منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حماية الحيازة
الموضوع: حماية الحيازة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2011-04-22, 17:51   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1 تابع

المبحث الثاني : حماية الحيازة عن طريق القضاء المستعجل

تعتبر الحيازة كما رأينا سابقا أنها حالة واقعية أو فعلية قد لا تستند إلى أي حق للحائز ، و مع ذلك فالمشرع كفل لها الحماية اللازمة سواء من الناحية الجزائية أو من الناحية المدنية ، و هذا لإعتبارين إثنين : أولهما يتعلق بالمصلحة الخاصة للحائز على أساس أن الحيازة قرينة على الحق ، كون الحائز غالبا ما يكون نفسه صاحب الحق ، وهي بالتالي ممارسة فعلية للحق ، فحرمانه من الحيازة يعني حرمانه من مزايا حقه (1) و هي وسيلة من وسائل إكتساب الملكية حتى في الحالات التي لا يستند فيها الحائز إلى حق .
أما الإعتبار الثاني فيتعلق بالمصلحة العامة ، لأن حماية الحيازة هي حماية للأمن و النظام العام في المجتمع فيعد إغتصاب الحقوق غير شرعي و لو تم ذلك من صاحبها لأن ذلك يعتبر من قبيل قضاء الإنسان لنفسه و الذي يترتب عنه الفوضى .
و إذا كان لهذه الحماية أن تكون دائمة للحق فتؤكده و تزيل الشك عنه و تنفيه بحكم يصدر يحوز حجية الشيء المقضي فيه ، و بفوات ميعاد الطعن يصبح حقيقة مؤكدة على وجه اليقين ، فلها أيضا أن تكون مؤقتة للحق غرضها الأساسي هو إضفاء حماية سريعة للحق أو المركز القانوني تتوقف عند حد الأوضاع الظاهرة دون بحث الموضوع و إصدار حكم على ضوء الظاهر دون تأخير تضيع معه الفائدة المرجوة من هذه الحماية (2) .
و من هنا حرص المشرع على مساعدة الحائز في الحصول على حكم يواجه به التعدي على حيازته و ذلك بإجراءات سريعة مبسطة فأوكل مهمة الحماية المؤقتة للحيازة للقضاء المستعجل على أساس أنه الجهة التي تنظر في القضايا المستعجلة و التي لا تحتمل أي بطء خشية تلفها أو ضياع معالم وقائعها و فوات الفرصة المبنية عليها (3) ، فهو يهدف إلى درء الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه ، و هو ما نصت عليه المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية بقولها : " في جميع أحوال الإستعجال أو عندما يقتضي البت في تدبير الحراسة القضائية أو أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة ، فإن الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى..."
و قد أخضع المشرع تدخل القضاء الإستعجالي في حماية الحيازة للقواعد العامة التي تدخل ضمن إختصاصه الذي ينعقد بمجرد إيداع الحائز لعريضته الإفتتاحية لدى قلم كتاب المحكمة بالقسم الإستعجالي ، و ينتهي بمجرد إصدار الأمر الفاصل في النزاع ، و هذه الحماية لا تستند إلا لدعاوى الحيازة العقارية الإستعجالية على أساس أن العقار وحده محل الحماية القضائية المدنية ، لأن قاعدة الحيازة في المنقول تعتبر
ـــــــــــــــــــــ
(1) بوبشيرمحند أمقران ، المرجع السابق، ص 91
(2) د. سنية احمد يوسف ، حماية الحيازة بين النيابة العامة و القضاء المستعجل ، دار الجامعة الجديدة للنشر ،2001 ، الإسكندرية ،ص 39.
(3) مقال لرئيس مجلس قضاء سيدي بلعباس ، القضاء الاستعجالي ، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، 1995 ، الديوان الوطني للأشغال التربوية،
ص29.

سند الملكية ، و هو ما نصت عليه المادة 835 من القانون المدني بقولها: " من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على المنقول أو سندا لحامله فإنه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية وقت حيازته..."، فهذه القاعدة اذن تجعل دعوى الحيازة في المنقول تختلط بدعوى الحق (1) .
و الإشكاليات التي تطرح في هذا الصدد هي :
- ما هو مجال أو نطاق تدخل هذه الجهة القضائية في حماية الحيازة ؟
- هل أنها تختص بجميع دعاوى الحيازة ، أم لا ؟
- ما هي الإجراءات التي تمكن الحائز من طلب الحماية لحقه في الحيازة ؟
- ما هو موقف القضاء المستعجل من هذا الطلب ؟
للإجابة على جميع هذه التساؤلات سنتناول هذا المبحث في مطلبين : يتناول الأول نطاق إختصاص القضاء المستعجل في حماية الحيازة من خلال الدعاوى التي ينظرها و مدى تقيده بقاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة و دعوى الملكية ، فيما يتناول المطلب الثاني قواعد تلك الحماية من خلال إجراءات رفـع الدعـوى و طبيعة الحكم و حجيته.
المطلب الأول : نطاق إختصاص القضاء المستعجل في حماية الحيازة
تخضع الحيازة من حيث حمايتها إلى ثلاث دعاوى قضائية تتمثل في : دعوى وقف الأعمال الجديدة ، دعوى إسترداد الحيازة ، دعوى منع التعرض ، و قد وردت جميع هذه الدعاوى في المواد من 817 إلى 821 من القانون المدني ، و المواد من 413 إلى 419 من قانون الإجراءات المدنية .
فهي تخضع لنصوص القانون المدني فيما يتعلق شروط قبولها و ما يترتب على رفعها من آثار كطلب قضائي ، و تخضع لقانون الإجراءات المدنية فيما يخص إجراءات التقاضي.
و رغم أن هذه الدعاوى الثلاث هي دعاوى ذات طابع موضوعي ، تدخل في إختصاص محكمة الموضوع التي لها أن تبحث في صفة واضع اليد و عناصر الحيازة و شروطها (2) ، مما يتطلب إثباتها بجميع طرق الإثبات المختلفة ، و لذا فهي تخرج عن إختصاص القضاء المستعجل (3) لما ينطوي عليه الفصل فيها من مساس بأصل الحق .
إلا أنه لما كان الحق في حماية الحيازة من الحقوق التي تتعرض للإعتداء و يتهددها الخطر ، فإنه يجوز لمن يدعي مثل هذا الحق الإلتجاء إلى القضاء المستعجل إذا توافر الإستعجال لتتقرر له الحماية السريعة و المؤقتة ريثما يفصل فيها قاضي الموضوع .

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ الغوثي بن ملحة ، القضاء المستعجل و تطبيقاته في النظام القضائي الجزائري ، الطبعة الأولى ، الديوان الوطني للأشغال التربوية 2000
صفحة 53.
(2) قرار رقم 236757 المؤرخ في 25/09/2002 و الذي جاء فيه أن دعوى الحيازة تخضع لإختصاص قاضي الموضوع و ليس لإختصاص قاضي الإستعجال، الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية الجزء الثاني ، طبعة 2004 صفحة 278.
(3) الأستاذ زودة عمر ، محاضرة ملقاة على طلبة الدفعة 14 بالمعهد الوطني للقضاء 2005 .
و قد دأب القضاء على إختصاص القضاء المستعجل بالفصل في المنازعات المتعلقة بالحيازة التي تحتاج إلى حماية وقتية عاجلة حتى يرد عن الحيازة الظاهرة غير المتنازع عليها نزاعا جديا ما يقع عليها من عدوان ظاهر إلى أن يفصل في موضوع الحيازة ذاتها من محكمة الموضوع المختصة .
و قد ذهبت المحكمة العليا إلى عدم إختصاصه بالفصل في دعوى منع التعرض على أساس أن الحكم فيها يمس حتما الحق موضوع النزاع ، إذ يجب للفصل فيها التحقق من توافر شروط وضع اليد التي تخول المدعي رفع الدعوى و حقوق المتعرض على العقار موضوع النزاع بحيث لا يبقى بعد الفصل فيها نزاع بين الطرفين (1) ، و هو ما أكدته في قرارها رقم 226217 المؤرخ في 26/01/2000 إذ جاء فيه :" أن دعوى منع التعرض هي إحدى الدعاوى الثلاث المقررة قانونا لحماية الحيازة العقارية ، و هي دعوى موضوعية لا تدخل بحكم طبيعتها في إختصاص قاضي الإستعجال (2) ".
و بذلك يفهم من هذا القرار أن القضاء المستعجل يختص فقط بدعوى إسترداد الحيازة و دعوى وقف الأعمال الجديدة ، و هو ما سنوضحه فيما يلي:
الفرع الأول : إختصاص القضاء المستعجل بنظر دعاوى الحيازة المستعجلة
أولا : دعوى إسترداد الحيازة :
وردت أحكام دعوى إسترداد الحيازة في المادة 817 من القانون المدني ، إذ جاء فيها أنه : " يجوز لحائز العقار إذا فقد حيازته أن يطلب خلال السنة التالية لفقدها ردها إليه ، فإذا كان فقد الحيازة خفية بدأ سريان السنة من وقت إنكشاف ذلك .
ويجوز أيضا أن يسترد الحيازة من كان حائزا بالنيابة من غيره ".
كما ورد النص عليها كذلك في المادة 414 من قانون الإجراءات المدنية إذ جاء فيها أنه : " يجوز رفع دعوى إسترداد الحيازة لعقار أو حق عيني عقاري ممن أغتصبت منه الحيازة بالتعدي أو الإكراه وكان له وقت حصول التعدي أو الإكراه ، الحيازة المادية أو وضع اليد الهادئ العلني ".
من خلال هذين النصين نستنتج أن دعوى إسترداد الحيازة شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ، وليسترد حيازته ممن سلبها أو نزعها منه ، والهدف منها هو رد الإعتداء غير المشروع والسلب والنزع بالقوة ، ولذا يعتبر هذا الإعتداء من أشد صور التعرض للحيازة وأكثرها خطرا على النظام العام، لأن الإعتداء فيها يصل إلى أقصى درجاته حيث يسلب المغتصب حيازة الحائز ويصبح هو الحائز للعقار لذلك فقد قررها المشرع بشرط أكثر تيسيرا من شروط دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة .
فإذا رفعت الدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة بطلب إسترداد حيازة عقار لسلبها من حائزها بالقوة ، فالدعوى في هذه الحالة تعتبر دعوى مستعجلة لأنـها تقوم قانونا على إعتداء غير مشروع ــــــــــــــــــــــــــ
(1) أنور طلبة ، موسوعة المرافعات المدنية و التجارية ،الجزء الأول، طبعة 2001 ، منشاة المعارف ، الإسكندرية، صفحة 562.
(2) الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية، الجزء الثاني ، قسم الوثائق 2004 صفحة 304-308.

