAS.

الأخطاء الناشئة عن مخالفة الأنوار و الأشكال المطلوب إظهارها في الظروف المختلفة :

تضمنت القواعد الدولية لمنع التصادم في البحار (1972-1983) و تعديلاتها المختلفة القواعد المتعلقة بالأنوار الواجب على السفن و الطائرات المائية إظهارها للكشف عن نوع السفينة وطولها، إتجاه إبحارها هل هي سفينة شراعية أم بمحرك ميكانيكي ،سائرة أم واقفة ، تسير منفردة أم قاطرة أم مقطورة محدودة القدرة على المناورة و هناك 12 قاعدة(من 20 الى 31) من بين 38 قاعدة عن التصادم مخصصة لهذا الجزء، و يعد خطأ مخالفة هذه القواعد كعدم الإضاءة كلية أو الإضاءة غير الكافية أو الإضاءة الخاطئة التي قد تضلل السفن الأخرى عن أبعاد السفينة أو وضعها في الطريق أو حركتها و تطبق هذه القواعد في جميع حالات الطقس (القاعدة 20/أ) وذلك من غروب الشمس إلى شروقها ، فهناك نور الصاري الأمامي و نور الصاري الخلفي و نور المؤخرة و أنوار الأجناب و أنوار القطر و هناك أقل مدى رؤية لأنوار الملاحة يجب احترامها.

كما حرص المشرع على أن ترفع السفن المتحركة الأنوار و الأشكال المختلفة للقيام بالمناورة المطلوبة إذا إستدعى الأمر ذلك ، و يتشدد القضاء في محاسبة السفن المخطئة و تطبيقا لذلك حكمت المحكمة الادميراليه الإنجليزية بالمسؤولية البحرية عن إغراق سفينة بضائع بسبب غواصة كانت تحمل أنوار كالتي تحملها صغار السفن ، و لم تتبع أحكام القواعد الدولية مما جعل سفينة البضائع تظن أنها سفينة صغيرة ، كما حكم بأن السفينة الواقفة التي تضيىء الانوار الخاصة بحالة السير تعتبر مخطئة ، كما عدت مخطئة و حدها السفينة التي تعطلت ماكيناتها و لم ترفع الضوء الخاص بذلك إذا إعتقدت السفن الأخرى أنها في حالة عادية و تابعت سيرها على هذا الأساس فوقع التصادم.

الجدير بالذكر هوأن مخالفة القواعد المتعلقة بالإشارات الضوئية يستلزم توافر علاقة السببية بين هذه المخالفة ووقوع التصادم ،فإذا كان التصادم سببه الوحيد هو أخطاء السفينة الصادمة فإن مخالفة السفينة المصدومة لقواعد الإشارات لا يرتب أية مسؤولية من ناحيتها.

أما العلامات النهارية فهي عبارة عن أشكال توضع بالنهار بهدف توضيح وضع السفينة الحقيقي المختلف عن وضعها الظاهر، مثل السفينة التي يكون بها عطل يجب أن ترفع كرات سوداء و في غياب هذه الإشارات تعتبر السفن مخطئة و يعتبرالسبب الرئيسي للتصادم .

الأخطاء الناشئة عن الإشارات الضوئية المطلوب إطلاقها في الضباب و إشارات التحذير:

تفرض قواعد منع التصادم بعض الإلتزامات على السفن لمواجهة بعض الظروف التي تعيق الملاحة ومنها : ضرورة تزويد السفن طبقا لمعايير معينة بأدوات خاصة لإطلاق إشارات بعينها حددها القانون (القواعد 32 إلى 37) لتوضيح ما إذا كانت السفينة سائرة أم متوقفة، مستقبلة على المخطاف، محدودة القدرة على المناورة تقوم بالصيد ،و نوع شباك الصيد...إلخ ، و تستخدم سواء في الرؤية المحدودة أو أثناء الرؤية الحسنة

وعندما ترى السفن بعضها البعض بالعين المجردة فإذا ارادت إحدى السفن تغيير خط سيرها جهة اليمين تقوم بإطلاق نغمة و هي عبارة عن صفرة قصيرة، أما إذا أرادت أن تغير خط سيرها إلى جهة اليسار فتقوم بإطلاق نغمتين عبارة عن صفرتين قصيرتين و هكذا، و قد تستخدم الإشارات الصوتية من أجل تخطي سفينة ما في الأمام ، كما يستخدم أيضا لتحذير السفن المجاورة إذا ما إتضح من الموقف أن هناك شك في قيام إحدى هذه السفن بالمناورة المطلوبة منها حسب متطلبات القانون.



الفرع الثاني: الأخطاء الناشئة عن إهمال أو عدم إحتياط المسؤولين عن قيادة السفينة

الخطأ في التصادم هو كل عمل إيجابي أو سلبي يصدر من المسؤولين عن السفينة سواء بالمخالفة لقواعد منع التصادم أو للقواعد و الأصول الملاحية و مبادئ الفن البحري السليم المتعارف عليها و الذي يؤدي إلى التصادم.

