منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - التعديل الدستوري مذكرتي الخاصة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-10-23, 10:49   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










456ty تابع

المبحث الثاني: تطور الحقوق والحريات العامة في الدساتير الجزائرية
إن المشرع الدستوري الجزائري من خلال الدساتير الجزائرية قد اولى اهتماما بشان تنظيم الحقوق والحريات العامة فكل دستور خصص لها مجموعة من المواد مكفلا مختلف الحقوق والحريات التقليدية منها والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. والحقوق والحريات الأساسية المقررة لصالح موضوع الحق( الإنسان والمواطن) تعد اعتراف ايجابي من قبل الدولة على أساس تلك السيادة التي يملكها.
المطلب الأول: تقسيمات الحقوق والحريات العامة
تعدُّ الحرياتُ من القيم القليلة التي كان لها عظيمُ الأثر في نفوس البشر على مر العصور المتعاقبة.
فالحديث عن الحرية ذاتها لم يتوقف ولن يتوقف ما دامت الحياةُ مستمرةً ومن أهم الحريات العامة الحرية الشخصية وحرية الرأي والتعبير وحرية التعليم والتعلم وحرية الاتصالات وحرية التنقل من مكان إلى آخر وحرية تكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وغيرها من الحريات.
* أ) الحرية الشخصية:
تعتبر الحرية الشخصية حقا طبيعيا فطريا والمساس به يعد مساسا بحق أساسي من حقوق الإنسان.
وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستوجبه ضرورة التحقيق وصيانة أمن الأمة، وهذا الأمر لا يصدره إلا القاضي المختص أو النيابة العامة، وهذا لا يعني أن الحرية الشخصية حقٌّ مطلقٌ لا ترد عليه القيود لكن القانون هو الوسيلة الوحيدة لوضع هذه القيود.
وهكذا يُلاحظ أن لخصوصية الفرد نطاقاً يحميه الدستور. فالقيود التي يفرضها الدستور على التفتيش والقبض غير المبرر تمثل ضماناً لحق الفرد في الخصوصية والحرية الشخصية سواء تعلَّق الأمرُ بالشخص نفسه أو بمسكنه أو بمكان عبادته.

* ب) حرية الرأي والتعبير:
لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء دون مضايقة والتعبير عنها بأيِّ وسيلة ودونما اعتبار للحدود، وقد نصَّ الإعلانُ العالمي على هذا الحق (المادة 19) وكرَّسه العهدُ الدوليُّ للحقوق المدنية والسياسية . وبينما يكون الحقُّ في حرية الرأي والتعبير مطلقاً، يجوز بمقتضى العهد إخضاع حرية التعبير عنه لبعض القيود ويشمل حقُّ الإنسان في حرية الرأي والتعبير، الحقَّ في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين سواء بشكل مكتوب أم مطبوع أم في قالب فني أم بأي وسيلة أخرى يختارها.
أما القيود التي تُفرض على حرية الرأي والتعبير فيجب أن تكون محددةً بقانون، وأن تكون ضروريةً إمَّا لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم وإما لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
* ج) حرية تكوين التنظيمات والأحزاب السياسية.
تعتبر حريةُ تكوين التنظيمات والأحزاب السياسية والانضمام إليها شرطاً أساسياً لممارسة الأفراد والجماعات حقوقهم السياسية والنقابية، وإن كانت هي لازمةً للتمتع بحقوق أخرى سياسيةً واقتصاديةً واجتماعيةً وثقافية.
* د) حرية التعليم:
ليس التعريفُ بحرية التعليم أمراً سهل المنال ويرجع ذلك إلى تعقُّد مكونات حرية التعليم. إذ تحتوي هذه الحرية على شقين:
أولهما حريةُ تلقين العلم وثانيهما حريةُ تلقي العلم على يد الآخرين، فبينما حريةُ إعطاء العلم هي دائماً إيجابية، فإنَّ حرية التعليم قد تكون إيجابيةً إذا ما رغب المرء في تلقي العلم، وقد تكون سلبيةً إذا لم يرغب في ذلك.
وتكتسب حريةُ التعليم أهميةً كبيرةً، لاتصالها اتصالاً مباشراً بالعديد من الحريات الأخرى، فهي تتصل بحرية الرأي وحرية العقيدة وحرية التجارة وغيرها من الحريات.
ومن الحقوق العامة للمواطن نذكر ما يلي:
أ) الحق في الحياة:
أثمن ما يمتلكه الإنسان في الوجود حياته، وقد جعلت الشريعة الإسلامية من هذا الحق قاعدة أساسيةً من قواعدها، فحرَّمت قتل الغير بغير حق وقد أولت الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان هذا الحق أهميةً خاصة.
