منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - النظام القانوني لحماية البيئة في الجزائر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-12-31, 12:30   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
kamal_cat
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية kamal_cat
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الأول
الترخيص
يقصد بالترخيص باعتباره عملا من الأعمال القانونية ، ذلك الإذن الصادر عن الإدارة لممارسة نشاط معين ، وبالتالي فإن ممارسة النشاط الإداري هنا مرهون بمنح الترخيص ،فلا بد من الحصول على الإذن المسبق من طرف السلطات المعنية وهي السلطة الضابطة (1) ،والرخصة الإدارية من حيث طبيعتها تعد قرارا إداريا أي تصرف إداري إنفرادي (2) ،و الترخيص من حيث الأصل يكون دائما مالم بنص القانون على خلاف ذلك ، ومن حيث السلطة المختصة بإصداره فقد يصدر من السلطات المركزية ،كما في حالة إقامة مشاريع ذات أهمية ، وقد يصدر من السلطات المحلية كرئيس البلدية أو الوالي كرخصة البناء مثل.
والتشريع الجزائري و على غرار تشريعات العالم يتضمن الكثير من الأمثلة في مجال الضبط الإداري المتعلق بحماية البيئة وسنقتصر على بعض الأمثلة فقط ، فأسلوب الترخيص نجده في قانون المياه، قانون المناجم ،القانون المتعلق بحماية الساحل وتثمينه ، القانون المحدد لمناطق التوسع والمواقع السياحية ، كما نجده أيضا في التشريع الأساسي للبيئة بالإضافة إلى قانون التهيئة والتعمير وقانون المنشآت المصنفة...الخ ، وعليه سنقتصر على أهم تطبيقات أسلوب الترخيص .
المطلب الأول
رخصة البناء وعلاقتها بحماية المجال الطبيعي
قد يتبادر في الذهن أن قانون التعمير و مايؤديه من دور استهلاكي للأراضي يجعله يتجاوز القواعد التي تبناها قانون حماية البيئة ،لكن في حقيقة الأمر نرى أن القواعد التي جاء بها المشرع في قانون التهيئة و التعمير تهدف إلى سد الفراغ القانوني و ذلك بتكريسها للصلة الموجودة بين عملية التهيئة


1- د . عبد الغاني بسيوني عبد الله ،القانون الإداري ،دراسة مقارنة لأسس ومبادئ القانون الإداري وتطبيقاتها في مصر ،الإسكندرية ،منشأة المعارف بالإسكندرية،1991 ص385
2- د.عمار عوابدي القانون الإداري،الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية،1990،ص407
و حماية البيئة (1).
ونفس الشيئ يقال عن القانون 03/ 03المتعلق بمناطق التوسع و المواقع السياحية الذي أخضع منح رخصة البناء داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية إلى الرأي المسبق من الوزارة المكلفة بالسياحة و بالتنسيق مع الإدارة المكلفة بالثقافة عندما تحتوي هذه المناطق على معالم ثقافية مصنفة (2) وقد أحالت المادة 10 من نفس القانون على قانون التهيئة و التعمير بنصها على أن شغل و استغلال الأراضي الموجودة داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية يكون في ظل احترام قواعد التهيئة والتعمير .
من خلال هذا العرض تتضح الصلة الموجودة بين القانونين باعتبارهما ميدانين متكاملين ومترابطين ، و تتجسد هذه العلاقة أكثر فيما يتطلبه المشرع من إجراءات بغرض الحصول على رخصة البناء ، و من خلال التمعن في نصوص القانونين المذكورين أعلاه يتضح أن المشرع حاول إقرار وسائل تعمير مشجعة و بالمقابل حاول وضع قواعد للتصدي لكل التجاوزات التي لا تحترم القواعد و الشروط المنصوص عليها قانونا من جهة، و من جهة أخرى لحماية الأراضي الفلاحية والمناطق التي تحتوي على مناظر أرضية و بحرية محمية (3) .
الفرع الأول
مجال الحصول على رخصة البناء
كما سبق القول فإن رخصة البناء تشكل جانبا هاما من جوانب الرقابة الممارسة على الاستهلاك العشوائي للمحيط ، و إذا كانت الرخص المتعلقة بتنظيم شغل الأراضي و استعمالاتها متعددة منها شهادة المطابقة رخصة التجزئة ،رخصة الهدم ، الرخصة الخاصة بالأشغال العامة المختلفة،ورخص الوقف تعد كلها ذات أهمية في استهلاك المجال الطبيعي، فإن رخصة البناء تعد أهم هذه الرخص(4)