*/ أخطاء الربان و أفراد الطاقم :

يقع على عاتق الربان مهمة قيادة السفينة و إدارة الرحلة البحرية المقررة ( المادتان 580-581 من القانون البحري الجزائري) و يسأل الربان عن خطئه الشخصي فقط عقديا كان أو تقصيريا، فالعقد يربطه بالمالك أو المجهز و كذا إلتزاماته التي تنشأ عن وكالته عن المجهز لأن الربان يعتبر النائب القانوني للمجهز( المادة 588 من القانون البحري الجزائري).

كما يسأل الربان عن أخطائه الشخصية قبل الغيرو لا يسأل عن أخطاء البحارة لأنهم يعتبرون تابعين للمجهز لا للربان، و لا يسأل أيضا عن أعمال المسافرين و كل من يدعي خطأ الربان له أن يثبته بكافة الطرق

ولهذا الأخير أن ينفي مسؤوليته بأن يثبت أن الحادث يرجع إلى القوة القاهرة او فعل الغير أو فعل المضرور نفسه.

وتتطلب القواعد العملية و مباءئ و أصول الفن البحري السليم و التي أساسها العادات و الأعراف البحرية القديمة من الربان القيام بالعديد من الواجبات و الإلتزامات، فعليه التأكد من وجود المطبوعات البحرية المختلفة الخاصة بالرحلة و التحضير الجيد لها ، فالخرائط البحرية مثلا يجب أن تكون جاهزة و مصححة طبقا لأحدث التصحيحات.

و من أهم القضايا التي عرضت أمام المحاكم الإنجليزية حادث التصادم بين السفينتين MITRA MARIGOضد FRITZ THYSSENحيث حكم بأن تصرف الربان الخاطئ هو الذي تسبب في غرق السفينة.

كما يقع على عاتق الربان أن يتخذ الحيطة و الحذر فلا يسير بالسفينة قي إتجاهات قريبة من الساحل كما عليه أن يستخدم الرادار و عليه عموما الإلمام بكافة المعلومات الخاصة بالسفينة خاصة قدرتها للقيام بالمناورات.

وحكمت المحاكم الإنجليزية في حادث السفينة fogoبضرورة عدم إلقاء كل العبئ على الآلات والماكينات وبضرورة أن يكون للفرد الدور الأول والأهم

ويقع على ربابنة السفن الإلتزام بالقواعد التي تضعها السلطات المحلية لمناطق إستقبال السفن , وفي حالة تعارض القواعد المحلية مع القواعد الدولية تغلب الأولى على الثانية.

وعادة ماتجد المحكمة أن هناك عدة أخطاء أرتكبت من قبل أطراف التصادم مثل المراقبة غير الجيدة السرعة الزائدة ...إلخفهنا تطبق نظرية السبب المباشر



أما عن الأخطاء التي يرتكبها أفراد طاقم السفينة فقد أسفر البحث الذي أجرته إدارة سلامة النقل بالولايات المتحدة الأمريكية إلى أن الكثير من الحوادث التي يرجع سببها إلى الإرهاق هي نتيجة العمل لمدة طويلة وبصفة متصلة وفقد النوم , ولظروف العمل بالبحر وعبئ العمل وكذا الاجهاد الكبير ولطول مدة الخدمة على السفينة , وأخيرا إستهلاك الخمور والمواد المخدرة, وقد قامت الإتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار بعلاج مشكلة إرهاق الطاقم وذلك بإدخال إجراءين هما : تقرير حد أدنى للتطقيم الأمني وكذا وضع قواعد لإدارة السلامة البحرية .

*/ أخطاء المجهز:

طبقا لنص المادة 572 من القانون البحري الجزائري فإن كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بإستغلال السفينة على إسمه إما بصفته مالكا أو أي صفة أخرى تخوله الحق لإستعمال السفينة.

فإذا قام مالك السفينة بتجهيزها يعرف بالمالك المجهز, أما إذا قام بتأجيرها الى شخص أخر وجهزها هذا الأخير فيعرف حينئذ بالمستأجر المجهز.

والمجهز على هذا النحو مسؤول عن إجراء الصيانة اللازمة للسفينة وجعلها صالحة للملاحة و وتزويدها بطاقم كاف ومؤهل , و بكافة الأجهزة الملاحية التي تتطلبها القوانين واللوائح , وأي إهمال من القيام بهذه المسؤوليات تجعل المجهز مسؤولا إذا نتج عن هذا الإهمال تصادم ,ولا يمكنه التمسك بتحديد المسؤولية.

وطبقا لنص المادة 577 من القانون البحري الجزائري فإن المجهز مسؤول عن أعماله و أعمال وكلائه في البر و البحر الذين يساعدونه في إستغلال السفينة وفقا لأحكام القانون العام ما عدا حالة تحديد المسؤولية المذكورة في المواد من 93 إلى 115 من هذا القانون. فقد يكون الضرر ناشئا عن خطأ المجهز الشخصي كأن يستخدم في الملاحة سفينة غير صالحة لذلك لنقص في التجهيز او المعدات أو الخرائط البحرية أوالمطبوعات البحرية الأخرى ، او بسبب العيوب الخفية التى يجهلها المالك والتي تؤدي إلى التصادم وفي منظور القضاء الفرنسي فإن المجهز في هذه الحالة أي العيوب الخفية غير مسؤول على أساس أن السفينة الحديثة كثيرة التعقيد ويستحيل معرفة عيوبها الخفية إذا كان الضرر ناشئا عن قوة قاهرة

و في حادث السفينة MARIONرفض مجلس اللوردات حق المجهز في تحديد مسؤوليته على أساس أن التصادم الذي حدث بسبب إهماله في المحافظة على خرائط السفينة المصححة حديثا.

