منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الشيخ عبد القادر بن محمد المكنى " بسيدي السيخ ".
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-09-28, 00:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
فقير
محظور
 
إحصائية العضو










New1 الشيخ عبد القادر بن محمد " سيدي الشيخ " .

[align=right]بسم الله الرحمن الرحيم
تابع للترجمة أعلاه :

* الجانب الصوفي: كانت للشيخ رضي الله عنه كذلك مكانة جد عالية، بل متفردة في علم التصوف، إذ كانت له اليد الطولى في طريقة التربية من تلقين الذكر وإلباس الخرقة وترقية المريدين، واليد البيضاء في العلوم اللدنية وأخبار الصوفية. ومما لا يدع مجالا للشك في تضلعه في هذا المضمار بيانه لطريقة الجماعة في ذلك كله بالدليل والبرهان، وانتقاده للمتطفلين على الميدان في الرسالة الجوابية التي بعث بها إلى السلطان السعدي مولاي زيدان والتي جاء فيها: "....وطريقة أهل الجماعة في ذلك أن يصافح الشيخ ثم يأخذ الفقير يخلو به ويعلمه سورة الطريق وما يترتب عليها ...ثم يغتسل وينوي أنه خرج عما كان فيه من سوء أعماله وأقواله ...ثم يضع يده اليمنى فوق رأسه أنه شريك في التوبة لاستوائهما في أمر الله تعالى ... قالوا، ويغمض عينيه ويسكت ساعة لتجتمع همته لقوله عليه السلام: " طوبى لمن جعل همه هما واحدا" ثم يتعوذ ويبسمل ويقول استغفر الله العظيم ثلاثا، ثم يقول بعد الثالثة وأتوب إليه، ويسأله التوبة والتوفيق لما يحبه ويرضاه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول الحمد لله رب العالمين. ويتبعه المريد في ذلك كله حتى يصرفه الشيخ، وإذا شاء ذكره مشايخه وإسناده. قالوا كذلك يفعل في تلقينه الذكر ولبس الخرقة، ثم يؤمر أن يلتزم التقوى والطاعة واجتناب المخالفة والبحث عما فيه رضاء الله تعالى تصريحا وتلويحا ... وأما الأوائل من القوم لم تكن لهم فيها رتبة في المشيخة ... وإنما كانت الصحبة واللقاء فكان الأدنى إذا لقي الأعلى استفاد منه ... ثم جاء بعد قوم حرفوا الأمور وخبطوا خبط عشواء في متراكم الظلام فضلوا وأضلوا نسأل الله السلامة ..."
وقصيدتاه " الياقوتة" و"الحضرة"، أو ما يسمى أيضا بالياقوتتين الكبرى والصغرى إلى جانب رسالته هذه تشهد بعلو كعبه في العلم والتصوف إذ ضمن كلا منهما ما يعين المريد ويرد الشارد، وأسس فيها من علم الرشاد ما يضيء به الطريق لأهل السداد، ويكبح به عناد الحساد. وفي الياقوتة يقول:
حفظت علوما لم تسعها سمـــــاؤها***ولم يبلغ انتهاءها أهل الإشــارة
فعمت وخصت في الأنام منارهـــــا***ومن حضرة القهار جل استمــدت
سرى سرنا سريانا في السرائـــــر***ولم يدرك بالأفهام المعــــــدة
فليس سوانا بعدنا بمعبـــــــــر***عن الحضرة العليا بأحلى عبـــارة
وفي هذا المعنى قال عنه مريده الشيخ أبو العباس أحمد بن بودي في تائيته التي رثاه بها والمسماة ب: "روضة الأحزان":
فحاز مقاما هو أعلى المقامات***بقطب وغوث قل أمير الولايــة
ولي وقطب عالم ومحــدث***فقيه وغوث قل رئيس الفراسة
وقال عنه آخر:
رأيت شيوخا من شعوب كثيرة***فلم أر مثل شيخي عبد القـــادر
وحلاه الحاج سالم بن علي الشنطيط في الرسالة التي بعث بها إليه من تونس في أمر الجهاد، ب: "الشامل الكامل الزاهد الورع الناصح قطب الزمان وشمس المغرب وسلطان الأولياء " ووصفه آخر في تقييد ب: " الشيخ الأجل القطب الأكمل تاج الأصفياء وسلطان الأولياء وإمام أهل التمكين".
بهذه المكانة العلمية والصوفية المتميزة طار ذكره في الآفاق وذاع صيته في مشرق المغرب وغربه وفي السودان ومصر والشام والحجاز. ومكنته هذه الشهرة من الاتصال بالملوك والوزراء وأصحاب المكانة المرموقة، فأخذ عليه ملوك المغرب السعديون في عصره: السلطان مولاي أحمد المنصور وابنه السلطان مولاي زيدان وربما السلطان مولاي عبد الملك قبلهما. وأشار إليه الأشياخ من كل جهة فتحززت زاويته بكوكبة من العلماء والفقهاء والأدباء الذين وردوا للتدريس بها ، وانحشرت على أبوابها الأعداد الهائلة من الزوار والمريدين و طلاب السر والطريقة والمجاهدة الذين جاؤوا للأخذ عنه والتماس البركة والدعاء الصالح، فكان له مريدون من كل الأصقاع من فجيج والمناطق المجاورة ومن فاس ومراكش وتلمسان ومنطقة سوس... والسودان وتونس وطرابلس الغرب و السواحل. وكان له مريدون كذلك حتى من الأتراك في الجزائر والإسبان المسلمين الذين كانوا يمدونه بالأخبار عن الكفار أثناء الجهاد ومن خارج إفريقيا في مصر والشام والحجاز...