بدون النظر إلى وضع اليد ذاته (1) ، إذ لا يترتب على الفصل فيه المساس بأصل الحق (2) . لأن القاضي الإستعجالي لا يتعرض فيها لأصل النزاع ، فهو لا يبحث نية التملك عند وضع اليد ، ولا شرط الحيازة القانوني ، إذ يكفي لإختصاصه للفصل في هذا الطلب أن يكون لرافعها حيازة هادئة ظاهرة وأن تكون قد سلبت منه بالقوة أو الإكراه ، فلا يشترط أن يكون مالكا ، بل يصح رفعها حتى ممن ينوب عن غيره في الحيازة (3) .
وتتمثل شروط دعوى إسترداد الحيازة فيما يلي :
الشرط الأول : أن يكون المدعي واضعا يده على العين وضع يد مادي وقت وقوع الغصب (4) :
أي أن تكون له حيازة مادية وقت التعدي على العقار الذي سلب منه بالقوة وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الحيازة معيبة أم لا ، فيكفي أن يثبت المدعي العنصر المادي وقت التعدي وأنه سلبت منه بالقوة ، وأن يكون ذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن بإعتبار الحيازة واقعة مادية (5) .
كما للمدعي أن يرفع دعوى إسترداد الحيازة على كل شخص إنتقلت إليه الحيازة ولو كان حسن النية وذلك بإعتبارها دعوى عينية (6) ، ومن ثم فليس للمدعي أن يرفعها إذا ثبت أن حيازته المادية لم تكن قائمة على العين وقت أن حازها المدعي عليه ، ويجب أن يكون سلب الحيازة قد إنصب على حيازة مادية أيضا لا على حيازة معنوية .
وقد أثير جدل حول ما إذا كان من اللازم لرفع دعوى إسترداد الحيازة أن تكون حيازة المدعي متوافرة أيضا على عنصرها المعنوي أي نية التملك ، أم يمكن رفعها من الحائز المادي ولو لم تكن له نية التملك أي ولو كانت حيازته عرضية كالدائن المرتهن الحيازي ، والمستعير والحارس ، لكن الراجح هو جواز ذلك على أساس أن القانون يمنع الشخص من أن يقتضي حقه بنفسه، فإذا إنتزعت الحيازة من الحائز بالقوة حتى لو وقع ذلك من المالك الذي أجازها على سبيل التسامح فيكون بذلك قد إقتص لنفسه بما لا يجيزه القانون ، وإذا رفعت دعوى إسترداد الحيازة أمام القضاء المستعجل وثار نزاع بين الطرفين حول توافر هذا الشرط أو عدم توافره ، فإن القاضي الإستعجالي يفحص هذه المنازعة من ظاهر المستندات لا ليقضي فيها موضوعا بل للتوصل إلى البت في الإجراء الوقتي المطلوب منه ، فإن تبين له أن إعتراض المدعى عليه في هذا الشأن يقوم على سند من الجد فإنه يقضي بعدم إختصاصه بنظر الدعوى ، أما إذا تبين له تناقض إدعاءات الطرفين فيقتضي الأمر في هذه الحالة اللجوء إلى إجراءات التحقيق وذلك وفقا لما تنص عليه المادة 415 من قانون الإجراءات المدنية إذ جاء فيها :
ـــــــــــــــــــــــ
(1) وزارة العدل ، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، مديرية الشؤون المدنية 1995 ص 102
(2) مصطفى مجدي هرجة ، الحيازة داخل وخارج دائرة التجريم ، دار المطبوعات الجامعية الإسكندرية ، 1991 ، ص326 .
(3) المادة 817/2 من القانون المدني الجزائري .
(4) د/ محمد شتا أبو سعد ، المرجع السابق ، ص 128 .
(5) محاضرة ألقاها الأستاذ زودة عمر على الطلبة القضاة ، الدفعة الرابعة عشر ، بالمعهد الوطني للقضاء 2005 .
(6) المادة 819 من القانون المدني الجزائري .

" إذا أنكرت الحيازة أو أنكر التعرض لها فإن التحقيق الذي يؤمر به في هذا الخصوص لا يجوز أن تمس أصل الحق وهو ما جسده قرار المحكمة العليا في الملف رقم 201544 الصادر بتاريخ 22/11/2000 إذ نص على أن من المبادئ القانونية للحيازة أنها واقعة مادية يتم إثباتها بجميع الطرق القانونية (1) .
الشرط الثاني : سلب الحيازة :
يتعين لرفع دعوى إسترداد الحيازة أن تكون حيازة المدعي قد سلبت منه بفعل المدعى عليه (2) ، أما إذا كان المدعي مستمرا في حيازة العين وكل ما حدث له هو تعكير في الحيازة لا يفقده إياها فليس له رفع هذه الدعوى ، وبالتالي فهي مقترنة بزوال حيازة المدعي المادية للعقار سواء تم ذلك بالقوة أو بدون قوة .
وقد سهل المشرع الأمر على من سلبت حيازته بالقوة فأجاز له رفع الدعوى ولو لم تكن حيازته قد إستمرت سنة كاملة قبل سلبها ، وتتوافر القوة كلما وقع سلب الحيازة بإجراء يتم رغم إرادة الحائز ولا حيلة له في دفعه .
وقد يقع سلب الحيازة أيضا بالإستيلاء خلسة على العقار أو بالخداع والحيلة دون إتخاذ إجراءات قضائية أي أن العمل الذي قام به المدعي عليه عمل عدواني لا سند له في القانون ، وأنه من شأنه أن يمس بالأمن العام ، ويقع سلب الحيازة أيضا بصرف النظر عما إذا كان المعتدي حسن النية كأن يعتقد أن العقار الذي إنتزعت حيازته من الحائز هو عقار مملوك له ورغم ذلك فهو يعتبر مخطئا عندما لجأ إلى أخذ حقه بيده من الإلتجاء إلى القضاء. ومن ثم إذا رفعت دعوى إسترداد الحيازة أمام القضاء المستعجل وثار نزاع بين الطرفين حول توافر هذا الشرط فإن القاضي الإستعجالي يفحص هذه المنازعة من ظاهر المستندات ، وإذا إستبان له جدية ما يذهب إليه المدعي عليه فإنه يقضي بعدم إختصاصه بنظر الدعوى .
الشرط الثالث : أن تستمر الحيازة مدة سنة على الأقل في بعض الحالات :
تختلف المدة بإختلاف حالات سلب الحيازة فإذا وقع السلب بالقوة إستطاع المدعي طلب إسترداد الحيازة ولو كانت حيازته المادية لم تستمر على العقار مدة سنة سابقة على سلبها ، وإذا وقع سلب الحيازة بغير قوة فليس للمدعي طلب إسترداد الحيازة إلا إذا كان حائزا لمدة سنة على الأقل وقت فقدها و كانت حيازته أحق بالتفضيل من حيازة خصمه ، والحيازة الأحق بالتفضيل هي تلك التي تقوم على سند قانوني فإذا إنعدمت لديهم السندات أو تعادلت فإن الحيازة الأحق هي الأسبق في التاريخ (3)، والقاضي الإستعجالي عند عرض النزاع عليه يقضي حسبما يتضح له من نتيجة الفحص الظاهرة .


.ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية ، الجزء 2 ، 2004 قسم الوثائق صفحة 283 ، نسخة من القرار رقم 201544 المؤرخ في 22/11/2000
( مرفق 15 )
(2) محمد علي راتب ، محمد نصر الدين كامل ، محمد فاروق راتب ، قضاء الامور المستعجلة ، ط6 ، ج1 ص605 .
(3) المادة 818 من القانون المدني الجزائري .

الشرط الرابع : أن ترفع الدعوى خلال السنة التالية لفقد الحيازة :
في هذه الحالة فإن يقع على المدعي إثبات أنه رفع دعواه في مدة السنة، وإذا كانت المدة هي مدة سقوط الدعوى الموضوعية، فإن فواتها في مجال الدعوى المستعجلة يفقد الدعوى صفة الإستعجال الملازم لإختصاصه القضاء الإستعجالي ويصبح الفصل فيها مساسا بأصل الحق ، وعليه يتعين على القاضي الإستعجالي أن يقضي بعدم إختصاصه النوعي .
الشرط الخامس : الإستعجال :
يعتبرعنصر الإستعجال شرطا لإختصاص القضاء المستعجل بنظر هذه الدعوى ، فمتى توافرت شروط دعوى إسترداد الحيازة ، وكان الإعتداء يستدعي إتخاذ إجراء وقتي بشأنه ، وكان يخشى على مصالح الحائز من فوات الوقت فله أن يلجأ القاضي الإستعجالي ليرد إليه حيازته كإجراء وقتي لحين اللجوء إلى محكمة الموضوع .
الشرط السادس : أن تكون الأعمال المعترض عليها داخلة في ولاية جهة القضاء العادي :
يختص القضاء الإستعجالي بنظر الشق المستعجل فقط من الأعمال التي تدخل في ولاية القضاء العادي ، أما إذا كان إنتزاع الحيازة يتصل بعمل من أعمال السيادة أو أعمال الإدارة فإنه يخرج عن إختصاصه .
وعموما فإن إختصاص القاضي الإستعجالي يقوم في حالة طلب إسترداد الحيازة على الإعتبارين الآتيين :
أولا : إن مهمة القاضي الإستعجالي مقصورة فقط على إعادة الحالة إلى أصلها ، وهو إجراء وقتي يراد منه المحافظة على الأوضاع المادية المستقرة . نسخة من قرار قضائي ......( مرفق 16 ).
ثانيا : سلب الحيازة من يد صاحبها قهرا، أمر يستوجب تدخل القضاء الإستعجالي لحماية الحائز ورد عدوان الغاصب .
ويتحدد حكم القاضي الإستعجالي في هذه الدعوى على الشيء محل الحيازة الذي يكون دائما عقارا ، فقد يكون أرضا فلاحية أو مسكنا أو ممرا ، على أنه يتعين على المدعي أن يعين موضوع الدعوى تعيينا كافيا نافيا للجهالة ، بأن يبين موقع العقار ومساحته وحدوده ورقمه ويسعى إلى إعادة السيطرة المادية على الشيء محل الحيازة .
ويختلف حكم القاضي حول ما إذا دامت حيازة المدعي سنة أو أنها لم تدم سنة كاملة ، فإذا دامت لمدة سنة فيحكم بردها إذا إنتزعت منه بالقوة أو الغصب ، وكذلك إذا لم تدم سنة كاملة وإنتزعت منه بالقوة وهو ما قضت به المادتين 413 من قانون الإجراءات المدنية والمادة 818 من القانون المدني، أما إذا كانت حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة فتطبق قواعد المفاضلة المنصوص عليها في المادة 818 من القانون المدني، وتقضي قواعد المفاضلة بأنه إذا وجد سند قانوني عند كل من الخصمين فضلت الحيازة الأسبق في التاريخ ، أما إذا قامت إحدى الحيازتين على السند القانوني دون الأخرى فضلت الحيازة القائمة على السند القانوني ، أما إذا كانت حيازة المدعي لم تدم سنة كاملة ولم تنتزع منه بالقوة ولكن المدعى عليه يستند على حيازة أحق بالتفضيل ، ففي هذه الحالة يحكم برفض الدعوى .