1- تنص المادة الأولي من القانون 90 /29 المتعلق بالتهيئة والتعمير علي ما يلي:"يهدف هذا القانون إلي ...وأيضا وقاية المحيط والأوساط الطبيعية والمناظر والتراث الثقافي والتاريخي علي أساس احترام مبادئ وأهداف السياسة الوطنية للتهيئة العمرانية".
2- أنظر المادة 24 من القانون 03 /03 المذكور أعلاه.
3- أنظر المادة 05 من القانون 03 /03، وكذا المادة 29 وما بعدها من القانون 03 /10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة.
-4 Dr : Delabdere André et les autres ,Droit administratif 15éme édition,Librirairie générale et de droit et de jurisprudence ,1995,p388 .
فقد نص القانون المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي للبناء (1) ،على ضرورة الحصول على رخصة البناء في حالة تشيد بنايات جديدة مهما كان استعمالها ،أو تغير البناء الذي يمس الجدران الضخمة أو الواجهات أو هيكل البناية أو الزيادات في العلو التي ينجر عنها تغير في التوزيع الخارجي.
من خلال هذا النص فالمشروع لم يقتصر على شرط الرخصة في إقامة البناءات الجديدة فحسب وإنها في حالة تغير جوهري في المبنى وهو التغير الذي يمس بالجدران الضخمة، ويشترط المشرع بعض المقاييس في مشاريع البناء الخاضعة للترخيص من ذلك ضرورة وضعها من قبل مهندس معمـاري بالإضافة إلى بعض الوثائق التي تشير إلى موقع البناية وتكوينها وتنظيمها ومظهر واجهتها (2) .
وبهذا يكون القانون المتعلق برخصة البناء في مادته الخامسة قد تبنى ثقافة واسعة في مجال البناء والتعمير والترخيص المتعلق بالبناء وحماية البيئة ،حيث يقضى بأن رخصة البناء إجبارية في عملية البناء التي تتعلق بالمنشآت الصناعية أو النقل المدني والجوي والبحري أوتصفية المياه ومعالجتها أو تصفية المياه المستعملة و صرفها أو معالجة النفايات المنزلية و إعادة استعمالها ،والملاحظ من خلال هذا النص أن المشرع قد جعل الحصول على رخصة البناء شرطا إجباريا لإقامة هذه المشاريع المشار إليها من خلال نص المادة ،و قد يطرح السؤال مالهدف من وراء ذلك .
للإجابة عن هذا السؤال نرى أن مثل هذه المشاريع لها علاقة بالصحة العمومية و قد سبق أن بينا أن حماية الصحة العمومية يعد عنصر من عناصر النظام العام الذي تسعى إجراءات الضبط لحمايته، و عليه فإن النصوص المتعلقة برخصة البناء لها علاقة تكميلية مع قوانين حماية الصحة العمومية، ففي حالة مخالفة الشروط المتعلقة بحماية البيئة فإن السلطات الإدارية ملزمة برفض تسليم رخصة البناء.


1- القانون رقم 82/ 02 المتعلق برخصة البناء و رخصة تجزئة الأراضي للبناء ،( الجريدة الرسميــة العـدد 06 المؤرخ في 06 /02 /1982 ).
2- المادة 55 من القانون 90 /29 .

