منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إجراءات تأديب الموظف العام في التشريع الوظيفي الجزائري
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-15, 22:54   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10

الفصل الأول: ماهية الخطأ التأديبي والجهة المختصة في تأديب الموظف العام


إذا ما ارتكب الموظف العام خطأ تأديبيا أو اقترف ذنبا وظيفيا يشكل هدرا لكرامة هذه الوظيفة وسمعتها، فإنّ السلطة التأديبية تملك سلاح تشهره بوجه من سولت له نفسه الانحراف عمّا تقتضيه الواجبات الوظيفية.

المبحث الأول
ماهية الخطأ التأديبي والعقوبة المقررة له
يعتبر الخطأ التأديبي الأساس أو نقطة الارتكاز الذي تدور حوله أيّ دراسة متعلقة بالأديب في مجال الوظيفة العامة ، كما يخضع أيضا لنوعين مختلفين من المسؤولية بصفته فردا في المجتمع وهما المسؤوليتان الجنائية والمدنية .
ونتطرق في هذا المبحث إلى ماهية الخطأ التأديبي الصادر عن الموظف العام من خلال المطلب الأول وإلى العقوبة التأديبية المقدرة له من خلال المطلب الثاني.

المطلب الأول
ماهية الخطأ التأديبي
يطلق الفقه والقضاء الإداري تسميات مختلفة على النشاط المنحرف الذي يصدر عن الموظف ويكون موضوعا للمؤاخذة، ويتمثل في قيام الموظف العام بعمل محظور عليه أو امتناعه عن عمل واجب عليه أو ما يصدر عنه من إخلال بواجبات وظيفية، ويتمثل الإخلال بالواجب هنا في الإهمال أو التراخي أو الخطأ في أدائه فيسميها معظم الفقهاء "بالحركية التأديبية".
وفي الجزائر وبالرجوع إلى المرسوم رقم (85/59) والمؤرخ في 01 رجب عام 1405 الموافق ل 23 مارس 1985، المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية والذي ...من خلال نفس المادة (122) في الباب السابع منه والمعنون بالعقوبات التأديبية إلى الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها والمنصوص عليها في المواد من (61 إلى 76) من المرسوم رقم (82/382) المؤرخ في 23 ذي القعدة عام 1402، الموافق ل 11 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية بحيث أنّ المشرع الجزائري قد عنون الفصل الثاني في الباب الرابع من هذا المرسوم، ب "الأخطاء المهنية"، وبذلك نجد أنّ التشريع الوظيفي الجزائري قد استعمل مصطلح "الخطأ المهني" .
الفرع الأول
مفهوم الخطأ التأديبي
تقوم المسؤولية التأديبية للموظف العام بمجرّد وقوع الخطأ التأديبي أي الإخلال بالواجب الوظيفي ولو لم يتبع ضرر فعلي، ذلك أنّ الضرر مفترض تأثر للإخلال بالواجبات الوظيفية باعتباره إخلالا بالصالح العام ويعتبر مفترضا فرضا غير قابل لإثبات العكس. والخطأ التأديبي ليس محددا أو محصورا في أفعال محددة كما هو الحال في المجال الجنائي، حيث يتولى قانون العقوبات تحديد الخطأ الذي يعتبر جوهر الجرائم الجنائية، كما يحدّد أيضا أركان الخطأ وأوصافه.
إنّ مفهوم الخطأ التأديبي يتصرف طبقا للقواعد التأديبية ليس فقط إلى كل تصرف مخالف لواجبات الوظيفة ولكنه يشمل أيضا كل تصرف أو فعل يقع خارج الوظيفة ويكون منافيا لكرامتها.
أولا- تعريف الخطأ التأديبي:
لقد وردت أغلب التشريعات كالتشريع الجزائري أو الفرنسي أو المصري وغيرها من التشريعات الأخرى خالية من أيّ تعريف للخطأ التأديبي الذي لا يمكن صده لعدّة اعتبارات تكمن في الوظيفة في حدّ ذاتها، وذلك عكس الجريمة الجنائية، ولقد خشي الشارع إن هو أورد تعريفا للخطأ التأديبي أن يرد هذا التعريف قاصرا عن أن يطبق على كافة الأخطاء التأديبية بل اكتفى بإيراد حكم عام.
ولم يشر المشرع الجزائري إلى ذلك، فلم يعرف الخطأ التأديبي، شأن في ذلك شأن معظم التشريعات إن لم نقل كل التشريعات، إذ أنّ المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985، المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمّال المؤسسات والإدارات العمومية والذي من خلال نص مادته (122) في الباب السابع منه والمعنون بالعقوبات التأديبية إلى الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها والمنصوص عليها في المواد من (61 إلى 76) من المرسوم رقم (82/302)، المؤرخ في 11 سبتمبر 1982 ، والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية. ونشير إلى نصّ المادة 20 من المرسوم رقم (85/59)، والتي تنصّ: " يتعرض الموظف لعقوبات تأديبية دون المساس، بتطبيق القانون الجزائي،إن اقتضى الأمر" إذا صدر منه أيّ إخلال بواجباته المهنية أو أيّ مساس صارخ بالانضباط، أو ارتكب أيّ خطأ خلال ممارسة مهامه أو بمناسبة هذه الممارسة. والواقع أنّ الخطأ التأديبي يمكن تعريفه بأنّه "إخلال بالتزام قانوني"، ويؤخذ القانون هنا بالمعنى الواسع بحيث يشمل أيضا القواعد الخلقية. "فالموظف العام ملزم باحترام جميع القواعد سواءا كانت مكتوبة أو غير مكتوبة ولاسيما المبادئ الخلقية منها.
أمّا القضاء الإداري فلم يعرف الخطأ التأديبي غنّما اكتفى بإعطاء صور لأفعال تعد أخطاء تأديبية تستوجب المؤاخذة والعقاب التأديبي وذلك من خلال ما قرره مجلس الدولة الفرنسي وقضاء المحكمة الإدارية للمحكمة العليا سابقا، مجلس الدولة حاليا.
ثانيا- طبيعة الخطأ التأديبي:
لكي تتخذ الإجراءات التأديبية ضدّ موظف عام لابدّ يشبّ إليه خطأ أو ذنب إداري يستوجب، العقاب ولما كانت، القاعدة المسلم بها في مجال قانون العقوبات أنه: "لا جريمة إلاّ بنص"، فقد يخطر على البال الأخذ بذات المبدأ في مجال التأديب.
لكن حيث أن الخطأ التأديبي مستقل بذاته ويتميز عن غيره من الأخطاء بأنه ذو طبيعة خاصة، فهو في الأصل لا يخضع لمبدأ "لا جريمة بغير نص"، أي مبدأ الشرعية المعمول به بالنسبة للجرائم الجنائية، وأن مبدأ النوعية يأخذ في مجال الخطأ التأديبي طابعا آخر يتفق وطبيعته.
1- مبدأ الشرعية: إذا كان مبدأ الشرعية بشقيه (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) يحيط بالجريمة الجنائية بكل جوانبها، فسواء من حيث الأركان أو من حيث التلازم بين الجريمة والعقوبة المقررة لها أو من حيث عدم إمكانية السلطة القضائية خلق أوصاف الجريمة الجنائية، فالقانون هو مصدر التجريم الوحيد فيما يتعلق بالجريمة الجنائية، فإن الأخطاء التأديبية كقاعدة عامة، لا تخضع لمبدأ "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" بل يعد خطأ تأديبيا يستوجب العقاب التأديبي كل مخالفة للقوانين أو اللوائح أو الإخلال بالواجبات الوظيفية سواء تم هذا الإخلال أثناء الوظيفة أو خارجه وبالتالي فإن القانون والفقه والقضاء الإداريين لم يحددوا السلوك أو الأفعال التي تعد خروجا على مقتضى الواجب الوظيفي، وتشكل خطأ تأديبيا، ولم يبينوها على سبيل الحصر، وإنما ما قد نص عليه فهو على سبيل المثال، وبالتالي يصعب القول أن الخطأ التأديبي لا يخضع لمبدأ الشرعية.
ويتجلّى وبوضوح بأن الأخطاء التأديبية لا يمكن حصرها أي عدم خضوعها لمبدأ "لا جريمة إلا بنص" لتعارض ذلك مع السلطة التقديرية المقررة للإدارة.
Ii- تقنين الأخطاء التأديبية:
يقصد بتقنين الأخطاء التأديبية وضع تعداد للأخطاء التي يعاقب عليها تأديبيا ويذهب العميد الأستاذ د/ سليمان الطماوي، إلى اعتبار "أن ما يميز الجرائم التأديبية عن الجرائم الجنائية أنها غير محددة على سبيل الحصر، ومعنى ذلك أن الإدارة تمارس في هذا المجال نوعا من التعزير المعروف في الشريعة الإسلامية والذي لا شك فيه أن ذلك يعتبر خروجا على مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة المقررة في قانون العقوبات".
وأن طبيعة الأخطاء التأديبية وإن كانت تستعصي على التحديد الجامع المانع، إلا أن تقنين أهم الواجبات الوظيفية وأكثرها ارتباطا بالمرفق العام، كما فعل مشرعنا الجزائري في نص المواد (68، 69، 70، 71) من المرسوم رقم (82/302) والذي تحيل إليه المادة (122) من المرسوم (85/59) في الفصل الثاني "الأخطاء المهنية" يعد من حسن السياسة التأديبية والتي لا تخدم الموظف فحسب بل وحتى في صالح الإدارة.