*الجانب الأدبي: اهتمت الزاوية الشيخية إلى جانب تلقينها لعلوم الشريعة وعلم التصوف بتدريس علوم اللغة وآدابها. وإن قصيدة الشيخ التائية المعروفة(الياقوتة) والشهيرة ب(السلسلة) إلى جانب قصيدته(الحضرة) وكلاهما من البحر الطويل لتدلان دلالة قاطعة على طول باعه في مجال النظم وبراعته في هذا الفن من الفنون الأدبية. كما أن رسالته في التصوف إلى السلطان زيدان التي هي واحدة من مجموعة من رسائله الضائعة لا تدع هي الأخرى مجالا للشك في أنه كان يجيد فن النثر إجادة تامة، ولا أجد ما أعبر به على هذه الرسالة أحسن من هذه العبارة التي علق بها عليها شكلا ومضمونا الأستاذ الباحث محمد بن علي بوزيان حيث يقول : ورسالته إلى الأمير زيدان تكشف عن رسوخ معرفته وإحاطته بأفانين القول وأساليب البيان)
* الحقل الاجتماعي: لقد كانت عناية الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد رضي الله تعالى عنه بطبقة المحتاجين من الفقراء و المعوزين و اليتامى و الأرامل و أبناء السبيل و المظلومين عناية خاصة، إذ جعل الاهتمام بحالهم الهدف الأساسي الأول من تأسيس زاويته الى جانب التلقين والتربية بوصفه شيخ فجيج كما نعت بذلك، أي الأب الروحي لأهل المنطقة. فقد وفر في زاويته من المئونة والزاد اللباس والمأوى ما خفف به من حدة بؤس و حرمان ومعاناة أفراد و أسر هذه الطبقة.
قال ابن بودي في الروضة:
فما لليتامى من ملاذ بعيــــده******وما للناس من ملجإ كالعصابــــة
ومن للسائلين مجيبا دعاءهـــم******وللفقراء من يقوم بحاجــــــة
ومن للأرامل وإطعام جائــــع******لباس عراة بعد شيخ الزعامــــة
لحجاج بيت الله يأتي تبسمــــا******ويظهر بشره وعند السقايـــــة
هذا إضافة إلى روح التضامن والتكافل الاجتماعي التي عمل على إشاعتها بين أهل المنطقة من خلال فرض غرامات مالية ذات طابع زجري على المخالفين وتوزيعها على الفقراء. وعلى سبيل المثال لا الحصر، الغرامة التي وقعها على جناحي قصر بني شريمن على إثر صراع احتدم بينهما والتي تقدر قيمتها بمائة وخمسين دينارا ذهبا ثم وزعها على ضعفاء القصر.
ومن وجوه سعيه أيضا في الدفاع عن المظلومين وإنصافهم انتقاله إلى الجهات والقصور البعيدة المختلفة لرد ما غصب من الأموال والمنقولات والحض على صيانة أموال اليتامى ونصح المعتدي وزجره ورد الديون والرهون التي لم يتمكن مستحقوها من استيفائها، هذا بالإضافة إلى حث الحكام على التحلي بالنزاهة والعدل أثناء الفصل في المنازعات. يقول القاضي الأجل محمد بن عبد الله الجراري:
شغفت بحب الشيخ عبد القــــادر***** فأذهلني عن القضاء في الخصومة
يشير إلي بالقضاء غير مـــــرة*****ويأمرني بالفصل بين الخليقــــة
فاستطاع بتأثيره الروحي أن يحمي القيم والمقدسات الدينية، وأن يحق الحق ويبسط العدل في وسط كانت تسوده الفوضى والغلبة للقوي،إذ أصبح الحكم في كل النزاعات مهما كانت أسبابها. ولعل أبرز النزاعات التي كان يتدخل دائما لفضها تلك التي كانت تنشب بين أهل فجيج حول مسألة الماء. يقول رضي الله عنه في خطاب ألقاه على أهل فجيج بخصوص هذه القضية :"...ياأهل فجيج مالكم تتقاتلون في كل يوم ولا تنتهوا، وتقتلون بعضكم بعضا من غير شريعة ولا حق، فلا يحل لكم هذا، فانتهوا عن فعلكم هذا،إن انتهيتم نأتكم بساقية كبيرة لا تحتاجون إلى كراء الماء ولا من يربطها منكم في الليل ولا في النهار " .ولأجل ذلك نعت رضي الله عنه بقاضي الصحراء لكونه نجح إلى حد كبير في حماية القصور في الصحاري من مخاطر الأعراب اعتمادا فقط على الوعظ والإرشاد والكلمة الطيبة. قال ابن بودي في الروضة:
ومن لي بإصلاح قبائل فتنــــة*****إذا أضرمت نار لقتل السفاهـة
ومن يأمر الأعراب ثم الأعاجــم***** بإصلاح ذات البين عن شأن فتنة
*الحقل السياسي:

أمام المد الكبير والصيت العظيم لزاوية الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد اضطر أهل الرياسة والسلطان إلى الاستفادة من نفوذه فرامه السلطان مولاي زيدان في الملمات العظام حيث استنجد به في الحرب التي دارت بينه وبين أخيه محمد الشيخ بعد انهزام جيشه وإشرافه على الوقوع في الأسر، فكان تدخله رضي الله عنه سببا لنجاته من الهلاك. وقصده مرة أخرى لتثبيت دعائم ملكه فوقف إلى جانبه ضدا على ثورة ابن أبي محلي، وقدم له البيعة، وأمر أهل المنطقة بمبايعته في فجيج لما زاره بهان ففعلوا صبيحة يوم عيد الفطر من عام 1017هـ. التجأ السلطان زيدان إلى الزاوية الشيخية بوصفها الركيزة الأساسية المعتمد عليها من لدن الدولة السعدية اقتناعا منه بقوة نفوذها، وتأسيا بصنيع والده السلطان أحمد المنصور الذي أصبغ عليها إلى جانب باقي الزوايا الصبغة التمثيلية وشد عضدها بفجيج حتى أصبح نفوذها متوغلا إلى تخوم توات وتيكورارين جنوبا وسجلماسة غربا والأغواط شرقا وبني يزناسن شمالا، وهي بهذا النفوذ كانت تقوم بدور تأمين هذه المنطقة البعيدة من العاصمة مراكش المتاخمة في حدودها مع الأتراك.
كما حاولت طبقة الدجاجلة الأخرى الاستفادة من نفوذه في شخص زعيمها ابن أبي محلي الذي كان قد شاع في المغرب كله خبر هروبه من المشاركة في الجهاد في معركة وادي المخازن، كما كان أيضا قد شاع نبأ طرده من زاوية الشيخ محمد بن مبارك الزعري على إثر افتضاح أمره فيما يخص انتحال التصوف وزعم الانتساب إلى البيت العباسي وادعاء المهدوية طمعا في الوصول إلى السلطة. بهذه الصورة المشوهة حل ابن أبي محلي بالشلالة حيث كان يتواجد الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد مبعوثا إليه كما زعم من سجلماسة من طرف الشيخ أبي القاسم بن محمد بن عبد الجبار، وكان ذلك سنة 1008هـ، وهو موعد مرض السلطان أحمد المنصور واقتراب وفاته، مما يفيد أنه كان يتسابق مع الزمن للعثور على زاوية كبيرة تأويه وطريقة صوفية قوية يستغل نفوذها ونفوذ صاحبها لتحقيق مشروعه السياسي المتمثل في اغتصاب الملك بعد وفاة المنصور.إلا أن الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد بالإضافة إلى علمه بحالته هذه كوشف بدسيسته وخبث طويته، بل وبسوء عاقبته، فقطع عليه الطريق، وذلك بأن رفض مصاهرته اعتراضا على ادعائه المهدوية و خروجه على طاعة السلطان السعدي مولاي زيدان. ولما أيقن بن أبي محلي بأنه لا سبيل إلى تحقيق طموحه السياسي على حساب زاوية الشيخ و نفوذه لما رأى من وقوف هذا إلى جانب السلطان ناصبه العداء جهرا وتفوه بأول فرية في