وهناك بعض المجالات المتعلقة بمنح رخصة البناء نصت عليها بعض القوانين الخاصة مثل القانون 02/02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه الذي نص في مادته الثالثة عشر و الرابعة عشر على انه يجب أن يراعى في علو المجمعات السكنية والبناءات الأخرى المبرمجة على مرتفعات المدن الساحلية التقاطيع الطبيعية .
ونصت المادة 45 من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، على وجوب أن تخضع عمليات بناء واستعمال واستغلال البنايات و المؤسسات الصناعية و التجارية و الحرفية والزراعية إلي مقتضيات حماية البيئة و تفادي إحداث التلوث الجوي و الحد منه .
لكن السؤال الأهم الذي يطرح هو هل أن سلطة الإدارة مقيدة بما هو منصوص عليه في مادة 15 من القانون 82/02 والتي تقضي بوجوب مراعاة الأحكام التشريعية و التنظيمية،لاسيما في مجال البناء والنظافة و الأمن و حماية الأراضي الفلاحية ،أم أنه يمكن لها رفض تسليم التراخيص في حالات أخرى ؟
لقد نص المشرع على حالات معنية تتعلق بالنظافة و الأمن وحماية الأراضي الفلاحية وهذه المفاهيم لها مدلولات مرنة ومجالات واسعة ،و بالتالي يكون للإدارة السلطة التقديرية الواسعة في مجال منح رخص البناء ، وبالتالي فإن الإدارة ليست مقيدة بما نص عليه المشرع فقط،إذ أن النص التشريعي جاء عاما.
ثم جاء القانون 90/ 29 المتعلق بالتهيئة و التعمير الذي نص صراحة في المادة 52 على ضرورة الحصول على رخصة البناء ،ومن هنا يظهر التوفيق بين قواعد العمران وحماية البيئة بصفة جد واضحة وهذا ليس من خلال المواد التي ذكرناها سابقا فحسب وإنما نجد أن المادة الأولى منه تؤكد هذه الحماية (1) ،ونفس الشيء قد أكدته المادة الأولى من القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية التي نصت على أن تهيئة وترقية مناطق التوسع يتم في إطار الاستعمال العقلاني والمنسجم للفضاءات والموارد السياحية قصد ضمان التنمية المستدامة للسياحة(2).

1-تنص المادة الأولي من القانون 90 /29 علي ما يلي: "يهدف هذا القانون ... حماية المحيط والأوساط الطبيعية والمناظر والتراث الثقافي ...".
2-أنظر أيضا في هذا الإطار نص المادة 05 من القانون 03 /01 المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة وكذا نص المادة 03 من القانون 02 /02 المتعلق بحماية الساحل وتثمينه.

ومن خلال ما سبق فإن السلطة التقديرية للإدارة في منح رخصة البناء تمتاز بالمرونة والمراقبة التشريعية الصارمة سيما إدا تعلق الأمر بالمناطق المحمية .
الفـرع الثـاني
الشروط القانونية للحصول على رخصة البناء
نصت المادة السابعة و الثامنة من قانون التهيئة و التعمير على ضرورة أن تكون المباني ذات الاستعمال السكني مجهزة بجهاز لصرف المياه يحول دون تدفقها على سطح الأرض.
وقد جاء المرسوم التنفيذي لهذا القانون (1) ،حيث نص على ضرورة الموازنة بين تسليم رخصة البناء وحماية البيئة (2) ،كما شمل النص على جميع الوثائق التي تتطلبها رخصة البناء و تتمثل في مـــايلي :
أولاـ مذكرة بالنسبة للمباني الصناعية : في هذا المجال وجب تحديد جميع المواد السائلة وكميتها ودرجة إضرارها بالصحة العمومية ، و انبعاث الغازات و تراتيب المعالجة و التخزين والتصفية ، و كذا مستوى الضجيج المنبعث بالنسبة للبنايات ذات الاستعمال الصناعي و التجاري و مؤسسات استقبال الجمهور .
ثانيا ـ قرار من الوالي يتضمن الترخيص بإنشاء المؤسسات الخطرة و غير الصحية و المزعجة :
و عليه فلا يكتفي بتحضير مذكرة تحديد المباني ذات التأثير على البيئة و حسب و إنما يجب زيادة على ذلك الحصول على ترخيص ولائي لإقامة المنشآت .
ثالثاـ إحضار وثيقة دراسة مدى التأثير: و هي دراسة تقام بغرض التعرف على عمليات الاستثمار في المجال البيئي، و قد ظهر أول نص قانوني يتعلق بدراسة مدى التأثير في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1969 عرف ب National environment policy act ،حيث تطلب القانون من الوكالات الفدرالية إعـداد دراسة بيئية لكل النشاطات الفيدرالية التي يمكن أن تلحــق