ب) حق المساواة في الحقوق والواجبات:
ويقصد بهذا المبدأ خضوع الدولة وكامل أفراد المجتمع للأسس القانونية في ميدان الحقوق والواجبات، ويتحقق هذا المبدأ بتوافر شرطي العموم والتجريد في التشريعات المنظمة للحقوق والواجبات أي عدم التمييز بين أفراد المجتمع الواحد إذا تماثلت ظروفهم ومراكزهم القانونية، فإذا اختلفت هذه الظروف انتفى مناطُ التسوية بينهم.
ويعتبر مبدأُ المساواة من أهم ضمانات حقوق الإنسان، وهو مبدأ عام ومطلق، و به تتحقق للناس كافة عناصر الاستقرار النفسي في أن حقوقهم العامة مصونة، والواجبات المنوطة بهم عادلة غير جائرة.
فتتحقق بإنفاذ هذا المبدأ الجوهري العدالة التي ينشدها الجميع في ميدان الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتترتب عليه التنميةُ الشاملةُ المنشودة، فيسود المجتمع الرضا والطمأنينة والقناعة، وتتعاظم روحُ التنافس الشريف الذي يكون صاحبه متيقناً من أن جهده واجتهاده سيلقيان التقدير المناسب فتنصرف الطاقاتُ إلى البناء والتعمير والإبداع، بدلاً من الخوف والتوجُّس والانزواء على الذات في حال غياب هذا الحق الأساسي.

ج) حق التقاضي والدفاع:
إن حقَّ التقاضي مكفولٌ دستوراً وقانوناً لكلِّ مواطن سواء كان متهماً أم مجنياً عليه.
ولا يأخذ هذا الحق مداه الطبيعي أو يحقق الوسيلة الفعالة لحماية حقوق الإنسان، ورد الاعتداء عليها إلا إذا أقامه قاضٍ طبيعي يلجأ إليه المواطن إذا ما أُعتدي على حقوقه وحرياته من قبل الأفراد أو من السلطات العامة.
ويتجلى واجبُ القضاء في حماية حقوق الإنسان في التصدي لأي إجراءات تتصادم مع ما أكده الدستور من حقوق للإنسان، وتعميق مفهوم ما قررته التشريعات ودفع كل عدوان عنها.
ويعدُّ حقُّ التقاضي ووقوف المتهم أمام محكمة مؤهلة ونزيهة من منظور حقوق الإنسان حقاً مركَّباً. فهـو يشتمل بحد ذاته على طائفة من الحقوق، وبسبب هذه الطبيعة المركبة لهذا الحق فقد أولاه القانونُ الدولي، والأمم المتحدة عنايةً فائقةً، واستهدف تفصيل معايير المحاكم المؤهلة والمستقلة والنزيهة القادرة على توفير العدالة ووسائل الإنصاف والحماية القانونية لحقوق الإنسان.
وفصَّل العهدُ الدوليُّ للحقوق المدنية والسياسية في هذا الحق تفصيلاً متكاملاً وخاصة في المادتين (14، 15).
وركّزت الجهودُ التالية للأمم المتحدة على تقنين ضمانات نزاهة واستقلال القضاء. وأهم الإنجازات في هذا المجال هو صياغة مبادئ موجهة عن استقلال القضاء.
د) الحقوق الاجتماعية: وتتضمن قائمةُ الحقوق الاجتماعية المُعترَف بها دستوراً وقانوناً حقَّ العمل والرعاية الصحية ومساعدة الأسرة ورعاية العجزة.
ه) الحقوق السياسية :
الحقوق السياسية مسألة ذات أهمية بالغة في تنظيم المجتمع السياسي، وذلك ليس لكونها موضوعاًََ يرتبط بتحديد طريقة ممارسة السلطة السياسية وكيفية مساهمة الشعب في هذه الممارسة وبالتالي تبيان أبعاد العلاقة بين الحكام والمحكومين فحسب، بل لكونها أيضاًَ من أكثر أنواع حقوق الإنسان أهمية في الوقت الحاضر، حيث أنها لاتمثل مجرد حقوق بل تمثل أيضاًَ ضمانات أساسية للمواطن كي يتمكن من التمتع ببقية حقوقه الأخرى في الدولة.
لذلك حظيت الحقوق السياسية، إلى جانب الأنواع الأخرى من حقوق الإنسان، بإهتمام واسع، سواء على الصعيد الداخلي للدول عن طريق النص عليها وتنظيمها في الدستور أو على الصعيد الدولي من خلال تثبيتها وتأكيد صيانتها في إعلانات الحقوق والإتفاقيات والعهود العالمية والإقليمية، التي تكوّن ما يسمى اليوم بـ(الشرعة الدولية لحقوق الإنسان) أو (قانون حقوق الإنسان الدولي).