*/ أخطاء المرشد :

المرشد هو شخص ذو خبرة كبيرة بشؤون الملاحة الآمنة عند الدخول إلى الميناء أو الخروج منه وخلال الأنهار والقنوات الملاحية المختلفة وهو على علم ودراية بالميناء وعوائقه ومسالكه , والإرشاد قد يكون إجباريا أو اختياريا.

يلتزم المرشد بان يكرس خبرته لخدمة السفينة التي يقوم بإرشادها مع تزويد الربان بالمعلومات و الإرشادات عن مسالك الميناء وخطوط السير الواجب إتباعها عند دخول السفينة أو خروجها من منطقة الإرشاد وعليه أن يؤدي عمله بعناية وإتقان , فالسفينة تبحر تحت قيادة الربان و نصائح المرشد , ووجود هذا الأخير يحجب المسؤولية عن الربان .




ويعد المرشد أثناء تأديته لعمله على السفينة تابعا للمجهز لذلك يكون المجهز مسؤول مباشرة عن الأخطاء

التى تقع من المرشد حتى ولو كان الإرشاد إجباريا ففي حادث السفينة THE BATAVIER

والتي كانت تبحر بسرعة عالية فنتج عنها أمواج أدت إلى غرق ماعونة BORGE

محملة بالفحم وقد تمت إدانة كل من المرشد لإبحاره سرعة عالية وربان السفينة لفشله في القيام بمراقبة جيدة

وقد نصت المادة 283 من القانون البحري الجزائري على أنه تبقى المسؤولية المحددة في المواد السابقة سارية في حالة وقوع تصادم بسبب خطأ المؤشد حتى ولو كانن هذا الإرشاد إجباريا.

المطلب الثاني : إثبات الخطأ في التصادم البحري

الفرع الأول : عبئ الإثبات

يقع عبئ اثبات الخطأ على عاتق المدعي في دعوى التصادم وباستقراء نصوص القانون البحري وكذا القضاء فإنه لامحل لافتراض الخطأ في المسؤولية عن التصادم لان الحادث يقع بفعل فاعلين أو أكثر ولامجال لحماية أحدهم بافتراض خطأ الآخرين لانهم على قدم المساواة وشركاء في إحداث الضرروهذا مانصت عليه معاهدة بروكسل سنة 1910 صراحة في المادة6/2 منها على أنه : " ليست هناك قرائن قانونية عن الأخطاء فيما يتعلق بالمسؤولية عن المصادمات البحرية " وقد أخذ بذلك القانون البحري الجزائري في المادة 282.

ورغم إنتفاء القرائن القانونية في مسائل التصادم فإن بعض أحكام القضاء قد استعملت قرائن الحال والقرائن الموضوعية مثل وقوع تصادم بين سفينة متحركة وسفينة راسية فيفترض الخطأ في جانب الأولى ، أما إذا وقع التصادم بين سفينة شراعية وأخرى بخارية فإن هذه الأخيرة هي المسؤولة لأنها تقوم بالمناورة بسهولة ولكن القاضي لايمكن له الاعتماد على هاتة القرائن دون أن يقام الدليل أمامه على الخطا الذي تسبب في الحادث ، والواقع ان كافة التشريعات البحرية وخاصة تلك التي اعتنقت مبادئ معاهدة بروكسل لسنة 1910 قد تخلت عن القرائن القانونية في مجال التصادم وتطلب من المدعي إثبات خطا المدعى عليه ومن ثمة يتعين على المضرور أن يثبت ثلاثة امور هي :

أولا :وقوع خطأ من المسؤول سواء على شكل فعل أو إهمال او جهل بالالتزامات الأساسية المفروضة عليه.

ثانيا :إثبات مالحقة من ضرر.

ثالثا :إثبات علاقة السببية بين الفعل والنتيجة أي الضرر.

و الاثبات بالمعنى القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء على وجود واقعة قانونية تعد أساسا لحق مدعى به وذلك بالكيفية والطرق التي يحددها القانون .





الفرع الثاني : طـرق الإثبات

يمكن إثبات الخطأ بكافة طرق الإثبات لتعلق الأمر بوقائع مادية ، فيجوز الإثبات بشهادة الشهود وقرائن الحال التى تخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع دون رقابة عليها من المحكمة العليا كما يمكن الاثبات بواسطة مستندات السطح والتقرير البحري والاحتجاج البحري ووسائل الإثبات الأخرى.