(1) المرسوم التنفيذي رقم 91 /176 المتعلق بتحديد كيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم (الجريدة الرسمية العدد 26 المؤرخ في 28/05/1991 ).
(2) المادة 35 من المرسوم التنفيذي رقم 91/176.

أضرار كبرى بالبيئة البشرية (1) ، كما أعلنت عن قيمة هذه الدراسة أيضا وثيقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة تحت رقم 07/14 Unep – GC بتاريخ 02/02/1987 المتعلق بحماية أهداف ومبادئ تقييم الآثار على البيئة، لذلك أقرت التشريعات سواء الداخلية أو الدولية دراسة التأثير و استعملت كمصطلح تقني وضيفي في وثائق دولية (2).
أما المشرع الجزائري فقد أدرج هذا الإجراء ضمن قانون حمايةالبيئة لسنة 1983 في الباب الخامس ثم جاء النص التطبيقي له في التسعينات (3) ، و تم إدراجه في القانون الجديد رقم 03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة في الفصل الرابع من الباب الثاني و يبقى النص التطبيقي السابق قابل للتطبيق لحين صدور نصوص تنظيمية جديدة(4) .
و قد نصت المادة 15 من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على أن تخضع مسبقا و حسب الحالة لدراسة التأثير على البيئة أو لموجز التأثير على البيئة مشاريع التنمية والهياكل و المنشآت الثابتة و برامج البناء و التهيئة التي تؤثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة فورا أولاحقا على البيئة .
إن الملاحظ من خلال النصوص أنه ليس من السهولة بمكان الحصول على رخصة البناء لإقامة مشاريع مهما كان نوعها لاسيما التي ذكرتها المادة 15 من القانون 82/02 ، بل نجد أن المشرع قد اشترط عدة إجراءات قانونية و آليات و ضوابط تقنية بهدف الحصول على التراخيص بالبناء .
كما يشترط الاختصاص الإداري في منح الترخيص ، فلا يمكن تسليم رخصة البناء إلا من طرف الهيئة الإدارية المختصة و إلا اعتبر قرار الإدارة في هذا المجال معيبا بعيب عدم الاختصاص الإداري و عليه نكون بصدد الخروج عن مبدأ المشروعية الإدارية .
و تجدر الإشارة أن التشريع الفرنسي يربط تسليم رخصة البناء بضرورة أن تكون البلدية المعينة