ثالثا- أركان (عناصر) الخطأ التأديبي:
استقر جانب من الباحثين في موضوع تأديب الموظف العام في الجزائر إلى تحديد أركان الخطأ التأديبي في ثلاث أركان أساسية:
1- موظف ينسب إليه الخطأ التأديبي.
2- فعل إيجابي أو سلبي صادر عن ذلك الموظف.
3- أن يستند الفعل الإيجابي أو السلبي إلى عدم احتياط وإهمال إرادة آثمة:
I- الركن الأول: موظف ينسب إليه الخطأ التأديبي:
وهذا بالرجوع إلى نص المادة (17) من الأمر رقم (66/133) الملغى وكذا نص المادة (74) من المرسوم رقم (82/302) وأيضا نص المادة (122) من المرسوم رقم (85/59).
Ii- الركن الثاني: فعل إيجابي أو سلبي صادر عن ذلك الموظف (الركن المادي):
إذا كان الفعل من الأركان الأساسية فإنه لا بد أن يكون محددا حتى يتوافر هذا الركن بكامله إذ أن توجيه الاتهام دون تحديد الفعل أو الأفعال لا يكون هذا الركن، وذلك تطبيقا لأحكام نص المادة (02) من المرسوم (66/152) المؤرخ في 02 جوان 1966، وأيضا من خلال أحكام نص المادتين (125) و (126) من المرسوم (85/59).
Iii- الركن الثالث: أن يستند الفعل الإيجابي أو السلبي إلى عدم احتياط وإهمال أو إلى إرادة آثمة (الركن المعنوي):
1- عدم الاحتياط أو الإهمال: الموظف الذي يقصر في أداء بعض واجبات وظيفته لأنه لا يدرك أنه مكلف بها، ذلك يكفي أن يُسند الفعل الخاطئ إليه حتى تتحقق المسؤولية قبله ومن هنا يمكن التقرير بأن الخطأ التأديبي لا يلزم لقيامه، كما يرى بعض الفقهاء توفر الإرادة الآثمة دائما إنما يجب أن يكون الخطأ قد أرتكب دون عذر شرعي.
الإرادة الآثمة: وهذا ما نصت عليه المادة (74) من المرسوم رقم (82/302)، بتوافر القصد يكون الفعل عمديا، يستوي في ذلك أن يكون هذا الفعل قد ظهر في المسلك الإيجابي أو السلبي، والإرادة الآثمة بتوافرها تؤدي إلى تشديد العقوبة عند تقديرها باعتبار أن الموظف قصد من وراء فعله المساس بكرامة الوظيفة وبالتالي كرامة الدولة.
رابعًا- مقياس الخطأ التأديبي:
لم يضع المشرع الجزائري شأنه شأن التشريعات المقارنة الأخرى معيارًا للتفرقة ما بين الخطأ التأديبي والخطأ المصلحي وإن كان قد اعترف بالخطأين "الشخصي والمصلحي" في نص المادة (129) من القانون المدني ونص المادة (136) من ذات القانون، حيث يتضح لنا من خلال النصوص القانونية تلك، أن المشرع الجزائري أخذ بمفهوم الخطأ الشخصي والخطأ المصلحي وأقر بالتالي بإمكانية قيام مسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها.
خامسًا- أنواع الخطأ التأديبي:
وجاء هذا في الفصل الثاني "الأخطاء المهنية" من الباب الرابع "العقوبات التأديبية" من المرسوم رقم (82/302) المؤرخ في 11 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية من خلال نصوص مواده (من 68 إلى 73) و المحال إليه بموجب نص المادة (122) في الباب السابع "العقوبات التأديبية" من المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985، المتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية، حيث نصت المادة (68) منه وبموجب ذلك على "أنه تحدد هذه الأحكام مختلف حالات الأخطاء المهنية (التأديبية)، وتبينها عند الحاجة القوانين الأساسية النموذجية الخاصة بقطاعات النشاط وتصنف الأخطاء المهنية (التأديبية) دون المساس بوصفها الجنائي إلى:
- أخطاء تأديبية من الدرجة الأولى (المادة 69).
- أخطاء تأديبية من الدرجة الثانية (المادة 70).
- أخطاء تأديبية من الدرجة الثانية (المادة 71).
1- الأخطاء التأديبية من الدرجة الأولى:
هذا النوع من الأخطاء التأديبية نصت عليه المادة (69) من المرسوم (82/302) على سبيل المثال لا الحصر وذلك بنصها:
"تعد الأعمال التي يمس بها الموظف الانضباط العام أخطاء من الدرجة الأولى، كما ينص على تشريع القوانين الأساسية النموذجية والتنظيم الداخلي للهيئة المستخدمة".
Ii- الأخطاء التأديبية من الدرجة الثانية:
لقد نصت عليها المادة (70) من المرسوم (82/302) على سبيل المثال لا الحصر بنصها "تعد الأعمال التي يرتكبها العامل (الموظف) نتيجة غفلة منه أو اهمال، أخطاء من الدرجة الثانية، وتصنف في أخطاء الدرجة الثانية الأعمال التي يتسبب فيها العامل (الموظف) فيما يأتي:
- إلحاق ضرر بأمن المستخدمين أو بممتلكات الهيئة المستخدمة بسبب الغفلة أو الإهمال.
- إلحاق خسائر مادية بالمباني والمنشآت والماكينات والأدوات والمواد الأولية والأشياء الأخرى التي تشتمل عليها الهيئة المستخدمة بسبب الغفلة أو الإهمال.
Iii- الأخطاء التأديبية من الدرجة الثالثة:
نص عليها المشرع وعددها من خلال نص المادة (71) من المرسوم (82/302).

الفرع الثاني
التفرقة بين الخطأ التأديبي وكلا من الجريمة الجنائية والخطأ المدني
إن الجريمة الجنائية التي هي أساس المسؤولية الجنائية تختلف عن الخطأ التأديبي الذي هو أساس المسؤولية التأديبية، رغم الطبيعة العقابية للخطأ التأديبي حتى في الأحوال التي يكون فيها الخطأ الواحد الذي يرتكبه الموظف جريمة جنائية وخطأ تأديبيا في الوقت ذاته، ولكنّهما يضلان مستقلان كل الاستقلال في الوصف والأركان وفي التكييف القانوني، ومن حيث الجهة القضائية المختصة بالنظر في كل منهما ولهذا فإن وجود الجريمة الجنائية لا يترتب عليه حتما وجود الخطأ التأديبي.
ومن جهة أخرى فالخطأ التأديبي يختلف عن الخطأ المدني، فالخطأ التأديبي لا يجازي فاعله، إن كان الإثبات قاصرا على القرائن، لأن القرينة لا تكفي لإثبات التهمة إذا لم تعضد بدليل آخر في حين أن الخطأ المدني،إما أن يكون منسوبًا و هو الذي يمكن إثارته أمام المحاكم الجنائية للمطالبة بالتعويض المدني بصفة فرعية لدعوى عمومية تقام ضد الفاعل، أما الخطأ المفروض فهو من اختصاص المحاكم المدنية ذلك أن المضرور أمام المحاكم الجنائية ، ومن هذا يمكن القول أن الخطأ المدني يختلف عن الخطأ التأديبي من حيث الطبيعة القانونية ومن حيث النظام القانوني الذي يحكم كلا منهما.

المطلب الثاني
المسؤولية التأديبية للموظف العام والجنائية والمدنية من خلال الخطأ التأديبي
إن القاضي يستوجب عليه تحديد نوع الخطأ الذي ارتكبه الموظف العمومي أثناء قيامه بوظيفته أو بسببها أو بمناسبتها، إذ بتحديد نوع الخطأ يتحدد لنا الاختصاص وتترتب بموجبه المسؤولية.
الفرع الأوّل
المسؤولية التأديبية للموظف العام
إن المسؤولية التأديبية بشكل عام هي إخلال الموظف بواجبات وظيفته إيجابا أو سلبا أو إتيانه عمل من الأعمال المحرمة عليه.
وإن هدف الجزاء من هذه المسؤولية التأديبية هي تقويم الموظف المخطئ وفصل من لا أمل في تقويمه، والتنبؤ إلى ما قد يحدث من مخالفات تأديبية في المستقبل، فالهدف الأساسي للعقوبة التأديبية هو الوقاية، والمسؤولية التأديبية هذه هدفها هو ردع الموظف العمومي المرتكب للخطأ التأديبي ومنعه من مواصلة الخطأ عن طريق العقوبة التأديبية. وإن السلطة الرئاسية لها دور هام في تأثيم سلوك الموظف العمومي وتصرفه، وهي تملك الحق في تحريك الدعوى التأديبية وتقدير مدى الاعتداء على النظام الوظيفي الحاصل من التصرف المنسوب للموظف العمومي والمدان على إثره، وكذلك هي صاحبة الاختصاص في إنزال العقوبة التأديبية مع اللجنة المتساوية الأعضاء كجهة استشارية في العقوبة من الدرجة الثانية، ويشترط المشرع موافقتها في العقوبة من الدرجة الثالثة، وعليه فهي تعتبر مجلس تأديبي في هذه العقوبة والأساس القانوني لهذه المسؤولية هو الخطأ التأديبي للموظف العمومي المتمثل بالإخلال بواجباته الوظيفية مما يؤدي إلى عرقلة السير الحسن للمرافق العامة. وإن المشرع حدد أربع عقوبات في مجال الخطأ التأديبي (الدرجة الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة المضافة في التعديل الأخير بموجب الأمر رقم 06-03، وإن هذه العقوبات تتناسب مع الخطأ المرتكب وإن السلطة التي تقوم بتقدير درجة الخطأ هي السلطة الرئاسية والتي هي كذلك صاحبة الولاية في التعيين بمشاركة اللجنة متساوية الأعضاء، علما أن هذه الأخطاء غير مقننة مثلها مثل الأخطاء في المسؤولية المدنية، وفيما يخص مهلة التقادم فقد حددها المشرع في نص المادة 46 من المرسوم رقم: 82/302 وهي تنص على ما يلي: "لا يمكن أن تسلط العقوبة التأديبية على العامل بعد مرور أكثر من 03 أشهر على معاقبة الخطأ المرتكب".