الحكم في دعوى استرداد الحيازة :
الحيـــــــازة


لمدة سنة سلبت بالقوة توفر شرط الاستعجال

يحكم القاضي بردها
الحيــــــازة

لمدة اقل من سنة سلبت بالقـوة توفر شرط الاستعجال

يحكم القاضي بردها ( م 413 ق ا م ، 818 ق م )

الحيـــــــازة


لمدة سنة سلبت منه دون قوة توفر شرط الاستعجال

يحكم القاضي بردها
الحيــــــــازة


لمدة اقل من سنة سلبت منه دون قوة توفر شرط الاستعجال

الأصل أنه ليس من اختصاص قاضي الحكم بردها
وإستثناء له الحكم برد الحيازة اذا كانت حيازة المدعي أحق بالتفضيل من حيازة خصمه أي أن حيازة خصمه تقوم على سند قانوني أو الحيازة الأسبق في التاريخ ( م 818 ق م )
الحيـــــــازة

لمدة اقل من سنة لم تنتزع منه بالقوة الاستعجال سند قانوني بحوزة المدعى عليه

القاضي يحكم برفض الدعوى

ثانيا : دعوى وقف الأعمال الجديدة
نصت المادة 821 من القانون المدني على ما يلي: " يجوز لمن حاز عقارا وإستمر حائزا له مدة سنة كاملة ، وخشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبا وقف هذه الأعمال بشرط أن لا تكون قد تمت ، ولم ينقض عام واحد على البدء في العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث الضرر .
وللقاضي أن يمنع إستمرار الأعمال أو أن يأذن في إستمرارها ، وفي كلتا الحالتين يجوز للقاضي أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون في حالة صدور الحكم بالوقف ضمانا لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقت إذا تبين بحكم نهائي أن الإعتراض على إستمرار الأعمال كان على غير أساس ، وتكون في حالة الحكم بإستمرار الأعمال ضمانا لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها للتعويض عن الضرر الذي يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائي في مصلحته " .
وبذلك فقد أمعن المشرع في حماية الحيازة حيث لم يكتف بحمايتها من السلب ،ومن التعرض الذي تم، وإنما نظم فضلا عن ذلك وقايتها من التعرض قبل حصوله متى تهيأت الأسباب لإحتمال وقوعه ،على أن تقوم على أسباب معقولة تدعو إلى الإعتقاد على أن هذه الأعمال لو تمت مستقبلا لأصبحت تعرضا على حيازة المدعي .
فدعوى الوقف هي دعوى الحيازة الوقائية التي ترمي إلى منع الإعتداء على الحيازة قبل وقوعه، إذ يرفعها الحائز لعقار أو لحق عيني على من شرع في عمل لو تم لأصبح تعرضا بالفعل للحائز في حيازته، شرط أن تقع هذه الأعمال في عقار المدعى عليه، لأنها لو وقعت في عقار المدعي لأصبحت تعرضا في الحيازة ، وبذلك فإن التعرض الذي تقوم عليه دعوى وقف الأعمال الجديدة هو تعرض إحتمالي وأن الأمر بوقف هذه الأشغال هو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة عملية البناء في إنتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى وهذا طبقا للمادة 186 من قانون الإجراءات المدنية.
ولقبول هذه الدعوى أمام القضاء المستعجل فينبغي توافر الشروط التالية :
الشرط الأول/ أن يكون المدعي حائزا لعقار أو لحق عيني عقاري حيازة تمكنه من إكتساب ملكية ذلك العقار أو الحق العيني :
و يستلزم ذلك قيام الحيازة على عنصريها المادي والمعنوي، أي وضع اليد الفعلي على الشيء ومباشرة سائر الأفعال التي تجعله يظهر أما الغير بمظهر صاحب الحق محل الحيازة وكذلك نية التملك التي يجب أن تكون واضحة،هادئة، مستمرة (1) وغير قائمة على عمل من الأعمال المباحة التي يأتيها الشخص بحسبانها رخصة من المباحات،ومثال ذلك فتح مطل على المسافة القانونية ، أو تلك التي تكون على سبيل التسامح (2) أي التي يتساهل فيها الشخص المعتدل ولا يعتـرض عليهـا إلى أن تتوافـر شـروط الحيـازة لـدى
ــــــــــــــــــــــ
(1) المادة 413 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
(2) المادة 808 من القانون المدني الجزائري .
المعتدي ، إضافة إلى كل ذلك فيجب أن تنصب الحيازة على عقار أو حق عيني عقاري يمكن إكتسابه بالتقادم
إذ لا يمكن قبول الدعوى إذا رفعت ضد الحكومة أو أحد الأشخاص الإعتبارية العامة بالنسبة للعقارات المملوكة لها سواء كانت تلك العقارات من الأملاك العامة أو من الأملاك الخاصة ، لأنها لا تكتسب بالتقادم .
ونجد أنه في جميع هذه الأحوال فإن القضاء المستعجل لا يختص بنظر دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا قام الدليل الجدي أمامه على أن حيازة المدعي معيبة ، أو مشوبة بشبهة الإنتفاع بطريق التسامح أو من قبيل الإباحة ، أو منصبة على حق لا يجوز إكتسابه بالتقادم ، أو قام الدليل الجدي أمامه على أن الحيازة تفتقر إلى أحد عنصريها المادي أو المعنوي .
الشرط الثاني/ أن تستمر الحيازة المراد حمايتها مدة سنة على الأقل :
على القضاء المستعجل المختص بنظر دعوى وقف الأعمال الجديدة أن يتأكد من قيام الدليل الجدي أمامه على أن حيازة المدعي قد إستمرت على هذا الوضع مدة سنة على الأقل سابقة على العمل الجديد المراد إيقافه وللحائز في سبيل إحتساب هذه السنة أن يضيف إلى مدة وضع يده مدة وضع سلفه ، كما أن الحيازة قد تكون بمعرفة الحائز نفسه بشخصه أو بمن ينوب عنه أما في حالة ما إذا تبين بأن الحيازة لم يمض عليها سنة قبل الشروع في العمل الجديد فإنه يقضي بعدم إختصاصه بنظر الدعوى .
الشرط الثالث / شروع المدعى عليه في عمل من شأنه لو تم أن يصبح تعرضا لحيازة المدعي :
إن هذه الدعوى لا يقصد بها منع تعرض حاصل بالفعل ، وإنما الهدف منها توقي حصوله مستقبلا لأن سبيل وقوع التعرض الفعلي هو دعوى منع التعرض وليس دعوى وقف الأعمال الجديدة التي يكون محلها أعمالا لا تعتبر تعرضا في الحال، وإنما هو تعرض في المآل من شأنه أن يعكر أو يمس الحق الذي يحوزه المدعي، ولهذا فقاضي الأمور المستعجلة عند عرض النزاع عليه ينبغي عليه قبل البت في الدعوى أن يتعرف من ظاهر المستندات حقيقة الأمر فيها من خلال معرفة الحق الذي يحوزه المدعي ، ومداه ونطاقه وما يخوله من سلطات طبقا للقانون وذلك بمعرفة ما إذا كانت الأعمال المتظلم منها من شأنها عند تمامها أن تمس هذا الحق محل الحيازة أم لا فإن إتضح أنها تمسه قضى بوقفها، أما إن إتضح أنها عند تمامها لن تمس حقا يحوزه قضى بعدم الإختصاص .
الشرط الرابع / ألا يكون العمل الجديد قد تم أو أن يكون قد إنقضى على الإبتداء فيه عام:
إذا ثبت أن العمل المتضرر منه قد تم فعلا وإنقلب تعرضا فليس للمتضرر رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة بل عليه رفع دعوى منع التعرض .
وقد يكون الفعل تعرضا في جزء منه وشروعا في تعرض بالنسبة لجزء آخر، فيجوز رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة بالنسبة للشق الذي مازال في مرحلة الشروع ويترتب على ذلك أن الأعمال التي ترفع بصددها دعوى وقف الأعمال الجديدة إنما يفترض إرتكابها في عقار آخر خلاف عقار المدعي (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) د/ احمد هندي ، اصول قانون المرافعات المدنية والتجارية ، 2002 دار الجامعة الجددية للنشر الاسكندرية صفحة 384 .

كما يتعين أيضا ألا يكون قد إنقضى عام على الشروع في الأعمال والملاحظ أن مضي مثل هذه المدة من شأنه في صدد الدعاوى المستعجلة أن يفقدها غالبا صفة الإستعجال ويخرجها بالتالي عن إختصاص القضاء المستعجل بل إن القاضي الإستعجالي ولو كان التأخير في رفع الدعوى لمدة تقل عن سنة و تبين له أن ذلك التأخير قد أثر على طبيعة الإستعجال وأفقدها إياه فإنه يقضي بعدم إختصاصه .
الشرط الخامس/ ألا يطلب من القاضي المستعجل إزالة ما تم من أعمال:
إن القضاء المستعجل يختص بوقف الأعمال الجديدة وليس بإزالة ما تم من أعمال لأن ذلك ينطوي على مساس بأصل الحق، وعليه فإذا طلب المدعي مثلا وقف الأعمال الجديدة وإزالة ما تم منها ، فإن القاضي الإستعجالي يقضي بإجابة الشق الأول متى تكاملت عناصره وبعدم إختصاصه بنظر الشق الثاني .
أما إذا طلب المدعي إزالة الأعمال التي يقيمها المدعى عليه وتبين للقاضي أن عناصر دعوى وقف الأعمال الجديدة المستعجلة متكاملة من خلال ظروف الدعوى فإنه يختص بما له من سلطة ويقضي بوقف العمل الجديد .
الشرط السادس / الإستعجال :
إن عنصر الإستعجال شرط في دعوى وقف الأعمال الجديدة وهو شرط كذلك لإختصاص القضاء المستعجل، فإذا ما تبين لقاضي الأمور المستعجلة إفتقار الدعوى لهذا العنصر فيتعين عليه الحكم بعدم إختصاصه بنظرها .
الشرط السابع/ أن تكون الأعمال المعترض عليها داخلة في ولاية جهة القضاء العادي:
يحكم القاضي الإستعجالي بعدم الإختصاص النوعي في حالة ما إذا كانت الأعمال مطلوب وقفها تدخل ضمن أعمال السيادة أو أعمال الإدارة .
وبناء على ما تقدم، يمكن القول أن دعوى وقف الأعمال الجديدة وإن كانت دعوى حيازة ،إلا أنها ونظرا لطبيعتها الوقتية فإنها أقرب الدعاوى إلى إختصاص القضاء المستعجل على أساس أن شرط الإستعجال الذي هو محور إختصاصه يكون متوافرا في فروض كثيرة ترفع فيها هذه الدعوى، لأن دعوى الوقف ترفع بمجرد البدء في أعمال قبل أن تتم ، أي أننا بصدد شروع في تعرض أو تعدي على الحيازة ، فيفرض المنطق رفعها بسرعة لتوقي وقوع هذا التعرض بدلا من إنتظار وقوعه .
ويمكن للمحكمة بموجب المادة 821/2 من القانون المدني أن تحكم بكفالة ، مع إستمرار الأعمال أو وقفها سواء للمدعي أو للمدعى عليه ، فإذا كانت قد قضت لمصلحة المدعي بوقف العمل الجديد وألزمته بالكفالة فإن هذا الحكم لا ينفذ إلا بعد إيداع الكفالة ، وتبقى هذه الكفالة مودعة حتى يفصل نهائيا في النزاع حول الحق ، فإن حكم في هذا النزاع لمصلحته إسترد ما أودعه ، وإن حكم ضده كان للطرف الآخر أن يرجع على هذه الكفالة للحصول على تعويض الضرر الذي أصابه من جراء وقف العمل الجديد بغير حق ، أما إذا كان الحكم لمصلحة المدعى عليه بالإستمرار في العمل الجديد وألزمته بدفع كفالة فإنها تبقى أيضا مودعة حتى يفصل نهائيا في النزاع حول الحق، فإذا حكم فيه لمصلحته فإنه يستردها .
أما إذا حكم ضده كان للطرف الأخر أن يرجع على هذه الكفالة للحصول على تعويض الضرر الذي أصابه من جراء الإستمرار في العمل الجديد بغير حق .
ومعنى ذلك أن للمحكمة سلطة الأمر بالكفالة (1) مع إستمرار الأعمال أو مع وقفها ، وأن الذي يدفع الكفالة دائما هو المحكوم له في دعوى وقف الأعمال الجديدة سواء كان الحائز ( في حالة الحكم بالوقف ) أو المدعى عليه ( في حالة الحكم بالإستمرار في الأعمال )، وبهذا فإن إفراد المشرع للحكم الصادر في دعوى وقف الأعمال الجديدة بالكفالة دون الحكم الصادر في باقي دعاوى الحيازة يتماشى وكون هذه الدعوى هي دعوى حيازة وقتية سواء طرحت أمام القاضي الإستعجالي أو القاضي الموضوعي ، و بتقديم الكفالة يصبح الحكم الصادر في دعوى الوقف قابلا للتنفيذ الجبري فور صدوره ،وفي كل الأحوال فإن هذا الحكم لا حجية له أمام قاضي الموضوع (2) كما سنبينه لاحقا ، وبذلك فموضوع هذه الدعوى يكون دائما إلزاما بوقف الأعمال الجديدة يمكن تنفيذه بواسطة الغرامة التهديدية لإجبار المدعى عليه عن الإمتناع عن العمل.
ونشير إلى أنه في دعوى إسترداد الحيازة ودعوى منع التعرض فلا يجوز تنفيذ الحكم الصادر فيهما بواسطة الغرامة التهديدية لأنه يعتبر حكما ملزما يمكن تنفيذه جبرا على المدعى عليه وذلك عن طريق القوة العمومية ، كما أنه لا يتوقف على تدخل المدين شخصيا ، ويتم تنفيذه بإزالة البناء أو الحائط بواسطة المحكوم عليه فإذا إمتنع جاز له أن يطلب من القاضي بالإذن له بالقيام بالإزالة بنفسه لكن على نفقة المدين .
- الحكم في دعوى وقف الاعمال الجديدة