مثل إحترام الحقوق السياسية للمواطن وتوفير ضمانات ممارستها مسألة جوهرية في تكوِن الأنظمة السياسية الديمقراطية في المجتمعات الغربية الحديثة. فهذه الحقوق أصبحت عنصراًَ أساسياًَ لتبلور البناء الدستوري لهذه المجتمعات ومظهراًَ أساسياًَ من مظاهر أنظمتها السياسية، بما لها من هياكل ومؤسسات ديمقراطية عريقة وتقاليد سياسية ومدنية وثقافية راسخة تمكن المواطن من التمتع بممارسة هذه الحقوق بحرية ومساواة واسعة. والواقع لم يكن هذا التطور الذي شهدته مسألة تثبيت الحقوق السياسية في البناء الدستوري والسياسي في المجتمعات الديمقراطية الحديثة بمعزل عن التحولات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية التي مرت بها هذه المجتمعات. ولذلك يؤكد عدد من الدارسين أن فعالية الحقوق السياسية في هذه المجتمعات لها جذورها في إزدهار أبنيتها الإجتماعية و الإقتصادية، ومرتبطة بنضج مجتمعاتها المدنية ونمو قدرات دولها القومية وتطور نمط أنظمتها السياسية الديمقراطية.وبالتوازي مع ذلك، يؤكد عدد آخر من الدارسين، أن مسألة عدم فعالية هذه الحقوق وقضية غياب إحترامها وفقدان ضماناتها المادية في المجتمعات النامية، ليست بمعزل عن واقع التخلف السياسي والإجتماعي والإقتصادي الذي تعانيه هذه المجتمعات.
وتنطلق هذه الإفتراضات من رؤية سوسيولوجية – سياسية مفادها أن دراسة حقوق الإنسان بوجه عام والحقوق السياسية بوجه خاص، لا تقف عند البحث في النصوص والمبادئ المثبتة في الأنظمة والوثائق الدستورية للدول، بل تتجاوز الى البحث في أعماق المتغيرات السياسية والقوى الإجتماعية والإقتصادية التي تتحكم بمدى فعالية هذه الحقوق في البنى الدستورية والسياسية الفعلية .
المطلب الثاني: مضمون الحقوق والحريات العامة في الدساتير الجزائرية
يعد التعديل الدستوري ذا بعد هام في التطور الدستوري للبلاد، ليس فقط لأنه عاملا محركا له، ولكن أيضا لأنها تكشف لنا عن بعض مظاهر السلطة السياسية في الدولة، ولما كان الدستور موجها لتأطير الحياة السياسية في الدولة، فإنه لا يمكن القيام بهذه الوظيفة إلا إذا كان متكيفا معها، ويمكن القول إن التعديل الدستوري يحدد مسعاها، فهي تبحث عن إحداث توازن معقول بين الرغبة في تكييف الدستور مع الحقائق الجديدة، وبين الرغبة في المحافظة على أصله، وبالتالي فإن التعديل يتم في إطار استمرارية النظام القائم والمؤسسات القائمة فيه .
فاعتماد دستور 1989 قد فتح المجال للبدء في تشييد نظام سياسي جديد، يستند إلى مرتكزات وآليات صاحبت الإصلاحات السياسية التي جرت آنذاك، والتي يمكن أن نلخصها في النقاط التالية:
- عدم الاستناد إلى الإيديولوجية الاشتراكية كمرجعية تصورية، وكقاعدة للعمل وكأساس للشرعية .
- منح الدستور للرئيس صلاحيات أقل شمولية من الناحية الشكلية، من دستور 1976 حيث أسندت بعض صلاحياته لصالح المجلس الشعبي الوطني، ورئيس الحكومة من دون الغوص في جدواه من عدمها.
- الفصل بين الحزب والدولة كضرورة سياسية، تفرضها الديناميكيات الاقتصادية الجديدة ويفرضها الواقع السياسي الجديد، الذي أصبح يعج بالحساسيات ذات التوجهات الكثيرة،فاستلزم الأمر تحويل الجبهة كما رأى البعض إلى قوة تغيير تعبئ كافة القوى السياسية، حتى يسهل أيضا قطع الطريق أمام المطالب التعددية .
لكن مع إقرار التعددية في دستور 1989 ألغي نظام الحزبية الأحادية بشكل واقعي، وبذلك فسح المجال للمنافسة السياسية بين الجمعيات ذات الطابع السياسي، وعُدَ أهم إنجاز سياسي إصلاحي بعد الاستقلال ؛ لأنه يهيئ أول موضع قدم لبداية الخطى نحو توسيع القاعدة الديمقراطية الشعبية للنظام السياسي للجمهورية الجزائرية مستقبلا.
ويظهر بذلك أن حقوق الإنسان في التجربة الدستورية الجزائرية قد تميزت بمايلي :
- حقوق الإنسان لم تشكل الأولوية في أعين النخب التي حكمت الجزائر، وهذا على الأقل حتى 05/10/1988 فالأهمية أعطيت لبناء الدولة، وكذلك الحفاظ على الوحدة الوطنية، وخصوصا بناء الاشتراكية بواسطة نظام سياسي يقوم على الأحادية الحزبية .