الفرع الثاني
المسؤولية الجنائية للموظف العام
تعرف المسؤولية الجنائية على أنها المسؤولية الواقعة على الفرد الذي قام بفعل، أو الامتناع عن القيام به، وأنّ كلا التصرفين مجرم قانونا مما يستلزم توقيع العقوبة الجزائية عليه، وتعرف أيضا على أنها الجزاء على فعل موجه ضد المجتمع والمسؤولية الجنائية هذه مؤسسة عن الفعل الضار "الخطأ الجنائي" الذي يصيب المجتمع ويظهر بالجريمة الجنائية، وجزاء هذه المسؤولية توقيع عقوبة مقررة مسبقا في قانون العقوبات وقانون الفساد الذي عرّف الموظف في المادة 02/ب منه على المجرم الذي يخل بأحد واجباته تجاه المجتمع، وأن النيابة العامة هي التي تطالب بتسليطها باعتبارها ممثلة عن المجتمع ونائبة عنه، وأن الصلح أو التنازل لا يجوز في مثل هذه الجرائم لأنها تمس بالمجتمع ككل ويصبح الحق في العقوبة حق عام يعود للمجتمع.
وإن نطاق المسؤولية الجنائية محدد حصرا بأفعال مجرمة بنص القانون طبقا للقاعدة العامة القائلة في القانون الجنائي "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص" المادة 01 ق. ع. ج. ومن ثم فإن قيام المسؤولية لا يتم إلا ضمن الحالات التي قننت ونص عليها القانون من حيث التجريم والعقوبة، والمسؤولية الجنائية هنا مرتبطة بالمسؤولية المدنية من حيث التقادم، فما دانت المسؤولية الجنائية قائمة فإن المسؤولية المدنية للموظف العمومي لا تتقادم، والعكس غير صحيح إذا ما تقادمت المسؤولية الجزائية (المادة 07-08-09 ق. إ. ج) فلا يمكن أن تعود من جديد إلى الوجود حيثما أن الدعوى المدنية ما زالت لم تتقادم، وقد تحدثت عليها المادة 10 ق. إ.ج عن تقادم الدعوى المدنية وفق أحكام القانون المدني.
الفرع الثالث
المسؤولية المدنية للموظف العمومي
المسؤولية المدنية للموظف باعتبارها مسؤولية قانونية وهي تلك المسؤولية التي تنجم عن الأعمال الضارة من طرف الموظف العمومي، أو هي الحالة القانونية التي يلتزم فيها الموظف العمومي بدفع التعويض عن الضرر أو الأضرار التي سببها للغير بفعل أعماله الضارة وذلك على أساس الخطأ الشخصي الذي ارتكبه. ويجمع الفقه القانوني على أن المسؤولية المدنية للموظف العمومي لا يمكن أن تقوم أو تتولد عنها الآثار إلا إذا تم تأسيسها على فكرة الخطأ، لذلك أصبح علينا لزاما أن نبحث عن مدلول الخطأ لبيان طبيعة الخطأ الذي تؤسس عليه المسؤولية المدنية للموظف العمومي. وبالرجوع إلى القضاء نجد أن المحكمة العليا الغرفة الإدارية قد استندت إلى المادة 124 من القانون المدني في مسؤولية المستشفى إذ أنها في قرارها الصادر في: 13/01/1991 قضية المركز الاستشفائي الجامعي ضد فريق "ك" ومن معهم (المجلة القضائية العدد 2/96 ص127)، والذي جاء في إحدى حيثياته (حيث أن المسؤولية المترتبة على المستشفى هي تعويض الضحية طبقا للمادة 124 من القانون المدني كما جاء في القرار المستأنف ما دام يوجد تهاون وتقصير من طرف عمال المستشفى، انجر عنه وفاة الضحية لذا، فاستبعاد هذه المادة في غير محلها).
ولكن انتقد هذا القرار من طرف الأستاذ رشيد خلوفي على أساس ما هو الداعي إلى عدم الاستناد للقواعد الخاصة لمسؤولية المستشفى الناتجة عن طبيعة النشاطات المختلفة والمواكبة للتطورات العلمية المستمرة.
وعليه فإن الموظف العمومي يكون مسؤولا عندما يرتكب خطأ يسبب به أضرار للغير، على أن يكون هذا الخطأ شخصيًّا لا مرفقيا، فإن كان مرفقيا فلا يسأل عليه بل الإدارة هي التي تكون مسؤولة وتلزم بالتعويض عن الأضرار التي ألحقت بالغير، وبالتالي فمسؤولية الموظف تكون دائما مبنية على أساس الخطأ.
وفي رأينا بأن مدلول الخطأ المدني في التشريعات يتطابق مع مدلول الخطأ في المسؤولية المدنية للموظف العمومي، إذ بالرجوع إلى مدلول الخطأ في القواعد العامة في التشريعات المدنية والذي يعرف بأن إخلال بالتزام سابق فإنه ينطبق أيضا على مدلول الخطأ للموظف العمومي، زد على ذلك وأن مدلول الخطأ هو واحد سواء كان للموظف أو غير الموظف، ولكن يجب علينا أن نفرق بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي، فالأول تترتب

عليه مسؤولية الموظف العمومي وهو من يلزم بالتعويض، أما الثاني فإن الإدارة هي التي تكون مسؤولة عن الأضرار التي أصابت الغير من جراء أخطاء موظفيها وهي من تلزم بالتعويض.
ولكن الإشكال الذي يطرح هنا هل المسؤولية المدنية للموظف العمومي مسؤولية عقدية أم تقصيرية؟
بالرجوع إلى التشريع والقضاء الجزائري نجده قد عرف المسؤولية العقدية بأنها جزاء الإخلال بالتزام عقدي، أما المسؤولية التقصيرية فقد عرفها المشرع الجزائري بأنها جزاء الانحراف عن تصرف سلوك الرجل العادي وليس له رابطة بالعلاقة العقدية وبما أن الموظف العمومي في طريقة تعيينه وعلاقته مع الإدارة العمومية تربطه معها علاقة تنظيمية لائحية قانونية وليست عقدية، كون أن المشرع الجزائري لم يحدد العلاقة بين الموظف العمومي والإدارة إلا على أساس تنظيمي، لائحي.
أما علاقة الموظف العمومي بالجمهور تحددها اللوائح والقوانين أيضا، وحيث أن ارتكاب الموظف لأخطاء أثناء قيامه بعمله الوظيفي أو بمناسبة الوظيفة مسؤولية الإدارة القانونية. ولكن في حالة حدوث ضرر للغير نتيجة هذا الخطأ فتقام المسؤولية المدنية للموظف العمومي، وبما أنه لا توجد علاقة تعاقدية بين المضرور والموظف العمومي هذا الأخير الذي يخضع للوائح والقوانين الداخلية فقط في الوظيفة العامة، وبذلك فلا تقام المسؤولية العقدية للموظف العمومي بل تقام المسؤولية التقصيرية، ومنه يكون مسؤولاً مدنيا أمام من تعرض إلى ضرر من الجمهور نتيجة خطئه الشخصي سواء كان هذا الخطأ متوقع أو غير متوقع، وهذه هي صفات المسؤولية التقصيرية.

المطلب الثالث
عقوبة الموظف العام التأديبية وكذا الجنائية والمدنية المقررة للخطأ التأديبي
إن الموظف العام معرّض لعقوبات مختلفة بحسب الأخطاء أو الخطأ الذي ارتكبه سواءا خطأ مدنيا، أو تأديبيًا أو جزائيًا، وهذا ما نتعرض إليه فيما يأتي:
الفــرع الأول
العقــــوبـــة التأديبيـــة
العقوبة التأديبية أو الجزاء التأديبي حسب القاعدة المستقرة في هذا الشأن هو العقوبة التي تمس الموظف في حياته الوظيفية وفي مزاياه التنظيمية ولما كان النظام التأديبي يقترب في بعض النواحي من النظام الجنائي، فإن مبدأ شرعية العقوبات قد وجد له تطبيقات في المجال التأديبي كذلك، فالعقوبات التأديبية نص عليها المشرع وعددها على سبيل الحصر، لا على سبيل المثال على عكس الخطأ التأديبي والذي أورده المشرع على سبيل المثال لا الحصر مثل ما سبق وأن رأينا. وتجدر الإشارة إلى أن اختيار العقوبة التأديبية المناسبة متروك أمرها إلى تقدير السلطة الإدارية المباشرة للسلطة التأديبية.