1- أنظر الدكتور :طه طيار ،دراسة التأثير علي البيئة في التشريع الجزائري ،مجلة الإدارة الصادرة عن المدرسة الوطنية للإدارة
ص 03 ،13 العدد الأول سنة 1991 .
2- د.طه طيار ،المقال المذكور سابقا،ص 04.
3- المرسوم التنفيذي رقم 90/78 المتعلق بدراسة مدي التأثير (الجريدة الرسمية العدد 10 المؤرخ في 27/02/1990 .
4- المادة 113 من القانون 03/10.
مغطاة بمخطط شغل الأراضي، وعليه فان رئيس البلدية يمكن له رفض تسليم البناء بقرار غير مسبب لأن الأمر يتعلق بضرورة وجود مخطط شغل الأراضي و هذا الحكم تضمنه المرسوم الصادر في 07/07/1977 و عليه تكون سلطة رئيس البلدية سلطة تقديرية واسعة (1) ، أما بالنسبة للبلديات التي تم تغطيتها بمخطط شغل الأراضي فإن رئيس البلدية ملزم بمنح رخصة البناء ( المادة 59 من قانون 07/07/1983 المتعلق بالتهيئة و التعمير الفرنسي ) .
كما أن القانون الفرنسي يستثني بعض الأشغال من الخضوع لرخصة البناء منها الأشغال التي يكون لها انعكاس ضعيف على البيئة و بالتالي فليس من المهم إخضاعها لرخصة البناء و إنما يكتفي فيها المشرع بمجرد التصريح السابق Déclaration préalable و هذا بمقتضى القانون الصادر في 06/01/1986(2).
وبمقارنة هذا النص الأخير بنص المادة 62 من قانون التهيئة و التعمير الجزائري التي لم تحدد لنا طبيعة البناءات الخاضعة لرخصة البناء فهل يمكن القول بأن المشرع الجزائري جاء مطلقا في طلب رخصة البناء و بالتالي فكل بناية مهما كان استعمالها من الضروري أن تخضع لرخصة البناء ؟ المشرع الجزائري استثنى فقط المشاريع التي تحتمي بسرية الدفاع الوطني (3) ، و ماعدا هذا الاستثناء فكل البنايات يجب أن تخضع للترخيص .
وإذا كان نص المادة 55 من قانون التهيئة والتعمير قبل التعديل الأخير(4) يعفي من اللجوء إلي مهندس معماري في البناءات القليلة الأهمية،فان النص الجديد المعدل لأحكام المادة والمستحدث اثر زلزال بومرداس قد جاء مطلقا دون استثناء .
لكن ثمة مناطق و نظرا لأهميتها مثل الأراضي الفلاحيـة و السواحـل (5)، فقـد أخضعهــا


1 Prieur Michel .op cit .p607.
-2 De Lanbadre André et les autres .op.cit.p389.
3- المادة 53 من القانون 90/29 .
4- القانون 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 المعدل والمتمم للقانون 90/29 (الجريدة الرسمية 51 لسنة 2004).
5- فقد نصت المادة 24 من القانون 03/03 المتعلق بمناطق التوسع والمواقع السياحية على أن يخضع منح رخصة البناء داخل مناطق التوسع والمواقع السياحية إلى الرأي المسبق من الوزارة المكلفة بالسياحة و بالتنسيق مع الإدارة المكلفة بالثقافة عندما تحتوي هذه عل معالم ثقافية مصنفة.

المشرع الجزائري إلى بعض الإجراءات الخاصة و هي وضع تصاميم من قبل مهنــدس معماري معتمد ، هذا الأخير يلتزم بضمان التصاميم و المستندات المكتوبة التي تعرف بموقع البنايات وتكوينها و تنظيمها و حجمها و مظهرها و أهميتها (1).
إن الحكمة من الاستناد إلى تصميم مهندس معماري دليل على أن المشرع يعتبر هذه المناطق أقاليم ذات أهمية خاصة في مجال حماية البيئة و المحافظة عليها (2).
في الأخير نشير إلى أن رخصة البناء تعتبر من أهم التراخيص التي تعبر عن الرقابة السابقة على المحيط البيئي و الوسط الطبيعي ، و بالنظر إلى ما جاءت به النصوص القانونية يمكن القول أن المشرع الجزائري رغبة منه في حماية المحيط قد وضع إجراءات صارمة تستطيع من خلالها السلطات الإدارية ممارسة رقابة واسعة و اتخاذ القرارات المناسبة و المشرع من وراء هذا يهدف إلى ضبط المحافظة على الطابع الجمالي للعمران في إطار احترام متطلبات البيئة و التوازن الإيكولوجي و هي نفس الأهداف التي نرى أن القانون 01/20(3) المتعلق بتهيئة الإقليم و تنميته المستدامة يرمي إلى تحقيقها من خلال المخططات سواء الوطنية أو الجهوية (4) ،إلا انه ومع ذلك يلاحظ أن هناك اعتداءات خطيرة على المحيط الطبيعي بسبب انتشار البناءات الفوضوية لعدم وجود رقابة مشددة من جهة و من جهة أخرى عدم وعي المواطن الذي يرغب في إقامة مشروع دون أهمية الحصول على رخصة البناء ظنا منه أن هذا الإجراء يعد بمثابة قيد على ممارسة حقه في الملكية .