عـدم الاختصــاص


الحيازة أقل من سنة قبل اذا كانت الاعمال عند تمامها عند انقضاء السنة على الشروع في
الشروع في العمل لا تمس أصل الحق الأعمال ، أو عند التأخير في رفع
الدعوى لمدة اقل من سنة ، مما
يؤثر على طبيعة الاستعجال ويفقدها إياه
القضاء بوقـف الأعمـال الجديــدة

إذا كانت الأعمال عند تمامها من شانها المساس بأصل الحق محل الحيازة



ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، مديرية الشؤون المدنية 1995 صفحة 104
(2) د/ احمد هندي ، المرجع السابق صفحة 387 .

موقف الإجتهاد القضائي فيما يخص مسائل الحيازة :
لقد وقف الإجتهاد القضائي كثيرا عند مسائل الحيازة مما يعكس الأهمية الكبيرة لها ، ويبين حجم القضايا المتعلقة بها، الأمر الذي أتاح له المساهمة في وضع المبادئ القانونية من جهة وتأكيد شروطها من جهة ثانية وسنعرض فيما يلي بعض قرارارت المحكمة العليا .
1) فيما يخص إثبات الحيازة : قرار رقم 201544 صادر بتاريخ 22/11/2000 .
المبدأ : الحيازة واقعة مادية يتم إثباتها بجميع الطرق القانونية .
الدفع المثار: " ... كلا الطرفين يدعي الحيازة للأرض محل النزاع .
- حيث أن الطاعن يدعي أنه حائز لها .... وأن المدعى عليهما إعتديا على حيازته مؤخرا .
- حيث أن المطعون ضدهما أنكرا التعدي على حيازة الطاعن ....
- حيث أنه بالرجوع إلى القرار المطعون فيه فإنه لا يوجد ما يدل على إنتقال الحيازة منذ مدة تزيد عن السنة للمطعون ضدهما ولا توجد أية إشارة إلى أن المطعون ضدهما أثبتا حيازتهما للأرض .
- حيث أن الحيازة واقعة مادية تثبت بكل الطرق القانونية، وكان على قضاة المجلس أمام إدعاءات الطاعن وإنكار المطعون ضدهما القيام واللجوء إلى أي إجراء من الإجراءات التي يخولها لهم القانون للتأكد من موضوع الدعوى والتحري أكثر خاصة وأنهم أكدوا بأن الأرض تحت حيازة المطعون ضدهما دون تبيان مصدر ذلك .
التعليق : لقد صرح قضاة الموضوع بإنتقال حيازة القطعة الأرضية المتنازع عليها إلى المدعى عليهم في الطعن دون أن يثبت هؤلاء الحيازة المزعومة ، وقد إستقرت المحكمة العليا على أنه وعندما يبدي كل طرف في نزاع إدعاءات بخصوص حيازة العقار المتنازع عليه فإنه يتعين على قضاة الموضوع اللجوء إلى إجراءات التحقيق طبقا للمادة 415 من قانون الإجراءات المدنية لإثبات خصائص الحيازة المتمسك بها (1) .
2- فيما يخص دعوى إسترداد الحيازة :
- قرار رقم 57979 مؤرخ في 27/12/1989 ، المجلة القضائية لسنة 1993 عدد 3 صفحة 28 .
المبدأ : من المقرر قانونا أنه لا تقبل دعوى الحيازة ودعوى إستردادها إذا لم ترفع خلال سنة من التعرض .
ومن المقرر أيضا أنه لا تقبل دعوى الحيازة ممن سلك طريق دعوى الملكية (2) .
- قرار رقم 205945 مؤرخ في 31/01/2001 (3).


ـــــــــــــــــــــــ
(1) حمدي باشا عمر ، مبادئ الاجتهاد القضائي في مادة الاجراءات المدنية ، دار هومة الجزائر ص 48 .
ـ حمدي باشا القضاء العقاري ، طبعة 2002 ، دار هومة ، الجزائر صفحة 131 .
(2) تعليق السيدة : فائزة بوتارن ، رئيسة قسم الغرفة العقارية ، الاجتهاد القضائي للغرفة العقارية ، الجزء 2 ، 2004 ، قسم الوثائق صفحة 288 .
(3) نسخة من القرار رقم 205945 المؤرخ في 31/01/2001 ( مرفق 17 ) .

المبدأ : لا يمكن الإستجابة لدعوى إسترداد الحيازة قبل التأكد من الحيازة القانونية لرافع الدعوى .
الدفع المثار ( حيث أنه ... تبين أن المطعون ضده أقام دعوى إسترداد الحيازة لقطعة أرضية يزعم أنه يحوزها بصفة دائمة وعلنية منذ 1954 إلى غاية أن إستولى عليها الطاعن بالقوة وقام بحرثها وتسييجها حسب قوله .
- وحيث أنه للفصل في طلب إسترداد الحيازة .... كان ينبغي التأكد من حيازة المدعي للقطعة الأرضية موضوع النزاع حيازة قانونية وفقا للمادة 413 من قانون الإجراءات المدنية والتأكد من أن المدعى عليه جرد المدعي من حيازته للقطعة بدون وجه حق وعندئذ فقط الفصل بقبول طلب إسترداد الحيازة أو رفضه حسب الحالة .
التعليق : على القاضي عند عرض النزاع حول إسترداد الحيازة التأكد من الحيازة الفعلية للمدعي ومدى توافر شروطها المنصوص عليها في المادة 413 من قانون الإجراءات المدنية والمتمثلة في أن الدعوى ترفع خلال سنة من التعرض لأن المشرع إستثنى هذه الدعوى بالذات من الشروط العامة الواجب توافرها في باقي دعاوى الحيازة والمتمثلة في أن تكون هادنة علنية ، مستمرة لايشوبها إنقطاع وغير مؤقتة وغير خفية وإستمرت لمدة سنة على الأقل .
كما ينبغي عليه التأكد من جرد وسلب المدعى عليه الحيازة من المدعي بدون وجه حق .
3- فيما يخص دعوى منع التعرض ومدى إختصاص القضاء المستعجل بنظرها :
قرار رقم 226217 مؤرخ في 26/01/2000 .
المبدأ : دعوى منع التعرض هي إحدى الدعاوى الثلاث المقررة قانونا لحماية الحيازة العقارية وهي دعوى موضوعية لا تدخل بحكم طبيعتها في إختصاص قاضي الإستعجال .
الدفع المثار : حيث أنه من المقرر قانونا أن المقصود بالإستعجال هو الضرر المحدق بالحق والمطلوب رفعه بإجراء وقتي لا تسعف فيه إجراءات التقاضي العادية مع عدم المساس بأصل الحق ... .
- حيث أنه ... الفصل في دعوى منع التعرض يستوجب البحث عن صفة واضع اليد ، وعناصر الحيازة وشروطها ومدة وضع اليد وهذه جميعها مسائل تحقيق موضوعية لايتسع لها نطاق قضاء الإستعجال ، علاوة على أنه في تحديد من له الحيازة القانونية مساس حتما بأصل الحق موضوع النزاع بإعتبار الحيازة قرنية على الملكية .
التعليق : بمفهوم المخالفة من المبدأ الذي إستقرت عليه المحكمة العليا يستشف أن دعوى وقف الأعمال الجديدة ودعوى إسترداد الحيازة تدخلان بحكم طبيعتهما في إختصاص قاضي الإستعجال لأن الفصل فيهما لا يمس أصل الحق وإنما يكون مجرد إجراء مؤقت للحماية بينما دعوى منع التعرض فطبيعتها موضوعية وبذلك فهي لا تدخل في إختصاص القضاء المستعجل لأن الفصل فيها يمس بأصل الحق .
4- فيما يخص دعوى وقف الأعمال الجديدة :
- قرار رقم 33252 مؤرخ في 06/03/1985 ، المجلة القضائية 1989 عدد 04 ص 34 .