1- الأساس القانوني للعقوبة التأديبية:
إن العقوبة التأديبية من أهم وأخطر عناصر التأديب الوظيفي بما لها من تأثير سلبي على المركز القانوني للموظف وعلاقته الإدارية والمالية بالدولة، والعقوبة التأديبية محددة على سبيل الحصر خلافا للخطأ التأديبي، وعليه فهي تتشابه مع العقوبة الجنائية في هذه الصفة وتخضع بالتالي لمبدأ الشرعية (لا عقوبة إلا بنص) فضلاً عن تأثرها ببعض المبادئ والأفكار التي تحكم العقوبة الجنائية، وعلى الرغم من ذلك فالعقوبة التأديبية لها مفهومها الخاص وأساسها الذي يميزها عن غيرها من العقوبات، وأخيرا تخضع العقوبة التأديبية لمبادئ عامة أساسية تكفل عدالتها وتحقق غاياتها.
أولاً- مفهوم وخصائص العقوبة التأديبية وأهدافها:
I- مفهوم العقوبة التأديبية:
ترتبط العقوبة التأديبية ارتباط مباشر بوجود علاقة وظيفية بين الموظف والمرفق العام ولهذا تضع هذه الحقيقة أول نقاط تحديد مفهوم وجوهر العقوبة التأديبية ومدى توافقها أو اختلافها عن العقوبة الجنائية، والمتأمل في التشريع المقارن سيلاحظ بأنه لم يورد تعريفا للعقوبة التأديبية، وهذا ليس عيبا أو نقصا في التشريع فالتعاريف ليست من مهام المشرع بل من مهام الفقه كما قد يتولاها أحيانًا القضاء، و المشرع الجزائري شأنه شأن المشرع الفرنسي والمصري لم يعرف العقوبة التأديبية و لكنه حددها بدءا بأخفها منتهيا بأشدها، تاركا
الحرية للسلطة التأديبية في توقيع أي من العقوبات التي تراها مناسبا للخطأ التأديبي المرتكب من طرف الموظف العام.
ويمكن تعريف العقوبة التأديبية، بصفة عامة: "بأنها جزاء يمس الموظف المخطئ في مركزه الوظيفي، أي في حياته ومقدراته الوظيفية"، وظاهر من هذا التعريف، أن الأصل في العقوبة التأديبية أنها لا تمس سوى الحقوق والمزايا، ولكن العقوبة التأديبية لا تمس شخص الموظف ولا ملكه الشخصي.
والمشرع الجزائري قد نص على الأحكام والنصوص القانونية المتعلقة بالعقوبات التأديبية في نص المادة 163 من الباب السابع "النظام التأديبي في فصله الأول والثاني من الأمر رقم (06/03) المؤرخ في 15 يوليو سنة 2006، المتضمن القانون الأساسي العام للوظيفة العمومي، ثم في نصوص المواد (124، 125، 126، 127، 128، 130، 131) في الباب السابع "العقوبات التأديبية" من المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
Ii- خصائص العقوبة التأديبية:
أهم خاصية للعقوبة التأديبية هي مرونتها، وهذه الخاصية تمكن سلطة التأديب من التصدي للأفعال التي تحل بواجبات الوظيفة ومقتضياتها وتوقيع الجزاء العادل والمناسب الذي ينسجم مع أوضاع المرفق وبالطبع فإن هذه المرونة مقيدة بقواعد وإجراءات معينة وتخضع لرقابة القضاء، والخاصية الأخرى اتسامها بالطائفية، بمعنى أنها لا تفرض إلا على فئة معينة من أفراد المجتمع لها نظامها وأهدافها الخاصة بها.
وأخيرا تتسم العقوبة التأديبية بأنها تمس مزايا الوظيفة المادية والمعنوية، بمعنى أنها تقتصر فقط على المساس بحقوق الوظيفة ومزاياها، ولا تمس الموظف في حياته أو ممتلكاته.
Iii- أهداف العقوبة التأديبية:
إن الهدف الإيجابي للتأديب يكمن بصفة عامة في الأساس الذي يرتكز عليه، وهو مساعدة الموظف وتشجيعه على تبني القيم الأخلاقية والارتقاء بمستوى مهارته إلى المستوى المطلوب من خلال إتباع تعليمات وأوامر الإدارة في إخلاص وروح عالية، أما هدف العقوبة التأديبية يكمن أساسا في كفالة انتظام سير المرفق العام والتقويم والإصلاح والردع، فولاية سلطات التأديب إنما شرعت لأحكام الرقابة على الموظفين في قيامهم على تنفيذ القوانين وأداء واجبات وظائفهم على نحو يكفل تحقيق الصالح العام وأخذ المقصر من هؤلاء الموظفين بجرمه، تأكيدا لاحترام القانون واستهدافا لإصلاح الجهاز الإداري وتأمنيا لانتظام المرافق العامة وحسن سيرها.
فالعقوبة التأديبية الهدف منها هو تقويم الموظف المخالف وزجره ليكون عبرة لغيره كي يلتزم كل موظف بواجبات الوظيفة ومقتضياتها بما يحق المصلحة العامة وصالح المرفق، ولهذا فقد قضى بأن مشروعية العقاب إنما تقوم على الزجر لمرتكب الفعل ولغيره، وأن الغاية منه هي الحرص على حسن سير الوظيفة بانتظام واطراد.
والخلاصة أن العقوبة التأديبية كإجراء عقابي، مفهوما خاصا ساهمت في بلورته طبيعة المجتمع الوظيفي وظروفه الخاصة به، فالعقوبة التأديبية محصورة في إطار النظام العام للمرافق وهي في حقيقتها وسيلة في يد السلطة لحماية النظام الداخلي للمرفق وحماية المصلحة العامة وكفالة ما تتطلبه من هيبة وتوقير واحترام.
ثانيا- الطبيعة القانونية للعقوبة التأديبية:
نتيجة لكون المشرع الجزائري قد أخذ بفكرة العلاقة التنظيمية اللائحية، فإن السلطة التأديبية المقررة للدولة على الموظف العام تستند على مركزه باعتباره مركزا تنظيميا لائحيا يفرض عليه التزامات عديدة، وأن السلطة التأديبية باعتبارها فرعا من السلطة الرئاسية فإنه لا يمكنها أن تفرض فاعليتها إلاّ عن طريق العقاب.
ويبرز الفرق والاختلاف ما بين العقوبة التأديبية والعقوبة الجنائية من جهة والقرار التأديبي والحكم القضائي من جهة ثانية والإجراء التأديبي والإجراء الإداري من جهة ثالثة.

الفرع الثاني
العقوبة التأديبية والجنائية
1- من حيث مبدأ شرعية العقوبة: من المقرر أنه "لا عقوبة إلا بنص" أي بناء على قانون، وهذا يسري في المجال العقابي سواء كان جنائيا أو تأديبيا، ولذلك فقد نص المشرع على العقوبات الجنائية وحددها على سبيل الحصر، وهو ما فعله المشرع أيضا بالنسبة للعقوبات التأديبية حيث نص عليها وحددها حصرا ومن ثم فلا يجوز توقيع عقوبة لم ينص عليها المشرع، ويلاحظ مع هذا أن المشرع في المجال الجنائي قد حدد عقوبة معينة لكل جريمة أو لكل نوع من الجرائم الجنائية، أما في المجال التأديبي فإن التشريع الجزائري –كغالبية التشريعات – لم يحدد لكل خطأ تأديبي أو لكل نوع من الأخطاء التأديبية، عقوبة تأديبية معينة، وذلك لأنه لم يحدد أصلا جميع الأخطاء التأديبية وبالتالي فإن السلطة التأديبية لا تتقيد بتوقيع عقوبة معينة وإنما تقدر العقوبة التي تراها مناسبة للخطأ التأديبي و هذا بحسب الأصل العام، ومع ذلك فإن المشرع أخذ يقرب بين المجالين الجنائي والتأديبي، فما يتعلق بمبدأ الشرعية ومداه وآية ذلك أنه حدد لبعض الأخطاء التأديبية العقوبة التي توقع بالنسبة لكل منها.
2- من حيث الهدف أو الغاية من العقوبة: يقول البعض أن الغاية من العقاب الجنائي هو الحفاظ على النظام العام للمجتمع بأسره والدفاع عنه، أما العقوبة التأديبية وإن كانت تستهدف أساسا صالح المرفق إلا أنها تستهدف أيضا الصالح العام للمرافق العامة والمصلحة العامة.
3- من حيث طبيعة العقوبة وموضوعها: يرى غالبية الفقه أن العقوبتين الجنائية والتأديبية تختلفان من حيث هذين الجانبين، فالعقوبة الجنائية قد تصيب الشخص في حياته كعقوبة الإعدام، وقد تنال من حريته بصفة مؤقتة أو مؤبدة كالعقوبات المقيدة للحرية، وقد تصيبه في ماله وقد تحرمه من حقوق سياسية وقد تصيب العقوبة الجنائية الشخص في شرفه واعتباره أما العقوبات التأديبية فهي تصيب الموظف في نطاق وظيفته ومزاياه القانونية فحسب.
4- من حيث الطابع الشخصي للعقوبة: يغلب الطابع الشخصي في العقاب الجنائي عليه في العقاب التأديبي على اعتبار أن العقاب الجنائي ينظر أساسا إلى شخص المتهم، فهو لا ينظر إلى العمل الإجرامي فحسب وإنما يدخل في تقديره واعتباره عناصر شخصية، أما العقاب التأديبي فيغلب عليه الطابع الموضوعي، فالسلطة التأديبية تنظر أساسا إلى الخطأ التأديبي موضوع المؤاخذة.