1- المادة 55الفقرة الأولى من القانون90/29 .
2- حميدة جميلة ، الوسائل القانونية لحماية البيئة ، دراسة على ضوء التشريع الجزائري ، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير
جامعة البليدة ، 2001 .
3- القانون 01/20 المتعلق بتهيئة الإقليم وتنميته المستدامة الصادر بتاريخ 15/12/2001 (الجريدة الرسمية عدد 77 سنة 2001).
4- أنظر المادة 04 من نفس القانون.

المطلب الثاني
رخصة الصب و علاقتها بحماية الموارد المائية
تعتبر الموارد المائية من أكبر الأوساط المستقبلة و الأشد تعرضا لمختلف الملوثات التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض المتنقلة عن طريق المياه هذه الأمراض ناتجة بلا شك عن الملوثات التي تتعرض لها الموارد المائية يوميا ، و التي يبقي الإنسان هو المسؤول الأول و الأخير عنها نظرا لكثافة النشاطات الصناعية التي يمارسها و ما ينتج عنها من أضرار و عليه حاول المشرع وضع حد لمختلف أشكال هذه التجاوزات و ذلك بوضع النصوص و الإجراءات القانونية الكفيلة بحماية الموارد المائية من عمليات الصب و التصريف و الغمر والترميد (1) المخالفة للمقاييس القانونية، هذه الإجراءات كثيرة أهمها التراخيص ، و قد تناول المشرع هذا الإجراء في نصوص عديدة و اعتبرها إجراء وقائي يهدف إلى الحد من النشاطات التي تعد خطرا على الموارد المائية ، و عليه فقد تدارك المشرع خطورة الموقف الناتج عن عملية التصريف أو الصب ووضع مجموعة من النصوص القانونية الكفيلة بحماية الموارد المائية من خطر التلوث .
الفرع الأول
طبيعة التصريف و مجاله
يعتبر قانون المياه الصادر في سنة 1983 التشريع الأساسي الخاص بحماية الموارد المائية حيث وضع المقاييس الضرورية للمحافظة على استمرارية هذه الموارد كما و نوعا (2) ، و إلي جانب قانون المياه نجد أن القانون 03/10 قد خص الفصل الثالث من الباب الثالث لحماية المياه والأوساط المائية .
و بموجب قانون المياه يمنع المشرع كل عملية تتعلق بتصريف أو قذف أو صب أية مادة في عقارات الملكية العامة للمياه، خاصة منها إفرازات المدن و المصانع التي تحتوي على مواد صلبة


1- جاء القانون المتعلق بالنفايات بمصطلح الغمر ،وعرفه بأنه كل عمليات رمي النفايات في الوسط المائي ،كما استعملت مصطلحات أخري في المرسوم 02/01 المتعلق بالنظام العام لاستغلال الموانئ وأمنها ،مثل الطرح ،الرمي،الإلقاء...الخ ،كما تضمنت المادة 52 من القانون 03/10 مصطلح الترميد.
2- أنظر المادة 48 وما بعدها من القانون المتعلق بحماية البيئة.