المبدأ : متى كان من المقرر قانونا أن الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس أصل الحق (1) .
- قرار رقم 88796 مؤرخ في18/2/1991 .
المبدأ : يجب تبرير عنصر الخطر الذي هو أساس إقامة دعوى الإستعجال (2) .
- قرار صادر بتاريخ 03/06/1987 .
المبدأ : يجب تبرير عنصر الإستعجال في الدعوى (3) .
- قرار رقم 53918 مؤرخ في 22/6/1988 .
المبدأ : لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يفصل بشكل قطعي في صفات الخصوم أو أن يفصل في صحة أو عدم صحة العقود التي تقدم بها الطرفين ، إذا طعن فيها بالإنكار أو التزوير أو البطلان أو الصورية (4) .
- قرار رقم 151591 مؤرخ في 11/06/1997 .
المبدأ : إن وقف الأشغال من طرف الجهة الإستعجالية لا تمس بأصل الحق ، فهو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة البناء في إنتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى (5) .
- الفرع الثاني : قاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية و دعوى الحيازة
من المقرر أن لكل حق دعوى تحميه ، و قد يجد صاحب الحق أن يسلك سبيلا ميسرا يحقق به الغاية من حماية حقه وذلك برفع دعوى الحيازة بدلا من أن يسلك السبيل الذي يتطلب إجراءات معقدة وإثباتا قد يكون صعبا ، ويتحقق ذلك برفعه لدعوى الحيازة بدلا من دعوى الملكية بشرط ألا يجمع بينهما ، إذ يترتب على هذا الجمع سقوط حقه في دعوى الحيازة .
تنص المادة 418 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري على مايلي: ( لا تقبل دعوى الحيازة ممن سلك طريق دعوى الملكية ) .
وعليه فقاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية ودعوى الحيازة ، وردت شاملة وعامة ، فلا يمكن حصرها على القضاء الموضوعي أو على القضاء المستعجل ، وبذلك فهي تطبق على المستويين ، وتسري حتى على القضاء المستعجل رغم أنه قضاء مؤقت ولا يمس بأصل الحق وأن أحكامه لا تحوز حجية الشيء المقضي فيه ، لكن هناك أراء مختلفة حول مسألة الجمع بين دعوى الملكية أمام القضاء الموضوعي ودعوى الحيازة أمام القضاء المستعجل ، فذهب رأي (6) إلى أن رفع دعوى الحق مانع من رفع إحدى دعاوي الحيازة سواء

ــــــــــــــــــــــــ
(1) حمدي باشا عمر ، مبادئ الاجتهاد القضائي ، دار هومة ، الجزائر 2001 ص 48 .
حمدي باشا عمر ، القضاء العقاري ، دار هومة ، الجزائر 2002 ص 132 .
+ نسخة من القرار 33252 المؤرخ في 06/03/1985 ( مرفق 18 ) .
(2)+ (3) : الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي المرجع السابق ص99 .
(4) الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي المرجع السابق ، ص 101 .
(5) نشرة القضاة العدد 56 ، طبع الديوان الوطني للاشغال التربوية 1999 ص102 .
(6) محمد نصر الدين كامل ومحمد فاروق راتب ، المرجع السابق ، صفحة 276
كان ذلك أمام قاضي الحيازة أو أمام قضاء الإستعجال بالنسبة لتلك الدعاوى التي تدخل في إختصاصه ، مع ملاحظة أن دعوى الحيازة التي يمنع رفعها في تلك الصور هي التي يكون سببها ناشئا قبل رفع دعوى الحق، أما تلك التي ينشأ سببها بعد رفع دعوى الحق فلا شك في جواز رفعها سواء أمام قاضي الحيازة أو القاضي الإستعجالي عند توافر شروط إختصاصه ، وعلى ذلك فإذا شرع شخص في بناء حائط يحتمل أن يصبح مع الوقت تعرضا لمطل المدعي فرفع هذا الأخير دعوى أمام القضاء الموضوعي يطلب فيها تقرير حق إرتفاق بالمطل المكتسب بالتقادم مثلا ، فأنه يمتنع عليه بعد ذلك أن يرفع دعوى وقف هذا البناء لأنه قد إختار الطريق الصعب (طريق دعوى الملكية) فيفترض أنه قد تنازل عن الطريق السهل ( طريق دعوى وقف الأعمال الجديدة المستعجلة) .
بينما ذهب إتجاه آخر إلى أنه لا محل لإعمال القاعدة المقررة في المادة 418 من قانون الإجراءات المدنية ، والتي تقضي بعدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الحق في شأن الدعاوى المستعجلة التي ترفع برد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة التي ترفع أمام القاضي المستعجل مع توافر موجب إختصاصه التي ترفع أمام محكمة الموضوع ، أما دعوى إسترداد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة التي ترفع أمام القاضي المستعجل مع توافر موجب إختصاصه فلا تعتبر دعوى وضع يد – أي دعوى الحيازة – بالمعنى القانوني، فهي مجرد طلب بإجراء تحفظي مستعجل يقصد منه رد عدوان، يبدو للوهلة الأولى أنه بغير حق ، أو دفع خطر لا يمكن تداركه أو يخشى إستفحاله إذا ما فات عليه الوقت ، فتسري عليه كافة الأحكام المتعلقة بالدعاوى بما فيها القاعدة التي تقضي بأن رفع دعوى الحق أمام قاضي الموضوع لا يسلب إختصاص القاضي الإستعجالي بالفصل في الطلب الوقتي المتفرع من أصل النزاع سواء كان رفع دعوى الموضوع سابقا على رفع الدعوى المستعجلة أم لاحقا لها ، فإذا رفعت دعوى تثبيت ملكية أمام محكمة الموضوع فإن ذلك لا يمنع القاضي المستعجل من نظر دعوى رد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة أثناء قيام دعوى الملكية أمام محكمة الموضوع مع توافر السبب القانوني الذي يبرر إختصاصه .
و الرأي الأخير هو الذي يتسق مع نطاق إختصاص القضاء المستعجل من كونه يفصل بصفة مؤقتة مع عدم المساس بأصل الحق (1) في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت .
كما و أن حكمه في ذلك حكم وقتي لا يقيد قضاء الموضوع فيما إنتهى إليه ، و من ثم فالمدعي الذي أقام دعواه الموضوعية بطلب تقرير حق إرتفاق له بالمطل المكتسب بالتقادم يجوز له في نفس الوقت أن يقيم دعوى مستعجلة بطلب وقف بناء الحائط الذي لو تم لأصبح تعرضا له في المطل ، و يقضي له بذلك إذا ما توافرت شروط إختصاص القضاء المستعجل و القول بأنه يمتنع عليه ذلك لإختياره الطريق الصعب و هو دعوى الحق لا يتفق مع طبيعة القضاء المستعجل الذي يقصد به رد العدوان البادي من ظاهر المستندات .


ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري .
و حكم قاضي الأمور المستعجلة في المثال السابق لا يفصل في أصل الحق و إنما هو حكم مؤقت بوقف البناء عند توافر شروط الدعوى و ذلك حتى يفصل في أصل النزاع أمام محكمة الموضوع الذي لا يتقيد أمامه بحجية الحكم الوقتي (1).
و عموما فما دامت المادة 418 من قانون الإجراءات المدنية لم تحدد نطاق تطبيق هذه القاعدة فإنها تبقى شاملة بالنسبة للقضاء المستعجل و كذا لقضاء الموضوع و هذا لأن الهدف منها لا يبرز من خلال علاقة الدعويين ( دعوى الحق و دعوى الحيازة ) ببعضهما البعض أو علاقة الجهتين القضائيتين ( القضاء المستعجل و قضاء الموضوع ) و إنما تطرح نطاق حماية الحيازة بذاتها مستقلة عن الملكية ، و إذا كانت هذه القاعدة ملزمة للطرفين أي للمدعي و المدعى عليه فإنها من باب أولى ملزمة للقاضي و هو ما قضت به المادة 416 من قانون الإجراءات المدنية إذ جاء فيها ما يلي: " لا يجوز للمحكمة المطروح عليها دعوى الحيازة أن تفصل في الملكية " .
و بذلك يكون القاضي قد حمى الحيازة بذاتها مجردة عن الحق لأن الأصل في الحائز هو المالك و القانون يفصل بين حماية الحيازة و حماية الملكية فلا يجب الخلط بينهما .
و تجدر الإشارة إلى أن الدفع بعدم الجمع بين دعوى الحق و دعوى الحيازة هو من النظام العام ، و للقاضي إثارته من تلقاء نفسه.
المطلب الثاني : قواعد حماية القضاء المستعجل للحيازة :
نصت المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية على ما يلي في جميع أحوال الإستعجال أو عندما يقتضي البت في تدبير الحراسة القضائية او أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة ، فإن الطلب يرفع بعريضة الى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى ) .
وعليه يكون اللجوء إلى القاضي الإستعجالي في جميع أحوال الإستعجال ، كما أن سلطاته تقتصر مبدئيا على البت في تدابير من صفتها أن تكون مؤقتة ، على أن تكون قائمة على شروط أساسية ، وقد رأينا سابقا بأن كل من دعوى إسترداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة على عكس دعوى منع التعرض يمكن أن يدخلا ضمن الدعاوى المستعجلة التي تكون من إختصاص القضاء المستعجل إذا ما توفرت فيهما الشروط القانونية التي تخول للمدعي - الحائز – حق اللجوء الى القضاء لطلب حماية حيازته ، بإعتباره حق من الحقوق العامة اللصيقة بالشخصية ، وهي من الحريات العامة التي يكفلها الدستور للناس كافة .
أما الحق في الدعوى سواء كانت دعوى إسترداد الحيازة أو دعوى وقف الأعمال الجديدة ، فهي تتقرر للشخص الذي ينفرد به ويدعيه ويطلب من القاضي الحماية بسبب الإعتداء عليه ومن ثم تنشأ له مكنة قانونية على سبيل الإستئثار والإنفراد دون الناس .


ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصطفى مجدي هرجة ، المرجع السابق ، صفحة 301.
وبذلك فإن الحائز بمباشرته الحق في الدعوى فهو يمارس في نفس الوقت جدية الإلتجاء الى القضاء وبذلك يجمع بين الحقين .
لكن السؤال الذي يمكن طرحه في هذا الشأن ، هل أن الحيازة تخضع لنفس القواعد والشروط العامة التي يجب أن تتوافر لإختصاص القضاء المستعجل ، أم أنها تنفرد بقواعد خاصة ومستقلة ؟
لاشك أن إختصاص القضاء المستعجل بنظر دعاوى الحيازة يتطلب، بالإضافة للقواعد والشروط الخاصة بكل دعوى ، توافر شرطي الإستعجال وعدم المساس بأصل الحق ، وهما شرطان يتعلقان بالنظام العام .
فعنصر الإستعجال حسب المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية هو العنصر الذي يحدد الجهة القضائية المختصة ومدى إختصاصها وكذا الاجراءات المتبعة أمامها كما أنه يعتبر فكرة قانونية (1) نص عليها المشرع في القانون المدني ( م183 ) وقانون الاجراءات المدنية ( م 40/2 ، 53 ، 67 ) .
الفرع الأول : إجراءات رفع دعوى الحيازة المستعجلة ومراحل سيرها :
أولا / إجراءات رفع دعوى الحيازة المستعجلة :
إن طلب حماية الحيازة في القضاء المستعجل سواء كان ذلك بطلب إسترداد الحيازة أو بطلب وقف الأعمال الجديدة يرفع بعريضة مؤرخة وموقعة من المدعي أو وكيله تقدم إلى رئيس الجهة القضائية من الدرجة الأولى ، المختصة بالنظر في موضوع الدعوى ، وهو ما نصت عليه المادة 183/1 من قانون الإجراءات المدنية ، ويكون ذلك بعد سداد الرسوم المستحقة عليها ، وقيدها بجدول المحكمة وهو سجل خاص تبعا لترتيب ورودها مع بيان أسماء الأطراف ورقم القضية وتاريخ الجلسة، ثم تسليم الأصل مع عدد مطابق لعدد الخصوم من الصور للمحضرين لإعلانها بعد أن يثبت عليهم تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى، مع ضرورة ذكر كافة البيانات المنصوص عليها في المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية والمتمثلة في :
- إسم مقدم العريضة ولقبه ومهنته وموطنه .
- تاريخ تسليم التكليف بالحضور ورقم الموظف القائم بالتبليغ وتوقيعه .
- إسم المرسل إليه ومحل إقامته وذكر الشخص الذي تركت له نسخة التكليف بالحضور .
- ذكر المحكمة المختصة بالطلب واليوم والساعة المحددين للمثول أمامها .
- ملخص الموضوع ومستندات الطلب .
ويسري على الإستدعاء والتكليف بالحضور وتبليغه للخصم القواعد والأحكام التي تطبق في رفع الدعوى أمام قاضي الموضوع والمنصوص عليها في المواد 22 ، 23 ، 24 و26 من قانون الإجراءات المدنية ، وهو مانصت عليه المادة 185 من نفس القانون بقولها يكلف الخصم بالحضور حسب الأوضاع المقررة في المواد 22 ، 23 ، 24 و26 ومع ذلك فإن المهل المنصوص عليها في المادتين 24 و26 يمكن تقصيرها وفقا للظروف ) .