5- من حيث كون العقوبة جزاء، وليست تعويضا: إن العقوبتين الجنائية والتأديبية تتشابهان في هذا فعلتاهما لا يقصد بها التعويض كما هو الحال في المسؤولية المدنية وإنما توقع كل منهما بوصفها جزاءا يستهدف ردع الجاني أو الموظف المخطئ تأديبيا وزجر غيره.
6- من حيث رد الاعتبار ومحو العقوبة: إن العقوبة الجنائية تخضع لنظام رد الاعتبار، كما تخضع العقوبة التأديبية لنظام المحو.
7- من حيث مجال كل من العقوبتين الجنائية والتأديبية، وس**ها والسلطة المختصة بتوقيعها: إن العقوبة الجنائية توقع بسبب جريمة جنائية تختلف في مقوماتها وأوصافها عن الخطأ التأديبي الذي توقع من أجلها العقوبة التأديبية كما أن السلطة المختصة بتوقيع العقوبة الجنائية وهي - المحاكم الجنائية – تختلف عن السلطات المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية، هاته الأخيرة التي قد تصدر من السلطة التأديبية الرئاسية أي الإدارية مثل ما هو معمول به في التشريع الوظيفي الجزائري وقد يصدر من المجالس أو المحاكم التأديبية مثل ما هو معمول به في التشريع الوظيفي المصري.
إن الموظف العام الذي يرتكب خطأ أو جرما مخالفا لقانون الوظيفة العامة وقانون العقوبات لا يسأل أما جهة معينة واحدة، بل يسأل تأديبيا أمام السلطة الإدارية باعتباره مرتكب لخطأ تأديبي مخالف لقانون الوظيفة العامة ويسأل أيضا أمام القضاء الجنائي باعتباره مرتكبا لجريمة منصوص عليها في قانون العقوبات، وأن قرار أي جهة لا يؤدي إلى ربط الجهة الأخرى أو تقييد احدهما بالأخرى، غير أن مفهوم هذه الفكرة لا بد أن يكون محددا، ومع ذلك فإن هذه السلطة التأديبية ليست مقيدة بالحكم الصادر من القاضي الجنائي بالبراءة والعفو عن الموظف في حالة الشك.
Ii- الإجراء التأديبي والإجراء الإداري:
إن من المعلوم أن الإجراء التأديبي لا يعد عملا قضائيا من ناحية الشكل وبالتالي فإنه يدخل ضمن الأعمال الإدارية إلاّ أنه يحتل ضمن هذه الأعمال مكانة خاصة ولهذا السبب يختلف الإجراء التأديبي عن الإجراء الإداري خاصة من ناحية الهدف، فالإجراء الإداري الخاص بنقل موظف الهدف منه ضمان حسن سير المرفق أو المصلحة الإدارية، بينما الإجراء التأديبي الخاص بالنقل الإجباري للموظف فهدفه أولا وأخيرًا هو معاقبته عن الخطأ التأديبي الذي ارتكبه وإن كان الإجراءان يلتقيان في الموضوع والفاعلية وهما النقل والأثر.
Iii- القرار التأديبي والحكم القضائي:
إن القرار التأديبي لا يختلف بهدفه فقط عن الحكم القضائي في المواد الجنائية، وإنما يستقل عنه باعتباره عملا إداريا بعيدا كل البعد عن الأحكام القضائية ويتجلى ذلك في ما يلي:
1- إن القاضي الإداري عندما يراقب مشروعية الإجراء التأديبي فإنه لا يفعل ذلك نتيجة طلب نقض وإنما نتيجة طعن لسبب تجاوز السلطة.
2- إن الإدارة يمكن أن تطالب بتعويض عن الأضرار الناشئة عن العقوبات التأديبية غير المشروعة، بعكس الحال في الوظيفة القضائية.
3- إن الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية مستقلتان عن بعضهما، وأنه بالإمكان توقع قيام جريمة يعاقب عليها مقترفها جنائيا وتأديبيا.
4- إن تأجيل القضية الجنائية لا يؤثر في سير الإجراءات التأديبية.
5- إن القرار التأديبي لا يؤثر في الدعوى الجنائية.
6- إن البراءة الجنائية لا توقف العقوبة التأديبية إلا في أحوال نادرة.
كما نشير إلى أنه العقوبة التأديبية تخضع عند توقيعها لنفس المبادئ التي تخضع لها العقوبة الجنائية منها، مبدأ الشرعية، مبدأ عدم رجعيةّ العقوبة التأديبية، مبدأ تسبيب القرار أو العقاب التأديبي، مبدأ وحدة العقاب (عدم تعدد العقاب)، مبدأ شخصية العقوبة التأديبية، مبدأ تناسب العقاب التأديبي مع الخطأ التأديبي وأخيرًا مبدأ المساواة في العقوبة.
وفيما يخص العقوبات التأديبية علينا نشير إلى أنواعها وذلك من خلال المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية.
بعد صدور المرسوم رقم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والسالف الذكر وإلغاء الأمر (66/133) المؤرخ في 02 جوان 1966 المتضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية بموجب نص المادة (148) منه، نص المشرع الجزائري من خلال المادة (124) من ذات المرسوم في الباب السابع المعنون "بالعقوبات التأديبية" على تصنيفات وأنواع العقوبات التي يمكن أن يعاقب بها الموظفون العامون تبعا لخطورة الأخطاء التأديبية المرتكبة في ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: - الإنذار الشفوي ، الإنذار الكتابي، التوبيخ، الإيقاف عن العمل من يوم إل
الدرجة الثانية: - الإيقاف عن العمل من أربعة أيام إلى ثمانية أيام، الشطب من جدول الترقية،
الدرجة الثالثة: - التنزيل ، التسريح دون الإشعار المسبق و التعويضات، التسريح دون
الإشعار المسبق و من غير و التعويضات .
I- عقوبات الدرجة الأولى (وهي عقوبات الانضباط العام):
1- الإنذار: وقد أخذ به كعقوبة تأديبية، علاوة على المشرع الجزائري كل من المشرع المصري والفرنسي، وينطوي الإنذار على تحذير للموظف المخطئ تأديبيا، بعدم العودة للإخلال بالواجب الوظيفي وضرورة ترشيد سلوكه، والأخطاء التأديبية البسيطة لا تنطوي على خطورة تهدد كيان الوظيفة أو حسن سير المرفق العام.
والإنذار نوعان:
أ- إنذار شفوي: هو إنذار الموظف المخطئ وتحذيره وكذا توجيهه شفويا لتحسين سلوكه الوظيفي.


ب- إنذار كتابي: وهو إنذار الموظف المخطئ وتحذيره كتابيا عن طريق إشعار الموظف تحريريا بالخطأ التأديبي الذي ارتكبه وتوجيهه كتابيا لتحسين سلوكه الوظيفي.
2- التوبيخ: وينطوي على لوم الموظف المخطئ تأديبيا وتأنيبه على ما أرتكبه من أخطاء تأديبية تعتبر أخطاء من الدرجة الأولى يمس من خلالها الموظف بالانضباط العام.
3- الإيقاف عن العمل من (01) يوم إلى (03) ثلاثة أيام: ويقصد به إيقاف الموظف المخطئ تأديبيا عن أداء وظيفته من (01) يوم إلى (03) ثلاثة أيام، عقابا له عما ارتكبه من أخطاء تأديبية من الدرجة الأولى تمس بالانضباط العام .
Ii- عقوبات الدرجة الثانية: وهي العقوبات التي توقع على الأخطاء التأديبية من الدرجة الثانية والتي قد نصت عليها المادة (70) من المرسوم رقم (82/302) المؤرخ في 12 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية وهي الأخطاء التأديبية التي يرتكبها الموظف نتيجة غفلة منه أو إهمال وهي:
1- الإيقاف عن العمل من (04) أربعة أيام إلى (08) ثمانية أيام: ويقصد به إيقاف الموظف المخطئ عن أداء وظيفته و التي يترتب عنها توقيف مرتبه تلقائيا خلال هذه المدة من (04) أربعة أيام إلى (08) أيام عقابا له ارتكبه من أخطاء تأديبية من الدرجة الثانية .
2- الشطب من جدول الترقية: وهي عقوبة تأديبية تصيب الموظف المرتكب لخطأ تأديبي من الدرجة الثانية والناتج عن غفلة وإهمال منه لحقه في الترقية.
Iii- عقوبات الدرجة الثالثة: (وهي العقوبات التي توقع على الأخطاء التأديبية من الدرجة الثالثة) والتي نصت عليها المادة (71) من المرسوم رقم (82/302)، المؤرخ في 12 سبتمبر 1982 والمتعلق بكيفيات تطبيق الأحكام التشريعية الخاصة بعلاقات العمل الفردية وهي:
1- النقل الإجباري: ومفاد هذه العقوبة التأديبية هو نقل الموظف المخطئ تأديبيا إجباريا إلى مكان آخر في غير المكان الذي كان يعمل فيه، وتعتبر هذه العقوبة ردعا للموظف من الناحية النفسية والأخلاقية .
2- التنزيل: وهي عقوبة تؤدي إلى تنزيل الموظف من الرتبة التي يحتلها إلى الرتبة الأقل منها بمعنى أن تنزيله لا يتجاوز رتبة واحدة.