أو سائلة أو غازية أو على عوامل مولدة لأضرار قد تمس من حيث كميتها و درجة سميتها بالصحة العمومية والثروة الحيوانية والنباتية أو تضر بالتنمية الاقتصادية (1) ،وهو نفس المنع الذي تضمنته المادة 51 من القانون المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة بنصها على مايلي: "يمنع كل صب أو طرح للمياه المستعملة أو رمي للنفايات أيا كانت طبيعتها في المياه المخصصة لإعادة تزويد طبقات المياه الجوفية و في الآبار والحفر و سراديب جذب المياه التي غير تخصيصها .
من خلال قراءتنا للمادتين نلاحظ أن المشرع استعمل أسلوب الحظر المطلق بالنسبة لتصريف المواد التي لها انعكاسات سلبية على الصحة العمومية والموارد الطبيعية الحيوية أو التنمية الاقتصادية.
كما أن التصريف الذي يقصده المشرع في نص المادة هو التصريف أو الصب أو القذف الذي يتم في الملكية العامة للمياه سواء كانت سطحية أو جوفية أو مجاري المياه و البحيرات و البرك و المياه الساحلية (2).
و المقصود بالملكية العامة للمياه على حــد تعبير المشرع الجزائري هي تلك الموارد المائية التي تملكها المجموعة الوطنية (3) ،و تتكون الملكية العامة للمياه طبقا للتشريع الجزائري مما يلي (4):
- المياه الجوفية و مياه الينابيع والمياه المعدنية و مياه الحمامات و المياه السطحية .
- مياه البحار التي أزيلت منها المعدنيان من طرف الدولة و لحسابها من أجل المنفعة العامة.
- مجاري المياه و البحيرات و البرك و السياخ و الشطوط و كذلك الأراضي و النباتات الموجودة ضمن حدودها .
-منشآت تعبئة المياه و تحويلها و تخزينها و معالجتها أو توزيعها أو تطهيرها و بصفة عامة كل منشأة مائية و ملحقاتها منجزة من قبل الدولة أو لحسابها من أجل المنفعة العامة، و إلى جانب هذا النص يوجد نص المادة 52 من القانون 03/10 المتعلقة بحماية المياه البحرية إذ بموجبه يمنع داخل




1- المادة 99 من القانون 83/17.
2- أنظر المادة 49 من القانون03/10.
3- المادة 17 من دستور 1996.
4- المادة 02 من القانون 83/17.
المياه البحرية الخاضعة للقضاء الجزائري كل صب أو غمر أو ترميد لمواد من نشأنها الأضرار بالصحة العمومية و الأنظمة البيئية البحرية ،و قد أحال المشرع بشأن قائمة المواد المذكورة في نص المادة على التنظيم لضبط القائمة، كما تضمنت المادة 56 من المرسوم 02/01(1) حظرا مطلقا على كل طرح في أحواض الميناء و المرسى لمياه قد تحتوي على المحروقات أو مواد خطرة أو نفايات سامة أو مواد عالقة و بصفة عامة كل مادة مضرة بالمحيط البحري .
و بعد إن استعمل المشرع وسيلة المنع بالنسبة للمواد التي لها خطر على المجالات المذكورة سابقا ، فإنه بالمقابل أخضع المواد التي لا تشكل خطرا على تلك المجالات إلى الترخيص أو ما سماه المشرع برخصة الصب هذه الأخيرة تعد وسيلة من أهم وسائل الضبط الإداري الخاص بحماية الموارد المائية من خطر التلوث باعتبارها إجراء وقائي يحول دون وصول الملوثات للموارد المائية .
غير أن دارستنا لرخصة الصب كوسيلة من الوسائل المتاحة لحماية الموارد المائية ، هو على سبيل المثال ، إذ توجد طرق أخرى تتعلق بالنفايات الصلبة نذكر منها طريقة الغمر و الترميد السالفتا الذكر و التي لها إجراءات خاصة لم تكتمل من الناحية التنظيمية .
وإذا كان المشرع قد أحاط بمخاطر النفايات السائلة فإن النفايات الصلبة و رغم خطورتها سيما منها بقايا النشاطات الصناعية و العلاجية لم تحظ بالعناية اللازمة إلا منذ صدور القانون 01/19 المتعلق بتسيير النفايات و مراقبتها و إزالتها ، و كذا المرسوم 02/01 المتعلق باستغلال الموانئ و أمنها .
و قبل أن نتعرض إلى شروط تسليم الترخيص و إجراءاته ارتأينا الوقوف على المقصود بالصب .
لقد عرف المرسوم 93/160 (2) مفهوم الصب بقوله كل تصريف أو تدفق أو إيداع مباشر أو غير مباشر لنفاية صناعية في وسط طبيعي، و الملاحظ من خلال التعريف الذي ورد في نص المادة أن المشرع قد ذكر عبارة "وسط طبيعي" هذه العبارة لها مفهوم واسع فهي تشمل مياه الملكية العامة
كما تشمل التصريف في الوسط البحري، أما المادة 53 من قانون حماية البيئة(3) ، فهي تتعلــق