- إن حقوق الإنسان التي ينظر إليها على أساس أنها إنتاج الحضارة الغربية، تلك الحقوق لم تحترم طيلة عهد الاستعمار الطويل الذي ساد الجزائر، وعلى أي حال فإن حقوق الإنسان وخصوصا السياسية منها ليست ضرورية في بلد مازال يحتاج إلى أساسيات الحياة .
- إن تقنيات توزيع السلطة في حد ذاتها، في الدساتير الجزائرية كانت تشكل في حد ذاتها،قيدا مهما على حقوق الإنسان، فمجمل السلطات مركزة بيد رئيس الجمهورية، وهذا يعني أن اليد العليا كانت للجهاز التنفيذي، مما قلل خاصة من أهمية الجهاز القضائي، والذي يعتبر الحامي التقليدي لحقوق الإنسان.
ومع إقرار دستور 23 فيفري 1989 تغير الوضع، وأصبحت لحقوق الإنسان مكانة أكبر مما في السابق وذات أهمية في النظام المؤسساتي الجديد، فالوضع قد تغير جذريا –إن صح القول- مع دستور 1989، فلقد كرس القطيعة – وبتحفظ- مع الأسس التي قام عليها النظام المؤسساتي في الجزائر منذ 1962.
حيث رسم دستور 1989 معالم تغيير نظام الحكم من الاشتراكي إلى الاتجاه النمط الرأسمالي اقتصاديا وسياسيا، وكذلك التخلي عن نظام الحزب الواحد لصالح التعدد الحزبي، وحظيت حقوق الإنسان بنصوص كثيرة تمثلت في حوالي35 مادة، فبالإضافة إلى ما تضمنه دستور 1976 من حقوق وحريات والتي نقلت حرفيا إلى هذا الدستور، هناك نصوص جديدة تتعلق بحقوق ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي.
ويظهر ذلك عبر الأحكام الدستورية الواردة فيه، وبالخصوص الفصل الرابع من الباب الأول المعنون بالحقوق والحريات ضمن دستور 1989 وهي أحكام بارزة تظهر في النص محددة وفقا لمحاور واضحة، فبعد التعبير عن مبدأ المساواة الأساسي، هناك تقسيم فني لحقوق الإنسان بين تلك المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية من جهة، وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى .
وقبل ذلك لو تفحصنا ما ورد في ديباجة الدستور من فقرات من حيث الشكل لاكتشفنا من الوهلة الأولى أنه لم يرد فيها تكرار للفظ بالعدد الذي ورد به لفظ الحرية سواء باللفظ نفسه أو بألفاظ أخرى من نفس الاشتقاق، وجاءت بذلك الديباجة حاملة لمعاني سامية جسدتها المواد المتضمنة في الدستور على شكل قواعد دستورية ومبادئ أساسية، جعلت الدستور يسمو على غيره من القوانين في صيغة عقد بين الحاكم والمحكوم،ولا يمكن تعديله خارج إرادة الشعب فهو فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الضامن لمختلف الحقوق وأشكالها.
الفرع الأول: مبدأ المساواة
يعتبر مبدأ المساواة المبدأ الدستوري الذي تستند إليه جميع الحقوق والحريات في الوقت الحاضر وإذا كانت العدالة أساس الملك كما يقال، فإن المساواة كانت الهدف الأول للثورات الكبرى في العالم، وكان انعدام المساواة هو الباعث على قيامها.
وتتنوع الحقوق التي يجب أن يتساوى جميع الأفراد فيها،وأن تشملهم المساواة أمام القانون التي تعد نقطة البداية في التطبيقات المختلفة لمبدأ المساواة، ثم المساواة في ممارسة الحقوق السياسية بالنسبة للمواطنين، والمساواة في تولي الوظائف العامة وفي الانتفاع بخدمات المرافق العامة، وكذا المساواة أمام القضاء،وسيكون هناك خرق لمبدأ المساواة إذا ما تمت معاملة الأشخاص الذين يقعون في مراكز قانونية مختلفة.
ولقد نصت المادة الثامنة والعشرون من الدستور على أن كل المواطنين سواسية أمام القانون، ولا يمكن أن يُتذرَع بأي تمييز يعود سببه إلى المولد أو الجنس أو الرأي أوأي شرط آخر شخصي أو اجتماعي، وبذلك يكون الدستور الجزائري قد أرسى مبدأ المساواة بين جميع أفراد الشعب، دون تمييز بينهم أمام القانون بحيث يكون لهم حق التمتع بحقوقهم، سواء المدنية والسياسية وغيرها من الحقوق، وعليهم أن يؤدوا ما عليهم من واجبات دون أي تفرقة على أساس الجنس أو العرق أو المولد أو الرأي.
أولا: المساواة في ممارسة الحقوق السياسية
وهي تشمل الحقوق السياسية كالحق في التصويت في الانتخابات، والاستفتاءات العامة في الدولة وحق الترشح لعضوية المجالس النيابية والإقليمية، وكذا حق الاشتراك في تكوين الجمعيات ذات الطابع السياسي .