ــــــــــــــــــــــــ
(1) د الغوثي بن ملحة ، القضاء المستعجل وتطبيقاته في النظام القضائي الجزائري طبعة1 ، الديوان الوطني للاشغال التربوية 2000 صفحة 15 .
هذا ويجوز تقديم الدعوى المستعجلة في غير الأيام التي تنعقد فيها الجلسات الخاصة بالقضايا المستعجلة ويحدد القاضي فورا تاريخ الجلسة ويمكنه أن يأمر بإستدعاء الأطراف أمامه في الحال والساعة وهو ما نصت عليه المادة 184 يجوز تقديم الدعوى المستعجلة، إذ إقتضت أحوال الإستعجال القصوى إلى القاضي لمكلف بنظر القضايا المستعجلة بمقر الجهة القضائية وقبل قيد الدعوى بسجل كتابة الضبط .
ويحدد القاضي فورا تاريخ الجلسة ويمكنه في حالة لإستعجال أن يأمر بدعوة الأطراف في الحال والساعة .
ويجوز له الحكم في الدعوى حتى في أيام العطل ) .
هذا وإن دعوى الحيازة المستعجلة مثلها مثل باقي الدعاوى التي يختص بها القضاء المستعجل إذ لا بد من أن تكون للمدعي - الحائز - الشروط التي نصت عليها المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية بقولها: ( لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء ما لم يكن حائزا لصفة وأهلية التقاضي وله مصلحة في ذلك .
ـ ويقرر القاضي من تلقاء نفسه إنعدام الصفة أو الأهلية ، كما يقرر من تلقاء نفسه عدم وجود إذن برفع الدعوى إذا كان هذا الإذن لازما ) .
فهذه المادة تحدد شروط قبول الدعوى أمام القضاء ، غير أنه يجب إستبعاد أهلية التقاضي منذ البداية لأنها تعد شرطا من شروط صحة إجراءات الخصومة ، فالحق في الدعوى يثبت لكل شخص بمجرد وقوع إعتداء على حقه بصرف النظر عما إذا كان يتمتع بأهلية التقاضي أم لا ، وتبعا لذلك فمن أجل قبول الدعوى لا بد من توافر المسائل التالية : المصلحة ، الصفة ، إستيفاء القيد قبل رفع الدعوى (1) .
فالمصلحة هي مناط الدعوى والفائدة العملية أو الواقعية التي تعود على الخصم من الحكم له بما يطلبه ، بمعنى أنه يتعين أن تكون له منفعة قانونية يجنيها من وراء رفع هذه الدعوى سواءا كانت هذه المنفعة مادية أم أدبية ، كبيرة أم تافهة، على أن تكون المصلحة قائمة وحالة أي أن حقه قد إعتدي عليه بالفعل أو حصلت منازعة بشأنه فيتحقق الضرر المبرر للإلتجاء إلى القضاء.
ولكن المشرع أجاز إستثناء من هذا الأصل قبول الدعوى عندما تكون المصلحة محتملة ، وهذه الإجازة منوطة بأن يكون الغرض من الدعوى الإحتياط لدفع ضرر محدق أو حماية حق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه .
وتعتبر دعوى وقف الأعمال الجديدة هي الصورة المثلى والوحيدة في دعاوى الحيازة التي تقوم على المصلحة المحتملة، فهذه الدعوى ترفع في وقت لا يكون العمل الذي إرتكبه الخصم قد بلغ بعد حد التعرض ولكن ذلك سيتحقق مستقبلا.



ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- الاستاذ زودة عمر ، محاضرة القيت على الطلبة القاضة ، الدفعة الرابعة عشر بالمعهد الوطني للقضاء 2005 الجزائر .
هذا وأن الدعوى التي ترفع إلى القضاء المستعجل غير المتوافرة على شرط المصلحة تكون غير مقبولة ولا يكفي لقبول دعوى الحيازة المستعجلة أن يكون لرافعها مصلحة قانونية حالة أو محتملة ، بل يتعين أيضا أن تكون شخصية مباشرة بمعنى أن يكون المدعي الحائز هو نفسه صاحب الحق المراد حمايته بدعوى الحيازة المستعجلة أو من يقوم مقامه قانونا ، والمصلحة الشخصية المباشرة هي الصفة في رفع الدعوى وهذه الصفة يتعين أن تتوفر في المدعي الحائز وإلا كانت دعواه من غير صفة فتكون غير مقبولة، ويبحث قاضي الأمور المستعجلة شرط الصفة كذلك من ظاهر الأوراق دون أن يبحث في أصل الموضوع .
وتجدر الإشارة كذلك أن من شروط قبول دعاوى الحيازة أمام القضاء المستعجل هو عدم سبق الفصل فيها في نفس السبب وبين ذات الخصوم ، فالحكم المستعجل وإن كان حكما وقتيا ، ولاحجيةله أمام محكمة الموضوع إلا أن حجيته تبقى أمام القضاء المستعجل نفسه ، فلا يجوز إثارة نفس النزاع موضوعا وسببا وخصوما أمامه مرة ثانية طالما أنه لم يحدث تغيير في المركز القانوني أو الواقعي للخصوم بعد صدور الحكم الأول.
ثانيا / مراحل السير في دعوى الحيازة المستعجلة :
تتعلق مراحل السير في دعوى الحيازة المستعجلة محل الحماية بإجراءات المرافعة أثناء نظر الدعوى وفي العوارض التي تعترضها والملاحظ أن كل هذه الإجراءات تعتبر من القواعد العامة التي تدخل في إختصاص القاضي الإستعجالي ، فإذا كانت دعاوى الحيازة المستعجلة المتمثلة في دعوى إسترداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة دعاوى خاصة ومتميزة من حيث طبيعتها وموضوعها إلا أن إجراءاتها واحدة أمام القضاء المستعجل ، وسنتناول مراحل سير هذه الدعاوى فيما يلي :
1/ في الجلسة و نظامها :
إن سير دعوى الحيازة المستعجلة يتميز بالبساطة و السرعة ، و لذا فإن الإجراءات لا تتطلب أن تكون كلها بصفة كتابية ، بل قد تكون المرافعة بصفة شفهية (1).
أ / إنعقاد الجلسة : الأصل أن تنظر دعاوى الحيازة المستعجلة في جلسة علنية تعقد بالمحكمة و يساعد القاضي فيها أمين الضبط .
ولا يشترط أن يحضر الخصوم شخصيا أمام القاضي الإستعجالي ، بل يكفي حضور من يمثلهم قانـونا ، إلا أنه يجوز للقاضي أن يأمر بحضور الطرفين شخصيا لمناقشتهم ، و هذا طبقا لحكم المادة 43 من قانون الإجراءات المدنية إذا إقتضت ظروف الدعوى ذلك.
أما إذا طلب الطرفان أو أحدهما التأجيل لأسباب معقولة ، ففي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يؤجل الجلسة لأجل قصير مع تكليف الخصوم بأيداع مستنداتهم في ميعاد يحدده.



ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د / الغوثي بن ملحة ، المرجع السابق ، صفحة 92 .
وإذا توفي أحد الخصوم أثناء الدعوى و كان الفصل في الإجراء المستعجل لا يحتمل التأخير ، جاز للقاضي قبول تدخل من يدعي أنه وارث للخصم المتوفى .
ب/ المرافعة: يتعين على المدعي الحائز في دعوى إسترداد الحيازة أو دعوى وقف الأعمال الجديدة أن يودع مستنداته المثبتة لحيازته أو للإعتداء على حيازته ، و على المدعى عليه أي المعتدي على الحيازة أن يقدم مذكرة للجواب و ما لديه من وثائق في جلسة المرافعة.
و يجدر التذكير هنا إلى أن الحيازة ما هي إلا واقعة مادية، و بذلك فهي تثبت بشتى الوسائل القانونية من ذلك البينة و القرائن ، و أهم وثيقة أو مستند يثبت الحيازة هي شهادة الحيازة ، إذ نصت المادة 39 من قانون التوجيه العقاري على إمكانية تسليم سند حيازي يسمى شهادة الحيازة من طرف رئيس البلدية المختص إقليميا لكل حائز بمفهوم المادة 823 من القانون المدني (1) ، على تمنح هذه الشهادة فقط في أراضي الملكية الخاصة التي لم تحرر عقودها و لم يتم فيها المسح .
و قد أضافت المادة 02 من المرسوم التنفيذي المطبق للمادة 39 من قانون التوجيه العقاري 91/254 المؤرخ في 27 جويلية 1991 (2)، أن طلب شهادة الحيازة يكون ممن يمارس الحيازة طبقا لأحكام المادة 413 من قانون الإجراءات المدنية ، فشهادة الحيازة حسب المادة 43 من قانون التوجيه العقاري لا تغير الوضعية القانونية للعقار أي أنه لا يترتب عليها الإعتراف بالملكية ، و تضيف المادة 47 منه على أن الوضعية القانونية للعقارات المعنية بشهادة الحيازة تصفى في إطار المسح، لكن الغريب أن التعليمة العامة المؤرخة في 6 جويلية 1994 المتعلقة بالمسح (ص 44 ، 45) تنص على أن الحائز الحاصل على شهادة الحيازة لا يتم التحقيق في حيازته ، و يعتبر حائزا حسن النية بسند و يكتفي المحقق بذكر هوية الحائز و سند حيازته في التحقيق، و يمكنه إكتساب العقار بالتقادم إذا علمنا أن المرسوم التطبيقي يكتفي بسنة لمنح شهادة الحيازة.
و بذلك فإن شهادة الحيازة تمنح للحائز حق الإستعمال و الإستغلال أي التمتع إضافة إلى بعض التصرفات التي لا يعترف بها إلا للمالك ما عدا التصرفات الناقلة للملكية أو للحقوق العينية ، و بذلك فهي تمكنه من اللجوء إلى القضاء لحماية حيازته.
2 / في عوارض الدعوى المستعجلة :
يمكن أن تعترض دعوى الحيازة المستعجلة في سيرها عوارض، و هذا فيما يخص الدفوع و عوارض أخرى:
أ / الدفوع: يجوز أن تدفع دعوى إسترداد الحيازة أو دعوى وقف الأعمال الجديدة بدفوع مختلفة، منها الدفع بعدم الإختصاص النوعي الذي يعتبر متعلقا بالنظام العام، و الذي يجوز إبداؤه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى ، و يحق للقاضي الإستعجالي أن يقضي به من تلقاء نفسه، كما قد يقوم هذا الدفع على إنعدام عنصر الإستعجال أو تخلف ركن عدم المساس بأصل الحق.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) تنص المادة 823 من القانون المدني الجزائري على مايلي" الحائز لحق يفرض انه صاحب لهذا الحق حتى يتبين خلاف ذلك"
(2) الجريدة الرسمية رقم 36/91
كما يكون الدفع بعدم الإختصاص المحلي الذي يتعين إبداؤه قبل التعرض إلى الموضوع ، وهو دفع لا يتعلق بالنظام العام ، و عليه يتعين على الخصم التمسك به ، كما يمكن كذلك الدفع بإنعدام الصفة أو المصلحة أو الأهلية أو عدم قبول العريضة شكلا....إلخ.
ب/ العوارض الأخرى : وهي تلك الطلبات العارضة التي يجوز للمدعى عليه أن يقدمها ، و كذلك تدخل الغير، سواء كان إختياريا أو جبريا بشرط أن يتصل بإختصاص القاضي الإستعجالي.
ثالثا / سلطة القاضي من حيث الفصل في دعوى الحيازة المستعجلة:
إن سلطة القاضي من حيث فصله في دعوى إسترداد الحيازة أو وقف الأعمال الجديدة تنصب على تمسكه بإختصاصه أو عدم إختصاصه نوعيا، و كذلك مع الدفوع التي يثيرها الأطراف في النزاع، إضافة إلى إجراءات الإثبات التي يسعى من خلالها إلى البت في النزاع المعروض عليه.
أ / تقرير القاضي الإستعجالي لإختصاصه النوعي:
إن الإختصاص النوعي هو قيد لإختصاص القاضي الإستعجالي ، فهو ملزم بإصدار الحكم بعدم الإختصاص النوعي من تلقاء نفسه متى إنتفى عنصر الإستعجال أو الخطر أو كان الفصل مما يمس بأصل الحق .
أما إذا تضمنت العريضة عدة طلبات منها ما هو موضوعي و منها ما هو وقتي و يدخل ضمن إختصاصه وجب عليه التمسك بالإجراء الوقتي و أن يقضي بعدم إختصاصه في الطلب الموضوعي.
هذا و لا يجوز للقاضي الإستعجالي أن يأمر بإحالة الدعوى المستعجلة إلى محكمة الموضوع للفصل فيها بحكم واحد مع الموضوع و هذا لعدم وجود إرتباط بين الدعوى المستعجلة و الدعوى الموضوعية.
ب/ الدفوع التي يبديها الأطراف : إن الدفوع التي تثار أمام القاضي الإستعجالي كالدفع بعدم الإختصاص النوعي أو المحلي أوعدم قبول الدعوى لإنعدام شروطها كلها من إختصاص القاضي،ويجب عليه الفصل فيها.
ج/ إجراءات الإثبات : لا يجوز للقاضي الإستعجالي أن يأمر بإحالة الدعوى الى التحقيق أو ندب خبير أو الإنتقال للمعاينة للبحث عن واقعة متنازع عليها تمهيدا للفصل فيها من دون أن يترتب على ذلك مساس بأصل الحق.
كما لا يجوز له توجيه اليمين للمدعي الحائز أو للمدعى عليه المعتدي على الحيازة سواء كانت يمينا حاسمة أو متممة لأن ذلك فيه مساس بالموضوع ، لكن المشرع أجاز للقاضي أن يندب خبيرا للتحقق من توافر وجه الخطر في الطلب المعروض عليه ، كما أجاز له السماع إلى الشهود أو الأمر بحضور الأطراف شخصيا أمامه.
الفرع الثاني: طبيعة الحكم و حجيته.
يعتبر إختصاص قاضي الأمور المستعجلة قضائي ، فهو يصدر أوامر بعد طرح النزاع أمامـه بالأوضـاع القانونية و الأحكام التي يصدرها و إن كانت وقتية لا تمس أصل الحق إلا أنها قضائية بالمعنى القانوني، إذ يجب تسبيبها مثل باقي الأحكام و تجري عليها قواعد المداولة و غير ذلك ، و هي ملزمة للخصوم و مقيدة للقاضي فلا يجوز العدول عنها أو تعديلها جزئيا أو كليا إلا إذا حصل تغيير في وقائع الدعوى المادية أو في مركز الخصوم القانوني ، و يمكن الطعن فيها بالإستئناف و بالنقض عند توافر شروط الطعن.
أولا: طبيعة الأحكام المستعجلة:
نص المشرع في المادة 188 من قانون الإجراءات المدنية على أنه:" تكون الأوامر الصادرة في المواد المستعجلة معجلة النفاذ بكفالة أو بدونها و هي غير قابلة للمعارضة و لا للإعتراض على النفاذ المعجل.
و في حالة الضرورة القصوى يجوز للرئيس حتى قبل قيد الأمر أن يأمر بالتنفيذ بموجب المسودة الأصلية للأمر."
و عليه فإن قاضي الأمور المستعجلة يفصل بصفة مؤقتة في طلبات قائمة بطبيعتها على ظروف متغيرة دون أن يستند في حكمه على أسباب تتعلق بأصل الحق، أو أن ينظر في المستندات المقدمة من الخصوم ليتحقق على ضوئها من صاحب الحق أو المركز المطلوب حمايته (1).
على أنه ليس هناك ما يمنعه من أن يبحث ظاهر مستندات الطرفين لتقدير جدية النزاع الذي أثاره الخصوم حول أصل الحق على أن يكون ذلك بهدف حسم النزاع بين الخصمين في أصل الحق ، فإذا إتضح له من خلال ذلك البحث أن المنازعة جدية فيتعين عليه الحكم بعدم الإختصاص ، ولذلك فعلى القاضي أن يبني حكمه على توافر شروط القضاء المستعجل و لا يجوز له أن يبنيه على أساس ثبوت الحق أو نفيه.
ثانيا: حجية الحكم المستعجل.
طالما أن قاضي الأمور المستعجلة يفصل بصفة مؤقتة في طلبات قائمة على ظروف متغيرة دون أن يستند في حكمه على أسباب تتعلق بأصل الحق و دون أن يفصل في هذا الحق ، فمن الطبيعي إلا يكون لأحكامه حجية الشيء المقضي به (2) فهي أحكام وقتية بطبيعتها لأنه من الممكن تعديلها تبعا لتغير الظروف .
لذلك إذا أغفلت محكمة الموضوع الرد على الدفاع المؤسس على صدور حكم مستعجل فإن ذلك لا يعيب حكمها لأن الحكم المستعجل حكم وقتي لا يؤثر في أصل الحق و لا حجية له أمام محكمة الموضوع (3).
لكن من جهة أخرى نجد أن الأمر المستعجل يحوز الحجية بالمعنى الفني الدقيق ، ذلك أنه يمنح حماية قضائية و إن كانت مؤقتة إلى حين الحصول على الحماية النهائية، فحجيته تكون أمام نفس الجهة التي أصدرته .
و بذلك فإن الأوامر الاستعجالية تشبه بالإسعافات الطبية الأولى، بينما يشبه الحكم الموضوعي بالعملية الطبية النهائية (4).


ـــــــــــــــــــــــــ
(1) د. أحمد هندي، المرجع السابق ، صفحة 179.
(3) وزارة العدل، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي، مديرية الشؤون المدنية ، 1995 ، الديوان الوطني للاشغال التربوية ، صفحة 71
(3) الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، المرجع السابق، ص 57.
(4) مقال لرئيس محكمة وهران حول دعوى القضاء المستعجل ، الندوة الوطنية للقضاء الاستعجالي ، المرجع السابق ، صفحة 5
و نشير في هذا الخصوص إلى أن الأوامر الإستعجالية غير قابلة للمعارضة ، و من ثم فإن الأمر الغيابي يعتبر في القضاء الإستعجالي بمثابة الأمر الحضوري. و قد قضت المادة 190 من قانون الإجراءات المدنية بأنه ( يرفع الإستئناف في الأحوال التي يجيزها خلال 15 يوما من تاريخ تبليغ الأمر) ، فهذه المدة إذن تتماشى مع الصفة الإستعجالية للدعاوى المستعجلة عموما و لدعاوى الحيازة المستعجلة خصوصا.
أما الطعن بالنقض فإنه جائز في كل القرارات الإستعجالية طبقا للفقرة الأولى من المادة 231 من قانون الإجراءات المدنية ذلك أن القرار الإستعجالي يعتبر نهائيا و في هذه الحالة يكون قابلا للطعن فيه بالنقض.
و عموما فإن القضاء الإستعجالي بإجاباته الخاصة و البسيطة يعمل على حفظ الحقوق لأصحابها و بالتالي يحمي حيازة الحائز من خلال وقف الأشغال الجديدة التي تهدد حيازته أو بإسترداد الحيازة التي إغتصبت منه بالقوة و في مدة تعادل الخطر الداهم لتلك الحيازة.
































الخاتمـة :

إن المكانة التي منحها المشرع للحيازة لكي تكون سببا من أسباب كسب الملكية بالرغم من أنها مجرد واقعة مادية يسيطر فيها الشخص سيطرة فعلية على الشيء محل الحيازة فيظهر فيه بمظهر صاحب الحق ، جعلها تحظى بالحماية لأن ذلك سيساهم في حماية الملكية ، و كذا في الحفاظ على الأمن و النظام العام في المجتمع .
ومن ثم فقد أولى المشرع لها الحماية الكافية لمنع الإعتداء عليها ، فأجاز للحائز في حال التعرض لها أو سلبها بالقوة اللجوء للقضاء و طلب الحماية ، سواء كان ذلك أمام القسم المدني أو القسم الجزائي .
و قد إقتصرت دراستنا في هذا الموضوع على الحماية التي تمنحها كل من النيابة العامة و القضاء المستعجل للحيازة كصورتين من صور الحماية الجزائية بالنسبة للنيابة العامة و الحماية المدنية بالنسبة للقضاء المستعجل ، فخلصنا إلى أن تدخل النيابة العامة لحماية الحيازة تكون في الحالات أو الجرائم التي يعاقب عليها قانون العقوبات سواء كانت تلك الحماية منصبة على حيازة العقارات أو حيازة المنقولات .
ما تدخل القضاء المستعجل فيكون في الحالات التي نص عليها قانون الإجراءات المدنية ، و التي ترد فيها المنازعات على العقار دون المنقول متى توافرت شروط إختصاصه و المتمثلة في عنصري الإستعجال و عدم المساس بأصل الحق .
و سواء كانت تلك المنازعة جزائية أو مدنية ، فإن القضاء هو المختص بالتصدي لها ، و إن النيابة العامة دورها هو الكشف عن الجريمة و إبراز أركانها ، ومن ثم إحالتها على القضاء الجزائي للفصل فيها.
وبالرغم من أهمية الحيازة و مكانتها في الواقع و القانون إلا أنه يؤخذ على المشرع مايلي :
1- عدم تعريفه للحيازة .
2- النص على الحيازة فقط في القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية ، دون النص عليها في قانون العقوبات بالنسبة للجرائم المتعلقة بها.
3- الحماية المدنية للحيازة تنصب فقط على العقارات ، بينما تنصب الحماية الجزائية لها على العقارات و المنقولات .