1 دور القرائن في الاثبات

القرينة هي مايستخلصه القاضي أو المشرع من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول وهي ليست أدلة مباشرة تقوم على الإستنتاج وهي نوعين قرائن قانونية وقرائن قضائية ويترتب على إنتفاء القرائن القانونية في مادة التصادم البحري انه لم يعد هناك محل عند وقوع التصادم بين سفينة متحركة وأخرى راسية أو متوقفة إفتراض وقوع الخطأ من السفينة الأولى لأنها أقدر على القيام بالمناورات اللازمة لتفادي وقوع التصادم ومن هذا المنطلق لا يجوز أيضا التمسك بمسؤولية كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة او حراسة آلات ميكانيكية إذا تعلق الامر بتصادم بحري و ذلك لان هذه المسؤولية تقوم على قرينة خطأ الحارس , وليس ثمة قرائن على الخطأ في مادة التصادم البحري (1)

وإذا كانت القرائن القانونية قد اختفت في مجال التصادم البحري إلا ان المحاكم تلجأ إلى القرائن الواقعية وذلك بالنظر الى ظروف الحادث والأسباب التي أدت إلى التصادم كسرعة كل سفينة في المناطق المزدحمة بالسفن , وكذلك عند الاصطدام بسفينة راسية على المخطاف فإن السفينة السائرة تحاول أن تثبت خطأ السفينة الراسية لتشاركها في المسؤولية عن الخطأ وإذا عجزت فإنها تتحملها لوحدها .

ومن القرائن الواقعية تلك المستمدة من محاولة إحدى السفن اللحاق بغيرها فهنا يفترض خطأ السفينة الأولى لان السفينة الأخيرة لم تكن تريد تعديل طريقها أو تغيير سرعتها فيجب على الأولى وحدها القيام بالمناورة اللازمة والضرورية وخاصة ضرورة ترك مسافة بين السفينتين وإطلاق الإشارات الصوتية المناسبة لتجنب حصول التصادم.

ومن بين القرائن الواقعية أيضا مخالفة إحدى السفن لقواعد السير الملاحية أو عدم إطلاق إشارات الضباب المناسبة أثناء الإبحار في رؤية محدودة.

وإذا رأى القاضي عدم ثبوت الأخطاء المدعى بنسبتها إلى إحدى السفن المشتركة في التصادم , فإنه لا يتعين عليه أن يبحث من تلقاء نفسه عن وجود أخطاء أخرى مرتكبه بواسطة هذه السفينة ونتيجة لذلك يمكنه أن يرفض توزيع المسؤولية بين السفينة الصادمة والسفينة المصدومة .



2 التحقيق وشهادة الشهود

التحقيق بسماع الشهود قد يكون إداري ، أو مدني ، أو جنائي ، الأول تقوم به السلطات البحرية أما الثاني و الثالث فتقوم به السلطات القضائية و في الغالب تقوم السلطات القضائية بإجراء التحقيق عندما ينشأ عن التصادم تلفيات كبيرة و غير عادية.

أما التحقيق الجنائي فإن بعض الدول تكلف أو ممثل النيابة العامة للقيام بتحقيقات في التصادم وأي كوارث بحرية أخرى و يكون هذا التحقيق سابق للمحاكمة الجنائية أو قد يتم أثنائها .

أما التحقيق الإداري الذي تجريه السلطات البحرية المختصة ، فيكون في البداية تحقيق ابتدائي وغير رسمي يتم في موقع الحادث بواسطة لجنة مكونة من ربان السفينة و كبير المهندسين بسماع الشهود و أخذ أقوالهم و فحص المستندات ، و يقوم المحقق هنا بكتابة تقرير مفصل للسلطة البحرية التي تقرر ما إذا كانت هناك حاجة لإجراء تحقيق رسمي أم لا .

و يجب جمع المعلومات و المستندات التي قد تفيد في التوصل إلى أسباب الحادث و الخاصة بالسفينة ، و كذا طلب نسخة من سجلات الطقس إذا كان له دور هام .وعن نظام المرور أيضا و يجب زيارة موقع الحادث و تفتيش السفينة و أي أماكن أخرى .

إلا أن التجارب قٌد أثبتت أن مهارة المحقق تلعب دورا هاما في كشف الحقائق إذا مارس مهمته بكل حرص و عناية ،و لكن يعيب الشهادة في التصادم أن معظم الشهود يكونون عادة من ركاب السفن المتصادمة أو من العاملين عليها الأمر الذي يؤثر في حيادهم ، هذا فضلا عن كونهم في بعض الأحيان أصحاب شأن في الدعوى ، وهذا ما يقلل من أهمية الشهادة في التصادم وإن كان الأمر متروك بصفة كلية للسلطة التقديرية المطلقة لقاضي الموضوع ، والذي يمكنه عدم الأخذ بأقوال الشهود إذا كانت متعارضة.



3) الإثبات بواسطة مستندات السطح المختلفة :و هي تضم عدة دفاتر مختلفة أهمها :

1 – دفتر أحوال السطح : و يحتوي على معلومات كاملة عن الرحلة البحرية و يخصص فيه صفحة كاملة عن كل يوم ، و إذا رأى القاضي عدم صحة البيانات المدونة في دفتر أحوال السطح أو أنه مبالغ فيها فإنه يفقد الثقة في كل البيانات و لا يأخذ بها ، و يعد هذا الدفتر حجة بما جاء فيه حتى يثبت العكس ، و من الأهمية مراعاة عدم جواز تجزئة ما ورد فيه من حقائق طبقا لقواعد عدم جواز تجزئة الإقرار .