ويقرر مبدأ المساواة حق جميع المواطنين، في ممارسة هذه الحقوق على قدم المساواة، طبقا للشروط التي يحددها القانون،كتحديد سن معنية لمباشرة هذه الحقوق دون تمييز أو تفريق بينهم.
ثانيا: المساواة في تقلد الوظائف العامة والانتفاع بها
وهي تعني حق المواطنين في تولي الوظائف العامة، دون أن يحرم صاحبه بسبب اختلاف في الأصل، الجنس أو اللغة، لذلك يجب التسوية الكاملة في معاملة الأفراد بغير تمييز، وفي هذا السياق تنص المادة(30) من الدستور على أنه: "تستهدف المؤسسات ضمان مساواة كل المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات، بإزالة العقبات التي تعيق تفتح شخصية الإنسان، وتحول دون مشاركة الجميع الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ." والمادة(48) التي تقر بتساوي جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدول دون شرط أو قيد.
ثالثا: المساواة أمام القضاء
لقد جاء دستور 1989 بمبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية، لضمان تهيئة المناخ المناسب للممارسة الديمقراطية الحقيقية، مع تقديم التأكيد على استقلالية القضاء عبر المادة (129) وفي المادة (130) حيث أكد المشرع الجزائري أنه على السلطة القضائية أن تحمي المجتمع والحريات، إلى جانب ذلك أكدت المادة (131) "أن الكل سواسية أمام القضاء، وهو في متناول الجميع ويجسد احترام القانون".
وإلى ذلك يمكن إضافة المساواة في الحق أمام الجنسية، التي جاءت في الفقرة الأولى من المادة (29) " الجنسية الجزائرية معرفة بالقانون." وبينت الفقرة الثانية شرط اكتساب الجنسية وكيفيات الحصول عليها، إلا أنه يلاحظ أن دستور 1989 قد ألغى المادة (42) التي كانت في دستور 1976 تؤكد على المساواة القانونية للمرأة، ملاحظة غير واضحة بالنسبة لدستور 1976 حيث كانت الصيغة أكثر عمومية وشمولية في التمييز للمرأة، والواقع أن كل حقوق المرأة مضمونة من قبل الدستور نفسه، فهل إن لم تدرج في الدستور تعتبر غير مضمونة.
إلا أنه على الأقل نجد أن دستور 1976 نص على هذه المساواة صراحة، بينما ألغيت المادة كلية منة نص دستور 1989 وذلك ليس راجعا لكونه لا يساوي بين المرأة والرجل، لكن الإطار والسياق الزمني الذي جاءت فيه المادة (42)السابقة لم يعد صالحا، فمنذ متي كان من الضروري فيما يخص المجتمع الجزائري أن يثبت المساواة الاجتماعية ككيان، لتطبيق ما تضمنته النصوص مادام التوجه العام للنظام كان يبنى على هذا.
الفرع الثاني: الحقوق والحريات المدنية والسياسية
ويندرج تحت هذا الجيل الأول من حقوق الإنسان مجموعة من الحقوق، والتي يتفرع عنها بدورها الحقوق والحريات اللصيقة بشخصيته، الحقوق والحريات الخاصة بفكر الإنسان والحقوق والحريات السياسية.
أولا: الحقوق والحريات اللصيقة بشخصية الإنسان
وتتصل هذه الحريات بشخص الإنسان، وضمانها هو عنوان يحقق كرامة الإنسان إلى حد بعيد وأهميتها تكمن لاتصالها بكيان الفرد ومقدار تمتعه بها، بقدر ما يمكنه من مباشرة الحقوق والحريات الأخرى، وذلك بما توفره له من أمن في ذاته وحرية في تنقله وحرمة مسكنه ومراسلاته.
- الحق في الأمن: وهو حق الإنسان في السلامة والحماية من الاعتداء بالقبض عليه أو حبسه أو تقييده تعسفيا، بالإضافة إلى حقه في أن يكون حرا من كل الاسترقاق، ويعتبر هذا الحق أصلا وتستند إليه كافة الأخرى ؛لأن ممارسة هذه الأخيرة مرهون بالسلامة والأمن وانتفاء القيود والعبودية.
و لقد نص المشرع الجزائري في المادة (33) من دستور 1989"على أن الدولة تضمن عدم انتهاك حرمة الإنسان ويحضر أي عنف بدني أو معنوي." ومن خلال هذه المادة فان الفرد لا يجوز القبض عليه واعتقاله أو حبسه، وعدم اتخاذ أي إجراء يمس أمنه وسلامته، وفقا للقانون مع مراعاة إجراءات الضمانات التي حددها القانون،كعدم تجاوز المدة القانونية المتعلقة بالرقابة القضائية وهي 48 ساعة، وتضيف المادة أن الشخص الذي يوقف يملك حق الاتصال فورا بأسرته، ولا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر إلا استثناء، ووفقا للشروط المحددة بالقانون، وحتى يتأكد الطابع الأمني للموقف وعدم انتهاك حرمته المادية، فانه لدى انتهاء مدة التوقيف يجب أن يجري فحص طبي على الشخص الموقوف إن طلب ذلك على أن يعلم بهذه الإمكانية.