حقه رضي الله عنه وذلك بأن ادعى مصاهرته والإقامة معه في داره وأنه حاول تسميمه مدشنا بذلك مسلسلا من الإختلاقات والأكاذيب في محاولة خجولة يائسة لصرف وجوه الناس عنه و جلبهم إلى صفه بهدف دعم ثورته ضد السلطان زيدان، هذه الثورة التي ناله فيها من قول الشيخ رضي الله عنه في الياقوتة:

ومن ينسب إلينا غير مقولنــا***** يصبه بحول الله أكبر عــــلة
وموت على خلاف دين محمـد***** ويبتليه المولى بفقر وقلــــة
و بطش و شدة انتقام وذلــة***** ويردعه ردعا سريع الإجابـــة
بلعن الإله باء من رام نسبــنا*****عنادا إلى فعل نكير و بدعــــة
كذاك الذي يرمي كريم جنابــنا***** وينسب قدرنا لأقبح سيــــرة
حيث أصيب في نحره بأول رصاصة أطلقت في معركة كليز فأردته قتيلا، و قطع رأسه، ونهبت محلته، وفرت جموعه، وعلق رأسه مع عشرة من أصحابه على سور بمدينة مراكش لمدة (تزيد) اثنى عشر سنة.
6) خروجه من فجيج وتأسيسه زاوية الأبيض واستمراره في الجهاد ضد الأسبان إلى حين استشهاده:
أمام عدم انصياع أهل فجيج لحكم الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد بخصوص مسألة الماء، وأمام العقلية المتحجرة للأعراب البدو وتعصب الفقهاء إلى الظاهر وعدائهم الأعمى والسافر لأهل التصوف، ونظرا لإدراكه أيضا بأن نهاية الدولة السعدية قد قربت، وأن المنطقة ستكون عاجلا أم آجلا منطقة احتكاك وصراع، فقد آثر الابتعاد من فجيج إلى الحدود الشرقية، وقيل أنه كان ينوي الذهاب للعيش بعيدا في مكة المكرمة فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه في اليوم الرابع من فراقه فجيج فأشار عليه بالذهاب إلى الأبيض وتأسيس زاويته هناك ومواصلة الجهاد، وأثناء طريقه مر على وادي الناموس وتلمسان ليستقر أخيرا بالحاسي الأبيض حيث أسس زاوية كبيرة وبنى أول قصر وهو القصر الغربي من القصور الستة المتواجدة هناك على بقعة أرضية تنازل له عنها شريف مغربي من ذرية الولي الصالح سيدي عبد القادر الجيلالي يدعى سيدي بودخيل وذلك في نهاية العقد الثاني من القرن الحادي عشر الهجري، واستمر رضي الله عنه في القيام بشؤون هذه الزاوية والتي كان لها هي الأخرى على غرار باقي زواياه بفجيج وغيره باع طويل في تلقين العلوم ونشر الطريقة في أوساط القبائل من مختلف الجهات، وبموازاة مع ذلك استمر كعادته في التصدي إلى المحتل الإسباني في عدة مناطق من الداخل والساحل كوهران ومليلية ومطغرة وتحديدا بتبحريت على الساحل الشمالي للمغرب وغيرها من الجهات، إذ رابط على الجهاد على فرسه المعروفة ب: (الشهباء) لمدة تزيد على عشرين سنة. وإبان الحروب والقلاقل التي نشبت بين أبناء المنصور حول السلطة، كان ينتقل في منطقة جبال القصور بين وادي الناموس والشلالة الظهرانية متخذا من تلك المنطقة قاعدة متقدمة لشن هجماته الجهادية ضد الإسبان. يقول ابن بودي في (روضة الأحزان):
نهاره صائم وليله قائم*** يجاهد في الكفار في كل ساعة.
وفي إحدى هذه الحمالات العسكرية التي قادته إلى وهران وانتصر فيها كعادته على الاسبان، رجع متحاملا بخمس جراحات أصيب بها في جهات مختلفة من جسده من جراء ضربات سيوف وطلقات نارية، وبقي مدة أسبوع وإحدى زوجاته تتولى تمريضه بعد أن أمرها بكتمان أمر تلك الجروح إلى أن توفي شهيدا في شرق قرية ستيتن. وحدد العياشي في (ماء الموائد) المكان بإنه في وسط الطريق بين كراكدة وأربا حيث توجد مزارة له. وكان ذلك يوم الجمعة الثاني من شهر جمادى الأولى من عام 1025ه عن سن تناهز خمسا وثمانين سنة، وصلى عليه صهره ونقل إلى الأبيض ودفن في اليوم الرابع هنا بوصية منه. وإلى يومنا هذا يعرف رضي الله عنه بذي الروضتين إذ له هذا القبر الذي بالفرعة المتوسطة داخل القصر الشرقي بالأبيض،وقبر آخر ظهر فيه جثمانه الشريف الطاهر في كرامة مشهورة بمقر زاويته شمال شرق الحمامين بمنطقة أجدل بفجيج، والحكاية على وضع القبرين وإنشاء الروضتين مشهورة ذكرها مريده العلامة الشريف سيدي أحمد بن محمد بن اعمر الفجيجي الذي رثاه بقصائد منها(العينية) (والقافية) الأولى من البحر الطويل والثانية من المتقارب، وقبراه معا بالأبيض وفجيج لهما حرمة عالية ومهابة ظاهرة وهمة كافية، وعليهما توقير الصالحين، وتعظيم العارفين، يزورهما الشريف والوضيع، يلجأ إليهما في جميع الأوقات وتقضى ببركتهما جميع الحاجات.
ـ آثــــــاره