2 – دفتر أحوال الماكينات :و يحتفظ به في غرفة الماكينات و له نفس الغرض لدفتر أحوال السطح و يلجأ إليه لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن تطور الأسباب التي أدت إلى وقوع الحادث ، و هل للماكينات دور في وقوعه أم لا و لهذا الدفتر أيضا حجة بما جاء فيه إلى أن يثبت عكسه .

3 – دفتر أحوال اللاسلكي :و هو دفتر يومية خدمة اللاسلكي و يحتفظ به في المكان الذيتجري بهوردية الإستماع ، و يجب فحصه و تدوينه و التوقيع عليه يوميا بواسطة ضابط اللاسلكي أو الربان و تسليمه إلى السلطات المختصة .

4 – دفتر حوادث السفينة الرسمي :هو دفتر تصدره الإدارة العامة للتفتيش البحري و يحتفظبه ربان السفينة ، و يجب ترقيم صفحات هذا الدفتر و التأشير عليه من الإدارة البحرية المختصة ، و يذكر فيه الحوادث الطارئة و القرارات التي تتخذ أثناء الرحلة و الملاحظات اليومية الخاصة بحالة الجو و البحر.

و بالنسبة للسفن ذات المحرك فإنه يجب على الربان أن يمسك دفترا خاصا بالآلات المحركة ويذكر فيها كمية الوقود التي أخذها عند السفر و ما يستهلك منها يوميا و كافة ما يتعلق بالآلات المحركة و على الربان خلال 24 ساعة من وصول السفينة إلى الميناء المقصود أو المكان الذي رست فيه إختيارا أو إضطرارا أن يقدم دفتر الحوادث الرسمي للسفينة إلى الإدارة البحرية للتأشير عليه .

و لا بد من مراعاة عدم المسح أو الكشط أو الإدخال بين السطور أو المبالغة في كتابة هذه التدوينات لعدم الشك فيها و هذا حتى تبقى حجة لما ورد فيها من وقائع مادية أثبتها الربان حتى يقوم الدليل على عكس ذلك و قد أكد ذلك صراحة القانون الفرنسي و الانجليزي و معظم قوانين الدول البحرية الأخرى .

5 –الإثبات بواسطة التقرير البحري:

وعادة ما يتم تحرير التقرير من طرف الربان في حالة الحوادث غير العادية التي تقع أثناء الرحلة البحرية مثل التصادم أو الجنوح أو الغرق ، و تقوم الجهة التي تسلمت التقرير بتحقيق ما ورد فيه من بيانات و يكون ذلك بسماع أقوال البحارة و المسافرين إذا اقتضى الأمر ذلك .

و بعد إيداع التقرير البحري و تحقيقه فإنه لا يعدوا أن يكون مجرد قرينة أي تكون له حجية حتى يثبت خلاف ما جاء به و يجوز ذلك بكافة طرق الإثبات .

و لكي يقبل التقرير البحري للإثبات يجب توافر عدة شروط و هي تقديمه إلى الجهة المختصة في خلال 24 ساعة ، و ضرورة أن يكون التقرير دقيق متكامل وغير مبالغ فيه ، وأخيرا تحقيق التقرير.

6) الاحتجاج البحري في الإثبات : هو عبارة عن تصريح أو إعلان أو إثبات حالة يقوم به ربان السفينة عندما تحدث تلفيات للسفينة أوالبضاعة الموجودة على ظهرها أو من المحتمل أن تظهر تلك التلفيات مستقبلا أو تزداد تفاقما مع مرور الوقت بتقديمه إلى الجهات المسؤولة.

والاحتجاج البحري يقبل كدليل أمام المحاكم و هو أيضا قابل لإثبات العكس مثل بقية مستندات السطح السابق ذكرها .

7) الإثبات باللجوء إلى الخبرة :

يجب الرجوع إلى خبراء مختصين لأن الخبرة لها دور هام في مجال الحوادث البحرية بصفة عامة

و التصادم البحري بصفة خاصة ، و المحاكم عندما تقضي في الواقع تتمتع بسلطة تقديرية مطلقة إزاء إعتبار الخبرة أمرا مفيدا أم لا ، فرأي الخبير لا يعدو أن يكون دليل في الدعوى ولمحكمة الموضوع تقديره دون معقب عليها في ذلك.

و كما سبق و أن رأينا فإن قواعد منع التصادم لسنة 1972 قد تضمنت أمورا فنية كثيرة لا يلم بها رجال القانون عادة و هو ما يدعو القضاة إلى الإستعانة بالخبراء ، و غالبا ما يكون الخبراء من الربابنة السابقين لإلمامهم بالنواحي الفنية للملاحة البحرية بصفة عامة .

8) و سائل الإثبات الأخرى :و نتطرق هنا إلى و سائل الإثبات القضائية المتمثلة في حجية الأحكام الجنائية التي تصدر من المحاكم ضد الربان و المجهز عندما يكون قد نشأ عن التصادم في الوقت ذاته جريمة قتل أو جرح بطريقة الخطأ ، فهذه الأحكام تكون لها حجية في الدعوى المدنية المرفوعة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن التصادم ، و هي قاعدة عامة منصوص عليها في المادة 339 من القانون المدني الجزائري فالقضاء ببراءة الربان أو المجهز ينفي عنه إرتكاب الخطأ و العكس صحيح ، فإدانته تعني أنه ارتكب الخطأ.