1 - حرية التمتع بحياة خاصة : في تعريف جاءت به الجمعية الاستشارية للمجلس الاستشاري الأوربي لهذا الحق، ورد فيه بأنه القدرة على أن يعيش الإنسان حياته كما يريد، مع أقل حد ممكن من التدخل، ويعتبر من الحياة خاصة الحياة العائلية، الحياة داخل الأسرة، وما يتعلق بسلامة الشرف والاعتبار، إعطاء صورة غير صحيحة عن الشخص، والكشف عن وقائع غير مفيدة من شأنها أن تسبب الحيرة والحرج للشخص، والحماية ضد التجسس والفضولية غير المقبولة والتي تكون من دون مبرر، والحماية ضد استعمال الاتصالات الخاصة، والحماية ضد الكشف عن المعلومات الخاصة التي قد يعلمها أحد الأشخاص.
وتؤكد المادة(38) من الدستور أنه على الدولة ضمان عدم انتهاك حرمة المنزل، فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون و في إطار احترامه، وبهذا الصدد تبرز إرادة المشرع في ضمان أمن المواطن في مسكنه بإعطاء القضاء وسيلة فعالة للضرب بيد من حديد، كل ممن يعتدي على هذا الحق وضمانات مكملة تتعلق بتفتيش المنازل، الذي لا يمكن إجراؤه إلا بمقتضى أمر قضائي بصفة شرعية، وحسب الأوضاع والمواعيد المقررة قانونا .
وإن كانت حرية التفكير حق يقدسه الدستور، يتبع أو يستلزم ذلك وجود نفس الضمانات بين إبلاغ ونقل الأفكار، مما يتعين حماية وضمان سريتها أخذا وعطاء، من خلال جميع وسائل الاتصال والمراسلة، كما يجب أن تحظى بنفس الضمانات المكالمات الهاتفية وذلك ما كرسته المادة(37) من الدستور، ويستثنى من هذه المبادئ سلطة قاضي التحقيق في مصادرة الرسائل، والإطلاع على محتواها أثناء التحقيق قصد الوصول إلى الحقيقة.
2- حرية التنقل: وهي حرية الإنسان في الانتقال من مكان لآخر، وأيًا كانت الوسيلة المستخدمة في هذا الانتقال، كما تشمل حريته في العودة إلى المكان الذي غادره وقتما شاء، و تتضمن أيضا على حق الفرد في الهجرة من الوطن ومغادرته إلى أي وطن آخر، إلا أن القانون يستطيع تنظيم ممارسة هذه الحرية، بوضع بعض القيود التي تقتضيها المصلحة العامة، مثل المحافظة على الأمن العام والمحافظة على سلامة الدولة من الداخل والخارج .
ولقد نصت المادة (41) أنه يجب لكل مواطن يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية أن يختار بحرية موطن إقامته، وأن يتنقل عبر التراب الوطني وتضيف أن حق الدخول والخروج منه مضمون له، والمادة (44) تؤكد على المبدأ العام والقاضي بأن لا يتابع أحد أو يوقف أو يحتجز، إلا في الحالات المحددة في القانون وطبقا للأشكال التي نص عليها.
* الحقوق والحريات الخاصة بفكر الإنسان :
هذه المجموعة يغلب عليها الطابع الفكري والعقلي للإنسان، و تضم حرية العبادة والعقيدة وحرية الرأي والتعبير وحرية الاجتماع، وكذلك حق إنشاء الجمعيات والانخراط فيها.
3 - حرية الفكر والوجدان والمعتقد: إن حرية الفكر والوجدان والمعتقد، حق مطلق في كل المواثيق والقرارات الدولية التي عنيت بالمسألة، حيث تم الاتفاق على أنه لا يجوز فرض قيود على فكر الإنسان الداخلي، وعلى ضميره الأخلاقي أو على دينه، إلا أن المظاهر الخارجية للفكر والضمير وللدين قد تخضع لقيود مشروعة.
ولقد نص الدستور جازما في المادة (35) على أنه لا مساس بحرمة حرية المعتقد والفكر وصيغة الحرمة، تؤكد حرص المشرع الدستوري على هذه الحريات أكثر من أي وقت مضى ويظهر فيما يخص حرية المعتقد وجود تحفظ حول سر المهنة في الدستور، الذي لم ينس النص على أن الإسلام هو دين الدولة في المادة(02) والحرية الدينية لا تغطي كلية حرية المعتقد، حيث أن مفهومها واسع وأنه يشكل عنصرا هاما، ثم أليس قانون المسجد مساس بحرية المعتقد؟.