4أ- عدم توضيح المشرع لأحكام المادة 386 من قانون العقوبات ، الأمر الذي جعل القضاء يجتهد في ذلك ليصل إلى قرارات متناقضة ، إذ أن هناك قرارات تشترط الملكية و لا تعتد بالحيازة ، وهناك قرارات أخرى تكتفي بمجرد الحيازة لتطبيق أحكام المادة المذكورة أعلاه. إضافة إلى إستقرار القضاء على ضرورة وجود حكم مدني نهائي يقضي بالإخلاء حتى تتمكن النيابة العامة و القضاء الجزائي من التدخل لحماية الحيازة ، و بذلك أصبحت حماية الحائز كشخص أهم من حماية الحيازة كنظام قانوني.
5- جعل قاعدة عدم الجمع بين دعوى الملكية و دعوى الحيازة شاملة و عامة ، تسري أحكامها حتى أمام القضاء المسعجل ، بينما الحكم الإستعجالي هو حكم وقتي و لا يحوز حجية الأمر المقضي فيه ، و لا يمس أصل الحق و لا يؤثر بتاتا في الدعوى الموضوعية.
6- تغليب المشرع للحماية المدنية على حساب الحماية الجزائية بإشتراط القضاء لضرورة إستصدار حكم مدني نهائي يقضي بالإخلاء ، و ربما تكون العلة من ذلك هو أن الحماية المدنية لحيازة العقار هي الأسلوب الطبيعي الذي تتحقق من خلاله ضمانات تحقيق العدالة ، بل أن هذه الحماية هي الأصل لتأكيد الإستقرار الكافي للمراكز القانونية ، سواء تم ذلك عن طريق القضاء الموضوعي أو القضاء المستعجل .
و عموما نخلص إلى أن الحكمة من حماية الحيازة تقوم على أساس فكرة حفظ الأمن و النظام العام ، لأن النظام الإجتماعي يتطلب عدم المساس بالحالات الواقعية.

















قائمــة المراجــع

المراجع باللغة العربية :
1- د. أحسن بوسقيعة ، قانون العقوبات مدعم بالإجتهاد القضائي ، الديوان الوطني للإشغـال التربوية ، الجزائر ، 2001.
2- د. أحسن بوسقيعة ، الوجيز في القانون الجنائي الخاص ، الجزء الأول ، طبعة 2003 ، دار هومة ، الجزائر.
3- د. أحمد هندي ، أصول قانون المرافعات المدنية و التجارية ، طبعة 2002 ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية.
4- أحمد شوقي الشلقاني ، مباديء الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ، الجزء الثاني ، طبعة 1999 ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر.
5- أنور طلبة ، موسوعة المرافعات المدنية و التجارية ، الجزء الأول ، طبعة 2001 ، منشأة المعارف ، الإسكندرية.
6- أنور طلبة ، الحيازة ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، طبعة 2004.
7- د. أدوار غالي الدهبي ، الاجراءات الجنائية ، مكتبة غريب ط 2 ، 1990 .
8- د. الغوثي بن ملحة ، القضاء المستعجل و تطبيقاته في النظام القضائي الجزائري ، الطبعة الأولى ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ، 2000 .
9- بوبشير محند أمقران ، قانون الإجراءات المدنية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، طبعة 2001 الجزائر.
10- بن وارث محمد ، مذكرات في القانون الجزائي الجزائري ، القسم الخاص ، طبعة 2004 ،
دار هومة ، الجزائر.
11- جيلالي بغدادي ، الإجتهاد القضائي في المواد الجزائية ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى
الديوان الوطني للأشغال التربوية ، 2002.
12- حمدي باشا عمر ، مباديء الإجتهاد القضائي في مادة الإجراءات المدنية ، دار هومة
الجزائر.
13- حمدي باشا عمر ، الملكية العقارية الخاصة ، دار هومة ، الجزائر.
14- حمدي باشا عمر ، القضاء العقاري ، طبعة 2002 ، دار هومة ، الجزائر.
15- د. سنية أحمد يوسف ، حماية الحيازة بين النيابة العامة و القضاء المستعجل ، دار
الجامعة الجديدة للنشر ، 2001 ، الإسكندرية.
16- طاهري حسين الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية، الطبعة الثانية، دار المحمدية
العامة ، الجزائر.
17- د. عبد الله أوهايبية ، شرح قانون الإجراءات الجزائية ، التحري و التحقيق ، طبعة 2004
دار هومة ، الجزائر.

18 - د. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، الجزء التاسع ، أسباب كسب
الملكية ، 1968.
19 - د. عدلي امير خالد ،الحماية المدنية والجنائية لوضع اليد على العقار ، منشأة المعارف
الإسكندرية ،1993.
20 - د. عدلي أمير خالد، الإرشادات العملية في إجراءات المرافعات والإثبات في كافـة الدعاوي
المدنية ، منشأة المعارف 2001.
21 - د. عبد المنعم فرج الصدة ، أسباب كسب الملكية ( الحيازة ) ، طبعة 1964.
22 - عز الدين الدناصوري و حامد عكاز ، الحيازة المدنية و حمايتها الجنائية في ضوء الفقــه
و القضاء.
23 - د. علي علي سليمان ، شرح القانون المدني الليبي ، الحقوق العينية الأصلية والتبعيــة ،
طبعة 1969.
24 - د. قدري عبد الفتاح الشهاوي ، الحيازة كسبب من أسباب كسب الملكية في التشريع
المصري و المقارن ، منشاة المعارف ، الاسكندرية.
25 - د. محمد شتا ابو سعد ، منازعات الحيازة ، الطبعة الثانية ، 1988 ، منشأة المعارف ،
الإسكندرية.
26 - محمد علي راتب ، محمد نصر الدين كامل ، محمد فاروق راتب ، قضاء الأمور
المستعجلة ، الطبعة السادسة ، الجزء الأول.
27 - د. محمدي فريدة (زواوي) ، الحيازة و التقادم المكسب ، ديوان المطبوعات الجامعية
الإسكندرية ، 1991.
28 - مصطفى مجدي هرجة ، الحيازة داخل و خارج دائرة التجريم ، دار المطبوعات
الجامعية ، الإسكندرية ، 1991.
29 - محمد نجيب حسين ، شرح قانون الإجراءات الجنائية ، الطبعة الثانية 1988، دار
النهضة العربية ، القاهرة.
30 - مولاي ملياني بغدادي، الجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ، المؤسسة الوطنية
للكتاب ، الجزائر.
31 - د.محمود سمير عبد الفتاح ، النيابة العامة وسلطتها في إنهاء الدعوى الجنائية بدون
محاكمة ، طبعة 1991 ،الدار الجامعية ، بيروت .
32 - يوسف دلاندة ، قانون العقوبات مدعم بالإجتهاد القضائي ، دار الشهاب .
33 - الندوة الوطنية للقضاء الإستعجالي ، مديرية الشؤون المدنية ، 1995.



المراجع باللغة الاجنبية :

1 / Colin et capitrant : traité de droit civil français , tome 2,1959,par guliot
la marandière . 2/ Emerentine jaudin et jean radouat,encyclopédie, DALLOZ , prescription
civile , 1974 .
3/ j. pradel , M.danti – juan , droit pénal spécial , enjas , 2éme édition 2001 .
4/ jean larjuier , et philippe conte , procédure civil , droit judiciaire privé D.13 ed 5/ Marcel planiol , taité égémentaire de droit civil , tome 1 les biens
7 ed 1915 .
6/ Code civil , DALLOZ .

النصوص القانونية :
1- دستور 1996 .
2- قانون العقوبات .
3- قانون الإجراءات الجزائية .
4- القانون المدني .
5- قانون الإجراءات المدنية .
6- القانون التجاري .
7- القانون رقم 90/25 المؤرخ في 18/11/1990 ، المتضمن قانون التوجيه العقاري .
8- القانون رقم 91/03 المؤرخ في 08/1/1991 ، المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي .
9- القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 ، المتضمن قانون الأملاك الوطنية .
10- المنشور الوزاري رقم 03 المؤرخ في 01/03/1972 ، المتضمن تنفيذ الأحكام والقرارات
القضائية مع جميع التحفظات .
11- المرسوم التنفيذي 91-254 المؤرخ في 27/07/1991 ، المطبق للمادة 39 من قانــون
التوجيه العقاري .
المجالات القضائية :
1- المجلة القضائية لسنة 1989 عدد 3 .
2- المجلة القضائية لسنة 1989 عدد 4 .
3- المجلة القضائية لسنة 1990 عدد 4 .
4- المجلة القضائية لسنة 1991 عدد 2 .
5- المجلة القضائية لسنة 1991 عدد 3 .
6- المجلة القضائية لسنة 1992 عدد 1 .
7- المجلة القضائية لسنة 1992 عدد 4 .



8- المجلة القضائية لسنة 1993 عدد 1 .
9- المجلة القضائية لسنة 1993 عدد 2 .
10-المجلة القضائية لسنة 1994 عدد 1 .
11- نشرة القضاة ، عدد 56 لسنة 1999 .
12- الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية ، المحكمة العليا ، الجزء الثاني 2004 .
13- مجموعة الأحكام ، المجلس الأعلى ، الجزء الأول .
14- الإجتهاد القضائي لغرفة الجنح والمخالفات ، الجزء الاول ، عدد خاص ، 2002 .
15- دليل الباحث في الإجتهادات القضائية ، المحكمة العليا ، قسم الوثائق ، 2000 .
المحاضرات والمقـالات :
1 - الأستاذ زودة عمر ، محاضرة ألقاها على الطلبة القضاة ، الدفعة الرابعة عشر ، المدرسة
الوطنية للقضاء ، الجزائر 2004 ، 2005 .
2 - أ . بن رقية بن يوسف ، شهادة الحيازة ، محاضرة ألقاها على قضاة التكوين المتخصـص في
القانون العقاري ، الدفعة الأولى ، السنة الأكاديمية 2000 ، 2001 .
3 - أ . زودة عمر ، قاعدة عدم الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ، المجلة القضائية لسنة
1992 عدد 4 .
4 - أ . زودة عمر ، دور النيابة العامة في الدعوى المدنية ، المجلة القضائية لسنة 1991 ، عدد 3 .
5 - مقال لرئيس مجلس قضاء سيدي بلعباس ، القضاء الإستعجالي ، الندوة الوطنية للقضاء
الإستعجالي مديرية الشؤون المدنية ، 1995 ، الديوان الوطني للاشغال التربوية .
6 - تعليق السيدة ، فائزة بوتارن رئيسة قسم بالغرفة العقارية ، على القرار رقم 201544 الصادر
بتاريخ 22/11/2000 ، الإجتهاد القضائي للغرفة العقارية ، الجزء الثاني 2004 .
7 - فاتح محمد التيجاني ، رئيس غرفة الجنح والمخالفات بالمحكمة العليا ،الإجتهاد القضائي لغرفة
الجنح والمخالفات ، الجزء الأول ، عدد خاص قسم الوثائق 2002 .
8 - مقال لرئيس محكمة وهران ، دعوى القضاء المستعجل ، الندوة الوطنية للقضاء الإستعجالي ،
مديرية الشؤون المدنية 1995 ، الديوان الوطني للأشغال التربوية .