المبحث الثالث : التعويض عن الأضرار الناتجة عن التصادم

المطلب الأول: النظام القانوني لدعوى التعويض

الفرع الأول : أطراف الدعوى

كل من أصابه ضرر من واقعة التصادم يستطيع أن يرفع دعوى مثل الشاحنين و الركاب و أفراد الطاقم ضد مجهز السفينة الصادمة ، أو على ربانها باعتباره ممثلا للمجهز ، و مسألة تحديد المجهز تطبق بشأنها القواعد العامة التي تتعلق بالمجهز.

الفرع الثاني: عدم خضوع الدعوى لإجراء خاص

لم تأخذ معاهدة بروكسل لسنة 1910 بالدفع بعدم القبول إذ تصت المادة 6 فقرة أولى منها على أنه

( لا يشترط لدعوى المطالبة بالتعويض عن الخسائر الناتجة عن المصادمات البحرية عمل بروتوستو أو عمل إجراء آخر) ، و هذا مانص عليه المشرع الجزائري في المادة 288 من القانون البحري و التي تنص على أنه لا تتبع دعوى التعويض عن الأضرار الحاصلة على إثر وقوع تصادم لأي إحتجاج و لأي إجراء خاص) .

و في أمر الملاحة الفرنسي لسنة 1681 كان هناك دفع بعدم القبول يتمثل في أن تتم المطالبة بسبب التصادم خلال 24 ساعة بعد التصادم ، إذا حصل الحادث في ميناء أو في مكان يمكن للربان أن يرفع الدعوى فيه أما إذا لم يستطع الربان رفع الدعوى خلال 24 ساعة فإن هاته المدة لا تسري إلا من يوم و صول السفينة إلى الميناء .

الفرع الثالث: المحكمة المختصة و تقادم الدعوى

أخذ القانون البحري الجزائري بأحكام معاهدة بروكسل لسنة 1952 بشأن توحيد بعض القواعد المتعلقة بالإختصاص المدني في مسائل التصادم البحري فنصت المادة 290 منه على أن "للمدعي إقامة الدعوى الناشئة عن التصادم أمام إحدى المحاكم الآتية :

أ- المحكمة الموجودة في المكان الذي يسكن فيه المدعى عليه أو أحد مقرات إستغلاله.

ب- المحكمة الموجودة في المكان الذي جري فيه حجز سفينة المدعى عليه أو سفينة أخرى يملكها نفس المدعى عليه و ذلك في حالة ما إذا تم الترخيص بهذا الحجز، أو المكان الذي يمكن أن يقع فيه الحجز و الذي قدم فيه المدعى عليه كفالة أو ضمانا اخر.

ج- المحكمة الموجودة في المكان الذي وقع فيه التصادم و ذلك في حالة حصوله في الموانئ والغرض

و كذلك في المياه الداخلية"

كما نصت المادة 287 من نفس القانون على ما يلي: " تخضع النزاعات المتعلفة بالتعويض عن الأضرار المنجرة عن تصادم السفن في البحار:

أ- للقانون الجزائري إذا كان حاصلا في المياه الإقليمية الجزائرية .

ب-لقانون المحكمة المختصة في النزاع إذا وقع التصادم في عرض البحر.

ج- لقانون البلد الذي تحمل السفينة رايته إذا كانت السفن المصدومة ترفع نفس الراية بصرف النظر عن المياه التي وقع فيها التصادم".



و نصت المادة 291 من نفس القانون على جواز إتفاق الأطراف باللجوء إلى التحكيم و ذلك حسب إختيار المدعي في دائرة إحدى المحاكم المنصوص عليها في المادة 290 السالفة الذكر.

أما فيما يخص تقادم الدعوىفقد نصت المادة 298 من القانون البحري الجزائري على أن تقادم دعاوى التعويض عن الأضرار يكون بمضي عامين إبتداء من وقوع الحادث .

أما فيما يخص التعويض الناشئ عن جريمة ، فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجزائية حسب المادة 8 من قانون الإجراءات الجزائية .

و تطبيقا للقواعد العامة فإن المحكمة لا تثير التقادم من تلقاء نفسها و إنما يجب أن يكون بناءا على دفع صاحب المصلحة .

و طبقا للمادة 7/3 من معاهدة 1910 فإن وقف و إنقطاع التقادم يخضع لقانون المحكمة التي تنظر الدعوى و أضافت نفس المادة أن للأطراف المتعاقدة أن تحتفظ لنفسها بالحق في أن تعتبر كسبب لوقف التقادم كون السفينة المدعى عليها لم يمكن حجزها في المياه الإقليمية ، و هذا ما نصت عليه المادة 289 /4 من القانون البحري الجزائري .

و قد أتى القانون البحري الجزائري بحكم جديد يتعلق بتقادم دعاوى الرجوع في نفس المادة السابقة وهو أن تقادم هذه الدعوى يكون بمرور سنة من يوم الدفع .