4- حرية الرأي والتعبير: وهي من الحريات الأساسية في المجتمع، حيث أي تقدم في المجتمع هو مرتبط بمدى ومستوى ممارسة هذا الحق، والمقولة المأثورة " إن لم يكن يوسع للمرء أن يمتلك لسانه فلن يكون بوسعه أن يمتلك أي شيء آخر ". فعندما لا يستطيع الإنسان أن يتكلم وأن يملك حرية التعبير لا يستطيع أن يمتلك أي حق آخر، فالعلاقة التي تربط الحرية بحق إبداء الرأي والتعبير هي بمعرفة مدى مستوى ممارسة هذا الحق في المجتمع دون قيد أو ضغط داخلي أو خارجي ومن ثم معرفة هذا المجتمع إن كان حرا أم لا،وذلك عبر الإطلاع على الآليات التي يمارس فيها حقه وحريته التي تعتبر وسيلة للتعبير من دون قيود.
وقد كفل الدستور هذا الحق من خلال المادة 35 – آنفة الذكر- بينما المادة 36 من الدستور فصلته بقولها حرية الابتكار الفكري والفني والعلمي مضمونة للمواطن، ثم تضيف تأكيدا على أن حقوق المؤلف يحميها القانون فلا يجوز حجز أي مطبوعة أو تسجيل أو أي وسيلة من وسائل التبليغ والإعلام إلا بأمر قضائي.
إن حرية التعبير لا تذهب هي الأخرى إلى تعريض أمن الدولة للخطر، ولا تذهب كذلك إلى حد التحريض على اقتراف الجرائم، حتى لو كان هذا قد جاء عن إيمان فلسفي أو ديني أو سياسي، وعندما تدرك الصحافة مسؤوليتها وعندما تفهم أنه لا توجد حقوق من دون واجبات تصبح جديرة بالحرية التي كفلت لها تحت شروط معينة .
فالمجتمعات الديمقراطية تنهض على أساس مفهوم سيادة الشعب، الذي يحدد إرادته العامة رأي عام مطلع، إن حق الرأي العام في أن يعلم، هو الذي يمثل جوهر حرية الإعلام والرأي وإن الحرمان من هذه الحريات ليُنقص من سائر الحريات جميعا، ومع ذلك فإن الكثير من القائمين على السلطة يعمدون إخفاء ما لا يودون إبداءه أو ما يحتمل أن يثير الرأي العام ضدهم، ومن هنا يأتي إنكار حق الوصول إلى المعلومات والرقابة الصريحة أو المقنعة في قول الحقيقة، على الرغم من المبادئ التي تكرسها القوانين والدساتير.
5- حرية الاجتماع : تعتبر هذه الحرية سببا مباشرا تؤثر على الفردية أو التفكير، وهي بمثابة المرآة العاكسة التي تعكس حقيقة النظام السياسي المكرس دستوريا، ومجال الحريات التي يتمتع بها الأفراد في ظله والتي كفلها لهم، ويتقيد بحرية الاجتماع الإقرار بتمتع المواطنين بالحق في الانضمام بصفة تلقائية مع غيرهم، قصد الدفاع عن مبدأ وقضية أو رأي معين،ومحاولة إقناعهم به وبضرورته في حياتهم أو في حياة الغير، والعمل من أجله بطريقة مشروعة باستعمال الوسائل التي تتاح لهم من قطب أو ندوات أو محاضرات في الأماكن المرخص لها وفي الأوقات المناسبة واستخلاص النتائج، وإصدار المنشورات والبيانات التي تتضمن المقررات أو التوصيات، وإرسال نسخ من تقاريرها للجهات الإدارية في الدولة والمعنية بالقضية محل الموضوع .
وبالرجوع لمختلف الدساتير نجدها نصت على حرية الاجتماع، غير أن دستوري 1963 و1976 قيّدا هذه الحرية بشرط عدم استعمالها للمساس باستقلال الأمة، أو السلامة الوطنية ومؤسسات الدولة.
وأيضا عدم المساس بالطموحات الاشتراكية للشعب، ومبدأ أحادية جبهة التحرير الوطني، وذلك من خلال المواد 19 إلى 22 من دستور 1963 والمادة(55) من دستور 1976 في حين أن دستور 1989 لم يرد فيه أي قيد صريح على حرية الاجتماع، ولقد عبرت عن ذلك المادة(39) بأن حرية إنشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة .
6- حرية إنشاء الجمعيات والانخراط فيها: لقد تبنت الجزائر في البداية نظام السيطرة الكلية على الجمعيات وإدماجها، في سياق تجربة البناء الوطني الاشتراكي نظام المؤسسات الجماهيرية، كما استبعدت التجربة السياسية التي قادتها جبهة التحرير الجزائرية،كل الجمعيات التي لم تكن منسجمة مع روح التعبير السياسي، وعلى إثر أحداث أكتوبر 1988 جاءت ضرورة تشجيع تكوين الجمعيات السياسية ؛ لسد الفراغ الحاصل ولمواجهة حالة التوتر السائدة والاختلالات العميقة التي عرفها الأداء السياسي طوال عشريتين كاملتين، كما كان ذلك تعبيرا عن الحاجة إلى علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع، ومراجعة لأسلوب الأداء السياسي الذي خلق مثل ذلك الفراغ الحاصل.