3- التسريح من الوظيفة: وهي عقوبة تأديبية مقررة لمواجهة الأخطاء التأديبية شديدة الجسامة والتي تؤكد عن عدم صلاحية الموظف الوظيفة وهذه العقوبة تنهي العلاقة بين الموظف والإدارة وهي على نوعان:
أ‌- التسريح مع الإشعار المسبق والتعويضات: ويقصد به إنهاء علاقة الموظف بالوظيفة بعد إشعاره المسبق بخطئه التأديبي وبالعقوبة التأديبية التي سوف توقع عليه، مع إعطاءه ومنحه جميع التعويضات ذات الطابع العائلي.
ب‌- التسريح دون الإشعار المسبق ومن غير التعويضات: ويقصد بها إنهاء علاقة الموظف بالوظيفة دون إشعاره المسبق بخطاءه التأديبي والعقوبة التأديبية المقررة له يسببه دون منحه التعويضات ذات الطابع العائلي.
تبقى الإشارة فقط إلى أنه و زيادة على العقوبات المذكورة بدرجاتها الثلاثة، هناك عقوبات أخرى من الدرجتين الأولى والثانية تتناسب وطبيعة الوظيفة في المؤسسات والإدارات العمومية مثل العقوبات المقررة لموظفي قطاع التربية أو قطاع الصحة أو قطاع المالية، وهو ما نصت عليه الفقرة (02) من المادة (124) من المرسوم (85/59).
أما المادة (136) من ذات المرسوم (85/59) في بابه الثامن فقد نصت على إجراء "العزل" في الباب السابع المتعلق "بالعقوبات التأديبية".
العزل: والذي قد نصت عليه المادة (136) بأن "كل توقف عن الخدمة يخالف أحكام المواد من (132) إلى (135) أعلاه والمتعلقة بانتهاء علاقة العمل .
هو إجراء بمجرد توقيعه على الموظف المتوقف عن الخدمة يفقد صفة الموظف العام ولا يبقى له مكان في الوظيفة التي كان يشغلها ويعتبر كأن لم يكن قد تولى وظيفته في الإدارة التي عزل منها، و عليه فالموظف الذي يترك وظيفته دون إذن أو لم يعد إليها بعد المدة التي أذن له بها، أو يترك وظيفته قبل قبول استقالته أو لم يلتحق بالوظيفة التي نقل إليها يمكن أن يوقع عليه إجراء العزل، وقد يترتب على ذلك أيضًا حرمانه من تولي الوظائف العامة الخاضعة للأحكام قانون الوظيفة العامة.
- الوقف الاحتياطي:
قد تسند إلى الموظف تهم جد خطيرة، لا يصح معها أن يستمد في مزاولة أعباء وظيفته بل يقتضي الصالح العام إبعاده مؤقتًا من وظيفته حتى ينجلي أمره، وعلى ذلك ضمان صالح الإدارة يقتضي إعطاءها حق وقف الموظف احتياطيا عن عمله مقابل الضمانات التي منحت له والقيود التي فرضت على الإدارة قبل البث في أمر الموظف بتبرئته أو توقيع العقاب عليه، لذلك فإن وقف الموظف احتياطيا هو حق طبيعي للجهة الإدارية في مختلف التشريعات ومن بينها التشريع الجزائري.
إنه يمكن القول بأن الوقف الاحتياطي، هو "إجراء تحفظي يسمح للسلطة الإدارية بإبعاد الموظف مؤقتا عن وظيفته إذا أتهم بارتكاب خطأ جسيم".
والوقف ليست له أي صيغة تأديبية ولا يقاس عليه القرار الإداري أو الحكم الجنائي الذي قد يأتي فيما بعد، فالموقوف يحتفظ بحقوقه في الترقية والمعاش ويبقى تابعا للسلطة الرئاسية ولا يجوز له وهو في هذه الحالة مباشرة أي نشاط خاص يدر عليه ربحًا.
I- شروط الوقف الاحتياطي: بسبب تنوع الأفعال التي يمكن أن تكون مبررا لتوقيع عقوبة تأديبية فإنه من غير الممكن بل ومن المستحيل وضع قائمة لتحديد الوقائع التي تكون سببا في تقرير وقف الموظف المخطئ.
وهذا الإجراء أي الوقف الاحتياطي نص عليه المشرع أيضا من خلال نص المادة من قانون الوظيفة العمومي الحالي والصادر بموجب المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والسالف الذكر، ويقصد المشرع بذلك بأن خطورة وجسامة الخطأ المهني الذي يرتكبه الموظف العام ويؤدي إلى توقيفه يمكن أن يترتب وينجر عنه عقابه بعقوبة من الدرجة الثالثة في حدها الأقصى ألاّ وهو التسريح من الوظيفة العامة.
كما أن الوقف الاحتياطي يمكن أن يتقرر أيضا، إذا تبين للإدارة أن الإبقاء على الموظف في منصبه من شأنه أن يعرقل سير التحريات الأولية أو يكون سببًا في تواطئ وإتلاف نتائج هذه التحريات.
ويشترط في قرار الوقف هذا، أن يصدر من السلطة التي لها حق التعيين بناء على ملاحظتها أو يطلب من الرؤساء المباشرين للموظف المخطئ، وفي الحالة الأخيرة يتطلب تقديم تقرير معلل بجانب طلب الوقف يبين فيه الخطأ المرتكب.
Ii- آثار الوقف الاحتياطي: إن الأثر الأساسي للوقف الاحتياطي هو الإبعاد العاجل الموظف المخطئ من منصبه، فيتولى مسؤولوه المباشرون استرجاع جميع الوسائل التي كانت ممنوحة له للممارسة مهامه كالأوراق الرسمية والأختام، وبعدما كان الوقف الاحتياطي يرتب أثاره على الموظف العام المخطئ متبوعا باقتطاع حصة من مرتبه على أن لا تتجاوز نصف مرتبه، وتلتزم خلالها السلطة التي لها حق التعيين بأخطاء الموظف المعني بالحصة المقتطعة.
وبالنسبة لعلاقة الموظف الموقوف بالإدارة فإنها تبقى على ما هي عليه قبل الوقف وعليه فإن وقفه هذا لا يترتب عليه انقسام العلاقة التي تربطه بالإدارة وإن كان هذا الوقف يؤثر فيه من ناحية الإبعاد عن وظيفته وتوقيف مرتبه وعدم جواز ترقيته خلال مدة الإيقاف.
Iii- مدة الوقف الاحتياطي: إن مدة الوقف تختلف باختلاف موضوع المتابعة، حيث نميز هنا بين حالتين:
1- إذا لم يكن الموظف العام المخطئ تأديبيا موضوع متابعات جزائية:
فإن الإدارة وطبقا لنص المادة (60) من القانون الأساسي للوظيفة العمومية (66/133) تلتزم بتسوية وضعيته نهائيا من الناحية التأديبية خلال 06 (ستة أشهر) على الأكثر ابتداء من يوم سريان مفعول قرار الإيقاف، هذا في قانون (66/133) .
ولكن بعد إلغاؤه وصدور المرسوم (85/59) المؤرخ في 23/03/1985 والسالف الذكر، ومن خلال نص مادته (130) في فقرتها الثالثة، والتي حددت أقصى أجل تلتزم فيه السلطة الإدارية التي لها حق التعيين بتسوية وضعية الموظف العام الموقف احتياطيا في أجل ((02) شهرين) على الأكثر ابتداء من اليوم الذي صدر فيه مقرر توقيفه وعليه فالسلطة التأديبية هنا تكون أمام حلين، إما أن تتخلى عن متابعته تأديبيا، أو توقع عليه عقوبة تأديبية في خلال هذا الأجل بعد أن تطلب موافقة مجلس التأديب على ذلك، وفي حالة ما إذا لم تتخذ أي من الحلين، أو في حالة ما إذا عارض مجلس التأديب التسريح (عقوبة الدرجة الثالثة) أو في حالة ما لم يجتمع المجلس في الأجل المذكور، أو لم يبلغ مقرره للمعني الموظف المخطئ فإن الموظف يبدأ في تقاضي مرتبه من جديد وبالكامل.
2- إذا كان الموظف العام المخطئ تأديبيا موضوع متابعات جزائية:
و طبقا لنص المادة 131 فقرة 1 من المرسوم 85/59 السالف الذكر أنه إذا كان الموظف المخطئ موضوع متابعات جزائية وأوقف احتياطيا تبعا لذلك يجب أن تطبق عليه العقوبة التأديبية خلال ستة (06) أشهر على الأكثر يبقى يتقاضى خلالها جزء من مرتبة الأساسي لا يتجاوز ثلاثة أرباعه، يبدأها به من تاريخ بتبليغ السلطة الإدارية التأديبية الموظف المخطئ بقرار الوقف، وغير أن وكاستثناء وفي حالة ارتكاب الموظف المخطئ والموقف احتياطيا خطأ مهنيا جسيما يمكن أن ينجر عنه التسريح (عقوبة الدرجة الثالثة) فإنه لا يتقاضى مرتبه كاملا .