المطلب الثاني : معاهدة بروكسل لسنة 1952 بشأن الإختصاص المدني و الإختصاص الجنائي

الفرع الأول: فيما يخص الاختصاص المدني

وقعت معاهدة بروكسل في 10 مايو 1952 للقضاء على المشاكل التي تثور بسبب التصادم بين سفن يملكها أشخاص مختلفوا الجنسية، و تنطبق هذه المعاهدة على كل ذوي الشأن ( شاحنين ، ركاب ، و مجهزين )

و هذا ما نصت عليه المادة 8/2 من معاهدة التصادم 1910 التي تتعلق بأحكام المسؤولية و كذلك المادة 8 من معاهدة الاختصاص المدني لسنة 1952 .

و عندما تتوافر الشروط السابق الإشارة إليها بالنسبة للأطراف ( مختلفوا الجنسية ) فإن معاهدة 1952 بشأن الإختصاص المدني تنطبق على دعاوى التصادم التي وردت في معاهدة 1910 .

أما فيما يخص السفن الحربية فقد ذهب العميد ريبير إلى أن المعاهدة لا تنطبق عليها.



و تتميز معاهدة 1952 عن معاهدة 1910 في نقطتين هما : الأولى طبقا للمادة 6 من معاهدة 1952 فإنها لا تسري على الدعاوى الناشئة عن عقد النقل أو عن عقد آخر فيما يخص مسألة الإختصاص و للركاب أن يتمسكوا بنصوص معاهدة 1910 ، و الثانية فإن هاته الإتفاقية لا تسرى على المصادمات الواقعة في نهر الرين بين السفن و قوارب الملاحة الداخلية .

المحاكم المختصة :

يمكن للمدعي حسب المادة الأولى من هاذه المعاهدة أن يختار رفع دعواه أمام إحدى المحاكم الثلاث الآتية :

1-أمام محكمة محل إقامة المدعي عليه المعتاد أو أمام المحكمة التي يقع بدائرتها أحد مراكز إستغلاله أي أعماله .

2-أمام محكمة المكان الذي تم فيه الحجز على سفينة المدعي عليه أو على سفينة أخرى مملوكة له أو أمام محكمة المكان الذي كان من الممكن أن يوقع الحجز فيه ، و الذي قدم فيه المدعي عليه كفيلا أو أي ضمان آخر .

3-محكمة مكان التصادم إذا كان هذا التصادم قد وقع في الموانئ و المراسي أو في المياه الداخلية ، و يجب على المدعي أن يباشر إختياره مرة واحدة فقط. .

و تنص المعاهدة على استبعاد الاختصاص في أربع حالات و هي :

أ – في حالة الإلغاء الإتفاقي فالطرفين يمكنهما الإتفاق على عرض النزاع أمام أية محكمة أو على التحكيم

( المادة 2 ) .

ب – في حالة تعدد المدعون فإنه يجوز لكل منهم أن يرفع دعواه للمحكمة التي سبق

أن رفعت إليها دعوى ناشئة عن نفس التصادم ضد الخصم نفسه ( م 2/3 ) .

ج – في حالة تعدد السفن المشتركة في التصادم ، فإن القاضي المختص بالنزاع في حدود الإختصاص الوارد في المادة الأولى ، يمكنه إذا كانت قواعد الاختصاص في قانونه الوطني تخوله ذلك ، أن يقرر إختصاصه بنظر كل الدعاوى المرفوعة عن نفس الحادث ( م 3/3).

د – دعاوى المدعى عليه ضد المدعي الناشئة عن نفس التصادم يجوز رفعها أمام المحكمة المختصة بنظر الدعوى الأصلية وفقا لأحكام المادة 3/1 .



الفرع الثاني: فيما يخص الاختصاص الجنائي

ترجع معاهدة بروكسل 1952 بشأن الاختصاص الجنائي إلى قضية لوتيس و تطوراتها الدولية حينما إصطدمت باخرة Lotus الفرنسية مع سفينة تركية بوزوكوت، فقامت السلطات التركية بالقبض على ضابط السفينة الفرنسية و حاكمته و قضت علية بالسجن و بعد مفاوضات إتفقت كل من فرنسا و تركيا على عرض النزاع أمام محكمة العدل الدولية الدائمة بلاهاي .

و قد توصلت هذه الأخيرة إلى أن الدولة التركية يمكنها أن تحكم على أجنبي من أجل جريمة أرتكبت في الخارج ، على الأقل إذا كان ضحيتها أحد الرعايا الأتراك في حكمها الصادر في 07/09/1927 ، و عليه أثناء إنعقاد مؤتمر إنفرس و الذي عقدته اللجنة البحرية الدولية C.M.I في سنة 1930 عرضت مسألة تحديد الاختصاص الجنائي بالنسبة للمصادمات التي تقع أعالي البحار .

و قد شرح السيد ريبير في المؤتمر أن مشروع إتفاقية 1952 لا يبقي إلا إختصاص محاكم الدولة التي يكون المتهم من رعاياها ، وإختصاص الدولة التي ترفع السفينة علمها وقت التصادم ،وهذا الحل يخالف ما أخذت به المحكمة الدائمة للعدل الدولي و قد وافق المؤتمر بالإجماع على هذا المبدأ .