خلف الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد رضي الله عنه في فن الشعر قصيدتين من البحر الطويل إحداهما تسمى(الياقوتة) أو(السلسلة) وهي من المطولات التائية إذ يصل عدد أبياتها إلى مائة وثمانية وسبعين بيتا، وأخرى تسمى (الحضرة) وعدد أبياتها أربعة وعشرون وكلاهما في موضوع التصوف بالإضافة إلى قصائد ونتف شعرية في نفس الموضوع.
وفي النثر خلف رسالة جوابية في التصوف أيضا بعث بها إلى السلطان السعدي زيدان وهي إحدى رسائله الضائعة بالإضافة إلى أقوال وحكم. كما تنسب له بعض المؤلفات إلا أنها لازالت مفقودة.
كان الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد رضي الله عنه ينتمي إلى الجيل الشاب المجدد بالشمال الإفريقي آنذاك الذي خلده التاريخ من خلال الدور الريادي الذي اضطلعت به طريقته الصوفية المعروفة (بالشيخية) في ترسيخ الإسلام الحق وطرد المحتل الإسباني من المغرب، وخدمة المشروعية. ولم يتوقف هذا الدور بعد وفاته بل استمر على يد أنجاله وخاصة منهم الولي الصالح القطب المجاهد البطل الشيخ أبي عمامة سيدي محمد بن العربي البوشيخي رضي الله عنه الذي كرس حياته للجهاد ضد المحتل الفرنسي وطرده من المناطق الشرقية للمغرب.
وفي ختام هذا العرض المتواضع أعترف بعجزي الكبير عن الإحاطة بالتعريف ولو ببعض جوانب الشخصية العظيمة للشيخ سيدي عبد القادر بن محمد رضي الله عنه، ولعل ما يعوضني عن ذلك ويسليني أيضا قول العلامة أحمد بن أبي بكر السكوني في :
(تقوية إيمان المحبين والمصدقين) عن بسطه لخصاله و مزاياه:
(موارد وارداته صافيات المناهل، ومنازل منازلاته كل ربع منها آهل، وشاهد مشاهداته مشهورة الدلائل، فبدايته نهاية، ونهايته تقصر عنها الغاية، ولو تتبعت مناقبه لأطلت ولو طولت في ذلك لتطولت ولكن وصفت منها ما وسع عقلي ونزرا مما أحاط بصري ونقلي، وأنى لي بدرك معاليه.والإحاطة بوصف مقامه، لكن طلوع الشمس من المشرق وغروبها من المغرب لا يفتقران الى دليل، والماء البارد والسخون يميز بينهما كل عاقل .

تحقيق خادم الطريقة الشيخية بفرنسا : مصطفى البوشيخي .
[/align]










رد مع اقتباس