1- المرسوم 02/01 الصادر بتاريخ 06/01/2002 المحدد للنظام العام لاستغلال الموانئ وأمنها ،(الجريدة الرسمية العدد الأول لسنة2001).
2- المرسوم 93/160 المتعلق بتنظيم النفايات الصناعية السائلة (الجريدة الرسمية عدد 46 لسنة 1993 ).
3- لقد أخضعت المادة 55 من القانون 03/10 عمليات غمر النفايات في البحر إلى الترخيص المسبق من الوزير المكلف بحماية البيئة .
بحماية مياه البحر فقط و عليه ستقتصر دراستنا على الترخيص المشار إليه في المادة 100 من قانون
المياه و المتعلق بالصب الذي يتم في الملكية العامة للمياه، للنفايات الصناعية السائلة كنموذج من نماذج الترخيص الخاص بحماية الموارد المائية .
إن المشرع من خلال نص المادة 02 من المرسوم 93/160 قد حصر طلب رخصة الصب في النفايات الصناعية السائلة في حين أن المشرع المصري اشترط رخصة التصريف في العديد من المخلفات سواء الصلبة ،أو السائلة أو الغازية، غير أن المشرع الجزائري تدارك هذا النقص بموجب القانون 01/19 السالف الذكر الذي جاء بغرض سد الفراغ ،وقد تناول في مواده مجموعة تعار يف لمختلف النفايات الصلبة نذكر منها ، النفايات المنزلية ، النفايات الخاصة النفايات الهامدة ونفايات النشاطات الفلاحية (1).
أما المقصود بالمخلفات السائلة فهي كل مخلفات صادرة عن المجال الصناعي أو الآدمي أو الحيواني الناتجة عن عمليات الصرف الصحي أو المخلفات الناتجة عن مزارع الدواجن و الحظائر(2).
ولقد حدد المرسوم 93/160 الشروط الخاصة بتسليم رخصة الصب بقوله " لا يمكن الترخيص بتصريف النفايات الصناعية السائلة إلا بتوافر شرطين ضروريين:
أولا:ألا يتعدى في المصدر القيم القصوى و المحددة في المرسوم .
ثانيا:ضرورة تحديد الشروط التقنية التي يكون تحديدها موضوع قرار من الوزير المكلف بحماية البيئة (3) .
إن هذه الشروط التقنية التي وضعها المشرع تعبر عن تداركه لخطورة المخلفات الصناعية السائلة نظرا لما تحتوي عليه من مواد كيميائية ضارة يصعب تحليلها أو التخلص من آثارها الضارة و هذا ما حاول المشرع تأكيده بموجب القانون 01/19 و ذلك في إطار سياسة تشريعية، إدراكا منه لما أصبحت تشكله من تهديد على الصحة و البيئة إذ خص المشرع إنجاز منشآت معالجــة


1- أنظر نص المادة 03 من القانون 01/19 ، وكذا نص المادة 05 التي أحالت علي التنظيم لتحديد قائمة النفايات بما في ذالك النفايات الخاصة و الخطرة.
2- د.معوض عبد التواب ،الحماية الجنائية الخاصة بحماية البيئة ،منشأة المعارف ،الإسكندرية ،1990 ،ص 25 .
3- المرسوم 93/160 المادة 04.
النفايات بتدابير خاصة (1) ، و فيما يتعلق بالشواطئ باعتبارها أكثر عرضة للتلوث لسهولة رمي النفايات بها لقربها في غالب الأحيان من المجمعات الصناعية ، فقد خصها المشرع هي الأخرى بحماية خاصة بموجب القانون 03/02 (2) إذ نصت المادتين 10و12 منه على أنه يمنع رمي النفايات المنزلية و الصناعية و الفلاحية في الشواطئ أو بمحاذاتها أو القيام بكل عمل يمس بالصحة العمومية كما أن المرسوم 02/01 المتعلق باستغلال الموانئ و أمنها نص على المنع من طرح نفايات السفن في الميناء إلا بعد التحقق بمساعدة خبير معين من السلطة المينائية من أن مياه الصابورة نظيفة(3) .