و تتعلق هذه المعاهدة أساسا بالتصادمات التي تقع في أعالي البحار بين السفن البحرية و تستبعد تلك التي تحدث في الموانئ و المراسي و المياه الداخلية ، و نصت المادة 04 من المعاهدة على جواز إجراء تحفظ بشأن الحوادث التي تقع في المياه الداخلية .

ومن المسلم به أن ما سبق ذكره في معاهدة 1910 بشأن السفن الحربية لا مجال له في تطبيق هذه المعاهدة .

قواعد الاختصاص :

تنص المادة الأولى من المعاهدة على أنه : " لا يجوز إتخاذ أي إجراء في ذلك إلا أمام السلطات القضائية أو الإدارية للدولة التي ترفع السفينة علمها وقت التصادم أو الحادث الملاحي "، و هذا ما نصت عليه المادة 294 من القانون البحري الجزائري.

و تضيف المادة الثانية أنه " لا يجوز في الحالة المنصوص عليها في المادة السابقة لغير السلطات التي تحمل السفينة علمها أن تأمر بحجز السفينة أو تمنعها من السفر و لو كان الأمر متعلقا بإجراءات التحقيق ) ،و هذا ما يقابل نص المادة 295 من القانون البحري الجزائري .

أما المادة الثالثة فقد نصت على أنه : " لا تخل أحكام هذه المعاهدة بحق أية دولة في حالة التصادم أو حادث ملاحة في أن تتخذ سلطاتها الخاصة كافة الإجراءات المتعلقة بشهادات الأهلية أو التراخيص التي أصدرتها أو محاكمة مواطنيها بسبب الجرائم التي تقع منهم أو يرتكبونها أثناء وجودهم على سفن تحمل علم دولة أخرىط ن و هذه المادة جاءت بناء على طلب بريطانيا رغبة منها في الاحتفاظ بسمعة ضباطها و ملاحها و إتبعتها في ذلك الجزائر بنص المادة 296 من الفانون البحري.



كما أنه وفقا للمادة 297 من نفس القانون السالف الذكر تختص السلطات القضائية الإدارية الجزائرية في كل ملاحقة عند وقوع التصادم في المياد الداخلية و المياه الإقليمية الجزائرية و الذي تترتب عنه المسؤولية الجزائية للربان أو لأي فرد من أفراد الطاقم العامل في خدمة سفينة تحمل راية دولة أخرى ، و في هذه الحالة تستطيع السلطات الجزائرية الأمر بحجز أو توقيف سفينة أجنبية إذا بررت ظروف التصادم هذه الإجراءات ، و نفس الأحكام تطبق على أي حادث ملاحي أخر يتعلق بسفينة و تترتب عنه المسؤولية الجزائية أو التأديبية للربان أو أحد أفراد الطاقم أو أي شخص أخر يعمل في خدمة السفينة ، و نفس الشيئ بالنسبة للسفن البحرية الوطنية و سفن حراسة الشواطئ و السفن المخصصة لمصلحة عمومية .(1)





خاتمة :



رغم أن معاهدة بروكسل لسنة 1910 قد حاولت توحيد بعض أحكام التصادم البحري إلى أن هذا الحادث البحري و المسؤولية المترتبة عنه مازال يطرح مشكلة التنازع لاسيما عندما تكون الدول الأطراف في التصادم غير متعاهدة بل وحتى لو كانت الأطراف منظمة للمعاهدة سالفة الذكر فهناك من المسائل من لم تنظمها المعاهدة ولم تعط حلولا لها ولا مناص في هذه الحالات من الرجوع إلى القواعد العامة إذ لا يكفي في مجال المسؤولية المترتبة عن التصادم البحري أن نبحث ما إذا كانت المسألة تحكمها المعاهدة وماهي هذه الأحكام ، بل يتعين أيضا البحث عن القانون المختص في الحالات التي تخرج عن نطاق تطبيق أحكام هذه المعاهدة هذا من الجانب الدولي.

أما بالنسبة للقانون الداخلي فلقد تبنت غالبية التشريعات أحكام معاهدة بروكسل لسنة 1910 الخاصة بتوحيد بعض مسائل التصادم البحري ، والمشرع الجزائري قد نقل أحكام هذه المعاهدة للتصدي لمثل هذا الحادث

على غرار الدول المنضمة إليها رغم أن هذه المعاهدة ليست من المعاهدات التي تلزم بإعادة سن أحكامها في القانون الداخلي أو أن يكون القانون الداخلي يتطابق معها ، أي يمكن للدولة أن تضع أحكام مخالفة تطبقها على سفنها الوطنية ورغم ذلك أبى المشرع الجزائري إلا أن يوحد أحكامه الداخلية مع أحكام المعاهدة وهو حل سليم في نظرنا لاسيما أن معاهدة بروكسل لسنة 1910 هي نتاج تفكير دولي عميق ولابد أن الحلول التي توصلت إليها هي أكثر حنكة من تلك التي يمكن أن يصل إليها المشرع الوطني.