والمقصود بهذا الصنف من الحرية، أن لكل فرد الحق في تكوين وإنشاء الجمعيات ذات الأغراض المختلفة، وذلك للاجتماع مع الأعضاء الآخرين للبحث في المسائل التي تهم هذه الجمعيات، ولتحقيق الأغراض التي أسست من أجلها، وللدفاع عن المبادئ التي قامت عليها ولكل شخص كامل الحرية في الانضمام إلى الجمعيات القائمة متى شاء ودون ضغط أو اكراه من أي طرف .
ووردت هذه الحرية في مختلف الدساتير الجزائرية، غير أن مدلولها يختلف من دستور لآخر ففي دستوري 63 و 76 تنحصر حرية إنشاء الجمعيات في الجمعيات غير السياسية، باعتبار أن الدستورين استبعدا صراحة التعددية الحزبية بنصها على أحادية السلطة، وعلى أحادية العمل السياسي الذي اقتصر آنذاك على الحزب الواحد في البلاد، وعرف مفهوم الجمعيات في دستور 1989 تحولا كبيرا، بحيث لم يعد محصورا في المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية، بل أصبح ينصرف إلى العمل السياسي أيضا، حيث كرست المادة(40) من الدستور حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي، ومهما يكن لا يمكن تصور قيام ديمقراطية إلا في ظل قيام جمعيات متعددة الأشكال مدنية وسياسية، وهذا هو الأمر الذي وعاه دستور 1989 واعترف به من خلال النص عليه وفي هذا السياق يجب لفت الانتباه إلى قانون الجمعيات المدنية الصادر سنة 1987 والذي خول الإدارة صلاحيات واسعة، بشأن إنشائها واتخاذ إجراءات تحفظية وحلها، وهو أمر يتنافى والشرعية الدستورية على ضوء الإصلاحات الجديدة، واحتراما لمبدأ الفصل بين السلطات وتكريسا لما اقره الدستور في مجال الحريات الأساسية، لأجل ذلك ينبغي رفع يد الإدارة عن هذه الجمعيات، وجعلها تحظى بضمانات قضائية تقيها من هيمنة الإدارة إنشاء، ممارسة وحلا .
لكن لماذا مصطلح الجمعية وليس الحزب؟، لقد عدل مصطلح جمعية الى حزب في دستور 1996 م 42، فإذا كان الهدف والمضمون السياسي هو التعدد الحزبي المطلق كما يفهم ذلك من الدستور، فلماذا لا يعبر عن ذلك صراحة وبكل وضوح كما هو الحال في بعض الدول العربية، مثل الدستور المغربي الذي نص على أن تساهم الأحزاب السياسية في تنظيم المواطنين وتمثيلهم، ونظام الحزب الوحيد غير مشروع، وأيضا نجد الدستور المصري الذي نص على أن يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر على أساس تعدد الأحزاب،وإن كان كل ذلك شكليا مثلما يؤكده الواقع الممارس، ولعل الجواب المحتمل يفسر ويبرر بثلاثة أمور وهي:
- تضييق مجال ونفوذ التعددية، لينحصر دورها في المعارضة دون المشاركة الفعالة المؤثرة .
- استبعاد وانتعاش قيام أحزاب معينة.
- افتراض عدم وجود أو قيام أحزاب مؤهلة وقادرة على خوض معركة المنافسة السياسية،ولذلك يجب أن تبدأ العملية بجمعيات ثم تتطور فيما بعد إلى أحزاب، وقد تأكد هذا الافتراض في البيان الرئاسي الصادر في 24 أكتوبر 1988 الذي جاء فيه " لا يمكن بأي حال من الأحوال إقامة التعددية الحزبية من البداية مع أوساط تطمع في السلطة، وفي الحصول على الامتيازات في إطار ديمقراطية مظهرية لكن تأصيل جبهة التحرير الوطني لا يرفض أن يؤدي تطور العمل السياسي في القاعدة إلى تعددية سياسية.
لكن هذا الاتجاه ينفيه مشروع قانون الجمعيات السياسية، الذي يحمل في مضمونه التعدد الحزبي، كما يبين ذلك في المادة الأولى منه التي تنص على أن تستهدف الجمعية ذات الطابع السياسي، في إطار أحكام المادة (40) من الدستور جمع مواطنين جزائريين حول برنامج سياسي، ابتغاء هدف لا يدر ربحا، وسعيا للمشاركة في الحياة السياسية بوسائل ديمقراطية وسلمية.
ويظهر بذلك أنه هناك مستوى آخر، هناك الحقوق السياسية للمشاركة في الحياة العمومية المعترف بها للمواطن، كما هو الشأن بالنسبة لحق الانتخاب، والمنصوص عليه في المادة (47) " يعد كل مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية، ناخبا وقابلا للانتخاب."