ومما تجدر الإشارة إليه أن الموظف العام بمجرد ارتكابه لجرم معاقب عليه جزائيا، ويتعرض لمتابعات جزائية تتولى الجهة القضائية المحركة للدعوى العمومية (النيابة العامة) أخطار سلطته الإدارية التي تتولى بدورها إيقافه احتياطيا ولا تسوى له وضعيته نهائيا إلاّ بعد أن يصبح القرار القضائي نهائيا وبذلك يوقف الموظف العام المرتكب بجرم جزائي تأديبيا وذلك احتياطيا بحسب الإجراءات التالية:
1- مرحلة الإخطار من قبل الجهات القضائية المختصة.
2- مرحلة الوقف الاحتياطي. ولدينا في هذا الصدد، حالة تطبيقية:
حيث تورد هذه الحالة التطبيقية على سبيل المنال لا الحصر:
فبتاريخ 11/04/1998 تقدم الضحية (ي، م) بشكوى إلى نيابة الجمهورية بمحكمة الجنح بالوادي ضد المسمى (ب، م، ع) مفادها بأنه يشتغل وظيفة مساعد تربوي مكلف بالاستشارة التربوية باكمالية النخيل الشرقية بالوادي، وبأنه قد تعرض للاعتداء بالضرب والجرح داخل مكتبه من قبل المتهم (ب، م، ع) مساعد تربوي بنفس المؤسسة، وقد أدى ذلك به إلى الإغماد والجرح العمدي وذلك بدوره أدى به إلى عجز عن العمل لمدة (35 يوما) حسب الشهادات الطبية المرفقة، وقد أحيل المتهم (ب، م، ع) على محكمة الجنح عن طريق إجراءات التلبس الصادر عن السيد وكيل الجمهورية بمحكمة دائرة الاختصاص بتهمة جنحة الضرب والجرم العمدي الفعل المنسوب والمنصوص وكذا المعاقب عليه بموجب أحكام نص المادة (264 من قانون العقوبات).
1- مرحلة الاخطار من قبل الجهات القضائية المختصة:
حيث أنه وبتاريخ 06 ماي 1998 وبموجب إرساله من وكيل الجمهورية لدى محكمة الوادي إلى السيد النائب العام لدى مجلس قضاء بسكرة والمتضمن موضوعها إخطاره بإجراء متابعة قضائية ضد المتهم (ب، م، ع) بتهمة جنحة الضرب والجرح العمدي وقد تم إرسال نسخة من هذا الإخطار من نيابة الجمهورية إلى السلطة الرئاسية الإدارية للمتهم (ب، م، ع) مديرية التربية بالوادي ممثلة أساسا في شخص مدير التربية بالوادي.
ولقد حددت جلسة المحاكمة بمحكمة الجنح بالوادي من قبل النيابة العامة بعد تكيفها للوقائع على أساس أنها تشكل جرم جنحة الضرب والجرح العمدي الفعل المعاقب عليه بنص المادة (264 من ق، ع) وبعد جدولتها لجلسة المحاكمة في تاريخ 10/05/1998 أجلت لجلسة 17/05/1998.
2- مرحلة الوقف الاحتياطي:
حيث أن مدير التربية بصفته يمثل السلطة الرئاسية الإدارية للمتهم (ب، م، ع) بمجرد إخطاره من قبل نيابة الجمهورية بمحكمة الجنح بالوادي، وبتاريخ 11/05/1998 وتطبيقا لنص المادة (131) من المرسوم (85/59) والسالف الذكر من خلال فقرتها الأولى قام بإيقاف المتهم (ب، م، ع) عن وظيفته كمساعد تربوي بإكمالية النخيل الشرقية بالوادي ابتداء من 06/05/1998 على أن لا يتقاضى راتبه ابتداء من نفس التاريخ ويحتفظ له بالمنح ذات الطابع العائلي.

المبحث الثاني
الجهة القضائية المختصة في تأديب الموظف العام
من المسلم به أنّ سلطة التأديب تعدّ السلاح القوي الفعال في يد الإدارة لكي تردع به الموظفين عند حدوث تقصير من جانبهم أثناء أداء واجباتهم الوظيفية، إذا كان القانون قد أعطى الإدارة مثل هذه السلطة الأخيرة في أمور الموظفين لكي تقوم على حسن سير المرافق العمومية، فإنّه من ناحية أخرى حريص على أن تكون ممارسة هذا الحق وفقا لقواعد وأحكام ضمنها في نصوصه، وهذه الأحكام تتناول نواحي التأديب المختلفة من ضمنها السلطة القائمة على أمر التأديب .
ويمكنها كذلك من المقدرة على فهم جوانب الخطأ التأديبي وأبعاده والعوامل التي أحاطت به، ومن ثم يمكنها من سرعة اتخاذ الجزاء أو العقاب العادل والرادع في ذات الوقت، فهناك إذن ارتياب كامل بين فاعلية العقاب وبين السلطة المختصة بتوقيعه .
وسوف لن يتسنى لنا معرفة ماهية السلطة المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية المقررة للخطأ التأديبي إلاّ من خلال التطرق إلى:
- الأنظمة المختلفة للجهة المختصة في تأديب الموظف العام وذلك من خلال المطلب الأول.
- السلطة المختصة بإصدار قرار التأديب من خلال المطلب الثاني من هذا المبحث.
المطلب الأول
الأنواع المختلفة للجهة المختصة في تأديب الموظف العام
تختلف الأنظمة التشريعية الوظيفية فيما بينها اختلافا بينا، في تحديد السلطة المختصة بالتأديب بحيث يتعذر القول بوجود تطابق كامل بين نظام معمول به في دولة ونظام مطبق في دولة أخرى ، وعلى الرغم من اختلاف قوانين الدول فيما يتعلق بالسلطة المختصة بتوقيع السلطة التأديبية، إلا و أنها تدور عادة بين أنظمة ثلاثة وهي النظام الرئاسي والنظام القضائي وكذا النظام شبه القضائي . والتي يمكن عرضها كما يلي:
الفرع الأول
الأنظمة المختلفة
أولا: النظام القضائي
يتميز النظام القضائي في التأديب باقتراب الدعوى التأديبية من الدعوى الجنائية وجعل نظام التأديب نظاما قضائيا بالمعنى الصحيح، وذلك بفصل سلطتي التحقيق والاهتمام من جهة والسلطة الرئاسية من جهة أخرى ويبقى دورها مقتصرا كسلطة للتأديب على العقوبات البسيطة .
ويقتصر دور السلطة الرئاسية في هذا النظام على توجيه الاهتمام إلى الموظف المخطئ، كما أنّ المشرع قد ينشأ هيأة خاصة تتولى القيام برفع الدعوى التأديبية، وتتولى الإدعاء أمام هذه المحاكم وتدعى )النيابة الإدارية) وتأخذ بهذا النظام كقاعدة عامة عدة دول منها ألمانيا والنمسا ومصر .
ووجود مثل هذا النظام يتطلب بالضرورة وجود إجراءات تأديبية محددة، توفر للموظفين أقصى ما يمكن من ضمانات الحياة والطمأنينة في متابعة الدعوى الـتأديبية، ويقوم على تخصص قضائي تخرج بناءا عليه الدعاوى التأديبية من اختصاص المحاكم الإدارية والعادية .
وينفرد النظام القضائي في التأديب بعدة خصائص ومميزات نذكر منها ما يلي :
1- يحقق النظام القضائي مبدأ العدالة والموضوعية في التأديب، حيث تكون السلطة التأديبية في ظله بعيدة كل البعد عن مساوئ كل من النفوذ السياسي والإداري.
2- أنه نظام كفيل بمنع استبداد أو انحراف السلطات الرئاسية فيما لو باشرت الاختصاص التأديبي.
3- إنّ نظام التأديب أقرب في حقيقته إلى الوظيفة القضائية منه إلى الوظيفة الإدارية.
ومع ذلك لم يسلم النظام القضائي منها :
1- المحاكم التأديبية تؤدي إلى البطئ والروتين، لذلك من الأفضل أن توضع سلطة التأديب في يد شخص واحد يكون ممثلا للسلطة الرئاسية.
2- إنّ المحاكم التأديبية تتبع إجراءات قضائية مطولة وتخضع لشكليات كثيرة الأمر الذي يؤدي إلى تأخير توقيع العقاب.
3- إنّ القول بأنّ التأديب أقرب إلى وظائف القضاء منه إلى وظائف الإدارة، قول يتضمن الخلط بين رسالة التأديب وعمل القاضي، فالتأديب في واقع الأمر من أخص أعمال الرئيس الإداري فهو نوع من سلطته الرئاسية.
ثانيا: النظام الشبه القضائي
هو نظام رئاسي في جوهره، فدور السلطة الرئاسية في توقيع العقوبة مازال قائما وعلى الأقل ظاهرا، إلاّ أنّ بعضا من التعديلات تدخل على النظام الرئاسي لا تأثر في هيكله، وإن كانت تغير من ملامحه فتهدف في مجموعها إلى تأمين قدر من الضمانات الجوهرية للموظف العام وأهم هذه التعديلات هي :
1- التزام السلطة الرئاسية بأخذ رأي هيأة معينة قبل توقيع العقوبة التأديبية، وهي إن كانت لا تلتزم بنتيجة هذا الرأي.
2- وفي حالات أخرى ينشأ المشرع مجالس تأديب يغلب فيها العنصر الإداري، تختص بتوقيع العقوبات التأديبية عل الموظفين العموميين وتأخذ بهذا النظام عدة دول .
ولهذا النظام في الواقع مبررات ومزايا عديدة من بينها :

1- إنه يحقق للموظفين قدرا أكبر من الضمان، حيث يقيد إلى حد ما من السلطة التقديرية للإدارة وبالتالي إمكانية إشراك هيئات أخرى معها في هذا المجال.
2- يحاول النظام شبه القضائي التوفيق بيت المصلحة العامة المتمثلة في ضرورة تمتع الإدارة بقدر من الاستقلال وحرية التقدير، وبين مصلحة الأفراد المتمثلة في حماية الحقوق والحريات العامة. وذلك بالتزام الإدارة بمبدأ المشروعية.
3- إنه نظام يعمل على إقامة فصل تدريجي بين سلطة الاتهام وسلطة الحكم بتنظيم تدخل الهيئات الاستشارية المكلفة بإبداء الرأي قبل صدور الحكم من السلطات الرئاسية.
وأي كان الأمر، فإنّ نظام التأديب شبه القضائي يقوم على تشكيل مجالس تأديبية غالبية أعضائها من رجال الإدارة مع وجود عنصر قضائي في تشكيلها، وتصدر هذه المجالس قرارات نهائية و ليس مجرد رأي أو مشورة، وهذه المجالس تعتبر فعلا هيئات شبه قضائية أو هيئات إدارية ذات اختصاص قضائي .
هذا وقد أخذ على هذا النظام أنه يضعف من السلطة الرئاسية تجاه المرؤوسين طالما أنّ هذه السلطة لا تملك بمفردها حق توقيع العقاب على هؤلاء المرؤوسين في حالة اقترافهم لأفعال منافية لحسن سير وانتظام المرفق، ويأخذ على هذا النظام أيضا تعسفه في استعمال السلطة الرئاسية في النظام الرئاسي، وطول الإجراءات التي تطلبها المحاكمة في النظام القضائي وبعد القاضي عن الواقع .
ومما يجدر الإشارة إليه أنّ البعض قد أطلق على النظام شبه القضائي تسمية النظام المختلط استنادا إلى قيام الجزاء أو العقاب الرئاسي في هذا النظام على إجراءات إدارية والجزاء أو العقاب القضائي منه على أساس إجراءات قضائية .
ثالثا: النظام الرئاسي
النظام الرئاسي هو النظام الذي تستقل فيه السلطة الرئاسية دون غيرها بحق فرض كافة العقوبات التأديبية باختلاف درجاتها على الموظفين العموميين في الدولة، ويعد النظام الرئاسي في التأديب أقدم صور الأنظمة التأديبية المعروفة حاليا ويرتبط ظهوره بظهور الوظيفة العامة ذاتها منذ بداية عهد الدولة الحارسة وحتى مفهوم الدولة في العصر الحديث .
ويكون للسلطة الرئاسية في هذا النظام الحق بمفردها في توقيع كافة العقوبات التأديبية (البسيطة والجسيمة) على الموظفين العموميين دون الأخذ برأي هيأة معينة .
ويعتبر من صور هذا النظام، أن تأخذ السلطة التأديبية الرئاسية-قبل توقيعها العقاب- رأي هيأة أو مجلس ولكن لا تلتزم السلطة المذكورة بهذا الرأي، غير أنه ومن التشريعات ما يجعل هذا الرأي ملزما للسلطة الرئاسية وإن كان لها حق تعديله لصالح الموظف .
ولا شك أنّ النظام الرئاسي يجعل الغلبة لمبدأ الفعالية في مجال أو نطاق الإدارة على حساب مبدأ الضمان الذي يسود نظام التأديب القضائي، وقد تم تغليب هذه الفعالية بغرض تسيير المرافق العامة بانتظام وإضطراد وأنّ ذلك لن يتحقق إلاّ إذا تزودت الجهات الإدارية أو الرئاسية بسلطة التأديب، ويذهب البعض إلى أنّ إسناد التأديب للسلطة الرئاسية يؤدي إلى نوع من الردع المعنوي للموظفين لإدراكهم أنّ السلطة الرئاسية تملك الحق في إيقاع العقوبات التأديبية عليهم إذا ما أخلو بواجباتهم الوظيفية .
ومن تطبيقات النظام الرئاسي في التأديب، النظام الانجليزي والأمريكي، حيث تباشر السلطة التأديبية في كل هذه الأنظمة من خلال السلطة الرئاسية وعلى رأسها الوزير المختص والذي تكون له الكلمة الأخيرة والنهائية في كافة القرارات التأديبية والتي تصدر في حق الموظفين التابعين لقضائه .
والجدير بالذكر أنّ فرنسا كانت تأخذ بالنظام الرئاسي في التأديب في بادئ الأمر إلاّ أنها اتجهت إلى الأخذ بالنظام شبه القضائي وكان ذلك بسبب الانتقادات الشديدة التي وجهت للنظام الرئاسي في مجال التأديب وتتمثل هذه الانتقادات أساسا فيما يلي :
1- إنّ السلطة الرئاسية تخشى أحيانا توقيع العقاب التأديبي خوفا من أن تكون هذه العقوبات محلا لمناقشة لاحقة من الرئيس الأعلى أو الرأي العام أو ربما البرلمان.
2- قد تتأثر السلطة الرئاسية في اتخاذ الإجراءات التأديبية بضغط النقابات أو الهيئات السياسية مما يجعل السلطة الرئاسية وهي التي تملك نظريا حق توقيع العقاب.
وقد رد على هذه الانتقادات بما يلي :
1- أنّ مباشرة السلطة التأديبية يخضع للرقابة القضائية.
2- أنّ النظام الرئاسي له مميزات خاصة لكون الرئيس الإداري أدى في تقدير الظروف والملابسات التي ارتكب فيها الخطأ.
3- أنّ الرئيس الإداري أدى من غيره بسيرة الموظف باعتباره المسؤول عن حسن سير المرفق أو المصلحة التي يشرف عليها .
4- أنّ حق التأديب شأنه شأن التشجيع، والتقدير يعتبر من الأمور الضرورية للتسيير.
ومما سبق يتضح ويتبين لنا أنّ النظام التأديبي الأمثل لسلطة العقاب هو النظام الذي يقوم على نوع من الموازنة ما بين مقتضيات الضمان (القانون) وبين الفاعلية )الإدارة العامة
فالنظام الرئاسي في التأديب يفتقر لعنصر الضمان، وعلى العكس منه النظام القضائي يفتقر لعنصر الفاعلية لحساب الضمان وتأسيسا على هذه المعطيات فإنّ بعض التشريعات المقارنة لا تحبذ اعتناق أي من النظامين الإداري والقضائي البحت، بل ترى هذه التشريعات بأنّ النظام الأجدر بالإتباع هو ذلك المتسم بالصفة المختلطة بين النظامين الإداري والقضائي وهو ما يطلق عليه (النظام الشبه القضائي) القائم على نوع من الموازنة بين الفاعلية والضمان، والذي يجمع بين خصائص النظام الإداري (الرئاسي) والنظام القضائي بغية تلاقي العيوب الشائعة في مجال العقاب التأديبي، محققا الهدف النهائي للتأديب الوظيفي، مع مراعاة المصالح العامة والخاصة.
الفرع الثاني
موقف المشرع الجزائري
لقد حاول المشرع الجزائري الأخذ بمميزات كل من النظامين الرئاسي والشبه القضائي وتجنب عيوب كل منهما، ويتجلى ذلك في إعطاء سلطة توقيع عقوبات الدرجة الأولى للسلطة الرئاسية التي لها صلاحية التعيين والتي تنفرد بتوقيعها وذلك بمقرر مبين الأسباب، دون استشارة التأديب مقدما وهو ما نصت عليه المادة (56) من الأمر(66/133) والمؤرخ في 02 جوان 1966 والمتضمن القانون الأساسي للوظيف العمومي ونص المادة (125) من المرسوم (85/59) المؤرخ في 23 مارس 1985 والمتضمن القانون الأساسي النموذجي لعمال المؤسسات والإدارات العمومية كما منح المشرع السلطة الرئاسية أيضا سلطة توقيع عقوبات الدرجة الثانية لكنه خيرها باستشارة مجلس التأديب مقدما.
أما عقوبات الدرجة الثالثة فقد خولها المشرع أيضا للسلطة التأديبية الرئاسية ومنحها سلطة توقيعها لكنه قيدها بإلزامية وضرورة استشارتها لمجلس التأديب إجباريا بعد أخذ رأيه وموافقته وإتباع إجراءات قانونية محددة في ذلك، وإلا اعتبر قرارها بتوقيع العقوبة التأديبية قرارا باطلا نظرا للإجبارية الأخذ بالرأي مجلس التأديب، وهو ما نصت عليه المادة (56) في فقرتها الثالثة من الأمر (66/133) ونص المادة (127) من المرسوم (85/59)، السالفي الذكر.
ومن ذلك يتبين أن النظام المتبع في الجزائر هو نظام رئاسي وشبه قضائي، حيث نجد المشرع منح مهمة التأديب للسلطة الرئاسية وأنشأ بجانبها لجنة على مستوى كل هيئة أو سلك إداري تدعى "اللجنة المتساوية الأعضاء" وتختص بالنظر في المسائل الفردية الخاصة بالموظفين والتي من بينها مسألة التأديب فتجتمع في مجلس للتأديب، وتدلي برأيها الاستشاري غير الملزم والاختياري في عقوبات الدرجة الثانية والإلزامي الإجباري في عقوبات الدرجة الثالثة والتي تتطلب لتوقيعها موافقتها ..










رد مع اقتباس